|
بترا...
بترا... (قصة قصيرة)
غذذت السير في السيق وهو شق صخريّ طويل غير معبّد، تحفّه من الجانبين صخور ورديّة ويؤدي إلى مدينة البتراء الوردية المنحوتة بالصخر، أزعجني الغبار المثار من سنابك الخيل، وعجيج عجلات عربات السيّاح أثناء عبورها قربي. توقّف قربي حصان يمتطيه فارس فوجئت به "أحمد" ابن البتراء رفيقي أيّام الجامعة، والّذي لم أره منذ فترة طويلة بعد تخرّجه، وكنّا قد انفصلنا إثر خلاف نشب بيننا نتيجة سوء تفاهم، وقبل أن نجد الفرصة للبوح بحقيقة مشاعرنا تجاه بعضنا بعضا، كان وسيما كما عهدته. صامتا لوّح بيده أن تعالي، دون تفكير توجّهت نحوه ومددت له يدي، فرفعني بسهولة وأردفني خلفه، طوّقتُ خصره والتحم جسدانا، حرارة جسده تكاد تشعل لهيب جسدي المثلّج دهورا. ضاع الإحساس بالوقت، والحصان يسير خببا في السيق إلى أن انتهى بغتة، على سّاحة شمسّيّة مبهرة، في واجهتها تقوم خزنة فرعون المنحوتة في الصخر، ضخمة ومدهشة، أهمّ معالم مدينة البتراء الأثريّة. ترجّلنا في السّاحة، خاطبني أحمد بلهجة آمرة مشيرا إلى الجبال المحيطة: تعالي، وشرع في الصعود، قلت معترضة: - لكنّني أعاني من رهاب المرتفعات. - لا تخافي، سأساعدك، مادّا لي يده. اختار جبلا عاليا لتسلّقه، عند القمّة اختلّ توازني، لكنّه برشاقة أمسك يدي، ثمّ فوجئت به يعود وينفض يده يريد التملّص منها، حاولت يائسة التشبّث متوسّلة إليه ألّا يفلتني، ردّ ببرود: - هاهم أولاء زوجتي وأولادي قادمين ولا أرغب أن أفسّر لهم عنك، هم أحبّائي الآن أمّا انت فلقد نسيتك من زمان. بدأ وجهه بالتغضّن وتغيّرت ملامحه لتغزوه التجاعيد، بدا لي في صورته الحقيقيّة متأثّرا بعامل الزمن. وتمكّن من تخليص يده من يدي المتعرّقة فسقطتُ في هوّة سحيقة بلا قرار. فتحت عينيّ فوجدت نفسي على سرير المستشفى، اقترب منّي وجه حبيب، بدأ يجفّف عرقي المتصبّب ويحسب لي أنفاسي، قبّلني على جبيني قبلة أودعها حنانه وخاطبني بلطف: - حمدا لله على سلامتك. أصابتك غيبوبة سكّر أفزعتنا وخشينا ألّا تستيقظي بعدها نهائيّا. لا تستسلمي وقاومي، أنا والأولاد نحتاجك. |
" بترا " قصة قصيرة جاءت تعبر عما يختلج في نفوسنا من تغيرات الحياة ، وتنقلها بين الأحلام والواقع ، ويبقى الواقع هو الحكم والحاكم ، وأما الاحلام فومضة نعيشها بخوف ووجل أو بفرح وحبور ما أسرع أن تزول .
الأديبة ريما ، أبدعت في المزج بين الخيال والواقع في نسيج أدبي قصصي جذاب ، ويبقى الواقع هو سيد الموقف وسادنه بلا منازع . سلم قلمك وفكرك وخيالك .متمنيا لك مزيدا من الانجاز . |
جميلة هذه المزاوجة , وصحوة الحلم دائماً تأتي بنهاية تنفرج لها أسارير القارئ خاصة وهي أتية من قلب الحدث من عقدة النص التي رجونا السلامة للبطلة عند انزلاق قدمها لنكمل معها قصتها ,لتصحو هي من غيبوة السكر ونصحو نحن على ضمأ الاستزادة ...
حرف رائع وسبك مميز كما العادة ..مني خالص التقدير والاحترام |
قصتان .
تتكادا أن تتشابها رجل وإمرأة كلاهما متزوج اللقطتان ( الحلم ... الحقيقة ) في الحلم تبين زيف المشاعر التضحية بالحب الذي كان خوفا من الحاضر في الحقيقة تبين روعة المشاعر وصدقها وهو ما نفتقده في هذا العصر الحب يبدو سعيدا لعودة المحبوبة سالمة الاستاذة الاديبة والقاصة / ريما ريماوي مقدرة فائقة على صياغة اللغز أو الحبكة ثم الحل تحياتي وتقديري |
[tabletext="width:70%;"] | [/tabletext]من حق الكاتب أن يجول ويصول ضمن مضمار معين مرة يحلق وعالم الخيال ومرة يهوي من سماء سابعة نحو أرض عطشى وهكذا فعلت بنا الكاتبة جعلتنا نسير معها في البتراء نتخيل الموقف نعيش الدور لنجد انفسنا أننا قد أغمي علينا في النهاية عندما تركها تسقط ريما ...مبدعة أنت محبتي |
اقتباس:
بعكس الاحلام، فيها الهيام، لكنها أوهام اخترعها الخيال. شكرا لحضورك وردك الأستاذ أحمد الفضول.. تقديري واحترامي. |
أهلا أختي ريما
أحب النهايات السعيد خاصة فيما يتعلق بالعواطف الإنسانية. نص جميل، رغم القلق الذي ساورني خلف في فمي متعة تحياتي |
هناك علاقة غير مرئية بين المكان / البترا
و كونها أرض الأحلام .... علاقة بعيدة بين الفارس / فارس اﻷحلام و الواقع ربما ﻷنها مدينة صخرية ... و تتحطم اﻷحلام على صخرة الواقع ... هناك رمز مر علينا كقراء و لم نفككه بعد فقط ... كم أنت رائعة ريما ! مبدعة ! |
اقتباس:
كم انا سعيدة بردك القيم... اعجابك بحرفي يزيدني ثقة وحبورا. كن بخير وصحة وعافية. مودتي واحترامي وتقديري. |
اقتباس:
حسام الدين بهي الدين ريشو.. واعجابك بالنص، كان وقعه عندي عظيم الأثر. كن بخير وصحة وعافية.. مودتي وتقديري. |
الساعة الآن 07:01 PM |
|
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.