منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   أُغنيةٌ على موقدٍ قديم! (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=11215)

[/tabletext]

[tabletext="width:100%;background-color:coral;"]
[/tabletext]
فوزي الشلبي 05-24-2013 02:16 PM

أُغنيةٌ على موقدٍ قديم!
 
[tabletext="width:70%;background-color:burlywood;border:2px ridge firebrick;"]
أُغنيةٌ على موقدٍ
قديم!
كانت الساعةُ الثانيةُ بعدَ منتصفِ الليلِ عندما دخلتُ الحمّامَ لأسمع أغنيةً بصوتٍ عالٍ تنطلقُ من غرفةِ حارسِ العمارةِ "شحاتة"...تقولُ الأغنيةُ: " إسأل روحك..إسأل ألبك..قبل ما تسألْ إيهْ غيّرني.."، مما أثارني وملأني غيظا...قلتُ في نفسي " والله لأسمعنهُ غدا كلاماً لوذعيا"..أفلا يزعجُ ذلكَ سكانَ العمارةِ في هذا الهزيع؟!...إنها قِحةٌ ليسَ بعدها!".. لعلَّ هذا سيكونُ موجبَ طردِه كحارسٍ للعمارة ، خاصةً وأن قلَّ شاكروهُ وكثُرَ شاكوهُ من أهل العمارة.. التي وكلونيها على متابعةِ على شؤونِها..

كانَ عندي موقدُ غازٍ صغير، كنتُ أستعملهُ وعائلتي إذا روّحنا عن أنفسِنا في رحلاتِنا القصيرة، وذلكَ لغليِ الشايِ أو القهوة التي نحتاجُها. وقدكان هذا الموقدُ على قدمهِ أثيراً عندي ، لمتانةِ معدنهِ رُغمَ ما اخترقَ دهانَهُ الأزرقَ الداكنَ في بقعةٍ من صدأ..
ذاتَ يومٍ حالَ عودتنا من رحلةٍ بُعيد الغروب..تركنا هذا الموقدَ في باحةِ الدارِ.ولمّا عزمنا ذات يومٍ على أن نخرجَ في رحلة ٍ في الأسبوعِ التالي..افتقدنا الموقدَ في الساحةِ فلم نجدْهُ..سألتُ حارسَ العمارةِ عنه..فقال في ثقة: حسبتُ أنه من ضمنِ الأدواتِ التي لاتريدونها..فاحتملتهُ مع كومةِ الزبالةِ التي أحتملها كلَّ يوم إلى حاويةِ الزبالةِ في الخارج..قلتُ ساخراً: هلاّ شاورتني في الأمرِ قبل أن تُزين به حاويةَ الزبالة..فأقسمَ على صدقِ ما يقولْ..إلاّ إنني وبختهُ، وحذرتهُ أن لا يُكررَ فعلتهُ تلك، وإلاّ..!..فكان ذلكَ لهُ الإنذارَ الأخيرَ.

في صباحِ اليومِ التالي من سماعِ الأغنية، طرقَ الحارسُ بابَ البيتِ ليأخذكيس الزِّبالة...فهممت أن أوبخه على فعلتهِ في تشغيلِ الراديو آخرَ اللّيل...إلاّ إنني لم أشأْ أن أجرحَ شعورَ الرجل أمامَ أهل بيتي..لئلا يتطاولُ أحدُهم عليهِ فيما بعد..فقلتُ في نفسي سأفعلُ ذلكَُ فيما بعد!
نزلتُ إلى الكراجِ وحيثُ سيارتي ...فإذا الموسيقى الصاخبةُ من مذياعِ سيارتي تملأ المكانْ!!
ولما التقيتُ ابني أحمدَ في البيتِ فقلت له : كم مرةً قلتُ لك.. يا أحمدُ أن لا تترك زرَّ المذياعِ مفتوحا..لأن ترْكهُ مفتوحاً برغمِ إطفاءِ محركِ السيّارة..يُبقي المذياعَ يعمل لوجودِ خللٍ في كهرباءِ السّيارة!

عندما اشتريتُ الشقةَ في الطابقِ الأرضي ...قال لي أبو عيسى مختارُ الحارةِ " والله يا أبا أحمد إني عاتبٌ عليكَ، وعلى أبي محمود"
قلت مستغرباً: ولمَ يا جارَنا العزيز؟!
قال: لأنكمْ اعترضتمْ على حارسِ عمارتِكم أن لا يساعدَ البَنّاء في إصلاحِ سورِ المسجد!
قلت: أأنا أفعل ذلك؟!!..والله لو كان الأمرُ يتعلق بالمسجدِ لأخذتُ إجازةً من عملي ..وجئتُ للمساعدة!..لكن أبا محمود...أحدَ سكانِ العمارةِ شكاهُ إلي لتقصيرهِ بعمله... فوبختُه!

وكان من مقرراتِ الاجتماعِ السّنوي لسكانِ العمارة...أن لا يغسلَ حارسُ العمارةِ شحاتة السياراتِ البعيدةَ عن نطاقِ العمارة، بعدَ أن تمّ رفعُ راتبه ...وأن لا ينقل مشاكلَ العمارة إلى أي من الجيرانِ ليتدخلَ في حلِّها!
إلا إنني شاهدتُ شحاتةَ يوماً، ينقلُ كيسَ قمامةٍ من أحدِ العماراتِ البعيدةِ إلى حيثُ حاويةِ القمامة...
كما شاهدتهُ يغسلُ سيارةً أمامَ منزلٍ بعيدٍ جداً عن العمارة...
وحدثني أحدُ الساكنينَ في العماراتِ البعيدةِ أن الحارسَ شحاتةَ يشطفُ بيت الدَّرج في عمارتهم ...
هل كانَ صوتُ المذياع يغني آخر الليل هو الذي ظلَّ يُثيرني؟!...

..لما نزلتُ إلى السوقِ لا بتياعِ موقدٍ جديدٍ كموقدي ذاك..لم أجد بين المواقدِ الحديثةِ ما يلبي رغبتي، لاشتدادِ حنيني إلى موقدي القديمِ..فانفتلتُ إلى سوقِ الأدواتِ المستعملة..أقلبُّ النّظرَ من موقعٍ إلى آخر..حتى لمحتُ من بين رُكامِ الأدوات في آخر موقع قلبتُ فيه..موقدَ غازٍ كموقدي..فانجذبتُ إليهِ مقترباً..حملته فعاينتهُ وقلّبتهُ بين يدي..أخذتني الفرحةُ وكأنني حصلتُ على كنزٍ ثمين..بقعةُ الصدأِ الجميلةِ هي بقعةُ الصَّدأ..آه يا موقدي العزيز!..نقدتُ البائعَ ثمنه، عدتُ به غانماً إلى منزلي..وما إن ركنتُ سيارتي في كراجِ العمارة..حتى نزلتُ واحتملتهُ معي..وإذا بحارسِ العمارةِ قبالتي..وزعتُ نظراتي بين الموقدِ وبين الحارس..علتْ طبقةٌ رقيقةٌ من العرقِ جبينَه، ولم ينبس ببنتِ شفةٍ.. إلاّ إنّهُ لا يغسلُ الذَّنبَ ذنبٌ آخرُ، إذا عدا موَّالُ الليلِ إلى ضوءِ النّهار!

صفاء الأحمد 05-25-2013 01:18 AM

الأستاذ الفاضل .. فوزي الشلبي ..

أهلا بك مجددا في منبر القصص ، إن لم أخطئ التقدير فهذه هي مشاركتك الثانية في منبرنا ..

قصتك موفقة هذه المرة أكثر من سابقتها والتي تحمل عنوان ( مواقف على الطريق ) ..
فقد شدت انتباهتي هنا تعلقك بأشيائك رغم قِدمها ..
وكذلك منهجيتك في التعامل مع حارس العمارة شحاته بأن لا توبخه أمام أهل بيتك ، ثم الصفح عنه بمجرد العثور على موقدك القديم ..

هناك أشياء تبعث في النفس السعادة رغم صغرها ،
ففي معظم الأحيان تعلقنا بتفاصيل صغيرة يجعل منا أناس سعداء بقدر أكبر بكثير من ما تبعثه فينا أشياء كبيرة لا يروقنا التعلق بها ..


مودتي . :)

[/tabletext]
فوزي الشلبي 05-30-2013 11:14 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صفاء الشويات (المشاركة 147208)
الأستاذ الفاضل .. فوزي الشلبي ..

أهلا بك مجددا في منبر القصص ، إن لم أخطئ التقدير فهذه هي مشاركتك الثانية في منبرنا ..

قصتك موفقة هذه المرة أكثر من سابقتها والتي تحمل عنوان ( مواقف على الطريق ) ..
فقد شدت انتباهتي هنا تعلقك بأشيائك رغم قِدمها ..
وكذلك منهجيتك في التعامل مع حارس العمارة شحاته بأن لا توبخه أمام أهل بيتك ، ثم الصفح عنه بمجرد العثور على موقدك القديم ..

هناك أشياء تبعث في النفس السعادة رغم صغرها ،
ففي معظم الأحيان تعلقنا بتفاصيل صغيرة يجعل منا أناس سعداء بقدر أكبر بكثير من ما تبعثه فينا أشياء كبيرة لا يروقنا التعلق بها ..


مودتي . :)

[tabletext="width:100%;background-color:burlywood;border:6px inset indigo;"]
العزيزة صفاء:


تحية إكبار وتقدير...بالنسبة للقصة الأولى...وقد رددت مبينا وجهة نظري..

القصة الثانية..هي بعد آخر للعلاقة بين الإنسان وأخيه الإنسان...إذ يحرص الواحد منا على التشبث برأيه السبقي...في الحكم على الأمور في علاقاته...كالمتشبث بموقده القديم..وكلٌّ يغني موّاله على ليلاه!

واقبلي تقديري وودي المتصل!

حنان آدم 06-24-2013 01:19 AM

شكر
 
:)

ما ظننت ُ أني سأضحك ُ في نهاية القصّة ! لكنني فعلت

فكتب الله لك السعادة وشكرا ً لك

سهر سليمان الراشد 06-24-2013 06:42 AM

جواهر يا نقي الحرف
حُروفك هذه شرحت لي صدري و نفثت الفرحة بهِ
لله كم أنت كريم
شكرًا لهذا الزخم الفاخر الذي أثمرت بهِ الأبجدية فخرًا

تحيتي وتقديري لفكرك الرائع

[/tabletext]
فوزي الشلبي 07-10-2013 12:01 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حنان آدم (المشاركة 149317)
:)

ما ظننت ُ أني سأضحك ُ في نهاية القصّة ! لكنني فعلت

فكتب الله لك السعادة وشكرا ً لك

[tabletext="width:100%;background-color:orange;border:6px groove darkred;"]
الغالية حنان:

أشكر لك دعاءك الكريم..وأضحك الله سنَّك دائما، لتظلِّي مشرقة بالسعادة والبهاء!

دعائي وودي المتصل!

[/tabletext]
فوزي الشلبي 07-10-2013 12:15 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سهر سليمان الراشد (المشاركة 149334)
جواهر يا نقي الحرف
حُروفك هذه شرحت لي صدري و نفثت الفرحة بهِ
لله كم أنت كريم
شكرًا لهذا الزخم الفاخر الذي أثمرت بهِ الأبجدية فخرًا

تحيتي وتقديري لفكرك الرائع

[tabletext="width:100%;background-color:skyblue;border:5px inset coral;"]
العزيزة سهر:

تحية تقدير وود كبيرين...أشكر لك تقديرك البهي..ثقة غالية أعتزُّ بها!

دعائي وودي المتصل!

ريما ريماوي 07-10-2013 10:18 PM

جميلة القصة فيها نكهة فكهة، أصدقك صرنا
بحاجة إلى مثل هذه النصوص الترفيهية...

فغلا مرات الحراس يتحكمون بنا لعدم قدرتنا
على الإستغناء عنهم وعن خدماتهم.. ونغفر
لهم اخطاءهم الكثيرة بهدق استمرارهم معنا..

عوفيت الأستاذ فوزي الشلبي.. ودام لك الألق

تحيتي واحترامي وتقديري.

[/tabletext]
فوزي الشلبي 07-27-2013 06:31 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ريما ريماوي (المشاركة 151140)
جميلة القصة فيها نكهة فكهة، أصدقك صرنا
بحاجة إلى مثل هذه النصوص الترفيهية...

فغلا مرات الحراس يتحكمون بنا لعدم قدرتنا
على الإستغناء عنهم وعن خدماتهم.. ونغفر
لهم اخطاءهم الكثيرة بهدق استمرارهم معنا..

عوفيت الأستاذ فوزي الشلبي.. ودام لك الألق

تحيتي واحترامي وتقديري.

[tabletext="width:70%;background-color:skyblue;"]
العزيزة ريما:

أشكر لك مرورك البهي وتقديرك النبيل!

أخوكم:

فوزي الشلبي


الساعة الآن 12:40 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team