يا ثلج (خاطرة) الروائي محمد فتحي المقداد
يا ثلجُ (خاطرة)
بقلم الروائي- محمد فتحي المقداد على صفحة الثَّلج البيضاء، قرأتُ بإمعانٍ تحدّي البرد، والبرد قاتل، وسببٌ لكلّ علّة. حفظت الطُّهرَ.. النّقاء.. الصّفاء.. البياض النّاصع من كتاب الثّلج. بللّتُ بدُموعي صفحات المُهجّرين في خيامهم المعزولة في العراء، خلف كُثبان الثلوج بلا دِفْءٍ.. بلا خُبز.. بلا أمان.. ربّاه رُحماك بهم. ولساني حالي يُردّد: "يا ثلجُ قد هيّجتَ أشجاني.. ذكّرتني أهلي وأوطاني". لم أجدْ تفسيرًا: بأنّني كلّما عِشتُ حالة الثّلج؛ تُراودني ذكرى ذاك السّجين النّاصريّ بانتمائه السياسيّ. الذي كان مُعتقلًا في سجن المزّة متحف الرّعب بعد انتهاء صلاحيته، وتحويله من صفة سجن، إلى أيقونة رُعب تُزار، عندما أرادوا تجميل صورتهم القبيحة. بعد سنوات من خروجه، أنشد على مسمع زائريه المُهنّئين: "يا بعثُ قدْ هيّجتَ أشجاني.. ذكّرتني أهلي وأوطاني). توقّفت نوبة فرحي بالثلج. من جديد استبدّت الأحزان بي، أخذتني بعيدًا في متاهاتٍ سوداء، لم يستطع الثّلج تبييضها، أو تطهيرها من نجاساتها المُستقذَرة، ولا كلّ ما عُلِم في الحياة من مُطهِّرات. سوادُ الذكرياتِ مِمْحاةُ البهجةِ.. و إطفاءُ لشمعة أملٍ سعيدة عمرها لحظة واحدة فقط. (من كتابي/ كيف.. وكاف.. ياء.. فاء) |
الساعة الآن 01:50 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.