منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   سكتةٌ ..وإيقاع جديد (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=14817)

زياد القنطار 10-07-2014 10:49 PM

سكتةٌ ..وإيقاع جديد
 
سكتةٌ ..وإيقاع جديد

لمْ يكنْ يومي مختلفاً عنْ سابقهِ, يتلمَّسُ خطاهُ ويمضي، وأستعدُّ لوداعي المعهود. ألوّحُ بيدٍ وأستقبلُ شبيههُ بيدي الأخرى. هو...هو ذاتُ الصمت, وذات البرودة. أتدثرُ خرقي البالية معلناً هزيمتَهُ بهزيمةِ برودتهِ, وأفجِّرُ بصمتهِ الحياة بكسرةِ رغيفٍ أتلذذ بمداعبتها. يُطرِبني أنينُ جُزئها المكسور تحت وطأة أصابعي. تئنُ , وأكسرُ, ويستقيمُ اللحنُ وأطربُ. يقترب رغيفي من محاكاة لوحتي المتكررهُ, ويعجٍّل جوعي اكتمالها. وتبدأ أسناني عزفها المنفرد بما تبقى منها, لحن وداعٍ على مذبحِ الجوع..!

عندما موسقوا أذني بعمليةٍ إسعافيةٍ على أثر نوبة احتجاج كانت قابَ قوسين أو أدنى من أن تتحولَ إلى تمردٍ بالمطلق..قالوا لي: إنهم قاموا بغسلها، وتنظيفها من كل النغمات المتمرده, وولفوها لكي تتناغم مع رتم نزلي الجديد..ألغوا منها كل المقامات وابقوا على ذلك المقام الذي ينثرُ الحزنَ والألم مع رجعِ ناي أنسَ حفيفَ ذكرى غافية فوق فوهة الأيام...

الزمنُ هنا لا يشابه تفاصيله..عقاربُ ساعاته تتبادل مواقعها سخرية منه, وربما للفت نظر من أشاح الطرف عنها..التاريخ لا يتعدى ذلك اليوم الذي استُقبلت فيه هنا.

أرقام فوق رأسك على جدار غصَّ بمثلها حتى تخاله صنع منها...!!؟ الحساب لا يخضع لقواعده، وكل حسبة معطلة إلى أن تغادر ذلك الباب، علم الفلك في إجازة مفتوحة، فالشمس لن تلامس عتبات صباحك، ولن يحتضنها المساء, فكلاهما في العدِّ سواء..!!!!

خارجاً بدأ العزف السمفوني ..أبواب تفتح وتغلق وتجرَّد من سلاسلها. ما تبقى في رئتي من هواء أدفعه في حنجرتي استعداداً لانخراطي في جوقة الغناء الأوبرالي, وهنا لايهم نوعية الصوت وعربه ونقاوته، أنت مشارك شئت أم أبيت. مساحات صوتك, قراره, وجوابه, يتحكم بهما الزمن الفاصل بين جلدة سوط وأخرى..!!

أردفت كومة العظام فوق قدميَّ تجاسرت بخوفي, وبوقفتي كما كل يوم خلف ذلك الباب. أستعد للقاء أدرك كامل تفاصيله!!!!

نشز اللحن وتجاوزني (المايسترو) وسكتة أوقفت العزف والصوت, وبدأ لحن ما ألفته...!! إيقاع الباب...وقع الخطى..وسلاسل ترسل نغمة أقل ما أعرف عنها أنها ليست نغمتي ..احتضنها الصدى ولم تلامس أذني.

بصوته الذي نُزع منه الرعب هذه المره ..ناداني ...!! يا سعيد...أجبت بأدبي الذي تعودت وبنفس نغمتي والمقام... حاضر... قالها بغصة لا أظنها إلا حسداً تجمع في لهاته...إفراج...

لملمت دفاتري وما سلّم الفأر من كتبي. وبدمعتين احتضنت إحداهما خوفي القادم, وأخرى تقاسمتها زوايا المكان، وفرحي المأسور, وبما أن الخير والشر تباع أفرجت عن ذلك المعطف الذي سجنته بحقيبتي طوال تلك السنين...لففت به ما تبقى من جسدي وأطلقت عنان قدميَّ أو أطلق عنانهما فكلا الأمرين سواء, فاختبار الإرادة ما زال يتلمس خطاه الأولى.

أدرت ظهري لكل ما سوف يصبح خلفه ماض. أحث الخطى، أنشد توافقية توازنها في هذا الفضاء المنزوع الأبواب, وعند ذلك الباب الذي لطالما توافدت صوره إلى مخيلتي, ولم تستطع أن تقارب صورة تحصينه, أطبق براحة كفه على ما تبقى من كتفي, وإذا بعيني قبالة عينيِّه.

تذكَّرت المرة الأولى عندما حاولت مجرد محاولة النظر إليهما....أرعبني ما احتضنتهما من عنف وقسوة, فأشحت طرفي مرغماً ليكون أول مشاهد مسرحية عقابي في بواكير رحلتي..العجيب أن الأمر مختلف في لحظتي هذه..!!!؟؟
القسوة والعنف اختبأا خلف قلق تاه في تلك العينين, حاولا جاهدين أن يفرا من بريق ومض في عينيَّ لم تعهداه من قبل!؟؟

احتضنني وخلته الوداع..!! همس في أذني...مبروك عليك سجنك الكبير.!!؟؟ خلَّصت عظامي من بين يديه, وعلى تلك الشفتين ارتسمت ابتسامة خبيثه أردفها بقهقهة فجرت صمت المكان..!!

بجبروته الذي أيقنت أنه يستجمع فتاته أحاط بجسدي وقذفه خارجاً. سمعت سكتة الباب خلفي...إذاناً ببدء إيقاع من نوع جديد ...

جليلة ماجد 10-08-2014 04:54 PM

هي الحياة ... سجن و سجان ...

سينفونيات آن لها أن تتوب . .

و نشاز يصم اﻵذان ...

مهما كانت الابواب و الاقفال ف الحقيقة نسبية دائما

أ. زياد

لا حرية لجسد من طين في هذه الدنيا ...

فدروبه مليئة بالثقوب التي -ﻻ ينفك- يسقط فيها

و لا يتعلم!

نص فاخر بلغته و تصاويره ... بورك اليراع

صافي الود

حسام الدين بهي الدين ريشو 10-08-2014 06:27 PM

لقد
صار العالم أكثر فظاظة
وسوءا
وغدرا
مما يتحمله قلب فنان
أو شاعر
أو حتى انسان
على درجة الانسانية

استاذ / زياد القنطار
هنا
تكاملت كل عناصر القصة
وهي تعبر عن لحظة الحدث
وان كانت ومضتها الخاتمة
أحسست معها بالباب
وهو يغلق !!
تحياتى أيها القدير
وكن بألف خير

زياد القنطار 10-09-2014 02:54 AM

نعم سيدتي الحقائق نسبية ,وستبقى الخطى عابرة للدروب رغم ثقوبها الحكمة في النهوض وسطوع حقيقته
الأستاذة جليلة ماجد ,خالص التحايا وكل التقدير لمرورك ولثناء جاد حرفك به .جزيل الشكر

زياد القنطار 10-09-2014 03:13 AM

الاستاذ حسام الدين بهي الدين ريشو .
لو تبادلت وإياك الأدوار ,لأثارت في خاطري سكتة الباب ذات التساؤل .إنما اعتقدت أو في حالة الخلاص تلك ,وفي مخاض ولادتها أن الإيقاع الجديد قد يفتخ الأبواب لما بعد سكتة الباب .
أثمن عاليا ملاحظتك وأثمن هذا المرور المشبع بالإحاسس الذي ينزفه حرفك أين مرّ...خالص تقديري

مها مطر مطر 10-09-2014 08:35 AM

ســـوف أبكــي
من صميــم فــــؤآدي
على أيــــآمٍ مضـــت

وانثـــــــر الزهور

في بسآتيـــــــن المحبة

لأقطف من البسمة الأمــــل... سلمت يداك يا أخوي

ايوب صابر 10-09-2014 09:13 AM

هذه المعزوفة تنتمي الي أدب السجون حيث يسكن الوحي.

واضح ان النص وصف لأحداث يوم من ايام سجين لكنها كتبت باسلوب يجعل المتلقي يحتار في أبعادها ونمطها الفني . فهي اقرب الي المعزوفة الموسيقية ، او الخاطرة الفلسفية التي يعبر فيها القاص باسلوب التداعي الحر عن مشاعر بطل القصة ضمن بيئة السجن حيث يصبح للأشياء معنى اخر وطعم اخر وقيمة مختلفة حتى ان صوت انكسار كسرة خبز تصبح اقرب الى معزوفة موسيقية .

هناك في غرفة السجن حيث العزلة والوحدة والالم تعصف بالقلب والعقل يصبح لشعاع نور يعبر من ثقب الباب طعم اخر ولصوت عصفور يحلق في الجوار معنى اخر للحرية ويصبح الدماغ قادر على توليد نص بأبعاد لها قدسية من نوع ما .

نحتاج الى التعمق في تحليل هذا النص فادب السجون يأتي في المرتبة الثانية بعد أدب الأيتام من حيث الروعة والعمق والتأثير والاسلوب. *

ياسر علي 10-09-2014 01:22 PM

سكتة و إيقاع
قرأت النص القوية بلاغته ، فاللغة هنا نوتات موسيقية تشكل في الأخير معزوفة تقاسيمها مشبعة بالألحان التأملية ، هذا النص لايعتمد على الحبكة و تطور الحدث لكن يقدم وصفا لحالة بتعابير مشبعة بالشعرية ، فالنص قريب من تجسيد لانفعالات البطل الموغلة في صخب الصمت و الحيرة و الرفض ، فالصراع في النص داخلي في الغالب مما يؤشر أنه نهل من الخاطرة الحظ الأوفر .
بطل النص شخصية كتومة صامتة ، فهو يوظف العين والأذن بقوة ، ويترك الباقي لقلمه ، فلسانه يكاد يكون في إجازة رغم الكم الهائل من التفاعل و التجاوب مع كل الحركات والسكنات ، سماه السجان سعيدا سخرية وهو يعلم أنه لن يستطيع الاندماج مع مجتمعه بعد ما عايشه في السجن من مذلة و قهر و تفكك روابطه بالحياة واهتزاز ثقته بالغير ، و ربما الكاتب من اقترح هذا الاسم المناقض تماما لهوية البطل الغارقة في نوع من السلبية . يكاد يحضرني أن البطل معتقل رأي .
لست أدري عندما وصلت إلى المعطف في النص كيف جاءني أن هذه هي اللفظة المناسبة للعنوان . رغم أن سكتة ، و إيقاع جديد ، عنوان موفق جدا .

الأستاذ الفاضل والأديب الرائع زياد القنطار
كل التقدير والاحترام .

زياد القنطار 10-10-2014 03:37 AM

الأخت مها مطر مطر .
للقادم إشراقة فرح تحتضن الابتسام ,ولصباه وشوشة الآمال ,ونبقى مابقينا على قيد أمنية .
لمرورك خالص التقدير والاحترام

زياد القنطار 10-10-2014 05:14 AM

الأستاذ أيوب صابر .
على أهبة شوق , أترقب أن تفتح أبواب النقد على مصراعيها على نصي .وتضعه تحت الضوء ..أنتظر بشغف الاستجابة لدعوتك ولوقفة ثانية أرتجي منها الإفادة .....خالص التقدير والمودة


الساعة الآن 10:22 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team