منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   مَنْ أَشْبَه أَباه فَمَا ظَلَم (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=26799)

رشيد عانين 08-10-2020 02:04 PM

مَنْ أَشْبَه أَباه فَمَا ظَلَم
 
مَنْ أَشْبَه أَباه فَمَا ظَلَم
عانق محمد الثلاثية، واستسلم لأحلامه الوردية، بعد أن أخذ منه التعب مأخذا عظيما، لكن المهم أنه أكمل الثلاثية، فنشوة النهاية عنده تفوق الشوق لبداية الرواية. فكل مرة يستنشق فيها عبير الكلمات تأخذه الذكرى إلى زمن الشباب، يتذكر أستاذه مقبلا غير مدبر، انحناءة ظهره علامة دالة على العطاء والتفاني في تعليم الأجيال. يتذكر محمد كل كلمة، كل جملة، كان يحفز بها الأستاذ تلميذه الكسول الخمول، ومع إصرار الأستاذ انتقل التلميذ من عالم إلى عالم، وتبدل من حال إلى حال، إذ أصبح معنّى بحب الكتب وخاصة روايات الشرق، تأثر بنجيب محفوظ فهو أستاذ أستاذه، فقرأ أغلب رواياته فتحولت عنده المطالعة إلى لعبة يتسلى بها. وهكذا كلما أحس بضيق نفسي أو خيبة أمل من قدر أصابه، هرع إلى الكتابة، ليطلق العنان لقلم يهوى لثم الأوراق حتى إذا اسودت أحس براحة نفسية كتلك التي تعتري كيانه وهو يقرأ.
ومازال إلى يومنا هذا، وبعد أكثر من عشرين سنة مرت، يتذكر تلك اللحظات التي عشقها حتى النخاع، إذ قاوم فيها لذة كسل الشباب وميل النفس إلى الدعة والسكون، واختار معانقة الكتب إلى حد الاشتباك. وكم هي الليالي البيض التي كان يقضيها تصافح عيناه الصفحات تلو الصفحات حتى إذا استيقظ الأب إلى صلاة الفجر رق لحاله فنهاه عن ذلك.
واليوم يدخل الأب إلى بيت ابنه وهو مازال مغرما بالحديث إلى كتبه أكثر من الحديث إلى الناس، تلك عادته لا يفارقها حتى يغالبه النوم فيغلبه تارة وأخرى يستسلم بين يديه ويتابع المسيرة نوما فيكرر ما قرأه في حالة صحوه ويقظته. دخل الأب فوجده نائما نومة المتعب المرهق من كثرة قراءة الكتب فأيقظه بلطف حتى استعاد وعيه، ثم خاطبه بصوت فيه كثير من الرقة والحنو قائلا: أما آن لك أن تستريح من عناء هذه الكتب وقد صرت أستاذا؟ ماذا تريد بعد؟ فأجابه محمد عذرا يا أبتي فهذا الذي تراه تعبا وإرهاقا أراه نزهة للنفس وترياقا لسموم عديدة تنخر مجتمعنا عفاني الله منها والحمد لله، إن أنفاسي ألتقطها من بين سطور هذه الصفحات فإن كنت تراها داء فأنا أراها دواء.
طأطأ الأب رأسه مستغربا ومحاورا نفسه كيف لعصرنا أن ينتج مثل هؤلاء؟ عصر استحوذت فيه المادة على النفوس وأحكمت سيطرتها على العقول، لكن يبدو أن لكل زمن فلتات تعاكس تيار الانحدار وترفض الرخيص وتتوق إلى المعالي.
قاطع محمد أباه قائلا يا أبتي مالي أراك ساهما لم تسأل عن أيوب، فناده يا أيوب تعالى لترى جدك، فقدم الولد الشاب يتهادى وكأنه أستاذ فباغته جده بالسؤال كم قرأت لنجيب من رواية؟ فأجاب عشر روايات يا جدي، ألا يقول المثل مَنْ أَشْبَه أَباه فَمَا ظَلَم، ونعم الأب أبتي يا جدي فهو فخري ومثلي الأعلى، علمني وأعطاني وما حرمني، وأنصفني وما ظلمني، فالعلم نور والجهل ظلم وعار.

محمد أبو الفضل سحبان 08-10-2020 05:25 PM

رد: مَنْ أَشْبَه أَباه فَمَا ظَلَم
 
الاخ الكريم رشيد عانين
لغة سلسة وسرد جميل وهادفة مع ملاحظة بسيطة بخصوص العنوان اذ المثل يقول :
"من شابه اباه فما ظلم " وليس من أشبه اباه...
خالص التحايا

رشيد عانين 08-14-2020 10:50 PM

رد: مَنْ أَشْبَه أَباه فَمَا ظَلَم
 
شكرا لك أستاذي محمد أبو الفضل سحبان على مرورك الراقي وعلى نصيحتك الهادئة
لكن لدي ملاحظة
إني اخترت فعل أشبه لسببين: الأول دلالته العميقة على التعدية بمعنى أن حب القراءة تعدى الأب إلى الابن والسبب الثاني أن المثل ورد في لسان العرب بهذا الشكل وليس كما ذكرت وهنا أجدني مضطرا لإحالتك على لسان العرب
فصل الشين المعجمة
شبه: الشِّبْهُ والشَّبَهُ والشَّبِيهُ: المِثْلُ، وَالْجَمْعُ أَشْباهٌ. وأَشْبَه الشيءُ الشيءَ: مَاثَلَهُ. وَفِي الْمَثَلِ: مَنْ أَشْبَه أَباه فَمَا ظَلَم.

محمد أبو الفضل سحبان 08-15-2020 01:07 AM

رد: مَنْ أَشْبَه أَباه فَمَا ظَلَم
 
الاخ الكريم رشيد عانين ....عفوا فانا لم أقصد أن العنوان يحتوي خطأ لغويا ولكن كانت ملاحظتي مرتكزة ببساطة على اصل المثل الذي يعود حسب الروايات التاريخية لبيت شعري للشاعر عدي بن حاتم الطائي الذي ورد فيه "يشابه اباه" و هو المتداول على الارجح...
و لكن حقيقة غاب عني أن العنوان "من اشبه اباه فما ظلم" ليس خطا شائعا وانه صواب مهجور قد ورد بالحرف في لسان العرب لابن منظور ....
شكرا اخي على التفاعل الإيجابي وعلى التوضيح والاحالة ...
تقبل احترامي وتقديري




الساعة الآن 03:24 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team