منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   في مهجع...جزء من حياة موازية (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=25664)

ريم بدر الدين 09-11-2019 09:04 PM

في مهجع...جزء من حياة موازية
 
في مهجع
جزء من حياة موازية
ريم بدر الدين بزال
أشعر بالاستياء البالغ فبالرغم من الطريق الطويل الذي قطعته للوصول إلى هذا المكان ، خصصوا لي سريراً ضيقاً صدئاً في مهجع كبير مع عدد من النزلاء. أحد هؤلاء النزلاء كان جثة حقيقية. لا أقصد إنساناً حياً يشبه الجثة، كانت جثة فعلية غادرتها الحياة منذ فترة طويلة.
أشحت ببصري عنها بينما كانت أسئلة صعبة تدور في رأسي: كيف سأنام و في الغرفة جثة؟ هل أحضروها من غابة الانتحار؟ و هل يتوجب علينا أن ننام معها لئلا نغضب الأرواح؟ من هؤلاء الآخرين الذين يشاركونني المكان؟ من يعتني بنظافة المكان مع أنني لم أر سوى النزلاء؟ كل شيء في المهجع يشي بنظافة فائقة و كل نزيل مشغول بنفسه.
ثمة امرأة ترتدي ملابس زهرية اللون من رأسها و حتى قدميها، تتحرك كروبوت : تضع أصابعها على رأسها تتلمس العصابة الزهرية، تنزل إلى رقبتها و تتلمس الاشارب الزهري المعقود بأناقة، تلتف يمنة و يسرة ثم تعود للتأكد من موضع الحزام الزهري، تمد قدمها للأمام و تطمئن على حذاءها الزهري . تبتسم لنفسها في إعجاب بعد أن أنهت مهمتها التفتيشية ثم تعود بعد قليل و تكرر ما فعلته سابقا.
ثمة مسن عند النافذة يقرأ في قصة الحضارةو يراقب ما يدور في نفس الوقت تنتقل عيناه بسرعة مذهلة من وراء زجاج النظارة إلى ما فوقها ليراقب العالم دون فلتر. أضحك من تصرفه المنطقي فما دار في قصة الحضارة يحتاج إلى فلتر و ما يحدث أمامنا في هذا العالم يجب أن نراه كما هو مجرداً دون رتوش، دون تكبير أو تصغير. هل كان ديورانت ليتوقف عن كتابة مؤلفه الضخم لو أنه أمضى ليلة في هذا المكان؟
شعرت أن هواء المهجع يطبق على أنفاسي و أن الجثة ستمد يدها لتقتلع حنجرتي و قصبتي الهوائية و رئتي. خرجت من المهجع لأتأكد أنني مازلت على قيد الحياة.
ثمة أبواب خشبية من طراز ( خوخة) باب داخل الباب، واحد لخروج و دخول الأجسام الضخمة و الآخر بعلو إنسان. تشبه ذلك التكنيك المسرحي، مسرحية داخل مسرحية. مكان جميل على نحو غامض و مبهم لا أستطيع تحديده، أمام الباب أحواض حجرية فيها خضرة قديمة ، قديمة حتى بدايات التعفن.
- يمكنك أن تغادري هذا المكان، امشي في هذا الدرب
- سأمشي
بلغت سلماً يرتقي إلى أعلى، علوٍ غير منظور بالنسبة لي.
- عليكِ أن تتسلقي
- سأتسلق
- بلوغ نهاية السلم له ثمن باهظ
- سأدفع
- سنرى
الدرجة الأولى تسلقتها، الثانية أعلى بمقدار الضعف، تسلقتها، الثالثة أصبحت أعلى، كأنها متوالية هندسية، حاولت ، فشلت.
- لن تقدري على الثمن، عودي أدراجك.
عدت إلى المكان حيث يجلس النزلاء الذين رأيتهم من قبل بصحبة نزلاء بدوا لي أنهم جدد، كانوا يشربون الشاي بتلذذ أمام الباب الخشبي العتيق و قرب النباتات ذات الخضرة الذاهبة نحو التعفن.
في المهجع جثة حقيقية، و مسن يقرأ كتاب قصة الحضارة ، وامرأة ترتدي ملابس زهرية اللون من رأسها و حتى قدميها، تتحرك كروبوت : تضع أصابعها على رأسها تتلمس العصابة الزهرية، تنزل إلى رقبتها و تتلمس الاشارب الزهري المعقود بأناقة، تلتف يمنة و يسرة ثم تعود للتأكد من موضع الحزام الزهري، تمد قدمها للأمام و تطمئن على حذاءها الزهري . تبتسم لنفسها في إعجاب بعد أن أنهت مهمتها التفتيشية ثم تعود بعد قليل لتكرر ما فعلته سابقا...

حنين الخالدي 09-11-2019 11:03 PM

رد: في مهجع...جزء من حياة موازية
 
قصة جميلة الأسلوب لكن التفاصيل مخيفة

من هي الجثة والمرأة ذات اللون الزهري وأين هذا المكان؟

شكرآ أستاذتي الرائعة موضوعك الجميل لكِ مني أجمل تحية

حسام الدين بهي الدين ريشو 09-12-2019 01:34 PM

رد: في مهجع...جزء من حياة موازية
 
سرد طيب
تمكن من لغته
التى انحازت له
و
كيف لا
والكاتبة هي
أستاذتنا / ريم
خالص التحية
والتقدير

خولة الرومي 09-12-2019 09:12 PM

رد: في مهجع...جزء من حياة موازية
 
اسمحي لي عزيزتي مثل هذه القصص
أكره قراءتها ليلا حتى استطيع النوم
ومع ذلك القصة جميلة سلم يراعك

خالد الزهراني 09-13-2019 08:23 PM

رد: في مهجع...جزء من حياة موازية
 
الاضلة والأخت القديرة ريم بدر الدين
القصة غريبة جدآ وخيالية وهذا هو جمالها
في الأحداث الغامضة والشخصيات العجيبة
شكرآ لقلمك المبدع .. تقبلي إحترامي
خالد الزهراني

بثينة صالح 09-16-2019 10:35 PM

رد: في مهجع...جزء من حياة موازية
 
,
القاصة الأنيقة ريم بدر الدين
,
,
في المهجع الغريب شممنا شيء من رائحة الشرق الأوسط
,
,
فكل عربي منا مسحون بداخله مع جثة أحلامه

,
سلمت على هذا النص الجميل
,

إيلي عماد 09-17-2019 11:51 AM

رد: في مهجع...جزء من حياة موازية
 
صديقتي ..... ريم

رواياتك وقصصك .... تعلو بلغتك الراقية

..... وبجمال سبكك وسردك ..... الرائع

تحيتي صديقتي الأجمل

ناريمان الشريف 09-17-2019 05:01 PM

رد: في مهجع...جزء من حياة موازية
 
- يمكنك أن تغادري هذا المكان، امشي في هذا الدرب
- سأمشي
بلغت سلماً يرتقي إلى أعلى، علوٍ غير منظور بالنسبة لي.
- عليكِ أن تتسلقي
- سأتسلق
- بلوغ نهاية السلم له ثمن باهظ
- سأدفع
- سنرى
الدرجة الأولى تسلقتها، الثانية أعلى بمقدار الضعف، تسلقتها، الثالثة أصبحت أعلى، كأنها متوالية هندسية، حاولت ، فشلت.
- لن تقدري على الثمن، عودي أدراجك

العزيزة ريم
سلام عليك
لا أدري إن كان النص قصة أم فشة خلق أم تصريح ...
هو نص رمزي من الدرجة الأولى
ففي هذه السطور كأنك تريدين أن تقولي شيئاً
فأنت أمام خيارين .. الحلو فيهما مرّ
إما أن ترضي بالوضع القائم في المهجع وتتعايشي معه كما هو بسيئاته وبكل الأشكال التي تسكنه من ماركة ( أعوذ بالله ) ..
وإما أن تصعدي على معراج تسلسلي ( واحد اثنان ثلاثة ... ) والمعراج صعب علماً أن فيه الخلاص
حاولتِ لكنكِ فشلت .. ليس فقط لصعوبة الصعود بل للثمن الباهظ الذي ستدفعينه
أيضاً لقاء الوصول ...
أظن أنه حالنا في كل بلاد يعرب
أشكرك .. ولك تحية


الساعة الآن 01:39 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team