منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   جنازة على الكوكب المجاور-قصة قصيرة (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=8021)

هايل عزيزي 02-07-2012 05:52 PM

جنازة على الكوكب المجاور-قصة قصيرة
 
جنازة على الكوكب المجاور
اليوم هو الثاني والعشرون من أيّار سنة2045م ، الساعة الآن تقترب من التسعين والدقيقة من الألف !! ،هكذا الحياة تسير هنا تحترق بسرعة هائلة كاحتراق القش اليابس في هجير الشمس الغاضبة المتوقدة ، خرجت قبل قليل من البيت أحسست رجليّ تسيران بسرعة خارقة ليس كما يمشي الناس قبل خمس وثلاثين سنة ! ، الأمر مختلف جداً ، تذكرت شيئا ما توقفت كما يتوقف القطار أمام منزلها الصغير الذي تسكن فيه لفترة قصيرة مؤقتة ريثما يصل زوجها من إحدى دول الخليج العربي ، لقد طردها من البيت الذي قضيا فيه أروع أيامهما الزوجية وأنجبا فيه أربعة أطفال أبرياء ، طردها وهو في الغربة حينما تسربت إليه أنباء بأن أحد أعيان القرية والذي يملك حانوتا صغيرا بات إلى جانبها ذات مساء ، بيني وبينها مرمى حجر الآن ... ، أعرف جيدا أن أخاها الذي يقيم جنوبي البلاد لم يرسل لها بمصاريف هذا الشهر لأن الكهرباء منقطعة بسبب الظروف التي يمر بها الوطن ، وأعرف جيدا أيضا أن أخواتها وجاراتها لاترق قلوبهن تجاهها ، اقتربت قليلا ... رأيت قنينة فارغة لم يتبق فيها سوى قطرات من الزيت ، وفي الزاوية الشمالية الشرقية من الغرفة كيسا لايوجد فيه غير ذرات من الدقيق لم تتجاوز حفنة واحدة ، تظاهرت بالنوم ، لم أنبس ببنت شفة ، لكنني تذكرت أنها لم تطرق بابنا منذ يومين
عدت مسرعا إلى البيت ،سالت أخواتي عنها فأجابت إحداهن بأنها لم ترها منذ أمس الأول وربما إحدى جاراتها وشت بيننا وبينها ، جلست القرفصاء وشبكت بين أصابعي ثم أومأت بطرفي إلى الأرض ، نادتني إحداهن :
قم إلى مائدة الطعام ...
التفت إليها بصمت غريب ثم أمرتها أن تتجه إلى غرفة تلك المسكينة لترى ماالذي يحدث هناك وبسرية تامة ، لحظات ثم أقبلتا عليّ ، رأيت على أنفها لونا لم أره طيلة حياتي بالرغم من أن عمري اليوم هو ثلاثمائة وتسعة وستون عاما ، وشممت منها رائحة أعتقد أنها لاتوجد إلا في الجنة ، حينها كنت مذهولا وخرجت من دائرة السيطرة ، صافحتني فأحسست بنشاط جديد دبّ في دمي ومفاصلي ، عزمناها على المائدة فلم تقبل ثم ابتسمت ابتسامة الشهيد وادّعت أنها طبخت وأكلت وبعد ذلك عادت على اثرها تحمل حياء جما يتدلى على وجهها ، علمنا من إحدى جاراتها أنها جائعة منذ ثلاثة أيام !!! وأنها لم تدعها إلى غداء أو عشاء خوفا من زوجها الذي يصب الشتائم على رأسها إذا فعلت ذلك .
ياللعجب العجاب !!! أطفالها ليسوا موجودين ، ليس لديها ضمان إجتماعي ، لاأحد يعولها ، أدقعها الفقر وأعدمها الجوع ولم تجد ماتسد به أودها
أمرت أختي الصغيرة أن تحمل إليها كيسا يحوي بعضا من أساسيات الطعام علها تطبخ لنفسها لكنها سرعان ما عادت واجمة مكفهرة الوجه ثم أشارت لنا نحو الشمال
انطلقنا فوجدناها ملقاة على الطريق ، عيناها ذابلتان مضمحلّتان وثوبها الذي قدّ من اليسار تعبث به الرياح وهي متجمدة كليا عن الحركة ، تقبض في كفها الأيمن على شيء ما
حاولت فتح كفها لكني لم أجد فيه إلا هذه العبارات منقوشة بحناء الدم :
الدكتاتور لم يرحل ....
مازال الدكتاتور موجودا .....
الدكتاتور يغتصب النساء ........
الشعب يريد محاكمة الدكتاتور .......
قرأت الفاتحة ، سقطت من عينيّ دمعتان براقتان ، رفعت يديّ إلى السماء :
اللهم لاتجعلني أسكن قلوب الناس بالإيجار ....
ولا تجعل قلبي منطقة خالية من السكان.........
حملناها إلى الكوكب المجاور ، اشترينا لها كوبا من الهواء البارد لكن دون جدوى ، نظرت إلى الساعة فإذا هي تشير إلى الثالثة وسبع دقائق صباحا والتاريخ هو الثامن من آذار سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة وألف للميلاد.
قصة : هايل عزيزي

ريم بدر الدين 02-08-2012 11:09 PM

مساء الورد
حقيقة استمعت كثيرا بقراءة هذا السرد المتميز خصوصا أن الكاتب يحاول ان يسبر غور فن من القص متميز و مثير لأفكار القراء بل و مستفز أيضا و هو ما ينتمي إلى الخيال العلمي ليستخدمه كإسقاط اجتماعي أو سياسي أو كنبوءة تخبرنا أن لا شيء قد يتغير و هذه هي حقيقة الأمر " حتى الآن على الأقل"
لغة النص جيدة جدا و التصوير فيها متقن
ملاحظاتي : هي كيف تحول الظلم الاجتماعي الذي تعرضت له إلى ظلم سياسي ؟ أليس الأدعى أن من يلام هو زوج ظالم و مجتمع همه النميمة و الشكوى و خراب البيوت؟ هنا التبس الهدف هل هو ادانة الديكتاتور أم ادانة الزوج و المجتمع و زوج الجارة ؟
أيضا كيف تحول الزمن من سنة 2045 إلى سنة 1831 لكأننا نشهد هنا استرجاعا زمنيا ؟
ملاحظة اخيرة هو أنها عندما خرجت من الغرفة قلت : وشممت منها رائحة أعتقد أنها لاتوجد إلا في الجنة.. لن أسأل هنا كيف يعرف المرء ماهي رائحة الجنة و هو ليس لديه عنها ذاكرة مسبقة ؟ لكن الملاحظ هنا انك وجهت القارىء لما يجب ان يفكر به و هذه المباشرة في القص تضعفه
أتمنى ان تتقبل ملاحظاتي بسعة صدر و اعتقد ان النص جميل و لدينا هنا بشارة بقاص متميز
تحيتي لك

ايوب صابر 02-08-2012 11:17 PM

لم اتعمق في قراءة القصة وربما اعود لها لكنها تركت من الوهلة الاولى انطباعا بأن كاتبها يمتلك امكانيات مهولة وسيكون له مستقبل مشرق في عالم القصة والرواية.

جميل ان يتم وضع هذا النص تحت الاضواء حتى يستفيد الاخ القاص من الاراء ويطور اسلوبه اكثر واكثر وبما يضيف الى هذا الجمال جمال واتقان.




علي الحزيزي 02-08-2012 11:27 PM

ماشاء الله أخي
هايل عزيزي
أفرحتني بهذه القصة
وهذا المستوى أنا لا أخفيك
سرا لست أعرف كثيرا في
فن القصة لكنها راقت لي
وفي أنتظار جديدك وبالتوفيق
لك خالص التقدير

هايل عزيزي 05-02-2012 01:34 PM

أ.ريم بدرالدين
تحية لك وبعد:
أنا أعتز بتقييمك للقصة وأعتبره كلاماً عظيماً أنحني له إجلالاً كلما مررت عليه لأنني ياسيدتي العزيزة ماوضعت هذه المشاركة تحت الأضواء إلا لأستفيد من تجارب الأخرين ولدي ملاحظة بسيطة فقط هي أني لم أقل أن الرائحة موجودة في الجنة ولكن قلت أعتقد أنها لاتوجد إلا في الجنة وهذا مجرد اعتقاد لاسواه أما التاريخ فهو يرمز إلى الواقع المزيف , وأشكرك كل الشكر . تلميذك : هايل عزيزي

ياسر علي 01-26-2013 12:40 AM

قصة فيها خيال علمي تحتاج الى تدقيق علمي في تناسق الأرقام وليس فقط القيام بسفريات اعتباطية عبر الأزمنة ، تحتاج أيضا الى جرعة إضافية من الخيال للتعبير عن عالم 2045*، إضافة الى أنت تتحدث عن كوكب آخر لم تقدمه بما يكفي و أكثر من ذلك تحدث عن الخليج العربي دون الإشارة الى كوكب الأرض .
تعبيريا ولغويا القصة مقبولة .
مع متمنياتي لك بالتوفيق

هايل عزيزي 01-26-2013 11:33 PM

أخي ياسر أعتز بمرورك الجميل وكلي فخر بنقدك الرائع استفدت منك كثيرا. سلمت أناملك الذهبية وبورك قلمك الرشيق

العنود العلي 10-22-2019 09:42 PM

رد: جنازة على الكوكب المجاور-قصة قصيرة
 
كل ما يتمخض عنه اليراع هو لفتة إلى كون غريب أستاذي هايل
وكأن الإنطباع الأول يروق للقارئ أن تكون هذه القصة حُلمآ
التعابير شيقة منسابة بعناية لولا الإفاقة المفاجئة للسرد ليخبرنا بواقع غريب
لست ناقدة فذة كمن سبقوني .. لكني بلا شك راقني هذا التسلسل في الأحداث
تقبل مروري مع فائق التقدير والإحترام الجم

بتول الدخيل 12-24-2019 12:14 PM

رد: جنازة على الكوكب المجاور-قصة قصيرة
 
قصة جميلة وممتعه

باقة ود

هيثم المري 12-27-2019 04:30 PM

رد: جنازة على الكوكب المجاور-قصة قصيرة
 
قصة مشوقة في مفرداتها وعباراتها وفيها غرابة جميلة
فقط كنت أتمنى سيدي لو ذكرت بإختصار كيف الرحيل وما السبب بين الأزمان
أشد على يدك أخي هايل لتمكنك من الإبداع والروعة .. تحيتي لك


الساعة الآن 11:05 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team