منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر رواق الكُتب. (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=27)
-   -   إحياء علوم الدين .. (حجة الإسلام ) أبو حامد الغزالي (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=25749)

ناريمان الشريف 10-15-2019 08:00 AM

إحياء علوم الدين .. (حجة الإسلام ) أبو حامد الغزالي
 
إحياء علوم الدين
تأليف
حجة الإسلام
أبو حامد محمد بن محمد بن محمد الغزالي الطوسي
تغمده الله برحمته
وبهامشه تخريج الحافظ العراقي
المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار

ناريمان الشريف 10-15-2019 08:01 AM

رد: إحياء علوم الدين .. (حجة الإسلام ) أبو حامد الغزالي
 
بسم الله الرحمن الرحيم

أحمد الله أولاً حمداً كثيرا متواليا وإن كان يتضاءل دون حق جلاله حمد الحامدين وأصلي واسلم على رسله ثانياً صلاة تستغرق مع سيد البشر سائر المرسلين وأستخيره تعالى ثالثاً فيما انبعث عزمي من تحرير كتاب في إحياء علوم الدين وأنتدب لقطع تعجبك رابعاً أيها العاذل المتغالي في العذل من بين زمرة الجاحدين المسرف في التقريع ( 1)
_________
( 1) بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أحيا علوم الدين فأينعت بعد اضمحلالها وأعيا فهوم الملحدين عن دركها فرجعت بكلالها أحمده وأستكين له من مظالم انقضت الظهور بأثقالها وأعبده وأستعين به لعصام الأمور وعضالها وأشهد أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ له شهادة وافية بحصول الدرجات وظلالها واقية من حلول الدركات وأهوالها وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي أطلع به فجر الإيمان من ظلمة القلوب وضلالها وأسمع به وقر الآذان وجلا به رين القلوب بصقالها صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم صلاة لا قاطع لاتصالها
وبعد فلما وفق الله تعالى لإكمال الكلام على أحاديث إحياء علوم الدين في سنة إحدى وخمسين تعذر الوقوف على بعض أحاديثه فأخرت تبييضه إلى سنة ستين فظفرت بكثير مما عزب عني علمه ثم شرعت في تبييضه في مصنف متوسط حجمه وأنا مع ذلك متباطىء في إكماله غير متعرض لتركه وإهماله إلى أن ظفرت بأكثر ما كنت لم أقف عليه وتكرر السؤال من جماعة في إكماله فأجبت وبادرت إليه ولكني اختصرته في غاية الاختصار ليسهل تحصيله وحمله في الأسفار فاقتصرت فيه على ذكر طرف الحديث وصحابيه ومخرجه وبيان صحته أو حسنه أو ضعف مخرجه فإن ذلك هو المقصود الأعظم عند أبناء الآخرة بل وعند كثير من المحدثين عند المذاكرة والمناظرة وأبين ما ليس له أصل في كتب الأصول والله أسأل أن ينفع به إنه خير مسئول
فإن كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما اكتفيت بعزوه إليه وإلا عزوته إلى من خرجه من بقية الستة وحيث كان في أحد الستة لم أعزه إلى غيرها إلا لغرض صحيح بأن يكون في كتاب التزم مخرجه الصحة أو يكون أقرب إلى لفظه في الإحياء وحيث كرر المصنف ذكر الحديث فإن كان في باب واحد منه اكتفيت بذكره أول مرة وربما ذكرته فيه ثانيا وثالثا لغرض أو لذهول عن كونه تقدم وإن كرره في باب آخر ذكرته ونبهت على أنه قد تقدم وربما لم أنبه على تقدمه لذهول عنه وحيث عزوت الحديث لمن خرجه من الأئمة فلا أريد ذلك اللفظ بعينه بل قد يكون بلفظه وقد يكون بمعناه أو باختلاف على قاعدة المستخرجات وحيث لم أجد ذلك الحديث ذكرت ما يغنى عنه غالبا وربما لم أذكره وسميته المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار
جعله الله خالصا لوجهه الكريم ووسيلة إلى النعيم المقيم
والإنكار من بين طبقات المنكرين الغافلين فلقد حل عن لساني عقدة الصمت وطوقني عهدة الكلام وقلادة النطق ما أنت مثابر عليه من العمى عن جلية الحق مع اللجاج في نصرة الباطل وتحسين الجهل والتشغيب على من آثر النزوع قليلاً عن مراسم الخلق ومال ميلاً يسيراً عن ملازمة الرسم إلى العمل بمقتضى العلم طمعاً في نيل ما تعبده الله تعالى به من تزكية النفس وإصلاح القلب وتداركاً لبعض ما فرط من إضاعة العمر يائساً عن تمام حاجتك في الحيرة وانحيازاً عن غمار من قال فيهم صاحب الشرع صلوات الله عليه وسلامه أشد الناس عذاباً يوم القيامة عالم لم ينفعه الله سبحانه بعلمه ( 1) ولعمري إنه لا سبب لإصرارك على التكبر إلا الداء الذي عم الجم الغفير بل شمل الجماهير من القصور عن ملاحظة ذروة هذا الأمر والجهل بأن الأمر إد والخطب جد والآخرة مقبلة والدنيا مدبرة والأجل قريب والسفر بعيد والزاد طفيف والخطر عظيم والطريق سد وما سوى الخالص لوجه الله من العلم والعمل عند الناقد البصير رد وسلوك طريق الآخرة مع كثرة الغوائل من غير دليل ولا رفيق متعب ومكد فأدله الطريق هم العلماء الذين هم ورثة الأنبياء وقد شغر منهم الزمان ولم يبق إلا المترسمون وقد استحوذ على أكثرهم الشيطان واستغواهم الطغيان وأصبح كل واحد بعاجل حظه مشغوفاً فصار يرى المعروف منكراً والمنكر معروفاً حتى ظل علم الدين مندرساً ومنار الهدى في أقطار الأرض منطمساً ولقد خيلوا إلى الخلق أن لا علم إلا فتوى حكومة تستعين به القضاة على فصل الخصام عند تهاوش الطغام أو جدل يتدرع به طالب المباهاة إلى الغلبة والإفحام أو سجع مزخرف يتوسل به الواعظ إلى استدراج العوام إذ لم يروا ما سوى هذه الثلاثة مصيدة للحرام وشبكة للحطام
فأما علم طريق الآخرة وما درج عليه السلف الصالح مما سماه الله سبحانه في كتابه فقهاً وحكمة وعلماً وضياء ونوراً وهداية ورشداً فقد أصبح من بين الخلق مطوياً وصار نسياً منسياً
ولما كان هذا ثلماً في الدين ملماً وخطباً مدلهماً رأيت الاشتغال بتحرير هذا الكتاب مهماً إحياء لعلوم الدين وكشفاً عن مناهج الأئمة المتقدمين وإيضاحاً لمباهي العلوم النافعة عند التبيين والسلف الصالحين
وقد أسسته على أربعة أرباع وهي ربع العبادات وربع العادات وربع المهلكات وربع المنجيات
وصدرت الجملة بكتاب العلم لأنه غاية المهم لأكشف أولاً عن العلم الذي تعبد الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم الأعيان بطلبه إذ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طلب العلم فريضة على كل مسلم ( 2) وأميز فيه العلم النافع من الضار إذ قال صلى الله عليه وسلم نعوذ بالله من علم لا ينفع ( 3) وأحقق ميل أهل العصر عن شاكلة الصواب وانخداعهم بلامع السراب واقتناعهم من العلوم بالقشر عن اللباب
ويشتمل ربع العبادات على عشرة كتب كتاب العلم وكتاب قواعد العقائد وكتاب أسرار الطهارة وكتاب أسرار الصلاة وكتاب أسرار الزكاة وكتاب أسرار الصيام وكتاب أسرار الحج وكتاب آداب تلاوة القرآن وكتاب الأذكار والدعوات وكتاب ترتيب الأوراد في الأوقات
_________
( 1) حديث أشد الناس عذاباً يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه رواه الطبراني في الصغير والبيهقي في شعب الإيمان من حديث أبي هريرة بإسناد ضعيف
( 2) حديث طلب العلم فريضة على كل مسلم رواه ابن ماجه من حديث أنس وضعفه أحمد والبيهقي وغيرهما
( 3) حديث نعوذ بالله من علم لا ينفع رواه ابن ماجه من حديث جابر بإسناد حسن


(1/2)

ناريمان الشريف 10-15-2019 08:05 AM

رد: إحياء علوم الدين .. (حجة الإسلام ) أبو حامد الغزالي
 
وأما ربع العادات فيشتمل على عشرة كتب كتاب آداب الأكل وكتاب آداب النكاح وكتاب أحكام الكسب وكتاب الحلال والحرام وكتاب آداب الصحبة والمعاشرة مع أصناف الخلق وكتاب العزلة وكتاب آداب السفر وكتاب السماع والوجد وكتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكتاب آداب المعيشة وأخلاق النبوة
وأما ربع المهلكات فيشتمل على عشرة كتب كتاب شرح عجائب القلب وكتاب رياضة النفس وكتاب آفات الشهوتين شهوة البطن وشهوة الفرج وكتاب آفات اللسان وكتاب آفات الغضب والحقد والحسد وكتاب ذم الدنيا وكتاب ذم المال والبخل وكتاب ذم الجاه والرياء وكتاب ذم الكبر والعجب وكتاب ذم الغرور
وأما ربع المنجيات فيشتمل على عشرة كتب كتاب التوبة وكتاب الصبر والشكر وكتاب الخوف والرجاء وكتاب الفقر والزهد وكتاب التوحيد والتوكل وكتاب المحبة والشوق والأنس والرضا وكتاب النية والصدق والإخلاص وكتاب المراقبة والمحاسبة وكتاب التفكر وكتاب ذكر الموت
فأما ربع العبادات فأذكر فيه خفايا آدابها ودقائق سننها وأسرار معانيها ما يضطر العالم العامل إليه بل لا يكون من علماء الآخرة من لا يطلع عليه وأكثر ذلك مما أهمل في فن الفقهيات
وأما ربع العادات فأذكر فيه أسرار المعاملات الجارية بين الخلق وأغوارها ودقائق سننها وخفايا الورع في مجاريها وهي مما لا يستغني عنها متدين
وأما ربع المهلكات فأذكر فيه كل خلق مذموم ورد القرآن بإماطته وتزكية النفس عنه وتطهير القلب منه وأذكر من كل واحد من تلك الأخلاق حده وحقيقته ثم أذكر سببه الذي منه يتولد ثم الآفات التي عليها تترتب ثم العلامات التي بها تتعرف ثم طرق المعالجة التي بها منها يتخلص كل ذلك مقروناً بشواهد الآيات والأخبار والآثار
وأما ربع المنجيات فأذكر فيه كل خلق محمود وخصلة مرغوب فيها من خصال المقربين والصديقين التي بها يتقرب العبد من رب العالمين وأذكر في كل خصلة حدها وحقيقتها وسببها الذي به تجتلب وثمرتها التي منها تستفاد وعلامتها التي بها تتعرف وفضيلتها التي لأجلها فيها يرغب مع ما ورد فيها من شواهد الشرع والعقل ولقد صنف الناس في بعض هذه المعاني كتباً ولكن يتميز هذا الكتاب عنها بخمسة أمور
الأول حل ما عقدوه وكشف ما أجملوه
الثاني ترتيب ما بددوه ونظم ما فرقوه
الثالث إيجاز ما طولوه وضبط ما قرروه
الرابع حذف ما كرروه وإثبات ما حرروه
الخامس تحقيق أمور غامضة اعتاصت على الأفهام لم يتعرض لها في الكتب أصلاً إذ الكل وإن تواردوا على منهج واحد فلا مستنكر أن يتفرد كل واحد من السالكين بالتنبيه لأمر يخصه ويغفل عنه رفقاؤه أو لا يغفل عن التنبيه ولكن يسهو عن إيراده في الكتب أو لا يسهو ولكن يصرفه عن كشف الغطاء عنه صارف فهذه خواص هذا الكتاب مع كونه حاوياً لمجامع هذه العلوم
وإنما حملني على تأسيس هذا الكتاب على أربعة أرباع أمران أحدهما وهو الباعث الأصلي أن هذا الترتيب في التحقيق والتفهيم كالضرورة لأن العلم الذي يتوجه به إلى الآخرة ينقسم إلى علم المعاملة وعلم المكاشفة وأعني

بعلم المكاشفة ما يطلب منه كشف المعلوم فقط وأعني بعلم المعاملة ما يطلب منه مع الكشف العمل به والمقصود من هذا الكتاب علم المعاملة فقط دون علم المكاشفة التي لا رخصة في إيداعها الكتب وإن كانت هي غاية مقصد الطالبين ومطمع نظر الصديقين وعلم المعاملة طريق إليه ولكن لم يتكلم الأنبياء صلوات الله عليهم مع الخلق إلا في علم الطريق والإرشاد إليه
وأما علم المكاشفة فلم يتكلموا فيه إلا بالرمز والإيماء على سبيل التمثيل والإجمال علماً منهم بقصور أفهام الخلق عن الاحتمال والعلماء ورثة الأنبياء فما لهم سبيل إلى العدول عن نهج التأسي والاقتداء ثم إن علم المعاملة ينقسم إلى علم ظاهر أعني العلم بأعمال الجوارح وإلى علم باطن أعني العلم بأعمال القلوب والجاري على الجوارح إما عادة وإما عبادة والوارد على القلوب التي هي بحكم الاحتجاب عن الحواس من عالم الملكوت إما محمود وإما مذموم فبالواجب انقسم هذا العلم إلى شطرين ظاهر وباطن والشطر الظاهر المتعلق بالجوارح انقسم إلى عادة وعبادة والشطر الباطن المتعلق بأحوال القلب وأخلاق النفس انقسم إلى مذموم ومحمود فكان المجموع أربعة أقسام ولا يشذ نظر في علم المعاملة عن هذه الأقسام

ناريمان الشريف 10-15-2019 08:05 AM

رد: إحياء علوم الدين .. (حجة الإسلام ) أبو حامد الغزالي
 
الباعث الثاني
أني رأيت الرغبة من طلبة العلم صادقة في الفقه الذي صلح عند من لا يخاف الله سبحانه وتعالى المتدرع به إلى المباهاة والاستظهار بجاهه ومنزلته في المنافسات وهو مرتب على أربعة أرباع والمتزيي بزي المحبوب محبوب فلم أبعد أن يكون تصوير الكتاب بصورة الفقه تلطفاً في استدراج القلوب ولهذا تلطف بعض من رام استمالة قلوب الرؤساء إلى الطب فوضعه على هيئة تقويم النجوم موضوعاً في الجداول والرقوم وسماه تقويم الصحة ليكون أنسهم بذلك الجنس جاذباً لهم إلى المطالعة والتلطف في اجتذاب القلوب إلى العلم الذي يفيد حياة الأبد أهم من التلطف في اجتذابها إلى الطب الذي لا يفيد إلا صحة الجسد فثمرة هذا العلم طب القلوب والأرواح المتوصل به إلى حياة تدوم أبد الآباد فأين منه الطب الذي يعالج به الأجساد وهي معرضة بالضرورة للفساد في أقرب الآماد فنسأل الله سبحانه التوفيق للرشاد والسداد إنه كريم جواد

ناريمان الشريف 10-15-2019 08:06 AM

رد: إحياء علوم الدين .. (حجة الإسلام ) أبو حامد الغزالي
 
كتاب العلم
وفيه سبعة أبواب الباب الأول في فضل العلم والتعليم والتعلم
الباب الثاني في فرض العين وفرض الكفاية من العلوم وبيان حد الفقه والكلام من علم الدين وبيان علم الآخرة وعلم الدنيا
الباب الثالث فيما تعده العامة من علوم الدين وليس منه وفيه بيان جنس العلم المذموم وقدره
الباب الرابع في آفات المناظرة وسبب اشتغال الناس بالخلاف والجدل
الباب الخامس في آداب المعلم والمتعلم
الباب السادس في آفات العلم والعلماء والعلامات الفارقة بين علماء الدنيا والآخرة
الباب السابع في العقل وفضله وأقسامه وما جاء فيه من الأخبار
الباب الأول في فضل العلم والتعليم والتعلم وشواهده من النقل والعقل

ممدوح الرفاعي 10-16-2019 11:20 AM

رد: إحياء علوم الدين .. (حجة الإسلام ) أبو حامد الغزالي
 
بسط نوراني وحلقات متميزة أستاذتنا ناريمان
وفعلا نحتاج لنشر ثقافة القراءة والاطلاع بعد ان سرقتها التكنولوجيا

عماد السلمي 10-25-2019 06:57 PM

رد: إحياء علوم الدين .. (حجة الإسلام ) أبو حامد الغزالي
 
رائع جدآ هذا التقسيم والدلالات الواضحة على الإحياء الفقهي والفكري للمسلمين أجمعين ../ بورك جهدكِ ودام مباركا سيدتي الكريمة

عبد السلام بركات زريق 04-20-2020 07:57 PM

رد: إحياء علوم الدين .. (حجة الإسلام ) أبو حامد الغزالي
 
أشكرك أخت ناريمان الشريف
إحياء علوم الدين من أروع الكتب
جزاك الله خيراً

ماجد جابر 04-28-2020 11:03 PM

رد: إحياء علوم الدين .. (حجة الإسلام ) أبو حامد الغزالي
 
كتاب يستحق القراءة والتدبر، بوركت أديبتنا الأستاذة ناريمان الشريف على جهدك المفيد ، ومنابر علوم العربية ترحب بك وبقلمك المعطاء أجمل ترحيب.

ناريمان الشريف 05-01-2020 02:56 AM

رد: إحياء علوم الدين .. (حجة الإسلام ) أبو حامد الغزالي
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ممدوح الرفاعي (المشاركة 243024)
بسط نوراني وحلقات متميزة أستاذتنا ناريمان
وفعلا نحتاج لنشر ثقافة القراءة والاطلاع بعد ان سرقتها التكنولوجيا

بوركت أخي ممدوح
كل يوم وأنت بخير ..
تحية

ناريمان الشريف 05-01-2020 02:58 AM

رد: إحياء علوم الدين .. (حجة الإسلام ) أبو حامد الغزالي
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عماد السلمي (المشاركة 243756)
رائع جدآ هذا التقسيم والدلالات الواضحة على الإحياء الفقهي والفكري للمسلمين أجمعين ../ بورك جهدكِ ودام مباركا سيدتي الكريمة

بوركت أخي عماد
كل يوم وأنت بخير
تحية

ناريمان الشريف 05-01-2020 02:59 AM

رد: إحياء علوم الدين .. (حجة الإسلام ) أبو حامد الغزالي
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد السلام بركات زريق (المشاركة 254337)
أشكرك أخت ناريمان الشريف
إحياء علوم الدين من أروع الكتب
جزاك الله خيراً

بوركت أخي عبد السلام
كل يوم وأنت بخير
تحية

ناريمان الشريف 10-29-2020 07:22 PM

رد: إحياء علوم الدين .. (حجة الإسلام ) أبو حامد الغزالي
 
[الباب الأول في فضل العلم والتعليم والتعلم وشواهده من النقل والعقل]

[فضيلة العلم]

شواهدها من القرآن قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بالقسط فانظر كيْفَ بَدَأَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِنَفْسِهِ وَثَنَّى بِالْمَلَائِكَةِ وَثَلَّثَ بِأَهْلِ الْعِلْمِ وَنَاهِيكَ بِهَذَا شَرَفًا وَفَضْلًا وجلاء ونبلاً وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} قال ابن عباس رضي الله عنهما للعلماء درجات فوق المؤمنين بسبعمائة درجة ما بين الدرجتين مسيرة خمسمائة عام

وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يعلمون والذين لا يعلمون} وَقَالَ تَعَالَى {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ العلماء} وقال تعالى {قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب} وقال تعالى {قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به} تنبيهاً على أنه اقتدر بقوة العلم

وقال عز وجل {وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحاً} بين أن عظم قدر الآخرة يعلم بالعلم

وقال تعالى {وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون} وَقَالَ تَعَالَى {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} رَدَّ حُكْمَهُ فِي الْوَقَائِعِ إِلَى اسْتِنْبَاطِهِمْ وَأَلْحَقَ رُتْبَتَهُمْ بِرُتْبَةِ الْأَنْبِيَاءِ فِي كَشْفِ حُكْمِ اللَّهِ

ناريمان الشريف 10-29-2020 07:23 PM

رد: إحياء علوم الدين .. (حجة الإسلام ) أبو حامد الغزالي
 
وَأَمَّا الْأَخْبَارُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَيُلْهِمْهُ رُشْدَهُ (1) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ (2) وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا رُتْبَةَ فَوْقَ النُّبُوَّةِ وَلَا شَرَفَ فوق شرف الوراثة لتلك الرتبة

وقال صلى الله عليه وسلم يستغفر للعالم ما في السموات والأرض (3) وأي منصب يزيد على منصب من تشتغل ملائكة السموات والأرض بالاستغفار له

وقال صلى الله عليه وسلم إن الحكمة تزيد الشريف شرفاً وترفع المملوك حتى يدرك مدارك الملوك (4) وقد نبه بهذا على ثمراته في الدنيا ومعلوم أن الآخرة خير وأبقى

وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَصْلَتَانِ لَا يكونان في منافق حسن سمت وفقه في الدين (5) ولا تشكن في الحديث لنفاق بعض فقهاء الزمان فإنه ما أراد به الفقه الذي ظننته وسيأتي معنى الفقه

وأدنى درجات الفقيه أن يعلم أن الآخرة خير من الدنيا وهذه المعرفة إذا صدقت وغلبت عليه برىء بها من النفاق والرياء

وقال صلى الله عليه وسلم أفضل الناس المؤمن العالم الذي إن احتيج إليه نفع وإن استغني عنه أغنى نفسه (6) وقال صلى الله عليه وسلم الإيمان عريان ولباسه التقوى وزينته الحياء وثمرته العلم (7) وقال صلى الله عليه وسلم أقرب الناس من درجة النبوة أهل العلم والجهاد أما أهل العلم فدلوا الناس على ما جاءت به الرسل وأما أهل الجهاد فجاهدوا بأسيافهم

(1) حديث مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدين ويلهمه رشده متفق عليه من حديث معاوية دون قوله ويلهمه رشده وهذه الزيادة عند الطبراني في الكبير
(2) حديث العلماء ورثة الأنبياء أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه من حديث أبي الدرداء
(3) حديث يستغفر للعالم ما في السموات والأرض هو بعض حديث أبي الدرداء المتقدم
(4) حديث الحكمة تزيد الشريف شرفاً الحديث أخرجه أبو نعيم في الحلية وابن عبد البر في بيان العلم وعبد الغني الأزدي في آداب المحدث من حديث أنس بإسناد ضعيف
(5) حديث خصلتان لا تجتمعان في منافق الحديث أخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة وقال حديث غريب
(6) حديث أفضل الناس المؤمن العالم الحديث أخرجه البيهقي في شعب الإيمان موقوفاً على أبي الدرداء بإسناد ضعيف ولم أره مرفوعا
(7) حديث الإيمان عريان الحديث أخرجه الحاكم في تاريخ نيسابور من حديث أبي الدرداء بإسناد ضعيف
على ما جاءت به الرسل (1)

ناريمان الشريف 10-29-2020 07:24 PM

رد: إحياء علوم الدين .. (حجة الإسلام ) أبو حامد الغزالي
 
وقال صلى الله عليه وسلم لموت قبيلة أيسر من موت عالم (2) وقال عليه الصلاة والسلام الناس معادن كمعادن الذهب والفضة فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا (3) وقال صلى الله عليه وسلم يوزن يوم القيامة مداد العلماء بدم الشهداء (4) وقال صلى الله عليه وسلم من حفظ على أمتي أربعين حديثاً من السنة حتى يؤديها إليهم كنت له شفيعاً وشهيداً يَوْمَ الْقِيَامَةِ (5) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من حمل من أمتي أربعين حديثاً لقي الله عز وجل يوم القيامة فقيهاً عالماً (6) وقال صلى الله عليه وسلم من تفقه في دين الله عز وجل كفاه الله تعالى ما أهمه وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ (7) وَقَالَ صَلَّى الله عليه وسلم أوحى الله عز وجل إلى إبراهيم عليه السلام يا إبراهيم إني عليم أحب كل عليم (8) وقال صلى الله عليه وسلم العالم أمين الله سبحانه في الأرض (9) وقال صلى الله عليه وسلم صنفان من أمتي إذا صلحوا صلح الناس وإذا فسدوا فسد الناس الأمراء والفقهاء (10) وقال صلى الله عليه وسلم إِذَا أَتَى عَلَيَّ يَوْمٌ لَا أَزْدَادُ فِيهِ عِلْمًا يُقَرِّبُنِي إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَا بُورِكَ لِي فِي طُلُوعِ شَمْسِ ذَلِكَ الْيَوْمِ (11) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَفْضِيلِ الْعِلْمِ عَلَى الْعِبَادَةِ وَالشَّهَادَةِ فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِي (12) فَانْظُرْ كَيْفَ جَعَلَ الْعِلْمَ مُقَارِنًا لِدَرَجَةِ النُّبُوَّةِ وَكَيْفَ حَطَّ رُتْبَةَ الْعَمَلِ الْمُجَرَّدِ عَنِ الْعِلْمِ وَإِنْ كَانَ الْعَابِدُ لَا يَخْلُو عَنْ عِلْمٍ بِالْعِبَادَةِ الَّتِي يُوَاظِبُ عَلَيْهَا وَلَوْلَاهُ لَمْ تَكُنْ عِبَادَةٌ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ على سائر الكواكب (13) وقال صلى الله عليه وسلم يشفع يوم القيامة ثلاثة الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء (14) فأعظم بمرتبة هي تلو النبوة وفوق الشهادة مع ما ورد في فضل الشهادة

وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما عبد الله تعالى بشيء أفضل من فقه في الدين ولفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد ولكل شيء عماد وعماد هذا الدين الفقه (15) وقال صلى الله عليه وسلم خير دينكم أيسره وخير العبادة الفقه (16) وقال صلى الله عليه وسلم فضل المؤمن العالم على

(1) حديث أقرب الناس من درجة النبوة أهل العلم والجهاد الحديث أخرجه أبو نعيم في فضل العالم العفيف من حديث ابن عباس بإسناد ضعيف
(2) حديث لموت قبيلة أيسر من موت عالم أخرجه الطبراني وابن عبد البر من حديث أبي الدرداء وأصل الحديث عند أبي الدرداء
(3) حديث الناس معادن الحديث متفق عليه من حديث أبي هريرة
(4) حديث يوزن يوم القيامة مداد العلماء ودماء الشهداء أخرجه ابن عبد البر من حديث أبي الدرداء بسند ضعيف
(5) حديث من حفظ على أمتي أربعين حديثاً من السنة حتى يؤديها إليهم كنت له شفيعاً وشهيداً يوم القيامة أخرجه ابن عبد البر في العلم من حديث ابن عمر وضعفه
(6) حديث من حمل من أمتي أربعين حديثاً لقي الله يوم القيامة فقيهاً عالماً أخرجه ابن عبد البر من حديث أنس وضعفه
(7) حديث من تفقه في دين الله كفاه الله همه الحديث رواه الخطيب في التاريخ من حديث عبد الله بن جزء الزبيدي بإسناد ضعيف
(8) حديث أوحى الله إلى إبراهيم يا إبراهيم إني عليم أحب كل عليم ذكر ابن عبد البر تعليقا ولم أظفر له بإسناد
(9) حديث العالم أمين الله في الأرض أخرجه ابن عبد البر من حديث معاذ بسند ضعيف
(10) حديث صنفان من أمتي إذا صلحوا صلح الناس الحديث أخرجه ابن عبد البر وأبو نعيم من حديث ابن عباس بسند ضعيف
(11) حديث إِذَا أَتَى عَلَيَّ يَوْمٌ لَا أَزْدَادُ فِيهِ علماً يقربني الحديث أخرجه الطبراني في الأوسط وأبو نعيم في الحلية وابن عبد البر في العلم من حديث عائشة بإسناد ضعيف
(12) حديث فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَى رجل من أصحابي أخرجه الترمذي من حديث أبي أمامة وقال حسن صحيح
(13) حديث فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ البدر على سائر الكواكب أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان وهو قطعة من حديث أبي الدرداء المتقدم
(14) حديث يشفع يوم القيامة الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء رواه ابن ماجه من حديث عثمان بن عفان بإسناد ضعيف
(15) حديث ما عبد الله بشيء أفضل من فقه في الدين الحديث رواه الطبراني في الأوسط وأبو بكر الآجري في كتاب فضل العلم وأبو نعيم في رياضة المتعلمين من حديث أبي هريرة بإسناد ضعيف وعند الترمذي وابن ماجه من حديث ابن عباس بسند ضعيف فقيه أشد على الشيطان من ألف عابد
(16) حديث خير دينكم أيسره وأفضل العبادة الفقه أخرجه ابن عبد البر من حديث أنس بسند ضعيف والشطر الأول عند أحمد من حديث محجن ابن الأدرع بإسناد جيد والشطر الثاني عند الطبراني من حديث ابن عمر بسند ضعيف

ناريمان الشريف 10-29-2020 07:25 PM

رد: إحياء علوم الدين .. (حجة الإسلام ) أبو حامد الغزالي
 
المؤمن العابد بسبعين درجة (1) وقال صلى الله عليه وسلم إنكم أصبحتم في زمن كثير فقهاؤه قليل قراؤه وخطباؤه قليل سائلوه كثير معطوه العمل فيه خير من العلم وسيأتي على الناس زمان قليل فقهاؤه كثير خطباؤه قليل معطوه كثير سائلوه العلم فيه خير من العمل (2) وقال صلى الله عليه وسلم بين العالم والعابد مائة درجة بين كل درجتين حضر الجواد المضمر سبعين سنة (3) وقيل يا رسول الله أي الأعمال أفضل فقال العلم بالله عز وجل فقيل أي العلم تريد قال صلى الله عليه وسلم العلم بالله سبحانه فقيل له نسأل عن العمل وتجيب عن العلم فقال صلى الله عليه وسلم إن قليل العمل ينفع مع العلم بالله وإن كثير العمل لا ينفع مع الجهل بالله (4) وقال صلى الله عليه وسلم يبعث الله سبحانه العباد يوم القيامة ثم يبعث العلماء ثم يقول يا معشر العلماء إني لم أضع علمي فيكم إلا لعلمي بكم ولم أضع علمي فيكم لأعذبكم اذهبوا فقد غفرت لكم (5) نسأل الله حسن الخاتمة

وأما الآثار فقد قال عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لكميل يا كميل العلم خير من المال العلم يحرسك وأنت تحرس المال والعلم حاكم والمال محكوم عليه والمال تنقصه النفقة والعلم يزكو بالإنفاق

وقال علي أيضاً رضي الله عنه العالم أفضل من الصائم القائم المجاهد وإذا مات العالم ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها إلا خلف منه وقال رضي الله عنه نظماً

ما الفخر إلا لأهل العلم إنهم ... على الهدى لمن استهدى أدلاء

وقدر كل امرىء ما كان يحسنه ... والجاهلون لأهل العلم أعداء

ففز بعلم تعش حياً به أبداً ... الناس موتى وأهل العلم أحياء

وقال أبو الأسود ليس شيء أعز من العلم الملوك حكام على الناس والعلماء حكام على الملوك وقال ابن عباس رضي الله عنهما خير سليمان بن داود عليهما السلام بين العلم والمال والملك فاختار العلم فأعطي المال والملك معه وسئل ابن المبارك من الناس فقال العلماء قيل فمن الملوك قال الزهاد قيل فمن السفلة قال الذين يأكلون الدنيا بالدين ولم يجعل غير العالم من الناس لأن الخاصية التي يتميز بها الناس عن سائر البهائم هو العلم فالإنسان إنسان بما هو شريف لأجله وليس ذلك بقوة شخصه فإن الجمل أقوى منه ولا بعظمه فإن الفيل أعظم منه ولا بشجاعته فإن السبع أشجع منه ولا بأكله فإن الثور أوسع بطناً منه ولا ليجامع فإن أخس العصافير أقوى على السفاد منه بل لم يخلق إلا للعلم

وقال بعض العلماء ليت شعري أي شيء أدرك من فاته العلم وأي شيء فاته من أدرك العلم

وقال عليه الصلاة والسلام من أوتي القرآن فرأى أن أحداً أوتي خيراً منه فقد حقر ما عظم الله تعالى وَقَالَ فتح الموصلي رَحِمَهُ اللَّهُ أَلَيْسَ الْمَرِيضُ إِذَا مُنِعَ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ وَالدَّوَاءَ يَمُوتُ قَالُوا بَلَى قَالَ كَذَلِكَ الْقَلْبُ إِذَا مُنِعَ عَنْهُ الْحِكْمَةُ وَالْعِلْمُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يَمُوتُ

وَلَقَدْ صَدَقَ فَإِنَّ غِذَاءَ الْقَلْبِ الْعِلْمُ وَالْحِكْمَةُ وَبِهِمَا حَيَاتُهُ كَمَا أَنَّ غِذَاءَ الْجَسَدِ الطَّعَامُ وَمَنْ فَقَدَ الْعِلْمَ فَقَلْبُهُ مَرِيضٌ وَمَوْتُهُ لَازِمٌ وَلَكِنَّهُ لَا يشعر به إذ حب الدنيا

(1) حديث فضل المؤمن العالم على المؤمن العابد بسبعين درجة أخرجه ابن عدي من حديث أبي هريرة بإسناد ضعيف ولأبي يعلى نحوه من حديث عبد البر بن عوف
(2) حديث إنكم أصبحتم في زمان كثير فقهاؤه الحديث أخرجه الطبراني من حديث حزام بن حكيم عن عمه وقيل عن أبيه وإسناده ضعيف
(3) حديث بين العالم والعابد مائة درجة الأصفهاني في الترغيب والترهيب من حديث ابن عمر عن أبيه وقال سبعون درجة بسند ضعيف وكذا رواه صاحب مسند الفردوس من حديث أبي هريرة
(4) حديث قيل يا رسول الله أي الأعمال أفضل فقال العلم بالله الحديث أخرجه ابن عبد البر من حديث أنس بسند ضعيف
(5) حديث يبعث الله العباد يوم القيامة ثم يبعث العلماء الحديث رواه الطبراني من حديث أبي موسى بسند ضعيف

ناريمان الشريف 10-29-2020 07:26 PM

رد: إحياء علوم الدين .. (حجة الإسلام ) أبو حامد الغزالي
 
وشغله بها أبطل إحساسه كما أن غلبة الخوف قد تبطل ألم الجراح في الحال وإن كان واقعاً فإذا حط الموت عنه أعباء الدنيا أحسن بهلاكه وتحسر تحسراً عظيماً ثم لا ينفعه وذلك كإحساس الآمن خوفه والمفيق من سكره بما أصابه من الجراحات في حالة السكر أو الخوف فَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ يَوْمِ كَشْفِ الْغِطَاءِ فَإِنَّ الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا وقال الحسن رحمه الله يوزن مداد العلماء بدم الشهداء فيرجح مداد العلماء بدم الشهداء

وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَيْكُمْ بِالْعِلْمِ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ وَرَفْعُهُ مَوْتُ رُوَاتِهِ فوالذي نفسي بيده ليودن رجال قتلوا في سبيل الله شهداء أن يبعثهم الله علماء لما يرون من كرامتهم فإن أَحَدًا لَمْ يُولَدْ عَالِمًا وَإِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ

وقال ابن عباس رضي الله عنهما تذاكر العلم بعض ليلة أحب إلي من إحيائها وكذلك عن أبي هريرة رضي الله عنه وأحمد بن حنبل رحمة الله

وقال الحسن في قوله تعالى {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حسنة} إن الحسنة في الدنيا هي العلم والعبادة وفي الآخرة هي الجنة

وقيل لبعض الحكماء أي الأشياء تقتنى قال الأشياء التي إذا غرقت سفينتك سبحت معك يعني العلم وقيل أراد بغرق السفينة هلاك بدنه بالموت

وقال بعضهم من اتخذ الحكمة لجاماً اتخذه الناس إماماً ومن عرف بالحكمة لاحظته العيون بالوقار

وقال الشافعي رحمة الله عليه من شرف العلم أن كل من نسب إليه ولو في شيء حقير فرح ومن رفع عنه حزن

وقال عمر رضي الله عنه يا أيها الناس عليكم بالعلم فإن لله سبحانه رداء يحبه فمن طلب باباً من العلم رداه الله عز وجل بردائه فإن أذنب ذنباً استعتبه ثلاث مرات لئلا يسلبه رداءه ذلك وإن تطاول به ذلك الذنب حتى يموت

وقال الأحنف رحمه الله كاد العلماء أن يكونوا أرباباً وكل عز لم يوطد بعلم فإلى ذل مصيره

وقال سالم بن أبي الجعد اشتراني مولاي بثلثمائة درهم وأعتقني فقلت بأي شيء أحترف فاحترفت بالعلم فما تمت لي سنة حتى أتاني أمير المدينة زائراً فلم آذن له

وقال الزبير بن أبي بكر كتب إلي أبي بالعراق عليك بالعلم فإنك إن افتقرت كان لك مالاً وإن استغنيت كان لك جمالاً وحكى ذلك في وصايا لقمان لابنه قال يَا بُنَيَّ جَالِسِ الْعُلَمَاءَ وَزَاحِمْهُمْ بِرُكْبَتَيْكَ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يُحْيِي الْقُلُوبَ بِنُورِ الْحِكْمَةِ كَمَا يحيي الأرض بوابل السماء

وقال بعض الحكماء إذا مات العالم بكاه الحوت في الماء والطير في الهواء ويفقد وجهه ولا ينسى ذكره

وقال الزهري رحمه الله العلم ذكر ولا تحبه إلا ذكران الرجال

فَضِيلَةُ التَّعَلُّمِ

أَمَّا الْآيَاتُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا في الدين} وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كنتم لا تعلمون} وَأَمَّا الْأَخْبَارُ فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ (1) وَقَالَ صَلَّى الله عليه وسلم إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاء بما يصنع (2) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَنْ تَغْدُوَ فَتَتَعَلَّمَ بَابًا مِنَ الْعِلْمِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ مِائَةَ رَكْعَةٍ (3) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم باب من العلم يتعلمه الرجل خير له مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا (4) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم اطلبوا العلم

(1) حديث من سلك طريقاً يطلب فيه علما الحديث أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة
(2) حديث إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاء بما يصنع أخرجه أحمد وابن حبان والحاكم وصححه من حديث صفوان بن عسال
(3) حديث لأن تغدو فتتعلم باباً من الخير خير من أن تصلي مائة ركعة أخرجه ابن عبد البر من حديث أبي ذر وليس إسناده بذاك والحديث عند ابن ماجه بلفظ آخر
(4) حديث باب من العلم يتعلمه الرجل خير له من الدنيا أخرجه ابن حبان في روضة العقلاء وابن عبد البر موقوفا على الحسن البصري ولم أره مرفوعا إلا بلفظ خير له من مائة ركعة رواه الطبراني في الأوسط بسند ضعيف من حديث أبي ذر

ناريمان الشريف 10-29-2020 07:27 PM

رد: إحياء علوم الدين .. (حجة الإسلام ) أبو حامد الغزالي
 
ولو بالصين (1) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَبُ الْعِلْمِ فريضة على كل مسلم وقال صلى الله عليه وسلم العلم خزائن مفاتيحها السؤال ألا فاسألوا فإنه يؤجر فيه أربعة السائل والعالم والمستمع والمحب لهم (2) وقال صلى الله عليه وسلم لا ينبغي للجاهل أن يسكت على جهله ولا للعالم أن يسكت على علمه (3) وفي حديث أبي ذر رضي الله عنه حضور مجلس عالم أفضل من صلاة ألف ركعة وعيادة ألف مريض وشهود ألف جنازة فقيل يا رسول الله ومن قراءة القرآن فقال صلى الله عليه وسلم وهل ينفع القرآن إلا بالعلم (4) وقال عليه الصلاة والسلام من جاءه الموت وهو يطلب العلم ليحيي به الإسلام فبينه وبين الأنبياء في الجنة درجة واحدة (5) وَأَمَّا الْآثَارُ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما ذللت طالباً فعززت مطلوباً

وكذلك قال ابن أبي مليكة رحمه الله ما رأيت مثل ابن عباس إذا رأيته رايت أحسن الناس وجهاً وإذا تكلم فأعرب الناس لساناً وإذا أفتى فأكثر الناس علماً

وقال ابن المبارك رحمه الله عجبت لمن لم يطلب العلم كيف تدعوه نفسه إلى مكرمة وقال بعض الحكماء إني لا أرحم رجالاً كرحمتي لأحد رجلين رجل يطلب العلم ولا يفهم ورجل يفهم العلم ولا يطلبه

وقال أبو الدرداء رضي الله عنه لَأَنْ أَتَعَلَّمَ مَسْأَلَةً أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ قِيَامِ ليلة

وقال أيضاً كن عالماً أو متعلماً أو مستمعاً ولا تكن الرابع فتهلك

وقال عطاء مجلس علم يكفر سبعين مجلساً من مجالس اللهو

وقال عمر رضي الله عنه موت ألف عابد قائم الليل صائم النهار أهون من موت عالم بصير بحلال الله وحرامه

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ طَلَبُ الْعِلْمِ أفضل من النافلة

وقال ابن عبد الحكم رحمه الله كنت عند مالك أقرأ عليه العلم فدخل الظهر فجمعت الكتب لأصلي فقال يا هذا ما الذي قمت إليه بأفضل مما كنت فيه إذا صحت النية

وقال أبو الدرداء رضي الله عنه من رأى أن الغدو إلى طلب العلم ليس بجهاد فقد نقص في رأيه وعقله

فَضِيلَةُ التَّعْلِيمِ

أَمَّا الْآيَاتُ فَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} وَالْمُرَادُ هُوَ التَّعْلِيمُ وَالْإِرْشَادُ

وَقَوْلُهُ تَعَالَى وَإِذْ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب ليبيننه للناس ولا يكتمونه وَهُوَ إِيجَابٌ لِلتَّعْلِيمِ

وَقَوْلُهُ تَعَالَى {وَإِنَّ فَرِيقًا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون} وَهُوَ تَحْرِيمٌ لِلْكِتْمَانِ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الشهادة {ومن يكتمها فإنه آثم قلبه} وقال صلى الله عليه وسلم ما آتى الله عالماً علماً إلا وأخذ عليه من الميثاق ما أخذ على النبيين أن يبينوه للناس ولا يكتموه (6) وَقَالَ تَعَالَى {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إلى الله وعمل صالحاً} وَقَالَ تَعَالَى {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ والموعظة الحسنة} وقال تعالى {ويعلمهم الكتاب والحكمة} وَأَمَّا الْأَخْبَارُ فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما بعث معاذاً رضي الله عنه إِلَى الْيَمَنِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا // حديث قال لمعاذ حين بعثه إِلَى الْيَمَنِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا واحداً خير لك الحديث أخرجه أحمد من حديث معاذ وفي الصحيحين من حديث سهل ابن سعد أنه قال ذلك لعلي

(1) حديث اطلبوا العلم ولو بالصين أخرجه ابن عدي والبيهقي في المدخل والشعب من حديث أنس وقال البيهقي متنه مشهور وأسانيده ضعيفة
(2) حديث العلم خزائن مفاتيحها السؤال الحديث رواه أبو نعيم من حديث علي مرفوعا بإسناد ضعيف
(3) حديث لا ينبغي للجاهل أن يسكت على جهله أخرجه الطبراني في الأوسط وابن مردويه في التفسير وابن السني وأبو نعيم في رياضة المتعلمين من حديث جابر بسند ضعيف
(4) حديث أبي ذر حضور مجلس علم أفضل من صلاة ألف ركعة الحديث ذكره ابن الجوزي في الموضوعات من حديث عمر ولم أجده من طريق أبي ذر
(5) حديث من جاءه الموت وهو يطلب العلم الحديث أخرجه الدارمي وابن السني في رياضة المتعلمين من حديث الحسن فقيل هو ابن علي وقيل هو ابن يسار البصري مرسلا
(6) حديث ما آتى الله عالماً علما إلا أخذ عليه من الميثاق ما أخذ على النبيين أن يبينوه للناس ولا يكتموه أخرجه أبو نعيم في فضل العالم العفيف من حديث ابن مسعود بنحوه وفي الخلعيات نحوه من حديث أبي هريرة

ناريمان الشريف 10-29-2020 07:27 PM

رد: إحياء علوم الدين .. (حجة الإسلام ) أبو حامد الغزالي
 
وقال صلى الله عليه وسلم من تعلم باباً من العلم ليعلم الناس أعطي ثواب سبعين صديقاً (1) وقال عيسى صلى الله عليه وسلم من علم وعمل وعلم فذلك يدعى عظيماً في ملكوت السموات

وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا كان يوم القيامة يقول الله سبحانه للعابدين والمجاهدين ادخلوا الجنة فيقول العلماء بفضل علمنا تعبدوا وجاهدوا فيقول الله عز وجل أنتم عندي كبعض ملائكتي اشفعوا تشفعوا فيشفعون ثم يدخلون الجنة (2) وهذا إنما يكون بالعلم المتعدى بالتعليم لا العلم اللازم الذي لا يتعدى

وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ عز وجل لا ينتزع العلم انتزاعاً من الناس بعد أن يؤتيهم إياه ولكن يذهب بذهاب العلماء فكلما ذهب عالم ذهب بما معه من العلم حتى إذا لم يبق إلا رؤساء جهالاً إن سئلوا أفتوا بغير علم فيضلون ويضلون (3) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ عَلِمَ عِلْمًا فَكَتَمَهُ أَلْجَمَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ (4) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نعم العطية ونعم الهدية كلمة حكمة تسمعها فتطوي عليها ثم تحملها إلى أخ لك مسلم تعلمه إياها تعدل عبادة سنة (5) وقال صلى الله عليه وسلم الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله سبحانه وما والاه أو معلماً أو متعلماً (6) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ سَمَوَاتِهِ وَأَرْضِهِ حَتَّى النَّمْلَةَ في جحرها حتى الْحُوتَ فِي الْبَحْرِ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الخير (7) وقال صلى الله عليه وسلم ما أفاد المسلم أخاه فائدة أفضل من حديث حسن بلغه فبلغه (8) وقال صلى الله عليه وسلم كلمة من الخير يسمعها المؤمن فيعلمها ويعمل بها خير له من عبادة سنة (9) وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فرأى مجلسين أحدهما يدعون الله عز وجل ويرغبون إليه والثاني يعلمون الناس فقال أما هؤلاء فيسألون الله تعالى فإن شاء أعطاهم وإن شاء منعهم وأما هؤلاء فيعلمون الناس وإنما بعثت معلماً ثم عدل إليهم وجلس معهم (10) وقال صلى الله عليه وسلم مثل ما بعثني الله عز وجل به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضاً فكانت منها بقعة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكانت منها بقعة أمسكت الماء فنفع الله عز وجل بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا وكانت منها طائفة قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ (11) اه فالأول ذكره مثلاً للمنتفع بعلمه والثاني ذكره مثلاً للنافع والثالث للمحروم منهما

(1) حديث من تعلم باباً من العلم ليعلم الناس أعطي ثواب سبعين صديقا رواه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث ابن مسعود بسند ضعيف
(2) حديث إذا كان يوم القيامة يقول الله تعالى للعابدين والمجاهدين ادخلوا الجنة الحديث أخرجه أبو العباس الذهبي في العلم من حديث ابن عباس بسند ضعيف
(3) حديث إن الله لا ينتزع العلم انتزاعاً من الناس الحديث متفق عليه من حديث عبد الله بن عمرو
(4) حديث من علم علماً فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححه من حديث أبي هريرة قال الترمذي حديث حسن
(5) حديث نعم العطية ونعم الهدية كلمة حكمة تسمعها الحديث أخرجه الطبراني من حديث ابن عباس نحوه بإسناد ضعيف
(6) حديث الدنيا ملعونة ملعون ما فيها الحديث أخرجه الترمذي وابن ماجه من حديث أبي هريرة قال الترمذي حسن غريب
(7) حديث إن الله وملائكته وأهل السموات وأهل الأرض حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ فِي البحر ليصلون على معلم الناس الخير أخرجه الترمذي من حديث أبي أمامة وقال غريب وفي نسخة حسن صحيح
(8) حديث ما أفاد المسلم أخاه فائدة أفضل من حديث حسن الحديث أخرجه ابن عبد البر من رواية محمد بن المنكدر مرسلا نحوه ولأبي نعيم من حديث عبد الله بن عمرو ما أهدى مسلم لأخيه هدية أفضل من كلمة تزيده هدى أو ترده عن ردى
(9) حديث كلمة من الحكمة يسمعها المؤمن فيعمل بها ويعلمها الحديث أخرجه ابن المبارك في الزهد والرقائق من رواية زيد بن أسلم مرسلا نحوه وفي مسند الفردوس من حديث أبي هريرة بسند ضعيف كلمة حكمة يسمعها الرجل خير له من عبادة سنة
(10) حديث خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات يوم على أصحابه فرأى مجلسين أحدهما يدعون الله الحديث أخرجه ابن ماجه من حديث عبد الله بن عمرو بسند ضعيف
(11) حديث مثل ما بعثني الله به من العلم والهدى الحديث متفق عليه من حديث أبي موسى

ناريمان الشريف 11-06-2020 05:56 PM

رد: إحياء علوم الدين .. (حجة الإسلام ) أبو حامد الغزالي
 
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ علم ينتفع به الحديث (1) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّالُّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ (2) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ أَتَاهُ الله عز وجل حكمة فهو يقضي بها ويعلمها الناس ورجل أَتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الخير (3) وقال صلى الله عليه وسلم على خلفائي رحمة الله قِيلَ وَمَنْ خُلَفَاؤُكَ قَالَ الَّذِينَ يُحْيُونَ سُنَّتِي ويعلمونها عباد الله (4) وأما الآثار فقد قال عمر رضي الله عنه من حدث حديثاً فعمل به فله مثل أجر من عمل ذلك العمل

وقال ابن عباس رضي الله عنهما معلم الناس الخير يستغفر له كل شيء حتى الحوت في البحر

وقال بعض العلماء العالم يدخل فيما بين الله وبين خلقه فلينظر كيف يدخل

وروي أن سفيان الثوري رحمه الله قدم عسقلان فمكث لا يسأله إنسان فقال اكروا لي لأخرج من هذا البلد هذا بلد يموت فيه العلم

وإنما قال ذلك حرصاً على فضيلة التعليم واستبقاء العلم به وقال عطاء رضي الله عنه دخلت على سعيد بن المسيب وهو يبكي فقلت ما يبكيك قال ليس أحد يسألني عن شيء وقال بعضهم العلماء سرج الأزمنة كل واحد مصباح زمانه يستضيء به أهل عصره

وَقَالَ الحسن رَحِمَهُ اللَّهُ لَوْلَا الْعُلَمَاءُ لَصَارَ الناس مثل البهائم أي أنهم بالتعليم يخرجون الناس من حد البهيمية إلى حد الإنسانية

وقال عكرمة إن لهذا العلم ثمناً قيل وما هو قال أن تضعه فيمن يحسن حمله ولا يضيعه

وقال يحيى بن معاذ العلماء أرحم بأمة محمد صلى الله عليه وسلم من آبائهم وأمهاتهم قيل وكيف ذلك قال لأن آباءهم وأمهاتهم يحفظونهم من نار الدنيا وهم يحفظونهم من نار الآخرة

وقيل أول العلم الصمت ثم الاستماع ثم الحفظ ثم العمل ثم نشره

وقيل علم علمك من يجهل وتعلم ممن يعلم ما تجهل فإنك إذا فعلت ذلك علمت ما جهلت وحفظت ما علمت

وقال معاذ بن جبل في التعليم والتعلم ورأيته أيضاً مرفوعاً تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ فَإِنَّ تَعَلُّمَهُ لِلَّهِ خَشْيَةٌ وَطَلَبَهُ عِبَادَةٌ وَمُدَارَسَتَهُ تَسْبِيحٌ وَالْبَحْثَ عَنْهُ جِهَادٌ وَتَعْلِيمَهُ مَنْ لَا يَعْلَمُهُ صَدَقَةٌ وَبَذْلَهُ لِأَهْلِهِ قُرْبَةٌ وَهُوَ الْأَنِيسُ فِي الْوَحْدَةِ وَالصَّاحِبُ فِي الْخَلْوَةِ والدليل على الدين والمصبر على السراء والضراء والوزير عند الأخلاء والقريب عند الغرباء ومنار سبيل الجنة يَرْفَعُ اللَّهُ بِهِ أَقْوَامًا فَيَجْعَلُهُمْ فِي الْخَيْرِ قَادَةً سَادَةً هُدَاةً يُقْتَدَى بِهِمْ أَدِلَّةً فِي الخير تقتص آثارهم وترمق أفعالهم وترغب الملائكة في خلتهم وبأجنحتها تمسحهم وكل رطب ويابس لهم يستغفر حتى حيتان البحر وهوامه وسباع البر وأنعامه والسماء ونجومها (5) لأن العلم حياة القلوب من العمى ونور الأبصار من الظلم وقوة الأبدان من الضعف يبلغ به العبد مَنَازِلَ الْأَبْرَارِ وَالدَّرَجَاتِ الْعُلَى وَالتَّفَكُّرُ فِيهِ يُعْدَلُ بِالصِّيَامِ وَمُدَارَسَتُهُ بِالْقِيَامِ بِهِ يُطَاعُ اللَّهُ عَزَّ وجل وبه يعبد وبه يوحد وبه يمجد وَبِهِ يُتَوَرَّعُ وَبِهِ تُوصَلُ الْأَرْحَامُ وَبِهِ يُعْرَفُ الحلال والحرام وَهُوَ إِمَامٌ وَالْعَمَلُ تَابِعُهُ يُلْهَمُهُ السُّعَدَاءُ وَيُحْرَمُهُ الأشقياء نسأل الله تعالى حسن التوفيق

(1) حديث إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا من ثلاث الحديث أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة
(2) حديث الدال على الخير كفاعله أخرجه الترمذي من حديث أنس وقال غريب ورواه مسلم وأبو داود والترمذي وصححه عن أبي مسعود البدري بلفظ من دل على خير فله مثل أجر فاعله
(3) حديث لا حسد إلا في اثنتين الحديث متفق عليه من حديث ابن مسعود
(4) حديث على خلفائي رحمة الله الحديث رواه ابن عبد البر في العلم والهروي في ذم الكلام من حديث الحسن فقيل هو ابن علي وقيل ابن يسار البصري فيكون مرسلا ولابن السني وأبي نعيم في رياضة المتعلمين من حديث علي نحوه
(5) حديث معاذ تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ فَإِنَّ تَعَلُّمَهُ لِلَّهِ خَشْيَةٌ وَطَلَبَهُ عبادة الحديث بطوله رواه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب وابن عبد البر وقال ليس له إسناد قوي

ناريمان الشريف 11-06-2020 05:56 PM

رد: إحياء علوم الدين .. (حجة الإسلام ) أبو حامد الغزالي
 

[في الشواهد العقلية]

اعلم أن المطلوب من هذا الباب معرفة فضيلة العلم ونفاسته وما لم تفهم الفضيلة في نفسها ولم يتحقق المراد منها لم يمكن أن تعلم وجودها صفة للعلم أو لغيره من الخصال فلقد ضل عن الطريق من طمع أن يعرف أن زيداً حكيم أم لا وهو بعد لم يفهم معنى الحكمة وحقيقتها

والفضيلة مأخوذة من الفضل وهي الزيادة فإذا تشارك شيئان في أمر واختص أحدهما بمزيد يقال فضله وله الفضل عليه مهما كانت زيادته فيما هو كمال ذلك الشيء كما يقال الفرس أفضل من الحمار بمعنى أنه يشاركه في قوة الحمل ويزيد عليه بقوة الكر والفر وشدة العدو وحسن الصورة فلو فرض حمار اختص بسلعة زائدة لم يقل إنه أفضل لأن تلك زيادة في الجسم ونقصان في المعنى وليست من الكمال في شيء والحيوان مطلوب لمعناه وصفاته لا لجسمه فإذا فهمت هذا لم يخف عليك أن العلم فضيلة إن أخذته بالإضافة إلى سائر الأوصاف كما أن للفرس فضيلة إن أخذته بالإضافة إلى سائر الحيوانات بل شدة العدو فضيلة في الفرس وليست فضيلة على الإطلاق والعلم فضيلة في ذاته وعلى الإطلاق من غير إضافة فإنه وصف كمال الله سبحانه وبه شرف الملائكة والأنبياء بل الكيس من الخيل خير من البليد فهي فضيلة على الإطلاق من غير إضافة

واعلم أن الشيء النفيس المرغوب فيه ينقسم إلى ما يطلب لغيره وإلى ما يطلب لذاته وإلى ما يطلب لغيره ولذاته جميعاً فما يطلب لذاته أشرف وأفضل مما يطلب لغيره والمطلوب لغيره الدراهم والدنانير فإنهما حجران لا منفعة لهما ولولا أن الله سبحانه وتعالى يسر قضاء الحاجات بهما لكانا والحصباء بمثابة واحدة

والذي يطلب لذاته فالسعادة في الآخرة ولذة النظر لوجه الله تعالى

والذي يطلب لذاته ولغيره فكسلامة البدن فإن سلامة الرجل مثلاً مطلوبة من حيث إنها سلامة للبدن عن الألم ومطلوبة للمشي بها والتوصل إلى المآرب والحاجات وبهذا الاعتبار إذا نظرت إلى العلم رأيته لذيذاً في نفسه فيكون مطلوباً لذاته ووجدته وسيلة إلى دار الآخرة وسعادتها وذريعة إلى القرب من الله تعالى ولا يتوصل إليه إلا به وأعظم الأشياء رتبة في حق الآدمي السعادة الأبدية وأفضل الأشياء ما هو وسيلة إليها ولن يتوصل إليها إلا بالعلم والعمل ولا يتوصل إلى العمل إلا بالعلم بكيفية العمل فأصل السعادة في الدنيا والآخرة هو العلم فهو إذن أفضل الأعمال وكيف لا وقد تعرف فضيلة الشيء أيضاً بشرف ثمرته وقد عرفت أن ثمرة العلم القرب من رب العالمين والالتحاق بأفق الملائكة ومقارنة الملأ الأعلى

هذا في الآخرة وأما في الدنيا فالعز والوقار ونفوذ الحكم على الملوك ولزوم الاحترام في الطباع حتى إن أغبياء الترك وأجلاف العرب يصادفون طباعهم مجبولة على التوقير لشيوخهم لاختصاصهم بمزيد علم مستفاد من التجربة بل البهيمة بطبعها توقر الإنسان لشعورها بتمييز الإنسان بكمال مجاوز لدرجتها هذه فضيلة العلم مطلقاً ثم تختلف العلوم كما سيأتي بيانه وتتفاوت لا محالة فضائلها بتفاوتها

وأما فضيلة التعليم والتعلم فظاهرة مما ذكرناه فإن العلم إذا كان أفضل الأمور كان تعلمه طلباً للأفضل فكان تعليمه إفادة للأفضل وبيانه أن مقاصد الخلق مجموعة في الدين والدنيا ولا نظام للدين إلا بنظام الدنيا فإن الدنيا مزرعة الآخرة وهي الآلة الموصلة إلى الله عز وجل لمن اتخذها آلة ومنزلاً لمن يتخذها مستقراً ووطناً وليس ينتظم أمر الدنيا إلا بأعمال الآدميين

وأعمالهم وحرفهم وصناعاتهم تنحصر في ثلاثة أقسام

أحدها أصول لا قوام للعالم دونها وهي أربعة الزراعة وهي للمطعم

والحياكة وهي للملبس

والبناء

ناريمان الشريف 11-06-2020 05:57 PM

رد: إحياء علوم الدين .. (حجة الإسلام ) أبو حامد الغزالي
 
هو للمسكن

والسياسة وهي للتأليف والاجتماع والتعاون على أسباب المعيشة وضبطها

الثاني ما هي مهيئة لكل واحدة من هذه الصناعات وخادمة لها كالحدادة فإنها تخدم الزراعة وجملة من الصناعات بإعداد آلاتها كالحلاجة والغزل فإنها تخدم الحياكة بإعداد عملها

الثالث ما هي متممة للأصول ومزينة كالطحن والخبز للزراعة وكالقصارة والخياطة للحياكة وذلك بالإضافة إلى قوام أمر العالم الأرضي مثل أجزاء الشخص بالإضافة إلى جملته فإنها ثلاثة أضرب أيضاً إما أصول كالقلب والكبد والدماغ وإما خادمة لها كالمعدة والعروق والشرايين والأعصاب والأوردة وإما مكملة لها ومزينة كالأظفار والأصابع والحاجبين وأشرف هذه الصناعات أصولها وأشرف أصولها السياسة بالتأليف والاستصلاح ولذلك تستدعي هذه الصناعة من الكمال فيمن يتكفل بها ما لا يستدعيه سائر الصناعات ولذلك يستخدم لا محالة صاحب هذه الصناعة سائر الصناع والسياسة في استصلاح الخلق وإرشادهم إلى الطريق المستقيم المنجي في الدنيا والآخرة على أربع مراتب الأولى وهي العليا سياسة الأنبياء عليهم السلام وحكمهم على الخاصة والعامة جميعاً في ظاهرهم وباطنهم

والثانية الخلفاء والملوك والسلاطين وحكمهم على الخاصة والعامة جميعاً ولكن على ظاهرهم لا على باطنهم

والثالثة العلماء بالله عز وجل وبدينه الذين هم ورثة الأنبياء وحكمهم على باطن الخاصة فقط ولا يرتفع فهم العامة على الاستفادة منهم ولا تنتهي قوتهم إلى التصرف في ظواهرهم بالإلزام والمنع والشرع

والرابعة الوعاظ وحكمهم على بواطن العوام فقط فأشرف هذه الصناعات الأربع بعد النبوة إفادة العلم وتهذيب نفوس الناس عن الأخلاق المذمومة المهلكة وإرشادهم إلى الأخلاق المحمودة المسعدة وهو المراد بالتعليم وإنما قلنا إن هذا أفضل من سائر الحرف والصناعات لأن شرف الصناعات يعرف بثلاثة أمور إما بالالتفات إلى الغريزة التي بها يتوصل إلى معرفتها كفضل العقول العقلية على اللغوية إذ تدرك الحكمة بالعقل واللغة بالسمع والعقل أشرف من السمع وإما بالنظر إلى عموم النفع كفضل الزراعة على الصياغة وإما بملاحظة المحل الذي فيه التصرف كفضل الصياغة على الدباغة إذ محل أحدهما الذهب ومحل الآخر جلد الميتة وليس يخفي أن العلوم الدينية وهي فقه طريق الآخرة إنما تدرك بكمال العقل وصفاء الذكاء والعقل أشرف صفات الإنسان كما سيأتي بيانه إذ به تقبل أمانة الله وبه يتوصل إلى جوار الله سبحانه

وأما عموم النفع فلا يستراب فيه فإن نفعه وثمرته سعادة الآخرة

وأما شرف المحل فكيف يخفى والمعلم متصرف في قلوب البشر ونفوسهم وأشرف موجود على الأرض جنس الإنس وأشرف جزء من جواهر الإنسان قلبه والمعلم مشتغل بتكميله وتجليته وتطهيره وسياقته إلى القرب من الله عز وجل فتعليم العلم من وجه عبادة لله تعالى ومن وجه خلافة لله تعالى وهو من أجل خلافة الله فإن الله تعالى قد فتح على قلب العالم العلم الذي هو أخص صفاته فهو كالخازن لأنفس خزائنه ثم هو مأذون له في الإنفاق منه على كل محتاج إليه فأي رتبة أجل من كون العبد واسطة بين ربه سبحانه وبين خلقه في تقريبهم إلى الله زلفى وسياقتهم إلى جنة المأوى جعلنا الله منهم بكرمه وصلى الله على كل عبد مصطفى

[الباب الثاني في العلم المحمود والمذموم وأقسامهما وأحكامهما]

وفيه بيان ما هو فرض عين وما هو فرض كفاية وبيان أن موقع الكلام والفقه من علم الدين إلى أي حد هو وتفضيل علم الآخرة

ناريمان الشريف 11-06-2020 05:58 PM

رد: إحياء علوم الدين .. (حجة الإسلام ) أبو حامد الغزالي
 

بَيَانُ الْعِلْمِ الَّذِي هُوَ فَرْضُ عَيْنٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَبُ العلم فريضة على كل مسلم وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم اطلبوا العلم ولو بالصين واختلف الناس في العلم الذي هو فرض على كل مسلم فتفرقوا فيه أكثر من عشرين فرقة ولا نطيل بنقل التفصيل ولكن حاصله أن كل فريق نزل الوجوب على العلم الذي هو بصدده فقال المتكلمون هو علم الكلام إذ به يدرك التوحيد ويعلم به ذات الله سبحانه وصفاته وقال الفقهاء هو علم الفقه إذ به تعرف الْعِبَادَاتُ وَالْحَلَالُ وَالْحَرَامُ وَمَا يُحَرَّمُ مِنَ الْمُعَامَلَاتِ وما يحل وعنوا به ما يحتاج إليه الآحاد دون الوقائع النادرة وقال المفسرون والمحدثون هو علم الكتاب والسنة إذ بهما يتوصل إلى العلوم كلها

وقال المتصوفة المراد به هذا العلم فقال بعضهم هو علم العبد بحاله ومقامه من الله عز وجل

وقال بعضهم هو العلم بالإخلاص وآفات النفوس وتمييز لمة الملك من لمة الشيطان

وقال بعضهم هو علم الباطن وذلك يجب على أقوام مخصوصين هم أهل ذلك وصرفوا اللفظ عن عمومه

وقال أبو طالب المكي هو العلم بما يتضمنه الحديث الذي فيه مباني الإسلام وهو قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ (1) إلى آخر الحديث لأن الواجب هذه الخمس فيجب العلم بكيفية العمل فيها وبكيفية الوجوب

والذي ينبغي أن يقطع به المحصل ولا يستريب فيه ما سنذكره وهو أن العلم كما قدمناه في خطبة الكتاب ينقسم إلى علم معاملة وعلم مكاشفة وليس المراد بهذا العلم إلا علم المعاملة والمعاملة التي كلف العبد العاقل البالغ العمل بها ثلاثة اعتقاد وفعل وترك فإذا بلغ الرجل العاقل بالاحتلام أو السن ضحوة نهار مثلاً فأول واجب عليه تعلم كلمتي الشهادة وفهم معناهما وهو قول لا إله إلا الله محمد رسول الله وليس يجب عليه أن يحصل كشف ذلك لنفسه بالنظر والبحث وتحرير الأدلة بل يكفيه أن يصدق به ويعتقده جزماً من غير اختلاج ريب واضطراب نفس وذلك قد يحصل بمجرد التقليد والسماع من غير بحث ولا برهان إذ اكتفى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجلاف العرب بالتصديق والإقرار من غير تعلم دليل (2)

فإذا فعل ذلك فقد أدى واجب الوقت وكان العلم الذي هو فرض عين عليه في الوقت تعلم الكلمتين وفهمهما وليس يلزمه أمر وراء هذا في الوقت بدليل أنه لو مات عقيب ذلك مات مطيعاً لله عز وجل غير عاص له وإنما يجب غير ذلك بعوارض تعرض وليس ذلك ضرورياً في حق كل شخص بل يتصور الانفكاك وتلك العوارض إما أن تكون في الفعل وإما في الترك وإما في الاعتقاد

أما الفعل فبأن يعيش من ضحوة نهاره إلى وقت الظهر فيتجدد عليه بدخول وقت الظهر تعلم الطهارة والصلاة فإن كان صحيحاً وكان بحيث لو صبر إلى وقت زوال الشمس لم يتمكن من تمام التعلم والعمل في الوقت بل يخرج الوقت لو اشتغل بالتعلم فلا يبعد أن يقال الظاهر بقاؤه فيجب عليه تقديم التعلم على الوقت

ويحتمل أن يقال وجوب العلم الذي هو شرط العمل بعد وجوب العمل فلا يجب قبل الزوال وهكذا في بقية الصلوات فإن عاش إلى رمضان تجدد بسببه وجوب تعلم الصوم وهو أن وقته من الصبح إلى غروب الشمس وأن الواجب فيه النية والإمساك عن الأكل والشرب والوقاع وأن ذلك يتمادى إلى رؤية الهلال أو شاهدين فإن تجدد له مال أو كان له مال عند بلوغه لزمه تعلم ما يجب عليه من الزكاة ولكن لا يلزمه في الحال إنما يلزمه عند

(1) حديث بني الإسلام على خمس الحديث متفق عليه من حديث ابن عمر
(2) حديث اكتفى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجلاف العرب بالتصديق والإقرار من غير تعلم دليل مشهور في كتب السير والحديث فعند مسلم قصة ضمام بن ثعلبة

ناريمان الشريف 11-06-2020 05:59 PM

رد: إحياء علوم الدين .. (حجة الإسلام ) أبو حامد الغزالي
 
تمام الحول من وقت الإسلام فإن لم يملك إلا الإبل لم يلزمه إلا تعلم زكاة الإبل وكذلك في سائر الأصناف فإذا دخل في أشهر الحج فلا يلزمه المبادرة إلى علم الحج مع أن فعله على التراخي فلا يكون تعلمه على الفور ولكن ينبغي لعلماء الإسلام أن ينبهوه على أن الحج فرض على التراخي على كل من ملك الزاد والراحلة إذا كان هو مالكاً حتى ربما يرى الحزم لنفسه في المبادرة فعند ذلك إذا عزم عليه لزمه تعلم كيفية الحج ولم يلزمه إلا تعلم أركانه وواجباته دون نوافله فإن فعل ذلك نفل فعلمه أيضاً نفل فلا يكون تعلمه فرض عين وفي تحريم السكوت عن التنبيه على وجوب أصل الحج في الحال نظر يليق بالفقه وهكذا التدريج في علم سائر الأفعال التي هي فرض عين

وأما التروك فيجب تعلم علم ذلك بحسب ما يتجدد من الحال وذلك يختلف بحال الشخص إذ لا يجب على الأبكم تعلم ما يحرم من الكلام ولا على الأعمى تعلم ما يحرم من النظر ولا على البدوي تعلم ما يحرم الجلوس فيه من المساكن فذلك أيضاً واجب بحسب ما يقتضيه الحال فما يعلم أنه ينفك عنه لا يجب تعلمه وما هو ملابس له يجب تنبيهه عليه كما لو كان عند الإسلام لابساً للحرير أو جالساً في الغصب أو ناظراً إلى غير ذي محرم فيجب تعريفه بذلك وما ليس ملابساً له ولكنه بصدد التعرض له على القرب كالأكل والشرب فيجب تعليمه حتى إذا كان في بلد يتعاطى فيه شرب الخمر وأكل لحم الخنزير فيجب تعليمه ذلك وتنبيهه عليه وما وجب تعليمه وجب عليه تعلمه

وأما الاعتقادات وأعمال القلوب فيجب علمها بحسب الخواطر فإن خطر له شك في المعاني التي تدل عليها كلمتا الشهادة فيجب عليه تعلم ما يتوصل به إلى إزالة الشك

فإن لم يخطر له ذلك ومات قبل أن يعتقد أن كلام الله سبحانه قديم وأنه مرئي وأنه ليس محلاً للحوادث إلى غير ذلك مما يذكر في المعتقدات فقد مات على الإسلام إجماعاً ولكن هذه الخواطر الموجبة للاعتقادات بعضها يخطر بالطبع وبعضها يخطر بالسماع من أهل البلد فإن كان في بلد شاع فيه الكلام وتناطق الناس بالبدع فينبغي أن يصان في أول بلوغه عنها بتلقين الحق فإنه لو ألقى إليه الباطل لوجبت إزالته عن قلبه وربما عسر ذلك كما أنه لو كان هذا المسلم تاجراً وقد شاع في البلد معاملة الربا وجب عليه تعلم الحذر من الربا وهذا هو الحق في العلم الذي هو فرض عين ومعناه العلم بكيفية العمل الواجب فمن علم العلم الواجب ووقت وجوبه فقد علم العلم الذي هو فرض عين وما ذكره الصوفية من فهم خواطر العدو ولمة الملك حق أيضاً ولكن في حق من يتصدى له فإذا كان الغالب أن الإنسان لا ينفك عن دواعي الشر والرياء والحسد فيلزمه أن يتعلم من علم ربع المهلكات ما يرى نفسه محتاجاً إليه وكيف لا يجب عليه وقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ شُحٌّ مُطَاعٌ وَهَوًى مُتَّبَعٌ وَإِعْجَابُ المرء بنفسه (1) ولا ينفك عنها بشر وبقية ما سنذكره من مذمومات أحوال القلب كالكبر والعجب وأخواتها تتبع هذه الثلاث المهلكات وإزالتها فرض عين ولا يمكن إزالتها إلا بمعرفة حدودها ومعرفة أسبابها ومعرفة علاماتها ومعرفة علاجها فإن من لا يعرف الشر يقع فيه والعلاج هو مقابلة السبب بضده وكيف يمكن دون معرفة السبب والمسبب وأكثر ما ذكرناه في ربع المهلكات من فروض الأعيان وقد تركها الناس كافة اشتغالاً بما لا يعنى

ومما لا ينبغي أن يبادر في إلقائه إليه إذا لم يكن قد انتقل عن ملة إلى ملة أخرى الإيمان بالجنة والنار والحشر والنشر حتى يؤمن به ويصدق وهو من تتمة كلمتي الشهادة فإنه بعد التصديق بكونه عليه السلام رسولا



ص(15)

ناريمان الشريف 12-17-2020 05:31 PM

رد: إحياء علوم الدين .. (حجة الإسلام ) أبو حامد الغزالي
 
ينبغي أن يفهم الرسالة التي هو مبلغها وهو أن من أطاع الله ورسوله فله الجنة ومن عصاهما فله النار فإذا انتبهت لهذا التدريج علمت أن المذهب الحق هو هذا وتحققت أن كل عبد هو في مجاري أحواله في يومه وليلته لا يخلو من وقائع في عبادته ومعاملاته عن تجدد لوازم عليه فيلزمه السؤال عن كل ما يقع له من النوادر ويلزمه المبادرة إلى تعلم ما يتوقع وقوعه على القرب غالباً فإذا تبين أنه عليه الصلاة والسلام إنما أراد بالعلم المعرف بالألف واللام فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَبُ العلم فريضة على كل مسلم علم العمل الذي هو مشهور الوجوب على المسلمين لا غير فقد اتضح وجه التدريج ووقت وجوبه والله أعلم

ناريمان الشريف 12-17-2020 05:32 PM

رد: إحياء علوم الدين .. (حجة الإسلام ) أبو حامد الغزالي
 
[بيان العلم الذي هو فرض كفاية]

اعلم أن الفرض لا يتميز عن غيره إلا بذكر أقسام العلوم والعلوم بالإضافة إلى الغرض الذي نحن بصدده تنقسم إلى شرعية وغير شرعية وأعني بالشرعية ما استفيد من الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه ولا يرشد العقل إليه مثل الحساب ولا التجربة مثل الطب ولا السماع مثل اللغة فالعلوم التي ليست بشرعية تنقسم إلى ما هو محمود وإلى ما هو مذموم وإلى ما هو مباح فالمحمود ما يرتبط به مصالح أمور الدنيا كالطب والحساب وذلك ينقسم إلى ما هو فرض كفاية وإلى ما هو فضيلة وليس بفريضة أما فرض الكفاية فهو علم لا يستغني عنه في قوام أمور الدنيا كالطب إذ هو ضروري في حاجة بقاء الأبدان وكالحساب فإنه ضروري في المعاملات وقسمة الوصايا والمواريث وغيرهما وهذه هي العلوم التي لو خلا البلد عمن يقوم بها حرج أهل البلد وإذا قام بها واحد كفى وسقط الفرض عن الآخرين

فلا يتعجب من قولنا إن الطب والحساب من فروض الكفايات فإن أصول الصناعات أيضاً من فروض الكفايات كالفلاحة والحياكة والسياسة بل الحجامة والخياطة فإنه لو خلا البلد من الحجام تسارع الهلاك إليهم وحرجوا بتعريضهم أنفسهم للهلاك

فإن الذي أنزل الداء أنزل الدواء وأرشد إلى استعماله وأعد الأسباب لتعاطيه فلا يجوز التعرض للهلاك بإهماله

وأما ما يعد فضيلة لا فريضة فالتعمق في دقائق الحساب وحقائق الطب وغير ذلك مما يستغنى عنه ولكنه يفيد زيادة قوة في القدر المحتاج إليه

ناريمان الشريف 12-17-2020 05:33 PM

رد: إحياء علوم الدين .. (حجة الإسلام ) أبو حامد الغزالي
 
وأما المذموم فعلم السحر والطلسمات وعلم الشعبذة والتلبيسات

وأما المباح منه فالعلم بالأشعار التي لا سخف فيها وتواريخ الأخبار وما يجري مجراه

أما العلوم الشرعية وهي المقصودة بالبيان فهي محمودة كلها ولكن قد يلتبس بها ما يظن أنها شرعية وتكون مذمومة فتنقسم إلى المحمودة والمذمومة

أما المحمودة فلها أصول وفروع ومقدمات ومتممات وهي أربعة أضرب

الضرب الأول الأصول وهي أربعة كتاب الله عز وجل وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة وآثار الصحابة والإجماع أصل من حيث إنه يدل على السنة فهو أصل في الدرجة الثالثة

وكذا الأثر فإنه أيضاً يدل على السنة لأن الصحابة رضي الله عنهم قد شاهدوا الوحي والتنزيل وأدركوا بقرائن الأحوال ما غاب عن غيرهم عيانه وربما لا تحيط العبارات بما أدرك بالقرائن

فمن هذا الوجه رأى العلماء الاقتداء بهم والتمسك بآثارهم وذلك بشرط مخصوص على وجه مخصوص عند من يراه ولا يليق بيانه بهذا الفن

الضرب الثاني الفروع وهو ما فهم من هذه الأصول لا بموجب ألفاظها بل بمعان تنبه لها العقول فاتسع بسببها الفهم حتى فهم من اللفظ الملفوظ به غيره كما فهم من قوله عليه السلام لا يقضي القاضي وهو غضبان (1) أنه لايقضي إذا كان خائفاً أو جائعاً أو متألماً بمرض

ناريمان الشريف 12-17-2020 05:33 PM

رد: إحياء علوم الدين .. (حجة الإسلام ) أبو حامد الغزالي
 
وهذا على ضربين أحدهما يتعلق بمصالح الدنيا ويحويه كتب الفقه والمتكفل به الفقهاء وهم علماء الدنيا

والثاني ما يتعلق بمصالح الآخرة وهو علم أحوال القلب وأخلاقه المحمودة والمذمومة وما هو مرضي عند الله تعالى وما هو مكروه وهو الذي يحويه الشطر الأخير من هذا الكتاب أعني جملة كتاب إحياء علوم الدين ومنه العلم بما يترشح من القلب على الجوارح في عباداتها وعاداتها وهو الذي يحويه الشطر الأول من هذا الكتاب

والضرب الثالث المقدمات وهي التي تجري منه مجرى الآلات كعلم اللغة والنحو فإنهما آلة لعلم كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وليست اللغة والنحو من العلوم الشرعية في أنفسهما ولكن يلزم الخوض فيهما بسبب الشرع إذ جاءت هذه الشريعة بلغة العرب وكل شريعة لا تظهر إلا بلغة فيصير تعلم تلك اللغة آلة ومن الآلات علم كتابة الخط إلا أن ذلك ليس ضرورياً إذ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (1) أمياً

ناريمان الشريف 12-17-2020 05:34 PM

رد: إحياء علوم الدين .. (حجة الإسلام ) أبو حامد الغزالي
 
ولو تصور استقلال الحفظ بجميع ما يسمع لاستغنى عن الكتابة ولكنه صار بحكم العجز في الغالب ضرورياً

الضرب الرابع المتممات وذلك في علم القرآن فإنه ينقسم إلى ما يتعلق باللفظ كتعلم القراءات ومخارج الحروف وإلى ما يتعلق بالمعنى كالتفسير فإن اعتماده أيضاً على النقل إذ اللغة بمجردها لا تستقل به وإلى ما يتعلق بأحكامه كمعرفة الناسخ والمنسوخ والعام والخاص والنص والظاهر

وكيفية استعمال البعض منه مع البعض وهو العلم الذي يسمى أصول الفقه ويتناول السنة أيضاً

وأما المتممات في الآثار والأخبار فالعلم بالرجال وأسمائهم وأنسابهم وأسماء الصحابة وصفاتهم والعلم بالعدالة في الرواة والعلم بأحوالهم ليميز الضعيف عن القوي والعلم بأعمارهم ليميز المرسل عن المسند وكذلك ما يتعلق به فهذه هي العلوم الشرعية وكلها محمودة بل كلها من فروض الكفايات فإن قلت لم ألحقت الفقه بعلم الدنيا فاعلم إن الله عز وجل أخرج آدم عليه السلام من التراب وأخرج ذريته من سلالة من طين ومن ماء دافق فأخرجهم من الأصلاب إلى الأرحام ومنها إلى الدنيا ثم إلى القبر ثم إلى العرض ثم إلى الجنة أو إلى النار فهذا مبدؤهم وهذا غايتهم وهذه منازلهم

ناريمان الشريف 12-17-2020 05:35 PM

رد: إحياء علوم الدين .. (حجة الإسلام ) أبو حامد الغزالي
 
وخلق الدنيا زاداً للمعاد ليتناول منها ما يصلح للتزود فلو تناولوها بالعدل لانقطعت الخصومات وتعطل الفقهاء ولكنهم تناولوها بالشهوات فتولدت منها الخصومات فمست الحاجة إلى سلطان يسوسهم واحتاج السلطان إلى قانون يسوسهم به فالفقيه هو العالم بقانون السياسة وطريق التوسط بين الخلق إذا تنازعوا بحكم الشهوات فكان الفقيه معلم السلطان ومرشده إلى طرق سياسة الخلق وضبطهم لينتظم باستقامتهم أمورهم في الدنيا ولعمري إنه متعلق أيضاً بالدين لكن لا بنفسه بل بواسطة الدنيا فإن الدنيا مزرعة الآخرة ولا يتم الدين إلا بالدنيا

والملك والدين توأمان فالدين أصل والسلطان حارس وما لا أصل له فمهدوم وما لا حارس له فضائع ولا يتم الملك والضبط إلا بالسلطان وطريق الضبط في فصل الحكومات بالفقه

ناريمان الشريف 12-17-2020 05:36 PM

رد: إحياء علوم الدين .. (حجة الإسلام ) أبو حامد الغزالي
 
وكما أن سياسة الخلق بالسلطنة ليس من علم الدين في الدرجة الأولى بل هو معين على ما لا يتم الدين إلا به فكذلك معرفة طريق السياسة فمعلوم أن الحج لا يتم إلا ببذرقة تحرس من العرب في الطريق ولكن الحج شيء وسلوك الطريق إلى الحج شيء ثان والقيام بالحراسة التي لا يتم الحج إلا بها شيء ثالث ومعرفة طرق الحراسة وحيلها وقوانينها شيء رابع وحاصل فن الفقه معرفة طرق السياسة والحراسة ويدل على ذلك ما روي مسنداً لا يفتي الناس إلا ثلاثة أمير أو مأمور أو متكلف (1) فالأمير هو الإمام وقد كانوا هم المفتون والمأمور نائبه والمتكلف غيرهما وهو الذي يتقلد تلك العهدة من غير حاجة

وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يحترزون عن الفتوى حتى كان يحيل كل منهم على صاحبه وكانوا لا يحترزون إذا سئلوا عن علم القرآن وطريق الآخرة.


الساعة الآن 11:02 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team