منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر مختارات من الشتات. (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=26)
-   -   صياح الديكة (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=6350)

محمد عبدالرازق عمران 09-28-2011 11:17 PM

صياح الديكة
 
( صياح الديكة )

[justify]
( 1 )

سمع الجار صوت طرقات قويّة على باب داره فهبّ إلى الباب مسرعا وهو يقول
ـ من يطرق بابنا في هذا الوقت بالذات ؟ اللهم أجعله خير .
فتح الباب وإذا بجاره ( مسعود ) يقف وعلامات الغضب على محيّاه .. فبادره قائلا :
ـ خير إنشاء الله ، ما الذي جاء بك أيّها الجار العزيز ؟
ـ ديكك يا ( عبد الله ) .. قال ( مسعود ) .
ـ ديكي .. ؟!! .. قال ( عبد الله ) مستغربا .
ـ نعم ديكك الذي حرمني من النوم ، لا يكفّ عن الصياح لا ليلا ولا نهارا .
ـ أنا جد آسف يا ( مسعود ) .. لن يزعجك هذا الديك اللعين بعد اليوم أبدا .. أمهلني إلى ما بعد صلاة العشاء .
( 2 )

بعد صلاة العشاء مباشرة .. سمع ( مسعود ) وقع طرقات على باب داره ، فهبّ إلى الباب مسرعا ، وقال متسائلا ؟
ـ من الطارق ؟
ـ أفتح يا ( مسعود ) ، أنا جارك ( عبد الله 9 .
ـ مرحبا بك يا ( عبد الله ) .كان ( عبد الله ) يحمل طبقا بين يديه .. نظر ( مسعود ) إلى الطبق وهو يقول : ما هذا يا ( عبد الله ) ؟
ـ دعني أدخل أولا وستعرف ما بداخل هذا الطبق .
( 3 )
في حجرة الضيوف كشف ( عبد الله ) الغطاء عن الطبق .. فدهش ( مسعود ) مما رأى .. فقال مستغربا : ما هذا أيها الجار؟ .. وما المناسبة ؟
ـ لا مناسبة ولا يحزنون .. هذا هو الديك الذي أزعجك .. أتيتك به مشويا لنأكله معا ، عقابا له على ما سبب لك من أرق وتعب .. فكله هنيئا مريئا .
ـ أنا آسف يا ( عبد الله ) .. غذ قدمت شكواي من الديك إليك .. لم أكن أتوقع أن تنتقم منه بهذه الطريقة .
ـ الحقيقة أيها الجار العزيز .. لا أريد لعلاقة الجوار الطيبة التي تربطنا منذ زمن ، أن تنتهي بسبب ديك عجوز اختلطت عليه الأمور ، فأصبح لا يفرّق بين فجر وقيلولة .
ـ أشكرك يا ( عبد الله ) .. لكن كان عليك أن تتخلص منه بطريقة أخرى ؛ كأن تبيعه وتستفيد من ثمنه .
ـ أستفيد من ثمنه ؟!! .. والله لأنت أفضل عندي من مال الدّنيا .
ـ أشكرك أيها الجار العزيز .. هيّا تفضل كل مما جدت به علينا .
( 4 )

تلك الليلة بالذات .. وبعدما أخلد ( مسعود ) للنوم .. تعالت الأصوات في فناء جاره .. لم يكن المؤذن هذه المرّة ديكا واحدا .. كانت مجموعة كبيرة من الديوك .. ما أن يسكت أحدها حتى يبادره الآخر مؤذنا .. هكذا وبتتابع ممل ومزعج حتى الصباح .
ـ نعم هذا أمر طبيعي .. أتعني أنها تؤذن حزنا على فراق صاحبها ؟
ـ لا يا جاري العزيز .. لم تكن تؤذن حزنا عليه .. بل فرحا بموته .
ـ فرحا بموته ؟ يا للعجب .. وكيف عرفت ذلك ؟
ـ أنا أعرف طبائع الدجاج أكثر منك .
ـ علّمنا مما علمت من طبائع الدجاج ، زادك الله علما وفهما .
ـ لقد كان هذا الديك سلطويا ظلوما .. ولم يكن يسمح لها بالتعبير عن وجودها في حضرته حتى بالآذان .
ـ نعم .. حتى الآذان تعبير عن وجودها وكينونتها .. ولهذا السبب كنت أكرهه وأتمنى موته .. وكنت أيضا فرحا بتقديمه لك مشويا ليلة البارحة .
ـ يا للأسف .. لم أكن أعرف أنه كان شجاعا وقويا إلى هذا الحدّ !!! أنا آسف يا ( عبد الله ) على أنني كنت سببا في موته .
ـ لا داعي للأسف .. يا صديقي فهو مجرد ديك عجوز والحظيرة مليئة بالديوك الفتية .
ـ مليئة بالديوك الفتية .. أعرف ذلك يا صديقي .. ولكنني ولهذا السبب بالذات أقدم لك أسفي مرتين .. مرة لأنني كنت سببا في موته .. وأخرى : لأنني شاركتك في أكله .
ـ غريب أمرك يا ( مسعود ) .. أوبلغ بك الأسف على موته هذا الحد ؟
ـ ولم لا ؟ وقد رأيت حالنا والمؤذن واحد .. فكيف بنا وقد كثرت الديوك علينا ؟
ـ ما تعني بكلامك هذا يا ( مسعود ) .
ـ يا ( عبد الله ) أعني .. توقف الديك العجوز عن الصياح واسترحنا منه .. فمن يسكت بقية الديوك الآن ؟ [/justify]
( سعيد العريبي / ليبيا )

ماجد جابر 11-06-2011 04:00 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكر لك أستاذ محمد هذا الاختيار الماتع ، وكل عام وأنتم بخير .

ما أروع ما قلت ، وما اخترت من موضوع رائع،

عاطفة جياشة وألفاظ عذبة ومعاني سامقة.
منابر علوم اللغة ترحب بقلمك السامق.
بوركت ، وبورك المداد.

محمد عبدالرازق عمران 11-06-2011 11:52 PM

* ماجد جابر .. سعدت بحضورك المؤثر هنا .. شكرا لك .. مودتي .


الساعة الآن 01:58 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team