منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   ضيف على الهوا (قصة قصيرة) (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=26479)

محمد فتحي المقداد 04-17-2020 07:09 PM

ضيف على الهوا (قصة قصيرة)
 
[justify](أدب العزلة في زمن الكورونا)

ضيف على الهوا

قصّة قصيرة

بقلم -الروائي محمد فتحي المقداد

جمح الخيال بي بعيدًا خارج الحدود المعقولة، تواردت أسراب من الأفكار المُتوهّمة، شعورٌ طاغٍ سيطر عليّ ساعات بعد الاتّصال المُفاجئ من مُنسّقة البرامج في محّطة فضائيّة غير مشهورة عندي، لم أسمع بها من قبل؛ على الفور بحثت عن (الرّيموت كنترول)، خلال دقائق وجدتها.. وأثبّتُها على قائمة المفضّلات.
-"حضرتُك الأديب المعروف؟".
-"أنا بذاته. لكن كيف وصلت إلى رقم هاتفي".
-"في الحقيقة الفضل يعود (للفيسبوك)، بطريقة الصّدفة كنتُ أبحث عن مادّة من أجل التّحضير لبرنامجي، عن العُزلة في زمن الوباء، وهموم وقضايا النّاس اليوميّة خلال فترة الحظر، وبمساعدة (العم جوجل), ظهر لي اسمك، واطّلعتُ على كتاباتك في هذا المجال، فتواصلت مع صديق مُشترك بيننا، فكان حلّ مُعضلتي عنده".
-"مرحبًا بك سيّدتي.. على الرّحب والسّعة.. بكلّ سرور أعطيكِ مُوافقتي..!!".
نبراتُ صوتها النديّ ما فارقتني أبدًا، مُخيّلتي راسمةً صورة افتراضيّة فائقة الجمال لوجهها، لتتطابق بذهني لوحةً مُشعّة نورًا، حذاقة أصحاب الإعلام باختيار نوعيّة الوجوه التي تُطلّ علينا على مدار السّاعة، تشاركنا حياتنا الدّاخليّة في البيوت، نشأت بيننا ألفة ننظر برنامج المذيعة الصّبوحة الوجه.
أستعجلُ عقارب السّاعة أن تمضي بوتيرة سرعة مُضاعفة؛ الانتظار حرّقني لأكون أمام الملاك على الهواء مُباشرة عبر السّكايب. تزاحمتني الأفكار.. اختياري للبدلة التي سأظهر بها، طريقة تسريحة شعري (بالجلّ) أو على طبيعتها. أمام المرآة تسمّرتُ لأستبق ملامح وجهي اطمئنانًا، اصطنعتُ أكثر من طريقة لابتسامتي تتناسب مع ظهوري الأوّل على وسيلة إعلاميّة، كنتُ أتمنّاه.. حتّى لو أظهر في (ريبورتاج) في سوق الخُضرة، أو مُمثّل (كومبارس).
-"يا إلهي.. أأنا في حلم أو علم..!! فُرصة جاءتني على طبق من ذَهَب، لن تضيع هذه المرّة كما ضاعت سابقتها قبل سنتيْن حينما انتهى شحن (الموبايل)، ما زلتُ أقضم أصابعي ندمًا كما (الكُسَعِيِّ).
نصف ساعة تفصلنا عن بداية شارة البرنامج، تفقّدتُ لباسي وتلميع وجهي بالكريم الخاصّ استعرته من زوجتي؛ بعدما حلقتُ ذقني هذه المرّة أكثر من مرّة؛ للتأكّد من نعومتها غير العادية. ابني ساعدني في تجهيز (اللّابتوب) على الطّاولة، جاهزيّة كاملة، أعصابي مُتّوتّرة، كيف سيكون ظهوري الأوّل عبر فضائيّة..!!؟.
ظهرت شارة البرنامج مصحوبة بموسيقا هادئة، ظهرت المذيعة الهرمة بوجهها غير المألوف عندي، ابتسامتها تخرجُ بصعوبة مُتزاحمة مع أكوام الأصباغ. قدّمتني على أنّني خبير استراتيجيّ بقضايا وباء الكورونا، لافتة إلى كتاباتي التي ناقشت العديد من قضايا الحظر، والحاثّة على الالتزام بالقرارات الصّادرة من الجهات المُختّصة، من أجل السّلامة والصّحة العامّة.
ختمت كلامها:
-"هذه الشخصيّة المُشرقة نموذج الالتزام، والتعريف بالمخاطر المُحتملة من خرق الحظر، أشكرك ضيفنا الكريم، وسأنتقل للأستاذ المُشارك معنا في الأستوديو".
هطول مطر بلّلني بعد اختفاء صورتي عن الشّاشة، وانصراف المُذيعة إلى ضيفها، استفقتُ على صوت صفّارة سيّارة الدّفاع المدنيّ قبل الشّروق بقليل. أسرعتُ لتبديل ملابسي قبل كلّ شيء.
-"تفاصيل فرحتي لم تكتمل حتّى في الحلم..!!".

عمّان – الأردنّ
17 \ 4 \ 2020



[/justify]

عبد السلام بركات زريق 04-17-2020 07:30 PM

رد: ضيف على الهوا (قصة قصيرة)
 
نعم صديقي
وكأن الفرح أدخلنا في الحجر
قبل زمن الكورونا بعقد
أو ربما بعقود
أحييك

محمد فتحي المقداد 04-17-2020 10:53 PM

رد: ضيف على الهوا (قصة قصيرة)
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد السلام بركات زريق (المشاركة 254189)
نعم صديقي
وكأن الفرح أدخلنا في الحجر
قبل زمن الكورونا بعقد
أو ربما بعقود
أحييك

أستاذ عبدالسلام
أسعد الله أوقاتك بالخير
الوباء وخطره أصابنا بالهلع والخوف
من كل شيء.. فنخرج إلى ساحات
الحلم التي تتسع لحالاتنا جميعا.
تحياتي وتقديري

العنود العلي 04-18-2020 02:52 AM

رد: ضيف على الهوا (قصة قصيرة)
 
لا نتريث أبدا في توقيت الحلم .. نندفع بتهور وكأن شخص آخر يسكننا
في هذه الأثناء لا ننصت البتة لصوت العقل لأن إدراكنا موجه بكل قوة
نحو الشخص المنعكس أمامنا على المرآه , ننظر إليه بإعجاب ونبتسم
موحزي : نعيش في ظل كورونا كأننا نعيش في حلم لا نصحو منه أبدا
شكرا أستاذ محمد .. مع فائق التقدير

محمد فتحي المقداد 04-18-2020 11:37 AM

رد: ضيف على الهوا (قصة قصيرة)
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة العنود العلي (المشاركة 254224)
لا نتريث أبدا في توقيت الحلم .. نندفع بتهور وكأن شخص آخر يسكننا
في هذه الأثناء لا ننصت البتة لصوت العقل لأن إدراكنا موجه بكل قوة
نحو الشخص المنعكس أمامنا على المرآه , ننظر إليه بإعجاب ونبتسم
موحزي : نعيش في ظل كورونا كأننا نعيش في حلم لا نصحو منه أبدا
شكرا أستاذ محمد .. مع فائق التقدير

العنود الأديبة الراقية
يسعد اوقاتك بالخير
الحلم ينبثق نقطة في دواخلنا..
فيتسع ليبصح مساحات واسعة
تفرد ظلها على الكون..
نسبح فيه بلا حدود.. ولا حواجز
تحياتي وتقديري
دمت بخير سيدتي


الساعة الآن 07:20 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team