السرعة القاتلة
 

لسرعة القاتلة:45:
وضع رأسهُ على مقود السيارة
انخرط في نوبة بكاء شديدة
أفاق على كابوس مرعب
تفصدت لهُ مفاصل جسمه من الخوف، سمع ضربات على نافذة السيارة، نظراتهُ لم تكن متوازنةُ يبدو عليه الاضطراب فهل هو واقع تحت تأثير مخدر ؟ فكان ذلك هو سبب تهوره، ترجل من السيارة لم تقو قدماه على حمله فتهاوى على الأرض ـ رفع بصرهُ إلى السماء في دعاء حزين صامت لا يسمعهُ أحد ـ أخذ ينظر في جميع الاتجاهات شمالاً وجنوبًا شرقاً و غرباً إلى أن وقع بصرهُ علي ـ فشق صفوف الحشود التي كانت تطوق المكان.
قرع نافذتي، ناولني قلم ثم سقط بجوار قطع اللحم المتناثرة على الإسفلت .
حادث مؤلم أوقفت لهُ الشرطة حركة المرور إلى أن حضرت سيارة الإسعاف و قامت بجمع أشلاء ذلك العامل المسكين الذي مزقتهُ ضربة السيارة لدرجة أني تخيلتُ أنهُ كان في السماء طائرٌ ـ خطف قلبهُ و عاد بهِِ إلى موطنهِ الأصلي!
أفاق الرجل و هو يقول لا حول ولاقوة إلا بالله ــ حسبي الله ونعم الوكيل، وُضعت الأصفاد في يدهِ ـ قادهُ الشرطي إلى جيب الشرطة الذي كان يقف بجوار محطة الوقود .
أخذت أقلب القلم في يدي شعرتُ أنهُ قطعة حديد سُحبت من جحيم فأحرقت قلبي قبل أن تحرق جلدي !
تسللت كلمته إلى أذني و هو يقسم أنهُ لم يبصرهُ ؟ أنا إنسان (ألقط ) رزقي غاب جسمهُ عني مثلما غابت روح ذلك العامل الذي كان يريد قطع الطريق متوجهًا إلى عمله في المحطة ـ مصدر رزقه و جمر غربته .
كنت محتاجًا إلى النقود فالبيت خالٍ من الدقيق و الزيت والطماطم و البصل و الجبن والخبز فظل نظري منصبًّا على مجموعة من العمال الذين يقفون على الشارع الثاني فكنت متوجها إليهم بسرعة قبل أن يسبقني إليهم أحد من سائقي الأجرة .
خرجت زفرة حارقة من جوفه فبدل أن يعود إلى بيتهِ و لو بالقليل ـ رمى على عاتقهم حملًا ثقيلًا
أقوالهُ لن تخلي سبيلهِ بعدما وضح لهُ قائمة المخالفات التي عليهِ: مخالفة بعدم ربط حزام الأمان و مخالفة بالسرعة ومخالفة عدم وضع الكمامة التي أضحى سعرها أغلى من عشرة أكياس من الخبز و عقوبة القتل فمن أين كل ذلك؟!