منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر ذاكرة الأمكنة والحضارات والأساطير (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=25)
-   -   طرابلس الشرق تاريخ وحضارة (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=25076)

إيلي عماد 05-15-2019 11:23 AM

طرابلس الشرق تاريخ وحضارة
 
في المصادر التاريخية والأخبار المروية... أسماء #طرابلس وألقابها .
-موضوع «أسماء طرابلس وألقابها في المصادر التاريخية والأخبار المروية» هو موضوع مهم تناوله العديد من المؤرخين، وعرضوا لذكره في كتبهم بألوان مختلفة من التحليل والتعليل، وسنعرض في هذه الدراسة مختلف الآراء التي قدمها المؤرخون، من قدامى ومعاصرين ، في بيان أسماء طرابلس وألقابها عبر التاريخ.
زمن تأسيس مدينة طرابلس
أسس الفينيقيون مدينة طرابلس، في وسط ساحل البحر الأبيض المتوسط، بين مملكة أوغاريت شمالاً، ومملكة صور جنوباً، على طول الشاطئ الشمالي، والشمالي الشرقي لشبه جزيرة الميناء ، وعلى بعض الجزر البحرية القريبة، في فترة سبقت القرن الثامن قبل الميلاد وفي زمن غير معروف على وجه الدقة.
وقد وصفها الشريف الإدريسي في كتابه «نزهة المشتاق في اختراق الافاق» بقوله: «طرابلس مدينة بالشام عظيمة ، عليها سور صخر منيع، ولها رساتيق (جمع رستاق وهي القرى والمقاطعات) وأكوار(جمع كورة)، وضياع جليلة، وبها من شجر الزيتون، والكروم، وقصب السكر، وأنواع الفواكه، وضروب الغلات الشيء الكثير، والوارد والصادر إليها كثير، والبحر محدق بها من ثلاثة أوجه، وهي معقل من معاقل الشام، وتقصد بضروب الغلات ، والأمتعة والتجارات، وتضاف إليها عدة قلاع، وحصون داخلة في أعمالها، وحوالي مدينتها أشجار الزيتون».
ووصفها ابن بطوطة المتوفى عام 779هـ في رحلته المسماة «تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار»، بقوله: «هي إحدى قواعد الشام، وبلدانها الضخام، تخترقها الأنهار، وتحفها البساتين والأشجار، ويكنفها البحر بمرافقه العميمة، والبر بخيراته المقيمة، ولها الأسواق العجيبة، والمسارح الخصيبة، والبحر على ميلين منها، وهي حديثة البناء، وأما طرابلس القديمة فكانت على ضفة البحر، وتملكها الروم زماناً، فلما استرجعها الملك الظاهر خربت، واتخذت هذه الحديثة وبهذه المدينة نحو أربعين من أمراء الأتراك.
وأميرها طيلان الحاجب المعروف بملك الأمراء، ومسكنه بالدار المعروفة بدار السعادة، ومن عوائده أن يركب في كل يوم اثنين وخميس ويركب معه الأمراء والعساكر، ويخرج إلى ظاهر المدينة، فإذا عاد إليها، وقارب الوصول إلى منزله، ترجل الأمراء، ونزلوا عن دوابهم، ومشوا بين يديه، حتى يدخل منزله، وينصرفون وتضرب الطبلخانة عند دار كل أمير منهم بعد صلاة المغرب من كل يوم، وتوقد المشاعل. وممن كان بها من الأعلام كاتب السر بهاء الدين بن غانم أحد الفضلاء الحسباء معروف بالسخاء والكرم، وأخوه حسام الدين هو شيخ القدس الشريف، وقد ذكرناه، وأخوهما علاء الدين كاتب السر بدمشق ، ومنهم وكيل بيت المال قوام الدين بن مكين من أكابر الرجال، ومنهم قاضي قضاتها شمس الدين بن النقيب من أعلام علماء الشام. وبهذه المدينة حمامات حسان منها حمام القاضي القرمي، وحمام سندمور».
ووصفها الرحالة رمضان بن موسى العطيفي الدمشقي المتوفى عام 1095هـ. في «رحلته إلى طرابلس الشام» بقوله: «هي بلدة لطيفة، ماؤها كثير، ورزقها غزير، جميع بنائها بالحجر، ليس فيها شيء من الخشب، حتى كادت أن تكون كلها قطعة واحدة، يشقها نهر عظيم، على حافتيه من الجانبين، الجوامع، والمدارس، والقصور، والشبابيك، وهذا النهر غير نهر السُقيا لبيوتها وحماماتها، والماء فيها يصعد إلى أعلى مكان، ولها قلعة في طرفها على جبل مطل عليها».
وقال عنها المؤرخ ابن الأثير المتوفى عام 630 هجرية في كتابه «الكامل في التاريخ»: «وكانت طرابلس- أي في عصر بني عمار- من أعظم بلاد الإسلام وأكثرها تجملاً وثروة».
موقع المدينة القديمة
وكانت مدينة طرابلس الفينيقية القديمة، مدينة صغيرة، تتألف من ثلاثة أحياء تقع بين شمال، وغربي الميناء وهي:«حي مخلات» و«حي مايزا» و«حي كايزا»، وقد ظلت هذه الأحياء قائمة طيلة مراحل الحكم الأشوري، والفارسي، واليوناني، والروماني.
وقد جاء في بعض المصادر العربية أن مدينة طرابلس كانت تتألف من ثلاثة حصون، وهذا ما أكده شرف الدين محمد بن موسى المقدسي الكاتب في كتابه «السيرة المنصورية» حيث قال ما نصه: «إن طرابلس كانت عبارة عن ثلاثة حصون مجتمعة».
بعض الآثار الفينيقية واليونانية والرومانية المكتشفة
خضعت مدينة طرابلس كبقية المدن الفينيقية لملوك آشور، ثم لملوك مصر، وبابل، وفارس، ثم الإسكندر الكبير المقدوني وخلفائـه، إلى أن دخلها الرومان، وجملوها بالمباني، والهياكل، والساحات، وبالرغم من عدم وجود أي من هذه المواقع اليوم، إلا أن آثار الأعمدة الغرانيتية المصرية والرخامية، والتيجان الحجرية والرخامية، وأجزاء أخرى من الأفاريز المزخرفة التي استخدمت، وأعيد استخدامها مع كل الحضارات المتعاقبة لا تزال مشاهدة في عدد من الجوامع المملوكية كحرم جامع طينال، وكصحن الجامع المنصوري الكبير، وغيرها من المواقع، ومنها ما هو غارق في الأمواج قبالة الشاطئ.
وقد دلت الحفريات الأثرية في طرابلس على وجود آثار فينيقية في الجهة الغربية من الميناء، وهو ما يسمى بالحمام المقلوب، وهو عبارة عن بناء صخري قديم أقيم للاتصال مع المراكب الراسية بالقرب من صخور الشاطئ عند هبوب الرياح الشمالية.
ومن الآثار الفينيقية آثار السور الفينيقي الذي يمتد من الجهة الغربية للميناء، ثم يتجه شمالاً ليخترق حارة الشهداء، ليصل إلى سوق الإسلام، وقد زالت معالم هذا السور بتمامها، ولم يبق منها إلا الأساسات التي ترتكز عليها جدران الأبنية التي أقيمت في شارع الشهداء، آخرها البناء الذي كانت تتخذه الشرطة مقراً لها، وقد جرى هدمه في حوادث عام 1958م.
ومن الآثار اليونانية، التاج الكورنثي، والأعمدة الغرانيتية، والقناطر، والجدران التي اكتشفت مؤخراً أثناء حفر ملعب سيدة النجاة الأنطونية الدولية في الميناء.
ومن الآثار الرومانية الأعمدة، والتيجان، والأفاريز الزخرفية التي عثر عليها مقاول البناء الحاج محمد نهاد الزيلع وقام بنصب خمسة منها عند مدخل الميناء، ووضع بعضها في الحديقة المجاورة لبناية البرج.
الإسم القديم لمدينة طرابلس
لا بد أن تكون كلمة «طرابلس» باليونانية بالإنجليزية (Tripoli)، قد جاءت متأخرة عن زمن إنشائها، وقد أكد العلامة جايمس حسبما نقل عنه الفيكونت فيليب دي طرازي في كتاب «أصدق ما كان عن تاريخ لبنان»: أن المكدونيين هم الذين أطلقوا عليها اسم «طرابلس» الذي هو مزيج من كلمتي (Tri) أي ثلاثة و(Poli) أي مدن، إشارة إلى مدن ثلاث كانت قائمة في نفس موقعها تلك الأيام.
على أن «سايس» الإنكليزي تبنى رأي العلامة الألماني «دالتزش» الذي يؤكد بأن المدينة القديمة ذات الأحياء الثلاثة، التي عرفت فيما بعد باسم «طرابلس» ليست سوى: كايزا، ومايزا، ومخلات.
ولقد بنى «دالتزش» رأيه على ما وجده الأثريون في الحقبة الأخيرة، وهو عبارة عن أعمدة ثلاثة نقش عليها 389 سطراً بالقلم المسماري، واللغة الآشورية، جاء فيها على لسان الفاتح الآشوري «آشور نصر بعل» ما يلي:
«يومئذ حللت لبنان، وإلى البحر العظيم بحر فنيقية صعدت، وعند البحر العظيم، علقت سلاحي، ونحرت الجزور للأرباب!!، وأخذت الجزية من ملوك سواحل البحر، والصوريين، والصيداويين، والجبيليين، والمخالاتيين، والكايزيين، والمايزيين، والفنيقيين، ومن أهل أرواد الذين في وسط البحر، فضة، وذهباً، ورصاصاً، ونحاساً، وصحاف نحاس، وملابس شتى، وثياب كتان وصولجانات كباراً، وصغاراً، وخشب «أوزو»، ومقاعد من العاج وسلاحف بحرية، كل ذلك، أخذت جزية، وقد قبلوا رجلي، وإلى جبال «خماني» صعدت، وجسوراً قطعت، ونحرت الذبائح لآلهتي، ونصبت نصباً لأعمالي الحربية».
ويقول المؤرخ جرجي يني في «مجلة المباحث» بعد أن نقل هذا النص: «وجرياً على خطة إطلاق أسماء المدن على سكانها، استنتجنا أن «المخالاتيين» و«المايزيين» و«الكايزيين» هم أهل مدن كانت تسمى مخالات ومايزا وكايزا.
على أننا لا ندري أين موضع هذه المدن من الساحل أو جواره، وإنما آثر العلامة «دالتزش» الألماني أن تكون هذه المدن الثلاث على مقربة بعضها من بعض، في الموضع الذي عرف فيما بعد باسم (تريبولي Tripoli) وكان العلامة سايس صادق على هذا الرأي، فأدرجه في كتابه واستشهد به».
وعلى النقيض من هذا الرأي يرى الأستاذ أنيس فريحة تحت مادتي طرابلس وتربل في كتابه «أسماء المدن والقرى اللبنانية»: «أن لطرابلس اسماً فينيقياً هو «تربيل» انحداراً من لفظة «تربل»، وهو الجبل الواقع في سفح طرابلس ، وأنه لا داعي لأن يكون الإسم إغريقياً، لأن طرابلس أقدم من الإغريق، فلها إذن اسم أقدم من مقدم الإغريق، ويرجح أن يكون الإسم تربل هو جبل الإله بيل ثم أضاف إليه الإغريق اللاحقة الإغريقية (S) التي تلحق بأسمائهم فأصبح (تربليس).
أقول: وقد رأيت في مخطوطة «الأنساب المشجرة» المحفوظة في مكتبة الشيخ الإمام محمد حسين آل كاشف الغطاء تسمية طرابلس بطربليس= تربليس، أثناء الكلام عن ذرية السيد أبي الفاتك الحسني التي كانت منتشرة في ربوع طرابلس في العصر الفاطمي، وهي مخطوطة منقولة عن أصول قديمة ترقى إلى القرن الخامس الهجري».
وذهب المؤرخ طه الولي إلى أن كلمة طرابلس فينيقية الأصل، ومركبة من كلمتي «تراب» و«إيل» أي تراب الله، وبمعنى آخر أرض الله، كقولنا في اسم مدينة «جبيل» الواقعة إلى الجنوب من مدينة طرابلس، التي أصلها مركب من كلمتي «جب» أي معبد، ثم «إيل» أي الإله، أي معبد الله، مع العلم بأن (إيل) الفينيقية هي نفس كلمة (الله) العربية ونفس كلمة (هيليو) اليونانية. ويضيف المؤرخ طه الولي بأنه إذا اعتبرنا كلمة طرابلس مؤلفة من كلمتين فينيقيتين، فإنه بالتالي نستبعد أن تكون هذه الكلمة يونانية.
والمؤرخ فيليب حتي، يرى أن اسم طرابلس القديم هو (أثار) كما ورد على قطعة نقود محلية تعود إلى سنة 189-188ق.م، وقد تابعه على هذا الرأي المؤرخ بروس كوندي في كتابه .(Tripoli of Lebanon)
أما المؤرخ جواد بولس، فقد ذكر في كتابه القيِّم الذي ألَّفه بالفرنسية في خمسة أجزاء تحت عنوان «تاريخ وحضارات الشرق الأدنى» أن طرابلس قديماً كانت تسمى «وهلية» وقد صادف هذا الإسم القديم أثناء مطالعاته التاريخية، ولم يزد على هذا بأي شرح أو تعليق، ولم يبيِّن مصدر معلومته هذه.

إسم طرابلس عند المؤرخين المسلمين

تميز المصادر التاريخية العربية بين طرابلس الشام الواقعة في آسيا على ساحل البحر الأبيض المتوسط في الشرق العربي، وبين طرابلس الغرب الواقعة في إفريقية على ساحل البحر الأبيض المتوسط أيضاً، والمؤرخون القدماء يزيدون الهمزة على لفظ طرابلس فيقولون (أطرابلس) للتمييز بينها وبين طرابلس الغرب، فجعلوا التي بالشام (أطرابلس)، والأخرى بغير همز، وقد جاء اسم طرابلس في «معجم البلدان» لياقوت الحموي بزيادة الهمزة، وجاء في كتاب «الأعلاق الخطيرة في ذكر أمراء الشام والجزيرة» لابن شداد تحت عنوان (أطرابلس) ما نصه:
قال البلاذري: «لما استخلف عثمان وولى معاوية الشام، وجه معاوية سفيان بن مجيب الأزدي إلى (أطرابلس) وهي ثلاث مدن مجتمعة». ثم قال ابن شداد نقلاً عن البلاذري في موضع آخر من كتابه: «وكان معاوية يوجه كل عام إلى (أطرابلس) جماعة كثيفة من الجند شحنها بها». وأنكر ياقوت الحموي في كتابه «معجم البلدان» على المتنبي حذفه الهمزة من كلمة «أطرابلس» في شعره حين مدح أهل طرابلس فقال:
أكارِمٌ حَسَدَ الأَرضَ السَماءُ بِهِمْ وَقَصَّرَت كُلُّ مِصرٍ عَن طَرابُلسِ
فقال: «وقد فرق بعضهم بينهما (أي بين طرابلس الشام وطرابلس الغرب) فجعلوا التي بالشام بالهمزة، والتي بالغرب بغير همزة».

ألقاب طرابلس قديماً وحديثاً

عرفت طرابلس على مدى العصور بالعديد من الألقاب التي أطلقها عليها أهلها وحكامها سنذكرها تباعاً وفق ترتيبها الزمني:
في العصر الفينيقي
في العصر الفنيقي لقبت طرابلس بـ «متروبول فنيقيا» وبـ «دار الندوة» وبـ «دار الشورى» عندما أصبحت مقراً للاتحاد الفينيقي الذي ضم المدن الثلاث الممثلة لمدن فينيقيا الكبرى: صور، وصيدا، وأرواد التي رأت ضرورة لإقامة مقر لهذا الاتحاد للتداول فيما بينهم بشؤون إدارتهم المحلية، وعلاقتهم مع الدول التي تحكمهم، وفي العام 352-351 ق.م انعقد مؤتمر في طرابلس تقرر فيه ضرورة المحافظة على استقلال مدنهم، ورفع راية الثورة ضد الهيمنة الفارسية.
في عصر صدر الإسلام
استحقت طرابلس أن توصف بأرض الرباط لأنها تشرفت باستقبال أعيان الصحابة والتابعين الذين رابطوا فيها وفي محيطها وفي مقدمتهم ابن عم رسول الله (ص) الصحابي الجليل عبدالله بن جعفر بن أبي طالب الملقب بالطيار القرشي الهاشمي (رض).

في العصر الأموي: الفيحاء الصغرى

استحقت طرابلس في العصر الاموي لقب الفيحاء الصغرى لأنها كانت تحاكي بجمال موقعها، وتقاليد أهلها، مدينة دمشق، ولأنها كانت محل رعاية الحكام، وعناية الولاة، حيث كانت آنذاك قاعدة بحرية، ودار صناعة لتوافر أخشاب الأرز اللبناني، وذلك في عهد معاوية بن أبي سفيان، ومن خلفه من بنيه ومن بني مروان، وفيها بنى معاوية أسطوله العظيم الذي انتصر فيه على البيزنطيين في «معركة ذات الصواري».
وبعد العام 969م تلقت طرابلس دفعاً جديداً عندما بدأ الفاطميون بتطويرها لتصبح مضاهية لمدن الداخل الكبرى، بين جميع مرافىء بلاد الشام، وفي ذلك يقول المؤرخ الدكتور كمال الصليبي: «كانت طرابلس الثغر الوحيد الممكن الوصول إليه بالسهولة ذاتها أكان ذلك من الأجزاء الشمالية أو الجنوبية للبلاد، فمن طرابلس، كانت طريق حلب تمر عبر حمص، والطريق إلى دمشق تمر في بعلبك، وكان بالإمكان بلوغ طرابلس بسهولة من مصر بحراً، ومن فلسطين عن طريق الساحل، لاشك أن ذلك كان السبب في اختيار الفاطميين لها كقاعدة رئيسية لعملياتهم السياسية والعسكرية في بلاد الشام».

في العصر الفاطمي

في العصر الفاطمي لقبت طرابلس بـ «دار العلم»، لأنها تبوأت مركز الصدارة العلمية في بلاد الشام في عهد بني عمار بحسب رأي المستشرق «فان برشم»، ولذلك يقول المؤرخ ابن فضل الله العمري في تاريخه المسمى «مسالك الأبصار» إن طرابلس كانت تسمى قديماً بـ«دار العلم»، وقال الشاعر شهاب الدين محمود كاتب الدرج بالقاهرة وهو يمدح السلطان المنصور قلاوون، ويهنئه بفتح طرابلس:
وكانت بدار العلم تعرف قبلها
فمن أجل ذا للسيف في نظمها نثر
كان يوجد في طرابلس كثير من كتب العرب، والعجم، واليونان، وكان هناك كثير ممن يثابرون على استنساخ المصنفات الثمينة، ويروي المؤرخ العربي ابن أبي طي أن عدد هذه الكتب كان أكثر من ثلاثة ملايين كتاب، وعلى رواية أخرى إنها كانت مئة ألف، وصاحب هذه المكتبة، القاضي أبو الحسن طالب (بن عمار)، كان المتولي على طرابلس، وقد الف كثيراً من الكتب النفيسة، وكان يرسل المراسلات إلى أقطار البلاد، ويبذل الأثمان الباهظة، ويجلب الكتب النادرة لهذه المكتبة، وما من مؤرخ عربي إلا وكتب، وبحث بملء الأسف عن ضياع تلك المكتبة الفظيع، أما متصلبو المستشرقين الذين كتبوا تاريخ الصليبيين، فلم نرهم يبحثون عن مكتبة طرابلس البتة، ذلك ليستروا عن الإفرنج ذلك التجاوز الذي لا يمكن تلافيه.
وقال مسند العصر الإمام الحافظ السيد عبدالحي الكتاني الإدريسي الحسني في كتابه «تاريخ المكتبات الإسلامية ومن ألف في الكتب» ما نصه: «وفي أواخر دولة الفاطميين كان بطرابلس الشام خزانة كتب تعرف بدار العلم، قال الشيخ يحيى بن أبي طي حميد النجار الغساني الحلبي فيما نقله عنه ابن الفرات في تاريخه: لم يكن في جميع البلاد مثلها حسناً، وكثرة، وجودة.
وقال: حدثني أبي قال: حدثني شيخ من طرابلس قال: كنت مع فخر الملك بن عمار صاحب طرابلس وهو في شيزر، وقد وصله أخذ طرابلس (الذين أخذوها إذ ذاك عسكر الصليبيين) فأغمي عليه وأفاق ودموعه متتتابعة، وقال: والله ما أسفي على شيء كأسفي على دار العلم، فإن فيها ثلاثة آلاف ألف كتاب، كلها في علم الدين، والقرآن، والحديث، والأدب. وقال: إن بها خمسين ألف مصحف، وفيها عشرين ألف تفسير لكتاب الله.
(قال ابن أبي طيء): قال أبي: وكانت هذه دار العلم من عجائب الدنيا، وكان بنو عمار قد عنوا بها العناية العظيمة، كان فيها مئة وثمانون ناسخاً ينسخون بالجراية والجامكية (الجامكية: بالفارسية أي مرتبات النساخ)، منهم ثلاثون نفساً لا يفارقونها ليلاً ولا نهاراً، وكان لهم في جميع البلاد من يشتري لهم الكتب المنتخبة، قال: ولما دخل الإفرنج إلى طرابلس أحرقوا دار العلم، وكان السبب في ذلك أن بعض القسس لما رأى تلك الكتب هالته، واتفق انه وقع في خزانة المصاحف فمد يده إلى مجلد فإذا هو مصحف، ثم إلى آخر فرآه كذلك، ثم إلى آخر فوجده مصحفاً حتى عدد عشرين مصحفاً، ثم قال: كل ما في هذه الدار فهو قرآن المسلمين، فلذلك أحرقوها، وتخطف الإفرنج أشياء من الكتب، وهي خرجت إلى بلاد غير المسلمين» انتهى كلامه.
الصورة: لوحة زيتية قياسها 65 * 89 سم2 يبدو فيها نهر أبو علي ومسجد البرطاسي والجسر العتيق، وقد رسمها في العام 1840 اوجين نابوليون فلادان (1809-1889). ويملكها اليوم فيليب جبر، ونشرها غبريال ضاهر لأول مرة على صفحته على «الفايسبوك» في27 نيسان الماضي....

بحث للدكتور فؤاد فوزي طرابلسي...نشر في جريدة التمدن

حسام الدين بهي الدين ريشو 05-18-2019 10:45 PM

رد: طرابلس الشرق تاريخ وحضارة
 
دراسة قيمة
عشت وعاشت طرابلس
وكل بلادنا العربية
ولك خالص التحية

مالك عدي الشمري 05-19-2019 05:29 PM

رد: طرابلس الشرق تاريخ وحضارة
 
طرابلس وبيروت أجمل مدن الشام

إيلي عماد 05-25-2019 04:46 PM

رد: طرابلس الشرق تاريخ وحضارة
 
صديقي....حسام أرفع لك القبعة تقديراً على مرورك....

وستعود بلادنا العربية.... نوراً ولكن ....بتثقيف عقول الجيل الحالي ...القادم

إيلي عماد 05-25-2019 04:47 PM

رد: طرابلس الشرق تاريخ وحضارة
 
صديقي مالك ....مرورك عطر مانقلت....

تحيتي لك

ممدوح الرفاعي 06-12-2019 01:33 PM

رد: طرابلس الشرق تاريخ وحضارة
 
موضوع قيم صديقنا الأجمل ايلي ونتمنى لطرابلس الهدوء والرقي

العنود العلي 06-12-2019 02:34 PM

رد: طرابلس الشرق تاريخ وحضارة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إيلي عماد (المشاركة 232700)

ووصفها ابن بطوطة المتوفى عام 779هـ في رحلته المسماة «تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار»، بقوله: «هي إحدى قواعد الشام، وبلدانها الضخام، تخترقها الأنهار، وتحفها البساتين والأشجار، ويكنفها البحر بمرافقه العميمة، والبر بخيراته المقيمة، ولها الأسواق العجيبة، والمسارح الخصيبة، والبحر على ميلين منها، وهي حديثة البناء، وأما طرابلس القديمة فكانت على ضفة البحر، وتملكها الروم زماناً، فلما استرجعها الملك الظاهر خربت، واتخذت هذه الحديثة وبهذه المدينة نحو أربعين من أمراء الأتراك.


جميلة طرابلس في حلها وترحالها عبر التاريخ

شكرآ للموضوع الشيق أستاذ إيلي

تقبل مروري مع بالغ الإحترام

إيلي عماد 06-18-2019 02:43 PM

رد: طرابلس الشرق تاريخ وحضارة
 
صديقي .... الكبير .... ممدوح الرفاعي

... توقيعك على مواضيعي .... قلادة فوز .... بالنسبة لسطوري

تحيتي طرابلسية صديقي

بتول الدخيل 06-19-2019 04:31 PM

رد: طرابلس الشرق تاريخ وحضارة
 
ارى طرابلس في الصور وفي اليوتيوب مدينة جميلة

تركي خلف 06-22-2019 07:23 PM

رد: طرابلس الشرق تاريخ وحضارة
 
جميل سيدي ما ذكرت هنا ونقلت بمهارة وذوق عالي .. ورائع ماتقدموه من ابداع جميل في منابر الغالية .. لكم مودتي

:Untitled-3:


الساعة الآن 08:06 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team