منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر البوح الهادئ (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=30)
-   -   ذاكرة المكان .. مجدداً (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=11879)

ريم بدر الدين 09-11-2013 07:50 AM

ذاكرة المكان .. مجدداً
 
1 مرفق
ذاكرة المكان .. مجدداً

قبل أن أنال توصيف المغتربة بجدارة لا أحسد عليها .. كنت مواطنة دمشقية تسري في عروقها الشام حتى الثمالة .. استوقفتني كثيرا علاقة الإنسان بالمكان و كثيرا ما دعاني مكان ما للمكوث فيه و الحديث إليه كصديق حميم سهرت معه البارحة ثم استأنفت الحديث في الصباح المقبل و كان هذا يطرأ كثيرا على بالي خصوصا لدى المشي في الطرقات المرصوفة بالتاريخ في دمشق العتيقة.
غير أن حبي للوطن لم ينف عشقي للسفر و تغيير المكان و التعرف إلى بقع أخرى خارج دمشق و خارج سورية أيضا.
و كنت أستغرب كثيرا ممن يتحدثون عن مصاعب الغربة و مشقاتها على النفس الإنسانية و سر الوجد الذي يبكينا حنينا إلى مطارحنا الأولى.
و عندما شاهدت فيلم دكتور زيفاجو الذي اضطر أن ينتقل إلى قريته متخفيا ليرامق من كوخه الصغير بيت طفولته الكبير ثم انتقل إليه خفية مضطرا لتجاهل البؤس الذي حل بالمكان حتى يصل إلى مكانه الآمن. عذبتني جدا علاقته بالمكان و صدمني أن يكون محيطا بهذا الجمال الطبيعي الآسر و الهدوء و السكينة و لكنه يحن إلى مكان آخر و أرض أخرى و كنت في كل لحظة أحيله إلى "والدن "هنري ثورو الذي استقر في الطبيعة و بين أحضانها ،تغذيه ،و تداويه، و تثري جنبات روحه بالأجمل. و أقول لو قدر له أن يعرف أن الوطن ليس رمالا و جبالا و بيوتا، لارتاح كثيرا في مغتربه، فالغربة نصنعها نحن في دواخلنا، و ليس لها كيان مادي حقيقي.
و انتقلت إلى ضفة المغترب .. غادرت وطني الأحب إلى قلبي. و أنا لا أدري بأي وقت سأعود إليه و بالكيفية التي سيكون عليها الأمر .و بدأت أعراض الحنين عندي مباشرة و بدأت أمسك قضبان النافذة أتساءل عن لحظة العتق في خطوة قد تفضي إلى الجنون إذا تفاقمت في داخلي.
و لأنني أعرف أن الحل دوما يكمن فينا و ينبثق من ذواتنا .. بحثت عنه ،ووجدته عند نافذة الصباح:
اتكئ الضوء بمرفقيه إلى إفريز نافذتي و دعاني أن أراقب انبلاجة النور في رحم السماء و اخبرني أنه ثمة ولادة يومية لهذا الضوء لا تؤثر عليها الأمكنة فهي تأتي من مكان خارج عن كل الأمكنة و يشملها و يحيط بها ..
حقا الصباح في قلب الصحراء أو في قلب الشام العامرة أو الشرق الأقصى ، عند البحر ، فوق الجبل أو في واد عميق في القرية أو في المدينة يمكن للشروق أن يسكب ترياق السكينة في حنايا الروح.

ملحوظة الصورة المرفقة بعدستي صباح اليوم 11/9/2013 الرياض

عبدالحكيم مصلح 09-11-2013 09:13 AM

أختي الفاضلة ريم حفظها الله

صباحك هدوء وطمأنينه وأوطان محررة من طغمة الطغاة ، لا بد للفجر أن ينبلج ،

ذاك الحنين الذي وصفتيه بدقه نعاني منه كل صباح ومنذ 64 عاماً في حق يأبى النسيان ،

ودي وألف نسمة مضمخة بدماء الشهداء واهلاً وسهلاً بك في الرياض ،

صفاء الأحمد 09-12-2013 02:47 PM

مساؤك أمل صديقتي ريم ..

شعرت بكل كلمة كُتبت هنا ،
الغربة ليست سفر عن الوطن الأم فقط ، الغربة هي سفر عن كل الأوطان فكل مكان وطن ،
كل قلب طيب وطن ،
كل روح عابرة من فوق سماءات محبتنا وطن ،
كل ذات طيبة وطن ،

قلوبنا وأنفسنا و ذكرياتنا وصورنا .. حتى أحزاننا .. كلّها أوطان ..

دمتِ كما أنتِ .. وطن .

محبتي.

[/tabletext]
فاطمة جلال 09-15-2013 10:47 PM

[tabletext="width:70%;"]

الأديبة ريم بدر الدين



وتبقى ذاكرة المكان تسكن أرواحنا أقلامنا بأشيائها الصغيرة
تحمل عبق الذكريات وأجمل اللحظات
وما اجمل المضي وحرفك عبر سفر من الازمنة

محبتي لك دائما

حسام الدين بهي الدين ريشو 09-19-2013 10:57 PM

انتقلت إلى ضفة المغترب .. غادرت وطني الأحب إلى قلبي. و أنا لا أدري بأي وقت سأعود إليه و بالكيفية التي سيكون عليها الأمر .و بدأت أعراض الحنين عندي مباشرة و بدأت أمسك قضبان النافذة أتساءل عن لحظة العتق في خطوة قد تفضي إلى الجنون إذا تفاقمت في داخلي
-------------------------------------------------------
كم استوقفتنى هذا الفقرة
وهى تحمل أمواج الحنين الى الوطن

أحيانا
نكون بين الاغتراب واللاغتراب
رغم أننا خارج الحدود الجغرافية للوطن

وذلك عندما نكون نحن الذين نحمل الوطن في قلوبنا
كما يحملنا ثراه
ويكون هو الذي يسكننا
كما كنا نسكنه

أستاذتى / ريم
نص أدبي
وطنى
يستحق أن يُدَرس للناشئة
تكريسا لحب الوطن لديهم
تحياتى وتقديري

آية أحمد 09-24-2013 05:11 PM

وأنا أقرأ هذا النص "ذاكرة المكان" لأديبتنا الراقية ريم بدر الدين، وجدت ذاكرتي تميط اللثام عن كتاب الفيلسوف والناقد الفرنسي غاستون باشلار:" شعرية المكان" ، هذا الكتاب القيّم الذي أسدى للنقد خدمة عظيمة بالتفاتته الطيبة لأهمية المكان والارتقاء به من الحدود الجغرافية إلى المعاني والدلالات التي يحتويها هذا العنصر المهم في الحياة وفي الأدب.
وما نص الاستاذة ريم إلا تكريس لهذه المعاني، فهاهو المكان يتأنسن لتكون له ذاكرة، وما هذه الذاكرة إلا صنع النفس البشرية التي تعلقت بهذا المكان فحوّلته من حيّزه الأرضي إلى حيّز قلبي لتبثه الروح بعد ذلك ويصبح جزء لا يتجزأ من هذا الجسد وهذه الروح...
عندما قرأت هذا النص، أحسستني كاتبته وأخال كل من قرأه بإحساس عميق قد مرّ به شعوري ذاته، لأن المكان والانسان كلّ لا يتجزأ، فما بالك إذا كان هذا المكان هو الوطن...

رائع ما سطرت هنا أستاذة ريم...
سلمت يمناك...

محبتي واحترامي...


الساعة الآن 11:13 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team