منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=7)
-   -   سمات الأيتام قبل الولادة وخصائص مخرجاتهم الابداعية: دراسة بحثية (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=13821)

ايوب صابر 05-31-2014 05:05 PM

سمات الأيتام قبل الولادة وخصائص مخرجاتهم الابداعية: دراسة بحثية
 
سنحاول اولا رصد 10 من المبدعين الأيتام قبل الولادة لهذه الدراسة ثم نحاول التعمق في دراستهم لاستكشاف :
- ما طبيعة السمات الشخصية التي نجدها لدى هؤلاء ؟ مثل الذاكرة الفوتوغرافية لدى الامام الشافعي؟
- وهل هذه السمات مشتركة ؟
- ثم ما هي المجالات الابداعية لديهم ؟ وما هي خصائص مخرجات عقولهم الابداعية ؟
- ثم هل يمكن الاستنتاج بان اليتم قبل الولادة يؤدي حتما الى سمات معينة بعضها على الاقل مشتركة وان هناك حتما اثر لليتم المبكر على الشخصية والقدرات الابداعية!!؟؟
- وأخيرا وليس آخراً هل يؤدي اليتم قبل الولادة الى اعلى حالة من حالات الإبداع او الى الإبداع في اعلى حالاته ؟ *

ايوب صابر 06-01-2014 12:18 PM

اليتيم قبل الولادة رقم 1


بن جونسون
هذا الكاتب الانجليزي يتيم قبل الولادة بشهر او شهرين كما تقول سيرته باللغة الانجليزية وسيكون واحدا من بين مجموعة من الأدباء سنخضعهم لدراسة نحاول فيها التعرف على خصائص أدب الأيتام من سن مبكرة جداً وتحديدا قبل الولادة .
Ben Jonson


بن جونسون Ben Jonson أو Benjamin Jonson؛ (ح. 11 يونيو 1572 - ت. 6 أغسطس 1637)، هو كاتب مسرحيات وشاعر وممثل إنگليزي معاصر لشكسبير، وناقد فني. ترك أثراً باقياً في الشعر الإنگليزي والمسرح الكوميدي. اشتهر بمسرحياته الساخرة كل رجل في مزحه (1598)، ڤولپون أو الثعلب (1605)، الخيميائي (عام 1610)، التي استلهم أحداثها من فترة الطاعون في لندن، بارتولوميو فير: كوميديا (1614). كما شاتهر بشعر الغنائي. يعتبر أعظم مسرحيي الأدب الإنگليزي بعد شكسبير.[1]

النشأة

المعلم في مدرسة وستمنستر، وليام كامدن زرع النبوغ الفني في بن جونسون.

الشاعر الاسكتلندي وليام درموند، من هوثورن‌دن، كان صديقاً مقرباً من جونسون.
وُلد في وستمنستر بعد وفاة أبيه بشهر واحد، وعمد تحت اسم بنيامين جونسون. وأسقط من اسمه حرف الهاء تمييزاً لشخصه، ولكن دور الطباعة ظلت تستخدمه، ولو أنه مات، حتى 1840، ولا زال يظهر على لوحة معلنة على جدران كنيسة وستمنستر. وكان الزوج الأول لأمه قسيساً. وكان زوجها الثاني بناء بالأجر. وكانت الأسرة فقيرة معدمة. وكان على بن أن يشق طريقه إلى التعليم بصعوبة بالغة. وما كانت إلا الشفقة التي ملأت قلب صديق بصير لتزوده بالمال ليلتحق بمدرسة وستمنستر، وساق.ه حظه إلى الوقوع تحت إشراف "وكيلها" المؤرخ العالم الأثري وليام كامدن، وانصرف إلى الدراسات القديمة، مع عداء أقل من العادي، وأحب شيشرون وسنكا، وليڤي وتاكيتوس، وكونتليان، وزعم بعد ذلك، واضح أنه على حق- " أنه يعرف من اليونانية واللاتينية أكثر من شعراء إنجلترا جميعهم " على أن "مرحه" السريع الاهتياج والإثارة، وعالم لندن الخشن العنيف بلا حدود، هما اللذان حالا دون أن يدمر تعليمه فنه.[2]
وبعد تخرجه في وستمنستر التحق بكمبردج حيث "بقي- كما يقول أول مؤرخ لحياته- أسابيع قليلة، لحاجته إلى مورد رزق آخر "، وأراد له زوج أمه أن يكون صبي بناء، وقد نتخيل بن جونسون وهو يتصبب عرقاً ويضطرب لمدة سبع سنين دأباً، وهو يرص الطوب ويفكر في الشعر. ثم فجأة خرج إلى الحرب، وانساق في تيارها، واندفع إليها بنشاط وحيوية أكثر منه إلى صناعة البناء. وخدم في الأراضي الوطيئة، وبارز جندياً من الأعداء، فصرعه، وسلبه ما معه، وعاد إلى الوطن يروي قصصاً مفصلة. وتزوج وأنجب أطفالاً، وارى منهم التراب ثلاثة أو أكثر. ووقع الشجار بينه وبين زوجته فهجرها لمدة خمس سنوات، ثم عاد وعاش معاً عيشة ينقصها الوفاق والانسجام حتى ماتت. ولا تعرف كليو نفسها كيف كان بن جونسون- زوجها- يدبر معاش الأسرة.
ويكون السر أعمق حين نعلم أنه أصبح ممثلاً عام 1597، ولكن تفجرت منه أفكار مشرقة وأشعار لبقة. واهتز فرحاً حين دعاه توم للمشاركة في رواية جزيرة الكلاب ولا شك في أنه حمل نصيبه من المسئولية في "المادة المثيرة للفتنة والتي تتضمن قذفاً وتشويهاً للسمعة "التي وجدها مجلس الشورى في الرواية. وأمر المجلس بوقف التمثيل وإغلاق المسرح والقبض على المؤلفين. أما ناش الذي كان خبيراً عتيقاً بمثل هذه المآزق، فقد قضى نحبه في بارموث. ووجد جونسون نفسه في السجن، ولما كان نظام السجن يقتضيه أن يدفع نفقة طعامه وإقامته وأصفاده فقد اقترض أربعة جنيهات من فيليب هنسلو، فلما أطلق سراحه انضم إلى فرقة هنسلو (وشكسبير) المسرحية عام 1597.
صعوده
وبعد سنة كتب ملهاته الهامة الأولى: كل رجل في مزحه ورأى شكسبير يمثل فيها المسرح "الجلوب". ومن الجائز أن المؤلف المسرحي العظيم (شكسبير) لم يستسغ مقدمة الرواية التي اقترحت- على الرغم من النموذج السائد- إتباع الوحدات الكلاسيكية، أو التقليدية القديمة، وحدة العمل والزمان والمكان، لا أن:
تجعل طفلاً، ملفوفاً الآن في قماطه، ينهض حتى يستوي رجلاً ويطوي، بلحية وملابس حداد، ستين عاماً مضت، إنك سوف تسر اليوم إذ تشهد رواية يجب أن تحتذي مثالها كل الروايات، رواية ليس فيها كورس ينطلق بك فيما وراء البحار، ولا عرش ينهار، مما يفرح له الأولاد... بل فيها أعمال، ولغة مثل تلك التي يستخدمها الناس، وأشخاص ممن يجب أن تنتقيهم الملهاة، إذ كان لها أن تصور الزمان، وتسلي الناس بحماقات الإنسان لا بالجرائم.
وهكذا أدار جونسون ظهره للمزاح أو الهزل الأرستقراطي في ملهيات شكسبير الأولى، وللجغرافيا والكرونولوجيا وتعيين تواريخ الأحداث وترتيبها وفقاً لتسلسلها الزمني الخارقتين في المسرحية "الرومانتيكية"، وأتى بأكواخ لندن إلى المسرح، وتخلى عن ثقافته ومعرفته الواسعتين الخارقتين ليبرز إبرازاً مشهوداً لهجات الطبقات الدنيا وأساليبها. وكان أبطال الرواية رسوماً كاريكاتورية أكثر منها ابتكارات فلسفية معقدة، ولكنهم يعيشون، وكانوا تافهين لا قيمة لهم، ولكنهم من بني الإنسان، ولم يكونوا معقولين ولا مهذبين، ولكنهم لم يكونوا قتلة ولا سفاحين.
وكان اللاتينيون قد استخدموا لفظة Umore لتعني "الرطوبة" أو السائل، كما استخدمت تقاليد أبقراط الطبية لفظة Humor لتدل على أربعة سوائل في الجسم- الدم، البلغم، الصفراء السوداء، والصفراء الصفراء. وتبعاً لغلبة الواحدة أو الأخرى من هذه المواد في جسم الإنسان، كان يقال إنه ذو "مزاج" دموي، (متفائل)، أو بلغمي (بارد)، أو سوداوي (مكتئب)، أو صفراوي (سريع الغضب) أما جونسون فقد حدد تفسيره لهذا الاصطلاح:
عندما تتملك إنساناً صفة بعينها، وتسيطر على كل أحاسيسه وأنشطته وقواه، حتى تسير كلها في اتجاه واحد- فهذا ما يمكن أن يقال عنه بحق "المزاج" (Humour) وظهرت الكلمة في التصوير المرح للكابتن بوباديل، وهو تحدر مباشر من رواية باريس "المحاربون الأمجاد"، ولكنه يمور موراً "بمزاجه" الخاص به المميز له، ومرحه غير الواعي- فهو دوماً شجاع إلا عند الخطر، مندفع إلى القتال إلا عندما يتحداه أحد، فهو رب السيف المكنون في غمده.
واستقبلت الرواية استقبالاً حسناً، وكان في مقدور بن الآن أن ينغمس في حماقات السباب وشهواته على نطاق أوسع، وكان فرجاً بالثقة، مزهواً بأنه شاعر يتحدث إلى اللوردات في أنفة وكبرياء، ويقف راسخ القدمين، يتعجل التمتع ويستسيغ الصراحة والمرح الصاخب، ويغوي النساء من آن لآن، ولكنه أخيراً (كما قال لدروموند) "آثر جور الزوجة على خفر الخليلة "- وهجر التمثيل، وعاش عيشة طائشة على قلمه، وازدهر لبعض الوقت بتأليف التمثيليات التنكرية للبلاط، وتلاءمت الأشعار الخيالية التي نظمها مع المناظر التي صممها جونز، ولكن بن كان حاد الطبع، فكثرت مشاجراته. ففي عام نجاحه الأول اشتبك مع أحد الممثلين، وهو جبرييل سبنسر، وبارزه وقتله، فأودع السجن بتهمة القتل عام 1598. ومما زاد الطين بلة، أنه ارتد إلى الكاثوليكية في السجن، ولكنه مع ذلك حوكم محاكمة عادلة، وأجيز له أن يدفع "بالحصانة الأكليريكية" لأنه تلا "المزامير" باللاتينية "كما يفعل رجال الدين". وأطلق سراحه بعد أن وشم إبهامه بحديد محمي بحرف T، حتى يمكن في الحال اكتشاف أنه مجرد عائد، إذا ارتكب جريمة القتل مرة ثانية، وظل بقية حياته مدموغاً بأنه مجرم.
وبعد سنة قضاها مطلق السراح أعيد إلى السجن من أجلي دين عليه لم يسدده. ومرة أخرى أطلق سراحه بكفالة هنسلو. وفي 1600 سعى جونسون وراء تسديد ديونه بكتابة رواية كل رجل خارج مزحه. وأثقل الملهاة باقتباسات زخرفية كلاسيكية، وأضاف إلى أشخاص المسرحية ثلاث شخصيات استخدمت كفرقة للتعليق على الأحداث، وأمطر بوابل من المذمة والقدح، البيوريتانيين الذين "كان الدين بين طيات ثيابهم، والذين حلقوا شعر رءوسهم أقصر من شعر حواجبهم" ولوح بمعرفته وعلمه للكتاب المسرحيين الذين كانوا يحطمون "وحدات أرسطو". وبدلاً من الروايات الرومانتيكية المستحيلة الحدوث حول اللوردات الذين لا يصدق وجودهم، عرض جونسون أن يكشف للندن عن ذاتها بلا هوادة ولا رحمة:
فليواجهوا مرآة كبيرة قدر كبر المسرح الذي نمثل عليه، ولسوف يرون فيها علل العصر ونقائضه. مشرحة تشريحاً دقيقاً مفصلاً في كل ناحية فيها، في شجاعة لا تلين ولا تفتر، وفي ازدراء لأي خوف.
وصنعت الرواية من العداوات أكثر مما جلبت من أموال. وليس من يوصي اليوم بقراءتها. ولما لم يكن جونسون راضياً عن جمهوره الصاخب في مسرح الجلوب، فإنه كتب ملهاته الثانية عربدة سينثيا (1601) لفرقة من الممثلين الشبان ونخبة صغيرة من الجمهور في مسرح "Black Friars"، وأحس دكرو مارسون أن الرواية تناولتهما بالهجاء. ولما استشاطت فرقة تسمبرلين غضباً لمنافسة أولاد مسرح "Black Friars" لها، أخرجت في 1602 رواية دكر "Satiromastix" (ضرب المؤلف الهجاء بالسياط) وفيها تشهير بجونسون أنه سفاح وبناء تلفه مغرور متحذلق، جسمه مليء بالبثور. وانتهى الشجار بتبادل المديح وتقارض الثناء. وابتسم الحظ لبعض الوقت. واستضاف أحد المحامين النابهين بن جونسون في بيته وأرسل ارل بمبروك إلى الشاعر عشرين جنيهاً "ليشتري بها كتباً". وما أن أصبح في أمان من الفقر والحاجة حتى أمسك بالقلم محاولاً تأليف "مسرحية مأساوية"، موضوعها "سيجانوس" الصديق الشرير الأثير لدى تيبريوس. واعتمد في روايته بدقة على كتابات تاكيتوس وسوتونيوس وديو كاسياس وجوفينال، وأخرج تحفة رائعة ثقافية فيها بعض مناظرها مؤثرة (الفصل الخامس- 10 مثلاً) وأبيات من الشعر الرائع. ولكن جمهور المشاهدين كره الخطب الطويلة والتوجيه الأخلاقي الممل الصادر عن شخصيات تعوزها الحيوية. وسرعان ما سحبت الرواية من المسرح. وطبع جونسون النص، وأورد على الهامش مراجعه القديمة مع بعض ملاحظات باللاتينية. وتأثر لورد أوبيني Aubigny، فهيأ للمؤلف المخزون مأوى آمناً لمدة خمس سنوات.


صفحة العنوان في أعمال بنيامين يونسون The Workes of Beniamin Ionson (1616)، أول مطبوعة بمقاس فوليو تضم مسرحيات
وعاد جونسون إلى الحلبة في 1605 بأعظم رواية له ڤولپون أو الثعلب، هاجم فيها، في هجاء مقذع شهوة المال التي اجتاحت لندن. وكما هو مألوف في الملهاة- من عهد بلوتس إلى رواية The Admirable Crichton- فإن محور الرواية هو خادم ماهر. ويحضر الخادم موسكا (ذبابة بالإيطالية) إلى سيده البخيل فولبون (الثعلب) الذي يدعى أنه مرض مرضاً شديداً، مجموعة من صيادي الميراث بالوصية- فولتوز: نسر، ثم كورباتشيو: غراب، ثم كورفينو: غراب أسحم- وكل منهم يترك للسيد المريض (الثعلب) هدية ثمينة، على أمل أن يسمى وريثاً له. ويتقبل "الثعلب كل هدية بتمنع جشع، إلى حد استعاره زوجة كورباتشيو لليلة واحدة. وينتهي الأمر بأن يخدع الخادم موسكا سيده فولبون حتى يعينه هو وريثاً وحيداً له، ولكن بناريو (الطبيعة الطيبة)، يكشف الحيلة، ويرسل مجلس السناتو في البندقية كل الممثلين تقريباً إلى السجن. وجعلت هذه المسرحية، آخر الأمر، راود مسرح الجلوب يركعون بين يدي جونسون.
الانحدار
وسرعان ما انتقل من نجاح إلى محنة، فقد اشترك مع مارستون وتشابمان في مسرحية إيستوارد هو، (1605) واعتقلت الحكومة المؤلفين على أساس أن الملهاة أساءت إلى الاسكتلنديين. وهدد المعتقلون بقطع أنوفهم وآذانهم، ولكن أفرج عنهم دون أن يمسوا بأذى، واشترك بعض ذوي المقامات الرفيعة- مثل كامدون وسلدن- في المأدبة التي أقامها الثالوث الذي استرد حريته. ثم، في 7 نوفمبر 1605، استدعى جونسون إلى مجلس الشورى، باعتباره كاثوليكياً يمكن أن يكون لديه معلومات عن مؤامرة البارود. وعلى الرغم من أنه كان قد تناول العشاء مع المدبر الرئيسي كاتسبي، قبل ذلك بشهر، فإنه تفادى كل تورط في المسألة. ولكن في 9 يناير 1606 دعي إلى المحكمة بوصفه متمرداً مخالفاً للقانون. ولما كان فقيراً معدماً إلى حد لا يستطيع معه دفع غرامة مجزية، فإن المحكمة لم تتشدد في الاتهام. وفي 1610 ارتد إلى المذهب الأنجليكاني، في حماسة بالغة إلى حد أنه أتى على كل ما في كأس النبيذ حين جلس إلى "العشاء الرباني".
وفي تلك السنة أخرج أشهر مسرحياته الخيميائي، وهجا فيها، لا مجرد الخيمياء (محاولة تحويل المعادن الخسيسة إلى ذهب)، وهذه مسألة تافهة، بل هجا كذاك ألواناً كثيرة من الدجل والخداع التي غزت لندن بالشعوذة. إن سير أبيقور مأمون واثق من أنه وقف على سير الكيمياء القديمة فيقول:
"الليلة سأحول كل ما في بيتي من معدن إلى ذهب، وفي الصباح الباكر أرسل إلى كل المشتغلين بالقصدير والرصاص ليبيعوني ما لديهم من هذا وذاك، وأرسل إلى لوثبري من أجل كل ما فيها من نحاس.... ولسوف أشتري ديڤونشاير وكورنوال، وأجعلهما مثل جزر الهند الشرقية تماماً. فإني أريد أن أكون لي من الزوجات والخليلات مثل ما كان لسليمان، الذي كان عنده خاتم مثل ما عندي. وسيكون لي بفضل إكسير الحياة ظهر قوي صلب مثل هركيوليز، فأصرع من الأعداء خمسين في الليلة الواحدة. أما المتملقون لي فسيكونون من الكهنة، الأطهار الوقورين، الذي يمكن أن أستحوذ عليهم بمالي.... وسيقدم لي اللحم في أصداف هندية وأطباق مصنوعة من الذهب ومرصعة بالعقيق والزمرد والصفير والياقوت الأزرق والأحمر. أما ألسنة الشبوط (سمك نهري)، والسنجاب، وكعوب الأبل... والفطر العتيق، والصدور المكسوة بالدهن لخنزيرة سمينة حامل، والتي قطعت لتوها.... فسأقول عنها لطباخي "هاك الذهب" فتقدم، ولتكن فارساً.
وقلّما كان سير أبيقور تافهاً، ولكن بقية أشخاص الرواية كانوا حثالة، وكان كلامهم بغيضاً بما احتوى من معالجة موضوعات الدعارة القذرة، وإنه لما يدعو إلى الأسى والحسرة أن نرى بن المثقف خبيراً بهذا الغثاء وتلك النفاية، وبلغة الأكواخ واللصوص المتشردين. وهاجم البيوريتانيون مثل هذه الروايات تجاوزاً، فانتقم منهم جونسون بتصويرهم في صور كاريكاتورية ساخرة في رواية بارثولوميو العادل عام 1614.
وأخرج مسرحيات هزلية أخرى كثيرة مفعمة بالحياة ممتلئة بالعكارات. وتمرد هو نفسه في بعض الأحيان على واقعيته الخشنة، في مسرحية "الراعي الحزين" وأطلق لخياله العنان ليسرح دون مبالاة:
إن وطء أقدامها لا يثني ورقة عشب،
أو يهز الطائر الأزغب في عشه
ولكنها مثل الرياح الغربية الخفيفة انطلقت مسرعة
وحيثما ذهبت تعمقت جذور الأزهار
وكأنما زرعتها بأقدامها العطرة.
ولكنه ترك الرواية دون أن يكملها، وقصر رومانتيكيته، (أو خياله وعواطفه)، بقية حياته، على أن أغنيات رقيقة تأثرت في ملهواته، مثل الجواهر وسط القاذورات، من ذلك أنه في ملهاة الشيطان حمار (1616)، يغني فجأة:
هل شهدت إلا سوسنة متألقة تنمو
قبل أن تمسها الأيدي الخشنة؟
هل شاهدت إلا تساقط الثلوج
قبل أن تلطخها التربة؟
أو لم تلمس فراء السمور
أو ريش البجعة قط؟
وهل نشقت رائحة براعم الورد البري
أو رائحة الناردين وهو يحترق؟
وهلا تذوقت شهد النحلة؟
أوه! يا لبياضها، أوه! يا لرقتها، أوه! يا لحلاوتها؟

وأجمل من هذا بالطبع، أغنية "إلى سليا To Celia" التي سرقها من اليونانية من فيلوستراتوس، وحولها بدقة وبراعة إلى "اشربي من أجلي أنا وحدي بعينيك".
وبعد موت شكسبير أصبح جونسون الرئيس المعترف به لجماعة الشعراء. وأصبح شاعر البلاط غير المتوج في إنجلترا- ولو أنه لم يعين رسمياً، ولكن الحكومة اعترفت به في معظم الأحوال، ومنحه معاشاً سنوياً قدره مائة قطعة ذهبية. وأدرك الأصدقاء الذين التفوا حوله في حانة مرميد أن طبيعته الطيبة الجافة تختفي وراء مزاجه الحاد ولسانه السليط، فأفادوا من حديثه المثمر، وهيأوا له أن يلعب دور الزعامة كما كان الحال مع سميه في القرن التالي.
وكان بن آنذاك بديناً، كما سيكون الحال مع سميه صمويل جونسون فيما بعد، وما كان أكثر وسامة ولا رشاقة، وكم حزن على "كرشه الفظيع" ووجهه المتجعد المملوء بالبثور نتيجة الأسقربوط. وقل أن زار صديقاً دون أن يكسر كرسياً. وفي 1624 نقل الندوة إلى "حانة الشيطان Devil Tavern" في شارع فليت، وهناك التقى بنظام مع جماعة نادي أپولو الذي كان قد أسسه هو من قبل، ليتزودوا بالطعام والشراب والدعابة وثمار الفكر، وكان لجونسون مقعد مرتفع في أحد طرفي الغرفة له درابزين يؤدي بجسمه الضخم إلى العرش. وجرى العرف على تسمية أتباعه "قبيلة بن"، وكان من بينهم جيمس شيرلي وتوماس كارو وروبرت هرك، الذين سموه القديس بن".
الوفاة
وكان جونسون في حاجة إلى صبر أيوب، وهو غير مفطور على الصبر، ليحتمل الفقر والمرض في السنين التي كان يتحطم فيها. وقدر أن كل رواياته لم تدر عليه إلا مبلغاً يقل عن مائتي جنيه كان ينفقها بسرعة، ويتضور جوعاً طيلة الأيام التي لا يعمل فيها. وكان يفتقر إلى شيء من الحاسة أو الخبرة المالية التي جعلت شكسبير خبيراً في اقتناء الأملاك الثابتة أو العقار، وتابع شارل الأول صرف المعاش المخصص لجونسون، ولكن عندما خفض البرلمان المخصصات الملكية. لم يكن المعاش يدفع دائماً. على أن شارل أرسل إليه مائة جنيه في 1629 وقرر رئيس كهنة وستمنستر وجماعة الرهبان فيها خمسة جنيهات "لمستر بنيامين" جونسون في أيام مرضه وفاقته ولم تصب رواياته الأخيرة أي نجاح، وذبلت شهرته، واختفى أصدقاؤه، وقضت زوجته وأولاده نحبهم، وما جاءت ستة 1629 حتى عاش وحيداً قعيداً، ملازماً الفراش بسبب الشلل، مع سيدة عجوز تتولى العناية بأمره. وظل يعاني من المرض والفقر ثماني سنوات أخرى، ودفن في وستمنستر، ونقش جون يونج على حجر يواجه القبر. العبارة المشهورة:
"أي بن جونسون الفذ"
ولم يبق منها إلا الكلمتان الأوليتان. ولكن أي إنجليزي مثقف متعلم يستطيع أن يكمل العبارة.
-
الستارة: بن جونسن تحت ظلال شكسبير ..يان دونالدسون يدون حياة بن جونس
*

*
*

ترجمة: أحمد هاشم
عن: ساتردي أيج*
ولد بن جونسن في عام 1572 ، عاصر شكسبير وكان من أهم الكتاب في تلك الحقبة، كتب مسرحيات مهمة مثل فولبن والخيميائي، تلك الأعمال كانت تجمع بين الكوميديا وحصافة العقل،


*هجائية وذات سخرية لاذعة بشكل ذكي تختلف عن أعمال شكسبير.* وكان جونسن كاتبا موسيقيا مرموقا ايضا، تتسم أعماله بالوضوح والبساطة التي تحدث تأثيرا عالي النبرة. فيما يخص الشعر، فقصيدته التي كانت مرثية الى طفله الأول الذي توفي مبكرا تعتبر من أهم القصائد وخاصة على مستوى اللغة حيث ان جونسن وضع أفضل ما لديه.” خطيئتي أنني أحببت أكثر من طاقتي/ هذا الطفل المحبوب “ وكما أشار دونالدسون في كتاب السيرة الذي صدر مؤخرا، ان جونسن سعى لإدخال نوع من الأدب الجليل الى نصه. ويرى الناقد جون دراين، ان بين جونسن هو أكثر الشعراء صوابا، رغم انه – يضيف – شكسبير كان الأكثر ذكاءً، لكن جونسن حقا رائع، شاعر حواري بامكانه ترتيب عبارات حول حفلة عشاء أو بيوت ريفية بصيغة سجع نثري وبشكل جيد لا تبدو مملة. وجونسن صور ببلاغة وبشكل هائل وحاد التجربة الذاتيه، وايضا استطاع فرض شخصيته كمبدع على الأوساط الأدبية في عصره. علما انه كان غير معني بالأضواء وليس له ذاك الشغف في الظهور وكان يقول او يسمي ذلك “ استنكار خشبة المسرح “ على عكس مجايله شكسبير الذي كان يعد ويتابع أكثر من عمل في وقت واحد عندما كان المسرح يمثل شاشة التلفاز في وقتنا الحاضر.
كل تلك الخواص وغيرها ستكون في كتاب السيرة الذي قام باعداده وعقب عليه الكاتب يان* دونالدسون تحت عنوان ( حياة بين جونسن ). وقد وضعه بصورة منسقة ورائعة ذات معلومات قيمة حيث ثمة اقتباسات واستشهادات في كل نقطة مهمة او منعطف في حياة بين جونسن. دونالدسون كان رائعا في تتبع والتقاط الأحداث الجوهرية خاصة في حياة بين جونسن الأبداعية وفي طريقة ما ربما بغموض في بعض المواقع وكأنه ينوه أو يرى ان
جونسن هو أهم كاتب انكليزي على الأطلاق، وهنا لابد من القول، أي شخص معني أو يريد تتبع حياة بين جونسن عليه ان لا يفوت قراءة هذا الكتاب. صدر عن أكسفورد يونيفرسيتي بريس بسعر 94. 48 $.*

----
من أقواله :
- لدى الفن عدو اسمه الجهل.

- ليست السعادة الحقة في تعدد الأصدقاء، بل في قيمتهم واختيارهم.

- أكبر جحيم أن يكون المرء سجينا للخوف.

- لا تخجل من فضائلك، فالشرف حلية يلبسها الرجل الخيِّر في كل الأوقات.

- لا يعرف قُوَّته من لم يتعرض للمِحَن.

فارس كمال محمد 06-02-2014 01:29 PM

الف شكر لك ايها الانسان الكبير على المجهود العظيم وعلى ما تنقله من المعارف والمعلومات .. نسخت مضمون المقال لمراجعته لاحقا .. وفقكم الله للخير واعانكم على اتمام مشروعكم في اثبات الفكرة التي طرحتموها .. ودمت لنا استاذا وصديقا واخا تعودنا على قراءة الجديد بمقالاته اليومية في منتدانا الكريم

ايوب صابر 06-05-2014 02:58 PM

مرحباً استاذ فارس
وأهلا وسهلا بك متابعا لهذه الدراسة وربما يمكنك تقديم المساعدة باقتراح اسماء لأيتام قبل الولادة

ايوب صابر 06-05-2014 03:19 PM

ملخص السمات والصفات لليتم قبل الولادة رقم 1 جونسون:

- لقد كان جونسون أحد أفضل الطلاب في المدرسة
- وقد أسس شهرة لاسمه بسبب دراساته الكلاسيكية،
- التحق بالقوات المسلحة وكان مقاتلاً شجاعاً بعد أن ترك كلية القديس جون في كامبرج
- إلا أنه وعلى الرغم من تركه الدراسة فقد حاز على درجة الماجستير في الآداب،
- في عام 1592 عاد من الخارج دون أن يكون في جيبه فلس واحد بعد عام من التحاقه بالمسرح والعمل مع فيليب هنسلو.
- لم يكن بن جونسون كاتباً مسرحياً فقط، بل كان شاعراً وناقداً.
- لقد كان يدافع عن حرية الشاعر ويؤمن بأن القوانين الكلاسيكية- بطريقة ما- ينبغي أن لا تقيد حرية الشاعر في التفكير والتخيل،
- نلاحظ في العديد من كتاباته النقدية كيف يوضح أن الشعر والفن قد سبقا القوانين الكلاسيكية،
- كما أنه يرى أن كلاً من الشعر والفن والمسرح يلعب دوراً كبيراً جداً في المجتمع، وهذا الدور غالباً مايكون دوراً أخلاقياً.‏
- ولكي نوضح هذا لابد من العبور على مسرحية فولبوني أي «الثعلب» كوميديا العدالة الإلهية التي تتمحور حول حب المال، وكيف أن الله سوف ينجي الشرفاء والأبرياء ويعاقب المذنبين.‏
-ظلت سيرته باقية بعد موته مائة عام على الأقل، وضاهت سمعة صديقه وليم شكسبير وتأثيره.
- كان جونسون يعمل باهتمام ويقضي مدة طويلة تبلغ السنتين تقريبًا في كتابة العمل المسرحي الواحد.
- وكان فخورًا بمعرفته باللغة الإغريقية واللاتينية.
- كان ينتقد بشدة الكتاب المسرحيين الآخرين، بمن فيهم شكسبير نفسه، لأخطائهم وإهمالهم الذي شاهده في كتاباتهم.
- كان جونسون أول كاتب مسرحي يعد طبعة من أعماله الخاصة للنشر عام 1616م، -
- وبادر بالمطالبة بأن تكون الدراما نوعًا من الأدب.
- كان جونسون أيضًا مؤسس أول ناد أدبي في ميرميد تافيرن بلندن. وكان من ضمن أعضائه والتر رالي وكتاب المسرحيات فرانسيس بيومونت وجون فليتشر.
- كانت أول مسرحية مهمة له كل الرجال في مرح (1598م) وهي كوميديا واقعية ساخرة عن الحياة في لندن، وفيها كل شخصية تستحثها صفة أو ميزة واحدة، مثل الغيرة.
- وفي كوميديا جونسون الساخرة المتأخرة مثل فولبوني (1606م)؛ المرأة الصامتة (1609م)؛ الكيميائي (1610م)، أصبح المرح من مظاهر الفشل الإنساني العالمي، مثل الطمع والجهل والخرافة.
- كتب جونسون أكثر من 30 مسرحية مقنعة لبلاط الملك جيمس الأول وبلاط الملك تشارلز الأول. وظهركثير من شعره الجيد في هذه العروض.
- تأثر شعر جونسون بالشعراء الرومانيين، مثل هوراس؛
- أما أغنيته الشهيرة اشرب لي بعينيك فقط، فتُبيِّن أسلوبه الكلاسيكي بشكله ومفرداته البسيطة،
- كما تبين مرثيته لابنه ذي السبع سنوات المهارة نفسها التي استخدمها ليخفي حزنه العميق.
- ربما يعرف الكثيرون ( بن جونسون ) الناقد والشاعر وكاتب الدراما الانجليزي ، لكنهم يجهلون معاناته التي اثرت في اعماله فاكتست كوميدياته الرائعة برداء التراجيديا القاسي ،
- هذا الرجل الذي تكبد السجن والحرمان
- ومنح الاعجاب والتقدير كعلامة في تاريخ الأدب الانجليزي ،
- يفخر بأعدائه كما يفخر بأصدقائه ..
- ثم يعترف الجميع بأستاذيته وتفوقه .
- وتعلم المعني الحقيقي للتراجيديا في صباه اذ كان بروتستانتي .. حكم عليه بالسجن بل وحرم من املاكه اثناء حكم ( ماري تيودور ) الكاثوليكي ، وبعد مرور شهر علي ولادة جونسون اصبحت أمه معدمة بوفاة أبيه .
-تعلم بمدرسة ( وستمنستر)
- *وتكفل بمصاريف دراسته (وليم **كامدين ) *أستاذه في المدرسة ،
- وعقب انهاءه لدراسته اختار جونسون أن يعمل كأجير في البناء *مثل زوج أمه مفضلا ذلك علي استكمال تعليمه العالي في الجامعة وما يترتب علي ذلك من تكاليف لا قبل له بها ،
- ثم *تركها ليلتحق بالجيش فيما بعد ويخدم في الفلاندرز حتي عام 1592 عندما عاد الي انجلترا ليقابل ( آن لويس ) زوجة المستقبل وهو ماحدث بعد سنوات قليلة وبالتحديد في 14* - 11-* 1594 ،
- ليعود الي تجارة البناء مرة أخري ويكتب الشعر الي جانب البناء ويرزق بطفله الوحيد عام 1596 واصفا اياه بأنه أحسن قطعة شعرية !
- واخيرا تراجع جونسون عن العمل في البناء ليعمل كممثل وكاتب في فرقة ( فيليب هنسلوي المسرحية* بلندن ،
- وتتوالي معاناته التراجيدية اذ زج به في السجن عقب عرض أولي أعماله المسرحية *( آيل أوف دوجز ) بسبب أسلوبها الهجومي الذي اهداها لملهمه ومعلمه وصديقه وليم كامدين ،
- ولكن ما ان وصل جونسون لهذا النجاح* حتي واجهته المشاكل مرة أخري مع القانون ، ففي اثناء مبارزة في حقول ( شوردث ) قتل جونسون رفيقه الممثل *جبريل سبنسر عن طريق الخطا وعوقب جونسون علي جريمته في سجن *( أولد بيالي *، حيث استطاع النجاة من حبل المشنقة بصعوبة بعد مرافعة دافع فيها عنه احد رجال الدين ويطلق سراحه بعدها في مقابل مصادرة كل املاكه ووضع وصمة الاجرام علي ابهامه .*
- وعقب اطلاق سراحه , عرض له أول عرض لمسرحيته الجديدة ( كل انسان علي غير هواه ) مما كان سببا لاحتفال كبير ،
- لكن سعادته لم تدم حيث مات ولده عام 1603 بالطاعون وهو لم يزل في السابعة ، تاركا في نفس جونسون صدمة كبيرة عاش علي اثرها حياة بوهيمية .
- لكن سرعان ما تمالك نفسه مرة أخري فانكب علي تأليف الملاهي ومسرحيات الأقنعة للبلاط بل وكلف رسميا بهذه المهمة ليقوم بها في كل المناسبات القومية الهامة مما أهله ليكون شاعر البلاط* الأول .*
- وقد ظهر ذكاء جونسون وفطنته ومعرفته الواسعة وتعدد مصادره في مسرحيات الأقنعة التي ألفها ،اذ فيها قدم *أحسن ما انتجه من الشعر الغنائي علي الاطلاق بالاضافة الى كوميدياته الباقية التي كتبت بين عامي (* 1605 – 1614 ) مثل مسرحية* ( الثعلب * *)* ، والتي كتبها عام 1605 ومسرحية الكيميائي وكتبت عام 1610 وهما من الكوميديات المتحررة والتي تعد قمة ما قدم جونسون من كوميديا اذ لاقت كلتا المسرحيتين اعجابا شديدا في العصر الحديث وكذا في عصر جاكوبين .
- تلي هذا النجاح الساحق لكلا المسرحيتين مشاركة بن جونسون لكل من ( جورج شابرمان )و (وليم مارستين ) ليكون معهم فريقا مسرحيا ويبدأ اولي انتاجه بمسرحية ( اتجه الي الشرق).
- لقد كانت معاناة جونسون التراجيدية واضحة من خلال حياته اذ عندما قدم مسرحيته الكوميدية ( الشيطان حمار) عام 1616 ، نال هجوما لم ينقطع مما جعله يائسا ومحجكا عن تقديم أي عمل مسرحي لمدة تسع سنوات مكتفيا بعمله كشاعر للبلاط بالاضافة الي المعاش الحكومي الذي خصص له .
- وفي الرابعة والخمسين من عمره بدأ جونسون رحلته الي اسكتلندا لمدة عام سيرا علي الأقدام ، وفي أثناء رحلته سجل أحد المؤرخين حوارات معه ووصفه فيها بأنه ( - - محب كبير
- يطري علي نفسه ،
- يدين الآخرين ويسخر منهم ،
- يفضل أن يخسر صديقا علي أن يفقد دعابة،
- وهو طيب بشكل مؤثر
- كما أنه غضوب بنفس الدرجة ،
- يرفض أن يكتسب حقدا أو أن يحتفظ بالحقد في داخله ،
- ولكن اذا تحدث عن نفسه فانه مريض بالخيال المسيطر علي عقله دائما . )
- بعد عودته من اسكتلندا منح بن جونسون درجة الماجستير الفخرية في الفنون من جامعة اكسفورد ،
- كما حاضر في كلية جريشام *بلندن عن الشعر الغنائي.
- اذ مع حلول عام 1628 وعقب تعيينه مؤرخا* لمدينة لندن ، اصيب جونسون بسكتة دماغية عنيفة تركته مشلولا قعيدا ، ولم يتوان أصدقاؤه ومحبوه عن رعايته الي جانب المساعدات المالية التي قدمها له الملك ،
- وفي السادس من اغسطس عام 1637 توفي *بن جونسون* بعد سلسلة من المضاعفات التي اصيب بها نتيجة لمرضه ودفن في مقبرة ويست منستر آبي التاريخية تحت لوح حفر عليه عبارة ( يا* بن جونسون الفذ ! ) ،
- وقد كرمه معجبوه وأصدقاؤه بأشعار تذكارية بعنوان* ( Jonsonus Virbius ) *صدرت عام 1638 .
- وبالرغم من موته فما زال العالم يحتفظ بمسرحيته ( حكايات الرعاة الحزينة ) ، والتي لم تكنمل وقد صدرت عام 1641 كمسرحية يتيمة لأب ميت.
- ورغم جولاته الفاشلة وعداءاته الكثيرة الا أنه كان زعيما وقائدا للعديد من الكتاب وشعراء المستقبل الذين داوموا علي الاجتماع في حانه *بحي* ( Cheapside ) بلندن وعرفوا باسم (أبناء بن جونسون *)والذين سموا بعد ذلك باسمه ، وقد ضمت هذه المجموعة كتابا عظاما مثل روبرت هيريك وتوماس لاريو وسير جونه سوكلنج وريتشارد لوفلايس
- ان بن جونسون الناقد والمؤلف والشاعر الذي لم يتلق تعليما جامعيا حقيقيا قد اثرت كتاباته لسنوات عديدة علي أجيال متعاقبة ،
- كعلامة في تاريخ المسرح والأدب بشكل عام
- وكرائد لفن الكوميديا
- لقد اكتسب بن جونسون في الحقيقة عددا لانهائيا من الأصدقاء والأعداء ، وربما لانعرف الا القليل عنه ،
- اذ يعد بالنسبة للكثيرين واحدا من أكثر الكتاب المسرحيين غرابة علي
-على الرغم من بروز نجم شكسبير آنذاك, كان جونسون يعد شخصية رئيسة في عالم الأدب.
- ساهمت في تطوير المسرح البريطاني كما فعل شكسبير على اقل تقدير خلال السنوات التي تم فيها تقديم مسرحياته أول مرة.
- ‏أوضح دونالدسون في مذكراته أن بن جونسون فعل ما في وسعه ليرقى بالمسرح, ويغير من مكانة المؤلف المسرحي في بدايات العصر الحديث في إنكلترا،
- كما دافع بجرأة عن شرف المهنة وحقوق ملكية المؤلف.
- فقد أراد أن يخلق من المؤلف المسرحي شخصية لها كيانها, لذلك حرص على أن يتم إبراز اسم المؤلف على نحو واضح, ليتسنى للقارئ فيما بعد, التعرف إلى الكاتب من خلال العمل نفسه, عبر اللغة والطريقة اللتين تميزان إبداع كل كاتب.
- مما لا يدع مجالاً للشك فإن جونسون أفضل قراءة من شكسبير بتأكيد العديد من النقاد والأدباء، على الرغم من تقاطعهما بعدة أمور, لعل أبرزها البداية المتواضعة لكليهما.
- تمكن بفضل ذكائه من احتلال مكانة له في أفضل المدارس في لندن.
كان ضليعاً بعدة لغات لعل اللاتينية واحدة منها. وربما لذلك أوجب البعض عقابه لعدم محافظته على لغته الأم، وتمادى آخرون في اتهامه بالابتعاد عن لهجته.
- وعن كتاباته في المسرح, تشير المذكرات إلى أن نجمه بدأ بالصعود عام 1598 عندما كتب مسرحية "كل رجل في روحه"
- ثم بدأ بكتابة مسرحيات هجائية ساخرة هاجم فيها المسرحيين الآخرين وعلى نحو خاص مارستون وديكر.
- وفي عام 1603 كتب مسرحية تراجيدية ثم كتب مسرحية كاثلين ومسرحية الثعلب وأخرى بعنوان المرأة الصامتة وغيرها من المسرحيات Sejanus ‏
- ورغم ذلك التعدد في الأعمال المسرحية، فإنه تذمر يوماً قائلاً: إنها بالكاد تقيه من العوز والذل على حد تعبيره ومن مناشدة مصادر روحه وإلهامه من أجل التماس القليل من المال، ولأن السير على هذا المنوال لم يكن حرفة مربحة, فقد كان التفكير في نشر أعماله أمراً لا مفر منه.
- في مذكرات دونالدسون مختارات رائعة من شعر بن جونسون التي نظم الكثير منها, إما لتمجيد رعاة الفنون والأدب، وإما لوصف التمثيليات التي تتخللها الموسيقا والغناء التي كثيراً ما شاعت في القرنين الـسادس عشر والسابع عشر, إضافة إلى قصيدته الشهيرة إلى سيليا التي قدم فيها الحب في أجمل صوره .
- يعتبره كثيرون ند شكسبير
- تم العمل على تجميع اعماله في مجلد استغرق العمل فيه بعد 20 عاما من بدء العمل على المشروع. وشارك فريق من 60 باحثا وأكاديميا في العمل على المطبوع الذي يقع في 5000 صفحة وسبعة اجزاء ونحو 2.5 مليون كلمة.
- وسيصدر العمل هذا العام عن مطبعة جامعة كامبردج وتتوفر نسخة الكترونية منه في عام 2013. ويضم المطبوع بأجزائه السبعة 17 مسرحية و36 قطعة كُتبت خصيصا للبلاط الملكي ومئات القصائد والرسائل وملاحظات عن أعمال مفقودة ومواد اكتُشفت حديثا.*
- ويقود المشروع البروفيسور الفخري في جامعة ملبورن ومارتن بتلر من جامعة ليدز وديفيد بفنغتون من جامعة شيكاغو.
- اشتهر جونسن بأعمال كلاسيكية عديدة بينها فولبوني والعدالة الإلهية والخيميائي وكل رجل في مرحه ثم كل رجل خارج مرحه، وجزيرة الكلاب التي أُغلقت مسارح لندن بسببها لتحريض كاتبها على النظام القائم فكلفه ذلك ستة اشهر في السجن.
- ولفت بن جونسن انتباه ملوك انكلترا فأصبح الكاتب الرئيسي للأعمال الاستعراضية الترفيهيه في بلاط جيمس الأول وبلاط تشارلس الأول بين 1572 و1637.
- كان جونسن شخصية مثيرة للجدل ويمكن ان يبادر المسرحيون بوحي من نشر اعمال الكاملة وتجدد الاهتمام به الى احياء درر من تأليفة مثل كاتيلاين ، وهي مأساة موضوعها النشاط الهدام والتمرد والمؤامرة.
- ورغم استقبال المسرحية بالصفير وصيحات الاحتجاج في عرضها الافتتاحي عام 1611 فانها اصبحت من اكثر المسرحيات شعبية في زمنها لكنها لم تُمثل على المسرح منذ القرن السابع عشر.
- أحد أساطين الأدب والمسرح الإنجليزي
- بن جونسون منافس شكسبير الأول و معارضه الشعري ,
- ان فن بن جونسون كما هو جلي في عمله الساحر فولبوني لهو جمع بين رؤية موليير في ثياب شكسبير ,
- فلقد حوى بن جونسون بين فصاحة التعبير لدى شكسبير و قوة التهكم لدى موليير*

- - بن جونسون Ben Jonson أو Benjamin Jonson؛ (ح. 11 يونيو 1572 - ت. 6 أغسطس 1637)، هو كاتب مسرحيات وشاعر وممثل إنگليزي معاصر لشكسبير، وناقد فني.
- ترك أثراً باقياً في الشعر الإنگليزي والمسرح الكوميدي.
-اشتهر بمسرحياته الساخرة كل رجل في مزحه (1598)، ڤولپون أو الثعلب (1605)، الخيميائي (عام 1610)، التي استلهم أحداثها من فترة الطاعون في لندن، بارتولوميو فير: كوميديا (1614). كما اشتهر بشعره الغنائي.
- يعتبر أعظم مسرحيي الأدب الإنگليزي بعد شكسبير.
المعلم في مدرسة وستمنستر، وليام كامدن زرع النبوغ الفني في بن جونسن
- صار يعرف من اليونانية واللاتينية أكثر من شعراء إنجلترا جميعهم "
- على أن "مرحه" السريع الاهتياج والإثارة، وعالم لندن الخشن العنيف بلا حدود، هما اللذان حالا دون أن يدمر تعليمه فنه.
- عمل في مجال البناء يرص الطوب ويفكر في الشعر.
- ثم فجأة خرج إلى الحرب، وانساق في تيارها، واندفع إليها بنشاط وحيوية أكثر منه إلى صناعة البناء.
- وخدم في الأراضي الوطيئة، وبارز جندياً من الأعداء، فصرعه، وسلبه ما معه، وعاد إلى الوطن يروي قصصاً مفصلة.
- تزوج وأنجب أطفالاً، وارى منهم التراب ثلاثة أو أكثر.
- ووقع الشجار بينه وبين زوجته فهجرها لمدة خمس سنوات، ثم عاد وعاش معاً عيشة ينقصها الوفاق والانسجام حتى ماتت.
- ولا تعرف كليو نفسها كيف كان بن جونسون- زوجها- يدبر معاش الأسرة.
- ويكون السر أعمق حين نعلم أنه أصبح ممثلاً عام 1597،
- ولكن تفجرت منه أفكار مشرقة وأشعار لبقة.
- واهتز فرحاً حين دعاه توم للمشاركة في رواية جزيرة الكلاب ولا شك في أنه حمل نصيبه من المسئولية في "المادة المثيرة للفتنة والتي تتضمن قذفاً وتشويهاً للسمعة "التي وجدها مجلس الشورى في الرواية.
- وأمر المجلس بوقف التمثيل وإغلاق المسرح والقبض على المؤلفين. أما ناش الذي كان خبيراً عتيقاً بمثل هذه المآزق، فقد قضى نحبه في بارموث. ووجد جونسون نفسه في السجن، ولما كان نظام السجن يقتضيه أن يدفع نفقة طعامه وإقامته وأصفاده فقد اقترض أربعة جنيهات من فيليب هنسلو، فلما أطلق سراحه انضم إلى فرقة هنسلو (وشكسبير) المسرحية عام 1597.
- وبعد سنة كتب ملهاته الهامة الأولى: كل رجل في مزحه ورأى شكسبير يمثل فيها المسرح "الجلوب".
- رواية يجب أن تحتذي مثالها كل الروايات، رواية ليس فيها كورس ينطلق بك فيما وراء البحار، ولا عرش ينهار، مما يفرح له الأولاد... بل فيها أعمال، ولغة مثل تلك التي يستخدمها الناس، وأشخاص ممن يجب أن تنتقيهم الملهاة، إذ كان لها أن تصور الزمان، وتسلي الناس بحماقات الإنسان لا بالجرائم.
- وهكذا أدار جونسون ظهره للمزاح أو الهزل الأرستقراطي في ملهيات شكسبير الأولى، وللجغرافيا والكرونولوجيا وتعيين تواريخ الأحداث وترتيبها وفقاً لتسلسلها الزمني الخارقتين في المسرحية "الرومانتيكية"، وأتى بأكواخ لندن إلى المسرح، وتخلى عن ثقافته ومعرفته الواسعتين الخارقتين
- ليبرز إبرازاً مشهوداً لهجات الطبقات الدنيا وأساليبها.
- وكان أبطال الرواية رسوماً كاريكاتورية أكثر منها ابتكارات فلسفية معقدة، ولكنهم يعيشون، وكانوا تافهين لا قيمة لهم، ولكنهم من بني الإنسان، ولم يكونوا معقولين ولا مهذبين، ولكنهم لم يكونوا قتلة ولا سفاحين.
- لقيت روايته قبولا لكنه ما لبث ان هجر التمثيل، وعاش عيشة طائشة على قلمه، وازدهر لبعض الوقت بتأليف التمثيليات التنكرية للبلاط، وتلاءمت الأشعار الخيالية التي نظمها مع المناظر التي صممها جونز،
- ولكن بن كان حاد الطبع، فكثرت مشاجراته. ففي عام نجاحه الأول اشتبك مع أحد الممثلين، وهو جبرييل سبنسر، وبارزه وقتله، فأودع السجن بتهمة القتل عام 1598.
- مما زاد الطين بلة، أنه ارتد إلى الكاثوليكية في السجن، ولكنه مع ذلك حوكم محاكمة عادلة، وأجيز له أن يدفع "بالحصانة الأكليريكية" لأنه تلا "المزامير" باللاتينية "كما يفعل رجال الدين". وأطلق سراحه بعد أن وشم إبهامه بحديد محمي بحرف T، حتى يمكن في الحال اكتشاف أنه مجرد عائد، إذا ارتكب جريمة القتل مرة ثانية، وظل بقية حياته مدموغاً بأنه مجرم.
- وبعد سنة قضاها مطلق السراح أعيد إلى السجن من أجلي دين عليه لم يسدده. ومرة أخرى أطلق سراحه بكفالة هنسلو.
- وفي 1600 سعى جونسون وراء تسديد ديونه بكتابة رواية كل رجل خارج مزحه. وأثقل الملهاة باقتباسات زخرفية كلاسيكية، وأضاف إلى أشخاص المسرحية ثلاث شخصيات استخدمت كفرقة للتعليق على الأحداث، وأمطر بوابل من المذمة والقدح، البيوريتانيين الذين "كان الدين بين طيات ثيابهم، والذين حلقوا شعر رءوسهم أقصر من شعر حواجبهم" ولوح بمعرفته وعلمه للكتاب المسرحيين الذين كانوا يحطمون "وحدات أرسطو".
- وبدلاً من الروايات الرومانتيكية المستحيلة الحدوث حول اللوردات الذين لا يصدق وجودهم، عرض جونسون أن يكشف للندن عن ذاتها بلا هوادة ولا رحمة: فليواجهوا مرآة كبيرة قدر كبر المسرح الذي نمثل عليه، ولسوف يرون فيها علل العصر ونقائضه. مشرحة تشريحاً دقيقاً مفصلاً في كل ناحية فيها، في شجاعة لا تلين ولا تفتر، وفي ازدراء لأي خوف.
- صنعت الرواية من العداوات أكثر مما جلبت من أموال. وليس من يوصي اليوم بقراءتها.
- ولما لم يكن جونسون راضياً عن جمهوره الصاخب في مسرح الجلوب، فإنه كتب ملهاته الثانية عربدة سينثيا (1601) لفرقة من الممثلين الشبان ونخبة صغيرة من الجمهور في مسرح "Black Friars"، وأحس دكرو مارسون أن الرواية تناولتهما بالهجاء.
- وابتسم الحظ لبعض الوقت. واستضاف أحد المحامين النابهين بن جونسون في بيته وأرسل ارل بمبروك إلى الشاعر عشرين جنيهاً "ليشتري بها كتباً".
- وما أن أصبح في أمان من الفقر والحاجة حتى أمسك بالقلم محاولاً تأليف "مسرحية مأساوية"، موضوعها "سيجانوس" الصديق الشرير الأثير لدى تيبريوس. واعتمد في روايته بدقة على كتابات تاكيتوس وسوتونيوس وديو كاسياس وجوفينال، وأخرج تحفة رائعة ثقافية فيها بعض مناظرها مؤثرة (الفصل الخامس- 10 مثلاً) وأبيات من الشعر الرائع.
- ولكن جمهور المشاهدين كره الخطب الطويلة والتوجيه الأخلاقي الممل الصادر عن شخصيات تعوزها الحيوية. وسرعان ما سحبت الرواية من المسرح. وطبع جونسون النص، وأورد على الهامش مراجعه القديمة مع بعض ملاحظات باللاتينية. وتأثر لورد أوبيني Aubigny، فهيأ للمؤلف المخزون مأوى آمناً لمدة خمس سنوات.
-عاد جونسون إلى الحلبة في 1605 بأعظم رواية له ڤولپون أو الثعلب، هاجم فيها، في هجاء مقذع شهوة المال التي اجتاحت لندن.
- وسرعان ما انتقل من نجاح إلى محنة، فقد اشترك مع مارستون وتشابمان في مسرحية إيستوارد هو، (1605) واعتقلت الحكومة المؤلفين على أساس أن الملهاة أساءت إلى الاسكتلنديين.
-ثم، في 7 نوفمبر 1605، استدعى جونسون إلى مجلس الشورى، باعتباره كاثوليكياً يمكن أن يكون لديه معلومات عن مؤامرة البارود. وعلى الرغم من أنه كان قد تناول العشاء مع المدبر الرئيسي كاتسبي، قبل ذلك بشهر، فإنه تفادى كل تورط في المسألة.
- ولكن في 9 يناير 1606 دعي إلى المحكمة بوصفه متمرداً مخالفاً للقانون.
- ولما كان فقيراً معدماً إلى حد لا يستطيع معه دفع غرامة مجزية، فإن المحكمة لم تتشدد في الاتهام.
- وفي 1610 ارتد إلى المذهب الأنجليكاني، في حماسة بالغة إلى حد أنه أتى على كل ما في كأس النبيذ حين جلس إلى "العشاء الرباني".
- وفي تلك السنة أخرج أشهر مسرحياته الخيميائي، وهجا فيها، لا مجرد الخيمياء (محاولة تحويل المعادن الخسيسة إلى ذهب)، وهذه مسألة تافهة، بل هجا كذاك ألواناً كثيرة من الدجل والخداع التي غزت لندن بالشعوذة.
- هاجم البيوريتانيون مثل هذه الروايات تجاوزاً، فانتقم منهم جونسون بتصويرهم في صور كاريكاتورية ساخرة في رواية بارثولوميو العادل عام 1614.
- وأخرج مسرحيات هزلية أخرى كثيرة مفعمة بالحياة ممتلئة بالعكارات.
- وتمرد هو نفسه في بعض الأحيان على واقعيته الخشنة، في مسرحية "الراعي الحزين" وأطلق لخياله العنان ليسرح دون مبالاة.
- ولكنه ترك الرواية دون أن يكملها، وقصر رومانتيكيته، (أو خياله وعواطفه)، بقية حياته، على أن أغنيات رقيقة
- وأجمل من هذا بالطبع، أغنية "إلى سليا To Celia" التي سرقها من اليونانية من فيلوستراتوس، وحولها بدقة وبراعة إلى "اشربي من أجلي أنا وحدي بعينيك".
- وبعد موت شكسبير أصبح جونسون الرئيس المعترف به لجماعة الشعراء.
- وأصبح شاعر البلاط غير المتوج في إنجلترا- ولو أنه لم يعين رسمياً، ولكن الحكومة اعترفت به في معظم الأحوال، ومنحه معاشاً سنوياً قدره مائة قطعة ذهبية.
- وأدرك الأصدقاء الذين التفوا حوله في حانة مرميد أن طبيعته الطيبة الجافة تختفي وراء مزاجه الحاد ولسانه السليط، فأفادوا من حديثه المثمر، وهيأوا له أن يلعب دور الزعامة كما كان الحال مع سميه في القرن التالي.
- وكان بن آنذاك بديناً،
- وما كان أكثر وسامة ولا رشاقة، وكم حزن على "كرشه الفظيع" ووجهه المتجعد المملوء بالبثور نتيجة الأسقربوط. وقل أن زار صديقاً دون أن يكسر كرسياً.
- وفي 1624 نقل الندوة إلى "حانة الشيطان Devil Tavern" في شارع فليت، وهناك التقى بنظام مع جماعة نادي أپولو الذي كان قد أسسه هو من قبل، ليتزودوا بالطعام والشراب والدعابة وثمار الفكر، وكان لجونسون مقعد مرتفع في أحد طرفي الغرفة له درابزين يؤدي بجسمه الضخم إلى العرش.
- وجرى العرف على تسمية أتباعه "قبيلة بن"، وكان من بينهم جيمس شيرلي وتوماس كارو وروبرت هرك، الذين سموه القديس
- وكان جونسون في حاجة إلى صبر أيوب، وهو غير مفطور على الصبر، ليحتمل الفقر والمرض في السنين التي كان يتحطم فيها.
- وقدر أن كل رواياته لم تدر عليه إلا مبلغاً يقل عن مائتي جنيه كان ينفقها بسرعة، ويتضور جوعاً طيلة الأيام التي لا يعمل فيها.

ايوب صابر 06-06-2014 02:18 PM

تابع ...ملخص سمات بن جونسن وصفات مخرجات عقله الابداعية اليتيم قبل الولادة رقم 1 بن جونسون
- وكان يفتقر إلى شيء من الحاسة أو الخبرة المالية
-ولم تصب رواياته الأخيرة أي نجاح، وذبلت شهرته، واختفى أصدقاؤه، وقضت زوجته وأولاده نحبهم، وما جاءت ستة 1629 حتى عاش وحيداً قعيداً، ملازماً الفراش بسبب الشلل، مع سيدة عجوز تتولى العناية بأمره.
- وظل يعاني من المرض والفقر ثماني سنوات أخرى، ودفن في وستمنستر، ونقش جون يونج على حجر يواجه القبر. العبارة المشهورة:"أي بن جونسون الفذ"
ولم يبق منها إلا الكلمتان الأوليتان. ولكن أي إنجليزي مثقف متعلم يستطيع أن يكمل العبارة.
-عاصر شكسبير وكان من أهم الكتاب في تلك الحقبة،
- كتب مسرحيات مهمة مثل فولبن والخيميائي، تلك الأعمال كانت تجمع بين الكوميديا وحصافة العقل،*هجائية وذات سخرية لاذعة بشكل ذكي تختلف عن أعمال شكسبير.*
- وكان جونسن كاتبا موسيقيا مرموقا ايضا، تتسم أعماله بالوضوح والبساطة التي تحدث تأثيرا عالي النبرة.
- فيما يخص الشعر، فقصيدته التي كانت مرثية الى طفله الأول الذي توفي مبكرا تعتبر من أهم القصائد وخاصة على مستوى اللغة حيث ان جونسن وضع أفضل ما لديه.”
- وكما أشار دونالدسون في كتاب السيرة الذي صدر مؤخرا، ان جونسن سعى لإدخال نوع من الأدب الجليل الى نصه.
- ويرى الناقد جون دراين، ان بين جونسن هو أكثر الشعراء صوابا، رغم انه – يضيف – شكسبير كان الأكثر ذكاءً، لكن جونسن حقا رائع، شاعر حواري بامكانه ترتيب عبارات حول حفلة عشاء أو بيوت ريفية بصيغة سجع نثري وبشكل جيد لا تبدو مملة. - وجونسن صور ببلاغة وبشكل هائل وحاد التجربة الذاتيه،
- وايضا استطاع فرض شخصيته كمبدع على الأوساط الأدبية في عصره.
- علما انه كان غير معني بالأضواء وليس له ذاك الشغف في الظهور وكان يقول او يسمي ذلك “ استنكار خشبة المسرح “ على عكس مجايله شكسبير الذي كان يعد ويتابع أكثر من عمل في وقت واحد عندما كان المسرح يمثل شاشة التلفاز في وقتنا الحاضر.
- دونالدسون كان يرى بانه هو أهم كاتب انكليزي على الأطلاق.
بن جونسون Ben Jonson أو Benjamin Jonson؛ هو كاتب مسرحيات وشاعر وممثل إنگليزي معاصر لشكسبير، وناقد فني.
- ترك أثراً باقياً في الشعر الإنگليزي والمسرح الكوميدي.
- اشتهر بمسرحياته الساخرة كل رجل في مزحه (1598)، ڤولپون أو الثعلب (1605)، الخيميائي (عام 1610)، التي استلهم أحداثها من فترة الطاعون في لندن، بارتولوميو فير: كوميديا (1614).
- كما اشتهر بشعر الغنائي.
- يعتبر أعظم مسرحيي الأدب الإنگليزي
- وكان الزوج الأول لأمه قسيساً. وكان زوجها الثاني بناء بالأجر.
- وكانت الأسرة فقيرة معدمة.
- وكان على بن أن يشق طريقه إلى التعليم بصعوبة بالغة.
- وما كانت إلا الشفقة التي ملأت قلب صديق بصير لتزوده بالمال ليلتحق بمدرسة وستمنستر،
- وانصرف إلى الدراسات القديمة، مع عداء أقل من العادي، وأحب شيشرون وسنكا، وليڤي وتاكيتوس، وكونتليان، وزعم بعد ذلك، واضح أنه على حق- " أنه يعرف من اليونانية واللاتينية أكثر من شعراء إنجلترا جميعهم "
- على أن "مرحه" السريع الاهتياج والإثارة، وعالم لندن الخشن العنيف بلا حدود، هما اللذان حالا دون أن يدمر تعليمه فنه.
- وتزوج وأنجب أطفالاً، وارى منهم التراب ثلاثة أو أكثر.
- ووقع الشجار بينه وبين زوجته فهجرها لمدة خمس سنوات، ثم عاد وعاش معاً عيشة ينقصها الوفاق والانسجام حتى ماتت.
- ولا تعرف كليو نفسها كيف كان بن جونسون- زوجها- يدبر معاش الأسرة.
- ويكون السر أعمق حين نعلم أنه أصبح ممثلاً عام 1597،
- ولكن تفجرت منه أفكار مشرقة وأشعار لبقة..


ايوب صابر 06-16-2014 01:57 AM

السير إسحاق نيوتن اليتيم قبل الولادة رقم 2

ولد إسحاق نيوتن في 25 ديسمبر 1642 (وفق التقويم اليولياني المعمول به في إنجلترا في ذلك الوقت، الموافق 4 يناير 1643 وفق التقويم الحديث).[1] في مزرعة وولسثورب في وولسثورب-كلوستروورث, في مقاطعة لينكونشير، بعد وفاة والده بثلاثة أشهر، الذي كان يعمل مزارعًا واسمه أيضًا إسحاق نيوتن. جاء والدته المخاض وولدت إبنها بعد ساعة أو ساعتين من منتصف الليل وكان القمر في تلك الليلة بدرًا، ونظرًا لولادته مبكرًا فقد كان طفلاً ضئيل الحجم حتى أن امرأتان كانتا تعتنيان بأمه أُرسلتا لجلب الدواء من الجوار ولكنهما بدلاً من أن تسرعا في جلب ذلك الدواء قررتا أن تستريحا في الطريق ظنًا منهما أن الطفل المولود ربما قد فارق الحياة بسبب حجمه.[7] وقد وصفته أمه حنا إيسكوف بأنه يمكن وضعه في الكوارت. وعندما بلغ الثالثة من عمره، تزوجت أمه وانتقلت للعيش في منزل زوجها الجديد، تاركةً ابنها في رعاية جدته لأمه والتي كانت تدعى مارغريت آيسكوف.[8] لم يحبب إسحاق زوج أمه، بل كان يحس بمشاعر عدائية تجاه أمه لزواجها منه.

ومن عمر الثانية عشر إلى السابعة عشر، التحق نيوتن بمدرسة الملك في جرانتهام، وقد ترك نيوتن المدرسة في أكتوبر 1659، ليعود إلى مزرعة وولسثورب، حيث وجد أمه قد ترملت من جديد، ووجدها قد خططت لجعله مزارعًا كأبيه، إلا أنه كان يكره الزراعة.[10] أقنع هنري ستوكس أحد المعلمين في مدرسة الملك أمه بإعادته للمدرسة، فاستطاع بذلك نيوتن أن يكمل تعليمه. وبدافع الانتقام من الطلاب المشاغبين، استطاع نيوتن أن يثبت أنه الطالب الأفضل في المدرسة.[11] اعتبر سيمون بارون-كوهين عالم النفس في كامبريدج ذلك دليلاً على إصابة نيوتن بمتلازمة أسبرجر.
في يونيو 1661، تم قبوله في كلية الثالوث بكامبريدج كطالب عامل،[13] وهو نظام كان شائعًا حينها يتضمن دفع الطالب لمصاريف أقل من أقرانه على أن يقوم بأعمال مقابل ذلك. في ذلك الوقت، استندت تعاليم الكلية على تعاليم أرسطو، التي أكملها نيوتن بتعاليم الفلاسفة الحديثين كرينيه ديكارت، وعلماء الفلك أمثال نيكولاس كوبرنيكوس وجاليليو جاليلي ويوهانس كيبلر. في عام 1665، اكتشف نيوتن نظرية ذات الحدين العامة، وبدأ في تطوير نظرية رياضية أخرى أصبحت في وقت لاحق حساب التفاضل والتكامل. وبعد فترة وجيزة، حصل نيوتن على درجته العلمية في أغسطس 1665، ثم أغلقت الجامعة كإجراء احترازي مؤقت ضد الطاعون العظيم. على الرغم من عدم وجوده في كامبريدج،[14] شهدت دراسات نيوتن الخاصة في منزله في وولسثورب في العامين اللاحقين تطوير نظرياته في حساب التفاضل والتكامل[15] والبصريات وقانون الجاذبية. وفي عام 1667، عاد إلى كامبردج وزامل كلية الثالوث. كانت زمالة الكلية تتطلب أن يترسم طالبي الزمالة ككهنة، وهو ما كان نيوتن يرجو تجنبه لعدم اتفاق ذلك مع آرائه الدينية. لحسن حظ نيوتن، لم يكن هناك موعد نهائي محدد لأداء ذلك، ويمكن تأجيل الأمر إلى أجل غير مسمى. أصبحت المشكلة أكثر حدة في وقت لاحق عندما انتخب نيوتن لوظيفة أستاذ لوكاسي للرياضيات المرموقة. كان لابد له من الرسامة ليحصل على تلك الوظيفة، إلا أنه تمكن من الحصول على إذن خاص من تشارلز الثاني ملك إنجلترا لاستثنائه من ذلك.[16]

ملخص لصفات وسمات اليتيم قبل الولادة رقم 2 نيوتن:
- السير إسحاق نيوتن (25 ديسمبر 1642 - 20 مارس 1727)
- عالم إنجليزي يعد من أبرز العلماء مساهمة في الفيزياء والرياضيات عبر العصور
- وأحد رموز الثورة العلمية.
- شغل نيوتن منصب رئيس الجمعية الملكية،
- كما كان عضوًا في البرلمان الإنجليزي،
- إضافة إلى توليه رئاسة دار سك العملة الملكية، وزمالته لكلية الثالوث في كامبريدج
- وهو ثاني أستاذ لوكاسي للرياضيات في جامعة كامبريدج.
- أسس كتابه الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية الذي نشر لأول مرة عام 1687، لمعظم مبادئ الميكانيكا الكلاسيكية.
- كما قدم نيوتن أيضًا مساهمات هامة في مجال البصريات، وشارك غوتفريد لايبنتز في وضع أسس التفاضل والتكامل.
- صاغ نيوتن قوانين الحركة وقانون الجذب العام التي سيطرت علي رؤية العلماء للكون المادي للقرون الثلاثة التالية.
- كما أثبت أن حركة الأجسام على الأرض والأجسام السماوية يمكن وصفها وفق نفس مبادئ الحركة والجاذبية. و
- عن طريق اشتقاق قوانين كبلر من وصفه الرياضي للجاذبية، أزال نيوتن آخر الشكوك حول صلاحية نظرية مركزية الشمس كنموذج للكون.
- صنع نيوتن أول مقراب عاكس عملي،
- ووضع نظرية عن الألوان مستندًا إلى ملاحظاته التي توصل إليها باستخدام تحليل موشور مشتت للضوء الأبيض إلى ألوان الطيف المرئي،
- كما صاغ قانون عملي للتبريد ودرس سرعة الصوت.
- بالإضافة إلى تأسيسه لحساب التفاضل والتكامل،
- ساهم نيوتن أيضًا في دراسة متسلسلات القوى ونظرية ذات الحدين،
- ووضع طريقة نيوتن لتقريب جذور الدوال.
- كان نيوتن مسيحيًا متدينًا، لكن بصورة غير تقليدية.
- فقد رفض أن يأخذ بالتعاليم المقدسة للأنجليكانية،
- ربما لأنه رفض الإيمان بمذهب الثالوث. أمضى نيوتن أيضًا أوقاتًا طويلة في دراسة الخيمياء وتأريخ العهد القديم، إلا أن معظم أعماله في هذين المجالين ظلت غير منشورة حتى بعد فترة طويلة من وفاته.

شبابه
أضافت أعمال نيوتن لمعظم فروع الرياضيات، ولعل أهمها المخطوطة المنشورة عام 1666م حول موضوع حساب التفاضل والتكامل.[17] وقد وصف إسحاق بارو في رسالة بعث بها لعالم الرياضيات جون كولينز في أغسطس 1669، قائلاً:[18] «من أعمال السيد نيوتن، وهو زميل في كليتنا، وهو صغير جدا ... لكنه عبقري فوق العادة وماهر في مثل هذه الأمور.»
دخل نيوتن في نزاع مع غوتفريد لايبنتس حول أسبقية تطوير حساب التفاضل. يعتقد معظم المؤرخين المعاصرين أن نيوتن وليبنيز كلاهما طور حساب التفاضل والتكامل بشكل مستقل. هناك من يقول بأن نيوتن لم ينشر أي شيء تقريبًا عن الموضوع حتى عام 1693، ولم يتم نشره كاملاً إلا في عام 1704، في حين نشر لايبنتز عمله كاملاً في عام 1684. إلا أن هذا القول يغفل ما تضمنه كتاب نيوتن الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية المنشور عام 1687، من أسس ومبادئ حساب التفاضل والتكامل، إضافة لما ورد في كتابه "حول حركة الأجسام في المدارات" المنشور عام 1684. إلا أن عمل نيوتن في الأساس اعتمد على حساب التفاضل في صورة هندسية، بناءً على قيم محددة لنسب تلاشي الكميات الصغيرة: وشرحها في كتابه الأصول الرياضية تحت عنوان "طريقة النسب الأولى والأخيرة"،[19] شارحًا لم وضع شروحاته في تلك الصيغ.[20]
لهذا السبب، فإن كتاب الأصول الرياضية يوصف في العصر الحديث بأنه "كتاب متخم بنظرية حساب التفاضل والتكامل وتطبيقاتها"[21] كما استخدم طريقة أو أكثر من هذا الحساب في كتابه حول حركة الأجسام في المدارات عام 1684.[22] وكذلك في أبحاثه حول الحركة في العقدين التاليين لعام 1684
تردد نيوتن في نشر حساب التفاضل والتكامل لأنه كان يخشى الجدل والنقد.[24] كان نيوتن على علاقة وثيقة بعالم الرياضيات السويسري نيقولا فاشيو دي دوييه، الذي بدأ في إعادة كتابة كتاب نيوتن الأصول الرياضية في عام 1691، بما يتوافق مع أعمال لايبنتز.[25] إلا أنه في عام 1693، تدهورت العلاقة بين دوييه ونيوتن، ولم يكتمل الكتاب. بدءً من عام 1699، اتهم أعضاء آخرون في الجمعية الملكية (التي كان نيوتن فيها عضوًا) لايبنتز بسرقة الأفكار، ووصل النزاع لذروته عام 1711، عندما أعلنت الجمعية الملكية في دراسة أن نيوتن هو المكتشف الحقيقي لحساب التفاضل، وأن لايبنتز محتال. إلا أن هذه الدراسة أصبحت مجال شك، بعدما تبين فيما بعد أن نيوتن نفسه هو كاتب تلك الدراسة. هكذا بدأ الجدل المرير الذي شاب حياة كل من نيوتن وليبنيز، حتى وفاة الأخير في عام 1716.[26]
ينسب أيضًا لنيوتن نظرية ذات الحدين، الصالحة لأي أس. كما اكتشف هويات نيوتن وطريقة نيوتن، التي تصنف منحنيات الأسطح المكعبية (متعددة الحدود من الدرجة الثالثة في متغيرين، التي قدمت مساهمات كبيرة لنظرية الفروق المحدودة)، وكان أول من استخدم رموز الكسور ووظف الهندسة التحليلية لاستخلاص حلول للمعادلة الديوفانتية. قرّب نيوتن القيم الجزئية للمتسلسلة المتناسقة باللوغاريتمات (مستبقًا صيغة أويلر-ماكلورين). وكانت أعمال نيوتن حول المتسلسلات اللا نهائية مستوحاة من أعمال سيمون ستيفين.[27]
وفي عام 1669، تم تعيين نيوتن أستاذ لوكاسي للرياضيات بناء على توصية من بارو. في تلك الفترة، كان يشترط في أي زميل لكامبريدج أو أكسفورد أن يتم رسامته كاهنًا أنجليكانيًا. إلا أن وظيفة أستاذ لوكاسي للرياضيات، لم تكن تشترط أن يكون صاحبها نشطًا في الكنيسة. استنادًا إلى ذلك، التمس نيوتن من تشارلز الثاني ملك إنجلترا أن يعفيه من الرسامة كشرط للالتحاق بتلك الوظيفة، وهو ما قبله الملك. وبذلك، تجنب نيوتن الصدام بين قناعاته الدينية والعقيدة الإنجيلية.
البصريات

ايوب صابر 06-16-2014 05:08 PM

تابع .... نيوتن

من عام 1670 حتي عام 1672، ألقى نيوتن محاضرات في علم البصريات.[30] خلال هذه الفترة، درس انكسار الضوء، وأوضح أن الموشور المشتت يمكنه تحليل الضوء الأبيض إلى ألوان الطيف المرئي، وأنه باستخدام عدسة وموشور آخر يمكن إعادة تجميع الطيف متعدد الألوان إلى الضوء الأبيض.[31] يزعم العلماء المعاصرون أن فكرة تحليل الضوء وإعادته إلى صورته القديمة، استلهما نيوتن من أعماله الخيميائية.[32]
كما بيّن أن الضوء الملون لا يغير خصائصه عن طريق فصل شعاع ملون، وتسليطه على الأشياء المختلفة. وأشار إلى أنه بغض النظر عن ما إذا كان الضوء انعكس أو تشتت أو انتقل، فإنه يبقي باللون نفسه. وهكذا، لاحظ أن اللون هو نتيجة تفاعل الأشياء مع الضوء الملون بالفعل، لا أن الأشياء هي من تولد اللون. وهذا ما يعرف باسم نظرية نيوتن للألوان.[33]


صورة توضح اكتشاف نيوتن لتحليل الموشور المشتت للضوء الأبيض إلى ألوان الطيف المرئي.
من خلال هذا العمل، استنتج نيوتن أن عدسات أي مقراب عدسات ستعاني من تشتيت الضوء إلى ألوان (الزيغ اللوني). بناءً على هذا المفهوم، صنع مقراب باستخدام مرآة تعمل كعدسة شيئية لتجاوز هذه المشكلة.[34][35] كان التصميم أول مقراب عاكس عملي (يعرف اليوم باسم مقراب نيوتن[35])، متضمنًا حل مشكلة مادة المرآة المناسبة وتقنية التشكل. صنع نيوتن مراياه من تركيبة خاصة لمادة عالية الانعكاسية، مستخدمًا حلقات نيوتن للحكم على الجودة البصرية لمقراباته. في أواخر عام 1668،[36] استطاع صنع أول مقراب عاكس عملي. وفي عام 1671، طالبته الجمعية الملكية بشرح مقرابه العاكس.[37] شجعه اهتمامهم على نشر أفكاره عن الألوان، التي شرحها باستفاضة في كتابه البصريات. وعندما انتقد روبرت هوك بعض أفكار نيوتن، شعر نيوتن بالإهانة لدرجة أنه انسحب من المناقشة العامة. كان بين نيوتن وهوك مراسلات قليلة في الفترة بين عامي 1679-1680، عندما عيّن هوك لإدارة مراسلات الجمعية الملكية، كانت المراسلات بهدف طلب موافقة نيوتن على إعادة تمثيل أفكاره في الجمعية الملكية،[38] لإثبات أن الشكل البيضاوي لمدارات الكواكب ناتج عن قوى جاذبية تتناسب عكسيًا مع مربع نصف القطر (انظر قانون الجذب العام لنيوتن وحول حركة الأجسام في مدارات). لكن العلاقة بين الرجلين ظلت فاترة حتى وفاة هوك.[39]


رسالة من نيوتن إلى د. ويليام بريجز يعلق فيها على كتاب بريجز "نظرية جديدة للرؤية" عام 1682.
ادعى نيوتن أن الضوء يتكون من جسيمات تنحرف من خلال تسريع حركتها في وسط أكثر كثافة. استخدم نيوتن نموذج مشابه للموجات الصوتية لشرح النمط المتكرر للتفكير للانعكاس والانتقال خلال الأغشية الرقيقة. غير أن الفيزيائيين لاحقًا فضلوا، الوصف الموجي البحت للضوء لنماذج التداخل وظاهرة الحيود. واليوم تتشابه ميكانيكا الكم والفوتونات وفكرة ازدواجية الموجة والجسيم بشكل طفيف مع فهم نيوتن للضوء.
في فرضيته حول الضوء عام 1675، افترض نيوتن وجود أثير مضيء لنقل القوى بين الجزيئات. أثار تعرف نيوتن على هنري مور اهتمامه بالخيمياء. استبدل نيوتن الأثير بفكرة وجود قوى غامضة تعتمد على الجذب والتنافر بين الجسيمات. وفي عام 1704، نشر نيوتن كتابه البصريات، والذي شرح فيه نظريته عن الضوء. واعتبر أن الضوء يتكون من جسيمات دقيقة للغاية، وتكهن بأنه من خلال نوع من التحويلات الخيميائية
«"الجسيمات الكبيرة والضوء يمكن تحويل أحدهما إلى الآخر، ... وربما لا تتلقى الأجسام معظم طاقتها من جسيمات الضوء التي تدخل في تكوينها؟"[40]»
أشار مقال بعنوان "نيوتن والموشورات وكتاب البصريات"[41] إلى أن نيوتن في كتابه البصريات، كان أول من رسم رسمًا تخطيطيًا لتمدد الأشعة عبر الموشور. وفي نفس الكتاب، وصف نيوتن عبر الرسوم البيانية، استخدام مصفوفات الموشورات المتعددة. وبعد 278 سنة من شرح نيوتن للموضوع، أصبحت أشعة الموشورات المتعددة المتوسعة أساسية في تطوير عرض الخط الطيفي في الليزر القابل للتوليف. أيضًا، قاد استخدام الموشورات الموسعة لحزم الأشعة إلى وضع نظرية التشتت عبر الموشورات المتعددة.[41]
الميكانيكا والجاذبية[عدل]


نسخة خاصة بنيوتن من كتابه الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية, عليها تعديلات بخط يده لإضافتها في النسخة الثانية من الكتاب.
في عام 1679، عاد نيوتن لمواصلة أعماله حول الميكانيكا السماوية، والتي تشمل الجاذبية وتأثيراتها على مدارات الكواكب، وفق قوانين كبلر لحركة الكواكب. دفع نيوتن إلى مواصلة العمل في هذا المجال، المراسلات التي كانت بينه وبين هوك عامي 1679-1680، بعد تعيين هوك مديرًا لإدارة مراسلات الجمعية الملكية، بخصوص موافقة نيوتن على عمل محاكاة لأعمال نيوتن لتوضيحها أمام الجمعية الملكية.[38] كما استعاد نيوتن اهتمامه بالمسائل الفلكية بعد ظهور مذنب في شتاء 1680/1681، والذي تناقش حوله مع جون فلامستيد.[42] بعد المراسلات المتبادلة مع هوك، أثبت نيوتن أن الشكل البيضاوي لمدارات الكواكب سببه تناسب قوى الجاذبية عكسيًا مع مربع نصف قطر المسافة. أبلغ نيوتن نتائجه إلى إدموند هالي وإلى الجمعية الملكية في بحثه حركة الكواكب المكون من حوالي 9 ورقات تم نسخها في سجل الجمعية الملكية في ديسمبر 1684.[43] احتوى ذلك البحث على النواة التي طورها ووسعها نيوتن لتصبح كتابه "الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية".
نشر كتاب الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية في 5 يوليو 1687 بتشجيع ودعم مادي من إدموند هالي. في هذا العمل، وضع قوانين نيوتن للحركة التي ساعدت على إحداث الكثير من التطويرات خلال الثورة الصناعية التي سرعان ما أصبحت الأساس الذي تقوم عليه التقنيات غير النسبية حتى وقتنا الحاضر. وفيه أيضًا، استخدم لأول مرة مفهوم الجاذبية، وحدد قانون الجذب العام لنيوتن. كذلك، استخدم طريقة تشبه حساب التفاضل والتكامل للتحليل الهندسي 'النسب الأولى والأخيرة'، توصّل بها إلى الاستدلال التحليلي الأول (على أساس قانون بويل) لتقدير سرعة الصوت في الهواء. ومفترضًا الشكل الكروي للأرض، توصّل إلى كون الاعتدالات ناتجة عن انجذاب القمر للأرض، لتبدأ دراسة تأثير الجاذبية على الحركة غير المنتظمة للقمر. كما قدم نظرية لتحديد مدارات المذنبات، وغير ذلك من المساهمات.
قدم نيوتن بوضوح نموذجه حول مركزية الشمس في النظام الشمسي، حيث أدرك انحراف الشمس عن مركز النظام الشمسي.[44] كما استنكر أن يكون مركز النظام أو أي نظام في حالة سكون.[45] أدى تسليم نيوتن بوجود قوة قادرة على التأثير عبر مسافات شاسعة إلى تعرضه لانتقادات بدعوى أنه ينجّم في العلم.[46] في وقت لاحق، في الطبعة الثانية من كتابه الأصول الرياضية عام 1713، رفض نيوتن بشدة هذه الانتقادات في خاتمة الطبعة، ذاكرًا أنهم رفضوا الأمر دون أسباب، مذيلاً كلامه بعبارته الشهيرة "hypotheses non fingo" (أنا لا أختلق الفرضيات).[47] وقد انتشر كتابه الأصول الرياضية دوليًا،[48] مما أكسبه عددًا من المعجبين منهم عالم الرياضيات سويسري المولد نيقولا فاشيو دي دوييه، الذي تكونت بينهما علاقة متينة، انتهت فجأة عام 1693 بالتزامن مع تعرض نيوتن لانهيار عصبي.

ايوب صابر 06-16-2014 11:49 PM

شيخوخته[عدل]


إسحاق نيوتن في شيخوخته عام 1712.
في العقد الأخير من القرن السابع عشر، كتب نيوتن الكتابات الدينية التي تتعامل مع التفسير الحرفي للكتاب المقدس. من المحتمل أن تكون اعتقادات هنري مور حول الكون ورفض الثنائية الديكارتية قد أثرت على أفكار نيوتن الدينية. بعث نيوتن بمخطوطة إلى جون لوك شكك فيها في وجود الثالوث، ظلت هذه المخطوطة غير منشورة حتى عام 1785، أي بعد أكثر من نصف قرن من وفاته.[50][51] وفي وقت لاحق، كتب نيوتن "التسلسل الزمني للممالك القديمة" الذي نشر عام 1728، و"ملاحظات على نبوءات دانيال ورؤيا القديس يوحنا" المنشور عام 1733، أي أنهما نشرا بعد وفاته. كما كرّس أيضًا قدرًا كبيرًا من وقته لدراسة الخيمياء. كان نيوتن أيضًا عضوًا في برلمان إنجلترا عامي 1689-1690 وعام 1701، ولكن وفقًا لبعض المصادر، أن تعليقاته الوحيدة كانت فقط للشكوى من برودة الجو وطلب أن يتم غلق النوافذ.[52]
في عام 1696، انتقل نيوتن إلى لندن لتولي منصب مدير دار سك العملة الملكية. عندئذ، تولى نيوتن مسؤولية إصلاح وإعادة سك عملة إنجلترا. ثم أصبح نيوتن رئيس نفس الدار بعد وفاة رئيسها توماس نيل عام 1699، وهو المنصب الذي شغله نيوتن حتى وفاته.[53][54] اهتم نيوتن بوظيفته الجديدة مما دعاه للاستقالة من وظيفته الجامعية في كامبريدج عام 1701. وفي عام 1717 ووفق قانون الملكة آن، أدار نيوتن عملية تحويل الجنيه الإسترليني من هيئته الفضية إلى الهيئة الذهبية من خلال تحديد القيمة التبادلية المقابلة للذهب من الفضة. مما جعل الجنيهات الفضية القديمة تذاب وتشحن خارج بريطانيا. وفي عام 1703، اختير نيوتن رئيسًا للجمعية الملكية وزميلاً للأكاديمية الفرنسية للعلوم. في منصبه كرئيس للجمعية الملكية، عادى نيوتن عالم الفلك الملكي جون فلامستيد، عندما أرغمه على نشر كتابه الفلكي "وصف مواقع النجوم" قبل أن ينهيه، وهو الكتاب الذي استخدمه نيوتن في دراساته.[55]


الشعار الشخصي للسير إسحاق نيوتن[56]
في أبريل 1705، منحته الملكة آن لقب سير خلال زيارتها لكلية الثالوث في كامبريدج. ومن المرجح أن منحه لقب فارس كان بناءً على اعتبارات سياسية مرتبطة بالانتخابات البرلمانية في مايو 1705، لا اعترافًا بإنجازاته العلمية ولا لخدماته في دار سك العملة.[57] أصبح نيوتن بذلك ثاني عالم يحصل على اللقب بعد السير فرانسيس بيكون.
قرب نهاية حياته، أقام نيوتن في كارنبري بارك بالقرب من وينتشستر مع ابنة أخته لأمه وزوجها، وحتى وفاته في 1727.[58] وقد قامت على خدمته ابنة أخته كاثرين بارتون كوندويت التي شغلت منصب مديرة منزله في شارع جيرمين في لندن، والتي كان يُكن لها محبة شديدة.[59][60]
توفي نيوتن أثناء نومه في لندن يوم 20 مارس 1727 (31 مارس 1727 وفق التقويم الحديث[1])، ودفن في دير وستمنستر. ولكونه أعزب، أنفق نيوتن الكثير من ثروته على أقاربه خلال السنوات الأخيرة من حياته، وتوفي دون وصية. بعد وفاته، تم فحص شعر نيوتن ووجد آثار للزئبق، والتي من المرجح أنها ناجمة عن تجاربه الخيميائية. لذا، فإنه يمكن تفسير غرابة أطوار نيوتن في أواخر حياته، لإصابته بالتسمم بالزئبق.[61]
ما بعد وفاته[عدل]
يرى عالم الرياضيات جوزيف لوي لاغرانج أن نيوتن كان أعظم عبقري عاش في أي وقت مضى.[62] كان نيوتن نفسه متواضعًا فيما يخص إنجازاته، وهو ما ظهر في رسالته إلى روبرت هوك في فبراير 1676:
إن توصلت لشيء، فذلك لأني أقف على أكتاف العمالقة.[63]
يختلف المؤرخون حول مقصد نيوتن من تلك العبارة. البعض يرى أنها جاءت في وقت كان فيه نيوتن وهوك في نزاع حول الاكتشافات في مجال البصريات، وأن نيوتن كان يقصد بالعبارة السخرية من هوك (الذي يقال أنه كان قصيرًا وأحدبًا).[64][65] وعلى النقيض، يرى آخرون أن نيوتن استخدم عبارة "أقف على أكتاف العمالقة" التي كانت شائعة في تلك الفترة، بعد أن استخدم الشاعر جورج هربرت هذه العبارة في إحدى قصائده عام 1651، حيث قال "قزم على أكتاف عملاق يرى أبعد من الاثنين"، وبذلك قياسًا يصف نيوتن نفسه قزمًا يقف على أكتاف هوك.
كما كتب نيوتن لاحقًا في مذكراته:
أنا لا أعرف كيف أبدو للعالم، غير أني أرى نفسي كصبي يلعب على شاطئ البحر، أتسلى من حين لآخر بإيجاد حصاة ناعمة أو قوقعة جميلة للغاية، لكن في الواقع هناك محيط كبير من الحقائق غير المكتشفة ما زال خلفي.[66]
كان ألبرت أينشتاين يحتفظ بصورة لنيوتن على جداره جنبًا إلى جنب مع صور فاراداي وماكسويل.[67] وإلى اليوم، لا يزال نيوتن له تأثيره على العلماء، كما يتضح من دراسة استقصائية أجريت عام 2005 عندما سأل أعضاء الجمعية الملكية عمّن كان تأثيره أكبر على تاريخ العلم، نيوتن أو أينشتاين، فاختاروا نيوتن لمجمل أعماله.[68] وفي عام 1999، في استطلاع رأي 100 من أهم علماء الفيزياء اليوم، اختاروا أينشتاين "كأعظم عالم فيزياء في أي وقت مضى" تلاه نيوتن، وفي استفتاء آخر على موقع PhysicsWeb كان نيوتن في الصدارة.[69]


تمثال نيوتن المعروض في متحف التاريخ الطبيعي في جامعة أوكسفورد.
وضع نصب لنيوتن عام 1731 في دير وستمنستر، في الجهة الشمالية من الدير بالقرب من قبره. نفذ هذا النصب النحات مايكل ريسبريك من الرخام الأبيض والرمادي من تصميم المهندس المعماري وليام كينت،[70] منقوش على قاعدته باللاتينية*:
هنا يرقد إسحق نيوتن، الفارس، الذي بقوة وهبها له الله في عقله، وبالمبادئ الرياضية التي وضعها بنفسه، اكتشف مسارات وأشكال الكواكب، ومسارات المذنبات، ومد وجزر البحر، واختلاف أشعة الضوء وما لم يتصوره عالم آخر من قبل، خصائص الألوان الناتجة. دأبه وإيمانه وحكمته، في عرضه لطبيعة وقدم وقداسة الكتاب المقدس، أظهر بفلسفته عظمة الله العظيم، وأظهر بساطة الإنجيل. كبشر نسعد بوجود شخص ما كهذا زيّن وجود الجنس البشري! ولد في 25 ديسمبر 1642، وتوفي في 20 مارس 1726/7.[70]
وفي عام 1795، صنع ويليام بليك تمثالاً ملونًا من النحاس لنيوتن.[71] وبين عامي 1978-1988، صمم هاري إيكليستون صورة لنيوتن ظهرت على السلسلة D من الجنيه الإسترليني الصادر عن بنك إنجلترا، يظهر فيها نيوتن يحمل كتابًا وبرفقته مقراب وموشور وخريطة للمجموعة الشمسية.[72] ولنيوتن تمثال ينظر فيه إلى تفاحة عند قدميه، موجود في متحف التاريخ الطبيعي في جامعة أوكسفورد. إضافة إلى تمثال كبير من البرونز، صنعه إدواردو باولوزي عام 1995، معروض في ساحة المكتبة البريطانية في لندن.


تمثال لنيوتن أمام المكتبة البريطانية من تصميم إدورادو باولوزي عام 1995.


تمثال نيوتن الموضوع في كنيسة كلية الثالوث في كامبريدج.
وقد قال فيه الشاعر الإنجليزي ألكسندر بوب:
الطبيعة وقوانين الطبيعة ظلت خاملة متخفية في الظلام،
حتى قال الله لنيوتن كن فأضاءت كلها.
وقد وصف ويليام ووردزوورث تمثال نيوتن الرخامي في كلية الثالوث في كامبريدج، قائلاً:[73]
تمثال نيوتن الرخامي المنصوب في كنيسة كلية الثالوث بموشوره ووجهه الصامت، دليل أبدي على وجود عقل جال في بحور الفكر الغريبة وحده.
كما ذكره الشاعر ويليام بليك في كتابه "أورشليم: عودة العملاق ألبيون"[74]
وفي السينما، كان الجدل حول أسبقية اختراع التفاضل والتكامل بين نيوتن وليبنيز موضوع فيلم صدر عام 2010 بعنوان "اختراع التفاضل والتكامل".[75] وفي عام 1999، صدر فيلم وثائقي حول سبع علماء بعنوان "أنا وإسحاق نيوتن".[76][77]
حياته الشخصية[عدل]
على الرغم من صعوبة إثبات ذلك، إلا أنه من المعروف أن نيوتن مات بكرًا، وفق ما ذكره عالم الرياضيات تشارلز هوتون[78] والاقتصادي جون مينارد كينز[79] والفيزيائي كارل ساغان.[80] وادعى الكاتب والفيلسوف الفرنسي فولتير، الذي كان في لندن وقت جنازة نيوتن، أن هذه المعلومة أكيدة، حيث كتب قائلًا: "لقد أكد لي الطبيب والجراح اللذان كانا معه وقت الوفاة ذلك"[81] (ذكرا أنه أخبرهما بذلك وهو على فراش الموت[82][83]). وفي عام 1733، أعلن فولتير على الملأ أن نيوتن "لم يكن لديه رغبة أو ميل، نحو أي امرأة".[84][85]
كان نيوتن صديقًا وطيدًا مع عالم الرياضيات السويسري نيقولا فاشيو دي دوييه، الذي قابله في لندن حوالي عام 1690.[86] إلا أن علاقتهما انقطعت فجأة ودون أسباب واضحة عام 1693.
أفكاره الدينية[عدل]
 مقالة مفصلة: أفكار نيوتن الدينية


قبر نيوتن في دير وستمنستر.
يرى عدد قليل من المؤرخين، إن نيوتن كان يؤمن بالنظرية الأرثوذكسية الشرقية حول الثالوث بدلاً من العقيدة الغربية التي تراها الكنيسة الرومانية الكاثوليكية والانجليكانية ومعظم الطوائف البروتستانتية.[87] إلا أن هذه النظرية فقدت مؤيديها في الآونة الأخيرة في ظل وجود أوراق نيوتن اللاهوتية،[88] حيث يصنف معظم العلماء نيوتن باعتباره موحدًا لا ثالوثيًا.[89] كان نيوتن يرى عبادة المسيح كإله أنها عبادة أصنام، وأنها الخطيئة الكبرى. ويقول المؤرخ ستيفن سنوبيلين عن نيوتن "كان إسحاق نيوتن مهرطقًا لكنه ... لم يسبق له أن أعلن على الملأ قناعاته الدينية المتطرفة. فقد أخفى أفكاره بدقة جعلت العلماء لا يزالون يتناقشون حول معتقداته الشخصية." كما أكد سنوبيلين أن نيوتن كان على الأقل متعاطفًا مع طائفة السوسينيين (كان يملك وقرأ على الأقل ثمانية من كتبهم)، فهو من المحتمل آريوسي[88][89][90][91] وبالتأكيد لا ثالوثي. يستدل على ذلك برفض نيوتن تلقينه التعاليم المقدسة وهو على فراش الموت.
وعلى الرغم من أن وضعه لقوانين الحركة والجاذبية الكونية كانا أعظم إنجازاته، إلا أنه حذر من استخدامها بهدف تصوير الكون كآلة. فقال: "تفسر الجاذبية حركة الكواكب، ولكنها لا تفسر من الذي يجعلها تتحرك. فالله يحكم كل شيء ويعرف كل شيء وما يمكن أن يكون."[92] ومع شهرته العلمية، درس نيوتن الكتاب المقدس وكتابات آباء الكنيسة. وكتب نيوتن نقدًا للنصوص، أبرزها "وصف تاريخي لتحريفين مهمين للكتاب المقدس". وأكد أن صلب يسوع كان في 3 أبريل 33م.[93] وحاول دون جدوى العثور على الرسائل المخفية داخل الكتاب المقدس.
آمن نيوتن أن العالم يسير وفق صيغة منطقية، لكنه رفض ضمنيًا أفكار غوتفريد لايبنتس وباروخ سبينوزا حول وجود حياة في كل مادة. رأى نيوتن أدلة على وجود تصميم في نظام العالم، وأصر على أن العناية الإلهية ضرورية لإصلاح النظام والمحافظة عليه.[94] لهذا سخر ليبنتز منه قائلاً: "إن الإله العظيم عليه أن يعبأ ساعته من وقت لآخر: وإلا ستتوقف. يبدو أنه لم يفعل ما يكفي لجعلها حركة دائبة.[95]" دافع صموئيل كلارك تلميذ نيوتن بقوة عن موقف نيوتن في مراسلات كانت بينه وبين ليبنيز. وبعد قرن، كتب بيير لابلاس في كتابه "الميكانيكا السماوية" تفسيرًا طبيعيًا لسبب دوران الكوكب بصورة منتظمة، زاعمًا عدم الحاجة للتدخل الإلهي.[96]
رأى نيوتن الله خالق عظيم لا يمكن إنكار وجوده في وجود كل هذه العظمة في الخلق.[97][98][99] رفض نيوتن ثيوديسيا لايبنتز الذي استبعد مشاركة الله في الخلق، قائلاً بأنه في مثل هذه الحالة يكون الإله ملكًا بالاسم فقط، ووضعه على بعد خطوة واحدة من الإلحاد.[100] وفي مخطوطة كتبها عام 1704، وصف نيوتن محاولاته لانتزاع المعلومات العلمية من الكتاب المقدس، وقدر أن نهاية العالم لن تكون قبل عام 2060.[101]


رسم تخطيطي لنيوتن لجزء من هيكل سليمان من كتابه التسلسل الزمني للممالك القديمة، المنشور في لندن عام 1728.
كتب نيوتن عن هيكل سليمان، وكرس فصل كامل في كتابه التسلسل الزمني للممالك القديمة عن ملاحظاته بشأن المعبد. كان مصدر نيوتن الأساسي لمعلوماته، وصف الهيكل في سفر الملوك الأول في نسخة عبرية من الكتاب المقدس، ترجمها بنفسه.[102] وقد اعتقد نيوتن أن النبي سليمان هو من صمم الهيكل بتوجيه إلهي.[103] كما اعتقد نيوتن أنه مثلما كانت هناك حكمة مقدسة في كتابات الفلاسفة القدماء والعلماء، كذلك لا بد أن الكتاب المقدس يحتوي على حكمة مقدسة مخفيّة وفق شفرة معقدة إذا تم حلها سنتمكن من فهم كيفية عمل الطبيعة.[104]
كان نيوتن يعتبر نفسه واحدًا من مجموعة اختارها الله للقيام بمهمة فهم الكتاب المقدس.[105] دعاه اعتقاده هذا لكتابة اطروحات عدة بشأن هذا الموضوع، أبرزها دليل غير منشور بعنوان "قواعد تفسير كلمات ولغة الكتاب المقدس". لذا، فقد أمضى الكثير من حياته يسعى وراء اكتشاف شفرة الكتاب المقدس، وركّز في عمله على تفسير رؤيا يوحنا، معتبرًا أن تفسيراته ستضع الأمور في نصابها في مواجهة ما اعتبره "الفهم المحدود للكتاب المقدس".[106] كما نشر في عام 1754، بعد 27 عامًا على وفاته، اطروحته "وصف تاريخي لتحريفين مهمين للكتاب المقدس"، التي دلل بها على سوء فهم الكتاب المقدس.
في عام 2003، أولت وسائل الاعلام في جميع أنحاء العالم اهتمامها بوثائق غير معروفة وغير منشورة منسوبة إلى إسحاق نيوتن، يشير فيها إلى اعتقاده بأن العالم لن ينتهي قبل عام 2060. وقد تصدر الخبر الصفحات الأولى لعدد من الصحف مثل دايلي تيليغراف ويديعوت أحرونوت، كما نشرت مقالة عن الموضوع في مجلة التاريخ الكندية.[107]
دار سك العملة الملكية[عدل]
كمدير ثم كرئيس لدار سك العملة الملكية، قدّر نيوتن حجم العملة المزيفة المتداولة خلال فترة عملية إصلاح العملة الإنجليزية عام 1696 بحوالي 20*% من حجم العملة المتداولة. كان تزييف العملة يعد خيانة عظمى للمملكة المتحدة يعاقب عليها المجرم بالشنق والسحل وتقطيع الأوصال. إلا أن تقديم دليل الإدانة كان أمرًا صعبًا للغاية. ومع ذلك، أثبت نيوتن أنه كفؤًا لهذه المهمة.[108] فقد تنكر في زي مرتادي الحانات، وجمع الكثير من الأدلة بنفسه.[109] وتمكن في الفترة من يونيو عام 1698 وحتى عيد الميلاد لعام 1699، من إثبات التهم على 28 مزورًا للعملة بنجاح.[110]
وكنتيجة لتقرير كتبه نيوتن في 21 سبتمبر 1717 إلى مفوضي الخزانة الملكية، تم إصدار مرسوم ملكي يتعلق بنظام التحويل بين العملات الذهبية والفضية صدر في 22 ديسمبر 1717، يمنع تبادل الجنيه الذهبي بأكثر من 21 شلنًا من الفضة.[111][112] أدى ذلك لحدوث أزمة نقص في الفضة التي استخدمت لدفع ثمن الواردات، في حين كانت الصادرات يدفع ثمنها ذهبًا، مما أدى إلى انتقال بريطانيا من العمل بمعيار الفضة إلى المعيار الذهبي. وما زال الأمر محل نقاش إن كان نيوتن قصد فعل ذلك أم لا.[113]
قوانين الحركة[عدل]
مواضيع في الميكانيك الكلاسيكي
ميكانيكا كلاسيكية

قانون نيوتن الثاني
السكون أو الإستاتيكا | علم الحركة أو الكينماتيكا | علم التحريك أو الديناميكا |ميكانيك هاملتوني | ميكانيك لاغرانج

مصطلحات رياضية
جسيم نقطي | نظام إحداثي | متجه | جسم جاسيء

علم السكون
توازن ميكانيكي | قيد ميكانيكي | مبرهنة لامي | إجهاد القص | انفعال | إجهاد

علم الحركة
حركة انتقالية | حركة دورانية | سرعة | تسارع | سرعة خطية | سرعة زاوية | تسارع خطي | تسارع زاوي

علم التحريك
قوانين نيوتن الثلاثة للحركة | طاقة حركية | طاقة كامنة | قوة | متجه | زخم أو كمية الحركة | دفع القوة | عزم | عطالة | عزم العطالة | عزم زاوي | تصادم | سقوط حر | ثقالة | قذف (فيزياء)

قوانين الحفظ
بقاء الكتلة | بقاء القيمة | بقاء الطاقة | تكافؤ المادة والطاقة | مبرهنة نويثر | معادلة الاستمرار | لاتباين أو صمود

 مقالة مفصلة: قوانين نيوتن للحركة
في كتابه الأصول الرياضية، وضع نيوتن قوانين الحركة الثلاثة الشهيرة، وفيها:
قانون نيوتن الأول (المعروف أيضًا باسم قانون القصور الذاتي) الذي ينص على أن "يظل الجسم على حالته الحركية (إما السكون التام أو الحركة في خط مستقيم بسرعة ثابتة) ما لم تؤثر عليه قوة تغيره هذه الحالة."
قانون نيوتن الثاني ونصه "إذا أثرت قوة أو مجموعة قوى على جسم ما فإنها تكسبه تسارعًا يتناسب مع محصلة القوى المؤثرة، ومعامل التناسب هو كتلة القصور الذاتي للجسم".
تعارض القانونان مع فيزياء أرسطو، التي كانت تنص على أنه لا بد من وجود قوة لاستمرار الحركة. وقد تم تكريم اسم نيوتن بإطلاق اسمه على وحدة القوة في النظام الدولي.
وخلافًا لفيزياء أرسطو، كانت فيزياء نيوتن صالحة للتطبيق على الكون الخارجي والقوى الأرضية. ووضعت الطبيعة المتجهية لقانون نيوتن الثاني علاقة هندسية بين اتجاه القوة والطريقة التي يغير بها الكائن عزمه. قبل نيوتن، كان يفترض لأي كوكب يدور حول الشمس حاجته لقوة تدفعه لمواصلة تحركه. وأوضح نيوتن بدلاً من ذلك أنه يكفي وجود عامل جذب إلى الداخل من الشمس. وحتى بعد عقود عديدة من نشر كتابه الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية، لم تكن الفكرة مقبولة عالميًا، وفضّل الكثير من العلماء مثل رينيه ديكارت نظرية الدوامات.[114]

ايوب صابر 06-18-2014 11:03 PM

نيوتن اعظم عالم على وجه الارض
كتب: ياسر أنور
> كتابات «نيوتن» الدينية تحدث شرخا كبيرا فى جدار الأساطير التقليدية
> «نيوتن» يتنبأ بنهاية العالم بعد عام 2060
> موجة الإلحاد الغربى الجديد تتحطم أمام حقيقة التوحيد
> الموحدون فى أوروبا وأمريكا يقودون حركة إصلاح دينى تتفق مع القرآن
هل هناك صراع أو على الأقل تعارض بين صحيح الدين وصحيح العلم؟ وهل ينبغى على العالم أن يتخلى عن دينه لكى يبدو بالمظهر العلمى والعقلانى اللائق فى عصر ما بعد الحداثة؟ ولماذا يصر كثير من العلمانيين العرب على الترويج لبضاعة غربية منتهية الصلاحية ملخصها أن الدين -لا العسكر- هو العائق الوحيد أمام التقدم التكنولوجى للدرجة التى جعلت بعضهم يجهر دون خجل بأن الأديان بلا استثناء مجرد خرافة اخترعها الإنسان فى وقت من الأوقات كان فيها عاجزا عن تفسير كثير من الأشياء التى تحدث حوله، وأنه لم يعد هناك مكان لأسطورة الدين فى مواجهة حقيقة العلم!
فى واقع الأمر فإن أزمة العلمانيين العرب هى أزمة نفسية بالإساس؛ فهم على المستوى العلمى مجرد أبواق وببغاوات تردد دون وعى ما يقدمه العقل الغربى الحديث كمسلّمات لا تقبل الجدل وبدون أن يكون هناك موقف نقدى من تلك الأفكار على الرغم من أن كثيرا منها ساقط القيمة واضح التفاهة، إنها الهزيمة النفسية إذن فى بعض الأحيان، والعمالة فى أحيان أخرى؛ فكثير من المراكز البحثية والمؤسسات الثقافية على مستوى العالم -ومنها العالم العربى- تخضع لتوجيه أجهزة المخابرات للترويج لأفكار ما على حساب أفكار أخرى، كما جاء فى كتاب «من دفع ثمن الزمار؟» أو who paid the piper? للمؤلفة البريطانية «فرانسيس ستونر سوندرز» Frances Stonor Saunders ، لذلك لم يكن موقف هؤلاء العلمانيين أنصاف المثقفين انهزاميا فحسب، بل وانتقائيا أيضا، حيث لم يكن لهم دور سوى استيراد نفايات الأفكار الغربية التى لا تلبث أن تلفظها مجتمعاتها، وتطؤها بأقدامها فى الوقت الذى يطبل فيه هؤلاء المرضى هنا فى مجتمعاتنا العربية لتلك الأفكار المتهالكة التى صارت حفريات فى متحف التاريخ!
والعجيب أنهم لم يوجهوا كلمة نقد واحدة إلى حكم العسكر، وهو السبب الحقيقى لتخلف المجتمعات العربية، بل على العكس من ذلك تحالفت هذه الكائنات الطفيلية -كعادتها- مع حكم العسكر الاستبدادى والمتخلف والرجعى لتحقيق مكاسب شخصية، ولتذهب الأوطان إلى الجحيم! لقد افتضح أمرهم إذن، وهم يعلمون أن أية عملية ديمقراطية ستطيح بهم دائما أمام الإسلاميين، لذلك فهم أول من يكفر بالحل الديمقراطى وإن تظاهروا بخلاف ذلك.
وهم على مر التاريخ لم يكونوا أكثر من متسولين يرتدون البزات المستوردة دون أن يكون لديهم مشروع وطنى حقيقى إلا التقاط الصور بجوار النساء الجميلات. لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد من استيراد المنتجات السياسية والفكرية المعلبة على الرغم من اختلاف السياق التاريخى بين المجتمعات الغربية والعربية، بل تجاوز ذلك إلى استيراد الأفكار العقدية أيضا، وعلى رأسها موجة الإلحاد الغربى التى بدأت تتخذ طابعا علميا ومؤسسيا، خاصة بعد أن تولى إدارتها وتوجيهها مجموعة من العلماء الملاحدة، منهم «سام هاريس» Sam Harris* و«ريتشارد دوكنز» Richard Dawkins* وغيرهما، وقد أطلق على الموجة الجديدة من الإلحاد اسم new atheism* أو «الإلحاد الجديد» على غرار new liberalism وnew Darwinism ، وكأنها صارت مذهبا عالميا جديدا. لقد كان كتاب «سام هاريس» المعنون بـthe end of faith : Religion، terror،and the future of reasons أو «نهاية الإيمان: الدين، والإرهاب ومستقبل العقل» والصادر عام 2004، وما أعقبه من (تسونامى الكتب) الإلحادية الأخرى لـ«دوكنز» وغيره، أثار مهمة فى تراجع المسيحية فى أوروبا والولايات المتحدة، وهذا أمر منطقى؛ فقد كان السبب الرئيس فى تأليف هذه الكتب هو عدم قدرة الكتب المقدسة لدى العالم الغربى على الصمود أمام ضربات العلم المتتالية، كما أن الأساطير العقدية المنتشرة فى صفحات هذه الكتب لم تعد مقبولة ولا مقنعة للعقل الغربى الحديث، لكن أزمة العلمانيين العرب المنهزمين دائما أمام العقل الغربى أنهم يهرولون دون تريث أو تعقل لتقديم تلك البضاعة غربية الصنع إلى مجتمعاتنا التى ليس لديها أية مشكلة أو خصومة بين دينها وإيمانها مع العلم، فإذا كانت الكنيسة الغربية قد حاكمت العلماء وأحرقت بعضهم لأنهم توصولوا إلى نتائج تخالف الكتاب المقدس، فإن ديننا الذى نؤمن به يوجب علينا البحث والتمحيص ومناقشة كل القضايا ومنها قضية الألوهية على أسس علمية سليمة. بل إن قضية الإلحاد ذاتها والتى بدأت تضع بعض المساحيق العلمية على وجهها الدميم من أجل منحها شيئا من الجمال الصناعى، ليست قضية جديدة، بل هى إحدى القضايا القديمة التى ناقشها القرآن بهدوء ومنطقية فى قوله تعالى: «وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ» (الدخان:24).
ومن القضايا التى ناقشها القرآن أيضا قضية تعدد الآلهة، وعرضها بشكل علمى باهر يوصل إلى التوحيد حتما بالضرورة والمنطق، وهو الأمر الذى ينسجم مع الفطرة السليمة التى لم تشوه. لكن المثير للدهشة أن كثيرا من كبار العلماء الغربيين توصلوا إلى النتائج نفسها التى ذكرها القرآن فيما يتعلق بقضية وحدانية الله، ومن هؤلاء العلماء، أعظم عالم عرفته البشرية وهو «إسحاق نيوتن» واضع علم التفاضل والتكامل وصاحب نظرية الجاذبية وقوانين الحركة الشهيرة، وهى القوانين التى غيرت العالم، حتى إن الأقمار الصناعية التى تدور حول الأرض، والمركبات الفضائية التى تغزو بعض الكواكب ما زالت تنطلق وفق قوانين «نيوتن».
لقد كان لنيوتن أعظم أثر علمى فى البشرية ما جعل «مايكل هارت» مؤلف كتاب الخالدون مائة أعظمهم محمد صلى الله عليه وسلم، أو The 100: A Ranking of the Most Influential Persons in History
يضعه فى المرتبة الثانية مباشرة بعد النبى وقبل المسيح عليه السلام! وقد بلغ الإعجاب بنيوتن أن كتب الشاعر الإنجليزى «ألكسندر بوب» هذا المقطع الشعرى الرائع عن نيوتن: "Nature and nature"s laws lay hid in the night. God said، Let Newton be and all was light
الطبيعة وقوانينها كانت مختبئة ليلا، فقال (الله) ليكن نيوتن، فأضاء كل شىء.
وإذا كان لنيوتن هذا الأثر العلمى الفذ على العلم والعالم، فإن دوره الدينى أيضا كان بارزا، بل إن نيوتن كتب فى القضايا الدينية أكثر بكثير مما كتبه فى القضايا العلمية ،
وكانت كتاباته الدينية تدور حول قضيتين أساسيتين: التوحيد، وتفسير النبوءات، وخاصة الموجودة فى سفر دانيال. لم يقتنع نيوتن بالتثليث، بل اعتقد أن الفقرات التى تشير إليه مقحمة على النصوص الأصلية، وقد جاء فى موسوعة المعارف البريطانية ما يلى:
*In the early 1690s he had sent Locke a copy of a manuscript attempting to prove that Trinitarian passages in the Bible were later day corruptions of the original text
*When Locke made moves to publish it، Newton withdrew in fear that his anti-Trinitarian views would become known
فى أوائل عام 1690، أرسل «نيوتن» إلى «جون لوك» نسخة من مخطوط يحاول فيه أن يثبت أن فقرات التثليث فى الإنجيل كانت تحريفات متأخرة أضيفت للنص الأصلى. وعندما بدا «لوك» فى التحرك لكى ينشر ذلك، انسحب نيوتن خشية أن تنكشف آراؤه ضد عقيدة التثليث. ومن أقوال نيوتن عن الله سبحانه وتعالى:
He is eternal، infinite omnipotent and omniscient
إنه هو الأبدى السرمدى القدير العليم.
حتى وهو يتحدث عن الجاذبية وقوانينها، أصر نيوتن على أن حركة الكواكب حول الشمس لم تكن لتحدث لولا المشيئة الإلهية. لقد توصل نيوتن إلى وحدانية الله من خلال خلق هذا الكون ونظامه الشمسى، وهى الطريقة التى يستخدمها القرآن دائما لإثبات أهم قضيتين على مر التاريخ وهما: وجود الله، ووحدانيته،ما دفع المؤلف الشهير «كارين أرمسترونج» أن يقول فى كتابه History of God** أو، «تاريخ الله» ص 133:When people deny the existence of God today they are often rejecting the God of Newton، the origin and Sustainer of the universe P 133:
إن الناس عندما ينكرون وجود الله فى هذه الأيام، فإنما يرفضون غالبا إله نيوتن خالق ومدبر هذا الكون. ويضيف «أرمسترونج» فى الكتاب نفسه قائلا:
Like Descartes، Newton had no time for mystery، which he equated with ignorance and superstition. He was anxious to purge Christianity of the miraculous، even if that brought him into conflict with on such crucial doctrines as the divinity of Christ. During the 1675 he began a serious theological study of the doctrine of the Trinity and came to the conclusion that it had been foisted on the Church by Athanasius in a specious bid for pagan converts. Arius had been right: Jesus Christ had certainly not been God and those passages of the New Testament that were used to "prove" the doctrines of the Trinity and the Incarnation were spurious. Athanasius and his colleagues had forged them and added them to the canon of scripture
ومثل ديكارت، فإن نيوتن لم يكن لديه وقت للألغاز التى اعتبرها مساوية للجهل والخرافة.. لقد كان مشغوفا بتنقية المسيحية من الأساطير ولو أدى ذلك إلى تصادمه مع المسائل العقدية الحاسمة مثل ألوهية المسيح. وفى أثناء عام 1675، بدأ سلسلة من الدراسات المتعلقة بالتثليث، وخلص إلى نتيجة مفادها أن التثليث قد تم دسه للكنيسة من خلال (القديس) «أثاناسيوس» فى صفقة غادرة مع الوثنيين لكى يعتنقوا المسيحية. لقد كان* «أريوس» محقا فى قوله بأن يسوع المسيح ليس هو الله، وفى أن هذه الفقرات فى العهد الجديد -والتى تم استخدامها لإثبات عقيدة التثليث والتجسد- إنما هى فقرات مزيفة.. لقد قام «أثاناثيوس» ورفاقه بتزويرها وإضافتها إلى نصوص الكتاب المقدس.
والعجيب أن نيوتن لم يكن وحده هو من يؤمن بالتوحيد فى عصره؛ فقد كان معه رائد التنوير فى أوروبا «جون لوك» وغيرهما، كما كان هناك قبلهم طائفة ممن تمردوا على التعاليم التقليدية، وحاولوا القيام بحركات إصلاحية داعية إلى عقيدة التوحيد، ما أدى إلى تكوين منظمات فى كثير من دول أوروبا وأمريكا وكندا، باتوا يعرفون الآن باسم (الموحدون ) أو Unitarians ، ومنهم كثير من المشاهير والمسؤلين، كما أنهم يزدادون يوما بعد يوم.
لقد كان نيوتن نموذجا للعالم الحقيقى العبقرى المتصالح مع ذاته؛ فلم يكن يخجل من أن يبدو بمظهر المتدين حتى وهو يصوغ أعظم قوانين عرفتها البشرية، فقد كان ينسب كل شىء إلى الخالق العظيم، ليس هذا فحسب، بل كان مؤمنا بيوم القيامة حتى إنه كان مشغولا بالنبوءات وبوقت نهاية العالم حتى قدم توقعه بأن ذلك لا يمكن أن يكون قبل عام 2060. وبغض النظر عن السبب وراء تأثر نيوتن بعقيدة التوحيد هل هو إطلاع نيوتن على ترجمات القرآن، أم فطرته وعبقريته العلمية، أم تأثره بأريوس والآريوسيين (الموحدون المسيحيون)، فإن الحقيقة التى لا تقبل الجدل هى أنه لا تعارض بين صحيح الدين وصحيح العلم، وأن موجة الإلحاد الحالية لا يمكن أن تكون بديلا للتوحيد، بل هى موجة ضد الأساطير، وأن الفرصة الآن سانحة كما لم يحدث من قبل أمام العالم الإسلامى لإقامة حوار علمى وعقلى مع العالم الغربى الذى أصبح مهيئا لقبول عقيدة التوحيد رغم أنف الملاحدة العرب الذين ليس لديهم أى رصيد علمى غير الشعوذة والأمراض النفسية وربما العمالة لجهات مشبوهة.

ايوب صابر 06-18-2014 11:09 PM

P
إسحاق نيوتن : مكتشف الجاذبية
*

نيوتن هي وحدة القوة في نظام المتر كيلوغرام ثانية وهي القوة التي لو أثرت على كتلة كيلوغرام واحد لأكسبتها تعجيل مقداره متر في ثانية
سميت هذه الوحدة بالنيوتن تخليدا للعالم إسحق نيوتن العالم الفيزيائي و الرياضي الانكليزي .
*
نشأته وحياته
*
إسحاق نيوتن (Sir Isaac Newton)عالم إنجليزي، فيزيائي، وفيلسوف . عاش ما بين 25 ديسمبر 1642 - 20 مارس 1727, بالتقويم القيصري آنذاك أو 4 يناير


1643 - 31 مارس 1727 بالتقويم الغريغوري. . قدّم نيوتن ورقة علمية وصف فيها قوة الجاذبية الكونية ومهد الطريق لعلم الميكانيكا الكلاسيكية عن طريق قوانين الحركة. يشارك نيوتن ليبنيز الحق في تطوير علم الحسبان التفاضلي والمتفرع من الرياضيات.
وقد ولد بعد وفاة والده بعدة أشهر هزيلا معتل الصحة ولكن استطاع البقاء على قيد الحياة و لم تكن طفولته سعيدة حيث تزوجت أمه بعد سنوات قليلة من وفاة أبيه وعاش عند جده لامه ولم تكن علاقة نيوتن جيدة بجده حيث لم يذكره أبدا في سنواته اللاحقة وكان ينتمي إلى أسرة ثرية زراعية الأصول لم يظهر عليه في المراحل الأولى من تعليمه إي نبوغ بل على العكس كان يوصف بأنه كسول كما انه كان غير مهتم بدروسه كثير الشرود والتأمل كان يحب الانعزال عن أقرانه وكان يتمتع بمزاج عصبي لكن كانت له مهارة بحركة يديه واعتقدت أمه أنه سيصبح بحارا أو نجارا أو فلاحا ولذا أخرجته أمه من المدرسة لكي يشرف على إدارة ممتلكاتها ولكنه سرعان ما أثبت فشله في ذلك المضمار واجتمعت العائلة لترى مخرجا مناسبا من ورطتها مع هذا الصبي الكسول
في ظل تلك الظروف لم يكن من خيار سوى عودة الفتى إلى المدرسة بدأ نهمه للقراءة يظهر في سن الثانية عشر ورأى خاله أن من الأفضل له أن يتهيأ للالتحاق بالجامعة ولعل لتأثير خاله وإقامته في منزل مدير المدرسة دورا في فتح شهية نيوتن للدراسة ولذا فإنه تمكن من الالتحاق بجامعة كامبردج في عام 1661م وكان عمره حينئذ أكبر من أعمار زملائه في الدراسة
*
كانت رغبة نيوتن هي الالتحاق بدراسة القانون ولكن أعمال جاليليو في الفيزياء ونظرية كوبرنيكس الفلكية جذبت اهتمامه بشكل خاص ولقد سجل نيوتن أفكاره في تلك الفترة في دفتر سماه أسئلة فلسفية محددة وكانت جامعة كمبردج في ذلك الوقت مثل غيرها من الجامعات لا تزال غارقة في تعاليم أرسطو ومذهبه فكان على نيوتن وزملائه في الدراسة أن يتلقوا دروسا ً عن أعمال أرسطو وأفلاطون وعن النظرة الشائعة آنذاك وهي أن الأرض مركز الكون لكن في نفس الوقت اجتذبته أعمال فلاسفة الفيزياء أمثال رينيه ديكارت كما تأثر بالرياضي إسحاق بارو الذي شجعه على الاهتمام بالرياضيات ووجهه إلى دراسة البصريات فعمل خلال سنتيه الأخيرتين في كمبردج على تقوية مهاراته الرياضية ودراسة أعمال علماء وفلاسفة النهضة فأهمل دراسته الأكاديمية وحصل على شهادة البكالوريوس في نيسان عام 1665 دون أن تثير قدراته اهتمام أحد
ومن الواضح أن عبقريته لم تبرز في تلك الآونة ولكنها تدفقت فجأة مع حدث أصاب بريطانيا وهو انتشار وباء الطاعون فاضطرت الجامعة إلى إغلاق أبوابها مما دفع بنيوتن إلى العودة إلى قريته ليمضي فيها حوالي عامين
لقد وضع نيوتن في تلك الفترة أسس علم التفاضل والتكامل في الرياضيات وذلك بسنوات عدة قبل الاكتشاف المستقل لها من قبل عالم الرياضيات الألماني ليبنيتز والتي نجم عنها فيما بعد اتهامات متعددة غير مثبتة ضد العالم الألماني بأنه سرق أفكار نيوتن
قام كل من نيوتن و ليبنيز على حدة بتطوير نظرية المعادلات التفاضلية واستعمل الرجلان رموز مختلفة في وصف المعادلات التفاضلية ولكن تبقى الطريقة التي إتّبعها ليبنيز أفضل من الحلول المقدّمة من نيوتن ومع هذا، يبقى اسم نيوتن مقرون بأحد رموز العلم[/color][/color]
وفي تلك المرحلة قام نيوتن بعمله الجبار في توحيد قوانين الحركة في الفيزياء فلقد كان الفلكي الألماني يوهانا كبلر قد اكتشف ثلاثة قوانين تحكم حركة الكواكب حول الشمس ولكن لم تكن لتلك القوانين أية علاقة أو ارتباط بأية حركة أخرى في الكون وماهو أهم من ذلك أنها كانت قوانين عملية بحتة مستنتجة من البيانات الفلكية الجمة التي جمعها أستاذه الفلكي الدنماركي تايخو براها كما اكتشف في هذه المرحلة قانون الجاذبية العامة والتثاقل الكوني كما اكتشف أيضا ً نظرية ذي الحدين ودرس خلال هذه المدة أيضا ً الحركة الدائرية واستنبط من تطبيق تحليله على القمر والكواكب علاقة التربيع العكسي حيث انه اكتشف ان القوة المركزية التي تؤثر في الكوكب تتناقص متناسبة عكسا ً مع بعده عن الشمس وهي العلاقة التي غدت بعد ذلك قانونا ً حاسما ً للتثاقل الكوني
*
وفي هذين العامين وحد نيوتن ميكانيك كبلر و غاليلو وأوصل أعمالهما إلى استنتاجاتهما المنطقية وبيـّن أن حركات العالم الديناميكية يمكن أن توصف بعلاقات رياضية أساسية تصلح في أي مكان في هذا الكون حتى أعطت الرياضيات للفيزياء أساسا ً نظريا ًً لم يكن لها مثله من قبل قط
ولما فتحت جامعة كامبردج أبوابها في عام 1667م بعد القضاء على وباء الطاعون تقدم نيوتن للعمل بها على وظيفة أكاديمية والغريب أنه أخفى اكتشافاته فيما يتعلق بقوانين الحركة وقانون الجاذبية الكونية ولكن نتيجة لاطلاع الأكادميين على أعماله في مجال الرياضيات أصبح نيوتن بروفيسورا في الجامعة في عام 1669م لتبدأ لمرحلة ثانية من حياته بكل ما تميزت به من عطاء متدفق وإسهامات خالدة
درُس نيوتن البصريات من العام 1670-1672، في هذه الفترة، تحقّق من انكسار الضوء وبرهن على أن الضوء الأبيض ممكن أن ينقسم إلى عدة ألوان عند مروره خلال المنشور ومن الممكن بالتالي تجميع حزمة الألوان تلك من خلال عدسة منشور آخر ليتكون الضوء الأبيض من جديد. باستنتاجه هذا، تمكن نيوتن من اختراع المقراب العاكس ليتغلب على مشكلة الألوان التي تظهر في التلسكوبات المعتمدة على الضوء المنكسر.
عاد نيوتن لعمله البحثي في الجاذبية وتأثيرها على مدار الكواكب مستندا على القواعد التي أرساها كيبلر في قوانين الحركة، وبعد التشاور مع هوك و فلامستيد، نشر نيوتن استنتاجاته في العام 1684 والتي تناولت قوانين الحركة.
نشر نيوتن الورقة "برينسيبيا" في العام 1687 بتشجيع ودعم مالي من إيدموند هالي. في هذه الورقة، سطّر نيوتن القوانين الكونية الثلاثة والمتعلقة بالحركة ولم يستطع أحد أن يعدل على هذه القوانين لـ 300 سنة أخرى!
بعد إصدار نيوتن لنظرية برينسيبيا، أصبح الرجل مشهورا على المستوى العالمي واستدار من حولة المعجبون وكان من ضمن هذه الدائرة الرياضي السويسري نيكولاس فاتيو دي دويلير والذي كوّن مع نيوتن علاقة متينة استمرت حتى العام 1693 وأدّت نهاية هذه العلاقة إلى إصابة نيوتن بالإنهيار العصبي.
تمكن نيوتن من أن يصبح عضوا في البرلمان في الأعوام 1689-1690 وكذلك في العام 1671 ولكن لم تذكر سجلات الجلسات أي شيء يذكر عن نيوتن باستثناء أن قاعة الجلسة كانت باردة وأنه طلب أن يُغلق الشبّاك ليعمّ الدفء!
في العام 1703 أصبح نيوتن رئيسا للأكاديمية الملكية وتمكن من خلق عداوة مع الفلكي جون فلامستيد بمحاولته سرقة كاتالوج الملاحظات الفلكية التابع لفلامستيد. منحته الملكة آن لقب فارس في العام 1705. لم يتزوج نيوتن قط ولم يكن له أطفال مسجّلون وقد مات في مدينة لندن ودفن في مقبرة ويست مينيستر آبي.
إختلف "هووك " و " نيوتن" كثيرا على مر السنين و كانت لهما مناقشات حامية عمن اكتشف حساب التفاضل و التكامل اهو " نيوتن " ام عالم الرياضيات الالماني " لينتز" و لكن الحقيقة ان كثيرا من اكتشافات نيوتن كانت شائعة في ذلك الوقت الذي كان قد توصل علماء اخرون للاساسيات و لكن مهارة نيوتن و عبقريته تكمن في ربط هذه الخيوط مع بعضها البعض فتؤدي إلى النتائج النهائية له و لقد نشر كتاب المبادئ الأساسية الذي يصف التطبيقات العلمية للديناميكا و التي تلخص في قوانين نيوتن للحركة و الجاذبية في عام 1684 و كتاب البصريات في عام 1704
*
أهم الانجازات
*
نيوتن كان الأول في برهنة أن الحركة الأرضية وحركة الأجرام السماوية تُحكم من قبل القوانين الطبيعية ويرتبط اسم العالم نيوتن بالثورة العلمية. يرجع الفضل لنيوتن بتزويد القوانين الرياضية لإثبات نظريات كيبلر والمتعلقة بحركة الكواكب.
قام بالتوسع في إثباتاته وتطرّق إلى أن مدار المذنّبات ليس بالضرورة بيضاويا!
ويرجع الفضل لنيوتن في إثباته أن الضوء الأبيض هو مزيج من أضواء متعددة وأن الضوء يتكون من جسيمات صغيرة.
*
مؤلفاته واكتشافاته
*
عام 1668 صنع نيوتن أول تلسكوب عاكس ومن مميزات هذا التلسكوب أنه يستخدم المرايا بدلا من العدسات ويتميز أيضا بصغر كتلته رغم كبر حجمه فيسهل تحريكه يستخدم فى رصد الأجرام السماوية البعيدة ذات الإضاءة الضعيفة وقد اطلق عملية تحزيز اطراف العملة المعدنية لمنع تاّكلها خلال فترة عمله كمدير لدار صك النقود في لندن
*
قانون الجذب العام
*
فيما بين عامي 1664و 1666 اكتشف نيوتن الجاذبية وقانون الجذب العام حيث أنه يحكى أنه كان جالسا فى أحد الأيام تحت شجرة تفاح مسترخيا وفجأة وفى لحظة صفاء سقطت فوق رأس نيوتن تفاحة وبدأ يفكر نيوتن فى هذه الحالة التى مرت عليه ومرت على الملايين من غيره دون أن يلتفتوا إليها وبدأ يقول لماذا سقطت التفاحة إلى أسفل ولم تسقط إلى أعلى وهنا ظهر الإلهام الذى قادة إلى حقيقة الجاذبية التى توجد فى كل الأجسام وتجذب إليها الأجسام الأخرى بقوة ثم صاغ لنا نيوتن قانون الجذب العام رغم أن بعض يقول عن هذه الحادثة انها اسطورة وغير مثبته علميا إلا ان الثابت ان تيوتن اهتم بحركة الأجسام
ققد أثبت نيوتن أن هناك قوة جذب متبادلة بين الشمس والكواكب تجعل الكواكب تدور حول الشمس فى مدارات بيضاوية
ينص قانون الجذب العام الجاذبية على أن أى جسمين كرويين فى الوجود يجذب كل منهما الأخر بقوة جذب تتناسب هذه القوة طرديا مع حاصل ضرب كتلة الجسمين وعكسيا مع مربع المسافة بينهما من أعظم فوائد قانون الجذب العام هو مساعدته فى اكتشاف بعض الكواكب فبسببه اكتشف هرشل كوكب أورانوس ثم كوكب نبتون وبلوتو بعد ذلك بواسطة آخرين
*
*
قوانين الحركة
*
شرح نيوتن قوانين الحركة الثلاث فى كتابه الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية
والقوانين هي
القانون الأول لنيوتن
و هو ينص على انه الجسم الساكن يبقى ساكنا والحسم المتحرك يبقى متحركا فى خط مستقيم بسرعة منتظمة ما لم تؤثر عليه قوة خارجية تؤثر على حالته
القانون الثانى لنيوتن
وهو ينص على انه القوة المحصلة المؤثرة على جسم ما تساوى المعدل الزمنى للتغير فى كمية تحرك الجسم واتجاه هذه القوة هو اتجاه كمية التحرك
القانون الثالث لنيوتن
وهو ينص على انه لكل فعل رد فعل مساو له فى المقدار ومضاد له فى الاتجاه
*
نظريته بالضوء
وينص تصور نيوتن لطبيعة الضوء على أن الضوء مكون من جسيمات أو عبارة عن جسيمات صغيرة جدا تنطلق من الأجسام المضيئة بسرعة فائقة وتسير فى
خطوط مستقيمة والدليل على ذلك تكون الصور خلال الثقوب تكزن الظلال رؤية الأجسام التى على خط البصر فقط
*
مؤلفات نيوتن
مؤلفاته كثيرة منها كتاب الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية الذى نشره عام 1687 م والذى شرح به علم الميكانيكا وقوانين الحركة وميكانيكا السوائل وظاهرتى المد والجزر وحركة الأقمار والكواكب والمذنبات وكيف يفسر قانون الجذب العام حركة الأجرام السماوية وسقوط الأجسام على الأرض وله كتاب البصريات الذى شرح به نظرياته فى الضوء وفي عام 1663 اكتشف نيوتن حساب التفاضل والتكامل
*
قالوا عن نيوتن
*
قال اينشتاين لم تكن أهمية مباحث نيوتن في كونهِ أوجد أساساً قابلاً للإستعمال ومُــــْرضياً من الناحية المنطقية للميكانيكا بحصر المعنى.بل كانت مبادئهُ الأساسية سليمة جداً من وجهة نظر المنطق
قال إرنست بلوخ من الصعب أن نـُـكـوِّن فكرة عن جرأة نيوتن عندما فـسَّـر الأجرام السماوية المُـثـقـلـة بكل ضروب الخرافة بقوانين آلية خالصة وتفسيره الأرضي هذا فتح ثغرة هائلة في فكرة السماء
وقال دالمبير هذا العبقري الكبيراي نيوتن أدرك أنهُ قد آن الأوان لتحرير الطبيعيات من التكهنات والفروض المبهمة ولإخضاع هذا العلم للتجارب والهندسة لا غير.ولا ريب أنهُ إستحق بإغنائهِ الفلسفة بعدد جمّ من الخيور الفعلية كل عرفانها بالجميل لكنهُ ربما فعل من أجلها أكثر من ذلك إذ علمها أن تكون حكيمة وأن تكبح ضمن حدود صحيحة تلك الجرأة
وقد قال عنه العالم الفرنسي لابلاس الذي يعتبر احد تلامذته ومواصلي ابحاثه ان كتابه المبادئ الرياضية للفلسفة الطبيعية سيبقى اكبر شاهد على عمق العبقرية وعظمتها فقد كشف لنا فيه عن القانون الأعظم للكون
ويقول المؤلف مردفاً عندما اكتشف نيوتن قانون الجاذبية الكونية وحساب اللامتناهي الصغر ونظرية الضوء فإنه حرص على عدم اعلان اكتشافاته على الملأ فورا
وقد قام البروفيسور الأمريكي مايكل هارت بتصنيف نيوتن بأنه الشخصية الثانية الأكثر تأثيرا في التاريخ البشري وذلك في كتايه المشهورالمائة شخصية الأكثر تأثيرا في التاريخ
وأما الشخصية الأولى في ذلك التصنيف فهي شخصية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم
وقد قرأت في بي بي سي عربي انه
في استطلاع نهاية الألفية الذي أجرته مجلة عالم الفيزياء وشارك فيه مئة من أهم العلماء في هذا الحقل في العالم إن من أهم الاكتشافات العلمية في علم الفيزياء كانت ميكانيكية الكم والنظرية النسبية لأينشتاين و الميكانيك و نظرية الجاذبية لنيوتن
و الاكتشافات هذه لم تعمل ثورة في عالم الفيزياء فحسب ولكنها أرست دعائم شاملة وعميقة للنظريات اللاحقة حسب رأي عالم حسابات الكم الأستاذ في جامعة اوكسفورد الإنكليزية دافيد دويتش
ونظرا لاكتشافات نيوتن واختراعاته العظيمة كا ن الفلاسفة الكبار من تلامذته بدءا من فولتير الفرنسي وانتهاء بكانط الألماني فقد قيل لولا نيوتن لما كان كانط وقد كان نيوتن العالم المفضل لاينشتين
*
أقوال نيوتن
*
قال في كتاب المبادئ في الرياضيات والفلسفة الطبيعية
ينبغي لنا أن نقبل المزيد من أسباب الأشياء الطبيعية غير تلك التي تثبت صحتها والقدر الكافي من تفسير ظهورها
يقول نيوتن لأحد أصدقائه برسالة أرسلها له معبر عن الخجل الذي كان يتصف به
لا تذكر اسمي امام احد لا أريد ان اشتهر بين الناس وتكثر معارفي
وقد ذكر اسحق نيوتن في كتاباته ان إيماني راسخ بأن الكتاب المقدس هو كلمة الله وبأن الله ارشد أناسا إلى تدوينها وأنا أواظب يوميا على دراسة الكتاب المقدس أمّا وجهة نظره كعالم فقد عبر عنها بوضوح حين قال الإلحاد هو ضرب من الغباء فعندما أنظر إلى النظام الشمسي أرى أن الأرض تقع على المسافة المناسبة من الشمس والتي تمكنها من الحصول على الكميات المناسبة من الحرارة والنور وهذا بالطبع لم يحدث من قبيل الصدفة
وكان بإمكان نيوتن خلال تعقبه لمسار الكواكب، ان يرى يد الله في هذا الأمر وقد عبّر عن هذا بالقول ان هذا النظام الرائع الذي يتكون من الشمس والكواكب والمذنبات لا يمكنه ان يصدر إلا عن مشورة وسلطان كائن فهيم وفطن وهذا الكائن الإلهي هو الذي يتحكم بالكل اذ هو رب الكل وقد كتب " ان أفلاطون صديقي وأرسطو صديقي ولكن أفضل أصدقائي هو الحقيقة "
وقد كتب الى أحد أصدقائه تحت ضغط المعارضة القاسية التي واجهته إنني أنوي عدم المشاركة مستقبلا في أمور الفلسفة ولذا فإنني أؤمل أن لا تنزعج إذا وجدتني قد توقفت عن أي عمل من ذلك النوع
وحينما سأل اسحق نيوتن بعد اكتشافاته المذهلة لقوانين الطبيعة، قال لهم كنت كطفل صغير يلهو على شاطئ محيط ضخم
قال أيضا
إنني جاهل لا أعرف إلا حقيقة واحدة وهي أنني لا أعرف شيئاً
واختم بأخر كلمات إسحاق نيوتن
كتب هذه الكلمات بفترة قصيرة قبل موتهِ
إنـنـي أبــدو مـثـل طـفـلٍ يـلـعـبُ فـي سـاحـل الـبحـر و يـجـدُ مـن وقـتٍ لآخـر حـصـاة مـلـسـاء أو قـوقـعـة جـمـيـلـة أجـمـل من مــثــيـلاتـِـها إلا أن الحـقـيـقـة كـلها تـمـتـــدُّ أمامي مـثــل مُـحـيـطٍ واسـع عــظــيـم لـم أكـتـشـف مــنــهُ أي شــيء بـعــد
*
*
وفاته
*
أصيب نيوتن عام 1692 بانهيار عصبي أجبره على ترك العمل ما يقرب من عامين , حيث حصل حريق ًفي بيته ودمر أوراقه ودفاتره وعندئذ ضاع عقله هذا العقل الذي طالما حلق في أعالي السماوات وهكذا انهار عقل نيوتن وأصيب بالجنون لمدة سنة ونصف وعندما استفاق من المرض عام 1693 راح يستعيد أبحاثه العلمية من جديد ولكن عبقريته كانت قد ضعفت ولم يحقق اي اكتشاف بعدئذ وقد أمضى بعض الوقت خلال العقدين التاليين يجمع أدلة وقرائن عن نظريته في الضوء التي نشرت قبل أن تظهر بالعنوان المشهور البصريات عام 1704 بعقدين وكان السبب في تأخر نشر الكتاب هو أن نيوتن كان يرفض نشره قبل وفاة هوك عام 1703 وفي هذا العام انتخب نيوتن رئيسا ً للجمعية الملكية خلفا ً لهوك وقد ظل يشغل هذا المنصب حتى وفاته وقد انتخبته أكاديمية العلوم في باريس كعضو اجنبي فيها عام 1699
وكان في عام 1696 قدعين نيوتن قيماً على مؤسسة إصدار النقد الوطنية وبعدها بثلاث سنوات تسلم منصب الرئيس الأعلى للدار ومع أن نيوتن ظل محافظا ً على انتسابه المهني إلى الجامعة حتى عام 1701 إلا أن تعيينه في الدار أنهى عمليا ً مهامه الأكاديمية نظرا ً لانتقاله إلى لندن لتسلم واجباته الرسمية فقد جرى في اّواخر حياته وراء المادة والمال وقد رُفع نيوتن إلى رتبة فارس من قبل الملكة وكان هذا شرف لم ينله عالم من قبل أبدا
وفي اواخر حياته انخرط في مناظرات لاهوتية وفلسفية عنيفة مع بعض كبار الفلاسفة والمفكرين وأشهر هذه المناظرات الخلافية جرت مع الفيلسوف الألماني الكبير لايبنتز فكل منهما راح يدعي انه سبق الآخر الى اكتشاف علمي كبير هو حساب اللامتناهي الصغر كما انشغل بعلم الانساب وحاول البحث عن الأصول النيبلة لعائلته لكن دون جدوى وقد انكب ايضا على دراسة الكتاب المقدس وكتب دراسات حوله فقد كان مؤمنا ومن الجدير بالذكر ان نيوتن انتخب عضو في مجلس النواب لكنه كان يحضر جلسات البرلمان ولايتفوه بكلمة فكان يبقى صامتا
لم يتزوج نيوتن قط ولم يكن له أطفال مسجّلون وقد توفى نيوتن عام 1727 وكان أول من يدفن في مقابر العظماء بلندن
القبر الزى دفن فيه نيوتن مقبرة العظماء وهو أول شخص يدفن فى مقبرة العظماء

ايوب صابر 06-18-2014 11:40 PM

قصة نيوتن...الطريق للنجاح
تخطى كل الصعاب و رسم الطريق

إسحاق نيوتن ..... ولد في مزرعة صغيرة بوولزثورب في مقاطعة لنكولن في 25 ديسمبر 1642 (حسب التقويم القديم أي اليولياني) وهو العام الذي مات فيه جاليليو وكانت الزعامة الثقافية كالزعامة الاقتصادية في سبيلها من الجنوب إلى الشمال. وكان عند ميلاده صغير الحجم جداً بحيث كان في الإمكان وضعه في كوز سعته ربع جالون (كما أخبرته أمه فيما بعد) وضعيفاً جداً بحيث لم يخطر ببال أحد أنه سيعيش أكثر من أيام معدودات. وكفلته أمه وخاله لأن أباه كان قد مات قبل ولادته بشهور.

وحين بلغ الثانية عشرة أرسل إلى المدرسة الخاصة في جرانثام فلم يحالفه التوفيق فيها. وجاء في التقارير عنه أنه " خامل " و " غير ملتفت " وأنه يهمل الدراسات المقررة ويقبل على الموضوعات التي تستهويه وينفق الوقت الكثير على المخترعات الميكانيكية كالمزاول والسواقي والساعات البيتية الصنع. وبعد أن قضى عامين في جرانثام أخذ من المدرسة ليساعد أمه في المزرعة. ولكنه عاد إلى إهمال واجباته ليقرأ الكتب ويحل المسائل الرياضية. وتبين خال آخر كفايته فأعاده إلى المدرسة وعمل الترتيبات لقبول نيوتن بكلية ترنتي في كمبردج (1661) طالباً يكسب مصروفاته بمختلف الخدمات وحصل على درجته الجامعية بعد أربع سنوات وبعدها بقليل انتخب زميلاً بالكلية. وخص باهتمامه الرياضة والبصريات والفلك والتنجيم وقد احتفظ بميله لدراسة التنجيم إلى فترة متأخرة من حياته.

وفي 1669 استقال أستاذه في الرياضة إسحاق بارو وعين نيوتن خلفاً له بناءً على توصية منه وصف فيها نيوتن بأنه " عبقري لا نظير له " وقد احتفظ بكرسيه في ترنتي أربعة وثلاثين عاماً. ولم يكن بالمعلم الناجح. كتب سكرتيره عن ذكريات ذلك العهد يقول " كان الذين يذهبون للاستماع إليه قليلين والذين يفهمونه أقل حتى أنه في أحياناً كثيرة وكأنه يقرأ للحيطان بسبب قلة السامعين ". وفي بعض المناسبات لم يكن يجد مستمعين إطلاقاً فيعود إلى حجرته كاسف البال.

وبنى فيه مختبراً - كان الوحيد في كمبردج آنئذ. وقام بالكثير من التجارب لا سيما في الخيمياء " وهدفه الأكبر تحويل المعادن " ولكنه اهتم أيضاً بـ " اكسير الحياة " و " حجر الفلاسفة " وواصل دراساته الخيميائية من 1661 إلى 1692 وحتى وهو يكتب كتابه " المبادئ " ترك مخطوطات عن الخيمياء دون نشر بلغ مجموع كلماتها نيفاً و 100.000 " لا قيمة لها إطلاقاً " وكان بويل وغيره من أعضاء الجمعية الملكية مشغولين شغلاً محموماً بهذا البحث نفسه عن صنع الذهب. ولم يكن هدف نيوتن تجارياً بشكل واضح فهو لم يبد قط أي حرص على المكاسب المادية ولعله كان يبحث عن قانون أو عملية يمكن أن تفسر بها العناصر على أنها أشكال مغايرة قابلة للتحويل لمادة أساسية واحدة. ولا سبيل لنا إلى التأكد من أنه كان مخطئاً.

وكان له حديقة صغيرة خارج مسكنه بكمبردج يتمشى فيها فترات قصيرة سرعان ما تقطعها فكرة يهرع إلى مكتبه ليسجلها. كان قليل الجلوس يؤثر أن يذرع حجرته كثيراً (في رواية سكرتيره) " حتى لتخاله... واحداً من جماعة أرسطو " المشائين. وكان مقلاً في الطعام وكثيراً ما فوت وجبة ونسى أنه فوتها. وكان ضنيناً بالوقت الذي لا بد من إنفاقها في الأكل والنوم. " ونادراً ما ذهب لتناول الطعام في القاعة فإذا فعل فإنه - ما لم ينبه - يذهب في هيئة زرية حذاؤه بالي الكعبين وجواربه بلا رباط... ورأسه غير ممشط إلا فيما ندر ". وقد رويت واخترعت القصص الكثيرة عن شرود ذهنه. ويؤكدون أنه قد يجلس الساعات بعد استيقاظه من النوم على فراشه دون أن يرتدي ثيابه وقد استغرقه الفكر. وكان أحياناً إذا جاءه زائرون يختفي في حجرة أخرى ويخط أفكاراً على عجل وينسى أصحابه تماماً.

لقد كان راهباً من رهبان العلم في هذه السنين الخمس والثلاثين بكمبردج. وقد وضع " قواعد للتفلسف " - أعني الطريقة والبحث العلميين. ورفض القواعد التي وضعها ديكارت في " مقاله " كمبادئ قابلية تستنتج منها كل الحقائق الكبرى بالاستدلال. وحين قال نيوتن " أنا لا أخترع فروضاً " كان يعني أنه لا يقدم نظريات حول أي شيء يتجاوز ملاحظة الظواهر فهو إذن لا يغامر بأي تخمين عن طبيعة الجاذبية بل يكتفي بوصف مسلكها وصياغة قوانينها. ولم يزعم أنه يتجنب الفروض باعتبارها مفاتيح للتجارب فإن مختبره على العكس خصص لاختبار مئات الأفكار والإمكانات وسجله يزخر بالفروض التي جربت ثم رفضت. كذلك لم يرفض الاستدلال إنما أصر على أنه يجب أن ينطلق من الوقائع ويفضي إلى المبادئ. وكانت طريقته أن يتصور الحلول الممكنة للمشكلة ويستنبط متضمناتها الرياضية ويختبر هذه بالحساب والتجربة.

وكتب يقول " يبدو أن مهمة الفلسفة (الطبيعية) كلها تكمن في هذا - البحث من ظواهر الحركات في قوى الطبيعة ثم إيضاح الظواهر الأخرى من هذه القوى ". لقد كان مزيجاً من الرياضة والخيال ولن يستطيع فهمه إلا من يملكهما جميعاً.
ولكن لنمض في طريقنا رغم هذا. إن لشهرته بؤرتين - حساب التفاضل والجاذبية. بدأ عمله في حساب التفاضل عام 1665 بإيجاد مماس ونصف قطر الانحناء عند أي نقطة على منحني.

ولم يسم طريقته حساب التفاضل بل الفروق المستمرة وفسر هذا المصطلح تفسيراً لا يمكننا أن " إن الخطوط ترسم وبهذا الرسم تولد لا بضم الأجزاء بعضها إلى بعض بل بالتحرك المستمر بالنقط والسطوح بتحرك الخطوط والمجسمات بتحرك السطوح والزوايا بدوران الجوانب وأجزاء الزمن بالفيض المستمر وهكذا في غير ذلك من الكميات. وعلى ذلك فبما أن الكميات التي تزداد في أزمان متساوية وبالزيادة تولد أصبحت أكبر أو أقل حسب السرعة الأكبر أو الأقل التي تزداد أو تولد بها فإنني بحثت عن طريقة لتحديد الكميات من سرعات الحركات أو الزيادات التي تولد بها وإذا أطلقت على سرعات الحركات أو الزيادات لفظ " الفروق والكميات المولودة " المتغيرات " فقد اهتديت شيئاً فشيئاً إلى طريقة الفروق في عامي 1665 و 1666 " وقد وصف نيوتن طريقته في خطاب كتبه لبارو عام 1669 وأشار إليها في خطاب لجون كولنز في 1672. ولعله استخدم هذه الطريقة في التوصل إلى بعض النتائج المتضمنة في كتابه " المبادئ " (1687) ولكن عرضه لها فيه جري على الصيغ الهندسية المقبولة ربما مراعاة لم يناسب قراءه. وقد أسهم ببيان لطريقته في الفروق - ولكن دون أن يخفي اسمه - في كتاب واليس " الجبر " عام 1693.


ولم ينشر الوصف الذي اقتبسناه فيما سبق إلا عام 1704 في ملحق لكتابه " البصريات ". وكان في طبع نيوتن أن يؤخر نشر نظرياته وربما أراد أولاً أن يحل الصعوبات التي أوحت بها. وعليه فقد انتظر حتى سنة 1676 لينشر نظرية " ذات الحدين " التي خلص إليها. ولو أنه صاغها على هذه التأجيلات زجت برياضي أوربا في جدل معيب مزق دولية العلم جيلاً بأسره. ذلك أنه في الفترة بين إبلاغ نيوتن نظريته في " الفروق " لأصحابه في 1669 ونشر الطريقة الجديدة في 1704 وضع ليبنتز نظاماً منافساً لها في ماينز وباريس. ففي 1671 أرسل إلى أكاديمية العلوم بحثاً يحوي جرثومة حساب التفاضل وقابل ليبنتز أولدبورج في زيارة للندن من يناير إلى مارس 673 وكان قد تبادل الرسائل معه ومع بويل. وقد ظن أصحاب نيوتن فيما بعد أن لبنتز في رحلته هذه تلقى إلماعاً لفروق نيوتن - ولكن المؤرخين يتشككون في هذا الآن. وفي يونيو 1676 بناء على طلب أولدنبرج وكولنز كتب نيوتن خطاباً ليبلغ إلى لبنتز شارحاً فيه طريقته في التحليل.

وفي أغسطس رد لبنتز على أولدنبرج وضمن الرد بعض الأمثلة من شغله في حساب التفاضل وفي يونيو 1677 في خطاب آخر لأولدنبرج وصف نوع حساب التفاضيل الذي توصل إليه وطريقته في التنويت أي التدوين بمجموعة من الرموز) وهما يختلفان عن حساب نيوتن وطريقته. ثم عاد في مجلة عدد أكتوبر 1684 يشرح حساب التفاضل وفي 1686 نشر طريقته في حساب التكامل. وفي الطبعة الأولى من " المبادئ " (1687) قبل نيوتن بشكل واضح اكتشاف ليبنتز لحساب التفاضل مستقلاً. قال: " في رسائل تبادلتها مع عالم الهندسة الألمعي ج. و. ليبنتز قبل عشر سنوات حين أشرت إلى أنني أعرف طريقة لإيجاد الحدود القصوى والدنيا ورسم المماسات وما إلى ذلك... رد السيد المبجل بأنه اهتدى هو أيضاً إلى طريقة من نفس النوع وأنهى إلى طريقته التي لم تكد تختلف عن طريقتي... إلا في أشكال ألفاظه ورموزه ".


وكان خليقاً بهذا الاعتراف المهذب أن يمنع الجدل. ولكن في 1699 أشار رياضي سويسري في رسالة للجمعية الملكية إلى أن لبنتز استعار حساب تفاضله من نيوتن. وفي 1705 ذكر ليبنتز تضميناً في نقد غفل من التوقيع لكتاب نيوتن " البصريات " أن فروق نيوتن تحوير لحساب التفاضل اللبنتزي. وفي 1712 عينت الجمعية الملكية لجنة فحص الوثائق المتصلة بالموضوع. وقبل أن ينصرم العام نشرت الجمعية تقريراً أكد أسبقية نيوتن دون أن تخوض في موضع أصالة لبنتز.
وفي رسالة كتبها لبنتز بتاريخ 9 أبريل 1716 إلى قسيس إيطالي بلندن اعترض بقوله أن تعليق نيوتن قد حسم الأمر. ومات لبنتز في 14 نوفمبر 1716. وبعد موته بقليل نفى نيوتن أن التعليق " أقر له - أي للبنتز باختراع حساب التفاضل مستقلاً عن اختراعي " وفي الطبعة الثالثة من " المبادئ " (1726) حذف التعليق. ولم يكن النزاع مما يليق بالفلاسفة لأن كلا المدعيين كان يصح أن ينحني احتراماً لفيرما لأنه كان رائداً لهما في هذا المضمار.

- الفيزيائي على أن الرياضة على ما فيها من عجب لم تكن سوى أداة لحساب الكميات فهي لم تزعم أنها تفقه الحقيقة أو تصفها. فلما تحول نيوتن من الأداة إلى البحث الجوهري عكف أولاً على استكناه سر الضوء. وتناولت محاضراته الأولى في كمبردج الضوء واللون والرؤية وعلى عاداته لم ينشر كتابه " البصريات " إلا بعد خمس وثلاثين سنة في 1704 فقد كان بريئاً من شهوة النشر.
وفي عام 1666 اشترى منشوراً من سوق ستوربردج وبدأ التجارب وبدأ التجارب في البصريات. وفي عام 1668 فصاعداً صنع سلسلة من التلسكوبات. فصنع بيديه على أساس النظريات التي شرحها مرسين (1639) وجيمس جريجوري (1662) تلسكوباً عاكساً ليتفادى بعض العيوب الملازمة للتلسكوب الكاسر وقدمه للجمعية الملكية بناء على طلبها عام 1671.

وفي 11 يناير 1672 انتخب لعضوية الجمعية.
وكان قد توصل (1666) إلى أحد كشوفه الأساسية حتى قبل أن يصنع التلسكوبات - وهو أن الضوء الأبيض أو ضوء الشمس ليس بسيطاً أو متجانساً بل هو مركب من الأحمر والبرتقالي والأصفر والأخضر والأزرق والنيلي والبنفسجي. فلما مرر شعاعاً صغيراً من ضوء الشمس خلال منشور شفاف وجد أن الضوء الذي يبدو أحادي اللون انقسم إلى كل ألوان الطيف هذه وأن كل لون مكون خرج من المنشور عند زاويته أو درجته أو انكساره الخاص وأن الألوان نظمت نفسها في صف الحزم مؤلفه طيفاً مستمراً في أحد طرفيه اللون الأحمر وفي الآخر البنفسجي. وقد أثبت الباحثون اللاحقون أن المواد المختلفة إذا جعلت مضيئة بحرقها تعطي أطيافاً مختلفة.

وبمقارنة هذه الأطياف بالطيف الذي يحدثه نجم معين أصبح في الإمكان تحليل مكونات النجم الكيميائية إلى حد ما. ثم دلت الملاحظات الأدق لطيف النجم على السرعة التقريبية لتحركه نحو الأرض أو بعيداً عنها ومن هذه الحسابات استنبط نظرياً بعد النجم. وهكذا تمخض كشف نيوتن لتكوين الضوء وانكساره في الطيف عن نتائج كونية تقريباً في ميدان الفلك.

ولم تتكشف هذه النتائج لنيوتن في ذلك الحين ولكنه أحس (كما كتب لأولدنبرج) أنه توصل " إلى أغرب كشف إلى الآن أن لم يكن أهم كشف في عمليات الطبيعة " فأرسل إلى الجمعية الملكية في بواكير عام 1672 بحثاً عنوانه " نظرية جديدة في الضوء واللون ". وقرئ البحث على الأعضاء في 8 فبراير فأثار جدلاً عبر المانش إلى القارة. وكان هوك قد وصف في كتابه " ميكروجرافيا " (1664) تجربة شبيهة بتجربة نيوتن بالمنشور ولم يكن قد استنتج منها نظرية ناجحة في اللون ولكنه أحس بأن في أفعال نيوتن لفضله السابق غضاً من قدره فانضم غلى بعض أعضاء الجمعية في نقد النتائج التي خلص إليها نيوتن واستمر النزاع ثلاثة أعوام. كتب نيوتن المرهف الحس يقول " إنني مضطهد بالجدل الذي أثارته نظريتي في الضوء اضطهاداً جعلني ألوم حماقتي لأنني ضحيت بنعمة عظمي نعمة هدوء البال جرياً وراء سراب " وحدثته نفسه حيناً بأن " أطلق الفلسفة طلاقاً بائناً لا رجعة فيه إلا ما أفعله إرضاء لذاتي ".
وثارت نقطة أخرى من نقط الجدل مع هوك حول ناقل الضوء.

وكان هوك قد اعتنق نظرية هويجنز التي زعم فيها أن الضوء ينتقل على موجات " أثير ". ورد نيوتن بأن هذه النظرية لا تفر مسار الضوء في خطوط مستقيمة. واقترح بدلاً منها " نظرية

ايوب صابر 06-19-2014 10:35 PM

قصة نيوتن
لقد نشأ نيوتن يتيم الأب فقد توفّي والده في نفس عام ولادته، وتربّى في عائلة ثرية ذات جذور زراعية، ومن الواضح أن طفولته لم تكن سعيدة حيث تزوّجت أمه ولم يبلغ العامين، وترعرع في كنف جدّه لأمه، ولم تكن علاقته بجدّه حميمة حيث لم يرد عن نيوتن في مستقبل حياته أيّ ذكر لجدّه.

أما دراسة نيوتن الأولى فلم تكن تقاريرها مشجّعة، وقد وصفته بعضها بأنه (كسول) و(غير مهتم)، ولذا أخرجته أمه من المدرسة لكي يشرف على إدارة ممتلكاتها، ولكنه سرعان ما أثبت فشله في ذلك المضمار، واجتمعت العائلة لترى مخرجاً مناسباً من ورطتها مع هذا الصبي (الكسول).

في ظلّ تلك الظروف لم يكن من خيار سوى عودة الفتى إلى المدرسة، ورأى خاله أن من الأفضل له أن يتهيأ للالتحاق بالجامعة، ولعل لتأثير خاله وإقامته في منزل مدير المدرسة دوراً في فتح شهية نيوتن للدراسة، ولذا فإنه تمكّن من الالتحاق بجامعة (كامبردج) في عام 1661م، وكان عمره حينئذ أكبر من أعمار زملائه في الدراسة.

كانت رغبة نيوتن هي الالتحاق بدراسة القانون، ولكن أعمال (جاليلي) في الفيزياء ونظرية (كوبرنيكس) الفلكية جذبت اهتمامه بشكل خاص، ولقد سجّل نيوتن أفكاره في تلك الفترة في دفتر سمّاه (أسئـلة فلسفية محدّدة)، وكتب في بداية الدفتر: (أفـلاطون صديقي، وأرسطو صديقي، ولكن أفضل أصدقائي هو الحقيقة)، وهكذا تتضح استقلالية تفكير نيوتن في مرحلة مبكّرة من حياته.

تشير الدلائل إلى أن دراسة نيوتن الجامعية لم تكن متميّزة، ولكنه استطاع أن يجتاز امتحاناته ويحصل على درجة البكالوريوس في عام 1665م، ومن الواضح أن عبقريته لم تبرز في تلك الآونة، ولكنها تدفّقت فجأة مع حدث أصاب بريطانيا، واضطرّ الجامعة إلى إغلاق أبوابها مما دفع بنيوتن إلى العودة إلى قريته ليمضي حوالي عامين من حياته كانت مزدحمة بمخاض علمي مؤذناً بميلاد فجر جديد على البشرية.

لقد ظهر وباء الطاعون في بريطانيا، وتعطّلت أنماط الحياة الاعتيادية، ولكن نيوتن، وهو لم يتجاوز الخامسة والعشرين من عمره، جعل من تلك الفترة العصيبة مرحلة ذهبية في تطوير (الفكر العلمي)، وبدأ مسيرته في إحداث ثورات علمية في علوم الرياضيات والفيزياء والفلك.

لقد وضع نيوتن في تلك الفترة أسس علم (التفاضل والتكامل) في الرياضيات، وذلك بسنوات عدّة قبل الاكتشاف المستقلّ لها من قبل عالم الرياضيات الألماني (ليبنيتـز)، والتي نجم عنها فيما بعد اتهامات متعدّدة غير مثبتة ضدّ العالم الألماني بأنه سرق أفكار نيوتن.

وفي تلك المرحلة قام نيوتن بعمله الجبار في (توحيد قوانين الحركة) في الفيزياء، فلقد كان الفلكي الألماني (يوهانا كبلر) قد اكتشف ثلاثة قوانين تحكم حركة الكواكب حول الشمس، ولكن لم تكن لتلك القوانين أية علاقة أو ارتباط بأية حركة أخرى في الكون، وما هو أهمّ من ذلك أنها كانت قوانين عمــــــلية بحتة مُســــتنتجة من البيانات الفلكية الجمّة التي جمعها أســـتاذه الفلكي الدنمـــــــاركي (تايخو براها).

لقد أحـدث نيوتن انـقلاباً جذرياً في فهم الإنسان لطبيعة الحركة وقوانينها، فاكـتشف ثلاثة قوانين لحركة الأجسام، وعبر هذه القوانين برزت طبيعة الحركة وكيفيّة تأثـّر الأجسام بالقوى، واستطاع نيوتن أن يوضّح أن (قوانين كبلر) ليست إلا حـالات خـاصة لقـوانين نيوتن للحركة عندما يتم دمجها مع قانون آخر اكتشفه نيوتن في أيام الطاعون، وهو (قانون الجاذبية الكونية) الذي ينصّ على أن (كل جسم في الكون يجذب كل جسم آخر بقوة تتناسب طردياً مع ناتج ضرب كتلتيهما، وعكسياً مع مربّع المسافة بينهما).

ولما فتحت جامعة (كامبردج) أبوابها في عام 1667م بعد القضاء على وباء الطاعون، تقدّم نيوتن للعمل بها على وظيفة أكاديمية، والغريب أنه أخفى اكتشافاته فيما يتعلّق بقوانين (الحركة) وقانون (الجاذبية الكونية)، ولكن نتيجةً لاطّلاع الأكاديميين على أعماله في مجال الرياضيات أصبح نيوتن بروفيسوراً في الجامعة في عام 1669م لتبدأ المرحلة الثانية من حياته بكلّ ما تميزت به من عطاء متدفّق وإسهامات خالدة.

المرحلة الثانية
بدأ نيوتن أستاذيته بتدريس علم (البصريات)، وطرح نيوتن اكتشافاً جديداً في عام 1672م في أوّل بحث نشره في حياته وكان تحت عنوان (نظرية جديدة عن الضوء والألوان) ليضيف بذلك عملاً آخر إلى مجموعة من الأعمال العلمية التي أرست قواعد انطلاقات جذرية في مجالات المعرفة والعلوم والتقنية لم تكن لتخطر على بال.

لقد كان الاعتقاد السائد بين العلماء والفلاسفة ابتداءً من أرسطو أن الضوء الأبيض هو (وحدة فريدة أساسية)، ولكن نيوتن اقترح أن الضوء الأبيض هو (خليط من الأشعة)، وأجرى تجربته الشهيرة باستخدام (المنشور الزجاجي)؛ فإذا سقط عليه ضوء الشمس الأبيض خرجت منه سبعة ألوان مميزة، ومن هـــذا الاكتشاف عرف البشر لأوّل مرة تفسير ظاهرة (قــوس قزح) بعيداً عن الخرافات والأساطير والأمزجة.
لقد كان الفلكي البريطاني (إدموند هالي) هو الذي أقنع نيوتن بإخراج ذخيرته العلمية التي أسّسها في فترة اعتزاله أثناء أيام الطاعون، وتكفّل بمصاريف النشر، فخرجت تلك الإبداعات العبقرية إلى الساحة العلمية في عام 1687م في كتابه الجامع (الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية).
لقد جمع ذلك الكتاب كلّ ما هو معروف عن الحركة في الكون، ووحّد الظواهر الطبيعية المختلفة في إطار واحد خاضع للقوانين نفسها مما جعل عدداً من العلماء يشتكون لسنوات عديدة أن نيوتن لم يترك لهم شيئاً يشتغلون به، ووصف العالم الفرنسي (بيير دو لابلاس) هذه الحال بأسلوب حاذق عندما قال: (إن نيوتن كان محظوظاً مرتين؛ المرّة الأولى لأنه كان يملك قدرة لاكتشاف أساس الكون الفيزيائي، والمرة الثانية لأنه لا يمكن أن يكون له منافس أبداً نظراً لأنه لا يوجد إلا كون واحد يمكن اكتشافه).
المرحلة الثالثة في حياة نيوتن
لم يحظ عالم بما حظي به نيوتن من التقدير والتكريم في حياته وبعد مماته، وجاءته شهادات التقدير من معظم العلماء المشهورين في زمانه، وبالرغم من ذلك نجد أن نيوتن، وهو في الخمسين من عمره وفي قمة عطائه وشهرته، يقرّر هجر الحياة الأكاديمية؛ فحياته لم تخل من المنغصات عبر الصراعات والأزمات النفسية إذْ إن نيوتن كان يمقت الجدال، ويتحاشى نزاعات الأقران، ولذلك كان يميل إلى حجب أعماله قدر الإمكان عن أعين المترصّدين والناقدين، ولذا نجده يكتب لأحد أصدقائه تحت ضغط المعارضة القاسية التي واجهته: (إنني أنوي عدم المشاركة مستقبلاً في أمور الفلسفة، ولذا فإنني أؤمّل أن لا تنزعج إذا وجدتني قد توقّفت عن أيّ عمل من ذلك النوع).

وهكذا راح نيوتن يبحث عن وظيفة تجلب له مردوداً مادياً أكبر، وتنأى به عن ساحات النقد والخلافات العلمية، فقبل في عام 1696م وظيفة مدير دار (سكّ النقود) في لندن، واستمرّ فيها حتى وفاته.

ايوب صابر 06-19-2014 10:45 PM

إسحاق نيوتن
أحمد شكري سالم

المصدر: كتاب "رجال عاشوا للعلم"

تاريخ الإضافة:*20/3/2008 ميلادي - 13/3/1429 هجري
زيارة: 11629

***

إسحاق نيوتن
جيمس نيومان وميتشيل ويلسون
ترجمة: أحمد شكري سالم
*
إن عقلية إسحاق نيوتن وشخصيته تتحديان كل مؤرخ، كان شخصًا غريبًا فريدًا، وكانت الينابيع التي يستقي منها سلوكه خافية حتى على معاصريه، شبهه أحد المؤرخين في عصره بنهر النيل، تعرف قواته العظيمة؛ ولكنك لم تكشف عن منابعه، غير أن الحقائق الجديدة التي حصلنا عليها والخاصة بالفترة الأولى من حياته تمكننا من معرفة جزئية لصفات نيوتن وخط تطوره.

ولد نيوتن طفلاً غاية في الضعف، حتى ليقال: إنه كان عليه أن يرتدي دعامة عنق خاصة في شهوره الأولى لتحمل رأسه على كتفيه، لم يتوقع أحد أن يظل حيًّا، وكثيرًا ما كان يحلو لنيوتن - بعد أن كبر - أن يقول: إن أمه كانت تذكر دائمًا أنه ولد صغير جدًّا لدرجة أنه كان يمكن وضعه في إناء صغير.
مات أبوه قبل ولادته بثلاثة أشهر، وتزوجت أمه مرة أخرى قبل أن يبلغ الثانية من*عمره، وكفلته جدته العجوز، كان يحيا في مزرعة منعزلة، محرومًا من حنان الأبوين وحبهما، دون إخوة أو أخوات تجمعه وإياهم الصداقة والتنافس، ويرى لويس. ت. مور، واضع أفضل تاريخ حديث لنيوتن، يرى أن جميع الصفات الانعزالية لهذا العالم يمكن إرجاعها لهذه الطفولة الوحيدة غير السعيدة.

ولما كان نيوتن قد ولد عام 1642، فإنه ترعرع في عهد سادت فيه "فظائع الحرب الأهلية الطويلة المريرة"، كانت غارات القتل والنهب شيئًا طبيعيًّا، وألقيت ظلال الشك على جدته "لعطفها على قوات الملك"، وما كان لهذا الطفل الذي تحيط به المخاوف الحقيقية إلى جانب "مخاوف خلقها خياله"، ما كان له أن يجد الراحة بين أحضان جدته أو أجراء المزرعة، وكان من الطبيعي - كما لاحظ مور - أن يستغرق الولد الصغير في "خضم تأملاته في وحدته"، وأن ينمي في نفسه القدرة على التركيز التام، وصفته فتاة عرفته في شبابه بقولها: إنه "شاب هادئ ساكت مفكر، لم يشاهد وهو يشارك الأطفال لهوهم ولعبهم".

ولا شك أن نيوتن تغلب تمامًا على ضعفه الجسماني قبل أن يصل إلى سن الدراسة إذ تذكر إحدى زميلاته في المدرسة أن تحدى صبيًّا جرمًا لأنه ضربه في بطنه، تحداه "وكال له الضربة حتى هزمه"، ولقد انتصر نيوتن نتيجة "روحه القوية وتصميمه الشديد"، وكان هذا الصبي من أوائل الفصل، فقرر نيوتن أن "يهزمه كذلك في ميدان الدراسة"، "وجاهد حتى نجح في ذلك، وظل يتقدم حتى صار أول الفصل".
وعندما بلغ نيوتن الرابعة عشرة من عمره أخذته أمه إلى بيتها بعد أن مات زوجها*الثاني، حاولت أن تجعل منه فلاحًا، ولكنها فشلت كل الفشل، فقد كان نيوتن عزوفًا عن الفلاحة مفضلاً عليها القراءة، أو عمل النماذج الخشبية بسكينة، أو حتى الاستغراق في الأحلام، ومن حسن حظ العلم أن تخلت الأم عن محاولاتها، وسمحت له أن يعد نفسه لجامعة كامبريدج.

وما إن بلغ نيوتن الثامنة عشرة من عمره حتى التحق بكلية ترينتي، ومرت السنون الأولى من دراسته الجامعية دون أن يلفت النظر بشكل خاص، ثم وقع تحت تأثير إسحاق بارو، وهو رجل غير عادي يعمل أستاذًا للرياضيات، كان رياضيًّا ممتازًا، وعالمًا في الكلاسيكيات، وفلكيًّا، وحجة في علم البصريات، وكان بارو من أوائل الذين أدركوا عبقرية نيوتن، وبعد أن حصل تلميذه على درجته بقليل، استقال بارو من كرسي الأستاذية كي يجلس عليه نيوتن وهو لم يتجاوز السادسة والعشرين من عمره، لقد صار نيوتن يحتل منصبًا أكاديميًّا ممتازًا، وفتحت له الطريق لمتابعة دراساته التي حدد معالم عصر بأكمله.

وكان نيوتن قد غرس فعلاً بذور مساهمته الثورية في ثلاثة فروع متميزة من فروع العلم: الرياضيات، وميكانيكا الأجرام السماوية، والبصريات، وما إن تخرج في جامعته حتى عاد إلى منزله في ولسثورب؛ حيث عكف على عمله لمدة ثمانية عشر شهرًا يمكن أن توصف بحق، إنها أكثر الشهور إثمارًا في تاريخ التخيل الخلاق، والواقع أن نيوتن قد أمضى بقية حياته العلمية في استكمال كشوفه العظيمة التي توصل إليها خلال هذه الشهور "الذهبية"، وفيما يلي كلماته التي وصف بها ما حققه في ولسثورب:

"في أوائل عام 1665 وجدت طريقة لتقريب المتسلسلات ووجدت قاعدة لاختزال أي إس لكمية ذات حدين إلى متسلسلة [أي نظرية ذات الحدين]، وفي مايو من نفس العام توصلت إلى طريقة الممارسات لجريجوري وسلازياس، وفي نوفمبر [كشفت] الطريقة المباشرة للفروق [أي مبادئ الحساب التفاضلي]، وفي يناير من العام التالي توصلت إلى نظرية الألوان، وفي مايو من نفس العام بدأت في استخدام معكوس طريقة الفروق [أي حساب التكامل]، وفي نفس العام بدأت أفكر في قانون الجاذبية بحيث يشمل مدار القمر، وعندما قارنت بين القوة اللازمة لحفظ القمر في مداره وقوة الجاذبية على سطح الأرض، وجدت أنهما متقاربتان لحد كبير...".
ونتيجة لما قام به نيوتن من تحليل الضوء والألوان - وكان قد حفظ لنفسه هذا الكشف على استحياء - تمكن اختراع منظار عاكس يعالج الزيغ الناجم عن العدسات المستخدمة في المناظير الأخرى، وقدم إلى الجمعية الملكية في لندن ملخصًا وصف فيه منظاره الجديد، وسرعان ما انتخب - وهو في سن الثلاثين - عضوًا في الجمعية الملكية، وحظي بذلك على أكبر درجات الشرف العلمية في إنجلترا.

ولقد أخذ نيوتن بهذه الشهرة المفاجئة أمام الرأي العام، كان مترددًا في إعلان كشوفه، ولكنه طلب - قبل أن ينقضي أسبوع على انتخابه في الجمعية الملكية - إذنًا لتقديم بحث عن "الكشف الفلسفي" الذي دفعه إلى "صنع هذا المنظار"، وبلهجة لا يشوبها التواضع الكاذب قال: إنه توصل إلى "أغرب كشف إن لم يكن أعظم كشف، توصل إليه عالم فيما يتعلق بعمليات الطبيعة".

أرسل نيوتن خطابه "الذي يحوي نظريته الجديدة عن الضوء والألوان" إلى الجمعية الملكية في لندن في السادس من فبراير عام 1672، وكان هذا الخطاب أول بحثٍ نشره نيوتن؛ كما أنه وضع الأساس - لأول مرة - لعلم الطيف، وفتح عهدًا جديدًا في تحليل ظواهر الألوان، وفي كلمة لقد بين نيوتن كيف أن المنشور الزجاجي يحلل الضوء إلى ألوانه المختلفة ذات معاملات الانكسار المختلفة، وكيف أن منشورًا آخر يمكنه أن يجمع هذا الضوء المتحلل، ويعيده سيرته الأولى، إن هذه التجارب الرائعة تعد بمثابة فتح جديد ييسر صياغة نظريات جديدة عن طبيعة الألوان، غير أن هذا البحث لم يلاقِ التقدير العام الذي توقعه نيوتن، إذ انهالت على الجمعية الملكية خطابات كثيرة تعارض نتائج نيوتن، كتب بعضها رجال عديمو الوزن من الناحية العلمية، وكتب البعض علماء بارزون مثل: كريستيان هيوجين، وروبرت هوك، وانبرى نيوتن بصبر عجيب يرد على هذه الخطابات الواحد إثر الآخر بحذر وعناية؛ ولكنه لم يكسب إلى صفه إلا واحدًا من هؤلاء المعارضين، هو الأب الجيزويتي بارديس الفرنسي.

وكان لهذا الجدل أثره الحاد على شخصية نيوتن؛ فأقسم أنه لن ينشر كشوفه الأخرى، وكتب خطابًا إلى ليبنتز يقول فيه: "لقد آلمني هذا الجدل الذي استشرى نتيجة نشري لنظريتي عن الضوء؛ حتى لقد أنبت نفسي على كوني قد فرطت في نعمة الهدوء؛ من أجل الجري وراء مجرد خيال، أو ظل؛ ولكنه مع ذلك استمر ينشر بحوثه فقد كان يهدف إلى الحصول على تقدير الأوساط العلمية، ولم يتوانَ أعداؤه عن الإشارة إلى هذا الازدواج في شخصية نيوتن، وكتب الفلكي جون فلامستيد - أحد معارضيه - يصفه بأنه "شخصية خداعة تتميز بالطموح وبالرغبة في سماع التقريظ؛ ولكنها في نفس الوقت لا تطيق المعارضة، إنني أعتقد أنه رجل طيب في أعماقه، غير أنه شكاك بطبيعته".

وفي كامبريدج كان نيوتن مثالاً للأستاذ الشارد الذهن، كتب كاتم سره همفري نيوتن (ليس بينهما ثمة قرابة)، أنه: "لم ير نيوتن: يروح عن نفسه بنزهة في الهواء الطلق أو بركوب الخيل أو لعب الكرة أو غير ذلك، فقد كان يؤمن أن كل ساعة لا يصرفها في دراساته ساعة ضائعة"، وكثيرًا ما كان يعمل حتى الثانية أو الثالثة صباحًا، وكان يأكل قليلاً أو ينسى تمامًا أن يتناول شيئًا من الطعام، وعندما يذكره شخص ما بذلك يذهب إلى منضدة الطعام، ويتناول "قليلا من هذا، أو ذاك وهو واقف"، ونادرًا ما كان نيوتن يتناول غذاءه في قاعة الكلية، فإذا فعل ذلك "فدون أن يربط حذاءه، أو يشد جواربه، أو يمشط شعره، أو يخلع وشاحه"، وكثيرًا ما يقال: "إن نيوتن كان يلقي محاضراته في قاعة خالية بنفس الحماس الذي يلقيها به والقاعة غاصة بالطلبة".

وبعد انتهاء الجدل المستعر بين نيوتن ومعارضيه آثر الانسحاب من أمام الرأي العام كعالم، وخدم كليته بأن مثلها في البرلمان، واستمر في بحوثه الخاصة في ميادين الكيمياء والخيمياء، واللاهوت، والفيزياء، والرياضيات، تعرف إلى ليبنتز - معاصره العظيم - ولكنه رفض أن يقدم إليه شيئًا عن كشوفه في علم الرياضيات، ومن المقرر الآن أن كلاًّ منهما قد توصل بمفرده إلى علم التفاضل والتكامل، غير أن الرجلين وأنصارهما قد تعاركا بشدة حول أحقية كل منهما في هذا الكشف، واتهم نيوتن ليبنتز بانتحاله لملكية غيره، كان نيوتن غيورًا على ملكيته لكشوفه ودراساته؛ حتى لقد صاحب كل كشف حققه في حياته الخلاقة معركة من نوع أو آخر.

وفي عام 1684 طرق باب نيوتن زائر كبير هو الفلكي أدموند هالي، كانت تدور في رأس هالي مشكلة متعلقة بقوة الجاذبية بين الشمس والكواكب، استنتج مع هوك - على أساس تقارير جوهان كبلر عن حركة الكواكب - أن قوة الجاذبية بين الشمس وأي كوكب من الكواكب، تتناسب تناسبًا عكسيًّا مع مربع المسافة بينهما، غير أنهما لم يتمكَّنا من إثبات فكرتهما، وتقدم هالي إلى نيوتن بسؤال: "ما المنحنى الذي سيتخذه مسار الكواكب إذا افترض أن الجاذبية تتناقص بما يتناسب مع مربع المسافة؟"، وأجاب نيوتن: "لقد حسبتها"، وتبين هالي من هاتين الكلمتين أن نيوتن قد توصل إلى أحد القوانين الأساسية في الكون - قانون الجاذبية - وأراد هالي أن يطلع فورًا على الحسابات، غير أن نيوتن لم يعثر عندئذٍ على مذكراته، ولكنه وعد بأن يكتب نظرياته ووسائل البرهنة عليها، وتحت إلحاح هالي المستمر أكمل الأصول لتقديمها إلى الجمعية الملكية، وهكذا ولد كتاب "الفلسفة الطبيعية لمبادئ الرياضيات" الذي عرف منذ ذاك باسم "المبادئ".

وقبل أن ينشر الكتاب برزت أزمة بين هوك ونيوتن بخصوص أحقية كل منهما في قانون التربيع العكسي، وهدد نيوتن بنزع الفصول الأساسية من كتابه؛ ولكن هالي تدخل وظهر الكتاب العظيم دون أن يمس، ولا شك أن هالي قد لعب دورًا كبيرًا في إخراج هذا الكتاب، فإلى جانب أنه دفع نيوتن إلى كتابته، كان يراجع الكتاب على الأصول ودفع تكاليف النشر بالرغم من أنه لم يكن ثريًّا.
ينقسم كتاب "المبادئ" إلى ثلاثة "كتب"، عرض نيوتن في الكتاب الأول قوانينه الثلاثة للحركة، ودرس نتائج قوانين القوة المختلفة، وفي الكتاب الثاني درس الحركة في أنواع السوائل المختلفة، وكان أقل نجاحًا في ذلك، إذ أدخل العلماء في العقود التالية كثيرًا من التعديلات على ما جاء في هذا الكتاب، وفي الكتاب الثالث ناقش الجاذبية الكونية، وبين كيف أن هناك قانونًا واحدًا للقوة يفسر سقوط الأجسام على الأرض، كما يفسر حركة القمر، وتوابع المشترى وحركة الكواكب، وظاهرة المد والجزر.

وكانت إحدى المشكلات المعقدة التي جابهت نيوتن هي: إثبات أن الجسم الكروي يجذب الأجسام الأخرى إليه؛ كما لو كانت كتلته متركزة في مركزه، بدون هذا الإثبات تظل نظرية الجاذبية بأكملها معتمدة على البداهة أكثر من اعتمادها على الحسابات المضبوطة، فإذا أخذنا مثلاً الحالة البسيطة، حالة سقوط تفاحة على الأرض - التي تكمن فيها الفكرة الأساسية للجاذبية؛ كما يقول نيوتن - فإننا سنتساءل: "ما المسافة بين الأرض والتفاحة؟"، هنا يأتي حساب التفاضل والتكامل، لقد اعتبر نيوتن أن الأرض مكونة من مجموعة من أحجام صغيرة جدًّا من المادة، كل منها تجذب التفاحة حسب قانون التربيع العكسي الجاذبية، ثم جمع بعد ذلك قوى الجذب المختلفة، وبين أن النتيجة النهائية مماثلة تمامًا للنتيجة التي يحصل عليها إذا اعتبر أن كتلة الأرض بأكملها تكمن في نقطة صغيرة في مركزها.
وما أن انتهى نيوتن من كتابه "المبادئ" حتى كان يعاني من نوع من "الانهيار العصبي"، كان يشكو من عدم قدرته على النوم، ومن فقدانه "لتماسكه الذهني السابق"، كان يكتب خطابات غاضبة إلى أصدقائه، ثم لا يلبث أن يعتذر إليهم؛ كتب مثلاً جون لوك يعترض بشدة على أن هذا الفيلسوف حاول أن "يقحمه في أمور نسائية".

وفي*عام 1696 تخلى نيوتن عن حياته الأكاديمية العلمية، واحتل مركز محافظ دار سك النقود ثم مديرها، غير أنه ظل يتلقى صنوف التكريم؛ نتيجة لما حققه في ميدان العلم، وأعطي لقب فارس عام 1705، وشغل لمدة سنتين منصب رئيس الجمعية الملكية، وفي ربع القرن الأخير من حياته لم يقدم نيوتن إضافات هامة للعلم، قال البعض: إن عبقريته الخلاقة قد احترقت، وقال البعض الآخر: إنه - وقد أقام أسس علم البصريات، واخترع حساب التفاضل والتكامل، وكشف عن نظام حركة الكون - لم يعد أمامه ما يضيفه في ميدان العلم.

وبالرغم من أن نيوتن لم يصل إلى كشوف جديدة في سنيه الأخيرة إلا أن هذه السنين لم تكن مجدبة، وخالية من الأفكار، لقد كان شهيرًا ومكرمًا، وبلغ درجة من الأمان تسمح له بأن يتأمل في بعض المشاكل العلمية، ويقدم للناس تأملاته، قدم عديدًا من الفروض عن "سبب" الجاذبية، وعن طبيعة "الأثير"، وعن حجم الوحدات التي تكون المادة، وقوى الكهربية والمغناطيسية، وسبب الاستجابة العضلية "لرغبات الإرادة"، ومنبع الإحساسات، وخلق العالم والمصير النهائي للإنسان، ولقد سار الكثيرون من المجربين على هدى تأملات نيوتن في القرن الذي جاء من بعده.

كثيرًا ما يوصف نيوتن بأنه فاتح "عهد التعقل"، ولقد عبر ألكسندر بوب عن مشاعر عصره في السطور الشهيرة التالية:
كانت الطبيعة وقوانينها تختفي في ظلمات الليل
فخلق الله نيوتن! وعم الضوء المكان
غير أن اللورد كينز لفت النظر إلى جانب آخر من جوانب نيوتن: سعيه وراء الحصول على إجابة عن لغز الوجود، واهتمامه البالغ بالخيمياء، وآراء اللاهوتية غير الأرثوذكسية، وفلسفته المبهمة ودراساته الدينية، إن كل من يقرأ كتابات نيوتن غير العلمية أو يطلع على التأملات التي نشرها في كتابه "البصريات" بخصوص نهاية الحياة لن يرضى تمامًا عن سطور بوب، ولعله سيفضل كلمات وليم وردزورث التي قال فيها عن نيوتن:
"كان في سكونه وبيده منشوره عقلاً يجوب إلى الأبد بحار الفكر الغريبة وحيدًا".

ايوب صابر 06-20-2014 11:51 PM

اسحاق نيوتن
4 ديسمبر، 2011 ·
هذه نبذة مختصرة جدا عن العالم العظيم (نيوتن) سوف اقوم بنشر شئ جديد عن حياته
.
.
إسحاق ”نيوتن“ (بالإنجليزية: Isaac Newton) وينادي بالسير إسحاق نيوتن (4 يناير 1643- 31 مارس 1727) من رجال الجمعية الملكية كان فيزيائي إنجليزي وعالم رياضيات وعالم فلك وفيلسوف بعلم الطبيعة وكيمائي وعالم باللاهوت وواحدًا من أعظم الرجال تأثيرًا في تاريخ البشرية. ويعد كتابه كتاب الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية والذي نشر عام 1687 من أكثر الكتب تأثيرًا في تاريخ العلم واضعًا أساس لمعظم نظريات الميكانيكا الكلاسيكية. في هذا الكتاب، وصف “نيوتن” الجاذبية العامة وقوانين الحركة الثلاثة والتي سيطرت على النظرة العلمية إلى العالم المادي للقرون الثلاثة القادمة ووضح "نيوتن" أن حركة الأجسام على كوكب الأرض والتي لها أجرام سماوية تحكمها مجموعة القوانين الطبيعية نفسها عن طريق إثبات الاتساق بين قوانين "كبلر" الخاصة بالحركة الكوكبية ونظريته الخاصة بالجاذبية؛ ومن ثم إزالة الشكوك المتبقية التي ثارت حول نظرية مركزية الشمس مما أدى إلى تقديم الثورة العلمية. وفيما يتعلق بالميكانيكا، أعلن "نيوتن" مبادئ بقاء الطاقة الخاصة بكل من كمية الحركة وكمية الحركة الزاوية. وفي علم البصريات، اخترع "نيوتن" أول تلسكوب عاكس[3] عملي. وكذلك أيضًا طور نظرية الألوان (لون) معتمدًا على ملاحظة أن المنشور يحلل الضوء الأبيض إلى العديد من الألوان التي تشكل الطيف المرئي. وبالإضافة إلى ذلك، صاغ قانون نيوتن للتبريد ودرس سرعة الصوت. وبالنسبة لعلم الرياضيات، يشارك "نيوتن" "جوتفريد لايبنتز" في شرف تطوير حساب التكامل والتفاضل. وكذلك أيضًا، أثبت النظرية ذات الحدين المعممة وطور ما يسمى بـ "طريقة نيوتن" الخاصة بتقريب الأصفار الموجودة بالدالة وساهم في دراسة متسلسلة القوى. تظل مكانة "نيوتن" الرفيعة بين العلماء في أعلى مرتبة الأمر الذي أثبته استطلاع رأي أجري عام 2005 فيما يتعلق بعلماء المجتمع الملكي البريطاني وكان السؤال الذي طرحه هذا الاستطلاع هو من كان له أعظم تأثير على تاريخ العلم "نيوتن" أم "ألبرت آينشتاين". وكانت نتيجة الاستطلاع هي أن "نيوتن" هو يعتبر الأكثر تأثيرًا.[4] علاوةً على ذلك، كان "نيوتن" تقيًا للغاية (على الرغم من أنه لم يكن متفقًا مع الأعراف الدينية القائمة) ومنتجًا للعديد من الأعمال في تفسيرات الكتاب المقدس أكثر مما أنتجه في العلوم الطبيعية التي لم ينس العالم إسهاماته به حتى الآن.

ايوب صابر 06-26-2014 07:42 PM

سويفت (جوناثان ـ)....اليتيم رقم 3 من الأيتام قبل الولادة
(1667 ـ 1745)

يعد الكاتب والروائي الإنكليزي جوناثان سويفت Jonathan Swift من أهم من كتب النثر الهجائي باللغة الإنكليزية. ولد في دبلن من أبوين إنكليزيين بعد أن جاء جده من إنكلترا هرباً من الاضطهاد السياسي واستقر في ايرلندا. توفي أبوه قبل ولادته وتركته أمه عند أعمامه وعادت إلى أسرتها في إنكلترا. ترك موت أبيه المبكر وتخلي أمه عنه أثراً كبيراً في شخصيته وغلفها بمشاعر الإحباط والتعاسة، يوازيها فيما بعد ألمه من كثرة الصراعات الدينية والسياسية. تلقى تعليمه العالي في كلية «ترينيتي» Trinity بإيرلندا وتخرج فيها سنة 1686، ثم شغل مركز الكاهن في كاتدرائية القديس باتريك* St. Patrick’s Cathedral في دبلن عام 1713. عُرف في ميدان الهجاء والرسائل السياسية وهزأ كثيراً من الأفكار البالية، خاصة النفاق الديني والاجتماعي. ثم رحل إلى إنكلترا سنة 1688 وعمل هناك سكرتيراً خاصاً لوليام تمبل William Temple الذي كان من أقطاب السياسة والحكم والفكر في إنكلترا.

تعرف سويفت بحكم عمله رجالات السياسة والحكم، وتعلم أساليبهم في التعامل والسلوك، وتمكن من قراءة الكتب الثمينة المتوفرة في مكتبة تمبل، كما حصل على شهادة الماجستير في الآداب من جامعة أكسفورد سنة 1692، وعلى درجة الدكتوراه في اللاهوت سنة 1702. عاد إلى إيرلندا مدة قصيرة بعد أن ساءت علاقته مع تمبل، وعاش في عزلة بالقرب من بلفاست، وكانت هذه العزلة خانقة، فقفل راجعاً من جديد إلى إنكلترا، وعمل مجدداً مع تمبل وهي المدة التي تعرف فيها إيستر جونسون التي اشتهرت باسم «ستيلا»، وهي ابنة صديق تمبل، وأشرف على تعليمها ونشأت بينهما علاقة قوية امتدت حتى وفاتها. وقد كتب لها سويفت مجموعة كتابات بعنوان «رسائل إلى ستيلا» (1710-1713) Journal to Stella، ولم تكن هذه الكتابات مجرد ثرثرة عن عظمة لندن الأدبية والسياسية فحسب بل كشفت عن قدرة رجل عرف عنه خطأً أنه «عدو البشر».

استطاع سويفت أن يكوّن لنفسه مكانة أديب قدير وسياسي محنك ورجل دين مرموق وبطل قومي في نظر الشعب الايرلندي على الرغم من كونه إنكليزياً، وترأس تحرير صحيفة «ذَ اكزامينر» The Examiner الناطقة بلسان حزب المحافظين، وسخر فيها من سياسة الأحرار المعارضين، الذين كان قد اختلف معهم حول قضايا دينية، ودافع عن حقوق الكهنة الإيرلنديين وقضايا الشعب الإيرلندي.

كانت باكورة جهود سويفت في القصيدة أو الأود البندارية The Pindaric Ode [ر. بندارُس]، إذ كتب بعض القصائد، لكنها كانت ذات صيغة معقدة خالية من المرح والدعابة والسخرية أو الهجاء وظهرت واقعية لاذعة في أعماله التالية مثل «وصف لسقوط المطر في المدينة» (1709) Description of a City Shower، و«أشعار حول وفاة الدكتور سويفت» (1731) Verses on The Death of Dr. Swift، و«غرفة ملابس السيدة» (1732) The *Lady’s Dressing Room.

وجد سويفت نفسه كاتباً هجّاءاً عندما حظي اثنان من أوائل أعماله الهجائية باهتمام النقاد. وهما «معركة الكتب» The Battle of The Books حول النزاع بين القديم والحديث، و«حكاية حوض» A Tale of aTub في عام (1704)، وهي مزيج من المقالات الساخرة والحكايات حول التطور التاريخي للطوائف المسيحية. لكن الملكة آن ورجال السياسة عدّوا الكتاب معادياً للدين وهذا ما سبب استبعاده عن المناصب السياسية.

كتب سويفت العديد من الكراسات السياسية أشهرها «تقويم أهمية الوصي» (1713) The Importance of the Guardian Considered، و«الروح الشعبية للأحرار» (1714) The Public Spirit of the Whigs، وكانت هذه الكراسة جواباً على ما كتبه ستيل Steele في «الأزمة» Crisis، وضمت أيضاً مقالة عن موت الملكة عام 1714 وعن سقوط وزارة المحافظين الذين دافع عنهم عندما صار المتحدث باسمهم.

عاد سويفت، بعد موت تمبل، إلى إيرلندا، وشغل مناصب كنسية أقل مرتبة، وأقام فيها من عام 1708 حتى عام 1714، وكتب في هذه المدة بسخرية لاذعة عن قضايا الكنيسة «رسالة بخصوص امتحان القربان المقدس» Letter Concerning the Sacramental Test التي هاجم فيها الكهنة الإيرلنديين الذين سببوا له الأذى بالإشتراك مع حزب الأحرار Whigs. وفي السنوات الثلاثين التالية اندمج كلياً في الحياة الإيرلندية، ومن خلال كتيباته اللامعة حول إيرلندا مثل «رسائل تاجر الأقمشة» The Drapier’s Letters*و«اقتراح متواضع» A Modest Proposal أصبح بطلاً وطنياً.

أما أهم مؤلفات سويفت فهي روايته «رحلات غوليفر» (1726) Gulliver’s Travels التي استغرق في كتابتها ست سنوات، وطبعت الرواية في حياة سويفت عدة مرات وترجمت إلى معظم اللغات الحية، وكانت أول ترجمة لها إلى اللغة العربية سنة 1909. أراد سويفت من حكايته المؤلفة من أربع رحلات أن يوجه نقداً لاذعاً للمجتمع الذي يرزح تحت عبء النفاق والتقاليد البالية والتنبيه إلى ضرورة احترام الإنسان الفاعل، كما قصد تنشيط خيال الصغار والكبار معاً. وهذه الرحلات هي: أولاً، الرحلة إلى بلاد الأقزام الذين حاولوا الغدر به على الرغم من مساعدته لملكهم، لكسب الحرب على أعدائه، ويهزأ فيها سويفت من الأحزاب السياسية والنزاعات الدينية في إنكلترا. أما الرحلة الثانية فكانت إلى بلاد العمالقة، ولم تكن أقل إدهاشاً من الرحلة الأولى، غير أن العمالقة على الرغم من ضخامة أجسامهم، كانوا أناساً طيبين يحيطونه بالرعاية والحماية. أما الرحلة الثالثة، فهي إلى جزيرة لابوتا Laputa التي يعاني سكانها من نوع غريب من الجنون يتمثل في شرودهم الذهني وسرحانهم في تأملات علمية نظرية خاصة في علوم الفلك والرياضيات والموسيقى، حيث يجد غوليفر العلماء منهمكين في تجاربهم لاستخلاص الشمس من الخيار، وغيرها من المغامرات العلمية التافهة. وقد هزأ سويفت في هذه الرحلة من الفلاسفة والعلماء الغارقين في تأملاتهم غير آبهين بحياتهم العملية. أما الرحلة الرابعة والأخيرة فهي إلى بلاد الهوينهنم Houyhnhnms، حيث الخيل الناطقة العاقلة الفاضلة، التي تفوز بالسيادة بين قريناتها من المخلوقات لسلوكياتها النبيلة، على عكس بني ياهو Yahoos الذين يشبهون البشر، إلا أنهم مخلوقات بكماء، قذرة، شرسة، جشعة وأنانية ولها ميل فطري للشر. ويتساءل سويفت في هذه الرواية عن ماهية الإنسان في عصر أطلقت عليه العديد من الأسماء مثل عصر العقل وعصر التنوير، وعصر عودة الملكية، والعصر الأوغسطي، وعصر الكلاسيكية الجديدة، وخاصة أن الإنسان يعدّ العقل وحده كافياً ليكون مرشداً ودليلاً له في الحياة، بعيداً عن الإيمان بالله. وقد لاقت الرواية نجاحاً كبيراً وجذبت إليها الكثير من القراء ككتاب رحلات ونص هجائي لاذع، على سوداوية نظرة سويفت للحياة التي كانت موضع انتقاد شديد.

قام سويفت بآخر زيارة لإنكلترا عام 1727 عاش بعدها في إيرلندا حيث أنفق ثلث دخله على الأعمال الخيرية والثلث الآخر لتأسيس مشفى لمرضى البله والصرع الذي ظهرت أعراضه عليه في آخر أيامه، وعانى مجدداً الوحدة القاتلة، بعد أن تدهورت صحته وتكررت نوبات الصرع التي بلغت ذروتها في السنوات الثلاث الأخيرة من حياته عندما أصيب بالشلل الدائم قبل أن يموت ويدفن إلى جانب محبوبته ستيلا في دبلن.

ريما الحكيم

ايوب صابر 06-26-2014 08:02 PM

جوناثان سويفت
حياته وأعماله:






يعد الكاتب والسياسي الانكليزي-الإيرلندي جوناثان سويفت Swift, Jonathan (1667-1745) واحداً من أعظم أساتذة النثر الانكليزي وكاتباً هجائياً من الطراز الأول. سلط قلمه الذي لا يعرف الرحمة على حماقات البشر ونفاقهم في كل زمان ومكان. وهو في لغته التي تتصف بالقوة والإيجاز معا لما يزل منذ قرون يأسر قلوب الصغار والكبار من مختلف الأهواء والمشارب والاتجاهات.
ولد في دبلن في الثلاثين من نوفمبر 1667 وتلقى تعليمه الديني في جامعة ترينتي في ايرلندا ثم عمل في إنكلترا سكرتيراً للدبلوماسي والكاتب الإنكليزي السير وليم تمبل الذي اتسمت علاقته به بالشد والجذب حتى وفاة الأخير عام 1699. غير أن هذا العمل وفر لسويفت فرصة عظيمة للقراءة والدرس وتفتح موهبته الأدبية.
نشر عام 1697 عمله المبكر "معركة الكتب" The Battle of the Books وهو محاكاة ساخرة لما كان يحتدم في عصره من خلاف بين أنصار الكتاب القدامى والمحدثين فنراه ينتصر للمؤلفين القدامى مهاجماً فساد وزيف الأوساط الأدبية والفكرية في عصره. أما كتابه "قصة حوض غسيل" A Tale of a Tub (1704) فيعد أحد أكثر أعماله الهجائية إمتاعاً وأصالة. وفيه يسخر بشكل لاذع بأنواع النفاق والحذلقة والدجل وخصوصاً في الأوساط الثقافية والدينية، مما أثار شكوكاً قوية حول التزامه الديني، كما أثار حفيظة الملكة آن[1] وحال، كما قيل، بينه وبين ارتقائه في المناصب الدينية.داخل إنكلترا.
كان سويفت في بداية حياته العامة ينتمي الى حزب الأحرار، غير إنه كان يختلف مع حزبه في الكثير من القضايا المهمة، وعندما جاء حزب المحافظين الى الحكم عام 1710 حول سويفت انتماءه السياسي اليه موجهاً سخريته اللاذعة وأهاجيه صوب حزب الأحرار في سلسة من القطع الصغيرة البارعة وتولى تحرير صحيفة المحافظين الرسمية كما نشر عدد من الكراسات السياسية التي دافع فيها باقتدار عن سياسة حزبه ومن أهمها تلك المعنونة "سلوك الحلفاء" The conduct of the allies التي اتهم فيها حزب الأحرار بتعمد إطالة أمد حرب الوراثة الاسبانية لأغراض نفعية، وكان لتلك الكراسة أثرها في إقصاء قائد الجيوش البريطانية عن منصبه.
شاب علاقة الكاتب بالنساء شيء من الغموض؛ فقد قيل إنه تزوج سراً من "ايثر جونسن" وهي المرأة التي كتب لها "يوميات الى ستيلا" Journal to Stella 1710 وهي سلسلة من الرسائل الحميمة استخدم فيها أسلوبا يزخر بالألفاظ المستقاة من أغنيات تنويم الأطفال مما يكشف عن جانب مبهم من شخصية هذا الهجّاء العظيم.
في عام 1713 عُيِّن سويفت رئيساً لكاتدرائية القديس باتريك في دبلن، وفي العام الذي تلاه أسقِط حزب المحافظين من الحكم وانتهى معه النفوذ السياسي للكاتب. وخلال السنوات التي تلت كرس سويفت الكثير من جهده وكتاباته للدفاع عن شعبه الايرلندي مما صيره بطلاً قومياً محبوباً. غير أن أعظم أعمال الكاتب هو بلا شك "رحلات الى العديد من أمم الأرض البعيدة" والمعروف على نطاق عالمي بـ "رحلات غوليفر". وقد نشره عام 1726 دون ذكر اسم المؤلف فلاقى نجاحاً مدويا على الفور. كان غرض سويفت من كتابهِ هذا في الأصل أن يسلط سهام سخريته وهجائه على النفاق والغرور والغباء الذي كان يتحكم في رجال السياسة والأحزاب والبلاطات الملكية في عصره، لكنه، خلال كتابته إياه وظف انطباعاته الأكثر نضجاً عن طبيعة المجتمع الإنساني فصارت رحلات غوليفر عملاً مريراً وحشي القسوة في سخريته من الجنس البشري برمته. غير أن هذا الكتاب الخالد كان من سعة الخيال والظرف والسهولة بحيث ظل منذ ذلك الوقت عملاً يستمتع به الصغار والكبار وتحول الى مصدرٍ لعشرات من الأعمال السينمائية والتلفزيوني والإذاعية وأفلام الرسوم المتحركة.
عانى سويفت في سنواته الأخيرة من أدوار متزايدة من القنوط والوحدة والخوف من الجنون وخصوصاً بعد رحيل حبيبته ستيلا حتى توفي في التاسع عشر من أكتوبر 1745 ودفن الى جانبها في كاتدرائيته بدبلن. وعلى شاهدة قبره نقِشت هذه الكلمات التي كتبها بنفسه "هنا يرقد جسد جوناثان سويفت، رئيس هذه الكاتدرائية, حيث لن تستطيع نيران النقمة أن تلسع فؤاده بعد الآن. إرحل يا عابر السبيل، وتشبَّه، إذا استطعت، بمحارب مقدامٍ من أجل الحرية"

ايوب صابر 06-26-2014 08:42 PM

ومن شعراء القرن الثامن عشر يمثل جونثان سوفت In Jonathan Swift (1667-1745), احد ابرز الادباء الايرلنديين والذي اظهر الادب الايرلندي باللغة الانجليزية هو كاتب يتمتع بعبقرية حقيقية وقد عرف الكاتب جونثان سويفت In Jonathan Swift أولا كروائي وذلك من خلال أعماله الروائية المشهورة في الأدب العالمي كرواية رحلات جيلفر Gulliver's Travels ورواية حكاية الحوض A Tale of a Tub, وأيضا جونثان سوفت شاعر متميز ذو موهبة فذة وكان قريب فنيا في اسلوب الكتابة إلى معاصرية الشاعر بوب والشاعر دريدن Pope and Drydenويظهر في شعر سوفت بوضوح الهجاء اللاذع وتصوير الجسد البشري ووظائفه بأسلوب مرعب وقد ميز ذلك الاسلوب اعماله الروائية

ايوب صابر 06-26-2014 08:49 PM

جوناثان سويفت (1667-1745) هو أديب وسياسي وأسقف إنگليزي-أيرلندي عاش بين القرنين ال17 وال18 للميلاد واشتهر بمؤلفاته الساتيرية (الساخرة) المنتقدة لعيوب المجتمع البريطاني في أيامه والسلطة الإنكليزية في أيرلندا.
أهم مؤلفاته وأشهرها هي "رحلات جلفر" (أو "رحلات گليڤر") الذي نشره في 1726 والتي تضم أربعة كتب تصف أربع رحلات خيالية إلى بلدان نائية غريبة تمثل كل واحدة منها حيثية للمجتمع البريطانية.
وهجاؤه مُرٌّ في أغلب الأحيان. ولكنه هجاء هزلي ظريف. وكان سويفت مهتمًا بشكل كبير بسلوك ومصالح الناس في زمانه، وخصوصًا مصالح الأيرلنديين وسلوك الإنجليز تجاه أيرلندا.


جليفر في بلاد الأقزام (ليلي‌پوت)
فهرست*[إخفاء]*
1 النشأة
2 سيرته
3 أعماله
3.1 مقالات واسترسالات ومنشورات ودوريات
3.2 أشعاره
3.3 مراسلاته وكتاباته الشخصية
3.4 عظاته وصلواته
3.5 Miscellany
4 ذكراه
5 الهامش
6 مصادر السيرة
7 وصلات خارجية
7.1 النصوص الإلكترونية لأعماله
النشأة
ولد سويفت في 30 نوفمبر 1667 في العاصمة الإيرلندية دبلن لوالدين بروتستانيين من أصل إنكليزي، أما أبوه فقد مات قبل ولادته. لا يعرف عن طفولته إلا القليل ولكن يبدو من بعض الموارد أن أمه عادت إلى إنكلترا بينما بقي جوناثان سويفت مع عائلة أبيه في دبلن، حيث اعتنى عمه غودوين بتربيته.
في 1686 حاز سويفت على مرتبة بكالوريوس من جامعة ترينيتي في دبلن، وبدأ دراساته لمرتبة ماجستير إلا أنه اضطر إلى ترك الجامعة بسبب أحداث "الثورة المجيدة" التي اندلعت في بريطانيا في 1688. في هذه السنة سافر سويفت إلى إنكلترا حيث دبرت أمه له منصب مساعد شخصي لوليام تمبل الذي كان من أهم الدبلوماسيين الإنكليز، غير أنه قد تقاعد عن منصبه عندما وصل سويفت إليه، واهتم بكتابة ذكرياته. مع مرور ثلاث سنوات لشغله كمساعد لتمبل، تعززت ثقة تمبل بمساعده حتى أرسله إلى الملك البريطاني وليام الثالث لترويج مشروع قانون كان تمبل من مؤيده.
ورأى جوناتان سويفت الذي كان آنذاك ملتحقاً بخدمة بولنبروك وهو "ربوبي"، أن أنتوني كولنز يستحق مزيداً من العقاب لأنه كشف سراً يحتفظ به كل أفاضل الرجال لأنفسهم ووقع عليه هذا العقاب في مقال بعنوان "بحث مستر كولنز في حرية التفكير بسط في لغة إنجليزية سهلة... ليستخدمه الفقراء" وسخر من الحجج التي ساقها كولنز في مبالغات فكاهية، وأضاف قوله: حيث أن معظم الناس حمقى أغبياء فأنه لما يجلب الكوارث أن نتركهم أحراراً في التفكير، "إن معظم بني الإنسان مؤهلون للطيران قدر أهليتهم للتفكير(92)"-وتلك عملية متوقعة في أيامنا هذه أكثر مما كان يقصد سويفت. واتفق مع هوبز في أن الدكتاتورية حتى في الروحانيات هي البديل الوحيد عن الفوضى. وقد رأينا أن الأنجليكانيين الأيرلنديين ذهبوا إلى أن الكاهن العابس المكتئب يمكن أن يكون مطراناً ممتازاً إذا آمن بالله.
سيرته
كان سويفت بمثابة شعلة متأججة سرت من قرن إلى قرن، من دريدن إلى بوب. ولم يستطع قط أن يغتفر مولده في دبلن الذي كان عائقاً مثيراً للغضب في إنجلترا. وكم كان قاسياً عليه أن يقضي أبوه نحبه قبل ولادته، وكان الوالد قهرمان قصر الملك في دبلن. وعهد بالطفل إلى مرضعة حملته منها إلى انجلترا، ولم تعد به إلى أمه إلا عندما بلغ الثالثة من العمر، وربما ولدت هذه المغامرات والمخاطر في نفس الصبي شيئاً من قلق اليتيم. ولابد أن هذا الشعور ازداد عمقاً في نفسه، بانتقاله إلى عم له. سرعان ما تخلص منه، وهو في السادسة بإلحاقه بمدرسة داخلية في كلكني. وفي سن الخامسة عشرة التحق بترنتي كولدج في دبلن، حيث ظل بها سبع سنين. وشق طريقه في الكلية بصعوبة لأنه كان مهملاً في اللاهوت بصفة خاصة. وكثيراً ما قصر وعوقب، وذاق مرارة الفقر والحرمان عندما تعثر حظ عمه الذي تولى الإنفاق عليه، وأصيب بانهيار عصبي (1688). وعند موت عمه 1689، وفي غمرة ثورة إيرلندة لنصرة جيمس الثاني، هرب جوناثان إلى إنجلترا، وإلى أمه التي كانت تعيش في ليستر على عشرين جنيهاً في العام. وعلى الرغم من طول الفراق بينهما، انسجما معاً إلى حد معقول، وتعلم كيف يحبها، وزارها من حين إلى حين، حتى وفاتها (1710).
وفي أواخر عام 1689 وجد سويفت عملاً براتب قدره عشرون جنيهاً في العام مع الإقامة والطعام، سكرتيراً لسير وليم تمبل في موربارك. وكان تمبل حينذاك في أوج عظمته، صديقاً ومستشاراً للملوك. ويجدر بنا ألا نقسو في لومه لإخفاقه في التعرف على العبقرية في الشاب ذي الاثنين والعشرين ربيعاً الذي جاءه ببعض اللاتينية واليونانية، وببعض اللهجة الإيرلندية مع جهل ماكر باستخدام الشوكة والملعقة وعلاقة الواحدة منهما بالأخرى على المائدة(81) وكان سويفت يجلس مع كبار العاملين في خدمة تمبل، إلى مائدة سيدهم(82)، الذي لحظ دوماً الفرق بينه وبينهم. ولكن تمبل كان فأرسل سويفت 1692 إلى أكسفورد ليحصل على درجة الأستاذية. وأوصى به عطوفاً، وليم الثالث خيراً، ولكن دون جدوى.
وفي نفس الوقت كان سويفت يكتب مقطوعات شعرية من ذات البيتين. عرض بعضها على دريدن الذي قال له "ياسويفت، يابن العم، إنك لن تكون شاعراً أبداً"- وهي نبوءة كانت دقتها تجل عن إدراك الشاب وتقديره. وفي 1694 ترك سويفت خدمة تمبل، مع توصية منه. فعاد إلى إيرلندة، ورسم قسيساً أنجليكانياً (1665) وعين في وظيفة كنيسة صغيرة صغيرة ذات راتب في كلروت بالقرب من بلفاست. وهناك وقع في غرام جين دارنج التي سماها "فارنيا"، وعرض عليها الزواج، ولكنها أمهلته حتى تتحسن صحتها ويزداد دخله. ولما لم يطق صبراً على هذه العزلة القاتلة في أبرشية ريفية، هرب من كلروت 1669 وعاد أدراجه إلى تمبل وظل في خدمته حتى مات هذا الأخير.
وكان سويفت في عامه الأول في موربارك، قد التقى بأستر جونسون التي قدر لها أن تصبح "Stella". وتناثرت بعض الشائعات بأنها نتاج شيء من طيش سير وليم تمبل، الذي كان نادراً. والأرجح أنها ابنة تاجر من لندن. التحقت أرملته بخدمة ليدي تمبل . وعندما رآها سويفت لأول مرة كانت في سن الثامنة، تبعث على السرور والابتهاج مثل سائر البنات في هذه السن، ولكنها كانت أصغر من أن تثير فيه لواعج الغرام والهيام. أما الآن وهي في الخامسة عشرة، فقد اكتشف سويف، معلمها الذي ناهز التاسعة والعشرين، أن مفاتنها تثير المشاعر البدائية لدى الكاهن المحروم، لها عينان سوداوتان براقتان، وشعر أسحم، وصدر منتفخ، "رشيقة رشاقة غير معهودة في البشر. في كل حركة وفي كل كلمة وفي كل عمل" (هكذا وصفها سويفت فيما بعد)، "ركبت كل تقاطيع وجهها في أحسن صورة(83)" كيف لا تفتتن إلواز هذه معلمها أبيلار.
وعندما توفي تمبل 1699 ترك لأستر ألف جنيه ولسويفت مثلها. وبعد آمال خائبة في الالتحاق بوظائف الحكومة، قبل سويفت الدعوة ليكون قسيساً وسكرتيراً لدى إرل بركلي الذي كان قد عين لفوره قاضي القضاة في إيرلندة. وعمل سكرتيراً للرحلة إلى دبلن، ولكنه هناك فصل عن عمله. فطلب أن يعين رئيساً لكنيسة "درف" وهو منصب كان على وشك أن يشغر. ولكن السكرتير الجديد، لقاء رشوة قدرها ألف جنيه، خص بالوظيفة مرشحاً آخر. واتهم سويفت إرل بيركلي والسكرتير كليهما، وجهاً لوجه، بأنهما "وغدان حقيران". فعملا على تهيئته بتعيينه قسيساً في "لاكور"، وهي قرية على بعد نحو عشرين ميلاً من دبلن، لا يزيد شعبها على خمسة عشر شخصاً. والآن في 1700 بلغ دخل سويفت 230 جنيهاً، وهو دخل حسبته جين وارنج كافياً لإتمام الزواج. ومهما يكن من أمر، فقد مضت أربع سنوات على مفاتحته لها في أمر الزواج، وفي نفس الوقت كانت قد وقعت عينه على استر. فكتب على جين يقول أنها إذا تزودت بقسط من التعليم يؤهلها لتكون شريكة صالحة لحياته، وتعد بأن ترضى عن كل ما يحب ويكره، وتخفف من متاعبه ودراسته، فإنه يتزوجها دون نظر إلى وسامتها وجمالها أو إلى دخلها(84).
ومذ كان سويفت وحيداً في لاراكور، فإنه كثيراً ما تردد على دبلن. وهناك في 1701 حصل على درجة الدكتوراه في اللاهوت، وبعد ذلك في نفس العام، دعا أستر جونسون وصديقتها مسز روبرت دنجلي ليحضرا ويقيما معه في لاراكور، فقدمتا واتخذتا مسكناً بالقرب منه. وفي أثناء تغيبه في إنجلترا شغلتا مسكنه الذي كان قد استأجره في دبلن وكانت أستر "ستيللا" تتوقع منه أن يتزوجها، ولكنه تركها تنتظر طيلة خمسة عشر عاماً، واحتملت هي هذا الموقف الذي وضعها فيه على مضض، وانتابها الاضطراب والكآبة. ولكن قوة شخصيته وحدة تفكيره، أخمدتا جذوتها وكأنما وقعت تحت تأثير تنويمه المغناطيس حتى النهاية.
وتألفت حدة ذهنه بشكل مباغت حين نشر في 1074 في مجلد واحد "معركة الكتب" و "حكاية حوض الاستحمام". والأول إسهام موجز لا يستحق الذكر في الجدل حول المزايا النسبية للأدب قديمة وحديثة. أما الثاني فهو عرض هام لفلسفة سويفت الدينية أو غير الدينية. وقال سويفت عندما أعاد قراءة كتابه هذا في أخريات أيامه: "يا إلهي: أية عبقرية أملت على هذا الكتاب؟(85). وأحبه كثيراً إلى حد أنه في الطبعات التالية أتحفه بخمسين صحيفة أخرى من الهراء، على شكل مقدمات واعتذارات. وكان يفاخر ويزهو بأن الكتاب ينم عن أصالة بالغة. ومع أن الكنيسة كانت منذ أمد بعيد قد أكدت أن المسيحية هي "رداء المسيح السليم الذي شبه فيه" ولكن الإصلاح البروتستانتي مزقه إرباً فأن أحداً- خصوصاً كارليل Sartor Resortus- لم يطعن في القوة التي لم يسبق لها مثيل التي رد فيها سويفت كل الفلسفات والديانات إلى مجرد أردية تستخدم لستر جهلنا المرتجف أو إخفاء رغباتنا الجامحة المفضوحة:

ايوب صابر 06-26-2014 08:51 PM

"هل الإنسان نفسه إلا رداء بالغ الصغر أو على الأصح مجموعة كاملة من الملابس بكل زخارفها وزركشاتها ؟ أليست الديانة عباءة، والأمانة حذاء بلى بالوحل، وحب الذات معطفاً ضيقاً غاية الضيق، والغرور قميصاً، أليس الضمير إلا سروالاً (بنطلوناً) يستر الخلاعة والقذارة، ولكن من السهل نزعه لخدمة الخلاعة والقذارة كلتيهما ؟ فإذا وضعت بعض قطع الفراء الرخيص أو الثمين في موقع معين من الرداء فإننا بذلك نصنع قاضياً وحكماً ومن ثم فإن بعض الشاش والأطلس الأسود بعضهما إلى بعض بشكل مناسب يصنع لنا أسقفاً(86)".
وجرت إستعارة الرداء هنا بدقة ورقة. أن بيتر (الكاثولوكية)، ومارتن (اللوثرية والأنجليكانية) وجاك (الكلفنية) تسلموا، ثلاثتهم، من أبيهم وهو يحتضر، ثلاثة أردية جديدة متماثلة (كتباً مقدسة) إلى جانب وصية توجههم كيف يلبسونها، وتحرم عليهم إبدالها، أو إضافة خيط واحد إليها أو إنتقاص خيط واحد منها ووقع الأبناء الثلاثة في غرام سيدات ثلاث: "دوقة المال"، أي الثراء، و"آنسة الألقاب الفخمة" أي الطمع، و"كونتيسة الكبرياء" أي الغرور، ولكن الأخوة الثلاث، رغبة منهم في إرضاء هؤلاء السيدات، يعمدون إلى إحداث بعض التغيير في أرديتهم الموروثة. ولما بدا لهم أن التغييرات تتعارض مع وصية أبيهم، أعادوا تفسير الوصية بتأويلات صادرة عن علماء ومثقفين. أما بيتر فقد أراد أن يضيف حواشي وأهداباً من الفضة (البذخ البابوي). وسرعان ما أتضح للعلماء الثقاة أن لفظة "الهدب أو الحاشية" في الوصية تعني عصا المكنسة الطويلة. وهكذا إختار بيتر الحواشي الفضية، ولكنه حرم على نفسه عصا المكنسة الطويلة "السحر") وفرح البروتستانت (المحتجون) حين وجدوا أقسى الهجاء والنقد يوجه إلى بيتر: إلى شرائه قارة كبيرة (المطهر- مكان تطهر فيه نفوس الأبرار بعد الموت بعذاب محدود الأجل) ثم بيعه (أي المطهر) في أجزاء متفاوتة (صكوك الغفران) المرة بعد الأخرى، والى علاجاته الناجحة الخالية من الآلام عادة (القفازات) للديدان (أي وخزات الضمير)- وعلى سبيل المثال: "اإمتناع عن أكل شيء بعد العشاء لمدة ثلاث ليال، وألا تخرج على الإطلاق ريحاً من الجانبين دون سبب واضح(87)"، وكذلك وجه النقد إلى بيتر لإبتداع "وظيفة الهمس" (أي الإعتراف) "لخير وراحة المصابين بوسواس المرض أو الذين أرهقهم المغص" و"ووظيفة التأمين" (أي مزيد من الغفران)، "المخلل البالي المشهور (الكاثوليكي) ويعني به "الماء المقدس"، على أنه من الضعف والإنحلال. وحيث تزود بيتر بهذه الوسائل والحيل الحكيمة فإنه ينصب نفسه ممثلاً للرب، ويصف فوق رأسه قبعات ذات تاج عال. ويمسك في يده بعصا يختال بها، وإا رغب الناس في مصافحته، قدم لهم "كأن كلب مدرب تدريباً جيداً" قدمه(88). ويدعو بيتر إخوته إلى الغداء، ولا يقدم لهم غير الخبز، ويؤكد لهم أنه ليس خبزاً بل لحماً، ويدحض إعتراضاتهم ويقول "لإقناعكما بأنكما لستما إلا شخصين أحمقين جاهلين عنيدين أعميين حقاً"، لن أستخدم إلا حجةً واحدةً: والله إنه لحم ضأن طيب طبيعي مثل أي لحم ضأن في "ليندهول ماركت"، صب الله عليكما اللعنة الأبدية إذا صدقتما غير ما أقول(89)".ويثور الإخوان، ويستخرجان "نسخاً حقيقية" من الوصية (ترجمة الكتاب المقدس باللغة الوطنية)، ويشجبان بيتر على أنه محتال دجال. وبناء على هذا طرد بيتر أخويه من داره، ولم يستظلا بسقفه منذ ذلك اليوم إلى يومنا هذا(90)". وسرعان ما دب النزاع بعد ذلك بين الإخوة: إلى أي حد ينبذون أو يغيرون من أثوابهم الموروثة. ويعتزم مارتن، بعد ثورة غضبه الأولى، أن يلتزم جادة الإعتدال. ويتذكر أن بيتر أخوه. أما بيتر، فإنه على أية حال يمزق ثوبه إرباً (شيع كلفنية). ويصاب بمسات من الجنون والغيرة. ويستطرد سويفت ليصف عمليات الريح (ويقصد بها الوحي والإلهام) عند العولسيين)- نسبة إلى عولس إله الريح "ويعني بهم" الوعاظ الكلفنيين. ويسخر كثيراً- سخرية لا يجوز نقلها هنا- من ألفاظهم الأنفية الحادة ومن نظرياتهم في القضاء والقدر، وتقديسهم الأعمى للنصوص المقدسة(91).
والى هنا، لم يصب مذهب الكاتب- المذهب الأنجليكاني إلا اليسير من الجراح، ولكن سويفت يسترسل في القصة، ويغير الأثواب إلى رياح، ومن الواضح أنه ينتهي إلى أن كل الديانات والفلسفات- لا لاهوتيات المنشقين فحسب- ليست إلا أضاليل وأوهاماً كاذبةً سريعة الزوال.
"إذا إستعرضنا الإنجازات العظيمة التي تمت في العالم ... مثل تكوين الإمبراطوريات الجديدة عن طريق الغزو والفتح، وإبتداع ونمو مذاهب جديدة في الفلسفة، وإستنباط أديان جديدة ونشرها، فلسوف نجد أن الذين قاموا بهذا كله، ليسوا إلا أشخاصاً هيأت لهم عقولهم الطبيعية أن يقوموا بإنقلابات كبيرة، بفضل غذائهم وتعليمهم، ومزاج معين سائد، بالإضافة إلى تأثير خاص للهواء والمناخ ... لأن عقل الإنسان المستقر في مخه، لابد أن ترهقه وتغمره أبخرة ورياح صاعدة من القوى والوظائف الجسدية الدنيا لتسقي المخترعات وتجعلها مثمرة(92).
ويسترسل سويفت في تفصيل فسيولوجي لا يمكن ذكره، لما بدا له أنه مثال رائع لإفرازات داخلية تولد أفكاراً قوية، ومن ذلك "المشروع الكبير" لهنري الرابع: ذلك أن ملك فرنسا لم يوح إليه بشن الحرب ضد آل هيسبرج ويستحثه عليها إلا تفكيره في الإستحواذ في طريقه على امرأة (هي شارلوت مونمورنس) التي حرك جمالها في الملك عصارت مختلفة "صعدت إلى مخه(93)" وهذا هو بالمثل ما حدث بكبار الفلاسفة الذين حكم عليهم معاصروهم بحق بأنهم "فقدوا عقولهم": "ومن هذا الطراز كان أبيقور، ديوجين، أبوللونيوس، لوكريشس، ياراسلسوس، ديكارت، وغيرهم، ممن كانوا على قيد الحياة الآن، ...لتعرضوا في هذا العصر المتميز بالفهم، لخطر واضح، خطر فصد الدم، والسياط، والأغلال، والحجرات المظلمة والقش (في السجون) أما الآن فقد يسرني أن أعرف كيف أنه من الميسور أن نعلل لهذه التصورات والأفكار، .. دون إشارة إلى الأبخرة التي تتصاعد من القوى والوظائف الجسدية الدنيا، حيث تلقي ظلالاً معتمةً على المخ، فتقطر أو تتساقط مفاهيم لم تضع لها لغتنا الضيقة بعد أسماء غير الجنون أو الخبل(94).
ولمثل "هذا الخلل أو التحول في المخ بفعل الأبخرة المتصاعدة والقوى والوظائف الجسدية الدنيا" يعزو سويفت كل الانقلابات أو الثورات التي حدثت في الآمبراطورية والفلسفة والدين(95) ويخلص إلى أن كل مذاهب الفكر عبارة عن رياح من الألفاظ، وأن الزجل العاقل لا ينبغي له أن ينفذ إلى الحقيقة الباطنة للأشياء، بل يقنع نفسه بالسطح أي بظواهر الأشياء، وبناء على هذا يستخدم أحد التشبيهات اللطيفة التي ينعطف إليها دائماً: "رأيت في الإسبوع الماضي امرأة سلخ جلدها، ولن تصدق أنت بسهولة إلى أي حد تغير شكلها إلى أسوأ مما كانت(96)".
إن هذا الكتاب الصغير المخزي الذي وقع في 130 صفحة، جعل من سويفت في الحال "سيد الهجاء"- أو كما سماه فولتير: رابليه آخر في صورة متقنة. إن القصص الرمزي أو المجازات إتسقت إتساقاً حرفياً مع معتقده الأنجليكاني التقليدي. ولكن كثيراً من القراء أحسوا بأن الكاتب متشكك، إن لم يكن ملحداً. أما رئيس الأساقفة شارب فإنه أبلغ الملكة آن أن سويفت لم يفضل الكافر بشيء كثير(97). وكان من رأي دوقة مالبورو الصديقة الحميمة للملكة، أن سويفت: "حول، منذ زمن طويل، كل الديانة إلى "قصة حوض الإستحمام" على أنها وباعها دعابة. ولكنه كان قد إستاء من أن "الأحرار" لم يكافئوه بالترقية في الكنيسة على ما أظهره من غيرة شديدة على الدين بهزله الدنس، ولذلك سخر إلحاده ومزاحه ومرحه في خدمة أعدائهم(98)".
كذلك نعته ستيل بأنه كافر، ووصفه نوتنجهام في مجلس العموم بأنه عالم لاهوتي "من العسير أن يشك في أنه مسيحي(99). وكان سويفت قد قرأ هوبز، وهي تجربة ليس من اليسير نسيانها. ذلك أن هوبز كان قد بدأ بالخوف، انتقل إلى المذهب المادي، وانتهى بأن يكون (محافظاً) يناصر الكنيسة الرسمية.
وكان لرجال الدين قليل من العزاء في أن سويفت أخرج مؤلفاً في الفلسفة:
"إن مختلف الآراء الفلسفية انتشرت في أنحاء العالم، وكأنها أمراض طاعون أصابت العقل، كما انتشر صندوق بندورا الأوبئة التي تصيب الجسم، مع فارق واحد، هو أن الطاعون لم يترك شيئاً من الأمل في القاع إن الحقيقة خافية على الناس، قدر خفاء منابع النيل، ولا يمكن وجودها إلا في "بوتوبيا" (المدينة المثالية)(100).
ومن الجائز أن سويفت، لأنه أحس بأن الحقيقة لم تقصد للبشر، نبذ في إصرار شديد كل الفرق الدينية التي ادعت أن مذهبها "هو المذهب الصحيح". وازدرى الرجال الذين زعموا- مثل بانيان وبعض الكويكرز- أنهم رأوا الله أو كلموه. وانتهى، مع هوبز، إلى أنه ضرب من الانتحار الاجتماعي أن نترك لكل إنسان الحرية في أن يصنع عقيدته أو مذهبه بنفسه، حيث لن تكون نتيجة ذلك إلا عاصفة هوجاء من السخافات يصبح معها "بيمارستانا" أو مستشفى للأمراض العقلية. ومن ثم عارض سويفت حرية الفكر، على أساس أن "جمهور البشر مؤهل للطيران قدر ما هو مؤهل للتفكير(101)". واستنكر التسامح الديني، وظل لآخر حياته يؤيد "قانون الاختبار" الذي قضى بإقصاء غير أتباع الكنيسة الرسمية عن كل الوظائف السياسية والعسكرية(102). واتفق مع الحكام الكاثوليك واللوثريين على أنه يجب أن يكون للأمة عقيدة دينية واحدة. وحيث أنه ولد في إنجلترا، ومذهبها الرسمي هو الأنجليكاني، فإنه رأى أن الإتفاق العام الكامل على اعتناق هذا المذهب أمر لا غنى له عنه لعملية تمدين الإنجليز ونشر سويفت في 1708 بعض القطع: "أحاسيس رجل يتبع كنيسة إنجلترا"، "والدليل على أن إلغاء المسيحية في إنجلترا قد يستتبع بعض المتاعب والمشاكل والمزعجات "وكان آنذاك في طريقه من الأحرار إلى المحافظين".
وكان أول ارتباط سياسي له- بعد ترك ثمبل- مع الأحرار، حيث بدا له أنهم أكثر تقدمية، ومن الأرجح أن يجدوا عملاً لرجل أكبر عقلاً وأقل ثراءً. وفي 1701 نشر كتيباً يناصر فيه حزب الأحرار وكله أمل في الظفر بشيء. ورحب هاليفاكس وسندر لند وغيرهما من زعماء الأحرار، بانضمامه إلى حزبهم، ووعدوه خيراً إذا تولوا الحكم. ولكنهم لم ينجزوا ما وعدوا، ويحتمل أنهم خشوا من أن سويفت رجل لا يسهل قياده، وأن قلمه سلاح ذو حدين، وفي رحلة موسعة من أيرلنده إلى لندن في 1705 كسب سويفت صداقة كونجريف وأديسون وستيل. وأهداه أديسون نسخة من "رحلات إلى إيطاليا" وكتب في عبارة الإهداء "إلى جوناتان سويفت، أحسن رفيق وخير صديق، أعظم عبقرية في زمانه يقدم خادمه الذليل، المؤلف، هذا الكتاب(103)"، ولكن هذه الصداقة، مثل صداقة جوناثان مع ستيل وبوب، لم تدم، وأتت عليها نيران سويفت المتقدة أو ثورته المتصاعدة.
وفي زيارة أخرى لدينة لندن، تسلى سويفت بتدمير منجم دعي. ذلك أن جون بار تريدج، الإسكافي، أخرج كل عام تقويماً زاخر بالنبوءات المؤسسة على حركات النجوم. وفي 1708 نشر سويفت تحت اسم مستعار "إيزاك بيكرستاف" تقويماً تنافسياً. وكان من بين تنبؤات إيزاك، انه في الساعة الحادية عشرة من مساء يوم 29 مارس سيقضي بارتريدج نحبه. وفي 30 مارس نشر بيكرستاف في نشوة الانتصار رسالة أعلن فيها أن بارتريدج مات في ظرف بضع ساعات من الموعد المحدد في النبوءة، وذكر في تفصيل مقنع ترتيبات الجنازة. وأكد بارتريدج لمدينة لندن بأسرها أنه لا يزال حياً يرزق. ولكن إيزاك رد بأن هذا محض افتراء. وأدرك ظرفاء المدينة الخدعة. ورفع مكتب التسجيلات اسم بارتريدج من سجلاته أما ستيل فإنه اختار إيزاك اسماً لمحرر وهمي في صحيفة "تاتلر" عند افتتاحها في السنة التالية.
وفي 1710 غادر سويفت لارا كور مرة أخرى، موفداً عن الأساقفة الأيرلنديين ليطلب إلى الملكة آن أن تمد يد معونتها إلى رجال الدين الانجليكانيين في أيرلنده: ورفض جودلفين وسومرز، وهما عضوان من حزب الاحرار في مجلس المكلة، الموافقة على هذا إلا إذا وافق رجال الدين هؤلاء، على التخفيف من حدة "قانون الاختبار" والإرخاء من قبضته. وعارض سويفت بشدة التخفيف المطلوب. واكتشف الأحرار أنه كان "محافظاً" بالنسبة للعقيدة الدينية. وأعترف سويفت عملياً بأنه "محافظ" بالنسبة للسياسة أيضاً، حين كتب: "إني كنت أمقت دوماً هذا النهج السياسي ... ألا وهو وضع مصالح ذوي المال في مواجهة مصالح مالكي الأرض(104)". ولجأ إلى زعيمي المحافظين، هارلي وبولنجبروك ولقى ترحيباً حاراً، وأصبح بين عشية وضحاها "محافظاً" راسخاً. وعين محرراً لصحيفة المحافظين "إجزامنر". وأبرز أسلوبه بوضوح عندما وصف نائب حاكم أيرلنده- وهو من حزب الأحرار، وكان أديسون صديق سويفت سكرتيراً له:
"إن توماس إرل وارتون ... بحكم دستور غريب، قضى بضعة أعوام من سني اليأس التي تقدم بها عمره، دون آثار بارزة للشيخوخة في جسمه أو عقله. وعلى الرغم من مقارفته المستمرة لكل الموبقات التي تعتصر الجسم والعقل كليهما ... فإنه يذهب دوماً إلى الصلاة. ويتحدث حديث الفسق والفجور والتجديف على باب الكنيسة، فهو مشيخي في السياسة ملحد في العقيدة. ولكنه يؤثر الآن أن يفجر مع البابوية(105)".
وسر الوزراء "المحافظون" بها الهجاء اللاذع الذي يشبه القتل، فعهدوا إلى سويفت بكتابة فذلكة "سلوك الحلفاء" (نوفمبر 1711)، كجزء من حملتهم لإسقاط مالبورو وإنهاء حرب الوراثة الإسبانية، واحتج سويفت بأن الضرائب الاستثنائية التي فرضت لتمويل الحروب الطويلة ضد لويس الرابع عشر يمكن خفضها بقصر إسهام إنجلترا في الحروب على البحر، وأوضح بأجلى بيان شكوى مالكي الأرض من أن عبء نفقات الحرب وقع على عاتقهم أكثر مما على عاتق التجار وأصحاب المصانع الذين كانوا يستفيدون من الحرب. أما بالنسبة لدوق مالبورو فقد قال سويفت "هل كان من حسن الرأي شن الحرب، أو لم يكن ؟ ...وأوضح بأن الدافع إلى الحرب، هو الرفع من شأن أسرة بعينها، وبعبارة موجزة أنها حرب لحساب القائد ووزارة الأحرار، وليست حرباً لحساب الملك والشعب(106) وقدر الكاتب رواتب مالبورو وتعويضاته بنحو 540 ألف جنيه "وهذا الرقم دقيق(107)". وبعد شهر واحد سقط مالبورو وصورت الدوقة زوجته الجريئة الصريحة وهي الوحيدة في إنجلترا التي كان لسانها حاداً لاذعاً، مثل لسان سويفت- صورت في مذكراتها المسألة من وجهة نظر الأحرار، فقالت:
"أن السيدين المحترمين مستر سويفت ومستر بريور أسرعا فعرضا نفسيهما للبيع ... وكلاهما من الموهوبين القادرين، وهما مستعدان لتسخير كل ما لديهما لخدمة أية فرية مخزية طالما كانت المكافأة مجزية. لأن كليهما لا يبالي بحمرة الخجل ولا بالسقوط أو الانزلاق من أجل مصلحة سادتهم الجدد(108).
وكافأ المحافظون تابعيهما الجديدين: فعينوا ماتيو بريور في منصب دبلوماسي في فرنسا حيث أبلى بلاءً حسناً. ولم يحصل سويفت على أي منصب ولكنه كان صديقاً حميماً وثيق الصلة بوزراء المحافظين، فاستطاع بذلك أن يحصل لكثير من أصدقائه على وظائف تدر مالاً وفيراً ولا تقتضي عملاً كثيراً. وكان مثال الكرم والعطف على من لم يعارضوه أو يهاجموه. وزعم فيما بعد أنه أهدى لخمسين شخصاً أكثر خمسين مرة مما أهداه أليه سير وليم ثمبل(109). وأقنع بولنجبروك بمساعدة الشاعر جاي Gay وألح على وجوب استمرار الوزارة في دفع الراتب الذي كان الأحرار يدفعونه لكونجريف. ولما طلب بوب جمع بعض التبرعات لمعاونته على ترجمة هوميروس، أمر سويفت كل أصدقائه وكل طلاب الوظائف بالتبرع، وأقسم "أن المؤلف لن يشرع في الطبع قبل أن يجمع له ألف جنيه(110)" وغطت شخصيته على مكانة أديسون في الأندية، وكان في كل ليلة تقريباً يتناول العشاء مع العظماء. ولم يكن يطيق من أحدهم أية سمة من سمات التعالي عليه. وكتب يوماً إلى ستيللا "إنني مزهو متكبر إلى حد أني أجعل اللوردات يأتون إلي ... كان مفروضاً أن أتناول العشاء في قصر أشبيرنهام، ولكن هذه السيدة المنحطة القذرة لم تعرج علينا لنصحبها في عربتها، ولكنها أرسلت في طلبنا فحسب، ولذلك أرسلت إليها إعتذاراً(111)".

ايوب صابر 06-26-2014 08:54 PM

وفي السنوات الثلاث (1710-1713) في إنجلترا كتب سويفت الرسائل العجيبة التي نشرت فيما بين 1766-1768 تح عنوان "يوميات إلى ستيللا". إنه كان في حاجة إلى صديقة حميمة إلى جانبه في العشاء لدى الأدواق والدوقات، وفي انتصاراته السياسية. أضف إلى ذلك أنه أحب المرأة الصابرة، التي ناهزت الثلاثين آنذاك, ولكنها ظلت تنتظره حتى يحزم أمره. ولابد أنه أغرم بها، لأنه كتب لها أحياناً مرتين في اليوم الواحد، وأظهر اهتمامه وتعلقه بكل ما يعنيها، اللهم إلا الزواج. وما كان ينبغي لنا أن نتوقع من مثل هذا الرجل المستبد المتغطرس، هذا المزاج الرقيق، وهذه الألقاب والكنيات الغريبة، والنكات والتوريات، والحديث الصبياني، مما صبه سويفت في رسائله التي لم يتوقع نشرها. إنها وسائل زاخرة بالملاطفة والتدليل، ولكنها خلو من أي عرض أو اقتراح، اللهم إلا إذا كانت ستيللا قد قرأت وعداً بالزواج في رسالته المؤرخة 23 مايو 1711: "لن أطيل الحديث، ولكني أتوسل إليك أن تهدئي حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً، وأن تثقي بأن سعادتك هي غاية ما أصبو وأسعى إليه في كل ما أعمل(112)" ومع ذلك فإنه في هذه الرسالة يطلق عليها "الطفلة المزعجة، الساذجة، الفتاة المغناج، البغي، المرأة القذرة، الكلبة المحبوبة، وغير ذلك من ألقاب التدليل والملاطفة. وإنا لنلمس روح الرجل حين يقول لها:
هل يجب أن تغتصب المرأة لأنها بغي(113)"؟.
وقد تعيننا علل سويفت الجسيمة على فهم السر في رداءة طبعه وسرعة غضبه، أنه منذ 1694، وهو في السابعة والعشرين من العمر، بدأ يعاني من دوار في الأذن الداخلية ومن حين لآخر، وبشكل لا يمكن التنبؤ به، أصابته نوبات من الدوار وتشويش الذهن والصمم. ونصح طبيب مشهور هو دكتور رادكليف بأن يوضع سائل مركب داخل كيس في لمة (الشعر الذي يجاوز شحمة الأذن) سويفت، واشتدت به العلة على مر السنين، وكان من الجائر أن تسبب له الجنون. ويحتمل انه في 1717 قال للشاعر أدوار بنج، مشيراً إلى شجرة ذابلة "إني سأموت مثل هذه الشجرة سأموت في القمة(114)." وكان هذا وحده كافيا ليتشكك في قيمة الحياة، وليرتاب قطعاً في وجه الحكمة في الزواج. ومن الجائز أنه كان عنيناً، ولكنا لا نستطيع الجزم بهذا. وأعتاد على كثرة المشي اتقاء لهزال جسمه، فمشى مرة من فارنام الى لندن: 38 ميلاً.
وزاد من شدة مرضه حدة حواسه حدة مؤلمة، وهي عادة تلازم حدة الذهن وفرط الذكاء. وكان بشكل خاص شديد الحساسية للروائح في شوارع المدن وفي الناس. فاستطاع بمجرد الشم، عن صحة من يقابل من الرجال والنساء، وخلص من هذا إلى أن الجنس البشري أصابه النتن(115). ولذلك كان مفهوم المرأة الجديرة بالحب والإعجاب عنده ينحصر إلى حد ما في: "أنها لا يخرج من جسمها النقي هبات كريهة الرائحة تثير الاشمئزاز، لا من خلف ولا من قدام، ولا من فوق، ولا من تحت، ولا يتصبب منها العرق البغيض(116)".
أنه يصف "غادة جميلة في طريقها إلى الفراش"، ونفس المرأة حين تفيق.
"إن من يرى كورينا في الصباح يتقيأ، ومن يشم رائحتها يصاب بالتسمم".
إن مفهومه عن المرأة الشابة الجميلة مرتبط بحاسة الشم:
"إن أعز رفيقاتها لم يرينها يوماً تجلس القرفصاء لتتبول، ولك أن تقسم بأن هذه المخلوقة الملائكية لم تحس يوماً بضرورات الطبيعة، فإذا مشت في شوارع المدينة في الصيف لم يلوث أبطاها ثوبها. وفي حلبة الرقص في القرية أيام القيظ لن يستطيع أنف أن يشم رائحة أصابع قدميها(117)".
وكان سويفت نفسه نظيفاً إلى حد التزمت. ومع ذلك فإن كتابات هذا الكاهن الأنجليكاني تعد من أفحش ما كتب في الأدب الإنجليزي. أن تبرمه بالحياة جعله يقذف بأخطائه في وجه زمانه. ولم يبذل أي جهد في إرضاء الناس، ولكنه بذل كل الجهد في أن يسيطر ويتحكم، لأن السيطرة خففت من شعوره الخفي بعدم الثقة في نفسه. وقال أنه يكره (أو يرهب) كل من لا يستطيع أن يأمره(118)، على أن هذا لم يصدق على حبه لهارلي، وكان غضوباً عند الشدة، متغطرساً فظاً وقت الرخاء والنجاح. وأحب السلطة أكثر مما أحب المال. وعندما أرسل إليه هارلي بخمسين جنيهاً أجراً لمقالاته، رد الحوالة وطالب بالاعتذار، وكان له ما أراد، فكتب إلى ستيللا "لقد استرضيت مستر هارلي ثانية(119)". وكان يكره الرسميات ويحتقر النفاق. وبدا له أن الدنيا تميل إلى قهره، وقابل هو العداء بمثله صراحة، وكتب إلى الشاعر بوب:
"إن غاية ما أصبو في كل أعمالي أن أزعج العالم وأضايقه، لا أن أسليه، فإذا استطعت أن أحقق هذا الغرض دون أن الحق الأذى بشخصي أو بثروتي، لكنت أعظم كاتب لا يكل ولا يمل رأيته أنت في حياتك.. إذا فكرت في الدنيا فأرجوك أن تجلدها بالسوط بناء على طلبي. لقد كنت أبداً أكره الأمم والوظائف والمجتمعات. وكان كل حبي للأفراد، إني أكره طائفة رجال القانون، ولكني أحب مستشاراً بعينه أو قاضياً بعينه، وهكذا الحال مع الأطباء. (ولن أتحدث عن صناعتي)، والجنود، والإنجليز والاسكتلنديين والفرنسيين، ولكني أساساً أكره وأمقت هذا الحيوان الذي يسمى إنساناً، ولو أني من كل قلبي أحب جون وبيتر وتوماس وهكذا(120)".
عند هذا الحد يبدو أن سويفت أقل الرجال جدارة بالحب، ولو أن امرأتين أحبتاه إلى أن فارقتا الحياة. وأقام في هذه السنوات في لندن قريباً من أرملة غنية تدعى فانهو مراي، وكان لها ابنان وابنتان، فإذا لم تتيسر له الدعوة إلى موائد العظماء، كان يتناول العشاء مع "آل فان". ووقعت الابنة الكبرى "هستر" في حبه وكانت آنذاك في الرابعة والعشرين (1711)، وهو في الثالثة والأربعين، وأفصحت له عن حبها. فحاول أن يصرف النظر عن هذا باعتباره مرحاً أو مزاجاً عابراً، وأوضح لها أنه قد كبرت سنه بحيث لم يعد يصلح لها. فأجابت، يحدوها كل الأمل، بأنها تعلمت منه في كتبه أن تحب عظماء الرجال قرأت "مونتاني في المرحاض"، فلماذا لا تحب رجلاً عظيماً إذا وجدته ماثلاً أمامها؟ فرّق قلبه ولانت قناته بعض الشيء فنظم قصيدة من أجل عينيها فقط "كادينوس وفانيسا" قصيدة بين المرح والمأساة. وكان "فانيسا" اسمه هو عندها، أما "كادينوس" فكان تصحيفاً للفظة "ديكانوس" أي الكاهن الكبير.
ذلك انه أبريل 1713 عينته الملكة كارهة رئيساً لكاتدرائية سان باتريك في دبلن. وسافر إلى هناك في يونيه ليتسلم العمل، ورأى ستيللا وكتب إلى نانيسا بأنه كاد يموت كآبة وكمداً واستياء(121) وفي أكتوبر 1713 عاد إلى لندن وشارك في كارثة حزب المحافظين المفاجئة 1714، ومذ فقد السلطان السياسي بعودة الأحرار الذين كان قد هاجمهم، إلى الحكم في ظل الملك جورج الأول، فإنه قفل راجعاً إلى إيرلندة الكريهة، وإلى كاتدرائيته. ولم يكن محبوباً في دبلن لأن الأحرار الذين تولوا الآن الحكم كرهوه لنقده الساخر العنيف وخطبه اللاذعة، كما كرهه المنشقون لإصراره على استبعادهم من الوظائف العامة. وانطلقت من الناس أصوات الاستهجان والازدراء به في الشوارع، ورجموه بقاذورات البالوعات(122) ووصف أحد رجال الدين الأنجليكانيين منظر ردائه في قصيدة ثبتها بالمسامير على باب الكاتدرائية: "يستقبل هذا المعبد اليوم رئيساً ذا مذاهب وشهرة غير عادية استخدمها جميعاً في الصلاة وفي الدنس، خدمة للرب والشيطان كليهما.. وهو مكان حصل عليه بالدهاء والقصيد وبوسائل أخرى من أعجب الوسائل. وربما أصبح بمرور الزمن أسقفاً، لو أنه آمن بالله(123)":
وصمد سويفت للمحنة في شجاعة واستمر يناصر المحافظين، وعرض أن يشارك هارلي سجنه في برج لندن. وقام بواجباته الدينية، وألقى المواعظ بانتظام. ومنح الأسرار المقدسة، وعاش عيشة بسيطة، وتصدق بثلث دخله. وفي أيام الأحد فتح أبواب مسكنه للقاصدين، وجاءت ستيللا لخدمة الضيوف، وسرعان ما خفقت كراهية الناس له، وبدأوا يقبلون عليه. وفي 1724 نشر تحت اسم مستعار "م.ب.درابيية" ست رسائل يندد فيها بمحاولة وليم وود جمع أرباح طائلة من إمداد أيرلندة بعملة نحاسية. وأستنكر الأيرلنديون هذه المحاولة. وعندما اكتشفوا أن درابيية لم يكن إلا سويفت، كاد الكاهن المكتئب أن يصبح شعبياً محبوباً تماماً.
وربما استطاع سويفت أن يحظى بلحظات من السعادة لو انه كان في مقدوره لأن يحتفظ بالبحر الأيرلندي بين السيدتين اللتين أحبتاه. ولكن في 1714 ماتت مسز فانهو مراي، وانتقلت ابنتها فانيسا إلى أيرلندة لتستغل بعض الممتلكات التي تركها لها والدها في سلبردج، على بعد أحد عشر ميلاً إلى الغرب من العاصمة. ولتكون بالقرب من رئيس الكاتدرائية، استأجرت مسكناً في زقاق تيرنستيل في دبلن، على مسافة قصيرة من مسكن ستيللا، وكتبت الى سويفت ترجوه أن يزورها، وإلا ماتت كمداً. ولم يستطع أن يقاوم توسلاتها، وفيما بين 1714-1723 تردد عليها خفية مراراً وتكراراً. ولما خفت زياراته لها أصبحت رسائلها إليه أشد حرارة والتهاباً. وقالت له في إحداها أنها ولدت بهذه "العواطف الجارفة" التي تنتهي كلها إلى شيء واحد: هو حبي لك الذي لا يمكن وصفه أو التعبير عنه". وأبلغته أنه قد يكون من العبث أن يحاول تحويل حبها إلى حب الله، "فلو أني غيورة متحمسة فستظل أنت المعبود الذي يجب لأن أعبده"(124). وربما فكر سويفت في الزواج للخروج من هذا المأزق الذي تورط فيه بين المرأتين اللتين أحبتاه، وربما طالبت ستيللا، وهي تعلم أن لها منافسة، بالزواج على أنه عدالة مطلقة وأبلغ دليل على ذلك أنه تزوجها فعلاً في 1716(125) وواضح أنه يطلب إليها كتمان أمر زواجه. واستمرت تقيم بعيداً عنه. ويحتمل أنه لم يباشرها قط. واستأنف سويفت زياراته لفانيسا، لا مغازلاً، ولا وحشاً بهيمياً، بل المفهوم أن قلبه لم يطاوعه على أن يتركها يائسة بلا أمل، أو أنه خشي أن تقدم على الانتحار. وأكدت رسائله لفانيسا أنه احبها وقدرها فوق كل شيء، وأنه سيكن لها هذا الحب والتقدير حتى آخر لحظة من حياته. وسارت الأمور على هذا المنوال حتى 1723، حين كتبت فانيسا إلى ستيللا تسألها في صراحة تامة عن العلاقة بينها وبين رئيس الكاتدرائية. فأخذت ستيللا الخطاب إلى سويفت الذي ركب لفوره إلى فانيسا ورمى على مائدتها. وروعها بنظراته الغاضبة. وتركها إلى غير رجعة دون أن ينبس ببنت شفة.
وعندما أفاقت فانيسا من غشيتها، تحققت آخر الأمر من أنه كان يخدعها، واجتمعت خيبة الرجاء إلى نزعة جامحة في إفناء ما بقى لها من أسباب الصحة والحياة، وقضت نحبها في بحر شهرين من هذا اللقاء الأخير (2 يونية 1923) وهي في الرابعة والثلاثين. وثارت لنفسها في وصيتها. فألغت وثيقة قديمة كانت قد جعلت فيها سويفت وريثاً لها، ثم أوصت بكل متاعها لروبرت مارشال والفيلسوف جورج بيركلي، وأمرتهما أن ينشرا دون تعليق رسائل سويفت إليها، وقصيدة "كادينوس وفانيسا". وهرب سويفت في "رحلة إلى الجنوب"، في إيرلندة، ولم يظهر في الكاتدرائية إلا بعد مضي أربعة شهور على وفاة فانيسا.
وعند عودته انصرف إلى كتابة أشهر وأقسى هجاء وجهه إلى الجنس البشري. وكتب إلى شارلي فورد أنه مشغول بوضع كتاب "يمزق العالم ويهزه هزاً عنيفاً بشكل عجيب(126)". وانتهى سويفت منه بعد سنة، وحمل المخطوط بنفسه إلى لندن، ورتب أمر نشره تحت اسم مستعار، ورضى بمائتي جنيه ثمناً له، ثم قصد إلى دار الشاعر بوب في توبنكهام ليستمتع بالعاصفة المرتقبة. وهكذا استقبلت إنجلترا في أكتوبر 1726 "رحلات إلى عدة شعوب بعيدة في العالم" بقلم لوميل جلليفر. وكان أول رد فعل عام هو الابتهاج بالواقعية المفصلة في سرد الأحداث. واعتبره كثير من القراء تاريخاً، ولو أن أسقفاً أيرلندياً (كما يقول سويفت) ذهب إلى أنه مملوء بأشياء بعيدة الاحتمال: أما معظم القراء فإنهم لم يذهبوا إلى أبعد من الرحلات إلى أرض الأقزام Lilliput وأرض العمالقة Brobdinqnaq وهذا سرد جميل يوضح بطريقة مفيدة النسبية في الحكم على الأشياء أو التمييز بينها، ولم يزد طول الأقزام عن ست بوصات، ولذلك نفخوا في جلليفر روحاً متزايدة من التسامي. وكان الذي يميز بين الأحزاب السياسية لديهم هو الكعوب العالية أو المنخفضة لأحذيتهم. أما الفرق الدينية فهي فريق الذين يؤمنون بكسر البيضة من طرفها الصغير. وكان طول العمالقة ستين قدماً، وقد هيأوا لجلليفر مشهداً آخر جديداً من مشاهد البشرية. وحسبه ملكهم حشرة، واعتبر أوربا بيتاً للنمل. ومن وصف جلليفر لأساليب الحياة، خلص الملك إلى أن "كل مواطنيكم أخبث جنس من الحشرات الطفيلية الصغيرة البغيضة التي تركتها الطبيعة تزحف على سطح الأرض(127)". وكانت صدور غادات العمالقة، وهي صدور ضخمة، تنفر جلليفر (ويشير الكاتب هنا إلى النسبية في الجمال).
وتضعف القصة في رحلة جلليفر الثالثة. أنه يشد بالسلاسل والأغلال في دلو إلى "لابوتا" وهي جزيرة سابحة في الهواء يقطنها ويحكمها رجال العلم والمثقفون والمخترعون والأساتذة والفلاسفة، فان التفاصيل التي جاءت في أماكن أخرى لتزود القصة باحتمالات كثيرة، كانت هنا (في المرحلة الثالثة) سخيفة بعض الشيء، من ذلك أكياس الهواء الصغيرة التي يسد بها الخدم آذان وأفواه المفكرين العميقي التفكير ليفيقوا من شرود الذهن الخطير أثناء تأملاتهم. وأكاديمية لاجادو، بمخترعاتها وقراراتها الوهمية، ليست إلا نقداً هزيلاً لقصة بيكون "قارة الأطلنطس الجديدة"، وللجمعية الملكية في لندن. ولم يكن سويفت يثق في جدوى إصلاح الدولة أو حكمها بواسطة رجال العلم، وكان يزخر من نظرياتهم، وفنائها السريع لها. وتنبأ بسقوط كوزمولوجيا نيوتن (آرائه في الكون) "إن الأنظمة الجديدة ليس في الطبيعة ليست إلا أزياء أو أنماطاً جديدة قد تختلف من عصر إلى عصر، وحتى هؤلاء الذين يدعون أنهم يوضحونها على أسس رياضية (تعريضاً بكتاب المبادئ الرياضية 1687) لن يكتب لهم النجاح إلا لفترة قصيرة من الزمن(128)". ثم ينتقل جلليفر إلى أرض "اللجناجيين Luggnaggians" الذين لا يحكمون على أكابر مجرميهم بالموت بل بالخلو. "فاذا بلغ هؤلاء المجرمون سن الثمانين وهي السن المعتبرة نهاية الحياة في بلدهم، لا تكون فيهم كل الحماقات والسقام والعلل التي في سائر المسنين فحسب، بل أكثر منها بكثير، مما نشأ من توقعاتهم الرهيبة بأنهم لن يموتوا قط، ولم يكونوا عنيدين شكسين طامعين فيما في أيدي غيرهم، مكتئبين عابثين ثرثاريين فحسب، بل كانوا كذلك غير أهل للصداقة، لا يستجيبون لأية عاطفة أو حب طبيعي، لم يهبط قط عن حضرتهم. وكان الحسد والرغبات عاجزة هي الشعور السائد بينهم... وإذا رأوا جنازة ولولوا وتذمروا من أن الآخرين ذاهبون إلى دار الراحة حتى لا يأمنون هم أنفسهم في الوصول إليها... أبداً وكان هذا أفظع منظر مخز مميت للشهوات رايته في حياتي. وكانت النساء اشد إزعاجاً من الرجال... ومن هذا الذي سمعت ورأيت، خفّت كثيراً شهوتي الحادة في البقاء على قيد الحياة(129)".
وفي القسم الرابع نبذ سويفت الهزل والمزاح إلى شجب قوي ساخر للإنسانية. فان أرض "الهويمن" يحكمها جياد نظيفة وسيمة بهيجة، تنطق بالحكمة وتتحلى بكل مظاهر المدنية، على حين أن الخدم الحقراء فيها، وهم "الياهو المتوحشون"، هم رجال أقذار كريهو الرائحة، جشعون مخمورون، غير متعقلين مشوهون. ومن بين هؤلاء المنحنين المنحطين (هكذا كتب سويفت في أيام جورج الأول):
"كان هناك رجل حاكم من "الياهو" (ملك)"، أبشع شكلاً وأكثر نزوعاً إلى الشر والأذى من الآخرين... وكان لهذا الزعيم عادة شخص مثله محسوب عليه أثير لديه، عمله الوحيد هو أن يلعق قدمي سيده... ويأتي بنساء الياهو إلى حظيرته، ومن اجل هذا كان يكافأ من حين إلى حين بقطعة من لحم الحمار (علامة على النبالة؟)... وكان يبقى عادة في عمله هذا، حتى يمكن العثور على من هو أسوأ منه(130)".
وبالمقارنة فإن "الهويمين"، لأنهم متعقلون، كانوا سعداء فضلاء، ولذلك لم يكونوا في حاجة إلى أطباء أو محامين أو رجال دين أو قواد جيوش، وصعقت تلك الجياد المهذبة "الماجنة" ببيان جلليفر عن الحروب في أوربا. كما ذهلت أكثر فأكثر لسماعها بالخلافات التي أدت إلى الحروب- "هل يكون الجسد خبزاً أو يكون الخبر جسداً في القربان المقدس، وهل يكون عصير ثمار معينة دماً أم نبيذاً(131)، وكانوا يقاطعون جلليفر حين يفاخر بالعدد الكبير عن البشر الذي يمكن نسفه بالآلات العجيبة التي اخترعها قومه.
وعندما يعود جليفر أدراجه إلى أوربا، نراه لا يكاد يضيق برائحة الشوارع والناي الذين يبدو في نظره الآن أنه من "الياهو".
"استقبلتني زوجتي وأسرتي من الدهشة لأنهم كانوا قد قدروا مماتي. ولكن ينبغي عليّ أن اعترف بصراحة أن منظرهم ملأني بالبغضاء والاستياء والازدراء... وما أن دخلت البيت حتى احتضنتني زوجتي بين ذراعيها وقبلتني، من أجل ذلك رحت في إغماءة لما يقرب من ساعة، لولا إني معتاد على لمس هذا الحيوان البغيض (الإنسان) لأعوام طويلة. وطيلة السنة الأولى لم أكن أطيق وجود زوجتي وأطفالي معي، حيث كانت رائحتهم لا تحتمل... وأول مال أنفقته في شراء جوادين صغيرين احتفظت بهما في أسطبل مناسب. وكان السائس أعز ما عندي بعدهما، لأن الرائحة التي تنبعث منه في الأسطبل كانت ترد إليّ روحي(132)".
وفاق نجاح "جلليفر" كل توقعات المؤلف وأحلامه وربما خفف من بغضه للجنس البشري بسبب حاسة الشم. واستمتع القراء باللغة الإنجليزية الواضحة في غير إطناب، وبالتفاصيل العريضة، وبالفحش المرح. وتنبأ آربوثنوب للكتّاب "رواجاً عظيماً مثل كتاب جون بانيان- يقصد كتاب "تقدم الحجيج"". ولا ريب أن سويفت يدين ببعض الفضل لهذا الكتاب، وبفضل أكبر لكتّاب "روبنصن كروزو"، وربما بشيء من الفضل لكتّاب سيرانودي برجراك "التاريخ الهزلي لدول إمبراطورية القمر". أما الشيء الجديد حقاً فهو "الكلبية" أو السخرية الرهيبة في الأجزاء المتأخرة من الكتاب. وحتى هذه وجدت من يعجب بها، فأن دوقة مالبورو، وقد بلغت آنذاك أرذل العمر، غفرت لسويفت هجماته على زوجها، إلى جانب حملاته على الجنس البشري بأسره. وصرحت بأن سويفت أتى "بأدق وصف يمكن أن يكتب للملوك والوزراء والأساقفة والمحاكم". وروى جاي أنها "في نشوة غامرة من الابتهاج بالكتاب ولا يمكن أن تحلم بشيء آخر"(133).
وتكدر انتصار سويفت بنسر قصيدة كادينوس وفانيسا، فإن منفذي وصية هستر فانهو مراي أذعنوا لأمرها بنشرها، ولم يطلبوا من الكاتب ترخيصاً بذلك، وظهرت في طبعات مستقلة في لندن ودبلن وإدنبرة، وكانت ضربة قاسية للزوجة ستيللا لأنها رأت أن عبارات الحب والهيام التي كانت قد وجهت يوماً إليها، تكررت لفانيسا، ولم يمض كبير زمن على افتضاح هذا الأمر حتى مرضت وقصد سويفت الى إيرلندة لعيادتها والتخفيف عنها، وتحسنت صحتها، وعاد هو إلى إنجلترا (1727)، وسرعان ما ترامت إليه الأنباء بأنها تحتضر، فأرسل تعليمات عاجلة إلى مساعديه في الكاتدرائية بأن ستيللا يجب ألا تلفظ أنفاسها الأخيرة في مقر رئاسة الكاتدرائية(134)، وعاد أدراجه إلى دبلن، ومرة أخرى أبلت ستيللا بعض الشيء، ولكنها فارقت الحياة في 28 يناير 1728، وهي في السابعة بعد الأربعين وانهارت قوى سويفت، واشتد عليه المرض فلم يستطع تشييع الجنازة.
وبعدها أقام في دبلن "مثل فأر مسموم في جحر(135)" (كما كتب إلى بولنجبروك). وكان يقوم بأعمال البر والصدقات، وأجرى راتباً على مسز دنجلي، ومد يد العون إلى ريتشارد شريدان في محنة شبابه، وكان في ظاهره رجلاً قاسياً، ولكنه تأثر تأثراً بالغاً لفقر الشعب الأيرلندي، وصعق لكثرة عدد المتسولين من الأطفال في شوارع دبلن، وفي 1729 أصدر أشد مقالاته التهكمية الساخرة ضراوة ولذعاً تحت عنوان "اقتراح متواضع لمنع أطفال الفقراء من أن يكونوا عالة على آبائهم وعلى بلدهم":
"لقد تأكد لديّ كل التأكيد... أن الطفل الصغير الصحيح الجسم الذي بلغ من العمر سنة، يصلح لأن يكون طعاماً شهياً مغذياً صحياً، إلى أبعد حد، مطهواً بالغلي البطيء أو مشوياً أو محمصاً أو مسلوقاً، كما يصلح بالمثل لأن يكون "مفروماً محمراً، أو يخنة كثيرة التوابل". ومن ثم فأني بكل تواضع، أعرض على الرأي العام، أنه من بين المائة والعشرين ألف طفل الموجودين الآن، يمكن الاحتفاظ بعشرين ألفاً فقط لتربيتهم وتنشئتهم على أن يكون ربعهم من الذكور، أما المائة ألف طفل الباقون فيمكن عرضهم للبيع إلى ذوي المكانة والثراء في طول المملكة وعرضها، مع نصيحتي دوماً إلى الأمهات بالإكثار من إرضاعهم في الشهر الأخير، حتى تمتلئ أجسامهم ويكونوا سماناً تزدان بهم الموائد الفخمة، إن الطفل الواحد يمكن أن يكون طعام يقدم للأصدقاء، أما إذا كانت الأسرة تتناول غذاءها وحدها فإن الربع الأمامي أو الخلفي من الذبيحة يكون طبقاً كافياً، وإذا تبل ببعض الفلفل أو الملح لكان طيب المذاق...
أما الذين هم أكثر تدبيراً واقتصاداً فيمكنهم أن يسلخوا الجثة، ويعالجوا جلدها بطريقة خاصة ليصنعوا قفازات لطيفة للسيدات، وأحذية صيفية للرجال الأنيقين...
إن بعض الذين جزعوا لهذه الظاهرة اهتموا اهتماماً كبيراً بهذا العدد الضخم من المسنين أو المرضى أو المقعدين والمشوهين، ورغبوا إلى أن أعمل التفكير في الوسائل التي يمكن أن تتخذ لتخليص الأمة من هذا العبء الثقيل المحزن، ولكني لا أتألم كثيراً لهذه المسألة لأنه المعروف جيداً أنهم يموتون وتبلى أجسامهم في كل يوم من البرد والجوع والقذارة والهوان، بالسرعة المتوقعة بداهةً.
وأظن أن مزايا الاقتراح الذي عرفته واضحة متعددة...

وأولى المزايا، أن هذا يخلصنا إلى حد كبير من عدد البابويين (اليسوعيين) الذين يجتاحوننا كل عام، لأنهم المربون الأساسيون للأمة، قدر ما هم ألد أعدائنا وأخطرهم... وثالثها أنه من حيث أن تربية مائة ألف طفل من سن الثانية فما فوق، لا يمكن أن يتكلف الواحد أقل من عشر شلنات في العام، فبهذا الاقتراح سيتوفر للأمة خمسون ألف جنيه سنوياً، هذا بالإضافة إلى فائدة اللون الجديد من الطعام الذي يقدم إلى موائد ذوي الثراء والوجاهة... الذين يتحلون بالذوق الرفيع".
إن نتاج يراع سويفت، ذلك النتاج الغريب، والثائر أحياناً، وبخاصة بعد وفاة ستيللا، يوحي بأنه قد أصابه مس من الجنون، "إن شخصاً منذ ذوي المكانة في إيرلندة (كان يسره أن ينحني كثيراً ليدق النظر في عقلي) اعتاد أن يقول لي أن عقلي مثل روح مسحورة، قد يؤذي ويسيء إذا لم أشغله بشيء(136)".
وتساءل أحد الأصدقاء: إن مبغض البشرية الكئيب هذا، والذي تركته الأخطاء الصارخة في بيت من زجاج، بينما هو يسلق البشرية بألسنة حداد من الهجاء، ألا يغني فساد الناس ومساوئهم جسدك ويستنزف روحك؟"، "إن غضبه على العالم كان امتداداً لغضبه على نفسه، فقد أدرك أنه على الرغم من عبقريته، معتل الجسم مريض النفس، ولم يكن يغتفر للحياة حرمانه من الصحة والأعضاء السليمة وهدوء البال، والتقدم الذي يتناسب مع قوة عقله.
وكان آخر مظهر لقسوة الحياة على سويفت، هو اختلال قواه العقلية يوماً بعد يوم. وازداد بخله وجشعه، حتى وسط أصدقائه وقيامه بأعمال البر. فكان يضن بالطعام على ضيوفه، وبالنبيذ على أصدقائه(137). وازدادت نوبات الدوار عنده سوءاً، فما كان يدري في أية لحظة منحوسة ينتابه هذا الدوار ليجعله يترنح ويتلوى من الألم في هيكله أو في الشارع.
وكان قد رفض أن يضع النظارات على عينيه فضعف بصره وترمك القراءة. ومات بعض أصدقائه، ونأى بعضهم بنفسه عنه، اجتناباً لحدة طبعه واكتئابه، وكتب إلى بولنجبروك: "كثيراً ما فكرت في الموت، ولكنه الآن لا يغيب عن ذهني أبداً(139)" وبدأ يتلهف عليه. واحتفل بيوم ميلاده يوم حداد وحزن. وقال "ليس هناك رجل عاقل يرغب في استعادة شبابه(140)". وفي أعوامه الأخيرة كان يودع زائريه دوماً بقوله "سعدتم مساء، أرجو ألا أراكم ثانيةً(141)".

ايوب صابر 06-27-2014 12:05 AM

وظهرت أعراض الجنون التام عليه في 1738. وفي 1741 عين بعض الأوصياء ليتولوا شؤونه، ويراقبوه حتى لا يلحق بنفسه أي أذى في نوبة من نوبات العنف والجنون التي تصيبه. وفي 1742 عانى ألماً شديداً من التهاب في عينيه اليسرى التي تورمت حتى صارت في حجم البيضة. وأحاط به خمسة من الأتباع ليحولوا بينه وبين فقء عينه بيده. وقض عاماً لا ينطق ببنت شفة. وآذنت محنته بالانتهاء في 19 أكتوبر 1745، وقد بلغ الثامنة بعد السبعين. وأوصى بكل ثروته البالغة أثنى عشر ألف جنيه لبناء مستشفى للأمراض العقلية. ووري التراب في كاتدرائيته، ونقش على ضريحه عبارة اختارها بنفسه:
"حيث لا يعود السخط المرير يمزق قلبه".
أعماله


نص كتاب رحلات جلفر انقر على الصورة للمطالعة
كتب سويفت مؤلفات كثيرة منها: اقتراح متواضع؛ معركة الكتب. وتدهورت صحته في سنواته الأخيرة.
ومن مؤلفاته المشهورة الأخرى:
"حرب الكتب" (1704 Battle of the Books)
"خرافة مغطس" (1704 A Tale of a Tub) - مثل ساتيري عن تاريخ المسيحية وانفصالها إلى طوائف حاقدة.
"اقتراح متواضع" (1729 A Modest Proposal) - مؤلفة ساتيرية حادة تتناول المجاعة في أيرلندا، حيث يقترح على السلطات الإنكليزية تشجيع الأيرلنديين على أكل أطفالهم لمكافحة المجاعة.
"رسائل تاجر الأقمشة" (1724-1725 The Drapier's Letters) - سلسلة من الرسائل نشرها بالاسم المستعار M. B. Drapier، ودعا فيها الأيرلنديين إلى مقاطعة العملات المعدنية الإنكليزية، إذ حصل صانعها الإنكليزي الامتياز مقابل رشوة.

ايوب صابر 06-27-2014 01:01 AM

البصيرة فن رؤية ما لا يستطيع الآخرون رؤيته.
جوناثان سويفت
كاتب وشاعر وسياسي إنجليزي

مها مطر مطر 11-15-2014 03:21 PM

لم اقرأ بالكامل راح برجع واسطر هنا أقاويلك الجميله ودي واحترامي

ناريمان الشريف 11-15-2014 06:28 PM

أستاذ أيوب
سلام عليك .. أنا أغبطك على هذا النشاط ما شاء الله
ولكن مواضيعك طويلة وغزيرة وبصدق لاقدرة لي على متابعتها كلها

الله يعطيك العافية والصحة


تحية ... ناريمان الشريف

ايوب صابر 02-14-2015 02:22 PM

شكرًا استاذة مها على مرورك

ايوب صابر 02-14-2015 02:25 PM

شكرًا استاذة ناريمان
يمكنك الاطلاع فقط على خلاصة البحوث وليس عليك الاطلاع على كامل العملية البحثية . وعليه لا بد ان تناظري حتى يكتمل البحث هنا ونصل الى خلاصة السمات والصفات التي يتمتع بها الأيتام قبل الولادة من واقع النماذج التي سيتم دراستها هنا ومن خلال هذا البحث *

ايوب صابر 02-14-2015 06:37 PM


خالد بن عبدالعزيز الجبير
اليتيم قبل الولادة رقم 4

عبقرية في مجال جراحات القلب صنعه يتمه المبكر فهذا الطبيب يتيم الاب قبل الولادة.


الاسم : خالد بن عبدالعزيز الجبير
الدولة : السعودية
سيرة الشيخ ومعلومات عن حياته :
ولد الدكتور خالد الجبير عام 1374هـ، وتدرّج في التعليم حتى حصل على بكالريوس الطب من جامعة القاهرة عام 1400 هـ، ثم حصل على الزمالة البريطانية عام 1407، وأصبح استشاريا في جراحة القلب عام 1413 هـ، وقدم العديد من الأبحاث في مجال جراحة القلب تجاوزت 35 بحثا نشرت في مجلات ومؤتمرات عالمية ومحلية.

وأجرى أول عملية سميت باسمه في العالم وهي عبارة عن تعديل لمسار الشريان الأيسر الثاني شاذ على قلب نابض.
له موقع على الشبكة بعنوان : http://www.heartdes.com

ايوب صابر 11-25-2015 03:12 PM

5 - ديرك ولكوت يتيم الاب قبل الولادة- حاصل على جائزة نوبل في الادب .
- لاحظ صاحب المقال أدناه يسمه بالشاعر الفذ وهذا ما نقوله دائماً بان الأفذاذ ياتون من بين الأيتام دائماً .

دريك والكوت (23 يناير 1930 في سانت لوسيا) هو شاعر وكاتب. حصل عام 1992 على جائزة نوبل للآداب. عمل محاضرًا في عدة جامعات في الولايات المتحدة الأمريكية، عين عام 1981 أستاذًا للغة الإنجليزية في جامعة بوسطن الأمريكية.
Derek Walcott


Occupation Poet, playwright, professor
Nationality Saint Lucian
Genre Poetry and plays
Notable works Omeros
Notable awards Nobel Prize in Literature1992
T. S. Eliot Prize2011

Derek Alton Walcott, OBE OCC (born 23 January 1930) is a Saint Lucian- Trinidadian poet and playwright.

He received the 1992 Nobel Prize in Literature.He is currently Professor of Poetry at the University of Essex.
-
- His works include the Homeric epic poem Omeros (1990), which many critics view "as Walcott's major achievement."
-
- In addition to having won the Nobel, Walcott has won many literary awards over the course of his career, including an Obie Award in 1971 for his play Dream on Monkey Mountain, a MacArthur Foundation "genius" award, a Royal Society of Literature Award, the Queen's Medal for Poetry, the inaugural OCM Bocas Prize for Caribbean Literature[4] and the 2011 T. S. Eliot Prize for his book of poetry White Egrets.[5]

Early life and education
Walcott was born and raised in Castries, Saint Lucia, in the West Indies with a twin brother, the future playwright Roderick Walcott, and a sister, Pamela Walcott. His family is of African and European descent, reflecting the complex colonial history of the island which he explores in his poetry. His mother, a teacher, loved the arts and often recited poetry around the house.[6] His father, who painted and wrote poetry, died at age 31 from mastoiditis while his wife was pregnant with the twins Derek and Roderick, who were born after his death. Walcott's family was part of a minority Methodist community, who felt overshadowed by the dominant Catholic culture of the island established during French colonial rule.
مختارات غلين ماكسويل من أشعار ديريك ولكوت: بهاء الشعر ومعضلة المنفى في اللغة
صبحي حديدي
NOVEMBER 14, 2015
عن القدس العربي

هذه قصائد، من الشاعر الكاريبي الكبير ديريك ولكوت، حامل نوبل الآداب للعام 1992؛ تبدأ من سنة 1948، مع مجموعة «25 قصيدة»، وتنتهي عند سنة 2013، مع قصائد متفرقة.
- وهي مجموعة شخصية، كما يمكن القول، أو هي مختارات الشاعر الإنكليزي غلين ماكسويل، تمثّل ذائقته أوّلاً، ويترك لها أن تقدّم جمالياتها دون أيّ تدخل أو تصدير أو تقديم، كما جرت العادة في مختارات من هذا الطراز، ولشاعر فذّ مثل ولكوت تحديداً.

- وفي محاضرة استلام جائزة نوبل، والتي حملت عنوان «الأنتيل: شظايا ذاكرة ملحمية»، تحدث ولكوت عن الشتات الأفريقي والآسيوي كما تختصره ملحمة «رامايانا» الهندوسية، وعن الذاكرة التوّاقة إلى الالتحاق بمركزها الخاص بها، تَوْق الضلع إلى استذكار الجسد الذي بُتر عنه. ولقد أشار إلى حقّه، كواحد من أبناء هذا الشتات، في الانتماء إلى طبول إفريقيا وعاشوراء الحسين ورقصة التنين الصيني (بعض شظايا الأصيص العبقري الذي كسرته الهيمنة الاستعمارية ـ الإمبريالية)، وذلك قبل، وفي أثناء، وبعد، الانتماء إلى وليم شكسبير!

- ومنذ بداياته الشعرية المبكرة أدرك ولكوت جدل التحرّك في منفى اللغة، وانخرط في معضلات ذلك الموقع الحرج بين مطرقة الإحساس بالواجب السياسي الشخصي حيال موطنه وثقافته، وسندان المصير التمثيلي والتعبيري للغة الاستعمارية (الإنكليزية) التي يكتب بها.
- كذلك ناقش مأزق الشاعر المطالَب بالدفاع عن الوطن (وبالتالي عن حقّه في استخدام لغته القومية)، والشاعر المنفيّ في ذات لا فكاك لها عن جوهر النفي.
- وهكذا استخدم لغة الـ»باتوا» الكاريبية على نطاق واسع وملموس في مسرحياته، واستخدم إنكليزية أدبية (بريطانية) رفيعة للغاية في أشعاره الأولى، ثم بدا أشبه بمن يحاول تفجير هذه اللغة من داخلها بحثاً عن تلك الطاقات الدلالية الثمينة التي يحتاج إليها في عمليات تجميع شظايا الأصيص التعبيري الجميل الذي كسره قيد الخطاب الاستعماري.
- وفي قلب هذه السيرورة، كانت ثنائياته تتصالح: الذات الوطنية الكاريبية/ التربية الأدبية البريطانية، آدم العالم الجديد/ أفعى العالم القديم، الجزيرة الدافئة الصغيرة حيث مسقط الرأس/ الجزيرة الباردة الشاسعة حيث الثقافة، «جمعة»/ روبنسون كروزو…

- ولد ولكوت سنة 1930 في جزيرة «سانتا لوسيا»، وتفتّح وعيه على التراث الأدبي الإنكليزي، فقرأ و. ب. ييتس، وجوزيف كونراد، وجيمس جويس، وإزرا باوند، وت. س. إليوت، ووالاس ستيفنز، ود. هـ. لورانس، وديلان توماس. لكنه، ومثل جميع أبناء الكاريبي، قرأ بالفرنسية أعمال أرتور رامبو وسان جون ـ بيرس، وبالإسبانية أعمال بابلو نيرودا وسيزار فاييخو. ولقد توجّب أن يطرح سؤالاً كبيراً، وأن يجيب عليه بنفسه: هل يعاني الكاتب الكاريبي من حصار ثقافي يفقده حصانته؟ ولكن هكذا كانت حال ييتس وجويس، وبرهن الكاتبان الكبيران أنّ الثقافة الاستعمارية غير قادرة على منع ولادة أدب وطني فذّ.

- وثمة عشرات الأسباب التي تجعل ولكوت أحد أبرز شعراء العالم الأحياء:
- الجمع بين التعقيد الحداثي في السطح،
- والوضوح البسيط (والماكر، إذا جاز القول) في تطبيق غنائيات الماضي؛
- ترتيب الشكل وتقطيع القصيدة إلى وحدات درامية متوازنة، يساعده على إنجازها ذلك المراس الطويل في الكتابة المسرحية؛
-الإحساس بالشكل العضوي، على نحو يذكّر بتنظيرات الشاعر الإنكليزي الرومانتيكي كولردج، وتطبيقاته الشعرية؛
- والغريزة العروضية التي تضعه في موقع مدهش بين جون ملتون الكلاسيكي، وجون كيتس الرومانتيكي، أو بين شاعر القرن العشرين و. هـ. أودن، وشاعر القرن السادس عشر إدموند سبنسر؛
- العمارة المجازية التي تدمج المحسوس بالمجرّد، والفلسفي بالعاميّ، والرمزي بالتصويري؛
- ثمّ الموضوعات التي تحشد أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، بأساطيرها وأغنياتها وإيقاعاتها وحكاياتها وتواريخها؛ وأخيراً، هذه اللغة الإنكليزية ـ الكاريبية الفريدة، التي يستخدمها لا كما يستخدمها شاعر إنكليزي على قيد الحياة.

- ذاك يقين حوّل ذاكرته إلى أدراج متراصّة يفتحها شاعر كبير بلغت مخيلته حدّ الفيضان الانفجاري،
- فقرأناه يعبث بالأدراج على هواه، ويطلق محتوياتها في عراء غنيّ، فيختار مسمّيات جديدة لأقاليمه ومشاهده وأصدقائه وأشيائه،
- عابراً في ذلك حدود الزمان والمكان: إنه اليوم قبالة زيتون غرناطة، الذي ينزّ اللغة العربية ويذرف دموع لوركا؛ وهو غداً في عباب اللغة اللاتينية، التي تلهث مثل كلاب بُنّية في روما؛ ملقياً التحيّة على نهر الغانج في الهند، أو على تلال النمل في مصر؛ منتصباً «مثل إشارة تعجّب في صفحة بيضاء»، واجماً «أمام حباحب لا تكفّ عن إشعال الثقاب»، غامراً «بهيم الفضاءات، ليس بالنجم أو بالجذوة أو بالشهاب، بل بالدموع»…

- ومن مجموعة «باونتي»، وكانت الأولى بعد فوز ولكوت بجائزة نوبل للآداب، يختار ماكسويل 18 قصيدة، تعكس بعناية تدشين طور شعري جديد، بدا بمثابة حصيلة مَزْجية مركّبة تستجمع معظم أساليب الماضي دون أن تعيد تكرارها.
- إنه يقترح خلاصة مركّزة لعقود طويلة من المراس الراسخ في الكتابة الشعرية، سواء لجهة الموضوعات والأغراض، أم لجهة هذه أو تلك من الشعريات التي امتاز بها على الدوام،
- وأفردته نسيجا وحده وسط المشهد المعقد للشعر المكتوب في اللغة الإنكليزية، خلال مجمل النصف الثاني من القرن العشرين. وأكثر من أي وقت مضى، ن
- حن هنا أمام المزيد من نماذج معادلات ولكوت في عدم التفريق بين اللغة الشعرية واللغة اليومية من جهة؛ وعدم الهبوط بالشعر إلى مستوى العاديّ من جهة ثانية.

- ومن جديد، نحن أمام ولكوت القياسي، إذا صحّ القول، ذاك الذي لا يبدو قادراً على رؤية الأشياء أو الإحساس بها بمعزل عن تصويرها في مجازات كثيفة غير منتظَرة،
- وذاك الذي لا يساوم البتة حول ستراتيجيته الأثيرة في تغريب اللغة بعيداً عن أية شفافية تصريحية؛ وفي زجّها ـ وبالتالي زجّ القارىء والدارس، معاً ـ في أغوار سحيقة مدهشة من التجسيدات الاستعارية.

- وعلى امتداد 65 سنة من كتابة الشعر والمسرح الشعري الملحمي، وممارسة الرسم، والمحاضرة حول آداب الشعوب؛ تناول ولكوت عشرات الموضوعات، المتعددة والمتشابكة والمتجددة، التي عرّفت فنّه وشخصيته؛ وهذه المختارات هي بين الأفضل، حتى الساعة، للتعبير عن إرث كبير، ما يزال في أوج العطاء والاغتناء.


الساعة الآن 10:42 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team