منتديات منابر ثقافية - ألا تزورين عيني

ألا تزورين عيني قد بكت رحم *** منكِ الهوى رضعت حتى غنى بشَمُ

لا أعرف الآن من بُعدٍ بها ألماً *** أدواء داءٍ بنا فالطب والسقم

رفقاً بقلبٍ وقد غصَ الجوى بشماً *** في ثغرها شرِقت من حُسنها لقم

ولا يلام الفتى مرت به وهوى *** وقد هوى طمعاً في راكبٍ عَلَم

تخالها زينةً في متحفٍ عجباً *** لولا تسير بها في شارعٍ قدم

خُرس اللسان وقد مرت بهم بُلغٌ *** واحسرةً إن ثنت في من بهم بكم

فصحى اللغى لسنٌ قد خلتها عجماً *** قالت بنا يا فتى من قبلها صمم

قد خلت نفسي بها في إثرها شللٌ *** حتى بدا واقفاً في رسمها قلم

قد روضت فرساً في ملمسٍ يدها *** كفاً على كفها تبكي النوى لجم

إن مُجمعٌ أنت مع عينٍ بها كملاً *** علمت أن النسا من بعدها لمم

إن صاب بحراً بصاقُ من لمى فمها *** صار القِرى عسلاً في آكلٍ أمم

واهاً بكى فمها إن جاء في بتلا *** ت الورد في خدها من ضربها ورم

تكلمت قسوةً مع جازرٍ هلعاً *** فرأفةً نطقت عُرباً لها غنم

فاضت سناً وبدت في عينها قمراً *** حتى خشيت بها أن تغرق القمم

حزنٌ الوغى إن تجيء الناس في بلدٍ *** فكيف إن عينها ضاءت بها عمم

لو لم تكن عينها حرباً محرمةٌ *** رأيتها ركعت سلماً لنا عجم

فإن تقول سلاماً على شاكٍ به دنفاً *** فحاله كاذبٌ إن قال بي ألم

لولا قضاءٌ مضى بالله من زمنٍ *** لطاف في ظلها في سادرٍ حرم

ولو قضت مجلساً من ريحها عبقٌ *** لما بقت مجرماً في محكمٍ تهم

إياك في كعبها من نيله طمعاً *** هذا طويل الورى في طَولها قزم

فإن دعوت من الله الكريم جَداً *** هيهات إن شُكرت من بعدها نعم

إن طيفها كان شيئاً في يدٍ ليدٍ *** أمانةً خانها بخلاً بها كرم

إنَ القلوب التي مادت بها خبلاً *** بريئةٌ غيرها في العقل متهم

لو أمرها عُكست فيه على شبهٍ *** فحُسنها حَسنٌ من شخصها شيم

لو كان يحصى جمالٌ آنسٌ عدداً *** لضاع تيهاً على طولٍ بها رقم

شريانها يا تُرى جاءت به فُرجٌ *** قد حار في جلدها من شفه حكم

ما خلت أنَ الهوى يأتي بشعوذةٍ*** حتى هواءاً بكى خلخالها نغم

كان الجمال على غيرٍ بها ثبتاً *** إذا به يومها في غيرها عدم

عيون دهرٍ رأت لحظاً لها خطلاً*** فاستيقنت نفسها أن صابها الهرم

صفات قومٍ لهم في ضربهم مثلاً *** فاليوم في ضربهم من فوتها ندم

إن جاء في نسماتٍ سوء غاربةٍ *** حشاشةٌ إن بقت في إثرها حشم

نسيم نبضٍ فؤادي إن تسير به*** وئيد موتٍ وقد سارت بها نسم

فليت من دون ناسٍ لي بها سلماً*** فلا أبالي وإن في الشمس تختصم