لماذا يسرق الطفل؟ د. زياد الحكيم
السرقة في ابسط معانيها هي ان نأخذ شيئا يملكه شخص اخر دون اذنه. والسرقة هي سلوك مألوف عند الاطفال بشكل عام. وكل الاطفال تقريبا يأخذون ما ليس لهم في وقت من الاوقات. ومع هذا فان السرقة سلوك يزعج الاهل ويسبب لهم قلقا على مستقبل الطفل السلوكي العام. فهم قد يشعرون ان الطفل السارق قد يكون على الطريق ليكون في المستقبل مجرما محترفا. ولكن علماء التربية يطمئنون الاهل بان الاطفال الصغار الذين يسرقون احيانا يتخلصون من هذه العادة عندما يكبرون. ومع ان علماء التربية يقولون ان هذه العادة طبيعية الا انهم يقولون ان على الاهل ان يسعوا الى مواجهتها وتصحيحها. |
أخي الكريم سلام الله عليك قرأت مقالتك التربوية باهتمام .. وأعجبتني طريقة التعامل مع الطفل الذي يسرق لتوجيهه إلى السلوك السوي وردعه عن فعلته أما قولك : ( يجب ان يسمي الاهل السلوك الخاطئ باسمه الحقيقي – سرقة. ان تسميته باسم استعارة مثلا لن يفيد في تعليم الطفل بان السرقة سلوك خاطئ. ) ألا ترى أن تسمية هذا السلوك ( السرقة ) باسمه الحقيقي قد يسيء إلى سمعة الطفل وبالتالي يؤثر على نفسيته مستقبلاً ؟ وهل هذا الفعل هو سرقة بالفعل ؟ لماذا لا يكون هذا الفعل ردة فعل تجاه إهمال أو قد تكون حاجة فعلاً .. أو أي شيء آخر أرى والله أعلم أن نقول أن نستخدم المصطلح الألطف والأرق من كلمة ( سرقة ) فقد نقول أخذ أشياء لا يجوز أخذها .. أو تصرف بطريقة غير لائقة .. أو أي شيء آخر كل الاحترام ... مقالة جيدة تحية ... ناريمان |
الاستاذة ناريمان:
(وهل هذا الفعل هو سرقة بالفعل ؟ لماذا لا يكون هذا الفعل ردة فعل تجاه إهمال أو قد تكون حاجة فعلاً .. أو أي شيء آخر) - طبعا السرقة قد تكون نتيجة اسباب كثيرة ولكنها تبقى سرقة بالرغم من تعدد الاسباب. ويجب ان لا نخلط بين السرقة كفعل واسبابها. هذا من ناحية. من ناحية اخرى انا مدرك للاثار السلبية التي يمكن ان تترتب على نفسية الطفل وعلى سمعته. ولكن هذه الاثار ممكنة اذا اعلنا على الملأ ان الطفل سارق. وهذا لا ادعو اليه على الاطلاق. هناك من يدعو الى اجبار الطفل على اعادة المادة المسروقة الى صاحبها. وهذا قد لا اوافق عليه خوفا على سمعة الطفل. ولكني ادعو الى ان يكون فعل السرقة غير المقبول واضحا في ذهن الطفل وضوحا كاملا. اشكرك جزيل الشكر على اهتمامك وملاحظاتك القيمة. ويبقى الموضوع معقدا ومفتوحا لوجهات نظر متعددة. |
د. زياد الحكيم
موضوع مهم جدا انا اعاني من هذا الشيء في المدرسة وخاصة تلاميذ الاول نتصل باولياؤهم ولكنهم لايساعدوننا وينكرون هذا الفعل ياريت لو عندك حلول اكثر بهذا المجال مودتي |
صباح الورد
أستاذي الكريم هناك الكثير من السلوكيات السيئة التي يقوم بها الراشدون ترتكز في معظمها على معالجة خاطئة و ردات فعل غير محسوبة لأفعال قام بها الطفل و منها الموضعين الأكثر خطرا السرقة و الكذب .. فلا الشدة تنفع هنا لأنها تؤسس لانهيار في منظومة الطفل النفسية بحيث تتكون لديه عن ذاته صفة سلبية بأنه حرامي و يسلك السلوك التعزيزي لهذه الصفة خصوصا أن رأي الكبار بالنسبة للطفل مهم جدا أو لنقل أساسي أيضا لا ينفع اللين مع هذه الحالة لأنه يعطي الطفل الانطباع بسهولة هذا العمل و مشروعيته في بعض الأحيان و في كلا الحالتين النتيجة واحدة فالسلوك المنحرف في الطفولة يؤدي إلى جانح مستقبلي برأيي يجب ان نعلم الطفل مفردة أساسية و هي لا تظلم و أن نجمل تحت هذا البند كل فعل مخل بالعهد الاجتماعي فالسرقة أو الكذب هو بشكل أو بآخر ظلم لإنسان آخر بسلبه ما يملكه .. طيب ما رأيك بمن يعلم طفله كيف يستدر عطف الآخرين و شفقتهم أو كيف يتسول ؟ أليست هذه سرقة مبطنة ؟ موضوع رائع تحيتي لك يا دكتور |
نسخة لمجلة منابر ثقافية مع الشكر و التقدير
http://www.mnaabr.com/articles.php?action=show&id=304 |
طرح جميل وبسيط ، لقضية تربوية هامة ... تضع المشكلة والحل بلغة علمية هادئة .. د. زياد الحكيم / بارك الله في قلمك ... مع تقديري واحترامي ... |
بارك الله فيك د . زياد موضوع في غاية الأهمية ويمس المجتع من أسباب السرقة: هو جهل الطفل بمعنى الملكية الخاصة، وبالتالي أنه ما دام ليس عنده مفهوم الملكية الخاصة، فإنه لن يستطيع أن يميز بين ما يملكه وبين ما لا يملكه. كذلك القدوة السيئة كالأب أو الأصدقاء أو الإخوة كانموذج مستحسن، ويكون أحدهم سارقاً، ثم يجيء فيحكي أمام الأولاد كيف أنه خدع صاحبه، أو كيف أنه أخذ منه شيئاً من غير أن يحس، ففي هذه الحالة سيقدِّم أنموذجاً يحتذى به، كذلك رد فعل الأسرة حينما يسرق الطفل شيئاً من أحد زملائه في المدرسة فمن المفترض أن يقوم الوالدان بالتحري عن هذا الأمر، واغتنام تلك الفرصة لتفهيمه حدود ملكيته وملكية غيره، وتحريضه على إعادة هذا الشيء إلى صاحبه. قد يكون أحياناً من أسباب السرقة الابتزاز، خاصة إذا كان للطفل قدرات عقلية فوق المتوسط، فبعض الناس قد يبتزونه حتى يقوم بالسرقة ويؤدي إليهم ما يسرقه. كذلك إسراف المربي في العقوبة دون النظر إلى الدوافع التي دفعت هذا الطفل إلى السرقة، وفضيحته أمام الناس وأمام الآخرين: هذا حرامي .. هذا لص .. هذا سارق فإذا كان هذا الطفل عنيداً سيستمر في التحدي، ويتمادى في هذا السلوك. إذاً: السرقة أو خيانة الأمانة هي في الحقيقة سلوك اجتماعي مكتسب لا يمكن أبداً أن يظهر بدون سبب! هذه فطرة سليمة، صعب جداً أن يصدر منها شيء تلقائي مثل هذا، لكن هي ستكتسب من الجو المحيط بهذا الطفل والذي ينشأ فيه. السرقة بالنسبة للأطفال هي: امتلاك الطفل شيئاً ليس من حقه بعيداً عن عيون أصحاب هذا الشيء وبدون إذنهم، لكن أهم شيء ولا بد أن نلتفت إليه في هذا الموضوع منذ البداية: أن السرقة صفة مكتسبة، فليس هناك طفل يولد مائلاً إلى السرقة، لكن البيئة التي يتربى فيها ويتفاعل معها هي التي تُرسِّخ فيه هذا النوع من الخيانة أو هذا النوع من تضييع الأمانة عن طريق السرقة، فلا بد أن ننظر في الأسباب والدوافع التي تؤدي بالأطفال إلى التلطخ بظاهرة السرقة وهناك أحياناً أسباب مباشرة تدفع الطفل إلى السرقة، فيمكن أن يكون الطفل فقيراً، وتنقصه الاحتياجات الأساسية.. جائع.. عطشان.. يحتاج إلى شيء من هذه الاحتياجات، فهو يسرق ليأكل، بالذات إذا كان هذا الطفل الفقير يخالط أطفالاً من أبناء الأثرياء، فيشعر بالحرمان إذا قرن حاله بحالهم، وهو لا يجد الأكل أو الشراب أو الأشياء الأساسية، فيرى أن السرقة في هذه الحالة تشبع احتياجاً أساسياً، إذاً: السرقة هنا لسبب مباشر كما ذكرنا. قد يكون من دوافع السرقة إشباع رغبة أو عاطفة أو هواية عند الطفل، فمثلاً: يريد أن يلعب وليس عنده لعبة، أو عنده رغبة في اللعبة التي في يد الطفل الفلاني فيسرقها ليشبع رغبة اللعب، أو يكون الدافع عاطفياً كأن يكون ارتكب خطأً تافهاً فعاقبه أحد الوالدين عقوبة شديدة لا تتناسب مع حجم هذا الخطأ، فيبدأ يسرق كوسيلة من وسائل الانتقام من الوالدين، أو الانتقام من المدرس إن كان هو الذي عاقبه بأكثر مما يستحق. ومن الدوافع: فقدان حب الأسرة؛ لأن الأسرة قد تخل في إشباع هذا الطفل من الناحية العاطفية بالحب والحنان ونحو ذلك، كأن تكون الأسرة لا تتمنى وجود هذا الطفل في الحياة لسبب أو لآخر، فإذا كان الطفل غير مرغوب فيه فهذا ينعكس على سلوكيات الآباء نحو هذا الطفل بالذات، وبالتالي لا يبذلون له الحب أو الحنان أو العاطفة التي هي من حقه، فيشعر الطفل بأنه منبوذ. قد يكون من الدوافع: شعوره بأنه قادر على النيل من أعدائه، أو الأولاد الذين يغيظونه أو يعادونه، فعندما يسرقهم يشعر بالانتصار؛ لأنه استطاع أن ينال منهم، ويدعِّم توكيد ذاته، وخاصة إذا كان غير محبوب من زملائه. كذلك عندما يكون زملاؤه لا يحبونه ويؤذونه وهو مستضعف بينهم، فربما يسرق ليهدي إليهم الهدايا، فيحصل على حبهم أو على عطفهم، فيمكن أن يكون الدافع: أن يرغب في كسب زملائه، فيسرق كي يعطيهم الهدايا. ويمكن أن يكون هذا الطفل فاشلاً من الناحية الدراسية، فيبدأ يسرق كنوع من التعويض عن هذا الفشل. قد يكون هناك نوع من سوء التوافق الاجتماعي؛ لأن سلوك (الشلة) المحيطة به من أصدقائه منحرف، فيأخذ منهم هذه الأخلاق. |
الاستاذة منى شوقي غنيم - شكرا على الاهتمام والمتابعة.
وضعت يدك على عدد مهم من الاسباب التي تدفع الطفل الى السرقة على رأسها عدم قدرة الطفل على التمييز بين ما هو ملكية عامة وما هو ملكية خاصة. هنا يتعين على الاهل بذل ما هو ممكن من الجهد لتعريف الطفل بمفهوم الملكية واحترامها. بهذا التمييز يجنب الطفل الكثير من المشكلات التي قد يكون لها اثر على صحته النفسية وحتى على مستقبله. |
الساعة الآن 02:09 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.