منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   الفائز بالمركز الأول بمسابقة القصة القصيرة2020 (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=27812)

ياسَمِين الْحُمود 01-17-2021 09:52 AM

الفائز بالمركز الأول بمسابقة القصة القصيرة2020
 
المركز الأول

الاستاذة القاصّة عبير عزّاوي

خُبْزٌ مرّ

قذفها الدور الطويل خارج القفص الحديدي الذي أعدوه لتنظيم
طابورالخبز ، غادرت الطابور مكرهة ، لتبحث عن هاتفها الجوال الذي أحست بأنه سُلَ من جيب ثوبها وأثناء انسلاخها من معمعة الزحام ، تمزق ثوبها بخرق طويل من الخصر إلى الذيل ؛ توارت لتواري سوءة الثوب ؛ وتستر فخذيها العاريتين . مشت مبتعدة عن الشارع المضاء بأنوار حمراء وفضية دلفت في حارة جانبية لملمت أطراف الثوب وعقدته كيفما اتفق ؛جلست مستندة إلى جدار مبنى منزو عن الشارع ، وأراحت ظهرها من تعب اليوم الطويل فقد جاءت من بلدتها التي توقفت مخابزها إلى أقرب منطقة من العاصمة لتتمكن من الحصول على مخصصها اليومي.
أرخت جسدها فتغلغل هواء دمشق قارس البرودة إلى عظامها ، ليل دمشق صار موحشاً ، غريباً ومثقلاً بالانتظار . وقبل أن تستعد للمغادرة توقفت أمامها سيارة عالية ذات محرك دفع رباعي، فتح بابها كدعوة للصعود وهذا مما اعتاده الناس في أرياف العاصمة من الاستعانة بأي سيارة عابرة لتوصلهم إلى مقصدهم بعد تقطع السبل وانتشار الحواجز العسكرية أو ماتبقى منها بفعل الحرب . حرّكتها قوة غامضة فاستجابت للدعوة ؛ ربما هو ميلها للانصياع الذي ولّده عندها عملها في خدمة الآخرين؛ .
نهضت من مكانها ؛ صعدت السيارة التي مالبثت أن انطلقت تنهب الطريق قاطعة الشوراع بنزق و حدّة ،
نظر إليها السائق الشاب في المرآة وابتسم ؛ ثم نظر إليها الرجل الذي يجلس إلى جانبها لمح عقدة ثوبها وقد انحلت وبرز جسدها ندياً ؛ نظر إلى زميليه نظرة خاصة .
انحرفت السيارة في طريق فرعي وزادت سرعتها .
توقفت السيارة أمام باب جانبي صغير لملهى ليلي على أطراف جبل قاسيون .
- تفضلوا.
قال أحد الرجال الثلاثة .
نزلت آخرهم ؛ دخلوا جميعاً حجرة صغيرة مضاءة بأنوار خافتة ؛ انصرف اثنان وبقي الثالث الذي كان يجلس إلى جانبها في السيارة ؛ شعرت برعدة صامتة تجتاحها وعينا الرجل تقتحمانها وتثيران رعباً ممزوجا بنشوة كامنة، منذ وقت طويل لم تتأملها عينا رجل . فكيف بهاتين العينين الوقحتين .قال :
- أنت جميلة جداً ولكنك تحتاجين لبعض الرتوش.
قهقه ثم فتح باباً صغيراً يبدو مثل باب خزانة ثم قال لها :
أولاً حمام ساخن يزيل آثار الشارع عنك ، أمسكها من كتفيها ودفعها إلى داخل الحمام.
بعد أن خرجت ناولها مجموعة من الأغراض ومن بينها ثوب باذخ أسود اللون؛ واقتادها إلى طاولة كبيرة متوارية وراء حاجز تغطيه مرآة طويلة وقد أترعت الطاولة بأنواع من أدوات التزيين ومساحيق التجميل ومستحضرات تراها لأول مرة ولاتعرف كيف ولم تستخدم .
قال لها:
-" جهزي نفسك .
وقفت حائرة فمنذ زمن طويل لم تضع هذه المستحضرات على وجهها ونسيت كيف تفعل ذلك أصلاً .
نضت عنها ثوبها وألقته جانباً وارتدت الثوب الأسود الفاخر ؛ الذي كان يضيق عند خصرها فيبرز جمال قوامها ويكشف كتفيها فيبدو بياضها الناصع . أتمت كل شيء، ثم وقفت تتأمل شكلها الجديد . وشعرت بخفق قلبها لجمال وجهها الذي نسيته منذ زمن.
تسلل إلى سمعها صوته وهو يتحدث على الهاتف
- نعم لكَ عندي هدية هائلة .تحفة فنية . سأثبت لك أنها أجمل بكثير ممن نعرفهن .
أراهنك ....
..نعم وأنا قد قبلت الرهان .

عندما خرجت بدا محتداً وساخراً في الوقت نفسه لكنه لم يتمالك نفسه عندما وقعت عيناه عليها فأطلق صفيراً طويلاً منغماً.
أجلسها على الكرسي ثم قال :
-" سأعود بعد قليل وخرج مسرعاً .
شعرت بوحشة صامتة مريبة ؛ الجدران تطبق على صدرها فيضيق نفسها ؛ ارتعش شيء في قلبها ينبئها بقرب حلول كارثة ما . هاجس يرافقها منذ سنين ويزرع رجفة. حاولت استدرار دموعها لكنها استعصت عليها .خذلتها هي الأخرى كما كل شيء .زوجها الذي قضى ؛ وإخوتها الذين هاجروا .
وكل من حولها ، المشغولين بتدبير قوت يومهم :
- كل حدا غرقان بهمو يا أمي .
تردد صوت أمها في رأسها وهي تبرر لها خيباتها المتتالية وهوان أمرها.
أمها هي الوحيدة التي تحاول لملمة شعثها ومساعدتها على إعالة أولادها الثلاثة . تذكرت أمها وأولادها ، قفزت كالملسوعة تحاول إيجاد وسيلة للاتصال بأحد منهم ؛ بحثت طويلاً لكنها لم تجد . وبعد أن يئست ، عادت للجلوس على كرسيها نفسه تتأمل المكان حولها؛ الغرفة الواسعة والأثاث الفخم المتناثر بفوضى، الصور الفاضحة المعلقة على الجدران وأشياء كثيرة لم تعرف لها استخداماً . اللون الأسود يطغى على الأثاث والأدوات وتضفي الإضاءة الخفية بعدا غامضاً لجو الغرفة المريب .
اعتراها ارتعاش وجل، وتمنت لو تكون الآن في طابور الخبز أو أنها تمارس ضياعها العبثي إذ تخرج كل يوم تجوب المحلات والأسواق بحثاً عن عمل ، يوماً تجد عملا وتكسب بضعة آلاف من الليرات ، ويوماً تعاكسها الظروف و تنغلق بوجهها أبواب الرزق ، فتنفق مما ادخرته من مال شحيح ؛ أو تستدين ممن تعرفهم وممن لاتعرفهم ؛ فتتراكم عليها الديون ؛ وتغرق في دوامتها الأبدية .
و الآن توجد في هذا المكان المترف الذي يبدو كأنه في كوكب بعيد .
بدأت تنساب إلى سمعها صوت موسيقا صاخبة وضحكات وكلمات جريئة .
في أعلى الجدار فوق المرآة لمحت نافذة صغيرة تُسرِّب ضوءاً شرساً؛ عمّق ذلك الضوء وحشتها ، لكنه أغراها بالاقتراب .وضعت كرسياً واعتلته ونظرت من خلال النافذة .
كان المكان صالة واسعة مليئة برجال ونساء يتمايلون ويرقصون والدخان يملأ الأجواء ويعطيها سحراً خلاباً كأنها في حلم ضبابي . نزلت بسرعة وعادت لكرسيها قبل أن يفُتح الباب ويحضر الرجل حاملاً كأسا من الشراب ناولها إياه وقال :- اشربيه بسرعة وهيا بنا نذهب.
شربت الكأس بلا مبالاة، وتذكرت أنها جائعة ، جائعة جداً . لكن حركته السريعة طردت إحساسها المفاجئ بالجوع ؛ فقد تلقف يدها وخرج مسرعاً ؛ اجتاز بها عدة ممرات، ثم وجدت نفسها في تلك الصالة ؛ هالها الكم من الأضواء الساطعة ؛ ارتعد قلبها وشعرت أنها تقف أمام كرة هلامية كبيرة تمد يدها بوجل تلامس ظاهر الكرة فتموج بين يديها ، تسحبها برفق وروية إلى داخلها اللزج فتستحيل الأشياء حولها إلى كتلة مائعة تدغمها معها في فضاء يدور وتتلون ذراته بأضواء جديدة أخاذة مبهرة عنيفة و قاسية .
عندما أفاقت من شرودها كان الجميع قد تحلّق حول طاولة يتوسطها برج من قوالب الكعك الخاص بأعياد الميلاد مزينة بأوراق دولار خضراء اللون .
وكل من في الصالة يرفع يديه ويصفق بينما شاب مفتول العضلات قصير الشعر طويل الذقن يطفئ الشموع وينخرط الجميع في نوبة صخب هائلة يصيحون بصوت واحد: جو نا تلي .. جو نا تلي ....
فيرفع أحد الرجال من زاوية الصالة يديه ويحييهم . فهمت أنه صاحب المكان وأن ما يهتفون به هو اسم المكان نفسه . الموسيقا والأجساد تتابع رقصها ، احساس بطعم مرّ يملأ معدتها الخاوية ويصعد إلى حلقها .
خفتت الأضواء وساد ظلام شفيف بأضواء خفية بعيدة ، ميزت بعض الوجوه التي لم تبد غريبة عنها ، وجوه شهيرة ريانة بحمرة خفيفة على الخدود وأفواه فاغرة تضحك بهناءة ، ولمعت أمامها صور سريعة لوجوه الناس في بلدتها .كالحة ومصفرةٌ ويابسة. فضحكت بدموع تملأ جفنيها ،ولم تستطع إيقاف ضحكها المتعالي ولا دموعها المتناثرة .
أخذ الجميع يلتصقون ببعضهم البعض ؛ يتبادلون الهمسات و القبلات والأحضان ؛ وترتفع كؤوس الشراب عالياً .
شعرت بجسد مرافقها يضغطها بعنف وشفتيه تقتحمان وجهها والدنيا حولها تدور تدور وهي لاتملك أن ترفع يدها لإيقاف دوران كل شيء فأغمضت عينيها وهي تلج الكتلة المائعة التي أتمت ابتلاعها .
عندما فتحت عينيها كانت ملقاة على السرير الذي رأته في الغرفة السوداء نفسها ؛ جسدها عارٍ إلا من بعض قطع ممزقة و مشرع للهواء و يداها مقيدتان وحولها تتناثر ملابس سوداء وأشياء تبدو كأنها أدوات تعذيب ؛ سوط وحبال وأشياء أخرى. نظرت إلى المرآة الضخمة قبالتها ، بقع زرقاء داكنة تتنشر في جسدها وعينها اليمنى متورمة بهالة بنفسجية . لم لاتتذكر شيئا سوى حلم ملوث بالدم و ألم يحطم مفاصلها.
صوت قرقعة الباب أجفلها
دخل الرجلان نفساهما اللذان استقلت معهما السيارة ؛ أحدهما هو رفيقها في الحفل يقول باستياء :
- ذلك المعتوه ، لا أدري إلى متى سيظل متعجرفاً مغروراً . كان حفل عيد ميلاده مثيراً ولكن لا أدري لم لم يكمل سهرته معنا هنا .
أجاب الآخر - لقد فاته حفلنا هنا كانت ليلة تستحق ، من أين لك بهذه الفكرة .
- لابأس لقد ظفرنا نحن بالهدية . خسرنا الرهان لكننا ربحنا غنيمة ستبقى معنا هنا قدر مانشاء نعيد كل يوم حفلنا الصاخب المجنون..
وقهقه الاثنان ؛ حملا بعض الأغراض و خرجا . وسمعت صوت السيارة يبتعد بزمجرة دواليبها العالية.
لم تعرف كم بقيت من الوقت ؛ ولكنها فهمت أنهما ينويان إبقاءها فترة أخرى ؛ ضجّ عقلها و توقف عند أولادها وأمها. لابد أنها الآن تغرق في لهيب البحث عنها .
" كان الألم يخترق كل ذرة فيها ..لكنها تحاملت على نفسها ؛ فكّت قيد يديها وأبعدت عن نفسها بقايا الثياب الممزقة ؛
تمكنت من الوقوف على قدميها جررت أشلاءها خارج السرير بحثت عن ثوبها القديم وارتدته؛ كان تمزقه على حاله ولكنها لم تهتم بعقده ثانية فبقي فاغراً فاه .
انسلّت من الغرفة ؛ ركضت في الزقاق إلى الشارع الواسع
مازال ظلام ماقبل الفجر يهيمن على كل شيء ؛ يبدو داكناً ؛ ثقيلا؛ دبقاً ؛ وهلامياً . وهي غارقة فيه، وخرق ثوبها يكشف جروحاً عديدة على جسدها .
انتصبت وسط الشارع كشجرة هجرتها جذورها ، وأخذت تبتسم لأضواء السيارات المسرعة وهي قادمة نحوها بجنون .

ياسَمِين الْحُمود 01-17-2021 09:53 AM

رد: الفائز بالمركز الأول بمسابقة القصة القصيرة2020
 
تقرير عضو لجنة التحكيم الدكتورة سميرة ضيف الله الزهراني

اللغة عالية ، والسرد متقن، ثيمة الانكسار وأثرياء الحرب وامتهان كرامة الضحايا، لكن الضحية بدت مستسلمة وكأنها مستمتعة بذلك؛ ولعل ذلك راجع إلى إتصافها بالخنوع والانكسار أمام جبروت السادة والمالكين للمال .

تقرير عضو لجنة التحكيم الأستاذ عيدان الكناني
التسلسل القصصي جميل وعنصر الإثارة والتشويق حاضر وعمق التجربة الإنسانية من حزن وجوع ومعاناة وذكريات مؤلمة واللعب في مساحة ساخنة في الذهن واللغة الجميلة المعبرة القصة باختصار تصلح أن تكون مشهداً تمثيلياً بامتياز .

حسام الدين بهي الدين ريشو 01-17-2021 11:21 AM

رد: الفائز بالمركز الأول بمسابقة القصة القصيرة2020
 
ألف مبارك
وبورك الجهد الذي كان خلف المسابقة

ناريمان الشريف 01-17-2021 11:26 AM

رد: الفائز بالمركز الأول بمسابقة القصة القصيرة2020
 
ألف مبارك للقاصة السورية ( عبير عزاوي )
على قصتها ( خبز مُرّ )

حقاً إنه خُبزٌ مرّ بل وأكثر ، فزمن الحرب الذي أفرز مثل هذه الحالة المرّة لحياة غريبة فقدت معظم أهلها ، فبات الحصول على لقمة العيش في زمن الحرب صعباً ومراً و غالي الثمن
مشهد حيك ببراعة لغة وسرداً
هنيئاً لك عبير على هذا الفوز وإلى الأمام
تحية ... ناريمان

ياسر السعيد الششتاوي 01-17-2021 12:34 PM

رد: الفائز بالمركز الأول بمسابقة القصة القصيرة2020
 
القصة أكثر من ألف كلمة وهذا يخالف شرط المسابقة ، والكثير من الهمزات غير مكتوبة ومهملة ، أما الجانب الفني فلنا فيه إطلالة قريباً

ناريمان الشريف 01-17-2021 12:43 PM

رد: الفائز بالمركز الأول بمسابقة القصة القصيرة2020
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسر السعيد الششتاوي (المشاركة 280140)
القصة أكثر من ألف كلمة وهذا يخالف شرط المسابقة ، والكثير من الهمزات غير مكتوبة ومهملة ، أما الجانب الفني فلنا فيه إطلالة قريباً

أؤيد وجهة نظرك
وهذا ما قلته تقريباً في مكان آخر
أشكرك أستاذ ياسر
تحية ... ناريمان

ناريمان الشريف 01-17-2021 02:07 PM

رد: الفائز بالمركز الأول بمسابقة القصة القصيرة2020
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسمين الحمود (المشاركة 280108)
المركز الأول

الاستاذة القاصّة عبير عزّاوي

خُبْزٌ مرّ

قذفها الدور الطويل خارج القفص الحديدي الذي أعدوه لتنظيم
طابورالخبز ، غادرت الطابور مكرهة ، لتبحث عن هاتفها الجوال الذي أحست بأنه سُلَ من جيب ثوبها وأثناء انسلاخها من معمعة الزحام ، تمزق ثوبها بخرق طويل من الخصر الى الذيل ؛ توارت لتواري سوءة الثوب ؛ وتستر فخذيها العاريين . مشت مبتعدة عن الشارع المضاء بأنوار حمراء وفضية دلفت في حارة جانبية لملمت أطراف الثوب وعقدته كيفما اتفق ؛جلست مستندة إلى جدار مبنى منزو عن الشارع ، وأراحت ظهرها من تعب اايوم الطويل فقد جاءت من بلدتها التي توقفت مخابزها إلى أقرب منطقة من العاصمة لتتمكن من الحصول على مخصصها اليومي.
أرخت جسدها فتغلغل هواء دمشق قارس البرودة إلى عظامها ، ليل دمشق صار موحشاً ، غريباً ومثقلاً بالانتظار . وقبل أن تستعد للمغادرة توقفت أمامها سيارة عالية ذات محرك دفع رباعي، فتح بابها كدعوة للصعود وهذا مما اعتاده الناس في أرياف العاصمة من الاستعانة بأي سيارة عابرة لتوصلهم إلى مقصدهم بعد تقطع السبل وانتشار الحواجز العسكرية أو ماتبقى منها بفعل الحرب . حرّكتها قوة غامضة فاستجابت للدعوة ؛ ربما هو ميلها للانصياع الذي ولّده عندها عملها في خدمة الآخرين؛ .
نهضت من مكانها ؛ صعدت السيارة التي مالبثت أن انطلقت تنهب الطريق قاطعة الشوراع بنزق و حدّة ،
نظر إليها السائق الشاب في المرآة وابتسم ؛ ثم نظر إليها الرجل الذي يجلس إلى جانبها لمح عقدة ثوبها وقد انحلت وبرز جسدها ندياً ؛ نظر الى زميليه نظرة خاصة .
انحرفت السيارة في طريق فرعي وزادت سرعتها .
توقفت السيارة أمام باب جانبي صغير لملهى ليلي على أطراف جبل قاسيون .
- تفضلوا.
قال أحد الرجال الثلاثة .
نزلت آخرهم ؛ دخلوا جميعاً حجرة صغيرة مضاءة بأنوار خافتة ؛ انصرف اثنان وبقي الثالث الذي كان يجلس إلى جانبها في السيارة ؛ شعرت برعدة صامتة تجتاحها وعينا الرجل تقتحمانها وتثيران رعباً ممزوجا بنشوة كامنة، منذ وقت طويل لم تتأملها عينا رجل . فكيف بهاتين العينين الوقحتين .قال :
- أنت جميلة جداً ولكنك تحتاجين لبعض الرتوش.
قهقه ثم فتح باباً صغيراً يبدو مثل باب خزانة ثم قال لها :
أولاً حمام ساخن يزيل آثار الشارع عنك ، أمسكها من كتفيها ودفعها إلى داخل الحمام.
بعد أن خرجت ناولها مجموعة من الأغراض ومن بينها ثوب باذخ أسود اللون؛ واقتادها إلى طاولة كبيرة متوارية وراء حاجز تغطيه مرآة طويلة وقد أترعت الطاولة بأنواع من أدوات التزيين ومساحيق التجميل ومستحضرات تراها لأول مرة ولاتعرف كيف ولم تستخدم .
قال لها:
-" جهزي نفسك .
وقفت حائرة فمنذ زمن طويل لم تضع هذه المستحضرات على وجهها ونسيت كيف تفعل ذلك أصلاً .
نضت عنها ثوبها وألقته جانباً وارتدت الثوب الأسود الفاخر ؛ الذي كان يضيق عند خصرها فيبرز جمال قوامها ويكشف كتفيها فيبدو بياضها الناصع . أتمت كل شيء، ثم وقفت تتأمل شكلها الجديد . وشعرت بخفق قلبها لجمال وجهها الذي نسيته منذ زمن.
تسلل إلى سمعها صوته وهو يتحدث على الهاتف
- نعم لكَ عندي هدية هائلة .تحفة فنية . سأثبت لك أنها أجمل بكثير ممن نعرفهن .
أراهنك ....
..نعم وأنا قد قبلت الرهان .

عندما خرجت بدا محتداً وساخراً في الوقت نفسه لكنه لم يتمالك نفسه عندما وقعت عيناه عليها فأطلق صفيراً طويلاً منغماً.
أجلسها على الكرسي ثم قال :
-" سأعود بعد قليل وخرج مسرعاً .
شعرت بوحشة صامتة مريبة ؛ الجدران تطبق على صدرها فيضيق نفسها ؛ ارتعش شيء في قلبها ينبئها بقرب حلول كارثة ما . هاجس يرافقها منذ سنين ويزرع رجفة. حاولت استدرار دموعها لكنها استعصت عليها .خذلتها هي الأخرى كما كل شيء .زوجها الذي قضى ؛ وإخوتها الذي هاجروا .
وكل من حولها ، المشغولين بتدبير قوت يومهم :
- كل حدا غرقان بهمو يا أمي .
تردد صوت أمها في رأسها وهي تبرر لها خيباتها المتتالية وهوان أمرها.
أمها هي الوحيدة التي تحاول لملمة شعثها ومساعدتها على إعالة أولادها الثلاثة . تذكرت أمها واولادها ، قفزت كالملسوعة تحاول إيجاد وسيلة للاتصال بأحد منهم ؛ بحثت طويلاً لكنها لم تجد . وبعد ان يئست ، عادت للجلوس على كرسيها نفسه تتأمل المكان حولها؛ الغرفة الواسعة والأثاث الفخم المتناثر بفوضى، الصور الفاضحة المعلقة على الجدران وأشياء كثيرة لم تعرف لها استخداماً . اللون الأسود يطغى على الأثاث والأدوات وتضفي الإضاءة الخفية بعدا غامضاً لجو الغرفة المريب .
اعتراها ارتعاش وجل، وتمنت لو تكون الآن في طابور الخبز أو أنها تمارس ضياعها العبثي إذ تخرج كل يوم تجوب المحلات والأسواق بحثاً عن عمل ، يوماً تجد عملا وتكسب بضعة آلاف من الليرات ، ويوماً تعاكسها الظروف و تنغلق بوجهها أبواب الرزق ، فتنفق مما ادخرته من مال شحيح ؛ أو تستدين ممن تعرفهم وممن لاتعرفهم ؛ فتتراكم عليها الديون ؛ وتغرق في دوامتها الأبدية .
و الآن توجد في هذا المكان المترف الذي يبدو كأنه في كوكب بعيد .
بدأت تنساب الى سمعها صوت موسيقا صاخبة وضحكات وكلمات جريئة .
في أعلى الجدار فوق المرآة لمحت نافذة صغيرة تُسرِّب ضوءاً شرساً؛ عمّق ذلك الضوء وحشتها ، لكنه أغراها بالاقتراب .وضعت كرسياً واعتلته ونظرت من خلال النافذة .
كان المكان صالة واسعة مليئة برجال ونساء يتمايلون ويرقصون والدخان يملأ الأجواء ويعطيها سحراً خلاباً كأنها في حلم ضبابي . نزلت بسرعة وعادت لكرسيها قبل أن يفُتح الباب ويحضر الرجل حاملاً كأسا من الشراب ناولها إياه وقال :- اشربيه بسرعة وهيا بنا نذهب.
شربت الكأس بلا مبالاة، وتذكرت أنها جائعة ، جائعة جداً . لكن حركته السريعة طردت إحساسها المفاجئ بالجوع ؛ فقد تلقف يدها وخرج مسرعاً ؛ اجتاز بها عدة ممرات، ثم وجدت نفسها في تلك الصالة ؛ هالها الكم من الأضواء الساطعة ؛ ارتعد قلبها وشعرت أنها تقف أمام كرة هلامية كبيرة تمد يدها بوجل تلامس ظاهر الكرة فتموج بين يديها ، تسحبها برفق وروية إلى داخلها اللزج فتستحيل الأشياء حولها إلى كتلة مائعة تدغمها معها في فضاء يدور وتتلون ذراته بأضواء جديدة أخاذة مبهرة عنيفة و قاسية .
عندما أفاقت من شرودها كان الجميع قد تحلّق حول طاولة يتوسطها برج من قوالب الكعك الخاص بأعياد الميلاد مزينة بأوراق دولار خضراء اللون .
وكل من في الصالة يرفع يديه ويصفق بينما شاب مفتول العضلات قصير الشعر طويل الذقن يطفئ الشموع وينخرط الجميع في نوبة صخب هائلة يصيحون بصوت واحد: جو نا تلي .. جو نا تلي ....
فيرفع أحد الرجال من زاوية الصالة يديه ويحييهم . فهمت أنه صاحب المكان وأن ما يهتفون به هو اسم المكان نفسه . الموسيقا والأجساد تتابع رقصها ، احساس بطعم مرّ يملأ معدتها الخاوية ويصعد إلى حلقها .
خفتت الأضواء وساد ظلام شفيف بأضواء خفية بعيدة ، ميزت بعض الوجوه التي لم تبد غريبة عنها ، وجوه شهيرة ريانة بحمرة خفيفة على الخدود وأفواه فاغرة تضحك بهناءة ، ولمعت امامها صور سريعة لوجوه الناس في بلدتها .كالحة ومصفرةٌ ويابسة. فضحكت بدموع تملأ جفنيها ،ولم تستطع ايقاف ضحكها المتعالي ولا دموعها المتناثرة .
أخذ الجميع يلتصقون ببعضهم البعض ؛ يتبادلون الهمسات و القبلات والأحضان ؛ وترتفع كؤوس الشراب عالياً .
شعرت بجسد مرافقها يضغطها بعنف وشفتيه تقتحمان وجهها والدنيا حولها تدور تدور وهي لاتملك أن ترفع يدها لايقاف دوران كل شيء فأغمضت عينيها وهي تلج الكتلة المائعة التي أتمت ابتلاعها .
عندما فتحت عينيها كانت ملقاة على السرير الذي رأته في الغرفة السوداء نفسها ؛ جسدها عارٍ إلا من بعض قطع ممزقة و مشرع للهواء و يداها مقيدتان وحولها تتناثر ملابس سوداء وأشياء تبدو كأنها أدوات تعذيب ؛ سوط وحبال وأشياء أخرى. نظرت إلى المرآة الضخمة قبالتها ، بقع زرقاء داكنة تتنشر في جسدها وعينها اليمنى متورمة بهالة بنفسجية . لم لاتتذكر شيئا سوى حلم ملوث بالدم و ألم يحطم مفاصلها.
صوت قرقعة الباب أجفلها
دخل الرجلان نفساهما اللذان استقلت معهما السيارة ؛ أحدهما هو رفيقها في الحفل يقول باستياء :
- ذلك المعتوه ، لا أدري إلى متى سيظل متعجرفاً مغروراً . كان حفل عيد ميلاده مثيراً ولكن لا أدري لم لم يكمل سهرته معنا هنا .
أجاب الآخر - لقد فاته حفلنا هنا كانت ليلة تستحق ، من أين لك بهذه الفكرة .
- لابأس لقد ظفرنا نحن بالهدية . خسرنا الرهان لكننا ربحنا غنيمة ستبقى معنا هنا قدر مانشاء نعيد كل يوم حفلنا الصاخب المجنون..
وقهقه الاثنان ؛ حملا بعض الأغراض و خرجا . وسمعت صوت السيارة يبتعد بزمجرة دواليبها العالية.
لم تعرف كم بقيت من الوقت ؛ ولكنها فهمت أنهما ينويان ابقاءها فترة أخرى ؛ ضجّ عقلها و توقف عند أولادها وأمها. لابد أنها الآن تغرق في لهيب البحث عنها .
" كان الألم يخترق كل ذرة فيها ..لكنها تحاملت على نفسها ؛ فكّت قيد يديها وأبعدت عن نفسها بقايا الثياب الممزقة ؛
تمكنت من الوقوف على قدميها جررت أشلاءها خارج السرير بحثت عن ثوبها القديم وارتدته؛ كان تمزقه على حاله ولكنها لم تهتم بعقده ثانية فبقي فاغراً فاه .
انسلّت من الغرفة ؛ ركضت في الزقاق إلى الشارع الواسع
مازال ظلام ماقبل الفجر يهيمن على كل شيء ؛ يبدو داكناً ؛ ثقيلا؛ دبقاً ؛ وهلامياً . وهي غارقة فيه، وخرق ثوبها يكشف جروحاً عديدة على جسدها .
انتصبت وسط الشارع كشجرة هجرتها جذورها ، وأخذت تبتسم لأضواء السيارات المسرعة وهي قادمة نحوها بجنون .

وتستر فخذيها العاريين (العاريتين )
تعب اايوم ( اليوم ) الطويل
نظر الى ( إلى ) زميليه نظرة خاصة .
وإخوتها الذي ( الذين ) هاجروا .
تذكرت أمها واولادها ( وأولادها )،
وبعد ان ( أن ) يئست ،
الى ( إلى ) سمعها صوت موسيقا صاخبة وضحكات وكلمات جريئة .
ولمعت امامها ( أمامها ) صور سريعة لوجوه الناس في بلدتها .
ولم تستطع ايقاف( إيقاف ) ضحكها المتعالي ولا دموعها المتناثرة .
ولكنها فهمت أنهما ينويان ابقاءها ( إبقاءها ) فترة أخرى
بعد السلام عليكم

- هذه بعض الأخطاء - أعتبر بعضها طباعية -
- بالإضافة إلى ( تنوين الفتح ) الذي غاب تماماً عن الكثير من الكلمات .
- غياب بعض علامات الترقيم الضرورية كالفواصل .
- غياب ( المسافة ) اللازمة بين بعض الكلمات مثل ( لاتعرف ، طابورالخبز ) وغيرها
- شعرتُ لوهلة أن بعض أحداث القصة مفتعلة وفيها تناقض ، وهناك أمثلة منها :
1- أليس غريباً على امرأة سورية - والبرد قارس - أن ترتدي فستاناً لمجرد تمزقه بدت منها فخذاها ؟!
2- أليس غريباً أن تنظر إلى التورّم البنفسجي في عينها اليمنى وهي ما زالت مستلقية على الفراش ، ثم بعد ذلك تأتي جملة أخرى أنها قامت ونظرت إلى المرآة بصعوبة .؟!
ثم تقول في موضع آخر ( فكّت قيد يديها وأبعدت عن نفسها بقايا الثياب الممزقة ؛ )
أي قيد طري هذا تفكه بهذه البساطة ، كذلك معنى أنها كانت مقيدة ، أنها ممنوعة من المغادرة ، فكيف غادرت بهذه البساطة ،؟!
إضافة إلى أدوات التعذيب التي شاهدتها في الغرفة ، ما الفائدة من ذكرها وهي لم تتعرض لتعذيب كونها كانت مسالمة مستسلمة لم يصدر عنها أي قول أو موقف اعتراض واحد ؟!

3- كان الأجدى بها بعد مرحلة استباحة شرفها ، أن تتحدث وبعمق عن انتهاك شرفها بدلاً من وصف الخسارة المادية التي أحدثتها ليلة مُرّة على جسدها؟!
4- تقول أنها وقفت على كرسي من غرفة النوم التي كانت فيها ونظرت إلى الصالة ، ثم بعد ذلك ، تأتي لتقول أن الرجل أخذ بيدها واجتاز ممرات .. هذا يعني أن المسافة طويلة .. وهنا تناقض واضح ..
5- كونها اعتادت على مساعدة الآخرين - مع أنها لا تعمل - ، فهذا لا يعطي لنفسها الإذن أو تنصاع من غير تفكير لأن تصعد سيارة فيها شباب غرباء ، الأصل ، بمجرد أن لمحت السيارة بعد توقفها أن ترفض عرض إيصالها فوراً ..- هنا بدت وكأنها ابنة ليل لا تعبأ بشرفها . ولكن يمكن غض النظر هنا كون الجوع والحاجة اللتان جعلاها تنسى كل شيء وتنكسر أمام حاجاتها .
6- أليس غريباً أيضاً - عندما رأت مستحضرات التجميل - أن تقول ( وقد أترعت الطاولة بأنواع من أدوات التزيين ومساحيق التجميل ومستحضرات تراها لأول مرة ولاتعرف كيف ولم تستخدم .
وقالت في موضع آخر
( وقفت حائرة فمنذ زمن طويل لم تضع هذه المستحضرات على وجهها ونسيت كيف تفعل ذلك أصلاً .أنها أشياء لا تعرفها - وفي مكان آخر تقول نسيت كيف تستخدمها ؟! )
هذا ما وجدته في القصة ... مع الاحترام لآراء الجميع
أرجو أن تتقبل القاصة ملاحظاتي ..
تحية ... ناريمان

ناريمان الشريف 01-17-2021 03:45 PM

رد: الفائز بالمركز الأول بمسابقة القصة القصيرة2020
 
إضافة أخرى ، بصراحة تردّدت قبل كتابتها ، ولكنني أرى أنه من الواجب الأخلاقي والاجتماعي أن أضيفها ،

وهي أن هذه القصة ، أساءت لشخصية المرأة السورية ، التي أظهرتها بمظهر الضعف والخنوع والاستسلام ، لدرجة السكوت عن الدفاع عن شرفها ، لمجرد حاجتها الماسة لربطة خبز فيها بضعة أرغفة .. والمصيبة أنها لم تأخذ شيئاً ولم تعدْ لأولادها بربطة الخبز بل عادت كما خرجت ، لا تحمل إلّا الخيبة ؟!!
حيث أن القصة حدثت في مجتمع سوري ، ومعلوماتي - وكما يعرف الجميع - أنه من المجتمعات العربية المحافِظة .
هذا من جهة ، الأدب عادة يشتغل على محورين :
الأول : أن يُنقل الواقع كما يجب أن يكون .
والثاني : أن يُنقل الواقع كما هو ، بكل ما فيه من تقزز وألم ولوعة وووو
ليصل بالقارئ إلى مرحلة المقت من الواقع فيعتبر ويأخذ العبرة ويتحقق الهدف
الذي من أجله كُتب النص .
وهنا استخدمت القاصة الطريقة الثانية حيث نقلت الواقع كما هو مع
المبالغة ( الخيالية ) ..
لدرجة الإساءة للمرأة السورية كما أسلفت
كلي احترام ..
وتحية .. ناريمان

صبا حبوش 01-17-2021 04:03 PM

رد: الفائز بالمركز الأول بمسابقة القصة القصيرة2020
 
مبارك الفوز ابنة بلدي ..حبذا في قصصك القادمة أن تجعلي للمرأة السورية مكاناً بين النجوم ، وإن كان الفقر والفوضى هما سيد الموقف

ياسر السعيد الششتاوي 01-17-2021 06:03 PM

رد: الفائز بالمركز الأول بمسابقة القصة القصيرة2020
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناريمان الشريف (المشاركة 280183)
إضافة أخرى ، بصراحة تردّدت قبل كتابتها ، ولكنني أرى أنه من الواجب الأخلاقي والاجتماعي أن أضيفها ،

وهي أن هذه القصة ، أساءت لشخصية المرأة السورية ، التي أظهرتها بمظهر الضعف والخنوع والاستسلام ، لدرجة السكوت عن الدفاع عن شرفها ، لمجرد حاجتها الماسة لربطة خبز فيها بضعة أرغفة .. والمصيبة أنها لم تأخذ شيئاً ولم تعدْ لأولادها بربطة الخبز بل عادت كما خرجت ، لا تحمل إلّا الخيبة ؟!!
حيث أن القصة حدثت في مجتمع سوري ، ومعلوماتي - وكما يعرف الجميع - أنه من المجتمعات العربية المحافِظة .
هذا من جهة ، الأدب عادة يشتغل على محورين :
الأول : أن يُنقل الواقع كما يجب أن يكون .
والثاني : أن يُنقل الواقع كما هو ، بكل ما فيه من تقزز وألم ولوعة وووو
ليصل بالقارئ إلى مرحلة المقت من الواقع فيعتبر ويأخذ العبرة ويتحقق الهدف
الذي من أجله كُتب النص .
وهنا استخدمت القاصة الطريقة الثانية حيث نقلت الواقع كما هو مع
المبالغة ( الخيالية ) ..
لدرجة الإساءة للمرأة السورية كما أسلفت
كلي احترام ..
وتحية .. ناريمان

وأحب أن أضيف تبدو بطلة القصة ساذجة جدا وكأنها لا تعيش في هذا الزمن مع أن الإنسان الذي يجد صعوبة في حياته أو رأى من المآسي الكثير كالشخصية السورية يكون حذرا من الآخرين بدرجة كبيرة


الساعة الآن 12:35 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team