منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   الباحثون عن الشمس (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=11591)

ياسر علي 07-19-2013 04:25 AM

الباحثون عن الشمس
 
استحم في حوض السباحة نافخا بحبوحة انتعاش في رحلة عمره الباذخة و جسده يحتضن أشعة الشمس الذهبية ، فرآها تنحو ناحيته فغازلها : " أنت أيضا تحبينني ؟ "، يعيش رفاهية تزدهر فيها أحلامه و تتحقق بليونة ويسر ، ما إن تبزغ فكرة في ذهنه حتى تفرش طرق إنجازها ورودا ، و يبسط لها السجاد الأحمر فتمشي متبخترة ، تتعالى فرحات انتشار مشروعه الاستثماري مولدا مشاريع لم تكن يوما إلا في قاموس المستحيلات ، من مشاريع صناعية إلى عقارية ففلاحية وترفيهية وسياحية ، أصبحت برصته خزانا و سدا فاض بكل أنواع العملات ، تتزاحم أكياس الذهب في حساباته المصرفية ، و تتعانق المجوهرات في رفوف خزاناته المقفلة ، تتباهى التحف في إقاماته الفاخرة ، تأتيه الدنيا راكعة عند قدميه و هو يقبل كل نفائسها ، هو خير حاضن للنعمة فلا تحس الأمان إلا عند دخولها إلى محارمه .
الكل يشتهي فيه نظرة و الكل يسعى إلى انتزاع بسمة من شفتيه يفرح بها قلبه المضيوم ، ينتصر له كل ذي سلطان ، يمجده كل ذي قريحة ، يسيل لعاب الحسناوات على ذكره فيسعين في البحث عن مسالك تؤدي إلى مواطنه المشرعة لمن جاء في هيئة سليمة ، و مشية مستقيمة و هدية قيمة .
هي الحياة رفعته فلم ينكس أعلامه ؟ هم الناس أحبوه فلماذا يكشر في وجوههم ؟ هي السعادة تغمره فلماذا يجافيها ويحتضن التعاسة ؟ يريده القوم مبجلا فيعصمونه ، رفعوا قدره إلى الأعالي ، مهما أساء فالناس يرفعون في وجهه جميل الغفران ، بل يعتقدون أن الإساءة منه رحمة والتفاتة ، فكم شخصا منه يشتهي وطأة ، وكم بصيرا تمنى أن يمنحه من ضوء عينيه ، وكم عاقلا تمنى أن يهديه لب أفكاره ، الكل و الكل يسعى في خدمته و الاجتهاد في نيل استحسانه .
دام الحال و طال الحال حتى كبر الأبناء فتعجبوا من هذه الأبراج العاتية ، من هذه الأسوار العالية ، فقال قائل : " ألا أستطيع رؤية السماء ؟" رد عليه واحد من صانعي الأبراج :" السماء محروسة يا طفلي و ضوء الشمس يعمي العيون "
تسلح بالعزيمة حبا في رؤية السماء ، و معانقة أشعة الشمس لتمحق نور عينيه ، فصاح في رحبة واسعة : " أين السماء ؟"
فاجتمع حوله بعض الباحثين عن الشمس فأجابوا : اكتفينا من هذه العيون ؟ فارتج الصدى في البلاد ، نريد أشعة الشمس ؟
فتزلزلت الأعمدة لتظهر شمس طال غيابها ومن وراء تمثال كان يبلغ عنان السماء فأضحى في لحظة حفنة عظام تتنازعها النملات ، كل نملة تشتهي فيها قضمة وهي تغدو رميما ، فلاحت الشمس و نظروا إلى السماء بنظرة أخرى ، نظرة عين لا تؤذيها أشعة الشمس .

صفاء الأحمد 07-19-2013 04:52 AM

رائع أستاذ ياسر :)

مع أني أعتقد أنك تجاوزت المرحلة التي تحتاج لأن نقول لك فيها نصوصك رائعة و مبدع أنت ..
و من الظلم أن تبقى كتاباتك حبيسة النشر الالكتروني !!

أما عن القصة فهي رائعة إذ تجلى لهم النور .. و وجدوا الشمس بعد شدة و معاناة ، وآل التمثال إلى فُتات تقتاته النملات !!
جمالية هذه الصورة أضفت على النص روعة لا تجاريها روعة ..

يثبت ..

و إلى العلا أستاذي :)


مودتي .

ياسر علي 07-26-2013 05:25 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صفاء الشويات (المشاركة 151787)
رائع أستاذ ياسر :)

مع أني أعتقد أنك تجاوزت المرحلة التي تحتاج لأن نقول لك فيها نصوصك رائعة و مبدع أنت ..
و من الظلم أن تبقى كتاباتك حبيسة النشر الالكتروني !!

أما عن القصة فهي رائعة إذ تجلى لهم النور .. و وجدوا الشمس بعد شدة و معاناة ، وآل التمثال إلى فُتات تقتاته النملات !!
جمالية هذه الصورة أضفت على النص روعة لا تجاريها روعة ..

يثبت ..

و إلى العلا أستاذي :)


مودتي .




سعيد بمرورك الراقي أختي صفاء




الساعة الآن 08:35 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team