منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الشعر العمودي (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=5)
-   -   ذاتي التي ذهبت (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=26528)

طاهر عبد المجيد 05-02-2020 01:25 AM

ذاتي التي ذهبت
 
ذاتي التي ذهبت
د. طاهر عبد المجيد


ذاتي التي ذهبتْ ولمْ تَعُدِ
لَمْ تُبْقِ لي منِّي سوى جَسَدِي

يا لَيْتَهَا إذْ لمْ تُودِّعني
أَخَذَتْ حوائجها ولمْ تَزِدِ

ذَهَبتْ بأحلامي ولمْ تَتَركْ
للعيشِ ما أَعدَّدتُ من عُدَدِ

وأَتَتْ على ما كنتُ أَرصدُهُ
لمصائبِ الدنيا من الجَّلَدِ

ذَهبتْ لِتُسلِمَني إلى دنيا
فيها العمى خيرٌ من الرَّمَدِ

دنيا يُعذبني تجاهلها
لي حين تنظرُ لي كَمُفْتَقَدِ

وكأنَّني لفظٌ بلا معنى
دوري الوحيدُ زيادةُ العددِ

من يومِها وأنا أُراسلُها
لأُحاصرَ النّيرانَ في كَبِدِي

ويَعُودُ ما أَرْسَلْتُ مُهْتَرِئاً
ليقولَ: لَمْ نعثرْ على أَحَدِ

كلُّ الذي جِئْنَا بهِ خَبرٌ
لكنهُ خبرٌ بلا سَنَدِ

كمْ قيلَ لي والغيظُ يَملؤني
من قولهم: عُوفيتَ من حَسَدِ

لم تَتَرك الأقدارُ من شيءٍ
في هذه الدنيا لِمُجْتَهِدِ

ولو أنَّني صَدَّقتُ ما قالوا
لأَهَنْتُ قبلَ العقلِ مُعْتَقَدي

وَلكنتُ قد بَرَّأت مَنْ مَلؤوا
أيامنا بالبؤسِ والنَّكدِ

إنِّي أَرى ذاتاً هنا وَرِمتْ
وتَضَخَّمَتْ كتضخُّمِ الغُدَدِ

ضَحِكَ الزمانُ لها فملَّكها
بلداً فصالتْ صَولةَ الأسدِ

أكلتْ مِن الأحرارِ ما أكلتْ
وتقولُ للمأكولِ: يا ولدي

شكراً لتضحيةٍ سَتَجْعَلُنِي
من أجلكمْ أحيا بلا أَمَدِ

والشكرُ موصولٌ لمنْ جَفَّتْ
أمعاؤهُ لأعيشَ في رَغَدِ

حارَ الزمانُ بحلِّ عُقدتها
وأظنها الأولى من العُقَدِ

آهٍ لو أنَّ الليلَ يَتركني
أَغفو فلا أَصحو إلى الأبدِ

أو أَلتقي بالموتِ منفرداً
في موعدٍ أقصاهُ بعدَ غدِ

يا ليتَ ذاتي بعدُ ما ذهبتْ
لأقولَ يا ذاتي خُذِي بِيَدِي

إنِّي هنا أَحيا على مَضَضٍ
وأُحسُ أنِّي لستُ في بلدي

ذاتي التي ما عدتُ ألقاها
إلا بميعادٍ وفي خَلَدِي

أَهْتَزُّ حينَ تَهُبُّ ذِكْرَاها
وكأنَّني صَرْحٌ بلا عَمَدِ


هيثم المري 05-02-2020 11:58 PM

رد: ذاتي التي ذهبت
 
ذَهَبتْ بأحلامي ولمْ تَتَركْ
للعيشِ ما أَعدَّدتُ من عُدَدِ

وأَتَتْ على ما كنتُ أَرصدُهُ
لمصائبِ الدنيا من الجَّلَدِ
* * * * * * *

هذا ما تفعله الذات سيدي حين يهزمها الوجع
لا تعترف بالحلم ولا يناسبها الجلد .. فتتوه بين الكون ضائعة
شكرا لعزفك الحزين دكتور طاهر .. تحيتي لك

محمد الصالح الجزائري 05-03-2020 02:04 AM

رد: ذاتي التي ذهبت
 
ترنيمة حزينة حدّ البكاء ! صديقي الشاعر الفلسطيني القدير الأستاذ طاهر..حزنك مقدسي مقدّس..معزوفتك الحزينة أصابت نياط القلب ! شكرا لك ..متى نقرأ في أشعارك الفرح ؟!تقبّل إعجاب أخيك الجزائري..

طاهر عبد المجيد 05-04-2020 02:34 AM

رد: ذاتي التي ذهبت
 
أخي العزيز هيثم المري:
أشكرك على هذا المرور الجميل. لقد حاولت أن أعبر عن حالة الضياع التي يعيشها الإنسان بشكل عام في ظل نظام استبدادي لا يجرؤ فيه السلطان أن يحكم شعباً من الأحرار فيحوله إلى قطيع من العبيد.
أرجو أن أكون قد نجحت في تجسيد هذه الفكرة. تحياتي.

طاهر عبد المجيد 05-04-2020 02:36 AM

رد: ذاتي التي ذهبت
 
أخي الشاعر العزيز محمد الصالح الجزائري:
وهل في عالمنا العربي شيء يبعث على الفرح. مانزال للأسف ننحطُّ من حضيض إلى حضيض لا قرار له. وننتقل من هزيمة منكرة نعزوها إلى مؤامرة مدبرَّة إلى هزيمة مجللة بالعار يسميها الحاكم انتصاراً قبل أن ينجلي الغبار. فكيف تطلب مني أخي محمد أن أتحدث عن الفرح؟ وانظر إلى فلسطين أرض الأنبياء وإلى الجزائر أرض الشهداء وانظر إلى المتآمرين من الأشقاء وأنت تعرف لماذا لا أكتب عن الفرح ولا أجيد الابتسام.

محمد الصالح الجزائري 05-04-2020 03:03 AM

رد: ذاتي التي ذهبت
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طاهر عبد المجيد (المشاركة 255080)
أخي الشاعر العزيز محمد الصالح الجزائري:
وهل في عالمنا العربي شيء يبعث على الفرح. مانزال للأسف ننحطُّ من حضيض إلى حضيض لا قرار له. وننتقل من هزيمة منكرة نعزوها إلى مؤامرة مدبرَّة إلى هزيمة مجللة بالعار يسميها الحاكم انتصاراً قبل أن ينجلي الغبار. فكيف تطلب مني أخي محمد أن أتحدث عن الفرح؟ وانظر إلى فلسطين أرض الأنبياء وإلى الجزائر أرض الشهداء وانظر إلى المتآمرين من الأشقاء وأنت تعرف لماذا لا أكتب عن الفرح ولا أجيد الابتسام.

وكنتُ أعتقد بأنّي الوحيد الذي لا يجيد الإبتسام!! صحيح ما قلته أخي الغالي الأستاذ طاهر..لنا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله..

العنود العلي 05-05-2020 02:14 AM

رد: ذاتي التي ذهبت
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طاهر عبد المجيد (المشاركة 254931)
ذاتي التي ذهبت
د. طاهر عبد المجيد

ذاتي التي ذهبتْ ولمْ تَعُدِ
لَمْ تُبْقِ لي منِّي سوى جَسَدِي

يا لَيْتَهَا إذْ لمْ تُودِّعني
أَخَذَتْ حوائجها ولمْ تَزِدِ

ذَهَبتْ بأحلامي ولمْ تَتَركْ
للعيشِ ما أَعدَّدتُ من عُدَدِ

وأَتَتْ على ما كنتُ أَرصدُهُ
لمصائبِ الدنيا من الجَّلَدِ

ذَهبتْ لِتُسلِمَني إلى دنيا
فيها العمى خيرٌ من الرَّمَدِ

دنيا يُعذبني تجاهلها
لي حين تنظرُ لي كَمُفْتَقَدِ

وكأنَّني لفظٌ بلا معنى
دوري الوحيدُ زيادةُ العددِ

من يومِها وأنا أُراسلُها
لأُحاصرَ النّيرانَ في كَبِدِي

ويَعُودُ ما أَرْسَلْتُ مُهْتَرِئاً
ليقولَ: لَمْ نعثرْ على أَحَدِ

كلُّ الذي جِئْنَا بهِ خَبرٌ
لكنهُ خبرٌ بلا سَنَدِ

كمْ قيلَ لي والغيظُ يَملؤني
من قولهم: عُوفيتَ من حَسَدِ

لم تَتَرك الأقدارُ من شيءٍ
في هذه الدنيا لِمُجْتَهِدِ

ولو أنَّني صَدَّقتُ ما قالوا
لأَهَنْتُ قبلَ العقلِ مُعْتَقَدي

وَلكنتُ قد بَرَّأت مَنْ مَلؤوا
أيامنا بالبؤسِ والنَّكدِ

إنِّي أَرى ذاتاً هنا وَرِمتْ
وتَضَخَّمَتْ كتضخُّمِ الغُدَدِ

ضَحِكَ الزمانُ لها فملَّكها
بلداً فصالتْ صَولةَ الأسدِ

أكلتْ مِن الأحرارِ ما أكلتْ
وتقولُ للمأكولِ: يا ولدي

شكراً لتضحيةٍ سَتَجْعَلُنِي
من أجلكمْ أحيا بلا أَمَدِ

والشكرُ موصولٌ لمنْ جَفَّتْ
أمعاؤهُ لأعيشَ في رَغَدِ

حارَ الزمانُ بحلِّ عُقدتها
وأظنها الأولى من العُقَدِ

آهٍ لو أنَّ الليلَ يَتركني
أَغفو فلا أَصحو إلى الأبدِ

أو أَلتقي بالموتِ منفرداً
في موعدٍ أقصاهُ بعدَ غدِ

يا ليتَ ذاتي بعدُ ما ذهبتْ
لأقولَ يا ذاتي خُذِي بِيَدِي

إنِّي هنا أَحيا على مَضَضٍ
وأُحسُ أنِّي لستُ في بلدي

ذاتي التي ما عدتُ ألقاها
إلا بميعادٍ وفي خَلَدِي

أَهْتَزُّ حينَ تَهُبُّ ذِكْرَاها
وكأنَّني صَرْحٌ بلا عَمَدِ


أينها تلك النافثة بزفير منعم بالحياة
أينها العناوين البائدة في خريطة الأحزان
أين الصقيع المالح وقشعريرة ذكرى مائلة
حزن هنا أستاذي وجلنا موشوم بقهر هذا الزمان
وأمنياتنا معلقة في كف القمر وتؤرجحها النجوم
شكرا لك دكتور .. مع فائق التقدير

طاهر عبد المجيد 05-07-2020 11:32 PM

رد: ذاتي التي ذهبت
 
الأخت العزيزة العنود العلي:
حنانيك حتى ألتقط أنفاسي التي تكاد تنقطع من ملاحقة كلماتك الجميلة ومعانيها الراقية. فما إن أمسك واحدة حتى تفلت الأخرى وإلى أن أتمكن من إنجاز هذه المهمة الصعبة اسمحي لي أن أشكرك على هذا المرور الشاعري بالقصيدة وأن أبدي إعجابي بما تكتبين مع خالص المحبة والتقدير. تحياتي.

هشام الصباح 05-20-2020 12:11 AM

رد: ذاتي التي ذهبت
 
الله الله الله الله الله.
ما أجملك وأروعك يا طاهر
شاعر وشعر
لا أمل من قراءتها و كلما قراتها ازدادت روعة وجمالا
تمنيت لو كنت أنا قائلها
لا فض فوك

طاهر عبد المجيد 05-20-2020 11:42 PM

رد: ذاتي التي ذهبت
 
أشكرك أخي هشام على هذه الإطلالة الجميلة كإطلالة الصباح وأشكرك على هذا الثناء الذي يزيد على ما أستحقه. أما بالنسبة إلى إعجابك بالقصيدة فهذا شيء يسعدني وأتمنى لو أستطيع التنازل عنها لك. على كل حال بعد أن ينشر العمل الأدبي ويصبح ملكاً للقراء وأنا على يقين إن إعجابك بالقصيدة سوف يحفزك على كتابة قصيدة أجمل منها. أشكرك مرة ثانية مع خالص محبتي وتقديري لك ولما تبدعه من شعر. تحياتي.


الساعة الآن 08:25 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team