منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=9)
-   -   همسة (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=2391)

عبدالحكيم ياسين 11-27-2010 10:03 AM

همسة
 
[url=http://www.0zz0.com]http://www7.0zz0.com/2010/11/27/06/968351362.jpg[/url


الإنسان ..ذلك المخلوق العجيب ..
أعطي الحريّة فأساء استخدامها كثيراً..
وتخلّى عنها أكثر..
منح العقل ليحكم به نفسه ..فوضعه
في خدمتها..وانجرف في سيل غرائزه
ونزواته صوب الحيوانية .. وندم ولكنّه
لم يوظّف الندم لتطوير سلوكه بل استسلم
لسياط ازدراء ذاته وجلدها دون فائدة
وهي القادرة على الإصلاح القابلة للتعلّم..
تلتقيه في النورفتعتقد أنك تراه كما هو ..
و تصادفه في الظلام فلاترى مايكفي ..
وتظلّ رؤيتك له ناقصة ..
و تأمل في ألّا يكون الناس سواء ..و أن يكون بعضهم
نقياً كالماء ..سخياً كغيث يهطل من السماء ..
وليس كذئب غدّار..بأنياب وأظفار..
ولا كبهيمة تغلبها الغرائز وتفتنها اللذائذ ..
وإنّك لتراه في الغالب.. قادراً على
ارتداء الثوب المناسب.. لكلّ احتفال صاخب..
أو مأتم غير منتظر ..ساقته إليه يد القدر..
فإن سرت وحدك ورآك دون حماية..وكان لديك
مايوصله إلى غاية.. رغّبك أو رهّبك دون كلل..
حتى يظفر منك بما يريد أو يقطع الأمل ..
وأسوأ شيء يمكن أن يحتاجه منك هو أن يستخدمك كطعم لاصطياد
الآخرين فأنت تستسلم له وتقول له كلني هنيئاً مريئاً ولكنّه يضحك
ويقول بل أريد أن يأكلك هذا الحيوان الذي أقوم بتسمينه لآكله هو لاأنت..
..ولاتفوز أنت بشيء أكثر من أن تكتشف خيبتك ..ورحمة بالأخيار
وبمن يحبّ أن يكون منهم خاطبت السماء الجميع ورسمت الدرورب التي
تفضي إلى السلامة في العاجل والآجل ..ولكن الإنسان استخدم كل وسيلة
لتحريف خطابها عن مواضعه وتكاسل وتقاعس عن فعل مايجب وأطال
الأمل وقصّر في العمل وانتظر مالم يوعد به ولم يتعظ لابنفسه ولابغيره
وعلى قدر تجاوزاته كانت معاناته إلا في حالات نادرة ينزل فيها البلاء
فوق رأسه تدريباً له وتعليماً وإيقاظاً ..وتذكيراً بأنّ النعمة والنقمة كلاهما
بابان من أبواب تحصيل الثواب ..فإمّا شكر باليد وباللسان وإمّا صبر
من كلّ الألوان فإن أراد الآخرة وسعى لها سعيها جعل الدنيا جسراً
ولم يتخذها مستقراً ..وذلك هو الدرب الوحيد للفوز ..
وكلّ مسماريدقه في أخشاب دنياه لايصمد للصدأ ولاتصمد الأخشاب إن
صمد المسمار ..والمركب الذي يركبه يسير في نهر ينتهي إلى شلال
الموت الهادر الذي سيلقيه حيث يعلم فلا يكابرنّ ولايعاندنّ وليختر لنفسه
المقعد الذي يحبّ .. والدرجة التي يطيق بلوغها .. وليحذر
أن يخدع نفسه بتجاهل مايعلمه منها بالركض خلف مديح يناله من
مخلوق والخالق غير راض ..ولايكونن كأغفل الناس يبيع رضى الخالق
ليشتري رضى المخلوق .. وفي العبودية للخالق عزّ وفوز وفي العبودية
للمخلوق ذلّ وخسارة ..ومهما زعم الزاعمون ومهما ادّعى المدعون
فإنّ العقل هو الدليل لإدراك التفاصيل وتبيّن الملامح
وهو المصباح فإن لم يستخدم سار السائر في ظلام ..
ولايكفي وحده دائماً بل يحتاج معه إلى قلب يسكنه النور لرؤية مايعجز
العقل وحده عن رؤيته رؤية كليّة قد تخلو من التفاصيل
ولكنّها تهتف بوضوح: افعل ..أو لاتفعل ..

مدونة:http://abdyas.maktoobblog.com/

محمد الشهري 11-27-2010 12:06 PM

الأستاذ عبدالحكيم ياسين.
صباح يعطّر لحظاتك..
نصك امتزج بالرؤية التحليلية لما يحمله الإنسان من كوامن الخير والشر
النصُ بهيٌّ من حيث الترابط الجُمَلي وانسيابية المفردة
كما تخلل النص كلمات مسجوعة أضفت عليه بهاء وجمالاً مثل:
غدّار _ أظفار
غرائز _ لذائذ
السماء _ الماء
نص جميل أهنئك عليه ..

أخوك/ محمد الشهري

ابتسام محمد الحسن 11-27-2010 02:58 PM

أستاذ عبدالحكيم ياسين


أرى أن نصك هذا مزيج بين المقامة والمقالة، لكنه مؤكد بعيد كل البعد عن الخاطرة .... اسمح لي بنقله لقسم " النصوص الأدبية و الفلسفية "



تحيتي و تقديري

سحر الناجي 11-30-2010 01:57 AM



عبد الحكيم ياسين ..
الممرات الطويلة سيدي ودهاليز التناقض المبعثرة على ذواتنا هي ما تجعل الإنسان أقرب للطيف ..
رأب الروح بمماطلة البزوغ على وهدة الخلود .. حتى يأكلنا هذا الهوس ..
ولولا سمة العقل التي تترسخ في جماجمنا لربما أصبحنا على مقربة من صريخ التراب ..
وكينونتنا التي ترنو إلى الملائكية قد يسقطها الهوى إلى مستنقعات ابليس ..
تمتمة حملتها إلينا عبر طائر البوح الذي حلق بنا بعيدآ ..
حرف ناصع هو حرفك أخي ..
فكن هنا مليآ ..
تحيتي فاضلي ..

عبدالحكيم ياسين 12-01-2010 01:24 PM

الأستاذ محمد الشهري
قراءة احترافية راقية وكريمة..
أشكر لك إهدائها لنصّي ..
وحرف متقن
يستحق الثناء ..
ذاك الذي أطلّ من سطورك..
زادك الله من فضله ..
وتقبّل تقديري مع هذه الصياغة
الجديدة للنص..
ودمت بكل خير..
----------

بنسائم الحريّة التي تهبّ أطفيء شموعي ..أزيد
حرائقي تأججاً ..وعندما تتكاثف وتملأ كأسي
ألقيه فوق الصخور..وزهور بصيرتي التي تتفتّح..
و براعم حكمتي التي تنمو..أنهشها بأنياب جوعي
السرمديّ لكلّ لذبذ..وأنا وسط قطيع
متراكض في مراعيه لايشبع ولايقنع ..
أسوط ظهري العاري بيدي بعد كلّ عثرة أعثرها ...
وجفني القادر على رؤية أحجار الطريق لا يستيقظ..
خيالات السائرين تنطبع على الرمال المتحركة ..
و أطيافهم تسبح في الضباب تراوغ عدساتي وتعجز فرشاة رسمي..
فتظلّ صورتهم في ذاكرتي وفوق أوراقي ناقصة ومبهمة..
و تبحث عيوني عن بعض مختلف ..
نقي كالماء ..سخي كغيث السماء ..
فلاترى في الغالب.. إلا من ارتدى الثوب المناسب..
لاحتفاله الصاخب..وما إن يلمحني بلا حماية..ويرى فيّ
سلًمه إلى الغاية.. حتّى يشرع في ترغيبي وترهيبي دون كلل..
حتى يظفر بما يريد ..أو يفقد الأمل ..
وأسوأ شيء يحتاجه منّي ذلك البائس..أن يستخدمني كطعم لاصطياد
الفرائس .. فإن قلت له مستسلماً : كلني هنيئاً مريئاً ..ضحك
وقال :بل أريد أن يأكلك هذا الحيوان الذي أقوم بتسمينه ..
..ولا أفوز منه بشيء أكثر من اكتشاف خيبتي ..واجترار حسرتي..
ورغم شعاع النورالساطع من السماء..أغمض كالجميع ..
نصف إغماضة ..وأرى الاشياء تتراقص كسراب ..
وأرفض الإصغاء إلى الصوت الذي
يتردّد في داخلي ويملأ صداه قلبي ..ولاأفعل ..ماكان يجب أن أفعل..
ويكبّلني ذلك ..فلاحريّة ..إلى أن يهتريء القيد وما تحته..
ويتساقطان كأوراق الخريف..في ليلة عاصفة..
ولايفوز غير زارع الورود ..


الساعة الآن 09:48 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team