منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=7)
-   -   أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية. (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=6821)

ايوب صابر 01-13-2012 11:46 PM

والان مع سر الافضلية في رواية :

27- تشريفة آل المر عبد الكريم ناصيف سوريا



نبذة عن رواية .................... تشريفة آل المــــــــــــــــر




رواية اجتماعية تؤرخ لفترة غير قليلة من تاريخ المجتمع العربي السوري، تأريخاً فنياً، زمن الحرب العالمية الأولى، تصور ما جرى من أحداث بين العرب والأتراك.



رواية تصور المنعطف التاريخي في سورية، خلال الحرب العالمية الأولى في العهد الفيصلي، وقدوم الاستعمار الفرنسي، ومقاومته حتى منتصف العشرينيات.


الطريق إلى الشمس - ثلاثية روائية
3- الجوزاء
ترصد الرواية تبلور الوعي الفكري في سورية من خلال تأثير الشخصيات بالأحداث وتأثرها بها، وصولاً إلى الوعي القومي.

ايوب صابر 01-17-2012 04:07 PM

الأديب السـوري عبد الكــــريم ناصيــــــف

ولد في المبعوجة (سلمية) عام 1939.
تلقى تعليمه في حمصوطرطوس وتخرج في جامعة دمشق حاملاً الإجازة في اللغة الانكليزية.
عمل مدرساًوضابطاً وموظفاً ورئيساً لتحرير مجلة المعرفة، عُني بالرواية والترجمة. إضافة إلىالمسرح والدراما التلفزيونية . عضو جمعية القصة والرواية.

*** اعمــــــــــــــــــــــاله :
1- الحلقة المفرغة- رواية 1984.
2- البحث عننجم القطب- رواية 1985.
3- سياسة الأمر الواقع- نظرية وممارسة في الوطنالعربي-دراسة.
4- المد والجزر- الصعود- ثلاثة روائية- 1986.
5- المد والجزر- الانكسار- ثلاثية روائية- 1987.
6- العشق والثورة- رواية- 1989.
7- المخطوفون- رواية 1991.
8- أطفالنا كيف نفهمهم- علم نفس تربوي- ترجمة 1979.
9- الاقتصادالبشري- دراسة- ترجمة 1980.
10- الابداع- علم نفس- ترجمة 1981.
11- التانغو- مسرحية- ترجمة.
12- شعر التجربة- نقد أدبي- ترجمة بالاشتراك مع علي كنعان- 1983.
13- الموسوعة العلمية الميسرة- علوم- ترجمة وتدقيق- بالاشتراك.
14- الغاب- رواية- ترجمة.
15- ابن خلدون- دراسة- ترجمة 1981.
16- أطفال منتصف الليل- رواية- ترجمة.
17- لاشيء خلف الفولاذ- رواية- ترجمة.
18- مختارات من الأدب الياباني- قصة- مسرحية- ترجمة.
19- العار- رواية- ترجمة.
20 - الموت عند مصب النهر- قصة- شعر- ترجمة.
21- سيكولوجيا العدوان- علمنفس- ترجمة.
22- الإنسان ورموزه- علم نفس- ترجمة.
23- عقد من القرارات- دراسةسياسية- ترجمة.
24- علم النفس الاجتماعي- دراسة- ترجمة.
25- 1984- رواية- ترجمة.
26- رجال من ورق- رواية- ترجمة بالاشتراك.
27- التصنيع والعالم النامي- دراسة- ترجمة بالاشتراك.
28- موسم الفوضى- رواية- ترجمة.
29- جنة عدن- رواية- ترجمة.
30- زبيبة تحت الشمس- مسرحية- ترجمة.
31- التغير الاجتماعي- دراسة- تدقيق.
32- باتون- دراسة- تدقيق.
33- الشطرنج وتاريخه عند العرب- دراسة- إعداد بالاشتراك.
34- الطريق إلى الشمس- رواية- دمشق 1992- اتحاد الكتاب العرب.
35- المستشار الأعظم- مسرحية- دمشق اتحاد الكتاب العرب 1994.
36- في البدء كانت الحرية- رواية- دمشق 1995.
37- الحمراء- أثر الحضارة العربية في الأندلس- ترجمة 1996
38- الطريق إلى الشمس- ثلاثية روائية- ج2: شرق - غرب 1997
39- حكايات وخرافات من أرمينية- ترجمة 1998
40- أفراح ليلة القدر- رواية 1998
41- تشريفة آل المر - رواية

ايوب صابر 01-17-2012 04:14 PM

الروائي السوري عبد الكريم ناصيف
للوكالة: السياسة قاتلة للأدب.. والفقر سبب رئيسي للإبداع
الاربعاء, 2012.01.11 (gmt+3)
وكالة أنباء الشعر / سورية / زياد ميمان
أديب متعدد الأبعاد ..شرب من بئر السياسة حتى ارتوى لكنه خدم الأدب كثيرا بهذه الارتواء ..حلم كثيرا لكن أحلامه تحطمت مع هزيمة حزيران فقرر الهروب للأدب لأنه وجد فيه متنفساً لمشاعره وعواطفه ...كتب الشعر وأبدع فيه لكنه انشغل عن نشره ... عاش الرواية بتفاصيلها فخطها أدباً قرأه الناس وتعلقوا به ...ترجم بلغة عربية سليمة فعشق القراء ترجمته وهاهو يكتب لقارئ غربي عله يسمع صوتنا بدون شوائب، كتب الشعر والمسرح والرواية إنه الأديب السوري عبد الكريم ناصيف الذي كان لنا معه هذا الحوار
فضلت ديوان المتنبي على ساعة اليد
-سأبدأ معك سن المراهقة والشباب، وهناك حادثة وقصة للمتنبي مع ساعة اليد خاصتك هلاّ رويتها لنا؟
كان ذلك وأنا في سن الثانية عشرة وحصلت على الشهادة الابتدائية ونلت المرتبة الأولى على سورية بنسبة 99.5 % وأقامت لي المدرسة حفلاً تكريميا ً وألقيت كلمة في ذلك الحفل وهذه النتيجة أسعدت والدي كثيراً وقال لي سأهديك ساعة واذهب أنت واشتريها وأعطاني وقتها مبلغ 50 ليرة سورية، وذهبت إلى مدينة سلمية حيث تبعد قريتي عنها 30 كم وقبل أن اشتري الساعة مررت على المكتبة وشاهدت ديوان المتنبي وسألت عن ثمنه فقال 40 ليرة وفعلاً اشتريت الديوان وعدت للبيت وسألني والدي عن الساعة فقلت اشتريت ديوان المتنبي بدلا عنها ولا زلت احتفظ به إلى الآن، ومن يومها والمتنبي رفيقي فحفظت تقريبا نصف أشعاره وأعتقد أن أشعاره كانت الحافز الأساسي لدي لكتابة الشعر فكتبت الشعر وعمري 14 عاماً وأنا عندما أريد أن أخلو بنفسي تجدني مع المتنبي.
ولكن كان لي ظهور اجتماعي قبل ذلك وهو عندما تعلمنا عند شيخ الكتاب في القرية وأنا في عمر 6 سنوات حفظت قراءة القرآن وكانت ختم القرآن وقرر الشيخ أن يقيم لي حفلة لأن ذلك شيء قياسي أنني في 6 شهور وعمري ست سنوات وختمت القرآن وكانت الحفلة رائعة وألقيت كلمة فيها وكبار القرية إلى الآن يذكرونها.

لا أجد متنفساً سوى الشعر
-عرفك القراء من خلال رواياتك الكثيرة لكن لك تجربة شعرية لا تقل أهمية عن الرواية حدثني عنها..
بدأت بالشعر ولازلت أكتب الشعر إلى الآن ،فأي إنسان بحاجة إلى أن يفرغ الشحنة بلحظة معينة وبلحظة شاعرية معينة فلا يمكن أن يقوم بهذا الدور سوى الشعر ويخضع لتأثير مؤثر ما، فمرة كنت أستمع للإذاعة ويقول المتحدث إن الشعب الليبي مخطوف فهذه الكلمة جعلتني أكتب قصيدة عن هذا الموضوع وفيما بعد رواية، وأيضا يوم وقع انور السادات على كامب ديفيد ووقتها تم الاتفاق على إقامة سفارة لإسرائيل في مصر وعندما رفع العلم الإسرائيلي على السفارة قال المذيع إن أصوات صراخ وبكاء النساء العربيات صدح من الشرفات والمنازل المجاورة لمبنى السفارة ووقتها يوم رأت نساء القاهرة هذا العلم وما قمن به من بكاء وصراخ جعلني أكتب قصيدة وكان هذا مؤثراً كبيراً ودافعا لهذه القصيدة فأنا لا أنتظر أن يأتيني الإلهام لأكتب قصيدة أو رواية، لكن هناك محرك ومؤثر كبير يدفعني للكتابة وهي تعبر عن اللحظة وعن مشاعرك وأفكارك في تلك اللحظة وللشعر مكان هام في حياتي حيث أنني لم أنشر إلى الآن أية قصيدة لي إلا بالصحف والمجلات فأول ما نشرت كان عمري وقتها 17 سنة وكانت عن يافا بفلسطين وكان ذلك بمجلة الجندي والشعر رافقني وفي حياتي وخاصة عندما "أزنق" وأحشر في الزاوية لا أجد لي متنفسا سوى الشعر ولدي تجربة طويلة من الشعر وجمعته الآن وبنيتي أن أنشره.
أحد الشعراء السوريين خذلنا
-لماذا لم تنشره إلى الآن مع العلم أن نتاجك الشعري يضاهي نتاجك الروائي وهذا برأي النقاد؟
نعم النقاد وصفوا قصائدي بالمميزة ومن بعض المفارقات التي حدثت معي، كنا بزيارة للصين وفداً عن اتحاد الكتاب العرب فجلسنا معهم وتناقشنا بهمومنا وقضايانا وكان الحضور تقريباً 100 صيني فقام أحد الشعراء الصينيين وأسمعنا بعض القصائد طبعا ترجموها لنا وكان شعرا جميلا وعندما جاء دورنا كان يرافقنا شاعر وله ما يقارب 12ديواناً وطلبت منه ن يقدم قصيدة باسمنا فقال لي أنا لا أحفظ الشعر عندها دهشت مما قال وسبب لنا إحراجاً مع الإخوة الصينين وخذلنا خذلاناً شديداً حيث لم يكن بين الوفد سواه شاعر ولكنني في تلك الليلة لم أنم أبداً حتى كتبت قصيدة وفي اليوم التالي قلت لهم سنسمعكم قصيدة شعرية بلغتنا ثم ترجموها ونشروها في المجلة وشعرت أننا حفظنا ماء وجهنا بها.
شغلتني السياسة
لنعد إلى سؤالنا .. لماذا لم تنشر الشعر ؟
إن انشغالي بالسياسة جعلني لا أفكر بنشر الشعر وكنت أقول إنه لازال الوقت مبكرا على النشر ووقتها انشغلت بالحزب وتسلمت بعض المناصب فلم أستطع التفرغ لإبداع للشعر والأدب ولكن بعد أن تركت السياسة وقررت التفرغ للأدب كانت الرواية هي التي في ذهني وهذا الكلام في عام 1970 فكنت أحضر مواد حتى تكون أرضية للرواية وفعلا كتبت رواية الحلقة المفرغة وأصبحت جاهزة للطباعة حيث كان منضداً منها 80% ولكن حدثت ظروف معينة وأوقفوا الطباعة وسحبوها من المطبعة وبقيت حتى عام 1984 حتى طبعت
-هذه الرواية كان المؤثر الحقيقي لها هو امرأة فلسطينية، ما قصة هذه المرأة حتى جعلتك تكتب رواية ؟
كنت من خلال عملي على علاقة مع الوافدين العرب إلى سورية وهذه طبيعة عملنا آنذاك، وكانت في سورية امرأة فلسطينية وتحوم حولها بعض الشبهات وأوقفها الأمن وطُلب مني أن أقوم بمحاورتها حيث كانت تقيم بالفندق وكنت أتردد لعندها بشكل دائم حتى نأخذ منها المعلومات المطلوبة وهي كانت على علاقة بكبار المسؤولين. لكنها لم تتجاوب معي ولم تعطني معلومات كافية مستندة على علاقاتها رغم محاولاتهم بمنعي من استجوابها إلا أنني تمسكت بالقضية أكثر لأن الوطن يتطلب ذلك وعندها معلومات أمنية كثيرة ووقتها قلت لمديري إنها غير متجاوبة إما نعتقلها بشكل رسمي ونحقق معها تحقيقاً كاملاً أو نخرجها خارج البلد لأنها تتحفظ على المعلومات بشكل كبير وفعلا قررنا تسفيرها خارج البلد لكن قبل أن تسافر جلست معها وقلت لها أريد منك أن تقولي كل شي عن حياتك وأعدك أن لا يكون ذلك في ملفك طبعا لم تقل لي شيئا إلا بعد أن اطمأنت لي وتأكد سفرها خارج سوريا، وكتبت لي ما يقارب 30 صفحة عن كل شيء في حياتها وعلاقاتها وتعاملاتها وطلبت مني أن يبقى ما كتبت سرا بيننا وأن لاتصل لأي من الذين كانت على علاقة بهم وفعلا أنا احتفظت بهذه الأوراق ولكن عندما تركت السياسة فعلا خطرت لذهني هذه الصفحات وقلت هذه تصلح رواية عن الشعب الفلسطيني وعن الظروف التي مرت عليه، كيف تشتت واغتصبت أرضه وتشرد ثم لخصت الرواية مأساة شعبنا الفلسطيني.
-اعتمدت في روايتك "البحث عن نجم القطب" على وثائق كانت ركيزة أساسية في تلك الرواية، إلى أي مدى تشكل الوثائق مادة مهمة للكاتب ؟
باعتقادي أن الرواية يجب أن تعتمد بشكل دائم على شيء من الواقع، فلا توجد رواية من الخيال المطلق حتى هذا الخيال له أساس في الواقع وأهم ركائز الواقع هي الوثائق فأنا عندما أريد أن أتكلم عن حياة شعب وعن سيرة وطن فلابد لي أن أستند إلى وقائع ووثائق لها مصداقية كاملة والروائي ليس مؤرخاً ليعتمد على الوثائق من أجل التأريخ ولكن الروائي يأخذ هذه الوثائق ويضعها في بوتقة إبداعية وهذه الوثائق تنصهر مع عناصر الرواية وتصبح كلها بروح إبداعية واحدة فأعمالها جميعها تستند على الوثائق ولكنني لا أدع الوثيقة تظهر بل أصهرها مع مكونات الرواية ربما ظهرت الوثائق لدي في رواية الطريق إلى الشمس ووقتها بكلام أحد أبطال الثورة السورية الكبرى فالوثائق لدي تكون ضمن صيرورة الرواية
المخطوفون قفزة نوعية في تجربتي
-لننتقل إلى رواية "المخطوفون" حيث اعتبرها البعض نقلة نوعية في تجربتك الروائية، ما سر هذه الرواية ؟
انا أعتبرها قفزة نوعية في كتاباتي حيث انتقلت بها من الكلاسيكية التي اعتمدتها في رواياتي السابقة واتبعت فيها الإسلوب الااتباعي وأنا مؤمن بأن أدبنا العربي بحاجة إلى ترسيخ المذاهب ولكني في "المخطوفون" أردت أن أقفز خارج المذهب الاتباعي وتوجهت بها للفنتازيا، وهذه الرواية أخذت صدى كبيرا بسبب الفنتازيا وتغيير أسلوب الكتابة لأنه عالم جديدة متخيل تماما ومرمز بعيد عن المباشرة ثم أنها موضوع حساس جدا وهو حالة الشعوب العربية مع حكامها وليس فقط الشعب الفلسطيني مع المحتل الصهيوني وهذه الرواية طبعت ثلاث طبعات حتى أن أحد الناشرين قرأها واتصل بي وقال لي سأعيد طباعة هذه الرواية فحالة التجديد التي فيها جعلت الشعب هو البطل الذي يعاني ما يعاني من ظلم واستبداد
لايمكن لأي كاتب أن يتجرد عن ذاته
لنعد للرواية، نجد أن صوت الراوي في رواياتك يقارب صوت بعض الشخصيات ألا تجد أن هذه حالة فردية عند عبد الكريم ناصيف أم أنها تؤخذ سلبية عليه إظهار صوت الراوي في الروايات على حساب الشخصيات ؟
أنا أعتقد أن المبدع يجب أن يترك الحرية الكاملة لشخصياته دون ظهور المبدع وأنا أنطلق دائما من هذا المنطلق بترك الحياة في ساحة الرواية دون تدخل من الكاتب ولكن لاشك أن لكل قاعدة استثناء فكنت حريصا على الموضوعية ولكن مهما حاولت أن تكون موضوعيا وحياديا لايمكن أن تكون بالمطلق ولذلك تجد صوت الراوي أحياناً يطغى وعندما ألاحظ ذلك أكبته وأعود إلى القواعد وربما شدة تعلقك بالموضوع وشدة انفعالك تجعلك تظهر في الرواية و90 % من أعمالي الروائية تجدني موضوعيا فيها وأؤكد لك أنه لايمكن لأي كاتب أن يتجرد من ذاته مطلقاً
-اختلفت عن غيرك من الروائيين في أنك جعلت المرأة في رواياتك تتمتع بهالة من القدسية ولماذا لم تتناول جسد المرأة من باب الجنس لشد القارئ ؟
ربما انطلاقا من إيماني بأن المرأة هي كما الرجل لها حق بالحياة والمساواة ولمعرفتي أن المرأة في عالمنا مظلومة وليس ظلما شكلانيا وإنما ظلم داخلي وهي ضلع قاصر ونحن من صنع ضعف المرأة بعاداتنا وتقاليدنا وهذا المجتمع الذكوري حول المرأة إلى أمة وبالنهاية فهي أم وأخت وابنة وزوجة وحبيبة فلماذا نحولها إلى عبدة؟ ولرفضي لهذا الشيء وللحزب دور مهم في هذا الأمر حيث كنا مهتمين جدا بدور المرأة في المجتمع ومساواتها في الحقوق مع الرجل
-ولكنك لم تتناول جسدها وحافظت عليه بشكل قدسي..
لكوني أؤمن بأننا علينا أن نرفع من المرأة لا أن نخفضها فتناولت الجوانب المشرقة فيها وتناولتها كمناضلة وكوجه اجتماعي جميل وكطموحة وتعمل من أجل أهداف معينة ففي رواية الطريق إلى الشمس كانت شمس تمثل المرأة عند عبد الكريم ناصيف وهي تكره الظلم وتريد الحرية لها وللآخرين وفي بداية حياتها كانت ترتدي ثياب الفارس وتركب الخيل وتحارب بالسيف وقصتها واقعية ولم أصنعها من خيالي وأردت أن أستفيد من هذه القصة الواقعية وأوظفها خدمة للمرأة وهذه التي جسدت كل الجوانب المشرقة بالمرأة كانت بالنسبة لي شخصية تحقق حلمي بالكلام عن المرأة في رسم صورتها بأنها ليست عبدة بل مؤثرة بشكل مباشر بالمجتمع وهذا النموذج الجميل للمرأة في رواياتي هو الذي أبعدني عن الجوانب السلبية فيها وأردت ذلك لأن الكثيرين تناولوها جنسياً فقط دون الإشارة إلى دورها في المجتمع ولم تعنني المرأة كجسد ولكن ربما مرات قليلة ولكن ليس المقصود الجسد بل لنعطي الموضوع صبغته الحقيقية وهذا أبعدني عن الجانب الجسدي من المرأة وتناولت علاقة الحب مع الرجل فأبقيت على حب قدسي كما في العشق والثورة
ثم أنني اعتبرت أن الجنس علاقة خاصة جدا بين الرجل والمرأة لذلك ابتعدت عنها حتى لا نقصد إغراء القارئ وتشويقه
السياسة قاتلة للأدب
أنت كأديب مسكون بك السياسي كيف استطعت أن تخرج كل ذاك الأدب من داخلك مع العلم أن السياسة تقتل الأدب ؟
صحيح السياسة قاتلة للأدب بكل ما تعنيه الكلمة من معنى لأنها تشغل الإنسان وتشغل فراغه وتغرقه في وحلها ومع أني كنت أكتب الشعر في سن مبكرة وكان من السهل جدا جمع هذا الشعر ونشره لكن السياسة شغلتني عنه حتى لم أستطع أن أفكر بنشره ولكني عندما تركت العمل السياسي كان بوعي مطلق أن أتفرغ للأدب لأنني كنت واصلا لدرجة كبيرة من الشحن السياسي لمدة ست سنوات كانت هي الأغزر نشاطا في حياتي ولكنني قررت ترك السياسة بعد هذا العمل المضني ففي سن السادسة عشرة كنت أمينا للفرقة الحزبية ولدي 200 عضو عامل
وكانت أقصى أحلامي أن تصبح لدي شوارب وتظهر علامات الرجولة في وجهي فالذين أجتمع معهم كلهم رجال، والسياسة أغرقتني حتى سن الثلاثين فكانت لي لقاءات مع شخصيات كبيرة منهم أكرم الحوراني – صلاح بيطار – ميشيل عفلق وتجربتي الطويلة في السياسة هي التي شجعتني لأوظفها في خدمة الأدب وقلت إن هذه التجربة الغنية جدا والتي عشتها في قلب الأحداث لم لا أجسدها في الأدب فأنا لم أبحث عن السلطة لو كانت السلطة مرادي لما تركت السياسة في عز إنتاجي وعملي ولو عملت رواية أو كتابا أو دراسة أفضل لي من أي منصب>

يتبع،،

ايوب صابر 01-17-2012 04:17 PM

تابع ........... الروائي السوري عبد الكريم ناصيف للوكالة: السياسة قاتلة للأدب.. والفقر سبب رئيسي للإبداع
الاربعاء, 2012.01.11 (gmt+3)


هزيمة حزيران هي من أبعدني عن السياسة
يئست من السياسة وكان السبب الرئيسي هو هزيمة حزيران التي حولتنا لشعب مهزوم سياسيا ولا نملك شيئا نستطيع من خلاله أن نطور هذا الوطن وأن نرتقي إلى مستوى الأمم فأحلامنا تحطمت في حزيران فهي قامت لضرب المد الثوري القومي العربي فكانت هذه الحرب لتحطيم أحلام الثوريين والقوميين العرب ولكننا بقينا نقاوم عسى أن نعوض، وهذا ما أبعدني عن السياسة وفضلت أن أقدم تجربتي الأدبية للقارئ وللناس وأقدمها للوطن وفعلا كتبت بمجموع كتاباتي سيرة وطن فكانت كتاباتي منذ بداية القرن العشرين وحتى اليوم ولم أقصد الوطن هو سورية فقط بل أنا قصدت الوطن العربي بشكل كامل فكان همي الوطن
الرواية أكبر بكثير من الدراما

-كتبت الكثير من الأعمال التلفزيونية ولكن لو تحولت إحدى رواياتك لعمل تلفزيوني، كيف تنظر للموضوع؟ هل سيضيف عليها شيئاً أم سينعكس سلبا ؟
الرواية كنص أكبر بكثير من الدراما وعندما تحول إلى عمل درامي فهي تفقد الكثير من روحها لأنه لن يستطيع أي تلفزيون أو أي مسلسل أن ينقل كل ما في الرواية من مشاعر وخفقات وعواطف طبعا ليست هي مسؤولية المخرج أو الممثل وهنا أتكلم عن النص الجيد وليس عن رواية عادية فربما هنا يضفي عليها المخرج ويعطيها أشياء جديدة فتصبح أفضل من النص المكتوب لنعطي مثال الحرب والسلم لتولستوي رأيتها فليلماً ومسلسلاً، لكن أين هذه الأعمال من الرواية الحقيقية التي هي ثابتة وعلاقات متداخلة ومتعمقة بتفاصيل دقيقة بين الشخصيات ومثالنا أيضا الطريق إلى الشمس لا يمكن لأي عمل تلفزيوني أو سينمائي أن يقدمها للقارئ حيث أن التلفزيون يقدم الأشياء الصغيرة ولا يتطرق للأمور الكبيرة فهو يقدم أشياء قصيرة ولا يحمل رسالة كبرى بينما الكتاب هو حامل رسالة ولا يمكن للكتاب أن يموت إلا إذا مات القرآن وهذا مستحيل فالكتاب هو الحامل الرئيسي للرسالة وفيه فكر فأنا لم أكتب عن أمور صغيرة في حياتي حتى أن الكثير من المخرجين طلبوا مني أعمالاً اعتبرتها صغيرة واعتذرت عنها ولكن عندما يأتي ويطلب مني عملا كبيرا مثلا كخالد ابن الوليد كتبت ومن خلاله يمكن أن أقدم رسالة للمشاهد أن الإسلام كان رسالة بحد ذاتها ولا يلتفت للجزئيات الصغيرة ورسالته بالغة الأهمية ووصلت لمختلف أصقاع العالم .

الشركة المنتجة شوهت نص مسلسل خالد ابن الوليد
-ما مدى تاثير سلطة المال والمخرج على النص؟
الدراما التلفزيونية لا تستطيع أن تقدم مافي الكتاب من فكر وقيم ومشاعر وعواطف والسبب أن الكاتب يكتب مفرداً بروحه ولا يشتغل معه أحد ولا يتدخل فيه أحد بينما العمل الدرامي يتدخل فيه عشرات الأشخاص من فني للمنتج والممثل والمخرج وغيره وأنا أعتقد أن عمل الجماعة أقل إبداعا من عمل الفرد وغالبا لا تتفق رؤية الكاتب مع رؤية المخرج ومن تجربتي أتكلم فالمخرج يمارس سلطته على النص لكي يحمل بصمته وأيضا المنتج فمسلسل خالد ابن الوليد كتب 60 حلقة يمكن أن تكون تجسيدا لتاريخ الإسلام في بداياته من بداية الدعوة حتى فتح سورية والعراق وهي المرحلة الأساسية في حياة الإسلام وهذا النص يغطي تلك المرحلة درامياً وفنياً ووثائقياً وكنت راضيا عن النص جدا لكن مع الأسف الشركة المنتجة شوهت النص ولم أستطع أن أمنع هذا التشويه
أوافق بشرط أن لا يشوهوها
-لو طلب منك تحويل رواية المخطوفون لعمل درامي أو سينمائي هل ستوافق ؟
نعم ولم لا لكن بشرط أن لا يشوهوها وأن تقدم للمشاهد بروحها ولكن أعتقد أن هذا صعب فلايمكن لأي مخرج أو منتج أو ممثل أن يشعر بشعور الكاتب عندما يكتب نصه
الأدب هو اللا موضوعية
من باب الموضوعية عند ترجمتك للعديد من الأعمال هل يبقى المترجم حيادياً دون تدخل ؟
الأدب هو اللا موضوعية والأدب هو الذات وهي تدخل بشكل دائم والأديب لولا ذاته الإبداعية الخاصة لا يمكن أن يكتب أدبا والترجمة جزء مهم من الأدب ومن واجبنا الأساسي هو أن ننقل من الآداب العالمية ونسد ثغرات موجودة في أدبنا لزيد مكتبنا العربية فخلال عملي بوزارة الثقافة كنت رئيس تحرير مجلة المعرفة ورئيس لجنة التأليف والترجمة وكانت خطتنا أن ننقل أكبر عدد من الأعمال العالمية المهمة إلى لغتنا العربية لرفد المكتبة العربية بها حتى لا نعتمد على نشاط بيروت الذي كان تجاريا وكنت أنتقي الكتاب الذي سنترجمه لي وللآخرين وأنتقيه انتقاءً خاصاً مثلاً أن يكون حاصلا على جائزة أو موضوعه معمم جدا أو كاتبه مشهور جدا فكانت تأتينا نشرات باللغات الأجنبية عن أهم الإصدارات وكنا ننتقي منها 20 كتابا ونضع خطة سنوية للترجمة ولكن يجب علينا في كل ترجمة أن نقدم بيانا عربيا سليما جدا يجسد لغتنا الفصحى ويمنع عنها الموضوعات العادية وأنا لم أؤمن بالترجمة الحرفية أبدا فمن الكتب الأولى التي ترجمتها " أطفال منتصف الليل "لسلمان رشدي وطبعنا منه 4 آلاف نسخة أتاني أستاذين من الجامعة هما موسى الخوري وغسان المالح من قسم اللغة الإنكليزية الذي تخرجت منه وشكراني على هذه الترجمة لما أضفيته على الرواية من سحر اللغة العربية وهي طبعت مرة ثانية
بعد تقاعدي من اتحاد الكتاب العرب بدأت بمشروعي وهو إعادة كتابة أعمالي العربية باللغة الإنكليزية وهنا نعيد كتابة هذا العمل وهذا يتطلب أن تتجاوز بعض التفاصيل التي لاتهم القارئ الغربي وأن تكون حريصا بأن تراعي هذا القارئ
وأنا حريص جدا أن أقدم نص للقارئ الغربي وكأني كاتب من بيئته نفسها
طموحي أن أصل للعالمية
-يمكن أن نعتبر هذا توجها للعالمية وكم تقدر من الوقت أن يصل عبد الكريم ناصيف للعالمية؟
أحلم وأطمح وطموحي لا يتوقف ومشروعي هو قديم وهو أن أكتب للقارئ الإنكليزي لأنه اللغة الإنكليزية منتشرة في كل العالم وأردت أن أذهب لهذا القارئ بلغته وكان همي الأساسي أن أقدم له قضايا وطني وهمومي بلغته بعيدا عن الإعلام الموجه وهو لا يعرف عني شيئاً ويخضع لإعلام موجه وبما أن القارئ الغربي يقرأ بنهم على العكس منا وما تزال تطبع المؤلفات بملايين النسخ فكتاب العار ترجم للإسبانية وطبع فيها ونحن طبعنا منه 4 آلاف نسخة وكان ذلك قياسياً وأننا حققنا رقماً كبيراً بينما طبع في إسبانيا طبع ثمانية طبعات خلال عام 1984 وكانت كل طبعة مليون نسخة وهذا ما شجعني أن أكتب باللغة الإنكليزية ولدي إمكانية لذلك وباعتباري أكتب الرواية السياسية ولم أفكر بالعائد المادي من خلال عدد النسخ بقدر ما فكرت أن تصل هذه الأعمال للقارئ الغربي وكان هذا المشروع مؤجلاً
-دائما مشاريعك وأحلامك مؤجلة
نعم أتاني عرض وأنا في وزارة الثقافة وكنت وقتها رئيس تحرير مجلة المعرفة والعرض هو أن أستلم رئاسة تحرير مجلة الناقد في بريطانية ووقتها كانت هناك عدة ظروف منعتني من السفر أحدها أن تمسكت بي د.نجاح العطار حيث كانت وزيرة للثقافة وطلبت مني أن أبقى لرفع سوية مجلة المعرفة.
-كيف ترى واقع الرواية في سورية ؟
الرواية جديدة على مجتمعنا حيث ظهرت منتصف القرن العشرين وأول من أخرج رواية للسوريين هو شكيب الجابري عام 1937 ومن الأديبات وداد سكاكيني وسلمى الحفار وهو وجنس أدبي جديد وهذا الجنس الأدبي الجديد طغى على الأجناس الأدبية الأخرى واحتل الصدارة في الساحة الأدبية لأن الشعر تراجع وسبب تراجعه هو الصراع بين الحديث والقديم والنثر والتفعيلة والشعر هو ديوان العرب الأساسي ولكن هذا الصراع بين الكلاسيك والحداثة أخر وجود الشعر ودفع أسلوب القص للأمام حيث أصبح هذا الفن هو الأبرز والرواية بشكل ملحوظ وظهرت أسماء جيدة وهناك تجارب جديدة على صعيد الوطن العربي وعلى صعيد سورية وهناك من قدم أعمالا متقدمة حتى أصبح بعضهم يكتبون كما يكتب الكاتب الغربي ولكن على صعيد الروائيات كان الظهور أبرز وكأن الشعر عند المرأة تراجع وظهر فن القص بشكل جلي ولو وجدنا 5 شاعرات لكان مقابلهن عشرات الروائيات والقاصات لأن الكاتب عموماً والكاتبة خصوصاً تتجه باتجاه فن القص وسجل هذا الفن سبقا على بقية الأجناس.

الفقر والمعاناة يصنعان الإبداع
-ما سر منطقة "السلمية" التي فرزت الكثير من الأسماء كالماغوط وعلي الجندي وعبد الكريم ناصيف وغيرهم؟
السلمية بلد فقيرة والمعاناة هي السبب وهي أصيبت بالجفاف فكانت واحة جميلة لكن من الخمسينات أصبح هناك جفاف ومثال ذلك قريتي المبعوجة ومعنى الكلمة أنها مبعوجة بالماء ففيها مستنقعات وحتى أن البدو يسمونها بالمنبعجة بالماء أما الآن فأنت بحاجة لحفر بئر لسحب الماء وحالة الفقر هذه صنعت معاناة لدى الناس والمعاناة هي التي تخلق الإبداع وأنا أعتقد أنه لا يوجد إبداع بدون معاناة وبلا وجع
والفقر سبب رئيسي للإبداع لكن في سلمية ارتفاع مستوى التعليم وهي من أوائل المناطق في سورية تعليمياً ثم أن الجو العام وقربها من البادية وبساطة الناس وعدم تقوقعها على نوع معين من السكان وهناك مزيج جميل بين أطياف المجتمع.

ايوب صابر 01-17-2012 04:21 PM

- ولد في المبعوجة (سلمية) عام 1939.
- تلقى تعليمه في حمصوطرطوس وتخرج في جامعة دمشق حاملاً الإجازة في اللغة الانكليزية.
- عمل مدرساًوضابطاً وموظفاً ورئيساً لتحرير مجلة المعرفة.
- رب من بئر السياسة حتى ارتوى لكنه خدم الأدب كثيرا بهذه الارتواء
- حلم كثيرا لكن أحلامه تحطمت مع هزيمة حزيران فقرر الهروب للأدب لأنه وجد فيه متنفساً لمشاعره وعواطفه
- تعلم عند شيخ الكتاب في القرية وحفظ القران في 6 شهور وهو في عمر 6 سنوات.
- يقول " أي إنسان بحاجة إلى أن يفرغ الشحنة بلحظة معينة وبلحظة شاعرية معينة فلا يمكن أن يقوم بهذا الدور سوى الشعر ويخضع لتأثير مؤثر ما،فمرة كنت أستمع للإذاعة ويقول المتحدث إن الشعب الليبي مخطوف فهذه الكلمة جعلتني أكتب قصيدة" .
- ويقول"أيضا يوم وقع انور السادات على كامب ديفيد ووقتها تم الاتفاق على إقامة سفارة لإسرائيل في مصر وعندما رفع العلم الإسرائيلي على السفارة قال المذيع إن أصوات صراخ وبكاء النساء العربيات صدح من الشرفات والمنازل المجاورة لمبنى السفارة ووقتها يوم رأت نساء القاهرة هذا العلم وما قمن به من بكاء وصراخ جعلني أكتب قصيدة وكان هذا مؤثراً كبيراً ودافعا لهذه القصيدة فأنا لا أنتظر أن يأتيني الإلهام لأكتب قصيدة أو رواية".
- يقول" هناك محرك ومؤثر كبير يدفعني للكتابة وهي تعبر عن اللحظة وعن مشاعرك وأفكارك في تلك اللحظة.
- يقول ايضا "أول ما نشرت كان عمري وقتها 17 سنة وكانت عن يافا بفلسطين
- ويقول"الشعر رافقني وفي حياتي وخاصة عندما "أزنق" وأحشر في الزاوية لا أجد لي متنفسا سوى الشعر.
-يقول ايضا "السياسة أغرقتني حتى سن الثلاثين فكانت لي لقاءات مع شخصيات كبيرة منهم أكرم الحوراني – صلاح بيطار – ميشيل عفلق وتجربتي الطويلة في السياسة هي التي شجعتني لأوظفها في خدمة الأدب وقلت إن هذه التجربة الغنية جدا والتي عشتها في قلب الأحداث لم لا أجسدها في الأدب .



- ويقول "يئست من السياسة وكان السبب الرئيسي هو هزيمة حزيران التي حولتنا لشعب مهزوم سياسيا ولا نملك شيئا نستطيع من خلاله أن نطور هذا الوطن وأن نرتقي إلى مستوى الأمم فأحلامنا تحطمت في حزيران فهي قامت لضرب المد الثوري القومي العربي فكانت هذه الحرب لتحطيم أحلام الثوريين والقوميين العرب ولكننا بقينا نقاوم عسى أن نعوض".
- ويقول" كتبت بمجموع كتاباتي سيرة وطن فكانت كتاباتي منذ بداية القرن العشرين وحتى اليوم ولم أقصد الوطن هو سورية فقط بل أنا قصدت الوطن العربي بشكل كامل فكان همي الوطن".
- وفي رده لماذا جاء عدد كبير من الادباء الكبار من منطقته "السلمية" فرد قائلا: السلمية بلد فقيرة والمعاناة هي السبب وهي أصيبت بالجفاففكانت واحة جميلة لكن من الخمسينات أصبح هناك جفاف.
- ويقول" حالة الفقر هذه صنعت معاناة لدى الناس والمعاناة هي التي تخلق الإبداع وأنا أعتقد أنه لا يوجد إبداع بدون معاناة وبلا وجع".
- ويقول" الفقر سبب رئيسي للإبداع.
-لكن يرى ايضا بأن القدرة على الابداعي تأتي لاسباب مثل :
- إرتفاع مستوى التعليم كما في منطقته.
- القرب من البادية .
- بساطة الناس.
- عدم التقوقع على نوع معين من السكان ووجود مزيج جميل بين أطياف
المجتمع.
===


لن نزيد على ما اورده الاستاذ ناصيف كمسبب للابداع...فهو يقول
"وحالة الفقر هذه صنعت معاناة لدى الناس والمعاناة هي التي تخلق الإبداع وأنا أعتقد أنه لا يوجد إبداع بدون معاناة وبلا وجع".

اذا سر الابداع لديه الوجع اين كان سببه ..

مأزوم.

ايوب صابر 01-17-2012 11:43 PM

والان مع سر الافضلية في رواية :



28- دار المتعة وليد اخلاصي سوريا

*** نبذة عن رواية ................................ دار المتعــــــــة :

شهرزاد تقاوم سطوةشهريار وتؤجل فعل القتل ليلة بعد ليلة بحكايات تتداخل إحداها في الأخرى، وها هوجواد يقاوم إغراء أسمهان ويؤجل فعل الموت ليلة بعد ليلة بحكايات تنفصل إحداها عنالأخرى.
يستلهم وليد اخلاصي الفكرة من "ألف ليلة وليلة"؛ لكنه يقلب الأدوارويقلب المصائر.
في "ألف ليلة وليلة" يعود شهريار إلى رشده ويتحول – بفضل شهرزادمن قاتل إلى محب، ورغم أنه أزهق أرواح عذراوات بريئات فإنه لم يستحق لأجل ذلكالموت.. بل يُمنح الحب والسماح.
أما في "دار المتعة"؛ فلا حيلة لجواد إلا أنيتبع خيط الضوء المنبعث من شق في ذلك القبو لينجو بجلده، ويترك أسمهان التي امتصتحيوية الرجال تموت بشيخوختها.
لماذا اختلفت المصائر والجريمة واحدة ؟!
هل هيمعجزة الحب، أم تسامح المرأة؟!
أترك الجواب مرة أخرى بيني وبين نفسي كي لايتهمني الرجال بمعاداتهم!
وتبقى تلك العقدة الأبدية: خوف المرأة من سطوة الرجلوتحكّمه بحياتها ومصيرها، وتوجّس الرجل من المرأة كمبعث للفسق والخطيئة وما يتبعهمامن شرور.
تبقى تلك الأسطورة الهندية بحاجة إلى ترجمة في جريدة أدبية قرأتهامؤخراً كي يعرف الرجل "كيف خلق الله المرأة"!
فهل خلقها من طينة أخرى؟.. وإن كانقد فعل؛ فما الضير في ذلك؟!
وهل يبقى الرجال منشغلين بتحليل خصائص المرأة إلىأبد الآبدين؟!
أليس الماء مكوناً من عنصرين مختلفين، ولولا اتحادهما لما كانللحياة أصل؟


دار المتعة

تاريخ الإصدار: 01/01/1991
المؤلف: وليد إخلاصي
الناشر: رياض الريس للكتب و االنشر
عدد الصفحات: 258


نبذة
بلغته السهلة والمتينة، وبأسلوب مبتكر جذاب، يقدم لنا وليد إخلاصي روايته "دار المتعة". من خلال فصولها -بلا سطورها- ينتقل بك من وصف دقيق للمدينة والدار إلى وصف للناس والحكام، فيضعك في الموقع الذي تحدد أنت جغرافيته. كما يدمج التاريخ والماضي بالحاضر والعصر بطريقة انسيابية عجيبة، فتلاحظ استمرار العادات والتقاليد، وينطبق تراث الأمة على فنونها الشعبية التي تمارسها اليوم.. وليؤكد لك أخيراً أن هذا الاستمرار لا يرافقه تطور، وإن التغيرات والتبدلات النفسية والأخلاقية تكاد تكون معدومة، وإن الناس هم هم في كل العصور والأزمنة. رواية "دار المتعة" وعاء صب فيه وليد إخلاصي فكره وفلسفته في الحياة، ولكن هذا الوعاء السحري، حوى أوعية أخرى هي حكايات تتوالى، وفي كل منها حكمة. "دار المتعة".. ليست سبرا لأغوار النفس البشرية فحسب، بل هي تسجيل رمزي لتاريخ حياة أمة، ولكنه تسجيل محبوك في شكل رواية. تهز رأسك أحياناً وأنت تقرأ وصفاً دقيقاً في أحد فصولها، أو تبتسم لإصابة جاءت في الصميم، ولكنك ستلهث في أحيان أخرى بل وسيشدك التشويق إلى الانتقال إلى الفصل التالي مباشرة من دون توقف. لن تغيب عنك المتعة، وأنت تقرأ "دار المتعة".

خلدون فنصة


ايوب صابر 01-17-2012 11:56 PM

في حوار خاص..
الروائي السوري وليد إخلاصي للوكالة: حذري في الكتابة جنبني المنع.. وأعتز بأرستقراطيتي الفكرية
الخميس, 2011.11.24 (GMT+3)



http://i.aksalser.com/news_pics/2011.../518534909.jpgالروائي السوري وليد اخلاصي

وكالة أنباء الشعر / سورية / زياد ميمان
من أعلام الأدب العربي. رسم كلماته على لوحات الزمن فحلقت في سماء المسرح وفضاء الرواية والقصة والحكايات، ولونها بلون الإبداع الذي تميز به، حلب كانت له الوطن ومنها انطلق إلى فضاءات الإبداع العربي لتكون إبداعاته بمختلف ألوانها وأصنافها محط دراسات النقاد، إنه الروائي السوري الكبير وليد إخلاصي الذي التقيناه وكان لنا معه هذا الحوار ...

كانت حلب عندي هي الوطن..


حلب بكل ما فيها تشكل مادة أساسية في أدب وليد إخلاصي، إلى أي مدى تصل بك الذاكرة في استحضار الماضي الحلبي لتنسجه في رواية حلبية ؟

كانت حلب عندي هي الوطن بأبعاده التاريخية والجغرافية ، وهكذا وجدت لنفسي نقطة انطلاق لابد منها لمحبة الوطن وانتقالاً لظواهر فيه لابد منها وقد باتت تلك النقطة هي مركز الدائرة تتحرك فيها ذكريات المكان وكيميائيته والتي ينشط فيها الماضي بحيوية قد تطغى على ما عداها . وبظني أن الذاكرة هي خميرة الأدب .



المسرح في آخر قائمة النشاطات الثقافية..



كتبت للمسرح كثيراً فكيف يرى الكاتب وليد إخلاصي المسرح الآن ؟

لا يمكن لي أن أقول شيئاً عن تراجع المسرح، فهذا يعني أنه كان بحالة أفضل. المسرح في آخر قائمة النشاطات الثقافية، وعلى الرغم من اهتمام وزارة الثقافة به، إلاّ أنه لم يرقَ بعد إلى حضور في الحياة الاجتماعية كما هي المؤسسات الإعلامية أو التعليمية. وإن حضور المسرح الآن ومن قبل لا يشكل علامة، وبؤرة المسرحية لم تصبح بعد ينبوعاً ثقافياً يروي ظمأ محبيه أو هواته .

لغة المسرح تخضع لما هو سائد عند المشاهد

يكتب كتّاب المسرح نصوصهم بالفصحى، ولكنها تقدم بالمحكيّة. ألا ترى أن ذلك إجحافاً بحق العربية الفصحى ؟
من حيث المبدأ، فأنا لم أسمع أو أشاهد مثل هذا الأمر، إلاّ في حالات قليلة. وإن المشكلة لا تتعلق بالمسرح أو بغيره فحسب، ولكنها تتعلق بطرق التفكير المنطقي والعقلاني التي يؤدي فقدانها لإلحاق الضرر بالفصحى أو المحلية، وفي الأحوال كلها فإننا يجب أن نعترف بأن اللغة في الأحوال كلها هي كائن يخضع للتطور المحكومين به، وأن لغة المسرح تخضع لما هو سائد عند المشاهد .

ذلك فرضه بطل الرواية..


قلت عن روايتك " رحلة السفرجل " إنها حكاية ولم تتحقق بها صفات الرواية . لماذا قلت ذلك ؟

الرواية والقصة هما في الأصل حكاية. وإذا قلت إن روايتي تلك هي حكاية، فلأن " معين السفرجل " بطل الرواية قد أصّر أن تكون حكاية تتعلق به، لأن الرواية هي تيار النهر، وحكاية ذاك البطل لم تكن سوى الجدول الذي يصب في النهر. وهكذا التزمت رغبته بأمانة

تجمع في كتاباتك بين الواقع والخيال ، وهما يكملان بعضهما البعض في تشكل رواياتك. فماذا لو غلب أحدهما على الآخر ؟ فهل ستتغير مع ذلك روح الرواية ؟


أعترف بأني كاتب واقعي. فهل كانت "الواقعية " ذات يوم بعيدة عن واقعنا الذي لا خيال فيه أو تخيل ؟

الترجمة إلى لغات أخرى لا تعني سوى القوة ..

عالمية الأديب تقاس بما يترجم له من أعمال فهل أنت مع هذا الكلام ؟ وماذا تعني لك العالمية ؟
لا يمكن أن نضع في الميزان ظاهرة ( العالمية ) بكفة مع أخرى هي ( المحلية )، فالميزان غير عادل لأن المصطلحين قد جاءا من عالم مختلف. العالمية هي الانتشار الأفقي بينما المحلية فهي انتشار رأسي. و في الأحوال كلها فإن آداب شعوب تخضع لقوة السلطة في بلدانها, بينما آداب شعوب أخرى سلطاتها فيها لا تتمتع بتلك القوة أو الهيمنة و السطوة. و الترجمة إلى لغات أخرى لا تعني سوى القوة .

الحداثة تتسلل عبر الأنابيب المستطرقة



هناك رأيان حول الحداثة, أحدهما قال إننا استوردنا حداثتنا من الغرب وآخر قال إن حداثتنا نحن العرب نمت وترعرعت فينا . مع أي الفريقين أنت و كيف ترى حداثة العرب ؟

الحداثة تتسلل عبر الأنابيب المستطرقة إلى معظم ثقافات العالم, و لو بعد حين. إلا أننا مع ذلك نشارك الحداثة الكونية بشيء يخصنا عربياً أو إسلامياً. وبظني أن الحداثة في مجتمعات ما هي التي تتسلل بقوة أكثر مما يحدث لغيرها. لذا يمكن القول بأن الحداثة في أرجاء العالم تتفاوت في مستوى تدفقها أو قوتها, فلا أظن أن ثقافة ما لم تكن لها حداثة أو أنها بذور حداثة .

تعاملت بواقعية مع إنتاجي الأدبي و بحذر فني شديد خفف من وطأة المنع عني .


تاريخ طويل من المؤلفات و الروايات و القصص و المسرحيات, فهل استوفى النقد تجربتك الأدبية ؟ و هل لديك ما هو ممنوع من النشر؟
يعود الإبداع الأدبي العربي إلى الفطرة, بينما يعود النقد إلى طبيعة المؤسسة العقلانية والجمالية. ومن هذه الزاوية يمكن القول بأن التفاوت بين الابداع والنقد قائم منذ القدم. وأعترف بأن الفترة التي كتبت فيها قد سيطرت على معظمها الأيديولوجيا أو التصنيف الفكري, إلا أني مع ذلك فقد تعلمت من عدد من النقاد تناولوا أعمالي وهم قلة. و إشارة إلى ما قد يكون لدي يمنع من النشر, فأقول إنني تعاملت بواقعية مع إنتاجي الأدبي وبحذر فني شديد خفف من وطأة المنع عني .
إلى أي مدى يمكن أن تكون الوثيقة التاريخية مهمة في رواياتك ؟ وهل تعتبرها مصدراً رئيساً لتوثيق العمل ؟


لا أذكر أني اعتمدت الوثيقة التاريخية في أعمالي الأدبية, و إن كنت أحياناً ألجأ إلى وثائق هي من نسج الخيال تخدع القارئ بمنطقها, وقد تخدعني مع مرور الزمن .
يقال إن الزمن الآن هو زمن الرواية وقد ولى زمن الشعر . كيف ترى هذه المقولة ؟
يبدو لي أن الملاحم القديمة في كثير من أرجاء العالم, قد ولدت (القصَ) أو الرواية, وهي التي نهضت بالشعر. فالرواية والشعر جاءا من أصل واحد ليجمع النسب بينهما, و لو أخذا شكلاً معاصراً متبايناً, إلاّ أن ما يجمعهما هو التمثيل المدهش للثقافة البشرية. لذا فأنا لا ستطيع أن أنظر بعين المفاضلة إليهما .

قال بعض النقاد "إن توظيف الجنس في بعض الروايات ربما يشد القارئ اكثر", فهل يمكن أن يؤيد وليد إخلاصي هذا الرأي, و عن ماذا تعبر الحالة الجنسية في رواية ما ؟
الجنس نشاط إنساني, و توظيفه في الأعمال الأدبية سابقاً ولاحقاً هو حق مشروع, و إن كنت أظن توظيف الجنس في أعمال روائية لم يكن بريئاً بل لأغراض ترويجية و مالية, وفي هذا خروج عن أهداف الرواية الجمالية النبيلة .
هناك الكثير من الروايات التي تحولت إلى أعمال تلفزيونية ويبرز فيها اسم المخرج وكاتب السيناريو, ويهمش صاحب الرواية. ألا ترى في ذلك إجحافاً بحق صاحب الرواية ؟
بشكل عام فإن كاتب السيناريو أو المخرج هما المؤلف الثاني للعمل الروائي, إلا أن ذلك لا يسمح بأي حال كي يهمش صاحب الرواية الأصلي وإلا كانت تلك الظاهرة كعملية تشويه أو سرقة لا يسمح الذوق بها.

وهل تحول الرواية إلى عمل تلفزيوني يفقدها جوهرها و بنيتها ؟



يمكن الاعتراف بأن أعمالاً روائية قد فقدت روحها في إخضاعها للتلفزيون, وفي حالات نادرة كان العمل التلفزيوني المعد عن رواية يفوق بالأهمية الرواية ذاتها ويجعلها أكثر شعبية وقبولاً من المشاهد.

وهل شاهدت إحدى رواياتك عبر شاشة التلفزيون ؟ وكيف وجدتها ؟
لم يسبق أن اُخذ لي عمل روائي, بل أُعد عن عمل مسرحي أو قصصي لي للتلفزيون, و ذلك أمر آخر .
هل تكتب لقارئ مباشر أم لناقد داخلي أم إرضاء لرغبة بالكتابة ؟ وكم من الوقت يلزم لولادة رواية جديدة عند وليد إخلاصي ؟
يولد النص بداخلي فجأة ليكون عملاً روائياً أو قصصياً أو مسرحياً, ولا أعلم إن كان هذا العمل استجابة لأي دافع سوى التعبير عن ذاتي والتي هي من الذات العامة المتعددة الأوجه. وبظني أن ما يحدث لي هو استجابة لكيمياء معرفية . وما يتعلق بزمن الولادة الروائية فهو يمتد من سنة إلى سنوات ولكن لا أتوقف عن كتابتها لأكثر من مرة .

أعتز بأرستقراطيتي الفكرية

قالوا عنك إنك تمثل نموذجاً لمثقفي البورجوازية الصغيرة والأرستقراطية، كيف يمكن أن يرد الكاتب وليد إخلاصي على هذه التسميات ؟
أفخر بأمر مبدئي هو ما أردده دوماً " لقد ولدت من رحم أمي فوضع لي القماط، وسأرحل ليلفني بياض الكفن. لم أمتلك شيئاً باستثناء مكتبتي وعواطف الآخرين من محبة وكره والتي دفعت بي كلها إلى التقدم " وبشكل عام أعتز بأرستقراطيتي الفكرية من دون أي انتماء قبلي أو فخرٍ عائلي باستثناء التعلق بالوطن الذي أجده عزاء لي .

سيرة ذاتية
الروائي وليد اخلاصي
ولد في إسكندرونة في عام 1935.
- أنهى تعليمه الثانوي في حلب.
- انتسب إلى كلية الزراعة في مدينة الإسكندرية عام 1954 حيث حصل على شهادة في العلوم الزراعية عام 1958.
- ترأس فرع اتحاد الكتاب العرب في حلب أكثر من مرة.
- عضو منتخب في مجلس اتحاد الكتاب العرب لثلاث دورات متعاقبات.
- ساهم في تأسيس مسرح الشعب والمسرح القومي والنادي السينمائي بحلب.
- عمل في الصحافة الأدبية وخصوصاً في مجلة الموقف الأدبي.
- ألف في القصة والرواية والمسرحية والدراسة والمقال والزاوية الصحفية والشعر.
- تمت ترجمة أدبه إلى لغات عدة منها الإنكليزية والفرنسية والألمانية والهولندية والأرمينية والروسية واليوغسلافية والبولونية.
- عضو جمعية القصة والرواية.
- حصل على جائزة اتحاد الكتاب العرب التقديرية بدمشق 1990.
- حاز على جائزة سلطان بن علي العويس الثقافية في الرواية والمسرحية في دورتها الخامسة عام 1996.
مؤلفاته:
1- قصص - بيروت 1963.
2- العالم من قبل ومن بعد - مسرحية - دمشق 1964.
3- شتاء البحر اليابس- رواية - بيروت 1965.
4- دماء في الصبح الأغبر - قصص- بيروت 1968.
5- أحضان السيدة الجميلة - رواية - - دمشق 1969.
6- زمن الهجرات القصيرة - قصص- دمشق 1970.
7- الطين - قصص- بيروت 1971..
8- الدهشة في العيون القاسية- - قصص- دمشق 1972.
9- التقرير - قصص- عن اتحاد الكتاب العرب- دمشق 1974.
10- أحزان الرماد - رواية - بيروت 1975.
11- الصراط- مسرحية عن اتحاد الكتاب العرب- دمشق 1976.
12- سبعة أصوات خشنة - مسرحيات - عن وزارة الثقافة والإرشاد القومي- دمشق 1979.
13- سهرة ديمقراطية على الخشبة - مسرحيتان - دمشق 1979.
14- موت الحلزون- مسرحية - دمشق 1976.
15- الأعشاب السوداء - قصص- دمشق 1980.
16- هذا النهر المجنون - مسرحية - دمشق 1980.
17- الحنظل الأليف - رواية - دمشق 1980.
18- عن قتل العصافير - مسرحيتان - دمشق 1981.
19- أوديب - مسرحية- ليبيا- 1981.
20- يا..شجر يا.. - قصص- ليبيا- 1981.
21- زهرة الصندل - رواية - دمشق 1981.
22- بيت الخلد - رواية - دمشق 1982.
23- خان الجمر - رواية - دمشق 1985.
24- باب الجمر - رواية - دمشق 1985.
25- المتعة الأخيرة - اعترافات شخصية في الأدب- دار طلاس- دمشق.
26- ملحمة القتل الصغرى- رواية - لندن 1994.

ايوب صابر 01-18-2012 12:05 AM

وليد إخلاصي.. السيرة الذاتية

في الكثير من أعمال وليد إخلاصي القصصية والروائية شيء من ذكرياته الشخصية، وفي كتابه حلب بورتريه بألوان معتقة، بعض من تلك الذكريات المعتقة حقاً، وقد شاءت وزارة الثقافة أن تستأذن وليد إخلاصي ليفك رتاج ذلك الدن القديم فيخرج المزيد.. المزيد من خمرته الممتعة.
عندما اختير وليد إخلاصي ليكون عضواً في مجلس الشعب، قيلت أحاديث كثيرة، ولاكت ألسنة الحسد والضغينة والجهل والتعصب، موضوع اختياره للمجلس. ومن ذلك أنه ينتمي إلى الطائفة الفلانية وأنه لوائي، وتجاهلت الألسن أنه مثقف كبير ووجه حلبي بارز ومعروف باستقلالية تفكيره وعدم انتمائه الحزبي، وأن المعنيين بأمر المجلس يهمهم أن يكون في المجلس أناس لهم احترامهم ولهم حضورهم. وما أعرفه شخصياً أنه أكمل سنواته في المجلس دون أن يحقق أي انسجام، وسرعان ما عاد إلى عالمه الثقافي الأثير لديه متابعاً كتاباته منتقداً عبر الأدب عيوب الواقع بعين موضوعية وقلم جريء. فمن هو وليد إخلاصي؟
تقول السيرة الذاتية التي أصدرتها الهيئة العامة للكتاب متعاونة مع صحيفة (البعث) تحت عنوان (من الإسكندورنة إلى الإسكندرية) مايلي: (وحدث أنَّ رجلاً من حلب يدعى أحمد عون الله إخلاصي عُيّن مديراً لأوقاف الإسكندورنة، فما كان منه إلا أن قاد أسرته المكونة من زوجة وولدين ليقيما معاً في المدينة البحرية بعيداً عن حلب العتيقة. وهكذا وجدت الأسرة الحلبية وطناً جديداً فتح لها ذراعيه بمحبة.
وتحوَّل لواء الإسكندرونة الذي طُعِّم أهله بعدد كبير من أهالي حلب إلى حالة من الترحيب الذي وجد معه المدير الشاب أرضاً تذكره دوماً بحلب التي عاش فيها أجداده منذ مئات السنين، فكأنها الفرصة عنده جعلت من المدينتين التوءم المثالي، فباتت الأيام السابقة وكأنها حاضرة.
ويتابع: (الزوجان ما زالا في قمة الحيوية والشباب، وها هي الأم تحمل في بطنها ثمرة جديدة. وجاء الابن الثالث لأسرة الشيخ الأزهري فتحققت للولدين لعبة يتسلون بها.. كما أن المسمّى وليد الذي أطلّ على الحياة ليلة السابع والعشرين من أيار للعام 1935، بات تسلية العائلة على شاطئ البحر أو في تلال (أنطاكية) و(بيلان) و(العاتق) وبقية المصائف القريبة.
ويتابع وليد إخلاصي في سيرته مؤكداً حلبيته: (ويصطحبني الوالد في رحلة لم يكشف عنها. ومن الجانب الشرقي للقلعة انحدرنا من أول حي باب الأحمر باتجاه باب الحديد الذي ما زال باقياً من بوابات السور القديم. توقفنا قبل خطوات من سوق النجارين. وقال والدي وهو يشير إلى باب مغلق: (انظر إلى ما هو مكتوب)، فتلاقت عيناي بنقش حجري بارز يبرز كلمتين تدلان على اسم الدار وكان (التكية الإخلاصية). كان السؤال من عيني إن كان لنا علاقة بهذا المكان؟ وهنا قال والدي: (إن جدنا منذ أربعة قرون كان يعيش في هذه التكية متصوفاً. وأما الأطباء الذين حدثتك عنهم فهم من أحفاده). ولأن وليداً مهتم في سيرته هذه بوالده أكثر مما يهتم بنفسه لأسباب تتعلق بقضايا فكرية وإنسانية. يتابع القول عن تلك الرحلة: (وكأنما تلك الرحلة القصيرة هدفت إلى دعم قوله في علاقة ما بين دراسة الطب والدفاع عن الإسلام. آنذاك قال لي ونحن نهم بالعودة: (يمكن لك أن تكون في المستقبل صلة الوصل بين العلم الذي يمثله الطب وبين الإيمان الذي يمثله الإسلام)، وأضاف: (لا يمكن لمستقبلنا أن يكون قوياً ومؤثراً في العالم إلا في بناء جسر بين العلم والدين).
تشير السيرة الذاتية المعنية بشخصية وليد إلى المؤثرات التي ساهمت بتلك الشخصية، ولعل للأب الدور الأكبر كما أسلفت في تكوين شخصية وليد بموقفها الموضوعي من العالم والناس ولنتابع هذا الحوار بينه وبين والده في شأن رجل مسيحي صديق لوالده توفي فبكاه أحمد عون الله إخلاصي: (أعلم أن صديقك الراحل كان قريباً منك، وكلنا أدركنا أنه كان أشبه بأخ لك، صحيح أنه مسيحي، إلا أنني سمعت أقوالاً عنه لا أعلم صحتها). وقال والدي: وما الذي سمعته عنه؟ تابعت: (ولا أعلم إن كانت ظالمة أو ملفقة؟).
وباستجماع شجاعتي قلت: (يقولون إن السيد صقال لا يؤمن بالله).
فوجدت والدي يجلسني بقربه، ويقول: (اعترف لي بنفسه مرة، ولم أسمع منه بعد ذلك، أنه لا يؤمن بالله).
فكان صمت لا أجرؤ على اقتحامه، إلا أنني بعد قليل هتفت: (وهذا ما يحيرني في لقاء مؤمن بملحد على الصداقة).
جعل والدي يتحدث بحنان وكأن صديقه ما زال قائماً: (كان واحداً من أشرف الرجال الذين عرفتهم في حياتي. أمين على حقوق الناس، صادق في علاقاته ووعوده، ويحمل الاحترام للناس ولا يفعل شيئاً يضر بأحد بل يسعى إلى المنفعة لغيره).
وقال والدي وهو يستوي في جلسته على الأريكة: (اسمع يا بني، الإيمان أمر يخص علاقة الإنسان بخالقه، ولسنا نحن الذين نملك الحق لنحكم على أحد، الله هو الذي يفعل. الله خلقنا.. الله يحكم علينا).
ولعل موقف الأب من قضايا العلم والعمل والديمقراطية التي مارسها ولم يتفوه بها جعلت وليداً يرفض الانخراط في أي حزب سياسي يميني كان أم يساري.
ففي تجربة له مع جمعية يقودها حزب الإخوان المسلمين، حاول أن يسأل أحد المحاضرين لكن المحاضر الشيخ تمعن فيه وقال: (الأخ الذي يريد أن يسأل جديد علينا أليس كذلك؟) ثم تابع دون أن يتلقى جواباً. (أنت هنا يا أخ لتسمع وتتعلم، ولست في مقام السؤال).
والأمر نفسه يحصل معه حين يلبي دعوة لحضور ندوة للحزب الشيوعي، وكالعادة رغب في توجيه سؤال فجاءه الجواب: (أرحب بك أولاً يا رفيق. وأذكرك أن حضورك معنا هو الأول لك، وهذا يعني أن حقك في المشاركة سيكون بعد زمن تستمع فيه وتتعلم). قال بعد محاولة مني لقول شيء (الدرب ما زال طويلاً أمامك).
وبالطبع لم يذكر وليد ما إذا كانت له تجربة ثالثة مع حزب البعث مثلاً!
لعله يذكر ذلك في القسم الثاني من السيرة. ويبقى أن نشير إلى أن هذه السيرة الذاتية قد كتبت بأسلوب يقترب كثيراً من الأساليب الروائية، فغابت أحياناً بعض الأسماء وتواريخ الحوادث الواردة. لكن العديد من القصص قد أجليت تماماً وتوضحت وخصوصاً حالة الأستاذ البيطار، وحادثة أبو شلباية، ودكانة الإسكافي، وغير ذلك.
وتبقى صورة الواقع السوري في الأربعينيات والخمسينيات واضحة معالمها جيداً، وخصوصاً في نواحيها السياسية والثقافية والاجتماعية.

ايوب صابر 01-18-2012 12:18 AM

وليد إخلاصي
مقدمة

جبلاً ارتفع من عمق هذه الأرض، والجبل في تكونه وارتفاعه، وامتشاقه عنان السماء، يعرف جيداً، ويدرك تماماً رفاقه الجبال، فالجبل لا يتكون في الوديان، ولا في السهول، بل يتكون وسط الجبال، ومن هنا نعرف أنه جبل يسمو بقمته وسط الجبال. هكذا، كان وليد إخلاصي، الذي جمعه مقعد الدراسة ذات يوم مع صباح أبو قوس الذي أصبح اسمه صباح فخري، الأب الروحي للقدود الحلبية، وكذلك، في ثانوية التجهيز كان من المقربين له، والذي لا ينقطع عن التواصل معه، صديقه الذي تعرف إليه في القاعة الكبيرة المخصصة لأغراض متعددة كالرسم، وهو من أصبح فيما بعد الفنان التشكيلي لؤي كيالي، كما كان زكي الأرسوزي أحد أساتذته، وكذلك الشاعر سليمان العيسى، وفي الإنكليزية كان أستاذه فاتح المدرس، كما عاصر أستاذاً كبيراً في حلب حين كان طالباً في الثانوية، وهو صاحب موسوعة حلب، وأغاني القبة، إنه العلامة خير الدين الأسدي.


كان وليد إخلاصي كبيراً منذ أن كان صغيراً، وهذا الصغير الكبير، كان يعرف التحدّي بشراسة دفاعاً عن إبائه وكرامته، وما كان لهذا الصغير الكبير، إلا أن ينتظر يوماً يقول فيه للعالم: «أسمع ضربات قلبي على الورق، والعالَم حسناً أصغى، ومازال يصغي إلى نغماته العميقة التي تنزل كنهر هادر من أعالي الجبال!!».

سيرته الذاتية

ولادته

الده هو الشيخ الأزهري أحمد عون الله إخلاصي وقد عُيِّنَ مديراً لأوقاف إسكندرونة فأخذ أسرته المكونة من زوجة وولدين هما نزار الكبير وعدنان الصغير، وذهب بهم إلى إسكندرونة تاركاً حلب والزوجان مازالا في قمة الحيوية والشباب، وها هي الأم تحمل في بطنها ثمرة جديدة. وجاء الابن الثالث وهو المسمى «وليد» الذي أطل على الحياة ليلة السابع والعشرين من أيار للعام 1935.
الانتقال إلى حمص وولادة أخته هند


كان قرار انتقال الوالد إلى عمله الجديد قد ابتدأ مفعوله في يوم من العام 1937، فاتجهت بهم السيارة إلى مدينة حمص التي سيدير فيها والده أوقاف المدينة.


وما أن مرت سنوات أربع على قدوم وليد إلى الدنيا ليكون الابن الثالث في أولاد الأسرة، حتى كان التوقيت في أن يصبحوا أربعة أخوة، وهكذا كان احتفال الأسرة بقدوم المولود الجديد مع استثناء، فقد كان القادم بنتاً.

كما أن استضافة هذا الكائن ذهب بوقار الأب فكان يحملها بين ذراعيه منادياً «هند..هند» ويدور بها في أرجاء الصالون مكرراً ترحيبه بها وشاكراً الله على تلك النعمة وداعياً الجميع إلى التوجه بالامتنان إلى فضل الله على الجميع. وظل الشيخ في صلواته يتوجه إلى السماء بالامتنان لمنحها أسرته تلك الهدية الغالية.
لقاؤه الأول مع ما يُسمَّى بالموت


لقد ابتدأ الطفل (وليد) يسمع حكايات وإشارات عما يسمى الجنود الفرنسيين وقسوة احتلالهم للأرض السورية التي كان يعتقد أنها تدل على الإسكندرونه وحمص فإذا هي تدل على ما هو أكبر من المدن التي احتضنته.


كان هناك جار لهم في العمارة المجاورة وهو شاب جميل بقامته اللافتة للنظر وبسماحة وجهه، فهو إذا قابل واحداً من أطفال الحي داعبه بمودة ورحب به، وكان يطيل في زيارته لبيت عائلة وليد، فيعلم وليد أنه يتبادل مع والده محبة خاصة، كان اسمه مصطفى السباعي. وذات يوم، تدفق الناس نحو العائلة وهم يحملون جسداً تمزق صدره. والأكف ترفع جسد جارهم (ابن الحسامي)، وقد تدلت ذراعاه، ودخل التكبير والتهليل عمارة الشاب الذي قيل إن رصاص الدمدم قد أودى بحياته. ذلك المشهد كان أول معرفته بأمر اصطلح على تسميته بالموت. وصحح والده الكلمة بأنها الشهادة.


حماة: المحطة الثالثة


كان قدوم العائلة إلى حماة في يوم من الأسابيع الأولى من العام 1940. وكانت دراسته الابتدائية في أول سنة في حماة. وما أن انقضت سنة أو أكثر بقليل حتى أعلن الوالد عن قرار جديد سيعيدهم إلى حلب. وكان الوالد فرحاً لقرار العودة إلى المدينة التي جاؤوا منها. حيث كان قرار نقل وظيفة الوالد قد وصل في الصباح.
مدرسة الحمدانية في حلب


قُبِلَ وليد في مدرسة الحمدانية طالباً في الصف الثاني. وكان اليوم في المدرسة يبتدئ عادة بتحية العلم. وعلى إيقاع الطبل يرتفع العلم السوري على السارية فترتص الصفوف أمامها يتقدمها أستاذ الموسيقى أو المدير بنفسه، ويبدأ التلاميذ يرددون النشيد الوطني «حماة الديار عليكم سلام»، فكان طقس الصباح يشكل جانباً من المحبة للوطن الذي ما زال يقبع تحت سيطرة الاحتلال الفرنسي الذي لا يتوقف عن نشر الجنود في معظم الأحياء وكأنهم شركاء في امتلاك المدينة التي لم تتوقف عن إبداء استيائها في السر والعلن.

ويذكر وليد قائلاً: «وبالرغم من مرور مئات السنين على بناء المدرسة، فقد تشققت جدران فيه ونمت أعشاب بين حواف بلاط الحوش، وسقطت زخارف سقف أو باب، فالمدرسة حافظت على هيبة تغنى بها الأساتذة والزوار. كانت الحمدانية مكاناً يعيش في الوجدان فيسعى إليه التلاميذ كل يوم بمحبة تعادل التعلق بالبيت والأهل. كانت الحياة الجميلة تتوزع بين البيت والمدرسة فلا تحمل العودة إلى المنزل سوى الرغبة في انتظار الذهاب إلى المدرسة».



مظاهر الفقر والضنك في حياة العائلة


لم تتلق والدته أية فرصة في التعليم. لم تكن تقرأ أو تكتب ولكنها حفظت آيات قصاراً من القرآن الكريم تنفعها في أداء صلواتها المنتظمة. وقد شهدت أيام الضيق المادي قدرتها في تدبير أمور أولادها المدرسية. كانت تعد الحبر لاستخدامهم، فكانت تذيب بلوراته في الماء الساخن لحفظ الحبر في زجاجة يملؤون منها محابرهم المصنوعة من التنك، كما أنها كانت تحيل الورق المستخدم للتغليف (ورق الصر) إلى دفاتر تخيطها بالمسلة، فقد كان ثمن الدفاتر في المكتبات يشكل عبئاً ثقيلاً. كما أن الوالدة لم تنقطع عن ترميم الكتب الممزقة فقد كان المتداول عند معظم التلاميذ والطلاب هو التبادل بين السابقين واللاحقين في السنة الدراسية.

أثناء سنوات الحرب العالمية الثانية كان الاحتلال الفرنسي يسيطر على المحاصيل الزراعية كالقمح والشعير، ووضع نظام القسائم التي توزع على الناس المحصول وفق حصص شهرية من الطحين.
ولما كانت نسبة الشعير هي الغالبة في الطحين، كان الرغيف أكثر صلابة، وخصوصاً أن كل عائلة كانت تخبز الرغيف على نفقتها الخاصة، وهكذا اضطر الوالد بالاتفاق مع الوالدة إلى طحن البطاطا المسلوقة لتعدّل من قوام العجين، فساهمت في إظهار الرغيف بليونة أفضل.

كما أنهم أمضوا زمناً من حياتهم دون توفر مدفأة في البيت تردّ عنهم برد الشتاء، وكان المنقل هو الوسيلة الوحيدة لإرسال الدفء بجمراته التي تظل لامعة إلى فترة من الليل ليخمد بريقها بعد ذلك.
وفي اجتماع عائلي عقب العشاء، أعلن الوالد عن حصوله على مدفأة قديمة، وكانت المدافئ تعمل آنذاك بالحطب. وكان لدخول واحدة إلى البيت فعل السحر، فكانوا يمسحون عليها بأيديهم غير مصدقين.

وفي حلب ارتفعت وتيرة الأزمات الاقتصادية يشارك في تأجيجها الاحتلال والحرب. فكانت السجادتان اللتان استطاع الوالد شراءهما أثناء إقامته في إسكندرونة، والسماور المصنوع من الفضة والذي كانت نيرانه تحافظ على صلاحية الشاي للشرب، شيئين ثمينين شكلا - أي السماور والسجادتان العجميتان - إحدى الحلول التي لجأ إليها الوالد لمواجهة الضيق والعسر.
دار الكتب الوطنية


شُيِّدَت دار الكتب الوطنية منذ سنوات، وكان موقعها في ساحة باب الفرج يواجه برج الساعة التي أقيمت أيام الحكم العثماني، فتحولا إلى علامة للساحة التي اختفى منها باب الفرج المندثر مع معظم أبواب السور الذي دافع عن المدينة لقرون عديدة. وكانت إدارة الاستخبارات الفرنسية قد وضعت يدها على الدار الأشبه بقصر أمير، فقامت البلدية باستئجار مبنى قديم على حدود مقبرة العبارة لتكون بديلاً لدار الكتب الوطنية.

وكان وليد يتردد على المكتبة تلك بين حين وآخر فيقرأ كتب الأطفال فيها، ويبدو أن مكتبة والده الصغيرة هي التي حفزته على القراءة لإعجابه بها وبتاريخه الذي كشفت عنه أعداد من مجلة «الاعتصام» كان رئيساً لتحريرها قبل أن يولد وليد. وقد توقفت تلك المجلة عن الصدور بأمر من الحاكم الفرنسي في أوائل الثلاثينات. وبات حلم وليد المبكر في أن يتمثل حياة الوالد، وهكذا أصبحت القراءة واحدة من الهوايات كاللعب بالكلال (الدحل الزجاجية) والجري وراء كرة القدم ومشاهدة الأفلام السينمائية.
أول عمل قام به


لم يكن المصروف الشهري الذي يحصل عليه من والده يكفي لشراء كتاب أو تسديد أجر له، وكذلك الحصول على تذكرة لدخول دار السينما. فقرر أن يعمل، وجاءت العطلة الصيفية لتكون الفرصة الأولى في كسب المال.

وقد قبِلَ قريب لجدته يصنع السكاكر بعد التوصية أن يعمل عنده. وكان المعمل في حوش داره التي تشكل دكان البيع واحداً من مداخله. سمح له عمره بمشاركة مجموعة النسوة ليعمل معهن في لف قطع السكاكر بالورق الملون، فكانت أجرة الكيلوغرام الذي ينجزه تدفع له مباشرة. ولا ينكر أنه كان بين فترة وأخرى يمعن النظر لثوان في الصبايا اللواتي لم يعرن اهتماماً لصبي مثله أو يخشين من نظرة تصدر عنه فيتصرفن في الجلوس بحرية أمامه، فالصبي كما يرددن أحياناً هو «ابن ناس».
ولم تدم له أيام العمل اليدوي طويلاً، فقد اختاره سيد العمل (سعيد) كي يستلم الصندوق في الدكان، وليكون المسؤول الوحيد في معظم الأوقات عن البيع بمفرده وإجراء تسجيل الدخول بدقة. وسيروقه ذلك العمل فيشعر بالفخر وقد بلغه قول المعلم يشيد بأمانته وحرصه على التعامل الجيد مع الزبائن.
عمله الثاني


لم يكد يترك عمله الأول، حتى استيقظت عنده لذة العمل المأجور. وبدأ يفكر في طريقة يحصل فيها على المال، وهكذا وجد نفسه يغامر بالتوجه إلى مخزن كبير للأدوات المنزلية يعاين محتوياته التي تزيغ البصر. مكث فترة يتنقل من ركن إلى ركن يقلّب النظر في الصحون والكؤوس والطناجر ومئات المواد الأخرى، فما كان من رجل ملتحٍ شد وسطه شال عجمي إلا أن توجه إليه، ودلت هيبته وهو يسأل عن طلبه على أنه صاحب المخزن.

أعلن وليد فجأة ودون تفكير عن رغبته في بيع أدوات منزلية على البسطة التي كانت شائعة في الشارع المجاور لسور الجامع الكبير. تفحصه الرجل بنظراته وما لبث أن مال بقامته عليه وهو يسأل عن المبلغ الذي يمتلكه ثمناً للبضاعة، فما كان من وليد إلا أن صرح بقدرته على الدفع بعد البيع، فاتسعت عيناه دهشة وكأنه يقول «وهل الأمر بهذه البساطة؟»، إلا أنه هتف بشيء من الاستياء «وهل تعتقد أن الأمور في السوق تمشي هكذا»، لاذ وليد بالصمت لعلمه بأن طلبه لم يكن منطقياً فدار على نفسه طلباً للمغادرة، فما كان من الرجل إلا أن استوقفه ليسأل عن اسمه وابن من يكون.

فقال بصوت منكسر أنه ابن الشيخ عون الله إخلاصي، ثم أضاف باعتزاز إلى أنه الأصغر بين أبنائه، فتغيرت ملامح الرجل وهو يقول «إذن فأنت ابن رجل نحبه ونجلّه». وأشار إلى عامل عنده أن يأخذ بيده ليختار ما يشاء من بضاعة دون ثمن مسبق، وقال له «تستطيع أن تسدد الذمة لتعود وتأخذ من جديد ما تريد».
خان الشربجي


كان بيت العائلة في منتصف المسافة بين دار الكتب الوطنية وخان الشربجي القائم في منطقة باب أنطاكية. وقد حول الفرنسيون ذلك الخان إلى معتقل يُحتجز فيه المعارضون للاحتلال والمنادون بالاستقلال بدءاً بالسياسيين المعروفين وانتهاء برجال من الأحزاب أو من أهالي الأحياء القديمة.

وكانت التظاهرات تمر عادة من ذلك الشارع الطويل وهي تتجه إلى مبنى المحافظ المشيد أمام القلعة، فكان مرور التظاهرة من مسافة قريبة من الأمور التي اعتاد على مشاهدتها عبر النوافذ، فإذا ما ابتدأ إطلاق النار تتوارى العائلة في الداخل خوفاً من رصاصة طائشة. وبات من المألوف أن يتقدم التظاهرة عادة رجل شعبي يخب بشرواله كزعيم وهو يحمل العلم السوري ملوحاً به كما يفعل مربو الطيور على الأسطحة. وعرف أفراد العائلة من ابنهم نزار أن اسم ذلك الرجل هو أبو صطيف.

كان حلم هذا الرجل يتجسد في وضع حد لأسطورة السجن (خان الشربجي) كما كانت مخاوفه على الناس من رصاص الدمدم، وكان ذلك الرصاص هو الذي فجر صدر أبو صطيف. فسقط الرجل قتيلاً، وكانت له جنازة فاقت أعداد المشاركين فيها أكبر تظاهرة عرفت من قبل. ولم يتوقف ذكره بين أفراد العائلة، وتذكره الجميع في همهماته السحرية وفي طريقة شربه للشاي، وفي القيام بخدمة الذين جاؤوا معه وكأنه صاحب الدار.
وأيضاً عنترة


كان عنترة واحداً من الأشقياء الذين يدخلون المهابة لمن يقابله من الأولاد فيحسبون له ألف حساب فما يجرؤ أحد على مخالفة أمر له. وبالرغم من أن عمره لم يتجاوز الخمسة عشر عاماً فإنه ظهر لنا كرجل قوي يمكن له أن يرفع صبياً بين ذراعيه ويلوّح به في الهواء كدمية يتسلى بها.

وذات مرة، احتشدت مظاهرة كبرى في وسط المدينة، وعلى جسر النهر حوصرت مقدمة المظاهرة بين طرفيه، وقوبلت الحجارة المتساقطة على الجنود بالرصاص ينطلق من بنادقهم بهدف الإصابات المباشرة. مزقت رصاصات الدمدم صدور المتظاهرين، وكان أحدهم عنترة بنفسه وقد أصر على أن يكون في المقدمة.
السرتفيكا


كان حصول وليد على السرتفيكا بداية التحول في حياته. بين فراق الحمدانية والانتقال إلى ثانوية التجهيز الأولى التي تبدأ الدراسة فيها بالصف السادس، وهكذا شعر بالفرح والحنين في نفس الوقت، الحنين إلى الماضي، والفرح بأنه أصبح طالباً في مدرسة الكبار.
العلم بعيداً عن المدرسة


قرر الوالد أن تعلق ابنه بالقراءة يستوجب الاعتناء باللغة العربية. ولم يكن هناك من وسيلة إلا في قراءة القرآن الكريم وحفظ أكبر قدر من آيات السور يتلقنها على يد شيخ خبير يتقن التلاوة. وهكذا التحق صيفاً بمدرسة الحفاظ وهو ما زال في العاشرة من العمر.

وبات يقرأ على والده بعد ظهر أيام من الأسبوع صيفاً وشتاء. كان مجلد «نهج البلاغة» أمامه يقرأ في صفحاته بمتعة على الرغم من صعوبته فيوقفه الوالد عند مقاطع ليشرح ويفسر فيزداد وليد تعلقاً بالكتاب، وإذا يتابع القراءة بصوت مسموع كان يثني عليه أو يشعل سيجارته فيرسل دخانه الذي يفسره وليد على أنه راض عن التزامه. كان المؤلف للإمام عليّ وشرح الشيخ محمد عبده عليه، وقد لازمته متعه التعرف عليه لسنين طويلة، فحمل تقديراً آخر لوالده الذي سمح له بقراءة ذلك الكتاب.

ايوب صابر 01-18-2012 12:20 AM

بدايات تجربته الدينية


1) الذكر والإنشاد:
مرت عليه أيام كان في بعض منها يتردد على حلقات الأذكار. صبياً كان فاستهوته زاوية في حي العقبة كانت تابعة لواحد من أقارب أمه. يجتمع فيها رجال بقيادة شيخ تتمايل لحيته مع الإيقاعات المتسارعة لذكر الله. وسمح له صوته الرفيع بالتفرد مرة بالإنشاد فلقي استحساناً، إلا أنه مع تكرار سقوط عدد من المشتركين بالذكر أرضاً وانتشار الزبد على الأفواه، اتخذ وليد موقفاً من التردد على الزاوية إذ لم يكن عنده تفسير لحالة من أسكره الذكر.

2) الدعاء:
في حين أن والده كان أكثر توازناً واعتدالاً في طقوسه الدينية، فمثلاً كان يحدث في ليلة النصف من شعبان، أن تجتمع الأسرة حول الوالد وهي تردد الدعاء بورع:
«اللهم إن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب.
شقياً أم محروماً أو مطروداً أو مقصراً علي في الرزق.
فامح اللهم بفضلك شقاوتي وحرماني وطردي.
وإقتار رزقي».

كما اعتاد أصدقاء والده من الشيوخ زيارة العائلة في لقاء مسائي، وحدث مرة أن كان وليد يقدم الشاي للضيوف، فنظر إليه واحد من الشيوخ الأقرب إلى والده وهو يتناول الكأس وقال: «حدثني يا بني عن الدعاء الذي تختتم به صلاتك عادة»، فوجد نفسه يجيبه دون تفكير: «عادة يا عمي، أدعو الله أن يمنحني نعمة الرضا». توقف الشيخ محدقاً به، وما لبث أن وضع كأس الشاي على مسند المقعد وقال بتساؤل المحقق: «من أين أتيت بهذا الكلام الكبير؟»، ثم بإلحاح «من علّمك هذا؟»، وإلى والده يسأله: «لابد أنك يا شيخي علمته»، فكان الجواب «لا لم أفعل وهذه أول مرة أسمع فيها هذا الدعاء». وقال الشيخ الأزهري للآخرين: «ألا تجدون هذا الدعاء أكبر من قدرة صبي». وعاود السؤال إليه: «وهل تقول لنا ما معرفتك بالرضا؟»، فكان رده كسابقه بعفوية: «أن ترضى بما قسمه الله لك»، وأضاف بعد تفكير: «الرضا هو السعادة».

3) السماع:
وفي رمضان، كانت مديرية الأوقاف تستضيف في شهر الصيام قرَّاء معروفين من مصر لإحياء ليالي القرآن في الجامع الكبير الذي يمتلئ عادة بآلاف المصغين بخشوع، فشهرة أولئك القرّاء الكبار تعادل عند الناس تقديرهم لمغنين كأم كلثوم وغيرها.

وكان الشيخ مصطفى إسماعيل واحداً من أشهر الذين استجابوا للدعوة، ومن الذين لبّوا دعوت إلى الإفطار في بيت وليد، فكانت أمسية رمضانية سجلت في تاريخ الأسرة علامة. وبات وليد بعد تلك الزيارة يتابع الإذاعة المصرية لتكون له المتعة الروحية في تلاوات عدد من القرّاء، كما قدمت له الموسيقى الكلاسيكية مثلها وهو يتابع برنامجها في الإذاعة السورية. وكما كان يدرك الأهمية البالغة لمقرئين هما الشيخ محمد رفعت والشيخ مصطفى إسماعيل أوصلا جوهر المعنى القرآني في تلاواتهما، عرف وليد القيمة الروحية لموسيقى موزار وبتهوفن وفيفالدي وغيرهم. وأدى ذلك إلى التقاط العلاقة الوثيقة بين القرّاء العظام والموسيقيين الذين أجمع البشر على دورهم في الارتقاء بهم إلى شيء وجد وليد له اسماً وهو «نشوة الفرح». ويوم قرأ وليد عن الشيخ محمد رفعت أن هوايته كانت في الاستماع إلى الموسيقى الكلاسيكية بواسطة آلة التسجيل الأسطوانية والتي لم يكن يمتلكها في الوطن العربي إلا قلة قليلة، أدرك وليد الكثير عن اللقاء الخفي بين الطرح المبدع للعقيدة الدينية والفن.

4) التأمل:
من الجدير ذكره حادثة جرت له في مرحلة دراسته الثانوية، وهي حادثة في منتهى الأهمية، فهو يذكر أثناء قراءته لكتاب «حي بن يقظان» لمؤلفه ابن طفيل. تساءل آنذاك عن معنى اكتشاف الفتى (حي)، الإنسان الوحيد في جزيرة منعزلة عن العالم، لمعنى الخالِق نتيجة التأمل الطويل، وبعد أن فقد الغزالة التي كانت أماً له ورعته منذ البداية. كانت معاينته للفضاء من حوله كوة دخل منها النور الذي أضاء وجود الله دون أن يكون له سند يهديه إلى الحقيقة.

ويذكر في حديث له مع والده، وهو يسأل عن حي بن يقظان الذي عثر على كتابه في مكتبة البيت، أنه علَّق على قدرة الفتى الوحيد في الاهتداء إلى حقيقة الله، ولم يكن في الأصل نبياً. وجاء في رده تأكيد على المقولة الإسلامية التي انطلقت من أن الإسلام هو دين الفطرة، وهي جوهر الأديان. وقال له أن الوصول إلى هذا الجوهر يتعلق بفهمنا لما هي عليه الفطرة، بمعنى أن الإنسان أصلاً يهتدي إلى إيمانه بالخالِق دون مساندة من أحد بل إن الفطرة هي نقطة البداية.
موقف الشيخ الأزهري من الفن


أعلن الأخ الأوسط عدنان عن رغبته في شراء جيتار، جمع ثمنه من أعمال صيفية مأجورة في مستودعات الميرة، وكان ذلك فرصة لإظهار اندفاع الوالد إلى إبداء رأيه الذي يؤيد الفن، وكان العزف على آلة من الأعمال الفنية التي تستحق أن يكون لها معلم. ويعتقد الوالد أن فرصة العزف على آلة العود تسمح بالعثور على مدرب لها بما قد يشكل صعوبة مع آلة الجيتار غير الشائعة.

لم يتأخر موعد حضور معلم العود الشيخ بكري الكردي وهو الذي أصبح أستاذ أخيه، وكان يتابع دروسه اليومية على ضوء كتاب «الصباغ» الذي دونت فيه نوتات الموشحات والسماعيات والقدود. كان الشيخ بكري يعمل في الجامع الكبير مؤذناً أو خادماً، إلا أنه عرف بين أهل حلب على أنه موسيقي وله مؤلفات من الأغاني المتداولة والأناشيد الدينية يتداولها رجال يحيون الأعراس والموالد.
ميوله الأولى وعلاقة المسرح بالسينما في رأيه


يذكر وليد إخلاصي في سيرته الذاتية: «لم يقتصر تعلقي بالمسرح على حفلات المدرسة، بل كنا أحياناً مع رفاق وهواة نقدم مسرحية في دار عربية، فالمتفرجون يكونون عادة من أهل الحي وبعض المعارف، وأما الجيران فيطلون من أسطحتهم على الإيوان الذي يكون عادة خشبة المسرح». ويضيف قائلاً: «وكما هو حالي مع المسرح، فإن ميلاً خفياً لأن أكون حكواتياً يمكن الاعتراف به. وكنت ألجأ أحياناً إلى رواية حادثة للأصدقاء من حولي مملحّة بالخيال والإضافات، فسقوط أسنان صناعية لمعلم أو قريب يصبح سيرة مملحّة مبهَّرَة ليصبح سقوط الأسنان دليلاً على عقاب إلهي لذاك الذي يظلم بتصرفاته. ويبدو أن افتتاني بخيال الظل وأنا أتابع فصوله في دكان من حي قديم، وتعلقي بأبطاله (كركوز وعيواظ وبكري مصطفى) وهم يتحركون وينطقون من خلف القماش الأبيض، قد جعلني أكن تقديراً للرجل الذي يحرك الجلود والذي لم أره أبداً، وهو يؤدي أدوار الشخصيات فينطق الواحد منها وفقاً لطباعه، فكأن التنوع الذي يقوم به ذلك الرجل غير المرئي هو الذي وضع أساس المحبة للعبة المسرح التي أظنها أظهرت للعالم ما أصبح اسمه السينما».
قصة السيد صقّال والحوار بين الأديان


كان لوالده صديق قريب إلى نفسه بالرغم من اللقاءات القليلة بينهما في مقهى المنشية التي استمرت كحديقة بالرغم من محاصرة العمارات لها فكانت تنمو مع السنين في قلب المدينة، لتبقى من الأماكن القليلة التي يلجأ إليها الرجال لتبادل الأحاديث تحت ظلال الأشجار الضاربة جذورها في الأرض منذ عقود. وكان الصديقان مع آخرين يجتمعون في حلقة من الود وتبادل الأخبار والأفكار، بينما حلقات تجمع أخرى يتنافس أفرادها في لعب الطاولة أو الورق. وكان يسمح لوليد أحياناً بمرافقة والده إلى المنشية فيستمع إلى تحليلات حول أحداث العالم أو إلى شعر قديم يردده واحد من أهل الحلقة مؤكداً في نهايته على أن شعر هذا اليوم ما عاد كما كان في الماضي، وكان ذاك الصديق إذا ما كان حاضراً يعلق بقوله أنهم يجب ألا يغالوا كثيراً في إظهار الكمال في الماضي فتطوُّر الزمن يمنح أهله قدرة على التفوق أيضاً.

كان السيد صقال مسيحياً من عائلة قديمة في حلب، فلم يعرفوا عنه سوى أنه غير متزوج بالرغم من تجاوزه الخمسين، وإن لم يذكر لهم الوالد عن عمله شيئاً. وغطت محبة الوالد له على تفاصيل عنه بعكس أصدقاء آخرين علمت الأسرة عنهم الكثير. وقد أخذت تلك المحبة شكل الدموع في عيني والده وهو يأتي متأخراً على غير عادته اليومية في العودة من عمله الوظيفي. كان اشتراكه في تشييع صديقه الصقال هو سبب التأخير. وفي ذلك اليوم رأى وليد والده يبكي بحرقة وهو يذكر مصابه بفقد صديق له. وكان وليد لا يتخيّل أن رجلاً مثله يبكي. حزيناً بصمت ظل والده لفترة بعد رحيل صديقه وكان أيام العزاء يقف في الكنيسة مستقبلاً وفود المعزين على أنه أقرب الناس إلى الفقيد.

وقد تخيَّر وليد، بعد أشهر، مناسبة يسأل فيها والده عن أمر ظل يحيِّره لأيام. كان الوالد يقرأ في كتاب وضعه جانباً ليستمع إلى وليد يقول: «أعلم أن صديقك الراحل كان قريباً منك، وكلنا أدركنا أنه كان بمثابة أخ لك. صحيح أنه مسيحي، إلا أنني سمعت أقوالاً عنه لا أعلم صحتها». وقال الوالد: «وما الذي سمعته عنه؟». تابع وليد: «ولا أعلم إن كانت ظالِمَة أو ملفقة». ومع استجماع شجاعته قال: «يقولون إن السيد صقال لا يؤمن بالله». فوجد والده يجلِسه بقربه، ويقول: «اعترف لي بنفسه مرة، ولم أسمع منه بعد ذلك، أنه لا يؤمن بالله». فكان صمت لا يجرؤ وليد على اقتحامه، إلا أنه بعد قليل هتف: «وهذا ما يحيرني في لقاء مؤمن بملحد على الصداقة». فجعل الوالد يتحدث بحنان وكأن صديقه مازال قائماً: «كان واحداً من أشرف الرجال الذين عرفتهم في حياتي. أميناً على حقوق الناس. صادقاً في علاقاته ووعوده، ويحمل الاحترام للناس ولا يفعل شيئاً يضر بأحد بل يسعى إلى المنفعة لغيره». وقال الوالد وهو يستوي في جلسته على الأريكة: «إسمع يا بني، الإيمان أمر يخص علاقة الإنسان بخالقه، ولسنا نحن الذين نملك الحق لنحكم على أحد، الله هو الذي يفعل. الله خلقنا، الله يحكم علينا». واقترب من وليد متابعاً: «أريد أن تعرف أن الإنسان المؤمن ليس بمنزلة يصنِّفُ فيها البشر على مقاييس رؤيته للأمور. خلقنا الله ولسنا هنا في هذه الرقعة الصغيرة من الكون الوحيدين من خلقه. ألواناً مختلفة خلقنا، والنعمة هي التي ينالها أحدنا في هداية الله، فهو يهدي من يشاء، وأعلم يقيناً أن المرحوم قد هداه الله بنقله من عالم عادي إلى ملكوت الخير الذي كان يسبِّح».
التكية الإخلاصية ومفهوم التعصب


اصطحب الوالد وليداً في رحلة لم يكشف عنها. ومن الجانب الشرقي للقلعة انحدرا من أول حي باب الأحمر باتجاه باب الحديد الذي مازال باقياً من بوابات السور القديم. توقفا قبل خطوات من سوق النجارين. وقال الوالد وهو يشير إلى باب مغلَق: «انظر إلى ما هو مكتوب»، فتلاقَت عينا وليد بنقش حجري بارز يبرز كلمتين تدلان على اسم الدار وكان «التكية الإخلاصية». وهنا قال الوالد: «إن جدنا منذ أربعة قرون كان يعيش في هذه التكية متصوفاً. وأما الأطباء الذين حدثتك عنهم فهم من أحفاده». وكأنما هدفت تلك الرحلة القصيرة إلى دعم قوله في العلاقة ما بين دراسة الطب والدفاع عن الإسلام. آنذاك قال لوليد وهم يهمّان بالعودة: «يمكن لك أن تكون في المستقبل صلة الوصل بين العلم الذي يمثله الطب وبين الإيمان الذي يمثله الإسلام»، وأضاف: «لا يمكن لمستقبلنا أن يكون قوياً ومؤثراً في العالم إلا في بناء جسر بين العلم والدين».

وفي البيت أخرج الوالد من مكتبته كراساً يحمل عنوان «التعصب» للشيخ محمد عبده، وفيما كان وليد يقلِّب صفحاته كان يقول إن الشيخ لم يتوقف يوماً عن الدعوة إلى العلوم الحديثة كي تكون مع الإسلام الطريق الذي نسلكه، وفي دعوته إلى نبذ التعصب بل محاربته كان يؤكد على أهمية العلم للإنسان المؤمن. وقال إن التخلص من التعصب هو أول الدرجات المؤدية إلى الحداثة، وإن مقاومة التعصب ستظل دوماً ذلك الرمز الذي يدل على أن المرء كائن حديث.

وكان وليد قد نال شيئاً من معرفة الحداثة عبر القراءة، إلا أن الوالد قدّم له معرفة أوسع في شرحه لمفهوم التعصب ليس عند أتباع دين ما، بل كذلك في الأفكار والأحزاب، فكأنه في ربط محاربة التعصب بالحداثة يدل على فكرة ستصبح واحدة من الثوابت التي تغرس أقدامها في أرض وليد، وقد كان لهذا فعله في إقبال وليد على كتب التاريخ وعلم الاجتماع والنفس والفلسفة، فكان يعمِّق من يقينه بأن التنوع في ألوان المعرفة هو البناء السليم للتفكير. كما أن ملاحقة سِيَر الشخصيات الإنسانية في التاريخ تدعم تكوين مدرسة الانفتاح، فالمرء في قراءته تلك السِيَر يكتشف الأثر العميق الذي أحدثه أصحابها في حياة البشر. كونفوشيوس وسقراط، عمر بن الخطاب، والعز عبد السلام وابن رشد، غاندي وجان جاك روسو وتولستوي وبوذا، موزارت وبيتهوفن ودافنشي. الأنبياء والمصلحون والمجتهدون. شعراء وروائيون ومسرحيون، مناضلون وزعماء دول وحركات ثورية. قائمة من الأسماء التي تفتن المرء بأعمالها المبدعة وشجاعتها، والتي ستتحول إلى خميرة تنضج المشاعر في أرجاء هذا العالم، ويصبحون كالتضاريس في الأرض المنبسطة يتطلع إليها الزمن بإعجاب وتقدير كنتوءات استثنائية في زمن عادي.
موقفه من التجمعات السياسية والدينية


كان وليد ما يزال في الثانوية عندما تلقّى دعوة دينية فظهر أنها دعوة سياسية في قالب ديني ينحو منحى رجعياً، وبالتالي ما كان منه إلا أن غادر المكان، ثم تلقى دعوة أخرى للمشاركة في اجتماع للحزب الشيوعي وكلتا المشاركتين أحبطته إلى أقصى درجات الإحباط عندما أراد الحوار، والحوار بالنسبة له كان سؤالاً أو تساؤلاً، فكان المشرِف على الجلسات أو المحاضِر يرفض أية إمكانية للسؤال أو الحوار ويدعوه للاستماع فقط مما جعل وليد يتمرد آنذاك، ووليد يذكر في سيرته حول ذلك: «تنامت عندي في تلك الأمسية الشاردة جملة من المشاعر وهي تنوس بين حلقة السقيفة (الدينية) والاجتماع الشيوعي، فكان القرار الذي اتخذته في نهاية المطاف قسماً أمام نفسي بألاّ ألتحق يوماً بأي تجمع سياسي أو ديني، فلا أكون ملتزماً به بل أظل مراقباً له. وكأنني وصلت إلى حقيقة أن جميع الأحزاب لها ما يبرر وجودها، وأما عن وجودي فليس له من طريق إلا ما أؤمن به من حقيقة قد تكون هنا أو هناك، فكأنما الحرية هي التي تلزم الإنسان بمجتمعه ووطنه، وأن الحر هو من يحافظ على قدرة التساؤل المستمر».
النضج


وعن ذلك يقول وليد: «في البيت، ومع خلوتي بدأت أتلمس آثار الأيام السابقة في دفعي إلى شيء من النضج المبكر، وأفكر بأن الوقت حان لأتعامل مع نفسي والآخرين بكثير من التوازن اللائق بشاب صقلته تجارب مبكرة، إلا أنني لا أستبعد عن تحقيق رغبة في التوجه إلى من استهان بفعل التساؤل الذي كنت أعتقد أنه السبيل إلى اكتساب المعرفة فأقول له من أعطاك الحق لتقرر ما هو حق».
قصة طرده من المدرسة في صف البكالوريا


يروي وليد في سيرته الذاتية هذه الحادثة: «كان أستاذنا لمادة الديانة قد جاء من دمشق، واعتدنا عليه منذ الأسابيع الأولى وهو يمزج المقرر بأحاديث جانبية شدت الطلاب إليه، فيتحول الدرس إلى متعة لنا وبخاصة إذا ما سمح لنا بالاستفسار عن موضوع أو إبداء الملاحظات. وكان الأستاذ بيطار طويل القامة تذكرنا لحيته السوداء المشذبة مع الطربوش الأحمر الذي لا يرى مع غيره بصورة لزعيم جماعة الأخوان المسلمين بمصر (حسن البنا)، وبالرغم من تعليقاتنا المتفرقة حول ذلك التشابه فإن أحداً من الطلاب لم يُشِر إلى ذلك في حضور الأستاذ. واستفاض الأستاذ ذات مرة في الحديث عن الموت. وذهب في تصوير قبض الروح وهو من اختصاص الملاك عزرائيل الذي يحمل بيده حبلاً، فكأن الموت يحدث بشكل أشبه بعملية الشنق المعروفة. ويوم يحين وعد الموت يلتف الحبل حول العنق لتنتقل الروح إلى بارئها في السماء». وهنا طُرح سؤال وليد، ودار حوار بين الأستاذ ووليد الذي أردف يقول: «ألا تعتقد يا أستاذي بأن مثل هذه الصورة البدائية للموت تعود إلى تفكير أسطوري أظنه انبثق عن المعتقدات اليهودية»، ويذكر وليد في سيرته ما يلي: «آنذاك هتف الأستاذ بيطار ساخراً: "وما هو البديل عندك أيها الشاب الفهيم، هيا حدثنا عن البديل". وكنت للحظات لا أملك أي جواب على سخريته، إلا أنني أُلهِمت فجأة بحل أقدمه، فقلت: "الجميع يعرف الكثير عن الهاتف، فنحن إذا أردنا الاتصال بأحد طلبنا من السنترال المركزي الرقم المطلوب، وهناك يقوم العامل في المقسم بوضع الفيشة في ثقب الرقم ليتم الاتصال بين الطرفين، وإذا ما انتهت المكالَمَة يعود العامل إلى سحب الفيشة. وهكذا هي الولادة والموت، وصل للروح بالجسد أولاً ومن ثم قطع الاتصال بين الاثنين فيكون الموت". انفجر الطلاب بالضحك، بينما الأستاذ واقف يتأملني بصبر أنهاه بهتاف ساخر: "وهكذا قام طالبنا العبقري بتصوير الله وكأنه مدير الهاتف"، ثم صاح غاضباً: "ألا تخجل من هذا التشبيه أيها الكافر، الويل لك"، وامتدت ذراعه وقد اقترب مني كي تسقط كفه على وجهي، فلم يكن أمامي سوى الإمساك بالذراع بقوة شاب أرد العدوان عني. فإذا به يصرخ بذعر: "وتريد أن تضرب أستاذك يا كافر"، وينفلت خارجاً من الصف وهو يردد: "لا يكفيه التجرؤ على الدين فيضرب أستاذه، الويل لك يا كافر».

إذن، بعد هذه الحادثة التي أوشكت أن تطرد وليداً من التجهيز الأولى وكافة المدارس السورية، انتهى الأمر إلى طرد الطالب وليد حتى نهاية العام الدراسي الحالي. وصلت الأحداث إلى مسمع الوالد فما كان من هذا الأخير إلا أن اجتمع بصديقه مدير الثانوية الذي استدعى بدوره أستاذ الديانة ليخرج الاجتماع الثلاثي عن قرار جديد. وأعلمه الوالد أن الأستاذ بيطار سيكون بانتظار وليد لتقديم الاعتذار الذي سيعقبه إلغاء طرده فيعود إلى الانتظام في دراسته كما الحال من قبل، فيكون ختام القضية سعيداً.

ويذكر وليد في سيرته الذاتية ما جرى على النحو التالي: «وجاءت لحظة الاعتذار في الموعد المتفق عليه. توجهت إلى المدرسة فإذا بمشهد غير مألوف لي، الممر الطويل إلى المبنى الكبير يحتشد على طرفيه أعداد من الطلاب، فأسمع من طرف أقوالاًَ تندد بالكفر وتنذرني بعقاب أليم، ومن الطرف الآخر يأتيني تحذير من أن أخضع للقوى الرجعية، فكنت أتقدم تتجاذبني المواقف المتضاربة دون أن تثنيني عن الالتزام بوعدي إلى الوالد. وظهر لي الأستاذ بيطار قادماً من الداخل. توسط مجموعة من الطلاب التفّت من حوله على الدرجات الثلاث وقد انتصبت قامته واقفاً على أعلاها. كنت قد عرفت عن جموع الطلاب على طرفي الممر، منهم من كان من جماعة الإخوان المسلمين وحزب الشعب والحزب الوطني، وفي المقابل كان طلاب من الشيوعيين والقوميين السوريين وحزب البعث الذي أُشهِرَ حديثاً في المدينة. وإذا ما وصلت إلى المدخل مقترباً من الأستاذ بيطار، مددت ذراعي لأصافحه وأنا أقول: "أعتذر عما فعلته"، فإذا هو يمتنع عن مد ذراعه ويهتف بصوت مرتفع: "أريد منك أن تُسمِعَ جميع من في المدرسة اعتذارك وندمك على ما فعلت"، فوجدت نفسي أتابع التزامي وأرفع صوتي: "أقدم اعتذاري للأستاذ بيطار"، فما كان منه إلا أن هتف عالياً: "وأنا أرفض اعتذاراً من كافر"، واستدار عائداً إلى الداخل، وهنا لم أملك نفسي من الصراخ غاضباً: "وأنا أسحب اعتذاري. أسحب اعتذاري. أسحب اعتذاري". وسيحدث ما لم تشهد المدرسة مثله، اشتبك طرفا الممر، فكانت العصي والجنازير تلوح في الهواء، والتهديدات المتبادلة تتصاعد في الجو. ولم يكن لي من ملجأ أبتعد فيه عن العنف سوى اللجوء إلى داخل المبنى. وحضرَت الشرطة في وقت قياسي، اقتحمت المدرسة وفرقت المتعاركين، فكان يوم لا أنساه». وهذا كان يومه الأخير في الثانوية حتى آخر العام الدراسي.
الفشل في اجتياز امتحانه الأول


يقول وليد حول هذا: «ما من تعليق على فشلي في الامتحان. وإن كانت عيون الأهل تحاول أن تخفي شيئاً من الأسى. لم يكن هناك لوم من أحد أو إشارة إلى تقصير بل كانت كلمات والدي لا تحمل سوى نوع من العزاء: "الفشل في النجاح هذه السنة سيعقبه نجاح غداً، تلك هي لعبة الحياة يا ولدي، فلا تيأس". كان لم يبق مع والديَّ سوى أنا وشقيقتي، بعد أن غادر نزار إلى فرنسا وعدنان إلى مصر للدراسة، وكنت قد اعتزمت أن أتقدم إلى الامتحانات كطالب حر وأساعد والدي بعمل أحصل عليه، فالأعباء باتت ثقيلة ولابد من مساندة له. وحمل والدي البشارة بعد أن عثر لي على عمل لن يتعارض مع دراستي. أصبحت جابياً أجمع إيجارات من عدد من الأملاك المنتشرة في المدينة لصالح مديرية الأوقاف، فأحصل على نسبة مئوية كأجر لي على العمل الذي أقوم به في أول كل شهور ثلاثة. عشرات المنازل والدكاكين ودار للسينما واحدة، كانت تشكل القائمة فقمت بوضع برنامج للزيارات سمح بتنظيم وقت الدراسة. وهكذا شكلت الجباية علامة في سلسلة أعمالي بدءاً من مصنع الحلوى إلى تجارة سوق الجمعة وسوق بالستان والدروس الخصوصية الخائبة. وانتهت علاقتي بالجباية قبل شهر من موعد الامتحان، فتساوى عندي الليل بالنهار، فالنوم قليل والطعام يرافق الكتاب، ولم يعد هناك وقت لقراءة خارج المنهاج أو لمشاهدة فيلم مهما كان شأنه. وتحول سطح العمارة إلى مقر دائم للدراسة، فكان يتحول إلى مساحة أهرول فيها إبعاداً للنعاس وتنشيطاً للدورة الدموية بعد طول جلوس. وإذا ما أطلُّ على الشارع من تحتي في الليل المتأخر، تؤكد لي حركة السيارات والمشاة أن الحياة مازالت قائمة وأن الفائز في سباقها لن يتحقق له النصر إلا بمزيد من الإصرار وتحمل المعاناة. ومنذ اليوم الأول للامتحانات بدأت أشعر أن تجاوز المرحلة الصعبة يقربني حتماً من تحقيق أحلام المستقبل».
النجاح


يقول وليد في سيرته الذاتية: «الراديو كان الوسيلة الوحيدة لمعرفة نتائج امتحانات شهادة البكالوريا، وما أن جاء المذيع على ذكر اسمي حتى قفزت في الهواء كلاعب في السيرك تحميه من السقوط شبكة الأمان، فكان احتضان والديَّ لي هو الأمان والسعادة التي غمرتنا في نهاية القلق الذي تسبب به الانتظار. وتجدد الفرح عندما عدت بعد يوم حاملاً العلامات التي حصلت عليها، والتي أهَّلتني، لدخول كلية الطب في جامعة دمشق. إلا أن التزامي بوالدي دفع بي إلى دمشق التي قصدتها لأسجل في السنة التمهيدية المؤهلة لدخول كلية الطب. وكانت المصادفة هي التي جمعتني لحظة وصولي بزميل الدراسة الذي سبقني في دخول الجامعة. وقد دفعه التباهي بدراسة الطب إلى اصطحابي مباشرة إلى الكلية ليقدمني إلى مبناها فكانت المشرحة في طريقنا فأدخلني إليها، وكأنها كافية ليكون الإنسان طبيباً. رائحة الكلوروفورم شكلت مع جثة عارية ذلك المشهد الذي سيغير الخطة التي رُسِمَت لي. تراجعت، لا يتملكني سوى القرار الذي اتخذته دون تفكير، فدراسة الطب لن تكون هي المستقبل بأي حال. وكان علي أن أنتسب إلى الجامعة في أي حال لأضع والدي أمام حقيقة الواقع، فكان التسجيل في كلية الآداب هو ما عزمت عليه. وكانت الدراسة في هذه الكلية لا تستوجب التزاماً بالدوام، وبهذا أستطيع أن أعمل لأساعد والدي. وبات الأمر واقعاً، وأصبحت أملك القرار لوحدي في رسم مستقبلي. وفوجئت بوالدي وهو يصغي إلى تفاصيل ما حدث في دمشق يعلّق بحزن خفي: "هو مستقبلك أنت يا بني، وأنت مؤهل لاتخاذ قرارك بنفسك". إلا أن أخي عدنان عبر اتصال هاتفي من الاسكندرية كرر دعوته للانتساب إلى الجامعة فيها، وأغراني بوصف الحياة الجامعية وكأنها حلم لأمثالي، وطلب مني أن أتقدم بأوراقي إلى مكتب البعثات المصرية في دمشق قبل ضياع الفرصة». وهكذا ذهب وليد إلى مكتب البعثات في دمشق ليقابل المسؤول هناك الذي رحب به وقال له أن علاماته تؤهله لدراسة الطب هناك، ولكن وليد ارتأى له أن يُسجِّل في كلية الزراعة في جامعة الإسكندرية، فلا يحقق النجاح فيها فيحق له بذلك الانتقال في السنة القادمة إلى كلية الآداب. وهكذا كان، فقد انتهى الأمر بوليد أن سجل في كلية الزراعة في جامعة الإسكندرية.


ايوب صابر 01-18-2012 12:25 AM

مصر

يقول وليد في سيرته الذاتية: «كانت أيام إعلامي بالالتحاق بكلية الزراعة كمستودع تتجمع فيه أحلام وخيالات حول مصر التي درس فيها والدي منذ زمن، وهي البلد الذي يعيش فيه طه حسين والعقاد ونجيب محفوظ. مصر وطن أم كلثوم وليلى مراد ونجيب الريحاني وبيرم التونسي. بلد السينما والمسرح والموالد الشعبية. ومصر كانت بالنسبة لنا وطن الثورة التي أطاحت بفساد النظام الملكي وصدرت حرارتها إلى أرجاء الوطن العربي. وكانت صورة مصر لشاب مثلي أفضل من فرنسا التي كانت الدراسة فيها تمثل حلماً لأجيال، فالأفلام المصرية والمجلات التي قدمت لنا عالم مصر الجميل ببساطة أهله وتدفق مياه نيله وشموخ أهرامه، فبدا ذلك العالم أمنية في زيارة، فكيف بسنوات دراسة تعيشها. وابتدأت الطائرة رحلتها مع شمس الخريف في حلب، لتحط في مطار الإسكندرية الغارقة أرضه بمياه الأمطار. وكان المساء الذي تلمع الأضواء فيه يخفف من وطأة الاستقبال الذي لم يكن متوقعاً. وحملني التاكسي إلى عنوان أخي عبر شوارع مازالت تستقبل الأمطار، فكان وصولي إليه يترافق مع لحظة توقف السماء عن غضبها. وأنساني استقبال أخي كل ما واجهته من انغلاق المدينة.
في اليوم التالي، كانت الإسكندرية مشرقة بشمسها ودفئها وكأنها لم تشهد في ليلتها السابقة إجهاض الغيوم. وقادني أخي إلى مبنى كلية الزراعة ليضع مدخلها بين يدي قائلاً: "هنا ستمضي أيام دراستك"، وانفلت عائداً إلى كليته. واعتبرت أن السماء الصافية وهي ترسل بأشعة الشمس الذهبية هي مراسم الاستقبال الرسمية للوافد من حلب».
موجز سريع لحياته بعد إنهائه دراسته في كلية الزراعة


أنهى دراسته الجامعية بكلية الزراعة في جامعة الإسكندرية بمصر، وحصل على البكالوريوس عام 1958، ودبلوم الدراسات العليا عام 1960. ثم عمل في مؤسسة حلج وتسويق الأقطان بحلب حتى سنة 1999. وكان محاضراً في كلية الزراعة بجامعة حلب (1960 – 1971)، اُنتُخِبَ نقيباً للمهندسين الزراعيين ثم عضواً في مجلس الشعب (1999 – 2002). كما اُنتُخِبَ في مجلس اتحاد الكتاب العرب بدمشق، وكان رئيساً لفرعه بحلب، أسهم في تأسيس مسرح الشعب والمسرح القومي والنادي السينمائي بحلب، وشارك في هيئة تحرير مجلة «الحياة المسرحية» الدمشقية.
نظرة في بدايات حياته الإبداعية


يذكر الكاتب خليل صويلح عن بدايات أديبنا الكبير وليد: «مجلة الاعتصام التي أسّسها والده في عشرينيات القرن المنصرم، قادت خطواته الأولى إلى الكتابة. قرر بدوره أن ينشئ مجلة، لكن أحلامه أُجهِضَت بسبب شروط قانون المطبوعات التي لا تتيح لفتى صغير إصدار مطبوعة. لاحقاً سيكتب قصيدة ضد "مشروع إيزنهاور"، ويوجهها إلى الرئيس الأميركي. قرّر يومذاك أن يذهب إلى بيروت، لمقابلة رضوان الشهال صاحب مجلة "الثقافة الوطنية"، طالباً نشرها في المجلة، فتسلل عبر الحدود، لأنه لا يحمل بطاقة هوية. لكن الشهال نصحه بألا يقلد أسلوب أحد: "كنت أقلّد قصيدة كتبها عبد الرحمن الشرقاوي ووجهها إلى الرئيس الأميركي". تلك النصيحة علمته أن يكون مجدِّدَاً ومبتكِراً في كتاباته، ما قاده مبكراً إلى دروب التجريب، سواء في الرواية أو في المسرح. هكذا جائت روايته الأولى "شتاء البحر اليابس" (1965)، بمثابة تمرّد على السرد التقليدي في الرواية السورية».
وضعه العائلي


يذكر الكاتبان نبيل سليمان وبو علي ياسين في كتابهما «أيديولوجيا الأدب في سوريا في نهاية الستينات وبداية السبعينات» أن أديبنا وليد إخلاصي في تلك الفترة كان متزوجاً ولديه ولدان.
أزمة قلبية


يذكر الكاتب خليل صويلح: «المهندس الزراعي الذي عمل سنوات طويلة خبيراً للأقطان، يكتفي اليوم بمراجعة مسودات رواياته ومسرحياته، بعدما توقف عن الكتابة للصحافة. فالأزمة القلبية التي ألمّت به قبل سنوات، اضطرته للتوقف عن تدخين الغليون»، ويعني بقوله «منذ سنوات» بدايات سنوات الألفين.
الوظائف التي شغلها


اُنتُخِبَ في مجلس اتحاد الكتاب العرب بدمشق، وكان رئيساً لفرعه بحلب، وشارك في هيئة تحرير مجلة «الحياة المسرحية» الدمشقية. وهو عضو هيئة تحرير مجلة «الحياة المسرحية» التي تصدرها وزارة الثقافة.
عالميته


قدمت الفرق المسرحية عدداً كبيراً من أعماله الدرامية في سورية، مصر، الكويت، الإمارات العربية، لبنان، تونس، قطر، البحرين، المغرب، العراق، وليبيا. وقد تُرجِمَت نماذج من أعماله إلى أكثر من لغة عالمية منها الإنكليزية، والفرنسية، والروسية، والألمانية.
الجوائز التي نالها


1) الجائزة التقديرية لاتحاد الكتاب العرب 1989.
2) جائزة ملتقى القاهرة الأول للقصة القصيرة 1991.
3) وسام التكريم في مهرجان القاهرة المسرحي التجريبي 1992.
4) جائزة بلدية حلب 1996.
5) جائزة سلطان العويس في دورتها الخامسة للثقافة والرواية والمسرحية 1997.
6) وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة 2005.
أعماله

في القصة


1) قصص التاريخ.
2) دماء في الصبح الأغبر، مجموعة قصص، حلب، مكتبة الشهباء، 1968.
3) الطين، بيروت، منشورات عويدات، 1971.
4) الدهشة في العيون القاسية، مجموعة قصص، وزارة الثقافة، 1972.
5) التقرير، دمشق، اتحاد كتاب العرب، 1974.
6) زمن الهجرات القصيرة، قصص للثورة الفلسطينية المنتصرة، 1975.
7) موت الحلزون، دمشق، اتحاد الكتاب العرب، 1978.
8) الأعشاب السوداء.
9) يا شجرة يا..، طرابلس، ليبيا، المنشأة الشعبية، 1981.
10) خان الورد، دمشق، اتحاد الكتاب العرب، 1983.
11) ما حدث لعنترة، دمشق، وزارة الثقافة، 1993.
12) الحياة والغربة وما إليها، دمشق، وزراة الثقافة، 1998.
13) حلب بورتريه بألوان معتقة (حكايات)، دار نون، 2006.
في الرواية


1) شتاء البحر اليابس، 1965.
2) أحضان السيدة الجميلة، دمشق، دار الأجيال، 1968.
3) أحزان الرماد، بيروت، دار المسيرة، 1979.
4) الحنظل الأليف، دمشق، دار الكرمل، 1980.
5) زهرة الصندل، دمشق، دار الكرمل، 1981.
6) بيت الخلد، دمشق، اتحاد الكتاب العرب، 1982.
7) حكايات الهدهد، بيروت، مؤسسة فكر للأبحاث، 1984.
8) باب الجمر، دمشق، اتحاد الكتاب العرب، 1984.
9) دار المتعة، لندن، رياض الريس للكتب، 1991.
10) ملحمة القتل الصغرى، دمشق، دار كنعان، 1993.
11) الفتوحات، رواية عربية، دمشق، وزارة الثقافة، 2001.
12) سمعت صوتاً هاتفاً، دمشق، دار كنعان، 2003.
13) الحروف التائهة.
14) رحلة السفرجل، بيروت، رياض الريس للكتاب، 2008.
دراسات ومقالات


1) المتعة الأخيرة: اعترافات شخصية في الأدب، دمشق، دار طلاس، 1986.
2) السيف والترس: حوار عربي عن الثقافة، دمشق، دار الذاكرة، 1994.
3) لوحة المسرح الناقصة، دمشق، وزارة الثقافة، 1997.
4) في الثقافة والحداثة، دمشق، دار الفاضل، 2002.
5) من الإسكندرونة إلى الإسكندرية محطات في السيرة الذاتية، القسم الأول، 2008.
6) الوسواس الخفي، محكيات، حلب، نون للنشر.
في المسرح


1) العالم من قبل ومن بعد، مسرحيتان، دمشق، الفن الحديث العالمي، 1965.
2) الصراط، دمشق، اتحاد الكتاب العرب، 1976.
3) سهرة ديمقراطية على الخشبة: كوميديا عابسة، دمشق، اتحاد الكتاب العرب، 1979.
4) هذا النهر المجنون، بغداد، الأقلام، 1976.
5) مسرحيتان عن قتل العصافير، دمشق، اتحاد الكتاب العرب، 1981.
6) أوديب: مأساة عصرية، طرابلس، ليبيا، المنشأة الشعبية، 1981.
7) أغنيات للممثل الوحيد، أربع مسرحيات، دمشق، وزارة الثقافة، 1984.
8) أنشودة الحديقة، مأساة، طرابلس، ليبيا، المنشأة العامة، 1984.
9) من يقتل الأرملة، خمس مسرحيات، دمشق، وزارة الثقافة، 1986.
10) مسرحيتان للفرجة، دمشق، وزارة الثقافة، 1988.
11) رسالة التحقيق والتحقق، ثلاث مسرحيات، دمشق، اتحاد الكتاب العرب، 1989.
12) لعبة القدر والخطيئة، مسرحيتان، دمشق، وزارة الثقافة، 1994.
13) العشاء الأخير: مجهولان في المعادلة، مسرحيتان، دمشق، وزارة الثقافة، 2005.
14) الليلة نلعب، ثلاث مسرحيات، دمشق، الهيئة العامة السورية للكتاب، 2009.
دراسات حول أدبه


1) أطروحة ماجستير في الدراسات الأدبية للباحثة علياء الداية، بعنوان: «في التجربة المسرحية عند وليد إخلاصي».
2) رسالة الدكتوراه للباحث إدمير كورية في أميركا بعنوان: «الشكل والمبنى في مسرح وليد إخلاصي».
وليد إخلاصي والمسرح[2]

تُستخدَم كلمة الدراما والدرامي لتدل على الدراسات في مجال فن المسرح، و«الدراما» كلمة يونانية الأصل، ومعناها الحرفي هو «يفعل» أو «عمل يُقَام به»، ثم انتقلَت الكلمة من اللغة اللاتينية المتأخرة «drama» إلى معظم لغات أوروبا الحديثة. ولأن الكلمة شائعة في محيطنا المسرحي، فيمكن التعامل معها على أساس التعريب، فنقول عمل درامي، حركة درامية. وفي مجال النقد الحديث، قد تشير الكلمة إلى المسرحيات الجدية التي لا تميزها خصائص المأساة.

أ) أنواع المسرح:
لقد تغيّر المسرح وتطوّر عبر الأزمنة المتعاقبة، فتنوّعَت أشكال المسرحية، فثمة المسرحية الكلاسيكية والرومانسية والواقعية والطبيعية، وكذلك الاتجاه الرمزي والتعبيري وصولاً إلى مسرح العَبَث واللامعقول، اللذين يعكسان الحيرة والتعقيد في الحياة المعاصرة. وتظهر إلى جانب هذه الأشكال ظاهرة التجريب في المسرح، في سعيها إلى التخلّص من التقاليد. غير أن أنماط المسرحية بقيت منتظَمَة ضمن إطار الأنواع الكبرى المسيطرة: التراجيديا، التي تركز على شخصية بعينها تواجه مصيراً مؤلماً لا تملك دفعه، والكوميديا، التي تستقطِب أحداثها الاهتمام، وتسهِم مجموعة من الشخصيات في بلْوَرَة فكرتها الأساسية، وكل من الميلودراما، والمهزَلَة، والتراجيكوميديا.

إن وليد إخلاصي، يسعى إلى التجديد والابتكار والتجريب في المسرح، وينتمي إلى الجيل المعاصِر من الكتّاب المسرحيين في سورية، ففي مسرحه نجد أنه تشرّب القديم في حزمه ووضوح رسالته، ونحا إلى الجديد مستفيداً من مراحل تطور المسرح كلها، وصولاً إلى البراعَة في الابتكار وطرق أبواب التجديد، والتفاوت في تقنيات الكتابة وتنوّع أساليبها الفنية، مما يجعل محاولة تصنيف إبداعه المسرحي أمراً صعباً ومهمة شاقة قد تختلف فيها آراء النقاد أو تتشعّب.

ففي كتاب «الأدب المسرحي في سورية – نشأته وتطوره» يتركز رأي الناقِد الدكتور نديم معلاّ محمد حول وليد إخلاصي في أن أهم ما يميزه هو «غزارة إنتاجه»، وتنقّلِه بين الأجناس الأدبية المختلِفَة، من قصة ومسرحية ورواية، عبر أشكال مختلِفَة ومتباينة إلى حد كبير. ويؤكد أن ما يلفت النظر في أعمال إخلاصي المسرحية هو اعتماده على التجريب والأشكال المسرحية الجديدة، واهتمامه بقضايا الإنسان في مواجهة الواقع المحيط بما فيه من ظلم واستغلال.

إن الرمز عند إخلاصي هو «حل وسط بين الواقعية والعبث»، كما أن التجريب يتيح له تجاوز الدراما التقليدية تارة بالخروج عليها أو المحافَظَة على بعض منها داخل العمل الواحد. إنه كثيراً «ما يتمسك بالعقل والتجارب الصادرة عنه» بدلاً من العاطفة والانفعال السطحي، ويبرز ذلك في المعالَجَة العقلية الهادئة، كما في تناوله للقضية الفلسطينية على سبيل المثال.

أما الناقِد فرحان بلبل فهو يقسِّم مسرح إخلاصي إلى ثلاثة أقسام تتداخل الحدود فيما بينها:

أولاً: المرحلة الواقعية وتتركز حول الصراع في قضية فلسطين ضد العدو الصهيوني، ومعالَجَة بعض الأمور الاجتماعية والمشكلات كالجريمة في المجتمع، والانتهازية، والظلم، والفقر، والمال، وكذلك مشكلات فساد الفن والمسرح التجاري وطغيانه. إن حلول هذه المشاكل كثيراً ما تبدَّت بمظهر أخلاقي مثالي هارب من المواجهة غارِق في العموميات مما جعل «الدعوة إلى الحرية شعاراً عاماً نبيلاً وضائع الملامح».

ثانياً: مرحلة الاتجاه نحو الرمز حيث الرمز أساسي في مسرحه وقد يتكون من الأشخاص أو حتى الأشياء وقطع الديكور وأحياناً تصبح «المسرحية كلها رمزاً لفكرة». كما يتداخل الرمز واللامعقول فيلعب القدر الأعمى دوراً بارزاً عندما تنهار بسببه الأحلام التي تريد القضاء على الأمراض الاجتماعية والمآسي الإنسانية، كالشر والفساد، مما يؤدي إلى استسلام العواطِف الإنسانية كالحب والصداقة مقابل الفساد الاجتماعي والظلم.

ثالثاً: مرحلة التأثر باللامعقول وتتمثل في الجو العام للمسرحيات بإحكام الشقاء قبضته على الإنسان المنسحِق، في حركة دائرية مفرغة في المكان، فعلى الرغم من الأمل بالتخلص من العجز واليأس يلعَب التجريب دوره في إظهار «العالَم المسحوق تحت وطأة التقدم العلمي الذي يتحول إلى دمار»، فنجد الأمل والفرحة أحياناً، واستمرار المخاوف أحياناً أخرى.

أما إدمير كورية، فيشير في رسالة الدكتوراه التي أعدّها عن مسرح وليد إخلاصي إلى أن مسرحياته تتميز بتنوع التعابير والأدوات الفنية من خلال الشخصيات المتعددة في اهتماماتها وصفاتها النفسية وآمالها. وهذا كله يعكس الواقع المحيط بأبعاده في مزج متقَنٍ بين الأشكال الدرامية المحلية والغربية بما يشكل تفاعلاً كبيراً بين كل من الدراما الغربية والمسرح العربي الحديث. «لقد بات المسرح ساحة لتجريب البحث عن الذات»، «المسرح فن شعبي يهدف إلى الوصول باللعبة إلى قمة التعبير عن أهداف البشر والمجتمعات»، «المسرح شكل من أشكال الحداثة، وظاهرة تدل على تفاعل الرغبة بالتجديد داخل البنية الثقافية المعاصِرَة»، «الفن لقاح ضد الموت»، «الواقع كرة ذات سطوح متكسّرَة تمنح وجه الكرة تعددية مرهونة بعدد تلك السطوح التي يراها كل كاتب على هواه»، «المرأة تُعتبَر مقياساً صادِقاً لأحوال المجتمع». من خلال العبارات السابقة التي تلقي بعضاً من الضوء على وليد إخلاصي في نظرته إلى الحياة والإبداع والمسرح، نجد آراءه تتمحور حول أن التجريب يتضمن الاجتهاد والابتعاد عن التقليد، إنه أشبه بالعمل الذي له طابِع العلم، يستخدم العقل من أجل الخروج على القاعدة والمألوف، ويعتمد على تفاعل الأدوات المسرحية للوصول إلى الجوهر الدرامي الأصيل للنص. يدعو إخلاصي إلى أن يصبح المسرح العربي طقساً يعتاده الناس، لا مجرد تظاهرة طارئة بين حين وآخر، فالمسرح مدعو إلى القيام بوظيفته في التوصيل الكامل للأفكار، من خلال جانبيّ النص المسرحي بما فيه من قواعد تستوعِب التحولات التاريخية في مسيرة البشرية، والعرض المسرحي الذي يكوّن المتعة الروحية والعقلية ويخلق الروابط مع الجمهور. ولابد للمسرح من ركائز أساسية أهمها المثاقفة مع المسرح العالمي متضافرة مع قواعد أربع أساسية، هي: العمل، والإتقان، والإبداع، والتوصيل. بما يعطي الفرصة للتعامل الدقيق مع الاحتفالية المحلية في تجلٍّ للصراع والعلاقة المتغيِّرَة مع كل من المكان والزمان الذي فيه النظرة إلى مستقبل أفضل للإنسان.

الزمن سبب عند إخلاصي للقلق والحيرة والخوف، لذلك يلجأ إلى المكان، حيث يتجسّد الصراع الذي أصبح البطل المعاصِر فيه إنساناً عادياً يقاوِم ظلم الحياة بالإرادة والحب. كما أن المرأة رمز للعطاء، وحريتها قضية ملحّة على المجتمع ولها حضور قوي في مسرحياته كلها إلى جانب تركيزه على حق الإنسان في قيَم الحياة الكريمة.

يلجأ إخلاصي إلى التجريب على الرغم من اعتقاده بأنه قد يعيق معرفة المتلقين أسلوبه وهويته. ولكن، مع ذلك، فإن الرؤى الناظِمَة لمجمل التجربة المسرحية لدى وليد إخلاصي تعبِّر عن النمط الدرامي لديه، الذي أضحى بتنوّعه متجانساً في تنقّله بين الأدوات الفنية المختلفة المنسجمة جميعها في إطار من فهم الواقع بما يترك جزءاً كبيراً من مساحة النص للمتلقي قارئاً ومشاهداً.

ب) الرموز الأسطورية في مسرح وليد إخلاصي:
إن الرموز المدروسة مرتبطة في مسرحيات إخلاصي بمحدودية المكان، ولكنها تتنوع، فبعضها مكانيّ بحت، كالكهف وتفرعاته في فصل «المعذّب» والآخر نباتي ثابت مكانياً كالحديقة في فصل «الجميل»، والشجرة في ملحق «الجليل»، والغابة في فصل «القبيح»، في حين أن الرمزين المتحركين اللذين ينتميان إلى فئة الحيوانات هما الطائر في فصل «الجميل» والأفعى في فصل «القبيح».

ومع التتبع المتسلسِل لورود هذه الرموز في البحث، نجد الطائر مرتبطاً بالحياة من جهة تحقيقه المثل الأعلى لدى الشخصيات في الحياة والتغلب على نُذُر الموت ومؤشراته، حيث الشخصية داخل المسرحية تواجه حرباً إما خارجية ضد مجموعة من الخصوم، أو داخلية مع صراعات النفس وتضارب رغباتها وأهدافها في الحياة، وذلك من خلال اختلاف الرمز إلى الطائر بين كونه كائناً حياً، وكونه آلة مصنوعة هي الطائرة التي تهوي ومعها أحلام الشخصيات وطموحاتها. كما أن ارتباط الطائر، من جهة أخرى، بقيمة الحرية، عن طريق الطيران الذي لا يحدّه حاجز، يجعله حلماً يراود شخصيات المسرحيات، ويثير تساؤلاتها حول تفسير قيمة الحرية، ومدى تحققها على أرض الواقع. أما القيمة الجميلة الثالثة ذات العلاقة بالطيور فهي الحب الذي تثور حوله صراعات كثيرة في المسرحيات، ويتداخل مع قيمة الحرية في بيان موقع الشخصية المحبّة من المجتمع حولها.

تظهر الحديقة أشبه بعالَمٍ سحري، فالشخصيات يسكن خيالَها تصوّر الجنّة حيث النعيم الأبدي، وهي في الوقت ذاته، مَثَل أعلى في الجمال، تحاول الشخصيات المسرحية إيجاده في الواقع، فتارةً تتمثله في الماضي حيث التخفف من مسؤوليات الحاضر، وتارة تصارع التناقضات المتمحوِرَة حول مشكلة الفقر وضرورة الحصول على المال، وما يستتبع ذلك من أسئلة حول قيمة السعادة في حياة الإنسان. كما يكون اختلاف وجهات النظر حول الحياة بين كل من الرجل والمرأة، والشباب والكهول، سبباً في زيادة المعاناة من هموم الحياة، ويبدو التطلّع إلى حياة خالية من المتاعِب ضرباً من الخيال. وفي مسرحيتين لإخلاصي يظهر أن الحديقة التي تُطرَد منها إحدى الشخصيات، هي الجنة نفسها التي تستعد لاستقبال شخصيات جديدة في مسرحية أخرى، ولكنها تبقى عالَماً تكمن الجدوى منه في المسافة الفاصِلَة بين الطرد والدخول، أي في الحياة نفسها، فهي القيمة الجميلة لا الحديقة بحد ذاتها.

تندرج الشجرة ضمن مكوّنات الحديقة نظرياً، لكنها تحمل خاصية الجلال في الوعي الجماعي الإنساني، فهي مركز العالَم الذي يوحي بالسيطرة، ومن هذا المنطلَق تكون مصدراً للقوة، مرتبطة بمفاهيم الإنسان الخاصّة بالعائلة التي تشبه الشجرة، أو هي شجرة فعلاً بترابطها ونشوئها من مصدر واحد، وكذلك بالمفاهيم الخاصة حول أشجار معمِّرَة لها سطوة بكونها تشهد زمناً متطاوِلاً، كما هي شجرة الزيتون، أو أشجار ضخمة تفرش ظلها على مساحة كبيرة كشجرة السنديان القوية. وهي تعطي إحساساً للشخصيات (منشؤه اللاوعي الجمعي) بالقوة والتصميم على مواجَهَة مصاعبِ الحياة كالحروب، أو الخلافات مع الآخرين، من منطلق ظلم الحياة وغياب العدالة فيها. وهذا ما يتجلى أيضاً عند استعراض الشجرة بوصفها محوراً للزمن، حيث تكون الشجرة محوراً للمسرحية التي تضع شخصياتها أمام خيارات طريقة التعامل مع الحياة انهزاماً أو تحدياً.

مثال: مسر حية «نادي المتعة 21» (1965):
نجد القادِم الذي يُنذِر أعضاء النادي باقتراب الكارثة ويشكو حزنه العميق وألمه لفراق محبوبته بسبب حلول الكارثة وانتشار الموت الذي خطف الحبيبة منه تحت شجرة الجوز. إن اللقاء عند الشجرة لم يثمِر الحياة وإنما اختطف أحد الطرفين في توكيد لسطوة الموت، وطرح إمكانية الهرب من أجل الحياة عند الطرف الآخر، وحتى يُحذر الآخرين من هذه المصيبة. لقد أدى تسرب جزء من أبخرة الأنابيب إلى تسمم الهواء، وبات الجميع ينشدون الهرب.

تظهر الشجرة بقوة لتشير إلى جلال الزمن وسطوة الموت على كل شيء وكأنه الخالِد الوحيد. غير أن المرأة تطلِق سراح العملاق بعيداً عن عوالِم الموت. إنها تكتشف الجانب الآخر للجلال، فللأشجار مهمة مختلفة عن مجرد احتضان الموت، وبإمكان المرء أن يكون نفسه شجرة كما قالت المرأة في أثناء حوارها مع أعضاء نادي المتعة 21 «سأواجهه هكذا، قوية، كسنديانة الغابات الوحشية».

الأفعى في عرف الأساطير نقيض للطائر، فهي تلازِم الأرض، في حين أن الطائر ينطلق في السماء، وهكذا ما عزّز تناول البحث لها باعتبار أن القبيح يتجلّى من خلالها، كما تجلّى الجميل في الطائر في الفصل الأول من البحث. والأفعى بأنواعها الثلاثة: الراهنة، والحياة المتجددة، والقاتلَة، تعيش من خلال الخروج من تجربة الموت. وهذه هي التجربة التي تصورها المسرحيات في مواقفها المتباينة، فالأفعى الحاضِرَة هي كائن حي موجود فيزيائياً يثير الرعب في الشخصيات، لكن الشخصية تتمسّك بقيَمِها الجميلة في مواجهة القبيح، بما يوضح الحد الفاصل بين هاتين القيمتين. كما أنها حين تمثل الحياة المتجددة تتقنع بنموذج من الشخصيات التي ترمز إلى الأفعى، ومن خلال تبلور مواقف الصراع بين الشخصيات الشريرة كشر الأفعى، والأخرى الطيبة، يتضح صراع الجميل والقبيح، المستنِد إلى اختلاف مفاهيم قِيَم الحياة بين الانتهازية والتمسّك بقِيَم الخير والصالِح العام. أما الأفعى القاتلة، فتصور حالة يائسة من الحياة، تظهر فيها الشخصية ضحية معذّبة لظروف الحياة، بما يرينا الجانب القبيح الأكثر قتامة في الحياة.

ما يجعل البحث يصنِّف الغابة ضمن فصل القبيح هو دورها في إحباط الشخصيات وتثبيط هممها، مما يترك أثراً في المسرحيات من منطلق أن الغابة مكان واسِع يحجب الشمس ويؤدي المسير فيه على غير هدى إلى الضياع بين الأشجار، فهي ملمَح من الحياة التي تصوّرها بعض مسرحيات وليد إخلاصي، لاسيما حين تكون الحياة أشبه بوحشية الغابة بانتشار الجرائم فيها، وضياع القيَم الجميلة. كما أن ما يُسَمّى بقانون الغابة في انتصار القوي على الضعيف، واستغلال القوة لمآرِب فيها تعدٍّ على الآخرين، وتحقيق مصلحة طرف دون آخر، يؤدي غالباً إلى تحويل الحياة إلى مكان قبيح، ينفّر من العيش فيه، فيصبح مكاناً طارداً لأسباب الحياة، جاذباً للموت الذي يحمل الدمار والفناء، وكذلك هو الاغتراب النفسي للشخصية، طريق قريب إلى الموت يمر عبر مفاهيم قسوة الغابة.

الكهف بوصفه رمزاً أسطورياً يشير إلى الولادة والانبعاث مجدداً للانطلاق برؤية جديدة إلى الحياة، يحمل قيمة إيجابية، ولكنه من حيث احتواؤه الشخصية المسرحية ضمن فترة التحول، يميل إلى قيمة المعذّب. ففي أنواع الكهف الخمسة: القبر، الملجأ، غرفة الذكريات، غرفة المنزل، والسجن، تعاني الشخصية ساكِنَة الكهف أو المكان المغلَق من العزلة عن العالم، وتمر بفترات من اليأس والقنوط من الحياة، بما يجعلها شخصية سلبية تثير مشاعر مضطرِبَة عند المتلقي، وعند باقي الشخصيات في المسرحية، تتراوَح بين النفور والتعاطف. إن المسرحيات المدروسة التي يمثل القبر محوراً مكانياً أساسياً فيها، تنتهي نهاية إيجابية بالتغلب على قيمة المعذّب، لتنبثِق منها قيمة الجميل التي تترك أثرها في المجتمع المحيط وفي المتلقين. أما الملجأ، فهو مرتبط بعمليات المطاردَة، ولكن قِيَم الخير هي التي تنتصِر في النهاية، ليقوم كل من الشخصيات بصياغة مفهومه عن الجميل. إن غرفة الذكريات تذكي الماضي الجميل في مواجهَة الحاضِر الذي خلا من مفاهيم الجمال، لذا فإن انهيار هذه الغرفة معنوياً، هو الحدَث الأبرَز الذي يقلب أدوار الأزمنة ليسائل المستقبل عن ماهيته. وعلى نحو مشابه تسير التفاصيل في غرفة المنزل، لكنها تبلور صراعاً أكبر بين مجموعات من الشخصيات التي يريد كل منها السيطرَة على الآخَر بالقوة، ويكون الانتصار في النهاية رهناً بمدى وعي الطرف المنتصِر لقِيَم الحياة وأسرار اللعب مع الزمن فيها.

مثال: مسرحية «أنشودة الحديقة»:
إن الفكرة الأساسية في المسرحية وُلِدَت في الكهف، وهو هنا كهف حقيقي، على الرغم من مشاهِد المقدمة الطويلة التي تشرح كيف وصل مختار إلى الكهف. إن الكهف هو نقطة تعرَّف مختار من خلالها على العالم الفعلي بعيداً عن العالم التخييلي حيث كان يقيم مع والده وإخوته، ومع ذلك فإن العالَم التخييلي حيث حديقة الأب الواسِعَة وقصره المنيف، يبدو هو والعالَم الفعلي حيث تشكل المنازل البسيطة والفقر والحاجة إلى العمل عالَمَيْن متقابِلَيْن يشكّلان وحدة مقابل الكهف الذي سكنه مختار.
إننا نرى مختاراً، طوال المسرحية، معذّباً نفسياً بانقسامه بين اتجاهين يحكمهما المكان: الأول هو الحديقة حيث رغبته في نيل رضا الوالد الذي يسيطر عليها، والثاني هو الحي والأراضي المحيطة التي يسعى مختار إلى نيل نصيب وافر فيها، وهو يرى نفسه مقيّداً: «كان الاختيار قاسياً جائعاً أم سارِقاً، قاتلاً أم قتيلاً». وبين الخيارين يقف الكهف الذي كان نقطة التحول في وعي مختار ذاته، هذا الوعي الذي تشكّل ببطء لكنه أسفر عن انبعاثه من جديد، فبعد أن صار قوياً، حصل على ما يريد وأصبح مكتفياً بذاته، له أملاك واسِعَة ومكانة بين أهل الحي.

بقي في مختار – رغم ذلك – حنين إلى الحديقة حيث نشأ، وهو راغِب في العودَة إلى حيث كان كل شيء مطلقاً ومتاحاً بلا عناء، لكن الأب الذي يقبل أخيراً التحدث إليه يواجهه بالحقائق «الإنسان مسؤول عما فعل، وأنت اخترت دنياك، فابنِ حيث اخترت، لست بحاجة إلي».

لقد تسبَّبَت زوجته حياة في اقتياده إلى عالَم العذاب والمصاعِب، كما جذبَت المرأة أنكيدو في ملحمة كلكامش إلى عالَم البشَر. لقد فقدَ مختار نعيم الحديقة، كما فقد أنكيدو صحبة الحيوانات بعد لقائه المرأة، لكنه – بفضلها – وعى ضرورة استقلاله بنفسه وتحمَّل نتائج خياراته، فكان إدراكه جوهر الحياة القائم على جدلية العذاب والجمال، فالعالَم متحرك ومختار ثابت في كهفه، الحديقة ثابتة أيضاً، وهو مضطر إلى الاختيار من بينهما.

وأخيراً، تأتي آخر صورة للكهف في مسرحيات إخلاصي وهو السجن، فهو فرصة لمناقشة الشخصيات خياراتها في الحياة، وهي في هذا المكان المنعزِل موضع اتهام، وتتمكّن من مجابهة المخاطر والتصدي المنطقي لها، في الحصول على حريتها والتغلّب على عذاباتها.
قراءة في مسرحية «الليلة نلعب»


يبدو التجديد في هذه المسرحية من عدة جوانب. من ذلك أن تسعة ممثلين فقط – رجل وامرأة وسبعة وجوه – يقومون بجميع أدوار المسرحية، بحيث أن الوجه الواحد يؤدي أكثر من دور، كما تتخذ المسرحية شكل «المسرح ضمن المسرح».

يريد وليد إخلاصي أن نتعلم من تاريخ الإنسان، فانطلق من أسطورة آدم وحواء وابنهما قابيل وهابيل، فجعل بذلك تاريخ البشرية يقوم على الخطيئة والجريمة.

ويتبين من خلال عمله هذا أن الكاتب لم يتبع نظرة معينة إلى الإنسان والعالَم والتطور، فهو انتقائي: أحياناً يأخذ من الماركسية، أخرى من الوجودية، أحياناً ينظر بعين المادي، وأخرى بعين المثالي، وهناك التأثير الديني إلى جانب التأثير العلماني، الاشتراكي إلى جانب البورجوازي.

ايوب صابر 01-18-2012 12:26 AM

ب) بين العلم والأسطورة:
«المرأة: الغواية.
الرجل: الشيطان وشجرة التفاح؟
المرأة: لا أعتقد أن مثل هذه الأمور كانت لازمة، فاللقاء كان طبيعياً لكي تأخذ اللعبة شكلها الطبيعي».

لقد كان الكاتب بين خيارين: خلق الله آدم وحواء إنسانين «كاملين»، ثم أغواهما الشيطان ودلَّهما على الغرائز، أو أن الإنسان خضع لقانون التطور، وههنا لا يكون للملل دور فيما يسميه الكاتب «لعبة الحياة» خصوصاً أنه جعل «الملل» دافعاً لبدء لعبة الحياة، وذكر أن آدم وحواء لم يكونا يعرفان في البدء سوى الإشارة...!!

أما أسطورة قابيل وهابيل فهي مرتبطة بالأسطورة السابقة، وهي تسعى لتأكيد نشوء الجريمة بسبب معصية الإنسان لله واكتشافه للنفس والغرائز ولجميع ملاذ الحياة وشقاواتها. إن تاريخ البشرية وفق هذا المنظور يغدو تاريخ قتل، وما علينا إلا أن نخرج من هذه الحفرة! يتساءل المرء: هل أراد الكاتب توحيد العلم بالميتافيريقا؟ التاريخ بالأسطورة؟ والمادة بالروح؟

جـ) المرأة:
تكاد تكون المرأة في هذه المسرحية معادِلاً للمطلق، فهي الماضي والمستقبل، هي كل شيء. يقول الرجل: «أحبكِ لأنكِ مستقبل كل اللحظات التي أعيشها. ولأنكِ ماضي اللحظات التي نحلم بها». «كلما وضعت رأسي في جحرك أحسست بأنك أمي وأختي وصديقتي». ولكنها مع ذلك تختلف عن الرجل منذ البداية. تقول الوجوه: «الرجال زجاج رقيق، أما النساء فصلصال مرن». وإذا تتبعنا الاختلاف نرى مثالاً على ذلك أن المرأة تقع، فلا تتأثر كالقطة؟ بينما الرجل يكاد يموت من السقطة. وما دليل أن طبع الرجال الملل أكثر من النساء؟! كما قال الكاتب على لسان الوجوه: «الرجل والمرأة وجهان لقرص، الرجل والمرأة قرص واحد».

د) سرد تطور التاريخ وصولاً إلى نظام الإقطاع والثورة ضده:
نحن الآن، في المشهد العاشر، أمام النظام الإقطاعي المتمثل في عبودية الأرض المتطورة من العبودية المباشرة، والقائم أيديولوجياً في الحق الإلهي للحاكم بعد أن كان في قمة عصر الرق الإله نفسه. ففي المجتمع الإقطاعي أصبح الإنسان المنتِج عبداً للأرض، يُبَاع ويُشرَى معها.

يحصل الفلاح في هذا المشهد على امرأته بعد صراع طويل ضد حسد الرجال، وطمع الأهل، وضرورات العيش. إنه يحبها وهي تبادله الحب. وفجأة، «تُسمَع جلبة في الخارج ثم صوت باب يُكسر، يدخل ستة رجال، يتبعهم بعد قليل، رجل هو مالِك الأرض والقرية»، كان هذا في يوم العرس:
«المالِك: وتمتلك امرأة دون علمي؟
الرجال: من يعصي أمر السيد يُضرَب. للمالك حصة.
الرجل: حصة، حصة بأي شيء؟
الرجال: للمالِك حصة لأنه سيد. للمالِك الحق في الأشياء والناس لأنه يملك. من يملك يأخذ. من يحكم يأخذ».
ويقول رجل ثالث بالنيابة عن المالِك: «لي حق أعطانيه الله»، ويوجه الرجال كلامهم إلى المالِك: «وبمائك يصبح رحم المرأة أخصَب».
سبب الصراع إذن هو رغبة المالِك في مضاجعة المرأة قبل زوجها.
وعندما يصرخ الرجل: «يا إلهي. يا إلهي إلى متى نظل عبيد الأرض وصاحب الأرض»، فليس لسبب آخر، حسب المسرحية، سوى أن ينتهي استبداد الإقطاعي الذي يسمح له باغتصاب زوجات الآخَرين.

هـ) تطور التاريخ وصولاً إلى الرأسمالية والفاشية:
في المشهد الثالث عشر يربط الكاتب بشكل جلي بين الفاشية والرأسمال، مما يدل على فهم صحيح لطبيعة الفاشية. فالزعيم الفاشي يمثل الرأسمال في مرحلة أزمة الرأسمالية المتفاقِمَة:
«رجل1: مصانع صلبي رهن الإشارة.
رجل2: وأنا أعطي أموال البنك. دون فوائد، دون إعادة.
الرجال: عاشت أموال البنك دون فوائد. المال توفر، عاش المال المتوفر.
رجل3: أسواق العالَم رهن الإصبع. والإصبع لك، أسواق العالَم لك. حرك أسواق العالَم.
الرجال: أسواق العالَم باتت لك. عاشت أسواق العالَم تخدم.
رجل4: وأنا أعطي الأوراق المطلوبة، أعطي أقلام الكتّاب. أضمن تأليف الأنباء، جميع الأنباء».

ههنا تتجلى حقيقة سيطرة الرأسمالية على الصحافة والفكر، الأمر الذي يناقِض «حرية الكلمة» التي يتبجّح بها دعاة النظام الرأسمالي. وللمرة الأولى نرى المثقفين – لدى وليد إخلاصي – يعملون في سبيل السلطة، بينما كانوا سابقاً مناوئين لها، مضحّين في سبيل الآخَرين. أما الجماهير، فهي كالسابق، مع الرجل القوي، مع السلطة. إلا أن الكاتب يستثني ثلاثة أفراد منها: الرجل وهو عامل متعطل، الشحاذ الذي كان فلاحاً، والمرأة التي انتزعوا منها زوجها وزجّوه في الحرب. الرجل نفسه، أي العامل المتعطل، يلعب دور المثقف، هنا يقول الكاتب على لسان رجل: «قديماً كنا نغني عندما لا نجد عملاً بين أيدينا، الآن لا أجد عملاً ولا أستطيع الغناء». ثم: «يا أولاد الكلبة. يا من تفبركون الجوع، وكأنه صناعة متقنة».

وينهي الكاتب هذا المشهد بانفجار ذري ودمار شامل للفاشيين ولسواهم. وهي نهاية سوداء مخيبة. أما في الواقع، فقد انتهت الفاشية، ومات عشرات الملايين وكان دمار فظيع.

و) بعد الحرب:
الرجل هنا يختلف عنه في المشهد السابق، بكونه الآن أقل تصميماً وأكثر تردداً. إنه يتبع الطريق الأسهل: «يبدو أني قد أصبحت عصبي المزاج، ويجب ألا يعلو صوتي (لنفسه) ما لك والمشاكل، عد إلى عملك فالوقت له قيمة، (لنفسه) ما لك والاعتراض، اصمت فهذا أفضل للصحة».

ينقلنا الكاتب بعد ذلك إلى «دولة الرفاهية» كما ودّ دعاة الرأسمالية تسمية دولتهم، إنه ينقلنا إلى عصر الكومبيوتر، وههنا ينتهي العرض التاريخي، لقد أنجز الكاتب حتى الآن مغامرة منهِكَة وخطيرة. فليس من السهل تجسيد مراحل التطور التاريخي المديدة والمتباينة في عمل مسرحي، فهذا يحتاج إلى فكر علمي متين وإلى اطلاع عميق وواسع في التاريخ وفي الكثير من العلوم، وإلى نَفَس طويل.

يبدأ هذا المشهد بمنظرين متعاقبين على الحائط لفترة طويلة: منجزات علمية متفوقة، منظر بدائي معاصر. إن أكثر عالمنا اليوم يعاني حقاً من هذه الازدواجية الغريبة، والتي ترتبط بوجود نظام رأسمالي إمبريالي قوي في العالَم. السمة الأخرى لهذا النظام، كما تقدمه المسرحية، هو أنه نظام مجتمع لا عقلاني بشكل مخيف، بقدر ما هو عقلاني بشكل مخيف. فهناك إنتاج فائض (الوجه الإيجابي)، ولكن السلع لا معنى لها (الوجه السلبي)، هناك صناعة متقدمة (الوجه الإيجابي)، وأكثر تقدماً هي صناعة الأسلحة (الوجه السلبي). ويصرخ وليد إخلاصي:
«صوت2: جيفارا.. يا جيفارا.
صوت1: تسقط آلات الحرب».

لقد أصبح جيفارا رمزاً للثورة ضد لا عقلانية المجتمع «السوبر عقلاني». إن خيرات العالَم تكفي البشرية وتزيد، ومع ذلك فهناك جائعون. يستطيع التقدم العلمي والتقني جعل العالَم أجمع سعيداً. ومع ذلك فهناك حروب لم يعرفها العالَم من قبل. ثم ينتقل الكاتب بنا إلى تبيان مفارقة أخرى: العلم من جهة، والتجهيل من جهة أخرى. لقد أمسى العلم يُسَخَّر في المجتمع الرأسمالي في سبيل «الجهل»: لتغطية الحقائق التي تدين النظام، لترويج بضاعة كاسدة، لكسب الناس في سبيل مصالِح خاصة ضد مصالح المجموع.

«رجل5: كنا نتصور أن الكومبيوتر لخير الناس.
رجل1: كنا نحلم أن العلم لخير الناس.
رجل2: العلم لخير الناس، لا للحرب والتزييف.
المرأة: تعالوا نستخدم هذا الكومبيوتر كما نريد، لنصنع كمبيوتراً يخدمنا.
رجل4: من نحن لنصنع! نعمل كالآلات، نُكبَس كالأزرار، نعطي».

إن المسحوقين يهمّون – بمبادرة المرأة – باستخدام العلم لصالحهم. ولكن الكاتب غير متفائل بذلك.

و) الخاتمة:
في نهاية المسرحية نعود إلى ما كنا عليه في البداية. تدعو المرأة الرجل إلى الانتحار، فيستنكِر الرجل، وبصورة عامة، فإن النتيجة التي يصِل إليها الكاتب، هي إيجاد ثغرة للخروج من الحفرة!!
قراءة في رواية «رحلة السفرجل» [4]


قسّم أحد النقاد رواية الكاتب السوري وليد إخلاصي إلى زمنين: زمن واقعي – فعلي، وآخر رمزي. واعتبر أن زمن الحكاية الفعلي يمتد على مدى ثلاثة أيام، باستيقاظ المهندس عبد المعين السفرجل الذي يعيش وحيداً في منزله، وتنتهي بركوبه القطار المسافر إلى دمشق. وما بين استيقاظه ومغادرته يلتقي برفاق المقهى المتقاعدين: العميد سامي، والوزير السابق نصر الله، وأستاذ الجغرافيا كامل السيّاف، ثم بابنته صفيّة التي يُعْلِمها بسفره. لكن هذا الزمن القصير يُخترَق باسترجاعات زمنية بعيدة وقريبة تغطّي فترة طفولته، ودراسته الثانوية، والجامعية، وأحداث الثمانينيات، وعمله بعد التخرج، ومشاريعه الهندسية، وأحلامه، وقصة حبه لثريّا، وخطبته لفاطمة وزواجه، ثم حياته الأسرية مع بناته. ويعتبر الناقد أن ما بين اللحظة الراهنة التي يعيشها السفرجل والماضي البعيد والقريب، تتوالى الأحداث المسترجعة والمعيشة، في نسق زمني متقطّع عبر التداعي والتذكّر والمونولوج والديالوج؛ لتضيء العالَم الداخلي للسفرجل، وشبكة علاقاته الخارجية التي تربطه بالوسط المحيط.

وقد استدعى هذا الانتقال الزمني البندولي ما بين الحاضر والماضي، الانتقال المكاني أيضاً ما بين حلب والحسكة، حيث تعيش ابنته عائشة، والقطار المتجّه إلى دمشق، وداخل أحياء ومعالِم حلب ذاتها، مثل: القلعة، والجديدة، وساحة سعد الله، ومحطة القطار، وساحة جامع الأطروش، والمقهى. ويتناغم الزمان والمكان في دلالتهما الواقعية والنفسية والرمزية، فيبدو الزمن الراهن (الشيخوخة والتقاعد) وفضاؤه المكاني: المقهى، والقطار، مشحوناً بالخوف والتأمل، والأسئلة الوجودية عن الموت والحياة. فيما يبدو الزمن الماضي (الشباب والدراسة والحب) وفضاؤه المكاني: القلعة، حتى الجديّدة، الحديقة العامة، مشحوناً بالحنين ورهناً للذكريات الحميمة والأحلام والمشاريع والطموحات.


وحسب مصدر آخر، فإن الفكرة الأساسية التي بُنيَ عليها العمل تقول عدة أمور، من أهمها أن تقاعد المرء بعد أن يمضي قسماً كبيراً من عمره في العمل، يشبه نوعاً من الموت. إن ما يودّع به من إشادة ومدح هو أقرب إلى رثاء لطيف لعمر لا يلبث أن يلفه النسيان.

بدأ إخلاصي بوصف أول يوم من تقاعده وتوقفه عن العمل وتوقف ساعة المنبه، وهي هنا آلة تسجيل لموسيقى كانت توقظه. نقرأ الصفحة الأولى: «كانت الدقائق التي مرت على معين السفرجل، في بدايات استيقاظه المتقلبة مدخلاً لإدراكه أن شيئاً ما يحدث في الدار، شيئاً لم يحدث مثله من قبل. واستطاع بعد قليل أن يحدد مصدر الاضطراب. فالذي حدث هو ما في الجهاز القائم في غرفة المعيشة. وكانت المجموعة التي تضم المسجل قد برمجت لتنطلق الموسيقى في الساعة السابعة من صباح كل يوم إيذاناً باستقبال نهار جديد. وبذا أصبح المسجل جهاز توقيت منتظم اعتمدت عليه ساعة الانطلاق إلى العمل، وظلت كذلك بعد أن بات متقاعداً، فلم يتغير نظام استيقاظه».

نهار طويل وهو وحيد في البيت. زوجته توجهت في زيارة لإحدى بناتهما التي تعيش مع عائلتها في مدينة بعيدة. جميع بناته تزوجن وابتعدن. درَج الآن على التوجه إلى إحدى المقاهي، ليلتقي عدداً من الأصدقاء المتقاعدين مثله.

وبعيداً عن تلخيص المصدر المذكور للرواية، نلاحظ الحجم الكبير لحضور التفاصيل اليومية في الرواية. لقد بدا الأمر أن إخلاصي لا يكتب رواية، بل يحكي قصة واقعية عن أولئك الذين يعانون كثيراً في بلادنا جراء نظام التقاعد الوظيفي. في ظل عدم وجود أي نظام لرعاية الشيخوخة. ثمة من يتساءل عن المعنى الإبداعي لهكذا نوع من الكتابة التي لا تضيف شيئاً، بل تعيد وصف الواقع الذي يعرفه ويعيشه الجميع أصلاً. فأين الإبداع؟!

يتابع كاتب المقال: كان السفرجل قد تخرج مهندساً مميزاً متفوقاً، لكنه لم يستطع أن يحقق أحلامه ومشاريعه المعمارية، فاضطر إلى قبول وظيفة في إحدى الوزارات، حيث كان رؤساؤه من الإمّعات الذين لم يكونوا مساوين له موهبةً وإنجازاً.

ويرى أن نهاية الرواية جاءت بعد أن قصد السفرجل العاصمة دمشق من مدينته حلب، ليقدم اقتراحاً إلى الوزير. فواجه إخفاقاً. في طريق العودة أصيب القطار بعطل استمر مدة طويلة. خرج السفرجل يتمشى وابتعد عن القطار المتوقف. جلس على مرتفع. يعتبر الكاتب أن ذلك يُعتبَر عودة رومانسية إلى الطبيعة. بدا له أن هناك صوتاً يناديه «اقترب يا سفرجل، فاقترب. سمعه دون أن يتحرك، من أين يأتي النداء؟ أيمين التل ينادي أم يساره؟ فخُيِّلَ إليه أن جميع الأرجاء تهتف باسمه، تدعوه. سمع فجأة صوت القطار، فانشدّ إليه يشهد عن بعد عدداً من الركاب يتسابقون في الصعود إليه».

ومر القطار، وهو لا يزال يستمع إلى النداء: «اقترب – وكان النداء كصفير قطار يخترق الروح التي كانت ترتعش في محاولة جاهدة لتلبية أمر الاقتراب»، وعلى هذا المنوال يتابع إخلاصي روايته الواقعية إلى درجة مريبة!

في حوار مع الكاتب، اعتبر إخلاصي أن «رحلة السفرجل لم تكن غريبة عن واقع الحياة. اليأس المتراكم عبر سنوات الشباب والشيخوخة للذين يمتلكون بذور الموهبة أو ثمارها، هو الذي يشكل لعنة قد ترافقهم حتى نهاية العمر. وتلك هي الضريبة يدفعها هذا النوع من البشر في مجتمعنا، وقد يدفعها في مجتمعات أخرى. وللعدل فإن هذه الضريبة سينجو من دفعها قلة من أعداد الموهوبين. هم يحلمون برؤية جديدة للحياة، وهم يشكلون طليعة خفية في مجتمعهم. ويرى إخلاصي أن المشكلة تكمن في المدن. المدينة فخ يقع فيه من يخرج عن السرب، ومن كان يمتلك موهبة ما. لأنه من المألوف ألا ينجو صاحب الموهبة، باستثناء من يمتلك القدرة على المثابرة. والمدينة فخ لما فيها من صراعات وقيود تحدّ من طاقة الإنسان. وتلك هي مدن عربية قد استشرى فيها فساد الأرواح وسوقية التفكير، ونزاع المصالِح في قتال التنافس، وأيضاً في لعبة الحصول على الكراسي».

وبعيداً عن مضمون «رحلة السفرجل»، كما يرى إخلاصي، فإن أسلوب الحكاية لم يحتمل قول ما يمكن أن يقال. فلا الإنشاء من وصف ومحسّنات يحتملها معين السفرجل لإغناء وجوده، ولا هو كبطل حكائي على استعداد لتجميل أو إضفاء الزيادات على شخصه، فهو المستسلم بعد يأس. وتلك هي الحكاية.

ويعترف وليد إخلاصي أن ما كتبه ليس رواية، ولا يحقق شروط الرواية. بل هي حكاية، إذ يقول: «رحلة السفرجل ليست سوى حكاية لم تتحقق فيها صفات الرواية، ولذا حافظت على احترامها للكيان وهو جنس أدبي نعترف به».

المراجع

1) من الإسكندرونة إلى الإسكندرية، محطات في السيرة الذاتية. القسم الأول. تأليف: وليد إخلاصي. قدم له: د.عبد النبي اصطيف.
2) أطروحة الماجستير للباحثة علياء الداية، بعنوان «في التجربة المسرحية عند وليد إخلاصي».
3) أيديولوجيا الأدب في سورية. تأليف: بو علي ياسين ونبيل سليمان.
4) مواقع الكترونية.
هوامش

[1] معظمها مأخوذ من كتابه «محطات في السيرة الذاتية»، القسم الأول، بعنوان «من الاسكندرونة إلى الاسكندرية»، تأليف: وليد إخلاصي.
[2] هذه الدراسة هي ملخص لما أتى في أطروحة الماجستير للباحثة علياء الداية من المقدمة والخاتمة ومن بعض المسرحيات التي استشهدت بها الباحثة في عملها الجميل والغني.
[3] هذه الدراسة عبارة عن ملخص لما جاء حول هذه المسرحية في كتاب «أيديولوجيا الأدب في سورية للكاتبين بو علي ياسين ونبيل سليمان».
[4] أخِذَت هذه الدراسة عن أحد المواقع الإلكترونية، ولم يَذكَر فيها اسم الكاتب.



نبيل سلامة

اكتشف سورية

ايوب صابر 01-20-2012 11:49 PM

ابرز الاحداث المؤثرة في حياة الكاتب : وليد إخلاصي
- كان وليد إخلاصي كبيراً منذ أن كان صغيراً، وهذا الصغير الكبير، كان يعرف التحدّي بشراسة دفاعاً عن إبائه وكرامته.
- والده هو الشيخ الأزهري أحمد عون الله إخلاصي وقد عُيِّنَ مديراً لأوقاف إسكندرونة فأخذ أسرته المكونة من زوجة وولدين هما نزار الكبير وعدنان الصغير، وذهب بهم إلى إسكندرونة تاركاً حلب والزوجان مازالا في قمة الحيوية والشباب، وها هي الأم تحمل في بطنها ثمرة جديدة. وجاء الابن الثالث وهو المسمى «وليد» الذي أطل على الحياة ليلة السابع والعشرين من أيار للعام 1935.
- لقاؤه الأول مع ما يُسمَّى بالموت :لقد ابتدأ الطفل (وليد) يسمع حكايات وإشارات عما يسمى الجنود الفرنسيين وقسوة احتلالهم للأرض السورية التي كان يعتقد أنها تدل على الإسكندرونه وحمص فإذا هي تدل على ما هو أكبر من المدن التي احتضنته. كان هناك جار لهم في العمارة المجاورة وهو شاب جميل بقامته اللافتة للنظر وبسماحة وجهه، فهو إذا قابل واحداً من أطفال الحي داعبه بمودة ورحب به، وكان يطيل في زيارته لبيت عائلة وليد، فيعلم وليد أنه يتبادل مع والده محبة خاصة، كان اسمه مصطفى السباعي. وذات يوم، تدفق الناس نحو العائلة وهم يحملون جسداً تمزق صدره. والأكف ترفع جسد جارهم (ابن الحسامي)، وقد تدلت ذراعاه، ودخل التكبير والتهليل عمارة الشاب الذي قيل إن رصاص الدمدم قد أودى بحياته. ذلك المشهد كان أول معرفته بأمر اصطلح على تسميته بالموت. وصحح والده الكلمة بأنها الشهادة.

- كان قدوم العائلة إلى حماة في يوم من الأسابيع الأولى من العام 1940. وكانت دراسته الابتدائية في أول سنة في حماة.

- وما أن انقضت سنة أو أكثر بقليل حتى أعلن الوالد عن قرار جديد سيعيدهم إلى حلب. وكان الوالد فرحاً لقرار العودة إلى المدينة التي جاؤوا منها. حيث كان قرار نقل وظيفة الوالد قد وصل في الصباح.
- فكان طقس الصباح يشكل جانباً من المحبة للوطن الذي ما زال يقبع تحت سيطرة الاحتلال الفرنسي الذي لا يتوقف عن نشر الجنود في معظم الأحياء وكأنهم شركاء في امتلاك المدينة التي لم تتوقف عن إبداء استيائها في السر والعلن.
- مظاهر الفقر والضنك في حياة العائلة وقد شهدت أيام الضيق المادي قدرتها في تدبير أمور أولادها المدرسية. كانت تعد الحبر لاستخدامهم، فكانت تذيب بلوراته في الماء الساخن لحفظ الحبر في زجاجة يملؤون منها محابرهم المصنوعة من التنك، كما أنها كانت تحيل الورق المستخدم للتغليف (ورق الصر) إلى دفاتر تخيطها بالمسلة، فقد كان ثمن الدفاتر في المكتبات يشكل عبئاً ثقيلاً. كما أن الوالدة لم تنقطع عن ترميم الكتب الممزقة فقد كان المتداول عند معظم التلاميذ والطلاب هو التبادل بين السابقين واللاحقين في السنة الدراسية.

كنتيجة لمجموعة العوامل المذكوره اعلاه وخاصة صدمة الموت في الطفولة المبكرة لذلك الشاب :

سنعتبره مأزوم.

ايوب صابر 01-20-2012 11:52 PM

29- طواحين بيروت توفيق يوسف عواد لبنان

رواية طواحين بيروت
من وكيبيديا

طواحين بيروت هي رواية للكاتب اللبناني توفيق يوسف عواد، تدور حول لبنان والوطن العربي تجاه قضاياه المصيرية في العقيدة والسياسة والجنس. كتبها مؤلفها قبل اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية.
تحتل الترتيب 29 في قائمة أفضل مئة رواية عربية في تاريخ الأدب العربي حسب تصنيف اتحاد الكتاب العرب، اختارت منظمة اليونيسكو هذه الرواية في سلسلة "مؤلفات الأدباء الأكثر تمثيلاً لعصرهم". وترجمت الرواية إلى اللغات الإنكليزية والألمانية والفرنسية والروسية.
محتوى

تحكي رواية «طواحين بيروت»، وعلى مستواها الفني المتخيل، حكاية الصراع في لبنان بكل تعقداته وتشابك قضاياه وعلاقة ذلك بالنسيج الاجتماعي لهذا البلد، وبما هو نهج ثقافي ـ طائفي.
أحداث الرواية

تجري أحداث الحكاية التي ترويها الرواية في فترة مفصلية من تاريخ لبنان الحديث، هي فترة الستينيات التي عرفت صعودا للفئات البرجوازية اللبنانية، خاصة الفئة الوسطى، وتلازم ذلك وانتظام المنتجين، على مختلف الصعد الإنتاجية، في هيئات نقابية تناهض سلطة الفساد وتسعى لتحسين الأوضاع المعيشية للمنتجين والعمال على مختلف مستوياتهم، وذلك على قاعدة مفهوم للوطن مدني يجمع بين المسلمين والمسيحيين.
تنبني الواية مسعى إصلاحي ـ تغييري يلتزم به الجيل الناشئ في لبنان من طلاب الجامعات، وعلى رأسهم هاني الراعي المسيحي وتميمة نصور المسلمة الشيعية. كلاهما قادم من الأطراف: هاني من قرية المطلة في المتن الشمالي ـ أي من الجبل المسيحي ـ وتميمة من قرية المهدية في الجنوب اللبناني ـ الشيعي في غالبيته ـ وكلاهما يعاني من هذا التغيير في أجواء حياته بسبب الانتقال من بساطة القرية إلى صخب المدينة، في ما هما يعملان من أجل التغيير، الإصلاحي، داخل المدينة.[2]
ينطلق هذا المشروع من هدف محدد عند الطلاب، هو تطوير الجامعة اللبنانية التي كانت تقتصر على تعليم العلوم الإنسانية، بإنشاء كليات للعلوم والهندسة.
لكن ثمة أموراً تحول دون نجاح مشروع الطلاب التغييري. تتناول الرواية هذه الأمور، فتشير إلى بعضها وتحكي عن بعضها الآخر بإسهاب: تشير إلى تعرض السلطة الحاكمة آنذاك لمظاهرة الطلاب، والى مجهولين يطلقون الرصاص عليها. وتحكي عن «معامل التعصب وغبار الشوارع الغوغائي. والزعماء التقليديين وتجار النفوذ» الذين اندسوا في صفوف الطلاب، تحركهم مآربهم الحزبية وشهواتهم الخاصة وأصبغتهم العقائدية. [3]
مراجع
  1. ^ طواحين بيروت: رواية
  2. ^ مـاذا تعلمنـا الروايـات اللبنانيـة عـن الحـرب؟ السفير، تاريخ الولوج 24 ديسمبر 2011
  3. ^ طواحين بيروت، الطبعة الخامسة، مكتبة لبنان، بيروت، .1991 (ص 162).
هذه بذرة مقالة عن رواية تحتاج للنمو والتحسين، فساهم في إثرائها بالمشاركة في تحريرها.

==


*** نبذة عن رواية ............... طواحينبيـــــــــروت



طواحين بيروت هي رواية للكاتب اللبناني الشهير توفيق يوسف عواد، تحكي في بعض فصولها عن الحرب الأهلية اللبنانية توفي الأديب الكبير توفيق يوسف عواد إثر سقوط قذيفة سورية على مبنى السفارة الإسبانية حيث كان متواجداً معصهره السفير وابنته، فقتل على الفور مع ابنته الكاتبة ساميا توتونجي.


اختارتمنظمة اليونيسكو العالمية هذه الرواية في سلسلة ( مؤلفات الأدباء الأكثر تمثيلاًلعصرهم ) .


وترجمت الرواية إلى اللغات الإنكليزية والألمانية والفرنسيةوالروسية.


طواحين بيروت هي ملحمة الجيل في لبنان والوطن العربي تجاه قضاياهالمصيرية في العقيدة والسياسة والجنس.. كتبها مؤلفها قبل اندلاع الحرب الأهليةاللبنانية عام 1975م



*** تحميل رواية ........... طواحينبيـــــــــــروت



من هنــــــــــــــــــــــا


http://www.4shared.com/file/96235004...Awad_____.html

==

ايوب صابر 01-20-2012 11:56 PM

توفيق يوسف عواد

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة



توفيق يوسف عواد هو أديب وكاتب روائي لبناني راحل. ولد في بحرصاف المتن عام 1911. نال البكالوريا عام 1928. كان متمكنا من اللغة العربية وبدأ بالكتابة للصحف منذ عامه الثامن عشر. درس في كلية القديس يوسف في بيروت ثم واصل دراسته للحقوق في جامعة دمشق. له الكثير من المؤلفات الروائية والقصصية والشعرية. صنفت روايته طواحين بيروت واحدة من أفضل مائة رواية عربية.
وفاته

توفي عام 1988 إثر سقوط قذيفة على بيته خلال الحرب الأهلية اللبنانية. توفي الأديب الكبير توفيق يوسف عواد إثر سقوط قذيفة على مبنى السفارة الإسبانية حيث كان متواجدا مع صهره السفير وابنته، فقتل على الفور مع ابنته الكاتبة ساميا توتونجي.

ايوب صابر 01-21-2012 12:03 AM

توفيق يوسف عواد المبدع المتعدد المواهب إعداد:وفيق غريزي
مجلة الجيش
العدد 239 - أيار, 2005

حمل في خيال محبرته صورة «الرغيف» أو «ابن المدوّر» الذي كانت تدور حوله الأفواه اللبنانية والبطون المتضورة http://www.lebarmy.gov.lb/image.asp?id=11099جوعاً، فلا تجد له أثراً، نادراً، إلا في «دكدوك» قمح أو شعير. حلم أن يكون شاعراً - كاتباً، فكان له ما أراد وبرهافة أصفى من أجواء بلدته «بحرصاف» وأطيب من بلدة والدته «ساقية المسك». وفوق ذلك، كان دبلوماسياً لبنانياً مميزاً، وكتب في الصحف منذ العام 1927، انتقد التقليد في الأدب ومارس التجديد، عايش وعاصر الأخطل الصغير وخليل مطران والياس أبو شبكة وابراهيم طوقان وغيرهم، وهو أول من وصف ميخائيل نعيمة بلقب «ناسك الشخروب» وصادقه مدى العمر. من هو هذا المبدع اللبناني؟ انه الروائي والقاص توفيق يوسف عواد.
حياته وبداياته ونهاياته
ولد توفيق يوسف عواد في قرية «بحرصاف» قضاء المتن في 13 شباط عام 1911. بدأ دراسته في مدرسة القرية «تحت السنديانة» على يد رئيس دير مار يوسف، الذي كان يلقن الفرنسية إلى جانب العربية، ومن هناك انتقل إلى مدرسة اليسوعيين في بكفيا، حيث قضى سنتين أو ثلاث سنوات. تابع دراسته الثانوية في «كلية القديس يوسف» في بيروت حيث نال شهادة البكالوريا العام 1928 وبعد أن تخرّج من الكلية، انصرف إلى الكتابة في الصحف، فكتب في «البرق»، لصاحبها الأخطل الصغير، وفي «البيان» لبطرس البستاني، وفي «الراية» ليوسف السودا، وفي جريدة «النهار» لجبران التويني.
أول مقال ظهر له بعنوان «أخي الذي مات» في مجلة «العرائس» لعبد الله حشيمه، وقد شجعه على الكتابة هذا الأخير والأب روفائيل نخلة اليسوعي، وأول عمل مرموق دشن به حياته الأدبية محاضرة عن الزجل اللبناني ألقاها عام 1929 في جمعية مار مارون الخيرية. وتولى خلال ثمان سنوات سكرتيرية التحرير في جريدة «النهار»، منذ تأسيسها على يد جبران تويني وكتب فيها زاوية بعنوان «نهاريات» تحت اسم مستعار هو «حمّاد». أثناء عمله في النهار، تابع دراسة الحقوق في الجامعة السورية، استكمالاً لثقافته العامة، فكان يقصد دمشق يومين أو ثلاثة في الأسبوع ونال اجازة الحقوق عام 1934. وكان قبل عام قد تزوج السيدة أورطنس خديج، ورزق منها أربعة أولاد هم: ربيع، سامية، هاني، وجومانا.
في بداية عهد الاستقلال التحق توفيق يوسف عواد بالسلك الدبلوماسي فعيّن قنصلاً للبنان في بوينس ايرس (1947-1949)، ثم عيّن مستشاراً لسفارة لبنان في طهران (1950-1953)، فقائماً بالأعمال في مدريد (1954-1956)، فوزيراً في سفارة لبنان في القاهرة (1957-1959). عام 1969 عين سفيراً في طوكيو، ثم سفيراً في ايطاليا عام 1972. استشهد إبان الحرب اللبنانية، جراء قذيفة استهدفت منزل السفير الاسباني عام 1989.
مؤلفاته: الصبي الأعرج، قميص الصوف، الرغيف، العذارى، قصص، السائح والترجمان، وطواحين بيروت.
بين الخير والشر
قرأ توفيق يوسف عواد كثيراً من الكتب في مقتبل عمره، ثم انقطع عن القراءة إلا لماماً خلال الخمس والعشرين سنة التي تلت تلك المرحلة، على أن هناك كتباً معدودة على الأصابع كان يعود إليها، ومنها التوراة، والقرآن، وروائع الأدب العالمي لشكسبير وموليير ودستويوفسكي ومونتريامون. كما حضر في مختلف عواصم العالم مسرحيات كثيرة، وقرأ مسرحيات أخرى أحب منها بنوع خاص مسرحيات جان بول سارتر وألبير كامو الوجودية.
لم يعرف عواد ما هو تحديد المدرسة الرمزية، ولا تهمه المدارس الأدبية مهما تنوعت وتلبست من أسماء ونعوت. أما حديث الحب في كتاباته فمليء بالرموز وكذلك سائر الأحاديث. فالأدب بل الفنون لديه ليست في حقيقتها إلا تعبيراً بالرموز، سواء أكان حرفاً، أم صوتاً، أم لحناً.
وبالنسبة إلى الانسان الحائر بين الخير والشر، يعرض عواد حكاية الأخوين السياميين اللذين ولدا ملتصقين، وقضيا حياتهما، فتزوجا ونسلا، وطافا العالم في سيرك يتفرّج عليهما الناس في كل بلدان العالم، ثم مات أحدهما، فكانت أفظع مأساة عرفها انسان، إذ حمل الأخ الحي جثة أخيه الميت ساعات كانت أطول من دهر، ثم لحق به لأن أعضاء الاثنين كانت مشتركة. لقد شبه عواد الخير والشر في الإنسان بهذين الأخوين، والإنسان بينهما، ضحية شقية.
وحسب رأيه، يرقص الزمان ويغني، عندما يكتشف الانسان الإله الحقيقي في نفسه، أي الحب الشامل، وهو النقطة العجيبة التي تتوسط دائرة الكون. النقطة التي هي المصدر والمآل.
ويؤكد عواد أن الإنسان واحد في الفرد والمجتمع وفي السلم والحرب، والبشر في ما بينهم أخوة سياميون مربوط بعضهم ببعض بنياط القلوب، والأحياء يحملون الأموات جثثاً في أرواحهم. لذلك، يقول رجل المريخ: ليس للفرد مصلحة في غير مصلحة أخيه أو قريبه، وليس لأي مجتمع، أو أية أمة مصلحة تختلف عن مصالح غيرها من الأمم، فالسلام بين الإنسان ونفسه، هو السلام بينه وبين الآخرين أفراداً ومجتمعات، وهذا هو الخير الأسمى.
نماذج من أدبه ونثره
يشير الروائي توفيق يوسف عواد إلى أن قصة الصبي الأعرج هي من النوع الأدبي الأكمل في اتساعه لمراده. فالقصة إذاً هي اليوم - ونستطيع أن نقول ذلك بلا حرج - المظهر الأكمل للأدب، لأنها وإن كانت نوعاً من أنواعه فهي تستوعب غرض كل الأنواع، تضم التمثيل، وتضم الملحمة، وتضم الترسّل، وتضم الشعر إلى حد ما. بل هي تمد ذراعيها فتتناول بهما موضوعات هي في الأصل من غير الأدب، كالتاريخ والفلسفة والاجتماع والعلوم، هي بعبارة واحدة مرآة الحياة بكل ما في الحياة.
وفي رواية قميص الصوف: «وكان على المرآة صورة زوجها وقبالتها صورتان: الأولى لأمين وهو في العاشرة من عمره يحمل كتاباً، والثانية له ولأوديت يوم العرس. يا له شبهاً غريباً بين أمين وأبيه». وجعلت الأرملة تنظر إلى زوجها وإلى ولدها حيناً بعد حين، والشاربان المعقوفان المرتفعان بزهو يتنقلان من وجه الأب إلى وجه الابن، ثم يعودان إلى الأب، ثم يقفزان ويلتصقان بالابن.
ومما جاء في العذارى: «أما كيف تزوجت أنا وترهّبت صديقتي أمران لا أدري منهما شيئاً. ولكني أقصّ عليك كيف ماتت رفيقتنا: في ذلك الصباح، استيقظت الأقاحي مبكرة في مروج قريتي العالية الجاثمة على كتف الوادي. وما كادت تفتح أجفانها حتى هبّ النسيم من السفح وذرّت الشمس من وراء الجبل، فارتعشت مكسال تحت حمّام الهواء والضياء، ونصبت أخرى عنقها إلى الدروب المتعرّجة التي تشق بساط الربيع، وقالت لأختها: أنفضي ندى الليل عنك، وقومي. سيأتي الصبيان ذوو الشعور المبعثرة والصبايا ذوات الأقدام الناعمة، فيسألك الصبي، أيترهب أم يتزوج؟ وتسألك الصبية أتتزوج أم تترهب، فماذا تجيبين؟
مسرحيته «السائح والترجمان» جمعت بين الشعر والنثر، ولكنه شعر على طريقة خاصة، وفي هذا المجال يقول عواد: «أنا لست من المحافظين على قواعد الشعر العربي، كما قصدها الخليل بن أحمد الفراهيدي. ولست من أنصار الشعر المنثور، أو قصيد النثر. لقد وضع موليير على لسان المسيو «جوردان» في مسرحية «البرجوازي النبيل» هذه العبارة: «أصحيح انني أصنع نثراً من دون أن أدري؟». أنا أعتقد أن كلامنا يصنع النثر والشعر معاً، من دون أن يدري. ينطق نثراً في مواضع النثر، وشعراً في مواضع الشعر، عفواً، بلا قصد، ولا سابق انذار وتصميم. فهو يخضع في الأمرين للموقف الذي هو فيه. لغة الحب شعر، لغة الحنان والغفران شعر، لغة الغضب والحقد شعر، لغة التمزق واليأس شعر، الصلاة شعر، والتجديف شعر، أما الكلام عن المشي والقعود، والبيع والشراء، والعمل، والمكتب الخ.. فهو نثر». ويهدف من وراء ذلك إلى أن التعبير الطبيعي بالنطق لا يمكن أن يكون نثراً فقط، أو شعراً فقط، وإنما هو مزيج من الاثنين. ومسرحيته فريدة من هذه الناحية في جمعها النثر والشعر، على أن وراء النثر في هذه المسرحية خيطاً دقيقاً من الشعر لا ينقطع.
وهـذا الكتاب مزيج من القصة والمسرح والملحـمة، ولا يستطيع عواد أن يردّه إلى نوع معيّن من هذه الأنواع، فقد انبثق منه كما ينـبثق اليـنبوع، وانفـجر كما ينفجر البركان: كلاماً بعد سكوت، حواراً مع الدهر، على أن بالإمكان إخراجه مع بعـض التصرّف بشـكل مسرحية، شـرط توفـر الممثـلين الذين قـال في الكـتاب نفسه أن المطلوب أن يكونـوا على مـستوى الآلهة الذيـن في الإنسـان. وهـو بانتــظار فرقـة الآلهـة هـذه.
وبالنسبة إلى «طواحين بيروت» يأخذ من عبد الله القصيمي قوله: «لماذا يموت الصباح وتنتحر الشموع؟»، انه يدخل بيروت من أبواب طواحينها «أو كوابيسها عند غادة السمّان». بيروت الحرب الأهلية الدامية المدمرة، لا بيروت الصحافة والثقافة والجامعة والتجارة التي عاشها في أحلى أيامها كما يقول الدكتور خليل أحمد خليل: «مكتبة انطوان - باب ادريس - وتميمة تقلّب المجلات بانتظار هاني. كان قد ضرب لها الموعد في جوابه. بادرها لدى وصوله: الحق على العطلة وعلى الطلاب. لم يتظاهروا منذ زمان، ولا ضرب أزعر بحجر. فضحكت من قلبها. ما أشد ما كانت تحتاج إلى الضحك».
وللأديب توفيق يوسف عواد ديوان شعر يحمل عنوان «قوافل الزمان» أو قصائد البيتين.
وفي قصيدة «عرّيت روحي» يقول:
«تعرّوا وقالوا قم تعر ّ وكيف لي
قيامي إلى شيخوختي ومسوحي
ولكنني عرّيت روحي وجئتهم
أمرّغ في ضحك الطفولة روحي».
وفي قصيدة «ما بعد القبر» يقول:
«وخلف صقيع القبر لي دفء منزل
عمرت بأضلاع الذين رعوا ذكري
له شرفات من جفون قريحة
تطل على الأشواق، دهراً على دهر».
توفيق يوسف عواد هو ناثر، وشاعر، وصحافي، وكاتب قصة ورواية ومسرحية ومقالة، بلا تفاوت. «هو من أبلغ مجدّدي الكتابة العربية في عصره. وهو في وصفه لإنسان القرية وإنسان المدينة، في قصصة ورواياته، يصوّر الإنسان في كل مكان. نرى أبطاله في وجوه الناس ومن حولنا، نعايشهم في أفراحهم وأتراحهم ونشاطرهم صراعهم مع القدر ومن هنا كان تأثيره البالغ وقيمته الباقية».

ايوب صابر 01-22-2012 03:01 PM

توفيق يوسف عواد


شاعر وكاتب وروائي لبناني . ولد في 7 أكتوبر عام 1911وتوفي في 16 إبريل 1989 . نشأ توفيق يوسف عواد في بحر صاف بقضاء المتن الشمالي فيلبنان .
وعرف في طفولته وطأة الاحتلال التركي الذي رزح تحته لبنان خلال الحرب العالمية الأولى ووسمت هذه الحقبة شخصيته وأدبه بطابع مأساوي وثوري عنيف صوره خصوصاً في " الرغيف " .
وبدأ عام 1920 دراسته تحت سنديانة دير ماريوسف في بحر صافثم في مدرسة المعونات في ساقية المسك فمدرسة سيدة النجاة بكفيا حيث نال الشهادةالابتدائية ثم أرسله والده عام 1923 إلى بيروت حيث دخل كلية القديس يوسف للآباءاليسوعيين وعهدت إليه المطبعة الكاثوليكية ترجمة روايتين من الفرنسية إلى العربيةقبل نيله البكالوريا بسنة .
نشر في مجلة العرائس لصاحبها عبدالله حشيمة سلسلةمقالات نقدية حمل فيها على أدب التقليد وألقى محاضرات في ذلك داعياً إلى التجديدتفكيراً وتعبيراً . بدا ممارسة الصحافة في " البرق " لصاحبها الشاعر الأخطل الصغيربشارة الخوري ثم في " النداء " ففي " البيرق " حيث كتب سلسلة مقالات عن العاداتوالتقاليد اللبنانية .
أوفدته البيرق إلى دمشق حيث تولى سكرتارية التحرير في " القبس " لنجيب الريس وهناك تخرج من كلية الحقوق . كتب عام 1932 في " البيرق " مقالات عن الأديب اللبناني الراحل ميخائيل نعيمة العائد من نيويورك بعنوان " ناسكالشخروب " واشتغل رئيساً لتحرير " الراصد " . تولي سكرتارية التحرير في صحيفةالنهار ثمان سنوات وساهم في تطوير الصحافة اللبنانية ناشرا مقالاته تحت عنوان " نهاريات " في أسلوب عرف بالتلميح والقسوة .
كتب في " المكشوف " التي لعبت دوراًعميقاً في الحركة الأدبية خلال الثلاثينات وكان من أركان هذه الحركة تأليفا وتوجيها
. ألقت سلطات الانتداب القبض عليه عام 1941 وبقي في السجن شهراً .
استقال من " النهار " وانشأ " الجديد " الأسبوعية التي عرفت بخطها الوطني في معرضة الانتدابالفرنسي والمطالبة بالاستقلال .
انضم السلك الدبلوماسي عام 1946 وعين قنصلا للبنانفي الأرجنتين ونقل عام 1949 إلى رئاسة الدائرة العربية في وزارة الخارجيةوالمغتربين ثم نقل قائما أصيلاً بالأعمال إلى إسبانيا وألحق عام 1956 بسفارة لبنانفي القاهرة برتبة وزير مستشار ثم رأس البعثة قائماً بالأعمال بالوكالة وعين عام 1959 وزيراً مفوضاً في المكسيك . واستدعي سنه 1960 إلى الإدارة المركزية وأسندتإليه مديرية الشؤون الثقافية والاجتماعية . كتب في 1962 سلسلة يومية في صحيفةالحياة تحت عنوان " فنجان قهوة " وعين عام 1966 سفيراً في اليابان واعتمد في الوقتنفسه سفيراً غير مقيم لدى الصين الوطنية . من مؤلفاته "الصبي الأعرج " عام 1936 و " قميص الصوف " عام 1937 و " الرغيف " عام 1939 و " العذارى " عام 1944 و " السائحوالترجمان " عام 1962 و " فرسان الكلام " عام 1963 و " غبار الأيام " عام 1963 و " قوافل الزمان " عام 1973 و " مطار الصقيع " عام 1982 و " حصاد العمر " 1983 . وصدرتله " المؤلفات الكاملة " في السنوات الأخيرة . توفي يوسف عواد من جراء القصفالمدفعي الذي طال منزل صهره السفير الإسباني لدى لبنان في الحدث ( ضاحية بيروتالمسيحية ) حيث أسدلت وفاته الستار على

==
استقر في أواخر حياته في بيته في بحرصاف ونشر في العام 1983 "حصاد العمر"، وهو عمل أدبي سطّر فيه سيرته الذاتي، متّبعاً فيه أسلوباً فريداً بناه على الحوار الذاتي، وفي عمله هذا لم يكتف الأديب بوصف مراحل سيرته، بل هو تعدّى ذلك إلى اعترافات حميمة تكشف عن كل شيء في حياته الخاصة والعامة... حياة مليئة وقفها على الحب بمعناه الإنساني الرحيب، متغنياً بهذا الحب، نثراً وشعراً، بكل جوارحه.

ايوب صابر 01-22-2012 04:35 PM

ثنائية الحب والموت في السيرة الذاتيةالعربية

الخميس, 12 أغسطس 2010



-مايا الحاج
يقبل الباحث جوزف طانيوس لبّس في كتابه «الحبوالموت من منظور السيرة الذاتية بين مصر ولبنان» (دار المشرق) على سِيَر مبدعين اختار دراستهم بشغف، فغاص في ذواتهم وحاول إظهارخفاياها عبر تعمّقه في دراسة موضوعين إنسانيين كبيرين يُمثلان حقيقتين موثقتين ومُختبرتين في الحياة البشرية المُعاشة: «الحبّ والموت».

يرى الكاتب أنّهاتين المسألتين الوجوديتين تجمعهما، على رغم التباين الذي قد نستشفّه من ظاهرالمعنيين، «علاقة خفية»، وهو عمل على كشف تلك العلاقة الملتبسة بين «الحبّ والموت» عبر دمجهما في دراسة أدبية نقدية واحدة تأخذ من السيرة الذاتية الأرضية الأساسية التي تقف عليها بغية الكشف عن الحقيقة الوجدانية لكاتب السيرة.

تتصدّرالكتاب مقدّمة كتبها الناقد أنطوان معلوف ويستهلّها بسؤال عام مفاده: «هل يعثرالإنسان على ذاته حين يكتب سيرته الذاتية، ونحن نعلم أنّ البحث عن الذات سعيٌ دائم على طريق لا نهاية لها؟». ويستشهد في المقدّمة بآراء معلّمي الفلسفة اليونانية مثل سقراط وأرسطوطاليس حول معرفة الذات ومن ثمّ يتطرّق إلى موضوع لبّس البحثي فيقول: «طه حسين وتوفيق الحكيم وعائشة عبدالرحمن وميخائيل نعيمة وتوفيق يوسف عوّاد وليلى عسيران.... تناول لبّس سِيَرَهم بالبحث الجادّ، أدباء وأحياناً شعراء. ننحني عليهمانحناءنا على ذواتنا، لا نطلب منهم إلاّ التمتّع بتلك اللحظات النادرة التي يُخيّلفيها للإنسان أنّه التقى ذاته العميقة ولو لمحة بصر في ما يُشبه الكشف والتجلّيوالدخول في الحضرة».

يُعيد المؤلف اختياره أسماء مثل طه حسين وتوفيق الحكيم وميخائيل نعيمة وتوفيق يوسف عوّاد إلى كونهم يُشكلّون معاً روّاد نهضة السيرةالذاتية الفنية في الأدب العربي الحديث، خصوصاً أنّ تجربة كلّ واحد منهم تعرض «لوناً من ألوان الحبّ ووجهاً من وجوه الموت». ويرى أنّ معاناة الموت تختلف بين شخصوآخر، وبالتالي فإنّ ماهية الموت وأوجهها قابلة للتغيّر والتبدّل. أمّا هدفه مناختيار الأديبتين المصرية عائشة عبدالرحمن (بنت الشاطئ) واللبنانية ليلى عسيرانكنموذجين إلى جانب الكتّاب الأربعة، فينصب في رصد التجربة النسائية العربية فيكتابة السيرة، لا سيّما أنّ كتابتهما الذاتية برزت جلياً انطلاقاً من ثيمتي «الحبّوالموت».

وارتأى الكاتب في التمهيد لدراسته الواسعة أن يقوم بتعريف دقيق لـ «السيرة الذاتية» بهدف إزالة الالتباس القائم حول معناها الأساسي. ولأنّ «التعريفعبارة عن شيء تستلزم معرفته معرفة أمر آخر» كما يقول الجرجانيّ، عمد لبّس الى تعريفالسيرة من خلال التعريف أيضاً بمصطلحات أخرى شبيهة لها لإظهار الفروق الدقيقة التيتُميّز السيرة الذاتية عن أخواتها مثل الاعترافات Confessions والمذكرّات Memoires والذكريات Souvenirs واليوميات Journal intime، والمقابلات Entretiens... ويرتكزالمؤلّف في تحديده لما يُسميه ميثاق السيرة على تعريف الناقد الفرنسي المتخصص في «الأوتوبيوغرافيا» فيليب لوجون الذي يعتبر السيرة الذاتية «سرداً نثرياً يقوم بهشخص حقيقي، حين يستعيد وجوده الخاص، مركّزاً على حياته الفردية ولا سيّما على تكوينشخصيته... والأنواع القريبة من السيرة الذاتية - كالمذكرات والسير والرواية الذاتيةوالقصيدة الوجدانية واليوميات والوصف الذاتي - لا تنطبق عليها شروط هذاالتعريف».

أمّا عن أسباب كتابة السيرة الذاتية فيحصرها الكاتب في خمسة أسبابهي: «التعبير عن أزمة روحية ما»، «البحث عن معرفة الذات»، «لذّة التعرّي»، «طلبالوصول إلى الآخرين»، «تحدّي الزمان ومجابهة الموت ونِشدان الخلود». إلاّ أنّالكاتب لا يتجاهل ندرة السِيَر الذاتية مقابل وفرة السير الغيرية في عالمنا العربي،بل يعمل على تحليل أسبابها والوقوف عندها والإسهاب في شرحها ودراستها، ومن ثمّيُقدّم رسماً بيانياً يوضح عبر جداوله مسار «السيرة الذاتية» في العالم العربي عبرسِير أشهر أعلامها.

ثم يُقسّم دراسته إلى ستة أبواب ويُخصّص كل باب منهالدراسة ثنائية «الحب والموت» من منظور السيرة الذاتية في أدب كل كاتب. في أدب طهحسين نجد أنّ الحب كان بمثابة القدرة الهائلة التي تبعث الحياة في الأموات، فهو كانيتحدّى موت أحبّائه بالتفكير فيهم والكتابة عنهم لأنّه يرى أن نسيانهم هو الموتالحقيقي. أمّا الموت في سيرة توفيق الحكيم فيقترن بالقلق ولا يُمكن أن يُجابه موتهالفعلي أو «قلقه» ذلك إلاّ بحبّه لفنّه وقدرته على الكتابة والإبداع. وكما أنّالكاتب ولج رحاب شخصية طه حسين عبر «آفة العمى» وتوفيق الحكيم عبر «القلق والصراع»،فإنّ الكاتب ارتأى البحث في موضوع «البيئة» كمفتاح لدخول عالم عائشة عبدالرحمن (بنتالشاطئ) ونقطة انطلاق لسبر تجاربها في الحبّ والموت. وهي التي يقول عنها لبّس إنّهاكتبت سيرتها الشهيرة «على الجسر» تحت وطأة الحب والموت معاً. فعائشة بدأت تدوينسيرتها بعد موت زوجها وحبيبها وأستاذها أمين الذي كانت تعتبره مدرسة إنسانية فائقةالأهمية في حياتها.

ويُلمّح الكاتب في دراسته لسيرة ميخائيل نعيمة من منظور «الحبّ والموت» إلى أنّ الأخير كان يرى في الحب النور وفي المرأة النجم الذي أضاءله دروب الفضيلة، واستطاع أن يندرج من الحبّ إلى المحبّة ولم يتمكّن من تجاوز هولالموت والتهوين من شأنه إلاّ من خلال إيمانه بعقيدة التقمّص. ويُقدّم الكاتب دراسةمعمّقة لفلسفة نعيمة في الموت نتيجة تجاربه المتعدّدة التي يأتي على ذكرها في سيرتهالمعروفة «سبعون»، بدءاً من موت جدّه وجدّته وعمّته وخاله مروراً بموت صديقه جبرانخليل جبران وأخيه الأصغر نسيب وصولاً إلى وفاة والديه ومن ثمّ أخيه هيكل.

وفي الباب الخامس يدخل لبّس عالم توفيق يوسف عوّاد عبر مفتاح «الجوع» الذي وسم حياته، فكان جوعه إلى النساء والحبّ والحياة والملذّات سمة شخصيته وحياته. وارتكز لبّس على البحث في سيرة عوّاد الذي لم يعرف غير الحبّ وسيلة يجابه بها الموت وكشف الخوف من فقدان الحياة بعدما ظلّ الموت بالنسبة إليه مشكلة وجودية لا حلّ لها.

ويختتم لبّس بحثه عبر دراسة «الموت في سيرة ليلى عسيران» وهي التي «صُبغت طفولتهاودُنياها باللون الأسود، لون السقوط والفراغ والموت». ومن ثمّ يوضح الكاتب عبرالفصل الثاني «الحبّ في سيرة ليلى عسيران» كيف أنّ الحبّ في حياتها جاء نتيجةمباشرة لتجربة الموت المبكرة، بمعنى أنّ معاناة ليلى عسيران في معاركها المتتاليةمع «عدوها اللدود» (الموت) دفعتها للبحث عن طريق آخر قد يُبلسم جراحها ويُنسيهامكابدتها ويُلوّن حياتها التي صُبغت بالأسود. ويستخلص الكاتب في خلاصته أنّ ليلىعسيران كتبت سيرتها «شرائط ملوّنة من حياتي» نتيجة فقدان أبيها ورحيلابنها.

في هذا البحث الأدبي الذي بلغ نحو 466 صفحة، استطاع الكاتب أن يتوصّلإلى حقيقة إنسانية وأدبية في هذا المجال مفادها أنّ ليس من حياة تخلو من حبّ وموت،وبالتالي فليس هناك سيرة تخلو من حبّ وموت. لذا، فإنّ علاقتهما الباطنية عميقة وليسكما يتبيّن لنا في ظاهرهما، هذا فضلاً عن أنّ هناك امتزاجاً - بحسب رأي الكاتب - بين نزوة الحياة ونزوة الموت من خلال ثنائية الساديّة والمازوخيّة. وكما أنّ الحبّيعيش صراعاً دائماً مع الموت، وهذا ما يُكرّسه نجيب محفوظ في «أصداء السيرةالذاتية» عندما يقول: «أشمل صراع في الوجود هو الصراع بين الحبّ والموت»، فإنّالحبّ والموت تجمعهما علاقة «تحالف وتكافل» أيضاً لأنّهما الحقيقتان الكبيرتان فيهذه الحياة. وهذا ما يؤكدّه محفوظ نفسه في سيرته قائلاً: «جوهران موكلان بالبابالذهبي يقولان للطارق: تقدّم فلا مفرّ، هما الحبّ والموت».

ايوب صابر 01-22-2012 11:09 PM

ابرز الاحداث المؤثره في طفولة عواد:

- يقول الباحث جوزف طانيوس لبّس " أن عوّاد لم يعرف غير الحبّ وسيلة يجابه بها الموت وكشف الخوف من فقدان الحياة بعدما ظلّ الموت بالنسبة إليه مشكلة وجودية لا حلّ لها.


توفيق عواد

- ولد توفيق يوسف عواد في قرية «بحرصاف» قضاء المتن في 13 شباطعام 1911.
- بدأ دراسته في مدرسة القرية «تحت السنديانة» على يد رئيس دير مار يوسف،الذي كان يلقن الفرنسية إلى جانب العربية، ومن هناك انتقل إلى مدرسة اليسوعيين فيبكفيا، حيث قضى سنتين أو ثلاث سنوات.
- تابع دراسته الثانوية في «كلية القديس يوسف» في بيروت حيث نال شهادة البكالوريا العام 1928 وبعد أن تخرّج من الكلية، انصرف إلىالكتابة في الصحف، فكتب في «البرق»، لصاحبها الأخطل الصغير، وفي «البيان» لبطرسالبستاني، وفي «الراية» ليوسف السودا، وفي جريدة «النهار» لجبران التويني.
- أولمقال ظهر له بعنوان «أخي الذي مات» في مجلة «العرائس» لعبد الله حشيمه، وقد شجعهعلى الكتابة هذا الأخير والأب روفائيل نخلة اليسوعي.
- أثناءعمله في النهار، تابع دراسة الحقوق في الجامعة السورية، استكمالاً لثقافته العامة،فكان يقصد دمشق يومين أو ثلاثة في الأسبوع ونال اجازة الحقوق عام 1934.
- وكان قبلعام قد تزوج السيدة أورطنس خديج، ورزق منها أربعة أولاد هم: ربيع، سامية، هاني،وجومانا.
- في بداية عهد الاستقلال التحق توفيق يوسف عواد بالسلك الدبلوماسي فعيّنقنصلاً للبنان في بوينس ايرس (1947-1949)، ثم عيّن مستشاراً لسفارة لبنان في طهران (1950-1953)، فقائماً بالأعمال في مدريد (1954-1956)، فوزيراً في سفارة لبنان فيالقاهرة (1957-1959). عام 1969 عين سفيراً في طوكيو، ثم سفيراً في ايطاليا عام 1972. .
- استشهد إبان الحرب اللبنانية، جراء قذيفة استهدفت منزل السفير الاسباني عام 1989.
- عرف في طفولته وطأة الاحتلال التركي الذي رزح تحته لبنان خلال الحربالعالمية الأولى ووسمت هذه الحقبة شخصيته وأدبه بطابع مأساوي وثوري عنيف صورهخصوصاً في " الرغيف " .
- وبدأ عام 1920 دراسته تحت سنديانة دير ماريوسف في بحر صافثم في مدرسة المعونات في ساقية المسك فمدرسة سيدة النجاة بكفيا حيث نال الشهادةالابتدائية ثم أرسله والده عام 1923 إلى بيروت حيث دخل كلية القديس يوسف للآباءاليسوعيين وعهدت إليه المطبعة الكاثوليكية ترجمة روايتين من الفرنسية إلى العربيةقبل نيله البكالوريا بسنة .
- ألقت سلطات الانتداب القبض عليه عام 1941 وبقي في السجن شهراً .
- يقول الباحثجوزف طانيوس لبّسفي كتابه "الحبوالموت من منظور السيرة الذاتية" عن توفيق يوسف عوّاد "لم يعرف غير الحبّ وسيلة يجابه بها الموت وكشف الخوف من فقدان الحياة بعدما ظلّ الموت بالنسبة إليه مشكلة وجودية لا حلّ لها.
لا شك ان ملخص اهم احداث حياة توفيق يوسف عواد تشير الى مآسي كثيرة طبعت حياته فاولا الجوع والفقر، ثم اثر الاحتلال التركي، وبعد ذلك الدراسة تحت السنديانة، ومن ثم متابعة الدراسة في مناطق بعيدة عن البيت مما يشير الى مدارس داخلية تابعة للكنيسة.

ثم هناك رائحة للموت في طفولته فلا يمكن ان يكون اول مقال له بعنوان " اخى الذي مات " قد اتى من الفراغ، فلا بد ان توفيق يوسف عواد قد اختبر الم الموت في الطفولة المبكرة.
ويأتي كلام الاستاذ الناقد جوزيف لبس عنه ليؤكد ان يوسف عواد كانمهوسا بالخوف من الموت تطارده هواجسه فيلجأ الى الحب كمهرب منه.

وان لم يتضح لنا ان كان الاديب توفيق قد تيتم مبكرا لكن سيرة حياته توحي بأنها عاش طفولة مأزومة.

مأزوم.

ايوب صابر 01-24-2012 04:34 PM

30- الأفيال فتحي غانم مصر

نبذة عن رواية ................................ الأفيـــــــــــــال

رواية الأفــيال تمثل محاكمة إبداعية للأسباب التي أدت إلى ظاهرة الإرهاب, على الرغم من ان رواية فتحي غانم لم تجعل شاغلها الأساسي اكتشاف الوعي الذاتي للإرهابي والتركيز الكامل عليه, إنما نظرت إليه بوصفه نتيجة, ولذلك غلب الاهتمام بالكشف عن الأسباب التي أدت الى تشكل الإرهابي على الاهتمام بكشف المكونات الداخلية للنموذج المترتب على هذه الأسباب.

*** تحميل رواية ................................ الأفيـــــــــــــال

من هنـــــــــــــــــــــــا
http://www.4shared.com/file/35507959...nline.html?s=1

ايوب صابر 01-31-2012 10:53 PM

رابط رواية الافيال لفتحي غانم.

http://dar.bibalex.org/webpages/main...f?BibID=351982

ايوب صابر 01-31-2012 10:56 PM

فتحى غانم

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة



فتحى غانم أديب مصري ولد بالقاهرة عام 1924 لأسرة بسيطة، وتخرج في كلية الحقوق جامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليا) عام 1944، وعمل بالصحافة في مؤسسة روزاليوسف، ثم انتقل إلى جريدة الجمهورية أو مؤسسة دار التحرير رئيسًا لمجلس الإدارة والتحرير، ثم عاد مرة أخرى إلى روزاليوسف حتى وفاته عام 1999 عن خمسة وسبعين عامًا

==

فتحي غانم


فتحي غانم ( ولد في 4/3/1924 و توفى في 1999 )
محمد فتحى غانم
ولد "فتحى غانم" بالقاهرة عام 1924 لأسرة بسيطة، وتخرج فى كلية الحقوق جامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليا) عام 1944، وعمل بالصحافة فى مؤسسة "روزاليوسف"، ثم انتقل إلى جريدة "الجمهورية" أو مؤسسة دار التحرير رئيسًا لمجلس الإدارة والتحرير، ثم عاد مرة أخرى إلى "روزاليوسف" حتى وفاته عام 1999 عن خمسة وسبعين عامًا.


فهرست

[إخفاء]المؤهلات العلمية :

الوظائف التى تقلدها :
  • رئيس تحرير صباح الخير من عام 1959 إلى عام 1966.
  • رئيس تحرير روز اليوسف ( 1973 : 1977).

الهيئات التى ينتمى إليها :
  • عضو لجنة التفرغ.
  • رئيس لحنة التحكيم بمهرجان السينما للرواية المصرية , عام 1990.

المؤتمرات التى شارك فيها :
  • رئيس المؤتمر الثامن لأدباء الأقاليم بالعريش , عام 1993

المؤلفات :

له العديد من المؤلفات منها :
  • الروايات :
  • مجموعات قصصية : تحربة حب – سور حديد.
  • ترجمة بعض القصص إلى لغات أوروبية متعددة.
  • دراسات ورسائل دكتوراه عن أعمال فى مصر والخارج .
الجوائز والأوسمة :
  • جائزة الدولة التقديرية فى الآداب من المجلس الأعلى للثقافة , عام 1994.

ايوب صابر 02-02-2012 12:01 AM

هيكل عاقب فتحى غانم.. جسد شخصيته فى رواية «الرجل الذى فقد ظله»

أحمد رجب ٤/ ٣/ ٢٠١٠http://aadbmedia.gazayerli.net/photo...ImageWidth=240
فيما وصفه بلال فضل، بالأمر «المتداول فى كواليس الوسط الثقافى»، كشف الناقد شعبان يوسف، أن الروائى فتحى غانم تعرض لمضايقات كثيرة، «يقال إن السبب وراءها كان الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل»، بعد أن انتقد «غانم» الكاتب الكبير واستدعاه أثناء رسمه لشخصية يوسف عبدالحميد السويسى بطل روايته «الرجل الذى فقد ظله»، وقال «شعبان» خلال مشاركته بفقرة «سور الأزبكية» من برنامج «عصير الكتب» إن فتحى غانم، ظلم أدبياً، ومن «المحتمل» مشاركة «هيكل» فى هذا، لأنه من المعروف أن الأستاذ «هيكل عندما يغضب»، لا يغضب وحده، ولكنه يستدعى معه غضب بعض الأجهزة.
استعرض «فضل»، خلال الفقرة الأخيرة من برنامجه، الذى تذيعه قناة دريم، بعض مشاهد الظلم الذى تعرض له الكاتب الكبير فتحى غانم، والتى وصفها بـ«ظلم وصل لحد الإجرام»، وكان أهمها المفاجأة التى فجرها ضيفه، شعبان يوسف بأن روايتى «تلك الأيام»، التى نشرت فى مجلة «صباح الخير» عام ١٩٦٣، وتم نشرها عام ١٩٦٦ فى كتاب حذف منها ١٣٠ صفحة لأسباب غير معلومة، ورواية «الرجل الذى فقد ظله»، التى نشرت عام ١٩٦٢ تم حذف ٢٥٠ صفحة منها.
ورداً على سؤال «فضل» إذا كانت الصحافة والسياسة قد ظلمتا فتحى غانم قال: «شعبان» إن الكاتب الكبير «تعرض للظلم أدبياً، حيث لم يكتب عنه كثيرون كما يستحق، رغم أن «نجيب محفوظ» الاسم الأشهر فى عالم الرواية العربية طالما أشاد به، وأثنى على أعماله، وقال «إنه لم يأخذ حقه»، وقال «فضل» إن سيطرة الأقلام اليسارية على الساحة الثقافية ظلمت غانم بسبب احتفائهم بأقلام أقل منه بسبب ميولها اليسارية.

ايوب صابر 02-02-2012 12:07 AM

مآسي " تلك الأيّام " في حدوتة فتحي غانم
2012-01-31

http://www.newsabah.com/ar/2204/9/68...ges/spacer.gifhttp://www.newsabah.com/get_img?NrIm...rArticle=68978 عبد السادة جبار*

من الصعب أن يفلح مخرج سينمائي -حتى لو كان متمرساً- في تجسيد أحداث رواية بما يجعل فن القص بالضوء مقنعاً بالمستوى المؤثر لغوياً نفسه الذي تحدثه الكتابة، إلا أن المجازفة التي أقدم عليها "أحمد غانم" في تطويع رواية "تلك الأيام" لوالده الكاتب الراحل "فتحي غانم" كانت موفقة إلى حد كبير على الرغم من أنها تجربته الأولى في الإخـراج مشتركاً أيضا فـي كتابة السـيناريو مـع الكاتبة "علا عز الدين".
القص السينمائي
الحديث عن نجاح تلك التجربة الأولى لا يعني القدرة على تجسيد حكاية أو (حدوتة) تقليدية من الحكايات الاجتماعية، بل هو الظفر بخطوط الرواية الأساسية والغوص في سايكلوجيا شخصيات تراكمت في أعماقها مركبات متناقضة من إفرازات تلك الأيام الممتدة إلى الآن والمملوءة بالاضطهاد والتغييب والوصولية والضياع، وقد بلغ من صدقها حد إلغاء فكرة البطل الايجابي في الأفلام العربية التقليدية. فالشخصيات معذبة بماضيها ومشتتة بحاضرها مسلوبة الإرادة ومتناقضة، مدفوعة إلى أهداف تطمح لها على الرغم من أنها تسلبها حريتها.. سالم عبيد "محمود حميدة" أستاذ جامعي وكاتب سياسي مرموق وهو من منحدر فلاحي يرتبط بعلاقات خفية ومشبوهة يطمح للوصول إلى مناصب سياسية أعلى، وهو مصاب بعقد عاطفية واجتماعية يغلفها بحرصه على الاحتفاظ بعلاقات ثقافية وفكرية متوازية مع العقلية الليبرالية، ولا يتخلى عن نشاطه في الكتابة، ولهذا يستعين بضابط سابق علي النجار "أحمد الفيشاوي" من اجل أن يقدم له معلومات عن تجربته السابقة التي قضاها بوجوده في الشرطة وتعامله مع الخلايا الإرهابية، ليؤلف كتاباً عن الإرهاب، إلا إن "علي" يعذبه ذلك الماضي المملوء بالدماء والقتل والضحايا من أصدقائه ومن الأبرياء وذويهم، لذا يعتذر عن مساعدة سالم عبيد لإكمال المهمة. لكن "علي" يقع تحت تأثير زوجة سالم الوجه الجديد "ليلى سامي" إذ تستنجد به لإنقاذها من زوجها الذي يشعرها كلعبة مشتراة لقاء رفاهية زائفة قوامها المال والعلاقات الوصولية، ولم يكن اختياره لها كزوجة مبنياً على الحب بل تعويضاً عن حرمان عاطفي ورغبة في الامتلاك، ويتعاطف معها لكن الزوج يقنعه عبر أدلة الموبايل إنها مهووسة بتكوين علاقات غير مشروعة لإصابتها بأمراض نفسية، وتصبح الأدلة قاطعة لديه تدفع بعلي إلى أن يواجهها بغضب وتقريع يدفعها إلى أن تكشف حقائق بأدلة أكثر صدقاً تقلب الأمور رأساً على عقب، إذ تكشف له عن أن العلاقات الهاتفية وسلوكها النفسي كان كذباً سعى زوجها نفسه إلى فبركته بدقة انطلت حتى على عائلتها، وهكذا ينهار هذا الصنم أمام "علي" ليتحطم إلى مكوناته الأصلية من انتهازية ووصولية واستغلال ومركبات النقص و أمراض نفسية.

ايوب صابر 02-02-2012 12:10 AM

فتحي غانم

Author profile



born
March 24, 1924 in Egypt


died
January 01, 1999


gender
male



About this author
edit data

أديب مصري وُلد بالقاهرة في 24 مارس 1924، لأسرة بسيطة، تخرج في كلية الحقوق جامعة فؤاد الأول (القاهرة حالياً) عام 1944، حيث عمل بالصحافة.

تقلد محمد فتحي غانم العديد من الوظائف منها:

ـ رئيس تحرير صباح الخير من عام 1959 إلى عام 1966.
ـ رئيس مجلس إدارة وكالة أنباء الشرق الأوسط ، عام 1966.
ـ رئيس تحرير جريدة الجمهورية ( 1966 وحتى 1971).
ـ رئيس تحرير روزاليوسف ( 1973 وحتى 1977).
ـ وكيل نقابة الصحفيين ( 1964 وحتى 1968).

الهيئات التي ينتمي إليها:

ـ عضو لجنة التفرغ.

ـ رئيس لحنة التحكيم بمهرجان السينما للرواية المصرية، عام 1990.

شارك فتحي غانم كرئيس للمؤتمر الثامن لأدباء الأقاليم بالعريش، عام 1993.

له العديد من المؤلفات منها:

الروايات؛ الجبل ـ م...moreأديب مصري وُلد بالقاهرة في 24 مارس 1924، لأسرة بسيطة، تخرج في كلية الحقوق جامعة فؤاد الأول (القاهرة حالياً) عام 1944، حيث عمل بالصحافة.

تقلد محمد فتحي غانم العديد من الوظائف منها:

ـ رئيس تحرير صباح الخير من عام 1959 إلى عام 1966.
ـ رئيس مجلس إدارة وكالة أنباء الشرق الأوسط ، عام 1966.
ـ رئيس تحرير جريدة الجمهورية ( 1966 وحتى 1971).
ـ رئيس تحرير روزاليوسف ( 1973 وحتى 1977).
ـ وكيل نقابة الصحفيين ( 1964 وحتى 1968).

الهيئات التي ينتمي إليها:

ـ عضو لجنة التفرغ.

ـ رئيس لحنة التحكيم بمهرجان السينما للرواية المصرية، عام 1990.

شارك فتحي غانم كرئيس للمؤتمر الثامن لأدباء الأقاليم بالعريش، عام 1993.

له العديد من المؤلفات منها:

الروايات؛ الجبل ـ من أين ـ الساخن والبارد ـ الرجل الذي فقد ظله ـ تلك الأيام ـ المطلقة ـ الغبي ـ زينب والعرش ـ الأفيال ـ قليل من الحب كثير من العنف ـ بنت من شبرا ـ ست الحسن والجمال.
مجموعات قصصية؛ تجربة حب ـ سور حديد.
ترجمة بعض القصص إلى لغات أوروبية متعددة.
ترجمة الرجل الذي فقد ظله إلى الإنجليزية.
ترجمة رواية الجبل إلى اللغة العبرية.
نال فتحي غانم العديد من الجوائز والأوسمة:
ـ جائزة الرواية العربية، بغداد، عام 1989.
ـ وسام العلوم والآداب، عام 1991.
ـ جائزة الدولة التقديرية في الآداب من المجلس الأعلى للثقافة، عام 1994.
توفي عام 1999 عن خمسة وسبعين عاماً

ايوب صابر 02-02-2012 12:12 AM

وقراءة فى رواية فتحى غانم: أحمـد وداود السلام المستحيل


حلمى محمد قاعود
[1]
ولد "فتحى غانم" بالقاهرة عام 1924 لأسرة بسيطة، وتخرج فى كلية الحقوق جامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليا) عام 1944، وعمل بالصحافة فى مؤسسة "روزاليوسف"، ثم انتقل إلى جريدة "الجمهورية" أو مؤسسة دار التحرير رئيسًا لمجلس الإدارة والتحرير، ثم عاد مرة أخرى إلى "روزاليوسف" حتى وفاته عام 1999 عن خمسة وسبعين عامًا.
وقد أصدر عددًا من المجموعات القصصية والروايات، منها: مجموعة "تجربة حب" عام 1957، ورواية "الجبل" 1959 (أول رواية صدرت له)، ورباعية "الرجل الذى فقد ظله"، و"الساخن والبارد"، و"الأفيال"، و"زينب والعرش"، و"بنت من شبرا"، و"حكاية تو".. وقد ظهر بعضها فى مسلسلات ناجحة على شاشة التليفزيون، وقد لقيت هذه المسلسلات إقبالاً ملحوظًا، خاصة "زينب والعرش" التى تناولت الحياة السياسية فى فترة الستينيات، وكان معظم أبطالها من الصحفيين.
وقد ارتبط "فتحى غانم" ببعض التنظيمات السياسية، أبرزها "التنظيم الطليعي" الذى شكَّلته الحكومة فى فترة الستينيات لحماية النظام، ويبدو أنه كان مضطرًا إلى ذلك، فطبيعته كانت تميل إلى الاستقلال والتأمل والتفكير العميق، وهو ما يتناقض مع واقع التنظيمات السياسية من حركية واندماج وبراجماتية.
[2]
وتتناول روايته "أحمد وداود"، موضوعًا مهمّاً يرتبط بصراع الوجود بيننا وبين العدو النازى اليهودى فى فلسطين المحتلة، ويلاحــظ أن الرواية صــدرت فى فتــرة حساســة من تاريخنــا المعاصر، حيث ظن فريق من الناس أن توقيع بعض الدول العربية لاتفاقيات أو معاهدات مع العدو النازى اليهودى، قد هيأت المجال ليعيش العرب واليهود فى سلام، ويعود اللاجئون الفلسطينيون، إلى وطنهم السليب، وتنتهى مأساة الشعب الفلسطينى التى استمرت قرابة نصف قرن.
ولكن الواقع أخلف هذا الظن، فقد كشف اليهود عن وجههم الحقيقى الذى يحمل ملامح القبح والتعصب والجشع والدموية والرغبة فى الهيمنة على المنطقة العربية كلها، فضلاً عن عدم التسليم بحقوق الشعب الفلسطينى أو الموافقة على تنفيذ القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن الدولى أو الجمعية العامة للأمم المتحدة.
تكشف رواية "أحمد وداود" أعماق القبح والتعصب والجشع والخسّة، والتوحش فى الشخصية اليهودية، وتوضح مراحل اغتصاب فلسطين، وأساليب السيطرة عليها، والقفز على القيم الإنسانية، والقوانين الدولية وتكريس العنف والدم وذبح الفلسطينيين بلا رحمة.
يقدم لنا "فتحى غانم" من خلال شخصية "أحمد سالم" المسلم، وشخصية داود بن شالوم اليهودى، صورة مبسطة ولكنها عميقة؛ للصراع الذى فرضه النازيون اليهود على الأمة العربية والإسلامية بمساعدة الغرب الاستعمارى، وذلك عبر العلاقة الحميمة التى كانت تربط بين الشخصيتين منذ الصغر، ثم انتهت هذه العلاقة بالغدر والخيانة والقتل، والاستيلاء على الأرض واستباحة العرض، من جانب داود وأشياعه!
[3]
تبدأ رواية أحمد وداود هكذا..
"عندما قال لى الطبيب إنى مريض.. قابلت ما سمعت بوجوم وبلادة، وكأنه يتحدث عن شخص آخر لا أعرفه، أو ربما أعرفه ولكننى لا أستطيع أن أحدد نوع علاقتى به، ومع ذلك لابد أنى كنت خائفًا بل مذعورًا دون أن أدرى، فقد عانيت من تقلصات فى بطنى، وكنت ألهث وأنا أمشى كما لو كنت أجرى هاربًا من شيء مجهول يجرى خلفى ويطاردنى، وأنا أرفض أن أواجه أن الذى أريد أن أهرب منه قابع فى أعماقي".(ص7)
ومن خلال هذه البداية يقوم الكاتب بعملية تخييل ليوهم القارئ أن ما يكتبه يمتزج بالخيال، "فأنا أكتب لأسجل تجربة شخصية غريبة بعد أن راودتنى تلك الأحلام الليلية ولا أدرى كيف بدأت"(ص7)، ثم يوضح سببًا معقولاً لحكاية هذه التجربة يتلخص فى أن المرض الذى أصابه ويوشك أن يخرجه من هذه الدنيا قد ساعد على إفراز نوع من الهرمونات حولته إلى شخصين. أحدهما المريض، والآخر ذلك الذى تراوده أحلام الليل وهو "أحمد سالم" الذى يعيش فى بلدة "د" على مقربة من القدس "ولا أدرى كيف تتقمصنى شخصية أحمد، ولا أدرى كيف عرفت القدس التى لم أزرها قط، ولكنى واثق أنى رأيتها من خلال هذا الشخص الآخر الذى هو أحمد". (ص7)
وفكرة التقمص هذه، أو انقسام الشخصية إلى اثنين، سبقت معالجتها، ولعل أبرز من لجأ إليها "نجيب الكيلاني" فى روايته "عمر يظهر فى القدس"، و"لويس عوض" فى روايته "العنقاء أو قصة حسن مفتاح"، وهى وسيلة من وسائل التغلب على بعض مصاعب السرد بالضمير الأول ـ أو ضمير المتكلم ـ والتمكن من تقديم صورة أكثر شمولاً واكتمالاً لبعض ملامح الشخصية أو جوانب الحدث. وهو ما نلاحظه على امتداد الرواية التى صاغها الكاتب عبر فصول مرقمة تبلغ ستة عشر فصلاً تتضمن مراحل استلاب فلسطين وذبح أهلها وطرد معظم من تبقى منهم بعد تدمير بيوتهم وقراهم، كما تصور تحول اليهودى الغريب البائس إلى كائن دموى لا يعرف غير القتل والسلب والنهب والإرهاب والترويع!
ويكون الحلم عادة هو الآلية التى يلجأ إليها الروائى لإطلاق عملية التقمص، حيث يتجاوز الزمان أو المكان، ليعبر من خلال الشخصية المتخيلة أو المستدعاة عبر الحلم، عما يريد من تصورات أو أفكار أو مفاهيم، وهو ما يشير إليه "فتحى غانم" فى روايته. "ولقد رأيت فيما يرى النائم، أنى أجرى لاهثًا نحو قريتى "د" فى يوم قائظ وهلع كبير ينهش صدرى، لأن أمى وأبى وإخوتى وأطفالهم يذبحون بالخناجر بينما ينسف الديناميت بيوتنا، ولا أعرف كيف جاءنى النبأ، وقد أتبين تفاصيل ذلك فيما بعد(ص9)".
كما يستعين الكاتب بالخيال الذى يطلق له العنان لينقل القارئ إلى الزمان البعيد والمكان البعيد أيضًا، وها هو ينقلنا إلى الشام والماضى الذى شهد المأساة الفلسطينية من خلال الجّد/الإنسان الذبيح الذى قضى عليه اليهود غدرًا وغيلة:
"وكان خيالى يسرح مع جسده المسجى على الفراش فأكاد أراه ممتدّاً حتى الشام. تلك البلاد التى لم أزرها والتى يسكنها أشقاؤه. وقبل أن أنتبه جذبتنى الأيدى بعيدًا عن فراش الموت بينما ارتفع صوت النواح والبكاء يزلزل أرجاء البيت، ومع غياب جدى لم يعد أحد يذكر شيئًا عن أهلنا فى الشام، ولكن شيئًا ما ظل محفورًا فى أعماقى كما لو كان سردابًا فى نهايته عالم مسحور يقف فيه جدى بحكاياته وأهله وعياله فى الشام. وأصبحت الشام ذلك الأفق الذى يمتد إليه الخيال، والذى تعيش فيه الذكريات المنسية، وذلك الاتساع أو تلك الرحابة التى تهفو إليها النفس عندما تحاصرها هموم الواقع وأحزانه (ص8)".

ايوب صابر 02-02-2012 12:15 AM

Born Cairo 24/3/1924
Graduated from the Faculty of Law, Cairo University, 1944
Inspector at the Investigations Department, Ministry of Education, 1944
Reporter at Akher Sa'a magazine, 1950
Deputy editor-in-chief of Akher Sa'a magazine, 1953
Deputy editor-in-chief of Rose Al-Youssef magazine, 1956
Editor-in-chief of Sabah Al-Kheir magazine, 1959
Deputy chairman of the board of the Middle East News Agency, 1965
Chairman of the board of the Middle East News Agency, Feb 1966
Chairman of the board of the Dar Al-Tahrir Organisation, Nov, 1966
Editor-in-chief of Al-Gomhouriya newspaper, 1968
Head of the Dar Al-Tahrir Organisation, 1970
Editor-in-chief of Rose Al-Youssef, 1973
Member of the board of Rose Al-Youssef, 1981
Recipient of the State Merit Award for literature, 1994
Died February 2nd, 1999
With age my sense of the sea sharpens

By Fathi Ghanem

Article- Ibda'a literary monthly- December 1992
My first attempts at writing fiction were linked to an instinctive feeling I had for narration, a wish to convey my feelings and the experiences I had witnessed to others. Those first attempts were a response to a call from within me and a mysterious desire -- it was a call that had many colours and endless interpretations which varied according to time, age and experience. That desire to express oneself sometimes took the form of chasing after a rhythm -- a rhythm that echoed in the memory or the soul. At other times, however, it would be just an indulgence in the magic of words and letters, a discovery of universes unlocked by words, by the formulation of a sentence or even by a single letter.
I remember while writing my novel The Idiot that the protagonist, who was supposed to be lying on his back in a field while many letters were echoing inside him, had his sight fixed on his fingers as if they were playing with the clouds. The relation between things constantly seems to change whenever man thinks he is close to comprehending them, as if we lived in a changing, tumultuous sea with unfathomable depths.
As age advances my sense of that sea becomes sharper; it is a sea without shores. However, I find the adventure of writing gives me a relative sense of psychological stability. As the adventure gains a momentum of its own, it rejuvenates itself, acquiring new meanings through its readers. This is perhaps why, since an early age, I have always been against following rules that define one meaning, fix the situation, or transform the process of narration into a search for a constructed plot. All these, in my opinion, are stumbling blocks that encumber the writer in his quest for the unknown... These are forces that resemble the sirens' song which tempts the traveller to diverge from his path. They appear at the moment when a writer begins to evaluate his work from the point of view of its subject matter and its worth, judging his characters on the basis of a specific interpretation which he thinks is the right one. This process strips the readers of their claim to individual interpretation. This is why I have always insisted that one can never reach the far shore of a novel except through a process in which writer, reader and critic all cooperate. The work is never complete until they all participate, each in a different stage.
In short, we have to be modest when talking about writing.

Some critics have talked about the influence of Lawrence Durrell's Alexandria Quartet on my novel The Man Who Lost His Shadow. The truth is that I had not read the Quartet when I wrote that novel, and a closer reading of the two works may reveal that there is no link whatsoever between them.
For a long time after writing that novel, I was unable to see how I had gone about it. I had started writing it at the end of 1958. Then, I thought it was going to be called The Ladder, as its theme was those people who are driven by a constant desire to climb the social ladder. But five years ago, and as I was watching a video tape of Citizen Kane, a film that is said to have caused a cinematic revolution, I remembered watching that film in a small cinema theatre in New York in 1956. The story of Kane, who was an influential journalist and eventually newspaper proprietor, was dealt with from different angles: that of his guardian, that of his friend the journalist, and that of his second wife. Only while watching the video at home did I finally wonder whether that treatment, with its use of so many different angles, had sunk into my unconscious, affecting my perception of the world of journalism in Egypt. It seems highly possible that this was indeed the case; but I, for one, was completely unaware of that factor until recently.
In my opinion, if critics were to read my novel in the light of Citizen Kane, they would perhaps find a relationship between them. The influence of good cinema is very clear in my novel and I find this quite acceptable. I recall François Mauriac once saying that the idea of one of his novels came to him while watching a French film set in the countryside.
Jean Cocteau's The Return of Orpheus -- a film about an attempt to return from the other world -- in all probability influenced the making of my novel The Elephants. It is difficult, however, to be absolutely sure of anything in this illogical world of ours.

As for the character of the eponymous idiot in my novel, I find that of all the characters in my novels he is the closest to me. To write that, I stood on the edge of the impossible; its writing represented for me an attempt to penetrate that impossible domain, where entry is prohibited to all.
Youssef, the protagonist of The Man Who Lost His Shadow, always represented for me a formula which combines both truth and falsity.
As for Zeinab, in my novel Zeinab and the Throne, I could not see in her the symbol that many claimed her to be. She is a woman of flesh and blood, and if for some she came to be synonymous with Egypt, that is only because she had to face many challenges and situations that are typically Egyptian. In other words, she reveals Egyptian reality, without becoming a symbol of Egypt.
The character of Tou, on the other hand, in The Story of Tou, was prompted by the anger I felt inside me when I heard stories about torture in Egyptian concentration camps; the killing of Shohdi Attia being the particular case that affected me the most.

ايوب صابر 02-02-2012 12:19 AM

تبرئة فتحي غانم من تهمة «التلوّن»

"هل كان الكاتب الصحفي والروائي الراحل فتحي غانم حقا يتلون وفق واقع السلطة في مصر؟"، بإجابة هذا التساؤل انشغلت القاصة والصحفية عزة بدر، وانشغل غيرها، في الندوة التي عقدها المجلس الأعلي للثقافة طوال يوم الأحد الماضي بعنوان "فتحي غانم..مبدع لم يفقد ظله".

قالت بدر: اتهمه مجايلوه بأنه كان متمتعا برغد المناصب أثناء حكم عبد الناصر والسادات، مثل ما كتبه سيد خميس الذي أكد أن مقالات غانم الصحفية في العشر سنوات الأخيرة من حياته تصلح نموذجا لمقالات المثقف الذي استطاع أن يسير مع السلطة لا أمامها ولا خلفها، والأمر نفسه فعله الروائي الراحل عبد الله الطوخي، لكنني أري أن فتحي غانم انتصر لفنه وأدبه بعيدا عن السلطة، بل إن عالمه الروائي يعد انتصارا لضمير المثقف الذي وقف إلي جانب الاستقلال الفكري والفني، وروايته "قط وفأر في قطار خير دليل علي ذلك لأنها ناقشت فكرة الزعامة وانتصرت في نهايتها للمثقف المستقل بعد أن ناقشت كيف يقوم المثقف بدور مزدوج مع السلطة فتارة يلجأ لدور الممثل وتارة يقوم بدور البهلوان دون أن يبدي رأيه في أي مسألة مهمة".

علّق الناقد الدكتور صلاح فضل قائلا: استغربت الكتابات التي أدانته، كيف وروايته "حكاية تو" أدانت القمع والتعذيب في السجون بشكل بالغ الضراوة حتي إني خشيت علي العاملين بدار الهلال من العقاب بسبب نشرها؟"، بينما قال الناقد شوقي بدر يوسف: رواية حكاية تعد بمثابة جملة اعتراضية في مسيرة غانم الإبداعية، لأنها تركز علي القمع السلطوي علي الناشطين في فترة الستينيات، وخاصة مقتل شهدي عطية الشافعي في منتصف الستينيات".

الدكتورة زبيدة عطا زوجة غانم أكدت: ظلم فتحي غانم في حياته سواء من النقد أو في المسلسلات التي أخذت عن أعماله"، وتابعت: قبل أن أتزوجه كنت إحدي قارئاته، ولقد تولي رئاسة مجلس إدارة ورئاسة تحرير "روزاليوسف" و"صباح الخير" و"وكالة أنباء الشرق الأوسط" وغيرها، إلا أنه كان يتعامل مع الأدب علي أنه معشوقه الأول، ودائرة أصدقائه كانت ضيقة جدا بحيث لم يفقد ظله وسطها، وحينما وصف انتفاضة الخبز بأنها انتفاضة فقراء في مجلة "روزاليوسف"، ثم طردوه منها وتفرغ لكتابة روايتيه "زينب والعرش" و"الأفيال" للتحذير من التيارات الدينية التي أطلقت لها الدولة العنان آنذاك.

ومن ناحيته طالب الروائي يوسف القعيد الدكتورة زبيدة وابنها بالاتفاق والموافقة علي إعادة نشر أعمال غانم الكاملة، بينما قال الروائي خيري شلبي: فتحي غانم هو المسئول عن ندرة كتبه، فدار مصر للطباعة والنشر ودار الآداب في بيروت عرضوا عليه نشر أعماله كاملة، ولكنه رفض تماما التعامل مع العرضين.

وأكد شلبي علي أن غانم يعد العلامة الأبرز في تحديث الرواية العربية لمغامراته في ابتداع أشكال جيدة في الرواية كالواقعية النقدية والعبثية والتعبيرية والفنتازية والرواية السيكولوجية، وأشار إلي أن روايته "الغبي" نموذج مهم في الرواية العربية غير مسبوق وغير ملحوق، وقال: كشف في أعماله كواليس الصحافة والمجتمع المصري بشكل عام، كرواية الرجل الذي فقد ظله وزينب والعرش وروايته الأهم "تلك الأيام"، التي ظلمت ظلما فادحا حيث اختصر منها حوالي 5 فصول كاملة، فنشرت مشوهة في سلسلة "الكتاب الذهبي" إلي أن أعيد نشرها مؤخرا في مكتبة الأسرة كاملة.

وتحدث الناقد حسين عيد عن "تطور شخصية رجل الدين في عالم فتحي غانم"، وقال: تناول شخصية رجل الدين في إطار تطورات المجتمع السياسية والاجتماعية، وفي إطار تطور رؤية فتحي غانم نفسه ما بين عامي 1957 و1984

ايوب صابر 02-02-2012 02:25 PM

ابرز الاحداث في طفولة فتحي غانم.


- اسمه الحقيقي محمد فتحى غانم , ولد "فتحى غانم" بالقاهرة عام 1924 لأسرة بسيطة.
- تخرج فى كلية الحقوق جامعة فؤاد الأول (القاهرةحاليا) عام 1944، وعمل بالصحافة فى مؤسسة "روزاليوسف"، ثم انتقل إلى جريدة "الجمهورية" أو مؤسسة دار التحرير رئيسًا لمجلس الإدارة والتحرير، ثم عاد مرة أخرىإلى "روزاليوسف"
- توفي عام 1999 عن خمسة وسبعين عامًا.
- كشف الناقد شعبان يوسف، أن الروائى فتحى غانمتعرض لمضايقات كثيرة، «يقال إن السبب وراءها كان الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل»،بعد أن انتقد «غانم» الكاتب الكبير واستدعاه أثناء رسمه لشخصية يوسف عبدالحميدالسويسى بطل روايته «الرجل الذى فقد ظله»، وقال «شعبان» خلال مشاركته بفقرة «سورالأزبكية» من برنامج «عصير الكتب»
- فتحى غانم، ظلم أدبياً، ومن «المحتمل» مشاركة «هيكل» فى هذا، لأنه من المعروف أن الأستاذ «هيكل عندما يغضب»، لا يغضب وحده، ولكنهيستدعى معه غضب بعض الأجهزة.
- ورداً على سؤال «فضل» إذا كانتالصحافة والسياسة قد ظلمتا فتحى غانم قال: «شعبان» إن الكاتب الكبير «تعرض للظلمأدبياً، حيث لم يكتب عنه كثيرون كما يستحق،
- عند تحويل روايته " تلك الايام الى فلم" اتضح قدرة الكاتب على رسم الشخصيات التي تراكمت في أعماقها مركباتمتناقضة من إفرازات تلك الأيام الممتدة إلى الآن والمملوءة بالاضطهاد والتغييبوالوصولية والضياع، وقد بلغ من صدقها حد إلغاء فكرة البطل الايجابي في الأفلامالعربية التقليدية. فالشخصيات معذبة بماضيها ومشتتة بحاضرها مسلوبة الإرادةومتناقضة، مدفوعة إلى أهداف تطمح لها على الرغم من أنها تسلبها حريتها..
- ارتبط "فتحى غانم" ببعض التنظيمات السياسية، أبرزها "التنظيم الطليعي" الذى شكَّلتهالحكومة فى فترة الستينيات لحماية النظام، ويبدو أنه كان مضطرًا إلى ذلك، فطبيعتهكانت تميل إلى الاستقلال والتأمل والتفكير العميق، وهو ما يتناقض مع واقع التنظيماتالسياسية من حركية واندماج وبراجماتية.
- في احد مقالاته باللغة الانجليزية هنا يقول ان الكتابة تعطيه نوع من التوازن النفسي .

صحيح ان عصر فتحي غانم عصر استعمار وكفاح وحروب وفقر وضياع وثورات لكننا لم نعثر على الكثير من الاخبار عن طفولته ولذلك سنعتبره مجهول الطفولة.

مجهول الطفولة.

ايوب صابر 02-02-2012 08:27 PM

ابرزحدث في حياة كل واحد من الروائيين اصحاب افضل الروايات من 21- 30

21- الوباء هاني الراهب سوريا...............يتيم اجتماعي.
22- الحرام يوسف ادريس مصر...............يتيم اجتماعي.
23 - ليلة السنوات العشرمحمد صالح الجابري تونس..مجهول الطفولة.
24- موسم الهجرة إلى الشمالالطيب صالحالسودان..مجهول الطفولة.
25- ذاكرة الجسدأحلام مستغانمي الجزائر.... يتيمه اجتماعيا.
26- الخبز الحافي محمد شكري المغرب.............. مأزوم
27- تشريفة آل المر عبد الكريم ناصيف سوريا........مأزوم.
28- دار المتعة وليد اخلاصي سوريا...................مأزوم.
29- طواحين بيروتتوفيق يوسف عوادلبنان...........مأزوم.
30- الأفيال فتحي غانممصر................مجهول الطفولة.

- عددايتام فعليين 0 .
- عدد ايتام اجتماعيا 3 = 30%.
- عدد المأزوم 4 = 40%
- عدد مجهولين الطفولة 3 = 30%

====

- أي ان نسبة الايتام الفعليين في هذه المجموعة (صفر).
- بينما جاءت نسبة الايتام الاجتماعيين والمأزومين 70%.
- اما مجهولي الطفولة فجاءت نسبتهم 30%.

ايوب صابر 02-03-2012 02:09 PM

مناشده
كما تلاحظون المعلومات عن افضل الروائين العرب شحيحة واحيانا شحيحة جدا...

إذا وحتى نتمكن من التوصل الى نتائج احصائية وتحليلة لا يكون هامش الخطأ مرتفع فيها

اناشد المهتمين من كل من يمر من هنا ومن تتوفر لديه او له اي معلومة فيما يتعلق بطفولة الروائين موضوع هذه الدراسة ان لا يبخل علينا بها.

وشكرا لكم على تعاونكم سلفا،،،،

ايوب صابر 02-04-2012 10:51 PM

31 - نجران تحت الصفر يحيي يخلف فلسطين

نجران تحت الصفر njran tht alsfrhttp://www.neelwafurat.com/images/lb...mal/8/8768.gifتأليف: يحيى يخلف تاريخ النشر: 01/01/2005 سعر السوق: 4.00$ الناشر: دار الآداب سعرنا: 4$ النوع: ورقي غلاف عادي، حجم: 19×13، عدد الصفحات: 127 صفحة الطبعة: 5 مجلدات: 1 اللغة: عربي


نبذة النيل والفرات:
توقف الرجال في حقول القصب عن العمل، وحلف أحدهم أنه شاهد (أبو شنان) بالبنتلون والقميص في سيارة الروفر وبجانبه حرمه رأسها مكشوف... صار يعمل مع بو طالب، مثله مثل العسعس... وأكثر... أزاحت الغطاء عن رأسها، وحلت جدائلها، ونشرت شعرها المطرز بالشيب وبدأت تنوح، سمية ستميت نفسها، وإن حزنها هذه الليلة صعب وأصعب من أي وقت مضى... نواحها يذيب الحجر... سمية الحنونة تبكي فتنفطر القلوب".
أبو شنان وسمية وعبد المعطي واليامي ونجران تحت الصفر بشخصياتها هذه تجسد رمزاً لمدينة نجران اسم ورمز تنسحب عليه اسم مدائن أخرى وهي واقع أليم ترزح تحت ويلاته كل المدن، وطن، أرض وخيانة، وأبو شنان الذي كان الأخ الروحي لياميّ الشهيد تحت سيوف الأمير لأنه وعى ذلّ العبودية فطالب وناضل من أجل الحرية، أبو شنان يخون العهد ليصبح عالة على حارة العبيد، وجرحاً لا تندمل آثاره في روح أمه سمية التي كان الياميّ ابنها الروحي بمبادئه وتطلعاته.
ترصد ريشة يحيى يخلف ذاك الواقع من خلال مشاهد هي للعين لوحات وهي للرواية سطور، ببراعة يلتقطها يحيى، يسردها في سجل يعي واقع نجران العالم بكل أبعاده، وبكل تطلعاته نحو الحرية والخلاص من خلال تضحيات...

==


كتبها ظبية خميس ، في 15 أكتوبر 2008 الساعة: 08:45 ص

بقلم : ظبية خميس

(7)

الرواية في الأدب العربي غالباً ما تعني مجموعة أحداث مركبة ، مطولة تعتمد على السرد وعلى قيم مكررة لا يفاجأ بها القارئ العربي ، وشخصيات كثيرة يزج بها بمناسبة ومن غير مناسبة حسب رواج نوع الشخصيات.

ولادة تحت الصفر
” نجران تحت الصفر ” * تخرج من المخطط الهندسي المعتاد ، حيث يقوم الكاتب يحيى يخلف بتقديم ما يشبه الوثيقة التاريخية ، الأنثروبولوجية ، السياسية. فهي تاريخية من منطلق التوقيت السياسي والبيئي ، وهي أنثروبولوجية لأن الكاتب إخترق المكان إلى الشخصية ودخل في خفايا الدائرة الحضارية الصغيرة في مكان الرواية وأناسها. والرواية سياسية لأنها تنطلق من محور سياسي وتملأ أجواءها رائحة التسيس الإستغلالي والإنتهازي في المنطقة.

والرواية تأتي من واقع عايشه الكاتب الفلسطيني يحيى يخلف ، في منطقة نجران. إنه تاريخ شخصي لعيون راقبت مجرى الأمور وتحولاتها في المنطقة. حارة العبيد في نجران : الجهل ، الفقر ، العبودية ، والهروب من دائرة الاحتضار. التحدي ، السقوط ، المهانة ، المؤامرات .
القصة تدور في حارة العبيد حيث يمتزج الرق ، والبؤس ، والحاجة ، وحيث يكثر “المطوعون ” ، أعضاء جمعية الأمر بالمعروف ، ...وعدد من المناضلين السابقين المختبئين خلف زجاجة الكولونيا أو كأس الشاي. وهناك الذباب ، وأكوام القاذورات ، والوجوه التي يسكنها الجوع وتطاردها الحاجة. والحارة في عين الكاتب ليست بعيدة جداً في أجوائها وبؤسها عن مخيمات اللاجئين ، يشبهها بمخيم اليرموك ويرى أجواء المطاردة فيها مثيلة لما يحدث للفلسطينيين ، أو غيرهم من أصحاب القضايا في العالم العربي.
والكاتب يسرد القصة وهو يخاطب الشخصيات. إنه يبدو وكأنه صوتها الآخر الذي يصرخ فيها ينبئها عما تصنع. إنه ذلك الضمير الواقف الذي يخرج من الأفراد لكي يحتل القصة بأكملها ويسرد عليها مأساتها وأوبئتها ويشاطرها أحزانها. في جمل مقتضبة وغنية تجيء إلينا الرواية ، التي تنتهي بجزء وثائقي عن المؤلف وشخصيته ، وتوضيح يجعل القارئ متأكداً من أنه لم يقرأ رواية خيالية ، بل وثائق وتاريخاً وحقائق. يدرك القارئ من طبيعة الرواية أنها كذلك من السطر الأول : أقبل المطوعون ، وطلبة المعهد الديني وأعضاء جمعية الأمر بالمعروف ، والخويان ، وباعة المقلقل ، وسيارات الونيت ، وعدد من مرتزقة “بوطالب” وواحد من الزيود. أقبل الغامري شيخ مشايخ التجار ، وسمية عبدة السديري سابقاً وبائعة الفجل حالياً.

سراديب الألم
ورائحة القصة فيه عفونة الألم والظلم ، هي تبدأ بمقتل ” اليامي “. التهمة سياسية ، القتل بقطع الرأس في مكان عام. كبير ” المطاوعة ” رجل عجوز فقد القدرة الجنسية وأصابته العنة، زوجته شابة صغيرة وجميلة ، حالها مثل حال النساء الأخريات ، يقوم زوجها بعملية ختان واستئصال لعضوها الجنسي لأنه لا يستطيع إشباعها. ثم أن المرأة ترجم في مكان عام بتهمة ممارسة الجنس مع رجل قادر ، أو بمعنى آخر الرجم بجريمة الزنى.
أبو سنان مناضل قديم ، يقضي وقته في ملاحقة شراب عطر الكولونيا ، يشربه ليفقد وعيه، يفقد وعيه ليهرب من واقعه. وهو رجل تقاذفه السجن حتى إرتوى ، وأصبح شخصية مهزوزة تدور عليها العناكب. ويصبح لعبة في يد “المستر” مقابل حاجة الخمر ، وحاجة الجنس. إبن أمينة رجل جائع ، يلاحق فضلات المدينة ، تلاحقه الصفرة والشحوب وصرخات زوجته. يطارد اللقمة لا يجدها ، يلح عليه الجوع فيهجم على قطعة لحم نيئة في محل جزارة ، ويأكلها. إبن أمينة يسكن السجن ، ويجد أطفال الحارة ذراعه المقطوعة ملقاة مع كومة الفضلات و”الزبالة”. قطع اليد التي تجوع حدث لا يذكر.

.. وينكسر الجسد
سمية هي الطيبة ، وهي الحب. إنها تفرح وتبكي ، العاطفة الخرساء المقطوعة اللسان. ” سمية كانت صبية ، ومليحة ، ووسيمة ، لم يكن في شفتيها غلظة ، ولم يكن في وجهها وشم. يقولون أنها أحبت شاباًَ كان ينطح الصخر برأسه فيكسره ، كان أبوه عبداً من عبيد السديري ، كان حبهما قوياً ، وكان حكاية جميلة من حكايا حارة العبيد ، ولكنه كان حباً قصيراً ودامياً. فذات يوم وقع إختيار السديري على الشاب القوي ليقدمه هدية لأمير نجد ، وجاء أحد العطارين من جيزان. وأمام جميع الناس في حارة العبيد تم خصي الشاب القوي الذي كان ينطح الصخر ، وبعد أن نام أسبوعاً في الفراش لتشفى جراحه ، أرسل إلى نجد لينضم إلى قافلة الخصيان .

رأفت بائع الفلافل ، يسجن مع الفئران. أرسل برقية إلى جده يطلب فيها إرسال الفلافل إليه. أخطأ البريد وكتب القنابل ، فيسجن رأفت من أجل خطأ مطبعي. وعذب لأن المستر والأمير كلاهما يخاف من القنابل والأخطاء المطبعية.
ورغم البؤس تخرج الرواية من الظلمة ، من القبو ، إلى الشمس ، الفيضان ، ويخرج فيها أبو شنان وإبن أمينة ورأفت من القبضة إلى صحبة النهار الوضاح ، والدم المنتظر “بشعان”. رجل الجبهة الذي ما زال يزاول الثورة، وما زال يبحث عن النقابة ، يدور في حارة أبناء السبيل وينظم صفوف العمال.

المدرس يصبح تلميذاً .. ويكتب
الرواية كتبها فلسطيني ، استطاع أن يخرج من إقليمية جلده وقضيته ، إلى إقليم آخر في العالم العربي. إقليم لا زال الكثيرون من الكتاب العرب لا يعرفون عنه شيئاً ولا يقيمون مأساته وقضيته ، ويكتفون بالقطف من ثمرات البترول ، يكتفون بوصم شعوب المنطقة بالتخمة والترف. الرواية طرقت أبواب البيوت ، استمعت إلى تمثيلية ” أم حديجان ” مع العجائز ، وأغاني أبو بكر سالم ، وأغاني محمد عبده ” لا تناظرني بعين ” ، كما شهدت لعبة الطرنيب و ” الورق “.
يحيي يخلف عاش في نجران ، درس أطفالها وحكى مع عجائزها وشيوخها. يقول عن نجران ما سجلته الذاكرة : ” هنا عالم خرافي لا يمت إلى جدة وعماراتها العالية وسياراتها. هنا عالم ينتمي إلى القرون الوسطى. التجار والسماسرة وقوات الإمام المرتزقة ، والمطاوعة والغلمان والنساء المضطهدات وحارة العبيد “.
في الساحة الواسعة التي تتحول إلى سوق مرة في الأسبوع ، يجري إعدام المحكومين ، وجلد الذين يشربون الكحول ، ورجم النساء الزانيات. وعلى إمتداد شارع الزيود تزدهر تجارة الأسلحة ، المسدسات والرشاشات والقنابل اليدوية ، والمعارك اليومية لا تتوقف بين قوات الإمام والقوات الجمهورية.
والمرتزقة يمشون وسط الشوارع بالسراويل القصيرة وسيارات الجيب. وسكان حارة العبيد لا يجدون الرغيف ، وتكسد بضائعهم المكومة من الفجل والقصب وبعض البقول البرية. والعسس (المخابرات) يأخذون الناس بالشبهة ، والرعب الخفي يملأ فجوات الأبواب وشقوق النوافذ “.
كل هذه الأجواء لا تحدث صدفة ، وليست إلا ذلك الكابوس الذي يراه الإنسان العربي تحت كل حجر يحمل بصمته في هذا الزمن الرديء.

لندن – مجلة أوراق – العدد السادسديسمبر 1983
(*) ” نجران تحت الصفر ” : يحيى يخلف ، بيروت : دار الآداب – الطبعة الثالثة – آذار – مارس 1980.

ايوب صابر 02-04-2012 11:08 PM

نجران تحت الصفر - يحيى يخلف - منشورات دار الآداب - 1980م

شِخصيات (نجران تحت الصفر) تجسد رمزاً لمدينة نجران اسم ورمز تنسحب عليه اسم مدائن أخرى وهي واقع أليم ترزح تحت ويلاته كل المدن، وطن، أرض وخيانة.
شخصية أبو شنان الذي كان الأخ الروحي لياميّ الشهيد تحت سيوف الأمير لأنه وعى ذلّ العبودية فطالب وناضل من أجل الحرية، أبو شنان يخون العهد ليصبح عالة على حارة العبيد، وجرحاً لا تندمل آثاره في روح أمه سمية التي كان الياميّ ابنها الروحي بمبادئه وتطلعاته.

ترصد ريشة الكاتب يحيى يخلف ذاك الواقع من خلال مشاهد هي للعين لوحات وهي للرواية سطور، ببراعة يلتقطها يحيى، يسردها في سجل يعي واقع نجران العالم بكل أبعاده، وبكل تطلعاته نحو الحرية والخلاص من خلال تضحيات...

إنها الرواية التي تألق فيها الكاتب والمناضل الفلسطيني يحيى يخلف أيما تألق، ولذلك تلقفت أفئدة القراء العرب (نجران تحت الصفر)، ولذلك ترجمت إلى الروسية والإنكليزية، وتترجم إلى الألمانية، وتمضي قدماً نحو مصاف الأدب العالمي الرفيع.

ايوب صابر 02-05-2012 02:39 PM

يحيى يخلف
قاص وراوئي
ولد في سمخ من أعمال طبريا عام 1944. وقد رحل عنها والأهل عام 1948.. درس الثانويةثم التحق بجامعة بيروت العربية وحصل على الإجازة في الآداب عام 1969.. عمل فترة فيالتعليم.. ثم عمل في مراكز مختلفة في مجال الثقافة مع الثورة الفلسطينية وكانأميناً عاماً لاتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين لمدة في المنفى، كما شغل منصبمدير دائرة الإعلام والثقافة في م. ت. ف. ترجمت أعماله إلى عدة لغات.
* منأعماله: «المهرة» قصص/­ بغداد 1973, «نجران تحت الصفر» رواية/­ بيروت 1976, «نورماورجل الثلج» قصص/ بيروت 1978, «ساق القصب» قصص للأطفال/­ بيروت 1981, «تفاحالمجانين» رواية/­ بيروت 1981, «نشيد الحياة» رواية/­ بيروت 1985, «بحيرة وراءالريح» رواية 1988, «تلك المرأة الوردة» قصة/­ القدس 1990, «تلك الليلة الطويلة» راوية 1993, «نهر يستحم في البحيرة» رواية 1996..
* «خاص». عنه في: 1/517 -­ 2/1225 -­ 6/497.

==
الأديب يحيى يخلف

· الأديب يحيى يخلف
الصنف:
موسوعة الأعلام
المؤلف:
أ. عثمان محمد عثمان
تناولت في هذا البحث سيرة حياة كاتب وروائي كبير، بزغ نجمه في سماء الأدب العربي في القرن العشرين. واستطاع بما فطر عليه من مواهب وما مر به من أحداث وتجارب أن يخلد اسمه في سجل العربية الخالد.
وما زال نهر عطاء يحيى يخلف متدفقا حتى كتابة هذه السطور، يغذي به قضية شعبه الأساسية التي لم يبخل عليها يوما بما يملك.
وقد اعتمدت في بحثي هذا على كثير من المعلومات القيمة التي زودني بها الكاتب يوم التقيته بمقر المجلس الأعلى للتربية والثقافة والعلوم في مدينة رام الله.
قمت بتقسيم هذا البحث إلى ثلاثة فصول:
الأول: تحدث فيه عن سيرة هذا الأديب منذ أن أبصر النور لأول مرة في قرية "سمخ" بالقرب من بحيرة طبرية سنة 1944 وحتى كتابة هذا البحث.
الثاني: عرضت فيه لأهم الأفكار والسمات الأساسية التي تميزت بها كتاباته.
الثالث: خصصته لعرض أهم أعماله الأدبية، وقمت بتقسيمها إلى:
عن دائرة المعارف الفلسطينية

==
قضية فلسطين والأدب يحيى يخلف نموذجاً


عن دار الأسوار في عكا صدرت مؤخراً دراسة الناقد المصري "حسين عيد" المعنونة: "قضية فلسطين والادب، يحيى يخلف نموذجاً"، يستعرض عيد عبر عدة فصول اعمال الكاتب يخلف في مراحله المختلفة والتي تشمل القصة القصيرة والرواية، متدرجاً من بداياته في مجموعته القصصية "المهرة"، وصولاً الى كتابه "يوميات الاجتياح والصمود".
تنقسم الدراسة الى اربعة ابواب حملت العناوين: البدايات، انتفاضة روائية، الغوص الى الجذور وسيرة ذاتية لوطن.
نختار من مقدمة الناقد:
"... يتمتع يحيى يخلف بمذاق متفرد في القصة والرواية الفلسطينية الحديثة، وهو يستمد فرادته من ارتباطه بالارض الفلسطينية، بناسها وتراثها، وكل ما ينبض بين جوانحها من عناصر الحياة وهو في كل ذلك يحفر عميقاً ويحكي ببساطة آسرة".



=
'جنة ونار' ليحيى يخلف: رواية المسافر والرحلة والبيت ... د. احمد رفيق عوض

يواصل الروائي يحيى يخلف سرد حكايته التي نذر نفسه لها، ووقف ابداعه عليها، ففي روايته الجديدة 'جنة ونار' التي تصدر عن 'دار الشروق' في القاهرة، يذهب الروائي بعيداً في الحفر في اركيولوجيا أرضه وشعبه، ولكن هذه المرة، من خلال نسق حسيّ بالغ التعقيد والشفافية والجمال، فمن خلال لغة هادئة ومتمكنة، تُحكى على مهل واقتدار، يجدل الروائي ضفيرة الحكاية ثم ينثرها على كامل الوطن.


الحكاية الطولية او الخيطية ان شئت تستأنف ما انقطع منذ 'بحيرة وراء الريح' التي تصنع الحكاية الكلية التي تلخص وتقطر العذاب والألم والأمل وحب الحياة وابتكارها. ابطال يحيى يخلف يكونون عادة في اقصى حالات القدرة على الحياة والتكيف مع شروطها، ويكونون عادة في اقصى حالات الشفافية والاحساس بالجمال، ويكونون عادة قادرين على الخيار الصحيح والصائب، وكأني بالروائي يستعين على ذلك بقدرة التشبث بالفكرة البسيطة أن الامل، تلك القوة الغامضة والمحيرة، هي التي تبقي شعلة الحياة متقدة، الحياة مقدسة، هكذا يقول الروائي يحيى يخلف، الحياة تستحق، والفلسطيني بالذات هو من يعرف ذلك ويمارسه ويقدره ويحياه ممارسة لا شعاراً.
في الرواية الجديدة 'جنة ونار' يؤصل الروائي يخلف للمكان، من خلال قصة مدهشة، لفتاة لاجئة في احد مخيمات لبنان، تعرف بالصدفة انها متبناة لإحدى الاسر الفلسطينية، وان لا شيء يشير الى اسرتها الحقيقية سوى مزق من ثوب قديم مطرز، ومن خلال هذه القطعة البالية من ذلك الثوب، تبدأ الفتاة بحثها عن اسرتها التي اضاعتها في عام النكبة، هذه العقدة القصصية تتحول على يدي الروائي المحنك والمجرب الى حكاية معرفية وجمالية وفنية، حيث ينطبق الثوب على فلسطين، وحيث تصبح هوية المكان كله تجربة روحية وفكرية وتاريخية، وحيث ان الفلسطيني لم يغادر بلده أبداً، وان مكانه يشبهه كما أنه يشبه مكانه، ومكان الفلسطيني مكان قلق وتوتر وفي أقصى حالات اليقظة، مكان مفتوح لكل التجارب والاجتهادات، مكان لمعرفة الله واجتراح التاريخ. واعتقد هنا أن 'جنة ونار' حاولت ان تقترب من هذا المبنى كثيراً، تماماً كما ان تطريز جنة ونار الكنعاني القديم كان منشغلاً بهذه الفكرة. بلادنا جنة ونار أيضا. مكاننا ليس متاحاً للامتلاك او الاختطاف. وبهذا المعنى، فإن للنكبة والطرد والتهجير معنى يكاد يتحول الى احد معاني القداسة، سلباً او إيجاباً.
ان بحث الفتاة المضني عن اسرتها الحقيقية، وبالتالي عن بلدها الاصلي، هو بحث عن المعنى الكامن وراء كل شيء، واذا كان الروائي يخلف يجعل من روايته اجابة جزئية عن البحث عن الهوية ومحاولة تأطيرها تاريخياً وحضارياً ونضالياً، فإنها أيضاً جزء من اجابة كلية عن معنى هذا المكان المقدس والمعقد والباهظ والثقيل. وبهذا المعنى ايضاً فراوية 'جنة ونار' هي رواية الرحلة الطويلة المضنية والشاقة التي يقطعها الانسان باتجاه مكانه واسمه وهويته ومصادره الاصلية.
والحكايات الكبرى هي حكايات الرحلات والاسفار، على المستوى الظاهري والباطني ايضا، من هنا، تأخذ رواية 'جنة ونار' اهميتها ومتعتها الفنية والفكرية. فالانسان في هذه الرواية - على اختلاف الاسماء والمواقع - يحاول كل من زاويته تلمس مكانه ومكانته، وواقعه وموقعه، وقد التقط الكاتب بحرفية عالية شخصياته بحيث يقومون بالدور المناط بهم، فالفلسطيني المغترب الذي اطلق عليه الثوار اسم 'الانكليزي' يحاول ان يكتشف روعة تراثه من خلال اداة ونهج غربي، والثائر القديم الذي رفض ان يتنازل عن الثورة - لانه لا يعتبر نفسه موظفاً - يعود ليجد انه مهم وانه يستطيع ان يقدم، والمرأة العجوز تكتشف ان حبها العارم يجعلها تواصل طريقها في لملمة اجزاء هويتها من خلال كم هائل من الروائح والرسوم والطعوم والاشكال والازهار والرياح، وهنا بالذات، تتحول الرواية كلها الى قصيدة مغناة، والى نثر فاتن وبليغ، حيث تتبدى الهوية الفلسطينية ابداعاً وانتاجاً واشتغالاً واشتباكاً بين المكان وشاغله. ماء السماء -وهي الشخصية المركزية في الرواية - ، وليس من الصدفة ان تكون الشخصية المركزية امرأة، فالمرأة دائماً كانت مكاناً. الامكنة نساء، والنساء امكنة، هذه المرأة - المكان لم يكن غريباً عليها او منها ان تلملم شظايا اسمها وبلدها وأسرتها، وكانت الرواية بهذا تؤصل للمسافر وللرحلة والبيت في آن معاً.
وفي جديده الروائي، فإن 'جنة ونار' تثبت وبجدارة ان السرد الفلسطيني بخير، وانه معافى، من حيث المضمون والجوهر، وان المثقف الفلسطيني لم يتأثر بما يمس مرجعياته الاخيرة ومنطلقاته الثابتة، فالوطن جغرافيا اولاً وثقافة ثانياً، واختياره ليس انحيازاً لقطعة من الارض بقدر انحيازه للانسان ايضاً. 'جنة ونار' ترسم جغرافيا معينة لأنا لآخرين ارادوها غصباً واعتداءً، وصنعوا حولها اوهاماً، وحاولوا تقديمها بطريقة شاهد، ولهذا، فإن الرواية تقول ما تقوله التلال والجبال والازهار وانواع الرسوم والتطريز، ولكنها ومن ناحية اخرى، جعلت من هذا الاختيار والخيار رؤية متكاملة للمنطقة بأكملها، وهي منطقة متعددة ومتسامحة دائماً وأبداً. ففي هذه البلاد عرف الله اولاً، ولا يمكن لهذه المعرفة الا ان تكون متسامحة.
'جنة ونار' تثبت ايضاً ان المثقف نقدي اصلاً، يسأل ويحفر ويواجه ويشتبك ولا يركن الى واقع آملاً بواقع اكثر املاً واتساعاً، ولهذا، فهذه رواية الاديب والمثقف والمبدع الذي لا يتوقف عند المحطات المربكة او المرتبكة او المضطربة.
يحيى يخلف في هذه الرواية يذهب بعيداً في سرد حكايته التي بدأها في 'بحيرة وراء الريح'، فبعد الانكسار والطرد والتهجير والنفي والعذاب، يبدأ في 'جنة ونار' حكاية العودة والاكتشاف، حكاية الرحلة والبيت، حكاية الابطال الذين لا يملكون من دنياهم سوى قلوبهم المحبة والطافحة بالوجدان. ومن عجب ان تتميز شخصيات هذه الرواية - كما في كل روايات يحيى يخلف - بانها ليست شخصيات صغيرة، اي تغرق في احقاد او تهوم في توجعات وتفجعات ذاتية او تتورط في قصص تافهة من الكراهية والحقد، بل هي شخصيات عامة، تتواصل مع واقعها المرير بطريقة ترفعها من مجرد شخصيات عادية الى شخصيات غاية في الشفافية والرقة من جهة وغاية في الصلابة والخيار من جهة أخرى.
اخيراً، رواية 'جنة ونار' رواية الهوية المستعادة، رواية الاصول المكتشفة، رواية القيم الأخيرة، رواية الوطن المكتمل، ورواية تعاند الواقع ولا تراه، ولهذا، فهي رواية فيها ذلك البعد الذي نأمله دائماً.. او نتوقعه حتى ولو لم تكن حسابات الحقل تنطبق على حسابات البيدر
==

ايوب صابر 02-05-2012 03:33 PM

يحيى يخلف = ماء السماء

ابراهيم جوهر
الحوار المتمدن العدد 2370 تاريخ 11/8/2008
يقدم الاديب يحيى يخلف لوحة روائية عامرة بالحركة والحياة والناس، تتناول مرحلة الضياع " ضياع الوطن بما يعنيه من هموم وشقاء ولجوء ، وضياع الكرامة اذ لا كرامة خارج الوطن ، وصولا الى بدء الثورة .
لقد اختار الروائي يحيى يخلف اسما ذا دلالة لعمله الروائي هذا " ماء السماء " الذي ليس هو المطر ، بل الغيث النازل من السماوات العلى . كما اطلق على الطفلة الصغيرة مجهولة النسب اسم ماء السماء في رمز بيّن للنكبة التي لا أب لها ولا أمّ . وحين يعود اللاجئ الى سلاحه ،وحين تتوحد الجهود يكون ماء السماء دلالة رضى وتوفيق من الله تعالى للمساعي السائرة للتحرير ..... هكذا تنتهي رسالة الرواية .
استخدم يخلف في سبيل الوصول الى هذه النهاية مجموعة من الشخصيات والاحداث وتعمق في نفسياتها وطموحاتها ، كما نقل بؤس المخيم في توصيف فني مرير ، وفي اشارات رمزية سيجد الدارسون فيها ما يغني الرواية والتاريخ الفني . فالكلب الابيض المدلل اصبح مسعورا ومهملا في المخيم، لان الحياة في الوطن فقط تعني الحياة كما يجب ان تكون .
والفرس الأصيلة لم تعد تجد متعتها ودلالها في المخيم ، ما أقسى لجوء الحيوان ! وما أشد حزنه في اوقع المخيم !.
جاءت لغة الكاتب واقعية سردية بسيطة قريبة ، وقد لجأ الى اللغة المكثفة احيانا ، واحيانا اخرى استخدم لغة الشعر الفرحة ذات الدلالات – كما يتضح في الفصول الثلاثة الاخيرة .
قدم الاديب يحيى يخلف للقارئ صفحة من حياة الناس البسطاء صانعي التغيير ، فجاءت رواية " ماء السماء " واقعية في شخصياتها واحداثها ولغتها . وقد لخص الكاتب الوطن بأكمله في قرية سمخ - مسقط رأسه - التي وصف الحياة بعيدا عنها بالموحشة وبالخوف والانتظار في الصفحة الاولى من الرواية " صفحة 7 من الرواية " ، لتتحول في النهاية الى فرح وامال بعد انسجام وتناغم مع الطبيعة . لقد برعمت الدالية يا ابن العم – هكذا انهى غسان كنفاني رواية " أم سعد " في دلالة على نمو الثورة وتعاظمها ، أمّا عند يحيى يخلف فقد هطل ماء السماء بفعل الجهود والاصرار ، وبفعل واقع البؤس الذي ادى الى زيادة الوعي والتشخيص والاهتمام .
لقد ابدلت مجلة الموضة " اليوردا " بمجلة الثورة " فلسطيننا " ، وكأني بالكاتب وقد اقام روائية – وهو كذلك – على هذه الثنائية الضدية التي تميز الاشياء عادة ، اذ بضدها تتميز الاشياء – فهو يقارن بين سمخ الوطن والمخيم ، والحياة هناك في الوطن والحياة هنا في المخيم، وماء السماء الطفلة الضائعة هناك والطفلة السائرة في طريق العودة والثورة هنا . يقول في الصفحة 46 مؤكدا هذا التوجه : " كان ذلك في زمن البلاد ، الزمن الجميل . ولّى ذلك الزمن وصار الذيب أبو فروة لاجئا مع اللاجئين "
لقد احسن الكاتب صنعا وادبا وتاريخا وانصافا لفئة المقهورين المغيبين دائما ، وروايته هذه تضاف بتميز وحق الى ادب الثورة الفلسطينية المعاصرة .

ايوب صابر 02-05-2012 10:57 PM

يحيى يخلف
مجلة نزوى

ولد يحيى يخلف في بلدة سمخ على الشاطئ الغربي لبحيرة طبريا عام 1944، وهاجر مع أسرته في نيسان من عام 1948، مدينة إربد بشمال الأردن، حيث درس المراحل المدرسية، ثم درس في رام الله، وحصل على دبلوم المعلمين، وانضم إلى صفوف الثورة الفلسطينية بعد 1967، وكان له دور بارز في أجهزة منظمة التحرير الثقافية، كالأمانة العامة للاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين، ونائباً للأمين العام لاتحاد الكتاب العرب، ومدير عام دائرة الثقافة في منظمة التحرير الفلسطينية، ورئيس المجلس الأعلى للتربية والثقافة والعلوم، وشغل منصب وزير الثقافة في السلطة الفلسطينية من 2003 إلى 2006. أمضى ما بين عامي 1971 و 1982 مابين دمشق وبيروت، إلى أن تم ترحيل منظمة التحرير الفلسطينية، فكان من المرحلين إلى بلدان شمال إفريقيا، وعاد إلى أراضي السلطة الفلسطينية بعد تأسيس السلطة عام 1994.
بدأ يحيى يخلف إنتاجه الإبداعي في ستينيات القرن الماضي بكتابة القصة القصيرة، ثم بدأ كتابة الرواية، ولفتت روايته الأولى نجران تحت الصفر (1975) الأنظار إلى إمكانيات كاتب روائي مبدع يصرخ محتجاً في وجه الظلم والقهر والتخلف بلغة متفجرة، ناقلاً همه الفلسطيني إلى حيث الظلم والاستعباد والقمع في الجزيرة العربية، عند محاولة اليمن الخروج إلى أفق جديد في الستينات. ثم أصدر رواياته التي تحمل الهم الفلسطيني فأصدر رواية تفاح المجانين (1982) التي سجل فيها بؤس حياة اللاجئين في مخيمات الشتات، وترصد محاولاتهم امتلاك عناصر القوة ورفض الظلم، بطريقة أقرب إلى الأسطورية. ثم أصدر رواية نشيد الحياة (1983) التي حاول فيها أن يستولد الأمل الضائع أو على وشك الضياع بتشتيت المقاومة الفلسطينية في لبنان، إثر اجتياح صيف 1982، ثم جاءت رواية بحيرة وراء الريح (1991) التي يروي من خلالها نكبة 1948 وما واكبها من ارتجالية واضطراب وتمزق في القوى، أدت إلى النكبة، ثم سجل حادثة جزئية في تلك الليلة الطويلة (1992) تتعلق بسقوط طائرة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في الصحراء الليبية، ثم جاءت رواية نهر يستحم في البحيرة، موضوع هذه الدراسة، وأخيراً أصدر رواية ماء السماء (2008) في عودة لاستكمال بحيرة وراء الريح. هذا بالإضافة إلى مجموعات قصصية أخرى. ويتنوع مستوى هذه الروايات فنياً بين الرمزية في تفاح المجانين، وبين المباشرة والتقريرية في «تلك الليلة الطويلة».

هذه الرواية:
صدرت رواية نهر يستحم في البحيرة عن دار الشروق للنشر والتوزيع عام 1997. ومن الواضح أن يخلف قام بهذه الرحلة في صيف عام 1996، ثم كتب هذه الرواية. والدليل على ذلك أن يخلف ذكر أنه تم انتشال جثة طيار إسرائيلي وقمرة طائرته من قاع بحيرة طبرية ليلة وجود الراوي في سمخ، بعد أن قضى ثمانية وثلاثين عاماً في قاع البحيرة بعد أن سقطت طائرته في معركة جوية مع الطيران السوري عام 1958. (ص 107).

لقد روى يحيى يخلف نفسه أساس فكرة هذه الرواية «وفي أول مرة زرت البلاد كانت بصحبة الصديق محمد علي طه ومعه صديقي جهاد قرشلي وأبو منهل يرحمه الله. زرنا الناصرة، عكا، سمخ، طمرة وكابل .. وكانت رحلة مهمة. بلغنا طبريا وأصر أبو منهل على أن يرى «بيرتا» .. وهي فتاة يهودية كانت تعمل راقصة في ملهى «الليدو» في طبريا قبل النكبة وكان أفندية يافا وخواجات تل أبيب يخطبون ودها ولكن لم يعجبها سوى قدورة القهوجي وهو شاب عربي عمل ميكانيكياً في طبريا .. فأحبته ونمت قصة عشق ملتهب بينهما .. الغريب أن أهالي المدينة عرباً ويهوداً اعترفوا بهذا الحب. في النكبة غادر أهالي طبريا العرب في إبريل 48 للمنافي وغادر قدورة القهوجي وعائلته إلى مخيم اليرموك بجوار دمشق فأصرت بيرتا الحبيبة على مرافقته برحلة اللجوء .. وعاشت معه شهرين حتى اكتشفت المخابرات السورية وجود يهودية في المخيم فاعتقلوها ولم يفرج عنها إلا بعد التثبت من كونها قصة حب لا قضية تجسس فسلموها للصليب الأحمر وعادت بيرتا لطبريا .. ويقال إنهما تراسلا مدة وما لبثت علاقتهما أن انتهت لكن أبو منهل أصر على البحث عنها عقوداً بعد زيارة البلاد عقب أوسلو .. وبعد جهود متكررة نجح بالعثور عليها بمساعدة معارفها في طبريا فدخل على صالون بيتها حتى دخلت عليه سيدة مسنة تلبس نظارة سميكة وفي أذنها جهاز سماعة والتجاعيد تملأ وجهها لا تتكلم، ولا تسمع ولا ترى .. فجاء يبحث عن التعايش والسلام على شخص بيرتا فوجد هذا السلام لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم وهذا الحدث هو الذي وقف خلف كتابتي رواية «نهر يستحم في البحيرة».(1)
لقد أجرى يحيى يخلف تغييرات طفيفة على هذه القصة الأصلية، عندما سردها في روايته وأضاف إليها بعض الأحداث، وذلك على لسان أكرم عابد حين رواها لراوي الرواية؛ فقد غير اسم العاشق من قدورة قهوجي إلى «فارس الفارس ابن طبرية، الرياضي، الملاكم، القبضاي، شميم الهواء، قطاف الورد.» (ص 74). وغير اسم أبو منهل إلى أكرم عابد، وأصبح مكان اللجوء في الرواية هو مخيم عين الحلوة في لبنان، وليس مخيم اليرموك قرب دمشق. وأضاف إليها قصة حشد أكرم عابد لفريق تلفزيوني ليصور اللقاء التصالحي التاريخي بين بيرتا، وليكون شاهداً على عودة التعايش القديم. وليس في مثل هذه التغييرات بأس، فليس من المطلوب أن تكون الرواية سجلاً تاريخياً دقيقاً، بقدر ما هي بناء فني قائم على التخييل، وإن كان حجم ذلك التخييل في هذه الرواية محدوداً.

إخراج الرواية:
أول ما يصادف قارئ الرواية هو غلافها، وقد انقسمت صفحة الغلاف الأول إلى قسمين: النصف الأعلى من الغلاف يحمل في رأسه اسم الكاتب بخط أحمر، يليه عنوان الرواية بلون أسود على امتداد عرض الصفحة ببنط يقترب من الخط الكوفي، وبتشكيل من تشكيلاته. وبعد العنوان وقريباً من أقصى يسار الصفحة جاء ذكر الجنس الأدبي الذي ينتمي إليه النص وبلون أسود في كلمة واحدة «رواية»، وبحرف أصغر من اسم الكاتب، ومن عنوان الرواية. أما النصف الثاني من الصفحة فقد وردت فيه صورة فوتوغرافية ربما كانت لبحيرة طبرية، تبدو فيها البحيرة مائجة، وعلى ضفافها نبتت الأعشاب والنباتات، وفي الأفق الآخر سلسلة جبلية، ويبدو أن الصورة قد أُخذت في يوم غائم أو ضبابي، وغلب عليها اللون القاتم الأسود والبنفسجي. وفي أسفل الصفحة شريط على عرضها، يأتي في عرض أكثر من سنتيمتر واحد، بنفسجي اللون، وفي نهايته اليسرى اسم دار النشر حيث نشرت الرواية. ولم يتقدم نص الرواية أية عتبات مفتاحية كالإهداء أو المقدمة أو غيرها.
أما الغلاف الأخير فقد حمل كلمة من الناشر حول موضوع الرواية وشخصياتها، ويلي الكلمة في نهاية الصفحة بيانات الناشر والموزع في امتداد للشريط الذي جاء في الغلاف الأول.
جاءت الرواية في 144 صفحة من الحجم المتوسط، وكانت طباعتها بحرف واضح، في حين كانت عناوينها الداخلية بخط أكبر ومركز. أما أقسامها فلم يقسم المؤلف الرواية إلى فصول أو أجزاء أو أقسام كما هو مألوف، وانفتحت بدايتها على مشهد سردي وصفي من نافذة تطل على البحر المتوسط، وبدأت بدون عنوان فرعي. وقد تنوعت عناوين لوحاتها ومشاهدها، فالحديث عن أونودو تم تحت عنوان متكرر هو «مشهد» سواء كان السرد بلسان أونودو، أو بلسان الراوي عنه، أو في حوار بين الراوي وبين أونودو. وقد ضمت الصفحات الثماني والثلاثون الأولى من الرواية ستة مشاهد عن أونودو، في حين جاء المشهد السابع قبيل نهاية الرواية. وجاءت هذه المشاهد الستة الأولى حينما كان الراوي لا يزال يعد العدة للرحلة إلى سمخ، في حين جاء المشهد السابع في نهاية الرواية بعد فشل المهمة في الحصول على جثمان عبد الكريم الحمد، فيصرخ أونودو ويحتج على سجن الراوي له في دفتره، وليتحرر من أسر الراوي لكي يعود «لأراقب الشواطئ بمنظاري، وأن أحرس الفكرة التي نذرت حياتي من أجلها.» (ص141).
أما في بقية الرحلة (الرواية) فقد جاءت العناوين قليلة ومتباعدة بحيث أنها لم تتجاوز أربعة عناوين فيما يزيد عن مائة صفحة من صفحات الرواية. وقد تم الفصل بين مقاطع الرواية ولوحاتها عند تغيير السرد زماناً أو مكاناً أو موضوعاً بوضع أربعة من النجوم (****) لتفصل بين مقطع سردي وآخر، وحين يتنقل السرد أو ينقطع أو يتم القفز في الزمن وعن بعض الأحداث.
حكاية الرواية:
تقوم حكاية الرواية على تجربة ذاتية للراوي، سواء كانت تجربة بالفعل أم باستذكار ما روته له أجيال سابقه. وهي تجربة ممتدة في لقطات سريعة أحياناً من الطفولة في سمخ، إلى المنفى والغربة، ثم تجربته بعد عودته إلى الوطن، مروراً بشبابه ودراسته في رام الله وعلاقته القديمة بمجد، وإن كانت التجربة الحالية (العودة والرحلة) هي الغالبة على أحداث الرواية. وهو يورد بين الحين والآخر مقاطع من هذه الذاكرة الممتدة عبر عقود تصل إلى ما يزيد عن نصف قرن. وبالإضافة إلى ذاكرته وتجربته الذاتية، كما استلهم الروائي من التاريخ العالمي، ومن موروثه القرائي شخصية أونودو، الجندي الياباني الذي رفض الاستسلام، أو الأسر، أو إعادة التأهيل، أو البقاء في دهاليز التاريخ فقط.
عاد الراوي إلى الوطن بعد سبع وعشرين سنة من النفي والتشتت في بقاع مختلفة، عاد إلى الوطن الذي نشأ وتعلم فيه، حيث أمضى مدة من حياته في رام الله طالباً قبل حرب 1967، بعد أن كان قد هُجِّر من قريته سمخ إثر النكبة حين كان طفلاً لم يتجاوز عمره السنوات الأربع. ولكن صورة قريته ما زالت ماثلة في خياله، وهو دائم الحنين إليها، حتى أنه كان يحدث مجد عن ذلك من منفاه، ويبدي رغبة في زيارتها.
يعبر الراوي جسر اللنبي (الملك حسين) على نهر الأردن، ومنذ اللحظة الأولى لوصوله يلاحظ الإهمال الذي أصاب الوطن في ظل الاحتلال، كما يلاحظ أن الجنود الإسرائيليين هم من يديرون الحدود، مما يوحي بعدم استقلال الوطن، «في آخر الجسر كان يقف جندي إسرائيلي. جندي أشقر سمين يحمل بندقية (عوزي) ... يصعد الجنود [إلى الحافة] ليدققوا في الأوراق... مرت السيارة في طريق محاط من الجانبين بأسلاك شائكة، وبحقول ألغام، وتوقفت [السيارة] عند حاجز إسرائيلي يقف على جانبيه جنود بالبنادق والخوذ والستر الواقية من الرصاص. سحنات شرقية ... أشار لنا جندي أسود، لعله من الفلاشا الإثيوبية فعبرنا الحاجز، لنصل على الفور إلى الحاجز الفلسطيني» (ص6-7).
وتستمر الرحلة إلى غزة بدون ذكر لتفاصيلها، ويمضي الراوي وقتاً قصيرا فيها، يلاحظ فيها أن بحر غزة ما زال قائما مكانه، فالوطن لم تأخذه قوات الاحتلال معها، فهو باق مهما تعاقبت عليه الظروف، فالاحتلال زائل والوطن وأهله باقون، في حين أبدى الناس سعادتهم وسرورهم بالعائدين، وانتشرت الأعلام وإعلانات التهاني بالعودة. الحركة في الوطن ككل الأوطان، ولكن وضعه مختلف، ففي شوارع غزة ومرافقها «سيارات سرفيس، شرطة مرور، أعلام ترفرف، شعارات على الجدران، فتح – حماس – النسر الأحمر. أتربة على الأرصفة، أكوام قمامة وأوراق تتطاير في الهواء، ها هو الوطن، لحم ودم. ولكنه مثخن بالجراح ... مرت فوقه الزوابع فدمرت كل شيء ما عدا الناس...» (ص 6).
وفي غزة يتلقى الراوي اتصالاً من مجد، صديقته القديمة، تخبره أنها حصلت على هاتفه من ديوان الرئاسة، وأنها ترغب في زيارته، وقد تم ذلك، ولكن الراوي لا تثيره مجد كثيراً، فقد وجدها قد تغيرت، وكبرت، وذهب بريقها، «هل كنت أرغب في رؤيتها أم أنني أدمنت التعود على غياب الوجوه التي كنت أشتاق ذات يوم لمشاهدتها؟ « (ص13)، «لقد كبرت ورحل بريق خاص في عينيها وبدأت التجاعيد تحبو تحت جفنيها» (ص 16) صورة تعبر عن تغييرات ما كانت تروق للراوي الذي يبدو أنه صبغها بنفسيته المأزومة التشاؤمية، ويعبر لها عما يشغل باله «في البداية انتابتني مشاعر ليس لها مثيل ... إنه وطني .. إنني أعود إلى بقعة ما في وطني ...» ويكمل «ما زلت أحاول الاندماج في النسيج، وما زلت بحاجة للمزيد من الوقت كي يكون لي مناخ وطقس وعلاقات وحياة اجتماعية.» (ص 16). ويشعر بالغربة في شوارع غزة في نزعة تشاؤمية سوداوية، حيث التناقض بين العائد إلى الوطن، وما يجب أن تبعثه تلك العودة فيه من فرح وغبطة، وواقع شعوره بالضياع: «أنا العائد أقف ضائعاً في شارع من شوارع وطني، أشعر بالغربة والوحدة، أشعر بالرغبة في البكاء.» (ص26).
إنه يتوقع ويحاول أن يندمج مع ذلك النسيج ويتكيف معه بمرور الوقت، وأن يقيم نوعاً من التوازن والانسجام مع المحيط الجديد والواقع الجديد، لكن أونودو (رمز رفض الهزيمة والاستسلام) في داخله يظل يذكره بأن الواقع الجديد غير مقبول وغير منطقي، وبخاصة أن الطرف الآخر لم يتخذ من الإجراءات والسياسات ما يخفف من الاحتقان والعداء التاريخي بين الطرفين، ولم يمهد السبيل لقبول فكرة التعايش بل على العكس من ذلك. يقيم الراوي في هذه المدينة (غزة) غريبا على الرغم من حرص من كان حوله على التخفيف عنه، ولكن ما به أعمق من أن يخفف بمثل ذلك، ويظل غير قادر على الاندماج في النسيج الاجتماعي الفلسطيني الجديد. حلم الراوي بالعودة إلى الوطن فإذا به لاجئ في غزة بعد العودة، يصعب عليه التكيف، ويتعسر عليه فهم ما يجري، وكل ما يحيط به يبعث على الاضطراب والارتباك في الرؤية واستطلاع المستقبل، ويلفه حزن عميق وغضب وسخط صامت وآلام، ينبعث بعضها من الماضي ويبعث الحاضر بعضها الآخر.
الحلم في الوصول إلى سمخ يدفع الراوي للتنسيق مع مجد بعد الحصول على تصريح بالزيارة من السلطات الإسرائيلية لزيارة سمخ، بلدته المحتلة منذ 1948 «كنت راغباً في البداية أن أزور سمخ ... كنت أرغب في أن أرى الحلم الذي عاش في سويداء قلبي، كنت أرغب في أن أرى المحطة، سكة الحديد، طيور الحجل، البحيرة، البنط، بيت اللنش، نبات الشومر والمرار والكرسعنة، كنت على استعداد كي أدفع ما تبقى من عمري من أجل رؤية سطح البحيرة الذي يشبه بطن الغزالة ...» (ص19). يسافر إلى القدس ليلتقي بمجد، التي كانت قد رتبت أن يرافقهما أكرم عابد الذي يسعى إلى البحث عن معشوقة عمه فارس الفارس، يريد أن يعيد الذكرى، ويعيد الماضي إلى الحياة، يريد أن يعيد التعايش بين الفلسطيني واليهودي. كما يريد أن يزور مسقط رأسه في طبرية. ويحدد الراوي هدفه وهدف أكرم على لسان أكرم عابد «إذن أنت تنوي الذهاب إلى البحيرة لرؤية قريتك. – وأنا ذاهب أيضاً إلى البحيرة لرؤية طبرية أولاً ... أكملت مجد جملته الأخرى قائلة: -وللبحث عن بيرتا ثانياً...»(ص43).
بدأت رحلة الراوي من غزة إلى القدس بسيارة أجرة، مروراً بالقرى والبلدات الفلسطينية المحتلة منذ 1948، وقد حرص على ذكر أسمائها وملامحها، وما صادفه خلال هذه الرحلة من حواجز التفتيش، والمظاهر التي لا توحي بالسلام «طوال الطريق جنود ببنادق، وأسلاك شائكة، وطائرات مروحية.» (ص34)، مما زاد من إحساسه بأن الوطن ما زال محتلاً، وأن لا سلام حقيقياً يلوح في الأفق لأن الطرف الآخر لم يؤمن بالسلام، فما زال متحفزاً ومستنفراً. وحين وصل القدس وجدها على غير ما ألفها «أفواج السياح، جنود الاحتلال، مستوطنون قذرون، باعة على الرصيف. مسابح وصلبان وأزياء شعبية، صناديق وتحف وحقائب جلدية، باحة الحرم، قبة الصخرة، ركعتان في الأقصى، دمعة حارقة تنبجس من العين. الطيور تحلق فوق الأسوار. ابتسامة ما. الحجارة صامتة والعشب فوقها يقتات من النار الكامنة في قلبها. الصعود في درب الآلام. الرياح لا تجيد القراءة. يا لمرارة التباين، يا لحلاوة الانسجام. البحيرة لا تزال بعيدة. القدس بوابة الروح. أضيع في ازدحام الأزقة، أدق أبواب الغربة» (ص 37-38).
يلتقي الراوي بمجد التي تخبره أن أكرم عابد سوف يرافقهما في رحلتهما، وينتظرانه في مطعم في قبو يبدو قليل الزبائن لأنهما وصلا إليه مبكرين، ويذكره ذلك المطعم بقصة قبو البصل(2)، وينضم إليهما أكرم، حيث يتناولون الغداء، ويبدي أكرم ضيقه بالمظاهر العسكرية «أية حرية في هذا الحصار؟» (46)، ثم تبدأ رحلتهما إلى سمخ. وفي الطريق كانت تنتاب الراوي مشاعر الضيق مما يجدونه من كثرة الحواجز، ومن ذكريات سابقة حول مشاركاته في الأعمال الفدائية (ص46)، وما يصادف من تغيير في البلدات والقرى الفلسطينية التي أجراها الاحتلال محواً لهويتها الفلسطينية وإقامة المستوطنات التي تحمل أسماء عبرية. ويصادفون في طريقهم الإشاعات حول تغيير نهر الأردن لاتجاهه، والفزع الذي يدب في أوساط المجتمع الإسرائيلي من افتعالات تدعيها الحكومة والجيش الإسرائيلي عن وجود تماسيح تدمر وتخرب. ونصائح بالعودة من حيث أتوا، ولكن الراوي يصر على مواصلة الرحلة، ولو وحيداً.
أما مجد فقد أثارت التحذيرات التي تلقوها من الجنود فزعها الفردي، فهي تخاف أن يحدث ما لا تحمد عقباه فتظل والدتها وحيدة (ص51)، وكادت تعود وأكرم لولا إصرار الراوي على الاستمرار في الرحلة (ص56)، وهو الموقف الوحيد الذي يظهر فيه موقف الراوي في دور الفاعل والمقرر.
بعد وصولهم إلى سمخ يبقى الراوي ومجد في سمخ، في حين ينطلق أكرم عابد للبحث عن بيرتا، ويستعيد الراوي ذكريات نقلها عن أجيال سابقة، والحياة التي سبقت النكبة، ويفاجأ الجميع بالزوارق الإسرائيلية تنتشل جثة طيار إسرائيلي من قاع بحيرة طبرية بعد أن مكث في قمرة طائرته مدة ثمانية وثلاثين عاماً، ووجدت جثته سليمة. بل يمكن القول إن إحساساً بالفجيعة والاغتراب قد هجم عليه، فإذ رأى البحيرة حملته ذكرى الطفولة ورائحة البحيرة إلى التساؤل «هل حقاً أنا في سمخ. هل هذا ما كنت أنتظره وما توقعت أن ألقاه؟ لم أكن أشعر بالألفة مع المكان، فقد تغير كل شيء، اقتلعوا البيوت بالجرافات، وبنوا مكانها عمارات لا علاقة لها بنسيج وطقس المكان، حاولت أن أعيد ترتيب الأماكن والأشياء في خيالي، عند هذا الشاطئ كانت تنمو حياة من نوع آخر، فالبحيرة بالنسبة لأهالي بلدنا مثل الشمس أمِّ الحياة» (ص 99). شعور عميق بالانهزام أمام واقع التهويد، وهو ومجد غريبان بين اليهود والبيوت المهودة على شاطئ البحيرة «كنت أشعر أنني أشبه بحاراً غادر سفينته، وألصق وجهه بزجاج النافذة، وأعلن أنه مهزوم..» (ص116).
قضية أكرم أنه جاء باحثاً عن قصة حب وعلاقة غرامية وتعايش وتسامح –كما وصفها- بين عمه فارس الفارس وبيرتا الراقصة اليهودية قبل الهجرة في مرقص الليدو، ثم هاجرا معا إلى لبنان في النكبة إلى أن أعيدت وحدها لإسرائيل حين افتضح أمرهما. وما زال أكرم يحمل خاتما أهدته بيرتا لعمه، «رمز التعايش، وصورة المستقبل الممكن» وأكرم «الفلسطيني اللاجئ، المغترب، يعود إلى وطنه ليبحث عن الأمل والتعايش والمستقبل» ص122 فماذا وجد؟ عجوزاُ لا تسمع ولا ترى ولا تتكلم وبالكاد تستطيع المشي بوجه متجعد وذاكرة معطوبة جداً. «لقد جاء أكرم يبحث عن التعايش، فوجد صفحته ملأى بالتجاعيد» ص132 . الخاتم (رمز الارتباط والتعايش) أثار في نفس بيرتا الحنين، ولكن التعايش المأمول الذي أعد له أكرم وسائل الإعلام ليجعل منه حدثاً لم يكن قادرا على القيام نتيجة لوضع بيرتا المشلول. يصاب أكرم بخيبة الأمل الأولى ويمتعض مما جرى وفشلت أول محاولاته. ينتقل الثلاثة في طريقهم إلى تل أبيب للحصول على جثة الشهيد خال الراوي. وبين الأمل واليأس وبين الألم والحسرة يظل الراوي مراقباً أكثر منه فاعلاً أو محاورا ذاته أكثر مما يحاور الآخرين. فماذا يصادفون؟ وماذا يرى أكرم القادم من بلاد الأحلام والتوقعات الكبرى؟؟
يبدي أكرم ضيقه بالمظاهر العسكرية ويحتج بسذاجة من لا يعرف أسس التركيبة الإسرائيلية حين يتساءل إلى متى سوف تستمر إسرائيل بهذا الشكل الأمني والتحفز العسكري وهذه الحشود المسلحة؟ وبعد الوصول إلى المستشفى في حافلة فريق تلفزيوني ليغطي الحدث، يفشل أكرم مرة أخرى في الوصول إلى جثمان خال الراوي على الرغم من السماح له وحده بالدخول إلى المستشفى لكونه يحمل الجنسية الأمريكية، يفشل ويعترف أن التعايش غير ممكن، ويطرد الطاقم التلفزيوني الإسرائيلي المصاحب، ويرفض البقاء معه في السيارة نفسها، وتصرخ المرأة من الفريق التلفزيوني «أيها الفلسطينيون لا تفقدوا الأمل» ص138. لا أدري ماذا أراد يحيى إن لم يكن يقصد الإشارة إلى المراوغات الإسرائيلية في الدعوة للاستمرار في حوار الطرشان الذي نشهده منذ البداية؟
ويصر أكرم على العودة من تل أبيب إلى القدس بسيارة مستأجرة بصحبة الراوي ومجد، ويقرر أن أمر التعايش غير ممكن: «لا فائدة ... لا فائدة.» لقد قرر الإقلاع عن فكرته. وفي الحوار الأخير على نقطة التفتيش الإسرائيلية على مشارف القدس، يعبر أكرم عن خيبة أمل حقيقية وعودة إلى أصل الصراع مجيبا عن سؤال الجندي عن السلاح: صرخ السيد أكرم في وجهه قائلا : القنبلة موجودة داخل صدري ... في أعماقي.. حذار من الاقتراب فقد تنفجر بين لحظة وأخرى». (ص 144).
أجواء الرواية:
تطغى على الراوي مسحة حزن كثيفة في معظم أجزاء الرواية، ويظل يعيش في الماضي، أو صامتاً يتأمل ويحاور نفسه، مبتعداً عما يدور حوله، وفي بعض الأحيان يبدو غير مبال بما يجري من حوله، فلم يبق ما يخاف عليه، يأكله شعور بالخيبة والمرارة واليأس والهزيمة والغربة والوحدة وعدم القدرة على التكيف أو استيعاب ما يدور حوله، فيحن إلى المنفى الذي تركه خلفه، حنيناً لا يقل عن حنينه إلى سمخ، بل قد يزيد عنه، وحين يتمشى على شاطئ بحيرة طبرية مع مجد بعد وصولهما إلى سمخ، هاجمته الذكرى، «أما أنا فقد كنت حزيناً، أرتجف من البرد على الرغم من أن الوقت صيف والشمس ساطعة.» (ص116). وشعر بغربة وانهزام حاد، ولم يعوضه دفء مجد عن دفء عائشة، بل أصبح المنفى أكثر دفئاً «المنفى جميل لأن الأحلام جميلة، والوطن صعب لأنه مثخن بالجراح وتتكسر فيه أجنحة الخيال. فلسطين الحلم ليست فلسطين الواقع. للفلسطينيين» (ص117).
يستغرب ويستهجن الراوي ما حل بسمخ من تغيير ملامحها وهويتها: «أهذه سمخ؟ ... صارت مدينة يهودية جديدة فوق ترابها، على أنقاض بيوتها... سمخ، مدينة تم ترويضها وتهويدها.» (ص80). شعور الراوي بالحزن والأسى لا يتوقف فقط عند مشهد سمخ، بل يمتد إلى الوطن له منذ وطئته قدماه، فسمخ وتغيراتها تذكره بحال الوطن كله، بحاله وشعوره وحزنه العام «منذ وطئت قدماي أرض الوطن وأنا أعيش حالة نصفها فرح ونصفها الآخر حزن وقلق.» (ص 86). ويذكرنا هذا المشهد بموقف صابر في رواية خضر محجز، اقتلوني ومالكا، فقد زار قريته، الجية، بعد احتلال 1967، فماذا وجد؟ «ويذهب إلى «الجيّة» ولا يرى فيها إلا الغرباء، وبقايا البئر و»الزاوية الحديدية» و»رمانة سلطان» و»تينة بهية»... ولا شيء غير ذلك: لا موارس(3)، ولا بيارة، ولا حواكير، ولا وادي، ولا بئر، ولا جابية(4)... ولا حتى قبور من ماتوا...»(5)
التهويد والتخريب والتدمير لم يتوقف عند سمخ، بل طال الوطن كله، فالراوي في رحلته من غزة إلى القدس يمر بالبلدات الفلسطينية التي هوِّدت وحملت أسماء عبرية «عسقلان أصبحت أشكلون، والسوافير صارت شابير، ونخلة جولس تقف وحيدة على التلة، وبقايا البيوت التي لم تقتلعها الجرافات ماتت وحيدة منذ زمن فهي تشبه الأضرحة.» (ص 34).
منذ وطئت قدما الراوي شعر بتلك الغربة والوحدة والحزن والخذلان، وكتعبير عن هذه الغربة، جعل نفسه يقيم في بيت ليس له، ثم يقيم في بيت للضيافة، مما زاد من شعوره بالاغتراب الذي عبر عنه في تردده أن يرفع سماعة الهاتف ليرد على مكالمة قادمة في غياب أهل البيت (ص 12)؛ وحين رفع السماعة وجد مجداً على الطرف الآخر، فيحددان موعداً للقاء.
بحر غزة يذكره ببحيرة طبرية وسمخ، سمخ التي احتلت من سنوات، وهي بعيدة عنه، إنها هناك، والبعد هنا ليس بعداً جغرافياً، بل هو المسافة بين الاحتلال والتحرر، حتى أنه لم يعد يميز بين دموعه ورذاذ البحر (ص22).
ويتماهى شعور الراوي في بعض اللحظات مع شماعر أونودو كما تصورها، فأونودو فضل البقاء في الجزيرة حتى بعد أن أُتي بقائده ليعطيه أمراً بوقف النار وانتهاء الحرب «لكن الحزن الذي كابده كان فوق طاقة احتمال البشر، فلقد وجد نفسه فجأة رجلاً بلا قضية ... ما أصعب أن يكتشف المرء أنه لم تعد له جدوى، وأن أيامه لم تعد ذات قيمة، وأن أجمل سنوات العمر ذهبت هباء.» (ص 37).
الحنين إلى الوطن المحرر يجعله يبحث عنه فيما وصل إليه من جزء من الوطن فلا يجده، لا يجد الوطن الذي حلم به، وناضل من أجله، وتحمل عذابات المنافي والشتات، فحين يرى ما آلت إليه الأحوال في بيسان من تغير أدى إلى تهويدها يبحث عن الماضي، يبحث عن عائشة التونسية حيث تلهمه السكينة هارباً من القلق الذي يبعثه الواقع، وفي زحمة المطعم المليء بالزبائن يشعر بوحدة تأخذه إلى الماضي «هنا، على الرغم من الازدحام، أجد نفسي وحيداً لا أملك سوى الماضي. أبحث عن حلم تشبثت به وتمنيت أن أمسك به بيدي لكتيهما ... أبحث في الماضي عن لحظة سكينة، أتذكرك [عائشة] في هذه اللحظة كما تذكرتك ذات يوم عندما كنت أركب الطائرة» (ص67).
لقد شعر الراوي الذي يمثل يحيى يخلف بالانهزام في هذه الرواية على خلاف ما كان يبعثه من تفاؤل في رواياته السابقة(6)، وسبب هذه الخيبة والشعور العميق بالهزيمة لأنه يشعر أن الهزيمة داخلية هذه المرة، وقد انتهت الثورة إلى طرف يعترف بالاحتلال، وكأن ذلك كان اعترافاً بالهزيمة والاستسلام، كما فعل الضابط الياباني «تاينغوشي» الذي جيء به ليطلب من أونودو أن يستسلم ويعترف بالهزيمة ويعود إلى الحياة الطبيعية. ولا يمكن لأحد أن يفرض مشاعره على الفدائي حين يشعر بالانهزام والخيبة، وأن عليه أن يفرح بالعودة إلى الوطن من المنفى، كما أراد منه د. عادل الأسطة(7). إن الأقرب إلى المنطق ما قاله سليم النفار بهذا الخصوص في مقارنته بين الوطن الحلم والوطن الواقع عند أمثال يحيى يخلف «إن جملة من هذه التداعيات لمعنى الوطن قبلاً وبعد، تجعل من الكاتب الراوي، ومعه جيل من المقاتلين، الحالمين لا يقرون بالانزياحات الحادة لذلك المعنى. ورغم حالة المباغتة المربكة، غير المتخيلة، لكن الكاتب وجيله الذي ذكرته آنفاً، لا يزالون على حلمهم الأول. ممسكين بجمرة الماضي/الجميل، وإن احترقت أكفهم وقلوبهم. إنهم (أونودو) الذي لا يقر بالنهايات الخاسرة، فليصنع الساسة ما يشاؤون، فإن أمثال (أونودو) لا يستطيعون تصديق وقائع مغايرة لتلك التي رسموها، من قلقهم وجهدهم.»(8)
الواقع غير منطقي بالنسبة إلى الراوي/الروائي ولا يقبل به، ولا يقبل بوضع إعادة التأهيل التي رأى الراوي أنها ستجري في منطقة السلطة الفلسطينية، ويرفض أونودو في داخل الراوي أن يؤتى به ليحبس بعيداً عن موطنه الأصلي. ولكي يتجاوز المباشرة والشعارية يستدعي الراوي شخصية موازية له، يلتقي معها، ويتماهى بها أحياناً، ويفترق عنها أحياناً أخرى، تلك هي شخصية هيرو أونودو الذي يرفض الاستسلام، ولا يقبل بالهزيمة، ويفضل العيش في جزيرة معزولة مع بندقيته الصدئة، ومنظاره القديم، لكي لا يصبح رجلاً بدون قضية. وفي ذلك يستخدم الروائي تقنيات المسرح والسينما وتقنية القصة ضمن قصة.
وللابتعاد عن الشعارية والصراخ غُيَّبَ «الغضب عن الرواية وتملكها حزن هادئ رزين وخفتت نبرتها فقاربت الهمس الشعري. «»صباح من ندى ومن كلوروفيل ومن تداعيات ومن أضغاث أحلام وفرح ناقص وابتسامة تشبه البكاء». وترافقها هذه النبرة حتى في أشد فصول الرواية تأزما عندما علم الراوي أن جثة خاله لا تزال محفوظة في الثلاجة، لم يستصرخ ضمير العالم ولا أنّب ولا أدان بل قال: يا عبد الكريم الحمد . . كيف تحملت كل هذا الصقيع طوال هذه المدة وكيف قضيت عمرا آخر في الثلاجة. ألم ترتعد فرائضك, ألم يقشعر بدنك وأنت الذي عشت عمرك كله في الأغوار الحارة؟ أنت الذي هرب من البرد والصقيع من اجل نهاية أكثر دفئا... كيف داهمك هذا البرد الذي لا يكف عن التسلل إلى عظامك ليلا نهارا هذا البرد الذي يخز الروح ويحز الوريد والأعصاب؟ (120) وهي عكس «عائد إلى حيفا»، تدين ضمنا ودونما صراخ، الطرف الآخر، فهو الذي أفشل كل مشاريع العودة. لقد اقتحم العائد حصن عدوه ومد له يدا مسالمة ولكنه رفض اليد الممدودة. رفضها عندما رفض تسليم جثة الشهيد الموجودة في البراد منذ أربعين سنة, وعندما رفض صاحب النزل إيواء الفلسطينيين لأنهما من «المناطق «وأخيرا عندما فشلت الهيئة الإذاعية من إقامة برنامجها التوفيقي بعرض قصة الطيار وعبد الكريم.»(9)
ويهتم راوي يحيى يخلف بتفاصيل الرحلة منذ وطئت قدماه الوطن العائد إليه، يهتم بالبشر وسلوكهم ومشاعرهم، ويهتم بتفاصيل المكان في الطريق إلى أريحا وفي غزة، يستحضر الأرض والطبيعة وملامحها، ويصف ما لحق بها من تغييرات على يد المحتل وما بقي من ملامحها، كما يعرض لكثير من المشاهد الغريبة ذات الدلالات كالشائعة التي تقول بأن التماسيح كسرت الأسيجة والحواجز وهربت من حدائق الحيوانات في أنحاء متفرقة من المدن التي يسيطر عليها الإسرائيليون.»(ص66). ثم «اتضح أن الأمر مجرد بلاغ كاذب» (ص72) فما هو إلا تمساح صغير، وقد فسر أكرم قول رجل الأمن بأن «الحيوانات المفترسة تهاجم إسرائيل» (ص 54)، بأنه «يقصد الخلايا السرية المسلحة» (ص54). ثم أورد إشاعة الأحداث الجيولوجية التي غيرت مجرى النهر والتي تعني أن تغييرات جوهرية أخرى ستتبع بسبب هذا، فالمياه ستمسي مالحة وستموت كل الأحياء في النهر. ثم الحواجز والخوذ وحواجز التفتيش المكثفة، ومظاهر السلاح المتعددة. تلك مظاهر جعلت العودة كابوساً بعد أن كانت حلماً، كما أنها ترمز إلى طبيعة الكيان الصهيوني وهشاشته، بحيث تأخذ منه الإشاعة منه كل مأخذ، وتشير في العمق إلى أن مفهوم السلام لم يكن وارداً في السياسة الإسرائيلية، فمثل تلك الإشاعات والممارسات تبقي الأجواء متوترة، والنفوس مشحونة ضد الفلسطينيين الذين رمز إليهم بالتماسيح والزواحف.

ايوب صابر 02-05-2012 10:58 PM

تابع،،
يحيى يخلف
مجلة نزوى


شخصيات الرواية:
لعل أهم شخصية من شخصيات الرواية هي شخصية الراوي، وقد حدد الروائي سمات هذه الشخصية التي اختفى خلفها، حيث تتطابق حياته مع حياة يحيى يخلف، فهو من سمخ، وولد قبل النكبة بأربعة أعوام، وهاجر مع أسرته طفلاً، ودرس في رام الله؛ حيث ترك شبابه «منذ سبعة وعشرين عاماً، عند تلة الماصيون في رام الله، ولم يرافقني إلى بلاد الغربة» (ص7) وقليلاً ما ضبط «متلبساً بالسرور» (ص 46)، وقد لا يبتسم إلا «رغماً عنه» (ص56) وهو يساهم في الأعمال الفدائية في الأغوار، ولبنان، ويعيش في تونس، ويعود إلى الوطن بعد أوسلو. وهو يعود إلى سمخ بعد ستة وأربعين عاماً من مغادرتها حين كان عمره أربع سنوات، وكذلك كان شأن يخلف عندما غادر وطنه مهجراً، فقد ولد يخلف عام 1944.
لكن الرواية ليست سيرة ذاتية، بل هي سيرة وطن، ومسيرة شعب، ومصير بلاد وقرى ومدن وبشر. لا أعتقد أن الكاتب كان يريد أن يسجل تجربته الذاتية فقط، بل أراد أن يسجل موقفاً يقفه كثير من المثقفين من اتفاقية السلام وما نتج عنها، بل إن بعضهم له موقف من فكرة السلام أصلاً. وفي هذا السياق أذكر ما كتبه غريب عسقلاني عن «الأشهر القمرية» و»عودة منصور اللداوي»، و»دحموس الأغبر»، وما كتبه أحمد رفيق عوض في «مقامات العشاق والتجار»، أو حتى ما كتبته سحر خليفة في بعض المقاطع من رواية «الميراث»، وغير هؤلاء.
وبالإضافة إلى الراوي هناك شخصية مجد، الفتاة المقيمة في القدس، وتربطها علاقة قديمة بالراوي، ولكن تلك العلاقة أصبحت فاترة بعد عودة الراوي إلى الوطن على الرغم من أنه كان يتواصل معها من المنفى، ويعبر له عن حلمه إلى زيارة سمخ. وتبدو مجد ضائعة ومحتارة في تحديد علاقتها بأكرم والراوي، فهي راغبة في تجديد علاقتها بالثائر أو بما بقي منه وبين الارتباط بمستقبل يحلم ببعث تعايش فلسطيني يهودي قديم. تحاول أن تجمع بين نقيضين، وتعمل على استرضاء كل منهما، وتفكر أن الحل مع الطرف الإسرائيلي يمكن أن يتم عبر المنظمات الحقوقية والدولية.
ومجد تقف في منتصف الطريق نحو أمل إحياء علاقة قديمة بالراوي وأمل في بناء علاقة جديدة مع أكرم، وهي تراوح بينهما، فمرة تميل لهذا ومرة تميل لذاك، وتلاطف هذا مرة، وتواسي ذاك مرة أخرى، وتراقص هذا مرة وتدنو من الآخر مرة أخرى. وهي تحاول أن توفق بين وجهتي نظر الراوي وأكرم والتقريب بينهما، غير أن ذلك لم يكن ممكناً، فأطروحات أكرم التعايشية تتناقض جذرياً مع معتقدات الراوي ومنطقه الثوري في الأساس، وإن كان هذا المنطق لا يطفو على سطح النص. وفي النهاية أظهرت ميلاُ واضحاً نحو أكرم وربما كان ذلك بسبب قرار مسبق كان الراوي قد اتخذه، فلا نجد منذ بداية الرواية ميلاً حقيقيا منه نحوها. لقد فقدت مجد الفرصة نهائيا كما فقد الشخصان الآخران الفرصة.
وأكرم عابد فلسطيني مغترب في أمريكا، جمع ثروة في مهجره، ويحاول أن يظهر بسيماء الأرستقراطي، ويمارس الحياة الأمريكية في فلسطين، وهو مغرم بالشرب وملاطفة النساء، يبدي سروراً وبهجة غير عادية متمثلة في قهقهاته اللافتة للانتباه، وغليونه، يحمل فكرة عن إرساء السلام والتعايش عن طريق إحياء قصة حب قديمة بين عمه فارس الفارس وبيرتا، ويتصور أن يستثمر وسائل الإعلام الحديثة في إرساء أسس ذلك السلام، ولكنه يفشل إذ يجد بيرتا لم تعد صالحة للحياة، وأن الإدارة والعسكرية الإسرائيلية غير مستعدة له، فهي ما زالت مدججة بالسلاح وبالفكر العدائي الإقصائي حتى أسنانها، ويعود بالصراع إلى نقطة الصفر في نهاية الرواية.
ثلاثة شخصيات فلسطينية رئيسية من طبقة مثقفة وذات خبرات وتجارب متنوعة، تحاول أن تكون فاعلة في الأحداث على اختلاف في مقدار استعدادها للفعل، ولكنها كلها وجدت نفسها في قوالب مفروضة عليها وإرادتها مقيدة ومشلولة. تتميز شخصيات هذه الرواية بأنها مسطحة غالباً، وهي شخصيات ثابتة في جميع أحداث الرواية، إلا في نهايتها تقريباً، ويحمل كل منهم فكرة مسبقة عن شيء ما، أتى من أجل تحقيقه، أو محاولة البناء عليه.
لكل واحد من الشخوص الثلاثة قضية تكاد تكون في جوهرها قضية واحدة، فكل منهم يبحث عن مفقود. والمفقود متعدد، الوطن ممثلاً في سمخ، والماضي وذكريات الطفولة المرتبط بالأمكنة وتفاصيل البيئة، ويبحث عن خاله الذي تعلق به كثيراً، كما تتعلق به والدته وأخوه، أي والدة الكاتب، وهذا الخال كان قد قتل بعد احتلال فلسطين عام 1948 على ضفاف بحيرة طبريا حين أصر على العودة إليها ليموت هناك كما تموت الغزلان في وطنه بعد أن أحس بدنو الأجل. أما أكرم عابد فيبحث عن التعايش الفلسطيني الإسرائيلي. أما مجد فكأنما تبحث عن مفقود مجهول، ربما عن حب غامض يربطها بالثائر حيناً، وبالباحث عن التعايش حيناً آخر.
وهناك عائدون آخرون في الرواية، هما عائدان بين الحياة والموت، وهما الطيار اليهودي المحتفظ بملامحه على مدى ثمانية وثلاثين عاماً في قمرة طائرته، وعبد الكريم الحمد، خال الراوي، الفلاح الفلسطيني الذي حفظ في الثلاجة مثل هذه المدة.
وهناك المقاتل العائد الذي تحول إلى شرطي في وطنه، ويحمل هويته الفلسطينية ببذلته الرسمية، وفيه فرح العائد إلى الوطن والأهل، والمتخلص من ألم المنافي. وهناك عائشة التونسية التي تمثل جزءاً من ماضي الراوي، ويلجأ إلى ذكراها كلما شعر بنفوره وضيقه من الواقع، عائشة جزء من المنفى والذكرى الجميلة والحلم، وعلى الرغم من ارتباطها بالمنفى، غير أنها والمنفى تمثل ماضياً جميلاً في ذاكرة الراوي، لأن ذلك يشد الراوي بعيداً عن الواقع، يشده إلى الحلم بوطن حر. عائشة دائماً تُصوَّر بصورة الجميلة الرائعة، والتي ترتبط بالجمال والحيوية والفن والتراث. فهل كانت عائشة تمثل البعد العربي في معادلة الصراع الفلسطيني الصهيوني، ولا يريد الراوي أن يبقى في هذا الصراع فلسطينياً وحيداً منفصلاً عن جذوره العربية؟
أما اونودا فهو المعادل والموازي للراوي، والذي جاء بقصته لكي يقوم بتحميلها أفكاره من جهة، ولكي يكون ضميره الذي يذكره بمواقفه الرافضة للهزيمة واستسلام. يستعير قصة ذلك الجندي الياباني الذي بقي في جزيرة معزولا في نهاية الحرب العالمية الثانية، ورفض تصديق منشورات تخبر بانتهاء الحرب، معتبرا ذلك من الحرب النفسية الأمريكية ودعاية الحلفاء، وأقام صلحا مع الطبيعة، وحين اكتُشف بعد البحث المضني رفض الاستسلام إلا بصدور أمر من قائده، وحين قابل قائده وقرأ عليه الأمر أصيب بصدمة. ثم «وجد نفسه بلا قضية». وبعد محاولات كثيرة أوصت الدراسات التي أجريت عليه بإرساله إلى الأراضي الفلسطينية من أجل تأهيله لقبول الأمر الواقع، أي التخلي عن بندقيته وجعبته ومنظاره وانتظاره للعدو. اونودا هذا لم يستطع في النهاية أن يقبل بالأمر الواقع وعلى الرغم من أن الراوي أراد له أن يظل حبيساُ بين أوراقه غير أنه احتج وهرب مقتحماً كل الأخطار تاركاً هذا الجو الذي لا يناسبه. أونودو كان يصر أن يظل بصحبة بندقيته ومنظاره القديمين، وأن يستمتع بماضيه وعزته. وجد اونودا نفسه «بلا قضية» ولكنه يهرب في النهاية من محاولات التدجين والتطويع.
أما الشخصية اليهودية في الرواية فلها مواقع وأدوار مختلفة، لعل أبرزها الدور العسكري الذي فصل فيه الراوي، ويظل هذا المشهد للجندي الإسرائيلي مواكباً للرحلة منذ أن وصل الراوي إلى الوطن، ثم عبر رحلته إلى سمخ وطبريا، وفي أثناء عودته من تل أبيب إلى القدس. ويُعرض فيها الجندي مدججا بالسلاح، متحفزاً لإطلاق النار، مستفزاً لكل طارئ، حذراً يدقق في الأوراق، ويفتش السيارات والأفراد، شخصية فيها قسوة وتجهم، ولا تفضل وجود الفلسطينيين في داخل الخط الأخضر، لذلك تنصح المرتحلين الثلاثة غيرما مرة بالعودة من حيث أتوا.
أما الشخصيات اليهودية الأخرى فتتراوح بين النادل في المطعم الذي يبدي حرصه على سعادة «العرب» والنادلة «يائيل» التي تساعد أكرم في الوصول إلى «بيرتا» ولا يهمها من ذلك سوى الحصول على مكافأتها لقاء خدمتها له، وتبدة صورتها في الرواية صورة نمطية لامرأة مبتذلة، تكشف معظم أعضاء جسمها. وهناك شخصية شلومو الموظف في النزل الذي يرفض مبيت الراوي ومجد في نزله لأنهم «من سكان المناطق» ولا يسمح لهم بالمبيت في داخل الخط الأخضر، ثم يقبل ذلك مقابل رشوة قدماها له. وهناك فريق العمل التلفزيوني الذي يوظفه أكرم لتصوير محاولته في إحياء التعايش، كما يحاول هذا الفريق أن يقيم حواراً حول السلام انطلاقاً من حادثة الطيار وعبد الكريم الحمد، ولكنه يفشل في ذلك.
أما بيرتا فإننا نعرف عن ماضيها من خلال أكرم والراوي، ونعرف حالها الحاضر من خلال الراوي، فقد كانت راقصة في ملهى الليدو يخطب ودها كبار القوم والأغنياء عرباً ويهوداً، لكنها رفضتهم وأحبت فارس الفارس، وهاجرت معه إلى لبنان إلى أن أعيدت رغم ارادتها، وقد أصبحت الآن عجوزاً، ملأت التجاعيد وجهها، ولا تسمع ولا تتكلم؛ فأصبح التعايش نتيجة ذلك غير ممكن.
المعمار الفني للرواية:
لعل التلخيص السابق يمكننا من تبيُّن بناء العمل وكيفية اشتغال التقنيات فيه بالتضافر مع لغة العمل وبنائه الفني. ويمكن القول إن رواية نهر يستحم في البحيرة تميل نحو رواية الحدث، حيث تكون العلاقات فيها «تراكمية أكثر منها سببية، ولذلك تعتمد على غيبة الحبكة، كما أن هيمنة الحدث تؤدي إلى التقليل من أهمية الشخصيات، ويعتمد القاص على إثارة الانفعالات الحادة كالتوقع والفزع والخوف من أجل شد انتباه القارئ وضمان متعته الفنية.»(10) وقد رأينا أن الشخصيات منفعلة أكثر منها فاعلة، وتقوم بردود أفعالها على الأحداث، ولا تبادر إلى فعلها.
وللراوي في هذه الرواية زاوية رؤية محددة مما يجري حوله، وهي رؤية سلبية غالباً وسوداوية وحزينة، وانعزالية، تغيب عما يدور حولها من أحداث في بعض الأحيان، ولا تعبأ كثيراً بالنتائج حين يتعلق الأمر بهدفها. والراوي المشارك في هذه الرواية يشارك في الأحداث، ويراقب ما يجري بانعزال عنها أحياناً كثيرة مكتفياً بالمراقبة وملاحظة ما يجري وتسجيله وروايته. وبالتالي فإن معرفته مساوية لمعرفة الشخصية الحكائية. وهو يتدخل أحياناً في سيرورة الأحداث، فقد أصر على الاستمرار في الرحلة عندما نصحهم رجل الأمن بالعودة، كما أنه تذرع بعدم حصوله علىى الأوراق لزيارة مجد في القدس، وبالتالي أجبرها على أن تزوره هي. وهو يدلي دائماً بتعليقاته وتأملاته، وبالتالي إلى تشكيل حركة السرد، فيوقف السرد، ويقطعه، ويقفز به، وينقله إلى نقطة أخرى.
والمكان، أو الفضاء الجغرافي في الرواية ممتد في أمكنة كثير، وعلى الرغم من احتفال الروائي بالأمكنة في الرواية، وجعل المكان هو الحافز الأساسي لتحرك الشخصيات وللأحداث، غير أنه بالإضافة إلى ذلك تم التركيز على المكان بما يحمله من دلالات سياسية ووطنية، ومن حيث هويته، فقد تم عرض المكان وفق رؤية الراوي من زاوية ما جرى عليه من تغيير ومحاولة محو هويته، إما بطمس معالمه، وإما بتغيير هويته بتسميته اسماً جديداً يحمل هوية ثقافية وحضارية مختلفة، ويرد المكان في صورتين متقابلتين: ما كان عليه، وما هو عليه الآن، صورته العربية الفلسطينية الأصيلة، وصورته المهودة، وتبرز الصورة الثانية غريبة مكروهة، في حين تبعث الصورة الأصيلة الارتياح والحلم الجميل، ولذلك أطلق الراوي على سمخ «دار الأمان» مقابل دار التخريب والدمار الذي فعلته الجرافات. ولكن يظل المكان يحمل ملامحه الأصيلة مهما جرت عليه من تغييرات، فما زال الراوي قادراً على تحديد مكان كل بيت ومعلم في سمخ وعلى شاطئ بحيرة طبرية، كما أن بحر غزة لم يغير ملامحه، وما زال يحمل هويته الأصلية، وكذلك يشعر الراوي أن حقيقة الوطن وأساسه لم تتغير، وكأنه يقول إن كل ذلك التغير طارئ ومفتعل ومؤقت.
لقد كانت الأمكنة التي تحدث عنها الراوي أمكنة واقعية سماها بمسمياتها الحقيقية، مما جعل وصفها يتصدر السرد في بعض الأحيان، إذ وصف الراوي شوارع غزة، وأسواق القدس، وبعض الأماكن في بيسان وسمخ، وقد أراد الروائي بذلك أن يجعلنا نقر معه أنه يروي أحداثاً حقيقية، مما يساعد في إدماج الحكي في نطاق المحتمل والواقع. وقد توقف عند وصف هذه الأمكنة أحياناً لوقف السرد أو الإبطاء به. وفي الوصف للأمكنة كان يصبغ الراوي تلك الأمكنة بمسحة حزينة مبعوثة من مشاعره، فقد طغى الحزن والبؤس والسلبية على بعض الأمكنة تبعاً لرؤية الراوي وشعوره النفسي، مما يجعل المكان يصطبغ بصبغة إنسانية يصبح طرفاً يحاور الراوي، كما فعل عندما تذكر تجربة سابقة في بردلة، وحينما فصل في وصف البحيرة. وغالباً ما كانت الأمكنة التي تحدث عنها الراوي أمكنة مفتوحة، شوارع وطرقات، وآفاق، وشواطئ، وقرى، وقليلاً ما كانت الأمكنة مغلقة، ولكنها مزدحمة بالناس، كما المطاعم والمقاهي، وحتى بيت بيرتا أصبح مفتوحاً لفريق التلفزيون. وحتى حينما يكون المكان مغلقاً كالغرفة حيث أقام الراوي ومجد، لم تكن فيه تلك الخصوصية أو السرية. ولكن قمرة الطيار كانت مليئة بالأسرار، وكذلك الثلاجة التي تحتفظ بجثمان عبد الكريم الحمد. فقد يكونان هذان المكانان مليئين بأسرار الحرب، وإرادة العودة إلى الوطن.
أما الزمن في الرواية فلا يتجاوز أسابيع محدودة إلا فيما كان يستذكره الراوي بين حين وآخر، فقد انحصر زمن القصة في الفترة الواقعة بين دخول الراوي إلى الوطن ومكوثه ما يقارب أربعة أسابيع في غزة ثم قيامه بالرحلة إلى سمخ وعودته منها في ثلاثة أيام إلى القدس، وان كانت الرحلة قد انتهت على مشارف القدس، ولم يكملها الراوي إلى غزة. وبين حين وآخر كان الراوي يعيدنا إلى ذكرى أحداث قديمة بعضها يعود إلى ذاكرة الأربعينات، والستينات إلى التسعينات، في لقطات سريعة تضيء بعض جوانب حياة أهل سمخ، أو بعضاً من حياة الراوي في رام الله والأردن ولبنان وشمال إفريقيا. وبالتالي يمكن القول إن زمن القصة أطول من زمن السرد. وفي حين تقوم أحداث القصة الرئيسية على تتابع الأحداث تتابعاً زمنياً، كان يقطعها سرد الاستذكار من الماضي، كما يقطع هذا التسلسل سرد أحداث قصة أونودو، وبالتالي نصادف هنا توظيف تقنية القصة داخل قصة، وإن كانت قصة أونودو لم ترو بشكل متسلسل، بل رويت في مشاهد تتخلل سرد القصة الرئيسية.
ولقد ميز الراوي هذه المفارقات الزمنية عن طريق الانتقال من حالة سردية إلى أخرى إما عن طريق وضع عنوان لتلك الحالة السردية، أو فصلها عن الحالة السردية السابقة بأربعة نجوم. وهو في ذلك يستخدم تقنيات التلخيص والقفز عن أحداث معينة، وقطع السرد والعودة إليه في مكان آخر. كما أنه لجأ إلى تسريع السرد أو الإبطاء به موظفاً الوصف التفسيري التوضيحي الرمزي أحياناً.
يستخدم الكاتب تقنية مسرحية في روايته، هذا التكنيك الذي عرض فيه يحيى يخلف في هذه الرواية مشاهد مسرحية كاملة على خشبة المسرح ممثلة في اونودو. كما أنه وظف الحكاية والأسطورة والخرافة توظيفا جيدا سواء كان ذلك في أوساط المجتمع الفلسطيني أو في الأوساط الإسرائيلية، وبهذا يسقط الكاتب مقولة الفرق العلمي والحضاري لدى الشعبين، بل إنه يجعل من الرعب والفزع الذي يعيشه المجتمع الإسرائيلي مقابلاً للفرح وبهجة الاستبشار بعودة الغائبين وبمستقبل أفضل في الأوساط الفلسطينية.
كما أن يحيى يخلف يوظف الاستذكار سبيلاً لإضاءة ما كان عليه المجتمع الفلسطيني من عز واستقرار في وطنه تحول مع الهجرة إلى عذابات وأهوال ومنافي، وعلى الرغم من التغيرات الديمغرافية والبنية العمرانية غير أن الملامح الفلسطينية الأساسية ما زالت ماثلة في مكانها على الرغم من كل محاولات الطمس والتغيير وسياسة الهدم والنفي المادي والبشري، فالهوية العربية ما زالت قائمة ممثلة بالسائق الفلسطيني الذي ما زال يتحدث اللهجة الفلسطينية الأصيلة والمقيم في داخل فلسطين، وفي ذلك إشارة إلى تجذر الهوية الفلسطينية على الرغم من الممارسات المستمرة لطمسها.
لقد سيطر تيار الوعي على الراوي الذي ينتقل بذاكرته من الحدث الآني إلى الماضي ومن المكان الواقع إلى المكان الحلم، فهو ينتقل من فلسطين الحالية المثخنة بالجراح إلى الصورة السابقة للنكبة، ومن مجد إلى عائشة، ومن أزمة وطن محتل إلى تونس. هذا التداعي في الأفكار يسيطر على عقل الرواي على امتداد الرواية.
التوافقية بين الأحداث والأشخاص تقنية أخرى، فأكرم عابد ومجد والراوي كل منهم يبحث عن تعايش: أكرم يحاول تعايشا سياسيا مع بيرتا وصلحا قائما على أساس التاريخ والتسامح بطرق أقرب إلى الرومانسية. والراوي يبحث عن سمخ وجذوره التي تربطه بهذا الوطن، ومجد تبحث عن التعايش العاطفي وهي تعيش بين الماضي والمستقبل، بين الراوي الفلسطيني، والفلسطيني الثري المغترب الأرستقراطي ولكنه يخيفها من حيث انفتاحه المندفع مع النساء. وتوافقية أخرى بين فقدان الخال العائد إلى الوطن والطيار المحارب ثم العثور على جثة الطيار في قاع البحيرة، والعثور على بيرتا وجثمان الفلسطيني الغزال. وكما كانت بداية هذه الأحداث متزامنة في بداياتها كانت متزامنة في نهاياتها: فتشييع جثمان الطيار يتوافق معه انتهاء الأمل بالحصول على جثمان الفلسطيني آنيا، وسوف تظل هذه قضية عالقة شأنها شأن غيرها من قضايا الوضع النهائي.
هذه التوافقية تناقضها الارتطامات بين الحلم والواقع، فأكرم يعد العدة لاحتفالية بمقابلة بيرتا، وعمل برنامج حواري بين الطيار وخال الراوي، والرواي يفكر أين وكيف يواري جثمان خاله، ثم تقع الكارثة، فبيرتا تهدم الفصل الأول من المسرحية والإجراءات الإسرائيلية بخصوص الجثمان تهدم الفصل الأخير منها.
نحن إذن أمام رواية فكرية سياسية، رواية فيها عمق كبير وتحتاج لكثير من التاريخ وفهم تعقيدات القضية الفلسطينية لفهمها. إن العودة للوطن في الرواية حتمية مقابل إمكانية تحقق الحلم، والبديل للعودة هو معسكرات النفي في الدول العربية البعيدة. الواقع قائم ولا خيار غيره، والحلم أمل بمستقبل أجمل، ولكن الرحلة في الوطن –كما في الرواية- تبعث الألم والأشواق الحزينة والشعور بالاغتراب والانكفاء على الذات واستجلاب الماضي وتصور أملا قادما وفي كل معاناة وتمزق داخلي. رحلة يحيى حقي في الوطن بعد العودة كانت جارحة، وتسيل الدم في القلوب وفي العيون. رحلة قاتمة وباعثة على الأسى لأن الوطن لم يتحرر فعلا وإنسانه ما زال أسير الخوف والمراقبة والتفتيش والاحتجاز ومقيداً. والخراب عم المكان، والهوية تكتسحها جنازير جرافات المدن السياحية على النمط الأوروبي، والمعالم الأصلية مهملة وصدئة ومهترئة. فماذا بقي من بواعث فرح؟ ولذلك كان لا بد أن يصل الراوي (يحيى يخلف) وأكرم عابد في النهاية إلى النتيجة نفسها. التعايش غير ممكن؟ ما الحل إذن؟ ربما سيأتي في رواية أخرى.
تقوم تقنية السرد في هذه الرواية على اصطناع راو موازٍ للكاتب في حالاته كلها، ولكنه يجرد من نفسه ذلك الراوي الذي يروي حكايته وتجربته الآنية المباشرة وذكرياته وتجاربه السابق. والراوي في هذه الرواية راوٍ مشارك، يقص على القارئ الحكاية، ويوهمنا الروائي أنه يقدم رؤية مختلفة عن رؤيته من خلال الراوي المتمثل للقارئ.
لقد استخدم الروائي ضمير المتكلم وضمير الغائب حين يروي عن أونودو ومواقفه من الحرب والسلام بعد الحرب العالمية الثانية. إن ما نصادفه في هذا العمل هو «أنا الراوي» بدون أن نعثر على صوت آخر ذا معنى. لقد شارك أكرم ومجد في رواية بعض الحكايات الصغيرة، وطرحا بعض التساؤلات، ولكن الراوي الأساسي كان هو أنا المتكلم المشارك في الأحداث. صحيح أن مساهمة الشخصيات جميعها في الأحداث كانت هامشية، وكأنها كانت منفعلة بالأحداث أكثر منها فاعلة، وكأن الأحداث مُسيَّرة قدرية، ولذلك كانت أفعالهم هامشية، ومحصورة في رد الفعل أكثر منها قائمة على الفعل، إلا ما كانوا يمارسونه في رحلة عادية.
وقد تركت نزعة اللايقين أثرها في الرواية مضموناً وبناء «ومن نزعة اللايقين هذه، التي تشدد عليها الرواية العربية الجديدة، تنهض التطويرات الشكلية التي تقوم على تشييد سرد متشكك يعرض العالم أمام أعيننا بغموضه وهلاميته وعدم ترابطه.»(11)
وللحلم دوره في الرواية؛ فقد لجأ الروائي إلى هذه التقنية لكي يعبر عن مكنونان نفسه، فعندما استلم تصريح الزيارة لسمخ، أخذ يستذكر بوعيه ما ارتبط بذلك المكان من ذكريات حبيبة إليه، وذكريات أخرى مؤلمة كموت خاله عبد الكريم الحمد الذي عاد ليموت في «دار الأمان» حينما شعر بدنو الأجل، فيقتل على الحدود. هل خشي الراوي أن يموت قبل أن يرى سمخ؟ ربما. لكنه يحلم، ويرى فيما يرى النائم عالماً خيالياً يعرج فيه الراوي عبر السماوات إلى السماء السادسة حيث «يتجمهر اللاجئون والمعذبون والمحرومون» (ص33). صورة من صور الغفران ويوم الدخول إلى الجنان في ظل الرحمن ومالك الملكوت. حلم بالجنة. الوطن هو الجنة، فظل الله الظليل حيث يرث النور الأرض والبحيرة. (ص33).
وفي أجواء الأزمة النفسية الداخلية التي يتصارع فيها الحلم الجميل مع الواقع الصادم المحبط، يلجأ الراوي إلى الحلم هارباً من الواقع، وهو في جوه المشحون بالأسى على ما حل ببلدته، يأخذه اللاوعي إلى الماضي الجميل الذي يحن إليه، ماض مليء بالتفاصيل الصغيرة التي يتذكرها في ذلك الحلم، ويروي ذلك بكل حب وانجذاب إلى ذلك الماضي، «وخيل إليَّ أنني رأيت فيما يرى النائم عائشة بثوبها المغربي المطرز تجلس قرب المدفأة في بيتها الريفي في أعالي جبل عين دراهم، في ذلك الشتاء البعيد، عندما كان الثلج يتساقط، والنيران تأكل بعضها بعضاً، وخشب البلوط يطقطق، ومن جهاز التسجيل تأتي موسيقى رافيل حاملة معها ضجيج وصخب الحياة.» (ص85).
كما يعود الراوي إلى الحلم قبيل نهاية الرواية، حين يخرج أونودو من دفتره ويهرب، فيتابعه الراوي حيث يصطدم بباب كهف دخله أونودو، وكانت تلك الصدمة هي التي أعادت إليه الوعي، وهي التي أعادته من الحلم إلى الواقع. وجعل نتيجة الحلم واقعية، فقد أصيب بجرح في جبهته، كما انغرست الأشواك في قدميه وأصابعه ولحمه. إنها صدمة الواقع، واقع الاحتلال القائم، والتحرير الناقص المجتزأ، وواقع أن التعايش غير ممكن مهما حاول الفلسطينيون من طرق؛ فالفلسطيني لا مكان له في عرف الإسرائيليين في وطنه حتى ولو كان ميتاً، فيمكن أن يُدفن خارج فلسطين، بعد سلسلة من التأكيدات والإجراءات المطلوبة.
الحنين إلى المكان الأصلي الذي ولد فيه الراوي، وهو مكان مليء بالذكريات الجميلة، وكما يقول باشلار عن البيت «المأوى الطبيعي لوظيفة السكنى. إننا نعود إليه فقط، بل نحلم بالعودة إليه»(12) وهو بيت مسلوب «هش ولكنه يدفعنا إلى أحلام يقظة الأمان»(13). ولا ينحصر حنين الراوي إلى مسقط رأسه فقط، إلى المكان الذي عاش فيه أهله وأقرباؤه ووالده ووالدته وخاله عبد الكريم الحمد الذي دفع حياته عائداً ليموت فيه. هذا المكان كان بعيداً عنه، كان هناك «وراء الريح»، وحين وصل إليه وجده مختلفاً عما يحمله من ذكرى وصورة بقيت في ذاكرته سنوات طويلة. بل هو يحن لمكونات الوطن جميعها، يحن إلى المكان وإلى العائلة، بحيث يشمل ذلك الحنين الحياة بكاملها في الوطن: البيوت، والنباتات، ومحطة القطار، والبحيرة ومياهها وأسماكها، والأبقار والعجول والسمن والثياب ونوافذ البيت ومحطة القطار والأشخاص الذين كان لهم أدور في تلك الحياة التي يحن إليها. وحين يصل إلى ذلك المكان شعر بمرارة الغربة في الوطن أكثر مما كان يشعر به في المنافى. لقد انتظر العودة أزماناً «لقد قضيت ردحاً طويلاً من عمري وأنا أنتظر.» (ص 25)، وبعد أن وصل غزة، ووقف في شارع عمر المختار آلمته مرارة الاغتراب «أنا العائد أقف ضائعاً في شارع من شوارع وطني، أشعر بالغربة والوحدة أشعر برغبة في البكاء.» (ص 26).
كما يستدعي الراوي قصة الضابط الهندي كارانج العامل في قوات حفظ السلام في قطاع غزة قبل حرب 1967، وحين يقتل برصاصة إسرائيلية يصر قائده على حرق جثمانه بناء على تقاليد هندية، يستدعي الراوي تلك القصة ليشير إلى حالته النفسية بسوداوية «تعانق الفراشات الملونة المصباح لتموت موتاً صاعقاً، ويحترق (كارانج) بالنار ليعانق الخلود، وأنا هنا أحترق وحيداً ... أنا هنا لا أحيا ... لا أموت.» (ص 32).
يستدعي يحيى يخلف التراث الشعبي الفلسطيني، فحالة الانضباع التي مرَّ بها الراوي وجريه خلف أونودو لا تخلصه منها إلا الصدمة في جبهته بباب المغارة التي لجأ إليها أونودو هارباً من دفتر الراوي ومنطلقاً هارباً إلى الخلاء بدل البقاء كنص في دفتر الراوي. لقد انتقل الراوي من حالة الانضباع إلى حالة الوعي، إلى حالة الصحو. إنها دعوة الكاتب للتخلص من حالة الذهول والهذيان، إلى حالة تجاوز ذلك إلى محاولة فهم الواقع «ليس من أجل التسليم بواقعيته، بل للثورة على الواقع وإن بذور ذلك متوفرة داخل الصدور وفي الواقع الذي يصنعه الآخر الجلاد، وأن البحر الذي يدخل للبحيرة، لا يدخل للركون والنوم، بل للاستحمام كما يقول الكاتب للاستحمام الذي يطهره من محطاته السابقة»(14)، وكأن زيارته لسمخ نوع من التطهر من عذابات الماضي، وآلام المنافي

ايوب صابر 02-06-2012 09:29 AM

يحيى حسن يخلف

السبت, 18 سبتمبر 2010 17:59
ولد الروائي والكاتب الصحفي يحيى حسن يخلف في بلدة سمخ على ضفاف بحيرة طبرية بفلسطين لأسرة جزائرية مهاجرة من مدينة معسكر غربي الجزائر، وكانت عائلتانا في سمخ متجاورتان ومتصاهرتان، وقد هاجرتا معا عام 1948 إلى بلدة ملكا شرقي الآردن، لذلك فإن أول ما ينطبع في ذاكرتي عن يحيى هو ذهابنا معا ونحن أطفال إلى كتاب (طالب) تلك البلدة التي قضت فيها عائلتانا شتاء 1949 ثم انتقلتا حيث استقرت عائلته فى إربد شمال الأردن، وتوفي والدي وانتقلت بي أمي إلى مدينة الزرقاء أواسط المملكة الأردنية الهاشمية·
ودرس يحيى في مدارس وكالة الغوث للفلسطينيين في إربد نفسها عاصمة الشمال الآردني، ثم انتقل في ستينيات القرن الماضي إلى رام الله ليدرس في دار المعلمين فيها·· وفي تلك الفتره كانت والدتي تصحبني لزيارة بعض الأقارب في إربد مما رسم في ذهني صورا عن المرحومين والده ووالدته وعن بعض إخوته مثل المختار وبشير·
وتميزت عائلة يخلف بالنضال سواء في الجزائر أو في فلسطين، فأحد أجداده السنوسي يخلف كان من رجالات الأمير عبد القادر، أما أعمامه مصطفى والطاهر فكانا من المجاهدين المشهورين في الحركة الوطنية الفلسطينية في مراحلها المختلفة، وكان عمه الطاهر رفيق نضال لأحمد الشقيري مؤسس منظمة التحرير الفلسطينية، وعضو المجلس الوطني الفلسطيني الأول الذي تأسس في القدس·
في الستينيات صدرت في الضفة الغربية من الأردن مجلة أدبية شهرية إسمها ''الأفق الجديد'' يشرف عليها الأديب أمين شنار؛ وكانت المجلة الأدبية الوحيدة في المملكة الأردنية الهاشمية، مما جعلها ملتقى لفئة الأدباء الشباب في الأردن، فظهر فيها القاص يحيى يخلف والقاص فخري قعوار والقاص ماجد أبو شرار والناقد خليل السواحري وغيرهم، وكانت تنشر لي هذه المجلة بعض المقالات الصغيرة·· وكان يحيى يشرف أيضا على صفحة القصة في جريدة ''فلسطين'' التي تصدر في القدس، وشهدت تلك الفترة من الستينيات سلسلة مراسلات بيننا، نتحدث فيها عن بعض القضايا الأدبية وآخر ما قرآناه من كتب، ثم زارني يحيى في بلدة الزرقاء ووجدني غارقا في كتب الفلسفة والفكر، أكتب في قضاياهما مقالات ليست للنشر·· فلفت نظري إلى كتابة القصة لآنها أكثر التصاقا بالواقع الذي يعيشه المواطن العربي· كان يحيى قد بدأ دراسته الجامعية في بيروت العربية·· وتكررت بيننا اللقاءات، نتبادل الحديث فيها عن الجزائر والدروس النضالية المستخلصة بها، خاصة وأن عمه الطاهر كان من الرجال الذين رعوا فريق جبهة التحرير الجزائري لكرة القدم حين زار الآردن، وكان قريبا من مكتب الثورة الجزائرية الذي كان يرأسه الشيخ عبد الرحمن العقون ومن بعده مع السفراء الجزائريين في العاصمة الأردنية، بالإضافة إلى نضاله الفلسطيني، وكانت بعض المنظمات الفلسطينية قد بدأت تعمل تحت الأرض·· وكل ذلك يهم يحيى·
ثم انتقل يحيى للعمل كمعلم في المملكة العربية السعودية مع بعض الزملاء له من الفلسطينيين، في دار المعلمين تلك ومنهم المناضل الشهيد ماجد أبوشرار·· وربما كانوا أوائل خلايا حركة فتح·
في عام 1968 نشر يحيى يخلف قصته الأولى في مجلة ''الأداب'' اللبنانية، وأذكر أن إسمها كان لحن الثورة وكانت مجلة ''الأداب'' وصاحبها الدكتور سهيل إدريس المجلة الأدبية الأولى في الوطن العربي، يطمح إلى النشر فيها كل أصحاب الثقافة الحديثة من شعر ونثر، بينما كانت مجلة ''الأديب'' منبر أهل الثقافة الكلاسيكية وليس هناك من قراء الأدب في تلك الفترة من لا يتابعهما· وفي عدد آخر من ذلك العام نشرت لي ''الأداب'' قصتي ''خطوات في الفراغ'' وقد فرحت بذلك فرحا طفوليا كبيرا، فقد كانت كتابتي للقصة ثمرة لتشجيع صديقين يحيى يخلف القاص وخليل السواحري الناقد، وكلاهما من مدرسة الأفق الجديد، وقد فرحا لي فرحا كبيرا، واعتبرا نشر تلك القصة إنجازا لي على طريق الأدب·
تفرغ يحيى للعمل الثوري الفلسطيني وقد دافع عن الثورة خلال الصدام مع الجيش الأردني عام ,1970 ثم انتقل إلى لبنان كادرا من كوادر حركة فتح البارزين وعضوا في اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينين، وعرف باسم ''أبو الهيثم''·
وزار يحيى الجزائر عام 1975 خلال مؤتمر الأدباء العرب العاشر الذي ترأسه الكاتب الجزائري المعروف عبد الله ركيبي، وكان مدير عام مجلة ''المجاهد'' التي عمل فيها الكاتب المعروف محمد مبارك الميلي قد أفرزني مع صحفيين آخرين أذكر من بينهم الزميل برهومي من وكالة الأنباء الجزائرية للعمل في مجلة المؤتمر·
وفي أواخر المؤتمر في قصر الصنوبر جاء الرئيس الراحل هواري بومدين للقاء الأدباء، وهنا قام المفكر العربي ناجي علوش الذي يرأس اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين بتقديمنا إلى الرئيس بومدين باعتبارنا من أصول جزائرية، فدهشت من متابعة الرئيس بومدين، فقد قال عن يحيى يخلف بأنه مناضل فلسطيني معروف، وعني بأني صاحب كتاب الثورة الزراعية في الجزائر·
وأصدر يحيى يخلف روايته الأولى بعنوان ''نجران تحت الصفر'' وهي الرواية الوحيدة في الأدب العربي التي تتحدث عن الثورة اليمنية والمواقف منها في ستينيات القرن الماضي، وهي رواية مكتوبة بعذوبة ورشاقة مما جعلها تضع يحيى في الصف الأول من الروائيين العرب·
أجريت عدة مقابلات أدبية مع أخي يحيى نشرتها في عدد من الصحف العربية·· وكنا نلتقي بين الفينة والأخرى في بغداد والكويت ودمشق·
تولى يحيى منصب الأمين العام لاتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينين، واختلف مع قيادة الثورة في ذلك الوقت·· وقد سوي هذا الخلاف بتدخل من رئيس اتحاد الكتاب الجزائريين
العربي الزبيري والقيادة السياسية الجزائرية، وانتقل يحيى إلى الجزائر ليعيش في القبة عدة سنوات، ثم انتقل إلى تونس مع القيادة الفلسطينية·· وفي التسعينيات قام بدور سياسي بين حركة فتح والأحزاب الجزائرية الوليدة آنذاك·
وكان قد أنجز عدة مجموعات قصصية وعدة روايات منها رواية ''بحيرة وراء الريح'' وهي عن بلدة سمخ التي ولد فيها والتي تقع على ضفاف بحيرة طبرية، وهي رواية كانت تعيش في ذهنه منذ الستينيات حين بدأ الكتابه·· وأهداها إلى عمه الذي ناضل مع الأمير عبد القادر في الجزائر·
إنتقل من تونس إلى الأراضي الفلسطينية، ثم أسند إليه منصب وزير الثقافة، إضافة إلى مهامه السياسية داخل حركة فتح·
وفي عام 2004 إلتقينا في دمشق خلال احتفالات اتحاد الكتاب والأدباء العرب بذكرى تأسيسه، وقدمت له في فندق ''ميرديان'' رئيس اتحاد الكتاب الجزائريين آنذاك عز الدين ميهوبي·
بقلم : سهيل الخالدي إعلامي

ايوب صابر 02-09-2012 09:54 AM

اهم الاحداث في طفولة يحيى يخلف

الروائي والكاتب الصحفي يحيى حسن يخلف ولد عام 1944 في بلدة سمخ على ضفاف بحيرة طبرية بفلسطين لأسرة جزائرية مهاجرة من مدينة معسكر غربي الجزائر، هرتان، وقد هاجرت عائلته عام 1948 إلى بلدة ملكا شرقي الآردن لتستمر حياة من الغربة والتشرد والالم. وربما ان هذا اهم احداث طفولته.

مأزوم

ايوب صابر 02-09-2012 12:52 PM

32- العشاق رشاد أبو شاور فلسطين
العشاق

نبذة النيل والفرات:
"خرج أبو خليل من بداية البيارة، مشي على إيقاع خطوات قدميه، الذي أخذ يتصاعد، منتظماً كقرع طبول، رفع رأسه فرأى قطوف البلح تتدلى من قمم أشجار النخيل، القطوف خضراء محمرة، لم تنضج بعد، ولكنها في وقت غير بعيد، ستنضج، وتمتلئ بالحلاوة، وتساقط رطباً جنباً. أخذ المساء يهبط، ناعماً، رطباً بالنسمات المنعشة، تمتم أبو خليل وهو يسير بمحاذاة الجدول، مصفياً للخرير، (تزوجا، يا محمود أنت وندى، وأنجبا كثيراً من الأطفال) أنا أعرف أنها موافقة، سمع ضحكة طفل، ضحكة جده، مرحة، فرحة، وكل الرصاص كان يقطع تلك الضحكة، التي كانت تعود لتنطلق من جديد، حلوة ومرحة".
من أرض فلسطين ينطلق النسق مضخماً بعبير الوطن الساكن في حنايا كل العاشقين، قصة يحكيها رشاد أبو شادر يمتزج فيها حكاية حب بطولات وعمليات وباستشهادات ما زالت هاجس كل فلسطيني.


الساعة الآن 12:39 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team