رفقاً أبي , فالشوق يحدو مركبي =أوّاه من شوقي , وحُزني جالَ بي
عطشى إليك النفس والعين التي= ترجوك يا حبي ولذّة مطلبي
فَطَويلُ أعوام النوى لم يُنسني =تسكاب عطفك والحنان الأرحبِ
لكن محال يا أبي أن نلتقي =أنّى وقد واراك بيت التَيْربِ
أنى اللقاء سوى تكرم صورة=في الحلْم تذكي حرقتي وتعذّبي
في الحلْم يا أبتي رأيتك ماثلاً=وكأنَّ شمسك بيننا لم تغربِ
وكأنْ غراب البين لم ينعُب بنا =يوماً ودمعة مقلتي لم تُسكبِ
وكأنني ما عشت في شغف وما=خلّدت طيفك في حشاي المُتعَبِ
حدثتني في صورة وضاءةٍ =لكنها كانت كبرق خُلَّبِ
ولقد أصخت إلى الحديث كأنني=طفلٌ يُصيخ إلى خيال مُعْربِ
وحسبتُ أني كاللذين يُظلهم =فيء الأبوّة في الزمان المعْشبِ
لــــكنْ صحوت على السراب بُعيدما =صدّقت في حلْمي إيابك يا أبي
وعَلِمتُ أن الحلْم كالدنيا سرا=بٌ زاد ليلي غيهباً في غيهبِ
ورجعت للحال التي أحيا بها =يأسٌ يصارع لهفتي وترقبي
أبتاه نم ملء الجفون فإنني = ملأى بذكراك الجميل الأعذب
جادت عليك غمامة مَرْضيّة =وحَوتك جنات الخلود مع النبي
إذ غيبتك يدُ الردى وتقطّعت =فينا عِرى ذاك الوصال الطيبِ