منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الشعر العمودي (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=5)
-   -   حكاية قصيرة (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=24556)

زيد الأنصاري 04-04-2018 06:03 PM

حكاية قصيرة
 


حزنتُ ولم أجد قربي صفيا
فرحتُ لأنتحي ركنًا قصيا

جلستُ على ضفافِ البحر وحدي
لأقضي عنده وقتًا رخيا

أفكرُ في همومٍ حاصرتني
فصرتُ مشتتًا فردًا شجيا

وأدعو الله تفريجًا لكربي
ولم أكُ بالدعا رب شقيا

وبينا كنتُ في حالٍ بئيسٍ
وكان البحرُ رقراقًا بهيا

فإذ بغزالةٍ تنسابُ نحوي
فتكوي بالعيون السودِ كيا

وثم دنت على استحياءَ مني
فرد جمالها روحي عليا

تفيضُ ملاحةً وتميس غصنًا
وتمشي ظبيةً وتنير ضيا

وفاقت كل فاتنةٍ وزادت
حلاوتُها وما لبست حُليا

قد اكتملت فنونُ الحسن فيها
فأبدت منه وجهًا لؤلؤيا

منعمةٌ مرفهةٌ كساها
رغيدُ العيش سحرًا بابليا

وثغرٌ أقحوانيٌّ بديعٌ
كأن به شرابًا سكريا

لها خدٌّ يحار ُ المرءُ فيه
كسا الأزهارَ لونًا قرمزيا

فذاب القلبُ من وجد وشوقٍ
وأصبح نبضُه خفقًا قويا

وصرتُ مسَلِّمًا أمري إليها
كصوفي رأى يومًا وليا

وقالت لي أتسمحُ في سؤالٍ
سؤالٌ لن أزيد عليه شيا

أتعرفُ خالدَ الهندي أم لا؟
فقلت بلى فكم عشنا سويا

وكم أعطيته حبًا نقيًا
وبادلني به حبا نقيا

وكنا إخوةً في كل حالٍ
وكان لصحبتي بَرًا حفيا

كأن كلامَها عزفٌ رخيمٌ
وأن لصوتها نغمًا نديا

ولكن ما سؤالك عن صديقي
وكيف عرفتِ هذا الألمعيا

فقالت حبه أدمى فؤادي
وصرتُ بدونه أشقى صبية

أحب صفاتِه العليا وإني
لأذكرهُ غدوًا أو عشيا

فخالدٌ بنُ عبدالله شهمٌ
رحيبٌ صدرُه طلقُ المحيا

عطاياه يكلُّ اللفظُ عنها
فكم من منةٍ أسدى إليا

وخالدُ في الليالي السودِ بدرٌ
فأقصدُبحرَه الطامي السخيا

وفاق رفاقَه حلمًا وعلمًا
وإحسانًا وإخلاصًا جليا

أغرُّ بكل مكرمةٍ جديرٌ
أصيلٌ لم يزل حرًا أبيا

له قلبٌ نقيٌّ لوذعيٌّ
وإن لذكره عبقًا شذيا

وفيٌّ يَعجبُ الأصحابُ منه
فقلَّ بأن ترى فيهم وفيا

جزاهُ اللهُ عني كل خيرٍ
وبلِّغَه رضى المولى العليا

وألبسهُ من التقوى ثيابًا
كما أسدى من النعمى إليا

وأسكنهُ جنانًا واسعاتٍ
يعيشُ مخلدًا فيها رضيا

عليك أمانةٌ مني إليه
تبلغه سلامي والتحية

فقلتُ أنا أحقُّ بذاك منه
فلم يكُ خالد مثلي غنيا

ولي في البنك أموالٌ وخيرٌ
وخالدُ لم يكن يومًا ثريا

صحيحٌ أنني شيخٌ كبيرٌ
ولكن ما يزالُ القلبُ حيا

وإن الشيخَ خيرٌ من شبابٍ
فقيرٍ لم يحُز قلبًا فتيا

دعيه وأَقبلي عندي ملاكًا
نعيشُ سويةً عيشًا هنيا

سأعطيكِ الجواهرَ لامعاتٍ
وحتى تهنئي شبعًا وريا

فهاجت ثم ماجت ثم قالت
وقد نظرت إلى شيبي مليّا

أأنت كخالدٍ؟ هزُلت وهانت
وهل يعلو الثرى فوقَ الثريا

لقد أصبحتَ في نظري جهولاً
ولم أرَ قط مثلك مفتريا

أتهزأُ بي لأنسى ذكرياتي
تغالطني فتلوي الحق لَيا

فيا ندمي على صدقي لأني
ظننتُ بأنك الشيخَ التقيا

وحين رأته عن بعد تولتْ
على عجلٍ ولم تنظر إليا

فقابلها بحب واشتياقٍ
طواها بالذراعِ الرحبِ طيّا

نظرتُ إليهما بأسًى وحزنٍ
لوحدهما وقد خلَصا نجيا

فزاد القلبُ فوق الهم همًا
وفاز بها وكنتُ أنا الضحية

فثار البحرُ واضطرم اضطرامًا
وصار لقصفً موجتِه دويا

فآذاني وبلل لي ثيابي
وعاقبني بما كسبت يديا

فعدتُ أجر أذيالي كئيبًا
أعضُّ أصابعي خجِلاً حييّا

حزنتُ ولم أجد قربي صفيا
فرحتُ لأنتحي ركنًا قصيا



الساعة الآن 09:57 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team