منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=7)
-   -   أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية. (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=6821)

ايوب صابر 12-20-2011 09:20 AM

يوسف إدريس

لمحة عنه

ولد "يوسف إدريس" لأسرة متوسطة الحال بقريه البيروم مركز فاقوس بمحافظه الشرقيه عام 1927، التحق بالمدارس الحكومية حتى المرحلة الثانوية، ليكمل بعدها مشواره التعليمي بكلية الطب جامعة القاهرة ثم ليتخرج فيها عام 1951.
على هذا فقد عايش في مرحلة الشباب فترة حيوية من تاريخ مصر من جوانبه الثقافية والسياسية والاجتماعية، حيث الانتقال من الملكية بكل ما فيها من متناقضات، إلى الثورة بكل ما حملته من آمال، ثم النكسة وما خلفته من هزائم نفسية وآلام، ثم النصر في 73 بكل ما كان ينطوي عليه من استرداد لعزة وكرامة الشخصية المصرية، ثم الانفتاح وما تبع ذلك من آثار على المجتمع المصري من تخبط وتغير في بنيته الثقافية والنفسية والاجتماعية.. إنه رجل عاش كل هذه التقلبات، ليس كما يعيشها الإنسان العادي، بل كما يعيشها الفنان المبدع الذي تؤثر فيه تفاصيل الأحداث، ويعمل على أن يرصدها ليتمكن من تأثيره عليها، فجاء أدبه معبرا عن كل مرحلة من هذه المراحل، وناطقا برأيه عما يتغير ويحدث حولنا في هذا البلد وما يحدث في أبنائها، ولاسيما أنه كان في مطلع شبابه متأثرا بالفكر الماركسي بكل ما يحمله من هموم اجتماعية.
كان كاتبنا غزير الثقافة واسع الاطلاع بالشكل الذي يصعب معه عند تحديد مصادر ثقافته أن تقول إنه تأثر بأحد الروافد الثقافية بشكل أكبر من الآخر.. حيث اطلع على الأدب العالمي وخاصة الروسي وقرأ لبعض الكتاب الفرنسيين والإنجليز، كما كان له قراءاته في الأدب الآسيوي وقرأ لبعض الكتاب الصينيين والكوريين واليابانيين، وإن كان مما سجله النقاد عليه أنه لم يحفل كثيرا بالتراث الأدبي العربي وإن كان قد اطلع على بعض منه.
هذا من ناحية أدبية وفنية وثقافية عامة ساهمت في تشكيل وعيه العقلي والأدبي، ولعل ممارسته لمهنة الطب وما تنطوي عليه هذه الممارسة من اطلاع على أحوال المرضى في أشد لحظات ضعفهم الإنساني، ومعايشته لأجواء هذه المهنة الإنسانية ما أثر في وعيه الإنساني والوجداني بشكل كبير، مما جعل منه إنسانا شديد الحساسية شديد القرب من الناس شديد القدرة على التعبير عنهم، حتى لتكاد تقول إنه يكتب من داخلهم وليس من داخل نفسه.
بدأ نشر قصصه القصيرة منذ عام 1950، ولكنه أصدر مجموعته القصصية الأولى "أرخص ليالي" عام1954، لتتجلى موهبته في مجموعته القصصية الثانية "جمهورية فرحات" عام1956، الأمر الذي دعا عميد الأدب العربي "طه حسين" لأن يقول: "أجد فيه من المتعة والقوة ودقة الحس ورقة الذوق وصدق الملاحظة وبراعة الأداء مثل ما وجدت في كتابه الأول (أرخص ليالي) على تعمق للحياة وفقه لدقائقها وتسجيل صارم لما يحدث فيها.."
وهي ذات المجموعة التي وصفها أحد النقاد حينها بقوله: "إنها تجمع بين سمات ديستوفسكي وسمات كافكا معا". لم يتوقف إبداع الرجل عند حدود القصة القصيرة والتي صار علما عليها، حتى إنها تكاد تعرف به وترتبط باسمه، لتمتد ثورته الإبداعية لعالمي الرواية والمسرح.
حديث عن الحرية

تمتع "يوسف إدريس" بسمات شخصية كان على رأسها الإقدام والجسارة والجرأة، ولم تختلف صفحات قصصه ورواياته كثيرا عن تلك السمة المميزة لصفحة شخصيته، فاتسمت هي الأخرى بالجسارة، فهو من أصحاب الأقلام الحرة، على الرغم من أنه ظهر في مرحلة تجلّى القمع فيها في أسوأ صوره، من تكميم لأفواه المبدعين، وسحق لآدميتهم، وتشريد الداعين للحرية بطردهم من وظائفهم، أو سجنهم، أو التنكيل بهم.. إلا أنه بين كل هذه الألغام في طريق الكلمة الصادقة الحرة عمل دائما على أن يقول ما يريد وقتما يريد، وبعد أن فرح بالثورة وأخذ بجانب بدايته كطبيب في القصر العيني –حينها- يهتم بكتابة إبداعاته القصصية حتى وصل لأن يكون مسئول القسم الأدبي بمجلة روزاليوسف، سرعان ما بدأ انتقاده لرجال الثورة وسياسة "عبد الناصر"، الأمر الذي أدى به عام 1954 إلى السجن، مما جعله يعتبر نفسه في النهاية لم ينل حريته التي تمكنه من قول كل شيء.. بل بعضا من كل شيء؛ فنراه يتكلم عن هذه الحرية المفقودة ويقول: "إن كل الحرية المتاحة في العالم العربي لا تكفي كاتباً واحداً لممارسة فعل كتابته بالجسارة التي يحلم بها".
وعن هذه النفس الإنسانية المتوقدة داخل يوسف إدريس يقول د. جابر عصفور: "كان "يوسف إدريس" واعياً بالأسباب السياسية والاجتماعية والثقافية والدينية التي تحول بين المبدعين وممارسة جسارتهم الإبداعية إلى المدى الذي يعصف بالمحرمات التي كادت تشمل كل شيء، والممنوعات التي يتسع مداها بالقدر الذي يتسع به مدى الاستبداد والتسلط مقروناً بالتعصب والتطرف على كل مستوى من المستويات. وأغلب الظن أن "يوسف إدريس" كان واعياً بمعنى من المعاني بالجذور القديمة والأصول الراسخة للقمع في تراثنا، تلك الجذور والأصول التي أودت بحياة الكثيرين من المبدعين على امتداد العصور".
القصة بين الواقعية والعامية

تميزت القصة عند "يوسف إدريس" بالواقعية، حيث أخذ يصور الحياة اليومية ولاسيما للمهمشين من طبقات المجتمع، كما أنه جنح إلى استخدام العامية في قصصه، وإلى استخدام لغة سهلة بسيطة، وكان يرى أن الفصحى لا يمكن أن تعبر عن توجهات الشعب وطموحاته، كما أن الحوار يعد ركنا هاما من أركان القصة عنده، ويمثل جزءا من التطور الدرامي للشخصيات، والتي غالبا ما كانت من البسطاء الذين يصارعون من أجل الصمود أمام مشاق الحياة، ولعل في الظروف التي كان يعيشها الشعب المصري حينها، وضغط الفقر والحرمان من أبسط حقوقه الإنسانية ما يفسر اتجاه كاتبنا نحو هذا النوع من الأبطال في قصصه ومن الأسلوب الذي اتخذه للتعبير عنهم من خلال الحوار والذي جاء لتقريب ما يدور داخل شخصياته من تصعيد نفسي وتصعيد للأحداث.
عمد "يوسف" إلى التكثيف والتركيز في قصصه القصيرة حتى كان يقول عن تعمده هذا المنحى: "إن الهدف الذي أسعى إليه هو أن أكثف في خمس وأربعين كلمة.. أي في جملة واحدة تقريبا- الكمية القصوى الممكنة من الإحساس، باستخدام أقل عدد ممكن من الكلمات". وعليه فقد كان "يوسف إدريس" يعتبر الإيجاز في القصة القصيرة من أهم الخصائص الأسلوبية التي على الكاتب أن يناضل من أجل تحقيقها، وفي ذلك يقول: "فالقصة القصيرة أكثر الأشكال الأدبية إيجازا فعبارة "أهلا حمادة" تشبه القنبلة الذرية في صغرها وفعاليتها ومع ذلك فهذه القنبلة يمكن تصنيعها-فقط-على أيدي أناس ذوي موهبة"

ايوب صابر 12-20-2011 09:21 AM

يوسف إدريس



يوسف إدريس علي أمير القصة العربية، من مواليد 19 مايو 1927م في البيروم الشرقية. مفكر وأديب مصري كبير، قدم للأدب العربى عشرين مجموعة قصصية وخمس روايات وشعر مسرحيات. ترجمت أعماله إلى 24 لغة عالمية منها 65 قصة ترجمت إلى الروسية. كتب عدة مقالات هامة فى الثمانينيات بجريدة الاهرام صدرت فى كتاب فقر الفكر وفكر القصة.
حصل على جائزة الدولة التشجيعية فى الأدب عام 1966م والتشجيعية عام 1991م. هو واحد من أشهر الأطباء الذين تركوا الطب ليمتهنوا الأدب. كان يتلمس الالغام الاجتماعية المحرمة ويتعمد تفجيرها بقلمه وظل يتمتع بحيوية الرفض لكل ما يحد من حرية الانسان فى كل ما يكتب.
جدير بالذكر انّ الاقصوصة في العالم العربي قبل سنوات الخمسين كانت ما تزال في مراحلها وخطواتها الأولى ، ثمّ جاء يوسف إدريس ورسّخها وثبّت أقدامها ونقلها من المحليّة إلى العالميّة. إختار يوسف إدريس مواضيع مسحوبة من حياة الإنسان العربي المهمّش. إدريس خلق أقصوصة عربيّة، بلغة عربيّة مصرية قريبة من لغة الإنسان العادي وبذلك نقلها من برجها العاجي إلى لغة التخاطب اليومي. وبالنسبة لشخصيات قصصه نلمس أنّه ثمّة نمطين من أنماط الشّخصيّة القصصيّة يركز إدريس عليهما وهما على النحو التالي:
1. شخصيّة المرأة باعتبار أنّ المرأة عنصرًا مسحوقًا ومهمّشًا أكثر من غيره، فنذر حياته للدّفاع عنها وللكتابة من أجلها .
2. الشّخصيات الرّجوليّو وهي شخصيّات ،بمعظم الحالات، من قاعدة الهرم، من الشريحة المظاومة في مصر . قشخصياته معظمها تمثيل للإنسان المصري الذي يعيش على هامش الحياة المصرية بكل مستوياتها .
وقد شهد نهج يوسف إدريس في كتابة الفصّة القصيرة تغيّرًا جذريًا، في نهاية الخمسينيات وااوائل الستينيات. فالتصوير الواقعي، البسيط، للحياة كما هي في الطبقات الدنيا من المجتمع الريفي، وفي حواري القاهرة، يتلاشى، ويظهر نمط للقصّة أكثر تعقيدًا. وتدريجيًا، أصبحت المواقف ولاشخصيات أكثر عموميّة وشموليّة، إلى أن قارب نثره تجريد الشعر المطلق . ويشيع جو من التشاؤم، وينغمس أبطال القصص في الاستبطان والاحتدام، ويحل التمثيل الرمزي للموضوعات الأخلاقية والسياسية محل الوصف الخارجي والفعل المتلاحق

ايوب صابر 12-20-2011 09:22 AM

عشرون عاما على رحيل يوسف إدريس

د. أحمد الخميسي - القاهرة -
20 أغسطس 2011
- عدد الزيارات:312
عشرون عاما كاملة انقضت على رحيل يوسف إدريس عن عالمنا في الأول من أغسطس عام 1991 ، رحل عن أربعة وستين عاما فقط ، بعد أن ملأ الدنيا قصصا وحكايات ومسرحيات ومقالات ، وبرحيل يوسف إدريس تحطم الناي العبقري الذي عزف عليه الفلاحون المصريون وفقراء المدن أشجانهم . الفلاحون الذين ظهروا بتردد للمرة الأولي عند أعتاب توفيق الحكيم في روايته عودة الروح ، وفي يوميات نائب في الأرياف ، ثم في كتابه عدالة وفن ، ثم عادوا إلى الظهور في ضيافة يحي حقي ، وطه حسين ، إلى أن فتح لهم يوسف إدريس باب روحه على مصراعيه فدخلوا وجلسوا وأكلوا وشربوا وقالوا ما يشاءون لقلمه وعقله ، وعندما انتزع الموت صاحب البيت من بينهم ، جمع الفلاحون حكاياتهم ومواويلهم وغادروا المكان . ولم يعد يلوح من الفلاحين بعد ذلك سوى أطياف تهرول بشحوب فوق جسر الأدب الجديد .
يتذكر الجميع يوسف إدريس : الفلاح الطويل القامة بوجهه الصريح ونافورة الحماسة التي تعلو بالأفكار الجديدة ، سريع التوهج ، تمتلأ أحاديثه بالصور والإشارات ، وتتدفق منه الموهبة وحب الحياة .
ويعرف الجميع الآن ـ أكثر من أي وقت مضي ـ قيمة ذلك الكاتب العملاق، وفداحة الخسارة التي أصابتنا بموته المبكر . ويذكرنا رحيل يوسف إدريس بما قاله أنطون تشيخوف ذات مرة من أن الموت يوارى نصف الفنان فقط ، أما نصفه الآخر فيظل حيا في إبداعه الذي تركه لنا .
ولد يوسف إدريس في 19 مايو 1927 بإحدى قري الشرقية . وتفتح وعيه على الملاحم الشعبية وحكايات أبي زيد الهلالي والزيناتي خليفة وكانت سلسلة « روايات الجيب » حلقة ثانية من ثقافته خلال سنوات المدرسة . ويحكى يوسف إدريس نفسه أنه كان يقرأ تلك الروايات على ظهر حمار أثناء عودته من المدرسة إلى القرية حتى أنه انهمك ذات يوم في القراءة إلى درجة أن قريته مرت دون أن يلحظها . وعام 1945 التحق وهو في الثامنة عشرة بكلية الطب ، لكن صلته لم تنقطع لا بقريته ولا بالفلاحين . وفي القاهرة أخذ يطلع على الأدب العالمي في ترجماته المتاحة وينهل من الأدب العربي الكلاسيكي . وبعد أن أنهي يوسف إدريس كلية الطب عمل في مستشفى قصر العيني ، وعرف وهو داخل غرفة العمليات بقيام ثورة يوليو 1952.
ولاشك أن إدريس تأثر بكتاب القصة العظام مثل موباسان وتشيخوف وغيرهما ، كما تأثر بمن سبقوه مثل طاهر لاشين ومحمد تيمور ، لكن الحكيم وروايته عودة الروح وكذلك يوميات نائب في الأرياف ترك أثرا خاصا في نفس ووعي إدريس . وفي سنوات كلية الطب أصبح جزءا من الوسط الطلابي الذي كان يغلي بمختلف التيارات السياسية والفكرية ضد الأوضاع القائمة عشية الثورة ، وتخير إدريس التيار الماركسي مع مشاركته النشطة في مختلف الحلقات والتجمعات الأدبية بالجامعة. وفي 1950 ظهرت أولى قصص إدريس في جريدة المصري الوفدية ، حين قدمه عبد الرحمن الخميسي على صفحاتها للمرة الأولى ، وبظهور مجموعته القصصية الأولى « ارخص ليالي » في أغسطس 1954 ذاع اسم يوسف إدريس بسرعة البرق . وكان السر في ذلك أن القصص التي ضمتها تلك المجموعة لم تكن فقط مكتملة النضج من الناحية الفنية ، بل وكانت فتحا جديدا في الأدب المصري والعربي بما انطوت عليه من رؤية جديدة مغايرة للعالم والإنسان . ومع أنه كانت هناك بوادر لشخصية الفلاح المصري في رواية الأرض للشرقاوي وغيرها ، لكن ذلك الفلاح ـ بظهور شخصية « عبد الكريم » في أرخص ليالي ـ دخل بقوة على يدي يوسف إدريس إلى الأدب كشخصية فنية واقعية متعددة الجوانب بعيدة كل البعد عن الطابع المثالي الذي أسبغه عليها الكتاب من قبل .
فى السنوات اللاحقة على الثورة كان إدريس يكتب بسرعة وتدفق وسهولة معجزة وكانت الأفكار والموضوعات تلاحقه بإلهام لا ينقطع ، وكان الكثير من تلك الموضوعات مستمدا من علاقة إدريس التي لم تنقطع بالقرية ، ومن تجربته كطبيب في قصر العيني ، وتجربته داخل الجامعة ، وقدرته الثاقبة على ملاحظة الفقراء في قاع المدينة . وكانت الخمسينات هي فترة الآمال التي قالت عنها لطيفة الزيات : « كنا نحس حينذاك أننا قادرون على تغيير العالم بأسره » . وكانت الواقعية النقدية توطد مواقعها في الأدب المصري مدعومة بفكرة أن الأدب والفن قادران على تغيير الحياة والمجتمع . وفي سنوات قلائل نجح يوسف إدريس في بناء صرح قصة قصيرة مصرية وعربية جديدة ، بالرغم من أن حجر الأساس في القصة القصيرة قد تم وضعه في عشرينات القرن الماضي على يدي الأخوين عيسى وشحاته عبيد ويحيي حقي وطاهر لاشين ثم محمد تيمور الذي دشن اكتمال ذلك الشكل الأدبي بقصته « في القطار» عام 1917 ، لكن ولادة القصة القصيرة لم تكن تعني بعد نموها ونضجها كما وكيفا حتى ظهر يوسف إدريس الذي قدم في عالمه القصصي بانوراما بانوراما ضخمة ومذهلة لفئات المجتمع المصري : الطالب والموظف والفلاح والعامل والمثقف والمقاتل والطبيب والمهندس وفقراء الريف والمدن من النساء والرجال . وبينما اعتادت القصة القصيرة المصرية منذ مولدها الإشارة إلى مأساة « الإنسان الصغير » قام يوسف إدريس بالإشارة بقوة إلى مأساة الواقع التي تخلق المآسي البشرية الصغيرة ، وغير اتجاه السؤال وطبيعته في مجموعاته « أرخص ليالي » و« حادثة شرف » و« أليس كذلك؟ » . وفي رواية « دعاء الكروان » طه حسين الصادرة عام 1934 تقع هنادي الصغيرة في غرام المهندس الوسيم الأعزب المقيم بحكم عمله في الصعيد ، فتتكاتف عليها أمها وخالها ويجهز عليها بطعنة في الخلاء تفزع منها السماء . بعد نحو ربع القرن من صدور رواية طه حسين ، ينشر إدريس عام 1959 رواية « الحرام » ويبدل إدريس اتجاه السؤال، فلم يعد العقاب الذي يحل بالمرأة ناجما عن أشواق القلب المحرمة ، ولكن من وطأة الواقع الاجتماعي الذي دفع « عزيزة » للتفريط في نفسها فقط من أجل الحصول على جذر بطاطا اشتهاه زوجها عامل التراحيل المريض العاجز . الحرام عند إدريس هو الفقر والعوز ، لكن حرام طه حسين هو الحب والشوق المحظورين . وفي الخمسينات واكبت أعمال إدريس الواقع الاجتماعي الذي يفور بآمال الثورة ، فظهرت مسرحياته القصيرة البديعة « ملك القطن » ، و « جمهورية فرحات » ، و« اللحظة الحرجة » ، لكن شعوره الباطني بمقدمات نكسة 1967 وهي تختمر دفعته للسؤال عما إن كان من الممكن : « تنظيم العلاقة بين الإنسان والدولة بحيث لا يقوم المجتمع بقهر الفرد من ناحية وبحيث لا يعيش الفرد عالة على الدولة من ناحية أخرى ؟ ». وجوهر السؤال الذي طرحه إدريس هو : هل يمكن الجمع بين الخبز والحرية ؟ . والواضح أن إدريس لم ير إمكانية لتحقيق ذلك الحلم ، إذ تقول « الفرافير » ( 1964) بوضوح أن خلف كل قيصر قيصرا جديدا ، وفوق كل سيد سيدا آخر ، وأن الاستبداد يمضي في دورة مغلقة أبدية بلا مخرج . وتأكدت تلك الرؤية في « المهزلة الأرضية » 1966 ، و« المخططين » 1969 التي سخرت من فكرة المساواة كمشروع قابل للتحقيق . وكان التعب يحل بالكاتب الكبير شيئا فشيئا ، ففي حوار أدلي به إدريس لمجلة روزا اليوسف عام 1967 اعترف بأنه أصبح يعد نفسه فترة طويلة لكي يدخل إلى حالة الكتابة ، إما بالاستماع للموسيقي أو مطالعة كتاب ، أو حتى بكتابة خطابات لبعض الأصدقاء أو الأقرباء ، وأنه ـ إذا بدأ الكتابة ـ راح يدخن دون توقف ويشرب عددا لا يحصي من فناجين القهوة. وفى السنوات اللاحقة تضاعفت هموم الكاتب الكبير ، وأرقه المرض ، وتضاءلت قدرته السحرية على الكتابة بسهولة وتدفق ، وبالرغم من ذلك توالى صدور أعماله مثل : مجموعة « بيت من لحم » و« مسحوق الهمس » وغيرها في محاولة لاكتشاف وسائل تعبيرية جديدة . وعلى مدى سنوات إبداعه كلها ، لم يكف يوسف إدريس عن اقتحام أهوال المعارك الاجتماعية ، وأذكر أنه حين حدثه البعض عن أهمية تقليص عمله الصحفي لصالح الأدب أنه كتب قائلا : « كيف أكتب ومن حولي ستائر البيت تحترق ؟ » .
لقد أتاحت لي الظروف أن ألتقي بيوسف إدريس مرات عديدة ، ومازلت أذكر بالعرفان أنه منحني شرف تقديمي ككاتب قصة في مجلة الكاتب عام 1967 ، وفي تلك اللقاءات العابرة كنت أشعر أنني أمام إنسان كبير يريد أن يعطي كل خبراته ومشاريعه وأفكاره للآخرين وللحياة . وقد قام إدريس بدور كبير في تقديم عدد كبير من الكتاب اللامعين الآن ، وفي دعمهم ، وفي الدفاع عنهم . وحينما تحل ذكرى رحيله أشعر بكل قلبي أنه لم يرحل عنا ، لكنه يرحل إلينا ، كاتبا عظيما ، شكل ومازال فتحا فكريا وفنيا وإنسانيا يواصل تأثيره بموهبة شربت ألوانها من ينابيع شعبية وديمقراطية عميقة . وما من شيء يمكن تقديمه الآن لذلك الكاتب العملاق أهم من إعادة طبع أعماله كاملة طبعة رخيصة تصبح في متناول الجميع ليعلموا من هو « يوسف إدريس »

ايوب صابر 12-20-2011 09:23 AM

يوسف إدريس

٦ حزيران (يونيو) ٢٠٠٧
اختطفه عالم الأدب من الطب، فهو واحد من أشهر الأطباء الذين تركوا الطب ليمتهنوا الأدب.. عايش تطور التيارات الفكرية والسياسية المختلفة، وتأثر بالفكر الماركسي.. استطاع أن يحقق مصرية القصة القصيرة حتى استحق عن جدارة أن يكون أميراً لها.. انه أديب الأطباء وطبيب الأدباء.. الدكتور يوسف إدريس.
ولد يوسف إدريس 19 مايو عام 1927م في قرية البيروم بمحافظة الشرقية لأسرة من متوسطي المزارعين تضم عددا من المتعلمين الأزهريين، تعلم في المدارس الحكومية والتحق بعد دراسته الثانوية بكلية الطب في جامعة القاهرة التي تخرج منها عام 1951 .
حصل على دبلوم الأمراض النفسية ودبلوم الصحة العامة، عمل في المستشفيات الحكومية وكان مفتشاً صحياً في الدرب الأحمر وهو حي شعبي في القاهرة. بدأ ينشر قصصه القصيرة في الصحف منذ عام 1950، وشارك في تحرير أول مجلة يصدرها الجيش بعد قيام ثورة يوليو وهي مجلة التحرير التي صدرت في سبتمبر 1952.
صدرت مجموعته القصصية الأولى " أرخص ليالي " عام 1954 وقد وضعت هذه المجموعة البداية الفعلية للواقعية المصرية ، ثم ظهرت موهبة إدريس في مجموعته التالية " العسكري الأسود " التي صدرت عام 1955 والتي وصفها أحد النقاد بـ " أنها تجمع بين سمات دستوفسكي وسمات كافكا معا " .
حصل على جائزة عبد الناصر في الآداب عام 1969 ، وجائزة صدام حسين للآداب عام 1988 ، وجائزة الدولة التقديرية عام 1990 . توفى يوسف إدريس في أول أغسطس عام 1991م إثر مرض خبيث.
عالم إدريس القصصي
جذبت قصص يوسف إدريس الأولى الانتباه إلى أن اسمه سيصبح من الأسماء اللامعة في فترة وجيزة وهو ما حدث بالفعل خاصة بعد كتابة قصة " أنشودة الغرباء " والتي نشرت في مجلة " القصة " عام 1950 ، وبعدها تابع نشر قصصه في مجلة " روز اليوسف " ، ثم قدمه عبد الرحمن الخميسي إلى قراء جريدة " المصري" التي كان ينشر فيها قصصه بانتظام، ثم كتب عدة مقالات في مجلة "صباح الخير" ، ثم أصبح من كتاب جريدة " الجمهورية " التي كان يرأس مجلس إداراتها في ذاك الوقت الرئيس الراحل أنور السـادات حيث بدأ بنشر حلقات قـصص "قــاع المدينة " ، " المسـتحيل " و" قبر السلطان " ، وبعدها انطلق يوسف إدريس مؤكدا مكانته كأبرز كتاب القصة القصيرة .
وقد عايش إدريس ظهور وتطور التيارات الفكرية والسياسية الوطنية التي انتعشت في مراحل الاستقلال وتأثر بالفكر الماركسي بعد أن قوي بسبب دور الاتحاد السوفيتي بعد الحرب العالمية الثانية والتحولات السياسية والاجتماعية التي شهدها العالم في ذلك الوقت.
ووفقا للنقاد فإن رؤية إدريس الأدبية والفكرية تستند إلى حساسية فائقة وإدراك نافذ لمظاهر الوجود الإنساني وحقائقه، أكثر مما تستند إلى "معرفة " معلوماتية محدودة، ويجمعون علي أن كتابته تتسم بمعرفة عميقة للواقع الاجتماعي المصري وبأسلوب ساخر تشوبه روح الفكاهة معتمداً على استعمال اللغة العامية في أغلب الحوارات.
ويرى النقاد أن عالم يوسف إدريس القصصي يدور في أكثر ما كتب حول ثالوث واضح الملامح هو: الله، الجنس، السلطة... وقد ظهر هذا الثالوث متبلوراً جلياً في مجموعته الذائعة الصيت (بيت من لحم) ، ولذا فقد اندفعت موهبته بحزم وعمق فنيين لتجسد هذه القضايا، وتصنع منها جواً مصيرياً يرسم مصير الإنسان، ويسيطر على عالمه.
يؤكد سمير عمر إن فكرة القدر ووجود قوة عليا مهيمنة ، برزت بوضوح في رسم شخصيات ومسار قصصٍ كثيرة عند يوسف إدريس ، مثل قصة ( قبر السلطان ) ؛ وقصة ( لأن القيامة لا تقوم ) ؛ وقصة ( أكبر الكبائر ) ؛ وانتصر يوسف إدريس دائما لمأساة الإنسان المسحوق في مجتمع طبقي ظالم ، عبر مهارة فنية في السرد والحوار وإحكام بناء النسيج القصصي.
اندماج حتى البكاء
" أنا علي استعداد علي أن أفعل أي شيء إلا أن امسك القلم مرة أخري وأتحمل مسؤولية تغيير عالم لا يتغير.. وإنسان يزداد بالتغيير سوءا.. وثورات ليت بعضها ما قام .."
عن مخاض الإبداع عند إدريس تقول زوجته رجاء: "حينما يكتب يوسف أجلس أمامه ويقتصر دوري علي إعداد الشاي أو القهوة، وبعد أن يكتب جملة أو جملتين يندمج تماماً ويغيب عن كل ما حوله ويبدأ في التشويح والإشارة ويتمثل الشخوص التي يكتب عنها ويشعر إنها حوله تكلمه وتلمسه ! كتابة المسرح عنده حالة أصعب لأنه يستحضر الحاسة الجماهيرية في نفسه ويستحضر الحالة المسرحية ليبثها في نفس الجماهير، عندما كان يكتب مسرحية الفرافير كان في حالة صعبة جداً ، وقد رأيته بنفسي يقف أمام حوض الاغتسال يشيح بيده ويبكي بدموع حقيقية ".
يوسف يرد علي مهاجميه بالبهلوان
طال يوسف إدريس الكثير من النقد، منه ما تعلق بموقفه من جائزة مجلة حوار التي نالها في عام 1966 وقد وافق عليها ثم سرعان ما تغير موقفه بعد أن ظهر أن تمويلها يتم عبر المنظمة العالمية لحرية الثقافة التابعة لحلف الأطلنطي، مما دفع جمال عبد الناصر لتعويضه عن رفضها بمنحه مبلغ الجائزة.
كذلك علاقته بأنور السادات التي توطدت إبان عمله في جريدة الجمهورية فكان إدريس لسان حال السادات في بعض الكتابات، لكن بمجرد أن كتب مقالات "البحث عن السادات" أخرجه السادات من رحمة السلطة، وخرجت الصحف تقول إن يوسف إدريس ينتحر ويغتال تاريخه، ووصل الأمر إلى حد الاتهام بالعمالة والخيانة، فكتب مسرحيته «البهلوان» من وحي تلك الحملات الصحفية التي تعرض لها والتي جاء بطلها صحفيا يمارس مهام رئيس التحرير نهارا، وفي المساء يمارس ـ سرا ـ عمله كبهلوان في السيرك، مستعينا بالمساحيق والطلاء لإخفاء ملامحه، وفي الحوارات التي جرت بين رئيس التحرير (البهلوان) ومساعده نجده يصرح بأنه في عمله الصحفي ليس أكثر من «بهلوان».
ومن الأحداث المثيرة أيضاً في حياة إدريس هجومه الشديد على نوبل نجيب محفوظ بمجرد أن نالها.وفي إحدى أعدادها ذكرت مجلة "الهلال المصرية" المعركة التي دارت بين يوسف إدريس ومحمد الفيتوري، إذ تسلم إدريس الجائزة عندما كانت 37 ألف دولار، وعندما رست على الفيتوري كانت قد وصلت إلى مائة ألف دولار، وفي حالة من الغضب الشديد هاجم إدريس الفيتوري وهمّ بضربه غيظاً وحنقاً على فارق المبلغ لولا تدخل الروائي السوداني الطيب صالح بينهما.
بينما قال الناقد المصري فاروق عبد القادر إن مقالات الكاتب الراحل يوسف إدريس لا تثبت لنقاش جاد إذ كان يعبر في معظمها عن حساباته ومصالحه اكثر منها عن اقتناعاته الحقيقية.
إدريس ومصرية القصة
اعترف يوسف إدريس في أكثر من حوار، أنه دخل عالم الإبداع القصصي بالمصادفة وأن غريزة الموهبة الفطرية وطموحه دفعاه لتحقيق ما يسمى بـ ( مصرية القصة ) ... وقد أهلته دراسته الطبية وأفقه العلمي وسعة معرفته إلى تشخيص أزمة الركود والجمود التي تعيشها القصة العربية بعامة ، خوفاً عليها من الوصول إلى الطريق المسدود.
نشر إدريس مسرحية " المخططين "1969 التي تناقش بأسلوب الفنتازيا كيف تتحول الأفكار الثورية إلى نظام شمولي بعيد عن الديموقراطية فتصدت لظاهرة استيلاء "جماعة المنتفعين" على الحكم, ومنع أية محاولة لتصحيح الأوضاع وقد كان هذا دليل انتشار ظاهرة عدم الثقة في الأنظمة الحاكمة التي تتشدق بشعارات الحرية والديموقراطية والاشتراكية وهى في غيبة تامة عن هذه المُثل. ولم يُكتب لهذه المسرحية إ لا أن تُعرض ليلة واحدة في العام التالي حيث صدر قرار بإيقاف عرضها في تلك الليلة؛ لكنها عرضت بعد ذلك على مسرح الطليعة عام 1972، وظهر نص" اللحظة الحرجة" الذي حلل فيه حالة أسرة مصرية إبان حرب 1956 وردود فعل أفرادها تجاه الحرب .
أما رواية "البيضاء" فيقول عنها أحمد فضل شبلول "أنها رواية الصراع بين الغرب والشرق، بين الشمال والجنوب، بين التفكير العقلاني والتفكير العاطفي. لقد استطاع يوسف إدريس أن يجسد في عمله هذا كل الصراعات النفسية التي تمر بها الشخصية الرئيسية في الرواية، وهي الدكتور يحيى طبيب ورش عمال السكك الحديدية من خلال علاقته ب "سانتي" تلك الفتاة اليونانية البيضاء التي ترمز إلى الحضارة الغربية في هذه الرواية التي كتبت ونشرت أول مرة في أواخر الخمسينات الميلادية".
أزمة الإبداع تراود الأديب
يذكر اسكندر نعمة أن هناك أزمة فنية وإبداعية سيطرت على حياة يوسف إدريس الأدبية وغلفت أعماله، حتى إنها بدت شكلاً من أشكال الانهيار الفني والفكري مر به الكاتب الكبير، وذلك في أواخر مرحلة السبعينيات وأوائل الثمانينيات... إذ صمت يوسف إدريس عن الإبداع والعطاء صمتاً طويلاً مريباً. ومن المحزن أن هذا الكاتب المبدع راح خلال أخريات فترة الصمت هذه يحاول محاولات يائسة لينقذ سمعته ويسترد موهبته الذائعة الصيت ؛ فقد كتب في أواخر السبعينيات بعض المحاولات القصصية، منها على سبيل المثال قصة (الرجل والنملة) والتي نشرها في مجلة (الدوحة)، لا يكاد القارئ يصدق أنها من إبداع يوسف إدريس، حيث جاءت القصة بعيدة عن الإشراق الباهر الذي ضجت به قصصه القصيرة السابقة.
ويعلل اسكندر نعمة ذلك باعتماد الكاتب الراحل الموهبة، والموهبة الطامحة فحسب، فاضطرب عالمه القصصي على الرغم من النجاح الكبير الذي بلغه، والشأن الرفيع الذي ناله، ودليل هذا الاضطراب التداخل في عالم يوسف إدريس القصصي، بين أجناس أدبية مختلفة ، لقد صمم يوسف إدريس أن يدخل عالم المسرح، فكانت تجربة المسرح عنده على حساب اهتماماته القصصية لفترة غير قصيرة من الزمن، إلا أن أهم مظاهر أزمة يوسف إدريس القصصية تتضح في ممارسته وبنشاط محموم وعزيمة كاملة كتابة المقالة، خاصة بعد أن كرس ذاته ووقته للصحافة والنشر في الدوريات المصرية، والعمل في جريدة (الأهرام) تحديداً ، وقد انساق يوسف إدريس بقوة جارفة لمعالجة أزمة الحرية والحياة الاقتصادية والاجتماعية عربياً ومحلياً، فكان ارتداده لكتابة المقالة السياسية والاجتماعية أحد جوانب الانجراف لمعالجة هذه الأزمة الحضارية والإنسانية. فتوقف عن كتابة القصة وجرفه تيار المقالة السياسية والاجتماعية، فازدادت الأزمة لديه عمقاً ووضوحاً، الأمر الذي مكّن النقاد من الإمساك بتلابيبها، ذلك أن مقالاته كانت في أكثرها مقالات قصصية، فهي مقالة وليست بالمقالة، وقصة وليست بالقصة.
الزواج على طريقة إدريس
"إذا كان الرجل يلعب ببعض أوراقه لعبة العواطف، فالمرأة بكل أوراقها تلعب هذه اللعبة ذاتها" في حوار أجراه معه الدكتور عمرو عبد السميع تحدث الدكتور يوسف إدريس عن قصة زواجه قائلاً: "تزوجت في مرحلة من حياتي أحسست فيها بالوحدة فعلاً ! وفي هذه الظروف قابلت زوجتي وأحسست أنها من الممكن أن تكون رفيقة العمر، أحسست أنني أريد أن اجلس معها وأئتنس بها وأتعرف عليها أصادقها.. فتزوجت!! وقلت لنفسي بهذا الارتباط لا أتزوج! وضعت لافته داخلية مكتوب عليها: "هذا العمل الذي قمت به ليس زواجاً" وإنما أنا أريد أن اعرف هذه الإنسانة معرفة حقيقية وتعرفني هي الأخرى، ولكن مجتمعي يمنعني من أن افعل ذلك إلا بالزواج فتزوجت!! تزوجتها ولكن وضعت في اعتباري أن هذا ليس نهاية المطاف ولكنه محاولة حقيقية للتعرف علي زوجتي! ولذلك مكثنا سنة ونصفاً أو سنتين في خلافات شديدة جداً نتشاجر ونتصالح، فترة اختبار للتوافق ونتيجتها إما أن تكون الانفصال أو الوصول إلى المعرفة الحقيقية التي لا نستطيع بعدها فراقاً ! وهذه الفترة هي ما جعلت زواجي يستمر.
مؤلفاته

مجموعات قصص قصيرة
أرخص ليالي. 1954 وهي أوّل مجموعة قصصية ليوسف إدريس
جمهورية فرحات.(وصلة بنص القصة)
أليس كذلك.
قاع المدينة.
لغة الآي آي. (وصلة بنص القصة)
بيت من لحم 1971.
آخر الدنيا.
البطل.
النداهة.
أنا سلطان قانون الوجود.
حادثة شرف.
مشوار . (وصلة بنص القصة)
أحمد المجلس البلدي. (وصلة بنص القصة)

روايات
العيب 1962.
الحرام 1959.
العسكري الأسود.
البيضاء
مسرحيات
ملك القطن.
المهزلة الأرضية.
الجنس الثالث.
الفرافير 1964.
المخططين.
البهلوان.
اللحظة الحرجة

ايوب صابر 12-20-2011 09:25 AM

يوسف إدريس

سيطرت فكرة على كياني بأكمله ولم أنجح في التخلص منها لفترة غير قليلة وانتابني القلق فكلها شهور وتصبح هذه الحياة وتلك الجامعة مجرد ذكريات . اعترف بأن اليأس بكل ما يصاحبه من توابع كان يفرض نفسه في كل لحظة كلما كنت أتذكر أنها ستمر دون أن تتكرر . قررت أن أعرض ما أكتب هذا العام على أحد أساتذتي لأحدد إن كنت سأتزوج من أول شخص أقابله بعد التخرج وأتفرغ لتربية المواشي والأطفال أم أن لدي ما يستحق أن أدافع عنه ؟ وعرفت على يدي أستاذي كيف تكون الكتابة ومن يوسف إدريس؟
وقدر لي أن استمر معه إلى أن يكلفني بكتابة بحث عن المشكلات التربوية في المجتمع المصري من خلال روايات يوسف إدريس.

ولو أنك رأيت الكواكب تنفجر في الفضاء ، والقمر يغادر السماء ، والشمس تعانق المعانق الماء والأرض تقترب من السماء لأدركت شيئا مما دهاني . لم يعد العالم أبدا كما كان من قبل وتوقفت عن الكتابة تماما حتى اتمكن من العودة للكتابة الخالية من أفكاره ولا زلت حتى الآن لا أملك إلا تمزيق الأوراق كلما أرى تلك الأفكار تعود كل مرة لتحرمني من متعة أن أكون ـ ودون تأثير من أحد ـ أنا.

ولادتــــــــــــــه:
ولد يوسفإدريس في 19 مايو 1927 م في محافظة الشرقية بقرية صغيرة تسمى البيروم، وكان والده ثريا نسبيا وينتمي إلى الطبقة الوسطى الريفية وعلى الرغم من أنه درس لثلاث سنوات في جامعة الأزهر بالقاهرة إلا أنه كان رجلا عصاميا في جوهره قام بالعمل وممارسة العديد من الوظائف حيث عمل لفترة مقاولا في حفر القنوات بتعليمات من وزارة الري إلى أن عهدت إليه بمهمة لا ربح واضح فيها وانهارت أعماله ولم يتسلل معها الإحساس بالفشل إليه فعمل وكيلا لضياع كبيرة وسرعان ما أصبحت خسائر الوظيفة الجديدة تلك ملموسة وأصبح خوفه من الطرد يهدد حياته مما جعله يفكر في وظيفة أكثر استقرارا .
وبعد فترة تمكن من تحمل مسئولية ضيعة تبلغ مساحتها ثمانمائة فدان يملكها صاحب مصانع النسيج الثري " صيدناوي"

قد يجعلنا هذا نربط بشكل أو بآخر بين عمل والده ورواية الحرام والتفتيش والضيعة التي يملكها شخص واحد والكل الذين يعملون لصالحه والصداقات التي تقوم بين كبار الموظفين وحياة الترحال والتنقل التي يعيش فيها العاملون بالتفتيش.

" وقد صادق والد يوسف إدريس عائلة مفتش الضيعة اليوناني الذي لقنه مبادئ استصلاح الأراضي وحينما استوعب التقنية تماما أقام من نفسه خبيرا مستقلا ويقدر يوسف إدريس أن أباه قد استصلح ما لا يقل عن خمسة آلاف فدان خلال حياته ".

وكان الارتباط متبادل بين يوسفإدريس وأبيه كل منها مرتبط بالآخر بشكل مرضي فالابن لم يجد الحنان الذي حرمته أمه إياه إلا عند والده.

ويوسف كان الابن الأول الذي يتخطى طفولته بلا موت فقبل أن يولد يوس فكان الأب لديه عدة بنات من ثلاث زوجات سابقات ولكن أبناءه جميعا ماتوا في المهد ، وعندما تزوج (إدريس علي) أم يوسف كان الأمر المؤسف الذي يفقده أبناءه يكاد أن يكرر نفسه .

فقد مات ابنهما الأول وسقط الثاني ـ وكان يوسف ـ مريضا بصورة حادة عقب مولده وظل والداه شهورا وهم خائفين على حياته ولكنه شفي بعد ذلك وكانت تلك هي نقطة التحول في حياة الأسرة بأكملها إذ أعقب شفاء يوسف مولد ستة أبناء آخرين وبنتين مروا بطفولتهم سالمين دون مشاكل.

طفولتــــــــــــــــــــــــه :
عاش يوسفإدريس طفولة غير مستقرة ولأن هذا العمل يتطلب من الأب الانتقال الدائم من مكان إلى مكان فقد ترك إبنه الأكبر يوسف وقد كان عمره خمس سنوات إلى جدته التي كانت تعيش في البيروم .

ولهذا كان يوسفإدريس يسير كل يوم عدة أميال حتى يصل إلى أقرب مدرسة ابتدائية في فاقوس ولم تكن طفولته في بيت أجداد والديه سعيدة .

كان الطفل الوحيد وسط البالغين وكانت تتم معاملته دائما كواحد منهم ، كانوا ينتظرون منه أن يتصرف كشخص ناضج مسئول وكان العقاب ينتظره إذا ما تصرف بغير ذلك وبالاضافة إلى ذلك فقد عاشت العائلة ظروفا متوترة ويتذكر يوسفأن حلمه الأثير كان أن يرى نفسه في غرفة مزودة بالكهرباء والماء الجاري (1)
وبهذا نجد طفولة يوسفإدريس ضائعة وسط جيل من الكبار يرفض معاملته كسائر الأطفال حيث يقول " فأنا من هؤلاء الذين قضوا طفولة جادة تماما لم يعرف المرح طريقه إليها . رجل رهيب في ثوب طفل.

كل ما اعتقد أني أريده أحرمه على نفسي بل وأنظر إليه وكأنه خطيئة ارتكبتها تجاه الآخرين همي الأكبر كله أن أصنع مثلما يصنع الكبار لأكون كبيرا .. فالطفولة كانت في طفولتنا عيبا ، الانطلاق وحتى ارتكاب الخطأ المطالب والهدايا واللعب كل هذه كانت تهمنا نموت حنينا إليها في أعماقنا ولكننا نموت خوفا أيضا أن نطلبها وإلا أصبحنا عيالا " (2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
(1) نبيل فرج ، " يوسفإدريسيتحدث عن تجربته الأدبية " المجلة ، (القاهرة : العدد 169 ، 1971) ص ص 100 ـ 101
(2) ناجي نجيب ، الحلم والحياة في صحبة يوسفإدريس، (القاهرة : دار الهلال ، 1985 ) ص 10

علاقتـــــــــــــه بأمه وجدته :
ويصف يوسفإدريس طفولته بالتعاسة فجدته إمرأة صعبة سلطة اللسان تقرعه على سلوكه بانتظام إذا هفت نفسه إلى مرح الأطفال ، كما يصف والدته بالصلابة وقوة الإرادة والسطوة وإذا ما قارنا بين المرأة الأم والجدة في حياته فإننا نجد أن أمه لم تمنحه الحب فهو يتذكرها كإمرأة عنيدة ذات شخصية مستبدة كتومة فشلت في أن تمنحه اإحساس الأمومي الذي كان يشتاق إليه وبسبب صحتها المعتلة رضع يوسف إدريس من جارة له كانت مسيحية ولم يحظى من أمه بالاهتمام الذي كان يريده ويبدو هذا واضحا في عدد من كتاباته مثل " اليد الكبيرة " (1958) والقديسة حنونة ، (1968) حيث تتم فيهما المقابلة بين قسوة والدة الراوي والحنان الذي تبديه له الجارة وإمرأة مسيحية على التوالي .

" وفي رأي يوسفإدريس أن موقفها المتحفظ والبارد تجاهه كان مسئولا إلى حد كبير عن خرافة خجله واقترابه من النساء بعد ذلك في حياته " (1).

أما إذا اتجهنا لعلاقة يوسفإدريس بجدة أمة التي ربته في البيروم فنجدها خالية أيضا من الإحساس الدافئ فقد كان لها فراخ تلد مثل أمه وكانت تسلخه بلسانها السليط إذا ما أغضبها بأحد تصرفاته الطفولية ولكن تلك المعاملة الخشنة تم تعويضها إلى حد ما بموهبة المرأة العجوز في حكي القصص فقد اعتاد أن يسمع مسلوب الإرادة إلى العديد من القصص المدهشة وحكايات الجنيات المخزونة في ذاكرتها وكانت تلك الخبرة كما يؤكد يوسف إدريس هي التي أججت اهتمامه بالحكايات .

لذا فقد عاش يوسفإدريس طفولة مشتتة قلقة حائرة مليئة بالحرمان والذي كان له بالطبع تأثيره على حياته فيما بعد .

دور الأم فيعلاقته بالمـــــــرأة :
من خلال صورة الأم قد ندرك الكثير عن طبيعة علاقته بالمرأة وكان لذلك تأثيرا كبيرا على كتاباته فيما بعد وأفضل مرجع لذلك هو رواية البيضاء والتي نشرها في سلسلة تحت عنوان الغريب في جريدة الجمهورية في شهري مايو ويونيو عام 1960 ثم نشرها كاملة عام 1970 في بيروت ويشير يوسف إدريس في تقديمه لها بأنه شديد الاعتزاز بهذا الجزء من عمره وعمر بلاده والذاتية هنا تطغى على المحتوى العام ونجد أن المؤلف يتحدث عن نفسه بضمير المنكلم من خلال الراوي . ونرى اهتزاز علاقته بأمه ويظهر حديثه عن نفسه ويؤكد ذاتية الرواية ما يقوله في الروايه على لسان يحيى بطل روايته البيضاء :
" سافرت إلى البلدة إذن وطالعني كل ما أعرف أنه سوف يطالعني ومع هذا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
(1) ب . م . كربر شويك ، الإبداع القصصي عند يوسفإدريس، مرجع سابق ص 45

فللقاؤنا بالقرية فرحة كفرحة رؤيتنا لصورنا ونحن أطفال .. وقوبلت بما تعودت أن أقابل به " ص 53
وكالمألوف استقبله أبوه وأخوته بمظاهرة حافلة مرحة ولكن أين الأم من كل هذا ؟

ونجده يبرر غياب ترحيب الأم له بقوله : " دائما افتقد أمي في تلك المظاهرة وأعرف أنها كالعادة غاضبة علي لأي سبب وأنها جالسة متناومة أو متمارضة ولابد لي أن أذهب وأقبل رأسها ، فتنفر مني وأعود فأقبل يدها فتسحبها بوجه صارم تحاول صاحبته أن تمنع أي بادرة انفعال أن ترتسم عليه وأفعل هذا كله بحكم الواجب والعرف والتقاليد وبلا أي رغبة حقيقية في فعله : " فأنا لم أكن حريصا على إرضائها مثلما كانت هي الأخرى غير حريصة على إرضائي ، علاقتنا كانت غريبة في بابها منذ صغري ودونا عن بقية اخوتي فلا هي علاقة حب ولا علاقة كره" ( البيضاء ، ص 53 )

ايوب صابر 12-20-2011 11:25 AM

يوسف إدريس

- ولد يوسف إدريس في 19 مايو 1927 م في محافظة الشرقية بقرية صغيرةتسمى البيروم.
- كان والده ثريا نسبيا وينتمي إلى الطبقة الوسطى الريفية عمل مقاول لكن اعماله انهارت.
- بعد انهيار أعمال والده عمل وكيلا لضياع كبيرة وسرعان ما أصبحت خسائرالوظيفة الجديدة تلك ملموسة وأصبح خوفه من الطرد يهدد حياته مما جعله يفكر في وظيفةأكثر استقرارا.
- بعد فترة تمكن من تحمل مسئولية ضيعة تبلغ مساحتها ثمانمائةفدان يملكها صاحب مصانع النسيج الثري " صيدناوي" وقد بنى يوسف إدريس رواية الحرام على تجربة والده تلك...ضيعة يملكها شخص واحد والكل الذين يعملونلصالحه والصداقات التي تقوم بين كبار الموظفين وحياة الترحال والتنقل التي يعيشفيها العاملون بالتفتيش.
- كان الارتباط متبادل بين يوسف ادريس وأبيه كل منها مرتبط بالآخر بشكلمرضي فالابن لم يجد الحنان الذي حرمته أمه إياه إلا عند والده.
- يوسف كان الابن الأول الذي يتخطى طفولته بلاموت فقبل أن يولد يوسف كان الأبلديه عدة بنات من ثلاث زوجات سابقات ولكن أبناءه جميعا ماتوا في المهد، وعندماتزوج (إدريس علي) أم يوسف كان الأمر المؤسف الذي يفقدهأبناءه يكاد أن يكرر نفسه .
- مات أخ يوسف الأول من أمه وسقط الثاني .
- وكان يوسف عقب مولده مريضا بصورة حادة وظل والداه شهورا وهم خائفين على حياته، ولكنه شفي بعد ذلك وكانت تلك هي نقطة التحولفي حياة الأسرة بأكملها إذ أعقب شفاء يوسف مولد ستة أبناء آخرين وبنتينمروا بطفولتهم سالمين دون مشاكل.
- عاش يوسف ادريس طفولة غيرمستقرة ولأن هذا العمل يتطلب من الأب الانتقال الدائم من مكان إلى مكان فقد تركأبنه الأكبر يوسف وقد كان عمرهخمس سنوات إلى جدته التي كانت تعيش في البيروم .
- ولهذا كان يوسف ادريس يسير كل يومعدة أميال حتى يصل إلى أقرب مدرسة ابتدائية في فاقوسولم تكن طفولته في بيت أجداد والديه سعيدة .
-كان الطفلالوحيد وسط البالغين وكانت تتم معاملته دائما كواحد منهم ، كانوا ينتظرون منه أنيتصرف كشخص ناضج مسئول وكان العقاب ينتظره إذا ما تصرف بغير ذلك وبالإضافة إلى ذلكفقد عاشت العائلة ظروفا متوترة ويتذكر يوسف أن حلمه الأثير كان أن يرى نفسه في غرفة مزودة بالكهرباء والماء الجاري.
- عاش يوسف ادريس طفولةضائعة وسطجيل من الكبار يرفض معاملته كسائر الأطفال حيث يقول " فأنا من هؤلاء الذين قضواطفولة جادة تماما لم يعرف المرح طريقه إليها.
- ويقول " كنت رجل رهيب في ثوب طفل. ..كل ما اعتقدأني أريده أحرمه على نفسي بل وأنظر إليه وكأنه خطيئة ارتكبتها تجاه الآخرين هميالأكبر كله أن أصنع مثلما يصنع الكبار لأكون كبيرا .. فالطفولة كانت في طفولتناعيبا ، الانطلاق وحتى ارتكاب الخطأ المطالب والهدايا واللعب كل هذه كانت تهمنا نموتحنينا إليها في أعماقنا ولكننا نموت خوفا أيضا أن نطلبها وإلا أصبحنا عيالا.
- يصف يوسف ادريس طفولته بالتعاسة فجدته إمرأة صعبة سلطة اللسان تقرعه على سلوكه بانتظام إذا هفت نفسه إلىمرح الأطفال.
- أيضا كان يصف والدته بالصلابة وقوة الإرادة والسطوة وإذا ما قارنا بينالمرأة الأم والجدة في حياته فإننا نجد أن أمه لم تمنحه الحب فهو يتذكرها كامرأةعنيدة، ذات شخصية مستبدة، كتومة، فشلت في أن تمنحه الإحساس الأمومي، الذي كان يشتاق إليه.
- وبسبب صحتها المعتلة رضع يوسف ادريس من جارة لهكانت مسيحية ولم يحظى من أمه بالاهتمام الذي كان يريده ويبدو هذا واضحا في عدد من كتاباته مثل " اليدالكبيرة " (1958) والقديسة حنونة ، (1968) حيث تتم فيهما المقابلة بين قسوة والدةالراوي والحنان الذي تبديه له الجارة وامرأة مسيحية على التوالي .
- في رأي يوسف ادريس أن موقفهاالمتحفظ والبارد تجاهه كان مسئولا إلى حد كبير عن خجله واقترابه من النساءبعد ذلك في حياته .
- أما إذااتجهنا لعلاقة يوسف ادريس بجدته التي ربته في البيروم فنجدها خالية أيضا من الإحساس الدافئ فقد كان لها فراخ تلدمثل أمه وكانت تسلخه بلسانها السليط إذا ما أغضبها بأحد تصرفاته الطفولية.
- لكن تلكالمعاملة الخشنة تم تعويضها إلى حد ما بموهبة المرأة العجوز في حكي القصص فقد اعتادأن يسمع مسلوب الإرادة إلى العديد من القصص المدهشة وحكايات الجنيات المخزونة فيذاكرتها وكانت تلك الخبرة كما يؤكد يوسف ادريس هي التي أججت اهتمامه بالحكايات .
- لقد عاش يوسف ادريس طفولة مشتتةقلقة حائرة مليئة بالحرمان والذي كان له بالطبع تأثيره على حياته فيما بعد .
- في روايته ( البيضاء ) يظهراهتزاز علاقته بأمه .
- كان دائما يفتقد أمه وهي أما غاضبة او أنها جالسة متناومة أومتمارضة.
- يصف علاقته بأمه بقوله " علاقتنا كانت غريبة في بابهامنذ صغري ودونا عن بقية إخوتي فلا هي علاقة حب ولا علاقة كره.


واضح أن يوسف إدريس عاش طفولة بائسة..فهو من مواليد قرية نائية...محرومة من كل مظاهر الرفاهية وسبل العيش...والده تزوج ثلاث نساء قبل أمه لينجب طفلا...ثم تزوج أمه فمات ابنها الأول مثل كل الأولاد الذي ولدوا لنساؤه الأخريات...وسقط الثاني...وكان من المتوقع أن يموت الثالث ( يوسف إدريس ) الذي ظل عقب ولادته مريضا لكنه عاش...الوالد يتعرض لخسارة وتنهار أعماله...ويجبره عمله على الترحال الدائم...فيضطر إلى ترك ابنة الوحيد الناجي بعد كل تلك المحاولات عند جدته وهو في سن الخامسة، لكن بيت الجدة كان قاسيا...فعومل يوسف إدريس على انه رجل وهو في ثياب الأطفال...كل ذلك تم في غياب الأم التي يبدو أنها كانت تعاني من حالة كآبة حادة...فهي إما مريضة وإما تتمارض...وهي حتما غائبة عاطفيا إلى حد أن العلاقة بين يوسف ووالده أصبحت علاقة مرضية، وكان يشعر بأن تلك المرأة التي عملت على إرضاعه ( الجاره المسيحية ) اقرب إليه من أمه.

إذا لقد عاش يوسف ادريس طفولة مشتتة، قلقة، حائرة، مليئة بالحرمان، والالم، والمرض والخوف من الموت، وفي ظل ظروف غيرمستقرة، ومتوترة، فكانت طفولة ضائعة وتعيسة....خاليه من حنان الأم وغياب الأب وقسوة الجدة والظروف.

وذلك كله في ظل ظروف عامة غاية في الصعوبة، والبؤس من حيث الاضطراب السياسي والفقر العام وظروف الحكم التسلطية الصعبة والأطماع الاستعمارية وكل ما يجلبه ذلك من ويلات وآلام ومقاومة.

يتيم اجتماعي.


ايوب صابر 12-21-2011 11:32 AM

وألان مع سر الأفضلية في رواية:
23- ليلة السنوات العشرمحمد صالح الجابريتونس
ملخص قصة فيلم ليلة السنوات العشر

ثلاثة زملاء قدامى منذ أيام الدراسة، هم لمياء، ونجيب، ومروان،يلتقون من جديد بعد عشر سنوات، حيث يعيش الوطن فى حالة اجتماعية متردية، على حافةالانفجار، يروح كل منهم يتحدث عم حدث له طوال السنوات العشر الأخيرة، منهم من عملبالسياسة، ومنهم من لاقى المصاعب العديد. ومنهم من وقف محايداً إزاء مايحدث.(السينما التونسية)

قام بالكتابة : محمود قاسم

نبذة عن رواية ............................................... ليلة السنوات العشـــــــــــــر

تحكي الرواية عن قصة كفاح الشعب التونسي ايام الإستعمار . حوّلت لفيلم سينمائي .

==
وأما ليلة السنوات العشر فكانت معاصرة لأحداث جانفي 1978 وما فيها من تناقض بين الحكومة والمنظمة النقابية وما فيها من أزمات متولدة وبداية لتشكل نوع من الفكر التقدّمي في تونس او لنقل بداية ظهور فكر لا يرى في رموز الاستقلال حقيقة كاملة ولا يرغب في طاعتهم..
إنه تبلور لفكر الرفض السياسي والتمرّد على الروابط الاجتماعية السائدة..

ايوب صابر 12-21-2011 11:33 AM

محمد الصالح الجابري
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
الأديب محمد الصالح الجابري
تكوينه
درس بمسقط رأسه ثم تحول إلى العاصمة لمواصلة دراسته بالزيتونة حيث أحرز على شهادة التحصيل عام 1961 كما درس ببغداد حيث أحرز على الإجازة وحصل بجامعة الجزائر على الدكتوراه حول محمود بيرم التونسي.
في الألكسو

عمل محمد الصالح الجابري معلما بضاحية الوردية بالعاصمة وأستاذا للتعليم الثانوي بالمنستير ثم ألحق بوزارة الثقافة مديرا لمصلحة الآداب ثم عين مديرا للمركز الثقافي التونسي بطرابلس، وفي سبتمبر 1979 التحق بالألكسو حيث أشرف على إدارة الثقافة إلى أن بلغ سن التقاعد عام 2000 وعين منذ\ذ على رأس مشروع موسوعة أعلام وعلماء العرب والمسلمين التي صدر منها حتى الآن 19 مجلدا.
أعماله

الروايات
القصص
  • إنه الخريف يا حبيبتي 1971
  • الرخ يجول في الرقعة 1980
المسرحيات
  • كيف لا أحب النهار؟ 1979
الدراسات
  • الشعر التونسي المعاصر خلال قرن 1974
  • الشعر التونسي الحديث 1975
  • القصة التونسية نشأتها وروادها 1977
  • أبعد المسافات 1978
  • دراسات في الأدب التونسي 1979
  • يوميات الجهاد الليبي في الصحافة التونسية (الجزء 1 والجزء 2) 1983
  • النشاط العلمي والفكري للمهاجرين الجزائريين بتونس 1983
في الإذاعة

أنتج محمد الصالح الجابري عددا من البرامج الإذاعية لفائدة الإذاعة التونسية ومن أهمها: قصاصات وهو برنامج أسبوعي رجال عاهدوا الله على وهو برنامج ديني. كما بثت التلفزة من إنتاجه مسلسلا تحت عنوان باب الخوخة.
تخليدا له

تخليدا لذكراه أطلق اسمه على نهج محاذ لمدينة الثقافة بالعاصمة التونسية تونس.(نهج محمد صالح الجابري)
المصادر
==
الدكتور محمد صالح الجابري
ولد سنة 1941 بتوزر في "الجريد"
- من أسرة عمالية. اشتغل أبوه في مناجم الفوسفات بالرديف
متحصل على شهادة الدكتوراه من جامعة الجزائر.
شغل وظيفة بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. يشغل فيها الآن مدير
موسوعة أعلام العلماء العرب و المسلمين .
كاتب وروائي وناقد أدبي.
عمل كاتباً عاماً لرابطة القلم الجديد ،عضو جمعية القصة والرواية، وعضو اتحاد الكتاب التونسيين.
==
الأديب التونســي محمد صالح الجــــــابري
ولد سنة 1941 بتوزر في الجريد .من أسرة عمالية. اشتغل أبوه في مناجم الفوسفات بالرديف.
متحصل على شهادة الدكتوراه من جامعة الجزائر. شغل وظيفة بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. كاتب وروائي وناقد أدبي.
نشر محاولته الروائية الأولى يوم من أيام زمرا سنة 1968 وقد استمدها من صراعات العمال بالمناجم في عهد الاستعمار ثم مجموعة أنه الخريف يا حبيبتي (تونس 1971) ونال بها الجائزة التشجيعية من وزارة الثقافة. وله كذلك رواية البحر ينشر ألواحه (تونس 1975) ورواية ليلة السنوات العشر (تونس 1982).
-ومن أهم دراساته النقدية: الشعر التونسي المعاصر (تونس 1974) و القصة التونسية نشأتها وروادها (تونس 1975).




ايوب صابر 12-21-2011 11:34 AM

الجابري في قافلة الغياب او طفولتنا التي تموت
ذهب الجابري ، لم تذهب «زمرا» ولا «البحر» ولا الخريف ولم تذهب رواياته يوم من أيام زمرا و»البحر ينشر ألواحه» و»ليلة السنوات العشر»..ستظل شهادة على مراحل عديدة من حياة البلاد... ستظل شهادة على الاستعمار وعلى العقود الأولى للاستقلال بما فيها من براءة ويمكن ان نضع في هذا المجال روايات حليمة والتوت المرّ ومن الضحايا والزيتون لا يموت والشيخ كرامة..
ولعل ما يميّز الجابري عن هؤلاء انه حاول ان يتناول هذه المواضيع بأكثر جرأة من أصحابه فثمة في رواياته نوع من التجاوز للخطاب الروائي لمعاصريه..
نشأ جيلي المعاصر في زمن يتجه الى الانسلاخ عن ذاته والتخلي عن كل القيم والصفحات الجميلة..
وفي ظل نوع من الاحتقار الذي ساهمت فيه أطراف عديدة للرواية التونسية وغرام الأولاد والبنات بنجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس وتوفيق الحكيم وغيرهم..


كنت أبحث عن الروايات التونسية.. بدافع الاطلاع طبعا ولا بدافع النقد.. فكانت ذهنية عنيفة..
كانت رواية «يوم من أيام زمرا» رواية تتحدث عن الكفاح الوطني ضد الاستعمار وتركز خصوصا على النضال النقابي ضد الاحتلال..

لقد كانت روايات الجابري في تلك الفترة من أوائل الروايات التونسية فالرجل من الجيل الأول من الروائيين والكتّاب التونسيين الذين ظهروا بعد الاستقلال. وكانت هذه الروايات قد غلب عليها الطابع الوطني حيث ركزت على الولاء للوطن وللشهداء ومحاولة إنشاء سرد تونسي مقاوم أو محتفي بالمقاومة.
روايات الفارسي والمطوي وبن الحاج نصر والجابري ملاذا لي.. كنت التهم هذه الروايات وأرى فيها ما أرى...


ظلت روايات محمد صالح الجابري في الذاكرة... وظلت عناوينها ومناخاتها مرسومة في الذهن
واليوم... أستفيق مات الجابري... التحق بالفارسي والمطوي والمسعدي وغيرهم... وبدأت طفولتنا تموت... تموت... تموت...ماتت طفولتنا...تغيرت المباني القديمة مات الأهل الكبار الذين كنا نعتزّ بهم ونحبّهم بكل عفوية.. ومات الكتّاب الذين عشقنا أدبهم وترعرعنا في ظله..
مات الجابري
مخلّفا للمكتبة التونسية رصيدا كبيرا.. وتاركا للساحة الكثير من الأعمال الأدبية والنقدية... وبتوقف نبضه يتوقف نبض قلم تونسي هام ومتميّز.


مات الجابري مات شخوص رواياته وماتت الشخوص التي تناظرها في الواقع...
لكن أعماله لن تموت...
فرحمه الله وأسكنه فراديس جنانه...
http://www.alchourouk.com
==
رحيل الجابري
واختار القصاص العربي البارز الجنوب التونسي "مسقط رأسه" كصورة نمطية للمكانالرمزي بقيمه الأصيلة خاصة أثناء الاحتلال الفرنسي له حتى إن صورة هذا الجنوب لازمتحياة هذا الثائر المفعم بالحماسة والأمل .

ايوب صابر 12-21-2011 11:35 AM

محمد صالح الجابري.. العروبي
كاتب العربي التونسي الدكتور محمد صالح الجابري الراحل، وهو نموذج للكاتب الذي عاش في حالة اشتباك مع قضايا الوطن العربي متجاوزا الاطار المحلي، الي آفاق العمل الثقافي العربي المشترك لأسباب كثيرة من بينها انه وان كان كاتبا تونسيا بامتياز، جاء من عمق الدواخل التونسية في منطقة الجريد ولأسرة عمالية يشتغل ربها عاملا بمصانع الفوسفات، فقد نشأ وتربي منذ صباه تربية عروبية بمعني انه بعد ان نال قسطا من التعليم في بلاده، ذهب للتحصيل الجامعي في بغداد بالعراق، ثم ذهب للدراسات العليا والحصول علي الدكتوراة في جامعة الجزائر، وعاش في الفترة ما بين دراسته في بغداد وتحضيره فيما بعد للدكتوراة في الجزائر، اعواما في مدينة طرابلس بليبيا حيث اسهم في تأسيس المركز الثقافي التونسي الليبي الذي تم انشاء فرع له في العاصمة التونسية وآخر في طرابلس، وبقي لبضعة اعوام مديرا لفرع طرابلس كما انتقل في فترة من فترات عمله الوظيفي مع وزارة الثقافية ليكون ممثلا للطرف التونسي في الدار العربية للكتاب ومقرها الرئيسي طرابلس، ومر قبل حصوله علي درجة الدكتوراة بوظائف في سلك التعليم كمدرس لطلاب المرحلة الثانوية قبل ان يستقر به المقام في العقدين الاخيرين من حياته بالمنظمة العربية للثقافة والتربية والعلوم مديرا عاما لادارة الثقافة ومشرفا علي موسوعة الاعلام، العلماء والادباء العرب والمسلمين وهي الموسوعة التي اصدرت منها المنظمة 19 مجلدا.

الملمح العروبي
هذا هو اذن الجانب العملي العلمي والاداري لحياة الراحل الكبير حيث يتجلي واضحا الملح العروبي في مسيرة حياته الذي كما اسلفت يتجاوز الاطر المحلية الي افق اكثر رحابة واتساعا يشمل باشعاعه المنطقة العربية بأجمعها، ثم نأتي الي سيرته الادبية من خلال ما كرس له حياته من ابداع ودراسات انجزها بقلمه ونشرها باعتبارها من انتاجه الخاص الذي لايقع تحت اطر المؤسسات العلمية الجامعية مثل موسوعة الاعلام، وله في هذا المجال انجاز يضعه في قائمة المبدعين الرواد والباحثين الكبار من ذوي الافق العروبي الافذاذ فهو صاحب اسهام رائد في تأسيس رواية ذات ملامح عربية منذ ان اصدر منذ اكثر من اربعين عاما روايته الاولي من ايام زمرا مسجلا فيها حياة الطبقة العاملة التي تنتمي اليها اسرته والتي اراد توثيق معاناتها من اجل لقمة العيش ونضالها اليومي تحت كابوس الاحتلال الفرنسي بمناطق الجريد التونسي ثم ارفدها براويته الفذة البحر ينشر الواحه التي كانت من بواكير منشورات الدار العربية للكتاب
إنه الخريف

ونشر مابين عامي 1970 و 1980مجموعة من القصص القصيرة التي اسهم بها في تأسيس قصة جديدة وشارك بها في اثراء نادي القصة عبر مجلة قصص التي اصدرها النادي وكان من مؤسسي هذه المجلة ومن مؤسسي هذا النادي ومن المساهمين في ندواته وحواراته الاسبوعية التي تناقش انتاج الاعضاء كما اسهم في ذات الوقت او قبله بقليل في انشاء رابطة القلم الجديد مع صديقه الذي رحل اخيرا شاذلي زوكاروعمل امينا لها لفترة من الوقت وجمع انتاجه في القصة القصيرة التي نشرها في الدوريات والمجلات الادبية من امثال قصص ومجلة الفكر وغيرها في مجموعتين قصصيتين أحدهما انه الخريف يا حبيبتي، والرخ يتجول فوق الرقعة وكانت الاخيرة ايضا من اصدارات الدار العربية للكتاب ثم اصدر في المجال الروائي روايته المسماة ليلة السنوات العشر التي تحولت لشريط سينمائي تم انتاجه عام 1982وهو ابداع يصب في نهر الابداع العربي اداته اللغة العربية وعالمه طبعا عالم اهله في تونس ومكابداتهم وتاريخ عواطفهم وانفعالاتهم الا انه في دراساته وبحوثه التي اخذت هي الاخري جزءا من جهده وانكب اثناء انجازها ،علي البحث والتنقيب والدراسة انكباب الرهبان المسخرين حياتهم في معبد الفكر والادب والثقافة، فهي تسعي لتعميق تلك الوشائج العربية التي كانت هما من هموم الكاتب منذ ان امسك بالقلم وبدأ خطواته البكر في هذا الطريق
يوميات الجهاد

فأصدر سفرين كبيرين عن يوميات الجهاد الليبي في الصحف التونسية ولم يكن جهدا توثيقيا فقط ولكنه كان جهدا يسجل التاريخ من خلال شهود عيان كانوا وقوفا علي ما حدث ولم يكن يكتفي بما تقوله التقارير الاخبارية ولكنه كان معنيا بما تنقله الاقلام في شكل مقالات وتعليقات وبحوث وقصص واشعار وبمثل ما فعل مع هذا التأصيل والتسجيل لتاريخ النضال الليبي ضد المستعمرين فعل ذلك ايضا مع النضال الجزائري ضد المحتلين الفرنسيين مضافا اليه ابعادا فكرية وثقافية من خلال كتابه" النشاط العلمي والفكري للمهاجرين الجزائريين بتونس" وكان بالضرورة وفيا للقطر الذي انتمي اليه وكان موطن اسلافه ومسقط رأسه ومرابع طفولته وصباه تونس فكان مؤرخا للحياة الفكرية والثقافية المعاصرة علي مدي قرن من الزمان ليترك للاجيال زادا ثقافيا ورصيدا معرفيا من خلال كتب مرجعية هي "القصة التونسية نشأتها وروادها "عن تاريخ المدونة القصصية التونسية وكتابين عن تاريخ المدونة الشعرية التونسية هما " الشعر التونسي المعاصر خلال قرن " و"الشعر التونسي الحديث " ثم كتابيه "دراسات في الادب التونسي" و"ابعد المسافات"، دون ان ننسي سفره الكبير الذي اكمل به نقصا في المكتبة العربية عن نابغة الشعر العامي المصري المرحوم محمود بيرم التونسي وهو" بيرم التونسي في تونس " وهو الذي كان موضوع اطروحته لنيل شهادة الدكتوراة.

حصاد فكري
هذا هو حصاد الحياة الفكرية والعلمية للراحل الكريم الدكتور محمد صالح الجابري الذي فجعت بخبر رحيله وحط علي قلبي كأنه الصاعقة، لانني لم اكن قد سمعت بخبر مرضه، ولم اكن اعرفه يشكو داء عضالا ولا اراه دائما الا هاشا بشوشا تعلو الابتسامة وجهه، كثير الترحيب والشرهبة باصدقائه ومحبيه الذين يداومون علي رؤيته في منتديات الجامعة العربية ومنظمتها الثقافية، وقد ربطتني به علاقة علي مدي العقود الاربعة الاخيرة حيث كنت التقي به بانتظام عندما اقام لمدة اعوام في طرابلس وكان طبعا قريبا من نبض الحياة الشعبية الليبية فهو ابن توزر عاصمة منطقة الجريد التي تشترك في التراث مع ليبيا لاختلاط الاصول والجذور فالليبيون ينسبون لباسهم الوطني المسمي الجريدي الي تلك المنطقة وهي منطقة الجريد وكنت شخصيا قد سافرت الي توزر ونفطة لاشاهد بقايا آثار اهلنا الذين سافروا من بلدة قنطرارة في جبل نفوسه هروبا من دولة الاغالبة للاحتماء بالدولة الرستمية التي تتبني المذهب الاباظي وهو مذهب اهل جبل نفوسه وبينهم طبعا اهل قنطرارة وكانت الدولة الرستمية وعاصمتها تاهرت الجزائرية تبسط نفوذها علي الجريد وانشأ هؤلاء الليبيون النفوسيون بلدة هناك بنفس الاسم كانت هي المرجع الديني لاهل الجريد من اتباع المذهب الاباظي ثم عاد اهل قنطرارة لاعادة تأسيس قريتهم الليبية في الصحراء باسم مزدة، وفي الجريد زرت مركز الطريقة الاسمرية وهو زاوية ومسجد ومكان لاقامة الدارسين وحلقات الذكر والتصوف والمدائح التي تتبع سيدي عبد السلام الاسمر صاحب المنارة والروضة في مدينته الاصلية زليتن بليبيا.

وزراء العرب
ولهذا كان محمد صالح الجابري وهو يقيم في طرابلس يشعر شعورا حقيقيا انه بين اهله في هذه المدينة يحل بينهم محل الابن من اسرته، وعندما عاد للعمل في تونس مديرا لادارة الثقافة بالمنظمة العربية للثقافة والتربية والعلوم كنت لا اترك فرصة ازور فيها تونس الا واذهب اليه في مكتبه التقيه واتعرف الي آخر اخباره العلمية والادبية واتجاذب معه اطراف الحديث واستمتع بطرائفه وفكاهاته فقد كان ساخرا كبيرا وصاحب تعليقات عميقة علي الحياة الثقافية وكان آخر هذه اللقاءات منذ ثلاث سنوات عندما ذهبت للمشاركة في فعاليات نادي القصة وزرته اثناء اقامتي هناك في مكتبه وكان آخر ما سمعته منه تساؤلا طرحه في عفوية وهو كيف ترانا في العالم العربي نختار اهل المناصب القيادية في الدولة، متجها لي بالسؤال عما اعرفه عن الآليات التي نختار بها هذه العناصر، وسألته ان كان لسؤاله هدف فقال لي "اعتبره سؤالا عاما وقل لي، لانني اريد ان اعرف اذا ما كنت مخطئا في تقديري" ولانني لم استطع ان امده باجابة شافية فقد شرح لي كيف انه فوجيء منذ ايام باستاذ خامل الذكر لا تميز له ولا اسهام في الفكر والثقافة او حتي في مجال تخصصه، يصبح فجأة وزيرا، وهو ما جعله يفكر في كيف يصبح هؤلاء الوزراء وزراء واستعرض امامي بطريقته الموسوعية كيف ان هناك سياقا في فرنسا هو الذي اوصل اندريه مارلو ومن بعده جاك لانج وغيرهما الي منصب وزير الثقافة وهناك سياق آخر في بريطانيا او ايطاليا او السويد اوصل فلانا او علانا الي ذلك المنصب الذي يقود من خلاله التعليم او السياسة الخارجية او الاقتصاد "ولكنني"يقول الجابري "عجزت عن العثور علي هذا السياق او فهم الاليات التي تجعل فلانا يصبح وزيرا دون فلان، فليت الامر يكون قائما علي الجدارة او قائما علي مجرد ان لهذا الانسان رؤية في هذا المجال، اقتصادا او صناعة او صحة او تعليما او ثقافة او اعلاما، لتقول له الدولة تعالي لتضع هذه الاطروحة او هذه الرؤية موضع التنفيذ".

التزام أخلاقي
كان هذا آخر ما دار بيني وبينه من حديث، ولعل زميلا ثالثا كان حاضرا لما قاله المرحوم الجابري هو الشاعر محمد القابسي الذي كان يشغل مدير مكتب مدير عام منظمة التربية والثقافة والعلوم، ويشهد كل من عرف الراحل الكبير علي مدي التزامه الاخلاقي ومتانة سلوكه المهني والوظيفي وقوة الاحساس بالمسئولية الذي يملكه وسعة ثقافته وموسوعيتها.
بقلم : أحمد إبراهيم الفقيه

ايوب صابر 12-21-2011 11:36 AM

محمد صالح الجابري وكتابه " الادب الاجزائري في تونس

تمهيد://يهدف هذا البحث إلى إلقاء الضوء على مُصنَّفٍ مُهمٍ من مصنفات علم من أعلام الفكر والثقافة والأدب في وطننا العربي، وهذا المُصنف هو كتاب:«الأدب الجزائري في تونس» للدكتور محمد صالح الجابري،أحد مشاهير الأدباء والكتاب التونسيين، وأكثرهم خصباً وإنتاجاً في عصرنا الحاضر.
ويتناول هذا البحث في شقه الأول:
حياة محمد صالح الجابري وآثاره،وأما في شقه الثاني،فيتناول كتابه المذكور بالتعريف والتحليل،هذا الكتاب الذي يُعد من أهم الكتب التي عرّفت بالأدب الجزائري في تونس، في القرن العشرين.
سنستعرض التعريف بالكاتب ومصنفاته،والكتاب ودوافع تأليفه،ثم مصادره ومحتواه،وقيمته العلمية والأدبية والتاريخية، ونختم الدراسة بخاتمة نلخص فيها أهم الأفكار التي وردت في الكتاب.


أولاً:حياته وآثاره
توطئة:
في الأسبوع الأول من شهر يونيو(جوان)2009م،قمتُ برحلة علمية إلى تونس،إذ سافرتُ إلى العاصمة التونسية، وزرت أهم مكتباتها،كالمكتبة الوطنية، ومكتبة كلية الآداب بمنوبة، ومكتبة سحنون، وغيرها.وكان في برنامج زيارتي أيضاً الاتصال ببعض رجالات الفكر والثقافة والأدب التونسيين(1)،وبخاصة المهتمين بالأدب الأندلسي والمغربي(أدب المغرب الأدنى والأوسط والأقصى)،وذلك لأقترح على بعضهم نشر مصنفاتهم في مؤسسة بونة للبحوث والدراسات التي أسستها في مدينة بونة(عنابة) بالجزائر،سنة2004م،وكان من بين المصنفات التي فكّرت في طبعها بمؤسستنا كتاب:«الأدب الجزائري في تونس» للدكتور محمد صالح الجابري.عندما أنهيت عملي بالمكتبات،اتجهت إلى مقر اتحاد الكتاب التونسيين لمساعدتي في الحصول على عناوين وهواتف بعض هؤلاء العلماء والأدباء والباحثين، وهناك وجدت بعض الإخوة البررة،يهشّون ويبشون، ويسألون عن الحال، وقد زوّدوني بمعظم العناوين، وأرقام الهواتف التي طلبتها منهم، ومنها رقم الهاتف المحمول الخاص بالدكتور محمد صالح الجابري، فاتصلت به لمدة يومين في فترات مختلفة، ولكنه لا يجيب،فهاتفت* بعد ذلك الأستاذ الدكتور محمود طرشونة، وسألته عن عنوان الدكتور محمد صالح الجابري، فأخبرني بأنه يعمل في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم(الألسكو)، ومقرها قرب شارع محمد الخامس بتونس العاصمة، فاستقلت سيارة أجرة فوراً، واتجهت إلى مقر المنظمة، ولما وصلت سألت عن مكتبه، وهناك علمت بأنه يرقد في غرفة الإنعاش بأحد المستشفيات بتونس العاصمة،فدعوتُ الله أن يشفيه، وانصرفت مطأطئ الرأس مُفكراً في الإنجازات العلمية المتميزة لهذا الرجل العملاق، وبعد حوالي أسبوعين سمعت خبر وفاته، رحمهُ الله وطيب ثراه.


1
-حياته(موجز ترجمته):
هو محمد صالح الجابري، ولد بتوزر في تونس،سنة:1940م، وتوفي في العاصمة التونسية يوم الجمعة26جمادى الآخرة1430هـ،الموافق19يونيو(جوان)2009م،عن عمر يناهز السّبعين سنة.
بدأ تعليمه، كبقية الأطفال في مدينته، في الكُتّاب فحفظ ما تيسر من القرآن الكريم، ثم دخل المدرسة الابتدائية بمسقط رأسه سنة 1947م، والمعهد الثانوي سنة1954م، وتخرّج منه سنة1957م.
- انتقل إلى تونس العاصمة لمواصلة دراسته بالزيتونة، وحصل على شهادة التحصيل عام1961م،
وبعدها اشتغل مدرّساً في الابتدائي لعدة سنوات،
ثم سافر إلى بغداد سنة1967م للدراسة الجامعية،على حسابه الخاص،والتحق بكلية الآداب في السنة نفسها، وتخرّج منها مُجازاً في الأدب العربي سنة1971م. عاد إلى وطنه تونس،وعمل أستاذاً للغة العربية وآدابها بثانوية المنستير،ثم طمحت نفسه لاستكمال الدراسة الجامعية،فالتحق بمعهد اللغة العربية وآدابها،بجامعة الجزائر سنة1977م، وسجل موضوع الدكتوراه عن محمود بيرم التونسي، بإشراف الدكتور عبد الله ركيبي، وناقشه سنة1980م،حيث حصل على شهادة الدكتوراه.
وقد انتدب الدكتور محمد صالح الجابري إلى وزارة الثقافة، بتونس،لإدارة مصلحة الآداب،ثم عُيّن مديراً للمركز الثقافي التونسي بطرابلس الغرب. وعند انتقال الجامعة العربية من القاهرة إلى تونس، التحق الجابري بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألسكو)،حيث أشرف على إدارة الثقافة، وظل يعمل فيها باحثاً بارزاً حتى وافته المنية، وقد عُيّن على رأس مشروع«موسوعة أعلام وعلماء العرب والمسلمين»، التي صدر منها حتى الآن تسعة عشر مجلداً(2).


2- آثاره: توطئة:
طرق محمد صالح الجابري معظم الفنون الأدبية النثرية المعروفة في عصره،كالقصة، والمسرحية، والرواية،بالإضافة إلى الدراسات العلمية.
أ.في الدراسة العلمية:
للأديب محمد صالح الجابري عدة دراسات علمية، ومؤلفات أكاديمية،متميزة،عمل بعض أهل العلم والفضل على نشرها، وإخراجها للوجود ليستفيد منها الطلاب والدارسون،نذكر منها:
1-ديوان الشعر التونسي الحديث(تراجم ومختارات)،الشركة التونسية للتوزيع،تونس،1976.
2-الشعر التونسي المعاصر خلال قرن،الشركة التونسية للتوزيع،تونس،1974.
3-القصة التونسية،أوائلها وروادها،دار عبد الكريم عبد الله،تونس،1975.
4-دراسات في الأدب التونسي الحديث،الدار العربية للكتاب،ليبيا-تونس،1978.
5-الأدب الجزائري في تونس،(جزءان)،المؤسسة الوطنية للترجمة والتحقيق والدراسات(بيت الحكمة)،تونس،1991.
6-رحلات الأدباء التونسيين إلى الجزائر،الشركة الوطنية للنشر والتوزيع،الجزائر،1983.
7-يوميات الجهاد الليبي في الصحافة التونسية(جزءان)،الدار العربية للكتاب،ليبيا-تونس،1982.
8-التواصل الثقافي بين الجزائر وتونس،دار الغرب الإسلامي،بيروت،1990.
9-النشاط العلمي والفكري للمهاجرين الجزائريين بتونس،الدار العربية للكتاب،تونس،الشركة الوطنية للنشر والتوزيع،الجزائر،1983.
10-محمود بيرم التونسي في المنفى،حياته وآثاره،(جزءان)،دار الغرب الإسلامي،بيروت،1987.
11-أبعد المسافات،مؤسسات عبد الكريم بن عبد الله،تونس،1977.


ب.في الرواية:
للأديب الباحث محمد صالح الجابري ثلاث روايات مطبوعة فقط،فيما أعلم،هي:
1-يوم من أيام زمرا،الدار التونسية للنشر،تونس،1968.
2-البحر ينشر ألواحه،الدار العربية للكتاب،ليبيا-تونس،1975.
3-ليلة السنوات العشر،الدار العربية للكتاب،تونس،1982.


ج.في القصة:
كتب الأديب محمد صالح الجابري مجموعتين قصصيتين،هما:
1-إنه الخريف يا حبيبتي،الدار التونسية للنشر،تونس،1971.
2-الرّخ يجول في الرقعة،الدار العربية للكتاب،ليبيا-تونس،1977.


د.في المسرحية:
كان محمد صالح الجابري إذن،باحثاً، وروائياً، وقاصاً، وأدلى بدلوه أيضاً في فن المسرح،وقد وصلتنا من الأديب مسرحية بعنوان: كيف لا أحب النهار؟،الدار العربية للكتاب،ليبيا-تونس،1979.


ثانياً:كتابه«الأدب الجزائري في تونس1900-1962»
تقديم:
صدر هذا الكتاب عن منشورات المؤسسة الوطنية للترجمة والتحقيق والدراسات«بيت الحكمة» ،*** بتونس،سنة1991.وكتاب«الأدب الجزائري في تونس»،يقع في ست وثلاثين وسبعمائة صفحة(736)،من الحجم المتوسط،في جزءين، ويضم في طياته دراسة وافية عن الأدب الجزائري في تونس، من سنة1900 إلى سنة1962م، وقد بذل الباحث جُهداً كبيراً في جمع المادة ودراستها دراسة علمية.


1-دوافع تأليف الكتاب ومصادره:
لقد ورد في التقديم أن السبب في إنجاز هذا البحث يعود أساساً إلى غايتين،«وإن السبب في إنجاز هذه الدّراسة يعود أساساً إلى غايتين،أولاهما أن أساعد الدّارسين الجزائريين المتطلعين إلى استيفاء مصادر أدبهم،على الكشف عن بعض الصفحات المجهولة حقا من أدبهم، وُأنصف أولئك المبدعين الذين كان لهم شرف إرساء المعالم الأولى للأدب الجزائري الحديث،في صمت وفي ظروف عويصة مفعمة بالإحباط والخيبة، والحرمان، والعنت، وشظف العيش.

ايوب صابر 12-21-2011 11:38 AM

محمد الصالح الجابري
- ولد بتوزر في 14 فيفري 1940، وتوفي يوم 19 جوان 2009 ودفن بمقبرة سيدي الجبالي بأريانة. باحث وأديب تونسي.
-من أسرة عمالية. اشتغل أبوه في مناجم الفوسفات بالرديف.
-بدأ تعليمه، كبقية الأطفال في مدينته، في الكُتّاب فحفظ ما تيسر من القرآن الكريم، ثم دخل المدرسة الابتدائية بمسقط رأسه سنة 1947م، والمعهد الثانوي سنة1954م، وتخرّج منه سنة1957م.
- انتقل إلى تونس العاصمة لمواصلة دراسته بالزيتونة، وحصل على شهادة التحصيل عام1961م
- نشرمحاولته الروائية الأولى يوم من أيام زمرا سنة 1968 وقد استمدها من صراعات العمالبالمناجم في عهد الاستعمار.؟
-روايته تمثل شهادة على مراحل عديدة من حياة البلاد... ستظل شهادة على الاستعمار وعلى العقود الأولى للاستقلال بما فيها من براءة..
- كما غلب عليها الطابع الوطني حيث ركزت على الولاء للوطن وللشهداء ومحاولة إنشاء سرد تونسي مقاوم أو محتفي بالمقاومة.
-إختار القصاص العربي البارز الجنوب التونسي "مسقط رأسه" كصورة نمطية للمكانالرمزي بقيمه الأصيلة خاصة أثناء الاحتلال الفرنسي له حتى إن صورة هذا الجنوب لازمتحياة هذا الثائر المفعم بالحماسة والأمل .
-عاش في حالة اشتباك مع قضايا الوطن العربي متجاوزا الاطار المحلي، الي آفاق العمل الثقافي العربي المشترك لأسباب كثيرة من بينها انه وان كان كاتبا تونسيا بامتياز،
-جاء من عمق الدواخل التونسية في منطقة الجريد ولأسرة عمالية يشتغل ربها عاملا بمصانع الفوسفات،
- نشأ وتربي منذ صباه تربية عروبية بمعني انه بعد ان نال قسطا من التعليم في بلاده.
-ذهب للتحصيل الجامعي في بغداد بالعراق.
-ثم ذهب للدراسات العليا والحصول علي الدكتوراة في جامعة الجزائر.
-عاش في الفترة ما بين دراسته في بغداد وتحضيره فيما بعد للدكتوراة في الجزائر، اعواما في مدينة طرابلس بليبيا حيث اسهم في تأسيس المركز الثقافي التونسي الليبي الذي تم انشاء فرع له في العاصمة التونسية وآخر في طرابلس، وبقي لبضعة اعوام مديرا لفرع طرابلس.
-مر قبل حصوله علي درجة الدكتوراة بوظائف في سلك التعليم كمدرس لطلاب المرحلة الثانوية .
-استقر به المقام في العقدين الأخيرين من حياته بالمنظمة العربية للثقافة والتربية والعلوم مديرا عاما لإدارة الثقافة ومشرفا علي موسوعة الإعلام، العلماء والأدباء العرب والمسلمين وهي الموسوعة التي أصدرت منها المنظمة 19 مجلدا.

==
محمد صالح الجابري تزامنت ولادته مع الحرب العالمية الثانية التي دار رحاها على بعد فرسخ من وطنه الذي لا بد انه تأثر تأثرا كبيرا بالحرب مثل باقي دول شمال إفريقيا حيث دارت بعض معارك تلك الحرب على أرضها. ولد في منطقة نائية في الجنوب من أسرة عمالية والده كان يعمل في مناجم الفوسفات...ولا بد أن حياته وحياة من حوله من العمال كانت درامية بشكل دفعة لكتابة أول رواية من رواياته عن يوم واحد من تلك الأيام فكانت روايته ( يوم من أيام زمرا) والتي استمد مادتها من صراعات العمال في المناجم أيام الاستعمار...وركز فيها على الولاء للوطن وللشهداء ومحاولة إنشاء سرد تونسي مقاوم أو محتفي بالمقاومة. ويبدو أن صورة الجنوب التونسي "مسقط رأسه" خاصة أثناء الاحتلال الفرنسي قد لازمت حياته .
السفر والترحال والبعد عن الوطن تبدو سمة أساسية من سمات حياته. صحيح ان هناك ما يشير إلى انه عاش حياة بؤس في طفولته المبكرة، بسبب الحرب والفقر والاستعمار، والمقاومة، والسعي للقمة العيش... لكننا لا نملك وللأسف تفاصيل عن طفولته وعليه سنعتبره لأغراض هذه الدراسة مجهول الطفولة.... إلى أن يقوم زملائنا من تونس، هنا، بتزويدنا بتفاصيل عن طفولته ربما.

مجهول الطفولة

ايوب صابر 12-22-2011 04:24 PM

وألان مع سر الأفضلية في رواية:

24- موسم الهجرة إلى الشمال الطيب صالح السودان

نبذة عن رواية .................... موسم الهجــــرة إلى الشمـــــــال

نشرت في البداية في مجلة حوار في سبتمبر عام 1966, ثم نشرت بعد ذلك في كتاب مستقل عن دار العودة في بيروت في نفس العام. في هذه الرواية يزور مصطفى سعيد، وهو طالب عربي، الغرب. مصطفى يصل من الجنوب، من أفريقيا، بعيدا عن الثقافة الغربية إلى الغرب بصفة طالب. يحصل على وظيفة كمحاضر في إحدى الجامعات البريطانية ويتبنى قيم المجتمع البريطاني. هناك يتعرف إلى زوجته، جين موريس، وهي امرأة بريطانية ترفض قبول املاءات زوجها. بعد سبعة أعوام يعود مصطفى إلى بلاده، حيث يلتقي هناك بصورة مفاجئة براوي القصة الذي عاش أيضا في بريطانيا. القصة نفسها تروى عن طريق قصص يرويها الراوي والبطل.

اختيرت رواية موسم الهجرة إلى الشمال كواحدة من أفضل مائة رواية في القرن العشرين وذلك على مستوى العالم العربي, ونالت استحسانا وقبولاً عالميا وحولت إلى فلم سينمائي. إجمالاً تتناول الرواية في مضمونها مسألة العلاقة بين الشرق والغرب. وتعد "موسم الهجرة إلى الشمال" من الاعمال العربية الأولى التي تناولت لقاء الثقافات وتفاعلها وصورة الاخر الغربي بعيون الشرقي والغربي بعيون الاخر الشرقي الذي ينظر اليه كشخص قادم من عالم رومانسي يسوده السحر ويكتنفه الغموض.

وقد تطرق الطيب صالح في روايته إلى هذه العلاقة من خلال شخصية بطلها السوداني الذي يذهب ليدرس في العاصمة البريطانية لندن. وهناك يضيف إلى جانب تميزه وذكائه العقلي وتحصيله الجامعي العالى رصيدا كبيرا في اثبات فحولته مع نساء بريطانيا الذين احتلوا بلاده مع تقديم صورة ساحرة عن الحياة في المجتمع الريفي السوداني.

*** تحميل رواية ..................... موسم الهجـــرة الى الشمـــــــال

من هنـــــــــــــــا
http://www.4shared.com/file/12292917...26f/_-___.html



==

موسم الهجرة الى الشمال
من المفهوم أن رواية "موسم الهجرة إلى الشمال" نالت شهرتها من كونها من أولى الروايات التي تناولت، بشكل فني راق، الصدام بين الحضارات وموقف إنسان العالم الثالث ـ النامي ورؤيته للعالم الأول المتقدم، ذلك الصدام الذي تجلى في الأعمال الوحشية دائماً، والرقيقة الشجية أحياناً، لبطل الرواية "مصطفى سعيد".
وآخر الدراسات الحديثة التي تناولت رواية "موسم الهجرة إلى الشمال" ورواية "بندر شاه" للمؤلف نفسه، تلك الدراسة التي نشرت أخيراً في سلسلة حوليات كلية الآداب التي يصدرها مجلس النشر العلمي في جامعة الكويت بعنوان "رؤية الموت ودلالتها في عالم الطيب صالح الروائي، من خلال روايتي: موسم الهجرة إلى الشمال، وبندر شاه" للدكتور عبد الرحمن عبد الرؤوف الخانجي، الأستاذ في قسم اللغة العربية ـ كلية الآداب جامعة الملك سعود. تتناول الدراسة بالبحث والتحليل رؤية الموت ودلالتها في أدب الطيب صالح الروائي في عملين بارزين من أعماله هما: "موسم الهجرة إلى الشمال" و"بندر شاه"، وتنقسم الدراسة إلى قسمين كبيرين وخاتمة.
يعالج القسم الأول منهما محوري الموت الرئيسيين في هاتين الروايتين: محور موت الأنثى، وهو موت آثم يرتبط في أكثر معانيه بغريزة الجنس ولا يخلو من عنف أم خطيئة، وموت الرجل وهو موت نبيل يرتبط بالكبرياء والسمو ولا يخلو من تضحية ونكران ذات.
هذان العالمان المتمايزان يثير الروائي من خلالهما عدداً من القضايا السياسية والاجتماعية والفكرية والنفسية، توحي بأزمة الصراع المكثف بين حضارتي الشرق والغرب فكأن المقابلة بين الأنثى والرجل ووضعهما في إطارين متمايزين من خلال الموت... وهي مقابلة من صنع مؤلف الدراسة لا الروائي ـ تلك الرؤية الفنية ترمي إلى اختصار الصراع بين عالمين مختلفين حضارياً: شمال ـ جنوب، هي في النهاية المعادل الفني لأزلية الصراع بين الشر والخير ممثلين في الأنثى ـ الشر، الخير ـ الرجل، و: شمال ـ أنثى ـ شر، جنوب ـ رجل ـ خير، بما لذلك من مردود أسطوري في وعي وذاكرة الإنسان الشرقي، وهو ما لم تشر إليه الدراسة مكتفية بتتبع أنواع الموت وطرائقه التي تمارس من قبل الرجل في الروايتين.
فالمرأة في موسم الهجرة إلى الشمال ضحية لرجل ـ دائماً ـ بينما الرجل ضحية ـ أيضاً ـ لظروف مجتمعية ساهم في خلقها مجتمع الضحية الأنثى بشكل ما، فعلاقة مصطفى سعيد بالأنثى هي دائماً علاقة آخرها موت مدمر إذ إن "مصطفى" ـ كما يلاحظ المؤلف ـ ينتقم في شخص الأنثى الغربية لسنوات الذل والقهر والاستعمار لينتهي بها الأمر إلى قتل نفسها بنفسها. موت الرجل ـ وهو المحور الثاني من القسم الأول ـ فهو دائماً موت علوي تتجلى دلالاته في العودة إلى النيل مصدر الحياة "ذهب من حيث أتى من الماء إلى الماء" كما في بندر شاه.


ويتناول القسم الثاني من الدراسة الدلالات الفكرية المتصلة بعالمي الموت وكيف عبرت الروايتان عن هذه الدلالات في قوالب فنية منتهياً إلى أشكال الموت لدى الطيب صالح توزعت على أطر ثلاثة:
  • الموت ـ الوفاة
  • الموت ـ القتل
  • الموت ـ الانتحار
وكل إطار من هذه الأطر الثلاثة عن رؤى فكرية وفلسفية ونفسية اقتضتها طبيعة الأحداث والمواقف... لكن النمط الأكثر بروزاً من أنماط الموت الثلاثة السابقة هو النمط الثاني الذي يمثله: الموت ـ القتل، حين جعلته رواية "موسم الهجرة إلى الشمال" يفجر طاقات متباينة من الدلالات الفكرية ووظائفها الفنية، وظل الموت ـ القتل في صراع الشخصيات يتراوح بين السلب والإيجاب وبين الرفض والقبول وبين القوة والضعف وتتبع الدراسة التجليات المختلفة لهذا النوع من الموت عبر روايتي: "موسم الهجرة إلى الشمال" و"بندر شاه". وتخلص الدراسة ـ عبر خاتمتها ـ إلى أن للموت سلطاناً لا ينكر على عالم الطيب صالح الروائي فقد وفق الروائي من خلال بناء هذا العالم في تقديم عطيل جديد هو: مصطفى سعيد عطيل القرن العشرين الذي حاول عقله أن يستوعب حضارة الغرب لا يبالي ولا يهاب، له القدرة على الفعل والإنجاز، يحارب الغرب بأسلحة الغرب.


وبعد: سوف يبقى الطيب صالح وأعماله الروائية والقصصية ذخيرة لا تنضب لبحث الباحثين نقاداً كانوا أم مؤرخين، فهو عالم ثري مليء بقضايا إنسان العالم الثالث الذي آمن به الطيب صالح وعبر عن همومه وآلامه، أفراحه وإحباطاته

ايوب صابر 12-22-2011 04:26 PM

الطيب صالح

- أو ( عبقري الرواية العربية ) كما جرى بعضالنقاد على تسميته- أديب عربي من السودان،إسمه الكامل الطيب محمد صالح أحمد. ولدعام (1348هـ - 1929م) في إقليم مروي شمالي السودان بقرية كَرْمَكوْل بالقرب من قرية دبة الفقراء وهي إحدى قرى قبيلة الركابية التي ينتسب إليها،وتوفي في أحدي مستشفياتالعاصمة البريطانية لندن التي أقام فيها في ليلة الأربعاء 18 شباط/فبراير 2009الموافق 23 صفر 1430هـ.
عاش مطلع حياته وطفولته في ذلك الإقليم، و في شبابه انتقلإلى الخرطوم لإكمال دراسته فحصل من جامعتها على درجة البكالوريوس في العلوم. سافرإلى إنجلترا حيث واصل دراسته، و غيّر تخصصه إلى دراسة الشؤون الدوليةالسياسية.

تنقل بين عدة مواقع مهنية فعدا عن خبرة قصيرة في إدارة مدرسة، عمللسنوات طويلة من حياته في القسم العربي لهيئة الإذاعة البريطانية, وترقى بها حتىوصل إلى منصب مدير قسم الدراما, وبعد استقالته من البي بي سي عاد إلى السودان وعمللفترة في الإذاعة السودانية, ثم هاجر إلى دولة قطر وعمل في وزارة إعلامها وكيلاًومشرفاً على أجهزتها. عمل بعد ذلك مديراً إقليمياً بمنظمة اليونيسكو في باريس, وعملممثلاً لهذه المنظمة في الخليج العربي.

ويمكن القول أن حالة الترحال والتنقل بينالشرق والغرب والشمال والجنوب أكسبته خبرة واسعة بأحوال الحياة والعالم وأهم من ذلكأحوال أمته وقضاياها وهو ما وظفه في كتاباته وأعماله الروائية وخاصة روايتهالعالمية ( موسم الهجرة إلى الشمال ) .


كتابته تتطرق بصورة عامة إلى السياسة، والى مواضيع أخرى متعلقة بالاستعمار, والمجتمع العربي والعلاقة بينه وبين الغرب. في اعقاب سكنه لسنوات طويلة في بريطانيا فان كتابته تتطرق إلى الاختلافات بين الحضارتين الغربية والشرقية. الطيب صالح معروف كأحد أشهر الكتاب في يومنا هذا، لا سيما بسبب قصصه القصيرة، التي تقف في صف واحد مع جبران خليل جبران، طه حسين ونجيب محفوظ .

الطيب صالح كتب العديد من الروايات التي ترجمت إلى أكثر من ثلاثين لغة . تعتبر روايته (موسم الهجرة إلى الشمال ) واحدة من أفضل مائة رواية في العالم. وقد حصلت على العديد من الجوائز.
أصدر الطيب صالح ثلاث روايات وعدة مجموعات قصصية قصيرة. روايته "عرس الزين" حولت إلى دراما في ليبيا و لفيلم سينمائي من إخراج المخرج الكويتي خالد صديق في أواخر السبعينات حيث فاز في مهرجان كان.

توفي في يوم الأربعاء 18 فبراير عام 2009 في لندن . وشيع جثمانه يوم الجمعة 20 فبراير في السودان حيث حضر جنازته عدد كبير من الشخصيات البارزة والكتاب العرب والرئيسس السوداني عمر البشيرو السيد الصادق المهدي المفكر السوداني والرئيس السابق المنتخب والسيد محمد عثمان الميرغني رئيس سابق للسودان ولم يعلن التلفزيون السوداني ولا الاذاعات الحداد على الطيب صالح لكنها خصصت الكثير من النشرات الاخبارية والبرامج للحديث عنه.

اعمـــــــــــــــــاله :
*عرس الزين رواية ( 1962 )
* موسم الهجرة إلى الشمال رواية ( 1971 )
* مريود رواية .
* نخلة على الجدول
* دومة ود حامد رواية .
* بندر شاه ضو البيت
* المنسي

ايوب صابر 12-24-2011 11:29 AM

الطيب صالح- رواياته

- موسم الهجرة إلى الشمال [2]
- ضو البيت (بندر شاه): أحدوثة عن گون الأب ضحية لأبيه وإبنه
- دومة ود حامد ويتناول فيها مشگلة الفقر وسوء التعاطي معه من قبل الفقراء أنفسهم من جهة، واستغلال الإقطاعيين الذين لا يهمهم سوى زيادة أموالهم دون رحمة من جهة أخرى.
- عرس الزين
- مريود

ومن المفهوم أن رواية "موسم الهجرة إلى الشمال" نالت شهرتها من گونها من أولى الروايات التي تناولت، بشگل فني راق، الصدام بين الحضارات وموقف إنسان العالم الثالث ـ النامي ورؤيته للعالم الأول المتقدم، ذلگ الصدام الذي تجلى في الأعمال الوحشية دائماً، والرقيقة الشجية أحياناً، لبطل الرواية "مصطفى سعيد".
وآخر الدراسات الحديثة التي تناولت رواية "موسم الهجرة إلى الشمال" ورواية "بندر شاه" للمؤلف نفسه، تلگ الدراسة التي نشرت أخيراً في سلسلة حولـ◊ــ°ـيات گلية الآداب التي يصدرها مجلس النشر العلمي في جامعة الگويت بعنوان "رؤية الموت ودلالتها في عالم الطيب صالح الروائي، من خلال روايتي: موسم الهجرة إلى الشمال، وبندر شاه" للدگتور عبد الرحمن عبد الرؤوف الخانجي، الأستاذ في قسم اللغة العربية ـ گلية الآداب جامعة الملگ سعود . تتناول الدراسة بالبحث والتحليل رؤية الموت ودلالتها في أدب الطيب صالح الروائي في عملين بارزين من أعماله هما: "موسم الهجرة إلى الشمال" و"بندر شاه"، وتنقسم الدراسة إلى قسمين گبيرين وخاتمة.
يعالج القسم الأول منهما محوري الموت الرئيسيين في هاتين الروايتين: محور موت الأنثى، وهو موت آثم يرتبط في أگثر معانيه بغريزة الجنس ولا يخلو من عنف أم خطيئة، وموت الرجل وهو موت نبيل يرتبط بالگبرياء والسمو ولا يخلو من تضحية ونگران ذات.
هذان العالمان المتمايزان يثير الروائي من خلالهما عدداً من القضايا السياسية والاجتماعية والفگرية والنفسية، توحي بأزمة الصراع المگثف بين حضارتي الشرق والغرب فگأن المقابلة بين الأنثى والرجل ووضعهما في إطارين متمايزين من خلال الموت... وهي مقابلة من صنع مؤلف الدراسة لا الروائي ـ تلگ الرؤية الفنية ترمي إلى اختصار الصراع بين عالمين مختلفين حضارياً: شمال ـ جنوب، هي في النهـ°ـ°ـاية المعادل الفني لأزلية الصراع بين الشر والخير ممثلين في الأنثى ـ الشر، الخير ـ الرجل، و: شمال ـ أنثى ـ شر، جنوب ـ رجل ـ خير، بما لذلگ من مردود أسطوري في وعي وذاگرة الإنسان الشرقي، وهو ما لم تشر إليه الدراسة مگتفية بتتبع أنواع الموت وطرائقه التي تمارس من قبل الرجل في الروايتين.
فالمرأة في موسم الهجرة إلى الشمال ضحية لرجل ـ دائماً ـ بينما الرجل ضحية ـ أيضاً ـ لظروف مجتمعية ساهم في خلقها مجتمع الضحية الأنثى بشگل ما، فعلاقة مصطفى سعيد بالأنثى هي دائماً علاقة آخرها موت مدمر إذ إن "مصطفى" ـ گما يلاحظ المؤلف ـ ينتقم في شخص الأنثى الغربية لسنوات الذل والقهر والاستعمار لينتهي بها الأمر إلى قتل نفسها بنفسها. موت الرجل ـ وهو المحور الثاني من القسم الأول ـ فهو دائماً موت علوي تتجلى دلالاته في العودة إلى النيل مصدر الحياة "ذهب من حيث أتى من الماء إلى الماء" گما في بندر شاه.
ويتناول القسم الثاني من الدراسة الدلالات الفگرية المتصلة بعالمي الموت وگيف عبرت الروايتان عن هذه الدلالات في قوالب فنية منتهياً إلى أشگال الموت لدى الطيب صالح توزعت على أطر ثلاثة:
الموت ـ الوفاة
الموت ـ القتل
الموت ـ الانتحار
وگل إطار من هذه الأطر الثلاثة عن رؤى فگرية وفلسفية ونفسية اقتضتها طبيعة الأحداث والمواقف... لگن النمط الأگثر بروزاً من أنماط الموت الثلاثة السابقة هو النمط الثاني الذي يمثله: الموت ـ القتل، حين جعلته رواية "موسم الهجرة إلى الشمال" يفجر طاقات متباينة من الدلالات الفگرية ووظائفها الفنية، وظل الموت ـ القتل في صراع الشخصيات يتراوح بين السلب والإيجاب وبين الرفض والقبول وبين القوة والضعف وتتبع الدراسة التجليات المختلفة لهذا النوع من الموت عبر روايتي: "موسم الهجرة إلى الشمال" و"بندر شاه". وتخلص الدراسة ـ عبر خاتمتها ـ إلى أن للموت سلطاناً لا ينگر على عالم الطيب صالح الروائي فقد وفق الروائي من خلال بناء هذا العالم في تقديم عطيل هو: مصطفى سعيد عطيل القرن العشرين الذي حاول عقله أن يستوعب حضارة الغرب لا يبالي ولا يهاب، له القدرة على الفعل والإنجاز، يحارب الغرب بأسلحة الغرب.
وبعد: سوف يبقى الطيب صالح وأعماله الروائية والقصصية ذخيرة لا تنضب لبحث الباحثين نقاداً گانوا أم مؤرخين، فهو عالم ثري مليء بقضايا إنسان العالم الثالث الذي آمن به الطيب صالح وعبر عن همومه وآلامه، أفراحه وإحباطاته.
وفاته
توفي في يوم الأربعاء 18 فبراير عام 2009 في لندن. شيع جثمانه يوم الجمعة 20 فبراير في السودان حيث حضر مراسم العزاء عدد گبير من الشخصيات البارزة والگتاب العرب والرئيس السوداني عمر البشير والسيد الصادق المهدي المفگر السوداني ورئيس الوزراء السابق، والسيد محمد عثمان الميرغني ،ولم يعلن التلفزيون السوداني ولا الاذاعات الحداد على الطيب صالح لگنها خصصت الگثير من النشرات الاخبارية والبرامج للحديث عنه.
جائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الگتابي
تم الإعلان في فبراير من العام 2011 الإعلان عن جائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الگتابي قامت تقديرا للدور الگبير الذي قام به الروائي الطيب صالح في الثقافة العربية .

==
* تمتاز هذه الرواية بتجسيد ثنائية التقاليد الشرقية والغربية واعتماد صورة البطل الإشكالي الملتبس على خلاف صورته الواضحة ، سلبًا أو إيجابًا ، الشائعة في أعمال روائية كثيرة قبله .

* يمتاز الفن الروائي للطيب صالح بالالتصاق بالأجواء والمشاهد المحلية ورفعها إلى مستوى العالمية من خلال لغة تلامس الواقع خالية من الرتوش والاستعارات ، منجزًا في هذا مساهمة جدية في تطور بناء الرواية العربية ودفعها إلى آفاق جديدة مؤلفات الطيب صالح


ايوب صابر 12-24-2011 11:37 AM

كتبها زاويـ ـ ـ ـة ، في 26 مارس 2009 الساعة: 23:40 م

العبور من محطة إلي أخري مع الطيب صالح يصيبك بالدهشة
الطيب صالح : الشهيرة " زائفة " والنجومية " وهم " .. !


* الكتابة تصبح أصعب عندما يكون الواقع أغرب مما يتخيلة الكاتب .
* " نوبل " لن تفكر في " الطيب " لأن حياته غير مثيرة وكتبه غير كثيرة .
* المجتمعات العربية قائمة على الصراعات والتاريخ الدموي .
* أحيانا أشعر أن البشرية تأئهة وأنا معها !
القاهرة - أصيلة : حاوره : خالد محمد غازي :
العبور من محطة إلي أخري مع الطيب صالح يصيبك بالدهشة•• هو شخص عادي -كما يصف نفسه- وولوجه إلي عالم الكتابة لم يكن بغرض الكتابة لكنها الوسيلة المثلي للتعبير•• لكن ما الذي يريد أن يعبر عنه هذا "الأسطوري" الذي يعترف بأن حياته تصنعها الصدفة، وأنه ككاتب يعاني نوعاً من الإنفصام•• ها أنا قد عبرت معه من محطة البداية بعد رحلته من السودان إلي لندن، ومن الخاص إلي العام فإذا به يعود إلي محطته الأولي السودان•• وإذا بي أعود إلي صورة الصوفي الزاهد التي رسخت عنه في نفسي، فأجدني أكثر عطشاً من ذي قبل أريد أن أقف علي جدوله وأنتظر تمر نخلته، فأجمع "حفنة تمر" وأضعها علي مائدة أوراقي وأقول له•• وماذا بعد أول قصة كتبتها فيقول: بعد "نخلة علي الجدول" بسبع سنوات كتبت قصة قصيرة أخري أسميتها "حفنة تمر" ثم كتبت "دومة ود حامد"، نشرت في مجلة كانت تصدر بلندن اسمها "أصوات" يحررها المستشرق الإنجليزي دينيس جونسون ديفيس مع الصديق المصري الراحل - ادقار فرج - وبادر جونسون ديفيس إلي ترجمة -دومة ود حامد- إلي الانجليزية وأرسلها إلي مجلة (إنكونتر ظهظيلهي ئظؤ) وكانت أكبر مجلة أدبية تصدر في بريطانيا في تلك الفترة•• ولشدة دهشتي قبلت المجلة القصة ونشرتها
إن أي متفحص للمراحل التي مرت بها تجربة الكتابة للطيب صالح سيلمس بسهولة أن هذا الكاتب لم يكن يرسم لنفسه يوما المنزلة الأدبية والابداعية التي يتربع عليها اليوم•• إذ كانت الملامح الأولي لهذه التجربة لا تمثل بالنسبة اليه إلا هواية ولعبة أدبية استهوتها نفسه، وشجعت لها إطراءات المقربين اليه، العاملين خاصة بإذاعة لندن •• وإذا ما كان واحد من هؤلاء الأصدقاء المقربين اليه يلح عليه بمواصلة الكتابة•• فإن جواب الطيب صالح لا يأتي إلا متعجبا للطلب•• بمواصلة الكتابة•• ؟•• يعني أن أتحول إلي كاتب•• هذه مزحة•• لقد كتبت ما عندي وخلاص••! تلك كانت الإجابة التي يمكن أن تمثل بعد المسافة الفاصلة في أن تكون الكتابة هما وانتماءً له •• أولا تكون •• ليتعامل معها كأمر ثانوي وعن بعد • الإنجازات الأولي ولكن•• متي بدأ هذا الروائي يقف حقيقة عند البداية الجادة للإحتراف الأدبي ؟•• وما هي العوامل التي ساعدت علي أن يستمر في الكتابة ويقدم إبداعاته هنا وهناك؟•• إنها في الواقع عدة مؤثرات وعوامل، منها ما يتعلق بشخصية الكاتب نفسه•• وأخري تتعلق بالفترة التاريخية التي ظهرت بها تلك الكتابات
في عام 4691 نشر روايته الأولي - عرس الزين - والتي كان قد كتبها قبل هذا التاريخ بسنوات •• ولم تحظ هذه الرواية بالاهتمام الذي حدث بالنسبة لروايته الثانية التي جلبت له كل الشهرة دفعة واحدة•• حصل هذا عام 6691 حينما نشر رواية (موسم الهجرة إلي الشمال) في مجلة حوار اللبنانية التي كان يرأس تحريرها الشاعر الفلسطيني توفيق صائغ•• في ذات الوقت كانت هذه الرواية قد صدرت في لندن مترجمة من قبل أحد زملاء الكاتب العاملين في هيئة الإذاعة البريطانية•• ومن المحتم أن هذه الانجازات الأدبية التي حصلت ما بين عامي 4691-6691 قد حثت وشجعت الأديب للمضي في التجربة، هذا بعد أن لاقت الرواية الثانية صدي واسعا من قبل القراء والنقاد•• وأصبحت الأضواء تتركز علي شخصية الطيب صالح•• الأديب
ويروي الأديب واحدة من صور الإهتمام المدهشة والجديدة التي واجهها من قبل القراء والنقاد خلال تلك الأعوام >زرت جامعة أكسفورد ، وكان لي منها بعض الأصدقاء ، منهم الأخوان حسن بشير وكرار أحمد كرار، وهناك التقيت واحدة من علماء إحدي كليات أكسفورد اسمها سانت أنتوني saint antoy ، كانت مجلة إنكونتر قد نشرت في العدد نفسه الذي نشرت فيه (دومة ود حامد) قصة للكاتب الأمريكي نورمان ميلر، وهو من أشهر الكتاب في أمريكا•• وأثناء تناولنا وجبة الغذاء قال لي أحد الأساتذة
هل تعلم أن نورمان ميلر يمكن أن يتعلم منك •• صعقت حين سمعت هذا التعليق•• وتساءلت >يتعلم مني أنا<••!•• فأجاب بالإيجاب، وراح يتحدث عن مميزات القصة•• وقال إنها قصة كلاسيكية فيها بساطة شديدة وجوانب فنية غير مطروقة< تلك واحدة من صور عديدة جعلت وساهمت مثلما ساهم الكثير من العوامل والأسباب لأن ينظر الطيب صالح نظرة أكثر حميمية وقربا وانتماء إلي عملية الكتابة•• ففاز بآراء نقدية جادة ومهمة •• فقبل 52 عاما تقريبا صار اسم الطيب صالح ذائع الصيت في دنيا الرواية العربية•• ووصفه الناقد (رجاء النقاش) وبوقت مبكر•• الطيب صالح في الرواية شاعر كبير•• أدواته الفنية في منتهي الطاعة لرؤاه الفنية الفياضة•• وأدبه نموذجا للحوار الفصيح الذي يحمل الكثير من الروح الشعبية••< السودان أولا البيئة الشعبية السودانية هي العالم الوحيد الذي تدور فيه كل أجواء رواياته وقصصه القصيرة التي كتبها•• وحتي اذا ما كتبت عن مكان آخر غير السودان، فان ذلك المكان يأتي موظفا للبيئة الأصل•• وهي واحدة من أهم العوامل التي ساعدت علي صنع هذا الأديب•• فإذا ما كنا قد عرفنا تأثير البيئة السودانية علي كتابات الطيب صالح فما هو تأثير الأماكن الأخري غير السودانية علي الكاتب•• يقول: >إنني لم أهتم بالكتابة عن البيئات الأخري إلا بشكل محدد جدا، ولذلك كان اهتمامي بالبيئة السودانية•• وحتي الأفكار التي أكتبها عن بيئات أخري أجلبها إلي هذه البيئة وأغرسها فيها •• ثم أراقب ماذا يمكن أن تفعل •• ولعل في شخصيتي الكتابية - لا شخصيتي كإنسان - نوعا من الانفصام هنالك جانب في > عرس الزين < أقرب إلي طبيعتي •• أحيانا أكتب روايات ليس فيها توتر ، والعلم فيها متجانس وليس فيه صراعات عنيفة •• ثم هنالك جانب آخر هو عالم > موسم الهجرة < وهو العالم المكتسب من التعليم والسفر والعيش في بيئات غريبة ومعاناة الشتاء القاسي في لندن والدخول في أزمات مع النفس•• ومعايشة أقوام غرباء•• فأكتب عندها علي غرار >موسم الهجرة<•• ولعلي في روايتي >ضو البيت< و >مريود < خلطت بين الشخصيتين فثمة جانب عنيف تمثله أسطورة بندرشاه وعلي السطح هنالك القرية بل هنالك أشخاص >عرس الزين< وامتدادهم محجوب وعبد الحفيظ والطيب يعيشون علي السطح•• ويستطيع الواحد منا القول أننا في العالم العربي كله نعيش في مجتمعات قائمة علي أعماق من الصراعات والتاريخ الدموي
مشهد من رواية بندرشاه بقيت الثقافة والبيئة السودانية بخصوصيتها المتوارثة من جيل لجيل هي مكان وزمان الكتابة•• حتي بدت كتابات الطيب صالح عبارة عن إعادة وحفظ لتلك الميثلوجيا •• والفلكور الإجتماعي •• مفيدا له ومستفيدا منه•• ولنلاحظ الإستفادة التي أخذت منها رواية ( بندرشاه ) من الفلكورالسوداني، حيث جعل الأديب الشخصية التقليدية السودانية تتحرك وتعيش في روايته دون تدخل منه ودون قمعها تحت تأثير ذاتية المزاج أو لغة الكتابة•• بل إن الكتابة تأتي أحيانا باللهجة السودانية• >قعدنا علي الحالة دي أسبوع عند بندرشاه•• حكيت لهم حكاية الشطة، وقت جروحنا بردت أنا ومختار •• رجعنا للحلوة •• مختار بطل الافتراء ، وأنا من يومها ما قاشطت جنس مخلوق•• ونحن الأربعة بندرشاه، وجدك، ومختار، وأنا، بقينا أصحاب أي كأننا اخوان أشقاء ما يفرق بيننا إلا الموت< قلت لسعيد الذي كان قبلا يلقب بسعيد البوم: >قالوا سموك سعيد عشا البايتات ضحك ضحكته البريئة التي أذكرها من أيام طفولتي في ود حامد وقال بلهجته البدوية•• >الوليه فطومه أجارك الله ، وقت العرقي يشلع في راسها تطلع الكلام خارم بارم قلت له•• -وكمان فطومة غنت في عرسك قال •• - يامحيمين أخوي•• في هادي الأيام الفلوس موتجيب الهوا من فروته•• قلت له•• - فطومة شن قالت فيك ••؟ فقال فخورا وهو يبرم شاربه الصغير الذي يجلس قلقا علي فمه كما تجلس العمامة المفرطة الكبري علي رأسه - يازول فطومة تطير عيشتها•• هو لكن غنا فصاح - يازول العرس الماغنت فيه فطومه أصلا ما يقولوا عليه عرس < وأعدت عليه السؤال، فقال: - علي الحرام، أخوك عرس عرسا خلي ناس ها البلده تنسي عرس الزين•• أسأل أيا من كان يقول بك العرس عرس سعيد والا بلاش< عرس الزين كان أعجوبة•• أما أن سعيد اليوم يصبح صهرا للناظر بجلالة قدره، فهذه هي المعجزة•• وقال سعيد•• >عليك أمان الله، ما لقينا محل نحشرها•• قبايل قبايل•• كل قبيلة تساوي الشئ العلاني•• عملنا العقد في الجامع الإمام قال للرجالة كل واحد يشوف ويسمع سعيد راجل حبابة•• ما في انسان يقول سعيد اليوم< ••
تلك الشخصيات وتلك الأجواء حاضرة أبدا في روايات وقصص الطيب صالح•• ويبدو أنها دائما مُستلة من واقع اجتماعي سوداني لم تدخل اليه السياسة بعد •• ولم تجعله فيما بعد واقعا إجتماعيا قلقا كما هو عليه اليوم بفضل التناحرات السياسية أو المعاناة الإقتصادية والمعيشية التي يعاني منها الإنسان السوداني • زمن مختلف عن هذا الواقع المتغّير•• يقول الطيب صالح وهو يتحدث عن أجواء رواياته في حقبات ما قبل امتداد أصابع السياسة إلي لوحة المجتمع في السودان•• >حين كتبت هذه الروايات كان السودان -نسبيا- مستقرا، ولم يكن قد دخل في هذه الصراعات الدامية •• وربما هذا جزء من عرقلة الكتابة •• فهي تغدو أصعب حين يصبح الواقع أغرب مما يمكن أن يتخيله الكاتب• هذا هو الأمر عندما يتذكر المرء إعدام النميري لعبد الخالق محجوب والشفيع ثم شنقه محمود محمد طه أو يتذكر إعدام هذا النظام حوالي ثمانية وعشرين ضابطا في أواخر شهر رمضان •• وأنا وصفت في >ضو البيت< الجلد والتعذيب قبل أن يحدث ذلك في السودان •• كنت أحس ذلك خيالا •• ولكنه حدث فعلا•• بيوت أشباح وتعذيب وبلاء•• هذه الأمور أحيانا تعرقل الخيال أو تعكره ••
ما حدث في الجنوب مأساة كبري جدا إذ أبيدت قري كاملة•• أنا أنتمي إلي الشمال ولكن علينا أن نقر بأنه وقع ظلم كبير جدا علي الجنوبيين في حرب أدارها زعماء سياسيون< الشهرة شئ زائف قبل أن يظهر اسم هذا الروائي، ليحضر بكل قوة وتفرد في الساحة الأدبية العربية منذ منتصف الستينات، لم يكن يعرف القارئ كاتبا سودانيا كان قد حقق من قبل ما حققه الطيب صالح علي مستوي العملية الإبداعية والانتشار مع أنه يعتبر كاتبا ليس غزير الانتاج•• فما السر الذي يراه هذا الكاتب بالنسبة لاهتمام القارئ بنتاجاته••؟ >عندما أكتب شيئاً، أحب أن يكتشف فيه القارئ متعة مختلفة ،يكتشف عالما جديدا<•• لكن الأقلال في الكتابة كيف يفسره ؟ يقول عن ذلك > ليس عندي هذا الهوس بالكتابة كما لدي بعض الكتاب ، فإذا كتبت فليكن، وإن لم أكتب فلا أظن أن الناس قد خسروا كثيراً، فأنا لا أؤمن بالكثرة في الإنتاج، إذ ليس ضروريا أن أخرج كل سنة كتابا •• بل الكتابة تأتي حين يكون الكاتب قد نضج تماما ، وما عنده لا يمكن حبسه أي كما يقول العرب -بلغ السيل الربي- وكثيرا ما أجد اناسا كتبوا أشياء رائعة في العالم فأتساءل: ماذا بوسعي أن أضيف إلي كل هذا•• بل ما معني أن أكتب رواية كل شهر ليس لها مضمون ذو بال•• كما أنني حقيقة، لا أحس بهذه الرغبة الحادة في الكتابة، غير أني أستمتع بأشياء أخري ذلك أن عالم الإبداع يلتهم الحياة ، فحين نقرأ سيرة الكاتب > بلزاك < مثلا ، نجد أن هذا الرجل أفني عمره ليكتب فالتهم الفن حياته•• وقد تأسف علي ذلك في آخر سنوات عمره••< • هل هذا يعني الإعتراف صراحة بأن الطيب صالح آسف علي ذلك الزمن الذي التهم من حياته وأنفقه علي الكتابة•• ؟
ثم ما هي الحياة التي يتمناها ويرنو لها من بعيد ليعيشها•• يضيف الكاتب•• >أريد أن أوازن بين الحياة وبين الفن حتي لا يلتهم أحدهما الآخر، ولعلي أميل إلي الحياة مني إلي هذا العالم الموهوم الذي أسمه الفن•• لذلك فأني أستمتع بالقراءة وبمقابلة الناس وبالسفر< هل هذا معناه محاولة للهروب من ضريبة الشهرة التي يجلبها الإبداع علي الكاتب••؟ يجيب عن ذلك بالقول••>في الحقيقة أن الشهرة شئ زائف ووقتي والنجومية وهم•• والشئ الأهم وهو الأمر العادي الذي ينتج عن هذا الجهد الذي يبذله الكاتب العربي لا يحصل عليه•• فلو كنت كاتبا انجليزيا لحصلت علي تقدير مادي، وكتاب مثلي يعيشون في بحبوحة من العيش لدي الإنجليز والفرنسيين أما نحن العرب فمساكين لا نجد سوي بعض الحفاوة ونحمد الله علي ذلك•• والشعوب التي تهتم بالكاتب بحكم توجهها الحضاري أعطت للإبداع سواء كان كتابة أو موسيقي أو رسم ، وظيفة في المجتمع ، وأي مجتمع لا يمكن أن يكون متحضرا بدون الإبداع لأنه في نهاية الأمر لا يبقي سوي الفن والثقافة•• فالأمة التي تريد أن تصنع حضارة لابد أن تحتفي بالثقافة والفن، ونحن أهملنا هذا، ربما لظروف فرضت علينا لأننا ظللنا قرونا عديدة وطويلة لا ننتج شيئا< • جائزة نوبل جوابك هذا يعني أن الأديب والمبدع العربي بأقصي حاجة إلي رعاية•• ولعل تكريمه بجائزة ما عالمية سيكون لها أبلغ الأثر عليه• كما حصل مع الروائي نجيب محفوظ ••> فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل كان فوزا بينا، وهو رجل يستحق هذه الجائزة بكل المقاييس ولقد قلت ذلك قبل سنوات••
ويوجد شعراء وكتاب عرب عديدون يستحقون هذه الجائزة، وأنا شخصيا لا أريد أن أشغل نفسي بالجوائز•• جائزة العويس•• جائزة البابطين وغيرها من الجوائز •• ولو ظل الإنسان يفكر في هذه الجوائز فلن ينتهي إلي وضع يستريح له•• والأديب يفعل ما يستطيع تحقيقا لنوازع هي أهم من الجوائز • أما بالنسبة لجائزة نوبل فالله وحده يعلم ، هل سيعطونها لعربي في المستقبل القريب•• ؟ لكن لابد أن نتذكر أن نوبل جائزة أوروبية•• وهم أحرار في منحها لمن يريدون•• وأري أن الرد علي السخط العربي بأن كتابنا مهمشون من قبل جائزة نوبل هو إنشاء جائزة عربية تعطي علي غرار جائزة نوبل•• ونحن كعرب لاينقصنا المال•• إلي درجة أن لدينا أثرياء عرب يستطيع الواحد منهم إنشاء مثل جائزة نوبل•• فنحن نسمع أحيانا أن (فلان) لديه كذا مليار دولار >طيب يعمل أيه في هذه المليارات< فلو خصص منها علي سبيل المثال 005 مليون دولار، وتمنح هذه الجائزة لمن يكتب أحسن بحث عن جزئية معينة من الحضارة العربية والثقافة العربية • وبهذا نكون مساهمين في الحوار الدائر ولسنا متعلقين•• فنحن دائما مستهلكون، نقف متفرجين إلي أن تأتينا السلعة الأجنبية من الخارج•• فجائزة نوبل أنشأها فاعل خير سويدي اسمه -نوبل- صنع الديناميت والقنابل، وتحت أحساس وخز الضمير قال: نخصص جائزة للعلوم والآداب تمنح للمتفوقين سنويا في العالم ، ولكن موقفنا من هذه الجائزة سلبي••
ولابد إذن من انشاء جائزة عربية كبري بديلا لها وعلي الإعلام العربي أن يتولي الدعوة لها•• ومع أن الطيب صالح تحدث عن جائزة نوبل بشئ من التهكم•• إلا أن هنالك أقوالاً ترددت حول سعيه لنيل هذه الجائزة •• وبهدوئه وتواضعه المعتاد يرد الروائي السوداني علي تلك الأقوال•• >لم أسع إلي جائزة نوبل، ولم أفكر فيها علي الإطلاق•• وأنا أولاً لا أملك الإنتاج الأدبي الكافي لتأهيلي إلي نيل هذه الجائزة ثم أني لا أعتبرها شيئا متغيرا في تاريخ الأدب ولا شيئا قادرا علي تضخم الكاتب الذي يحصل عليها سوي في الأيام الأولي للإعلان عن الفوز بها•• ثم ينتهي كل شئ وتدور عجلة الحياة•• وعموما الجوائز لا تصنع أديبا ، ثم إن جائزة نوبل ليست كل شئ في حياة الأدباء الذين يحبون الأدب والحياة والجمال•• وعن سعيي إلي هذه الجائزة كمن سعي إلي السراب لا لأنها ليست مهمة، بل لأنها تسند لأسماء قد لا يتوقعها أحد ولأسباب كثيرة•• ثم إن جائزة نوبل لن تفكر في الطيب صالح لأن حياته غير مثيرة وكتبه غير كثيرة <• المتعة والإمتاع - قلت: طالما أن المتعة الحقيقية لكاتب مثل الطيب صالح تأتي في التعبير عما به، ولا يبغي الشهرة ولكنه مندهش من الواقع عندما يصبح أغرب من الخيال، فيا تري ما الذي يمتع الطيب صالح وهو يبدع؟
يقول: أحب صوت فيروز وأنا أكتب، ولا أعرف لماذا، أم كلثوم يحتاج صوتها إلي تهيؤ واستعداد، لكن صوت فيروز يثير في أشياء كثيرة، أحب المقام العراقي الملئ بالشجب، وأحب كثيراً من الغناء السوداني الخصب، ويحضرني أحمد المصطفي، وعبد الكريم الكابلي، وحسن عطية، وعثمان حسين، هؤلاء أحملهم معي من الوطن، هذه هدايا منقولة من الوطن، عندنا مطربة اسمها حنان النيل، صوتها جميل، وهادية طلسم، وعندنا شاعر من منطقتنا اسمه عبد الله محمد أحمد، وشاعرنا السوداني المعروف سيدي أحمد الحردك• وأسمع موسيقي عالمية، أحب الجاز، وأحب أناشيد المديح، مديح الرسول في شمال السودان، وأحببت موسيقي البيتلز في غناء الأوروبيين• الواقعية السحرية - قلت: تشربت بالثقافة من هنا وهناك حتي أنك تري أن الكتابة في بعض جوانبها تماثل عمل علماء الانتربولوجيا والآثار•• فكيف يكون ذلك؟•• قال: هؤلاء يحفرون طبقات الأرض فيجدون أحياناً بعض التحف أو الصخور الدالة علي حضارة معينة، وأحياناً بعض الحلي، وهم في ذلك مثل الروائيين والمؤرخين، لأن مايقولونه لا أحد يستطيع إثباته لأنه دخل في بحر الزمان، وأنا شخصياً لا أشعر بأنني غريباً عن هؤلاء الناس، علي الرغم من أنهم قد يستعملون عبارات تبدو محددة، لكنهم بالضبط مثل الروائيين
وفي اعتقادي أن الكاتب أو الروائي "أركيلوجي" بشكل مختلف•• الكاتب ينظر إلي مايسمي بالواقع، ولكن حين نفكر فيه بعمق لا يوجد واقع، من الناحية الفلسفية لا يوجد واقع، هناك حلم، كما يقول شكسبير، إذا نظرت إليه من الناحية التاريخية، وهو ليس ثابتاً• حتي الأشياء التي تحدث قبل أسبوع نجد الناس ينظرون إليها بشكل مختلف، ويحكونها بكيفية مختلفة، وكل واحد يعيد صياغتها بنفسه، وأنا شخصياً لم أسع مطلقاً أن أصنع واقعاً لأني لا أعرف ماهو هذا الواقع•• وأقول في السياق نفسه: إن الذاكرة تلعب كثيراً بالإنسان، وبالنسبة لي حيث أتذكر واقعة ما، فإنني لاأعرف علي وجه الدقة هل ما تذكرته يناسبني في الكتابة؟•• لذلك تجدني دائماً أقول إنني أعتمد أنصاف الحقائق، والأحداث التي يكون جزء منها صحيحاً والآخر مبهماً، وهذا يلائمني تماماً، بمعني آخر قد تكفيني جملة سمعتها عرضاً في الشارع لأستوحي منها فكرة للكتابة، وليس بالضرورة أن أجلس مع صاحب الجملة لأستمع إلي قصته كاملة، هذا لايهمني ولكن يكفيني جملة واحدة أسمعها في الطريق فتثير في نفسي أصداء لاحدود لها
قد لايفهم القارئ أبعاد ماتكتبه خصوصاً حين تكيف ما تسمعه لكي يتناسب وطريقتك في الكتابة، لذلك أعتقد أن كثيرين أستوعبوا وفهموا ماكتبت، وفي المقابل ربما هناك كثيرون لم يفهموا ما كتبت، وهذا شئ طبيعي، ومجمل القول إن كل صناعة لها آفات، والأذن كذلك، الحداد مثلاً علي رغم أنه يتعامل مع النار صباح مساءً قد تطير شرارة صغيرة وتحرقه، الزراعة لها آفات لذلك يستعمل المزارعون لفظ "آفة" حيث يتحدثون عن أمراض القمح أو القطن، والكتابة خصوصاً في هذا العصر وفي عالمنا العربي مليئة بالآفات، والذي يطرح أفكاره علي الناس علناً عليه أن يتحمل تبعات ذلك، لذا لا يزعجني أحياناً حين يسألني بعض الناس هل مصطفي السعيد يشكل جزءاً من سيرتي الذاتية؟ وهو مايذكرني بالواقعة التي تقول أن أبو تمام عندما أستهل إحدي قصائده المشهورة بالضمير، واستعمل كلمة "هن" في أول البيت، قال له أحدهم "لماذا لا تقول مايفهم" فرد أبو تمام "ولماذا لاتفهم مايقال"؟•• والأمثلة متعددة•• إذن الناس أحرار فيما يسمعون ويقرأون، وحدث أكثر من مرة أن ألتقي أناساً يتحدثون عن رواية وهم لايعرفون حتي عنوانها•• لكنهم أحرار، ويبدو لي أحياناً أن البشرية تائهة، وأنا تائه معها•• لذلك لا أطالب الناس أن تفهمني كما أريد•• الكاتب نفسه أحيانا لايعرف ماذا يقول وماذا يكتب
سيرة ذاتية - قلت للطيب صالح: صرحت مراراً بأن ليس في حياتك مايمكن كتابته أو طرحه كسيرة ذاتية•• فلماذا غيرت رأيك وتحدثت لتخرج سيرتك الذاتية في كتاب؟ قال: ولآخر قطرة من حياتي أقول: "ليس لدي ماأقوله"، وما حدث في السيرة الذاتية التي نقلها عني الأديب "طلحة جبريل" هو قراءة لسيرة إنسان•• وأنا أفهم الآن مايسمي بتواصل الإنسان مع بيئته ومع الناس، فقد عشت في بيئة صنعها أجدادنا، شرب جدي من لبن البقرة وشربت أنا من سلالتها من بعد، وحتي الحمير كنا نعرف من أين جاءت كأنها بني آدم، كنا نعرف تاريخ كل نخلة علي حدة، كل شئ كان متصلاً ومتناسقاً، كان هناك "هارموني" بين الإنسان وبيئته، وحين يتحدث علماء البيئة حالياً عن المدن الحديثة، أدرك تماماً مايقصدونه، لأن الإنسان في هذه المدن عبارة عن خلية أخذت من بيئة أخري، وزرعت في هذه المدن، وعندما تركت قريتي وسافرت إلي لندن ساورني طويلاً هذا الإحساس، الإحساس بأنني خلية زرعت في مدينة كبيرة زراعة اصطناعية، لذلك لم أحس إطلاقاً بالراحة النفسية التي كنت أحس بها في قريتي• وهذا الحنين الجارف إلي الجذور يتكرر في أكثر من موضع من سيرة الطيب صالح، وهذا الحنين وحده كان دافعه إلي الإبداع، وهو لم يعتبر نفسه أبداً مبدعاً علي مستوي الإحتراف، وإلي ماقبل مغادرته السودان إلي لندن في عام1953م، لم يكن كتب سوي محاولتين قصصيتين، مزقهما، وأنتهي الأمر عند هذا الحد
يقول الطيب صالح إنه لايعتبر نفسه جزءاً من الحركة الأدبية، ولديه رغبة حقيقية في عدم الإلتزام بالأدب ويقول: لاأقترب أبداً مما يسمي بالصالونات الأدبية أو اتحادات الأدباء•• أنا شخص علي الهامش، وهذا الوضع يريحني كثيراً• عزوف والذين يعرفون الطيب صالح يلمسون عزوفه عن الشهرة، ونفوره من التنظير والإدعاء، ورغم أنه كان من الممكن أن يستغل شهرته ويقبل علي انتاج أعمال كثيرة يفوز من ورائها بشهرة أكبر وربح مادي أوفر إلا أنه رغم تقدمه في العمر ورغم تجربته الموسوعية في الحياة يري أن الشهرة شئ زائف والنجومية وهم ويقول أيضاً: لم أكثر يوماً من الانتاج•• أنا مقل لأني أشتغل في عمل أكسب منه، ولكن الناس ينسون أحياناً أن الكاتب يعيش في الدنيا أيضاً، أنا أختلف في هذه الجهة عن ميخائيل نعيمة الذي كان يعيش في أعالي "بسكنتا" في جبل "حنين" والذي كان خالياً من أية مسئوليات عائلية•• زرته يوماً في منزله، وقلت له "ليتني كنت في وضعك، وليس عندي عائلة وإلتزامات"•• الكتابة ليست هي كل حياتي، وقد ذكرت مرة أنني أراوغ في عملية العلاقة مع الفن لأن الفن يلتهم الحياة•• يأكلها•• هناك من يقبل هذا المصير، ولا يفعل شيئاً سوي الرسم أو الكتابة أو نظم الشعر•• "أنا مش عاوز المصير ده"•• وأرجو بالطبع ألا يكون النبع قد جف عندي، ولكن ماينقصني هو توفر الوقت، فالوقت في الحياة قصير جداً• - قلت للطيب الصالح أليست الكتابة عملاً يومياً؟ قال: لا
لأن الأفكار تدور في ذهني•• ونوع الكتابة التي أقدمها تستلزم أن تتفاعل مع العمل وتبقي في المخيلة مدة طويلة• - يثار جدل حول مسألة زمن القصة القصيرة وزمن الشعر وهي أسئلة مستهلكة وأنت كالعادة تقرأ كل ماهو مستهلك وكل ما هو معلق•• لكن هل تعتقد أن رواية واحد جيدة في هذا الزمن تستطيع أن تصنع كاتباً؟ نعم•• ففي تاريخ الأدب، توجد أعمال منفردة صنعت كتاباً، وحين نستعرض الشعر العربي مثلاً نجد شاعراً لم يقل إلا بيتين، ولكن هذين البيتين ظلوا يترددوا، علي مر العصور، إذن فالكثرة ليست محاكاً، وإذا كانت كثرة مع جودة فهذا يكون شئ جيد•• لكن نادراً ماتكون الكثرة فيها جودة•• وهناك كتاب مقلون وكتبوا أشياءً عظيمة مازالت موجودة حتي اليوم
- عندما صدرت مجموعة يوسف إدريس مثلاً "أرخص ليالي" أثارت ضجة، وفي الطبعة الثانية كتب لها المقدمة د• طه حسين في هذا الوقت بالذات وسط الانتشار الإعلامي ووسائل الاتصال ورغم ذلك إلا أنه من الصعب جداً أن مجموعة قصصية أو عمل واحد تستطيع أن تقدم كاتباً؟ هذه القضية، قضية مفتعلة كلها، لأن القارئ لايقرأ كل شئ- حتي ولو كان قليلاً لأي كاتب، وهناك روائع عندنا قد نكرها الناس، من قبل، وكأنهم يريدون توجيه اللوم للكاتب دائماً، وأنا أنظر للأشياء دائماً علي أنها مترابطة، فغير مهم أن يكون الكاتب كبيراً ولكن المهم أن تخلق مجموعة من الأصوات تتفاعل في جيل أو جيلين لتخلق شيئاً جديداً وجيد، ولو لم يكتب يوسف إدريس إلا "أرخص ليالي" لكان من الممكن أن يشهد الناس لعمله هذا بأنه عمل جيد، ولكن من حسن الحظ انه كتب أكثر من ذلك، فالضغط علي الكاتب بأن ينتج باستمرار ليس مهماً، ويمكن الاستمرار في الكتابة في حالة واحدة فقط وهي إذا كانت حياته مرتبطة بالكتابة فمثلاً، تشارلز ديكنز عند الإنجليز أو بانزاك كان يكتب كثيراً لأنه يريد أن يكسب، وكان يقدم الرواية مسلسلة للصحيفة ليكسب منها لأنه إذا لم يفعل ذلك فقد يموت من الجوع، وهذا هو المبرر الوحيد، وغير ذلك لايوجد أي مبرر للضغط علي الكاتب كي نتتج، فإذا قارنت بين ابراهيم عبد القادر المازني وبين طه حسين ستجد أن د• طه حسين أنتج عدداً من الأعمال ذوي مستوي عالي جداً، ولكن المازني علي قلة ماكتب ترك أدباً علي مستوي عالي
- إذن فليست المسألة مسألة نجومية؟ هناك إناس يحبون النجومية، ولكن هذا ليس له صلة بعملية الإبداع


ايوب صابر 12-24-2011 11:41 AM


الطيب صالح في مرآة جورج طرابيشي النقدية
سماححكواتي
ثقافة
الاثنين 29-6-2009
حظي الروائي السوداني الطيب صالح «الذيرحل عن دنيانا مؤخراً» باهتمام نوعي في مؤلفات الناقد والمفكر والمترجم السوري جورجطرابيشي، ترجم هذا الناقد المولود في حلب عام 1939 أكثر من مئتين وعشرين كتاباً عنالفرنسية إلى العربية
تضمنت ترجمةالأعمال الكاملة لكل من فرويد وسارتر وماركس وهيجل، إلى جانب عشرة مؤلفات في النقدالإجرائي التطبيقي للرواية العربية، كان حظ «صالح» وافراً منها، إذ درس طرابيشيروايته الثانية «موسم الهجرة إلى الشمال» 1966 في كتابين من كتبه، هما «شرق وغرب،رجولة وأنوثة»«1» 1977 والمثقفون العرب والتراث، التحليل النفسي لعصاب جماعي«2» 1991
ولعل كتاب «شرقوغرب»من أبرز الكتب التي عرفت القارئ العربي بروائي من أقصى الجنوب العربي، فالطيبصالح ولد في مركز مروى المديرية الشمالية للسودان، عام 1929 ودرس في وادي سيدناوتخرج من كلية العلوم في الخرطوم، ثم مارس التدريس، إلى أن عمل في الإذاعةالبريطانية في لندن، حيث نال شهادة في الشؤون الدولية، كما شغل منصب ممثل اليونيسكوفي دول الخليج بين عامي 1984-1989 وقد غلب الطابع الشعبي السوداني على ماقدم منأعمال روائية بدءاً بروايته الأولى «عرس الزين» 1962 مروراً بروايته الثانية «موسمالهجرة إلى الشمال» 1966 ورواية «مريود» ورواية «نخلة على الجدول» وانتهاء برواية «دومة ود حامد».‏
ويبدو أن نشرروايته موسم الهجرة إلى الشمال منجمة في مجلة «حوار» اللبنانية، قدم هذه الروايةإلى القراء العرب على نطاق واسع بعد عامين من نشرها أي عام 1968، مما دفع بالناقد «رجاء النقاش» إلى نشرها من جديد عام 1969 في دار الهلال التي كان يترأسهاآنئذ«3».‏
وقد سبق طرابيشيإلى دراسة الطيب صالح بكتاب وضعه مجموعة من النقاد اللبنانيين عام 1976 بعنوان «الطيب صالح عبقري الرواية العربية»، أي قبل صدور كتاب طرابيشي بعام واحد، كماتزامن مع صدور كتاب «المغامرة المعقدة» لمحمد كامل الخطيب «4» لكن أهمية كتاب «شرقوغرب» تكمن في المنظورين الجديدين اللذين تناول بهما الرواية مبتعداً عن التوصيفوالأحكام النقدية السريعة التي قدمها الخطيب في كتابه آنف الذكر، نتيجة للعددالكبير من الأعمال الروائية التي درسها في هذا الكتاب.‏
حاول جورجطرابيشي تفسير هذا الإقبال النقدي على دراسة رواية «موسم الهجرة إلى الشمال» فيالنصف الثاني من السبعينيات بصدورها في أوج الاعتمال الداخلي للهزيمة الحزيرانية،فحظيت بكل القبول لدى القراء العرب، ولاغرو أن تكون شخصية بطلها قد أغرت المئات- وربما الآلاف- منهم بتقمصها والتماهي معها، باعتبارها شخصية حاملة لهوية قوميةوجمعية «5».‏
ويتابع طرابيشيهذا التأويل في كتابه «المثقفون العرب والتراث» فيوازن بين شخصية بطلها «مصطفىسعيد» وشخصية «حامد القادوري» في قصة «زمن الهجرة والتمرد» التي تنوء تحت العقدةالحضارية حتى قاع اليأس والقنوط، في حين ان مصطفى سعيد استطاع أن يمد جسوراً تحتيةإلى لاشعور القارئ العربي، وأن يفتح له أقنية لتصريف ضغط العقدة الحضارية التيفعلتها الهزيمة الحزيرانية تفعيلاً منقطع النظير.‏
لقد رأى طرابيشيأن هذه الهزيمة عامل مهم من عوامل العصاب الحضاري الذي جسدته هذه الشخصية،وشخصياتأخرى في أدب هذه المرحلة، ومن هنا اتخذ هذا العصاب شكل غزو للبلاد التي غزته منقبل، وبذلك يتجلى تميزه عن غيره من شخصيات الهزيمة بأنه في حضيض «الخصاء» بالمعنىالتاريخي والحضاري استطاع أن يقلب المعادلة، فيغزو البلاد التي غزت بلاده.‏
وينسجم هذاالتأويل مع منهج طرابيشي في المزاوجة بين المنهجين النفسي والواقعي في النقدالأدبي، فقدم بعداً جديداً للعقدة الحضارية التي عانتها تلك الشخصية، وهو بعد جماعيجسده فرد بعينه، مما يفسر إعجاب النقاد والقراء العرب بهذه الشخصية.‏
ويبدو أن تفسيرالرؤية الرجعية للغرب تحت ضغط الهزيمة الحزيرانية قابل للنقاش، فالرواية صدرت قبلالهزيمة بعام، الأمر الذي يباعد بين الهزيمة والرضّة الحضارية التي عاناها «مصطفىسعيد» زمنياً، إلى جانب البعد الجغرافي للمكان الذي تدور فيه أحداث الرواية عنجغرافية الهزيمة، الأمر الذي يخفف من تأثيرها على أدب تلك المنطقة، مما ينفي هذاالتفسير، لاسيما أن طرابيشي لم يتكلم على إرهاصات أو تنبؤ بالهزيمة، إنما علىمؤثرات لها على رواية الطيب صالح وأدب السبعينيات عامة.‏
أما كتابه «شرقوغرب» ،«رجولة وأنوثة» 1977 فهو يقدم أبعاداً جديدة للرواية نفسها، تحت عنوان موسمالهجرة إلى الشمال، أو الجغرافية التي قلبت معادلة التاريخ» «6» وهي أبعاد حضاريةسياسية ونفسية.‏
يحلل طرابيشيحضارياً علاقة الشرق بالغرب، تلك العلاقة التي انقلبت جغرافياً إلى علاقة الجنوببالشمال، وقد جسدت هذه العلاقة جملة من المكبوتات والعقد التي اهتم طرابيشيبتحليلها نفسياً، للوقوف على دوافع الثأر الكامنة وراء سعي الشخصية الرئيسية «مصطفىسعيد» إلى اصطياد النساء الأوروبيات، متأثراً بالعقدة النفسية ذاتها التي رآها «فرانز فانون» في كتابه «معذبو الأرض» عندما حلل نفسية الزنجي الذي عانى آثارالاستعمار.‏
وقد رد طرابيشيهذه العقدة الحضارية إلى الشعور بالدونية الذي خلفه الاستعمار الانكليزي للسودان،من دون الإشارة إلى الرضة الحضارية التي خلفتها الهزيمة الحزيرانية التي تحدث عنهافي كتابه «المثقفون العرب والتراث».‏
لذا كانت هذهالعلاقة علاقة بحث عن التفوق، عبر الثأر من الغرب المتمثل بالمرأة الأوروبية، وقدأشادت الألمانية «روتراود فلاندت» بهذه الدراسة، لاسيما التحليل المعمق لدوافعالمثقف الشرقي «مصطفى سعيد» لهذا الثأر، بتحليل عقد هذه الشخصية ومكبوتاتها نفسياً «7».
وقد اجتهدطرابيشي -إلى جانب ماسبق- في دراسة صورة المرأة الأوروبية في هذه الرواية، ليجدفيها صورة نمطية حرصت الإيديولوجيا الرجعية للرواية العربية على إسباغها على المرأةالأوروبية غالباً، مما يجعلها صورة لاتفصح عن حقيقة المرأة الأوروبية، بقدر ماتفصحعن إيديولوجيا المثقف الشرقي الذي اختزل الغرب إلى امرأة، بدافع الثأر لشرقهالكليم، ولدونيته الحضارية والثقافية.‏
إن تحليل عقدةالدونية والتفوق، قادته إلى دراسة دوافع التعويض، بهدف الكشف عن العقد الشعوريةواللاشعورية التي تتحكم بموقف شخصية مصطفى سعيد، ومن ورائها المثقف الشرقي المتبنيلشرقيته من أوروبا ومن الغرب عامة، وقد حاول إبراز التجليات الفنية الجمالية للعقدالنفسية، بتجاوز إطارها الفردي، إلى عصاب إيديولوجي لمجتمع بأكمله، إيديولوجيالاواعية جمعية، تتحكم بعلاقة الشرقي بالغرب، الأمر الذي يجعل عصابه اختزالاً لعصابمجتمع الشرق وأزماته، ومن هنا، ينتقد طرابيشي أية محاولة يقوم بها «مصطفى سعيد» للتسامي والتفوق، بطريق قلبه ضعفه الثقافي إلى سادية جنسوية، مما قاده إلى تحليلفصام هذه الشخصية وانقسامها بين العقل والروح، فكان برأيه إنساناً فرويدياً يحمل فيداخله غريزتي«الإيروس» أي غريزة الحب، «التاناتوس» أي غريزة الموت«8»، من دون أنيكون واعياً لهذا الفصام، مما يفسر رغبة مصطفى سعيد بتدمير الحضارة الأوروبيةوامتلاكها في آن معاً.‏
اهتم طرابيشي فيآخر هذه الدراسة بلغة الرواية المشحونة بطاقة رمزية عالية، منتقداً ألفاظ الاصطيادوالافتراس التي جسدتها هذه الرواية، لكنه بالغ في تفسير المرموزات، مغفلاً المستوىالواقعيللرواية.‏
وهكذا قدمطرابيشي دراسة اجتماعية عنيت بالعلاقات الحضارية بين الشرق والغرب مقارنياً،كماعنيت بتفسير العقد والمكبوتات تفسيراً نفسياً فردياً وجمعياً بطريق التداعيات الحرةالفردية، التي عادت إلى طفولة مصطفى سعيد، مما يجسد طريقة فرويد في التحليل النفسيالتي ترد العصابات إلى الحياة الطفلية، مع العلم أن طفولة تلك الشخصية نشأت في ظلالاستعمار، وتثقفت ثقافته.‏
لقد عني طرابيشيبالدراسة النفسية الداخلية للشخصيات الفنية، وتجاوز ذلك بالجمع بين علم النفسالفردي لآدلر وعلم النفس الجمعي ليونغ، إلى جانب عنايته بالإنسان الفرويدي، فكانتدراسته النفسية داخلية خارجية أيضاً، في مواطن الربط بين البيئة النفسية الداخليةللشخصيات الفنية، والبيئة الاجتماعية المحيطة بها، مع ربطه أحياناً بينها وبينالمبدع.‏
ولعل هذا مايميزهذه القراءة النفسية الاجتماعية لرواية الطيب صالح من القراءات النفسية الأخرىللرواية نفسها، ولروايات أخرى، فرصد العقد النفسية والعصابات اللاشعورية للشخصياتالفنية، قد يقود إلى نتائج متشابهة، نظراً لتشابه العقد النفسية، وتماثل أسبابهاودوافعها علمياً، لكن ربط طرابيشي هذه العقد الفردية بالمحيط الاجتماعي يسهمإسهاماً كبيراً في تقديم قراءة نفسية مختلفة ومتميزة، نظراً لاختلاف المحيطالاجتماعي للشخصيات الفنية بين عمل وآخر، مما يجعل هذه الدراسة جادة وأصيلة فيبابها، لايغض من أهميتها التشابه الذي أشار إليه نبيل سليمان في كتابه «مساهمة فينقد النقد»«9» مع كتاب محمد كامل الخطيب «المغامرة المعقدة» لأن دراسة طرابيشي أكثراتساعاً في درس هذه الرواية وفق المنهج النقدي المقارن، المدعوم بالمنهج النفسيوالمنهج الواقعي الاشتراكي، تناولاً ينسجم مع مضمون الرواية المتنوع بمحمولاتهالحضارية والنفسية والإيديولوجية.‏

ايوب صابر 12-24-2011 11:44 AM

أحمدمحمد البدوي - الطيب صالح سيرة كاتب ونص - الدار الثقافية للنشر - كتابإلكتروني

الكتاب من تأليف الناقد السوداني الدكتور أحمد محمد البدوي، ويتضمن 6فصول، قدم خلالها تحليلا لأعمال الأديب السوداني القصصية ورواياته الشهيرة: موسمالهجرة الى الشمال، ودومة ود حامد، وعرس الزين، وغيرها.

وقدم الدكتور البدوي ببليوجرافيا توثيقية تضمنت معلومات عن رواياتوقصص صالح والترجمات التي قدمت لها عبر اللغات المختلفة، وما كتب عنها من دراساتومقالات وأبحاث سواء بالعربية أو بغيرها.
يقول المؤلف: "ان هذا العمل الذي قدمهعن الطيب صالح والمعلومات التي أقدمها عنه في الببليوجرافيا تعتبر شبه كاملة، وأكثرإحاطة بأعماله حتى الآن، وقد اعتمدت من أجل انجازها الذي استغرق سبع سنوات علىعشرات المصادر والكتب والصحف والأطروحات العلمية والموسوعات ودوائر المعارف حتىأقدم مراحل حياة الطيب صالح البارزة أدبياً وانسانياً، للقارىء العربي والمهتمينبأدبه وقد كنت أخطط لأن أتبعها بشهادات عن أعماله كان سيكتبها عدد من المبدعينوالنقاد المصريين والعرب أمثال الدكتور علي الراعي، وعبدالبديع عبدالله، ويمنىالعيد وخالدة سعيد ونزار الغانم وابراهيم العجلوني، لكن هذا العمل تعطل فآثرتتأجيله الى وقت قريب".

ايوب صابر 12-24-2011 11:48 AM

الطيب صالح
1929- 2009 م

وُلِد الرّوائي وكاتب القصة الطيب صالح فى قرية الدبة فى الشمال الأوسط من السودان. تعلّم في القرية والتحق بعد تخرّجه بجامعة الخرطوم ثم جامعة لندن حيث تخصّص في التجارة الدولية.

عمل في الإذاعة البريطانية ثم في إذاعة السودان وعُيّن مديرًا عامًا لوزارة الإعلام في قطر وبعدها في الأونيسكو بباريس.
يقول الطيب صالح عن روايته الأكثر شهرةً "موسم الهجرة إلى الشمال": <<أردتُ أن أكتب روايةً مثيرةً أصفُ فيها جريمة الحب>> بعد أن <<افتتنتُ بالصّراع بين إله الحب والموت، فإذا بها بعد أن أكملتها، قد جاءت على غير ذلك. فهي تصوّر هذا العالم المُشوّش الذي نحاول جاهدين، كبشرٍ، إلى إعطائه بعض المعنى. لقد شحنت موسم الهجرة بالغُربة، إلى حدٍ كبيرٍ. وهو أحد أهم الموضوعات للمواجهة بين الشّرق والغرب: بين العالم العربي الإسلامي وبين أوروبا الغربيّة".
للطبيب صالح ثلاثة مؤلفاتِ أخرى: عرس الزبن، دومة ود حامد، بندرشاه.
وفي معلومات إضافية عن الطيب صالح، جاء في قراءةٌ شاركت بها أمال عواد رضوان في ندوةٍ أدبيّة خاصّةٍ أقامَها الصّالونُ الثقافيُّ العربيّ في النّاصرةِ، عن الرّوائيِّ الرّاحلِ الطّيب صالح، وذلك يوم الاثنين الموافق 23-3-2009 ، حولَ سيرته الذاتية ومسيرتِهِ الأدبيّةِ وإنجازاتِهِ الإبداعيّةِ والرّوائيّةِ!
الطّيّب صالح هجيرُ صرخة في موسمِ الهجرة

قراءة في (موسم الهجرة إلى الشّمال) لـ الطيّب صالح

آمال عوّاد رضوان

نبذة قصيرة عن سيرة الطيب صالح: (1929- 2009)

من مواليد السودان، مارس التدريس في السودان ثم هاجر عام 1952 إلى لندن، فعمل في الإذاعة البريطانيّة، وعمل خبيرًا بالإذاعة السودانيّ

مِن روائعِهِ الأدبيّةِ: "موسمُ الهجرةِ إلى الشّمال)، و(ضوّ البيت)، و(عُرسُ الزّين)، و(مريود)، و(دومة ود حامد)، و(بندر شاه).

استطاعَ أن يُثريَ المكتبةَ العربيّةَ والمؤتمرات الثّقافيّةَ والمحافلَ الفكريّةَ بإبداعاتِهِ الرّوائيّةِ ومقالاتِهِ، وقد دعتْ بعضُ الجمعيّاتِ والمؤسّساتِ الثّقافيّةِ السّودانيّةِ إلى ترشيحِ الطّيّبِ صالح لجائزةِ نوبل للآدابِ، إذ صُنّفتِ الرّوايةُ كواحدةٍ مِن أفضلِ مئةِ روايةٍ في القرنِ العشرين، ونالتِ العديدَ مِنَ الجوائزِ الّتي تناولتْ لقاءَ الثّقافاتِ وتفاعلَها. وقد ساهمَ النّاقدُ الرّاحلُ رجاء النقّاش في تعريفِ القارئِ العربيِّ بها، لتصبحَ فيما بعد إحدى المعالمِ المُهمّةِ للرّوايةِ العربيّةِ المعاصرةِ.في التسعينيّات، مَنعتِ السّلطاتُ السّودانيّةُ تداولَ الرّوايةِ "موسم الهجرة إلى الشمال"، بحجّةِ تضمّنِها مَشاهد ذات طابعٍ جنسيّ. وقد صدرَ حولَ الرّوايةِ مؤلَّفٌ عامٌّ بعنوانِ "الطّيّب صالح عبقريّ الرّوايةِ العربيّة"، لمجموعةٍ مِن الباحثينَ في بيروت، تناولَ لغتَهُ وعالمَهُ الرّوائيَّ بأبعادِهِ وإشكالاتِهِ 1976.

مصطفى سعيد شخصيّةٌ محوريّةٌ في الرّواية كملخّص:

شخصٌ غريبٌ لا يملكُ القدرةَ على المحبّةِ والتّعاطفِ الإنسانيِّ، علاقتُهُ بأمِّهِ وببلدِهِ كانَ ينقصُها الحبُّ والحنانُ والانتماءُ والعطاءُ ولغةُ التّحاورِ، يقولُ: "مثلَ جبلٍ ضربتُ خيمتي عندَهُ، وفي الصّباحِ قلعتُ الأوتادَ، وأسرجتُ بعيري، وواصلتُ رحلتي". وعندما بلَغَهُ نبأُ وفاتِها وقد كان مخمورًا قالَ: "لم أشعرْ بأيِّ حزنٍ، كأنَّ الأمرَ لا يعنيني في كثيرٍ أو قليلٍ".

كانَ يُحرّكُهُ قلبُهُ الأجوفُ رغمَ امتلاكِهِ عقليّة فذّة، كانَ جميلُ الطّلعةِ ذكيّا، تَدفعُهُ نزواتُهُ الجنسيّةُ والمادّيّةُ، وقد انسجمَ بشكلٍ فائقٍ ومذهلٍ في الحياةِ الأوروبيّةِ، خاصّةً في ملاحقةِ النّساءِ، جاعلاً مِن شقّتِهِ معبدَ إغراءٍ وإغواءٍ بأعوادِ البخورِ وأكاذيبَ غضّةٍ عن النّيلِ والأساطير.

تزوّجَ مصطفى سعيد غريبُ الأطوارِ المتطرّفُ مِن جين، الفتاةِ المتحرّرة بتطرّف، وشكّلا ثنائيًّا غريبًا في مواجهةِ الثّقافاتِ بتناقضاتِها، وانتهى بهِ الأمرُ إلى إغمادِ الخنجرِ في صدرِها، بحسبِ رغبتِها.

وقد أدركَ القاضي أنّ المأساةَ الحقيقيّةَ لمصطفى سعيد تتلخّصُ في قولِهِ: "إنّكَ يا مستر سعيد، رغمَ تفوّقِكَ العلميّ رجلٌ غبيّ. إنّ في تكوينِكَ الرّوحيِّ بقعةً مظلمةً. لذلك فقد بدّدتَ أنبلَ طاقةٍ يمنحُها اللهُ للنّاس. طاقةُ الحبّ".

وبعدَ سجْنٍ دامَ سبعُ سنواتٍ تركَ لندن، واستقرَّ في بلدٍ ريفيٍّ على ضفّةِ النّيلِ مع غموضِهِ وأسرارِهِ، وتزوّجَ مِن فتاةٍ ريفيّةٍ وأنجبَ طفليْن، وكانَ عنصرًا إيجابيّا فاعلاً رغمَ انطوائيّتِهِ وتكتّمِهِ، إلاّ أنّهُ كانَ محبوبًا، وقد حاولَ الانسجامَ معَ الحياةِ الرّيفيّةِ مِن جديد، مُخادعًا نفسَهُ بمرارةٍ، حيثُ التقى الكاتبَ ليَشيهِ بعضَ خيوطِ أسرارِهِ وهو مخمورًا، فيتكلّمُ الانجليزيّةَ والشِّعرَ بطلاقةٍ، ثم يختفي فجأةً إمّا انتحارًا أو غرقًا، أو ربّما هروبًا وانسحابا، مِن عجْزِهِ على غزوِ أوروبّا، وبسببِ استعمارِهِ فكريًّا واستعمارِ بلادِهِ، فقد آثرَ الهروبَ، وترَكَ أسرارَهُ بجانبِ مدفأةٍ تحملُ ما تحملُ مِن دلالاتٍ، إمّا الدّفءَ أو الاحتراقَ أو.... !

مميّزاتُ إبداعِ الطّيّب صالح في مواسِمِ الهجرةِ إلى الشّمال:

*الفكرةُ المركزيّةُ في الرّوايةِ: تحدّثَ عن قضايا إنسان العالم الثّالثِ وهمومِهِ وآلامِهِ، وأفراحِهِ وإحباطاتِهِ، بجوهرِهِ الطّيّبِ وظاهرِهِ الخبيثِ، ببساطتِهِ وتعقيداتِهِ، الّذي حاولَ عقلُهُ استيعابَ حضارةِ الغربِ بقدرتِهِ على الفعلِ والإنجازِ، وكذلكَ تحدّثَ عن أثرِ التّطوّراتِ العالميّةِ حولَ قضيّةِ الهجرةِ والمهاجرينَ، مِن خلالِ السّردِ المُتباينِ بينَ أم

*أحدثَ ثورةً على الرّوايةِ العربيّةِ وهيكليّةِ السّردِ الموسومةِ بصراعاتٍ حادّةٍ، و*الشّخصيّاتُ الرّوائيّةُ النّابضةُ بالحياةِ اختلقَها بفنّيّةٍ رائعةٍ في نصوصِهِ الرّوائيّةِ، فجعلَها متجدّدةً وفقًا لمقتضياتِ الزّمانِ والمكانِ والأحداثِ، مُصوِّرًا بعينِ شفافيّتِهِ البارعةِ أعماقَ همومِها اليوميّةِ، وتفاصيلَ العلاقاتِ بينَ البشرِ والأشياءِ، مِن أجلِ التّغلّبِ على صراعِها المريرِ، وقد هيّأَ لها الأجواءَ المبتكرةَ وأشكالَ حياةٍ تُناسبُها، مازجًا بينَ ألوانِ الواقعِ مِن جهةٍ، وخيالِهِ ورؤيتِهِ مِن جهةٍ أ

*أسلوبُهُ يتّسمُ بنضوجٍ فكريٍّ وانفتاحٍ كبيرٍ على الإدراكِ الذّاتيِّ، فجاءَ مُثيرًا متلاحقًا *اللّغةُ عذبةٌ مُوحِيةٌ تتوهّجُ بالمشاهدِ المحلّيّةِ البسيطةِ، وخاصّةً بأثَرِ البيئةِ السودانيّةِ الرّيفيّةِ، وبالتّالي بتشكيلِها اللّغويّ ونسيجِها الشّعريِّ الأخّاذِ، ممّا جعلَها تُلامسُ الواقعَ إلى حدٍّ قريبٍ، وقدِ انسابتْ بحرّيّةٍ وبمهارةٍ واستفاضةٍ في أدقِّ التّفاصيلِ المتداخلةِ.

الرّوايةُ تناولتْ عدّةَ محاور:

*الرّسالةَ الأساسيّةَ والجوهريّةَ الّتي يُنادي بها هي التّناغمُ بينَ الحياةِ والأحياءِ، مِن خلالِ تأصيلِ المحبّةِ والتّسامحِ في المجتمعاتِ والعائلاتِ، لمواجهةِ صعوباتِ الحياةِ وصراعِ الحضاراتِ.

*تناولتِ الاستعمارَ والهيمنةَ الغربيّةَ على الدّولِ الأفريقيّةِ، والنّظرةَ المتعاكسةُ لصورةِ العربيِّ القادمِ مِن بلاد السِّحرِ والغموضِ بعيونِ الأوروبيِّ ، والأوروبيُّ المستعمِرُ بعيونِ الشّرقيِّ، وخاصّةً آثارَ الاستعمارِ على المتعلِّمينَ في الغربِ.

*تناولتِ الصِّدامَ بينَ الحضاراتِ والثّقافاتِ وبينَ ثنائيّاتِ التّقاليدِ الشّرقيّةِ والغربيّةِ، وبينَ الشّخصيّاتِ المُتلبِّسةِ بغموضِها وتناقضاتِها.

* تناولتِ الوضعَ الاجتماعيَّ للمرأةِ وختانَ المرأةِ وحرّيّةَ تقريرِ المصيرِ، والّذي انتهى بقتلِ عجوزِ الشّهوةِ، ومن ثمّ بالانتحار. يقول:

"فلاتة والمصريّون وعرب الشام أليسوا مسلمين مثلنا؟ لكنهم ناس يعرفون الأصول يتركون نساءهم كما خلقهن الله،، أما نحن فنجزُّهُنَّ كما تُجزُّ البهيمة".

*تناولتْ الكثيرَ مِن القضايا السّياسيّةِ والاجتماعيّةِ، ومثّلَها بالرّجلِ والمرأةِ والموتِ والحياةِ، موحِيًا إلى أزمةِ الصّراعِ الكثيفِ بينَ استعمارِ الحضاراتِ، وبينَ ما تُخلِّفُهُ مِن انتكاساتٍ وأزماتٍ حياتيّةٍ.

*تناولتِ الموتَ كسلطانٍ بأنواعِهِ وطرُقِهِ، مِن وفاةٍ وقتلٍ وانتحارٍ، بمعانيهِ ودوافعِهِ، بدلالاتِهِ بالنّسبةِ للأنثى وللرّجلِ، مِن ذلٍّ وضعفٍ ورفضٍ وخطيئةٍ وإثمٍ وكبرياءَ وعنفٍ وتضحيةٍ وانتقامٍ.

*تناولتِ الارتباطَ بالوطنِ والرّيفِ:
فقد اختزنَ عقلُهُ موسوعةً مِن الألفاظِ والأمثالِ الشّعبيّةِ، وحنينًا مفصِّلاً لأبسطِ الأمورِ، كرائحةِ التّربةِ

فيحدّثُنا عن بيتِ جدِّهِ: «خليطٌ مِن روائحَ متناثرةٍ، رائحة البصل والشطة والتمر والقمح والفول واللّوبياوعن أدواتِ التّجميلِ عندَ النّساءِ في القريةِ، وأكثرُها سودانيّة خالصة، الكحل والدّلكة والدّهن والكبرتة والرّيحة والحناء.

وعن الفركة والقرمصيص والبرش الأحمر المنازل المطليّة بالطّين الأسود

وعن ملابسِ الرّجالِ: مِن ثيابٍ فضفاضةٍ، وعباءةٍ سوداءَ، وملابسِ العروسِ في ليلةِ زفافِهِ.
المصدر : موقع الحكواتي

ايوب صابر 12-24-2011 11:52 AM

الموضوع: قراءة لكم عن الاديب الطيب صالح : من هو مصطفي سعيد في رواية موسم الهجرة الي الشمال
· Mujahid‎

من جريدة الشرق الأوسط - 11 ابريل 2007

الخرطوم: جريزلدا الطيب

كاتبة هذا المقال جريزلدا الطيب، هي فنانة بريطانية وباحثة في الأدب الأفريقي بلغت اليوم ثمانيناتها. كانت قد تزوجت من عبد الله الطيب، الكاتب السوداني الراحل المعروف، وعايشت الحقبة التي تستوحي منها رواية «موسم الهجرة إلى الشمال أحداثها وأبطالها» في السودان كما في لندن. وهذه الباحثة تكتب اليوم، مفككة الرواية، باحثة عن أصول أبطالها في واقع الطيب صالح، لا كدارسة أكاديمية فحسب، بل كشاهد حي على فترة، لم يبق منها الكثير من الشهود. انها قراءة مختلفة ومثيرة لرواية لا تزال تشغل النقاد...

جيل اليوم يعرف الطيب صالح من خلال كتاباته الروائية والمقالات، ومعلوماتهم عن حياته، تعتمد على مقولات وفرضيات، معظمها غير صحيح، تحيط بفلك هذا الكاتب المشهور وروايته ذائعة الصيت «موسم الهجرة إلى الشمال».

وهذه المقالة تغطي فجوة زمنية مهمة، تقع بين جيل قراء ومعجبي الطيب صالح الجدد وجيلنا نحن. فأنا أنتمي الى جيل قديم انطفأ عنه البريق، ولكنه عرف الطيب صالح شخصيا في شبابه، وكذلك عرفت الأشخاص والأحداث التي شكلت، على الأرجح، خلفية لـ«موسم الهجرة الى الشمال» لأنها كانت رابضة في وعي المؤلف. والدراسة هذه هي عملية تحليل لمعرفة مفاتيح رواية «موسم الهجرة الى الشمال»
roman a_clef بدلا من الفكرة السائدة عنها في المحيط الأدبي كسيرة ذاتية للكاتب كما في دراسة سابقة للناقد رجاء النقاش الذي تعرّف على الطيب صالح في الخليج عندما كان الأخير يعمل هناك، وفي غيرها من الدراسات النقدية لنقاد تبنوا نفس التحليل رغم أن معظمهم لم يتعرّف على طبيعة الحياة في السودان أو في بريطانيا!

وندعي من طرفنا، أن مصطفى سعيد بطل رواية «موسم الهجرة الى الشمال» ليس هو الطيب صالح، ولا يستعير جانباً مهماً من سيرته؟ فمن يكون هذا البطل الروائي اذاً؟

هذا سؤال مثير ليس علينا أن نجفل من إجابته، ولكن دعونا أولاً نؤسس تحقيقنا على أن مصطفى سعيد ليس ولا يمكن أن يكون سيرة ذاتية للكاتب. الطيب صالح ذهب الى المملكة المتحدة عام 1952 لينضم الى فريق القسم العربي بالـ«بي بي سي» حيث ظل يعمل هناك على مدى 15 عاما، قام فيها بأعمال متميزة وبدأ وظيفته كمؤلف. ولكن الحقيقة أنه لم يدرس أبدا في أي جامعة في المملكة المتحدة، بينما مصطفى سعيد بطل الرواية يفترض أنه ذهب الى المملكة المتحدة في منتصف العشرينات، وحقق نتائج أكاديمية رفيعة ونجاحا باهرا. وفي الحقيقة أنه لا يوجد سوداني ذهب الى المملكة المتحدة في العشرينات، وهي واحدة من الأحداث المدهشة في الكتاب. ولكن في الثلاثينات ذهب الى المملكة المتحدة كل من الدرديري إسماعيل ويعقوب عثمان لدراسة القانون.

ما نود تحقيقه الآن هو أن مصطفى سعيد بطل متخيّل على عدة مستويات في ذهن المؤلف، مصطفى سعيد قد صنع من مزج عدة شخصيات التقاهم بالتأكيد الطيب صالح أو سمع بهم عندما ذهب لأول مرة إلى لندن عام 1952، ولكن قبل أن نمعن أو ننطلق في هذه الفرضية علينا أن ننظر الى شخصية البطل ونقسمها الى ثلاثة محاور:

مصطفى سعيد- الأكاديمي السوداني الذي يعيش في لندن.

مصطفى سعيد- «دون جوان لندن».

مصطفى سعيد - وعودته الى موطنه الأول.

يرجح ان مصطفى سعيد الأكاديمي هو شخصية «متكوّنة» من ثلاثة أعضاء في دفعة السودانيين النخبة الذين اختيروا بعناية، وأرسلوا بواسطة الحكومة السودانية عام 1945 لجامعات المملكة المتحدة، وكلهم يمثلون شخصيات بطولية في الوعي الوطني الباكر للسودانيين، أحدهم هو د. سعد الدين فوزي وهو أول سوداني يتخصص في الاقتصاد بجامعة أكسفورد، حيث تزوج فتاة هولندية محترمة ومخلصة وليست شبيهة بالفتيات في الرواية، وحصل على درجة الدكتوراة في العام 1953، وعاد الى السودان، حيث شغل منصبا أكاديميا رفيعا الى أن توفي بالسرطان عام 1959. ولكن قبل ذلك التاريخ في الخمسينات حصل عبدالله الطيب على درجة الدكتوراه من جامعة لندن في اللغة العربية وعيّن بعدها محاضرا في كلية الدراسات الأفريقية والشرقية بالجامعة نفسها، وقبلها بعامين تزوج من فتاة إنجليزية، ومرة أخرى ليست شبيهة بصور فتيات الرواية.

إذا هنا مزج الطيب صالح الشخصيات الثلاثة: سعد الدين وحصوله على شهادة بالاقتصاد من أكسفورد والدكتور عبدالله الطيب وتعيينه محاضرا في جامعة لندن. أما الشخص الأكاديمي السوداني الثالث الذي اقتبس الطيب صالح جزءاً من شخصيته لتمثل الصفة الثالثة عند مصطفى سعيد وهي «الدون جوان، الى حد ما، فهو الدكتور أحمد الطيب. هذا الرجل كان جذابا وشخصية معقدة ومفكرا رومانسيا، وكما حال الأكاديميين من جيله شغله الصراع النفسي بين حياته الحاضرة وإرثه القديم، كما كان مجروح العواطف ومهشما بالطموح السياسي ومنافسات الوظيفة لجيله. وكطالب يافع فإن أحمد الطيب كان معجبا جدا بـ د.هـ. لورنس وفكرة «الحب الحر»، ومن المحتمل أنه عند ذهابه الى إنجلترا كان يضع في ذهنه ونصب عينيه إمكانية إقامة علاقات رومانسية مع الفتيات الإنجليزيات. ولكن أول رحلة له للمملكة المتحدة كانت عام 1945-46 وهي فترة قصيرة، ولكن زيارته الثانية عام 1951-1954 أنجز فيها درجة الدكتوراه في الأدب العربي وتزوج من سيدة بريطانية. وقد فشل هذا الزواج والتقي أحمد بزوجة سودانية لطيفة والتي لحد ما تشابه حسنة- ولكن أحمد الطيب لم يستقر في زواجه، كما هو متوقع، وانتهت حياته في السودان فجأة وبطريقة غامضة ومأساوية. وهو بكل تأكيد معروف تماما الى الطيب صالح، وكان يعيش في لندن عندما ذهب إليها الكاتب لأول مرة.

وعامل آخر يجب أن يذكر في الربط بين الدكتور أحمد الطيب ومصطفى سعيد، هو أن أحمد الطيب كانت له علاقة وثيقة جدا بصحافي لامع شاب وهو بشير محمد سعيد، جاء من منطقة أو حياة قروية تشابه الى حد بعيد بيئة الراوي في «موسم الهجرة الى الشمال».

وإذا عدنا لشخصية الدون جوان عند مصطفى سعيد، فان الطيب صالح لم تكن لديه مبررات عظيمة أو مقنعه لإلقاء نفسه على أجساد النساء الإنجليزيات كانتقام من الإمبريالية لوطنه. أولا، ولنقل بأمانة أن الإمبريالية المذكورة في الرواية ليست بهذا السوء، فإذا كان البريطانيون قد احتلوا السودان وإذا ما كانت لديهم مغامرات في أجزاء من هذا البلد، فذلك لأن التركيب الاجتماعي في تلك المناطق يسمح بإقامة مثل هذه العلاقات بل وحتى يشجعها، ولكن الاستعماريين البريطانيين لم يؤذوا النساء في شمال السودان الإسلامي، لذا فإنه ليس هناك تبرير منطقي لهذا الإنتقام. وترينا الرواية ان الفتيات الإنجليزيات كن ينظرن الى الطلاب الأفارقة كظاهرة مثيرة جديدة تسبح في أفق حياتهن الجنسية والإجتماعية. وفي رأيي أن الكاتب النيجيري شينوا أكليشي تعامل مع هذا الوضع في روايته
No longer at ease وبطلها «أوبي» بطريقة أكثر واقعية وقابلية للتصديق من رواية مصطفى سعيد، الذي تعامل مع الوضع العام كله وكأنه حقيقة إجتماعية في ذلك الزمان. ولذا علينا هنا توضيح الأمر. ففكرة أن إعجاب النساء البيض بالرجال الأفارقة تتبع لأسطورة الرجل الأفريقي القوي جنسيا، هذه الفكرة موجودة لدى العرب أنفسهم، ومؤكدة في بداية رواية ألف ليلة وليلة فشهرزاد مهددة بالموت من زوجها الملك شهريار الذي خانته زوجته الأولى مع عبد زنجي.

كما هناك توضيح آخر يجب أن يوضع في الإعتبار، أن ذلك الجيل من الفتيات والنساء البريطانيات اللواتي تعرّفن على الطلاب الأفارقة في بلادهن في تلك الفترة هن بنات لأمهات حاربن طويلا لأجل المساواة مع الرجل وتخلصن مما يسمى بـ«عقدة أو أسطورة الرجل القوي». ولكن بلا وعي منهن فإن هؤلاء الفتيات كن يبحثن عن الذكر «الجنتلمان»- أو الحمش باللهجة المصرية، وهو الرجل الذي يوافق أدبياتهن وما قرأنه في «روايات جين آير» و«مرتفعات ويزرنج» ونموذج الرجل الغريب الأسود، وهذا ما جعلهن يتوقعن أن يجدنها عند الرجال الأفارقة الذين يبدون واثقين من أنفسهم وقوتهم وشجاعتهم وحمايتهم للمرأة وقناعتهم الثابتة بأنها المخلوق الضعيف الذي يحتاج الى الحماية! وهذا ما فشل الطيب صالح في تصويره. كما أن الفتيات البريطانيات اللواتي أقمن علاقات مع الطلاب الأفارقة كن يعملن على مساعدة هؤلاء الطلاب في بحوثهم الجامعية وكتابتها باللغة الإنجليزية الرصينة. لذا فليس الشكل الخارجي الجذاب لمصطفى سعيد هو الذي قاد الفتيات الإنجليزيات لأن يقعن في غرامه من أول وهلة!

ولحسن الحظ أنه لم تكن هناك قضية جنائية لرجل سوداني قتل فيها سيدة بريطانية أو عشيقة، ولكن كانت هناك قصة مأساوية حدثت في الخمسينات تناقلتها الصحف بتغطية واسعة، كانت القصة بين فتاة بريطانية تدعى ناوومي بيدوك وفتاها السوداني عبدالرحمن آدم، كان الإثنان يدرسان بجامعة كمبريدج ونشأت بينهما علاقة عاطفية. وقام والد الفتى بزيارة مفاجئة الى إنجلترا وعارض هذه العلاقة والزواج المخطط له بين الشابين، مما أعقبه انتحار الفتى بالغاز، ومن ثم انتحار الفتاة ناوومي بعده بأيام وبنفس الوسيلة. وكان والدها العطوف المتسامح بروفسور دان بيدو قد ألقى كلمة حزينة في التحقيق، تعاطف فيها مع قصة حب ابنته وأنه كان يتمنى لها زواجا سعيدا. وهو خطاب يشبه في عاطفيته الذي ألقاه والد الفتاة التي قتلها مصطفى سعيد في روايته للمحكمة.

بل حتى مشهد المحاكمة نفسه نستطيع ان نجد له من مقابل، فقد حدثت في العام 1947 قضية مشهورة جدا حيث قام حارس مطعم سوداني يدعى محمد عباس ألقي عليه القبض لإطلاقه النار على رجل جامايكي، وقد حكم عليه بالقتل الخطأ. وهذه القضية أثارت حساسية لدى المجتمع السوداني بلندن حيث أن كل السودانيين كانوا معتادين الذهاب الى ذلك المطعم في إيست إند ليتناولوا فيه الأطباق السودانية المحببة. وهذه الحادثة كان قد سجلها عبدالله الطيب في صحيفة «الأيام» التي تصدر في الخرطوم عام 1954.

وفي الحقيقة كانت براعة من الطيب صالح أن يقوم بخلط كل تلك الشخصيات والأحداث وإخراج عمل فني رائع منها. أما أكثر الجوانب المثيرة، والمحيطة بمصطفى سعيد فهي عودته لبلده كمواطن غير سعيد، وظاهرة عدم الرضا، وعدم التوافق مع المجتمع الأصل، كان قد تناولها عدد من الكتاب الأفارقة. وهي مشاعر يمكن الإحساس بها في الروايات
No Longer at Ease و The Beautiful one is not yet born و Morning yet inCreation و Not yet Uhuru. والقرية في الرواية شبيهة بقرية الطيب صالح التي قمت بزيارتها بمنطقة الشمالية، وهنا نجد السيرة الذاتية بالتأكيد قد دخلت في نسيج الرواية وتلاقي الأجيال هو حقيقي في القرى، إلا أن التعليقات التي قالتها المرأة العجوز في مجتمع محافظ كمجتمعات القرى يجعل المرء يتساءل من أين أتى الطيب صالح بهذه المرأة؟ وقصة حسنة وزواجها الثاني مناف للواقع حيث أن التقاليد القروية تمنح الأرامل الحرية في اختيار الزوج على عكس العذراوات.

وفي القرى حيث أن أي شخص له الحرية في التدخل في حياة الشخص الآخر وشؤونه وحيث الناس دائما في حالة إجتماع مع بعضهم البعض. ويمكننا تخيل مدى الفضول في قرية نائية تجاه كل جديد وافد. فمن الطبيعي أن شخصا مثقفا عائدا من أوروبا يريد أن تكون له مملكته الخاصة. وهذه الغرفة الخاصة بمصطفى سعيد شبيهة بغرفة كانت في حي العرب بأم درمان، وصاحبها هو المرحوم محمد صالح الشنقيطي. وهو شخصية سودانية لامعة ومن النخب المثقفة، وهو أيضا أول قاض وبرلماني ضليع تلقى تعليمه ببيروت، وقد جاء ذكره وذكر غرفته في رواية
BlackVanguard للكاتب السوري إدوارد عطية التي صدرت في الأربعينات، والذي كان يعمل في مخابرات الجيش البريطاني في السودان. وبالطبع كانت هناك الزيارات العديدة الى منزل محمد صالح الشنقيطي بعد تناول الشاي وبعدها بالتأكيد يذهبون الى الغرفة المهيأة بالأثاث في «الديوان»-الاسم القديم للصالون، المحاط بالزهور. وهي غرفة تبدو عادية من الخارج يهتم بها الشنقيطي يغلقها ويفتحها بنفسه، والكتب بها مرصوصة من الأرض الى السقف ومفروشة بالسجاجيد الفارسية الثمينة والتحف الرومانية. وهذه المكتبة الخاصة تشابه بصورة دقيقة غرفة مصطفى سعيد حيث يسمح للراوي بإلقاء نظرة على الغرفة، وتم إهداء محتويات المكتبة الى جامعة الخرطوم في الذكرى السنوية لرحيله.

وبذا نكون قد حققنا تركيبة الشخصية المعقدة لمصطفى سعيد، في هذه الرواية الشهيرة «موسم الهجرة الى الشمال» ليس استناداً فقط إلى وثائق قرأناها، وإنما إلى حقبة كاملة سنحت الفرصة ان أكون شاهدة على أحداثها.


ايوب صابر 12-24-2011 11:56 AM

الروائي الطيب صالح: أهم شيء صنعته في الرواية العربية


أنني أضأت مناطق مظلمة في الوعي العربي
  • (النوستالجيا).. أو الحنين للوطن.. عنصر طاغٍ على كتاباتي
  • الأعمال مرهونة بأوقاتها.. وفي المستقبل يمكن أن يرى البعض (بندر شاه).. أهم من (موسم الهجرة إلى الشمال)
  • الرجل بمفرده كائن ناقص لا يكتمل نفسيًا أو عقليًا إلا بوجود المرأة
إنه واحد من أجمل الهدايا التي قدمها السودان الشقيق للثقافة العربية. ذلك هو الطيب صالح الذي تقدم له مجلة (العربي) هذه التحية بمناسبة حصوله على جائزة ندوة الرواية العربية التي عقدت أخيرًا في القاهرة, وهي تحية لرجل طالما أغنى حياتنا بالمعنى ووسع من رقعة الرؤيا حين أضاف لنا شهادة عن عالمه في الجنوب.
(طريق الخلاص.. يكمن في تعميق الذات وتنقيتها من ذل الحياة.. ومهاناتالقمع) هذا هو (الطيب صالح) كما جاء على لسان أحد أبطاله وكأنه يصف رؤيته لذاته. حينما تراه تظنه لأول وهلة قرويًا قادمًا لتوه إلى المدينة.. ولو حدثته ستجدهالمفكر المبدع, كلماته تنم عن وجد صوفي أصيل, وتتسم بالزهد والورع وحبه للناس, وحبالناس له. بل إن سيرة المؤلف وأقواله الدالة على مواقفه وعلى تجربته الإبداعيةتضطلع بوظيفة نَصِّية مصاحبة, وتشكل عتبة من أهم العتبات المنفتحة على عوالمهالإبداعية. فـ (الطيب) واحد من كبار المبدعين العرب الذين عرفهم العالم كنموذجلكاتب نجح في فرض ثقافة الجنوب على الشمال, ومازالت روايته الأشهر (موسم الهجرة إلىالشمال) تحظى باهتمام القارئ العربي في كل مكان نظرًا لأنها كانت إحدى الرواياتالعربية التي نجحت في نقل الأدب العربي للعالمية بقدر ما كانت تعبيرًا مفعمًابالمحلية السودانية. تشتم من كلمات نقاده ومريديه رائحة (الطيب) وحالة الود التيأشاعتها كتاباتهم عنه, هؤلاء الذين أحبوا (الطيب صالح) روائيًا وإنسانيًا وأقامواله فوق الورق ما يشبه المهرجان أو الاحتفال الذي أتى أشبه بدفقة حب لكاتب كبيريستحقه. صاحب الوجه الأبنوسي, مبدع, متواضع كالعشب لاتزال في ضحكته تلك البراءةالطفولية التي تجدها لدى العباقرة. الحوار مع عقله متعة حقيقية, فهذا العقل يحملحضارة بأكملها, يتسلح بها, ويقاوم, ويواجه, ويعادي إذا لزم الأمر.. أما وجدانهالنبيل, فيطارحك الشعر, فهو عاشق للغة الراقية.. عربيًا إفريقيًا شرب من ماء النيل, ولم ينس لونه ولا طعمه, عندما سافر إلى لندن وشرب من مياه التايمز الإنجليزي بقيإفريقيا عربيا وإنسانا وفيا لجذوره الأصيلة وكأنه إحدى المدن الدافئة التي ما إنترها حتى تلقي عصا الترحال وتضع حدًا نهائيًا لأسفارك. وشاعرية (الطيب) تنبع مندوامة السحر الفني والفكري ومن مرتفعات عالية من الخيال الإبداعي لروائي عظيم تطربطربًا حقيقيًا بما فيها من غزارة شعرية رائعة. فالطيب صالح شاعر في ثوب روائي وذلكما يجعل الحوار معه بالغ الصعوبة, التقته الصحفية المصرية سوسن الدويك, وكان هذاالحوار:
  • (لا أظن أنني أكتب لأقص على الناس قصة حياتي) هذه إجابتك عن السؤال الدائم حول (مصطفى سعيد) بطل روايتك (موسم الهجرة إلى الشمال).
    ولا جدال في أن النص الأدبي ليس سجلاً لسيرة الكاتب.. ولا ينبغي لها أن تكون.
- ولكنه لدى التحليل الأخير هو محصلة لتفاعلات الكاتب الذاتية في جدلهمع المحيط التاريخي والاجتماعي الذي يتحرك, ويكتب فيه.
وتجارب الكاتب وذكرياته وعلاقاته الاجتماعية وميوله الفكرية والفنيةتشكل المادة الخام التي يستمد منها الكاتب رؤاه, وعوالمه القصصية والروائية, وذلكفي محاولة للرد على بعض النظريات الحداثية في الأدب التي تذهب في مسماها لعزل النصالأدبي عن كاتبه إلى حد التضحية بالكاتب والإعلان عن موت المؤلف إمعانا في نفيالغائية والقصدية, وكل ما هو مشترك عن الكتابة الأدبية كما ذهب إلى ذلك الأديبوالناقد رولان بارت.
  • إلى أي مدى إذن يقترب منك (مصطفى سعيد), أم أنه بعيد تماما عن الطيب صالح?
- لا ليس بعيدًا نهائيًا.. لأن كل شيء يكتبه الكاتب له صلة بنوع مابه.. ولكن أيضا وبتعبير الكاتب الإنجليزي العظيم (جراهام جرين) الكاتب يجب أن يقطعالحبل السري الذي يربطه بالتجربة ويتركه يختلط بأشياء كثيرة, و(مصطفى سعيد) له صلةبي, بقدر ما لـ (محيميد) في (ضو البيت) من صلة بي.
  • أهلك.. قالوا لك: (والله يا هو.. دا كلامنا ذاتو لكن فيهو شوية لَوْلَوَةْ) قلت لهم: (هذه اللولوه) هي التي يسمونها فنًا!!
    هل هذا هو الوجه الآخر لأنصاف الحقائق التي تحدثت عنها?
- بالضبط.. وهذا الحديث الذي ذكرته صحيح.. فهذا قريب لي اسمه محبوبالمبارك, شخصية ظريفة وهو لم يسمع بـ (الإبداع) أو شيء من هذا القبيل ولا يعرفالقراءة ولكنه طلب من أحد الشباب المتعلمين بالقرية أن يقرأ له الرواية, فقرأهافوجده كأنه (كلامه) وهذا التعبير (دا كلامنا ذاتو, لكن فيهو شويه لولوه) على قدربساطته فهو يشير إلى بساطة الناس وفطرتهم الذكية, وهؤلاء(ناس مش لعبة)!! وأناأسميهم خبراءالحياة.
  • (السودان.. أحمله بين جوانحي أينما ذهبت, هذا هو الوجع الأول البدائي واللانهائي) هكذا قلت وكأنك تحمل السودان بين الجوانح, ولا نحس أنك فارقته ولا لحظة.
    ما موقع السودان على خريطة حياتك?
- السودان.. (الهوية) ولدت في أرضه, فيه مهبط رأسي, ويقال إن مهبط رأسالإنسان يظل عالقًا به, ومازلت أرتبط بقريتي الدّبة في الشمال الأوسط من السودان, ولأنني اغتربت عن السودان فالغربة تؤكد إحساس الانتماء..صحيح أنني أرى أن الوجودالجسدي بالمكان ليس مهمًا خصوصًا بالنسبة لكاتب أو لفنان, ولكن إحساس الغربة موجودعندي وأتعامل معه بطرق مختلفة.. تعاملاً لا يخلو من عنصر الوجع ولكن ليس وجعًادائما أو مستمرًا في الـ 24 ساعة في اليوم.. أحيانًا أنساه!!
  • قلت: (هذه البيئة.. هي التي خلقت عالمي الروائي) هكذا يبدو أنك تعلق أهمية خاصة على مرحلة الطفولة والقرية.. فإلى أي مدى لعب هذان العنصران دورًا في صياغة عوالمك الإبداعية?
- أعتقد أن الشخص الذي يطلق عليه كاتب أو مبدع يوجد طفل قابع فيأعماقه, والإبداع نفسه ربما فيه البحث عن هذه الطفولة, والأدب برمته بحث عن فردوسضائع.. وقد كان عالم الطفولة بالنسبة إلي فردوسًا, كان هو العالم الوحيد الذيأحببته دون تحفظ, وأحسست فيه بسعادة كاملة, والحسرة الكبرى في حياتي أن طفولتي فيالقرية لن تعود مرة ثانية!!
فالقرية هي عالم مصغّر من السودان (الميكرو كوزم), العمل الأدبي الذيأبدعه, ولما أريد أن أقوله عن السودان وعن العالم العربي, هي المسرح.. المادةالخام.. هي النافذة على الكون.
وهذا ما فعلته في (عرس الزين) فهي قريبة جدا من الواقع, ومرات أميتهكما فعلت في قصة (ود حامد) وكنت ألعب بالشخصيات كما يلعب المخرج بالشخصيات فيالمسرح.
غير أن في هذا العمل طبعًا عنصر الفن المتعمد.
الفن المتعمد
  • ماذا تعني بتعبير (الفن المتعمد)?
- الفن المتعمد..أي الدفع بالشخصية إلى أقصى مدى ممكن, وأقصى حدودتتحمَّلها.
وهذا التعبير أي (الفن المتعمد) والدفع بالشخصية لأقصى درجات تحملهاأول من قاله (بلزاك) الفرنسي, وأنا أحب بلزاك جدًا, ولي بعض الجهد الإبداعي فيهذاالصدد.
  • هناك من يرى أن لديك اقتناعًا بأن أسلوب التوسل بالتراث لتلوين الرواية العربية بلون محلي هو السبيل إلى إظهار خصوصيتها, وإثبات انقطاع صلاتها بأنماط الرواية الغربية السائدة.. هل ذلك صحيح?
-لا.. لا.. ليس أنا.. ولا يعجبني تعبير (التوسل) وتصورهم هذا خاطئ, فكأنهم يعتقدون أن التراث شيء موضوع عندنا في مخزن, وأحيانًا نفتح عليه ونأخذ منهمثلا.. وهذا خطأ وغير صحيح.
فالتراث معجون فينا, والناس يحملون تراثا يمثل امتدادا لبعض الأشياءولديهم إحساس بذلك, ولعلك لاحظت مثلا الأسماء نفسها في الروايات (عبدالقادر ولدمحجوب) بحيث يصلح الاسم لمجموعة عوالم وليس لشخص معين ممتد لعشرات السنين, وليستحكاية التراث هذه التي يرونها, وأعتقد أن بعض إخواننا الأكاديميين هم من يقولونبهذا الرأي ولكن بالنسبة لي ليس لدي هذا الإحساس ولا أتعامل بهذه الآلية, أنا لديعالم (مادة خام) موجودة وآنا آخذ منها.
طبقات الشخصية
  • هناك آخرون يرون (أن روايتيك الأوليين (موسم الهجرة إلى الشمال), و(عرس الزين) وجدتا رواجًا داخل العالم العربي وخارجه ورفعتا منزلتك إلى مصاف أعلام الرواية العربية, الأمر الذي دفع بك إلى سبر واقع مجتمعك في روايتك الأخيرة (بندر شاه) لتعرب عن المسائل الجوهرية التي تشغل بالك, ولتقوي علاقة لحوقها بالنص الخاص, وتلون نسيجها بلون مرويات التراث الشعبي) ما رأيك?
- إلى حد ما, ولكن ليس الرواج الذي وجدته في (عرس الزين), و(موسمالهجرة) هو الذي دفعني لعمل ذلك.. لا.. ولكن هي رؤية في زمن مختلف فهذا مجتمعمترابط يتحول, له متحولات متعددة, وأنا أكتب أعمل كعالم الآثار في الحفريات, حتىتبدو لي الحقيقة في طبقة إنسانية معينة, وهكذا أظل أحفر, حتى تظهر لي أشياء أخرى, وأمور أخرى لها طبيعة التراكم وهذا الحفر لا نهائي, ولا أحد يصل لنهايته.
  • أول كتاباتك كانت في لندن بالفعل, إذن الغربة لعبت الدور الرئيسي في دفعك للكتابة?
    وربما هذا هو تبرير إعجاب القراء العرب والغربيين بها. ما رأيك?
- أنا واضح جدًا في طريقتي في الكتابة, ولست كاتبًا شديد الإحساسبالقارئ أو الناقد, ولا أنتج إبداعي بهدف الاستمرار في السوق أو من أجل النقاد لا.. لا.. أنا أكتب كما يحلو لي, وبحرية كاملة. لا.. أرفض هذا التفسير نهائيا.. فإذا وجدما أكتبه هوى لدى القراء.. فهذا يرجع للقارئ, وإذا لم يجد هذا الهوى فقد يأتي زمانآخر ويجد!

ايوب صابر 12-24-2011 11:58 AM

تابع ،،،


بعيدًا عن الاستشراق....الطيب صالح
  • ولكن هناك من يرصد أن المتلقي الغربي أبدى إعجابه بعالم الطيب صالح القصصي, لأنه أرضى نظرته الاستشراقية, وأشعره بأن هذا العالم مطابق للصورة التي يحملها عن العرب (الشرق) أو للوضعية التي ينبغي أن تكون عليها تلك المنطقة, وهذه أيضًا رؤية الروائي عبدالرحمن منيف في كتابه (الكاتب والمنفى).
- هذا ظلم فعلا.. لأن (موسم الهجرة إلى الشمال) كانت تحديًا صارخًاللنظرة الاستشراقية, ولي صديق اسمه د.محمد شاهين أستاذ الأدب الإنجليزي بجامعة عمانكتب بأن إدوارد سعيد رحمه الله - وهذا رجل عظيم - ذكر بأن رواية (موسم الهجرة إلىالشمال) كانت من المؤثرات القوية التي اعتمد عليها في كتابه (الاستشراق), والذيتحدى به هذه النظرة الاستشراقية.
وعبدالرحمن منيف - رحمه الله - إذا كان قال هذا الكلام فهو (غلطانجدا), و(موسم الهجرة إلى الشمال) لا تحتاج إلى أن يعترف بها أحد, فالرواية اعترفبها منذ زمن وترجمت الآن إلى 21 لغة على وجه التحديد, وآخر لغة هي اللغة البرتغاليةوقبلت عالميًا على أنها من أقوى الحجج الفنية ضد الاستعمار, فالرواية كلها تتحدىالأوهام الاستعمارية, فكيف يقال عنها وعني إنني أرضيت الاستشراق.
وأعتذر عن الانفعال الزائد لأن هناك بعض الكلام و(التعابير) المجحفةالتي تجعل الإنسان يغتز بنفسه (شوية أكثر).
أما بالنسبة للعالم العربي, فهناك أناس كثيرون من العرب أحبوها وأناسآخرون ينكرونها, لأنها واجهتهم بأشياء ما كانوا يحبون أن يواجهوا بها!!
ولكن أظن أن من أسباب رواج هذه الرواية في العالم العربي أنها صدرت فيوقت له دلالة فقد صدرت في سبتمبر 1966, والعرب كانوا في بلبلة, ويبدو أنهم وجدوا فيهذه الرواية انعكاسا وصدى لما يشعرون به. ثم إن الأعمال الأدبية ظلم لهاتسطيحها.
إنسان غير عادي
  • ذكرت كيف تأثر الكاتب والمفكر إدوارد سعيد بروايتك (موسم الهجرة إلى الشمال) بكتابته حول الاستشراق ووصفته بأنه رجل عظيم وقلت عنه: (إن إدوارد منح الجغرافيا والمكان دورًا أساسيًا, وهذه إضافة أساسية أدخلها بشكل مهم على نظرية الرواية)... وضح لنا ذلك?
- إدوارد سعيد نفسه كان إنسانًا غير عادي, كان رجلاً بشخصه, مهذبًاغاية التهذيب, كان شاملاً في معرفته, كان إدوارد سعيد يعرف لغات, يعرف أدبًا, يعرفموسيقى, كان موسيقيًا محترفًا.
وهو نتاج ثقافات أوربية وعربية, وبالرغم من أنه كان مسيحيًا, فإنه كانأيضًا يعتبر الإسلام جزءًا من ثقافته, وكان إذا كتب أو تكلم يجذب إليه المتلقيفورًا, وكان محاضرًا (فاخرًا), فكان إذا حاضر يأسر الحاضرين والجمهور, وعندما كانيأتي إلى لندن يحاضر, يزدحم الناس على محاضراته, ويصبح المكان صعبًا, ويحسب لهأعمال وإنجازات عظيمة, وطبعًا كان مهتمًا بالإنسانيات, ولكن أهم دور - في اعتقادي - أنه قدم نفسه للغرب بالمعنى الواسع (أمريكا وأوربا) على أنه إنسان عربي بلغ درجةعالية من التحضّر أعلى من التي وصل إليها كثيرون منهم , وأصبح داعية قويًا جدًاللقضايا العربية كلها تتقدمها طبعًا القضية الفلسطينية. وكانت طريقته في طرحالقضايا غير عدوانية نهائيًا, حيث كان يفترض العقلانية في الآخر, ويوقظ فيه إحساسالعدالة, والرغبة في الفهم, وأعتقد أن إدوارد سعيد قام بدور لا تقوى عليه كتائب منالدعاة, وسوف ننتظر كثيرًا حتى يظهر عربي آخر في قامته وعلمه, فأناس كثيرون تحوّلوافي مواقفهم بعد أن فهموا القضايا العربية منه لأنهم أحبّوه واحترموه.
الطيب والقضية الفلسطينية
  • على ذكر القضية الفلسطينية...الطيب صالح ماذا كتب عنها سواء من خلال أدبك أو دورك العام, ماذا قدمت للقضية الفلسطينية?
- لا...(معرفش) والله, وأصل حكاية قدمت إيه? دي صعبة!!...لكن أعتقدمثلا أن رواية (موسم الهجرة إلى الشمال) كلها مرتبطة بالصراع الذي من أعراضه القضيةالفلسطينية, وأتصور أن المطلوب جهد كبير, لابد وأن يكون جماعيًا, فكلنا يجب عليهالمساهمة بالجهد إزاء هذه القضية, وأنا دائمًا أقول: إذا كان الأوربيون استطاعوا أنيفهموا المتنبي, فسوف يفهمون القضية الفلسطينية, فهم إما غير قادرين أو لا يريدونأن يفهموها, ولكن يبقى دورنا في تسليط أكبر كمّ من الأضواء حول القضية لأن هناكظلامًا كبيرًا, وتعتيمًا كاملاً حولها, وأنا أقدم جهدًا متواضعًا حين أشارك فيندوات أو مؤتمرات للقضية الفلسطينية.
والمشكلة بالنسبة للكاتب من أين يبدأ, فالأمور مترابطة, فإذا كتبت عنمعاناة الإنسان السوداني, فهذا مرتبط بمعاناة الإنسان الفلسطيني, وقد كتبت مقالاتكثيرة عن فلسطين وقضايا سياسية أخرى, ولكن لما (الواحد يكتب أدب, دي حكاية ثانيةخالص), لأنه حتى محمود درويش ينبغي النظر إليه على أنه شاعر فقط, وليس بوصفه شاعرًافلسطينيًا, لأن الفن له منطق آخر, وليس ذلك راجعًا إلى مسألة (الفن للفن) ولكنلموقف آخر يخص آلية الإبداع.
  • وماذا عن (النوستالجيا) أو الحنين إلى الوطن واعترافك ذات مرة بأن هناك عنصرًا طاغيًا على كتاباتك وهو (النوستالجيا) حيث قلت إنه الحنين إلى عالم أحسن?
- والله يقال... نعم هناك بعض الناس يقولون إن الأدب كله (نوستالجيا) ينبع من حال حنين غامض لما مضى حتى مع أول لحظة لولادة الطفل, بعض الناس يذهبون إلىأن الطفل حين ولادته ينتابه إحساس أنه يريد العودة إلى الرحم مرة أخرى, وخائف منالدنيا, والله أعلم...ولكن هذا الإحساس قوي جدًا عندي, فأنا أحن إلى الأشياء لأنيآلف الأشياء وآلف الناس والأماكن, فإذا بعدت عنها وافتقدتها أحن إليها.
والشعر العربي القديم مليء بالحنين ومشاعر الافتقاد لدرجة تدمع العين, ولا أستطيع أن أنفي إعجابي بأبي نواس, وأبي العلاء, والمتنبي, فهؤلاء قمم في الشعرالعربي.
  • ... قلت: (إن الحداثة تستمد أصالتها من اعتمادها على التراث خاصة أن هذا التراث شديد الثراء, ويمثل جزءًا كبيرًا من المعطيات الثقافية التي تعد من أهم الروافد الثقافية) كيف تفسر لنا ذلك?
- أظن هذا صحيحًا, فنحن يهمنا أن نحتفظ بميزاتنا التي تميّزنا عن باقيالأمم, فإذا استعرنا صفات أناس آخرين نصبح مسوخًا, إذن لابد وأن نتطور في إطار ماعندنا من سياق تاريخي, وحضاري وتراثنا تراث خصب (مش لعبة)!!
عمومًا أنا لا أشغل نفسي بهذه الأنماط (حداثة...أو ما بعدحداثة...إلخ), أنا أكتب (وخلاص) وطبعًا النقاد والأكاديميون من وظائفهم أن يقرأواالنصوص ويقدروها ويجدوا لها تسميات, أما أنا فلا أشغل نفسي بهذا...
  • ولكن نصية (بندر شاه) تؤكد أن الطيب صالح جعل سمات الحكي التراثي الشعبي تضطلع بوظائف مصاحبة للوظائف التي اضطلعت بها الخصائص الروائية في ذلك النص السردي نظرًا لتعلقك بالجنس الروائي.
    وهذا يشهد بأنك لوّنته بلون مخصوص لتؤكد من ناحية على تميّزك عن النصوص الروائية الكلاسيكية في الأدب الغربي وعن النصوص الروائية السائدة في الأدب العربي, وذلك يثبت من ناحية أخرى إسهامك في دعم نزعة تأصيل الرواية العربية...ما رأيك?
- أشكرك بشدة, وإن صح قولك هذا, وعمومًا أنا أحاول أن أصنع ذلك, ولكنلا أريد أن أبدو مزهوًا بنفسي.
وإيجاد شكل جديد - في رأيي - من المطالب التي لا قيمة لها في الأدب, لأن هناك بعض الروائيين يقول: (أنا هطلع شكل جديد) فنجده يتكلم أكثر مما يبدع, فأشكال الرواية يمكن أن تعد على أصابع اليد, المهم هو المحتوى والأفكار.
والسودان عمومًا بلد إلى حد كبير مجهول حتى بالنسبة لكم في مصر, رغمأنكم أقرب الناس إلينا, إن هذا يحزنني, ولكن يبدو أن ما أفعله جديد, لأنه بالنسبةللقارئ المصري أو السوري أو العراقي, البيئة كلها جديدة عليهم, وهذا حسن, فأنا نجحتفي أن أقدم نمطا وجوديا ومعيشيا في كتلة بشرية مرتبطة بالكتلة البشرية الكبيرة التينقول عنها الأمة العربية, وهذا حسن.
ويبدو لي أن أهم شيء صنعته في الرواية العربية أنني أضأت مناطق مظلمةفي الوعي العربي, ولأن القارئ إذا بذل جهدًا وقرأ فهذا أفضل من التصور, فهنا كتّابكتبوا على النهج نفسه مثل (البشير خير) الذي كتب عن الجنوب التونسي وغلاب منالمغرب, وطاهر وطار من الجزائر, وغالب هلسا من الأردن وسورية ومصر, وهكذا فالأماكنالمظلمة في المخيلة العربية بدأت تضاء, وهذا مهم جدًا حتى ترتبط هذه الأضواء في ذهنالقارئ العربي, ونحس فعلاً أننا أمة واحدة وليس مجرد كلام.

ايوب صابر 12-24-2011 11:59 AM

تابع ..بعيدا عن الاستشراق
  • هكذا كشفت نصية (بندر شاه) الجامعة عن أن العلاقة التي نسجها ذلك النص السردي مع طبقة النصوص المنتمية إلى الجنس الروائي, كثفت خصائصه الأجناسية وأثرت دلالاته...أليس كذلك?
- يسعدني كثيرًا اهتمامك بـ(بندر شاه) لأنني أعتقد - في تقديريالمتواضع - أن في (بندر شاه) شيئا جديرا بالنظر, وفيها ما يؤكد ما ذهبت إليه مناشتغالي كعالم أثري, ففي (بندر شاه) هذا المكان خلطت بين الأسطورة والحلم, الواقعوالتاريخ, فأريد أن أفهم لماذا هذا المكان? وما خصائصه, وأنا أتقصى أيضًا في قضيةالعلاقة بالسلطة, لأن بندر شاه - كما تعلمين - بندر المدينة, وإشكالية الحلم, والمشكلة بالنسبة لنا هي المدينة بمعناها الواسع كيف تدار? وكيف تحكم?, وليسالمدينة ذات الأبنية الشامخة, وذلك بالرغم من أن الوجوديين يرون أن منزلة الفرد فيالمدينة تجسم المنزلة البشرية, وأن فضاء المدنية يغذي شعور الإنسان بالغربة ويعمّقاقتناعه بعبثية الحياة, وقد ترجمت ذلك في موسم الهجرة إلى الشمال, على لسان الراويحين رجع من المدينة إلى القرية وهو يقول: (ونظرت خلال النافذة إلى النخلة القائمةفي فناء دارنا, فعلمت أن الحياة لاتزال بخير...أنظر إلى جذعها القوي, المعتدل, وإلىعروقها الضاربة في الأرض, وإلى الجريد الأخضر المتهدل فوق قامتها, فأحسّبالطمأنينة, أحس أنني لست ريشة في مهب الريح) ولكنني قبل تلك النخلة, مخلوق له أصل, له جذور, له هدف.
  • الطيب صالح, لم يبحث في التراث السردي عن لغة سردية يعبّر بها عن أفكار سياسية مقموعة, وإنما نحا ذلك المنحى ليحسّ التعمّق في المسائل, وانشغال البطل الروائي بهذه الهموم السياسية تعبير واضح عن انشغالك أنت شخصيًا بها...فهل ترى ذلك صحيحًا?
- هذا سؤال صعب جدًا, والكاتب لا يخرج عن جلده حينما يكتب, وهذا فيالهوية السودانية, صحيح أنني أعبّر عن أفكاري في قالب روائي الله أعلم, بمعنى أننيلا أتعمّد أن أناقش أفكارًا سياسية, والسياسة نفسها أصبحت مفهومًا واسعًا مثلالثقافة, فكل شيء تدخل فيه السياسة, يعني هموم الإنسان العادي فيه سياسة, لكن أناأقصد في مكان ما من السودان هو مزيج من الواقع والخيال, أنا أريد أن أستكشفه, وأظندون ادّعاء أنني من أوائل الذين قالوا إن الكاتب كأنه عالم أثري يبدأ (بكومة منالتراب) ثم يظل يحفر... ويلم الأشياء بعضها من بعض و(يطلع) ببعض النتائج أحيانًاويترك الأفكار مفتوحة, وفقًا لبراعته.
  • هناك من يقول إنك أشرت في أحاديث مصاحبة لـ (بندر شاه) إلى تأثر هذا النص بالحادثة أو (الواقعة), والأسطورة والخطاب الصوفي, وحرصت على التنبيه إلى البعد الرمزي في ذلك.. هل تتفق مع هذا الرأي?
- صحيح أنني نبهت لبعض الرمز, لأن الرمز مهم, ولأن الأدب في نهايةالأمر مجاز, ولأنني أستخدم مساحة واسعة في الزمان لابد من استقدام الرمز, ومنذالبداية, منذ كتبت قصة قصيرة اسمها (ود حامد) أجدني من خصائص عملي أنني أنزع إلىخلق أسطورة دائمًا, وأحوّل الواقع إلى أسطورة, وأمزج بقدر ما أستطيع بين الواقعوالأسطورة.
  • وهل ذلك يعني أن استخدامك للأسطورة يعفيك من رفض الواقع كما هو, أم هي حال كشف أكثر للواقع?
- لا...أنا لا أحاول أن أتحاشى الحرج, حتى فيما كتبته بأسلوبي هذا فيهحرج - كما تعلمين - في موسم الهجرة إلى الشمال, هذا أسلوب وهذه طريقة في النظر إلىالأشياء.
  • ربما هذا يتضح جليّا في (بندر شاه) حيث توسل الراوي بمرويات تراثية شعبية انفتح فيها المعقول على اللامعقول, وامتزجت فيها الحقيقة بالخيال...صحيح?
- كما ذكرت لك, هذا أسلوبي في الكتابة, وحتى لو قلنا إننا نظرنالواقعنا أو على الأقل واقع هذا المكان الذي أتحدث عنه, هذا المكان الماضي والحاضروالمستقبل, الواقع والحلم, كل الأمور مخلوطة في حياة الناس, الحياة الكاملة تعني أنالناس يعيشون وهم يحملون كل هذه المكونات.
والغريب في الأمر أن الذين يزعمون بأنهم يكتبون أدبًا واقعيًا يدخلونأنفسهم في (ورطة) لأن الكاتب في هذه الحال مضطر لأن يهمل جميع هذه العناصر, ويأخذالواقع الذي يراه, ويصبح الواقع عبارة عن (قرافة) أو مقابر, بالمناسبة طريقة كتابتيوكتابة جمال الغيطاني, كتابة جميلة جدًا, وفي هذا المعنى أظن نحن أقرب للواقع منالذين يزعمون أنهم واقعيون.
  • (بندر شاه), قمت بتجذيرها في التراث, وعضدت بها مسيرة الرواية العربية على درب التأصيل, هل ترى أن هذا الاتجاه كان له دخل في تعتيم خطابها وحجب قيمتها الحقيقية?
- لا أظن بأي حال...وهذا عمل لم يكتمل بعد, والنقاد تحاشوها لأنهاتحتاج إلى جهد أكبر في الدراسة, وهذا غير مهم بالنسبة لنا, لأن الأعمال مرهونةأصلاً بأوقاتها, ويمكن في المستقبل يرى البعض أن (بندر شاه) أهم من (موسمالهجرة).
  • الحق أن هناك أكاديميين اهتموا بشكل خاص بـ(بندر شاه) فقد قام د. فوزي الزمرلي (بجامعة منوبة) في تونس بمقاربة الرواية مقاربة شعرية ليقف على علاقاتها بالنصوص المنتمية إلى الجنس الروائي, ومن ناحية أخرى بالنصوص التراثية.
    وقال: (إن الطيب صالح أقام نص (بندر شاه) ليرصد واقع المجتمع السوداني إثر اتصاله بالغرب, ونظرًا لاتساع فضاء ذلك الجنس الأدبي, فقد قام بتوظيف شتى أنماط التعبير من دون أن يخرج بذلك عن حدود جنسه الخاص)....ألا يعد ذلك اهتمامًا أكاديميًا?
- هذا كلام جميل جدًا, إذا كنت فعلت كل هذا, وهذه قضيتنا, فلو نعملإشارة إلى هذه الطريقة أو سياسة بهذه الطريقة ونطور الاقتصاد أيضًآ فسنكون قمنا بحلمشكلتنا.
  • اختلف النقّاد كثيرًا حول أعمالك, فقد كتب رجاء النقاش في نقده لـ(موسم الهجرة إلى الشمال): (إن الرواية تعالج المشكلة الرئيسية التي عالجها من قبل عدد من كبار الكتّاب العرب, إنها المشكلة نفسها التي عبّر عنها توفيق الحكيم في روايته (عصفور من الشرق), وعبّر عنها بعد ذلك يحيى حقي في روايته (قنديل أم هاشم) وعبّر عنها الروائي اللبناني سهيل إدريس في روايته (الحي اللاتيني) وأقصد بذلك, مشكلة الصراع بين الشرق والغرب, وكيف تواجه الشعوب الجديدة هذه المشكلة).كيف ترى ذلك?
- أولاً أحترم رؤية الأستاذ رجاء النقاش لأن الناقد من حقه أن ينظركيفما يشاء, وهذه الحرية مكفولة للكاتب المبدع وللناقد أبضًا.
أما بالنسبة لرأي د.يوسف نور عوض عن (موسم الهجرة) فأنا لا أزعم لنفسيهذا - لكن هي عمل مختلف حقيقة إذا صدق - وربما جاء هذا الاختلاف عن عمل أساتذةأجلاّء لأنهم كتبوا في مرحلة مختلفة من طبيعة الصراع مع الغرب حيث كان الصراع وقتهافي ذروته, فقد كانت هناك حرب الاستقلال في الجزائر, وفي مصر صدام عنيف جدًا معالغرب, وقضية فلسطين, لذا كان من المستحيل أن أكتب كما كتب يحيى حقي, وتوفيقالحكيم, أو سهيل إدريس, فربما رؤيتي نفسها اختلفت في النظر إلى المسألة كلها, فربماما رأيته إذا لم نقل إنه صراع, فهو مواجهة, وهم أقاموا علاقة رومانسية إلى حدكبير.
ثم إنني من السودان - وهم عرب من حوض البحر المتوسط, وهذه المنطقةتعاني نوعًا من الالتباس, فقد يخيل لبعض العرب في هذه المنطقة أنهم أوربيون, لأنهممن هذه المنطقة قريبون من اليونان, ونحن لا ندّعي هذه الحكاية, فنحن واضحون وحريصونومختلفون, وأنا كتبت بهذا الإحساس, إلى جانب أنني عشت في لندن سنوات أطول, وتعمّقتفي حياتهم أكثر من هؤلاء الأساتذة (من واقع الغربة

ايوب صابر 12-26-2011 12:25 PM

الطيب صالح
- ولدعام (1348هـ - 1929م) في إقليم مروي شمالي السودان بقرية كَرْمَكوْل بالقرب من قريةدبة الفقراء وهي إحدى قرى قبيلة الركابية التي ينتسب إليها،وتوفي في أحدي مستشفياتالعاصمة البريطانية لندن التي أقام فيها في ليلة الأربعاء 18 شباط/فبراير 2009.
- عاش مطلع حياته وطفولته في ذلك الإقليم، وفي شبابه انتقلإلى الخرطوم لإكمال دراسته فحصل من جامعتها على درجة البكالوريوس في العلوم.
- سافرإلى إنجلترا حيث واصل دراسته، و غيّر تخصصه إلى دراسة الشؤون الدوليةالسياسية.
- تنقل بين عدة مواقع مهنية فعدا عن خبرة قصيرة في إدارة مدرسة، عمللسنوات طويلة من حياته في القسم العربي لهيئة الإذاعة البريطانية, وترقى بها حتىوصل إلى منصب مدير قسم الدراما,
- وبعد استقالته من البي بي سي عاد إلى السودان وعمللفترة في الإذاعة السودانية.
- هاجر إلى دولة قطر وعمل في وزارة إعلامها وكيلاًومشرفاً على أجهزتها.
- عمل بعد ذلك مديراً إقليمياً بمنظمة اليونيسكو في باريس, وعملممثلاً لهذه المنظمة في الخليج العربي.
- ويمكن القول أن حالة الترحال والتنقل بينالشرق والغرب والشمال والجنوب أكسبته خبرة واسعة بأحوال الحياة والعالم وأهم من ذلكأحوال أمته وقضاياها وهو ما وظفه في كتاباته وأعماله الروائية وخاصة روايتهالعالمية ( موسم الهجرة إلى الشمال( .
- كتابته تتطرق بصورة عامة إلى السياسة،والى مواضيع أخرى متعلقة بالاستعمار، والمجتمع العربي والعلاقة بينه وبين الغرب.
- علاقة مصطفى سعيد بطل - روايته موسم الهجرة الى الشمال- بالأنثى هي دائماً علاقة آخرها موت مدمر إذ إن "مصطفى" ـ گما يلاحظ المؤلف ـ ينتقم في شخص الأنثى الغربية لسنوات الذل والقهر والاستعمار لينتهي بها الأمر إلى قتل نفسها بنفسها.
- للموت سلطاناً لا ينگر على عالم الطيب صالح الروائي فقد وفق الروائي من خلال بناء هذا العالم في تقديم عطيل جديد ومصطفى سعيد عطيل القرن العشرين الذي حاول عقله أن يستوعب حضارة الغرب لا يبالي ولا يهاب، له القدرة على الفعل والإنجاز، يحارب الغرب بأسلحة الغرب.
- السودان أولا البيئة الشعبية السودانية هي العالم الوحيد الذي تدور فيه كل أجواء رواياته وقصصه القصيرة التي كتبها••
- يقول " عندما تركت قريتي وسافرت إلي لندن ساورني طويلاً هذا الإحساس، الإحساس بأنني خلية زرعت في مدينة كبيرة زراعة اصطناعية، لذلك لم أحس إطلاقاً بالراحة النفسية التي كنت أحس بها في قريتي•
- هذا الحنين الجارف إلي الجذور يتكرر في أكثر من موضع من سيرة الطيب صالح، وهذا الحنين وحده كان دافعه إلي الإبداع، وهو لم يعتبر نفسه أبداً مبدعاً علي مستوي الإحتراف، وإلي ما قبل مغادرته السودان إلي لندن في عام1953م، لم يكن كتب سوي محاولتين قصصيتين، مزقهما، وأنتهي الأمر عند هذا الحد
- يقول الطيب صالح عن روايته الأكثر شهرةً "موسم الهجرة إلى الشمال": <<أردتُ أن أكتب روايةً مثيرةً أصفُ فيها جريمة الحب>> بعد أن <<افتتنتُ بالصّراع بين إله الحب والموت، فإذا بها بعد أن أكملتها، قد جاءت على غير ذلك. فهي تصوّر هذا العالم المُشوّش الذي نحاول جاهدين، كبشرٍ، إلى إعطائه بعض المعنى. لقد شحنت موسم الهجرة بالغُربة، إلى حدٍ كبيرٍ. و
- أبطاله يختفون فجأةً إمّا انتحارًا أو غرقًا، أو ربّما هروبًا وانسحابا،
- تناولتِ روايته -موسم الهجرة الى الشمال - الموتَ كسلطانٍ بأنواعِهِ وطرُقِهِ، مِن وفاةٍ وقتلٍ وانتحارٍ، بمعانيهِ ودوافعِهِ، بدلالاتِهِ بالنّسبةِ للأنثى وللرّجلِ، مِن ذلٍّ وضعفٍ ورفضٍ وخطيئةٍ وإثمٍ وكبرياءَ وعنفٍ وتضحيةٍ وانتقامٍ.
- يقول ان" ألإبداع نفسه ربما فيه البحث عن هذه الطفولة, والأدب برمته بحث عن فردوسضائع..
- يقول أن يوافق مع من يقول بان الأدب كله ينبع من حال حنين غامض لما مضى حتى مع أول لحظة لولادة الطفل, وأن هذا الإحساس قوي جدًا عنده, فأنا أحن إلى الأشياء لأنيآلف الأشياء وآلف الناس والأماكن, فإذا بعدت عنها وافتقدتها أحن إليها.
لا يوجد تفاصيل عن طفولة الطيب صالح ولا يوجد أي ذكر لوالده أو والدته وكيف كانت عليه حياته في القرية، لكن هناك ما يشير إلى انه كان يحن إلى تلك الطفولة والى البيئية التي تربى وعاش فيها وانعكست في رواياته جميعها على الرغم مما فيها من بؤس وشقاء يمكننا أن نتخيله كونه أبن قرية نائية في شمال السودان ولد في بداية الثلاثينيات من القرن الماضي قرن كان مضطرب بالحروب والاستعمار والفقر.

لكن يبدو أن عاملي الترحال والغربة كانت أكثر العوامل تأثيرا على الطيب صالح لكن لا يمكننا آن نتجاهل حضور الموت في أدبه خاصة روايته موسم الهجرة إلى الشمال المسكونة بالموت..غم ذلك سنعتبر انه مجهول الطفولة.

مجهول الطفولة

ايوب صابر 12-27-2011 01:53 PM

والان مع سر الافضلية في رواية - 25- ذاكرة الجسدأحلام مستغانمي الجزائر

ذاكـــــــــــــرة الجســـــــــد

رواية من تأليف الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي ، وهي حائزة على جائزة نجيب محفوظ للعام 1997. صدرت سنة 1993 في بيروت. بلغت طبعاتها حتى فبراير 2004 19 طبعة. بيع منها حتى الآن أكثر من 3000000 نسخة (عدا النسخ المقرصنة).


اعتبرها النقّاد أهم عمل روائي صدر في العالم العربي خلال العشر سنوات الأخيرة، وبسبب نجاحاتها أثيرت حولها الزوابع مما جعلها الرواية الأشهر والأكثر إثارة للجدل.
ظلّت لعدة سنوات الرواية الأكثر مبيعاً حسب إحصائيات معارض الكتاب العربية (معرض بيروت – عمّان- سوريا- تونس- الشارقة). صدرت عن الرواية ما لا يحصى من الدراسات والأطروحات الجامعيّة عبر العالم العربي في جامعات الأردن، سوريا، الجزائر، تونس، المغرب، مرسيليا، والبحرين.

اعتمدت للتدريس في عدة جامعات في العالم العربي وأوروبا منها: جامعة السوربون، جامعة ليون، و(إيكس ان بروفنس) و(مون بوليه)، الجامعة الأمريكية في بيروت، الجامعة اليسوعية، كلّيّة الترجمة، والجامعة العربية بيروت. كما اعتدمت في البرنامج الدراسي لعدة ثانويات ومعاهد لبنانية. كانت نصوصها ضمن مواد إمتحانات الباكلوريا في لبنان لسنة ‏2003‏‏.
رواية بمنتهى الدقة في البناء .. رواية جمعت كل مشارب الحياة؛ من تاريخ، جَــغرافيا، فلسفة وأدب .. رواية يصعب معها التصديق والتكذيب .. رواية تشكل مهرجانا لملتقى الثقافات؛ حيث تعدُّدُ الأقطار( لبنان ، الجزائر، فلسطين، فرنسا …) وسجِلاّ لكتبٍ وكتـابٍ عرفهم التاريخ أو جعلوا التاريخ يعرفهم، فسجّــل رُغمـاً عنه أسماءهم، إنه استثمار لمقرؤ أحلام مستغانمي.
ليس هذا فحسبُ، بل هي كتاب في التنظير للكتابة الإبداعية خاصة الرسم منها .. كتاب , رواية تدفعك إلى التشكيك في كل شئ وطرح أسئلة تحمل تناقضات .

تحميــل رواية ......................... ذاكـــــــرة الجســـــــــد

من هنــــــــــــــــــــا

http://www.4shared.com/file/50357054...a/___.html?s=1

==
خلاصة الرواية</SPAN>

رسام يدعى "خالد بن طوبال " فقد ذراعه أثناء الحرب ويقع في غرام فتاة جميلة، هي ابنة مناضل جزائرى كان صديقاً لخالد أثناء ثورة التحرير، لكنه قُتل أثناء الحرب التحريرية الكبرى ضد الاستعمار الفرنسي للجزائر.اما هي فتغرم بصديق له وهو مناضل في الثورة الفلسطينية لكنها تواجه تقاليد مجتمعها خاصة بعد زواجها من ضابط كبير ذو نفوذ ضخم في الحكومة الجزائرية.
الإنتاج الفني</SPAN>

إشترت شركة أفلام مصر العالمية سنة 1998 حقوق الرواية لإنتاجها سينمائياً، لكن بطلب من المؤلفة ألغي العقد سنة 2001. كما أبدى الممثل العربي القدير نور الشريف أكثر من مرّة أمنيته في نقل هذا العمل إلى السينما في فيلم ضخم، وعد بإيصاله إلى مهرجان كان العالمي. كما تداولت الصحافة العربية لعدة سنوات أسماء ممثلات رشحّن لأداء الدور النسائي في هذا الفيلم.
تستعدّ الفنانة الجزائرية أمل بوشوشة لخوض تجربتها الأولى في الدراما التلفزيونية عبر مسلسل "ذاكرة الجسد"، بعدما انطلقت في الغناء وتقديم البرامج. المسلسل يتألف من 30 حلقة وسيُعرض خلال شهر رمضان المقبل 2010 على شاشة "أبوظبي"، من إخراج السوري نجدة إسماعيل أنزور الذي سيضفي على الأحداث أسلوباً مشوّقاً.
تجسّد أمل بوشوشة شخصية "حياة"، ابنة مناضل جزائري استشهد أثناء الحرب التحريرية الكبرى ضد الاحتلال الفرنسي بهدف نيل الاستقلال. يُغرم بها رفيق والدها في الجهاد المسلّح والموكل للحفاظ على أسرتها المؤلفة منها ومن والدتها وشقيقها، بينما تُغرم هي بصحافي وكاتب فلسطيني يناضل في سبيل القضية الفلسطينية

ايوب صابر 12-27-2011 01:54 PM

ذاكرة الجسد
الرواية الحائزة على جوائز عدة ، والأولى التي تكتب من قبل امرأة جزائرية باللغة العربية. وتحكي الرواية عن نضال الجزائر ضد الهيمنة الأجنبية ، والكفاح في مرحلة ما بعد الاستقلال، بالاضافة الى مصير المثل الثورية في مجتمع ما بعد الثورة.
وتمتد الرواية لأكثر من أربعة عقود من التاريخ الجزائري ، من الأربعينيات الى الثمانينيات. وتدور حول علاقة حب بين خالد، مناضل في منتصف العمر الذي يمتهن الرسم بعد خسارته ذراعه اليسرى أثناء مقاومته ضد الاستعمار، وبين كاتبة شابة، ابنة صديقه المناضل سي الطاهر. وتسرد الرواية ببراعة من خلال صوت خالد.
من أهم ما يميزهذه الرواية تجسيد الكاتبة أحلام مستغانمي المقنع للصوت الذكوري جنباً إلى جنب مع تقنيات السرد. وربط الكاتبة بمهارة أهم انجازات الأدب العالمي بأساليب السرد بالطريقة التقليدية و المحلية، مما أعجب بشكل خاص
لجنة التحكيم بجائزة نجيب محفوظ للأدب التي حصلت عليها الرواية.
الجوائز
جائزة نور: أفضل عمل لكاتبة باللغة العربية من قبل مؤسسة نور بالقاهرة في عام 1996.
جائزة نجيب محفوظ ، ما يعادل الـ"concourt" ، وقدمت للأديبة من قبل الجامعة الاميركية في القاهرة في عام 1998.
في عام 1999 ، نالت عاى جائزة الأستاذ جورج طربيه. تكريم سنوي لأفضل عمل أدبي نشر في لبنان.
النشر
نشرتها دار الآداب في بيروت عام 1993. في طبعتها الرابعة و الثلاثين اليوم، والتي تعتبر سابقة في تاريخ الأدب العربي المعاصر.
وترجمت الرواية إلى لغات عدة منها : الإنكليزية والإيطالية والفرنسية. ويجري حالياً ترجمتها إلى: الألمانية و الاسبانية والصينية والكردية.
المناهج الجامعية
وقد اعتمدت الرواية في المناهج الجامعية لجامعات عالمية وعربية عدة، من أهمها (جامعة السوربون في باريس وجامعة ليون و جامعة ماريلاند في واشنطن والجامعة الأميركية في بيروت والقاهرة وجامعة عمّان وجامعة الجزائر وجامعة القديس يوسف في بيروت). بالاضافة الى اعتمادها في منهاج الدبلوم للمدارس الثانوية اللبنانية. وقد كانت الرواية موضوعاً لأطروحات الدكتوراه والبحوث الجامعية أيضاً.
المصدر : موقع احلام
http://www.ahlammosteghanemi.com/ARABIC/BOOK%20PAGES/memory.html

ايوب صابر 12-27-2011 01:55 PM

ذاكرة الجسد:
كلما ابتعدت عن رواية أحلام الأولي من ثلاثيتهاأعادتني اليها أحداث أيامي و كـأنها قصدت أن تشير الى معاني عميقة بين السطور تنقشبداخلك بدون أن تدري فتتجاوزك الى ابعد حد لتصير جزء من ايامك و لياليك فكلما عشتموقفا استحضرت فيه بعضا من كلمات احلام ....

تقول أحلام ببعض روائع سطورالرواية:
"
هل الورق مطفأة للذاكرة؟
نترك فوقه كل مرة رماد سيجارة الحنينالأخيرة , وبقايا الخيبة الأخيرة. .

من منّا يطفئ أو يشعل الآخر ؟
لاادري ... فقبلك لم اكتب شيئا يستحق الذكر... معك فقط سأبدأ الكتابة. "

اماجملتها المرعبة بالمقدمة فهي مرعبة من شدة ابداعها:
"
الحب هو ما حدث بينناوالادب هو ما لم يحدث " .
فعلا الادب بداخل كل انسان يكمل تصوراته و فهمه للحبفيتجاوز مجرد الاحساس به الى اكثر مما قد يتصور ..
يومها تذكرت حديثاً قديماًلنا . عندما سألتك مرة لماذا اخترتِ الرواية بالذات. وإذا بجوابك يدهشني .
قلتيومها بابتسامة لم أدرك نسبة الصدق فيها من نسبة التحايل:

"
كان لا بد أنأضع شيئا من الترتيب داخلي.. وأتخلص من بعض الأثاث القديم . إنَّ أعماقنا أيضا فيحاجة إلى نفض كأيّ بيت نسكنه ولا يمكن أن أبقي نوافذي مغلقه هكذا على أكثر من جثة ..
إننا نكتب الروايات لنقتل الأبطال لا غير, وننتهي من الأشخاص الذين أصبحوجودهم عبئاً على حياتنا. فكلما كتبنا عنهم فرغنا منهم... وامتلأنا بهواء نظيف ..." .

وأضفت بعد شيء من الصمت:

"
في الحقيقة كل رواية ناجحة, هي جريمة مانرتكبها تجاه ذاكرة ما. وربما تجاه شخص ما, على مرأى من الجميع بكاتم صوت. ووحدهيدري أنَّ تلك الكلمة الرصاصة كانت موجّهة إليه
...
والروايات الفاشلة, ليستسوى جرائم فاشلة, لا بد أن تسحب من أصحابها رخصة حمل القلم, بحجة أنهم لا يحسنوناستعمال الكلمات, وقد يقتلون خطأ بها أيّ احد .. بمن في ذلك أنفسهم , بعدما يكونونقد قتلوا القراء ... ضجراً !".
فكيف اخترتي يا احلام كلماتك؟ كيف لخصتي مواقفالحياة السياسية و الجغرافية و النفسية و الرومانسية برواية قال عنها نزار انهاقصيدة و ما هي بقصيدة فقط بل ملحمة رائعة كلها احاسيس...

للمزيد من مواضيعي

المصدر : شهد موقع منتديات جيهان

ايوب صابر 12-27-2011 01:57 PM

أحلام مستغانمي
عن الأديبة
في مهنة تمتد على مدى ثلاثون عاماً، أصبحت أحلام مستغانمي صاحبة الروايات الأكثر مبيعاً و من أبرزها "ذاكرة الجسد"، "فوضى الحواس"، "عابر سرير" وآخركتاب لها "نسيان كم". واعتبرت أحلام مستغانمي أول امرأة جزائرية تكتب رواياتها باللغة العربية وأول كاتبة عربية معاصرة تباع ملايين النسخ من أعمالها، مهيمنة على قائمة المبيعات للكتب لسنوات في لبنان والاردن وسوريا وتونس والإمارات العربية المتحدة.
تلقت أحلام مستغانمي في عام 1998 جائزة نجيب محفوظ عن "ذاكرة الجسد"، وهي رواية تحكي عن كفاح الجزائر ضد الهيمنة الأجنبية والمشاكل التي ابتليت بها الأمة الناشئة بعد استقلالها. لجنة منح الجائزة وصفت الكاتبة بأنها "الضوء الذي يشع في هذا الظلام المعتم. فقد كانت قادرة على الخروج من المنفى اللغوي الذي نفي به المثقفين الجزائريين من قبل الاستعمار الفرنسي".
كافح محمد شريف والد أحلام مستغانمي ، من مواطني قسنطينة، ضد الاحتلال الفرنسي وخسر شقيقيه في مظاهرة مناهضة للفرنسيين في منتصف الأربعينيات . ولقد كان من المطلوبين من قبل الشرطة الفرنسية لنشاطاته في أعمال المقاومة، وتوجه مع عائلته إلى تونس، حيث عمل مدرساً للغة الفرنسية. وعندها ولدت أحلام أول طفل له، في جو مشحون بالسياسة وقبل سنوات قليلة من الثورة الجزائرية في 1954 . وكان منزل والدها في تونس منزل منتصف الطريق لمقاتلي المقاومة الجزائرية.
بعد الاستقلال في عام 1962، عادت العائلة إلى الجزائر لتستقر في الجزائر العاصمة. أرسل الأب ابنته البكر الى أول مدرسة عربية في الجزائر، مما جعل أحلام واحدة من أوائل جيلها لتلقي التعليم باللغة العربية.
وقع الشريف مريضاً بسبب الخلافات السياسية بالجزائر وقبل وقت قصير من عيد ميلاد أحلام الثامن عشر، مما أجبرها على العمل في الإذاعة الجزائرية لإعالة أسرتها. فصارت تعدّ وتقدّم برنامجًا يوميًا يبثّ في ساعة متأخرّة من المساء تحت عنوان "همسات" الذي ساهم في ترسيخها كشاعرة واعدة. و أول ما نشر لها مختارات من الشعر تحت عنوان "على مرفأ الأيام " في عام 1973 في الجزائر. وتابعت في عام 1976 في اصدار مختارات أخرى من الشعر بعنوان (الكتابة في لحظة عري).
ذهبت أحلام مستغانمي في 1970 لتقيم في باريس حيث تزوّجت من صحفي لبناني وكرست بعدها حياتها لأسرتها. وفي 1980 حصلت على درجة الدكتوراه من جامعة السوربون لتصدر بعد ذلك روايتها الاولى "ذاكرة الجسد" في عام 1993. أصبحت الرواية الآن في طبعتها الرابعة و الثلاثين وبيع منها أكثر من مليون نسخة. وواصلت الأديبة نجاحها مع "فوضى الحواس" (بيروت – 1997) و "عابر سرير" (بيروت – 2003) كروايتين مكملتين لذاكرة الجسد.
إن رواية ذاكرة الجسد هي تيارمن الأحاسيس مهداة لوالد الأديبة وإلى الروائي والشاعر الجزائري الفرنكوفوني الراحل مالك حداد (1927-1978)، الذين قرر بعدم الكتابة بأي لغة أجنبية بعد الاستقلال، ولكن انتهى الأمر به بكتابة لا شيء. كما تشير مستغانمي في اهدائها، حداد "مات شهيدا محباً للغة العربية".
كتابات مستغانمي التي تثير الحنين إلى أمة "تعيش فينا ولكننا لا نعيش فيها ". وهي الآن مقيمة في بيروت ، وتعبر أعمالها الأدبية عن عاطفتها للجزائرالتي تشتاق لها، وخيبة الأمل في جيل لم يتمكن من بناء أمة قوية بعد 130 سنة من الاستعمار. وصلت رواياتها إلى أبعد الحدود لتحكي قصة الأحلام التي لن تتحقق وتنتهي بنهاية مأساوية، مما يجعل حكاياتها ذات تأثير كبير على القراء من مختلف أنحاء العالم العربي.
أعمالها الأدبية في المناهج الدراسية
وقد اعتمدت روايات أحلام مستغانمي في المناهج الدراسية لعدة جامعات والمدارس الثانوية في جميع أنحاء العالم، و كذلك قامت عشرات الرسائل الجامعية والأبحاث على أعمالها. ومن الجدير بالذكر أن وزارة التربية الفرنسية استخدمت أجزاء من رواية ذاكرة من الجسد لاختبارات البكالوريا الفرنسية في عام 2003 في خمسة عشر بلداً حيث اختار الطلاب اللغة العربية كلغة ثانية. وقد ترجمت أعمالها إلى لغات أجنبية عدة من قبل دور نشر مرموقة، بما في ذلك كتب الجيب بالفرنسية والانكليزية.
حاضرت أحلام مستغانمي وعملت كأستاذ زائر في العديد من الجامعات في مختلف أنحاء العالم بما في ذلك : الجامعة الأميركية في بيروت 1995، جامعة ميريلاند 1999، جامعة السوربون 2002، جامعة مونبلييه 2002، جامعة ليون 2003، جامعة ييل 2005، معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في بوسطن 2005، جامعة ميشيغان 2005.
الجوائز والأوسمة
تسلمت درع بيروت من محافظ بيروت في احتفال خاص أقيم في قصر اليونسكو. حضر الحفل 1500 شخص، متزامناً مع صدور كتابها "نسيان كم" في 2009.
اختيرت من قبل مجلة فوربس الكاتبة العربية الأكثر نجاحاً مع مبيعات تخططت الـ 2,300,000 . وواحدة من عشر نساء الأكثر تأثيراً في العالم العربي والمرأة الرائدة في مجال الأدب.
تلقت درع مؤسسة الجمار للإبداع العربي في طرابلس، ليبيا في 2007.
اختيرت كالشخصية الثقافية الجزائرية لعام 2007 من قبل مجلة الأخبار الجزائرية ونادي الصحافة الجزائرية.
اختيرت لمدة ثلاث أعوام على التوالي 2006 و 2007 و 2008باعتبارها واحدة من الشخصيات العامة المائة الأكثر نفوذاً في العالم العربي من قبل مجلة أريبيان بزنس، وحلت في المرتبة رقم 58 في 2008.
سميت المرأة العربية الاكثر تميزاً لعام 2006، وقد تم اختيارها من بين 680 مرشحة من قبل مركز دراسات المرأة العربية في باريس / دبي.
نالت وسام الشرف من الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في 2006.
تلقت وسام التقدير والامتنان من مؤسسة الشيخ عبد الحميد بن باديس ، قسنطينة 2006.
تلقت من لجنة رواد لبنان وسام لأعمالها في عام 2004.
حصلت على جائزة جورج طربيه للثقافة والإبداع، في لبنان 1999.
حصلت على جائزة نجيب محفوظ لروايتها "ذاكرة الجسد" في عام 1998.
حصلت على جائزة مؤسسة نور للإبداع النسائي في القاهرة عام 1996.

ايوب صابر 12-27-2011 01:58 PM

احــــــلام مستغانمي

أحلام مستغانمي ولدت في ( 13 أبريل 1953 ) كاتبةجزائرية.
من مواليد تونس، ترجع أصولها إلى مدينة قسنطينة عاصمة الشرق الجزائريحيث ولد أبوها محمد الشريف حيث كان والدها مشاركا في الثورة الجزائرية،ّ عرف السجونالفرنسية, بسبب مشاركته في مظاهرات 8 ماي 1945 .
وبعد أن أطلق سراحه سنة 1947 كانقد فقد عمله بالبلدية, ومع ذلك فإنه يعتبر محظوظًا إذ لم يلق حتفه مع من مات آنذاك 45 ألف شهيد سقطوا خلال تلك المظاهرات، وأصبح ملاحقًا من قبل الشرطة الفرنسية, بسبب نشاطه السياسي بعد حلّ حزب الشعب الجزائري. الذي أدّى إلى ولادة حزب جبهةالتحرير الوطني fln .

عملت في الإذاعة الوطنية مما خلق لها شهرة كشاعرة، انتقلت إلىفرنسا في سبعينات القرن الماضي ، حيث تزوجت من صحفي لبناني، وفي الثمانينات نالتشهادة الدكتوراة من جامعة السوربون. تقطن حاليا في بيروت. وهي حائزة على جائزة نجيبمحفوظ للعام 1998 عن روايتها ذاكرة الجسد.
أحلام مستغانمي كاتبة تخفي خلفروايتها أبًا لطالما طبع حياتها بشخصيته الفذّة وتاريخه النضاليّ. لن نذهب إلىالقول بأنّها أخذت عنه محاور رواياتها اقتباسًا. ولكن ما من شك في أنّ مسيرة حياتهالتي تحكي تاريخ الجزائر وجدت صدى واسعًا عبر مؤلِّفاتها.

***
اعمــــــــــــــــالها :
-
مرفأ الأيام عام 1973.
-
كتابة في لحظة عري عام 1976.
-
ذاكرة الجسد عام 1993.
-
فوضى الحواس 1997.
-
عابر سرير 2003.
-
مقالات أحلام مستغانمي
-
أكاذيب سمكة 1993م
-
الكتابة في لحظة عري 1976
-
الجزائر، امرأة ونصوص 1985م.

ايوب صابر 12-27-2011 02:05 PM

أحلام مستغانمى

أنا إمرأة ساذجة جدّا.. و أمنيتى أن أختفى عن الجميع

10-25-2008 05:32 PM
إنها إمرأة من الزمن الجميل، تشعر وأنت تتحدث إليها أنها بسيطة وتكاد تقول ساذجة وربما إشتركنا مع رأى زوجها الصحفى جورج الراسى فى القول: إنها غبية فى الحياة ذكية فى الكتابة...

أحب أحلام مستغانمى منذ حرفها الأول &quot; فى ذاكرة الجسد &quot; تلك الرواية الفظيعة التى هزت القارئ العربى فإنبرى منتصرا لما تكتبه هذه الجزائرية / التونسية من لذة قل أن تجد لها نظيرًا بين نظيراتها فى الوطن العربى هذا الوطن المنخور بسكين القهر و الخوف والإختفاء خلف جدران الصّمت...

لم يكن ذلك المساء عاديا فقد هزتنى أبو ظبى بناطحات السحاب والضباب والبحر الذى يفرش اليابسة والجمال الأخاذ الذى قل أن عثرت عليه فى حياتى ورحلاتى مشرقًا و مغربًا... كانت أحلام جميلة جدّا ذلك المساء إلى الحد الذى أغرتنى فيه... بإجراء حوار... وياله من حوار... أولا لأننا اتفقنا على ربع ساعة تسجيل وثانيا لأن أحلام طلبت منى سلفا أن لا أوقظ فيها كثيرًا من المواجع...

ثمة أشياء كثيرة أردت أن اقولها لأحلام لكن حاجزًا من الخجل منعني، و لكن الأهم من كل ذلك أن هذا اللقاء المطوّل مع أحلام مستغانمى جرى فى لحظة صدق أبعد ما تكون عن ميزة هذا الواقع العربى المتقلب....

* أحلام مستغانمى فى أبو ظبي... ماذا بينك وبين الإمارات والحال أننا نعرف أنك مقيمة فى لبنان منذ سنوات ؟
بينى وبين الإمارات العربية المتحدة صفحة اسبوعية فى مجلة هذا أولا، أما ثانيًا فأنا أحب طيبة الناس هنا فى هذا البلد وجمالهم، و رغم أننى فى الواقع أتعامل مع الإعلام هنا فإن حضورى المادى نادر جدًّا لأننى غير متوفرة دائما فى كل مكان بإستمرار لأننى عندما أكون مجنونة أختفى ... وأنا أحسن هذه اللعبة العاطفية التى أمارسها مع نفسى أولا ومع الناس فى مرحلة ثانية، لا أحب أن أكون فى المتناول...

جئت إلى أبو ظبى فى إطار مشروع أقوم بإعداده وهو المتمثل فى تحويل&quot; ذاكرة الجسد &quot;إلى مسلسل تلفزيونى ستعده قناة أبو ظبى الفضائية لرمضان المقبل فى بيروت... والآن نحن بصدد دراسة قضية الإختيارات : الممثلون، المخرج وقد تم منحى حرية المساهمة فى الإعداد والتفكير والإشراف على السيناريو والأشراف على مختلف المراحل...

* المتابعون لمسيرة أحلام مستغانمى التى ظهرت بقوة يقرون بأنك فى كتابك الأخير &quot; عابر سرير &quot; بقيت محافظة على نفس الرّوح التى كتبت بها كتابك الأول &quot; ذاكرة الجسد &quot;... هل أنت مقتنعة بهذا الرأى ؟
ربما كان لهؤلاء المتابعين نصيب من الحقيقة... والحقيقة أننى عندما كتبت &quot;عابر سرير &quot; كنت تحت تأثير الحملة الشرسة التى شنت عليّ... فى اللاشعور ومع سبق إصرار وترصّد أردت أن أؤكد لكل المشككين فى إبداع أحلام مستغانمى أننى كتبت &quot; ذاكرة الجسد &quot; إلى حد أننى كتبت فقرات تعّمدت دمجها فى النص...&quot;عابر سرير&quot; كان تتمة للثلاثية لذلك لا بد أن يكون فيه روح العمل الأول والعودة إلى خالد من جديد فتعود لغته وجمله... البطل عندما إلتقى فى عابر سرير مع حياة يتماهى مع خالد... قلت ما كنت قلت فى ذاكرة الجسدّ : &quot; الذين قالوا وحدها الجبال لا تلتقى أخطؤوا... إلخ &quot;.

كان هنالك إستحضار لجمل واحيانًا لفقرة كاملة لكن أعتقد أن&quot; عابر سرير &quot;كان عملاً أعمق من أعمالى الأولى ففيه عمق فلسفى وفكرى أتمنى أن يكون القارى الحصيف قد إنتبه له...

* إذا كنت مقتنعة بأن الحملة التى شنت ضدك هى حملة مبيته وتؤكد على أن بعضهم أراد أن يستنقص من قيمتك بعد أن أصبحت بكتاب &quot; ذاكرة الجسد &quot; معبودة كثير من القراء العرب، إن صحت العبارة... فلماذا تعمدت أنت إثارة اللاشعور وإعادة ماكنت كتبت مرّة أخرى ؟
تعرف أخى ساسى أن ثمة أشياء كثيرة بصدد التراكم... تلك الحملة آلمتنى كثيرًا ولكنها خدمتنى الآن أكثر... كنت أحتاج إلى مثل تلك الحملة، الأعمال الكبيرة تهاجم دائمًا والعمل يكبر بأعدائه...

* إذا خانك قلمك هل تقرين بأن فى الحبر سحرًا ؟
أنا كائن حبرى ولا أدرى إن كان فى الحبر سحر... أنا كائن حبرى وربّما من هذا المنطلق بالذات يأتى سحري... لا أظن أن الحبر سيخوننى ككاتبة أو كأنثي... أنا أحيانا أكون عصية الحبر شيمتى الصّبر... أحيانًا لكن بعد الثلاثية التى أصدرت الحقيقة أن تعود إلى الكتابة بعد كل تلك الطعنات يصبح الأمر نوعا من التحدى ولكنه إذ إستطعت أن يكون أرقى وأنقى لغة... ما أظن أنه تحقق لى رغم كل ما قيل وما يقال يؤكد أننى نجحت...
&amp;#61503; خوضك فى المسكوت عنه مما لم تطرحه كثير من الروايات العربية سابقًا جعلك كاتبة قريبة جدًا من القارئ تعيشين معه، تسكنينه، تمشين معه، يتابع أحداث كتابك بشغف يسرع فى الوصول إلى السطر الأخير... هل فى ذلك تعمد التحيل الإبداعى على القارئ...؟
لا أدرى ما معنى المسكوت عنه، ... لا أدرى إن كنت مراوغة لكن ليس فى هذا، بالنسبة لى لا يوجد فى قاموسى مسكوت عنه... أنا أكتب كما أفكر، كما أتكلم... ليس هنالك إستقرار قطّ فى كتاباتي... لا وجود لحياء كاذب أو إباحية فجّة مؤذية فنصوصى تشبهنى تماما... ما لا أقوله فى الحياة لا أكتبه على ورق، وما لا أفعله أنا لا يفعله أبطالى وكل ما يفعله أبطالى أنا جاهزة لأفعله فى حياتي... ما لا أفعله أنا لا يفعله أبطالي...أنا لم اكتب إلا نفسى ولغتى تشبهنى وبالتالى لا أتحايل وبالتالى لا أدرى عندما أتكلم هل أفصحت ؟ هل بحت الحقيقة بما يجيش فى باطنى ؟ هل قلت ما سكت عنه الآخرون أم لا ؟&amp;#61473; أنا جدّا شفافة... الكتابة تعرّينى والكلمات لا تغّطيني... أنا كلما تكلمت تعرّيت فأنا لا أعرف المسكوت عنه، وفى نفس الوقت لا أتعّمد ذلك، فأنا لا أملك ولا أبحث عن طرق لكسب القارئ وأكاد أقول أننى فى البداية لا أكتب إلا نفسي...

عندما أجلس لأكتب لا أفكر فى قارئ لأنه إذا بدأت أفكر فى قارئ لنّ أكتب شيئًا، لأن تشكيلة القراء كبيرة جدًا... من بين قرائى أناس أثرياء جدًّا جدًّا ومن بينهم مساجين وأسرى وفقراء ومساجين سياسيين وأطفال فى عمر أولادي... كتبى مبرمجة فى سنوات الباكالوريا الرسمية فى لبنان... ثمة مسنون كبار يحبون كل ما أكتب...

إذا فكرت كيف يقرؤنى هؤلاء جميعًا لا أستطيع الكتابة أصلاً... لذلك أنا عندما أكتب لا أفكر فى أحد... أنا لا أفكر إلا فى متعتى الخاصة... كيف أستمتع وأنا أكتب... فلاشئ يعنينى خارج النص... وأعتقد أنها الوصفة الوحيدة والأهم التى تجعلك تنجح فى كتابة عمل... إذا فكرت بكسب القراء الأجانب مثلك لمجرّد أنهم حاولوا كسب قارئ أجنبي... لأن الجهد الذى تقوم به لكسب قارئ يجعلك تخسر آخرًا...

كل الكتاب العرب المشهورين فى أوربا خسروا القارئ العربى لأنه ليس بإمكانهم كسب كل القراء... بينما لو كتبوا فقط عن أنفسهم ككتاب أمريكا اللاتينية كانوا حقيقيين، عندما للأسف نظرة تقول أن كل كاتب عربى مخير بين أن يكسب القارئ العربى أو القارئ الأجنبى الأوربى بالذات.
* أحلام، الرواية العربية اليوم سحبت البساط من أمام الشعر ديوان العرب، ولكنك تكاد تكونين من أعاد صياغة الأشياء بشكل مختلف فى رواياتك لتكونين الروائية الشعرية أو الروائية الشاعرة... هل يمكن القول أن كتابتك هى ضرب من النثر الشعرى السلس ؟
ربما لم أشف من الشعر، نحن جميعا لم نُشف من الشعر، أنا لا أتعدّى على الشعر، الشعر ليس صياغة كلمات جميلة او إنتقاء كلمات موزونة... الشعر هو أسلوب حياة أو نمط... أنا بالنسبة لى شاعرة فى الحياة، لا يعنينى أن أكون شاعرة فى نّص، ولأننى شاعرة فى الحياة من خلال المواقف، أنا لم أخن الشعر وهذا شيء جميل...

ونظرًا لأننى لم أخن الشعر أقول صراحة : أنا لست شاعرة لأن الشعر نتاج يصعب حمله... أنا كاتبة فقط وصريحة جدّا مع نفسي، صارمة فى محاسبة نفسى أخلاقيا بالمفاهيم التى أؤمن بها... وبالتالى هنالك مسائل لا أحب أن أقترفها... أنا أكتب عن أشخاص شرفاء جميلين أخشى عليهم من الإنقراض أصلا... حتى أننى أهديت عملى الأخير إلى من بقى من الشرفاء فى هذه الأمة...

أنا لا أقول إنه لم يبق فى هذه الأمة شرفاء... جميل أن نمجد هذا النموذج كقدوة ومأساتنا فى العالم العربى أنه ليس لنا قدوة فى أى شيء حتى بيننا نحن الكتاب... إننا نحتاج إلى كاتب يقول لا... يرفض أن يحضر مؤتمرا، يرفض أن يزور بعض الدّول البوليسية... نحن اليوم نستقوى ببعض... نحن نخون بعضنا البعض ...

الحملة التى تعرضت لها مثلا نسبت لى كثيرًا من الصفات الأخرى فكيف تريدون منا أن نبقى واقفين... الصعوبة الآن هى فى أن تبقى واقفًا.

* تقولين فى أحد نصوصك: كل إنسان عندما يموت يترك رؤوس أقلام على مسودّات... هل تفكرين الآن فى رؤوس أقلام لرواية قادمة بعد هذه الثلاثية الفظيعة؟
أنا أفكر، عندى رواية ماتزال موجودة فى ذهنى وكتبت نصفها ولكن إن شئت الحقيقة فأنا أفكر أيضا فى الموت...

* هل تفكرين فى الموت فعلا ؟
الموت لا بد أن يكون هاجسا إبداعيا ومادمت لست مسكونا بها حس الموت لا يمكنك أن تكتب... الموت كحالة، كتهديد، الموت كرافد إبداعي، الموت مصقلة قد تتحداك و تتحدى نصك فى أى لحظة و بالتالى عليك أن تظل فى لهاث دائم حتى لا تترك خلفك – وهذا شيء مرعب – نصّا غير مكتمل...أنا أحب الكتاب المذعورون دائما...

الكاتب المستقر والمستمتع بوقته كأنه يملك الخلود... الخلود نكته... عليك أن تشعر بأن التاريخ يحاسبك فى كل لحظة و عندما أقول التاريخ هو : &quot; أنت أين تضع نفسك &quot;... ثمة من ليسوا معنيين و يريدون أستهلاك النجاح الفوري، أنا أمنيتى أن أختفي... وأمنيتى الحقيقية هى أن أنسحب وأن لا تراني... أن يأتى يوم لا أعطى فيه حتى هذه المقابلة الصحفية... أريد أن أقول أنه لا أريد أن يرانى أحد و من أراد أن يرانى فليقرأ كتبي...

وبإمكانه أن يتحاور معى فعلا من خلالها... إن كل ما يقال خارج النصّ هو ثرثرة... لقد كتبت إلى حدّ الآن ألف صفحة عدا صفحات المقالات...بالتالى بعد ألف صفحة لا أريد أن أعلق، وحتى لو متّ بعد هذه الثلاثية أكون قد أنجزت وصيّة وأنا مطمئنة، يبقى دائما أن هنالك أشياء تريد أن تقولها ولا وقت لك... أعتقد أننى أصبحت عارية أمام القراء إلى درجة أن الكثيرين يحبوننى أو يكرهوننى أو يقيمون علاقة بى دون أن يلتقوني... فأنا إمرأة مفضوحة جدّا...
* ماذا يزعج أحلام مستغانمى الآن بالذات ؟
ما يزعجنى أن كتبى غالية الثمن، أنا ككاتبة وكناشرة مكسبى من الكتاب دولار ونصف ويؤلمنى أن القارئ &quot; مهما كانت وضعيته الإجتماعية &quot; يدفع ثمنا كبيرًا لقاء هذا الحب... إنها جريمة فى حق الكتاب... أتمنى أن أكون موجودة لكننى لا أريد أن يقرأنى القارئ العربى على حساب لقمة عيشه، لأن ذلك حرام وعيب عندي... أنا لا أصنع ثرائى من بؤس قرائى وبالمناسبة أؤكد لك أننى سأعود لنشر كتبى ضمن منشورات دار الآداب لأننى لا أريد أن أفهم أن بعثى دار نشر لأكسب...

هناك كتب مزورة تباع بـ 12 دولارًا &quot; هى كتب مزورة فى رأيي&quot; وتفاديا لهذا الإلتباس عدت إلى دور النشر من جديد حتى تفهم الحقيقة تماما واضحة المعالم...

* شخصيتك فى النص هى ليست شخصيّتك فى الواقع... يبدو أنك أصبحت تقرئين حسابا لكل كبيرة وصغيرة فى حياتك حتى أنك أصبحت تقرئين حسابا لكل شيء... حتى أصبح الأمر بمثابة الخيالات المزعجة التى تفكرين فيها... ماذا حصل لك بالضبط ؟
من فرط الطعنات... أنا إمرأة ساذجة... حتى أن زوجى يقول لى دائما : &quot; أنت ذكية فى الروايات وغبية فى الحياة... أنا أطعن دائما لأننى لا أحتاط من شيء... أنا أمية فى كل شيء وخاصة فى الحسابات... أنا سعيدة بخساراتى لأنه بالخسارات تصنع أدبا لا بالمكاسب ....

أقول لأننى أردّ على ما سمعت... على قراء بسطاء يشترون كتبى بالتقسيط وهذا يؤلمنى جدًّا ولا يرفع من شأنى بقدر ما يؤذينى ككاتبة... ماذا سأكسب غدًا...؟ ماذا سأخذ معي...؟! إذا كان رفيق الحريرى نفسه ترك 8 مليار دولار وذهب... فكيف الحال إذا كنت أنا كاتبة، ماذا سآخذ معي؟ أنا سأترك خلفي...لأننى أعيش من إسمى لا من كتبي...

* كتب الشاعر العربى الكبير نزار قبانى على ظهر أحد كتبك كلاما جميلا ناعمًا...ما هى علاقتك بهذا الرّجل ؟
علاقتى به موجودة فى موقعى على الأنترنت... هذا الكلام كتبه بعد أن صدر كتابى وبالمناسبة توجد شهادة لسهيل إدريس... علاقتى بنزار قبانى علاقة جميلة قد أكتبها فى رواية وستكون رواية جميلة ولا أريد أن أستهلكها فى جملتين لأنه قد لا تفهم تماما... إن علاقتى بنزار قبانى علاقة جميلة جدًا، لقد أضعنا بعضنا ثم إلتقينا... إنها من تلك العلاقات الإنسانية الجميلة التى قد تغذّى عملا إبداعيا...

ايوب صابر 12-27-2011 02:07 PM

تابع،،

* أحلام... هل أنصفك النقاد العرب ؟
لا يعنينى النقاد العرب، ولا يعنينى أن ينصفوني... نقادى هم قرائى ... فعلا وصدقا لا يعنينى... أنا عقّدت النقاد لأنهم أحسّوا أننى لا أحتاجهم... لم أعد أحتاج شيئا غير قرائي... القاريء هو ناقدي، معلنى ، مشهرى وحتى الصحافة لا أحتاجها بدليل لا أعطى مقابلات صحفية وهذا لا يمنعنى من القول إننى تنكرت لجميل الصحافة التى دعمتني، لكننى أقول إن أكثر من هذا كثيرًا... إن نجاحى يعود إلى القارئ، فالقارئ هو الذى يدل القارئ الآخر على كتبى وبالتالى تجاوزت الاعلام وتجاوزت النقاد...

أعود و أقول أنا لا أتنكر لجميلهم أو لخدمتهم لكن لا أريد أن يقال أنى مادة &quot; مستهلكة ..؟.. &quot; .... هذه المقابلة لو لا معزتك ومعزة تونس وأدرى أن لى أحباء سيسمعونى و سيقرأوني... و الله العظيم لا أتحدث لأننى لست فى حاجة لكن فى لحظات معينة أريد أن أقول للناس إننى أحبكم وأريد أن أقول لكل من يقرؤنى : إننى أحبك وأنا ابنة تونس كما أننى إبنة الجزائر وأن نصفى &quot; لا أدرى العمودى أو الأفقى &quot; هو تونس.

* لا شك أنك تقرئين الكثير من الرويات العالمية ؟
سوف تضحك كثيرًا إن قلت لك الحقيقة... من العيب أن أقول إننى لا أقرأ الروايات... ستفاجأ... لكننى لم أعد أستحى من قول الحقيقة... أقرأ أشياء أخرى غير الروايات... لتكتب رواية عليك أن تقرأ أشياء أخرى غير الرواية... كل ما حول الرواية... وهذا لا يعنى بالضرورة أنه ليس هنالك روايات تستهويني... أنا أقرأ الآن كتبا بالفرنسية أصادفها أو أسمع عنها فى برامج... أقرأ كل ما حول الرواية... أقرا الفلسفة... أقرأ التاريخ... أقرأ دواوين الشعر... أقرأ بما يغذى الرواية... لا أتعلم من قراءة العمل الروائى شيئًا إلا إذا وجدت فيه ما يمسنى شخصيا ويخطفنى من الصفحة الأولى وهذا لا يحدث كثيرًا مع الأسف الشديد.

* ماذا بقى من الجزائر فى ذاكرة أحلام مستغانمى ؟
ما بقى فى ذهنى سيشاهده الجمهور العربى فى مسلسل &quot; ذاكرة الجسد &quot; الذى ستنتجه قناة أبو ظبى فى رمضان المقبل...عندى أمنية أن أحقق أجمل مسلسل تلفزيونى رمضاني... وسيكون رسالة حب للجزائر... كل ما لم أستطع قوله بالكلمات سوف أصفه بالصورة... سيكون تمجيدًا للجزائر لقسنطينة، لأعراسنا... لأفراحنا... لك تلك الشجون الجميلة... فعلا أمنيتى بعد الآن أن أعمل على إخراج هذا المسلسل فى أحسن صورة لأنه من الأشياء التى ستبقي... الآن المشاهد العربى بإمكانك أن تؤثر عليه بالصورة أكثر من الكتاب.

* أنت تراهنين كثيرًا على هذا العمل و أشعر أنك متحمسة له بشكل كبير جدًا... ما سر ذلك ؟
نحن نراهن على هذا العمل الذى سيشارك فيه نخبة هامة من الممثلين العرب من كل البلدان... أنا متحمسة لـ &quot; ذاكرة الجسد &quot; التلفزية وخائفة... أخاف من الذين أحبونى فى &quot; ذاكرة الجسد &quot; ككتاب وقد نصحونى مرارًا وخصوصا عندما إشترى يوسف شاهين الحقوق لتحويلها إلى فيلم...

قالوا لى نخاف أن تقتلى شيئًا ما فينا... لكل قارئ صورة معينة لبطل أو لشخص ويخاف أن لا يجدها كما هى عندما يتحول الأمر من طور الكتابة إلى طور الصورة... حتى لو أعطيت صورة أجمل فإننى سوف أخيب ظنه... وبالتالى لم يسمحوا لى بأن أعبث بهذه الصورة التى تمتع بها القارئ مكتوبة فى الكتاب... وأتمنى لمن قرؤوا الرواية أن يجدوا أبطالهم وشخوصهم بنفس الصورة المرسومة فى أذهانهم، بالنسبة للذين قرؤوا الرواية، أما بالنسبة للذين لم يقرؤها أتمنى أن يجدوا فيها ما تمنوا مشاهدته...

إنها مشاهد شعرية جميلة بلغة عربية مشتركة وهواجس عربية مشتركة... ونبحث عن أبطال جدد لتصوير هذا العمل حتى لا يكون لهم ذاكرة فى ذهن المشاهد... ويكون لهم سوابق فنية.

* تنشرين كتبك للمرة العشرين فى الوقت الذى يعجز فيه كثير من الكتاب عن طبعه ثانية لكتاب من ألف نسخة... وفى الوقت الذى تسيطر فيه الصورة والأنترنيت فى عصر العولمة هذا وفى الوقت الذى أصبح فيه الكتاب آخر الأهتمامات ؟ بم تشعرين إذن ؟
عندما تتجاوز عددًا معينًا من الطبعات تصبح المسألة مجرّد أرقام... مثال طبعت من &quot; عابر سرير &quot; ما يقارب 50 ألف نسخة فى سنة ونصف وما يعادله وأكثر من الطبعات المزورة وأنت تدرى أننى مزورة فى مصر، سوريا، الأردن وفلسطين بكميات كبيرة والكتاب بثمن خيالي، وأنا لا أكسب شيئًا من هذه الكتب... المهم أن القارئ يدفع ثمنا غاليًا، فهذه الطبعات تعادل طبعاتي... أنا لا أستطيع أن أراقب الجميع...

* ولكن هذا يؤكد أن القارئ يستهلك كتبك بنهم ؟
نحن نتهم القارئ بأنه لا يذهب نحو الكتاب... القارئ عندما يعثر على نص يشبهه يطارده... مشكلتنا أننا عندنا كتاب يطاردون القّراء... إنهم يلقون القبض على قارئ فيطلبون منه أن يقرأهم بالقوة، بينما لا أحب أن أهدى كتبى لأحد، إلا للذين لا يملكون الإمكانيات لشراء كتاب... على القارئ أن يطاردني...

ذات مرة كنت فى الجزائر فأهديت لصديق يملك مكتبة أول نسخة من كتابى &quot;عابر سرير &quot;... فقال لى هنالك &quot; بوليس &quot; يأتى كل يوم إلى المكتبة ليسأل هل هناك كتاب جديد لأحلام مستغانمى حتى يتمتع بقراءته... فأعطاه النسخة الأولى... كم جميل أن يطارد &quot; بوليس &quot; فى الجزائر كتابا بهذا الشكل...

عندى حكاية أخرى إذ أعترضنى ذات مرة فى معرض الكتاب رجل وقال لى إن خطيبتى طلبت أن يكون مهرها &quot; عابر سرير &quot;... لأنها سمعت بالكتاب ولم تقرأه... تصور أن تطلب طالبة من خطيبها أن يكون مهرها إحدى كتبي... فوقعت له الكتاب وأنا مطمئنة على مهره...

مؤخرًا جاء شاب وسيم فى الدوحة وهو يحمل كتابى وقال لى &quot; وقعى لى على الكتاب بإسم صلاح الدين مؤيد... وأنا بصدد كتابة الإهداء قال لى : هذا الكتاب لأبى وأبى مات... كيف أكتب إهداء لرجل ميت ؟ فقال لى : إن أبى كان يحبك وكان يحلم أن يلتقى بك ونصحنى بأن أقرأ &quot; فوضى الحواس &quot; فهل بإمكانك أن تهديه كتابك... كيف تهدى كتابا لرجل مات من زمان...

* ألم يتسلل إليك الغرور بعد هذا كلّه ؟
والله العظيم، وأقسم بالمصحف، إن مثل هذه القصص لا تزيدنى غرورًا بقدر ما تزيدنى رعبًا... والله العظيم... لو كنت مغرورة واحد على مليون ما كان سيحبنى القراء بهذا الشكل... أنا الآن أهرب &quot; الكرواسون &quot; لسائقى من لمجتى الصباحية فى الفندق فأسرقها له... مازلت أريد أن أكون إلى جانب الفقير، السارق والكاتب المبتدئ...

* هل نجوت من بيئتك؟
لم أنج من بيئتي، لقد بقيت فيّ... بهذه المرأة التى كنتها يوما أكتب... لا أريد أن أدهش المرأة التى كنتها... تلك الفتاة التى كنت... أحلام مستغانمى لا تعنيني... ثمة أحلام مستغانمى وثمة أحلام وأحلام تضحك دائما من أحلام مستغانمي... تضحك لما يحدث لها من أشياء جميلة... هناك مواقف محرجة جدًّا تحصل لى وهى كثيرة لكننى لا أتحملها ككاتبة...

جميل أن تكون مبجلاً... لكن ليس على حساب كتاب آخرين لأنك كأنك تعتدى عليهم بشكل أو آخر... ثمة كثيرون أهم مني... الكاتب يموت عندما يتضخم الأنا فيه و يصاب بالغرور... كلام فارغ التكبر... أنت لا يبقى منك شيء فأنت حفنة من الكلمات... وبالتالى عليك أن تتواضع و تذكر نفسك بانك لست شيئًا.


ايوب صابر 12-27-2011 02:07 PM

* هل تتصورى أحلام أن فكرتى عنك بدأت تتغير ؟
هذايسعدنى جدًا إذا أقنعتك وحدك فهذا يكفيني، أنا لست بصدد القيام بحملة أنتخابيةلأقنع كل القراء... صدقنى وأنا فى بيروت عندى إمكانيات كبيرة إننى أركب الحافلة مععامة الناس بما قدره 500 ليرة &quot; ثلث دولار &quot; وبإمكانى أن أجلبسائقا، لكن هذه المبالغ أتصدق بها وأساعد الناس... وأنا واقفة فى انتظار الحافلةحدث أن تأخرت فأخذت سيارة مشتركة وبدل أن أعطى السائق ألف ليرة أعطيته ألف دولار &quot;وحق المصحف &quot;...

لماذا ؟ لأنه كان منشغلا بإجراء عمليةجراحية على القلب... وبدل أن أعطيه دولارا أعطيته دولاران على سبيل الشفقة ولأنه لميكن معى راكب ثان... فقال لى : والله العظيم أنا بصدد تجميع الأموال بالدولارلإجراء عملية على القلب وكان يملك ضمانا صحيا وعليه فإنه ملزم بدفع % 15 وقد قال لهالطبيب يمكنك أن تموت فى أى لحظة على المقود... كان معى 300 دولار فأعطيته 200دولار فلما بكى أضفت له 100 دولار أخرى... فلما واصل البكاء طلبت منه أن يعود معىإلى البيت وأعطيته الألف دولار كاملة لاعود إلى المدينة فى سيارة أجرة بـ 500ليرة...هذا الكلام لا اقوله للمفاخرة، ولكن لأؤكد لك اننى لم أتغير ولنأتغير.

*
ولكنك اسم مدّو اليوم فى الساحة العربية عموما وحتى فى صفوفالمثقفين ؟
أصدقك القول أننى لا أفاخر بالمثقفين، أنا أفاخر بالأسرى فى سجنعسقلان، والذين يسرقون الهواتف ليكلموني، أفاخر بمحمود صفدى الذى سرق هاتفاليهاتفنى وكنت مع خطيبته... هؤلاء الجميلين الذين استنسخوا كتابى فى السجن... هؤلاءأفاخر بهم جدًا قبل غيرهم... عندما يقول لى محمود صفدى الأسير منذ 17 عاما وهو فىإنتظار 10 سنوات أخرى : أحلام نحن ثمانية فى كل زنزانة وأنت تاسعنا... وأنت موجودةمعنا... إنها صورة ناطقة أجمل من كل صورى بذلك القليل من الكلام أشعر أننى مقيمة فىالسجن مع ناس أو أننى حياتهم، يهرّبون كتبى ويناقشونها فى مجالس... عن أى مثقفينتتحدث ؟؟ أى مجد أريد أكثر من هذا ؟! أقول دائما إن أمنيتى أن لا يرانى أحد... و قدأحقق هذه الأمنية قريبًا... أريد أن أختفى تماما و لا يرى الناس إلاكتبي.

الانسانة التى فيّ ستبقى كما هي... لقد مررت بمراحل الفقر ولذلك كلمارأيت عين فقير تنظر لى أستعيد نظرتى الأولى لتلك الاشياء و ذلك الماضي... وعندماأكف عن رؤية الأشياء بتلك الطريقة أعتبر نفسى منتهية.

*
هل ندمت على إقترافبعض الحماقات فى حياتك ؟
حماقاتى جميلة، ولأنها جميلة لم أندم عليها، لم أقترفخطايا أو جرائم، لم أؤذ أحدا وهذا أهم شيء وأريد أن يقال إننى كذلك، أنا لو آذيتأحدا اتعذب أكثر من الانسان الذى أؤذيه... عذابى فعلا سيكون أكبر من عذابه... لأنهكم مؤلم أن تؤذى أحدًا.

*
وهل يتسلل الحقد إلى داخلك ؟
سأحكى لك قصة وقعتلى وآلمتني... فكنت أكتب ليلا وكان ثمة فراشات تدخل من النافذة فكانت الفراشات تموتالواحدة تلو الأخرى فتوقفت تماما عن الكتابة بالليل حتى لا تموت الفراشاتمجدّدًا... أنا لن أكون شاعرة إذن و لعن الله هذا النص الذى تموت من أجلهالفراشات... كيف أكتب وأنا أشتم رائحة أجساد الفراشات وهى تهجم علىالضوء...

وأنا أكتب صفحة تموت عشرة فراشات... إن شاء الله لا أكتب أية صفحةإذا كان وراء كتابتها ضحايا... هذا دليل على أننى غير قادرة حتى على إيذاء حشرة... لا يرانى أحد فى الليل عندما أقتل هذا الكائن الصغير الغبارى من أجل نص سأنشره فىمجلة... لقد غيرت عاداتى من أجل الفراشات... فأصبحت أكتب بالنهار... أنا لا أقولإننى شاعرة لكننى شاعرة فى كل لحظة...

عندما أكف أن أكون شاعرة أحتقر نفسىوأتوقف عن الكتابة... الشعر هو أن لا تؤذى إنسانا، أن لا تصافح مجرما، أن لا تتخلىعن مبادئك، أن لا تساوم، أن لا تزور أنظمة بوليسية حقيرة و أن فيها كتابامسجونين... أنت تعرف أننى موجودة فى الإمارات لأنه لم يسجن فيها كاتب ولا إنسانبسبب رأي.

*
لكن هل هناك حماقات عاطفية أخرى اقترفتها أحلام مستغانمى؟
اقترفت حماقات عشقية ولن أندم عليها قط وأفاخر بها أحيانا رغم... وأحيانا أجنّوأكتبها وأحيانا أندم لأننى كتبتها... لكن لا بأس.

*
إذن لم يتسلل إليك ندمفقط ؟
لا أبدا لم أندم ما دمت قد كتبتها فى نصوص جميلة &quot;ماعليش &quot;

*
هل أنت بلا ذنوب أحلام ؟
بالمفهوم الأخلاقى لا ذنب لي... أنا امراة متدينة وعندى ذنوب ككل البشر.

*
ومتى تصابين بحالات الصرعالإبداعية ؟
فى بداية الحب... عندما يولد الحب... فى صاعقة الحب الأولى وفىنهايتها طبعا.

*
هل أنت مع البدايات أم مع النهايات ؟
أدبيا مع النهاياتلأننا عندما ننتهى من قصة نكتب... عاطفيا مع البدايات وأنا مع رأى محمود درويش &quot; لا أحب من الحب إلا البدايات &quot;.

البدايات دائما جميلةلكن الأدب تصنعه النهايات وموت الأشياء مع الأسف.

*
أنت قريبة من الوجوديين؟
لا أدري، ولكنى لست قريبة من أحد.

*
من أين أنت قريبة إذن ؟
أناقريبة من جنونى &quot; ربما &quot;.

*
عندما تشعرين بالفشل، كيفيكون ردّ فعلك ؟
يؤلمنى الفشل، ومشكلتى أنه لم يعد من حقى أن أفشل هذه مصيبتىأصلا أنا بالذات، من حقّ أى كاتب عربى أن يفشل إلا أنا لأننى أحاسب، فى أى لحظةسيشكك بى ويتربص بي... والرداءة والفشل والخطأ حق إنساني، ولكن ليس حقا بالنسبة لىأنا بالذات...

تصور أننى أفشل فى عملى الرابع سيقولون حتما: انظروا إلى أينوصلت أحلام... لقد ظهرت على حقيقتها وبالتالى من الصعب أن أنشر عملا، و لولا سرعةالمجلات حتى المقالات الأسبوعية لن أكتبها قطّ... أنا أندم كثيرا على عدد منالمقالات الاسبوعية التى كتبت، لكن الوقت يستهلكنى فأستعجل الكتابة وفى النهايةأقول إنها الصحافة.

*
هل ستبقى أعمال أحلام مستغانمى بعدها ؟
سأكونصادقة، ليس بمفهوم الخلود المجد، لا، سأخلد فى قلوب قرائي، سأخلد بمفهوم أننىسأواصل تغيير مفهوم حياة من يقرأنى حتى بعد موتي، المجد لا يعنينى والحياة أجمل منالتمثال... لقد مات رفيق الحريرى وصوره الآن فى كل مكان من لبنان...

ماذاستفيده صوره إن كان لا يراها... أنا لا يعنينى المجد لأننى بنيت لنفسى أسطورة... هذا لا يعنى لى شيئا... أنا يعنينى أن تعيش أفكارى وأن أواصل تحريض الناس على الحبوالحرية بكل مفاهيمها و حتى الحماقات أيضا و كل شيء.

*
بدأت فى الظهورمؤخرًا مع بداية التسعينات تحديدًا، هل تؤمنين بأن كل تجربة إبداعية عليها أن تنضجلتظهر للناس فى أحس صورة ؟!
طبعا، دخول غمار النشر جاء متأخرا نوعا ما... عملخطير أن تقوم بنشر كتاب وكم أتعجب من سرعة هجوم بعض الكتاب على الناشرين... إناللحظة التى تنشر فيها عملك يتحول فيها من ملكيتك إلى ملكية غيرك، تصورّ أنه لايمكنك أن تغير فيه كلمة واحدة... أنا أخاف مثلا من إعادة قراءة كتبى لأننى أصاببالذعر.

*
هل تتبرئين من بعض نصوصك ؟
نعم أتبرأ من النصوص التى كتبتها فىشبابي، ولكننى أتركها لعمرها.. لقد كتبت أعمالى الأولى وعمرى 18 سنة ولا أريد إعادةنشرها حتى لا تصبح المسألة تجارية لأن فيها إسمي... هى موضوعة على الأنترنيت ومنيريد أن يقرأها فله ذلك، وهى أيضا فى متناول النقاد... ومن يريدون أن يعرفوا كاملمسيرتى الأدبية وكيف نبت قلمى لهم أن يطلعوا عليها.

*
كلمة ختام ؟
أحبكمأيها القراء فى الوطن العربي، أحبكم من كل قلبي، أريد من كل واحد يقرؤنى فى هذاالوطن أن يشعر أن لى قرابة به، فى مكان ما فى صفحة ما أتحدث إليه وحده سأكون قدنجحت إن حدث هذا.

ايوب صابر 12-27-2011 02:10 PM

شارك في ورشة العمل" رواية تحت اضواء النقد" التفاصيل على الرابط ادناه:

http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=7637

ايوب صابر 01-05-2012 11:53 AM

أحلام مستغانمي

-أحلام مستغانمي ولدت في ( 13 أبريل 1953 ) كاتبةجزائرية.
-من مواليد تونس، ترجع أصولها إلى مدينة قسنطينة عاصمة الشرق الجزائريحيث ولد أبوها محمد الشريف حيث كان والدها مشاركا في الثورة الجزائرية،ّ عرف السجونالفرنسية, بسبب مشاركته في مظاهرات 8 ماي 1945 .
-وبعد أن أطلق سراحه سنة 1947 كانقد فقد عمله بالبلدية, ومع ذلك فإنه يعتبر محظوظًا إذ لم يلق حتفه مع من مات آنذاك 45 ألف شهيد سقطوا خلال تلك المظاهرات، وأصبح ملاحقًا من قبل الشرطة الفرنسية, بسبب نشاطه السياسي بعد حلّ حزب الشعب الجزائري. الذي أدّى إلى ولادة حزب جبهةالتحرير الوطني fln .
-كافح محمد شريف والد أحلام مستغانمي ، من مواطني قسنطينة، ضد الاحتلال الفرنسي وخسر شقيقيه في مظاهرة مناهضة للفرنسيين في منتصف الأربعينيات .
-ولقد كان من المطلوبين من قبل الشرطة الفرنسية لنشاطاته في أعمال المقاومة، وتوجه مع عائلته إلى تونس، حيث عمل مدرساً للغة الفرنسية.
-وعندها ولدت أحلام أول طفل له، في جو مشحون بالسياسة وقبل سنوات قليلة من الثورة الجزائرية في 1954 . وكان منزل والدها في تونس منزل منتصف الطريق لمقاتلي المقاومة الجزائرية.
-بعد الاستقلال في عام 1962، عادت العائلة إلى الجزائر لتستقر في الجزائر العاصمة. أرسل الأب ابنته البكر الى أول مدرسة عربية في الجزائر، مما جعل أحلام واحدة من أوائل جيلها لتلقي التعليم باللغة العربية.
-وقع الشريف مريضاً بسبب الخلافات السياسية بالجزائر وقبل وقت قصير من عيد ميلاد أحلام الثامن عشر، مما أجبرها على العمل في الإذاعة الجزائرية لإعالة أسرتها.
-فصارت تعدّ وتقدّم برنامجًا يوميًا يبثّ في ساعة متأخرّة من المساء تحت عنوان "همسات" الذي ساهم في ترسيخها كشاعرة واعدة.
-ذهبت أحلام مستغانمي في 1970 لتقيم في باريس حيث تزوّجت من صحفي لبناني وكرست بعدها حياتها لأسرتها.
-وفي 1980 حصلت على درجة الدكتوراه من جامعة السوربون لتصدر بعد ذلك روايتها الاولى "ذاكرة الجسد" في عام 1993
-رواية ذاكرة الجسد هي تيارمن الأحاسيس مهداة لوالد الأديبة وإلى الروائي والشاعر الجزائري الفرنكوفوني الراحل مالك حداد (1927-1978)، الذين قرر بعدم الكتابة بأي لغة أجنبية بعد الاستقلال، ولكن انتهى الأمر به بكتابة لا شيء. كما تشير مستغانمي في اهدائها، حداد "مات شهيدا محباً للغة العربية".
-في رد على سؤال : تقولينفى أحد نصوصك: كل إنسان عندما يموت يترك رؤوس أقلام على مسودّات... هل تفكرين الآنفى رؤوس أقلام لرواية قادمة بعد هذه الثلاثية الفظيعة؟ اجابت احلام : أنا أفكر، عندى روايةماتزال موجودة فى ذهنى وكتبت نصفها ولكن إن شئت الحقيقة فأنا أفكر أيضا فىالموت...
-وفي رد على سؤال آخر: هل تفكرين فى الموت فعلا ؟ اجبت احلام الموت لا بد أن يكون هاجسا إبداعياومادمت لست مسكونا بها حس الموت لا يمكنك أن تكتب... الموت كحالة، كتهديد، الموتكرافد إبداعي، الموت مصقلة قد تتحداك و تتحدى نصك فى أى لحظة و بالتالى عليك أن تظلفى لهاث دائم حتى لا تترك خلفك – وهذا شيء مرعب – نصّا غير مكتمل...أنا أحب الكتابالمذعورون دائما...
- وتقول : الكاتب المستقر والمستمتع بوقته كأنه يملك الخلود... الخلود نكته... عليك أن تشعر بأن التاريخ يحاسبك فى كل لحظة و عندما أقول التاريخهو : أنت أين تضع نفسك.. ثمة من ليسوا معنيين و يريدونأستهلاك النجاح الفوري، أنا أمنيتى أن أختفي... وأمنيتى الحقيقية هى أن أنسحب وأنلا تراني... أن يأتى يوم لا أعطى فيه حتى هذه المقابلة الصحفية... أريد أن أقول أنهلا أريد أن يرانى أحد و من أراد أن يرانى فليقرأ كتبي...
- وتقول "أنا أمية فى كل شيء وخاصة فىالحسابات... أنا سعيدة بخساراتى لأنه بالخسارات تصنع أدبا لا بالمكاسب ....".
- وتقول " سأحكى لك قصة وقعتلى وآلمتني... فكنت أكتب ليلا وكان ثمة فراشات تدخل من النافذة فكانت الفراشات تموتالواحدة تلو الأخرى فتوقفت تماما عن الكتابة بالليل حتى لا تموت الفراشاتمجدّدًا... أنا لن أكون شاعرة إذن و لعن الله هذا النص الذى تموت من أجلهالفراشات... كيف أكتب وأنا أشتم رائحة أجساد الفراشات وهى تهجم علىالضوء"...
- وتقول" البدايات دائما جميلةلكن الأدب تصنعه النهايات وموت الأشياء مع الأسف.".

ولدت احلام عام 1953 لاب مقاوم هاجر الى تونس من شدة ما لقي من بؤس في حربه ضد الاستعمار..
اثنان من اخوته يسقطون في مظاهرة خرجت ضد الاستعمار عام 1945 ليبقي هو يتألم من عذاب الضمير... وكأنه المسؤول عن مقتلهم.

سنوات حياة احلام الاولى سنوات عجاف اشتد فيها القتل والموت على ايدي المستعمر...سجن والدها المقاوم والمشرد والذي تعرض للموت مرات ومرات حيث كان منزله ملجأ وممرا للمقاونين.

يعود للجزائر بعد الاستقلال ليسقط صريع المرض ..مرض الكآبة الذي افقده عقله ودفعه الى مستشفى الامراض العقلية واحلام في سن الـ 17 حيث تضطر الى العمل لتعيل الاسرة.

لا شك ان طفولة احلام كانت طفولة مأزومة...وهي تعترف بأن البدايات لا تصنع الادب بل النهايات وموت الاشياء...

فأي نهايات تلك التي صنعت احلام؟ ...لا شك ان غياب الوالد ذلك الغياب المتعدد الاوجه يجعلها

يتيمة اجتماعيا.

ايوب صابر 01-09-2012 11:18 AM

والان ممع سر الافضلية في رواية :

26- الخبز الحافي محمد شكري المغرب
نبذة عن رواية ....................... الخبزالحــــــــافي

رواية تعدّ من أشهر النتاج الأدبي للكاتب الراحل محمد شكري. كتبت سنة 1972 و لم تنشر بالعربية حتى سنة 1982 وترجمت إلى 38 لغة أجنبية.
الخبزالخافي هي الجزء الأول من سيرة محمد شكري الذاتية التي استغرقت ثلاثة من أهم أعمالهفبالإضافة إلى هذا الكتاب هناك كتاب زمن الأخطاء وكتاب وجوه. ص
رّح محمد شكري أنفكرة كتابة سيرته الذاتية كانت بدافع من صديقه الكاتب الأمريكي بول بولز المقيم فيطنجة وقد باعه إياها مشافهة قبل أن يشرع فعلا في تدوينها وقد أثار هذا العملضجة ومنع في معظم الدول العربية إذ اعتبره منتقدوه جريئا بشكل لا يوافق تقاليدالمجتمعات العربية.
يطالع القارئ من خلال هذه الرواية سيرة الروائي الذاتية فقدأفصح عما لا يمكن أن يقال.. عن خفايا إنسانية لا يفصح عنها تبقى قيدالكتمان.

أتت الرواية لتحكي مأساة إنسان أبت ظروفه إلا أن يبقى في ظلمات الجهالةحتى العشرين من عمره فكانت حداثته انجرافاً في عالم البؤس حيث العنف وحده قوتالمبعدين اليومي.
لقد أتى النص مؤثراً حتى أن هذا العمل احتل موقعاً متميزاً فيالأدب العالمي . وليس صدفة أن نشر بلغات أوروبية كثيرة قبل نشره بلغتهالعربي.

بالطبع هذه الرواية تمثل صورة "حقيقية" وليست مزورة.. لقد استطاعوبجدارة اجترار ما قدمه للجحيم في سنوات عمره في أسطر .

*** تحميـــــلرواية ......................... الخـــــــبز الحــــــــــــــافي

منهنــــــــــــــــا

http://www.4shared.com/document/8-2oQD1q/_-__.htm

ايوب صابر 01-09-2012 11:19 AM

محمد شكري

ولد محمد شكري في سنة 1935 م في آيت شيكر في إقليم الناظور شمال المغرب.

عاش طفولة صعبة وقاسية في قريته الواقعة في سلسلة جبال الريف، ثم في مدينة طنجة التي نزح إليها مع أسرته الفقيرة سنة1942 م. وصل شكري إلى مدينة طنجة ولم يكن يتكلم بعد العربية، عملَ كصبي مقهى وهو دون العاشرة، ثم عمِلَ حمّالاً، فبائع جرائد وماسح أحذية ثم اشتغل بعد ذلك بائعًا للسجائر المهربة.


انتقلت أسرته إلى مدينة تطوان لكن هذا الشاب الأمازيغي سرعان ما عاد لوحده إلى طنجة.
لم يتعلم شكري القراءة والكتابة إلا وهو ابن العشرين. ففي سنة 1955 م قرر الرحيل بعيدًا عن العالم السفلي وواقع التسكع والتهريب والسجون الذي كان غارقًا فيه ودخل المدرسة في مدينة العرائش ثم تخرج بعد ذلك ليشتغل في سلك التعليم.


في سنة 1966 م نُشِرَت قصته الأولى العنف على الشاطئ في مجلة الأداب اللبنانية. حصل شكري على التقاعد النسبي و تفرغ تمامًا للكتابة الأدبية. توالت بعد ذالك كتاباته في الظهور .
اشتغل محمد شكري في المجال الإذاعي من خلال برامج ثقافية كان يعدها و يقدمها في إذاعة البحر الأبيض المتوسط الدولية (ميدي 1) في طنجة.
عاش شكري في طنجة لمدة طويلة ولم يفارقها إلا لفترات زمنية قصيرة .

***
اعمــــــــــــــاله :
1- مولع الورد / مجموعته القصصيةالاولى
2- الخبز الحافي من منشورات لوسوي 1981 ( وقد ترجمها إلي الانجليزية بولبولز سنة 1973، وترجمها إلي الفرنسية الطاهر بنجلون سنة 1981 وذلك قبل نشرها وظهورها بلغتها الام العربية .
وقد منعت هذه الرواية أو السيرة الذاتية حتي حدود سنة 2000 ، وتضمنت محطات سيرة حياته من العام 1935 الى العام 1965! )
3- زمن الأخطاء أو الشطار وهو القسم الثاني من سيرته .
4-وجوه ، وهو يتضمن الجزءالثالث من السيرة الذاتية.
5- الخيمة / مجموعة قصصية
6- السعادة / روايةمسرحية
-7زوكو الصغير
8- جون جيني في طنجة
9- تنيسي وليامز / مذكرات
-10 غواية الشحرور الابيض
11- السوق الداخلي
12- زوكوديفليز

ايوب صابر 01-09-2012 11:20 AM

محمد شكري
أدبه

تحفل نصوص محمد شكري بصور الأشياء اليومية وبتفاصيلها الواقعية وتمنحها حيزًا شعريًا واسعًا، على عكس النصوص التي تقوم بإعادة صياغة أفكار أو قيم معينة بأنماط شعرية معينة.
شخصيات شكري وفضاءات نصوصه ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالمعيش اليومي. ويعتبر شكري "العالم الهامشي" أو "العالم السفلي" قضية للكتابة، فكتاباته تكشف للقارئ عوالم مسكوت عنها، كعالم البغايا والسكارى والمجون والأزقة الهامشية الفقيرة، وتتطرق لموضوعات "محرمة" في الكتابة الأدبية العربية وبخاصة في روايته الخبز الحافي أو الكتاب الملعون كما يسميها محمد شكري.
تحتل مدينة طنجة حيزًا هامًا ضمن كتابته، فقد كتب عن وجوهها المنسية وظلمتها وعالمها الهامشي الذي كان ينتمي إليه في يوم من الأيام.
أبرز أعماله الأدبية
مراجع
  • جريدة الحياة اللندنية: العدد 14847 (الإثنين 17 نوفمبر 2003)، ص 18. الطبعة الورقية. (مجموعة مقالات على إثر وفاة الكاتب)

ايوب صابر 01-09-2012 11:22 AM

ابرز احداث حياة محمد شكري


حياة محمد شكري مثل روايته ( الخبز الحافي) تحكي مأساة إنسان أبت ظروفه إلا أن يبقى في ظلمات الجهالةحتى العشرين من عمره فكانت حداثته انجرافاً في عالم البؤس حيث العنف وحده قوت المبعدين اليومي.

مأزوم .

ايوب صابر 01-12-2012 09:33 PM

هل تثبت هذه الدراسة بأن اليتم هو سر صناعة وتوليد نص روائي رائع..على الرابط ادناه ما يشير الى ان كثير من اعظم المبدعين كانوا ايتام:


http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=512

ايوب صابر 01-13-2012 08:29 PM

دعوة للعبور هنا:

http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=7637


الساعة الآن 06:08 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team