منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   في الأرشيف (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=27318)

ياسر السعيد الششتاوي 11-26-2020 08:56 PM

في الأرشيف
 
ذهبت لأخذ الملف الطبي لابنتي في أمر ما، فقالوا لي في المستشفى: إن الملف أصبح في الأرشيف، أخذت رقم الملف ، وذهبت إلى الأرشيف، ظللت أسأل هذا وذاك عن مكان الأرشيف، وأدخل من طرقة إلى طرقة، كأنني قد دخلت في متاهة، حتى وصلت قدمي إلى ركن منزوى في المستشفى غير مهتم بشكله العام، وكأن هذا الأرشيف من عصر المماليك، ربما لأنه أرشيف!
وهالني في أول الأمر كم الملفات الرهيب الذي يحتوي عليه، والأرفف الخشبية التي تطاول سقفه المرتفع، كل هؤلاء مرضي وفي الأرشيف، فما بالك بالمرضى الذين هم خارج الأرشيف، إن المرض هو عدو الإنسان الأول!
رحت أنادي: يا أستاذ يا أستاذ، لكي أجد الموظف المسوؤل عن هذا الأرشيف، فرحت أسمع صوتاً يأتيني من وسط الملفات: ماذا تريد؟ لم تكن إجابة مريحة ، وقلت لنفسي رداً عليه: يعني أنا قادم كي أشرب معك شاياً، ثم أريته الورقة التي في يدي ففهم ما أبغي، وجلس على المكتب في حزن، وراح يقول :مهنة بنت كلب ربنا يتوب علينا منها، كان هذا الرد مفاجئاً لي من هذا الرجل، ولكنني كنت متعطفاً معه إلى حد ما، فهو كبير في السن يبدو أنه على وشك الخروج على المعاش، ويبدو متهالك البنية، ولكن ما الذي جعله يصبر على المهنة بنت كلب كل هذا العمر؟! ثم نظرت إلى السلم وهو يصعد عليه كي يحضر الملف فزادت شفقتي به، وتحملت عبوسه وغمغمته ببعض الكلمات التي لا أفهمها فهو رجل في سن والدي، ويجب أن أتحمله حتى يقضي لي أمري.
بعد بحث وتنقيب وسط الملفات حصل على ملفي المطلوب ، وراح ينزل من السلم، كنت أود بأن أمسك السلم له، ولقد هممت بذلك، ولكنني لم أفعل، ربما قال لي ما لا أحب من الكلام، فمثل هؤلاء الناس في هذا السن يتبرمون من أي شيء حتى لو كانت مساعدة، هذا النوعية أعرفها جيداً، لن أذهب له إلا إذا وقع السلم به، ولكن السلم لم يقع، يبدو أن هذا الرجل مدرب وخبير من كثرة الصعود والنزول على السلم ، وإحضار الملفات، حمدت الله أنه نزل بالسلامة، ولم يحدث له شيئاً، وراح يكتب ما أطلبه من التقرير، وهنا دخلت فتاة جميلة، تطلب نفس الطلب الذي أطلبه، فهش وبش لها ، بخلاف المقابلة التي قابلني بها، إلى درجة أنني ظننت أنها بنته أو إحدى أقاربه، وعلاوة ذلك ترك ما في يده من عمل يخصني، وذهب كي يحضر ملفها في همة ونشاط، وراح هذا العجوز يتسلق السلم كأنه قرد يتنقل وسط الأشجار، وأحضر ملفها وراح يعمل به، فقلت له مستغرباً ومتبرماً: أنا قبلها يا حاج فقال لي مبتسماً: لتعتبرها أختك أو زوجتك، فردت مبتسمة: أنا آنسة ولست متزوجة ، فرد عليها العجوز مغازلا: والله أنت خسارة في أي حد؟ فزادت من ابتسامتها قائلة: متشكرة يا عمو بينما أنا في قمة الغيظ، رحت أرد عليها في نفسي: قولي يا جدو وليس عمو.
تحملت حتى أنهي لها أوراقها ثم قال: النبي أوصانا بالنساء.
فقلت له قولاُ قد يجعله يفيق من تصابيه: ربنا يقوى إيمانك يا جدو.
فرد بتهكم: جدو! لا... أنظر لنفسك لو نظرت ستجدنا على مقربة من بعضنا البعض في السن.
فقلت له وأنا أمسك أعصابي من أن تنفجر في وجهه : تمام يا صديقي، ولكن هل أنهيت الأمر؟
وكان يمضي آخر إمضاء، فأعطاني الورقة ، وقد عاد له عبوسه السابق.
وبينما أنا أخرج إذ بفتاة أخرى تدخل بأوراق في يدها، فتعمدت أن أقف وأرى ما سيفعل فهش وبش لها، وانتهي عبوسه، بل قام وسلم عليها، فقلت لنفسي ربما كانت قريبته فعلاً هذه المرة .
بقلم: ياسر الششتاوي

ناريمان الشريف 11-26-2020 09:58 PM

رد: في الأرشيف
 
قصة واقعية وفي الصميم
مبكية مضحكة
تعبر عن حال مؤسساتنا العرجاء
وعن موظفي الدولة المتصابين
شكراً لك أخي ياسر على الإمتاع
وأهلاً بك في منابرنا
تحية ... ناريمان

ناريمان الشريف 11-26-2020 10:00 PM

رد: في الأرشيف
 
لطفاً لا أمراً
أرجو المرور من هنا
http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=27314
مع الاحترام

ياسر السعيد الششتاوي 11-26-2020 10:07 PM

رد: في الأرشيف
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناريمان الشريف (المشاركة 268797)
قصة واقعية وفي الصميم
مبكية مضحكة
تعبر عن حال مؤسساتنا العرجاء
وعن موظفي الدولة المتصابين
شكراً لك أخي ياسر على الإمتاع
وأهلاً بك في منابرنا
تحية ... ناريمان

أشكرك ...ولك وافر احترامي


الساعة الآن 06:32 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team