منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=7)
-   -   الاستعارة عند أسامة بن منقذ (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=19166)

عبدالله علي باسودان 12-29-2015 08:34 AM

الاستعارة عند أسامة بن منقذ
 
الاستعارة عند أسامة بن منقذ

اعلم أن الاستعارة هو أن يستعار الشيء المحسوس للشيء المعقول، كما قال الله سبحانه وتعالى: " لا تظلمون فتيلا " ، " ولا يظلمون نقيرا " و " ما يملكون من قطمير " .
والاستعارة أوكد في النفس من الحقيقة، وتفعل في النفوس مالا تفعله الحقيقة، وقوله: فتيلا، أنفى للكثير والقليل من قوله: شيئاً. وقوله تعالى: " واخفض لهما جناح الذل من الرحمة " ،و " إنه في أم الكتاب " ، " واشتعل الرأس شيباً " ، " نسلخ منه النهار " ، " عذاب يوم عقيم " .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ضموا مواشيكم حتى تذهب فحمة العشاء " وقال علي عليه السلام لبعض عماله: أرغب راغبهم، وأحلل عقدة الخوف عنهم وقال عليه وآله السلام: " اتسع نطاق الإسلام، فلا حاجة إلى الكحل والخضاب " . وكتب علي عليه السلام إلى الخوارج فقال: الحمد لله الذي فض خدمتكم وفرق كلمتكم.
وقال عليه السلام لعبد الله بن وهب الخارجي في كلامه: " لا خير في الرآي الفطير، والكلام القضيب، إن عيون الرأي يكشف عن فصه، والفكرة مخ العمل " . فأبدع عليه السلام في هذه الكلمات الأربع، ولو قال: لب العمل لم يكن بديعاً.
وأحسن الاستعارات قول ذي الرمة:
أوردتهُ وصدورُ الليل مسنفةٌ ... والليلُ بالكوكبِ الدريّ منحورُ
وقوله أيضاً:
أقامت به حتى ذوى العود في الثرى ... وضمَّ الثريا في ملاءته الفجرُ
ولقد أحسن أبو تمام حين قال:
لا تسقني ماء الملام؛ فإنني ... صبّ قد استعذبتُ ماءَ بكائي
وقال أيضاً فيها:
فسقاهُ مسكُ الطلِّ كافورَ الصبا ... وانحلَّ فيه خيطُ كل سماءِ
ومنه:
فقلت لها: يا أمَّ بيضاءَ، إنه ... أريقَ شبابي، واستشنَّ أديمهُ
إذا ما هبطن المحل قد مات عودهُ ... بكين به حتى يعيش هشيمهُ
ومنه:
في كل خلقٍ خلةٌ مذمومةٌ ... ووراءَ كل محببٍ مكروهُ
وبعض العلماء يجعل التطبيق أن تجيء الكلمة بمعنيين مثل قوله: وللوم فيهم كاهل وسنام. ويسمى التكافؤ.
ومنه:
نطاردهم فنودع البيضَ هامهم ... ويستودعونَ السمهريَّ المقوما
ومنه:
تحيي الروامسُ ربعها فتجده ... بعد البلى، وتميتهُ الأمطارُ
هذا بيت قد جمع الاستعارة والمطابقة، لأن فيه البلى والجدة، والإماتة والإحياء ومن المعلقات لطرفة:
ووجهٍ كأنَّ الشمس حلت رداءها ... عليه نقيِّ اللونِ لم يتخددِ
ولامرئ القيس:
وقد أغتدي والطيرُ في وكناتها ... بمنجردٍ قيدِ الأوابد هيكلِ
وتقول العرب: صاح الشجر إذا طال. وشجر واعد إذا اخضر، كأنه يعد بالثمر.
وقال العجاج: كالكرم إذ نادى من الكافور.
وأنشد:
إنَّ دهراً يلفُّ شملي بليلى ... لزمانٌ يهمُّ بالإحسانِ
وقال أمير المؤمنين عليه السلام لبعض الخوارج: لما فغر فم الباطل، نجمت نجوم الحق.
وقال عليه السلام: الدنيا لم يمس أحد منها على جناح أمن إلا أصبح منها على قوادم خوف.
ومن بديع الاستعارة في المنثور قول بعض العرب: خرجت في ليلة حندس قد ألقت على الأرض أكارعها فمحت صورة الأبدان، فما كدنا نتعارف إلا بالآذان.
وقال بعض العرب: جعلنا الرماح أرشية الموت فاستقينا بها أرواحهم: ومدح أعرابي قوماً فقال: أولئك غر تضيء في ظلم المشكلات، وتصغي إليهم المجد، يصومون على الفحشاء، ويفطرون على المعروف.
ووصف آخر روضة فقال: جرت بها الريح أذيالها وحطت بها السحاب أثقالها.
ووصف أعرابي قومه فقال: إذا اصطفوا تحت القتام، سفرت بينهم السهام، وإذا تصافحوا بالسيوف، فغرت أفواه الحتوف.
وقال آخر:
سأبكيك للدنيا وللدين؛ إنني ... رأيت يدَ المعروفِ بعدك شلت
وقال آخر:
وجيشٍ تضلّ البلقُ في حجراته ... ترى الأكم فيه سجداً للحوافر
وقال أبو تمام:
ليالٍ نحنُ في غفلات عيش ... كأنَّ الدهر عنا في وثاقِ
وقال العباس بن الأحنف:
قد سحبَ الناسُ أذيالَ الظنون بنا ... وفرق الناسُ فينا قولهم فرقا
فكاذبٌ قد رمى بالظنِّ غيركمُ ... وصادقٌ ليس يدري أنه صدقا
آخر:
بكفّ أبي أيوب يستمطر الغنى ... وتستنزل النعمى، ويسترعفُ النصلُ
تساقط يمناه الندى وشماله الر ... دى، وعيونُ القولِ منطقهُ الفضلُ
ومنه:
سلامة بنُ نجاحِ ... يجيد حثَّ الراحِ
إذا تغنى زمرنا ... عليه بالأقداحِ
ومنه:
تأتي أغاني عاتب ... أبداً بأفراح النفوس
تشدو، فتزمر بالكؤو ... س لها، ورقص بالرؤوس
ومنه:
قيل: ما أعددتَ للبر ... د فقدْ جاء بشده
قلت: دراعةُ عريٍ ... تحتها جبة رعده
ومنه:
يا من بدائعُ حسنِ صورتهِ ... تثنى إليه أعنةَ الحدقِ
لي منكَ ما للناس كلهمِ: ... نظرٌ وتسليمٌ على الطرقِ
لكنهم سعدوا بأمنهمُ ... ومنيتُ حين أراك بالفرقِ
ومنه:
غفلاتٌ كنَّ حلماً فانقضى ... وشبابٌ كان ظلاً فانتقلْ
لو أراني الدهرُ ما أخرَ لي ... لتعلقتُ بأيامي الأول
ليت شعري عنيَ اعتاض بمن ... هل لكفٍ فارقت زنداً بدل
إنَّ جيداً سقطتْ من عقده ... ردةٌ مثلي حقيقٌ بالعطلْ
ولابن المعتز:
وابلائي من محضرٍ ومغيبِ ... وحبيبٍ مني بعيدٍ قريبِ
لم ترد ماءَ وجهه العينُ إلاّ ... شرقت قبل ريها برقيبِ.

خالد أبو إسماعيل 01-01-2016 01:37 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي عبدالله لي مع اﻵية الكريمة(نسلخ منه النهار) تجربة أحب أن أذكرها لك فقد كنت أقول فيها بالمجاز حتى اطلعت على معلومة علمية تقول أن رواد الفضاء إذا خرجوا خارج الغï»»ف الجوي رؤوا الشمس كمصباح وذلك ï»·ن طبقة الغï»»ف الجوي هي التي تنشر الضياء ، وإذا أردت أن تتأكد راقب البدر في منتصف الشهر إذا كانت بجانبه سحب خفيفة تجد أن هذه السحب تزيد نور القمر إذا مر بها .
إذن والله أعلم أن طبقة النهار جزء من الغï»»ف الجوي والسلخ حقيقي وليس مجازا ، بعدها صرت حذرا جدا في القول بالمجاز في القرآن خاصة في آيات اï»»عجاز العلمي .
جزاك الله خيرا وبارك فيك

عبدالله علي باسودان 02-04-2016 08:42 AM

شكراً جزيلاً الأستاذ خالد أبو إسماعيل على مرورك الكريم

بهذا الرفد الرائع

جزاك الله خيراً

دمت مع أطيب الأماني

ماجد جابر 02-17-2016 10:34 PM

أشكر لك موضوعك الجميل أستاذنا القدير الأستاذ عبد الله علي باسودان، ومنابر علوم اللغة ترحب بك وبقلمك الجميل أجمل ترحيب.

عبدالله علي باسودان 02-23-2016 05:08 PM

شكراً لك أستاذنا الجليل ماجد على هذا الرفد الذي
سرني كثيراً.

محبتي.


الساعة الآن 09:09 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team