منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   هروب جارية - نزار ب. الزين (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=9782)

نزار ب. الزين 09-12-2012 01:19 AM

هروب جارية - نزار ب. الزين
 
هروب جارية
قصة قصيرة :
نزار ب. الزين
*****
فرحت آبوا ( و هذا هو اسمها ) و ابتهج والداها و إخوتها الثمانية ، عندما استدعاها مكتب التخديم في مدينتها الصغيرة ، ذلك أن "آبوا" سوف تنتشلهم جميعا من مستنقع الفقر الذي يعيشون .
<< عليك أن تستعدي خلال ثلاثة أيام >> أمرها بذلك مدير المكتب ؛ جميع أفراد الأسرة – من ثم - جندوا أنفسهم لإتمام استعداداتها ، ثم جاءت لحظة الوداع ، عناق و دموع ، ثم إلى الطائرة ، ثم إلى مضارب بني يعرب .
استقبلها مخدومها بترحاب و كذلك ربة البيت و ولديها الفتيين فوزية و حمد، أما بقية الأبناء و البنات – و هم من جميع المقاسات - فلم يكترثوا .
"آبوا" ، كانت فتية و شعلة من النشاط و الذكاء مع مسحة من الجمال ، و قد تمكنت بسرعة من تعلم بعض الجُمل العربية لإحتياجاتها اليومية ، و كذلك استطاعت إرضاء الجميع فأحبوها و أحبتهم .
و لكن ...
ذات ليلة ، تسلل إلى فراشها بكر الأسرة المراهق ..
كمَّ فمها ، حاصرها بذراعيه القويتين ، ثم مارس فعلته الشنعاء !
تألمت كثيرا ،
بكت كثيرا ،
و لكنها أجابت بالصمت المطبق كل من حاول سؤالها عن سبب بكائها ،
<< لعلها حنَّت لأهلها ؟! >> قالت ربة البيت ، فكفوا عن سؤالها ..
و ذات ليلة أخرى ، تسلل حمد – ثانية – إلى فراشها ،
كمَّ فمها ، حاصرها بذراعيه القويتين ، ثم مارس فعلته الشنعاء !
تألمت أكثر ،
بكت أكثر ،
و لكن ...
أحدا لم يأبه لبكائها هذه المرة ..
ثم تتابعت ممارساته و استمرت "آبوا" صامتة ، و لكن حزينة ، تعيسة ، و كسيرة الخاطر ...
و لكن ...
بعد مائة يوم أو تزيد ظهرت عليها أعراض الحمل ..
أكد ذلك الطبيب الذي جرتها إليه أم حمد !
ثم خضعت "آبوا" إلى تحقيق وحشي ، ابتدأته أم حمد و شاركتها به ابنتها فوزية ....
و بين كل وجبة تحقيق و أخرى ، كان حَمَد يتقدم من أذنها مهددا بالويل و الثبور و عظائم الأمور ، إن هي زل لسانها بتصريح أو تلميح .
<< لا بد أنه أحدٌ من الشارع ، قد يكون القمّام و قد يكون سائق الجيران >> قالت ذلك أم حمد ثم قررت أمرا :
<< هذه العاهرة ، يجب أن نجهضها قبل أن تفوح رائحة الفضيحة >>
و ابتدأت أم حمد - من بعد – سلسلة من الإجراءات الأكثر وحشية ، سعيا وراء إجهاض "آبوا" ، و تم لها ذلك !...
ما أن أبلَّت آبوا من آثار الإجهاض و التعذيب ، حتى قررت أمرا .
كانت قد طلبت من ( أبو حمد ) أن يعيدها من حيث أتت ، فسخر منها قائلا : << و النقود التي دفعناها لمكتب التخديم ؟ و المال الذي بذلناه لتذكرة سفرك ؟ و الرواتب التي أرسلناها لأهلك ؟! >> ثم أضاف مذكرا << كان علينا أن نسلمك للشرطة بعد فعلتك الشنعاء و لكننا لم نفعل إشفاقا عليك ! و لكن يبدو أنك عديمة الوفاء و لا تستحقين الشفقة !! >> ثم أضاف منذرا << إسمعي يا بنت ، جوازك في عهدتي و روحك في يدي ، عودي إلى مطبخك في الحال قبل أن يشتعل غضبي ! >>
و في ظهيرة اليوم التالي و بينما كان أبو حمد في عمله ، و أم حمد و ابنتها فوزية تنالان قيلولتهما ، و الصغار في مدارسهم ، تسللت "آبوا" من الدار ، تتقاذفها الشوارع على غير هدى !
كان الجو قائظا ، و بداية عاصفة رملية أخذت تلوح في الأفق...
تعبت ...
كلت قدماها ...
أُرهقها التجوال بلا طائل ..
بدأت قواها تخور ..
و بدأت تشعر بالدوار،عندما لمحت مبنى مخفر الشرطة ،
فتماسكت و اتجهت نحوه في الحال ،
و لكن ..
ما أن إبتدأت باجتياز الشارع ، حتى حاصرتها سيارتان ..
توقفتا ..
نزلت من الأولى أم حمد و جارتها أم سليمان ،
و نزلت من الأخرى فوزية و صديقتيها نورا و لولوة ؛
توقفت حركة المرور ..
بدأت أبواق السيارات تعوي ، و إشرأبت الأعناق من نوافذها ..
أما النسوة الأشاوس فقد حاصرن "آبوا" ..
حاولت الإفلات ....
أمسكتها أم حمد من شعرها الطويل ثم جرتها قسرا إلى سيارتها ..بينما كانت الأخريات يتناوبن على صفعها و ركلها ..
تجمهر بعض المتطفلين ...
ضحك بعضهم لطرافة المشهد ....
انتبه رئيس المخفر لصخب الشارع ، فوقف بجوار النافذة يستطلع ...
ما أن شاهد أم حمد و قد إنحسرت عباءتها فحملتها بيد بينما جرت المسكينة من شعرها بيدها الأخرى ، حتى ضحك بدوره لطرافة المشهد !!!!
---------------------------------
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
الموقع : www.FreeArabi.com
من مجموعة جواري العصر

ريما ريماوي 09-12-2012 01:50 PM

لهم الله من يتصرفون كالحيوانات بوحشية مع
الخادمات اللواتي تركن اهلهن وعائلاتهن
في سبيل لقمة العيش المضنية...

القصة واقعية وسمعنا انها حصلت لعدد من الخادمات.


شكرا لك، تحيتي وتقديري.

أحمد فضول 09-12-2012 02:25 PM

"آبوا " من اللواتي تعثر بهن الحظ ، جاءت قاطعة المحيطات والصحارى والقفار البعيدة ، والفقر ملعون والشباب غابت عنهم مباديء الدين وما عاد الكثير منهم يفرق بين الحلال والحرام ، والأهل مشغولون وراء بريق الحياة وتعقيداتها ، وتأخذهم العزة بالأثم وأن أبناءهم ملائكة ، ولم يفكروا بابنهم المراهق لا من قريب ولا بعيد وبالتالي يذهب الفقر بضحيته في مرأى جعل ضابط المخفريضحك من طرافة المنظر ولم يكلف نفسه بالبحث عن السبب ليفتح بالحادثة قضية ربما تعيد بصيصا من الكرامة التي سفكت لحظة تسلل حمد إلى غرفة " آبوا " المسكينة .
سرد يسير بالقارئ إلى نهايته دونما شعور بالملل ليعالج ماغزا بلاد الاعراب من مظاهر قاتلة لا رحمة فيها ولا شفقة بلغة عادية محكية هي لغة البيت والأسرة والشارع والتي نعيشها يوميا .

نزار ب. الزين 09-13-2012 02:21 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ريما ريماوي (المشاركة 126890)
لهم الله من يتصرفون كالحيوانات بوحشية مع
الخادمات اللواتي تركن اهلهن وعائلاتهن
في سبيل لقمة العيش المضنية...
القصة واقعية وسمعنا انها حصلت لعدد من الخادمات.

شكرا لك، تحيتي وتقديري
.

===============
أختي الفاضلة ريما
صدقت ، مثل هذه القصة تكررت على نطاق واسع
أينما يستوردون الخادمات
و للأسف فإن الحكومات تقف موقف المتفرج
أمام هذه الظاهرة اللاإنسانية
***
شكرا لمرورك و مشاركتك التفاعلية
مع ود و ورد
نزار

نزار ب. الزين 09-13-2012 02:36 AM

هروب جارية
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد فضول (المشاركة 126894)
"آبوا " من اللواتي تعثر بهن الحظ ، جاءت قاطعة المحيطات والصحارى والقفار البعيدة ، والفقر ملعون والشباب غابت عنهم مباديء الدين وما عاد الكثير منهم يفرق بين الحلال والحرام ، والأهل مشغولون وراء بريق الحياة وتعقيداتها ، وتأخذهم العزة بالأثم وأن أبناءهم ملائكة ، ولم يفكروا بابنهم المراهق لا من قريب ولا بعيد وبالتالي يذهب الفقر بضحيته في مرأى جعل ضابط المخفريضحك من طرافة المنظر ولم يكلف نفسه بالبحث عن السبب ليفتح بالحادثة قضية ربما تعيد بصيصا من الكرامة التي سفكت لحظة تسلل حمد إلى غرفة " آبوا " المسكينة .
سرد يسير بالقارئ إلى نهايته دونما شعور بالملل ليعالج ماغزا بلاد الاعراب من مظاهر قاتلة لا رحمة فيها ولا شفقة بلغة عادية محكية هي لغة البيت والأسرة والشارع والتي نعيشها يوميا .

==============
أخي الأكرم الأستاذ أحمد
لا شك أن موقف الضابط كان مخجلا
و هو يرمز إلى موقف الحكومات
التي تقف من هذه الظاهرة موقف المتفرج
***
و من جهة أخرى
فإن مواقف الأسر من أبنائها المراهقين
مواقف غير واعية غالبا
و تشير إلى جهل مريع بأصول التربية
***
و كما تفضلت فإن الفقر عدو البشرية الأول
هو ما يجبر الفقراء على تصدير بناتهم
للخدمة في بلاد الأغنياء
و تعريضهن بالتالي للإذلال و الآلام
***
أخي العزيز
شكرا لمشاركتك التفعلية في نقاش النص
و ثنائك عليه
مع خالص المودة و التقدير
نزار

جليلة ماجد 09-15-2012 11:21 AM

إنها من جواري هذا الزمن ...

قد استعبدوها و قد وُلدت حُرة ...!

أ . نزار الزين ...

واقِعٌ مرير و حرفٌ ساطِع ...


صافي الود

نزار ب. الزين 09-15-2012 10:27 PM

هروب جارية
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جليلة ماجد (المشاركة 127096)
إنها من جواري هذا الزمن ...
قد استعبدوها و قد وُلدت حُرة ...!
أ . نزار الزين ...
واقِعٌ مرير و حرفٌ ساطِع ...
صافي الود

==============
أختي الفاضلة جليلة

صدقت ، إنه الاستعباد


في القرن الواحد و العشرين !


***


شكرا لمرورك أختي الكريمة


و لثنائك العاطر


مع ود و ورد


نزار


الساعة الآن 11:29 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team