منتديات منابر ثقافية

اليواقيتُ في بعض المواقيتِ

في مَدح ِالشيءِ وذمِّهِ

لأبي منصور الثعالبي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أدعوكم أحبتي المنابريين الكرام الى مشاركتي متعة الإطلاع

على ما جادَتْ به عبقرية ابي منصور الثعالبي من طرائف أدبية

رائعة في كتابه (اليواقيت) جمع فيه ما قيل في مدح الشيء مع

ما قيل في ذمه من قبل اُناس آخرين ، مبينا مدى

تباين الناس في الحكم على الظواهر الحياتية المتعددة قدحا أو

مدحا.. أرجو لكم متابعة نافعة وممتعة فيما اخترته لكم مع

تحياتي المغمسة بماء الورد والرياحين .

1 ماقيل في مدح الدنيا وذمها :

قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مدحها : (( الدنيا حلوة

خضرة فمن أخذها بحقها بُورك له فيها ))

وقال علي بن أبي طالب عليه السلام : (( الدنيا دارُ صدق لمن

صدقها ، ودارُ موعظة لمن فهم عنها ، ودار غنى لمن تزوّد منها ،

هي مسجدُ أولياء الله ، ومهبطُ وحْيه ، ومصلى ملائكته ، ومتجر

أوليائه ،اكتسَبوا فيها الرحمة , وربحوا فيها الجنة

وقال أبو العتاهية :

ما أحسنَ الدنيا وإقبالها = اذا أطاع الله َمن نالـها
مَن لم يُواس ِ الناسَ من فضلها = عــرّض للإدبار إقـبالـَها

وقال الحسن البصري في ذمِّها : حلالـُها حساب ، وحرامُها عقاب .

وقال أبو نؤاس :

إذا امتحن الدنيا لبيبٌ تكشفت ْ = له عن عدو ٍفي ثياب صديق

وقال ابن بسام :

أفٍّ من الدنيا وأيامِها = فإنها للحزن مخلوقهْ
همومُها لاتنقضي ساعة = عن مَلِكٍ فيها ولا سُوقهْ
ياعجبا منها ومن شأنها = عدوة ٌ للخلــــق مَعشوقهْ

2/ ما قيل في مدح النساء وذمها :

قيل في مدح النساء:

لا يسكن الرجلُ إلى شيء كسكونه الى زوجته ، وذلك لأن الله- عزوجل -

خلق حواء ليسكن اليها آدمُ عليه السلام ، كما قال تعالى ( هو الذي خلقكم

من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن اليها )

وفي الخبر أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يقول : ما أفاد امرىءٌ

بعد الإسلام خيرا من امرأة تسرُّه إذا نظر اليها ، وتطيعه إذا أمرها،

وتحفظه في نفسه وماله إذا غاب عنها .

وقال بعضهم : من أعْوَنِ الأعوان للمرء على معيشتهِ ، امرأة ٌصالحة

وولد أريب .

ومن أحسن ما قيل في مدح النساء قول الشاعر :

ونحنُ بنو الدنيا وهُنَّ بناتـُها = وعيشُ بني الدنيا لقاءُ بناتِها

وقيل في ذمِّها :

ما رواه مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال ( المرأةُ

كالضلع إنْ أقمتَها كَسرْتَها وإنْ استمتعتَ بها ، استمتعتَ بها وفيها عِوَج)

وقال الشاعر في هذا المعنى :

هيَ الضلعُ العوجاءُ لستَ تـُقيمُها = ألا إن تقويمَ الضلوع ِانكسارُها

وقيل: ( النساءُ حبائلُ الشيطان )

وقال بعض السلف : إن كيدَ النساء أعظمُ من كيد الشيطان ، لأن الله تعالى

يقول : ( إنّ كيدَ الشيطان كان ضعيفا ) وقال عز اسمُه ( إنّ كيدكنَّ عظيم )

وقال الشاعر :

إنّ النساءَ كأشجارٍ نبتنَ لنا = منهنَّ مُرٌ وبعضُ المُرِّ مأكولُ

إن النساءَ متى ينهينَ عن خُلـُقٍ = فإنه واجبٌ لابـــــــــــدَّ مفعولُ

3/ ما قيل في مدح المزاح وذمه :

قيل فيمدح المزاح :

قال ابن عباس : المزاح بما يُحسن مُباح ، وقد مزح رسولُ الله - صلى

الله عليه وآله وسلم -، فلم يَقلْ إلا حقا .

وقيل لسفيان بن عيينه : المزاحُ هجنة ، قال : بل سُنة ، ولكن الشأن

فيمن يُحسنه ، ويضعه مواضعَه .

وقيل : المزح في الكلام كالملح في الطعام .

وقد نظم ابو الفتح البستي هذا المعنى ؛ فقال :

أفِدْ طبعَكَ المكدود بالهمِّ راحة ً = ترِحْهُ وعلّلهُ بشيءٍ من المَزحِ
ولكن إذا أعطيتَه ُالمزحَ فليكنْ = بمقدار ما تُعطي الطعامَ من المِلحِ.

وقيل : الافراط في المزح مجون ، والاقتصاد فيه ظرف ،

والتقصير فيه ندامة .

وكان سعيد بن جبير رضي الله عنه لايعظ ُ الناسَ إلا أبكى بوعظه

ولا يقوم من مجلسه إلا وقد أضحك بمزحه .

وقيل في ذم المزاح

قال حكيم : المزاح يُذهب المَهابة ، ويورث الضغينة .

وقال آخر : المزاحُ أولـُه مرح وآخرُه ترح .

وقال آخر : المزاحُ يأكل الهيبة َكما تأكل النارُ الحطب .

4/ ما قيل في مدح الفقر وذمه :

قيل في مدح الفقر : الفقرُ شعارُ الصالحين ، ولباسُ الأنبياء.

وفي ذلك يقول البحتري:

فقرٌ كفقر الأنبياءِ وغربة ٌ = وصبابة ليس البلاء بواحد

ومن أحسن ما قيل في مدح الفقر قول أبي العتاهية:

ألم ترَ أن الفقرَ يُرجى له الغنى = وأنّ الغنى يُخشى عليه من الفقر

وقال آخر وقد أحسن :

دليلـُك أنّ الفقرَ خيرٌ من الغِنى = وأنّ قليلَ المال خيرٌ من المثري

لقاؤك إنسانا عصى الله َللغنى ولستَ ترى شخصا عصى الله َللفقرِ

وفي ذمِّ الفقر قيل :الفقرُ مجمعُ العيوب ، وكنزُ البلايا .

وقال بعض السلف : الفاقة هي الموتُ الأكبر.

وقال بعضهم : ما ضُربَ العبادُ بسوط أوجع من الفقر .

وقال صالح بن عبد القدوس :

بلوتُ أمور الناس سبعين حجة = ولابست صرف الدهرفي العسرواليسرِ

فلم أرَ بعد الدِّين خيرا من الغنى = ولم أرَ بعد الكفر شرا من الفقر

وأنشد بعضهم :
إذا قلَّ مال المرء قلَّ حياؤه = وضاقتْ عليه أرضه وسماؤه
وأصبح لايدري وإن كان حازما = أقدامه خيرٌ له أم وراءه

وقال ابو أحمد اليماني :

غالبتُ كلَّ شديدة ٍ فغلبتها = والفقرُ غالبني فأصبح غالبي
إنْ أبدِهِ يفضحْ وإنْ لم أبده = يقتلْ فقبِّح َ وجهه من صاحبِ

5/ماقيل في مدح المطر وذمه:

قال الله تعالى ( وأنزلنا منَ السماء ماءً طهورا )

وقال جل شأنه ( ونزّلنا من السماء ماءً مباركا )

وكان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم - يكشف رأسه للمطر تعرُّضا

لرحمة الله تعالى .

قال أبو تمام :
غيثٌ أتانا مؤذنا بخفضِ = قضتْ به السماءُ حقَّ الأرضِ

يمضي ويُبقي نِعما لا تمضي

وقيل في ذم المطر:

المطرُ مُفسد ُ الميعاد ، والغيثُ لا يخلو منَ العيث .

وقال ابن المعتز :

رُوينا فما تزداد ياربِّ من حَيَا = وأنت على مافي القلوب شهيدُ

سقوفُ بُيوتي صرن أرضا أدوسُها = وحيطان بيتي رُكعٌ وسجودُ

وقال أبونؤاس :

هو الغيثُ إلا أنه باتصالِهِ = أذىً ليس قولُ اللهِ فيه بباطل ِ
لئن كان أحيا كلَّ رطبٍ ويابس ٍ = لقد حبس الأحبابَ وسْط َ المنازلِ

طابت أوقاتكم أحبتي ودمتم بخير ودعة