منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   عندما بكى الفرح !! (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=14684)

حسام الدين بهي الدين ريشو 09-14-2014 10:22 AM

عندما بكى الفرح !!
 
عندما بكى الفرح !!
==========
حسام الدين بهي الدين ريشو
================
بدا شفق الغروب اقحوانيا تلك الليلة مبكرا عن موعده .
كانت تنظر اليه تغمرها سعادة اشتاقت اليها طويلا ؛ فالليلة سيكون زفافها الى من اختارت بعد انتظار طال كثيرا جلسا سويا بملابس الزفاف كانا متناسقين طولا ولونا وسعادة .
نظرت اليه والبهجة في عينيها تمطر شبقا وشوقا للحظة جاءت بعد حنين .. وهمست له :
أكنت تترقب مثلى تلك اللحظة ؟
جاشت نفسه بالذكريات ورفرف طائر الشوق على وجهه وهو يجيب :
ولم لا !
رفعت أهداب عينيها الطويلة والمتوحشة رغبة وقالت :
مامررنا به من صعوبات واعتراضات كانت تقطع مابيننا حينا ... لقد كنت أشفق عليك كثيرا ... وكانت أيامي تتساقط كأوراق الخريف الذابلة !!
أجاب سعيدا كفتى مراهق أخذته النشوة لأول مره :
لقد كنت أتعجب أحيانا من تفاؤلك أن تنتهي قصة حبنا هذه النهاية المأمولة لي على الأقل .. مع ثقتك في انتصاري .. ألم تقولي أنك سجلت أحداثها كي نحكيها معا لأبنائنا ذات يوم ؟
ابتسمت قائلة :
كثيرا ما أحسست أني مهيضة الجناح .. خاصة بعد تجربتي السابقة ... وفي عيني دائما
كانت دموعي حُبْلى بأوجاعي وقلقي .. ويتخلل نظراتي يأس لا نهاية له .. لولا فسحة من الأمل كانت تجتاحني بين الحين والحين يمدها بالقوة ايماني بمقولة لصديقتي ( النساء كالشعوب .. اذا أردن الحياة فلابد أن يستجيب القدر ) !
قال :
لقد هجرت من أجلك الأهل والخلان ... أسهر متأملا وجهك الناعم كالمرآة الى أن يختفي قمر الليل عن عيون السهارى وأرى الشمس وهي تنهض آتية من خلف الليل الذي يعتريه الشحوب عندما يشعر بمقدمها !
ضحكت .. وضحكت ثم أردفت قائلة :
سأعوضك عن تلك الأيام المثقلة بأنين السهر ولوعة البعد ونتوءات الصعوبات ..
وارادت أن تضحك من جديد ... لكنها توقفت فجأة .. وأدت الضحكة الوليدة واعتراها شحوب ليس هنا موضعه .. بينما كانت عيناها تنظر الى بعيد ... الى مدخل القاعة ؛ وبدت كزهرة برية قُطِعَ عنقها نصل حاد !!
كان هناك رجلا يدخل القاعة نحيلا .. شاحب اللون حزينا يرتدي الملابس الرسمية لمثل هذه المناسبة ؛ بدا مرتبكا يحمل بين يديه باقة من ورود .
ياللهول .. - حدثت نفسها _ أنه الرجل الثاني في حياتها .. استقطبته رقتها وشبقها وجرأتها الى عالمها ... صحيح أنها لم تقل له يوما شيئا عن الحب .. حتى في لحظات انكسارها .. لم تتجاوز معه الحد ...
ربما قالت له .. أنت اروع وأنقى قلب ... ارحم نفسك ياملاكي عش محلقا ومغردا صداقتنا ابدية
... لكن حديثه عن الحب كثيرا ما ارضى غرور الأنثى فيها ... كانت تحلم احيانا بأن يتعلق في كل شعرة من جدائل شعرها الهمجي عاشق ...
احبها كثيرا .. وكثيرا مادغدغ مشاعرها عن صدق قائلا :
مع أن عينيك ناعستين .. لكنهما كانتا الشرارة التي لامست روحي فألهبتها حاملة اياي الى عوالم سحريه ... نهداك النافران كأرنبين جبليين فرا من صائد ... عيناك تشدان قلبي أليك رغما عني ... أنا الذي عصر الحرمان قلبي عصرا وجف عنه الحب الذي يبرد جحيم وحدته !
لم يكن يُصدق ماتزعمه من قصة حب .. كان يظنها تدعي ذلك كي يزداد تعلقه بها ... كثيرا ما قال لها مغنيا :
( انا عمر بلا شباب وحياة بلا ربيع .. أشتري الحب بالعذاب .. أشتريه فمن يبيع ؟)
وكانت في ظل النشوة تبتسم له قائلة :
أخفض صوتك .... ستوقظ النيام في القبور !!
فيرد عليها قائلا :
صدقيني .. لقد كانت حياتي قبل اشراقك فيها ... صمت صاخب وابتسامة دموع .. خريف ربيع .. مبتدأ ليس له خبر .. زورق بلا ميناء .. وميناء بلا فنار .. جوع الشوق .. وظمأ الحب !!
أخبرته بزفافها القريب معتذرة له .. لم يصدق ؛ خاصة أنه كان يلمس بحدسه الهائمون حولها .. وقالت له :
لا شك أن أحدنا الجاني والآخر هو الضحية .. أنا لا استحق منك كل هذا العذاب .. لتكن شجرة وارفة .. قد تفقد غصنها لكنها لا تموت !!
تذكرت ذلك كله .. وهي تنظر اليه .. وهو يضع باقة الزهور في هدوء بين مثيلاتها .. ثم استدار منصرفا ..لكنه تهاوى طريحا على أرض القاعة !!
وتجمع المدعوون حوله .. متسائلين .. لمن ينتمي اللعريس .. أم للعروس !!
ومن بعيد كان يتناهى الى الحفل صوت سيارة الأسعاف بلونها الأبيض كلون فستان العروس ؛ مختلطا بصوت أغنية تنبعث من القاعة :
أريد قلبها وقفا على ذاتي
يتفتح الأمل في قلبي اذا ضحكتْ !
يقتلني اليأس اذا غضبت !!
لكني مازلت أريد قلبها وقفا على ذاتي
أحبُ ماتُحِبُ
وان كان فيما تحب مماتي !!

نادره هاشم 09-19-2014 12:22 PM

العنوان وحده رواية
متى يبكي الفرح ؟
الا في هذا الحدث !!
يا لا خيبة الأمل
روعة
أ . ريشو

ياسر علي 09-19-2014 02:05 PM

موقف جمع من الأضداد الكثير ، أمل و ألم ، أحلام سعيدة و أخرى مبتورة ، ضحك وبكاء
فهل يجمع الأضداد إلا الحب ؟
الأستاذ حسام الدين بهي الدين ريشو
كل التقدير

محمد الشرادي 09-21-2014 12:21 PM

أهلا أستاذ حسام
نص نابض بالحياة... مترع ببهاء اللغة ... مفعم بالعواطف الجياشة ... بالمواقف الإنسانية النابعة من الواقع المتحرك دائما.
نص ينطلق إلى الأمام، ثم يكسر انطلاقته بالرجوع إلى الخلف لاسترجاع الماضي. يتلاع بالقارئ و عواطفه يبهجه ثم يحزنه حزنا عميقا.
دام اللق ليراعك الجميلة.
تحياتي

ابو ساعده الهيومي 09-21-2014 03:29 PM

الاستاذ القدير حسام الدين
على البال فقط مر ذلك الماضي الذي تربع وسكن واستطاع ان يطفيء انوار الفرح
ولن يهناء امرؤ سكنه ماضي جميل سيلاحقه ولن يردعه مكان او زمان
نص جميل لاستاذ مبدع وقدير

حسام الدين بهي الدين ريشو 09-25-2014 10:04 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نادره هاشم (المشاركة 181162)
العنوان وحده رواية
متى يبكي الفرح ؟
الا في هذا الحدث !!
يا لا خيبة الأمل
روعة
أ . ريشو

الأستاذة الفاضلة / نادرة هاشم
حقا
عنوان يجمع المتناقضين
ولكنها سنة الحياة
شكرا جزيلا
وكونى بخير

حسام الدين بهي الدين ريشو 10-05-2014 01:42 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسر علي (المشاركة 181164)
موقف جمع من الأضداد الكثير ، أمل و ألم ، أحلام سعيدة و أخرى مبتورة ، ضحك وبكاء
فهل يجمع الأضداد إلا الحب ؟
الأستاذ حسام الدين بهي الدين ريشو
كل التقدير

الأستاذ القاص والناقد / ياسر على
سيد هذا المنبر بلا منازع
شرفنى وجودك
واعجبتني كلماتك
وتعليقك الأروع
شكرا جزيلا
وكل عام وأنت بألف خير

زياد القنطار 10-05-2014 03:57 PM

عندما بكى الفرح
هذا ما أراده الأستاذ حسام الدين بهي الدين ريشو ,لم يمهلنا الولوج إلا قصته ليوقد تحت مرجل عواطفنا ,بحروفه السامقة الحالمة التي وباعتقادي أنه سخَّرها بتوافقية مميزة للحالة والحدث ,فجاء الحرف هامساً ندياً مشبعاً بإحساس صاحبه ,وانصهاره البيّن بحالة عاطفية مؤلم انكسارها .وهذه ميزة الولادة الطبيعية للبوح باكتمال حمله في الروح .
نص موسيقي من أول حروفه حتى النهاية ,وكأن الأستاذ ريشو أراد أن يعتذر لنا عن الألم المصاحب والوجع الذي رافق انغماسنا بالنص ..فاستحضر رائعة فريد الأطرش (أنا عمر بلاشباب) لما للأطرش من لحن شجي يدفع بالتجيش العاطفي إلى الأمام ,مقفلاً قصته بكلام أغنية تبرهن عن حالة عشق عميقة ...فأطربنا الحداء وأمال الروؤس .
الأستاذ حسام الدين بهي الدين ,تقبل مني هذا المرور الذي أرجو أن يليق بروعة حرفك .
كل عام وأنتم بخير

حسام الدين بهي الدين ريشو 10-07-2014 02:34 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الشرادي (المشاركة 181220)
أهلا أستاذ حسام
نص نابض بالحياة... مترع ببهاء اللغة ... مفعم بالعواطف الجياشة ... بالمواقف الإنسانية النابعة من الواقع المتحرك دائما.
نص ينطلق إلى الأمام، ثم يكسر انطلاقته بالرجوع إلى الخلف لاسترجاع الماضي. يتلاع بالقارئ و عواطفه يبهجه ثم يحزنه حزنا عميقا.
دام اللق ليراعك الجميلة.
تحياتي


المبدع المتألق / محمد الشرادي
هو كما أشرتَ تماما

وكأنهم أو هن
بلاقلوب
نبت من صخور
ويبقى الوجع تميمة للعشاق
قد يمنحهم الشهادة
أو يعيشون في أسرة الاعاقة
وكأن الحياة لم يكن بها الا من غدر
شكرا سيدي
وكن بألف خير

مها مطر مطر 10-15-2014 12:00 PM

روعه حروفك العذبه وتصوير الغروب بخفه الحروف الجميله سلمت يداك يا اخوي


الساعة الآن 06:14 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team