منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=9)
-   -   الإنسان والنجاح (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=11293)

ياسر علي 06-08-2013 02:14 AM

الإنسان والنجاح
 
قد لا يكون النجاح على الدوام مقترنا بكثرة الإنجازات و عديد الألقاب و غزارة العلم و تعدد الأبناء و تعاظم الثروة ، و السعي الدؤوب . النجاح هو التعرف على الذات و القدرة على توزيع الجهد بما يحقق لها التوازن والنمو والتطور ، إن إرهاق النفس و إكراهها على التفاعل مع ما يضنيها يؤدي بها إلى فقدان المتعة في الفعل و مكننة سلوكها ، في الوقت ذاته عند جنوح النفس إلى السلبية و تجاهل الحياة يجعلها عرضة للإكتئاب و التموضع على الهامش .
الإيمان بعدم وجود إنسان كامل و لا إنسان عاجز اثنتان من المسلمات اللتان يجب ترسيخهما في نفسية الإنسان إن أراد النجاح في حياته ، فالإيمان بالكمال عقدة غرور والإيمان بالعجز عقدة ضعف ، تجعلان الإنسان يفقد التوازن ويأتي بسلوكات لا تعبر عن النجاح ، الذكاءات المتعددة والفروق الفردية معادلتان لايمكن القفز عليهما في حياة الإنسان ، فنجد الفرد منا يتقد ذكاء في خبرة معينة و غباء في موطن آخر ، فالناجح من لا يغتر بذكائه الباهر في جزئية من جزئيات الحياة ، و لا يستسلم لغبائه في موقف من مواقفها فيقعد صريع اليأس والعجز .
كثيرا ما يستغرق البعض في عمل حتى يحقق فيه نجاحا كبيرا ، فنحصل على رياضي ناجح أو فنان ناجح ، كاتب ناجح أو فزيائي ناجح ، خطيب ناجح و غيرها من الحرف والمهن والهاويات لكن لو بحثت عن الإنسان فيه وجدته غائبا متواريا خلف هالة غرور ، و نجد في الحين ذاته منحرفا ، متسكعا ، تائها ، سارقا ، مجرما ، معقدا استسلم لضعفه و جبنه ففارقه الوجه الإنساني .
إن بحثت عن النجاح فاسأل عن التوازن ، و لا تنسى أنه قريب من البساطة وفيه قسط من الحكمة و التعامل بمرونة مع الصعاب و عدم تضخيمها ، والاستمتاع بالرخاء دون عربدة ، الناجح يهادن ما يريبه و يتفاعل مع ما يؤنسه ، يطور من مهاراته غير المتمنعة ، و لا يسعى إلى الظهور على غير حقيقته ، يعرف متى ينخرط في الشيء ومتى يتوقف ، لا تركن نفسه إلى استغلال الناس و لا كثرة الانبطاح للغير .
الناجح يتفهم ، ويسعى في حاجة غيره دون أن ينسى واجبه نحو ذاته ، الناجح محب لا يتصف بالكراهية ، ينفس عن قلقه بضحكة وبسمة ، و إن أحس في نفسه ضيقا غير المكان أو مارس الرياضة .
الناجح هو من حافظ على انسانيته .

ايوب صابر 06-09-2013 09:00 AM

اعجبني مقالك وانتظر منك المزيد.

ياسر علي 06-10-2013 05:54 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ايوب صابر (المشاركة 148222)
اعجبني مقالك وانتظر منك المزيد.




شكرا لك أستاذي على اهتمامك بالمقالة علما أنني غالبا أتحاشى المقالات العلمية التي يجب أن تستند إلى أسس علمية دقيقة و يحتاج تحضيرها إلى البحث والتنقيب ، لكن احيانا يأخذنا الفضول إلى تدوين انطباعاتنا و لو في الأشياء العلمية .

ياسر علي 06-10-2013 06:40 PM

[size="5

مصدر المعاناة


الإنسان بطبعه ميال إلى الأشياء التي تجعله يحس بالارتياح في الوقت ذاته يبتعد قدر المستطاع عن مصادر الإزعاج . المحبوبات عند الفرد منا ليس لها على الدوام ذلك الطعم الحلو الذي نحلم به إذ تفاجئنا أحيانا بمتاعب لم تكن في الحسبان ، مما يخلق عند الفرد ذلك التذبذب بين حب الشيء و عدم الرغبة في التورط في مطبات هامشية يمكن أن تنتج عنه .
تكرار التردد وعدم القدرة على الإحساس بالأمان تغذي سلوك الحيطة والحذر و عدم الثقة بالغير ، هذا السلوك إن لم يعالج بسرعة هو مقدمة لفقدان ميزة الانفتاح والإقدام التي بها تستشرف النفس البشرية العوالم الجديدة التي تعطيها القدرة على الاستمرارية بكبحها للرتابة وإنعاشها للآمال .
عند اشتغال آليات التوقع السلبية تزداد حدة الخوف من كل ماهو مجهول فتبدأ المعاناة بتقلص مساحة المحبوبات و اتساع المرفوضات نظرا لضيق دائرة الاستكشاف و حب الاستطلاع والفضول . عندما تترسخ هذه المعاناة مع الوسط الخارجي وتستحكم ينمو الإحباط واليأس فيؤمن الفرد بعدم قدرته على التفاعل الإيجابي مع محيطه فيتحول صراعه إلى محاسبة للنفس و هنا تبلغ المعاناة مداها الأقصى حين يفقد الفرد ثقته بنفسه وذاته و ينخرط في متاهة تؤدي به إلى اختلال توازنه النفسي .

[/size]

ياسر علي 06-15-2013 04:17 PM



هل أنت ضعيف ؟
بعيدا عن علم النفس وتحليلاته العميقة ، وعن التنمية البشرية والبرمجة اللغوية العصبية والصور الذهنية و التمثلات والتصحيح المرتبط بالتكرار والتدريب ، وبعيدا عن لغة الاقتصاد والإنتاجية ن وبعيدا عن التفسير الديني ومعيار الأخلاق ، وبعيدا عن منطق الفزيولوجي والصحة الجسدية ، و بعيدا عن قوة العقل ومعدلات الذكاء ، وبعيدا عن أشكال عديدة تميز بين الضعف والقوة .
عد إلى نفسك وذاتك ، متى أحسست أنك في هدنة وارتياح مع ذاتك و نفسك ، فأنت في أقوى لحظاتك و وأنت في أبهى صورة ، لا لوم فيها ولا نشوة زائدة ، عد إلى نفسك وافهم وضعك بموضوعية ، فكل آمال زائدة عن اللزوم مجرد وساويس قد تحبطك أكثر مما تقويك ، إذا كانت حياتك فيها نشاط وحيوية مبالغ فيها فاعلم أن شيئا غير منسجم يقتحم حياتك ، عاجلا أم آجلا سيتعبك بإتعاب من حولك ، إذا كنت كسولا ويغلب العجز على كثير من أفعالك فاعلم أنك فريسة للضعف ، إن لم يكن لك مشروع أو جملة مشاريع متناغمة وتعمل عليها بنفس طويل فأعلم أنك في صلب مشاريع الآخرين و أنك ضعيف ولو أظهرت كفاءة عالية ، إذا انشغلت بمشاريعك وتناسيت الآخر واعتبرته معطلا لطموحاتك ، فاعلم أنك أناني و لست اجتماعيا فكل نجاحاتك لن تطفئ شغف إرضاء أنانيتك و تكون دائما ضعيفا أمامها .
إذا كانت أعمال وأقوال الناس تحبطك وهنا لا أتحدث عن الإنفعال البسيط بل عن الإحباط ، أو حتى تزيد من نشاطك بلا حدود ، فاعلم أنك تقرن فعلك بالآخر وأن أفعالك مجرد ردود أفعال متى سيطرت عليك كنت من الضعفاء ، إن فهمتم قصدي دون أن أكثر من الأمثلة فالقوة هي مجرد توازن أنت تعرفه وأنت من سيساعد نفسك على إيجاده ، لأنك الوحيد الذي يعيش معطياتك ، ولا أحد يستطيع تقمص دورك ، كل خلل في توازنك بافراط أو تفريط ، هو بالضرورة مقدمة لحالة ضعف .





ياسر علي 06-29-2013 01:36 PM



لماذا تستمر الحياة ؟

رغم قصر عمر الإنسان مقارنة وأعمار الحضارات و بعض النباتات دون ذكر الكواكب والمجرات ، تأتي على الفرد منا أحيانا أسئلة من قبيل استفهام النص . هذه الاستفسارات تصاحب لحظة التأمل النابعة من آلام دفينة لم تستطع النفس كبتها فتتحول إلى بؤر تتفجر كلما سكننا ركود الملل ، تلك الرتابة القاسية تجبرنا على محاولة فهم حياتنا التي تجندلنا و تبعثر منطقنا و تغالب صبرنا فلا تسعفنا تجاربنا وخبراتنا المتراكمة و لم تمنحنا الصلابة الكافية لتجاوز مرارة المواقف و العوائق .
لعل ما يجعل الحياة تستمر وتمنحنا بعض اللحظات الجميلة مبلسمة جراح الأوقات العصيبة إلا لتجعلنا نقف على قصورنا على الفهم و الإدراك والفعل ، فالإنسان مهما بلغت به المعرفة وحتى القدرة تعريه الحياة وتجرده من كل خزائنه عائدة به إلى نقطة البداية ، حين كان طفلا لا يستطيع كبح دموعه مع إحساس بضعف وغبن شديدين يفوقان مرارة الفطام .
تستمر الحياة لتهين كبرياء الفرد و تستفز عبقريته لتفرغها من مضمونها الحي ، تستمر الحياة ليشاهد الفرد منا كل ما اعتبره يوما ذا قيمة يهوي به سلم الدركات ليصير تافها وضيعا ، تستمر الحياة ليعيشها الأفراد بنسب لا تتفاوت كثيرا بألوانها الحقيقية ، فيعرف الحلو والمر ، العز والذل ، القوة والضعف ، الحب والكراهية .. تستمر الحياة لتجردنا من الإحساس فتصبح قلوبنا جوفاء لا تتأثر ولا تملك التأثير ، تستمر الحياة لتجعلنا كالماء ، نستسلم لتشعباتها فيجري إن انحدر ويركد إن استوى ولا يستطيع أن يجرب العلا إلا عندما يتبخر و يستسلم للريح تعصف به أينما شاءت .

و رغم هذا فنحن نموت حبا في الحياة ، ونريدها أن تستمر وأتمنى لكم حياة مستمرة .








ياسر علي 06-30-2013 03:58 PM



هل نتغير أم تغيرنا الظروف ؟

لا شك أن ثمة علاقة جدلية تحكم شخصياتنا بوسطها ، بل أشك أنها متكافئة بين تأثير وتأثر ، بل أحس أحيانا أننا مجرد نسخ لظرفنا ، إن كانت حرية الفرد منا مرتبطة بقدرته على تغيير الطبيعة ، فتكون الحرية هي مقدار ذلك الاثر الإيجابي الذي يحدثه الشخص في محيطه ، أي أن الفرد يناضل ضد الطبيعة ويغيرها وبذلك يكتسب حريته ، إن كانت هذه المقولة موفقة فقليلا ما نجد بين الأفواج الآدمية أناسا أحرارا ، أو ناجحين في رسالة الحياة .
أعود إلى قدرة الوسط على قمع مشكاة الذوق في حياة الأفراد ، عايشت أناسا قرويين غادروا إلى المدينة ، تمدنت مظاهرهم واكتسبوا نوعا من المدنية في أفكارهم ، ومع أن الهجرة تكون في ربيع العمر ، فطاقة الفرد تكون في أحسن أحوالها ، فيسهل عليه تغيير طباعه واكتساب سلوكات جديدة بيسر ، فعندما يعود زائرا للبادية ، تجده يحاول أن يكون له أثر في حياة البدو و محاولة تغييرها ، نفس الشخص وما أكثرهم ، حين ترغمه الظروف على العودة للعيش في البادية ، تدرجيا يفقد ما اكتسبه من السلوك المدني ، لتبدأ البداوة في اكتساح مظهره ومأكله ومشربه و مسمعه ولسانه ، بل حين يستغرق أمدا في الأرياف تكون عقليته أكثر تحجرا من البدو أنفسهم .
لوكان التغيير سهل المنال لاستطاع كل جيل خلق عالمه الخاص ، التغيير يحصل بشكل تراكمي ، فمهما ادعينا الثقافة والفكر والحضارة ، فبؤر التخلف في أعماقنا لا يسهل كنسها ، كنت يوم في مجلس نناقش فيه المقاربات الجديدة في التنمية ، كلنا استلطفنا الدروس النظرية المستندة على التشخيص وصياغة الأهداف والتخطيط والقيام بدراسات فعلية وغيرها من أدبيات المشروع ، لكن عندما وصلنا إلى تفعيل النشاط التنموي ، وجدنا أن تلك النظريات على أهميتها غير قابلة للتطبيق الأمثل في واقعنا لأنها مبنية أصلا على معطيات الدول المتقدمة ، أما نحن فكل ما نملك في رصيدنا هو تخلف أساليب التنمية ، فبدأنا نسقط نفس الأساليب على أوراش الإصلاح ، فلا نحصل في النهاية إلا على تخلف آخر .
في المدرسة تتناسل المقاربات البيداغوجية المبنية على أسس علمية متينة ، وأساليب واضحة و وتستثمر أموال هائلة على تنزيلها في تكوينات ومناهج جديدة ومقررات منقحة و مواكبة و دعم وغيرها ، لكن عند المخرجات ، لا أثر لكل ذلك الزخم التنويري ، بل لا تزال المدرسة في انكسار مستمر ، لأن التغيير ليس رتوشات على قطاعت بل منظومة مجتمعية متكاملة فمهما غيرت من الأساليب سيبقى التخلف ينتج التخلف .
رجوعا إلى العلاقة الجدلية الغير متكافئة ، فالطبيعة فينا أقوى من أن ينالها التغيير ، لأن كل تغيير يفرض علينا هجر مسببات التخلف التي أحيانا نعتبرها من محاسننا ، لا يستطيع من تقوقع على ذاته أن يكتسب سلوك المدنية ، ولا يستطيع من لم يناضل ضد الطبيعة أن يغيرها ، لذلك سنبقى دائما بلا حرية .






الساعة الآن 01:21 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team