منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر البوح الهادئ (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=30)
-   -   نزوة آلام الضياع (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=3827)

حامد الشريف 02-25-2011 10:26 PM

نزوة آلام الضياع
 

[justify]
أبتاه هل تصدق أنني أصبحت لا أشتاق إليك ولا أتمنى رؤيتك ولم تعد نفسي تهفو لأحضانك ولم يعد يجول بخاطري حتى طيفك ، أبتاه لقد طويت صفحة الماضي بكل ما فيها حتى أنساك ، حتى لا تتسلل من خلالها إلى حاضري المزهو بدونك ، أيغضبك هذا القول مني ؟
أجبني إن كنت تسمع ندائي ، لكني لا أظنك تسمع سوى صوت أنفاسك ولا أظنك إن سمعت ستجيب فقد اختبرتك خلال أربع وعشرين عاماً وأنا أردد أبتاه ، أين أنت يا أبتاه ولم يجبني إلا صوتي عندما يتردد صداه .
كيف أحبك يا أبي وقد زرعت الآه في نفسي ؟ كيف أبحث عنك وأنت مصدر كل أحزاني ؟ كيف أتمنى لقاءك وأنت عنوان مأساتي ؟
هل تملك إجابة على أي من أسئلتي الحائرة هل تستطيع أن تواجه آهاتي هل تستطيع أن تمحو من ذاكرتي أربع وعشرين عاماً من الحرمان قضيتها بعيداً عنك وأنت حي ترزق في مكان آخر هل تستطيع اختزال تلك السنين وتعويض ما فات منها ، لا أظنك ستفعل شيئـًا وإن فعلت ستمعن في قتلي بطريقة آخرى .
أرجوك دلني على الطريقة التي بها أستطيع مسح اسمك من كل أوراقي حتى هويتي سأكتب فيها اسمي نزوة وسأستبدلك بالألم حتى قبيلتك لا أريدها وسأستعيض عنها بالضياع ليصبح اسمي نزوة آلام الضياع .
ربما تعتقد أني محتاجةٌ لنقودك لكن الأمر ليس كذلك فكل يتيمة مثلي فقدت أباها ، يحنو عليها الكثير من أصحاب القلوب الرحيمة ليعوضوها قسوة الزمان والمكان ، لا أحتاجك يا أبتاه كي تنفق علي فأنا بدونك غنية وببعدك عني وإمعانك في هجري أقوى أكثر وأكثر ، أصبحت أستطيع مواجهة الحياة وخوض غمارها ، لا تتعجب فأنت من جعلني كذلك ، قد أعتب عليك إفقادي الأمل في الحياة لكنني أدين لك بالفضل أن علمتني أن الرجال مواقف لا تصمد أمامها حتى الجبال .
أبتاه لقد تحجرت مقلتي من كثرة البكاء عندما كنت لا أفقه ما حولي وقتها كنت أقف كل يوم بالباب أنتظر أن تعود من رحلتك الأبدية كنت أنتظر أن تحضر لي الحلوى وتعانقني كما يعانق كل الأباء فلذات أكبادهم كنت أتمنى أن تقذف جسمي النحيل إلى السماء وتتلقفني يداك قبل أن أسقط على الأرض وتطبع قبلة صادقة على وجنتي كنت أتمنى أن أراك من بعيد كي أهرول نحوك فتلتقطني يداك وتضمني إلى صدرك كنت أتلمس حنانـًا افتقدته كثيراً لم أكن أتصور أنك لن تعود لم أكن أتخيل أن انتظاري سيطول ويطول ويطول ، ربما هو الجهل الذي أبقاني أتعلق بأهداب الأمل وربما هو الاحتياج للعاطفة التي ليس لها مصدرٌ سواك .
في كل مساء عندما أغلق بابي ، تسبقني دمعة وقفت للحظة على محجري متهيبة من السقوط كونها فقهت أن الأيادي لن تمتد لمسحها ورغم ذلك تسقط من علو شاهق على أرض ابتلت بمداد قسوتك التي أرضعتني إياها وجعلتها عنوان لي بهذه الحياة .
عندما أضع رأسي على وسادتي تتقافز في ذهني تلك الصورة التي أفشل دوماً في نسيانها ، أتذكر تلك الصورة يا أبي ؟
لا أظن فلابد أنك قد نسيتها ونسيت كل محتوياتها حتى أنا لم تبقي علي وطمست ملامحي حتى لا أشوه صورتك الجديدة ، أتذكر يوم أن غادرت غاضباً وأنت تحلف يميناً لأمي يبقيها محرمة عليك ؟!
أتذكر تلك اللحظات التي حاولت فيها التعلق بقدميك حتى تحملني معك ؟!!
وقتها لم أتألم من قذفك لي بقدمك لأنني لم أعقل بعد أن القسوة تكون حتى من الآباء .
هل نسيت ضحكاتي وأنا أظنك تلهو معي ؟!!!
إن كنت نسيت فأنا لم أنسَ ذلك الشرر الذي كان يتطاير من عينيك ، لو كنت برجاحة عقلي الحالي لظننتك ستقتلني إن اقتربت منك ، لكنها أحلام طفلة لم تدرك سوى العطف والمحبة والحنان ولم تع ِ أن الإنسان ببطشه وجبروته قد يقتل حتى نفسه وهو يحاول أن يهب لها الحياة .
[/justify]

ثناء حمادة 02-26-2011 02:08 AM

أبتاه هل تصدق أنني أصبحت لا أشتاق إليك ولا أتمنى رؤيتك ولم تعد نفسي تهفو لأحضانك ولم يعد يجول بخاطري حتى طيفك ، أبتاه لقد طويت صفحة الماضي بكل ما فيها حتى انساك ، حتى لا تتسلل من خلالها إلى حاضري المزهو بدونك ، أيغضبك هذا القول مني ؟




لقد كان عاقاً بابنته ..قبل أن تعقه هي ..

نص مؤثر جداً .. عايشت مظاهر منه عن قرب ..

كثيرون هم الآباء على شاكلة هذا الأب .. ولكن قليلون هم الأبناء من ينطقون هذه الحقيقة المرة ..


رغم مرارة الدموع المتغرغرة والخانقة في النص .. إلا أنه لغته ممتعة ورائعة الجمال ..

أستاذ حامد ..

عودة محمودة ..
وننتظر المزيد ..

ثناء ..

فاطمة جلال 02-26-2011 09:06 PM

أ. حامد الشريف...
كم هو مؤلم هذا الحرف بكل ما فيه..هي ومحاكاة تخاطب العقول
ولها تأثير عميق وكبير على النفوس

تحية لقلمك..

جميل عبدالغني 02-26-2011 10:17 PM

أ.حامد
نص حزين جدا ومؤثر جدا خاطرة كتبت بأقلام سوداء لعقوق أب على الأبناء
شدني كثير وكأنه أمامي وهو يقترف ذنبا كبيرا لروح بريئة
لك تقديري وتثبيت النص لما له من عبرة وأمل أن يستفاد منها ولا حولا ولا قوة إلا بالله

حامد الشريف 02-27-2011 09:01 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ثناء حمادة (المشاركة 63191)
أبتاه هل تصدق أنني أصبحت لا أشتاق إليك ولا أتمنى رؤيتك ولم تعد نفسي تهفو لأحضانك ولم يعد يجول بخاطري حتى طيفك ، أبتاه لقد طويت صفحة الماضي بكل ما فيها حتى انساك ، حتى لا تتسلل من خلالها إلى حاضري المزهو بدونك ، أيغضبك هذا القول مني ؟




لقد كان عاقاً بابنته ..قبل أن تعقه هي ..

نص مؤثر جداً .. عايشت مظاهر منه عن قرب ..

كثيرون هم الآباء على شاكلة هذا الأب .. ولكن قليلون هم الأبناء من ينطقون هذه الحقيقة المرة ..


رغم مرارة الدموع المتغرغرة والخانقة في النص .. إلا أنه لغته ممتعة ورائعة الجمال ..

أستاذ حامد ..

عودة محمودة ..
وننتظر المزيد ..

ثناء ..

أختي الكريمة ثناء

في البداية أشكر لك هذا المرور الرائع وهذه الإضافة لروح النص فالعقوق بالفعل ليس حكراً على الأبناء فالأباء أيضاً يعقون أبناءهم
ثناء .. إن هذه القصة واقعية أطلعت عليها وأحببت تصويرها بطريقتي الخاصة محاولاً بكل طاقتي تقمص دور هذه الفتاة المكلومة في أبيها
حتى أستطيع إيصال هذه الرسالة لمن أشغلتهم الحياة عن الإلتفات لفلذات أكبادهم القابعين في سراديب الحياة

تحياتي .. حامد الشريف

حامد الشريف 02-27-2011 09:23 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة جلال (المشاركة 63280)
أ. حامد الشريف...
كم هو مؤلم هذا الحرف بكل ما فيه..هي ومحاكاة تخاطب العقول
ولها تأثير عميق وكبير على النفوس

تحية لقلمك..

أختي الكريمة فاطمة
أشكر لك مرورك العاطر
وبالفعل فالكثير من مفاصل حياتنا الخفية تنضح بالألم رغم ظاهرها البراق

تحياتي .. حامد الشريف

ميساء صالح 02-27-2011 03:29 PM

حامد الشريف

أعزك الله ورزقك بر أولادك

وأنا أقرأ هذه الكلمات تذكرت حديث

الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "أعينوا أولادكم على بركم

وتذكرت ايضا الرجل الذي جاء لعمر رضي الله عنه يشكو إليه عقوق إبنه ولما سمع عمر من الولد ما بدر من أبيه قال له : جئت إلي تشكو عقوق ابنك وقد عققته قبل أن يعقك وأسأت إليه قبل أن يسيء إليك


أحياناً الجهل أخي الفاضل يكون سبب في سوء التربية وأحياناً قسوة مريرة

تجرعها الأب من ظروف الحياة تجعله يصب جام غضبه على فلذة كبده


ومهما عانينا الأّ أن الأحسان أرقى وأجدر لمن يريد رضا الرحمن وسكن جنانه

تحياتي وتقديري أيها الكاتب الراقي

رقية صالح 02-28-2011 12:45 AM

لله درك لهذا الوصف
الذي تردد صداه في كل الأرجاء
تقشعر له الأبدان
اختزلت كل السنين بثلاث كلمات
نزوة آلام الضياع
فلا مجيب لهذا النداء
الذي مزق صوته الألم والحنين


الأديب الفاضل أ. حامد الشريف
آلام زجرتها نزوة
نعيتها في رحيل
وضياع مسجى على قارعة حكايا القهر
فاحت روائحها بالمحال
أحرف تعبة نزفت ألماً
ولجمت القلم
تحيتي وتقديري

أميرة الشمري 02-28-2011 10:35 AM

أ. حامد
نص واقعي حزين
يعتقد الاباء بانهم يوفرون لقمة العيش لابناءهم
اهم من تواجدهم معهم
وغمرهم بالحب والحنان
لذلك تحدث الفجوة بين الابناء
نص راقي جدا يحمل اهات حزينة
اتمنى من الاباء ان ينتبهو لهذة اللوعات
دمت بود

حامد الشريف 02-28-2011 10:37 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جميل عبدالغني (المشاركة 63306)
أ.حامد

نص حزين جدا ومؤثر جدا خاطرة كتبت بأقلام سوداء لعقوق أب على الأبناء
شدني كثير وكأنه أمامي وهو يقترف ذنبا كبيرا لروح بريئة

لك تقديري وتثبيت النص لما له من عبرة وأمل أن يستفاد منها ولا حولا ولا قوة إلا بالله

أستاذي الكريم جميل عبدالغني
لك مني جزيل الشكر على ما أضفيته على نصي المتواضع من تقدير يرتبط بحسن خلقك وجميل صنيعك
أخي جميل واقعية هذه القصة مكمن قوتها وتأثيرها
وجحود الأباء المنافي للفطرة السليمة يستحق أكثر من هذه الرسالة الدامية

دمت في محبة أخوك حامد الشريف


الساعة الآن 06:55 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team