منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   أنت طالق...!! (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=13004)

مباركة بشير أحمد 02-20-2014 06:14 PM

أنت طالق...!!
 
أنت طالق...!!
.........


حملت حقائبها المثقلة بأوجاع السنين، وراحت تدقُ أبواب الرّجاء، وتنفضُ عنها غبار الحسرة جاهدة، بعدما شَربت نخب طلاقها، ووشمت حُروف اسمها في لائحة المطلقات، وهي توزع خطواتها على شارع المجهول، وقد استفردت بمخيلتها الهشة غربان الحيرة، تنعب في قفارها، فطفقت تتفحص معالم الحاضر، لوحة قديمة جرّدت من الألوان، بعد ما نسفتها أفواه الزمن الواسعة، وتُقلَب حجارة الواقع...كأنما تبحث خلف جمودها عن ثورة عشق كتمت أنفاسها، وتاه صهيلها عند منعطفات الهوان.!
كان لايزال ربيع عمرها يدرج على سلالم النضوج الأنثوي، تلك الفاتنة، عندما تقاطرشهد السعادة من أنفاسها الملتهبة شوقا للقاء.
نبيل....!عطرُ كلماته ها قد انفتحت قارورته المنسية في ثنايا الذاكرة، واقتحم أسوارها دون استأذان، لتجد نفسها منغرسة به طريقا ترامت مسافاته، ، وتعسَرت قراءة عناوين محطاته.
ها هوذا طيفه ينبعث من ردحات الماضي البعيد، ليغشى عينيها الناعستين، ويهرق الأمل صوب دواخلها المرتعشة، ويذكّرها بالوعد الذي كتب صحيفة بقائه السّرمدي بدماء قلبه النابض حبا وألما:
- رحمة ... مستحيل أن يأخذك غيري....مستحيل...!!"
تلك كانت رواسب زفرات اشتعلت بها نيران غيرة هوجاء، حيال ما اكتشف المتيم أن حبيبته، وضياء عينيه، سينتشلها من بين يديه آخر، وأن لافتات الفراق ستُعلى هاماتها قريبا، في حين تتوارى الأحاسيس النازفة حرقة وولها، وتركل بعيدا أمانيها على رصيف الأوهام، بقدم سلطة والدها، الذي أقسم أن زواجها سيتم ذات ليلة كُسرت فيها آخر الفوانيس للقيا الحبيب، واستبدلت بدخان خانق.
ليلة فيها تبعثرت الرؤى، وتلعثمت خطى المشاعر، وانسدل ستار أسود معلنا عن النهاية، تحت وقع الدفوف، وزغاريد النساء، عندما زرعوها بذرة ورد غريبة بأرض تمادت مساحات جفافها وتعذر عليها استنشاق الهواء عبر مساماتها الضيقة، أين اجتثت جذور كرامتها وألقي بوريقاتها ذاوية في المتاهات
بين عشية وضحاها، أمست تلك الحورية الجميلة خادمة البيت، وجارية السيد العظيم.
شكواها لوالدتها لم تكن لتغير مستحيلا، أو تعبث بالتواءات خط رسمته لحياتها يد الجبروت..!
شريط من الأحداث السوداء توالت حلقات مسلسله، ناشبة أظافرهاعلى شجيرة عمرها الأخضر، وكاتمة على أنفاسها حدّ الهذيان .
- متى؟ كيف؟ هل من سبيل؟ تساءلت بمرارة، ورفعت راية الإحتجاج بصمت، إلى أن أغمي على أفكارها، وأعلنت الإستقالة من عالم الأحياء...!
ثلاث سنوات مضت، تجدولت معاييرها بمسطرة الأنانية، والذكورة الضاربة جذورها في دركات التيه والغطرسة!
والدها الذي استحوذ على تأشيرة التحكم بقراراتها، لأنها ابنته من لحمه ودمه، ومضى يسخّن طبل عجرفته على جمر تأوهاتها ودمع التوسل الملتهب على وجنتيها، وزوجها "الحاج معمر" أحمق،و بخيل ، .قد نُسجت طباعه بغزل القسوة والتعنت...وله من النساء ثلاث...إلى أن سقطت منهارة لا تدرك لأبجديات واقعها الميؤوس منه أدنى التفاتة أو مفهوم صواب..!
وكم ذا تأفف واستشاط غضبا لمنظرها وهي تذوب على فراش المرض كقطعة سكر في بركة ماء، إلى أن تداركته إشراقة شمس دافئة، وهو يلقي بشحنة سخطه اللاذعة في مغاور صدرها، أفعى قاتلة، مربوط بذنبها خيط النجاة:
-"أف... لقد سئمت منك ومن مرضك هذا الذي لا ينتهي أبدا ..أنت طالق...
- طالق .!!؟؟
لم تكن هذه الكلمة ولاريب، إلاَ نسمة من شواطئ الأمل اخترقت جدار العتمة أخيرا، وخلّفت في زواياها المنحنية فوهة،بعثرت من خلالها أشواك المآسي ، ورشّت على عنفوانها الكاسر ترياق الطمأنينة بخاطرها. لم تدر كم من الوقت ارتشفته الدقائق المترامية خلفها، كما حبات خرز ملساء انقطع سلكها فجأة في حضن الزمان.
فتحت والدتها الباب فجأة، وإذا بطبول قلبها المرهف تصخب معلنة عن ميلاد مأساة شبيهة لمآسيها الماضية لتنحشر تحت براثنها من جديد. عندما وقعت أولى نظراتها على صفحة وجهها العابس، المتحسر، لاحت على شفتيها إبتسامة باهتة. حدقت بها طويلا تقرأ سطور التذمر الملونة بالعتاب بين سهام رموشها، ثم باكية إنجذبت نحوها بمغناطيس الأمومة، المنبثق من لدن نفس مزقتها خناجرالألم ، في مجتمع غرست شياطين التخلف أنيابها في ذاكرته المتهدلة، وعششت على أعرافة عناكب الجهالة

أنين أحمد 02-20-2014 06:50 PM

دائما ما يكون الأبناء خاصة منهن الإناث ضحايا قرارات ابائهن

حكاية تلامس الواقع

دمت بخير أختي مباركة

ناريمان الشريف 02-20-2014 10:08 PM

طالق .!! لم تكن هذه الكلمة ولاريب ،إلاَ نسمة من شواطئ الأمل اخترقت جدار العتمة أخيراً

عزيزتي مباركة ..
سلام عليك .. أحياناً كثيرة يكون الطلاق حلاً لمشاكل لا حدود لها بين الزوجين ..
ويبقى رغم ذلك أبغض الحلال


تحية ... ناريمان الشريف

ياسر علي 02-21-2014 12:43 AM

أهلا بالأديبة مباركة بشير أحمد

بكثير من الترحيب و البهجة يستقبل منبر القصة هذه المعزوفة الأدبية الأولى للكاتبة مباركة بشير أحمد .

في بحر النص المتلاطم بالصور الجمالية أستقي هذه التعابير الضاربة في أعماق الروعة :

وقد استفردت بمخيلتها الهشة غربان الحيرة تنعب في قفارها

بعدما نسفتها أفواه الزمن الواسعة

وتاه صهيلها تحت منعطفات الهوان.!

عطرُ كلماته هاقد انفتحت قارورته المنسية في ثنايا الذاكرة

ويهرق عطر الأمل بدواخلها المرتعشة

لافتات الفراق ستعلى هاماتها قريبا أمام "فوضى الحواس "

في حين تتوارى المشاعر النازفة حرقة و ولها و تسجن في بقعة ظلام

تعبث بالتواءات خط رسمته لحياتها يد الجبروت ..!

توالت حلقات مسلسله ناشبة أظافرهاعلى شجيرة عمرها الأخضر

حدقت بها طويلا تقرأ سطور التذمر المضمخة بالعتاب بين سهام رموشها

وعششت على أعرافة عناكب الجهالة



شكري و تقديري

مباركة بشير أحمد 02-21-2014 01:10 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أنين أحمد (المشاركة 172279)
دائما ما يكون الأبناء خاصة منهن الإناث ضحايا قرارات ابائهن

حكاية تلامس الواقع

دمت بخير أختي مباركة

وآآه من الآباء إذا اكتنفت قراراتهم عجرفة وقساوة .

أسعدني منك حضورك العاطر ،عزيزتي أنين أحمد
،ومداخلتك التي تنم عن رحابة تفكير، وشفافية في الروح.

دام لك التألق.

مباركة بشير أحمد 02-21-2014 01:18 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناريمان الشريف (المشاركة 172283)
طالق .!! لم تكن هذه الكلمة ولاريب ،إلاَ نسمة من شواطئ الأمل اخترقت جدار العتمة أخيراً

عزيزتي مباركة ..
سلام عليك .. أحياناً كثيرة يكون الطلاق حلاً لمشاكل لا حدود لها بين الزوجين ..
ويبقى رغم ذلك أبغض الحلال


تحية ... ناريمان الشريف

هو ماذكرت ،عزيزتي ناريمان ،فالطلاق رغم أنه أبغض الحلال
لكنه أحيانا هوالحل ،لكثير من المشاكل الزوجية .

تشرفت بحضورك العاطر ،وتفاعلك السخي

دمت متألقة.

ريما ريماوي 02-24-2014 03:19 AM

اهلا بالمبدعة الرائعة مباركة في منابر...
واتمنى لك إقامة طيبة ...

النص متين..

والطلاق في أحيان كثيرة خلاص...
فاجأتني جدية الموضوع المختلفة
عن نصوصك الساخرة...

أكرر ترحيبي بك...
محبتي واحترامي وتقديري.

تحيتي.

مباركة بشير أحمد 02-27-2014 05:40 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسر علي (المشاركة 172307)
أهلا بالأديبة مباركة بشير أحمد

بكثير من الترحيب و البهجة يستقبل منبر القصة هذه المعزوفة الأدبية الأولى للكاتبة مباركة بشير أحمد .

في بحر النص المتلاطم بالصور الجمالية أستقي هذه التعابير الضاربة في أعماق الروعة :

وقد استفردت بمخيلتها الهشة غربان الحيرة تنعب في قفارها

بعدما نسفتها أفواه الزمن الواسعة

وتاه صهيلها تحت منعطفات الهوان.!

عطرُ كلماته هاقد انفتحت قارورته المنسية في ثنايا الذاكرة

ويهرق عطر الأمل بدواخلها المرتعشة

لافتات الفراق ستعلى هاماتها قريبا أمام "فوضى الحواس "

في حين تتوارى المشاعر النازفة حرقة و ولها و تسجن في بقعة ظلام

تعبث بالتواءات خط رسمته لحياتها يد الجبروت ..!

توالت حلقات مسلسله ناشبة أظافرهاعلى شجيرة عمره
ا الأخضر

حدقت بها طويلا تقرأ سطور التذمر المضمخة بالعتاب بين سهام رموشها

وعششت على أعرافة عناكب الجهالة



شكري و تقديري



شكرا على حضورك المميز أستاذنا الفاضل / ياسر علي
ولو أني كنتُ أطمع في بعض نقد صارم، تهديني فيه عيوبي :)
لكن " الجايات أكثر من الرايحات" بالتأكيد.

دام لك الرقي ،والسلامة.

مباركة بشير أحمد 02-27-2014 05:47 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ريما ريماوي (المشاركة 172438)
اهلا بالمبدعة الرائعة مباركة في منابر...
واتمنى لك إقامة طيبة ...

النص متين..

والطلاق في أحيان كثيرة خلاص...
فاجأتني جدية الموضوع المختلفة
عن نصوصك الساخرة...

أكرر ترحيبي بك...
محبتي واحترامي وتقديري.

تحيتي.

هههه وفاجأتني مشاركتك الكريمة ياريما
هكذاهي المباركة ،تجمع بين الجدَ، والهزل :)
ويا مرحبا بك أيتها الفراشة الجميلة ،في خمائل متصفحي .

أسمى تحاياي لك، وتقديري.

أحمد فضول 03-06-2014 09:19 PM

أسلوب أدبي راق في تصوير ظاهرة تؤرق المجتمع وتعكس الأثار النفسية التي تتلجلج في طيات حياة المطلقة والظلم والظلام والضلال الذي ينتظر أطراف الموقف : المطلقة والزوج والأبناء ولا ننسى الأفراد الآخرين وبخاصة والد المطلقة ووالدتها والمعاناة لدي هذه الأطراف . قصة قصيرة تناولت كثيرا ممن يلعب أدوارا في هذه الظاهرة المقلقة والمدمرة للمجتمع .
تمنياتي لك بالتوفيق والتميز .


الساعة الآن 08:12 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team