منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=7)
-   -   المتنبي - قراءة طه حسين لنماذج من اشعاره (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=1782)

ايوب صابر 10-09-2010 11:44 AM

المتنبي - قراءة طه حسين لنماذج من اشعاره
 
نكابر حينما ندعي اننا نستطيع فهم الكثير من الشعر القديم لمجرد قراءته وعدم الغوص في المعاني والشروح والخلفيات التاريخية ونكابر اكثر حينما ندعي فهمنا لشعر عبقرية فذة مثل المتنبي من دون اداوات مساعده مثل تلك التي تساعد على سبر اغوار النصوص وشرحها.

في هذا المنبر سأحاول ان اقدم نماذج من اشعار المتنبي كما قرأها ، فهما وشرحها طه حسين والمرجعية هي كتاب " مع المتنبي " والغاية هي فهم اعمق لاشعار المتنبي الذي يظل "مالئ الدنيا وشاغل الناس":

يمكنك ايضا الاطلاع على سر خلود وبقاء المتنبي على الرابط التالي:




http://www.mnaabr.com/vb/showthread....راق-ساخنة-(-10-)

ايوب صابر 10-09-2010 11:51 AM

يقول طه حسين في مقدمة كتابه عن سبب اعداده لهذا الكتاب:

" اكبر الظن اني إنما فعلت ذلك لان المتنبي كان وما زال حديث الناس المتصل منذ أكثر من عامين، ولاني حاولت وما زلت احاول ان استكشف السر في حب المحدثين له وإقبالهم عليه، وإسرافهم في هذا الحب والاقبال، كما اسرف القدماء في العناية به حبا وبغضا وإقبالا وإعراضا..."

ايوب صابر 10-09-2010 12:05 PM

عن نسب المتنبي يقول طه حسين :

أكان المتنبي يعرف أباه؟ قال المؤرخون نعم ولم يقل المتنبي شيئا...فأنت تقرأ ديوانه من اوله الى آخره وتقرؤه مستأنيا متمهلا فلا تجد فيه ذكرا لهذا الرجل الطيب الذي انجب للقرن الرابع شاعره العظيم....
كان المتنبي يؤثر ان ينتسب للسيف والرمح والى الحرب والبأس على ان ينتسب الى هذا الرجل الطيب الذي اسماه المؤرخون الحسين ونسبوه الى جعفي من عرب الجنوب..
أكان المتنبي يعرف جده ؟ لا يحدثنا ديوانه بشيء....ومن لم يعرف اباه لم يعرف جده.
وبعد فليس يضع من قدر المتنبي عندي الا يعرف لنفسه ابا وليس يرفع من شأنه ان يكون ابوه من المجد ونباهة الذكر بحيث كان غالب بن صعصعة ابو الفرزدق وشيخ تميم..
وانا اقبل في اعجاب لا حد له هذه الابيات التي هي من اروع ما قال المتنبي من الشعر:

أنا ابنُ مَن بعضُهُ يفوق أبا الباحـ ثِ والنجل بعضُ من نَجَلَه
وإنما يذكر الجدود ود لهم من نفروه وانفدوا حيله
فخرا لغض أروح مشتمله وسمهري أروح معتقله
وليفخر الفخر إذا غدوت به..............مرتديا خيره ومنتعله
أنا الذي بين الاله به ال .............أقدار والمرء حيثما جعله
جوهرة تفرح الشراف بها ..........وغصة لا تسيغها السفله
.................................
ويظهر الجهل بي وأعرفه....والدر در برغم من جهله

يقول طه حسين " فالمتنبي كما ترى لا ينسب نفسه الى اب كأباء الناس وإنما ينسب نفسه الى متجزئ له بعض يمتاز من كله وبعضه هذا يفوق آباء الباحثين عن نسبه المتقصين لامره.
هو اذن ينتسب الى معنى بعضه يغني عن كل غيرع وقليله يغني عن كثير سواه ..هو ينتسب الى البأس والشدة والى المرؤة والنجده والى ارتفاع الهمة وبعد الامل وحسن البلاء : به يفخر السف إن اشتمل السيف وبه يفخر الرمح إن اعتقل الرمح وبه يفخر الفخر إن اكتساه ثوبا أو احتذاه نعلا..

ايوب صابر 10-10-2010 03:01 PM

عن أم المتنبي .
ولو لم تكوني بنتَ أكرمَ والدٍ ......لكانَ أباكِ الضخْم كونَكِ لي أمَّا

يقول طه حسين : هل كان المتنبي يعرف أمه؟ ديوان المتنبي صامت تجاه أمه صمته إلى أبيه. .فالصبي الشاب والرجل المكتهل والمتنبي راضيا وساخطا ومسرورا ومحزونا لا يذكر أمه كما انه لا يذكر أباه. لكن خطب المتنبي في أمه أعظم من خطبه في أبيه. فلا احد يعرف من أمرها شيئا ولم يذكر احد من أمرها شيئا.
يقول طه حسين : اقل ما في البيت أن المتنبي يذكر لنا أن جدته قد كانت بنت أكرم والد ولكنها لم تكن محتاجة لهذا النسب لان المتنبي حفيدها.

ايوب صابر 10-14-2010 04:35 PM

هل كان المتنبي عربيا؟
كان المتنبي يرى انه عربي ، وسار حياته كلها سيرة ملائمة لهذا الرأي. ولعل هذا الرأي كان ابلغ المؤثرات في حياته العملية وهو ابلغ المؤثرات في حياته الفنية على كل حال وقد أنبأنا المتنبي برأيه هذا في نفسه حين قال:
لا بقومي شرفت بل شرفوا بي ...وبنفسي فخرت لا بجدودي
وبهم فخر كل من نطق الضا...د وعوذ الجاني وغوث الطريد

فهذا البيت الثاني صريح في أن المتنبي كان يعلن إلى الناس انه لا يشرف بقومه وإنما يشرف قومه به وانه يفخر بنفسه لا بأجداده وإن كان قومه فخر العرب ومجتمع خلالهم وخصالهم..

ايوب صابر 10-14-2010 04:36 PM

من قصيدة المتنبي في رثاء جدته:

طلبت لها حظا ففاتت وفاتني ..........وقد رضيت بي لو رضيت بها قسما
فأصبحت استسقى الغمام لقبرها....وقد كنت استسقى الوغى والقنا الصما
................................ ..............................
هبيني اخذت التأر فيك من العدى ........فكيف بأخذ الثأر فيك من الحمى
................................ ...............................
ولو لم تكوني بنت أكرم والد ..........لكان أبوك الضخم كونك لي أما
لئن لذ يوم الشامتين بموتها ..............لقد ولدت منى لأنفهم رغما
تغرب لا مستعظما غير نفسه ................ولا قابلا إلا لخالقه حكما
................................ ...............................
وما الجمع بين الماء والنار في يدي بأصعب أن اجمع الجد وألفهما
............................. ...............................
واني لم قوم كأن نفوسهم ..........بها انف أن تسكن اللحم والعظما
كذا أنا يا دنيا إذا شئت فأذهبي ...ويا نفس زيدي في كرائهها قدما
فلا عبرت بي ساعة لا تعزني ........ولا صحبتي مهجة تقبل الظلما

يرى طه حسن أن هذه القصيدة خالدة يرثى فيها المتنبي جدته وقد ملئت بالعواطف المكظومة والأهواء المكتومة والخواطر التي لا يعرب عنها إلا بالإشارة والتلميح.
فهو قد طلب لجدته حظا لم يدركه لأنها أسرعتإلى الموت ولان هذا الحظ أبطأ على طالبه. وهو يسأل كيف يستطيع أن يثأر لها من الحمى التي قضت عليها على فرض أنه استطاع أن يثأر لها من الأعداء الذين أساءوا إليها.

ويدل هذا في رأي طه حسين على أن سرا من الأسرار كان يكتنف حياة أبي الطيب ويحيط بأسرته ويستر عنها حقيقة الصلة التي كانت بينه وبين هذه الجدة الصالحة.

ويلمح المتنبي في القصيدة بأن قوما قد يسرون بموت جدته ويمتون به وبها ولكنه يعلن إلى هؤلاء الناس أنها إن مضت وأعجزها الموت عن أن تكبتهم وترد كيدهم في نحورهم فقد ولدته رغما لأنوفهم وكبتا لما في صدورهم من الحقد والشنآن.
ثم هو يصف لنا نفسه كما تعود أن يصفها شديدة البأس قوية المراس أبية الضيم ممتنعة على الذل.

ايوب صابر 10-14-2010 04:36 PM

أبيات من شعر الصبا،،


بأبي مَنْ وَددتُهُ فافترقنا ...وقَضى اللهُ بَعدَ ذاكَ اجتماعا


فافتقرنا حَولا فَلما التقينا ...كانَ تسليمُهُ علىَّ وَداعا


يقول المتنبي عن هذين البيتين:
- أولا يرى طه حسين أن المتنبي يقلد من سبقه في هذين البيتين.
- الفكرة الشعرية التي يريد المتنبي أن يصورها هي انه أحب شخصا فلم يكد يحبه حتى فرق الدهر بينهما ثم طال انتظاره للقاء من أحب وأتيح له هذا اللقاء ولكنه لم يطل بل فرق الدهر بينهما مرة أخرى. فهو سيء الحظ يحب ثم يحال بينه وبين من أحب قبل أن ينعم بعشرته ثم يتاح له اللقاء فيقدر أنه سيستدرك ما فاته من نعم ولكن قسوة الدهر تخيب أمله هذا أيضا..

يمكنك ايضا الاطلاع على سر خلود وبقاء المتنبي على الرابط التالي:

http://www.mnaabr.com/vb/showthread....راق-ساخنة-(-10-)

ايوب صابر 10-16-2010 12:29 PM

أبيات أخرى من شعر الصبا،،
أبلى الهوى أسفا يومَ النوى بَدَني ...وفَرقَ الهجرُ بينَ الجفنِ والوَسَنِ
روح تردد في مثل الخلال إذا.......... أطارت الريح عنه الثوب لم يبن
كفى بجسمي نحولا أنني رجل..............لولا مخاطبتي إياك لم ترنى

يقول طه حسين... واضح أن الفكرة التي أراد المتنبي إيصالها هي النحول لا بل الاغراق في وصف النحول..ويرى طه حسين ان المتنبي قد وفق في النظم حيث الموسيقى بين كلمتي الهوى والنوى واظهر قدرة على التصرف في الالفاظ.

ايوب صابر 10-21-2010 04:47 PM

لا تسحن الوفرة حتى ترى ...منشورة الضفرين يوم القتال


على فتى معتقل صعدة............ يعلها من كل وافي السبال



يقول طه حسين ترى في هذين البيتين جزالة مطبوعة...وهما يصوران نزوع المتنبي إلى الحرب والقتال ورؤية الدم المسفوك– وهو ما يزال حدثا- فالمتنبي هنا يهجو ولا يرضى عن هؤلاء الصبية المنعمين الذين يعنون بوفرتهم وتنسيق شعورهم أكثر مما يعنون بحياة الخشونة.
وفي بالبيتين ريح البيئة الدامية التي كان يعيش فيها الصبية من أتراب المتنبي .

ايوب صابر 10-24-2010 09:59 AM

أرقٌ على ارق ومِثلىَ يأرق.....وَجَوى يزيدُ وعَبْرَةٌ تَتَرقْرَقُ
جَهْدُ الصَّبابةِ أن تكونَ كما أرَى...عينٌ مُسهدةٌ وقلبٌ يَخفقٌ
ما لاحَ برقٌ أو ترنمَ طـــائرٌ...............إلا انثنيتُ وَلى فــــــؤادٌ شيقُ

يتغنى المتنبي في هذه غناء غامضا بعواطف مبهمة وإن ظهر منها أنها العشق، ولكن هذا الغناء صادق اللهجة قوى النغمة يصدر عن قلب حزين وينتهي إلى القلوب فيثر فيها الحزن والأسى.

فأرق الشعر متصل يقفو بعضه إثر بعض، والشاعر يقرر ذلك ولا ينكره، لأنه يرى أن مثله خليق أن يأرق. فأما عامة الناس فيفهمون من هذا الشطر الأول شدة العشق، وحدة الحب، ولوعة الهوى، وأما العارفون بأمر المتنبي فيفهمون من هذا الشطر هم الشاعر الذي يطيل ليله ويضاعف أرقه، وأمل الشاعر الذي يملا قلبه ، ويبعد عن متناوله. والشاعر محزون يزيد حونه كلما مرت الساعات والأيام، وقد ينتهي به هذا الحزن المتصل المتزايد إلى البكاء.

وانظر إلى البيت الثاني :
جَهْدُ الصَّبابةِ أن تكونَ كما أرَى...عينٌ مُسهدةٌ وقلبٌ يَخفقٌ

فهل ترى غناء اصدق من هذا الغناء وأبلغ تأثيرا في النفس!ورغم أن البيت لا يأتي بشيء جديد ولا طريف لكن صدق لهجة الشاعر والجمع بين تسهيد العين وخفقان القلب يشيع في هذا البيت حزنا لا ادري كيف أحققه، ولكنى أعلم انه شديد العدوى سريع الانتقال إلى سامعيه وقارئيه.

ثم انظر إلى البيت الثالث:
ما لاحَ برقٌ أو ترنمَ طـــائرٌ....إلا انثنيتُ وَلى فــــــؤادٌ شيقُ
فسترى فيه مثل ما رأيت في البيت السابق ، وستجد فيه حنين الشاعر إلى وطنه الذي لم تزل نفسه به متصلة لم تسل عنه بعد.


الساعة الآن 06:18 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team