منتديات منابر ثقافية - آيات الإغراء فى الجنة والعرب البدو

آيات الإغراء فى الجنة والعرب البدو

من ضمن الأسئلة الى وُجّهت للدكتور مصطفى محمــود حول تفسير القرآن ، السؤال التالى :

س : ألا تعتقد أن تفسيركم لما فى الجنة من أنهار العسل واللبن ومختلف الطيبات بأنها مجرد رموز يمثل صدمة خصوصا بالنسبة للفقراء الذين يعيشون على أمل التمتع فى الجنة تعويضا عن الحرمان الذى وجدوه فى دنياهم ؟!
---------------------------------
.. وهل الجنة تعويضٌ عن حرماننا فى الدنيا ؟ هب أن السائل كان من أثرى أثرياء الدنيا .. ويسكن فى قصرٍ فخم محاطٍ بالحدائق ، ولديه الخدم والحشم ولديه أجمل نساء العالم من فرنسا وأمريكا ودول الاسكندنافيا وإيطاليا وسويسرا..إلخ هل لو اقترحنا عليه أن يخرج من جناحه فى القصر ، فيجد أمامه نهرا من عسلٍ مصفى . هل كان سيرفضه ؟ إنه عسل مصفىً ، طيب حلو المذاق ، لاشائبة فيه ، مضمون العواقب ، أحلى من عسل النحل ، يمكنه شرب أكبر كمية منه فلا يؤذيه ولا يتخمه فلماذا يرفض نهره الجارى ؟ وفيم ضايقه النهر ؟
وكذلك نهر الخمر . إن الويسكى والفودكا والعرقى وسائر أنواع الخمور الدنيوية ترفع ضغط الدم ، لا مراء فى ذلك ، وترفعه للبدوى الفقير وأيضا لابن المدينة الثرى المتحضر . وتسبب الصداع للبدوى الفقير ولا يعفى المليونير المتحضر . وإذا اجتمع ارتفاع ضغط الدم والصداع الحاد المصحوب بالغثيان فإن ذلك مهدد لحياة الإنسان ، بدويا كان أو متحضرا . إن أمام مسكنك فى الجنة نهرٌ من خمرٍ لذةٍ للشاربين . تسكر وتنتشى ولا يرتفع ضغطك ولا تشعر بصداعٍ أو غثيان . ولا يهدد حياتك شيئ ، ولا يضايقك النهر فى شيئ ، فلماذا يظن الثرى المتحضر بأنه إغراءٌ للعرب الرحل الفقراء ! إنه سيغطس فى ذلك النهر ويعوم فيه ، إذا كان من أهل الجنة ، فلم العجب ؟ ولم العجب من نهر اللبن وكل الناس يحبونه فى الدنيا وليس العرب البدو فقط ! إن اللبن السائغ الذى لم يتغير طعمه غذاءٌ شهى جدا للبدن يستمتع بشربه البدوى والحضرى على حدٍ سواء ، فلماذا يتفلسف السائل للدكتور مصطفى محمود ويزعم بأن آيات المتقين فى الجنة إنما كانت إغراءً للبدو الفقراء المحرومين !

إن الخلود فى الجنة وعدم المرض فيها وديمومة الشباب فيها إغراءٌ للثرى المتحضر أكثر من كونه للبدوى الفقير . لأن المتحضرين المتمدنين يروْن لذائذ الشباب والثراء فى الدنيا ويتحسرون بفقدها إذا داهمهم المرض أو الأجل . فأقول فى نفسى إن آيات الإغراء والترغيب فى الجنة تخص الأثرياء المنعمين فى الدنيا قبل الفقراء البؤساء والعرب البدو .