منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر ديوان العرب (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=48)
-   -   ++ أنشودة المطر ++ بدر شاكر السياب (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=88)

أحمد فؤاد صوفي 08-05-2010 10:56 PM

++ أنشودة المطر ++ بدر شاكر السياب
 

++ أنشودة المطر ++


بدر شاكر السياب



عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحرْ
أو شرفتانِ راحَ ينأى عنهُما القمرْ
عيناكِ حين تبسمانِ تُورقُ الكرومْ
وترقصُ الأضواءُ.. كالأقمارِ في نهَرْ
يرجُّهُ المجذافُ وَهْناً ساعةَ السحرْ...
كأنّما تنبُضُ في غوريهما النجومْ

وتغرقان في ضبابٍ من أسىً شفيفْ
كالبحرِ سرَّحَ اليدينِ فوقَهُ المساء
دفءُ الشتاءِ فيه وارتعاشةُ الخريف
والموتُ والميلادُ والظلامُ والضياء
فتستفيقُ ملء روحي، رعشةُ البكاء
ونشوةٌ وحشيةٌ تعانق السماء
كنشوةِ الطفلِ إذا خاف من القمر

كأنَّ أقواسَ السحابِ تشربُ الغيوم..
وقطرةً فقطرةً تذوبُ في المطر...
وكركرَ الأطفالُ في عرائش الكروم
ودغدغت صمتَ العصافيرِ على الشجر
أنشودةُ المطر
مطر
مطر
مطر

تثاءبَ المساءُ والغيومُ ما تزال
تسحّ ما تسحّ من دموعها الثقال:
كأنّ طفلاً باتَ يهذي قبلَ أنْ ينام
بأنّ أمّه - التي أفاقَ منذ عام
فلم يجدْها، ثم حين لجَّ في السؤال
قالوا له: "بعد غدٍ تعود" -
لا بدّ أنْ تعود
وإنْ تهامسَ الرفاقُ أنّها هناك
في جانبِ التلِ تنامُ نومةَ اللحود،
تسفُّ من ترابها وتشربُ المطر
كأنّ صياداً حزيناً يجمعُ الشباك
ويلعنُ المياهَ والقدر
وينثرُ الغناء حيث يأفلُ القمر
مطر، مطر، المطر

أتعلمين أيَّ حزنٍ يبعثُ المطر؟
وكيف تنشجُ المزاريبُ إذا انهمر؟
وكيف يشعرُ الوحيدُ فيه بالضياع؟
بلا انتهاء_ كالدمِ المُراق، كالجياع كالحبّ كالأطفالِ كالموتى –
هو المطر
ومقلتاك بي تطيفان مع المطر
وعبرَ أمواجِ الخليجِ تمسحُ البروق
سواحلَ العراقِ
بالنجومِ والمحار،
كأنها تهمُّ بالشروق
فيسحبُ الليلُ عليها من دمٍ دثار

أصيحُ بالخيلج: "يا خليج
يا واهبَ اللؤلؤ والمحارِ والردى"
فيرجع الصدى كأنّهُ النشيج:
"يا خليج: يا واهب المحار والردى"

أكادُ أسمعُ العراقَ يذخرُ الرعود
ويخزنُ البروقَ في السهولِ والجبال
حتى إذا ما فضّ عنها ختمَها الرجال
لم تترك الرياحُ من ثمود
في الوادِ من أثر
أكادُ أسمعُ النخيلَ يشربُ المطر
وأسمعُ القرى تئنّ، والمهاجرين
يصارعون بالمجاذيفِ وبالقلوع
عواصفَ الخليجِ والرعود، منشدين
مطر.. مطر .. مطر
وفي العراقِ جوعٌ
وينثرُ الغلال فيه موسم الحصاد
لتشبعَ الغربانُ والجراد
وتطحن الشوان والحجر
رحىً تدورُ في الحقولِ… حولها بشر
مطر
مطر
مطر
وكم ذرفنا ليلةَ الرحيل من دموع
ثم اعتللنا - خوفَ أن نُلامَ - بالمطر
مطر
مطر
ومنذ أن كنّا صغاراً، كانت السماء
تغيمُ في الشتاء
ويهطلُ المطر
وكلّ عامٍ - حين يعشبُ الثرى- نجوع
ما مرَّ عامٌ والعراقُ ليسَ فيه جوع
مطر
مطر
مطر

في كلّ قطرةٍ من المطر
حمراءُ أو صفراءُ من أجنّة الزهر
وكلّ دمعةٍ من الجياعِ والعراة
وكلّ قطرةٍ تُراقُ من دمِ العبيد
فهي ابتسامٌ في انتظارِ مبسمٍ جديد
أو حلمةٌ تورّدتْ على فمِ الوليد
في عالمِ الغدِ الفتيّ واهبِ الحياة
مطر
مطر
مطر
سيعشبُ العراقُ بالمطر

أصيحُ بالخليج: "يا خليج..
يا واهبَ اللؤلؤ والمحار والردى"
فيرجع الصدى كأنه النشيج:
"يا خليج: يا واهب المحار والردى"

وينثرُ الخليجُ من هباته الكثار
على الرمال، رغوةَ الأجاج، والمحار
وما تبقى من عظام بائس غريق
من المهاجرين ظل يشرب الردى
من لجة الخليج والقرار
وفي العراق ألف أفعى تشرب الرحيق
من زهرة يرُبّها الفرات بالندى

وأسمعُ الصدى
يرنّ في الخليج:
مطر
مطر
مطر

في كل قطرةٍ من المطر
حمراءُ أو صفراءُ من أجنةِ الزهر
وكلّ دمعةٍ من الجياعِ والعراة
وكل قطرةٍ تُراق من دمِ العبيد
فهي ابتسامٌ في انتظارِ مبسمٍ جديد
أو حلمةٌ تورّدت على فمِ الوليد
في عالمِ الغدِ الفتي، واهبِ الحياة

ويهطلُ المطرُ

أمل محمد 08-06-2010 12:25 AM

رد: ++ أنشودة المطر ++ بدر شاكر السياب
 
أنشودة ٌ أطربتني

غاية في الجمال والروعة

شكرًا لـ حـِســـّك َ الراقي يا ~ أحمد ~

أحمد فؤاد صوفي 08-07-2010 07:40 PM

رد: ++ أنشودة المطر ++ بدر شاكر السياب
 
هذه الأنشودة عالية الروعة . .

لا تقدم مع الزمن . .

بل تبقى لقلوبنا جديدة فائقة الاحساس . .

دمتم بخير . .

** أحمد فؤاد صوفي **

هالة نور الدين 08-12-2010 11:36 PM





الأستاذ الأديب الراقي

أحمد فؤاد صوفي

قصِيدةٌ رَائِعة يَانِعة أجْواؤهَا بـ الذَّات دَوماً

انتقاءٌ زَاخرٌ بـ الأنَاقَة

دامَ عَقيقُ الذَّائقة

كَثيفُ التَّقدير



ناريمان الشريف 08-12-2010 11:39 PM

أنشودة لا تنسى
قدمتها في اختبار بإحدى الدورات الإعلامية
كم لهذه القصيدة ذكرى رائعة في نفسي
ما أجمل ما فيها من صور أدبية
انتقاء غاية في الذوق
أشكرك




..... ناريمان

أحمد فؤاد صوفي 08-24-2010 10:17 PM

أديبتنا الكريمة هالة نور الدين المحترمة

يسرني دوماً مرورك وتعليقك
على الخير نلتقي
دمت بصحة وخير

** أحمد فؤاد صوفي **

أحمد فؤاد صوفي 08-24-2010 10:31 PM


الأديبة الكريمة ناريمان الشريف المحترمة

لم تشتهر هذه القصيدة بدون سبب بالطبع
لقد أحببناها منذ أن طالعناها
في ذلك الزمن الجميل
المليء بالثقافة والرقي

تقبلي مني كامل المنى
ودمت بصحة وخير

** أحمد فؤاد صوفي **

ريم بدر الدين 08-24-2010 10:35 PM

رحم الله أبا غيلان
ستبقى أنشودة المطر من عيون الأدب العربي
ذائقتك عالية أ. أحمد فؤاد الصوفي
أشكرك لهذا الاختيار

أحمد فؤاد صوفي 08-24-2010 11:04 PM

أديبتنا الكريمة ريم بدر الدين المحترمة

تشرفني دوماُ إطلالتك وتعليقاتك
تقبلي تحيتي وودي
دمت بصحة وخير

** أحمد فؤاد صوفي **

علي بن حسن الزهراني 08-26-2010 05:36 PM

فعلا أحبتي، وكما أسلفتم، فإن أنشودة المطر من روائع الشاعر العراقي الجميل بدر شاكر السياب، وأذكر أننا درسناها في قسم اللغة العربية بجامعة الملك سعود بالرياض، وكان أستاذنا معجب بها، ولكنه لم يخف استياءه وتذمره من غناء المطرب، محمد عبده لها، وقال لنا بأن دررا كهذه يجب أن تبقى دررا كما هي، لأن جمالها في إبداع قائلها لا في اللحن والمعازف..
تحية تقدير للدكتور الفاضل، عبد الرحمن السماعيل..
تحية للأستاذ أحمد فؤاد..
تحية لكم جميعا..
أبو أسامة

أحمد فؤاد صوفي 09-03-2010 03:00 PM


الأديب الكريم علي بن حسن الزهراني المحترم

كلما تذكرنا العراق وتاريخه والأدب العراقي
تطالعنا هذه القصيدة وتتصدر الذكرى
فهي حقاً جميلة مؤثرة لا تقدم مع الزمن

تقبل مني كامل الاحترام
دمت بخير . .

** أحمد فؤاد صوفي **

حميد درويش عطية 09-07-2010 11:49 AM

وفي العراق ألف أفعى تشرب الرحيق
من زهرة يرُبّها الفرات بالندى
وأسمعُ الصدى
يرنّ في الخليج:
مطر
مطر
مطر

-----------------------------------
رحمَ اللهُ تعالى أبا غيلان
كأنكَ حيٌ بيننا
تشاهدُ الأفاعي الصفراء
و هي تنفثُ سمومها
لتميتَ العراق .. !!
و لكن
هيهات .. لن يموتَ العراق
فالعراقُ باق ٍ رغمَ فحيح الأفاعي
و سيُعاودُ المطر بالسقوط
و تخضرُ أرضُ العراق
بإبداع ِ المبدعين
[ و سيعلمُ الذينَ ظلموا أيَ منقلب ٍ ينقلبون ]
و إنَ غدا ً لناظره ِ لقريب

إختيارٌ موفق عزيزي الأستاذ الأديب
أحمد فؤاد صوفي
لواحدة من روائع شاعرنا الخالد
بدر شاكر السياب
تقبل تحياتي و تقديري
و شكرا ً

حميد
7 / 9 / 2010

أحمد فؤاد صوفي 09-18-2010 03:53 PM


الأديب الكريم حميد درويش عطية المحترم

هكذا كتب القدر على أمتنا . .
أن نتعرض للبلايا والأرزاء ونصبر . .
ولكن لكل أمر نهاية . .
ولكل ظالم أيضاً نهاية . .
والشعب الأبي هو الباقي . .
حتى يحكم الله أمراً كان مفعولا . .

تقبل مني كامل المنى . .

** أحمد فؤاد صوفي **

حميد درويش عطية 09-18-2010 04:54 PM

أخي العزيز و أستاذي الفاضل
الأديب أحمد فؤاد صوفي
أشكركَ على ردكَ السريع
كما أحيي فيكَ روح التفاؤل التي تحملها بصدق
فلا بدَ لليل ِ أن ينجلي .. و لا بدَ للقيد ِ أن ينكسر
و أن شعبَ العراق شعبٌ حي ٌ و لن يموت
و ستتبخر كل أحلام المجوس و عملائهم
و سيعودون إلى جحورهم خاسئينَ مدحوِرينَ بإذن َ الله تعالى
و يعود ُ العراق شعلة ً وهاجة تنيرُ لنا دربَ الإيمان
دربَ التقدم و الإزدهار
إعذرني أخي على هذا الإسترسال
فليسَ وقته .. لكن القلبَ مهموم
لك َ تحيتي و تقديري


18 / 9 / 2010

أحمد فؤاد صوفي 09-21-2010 10:55 PM

أخي الكريم حميد درويش عطية المحترم . .

قلبك مهموم كقلوبنا . .
نريد لليل أن ينجلي . .
فقد طال الزمان . .

ونحن من شرقنا إلى غربنا . .
أخوة عرب في أقطار متفرقة . .
ويجب أن يكون كل منا داعماً دائماً لأخوته أينما كانوا . .
فهذا واجب وليس تمنناً . .
وسنبقى ما حيينا ننادي بالوحدة العربية . .
مهما وجدنا تنفيذ ذلك بعيداً عن الواقع . .
فهي التي تجمع أبناء العروبة . .
وتلغي الحدود المصطنعة بين مختلف الأقطار العربية . .
و مثل هذا - الحلم - لا نملك أن نتناساه أبداَ

أخي . .
أحييك من القلب . .
وعلى الخير دوماً نلتقي . .

** أحمد فؤاد صوفي **

ماجد جابر 04-23-2011 11:34 AM

تحيّاتي

لله درك أيها الأديب الكبير أخي أحمد فؤاد صوفي !
أبدعت وأحسنت في حُسن الاختيار .
اخترت شاعرا عملاقا ، وهذا ينمّ عن ذائقة فنيّة فريدة.
أدرس قصائده هذه وغيرها في الجامعة لروعتها أيّها الرائع بحق.
دمت بألق ونقاء

أميرة الشمري 04-23-2011 03:36 PM

ومنذ أن كنّا صغاراً، كانت السماء
تغيمُ في الشتاء
ويهطلُ المطر
وكلّ عامٍ - حين يعشبُ الثرى- نجوع
ما مرَّ عامٌ والعراقُ ليسَ فيه جوع
مطر
مطر
مطر
سلمت ذائقتك أخ احمد
فعلا انها من الدرر النفيسة التي لاتنسى
مودتي واحترامي لشخصك الكريم



عبد الرحيم عيا 04-25-2011 09:57 PM

الأستاذ الأديب أحمد صوفي

اختيار موفق ينم عن ذوق أدبي راقي

قصيدة جميلة قالت كل شيء بجمال قل نظيره : تصويرا وإيقاعا ورؤيا فلسفية عميقة

العينان والمطر والعراق والخليج

الجراح المفتوحة دوما على مدارات الأسئلة

تحيتي وتقديري

أحمد فؤاد صوفي 05-15-2011 05:11 PM

الأستاذ الكريم ماجد جابر المحترم

أشكر مرورك ومقالتك . .
فعلاً فإننا نشعر بالفخر عندما نقرأ هذه الروائع . .
وهذه القصيدة لا تشابه غيرها أبداً . .
جمالها لا يحد . . تدخل القلب وتتعشقه . .
وهي تستحق القراءة مراراً وتكرارا . .

عزيزي . .
دمت أستاذاً ومربياً متألقاً . .
تقبل مني التحية والتقدير . .

** أحمد فؤاد صوفي **

أحمد فؤاد صوفي 05-16-2011 10:45 AM

الأديبة الكريمة أميرة الشمري المحترمة

نعم عزيزتي . . إن هذه القصيدة قد جمعت المجد من جميع جوانبها . .
وفوق ذلك نرى فيها الحس الوطني العالي وعشق الأرض . .

تقبلي تحيتي واحترامي . .
دمت بصحة وخير . .

** أحمد فؤاد صوفي **

أحمد فؤاد صوفي 05-16-2011 10:48 AM

الأديب الكريم عبد الرحيم عيا المحترم

أوافقك الرأي أن هذه القصيدة قد قالت كل شيء . .
وأضيف أيضاً أنك مهما قرأتها فلن تمل منها أبداً . .
ففيها سحر جاذب . .

تحيتي وتقديري . .
دمت بصحة وخير . .

** أحمد فؤاد صوفي **


الساعة الآن 02:43 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team