لماذا الاهتمام بالتربية الفنية؟ د. زياد الحكيم
 

تحفل المجتمعات البشرية بالفن بجميع اشكاله منذ ان بدأ الانسان يرسم على جدران الكهوف ومنذ ان بدأ يغني ويكتب. واصبح الفن في الوقت الحاضر قوة تعليمية وثقافية واقتصادية يعتد بها. ومع ذلك مازال البعض يتساءل عن قيمة الفن وحاجتنا اليه.

البعض ينظر الى لوحة فنية ويقول بسذاجة: باستطاعتي ان اعمل مثل هذا وربما افضل منه. وينظر البعض الاخر الى تمثال فني فيقول: انه عمل معقد لا افهم منه شيئا. وهذا يعني – في ما يعني – اننا لا نضع قيمة كبيرة على شيء نعتقد ان بامكاننا ان ننجز مثيلا له. ويعني ايضا ان البعض يعتقد ان الفن يجب ان يكون سهلا بحيث يستطيع كل شخص ان يفهم اي لوحة او اي تمثال دون تدريب او توجيه. وتذوق الفن يحتاج الى الكثير من التفكير والاهتمام والمعايشة.

الفن سلوك بشري طبيعي بدليل ان الاطفال يمسكون بالقلم او الريشة ويخطون خطوطا باشكال مختلفة بدافع فطري. وكما قال الفنان الاسباني بابلو بيكاسو فان كل طفل فنان بطبعه، ولكن مع مرور الايام والسنين يفقد هذا الحس الفني. وكل ثقافة لها من الفنون ما يميزها. والفن يرسم هوية الشعوب ويحددها. ونحن بحاجة الى ان نفهم الفن وندرسه بغية تحقيق تقارب مع الثقافات الاخرى.

وهذا يشبه دراسة لغات الشعوب الاخرى لان الفن هو وسيلة للتعبير عن حاجات الانسان وطباعه وطموحاته وآلامه واحزانه. والاهتمام بالفن – من رسم ونحت وغناء وموسيقا - يعني الاهتمام باخوة لنا في الانسانية يعيشون على هذا الكوكب ونتشارك معهم في المصير والغاية.

يضاف الى ذلك ان الفن مصدر من مصادر الراحة والاستشفاء. ويساعد على الاسترخاء والتأمل والغوص في قلب الخبرة الانسانية. وهو مصدر من مصادر الالهام في الفكر والسلوك. ومن هنا فان الاهتمام بالفن له جانب يتعلق بصحة المتلقي وقدراته الذهنية.

والفن - كذلك - يحكي قصة تاريخ الانسان ويحفظ الثراث الثقافي الانساني ويغني فهمنا لمكانة الانسان على هذا الكوكب. وفي كل عمل فني نستطيع ان نقرأ جانبا من قصتنا الخاصة بكل ما فيها من قيم ومعتقدات وهوية. وفي هذا ما فيه من فائدة للتواصل الانساني عبر الثقافات والحضارات والازمان.

ولا يخفى ايضا ان الفن عمل جماعي مشترك. فالرقص والغناء والمسرح والفن التشكيلي كلها فنون يشارك في صنعها الفنانون ومساعدوهم والمتلقون. واذا قدر لنا ان نرى ما يدور في داخل المتلقي للعمل الفني فاننا نرى جملة متشابكة من العمليات الذهنية والانفعالية والحسية تتصاعد وتزداد تعقيدا قبل ان تهبط وتتلاشى لتفسح المجال لعمليات اخرى. والنتيجة: عمل انساني مشترك. وهذا دليل آخر على دور الفن في الجمع بين الناس والثقافات.

zedhakim@yahoo.co.uk

[justify]الفـن بجميع أشكـاله تجسـيد لواقـع كائـن في مُـخطـط الزمـن ، فما نراه في العـديد من اللوحـات أو التمـاثيل والمنحوتـات شـاهد على عـصر ما ، وفـي ذلك صورة بانورامـيـة نلمـح من خــلالها على بعـض التفـاصيل التـي تحكـي وجـود حيـاة مُختلـفـة في ذلك الزمـن أوقــف حركـتها وتفـاعلاتها فـنــّان من خـلال أدواتـه ..

الفـن سلوك بشـري - كما أشار بيكاسـو - لفـئة من البـشر تسـتخدم النـصف الأيـمن من الدمــاغ بكثـرة على حسـاب المنطـق واللغـة واكتسـاب العلـوم ، فنشـاهد أعمـالاً مخـتلـفـة تـصف الحقـيقـة ، ونخـوض في أعمـاق بعـض الأعمـال التـي يكتنفـها الغمـوض أو تصـف أمـورًا تعـصـي على الـذاكـرة وتحتـاج إلى تأمـلات عميـقـة لاكتشـاف المغـزى إلاّ إذا كان الفـنان غارقـًا في ذاتــه ، ومعتزلاً بفرديته عن المجتمـع مثل ما كان قبل القـرن الخـامس عشـر المـيلادي ..

الفـن ثـقـافة - كما أشرت عزيزي الدكتور زياد - وعـلم أيضـًا يُـدّرس في مراحـل التعـلـيم المختلـفـة وكـذلك الجامعـات ، وله تخصصات مختلـفـة ، وقـد يخرج من فئـة الشـباب من يجمـع الحـسنيـين " الموهـبة والعلـم " وهذا بحـد ذاتـه نموٌ في الحـضـارة وبطـاقة تعـريفـيـة لحـقـبة زمـنيـة قـد تعيـش وقـد تفـنى ، ويبقى الأهم من ذلك أن يتعـلـّم الجـيل الجـديد هـذا الفــن ويعـرف مبـادئه وبعـض أسـراره ، فالتـذوق الفـني أمـر مطلـوب كـي تبقـى هذه الأعمـال الشـاهدة رمزًا حضـاريـًا للشعـوب المخـتلفـة .. وكما نعـلم أيضـًا أنّ بعـض الجامعـات تقــرّر منهجـًا عامـًا للفـن ، ومن ضمـن مقـرراته " مادة التـذوق الفنـي " بهـدف نشـر هذه الثـقـافـة واعتبـارهـا جزءًا من المكونـات الأساسيـة التـي تدل على الحضـارة البـشريـة عـبر الأزمـان المخـتلفـة ..

شكـرًا جزيـلاً لك د. زياد الحكـيم على التطـرق لمثـل هذه الموضوعات المهمـة التـي تعتـبر من عـلامـات الإبداع ..

لك التحيـة والتقـديــــــــــر ،،،[/justify]

عندما كان اطفالي صغارا كنت أحرص على ان تكون رسومات القصص التي أنتقيها لهم جميلة بألوان واضحة و مرتبة و باخراج فني مميز و كنت القى الكثير من الاستهزاء أمام هذه الخطوة و في حقيقة الأمر ان يقيني و ما زال ان الطفل يقرأ الصورة و اللون قبل ان يدرك الحرف و بالتالي فإن المدخلات التي أقدمها له الآن تصوغ طريقة رؤيته للحياة مستقبلا
تنمية الحس الجمالي عند الطفل ليست فقط لأننا نريده متذوقا للجمال و لكن لانه إن أسكن الجمال في داخله فسيكون الإنسان المتحصل لدينا نافعا لمجتمعه و امته و بعيدا كل البعد عن أمراض الأخلاق والتخلف و الإرهاب
و لنلاحظ أن برامج الأطفال و كتب الاطفال منذ اهملت هذه الناحية نمى لدى جيل من اطفالنا نوع من الفوضى في التذوق تبعها استسهال لرؤية القبح
و قد شاركت في دورة أقامتها منظمة رعاية الامومة و الطفولة في الامم المتحدة (يونيسيف) لتأهيل عدد من المترجمين لترجمة موسوعة للاطفال، كانت الرسومات الموجودة في الموسوعة غير جميلة فرفض ثلثي المترجمين الانخراط في هذا العمل رغم أنه مجز ماديا و يحقق انتشارا للمترجم

اشكرك أستاذي الفاضل دكتور زياد الحكيم لما تقدمه لنا من ثراء و تنوع

الاخ الاستاذ حمود الروقي -
شكرا للتعليق الوافي. يأخذ البعض على الفن التشكيلي
بشكل خاص انه فن بصري يفتقر الى الفكر والفلسفة.
وقد يكون في ذلك بعض الصواب لمن لا يهتم بقراءة
هذا الفن. غير ان اللوحة الفنية مرتبطة بالزمان والمكان
اللذين صنعت فيهما وهي لذلك لا تتكشف عن معنى الا اذا عرفنا
كيف نقرأها. وقراءتها تحتاج الى تدريب وتعليم. من هنا تأتي
اهمية التربية الفنية في المدارس.
والهدف منها هو - من بين اشياء اخرى -
تعليم التلميذ كيف يرى ويقرأ ويفهم.

الاستاذة ريم بدر الدين -

المدخلات التي أقدمها له الآن تصوغ طريقة رؤيته للحياة مستقبلا.

هذا صحيح بلا شك.
والتربية الفنية في المدارس
تسهم في تلك الصياغة. ولذلك يجب ان تعود
الى المدارس القناعة بان التربية الفنية على درجة عالية
من الاهمية في المنظومة التعليمية الشاملة. وهي ليست
لاضاعة الوقت كما يعتقد البعض. وعلينا ان نبرز في ثقافتنا
اهمية الناحية الجمالية في البيت والمدرسة والشارع ومكان
العمل. من المهم ان نزين كتب التلاميذ بالصور الملونة الجميلة.
ومن المهم ان نزين بيوتنا ومدارسنا واماكن عملنا
بلوحات فنية من شأنها ان تشيع جوا ثقافيا جميلا.