منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   إذا وقع القدر - قصة نزار ب. الزين (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=8219)

نزار ب. الزين 03-02-2012 01:09 AM

إذا وقع القدر - قصة نزار ب. الزين
 
إذا وقع القدر
عمي البصر
قصة قصيرة واقعية : نزار ب. الزين*
*****
أنا على وشك الولادة يا أمي و قد أكد لي الطبيب أنني أحمل ذكرا ، لك أن تتصوري وقع الخبر على زوجي ، كاد يرقص فرحا ،
و لكن ...
ثمت مشكلة تواجهنا يا أمي ، إجازة الوضع هنا خمس و أربعون يوما فقط ، فمن سيعتني بالرضيع بعد انتهائها ؟
لا توجد بالقرب منا دار حضانة .
و ناظرة المدرسة رفضت – قطعا و بتا – أن أصحب الرضيع إلى المدرسة لأضعه برعاية إحدى العاملات ،
كنا ثلاث حوامل ظروفنا متشابهة ؛رفضت رجاءنا و توسلنا بكل جفاء و غطرسة و استكبار!
اقترحت على زوجي أن أستقيل ، و لكنه رفض – قطعا و بتا – قال لي في معرض تبريره :
- " إنها فرصة العمر لن نضيعها مهما كانت النتائج ! "
- حتى لو كانت على حساب ابننا يا حامد ؟ سألته معاتبة ، فأجابني مطمئنا ً:
- " بعد الولادة و إجازة الوضع يحلها الحلال !! "
هكذا هي عادته دوما يرجئ الأمور ، و لكنني لا أخفي عليك أنني في غاية القلق ، فلست أرى حلاَ لمعضلتنا هذه غير أحد أمرين ، إما استقالتي أو حضورك عندنا للعناية بحفيدك أثناء غيابي .
أنا أعلم أنك مريضة يا أمي و أنك بحاجة للرعاية ،و لكن ما العمل يا أمي ؟ لم يعد أمام ي من أمل إلاكِ ....
أرجوك و أقبل يديك الطاهرتين ، أن تسعي بأقرب فرصة للحصول على ( فيزا ) و الحضور لنجدتي ..
*****
كانت الاجابة على رسالة ( سها ) ورقة نعوة ، فالوالدة انتقلت إلى رحمة ربها ...
بكت كثيرا ...
و بين كل موجتي بكاء كانت تضرب كفا بكف متسائلة و قد تملكتها الحيرة : " كيف سندبر الأمر ؟؟! "
واساها زوجها ، و لكنه كان كلما خلا إلى نفسه يضرب كفا بكف متسائلا و قد تملكته الحيرة : " كيف سندبر الأمر ؟؟! "
واستها زميلاتها ، و لكنهن جميعا مرتبطات بالدوام المدرسي مثلها و لا يمكن لأي منهن أن تقدم أية معونة . و كن يضربن كفا بكف متسائلات " كيف ستتدبرين الأمر يا سها ؟"..
اقترحت إحداهن أن تستدعي مربية من إحدى الدول الآسوية.. و لكن ( حامد ) رفض الاقتراح – قطعا و بتا – فراتب المربية سوف يستقطع معظم راتب زوجته (!) .
ثم أخذ يرجئ البحث بالموضوع – كعادته - كلما حاولت سُها إثارته :
" بعد الولادة و إجازة الوضع يحلها الحلال !! "
كانت تلك إجابته على الدوام .
*****
تمت الولادة بيسر ، و هبط الطفل إلى الدنيا صحيحا معافى ،
فرحا به ، و أغدقا عليه كل حبهما و حنانهما ،كان حامد كلما عاد من عمله يهرع إلى سرير الطفل قبل أن يقرئ السلام على زوجته ، فيبدأ بمداعبته و تقبيله ، و قد أشرقت أساريره و التمعت عيناه بسعادة لم يشعر بها من قبل ...
و لكن .....
و لكن عندما اقتربت إجازة الوضع على نهايتها ، أخذا يضربان كفا بكف ، متسائلين بحيرة : " كيف سنتدبر الأمر ؟ "
رفض حامد مجددا فكرة المربية- قطعا و بتا !
و رفض كذلك فكرة إستقالة زوجته – قطعا و بتا !
ثم ...
ثم تفتق ذهنه عن فكرة ألمعية اعتبرها حبل النجاة ألهمه بها قاضي الحاجات...
*****
بدأ يصحب الرضيع معه
يتركه بالسيارة مع تجهيزاته
ثم يطل عليه كل فرصة بين حصتين
فيرضعه بالبزازة بعناية بالغة ،
و يضيف إلى الحليب الصناعي الذي كان يغذيه منه ، قطرات من ( ماء الغريب ) و هو دواء مهدئ يُعطى للرضع في حالات خاصة (!).
ثم يغير له حفاضاته بلا أدنى تذمر أو اشمئزاز ..
ثم يعود مسرعا إلى حصته القادمة ...
كان يقوم بكل ذلك بمهارة أنثى خبيرة .
*****
و في يوم قائظ ،
قدم إلى المدرسة مفتش مادة العلوم التي كان حامد يدرسها ، فحضر حصتين متواليتين من حصصه ، ثم شغله مع زملاء آخرين بمناقشةٍ حول أدائهم ، استغرقت ساعة أخرى ..
و ما أن انتهى الاجتماع حتى تذكر حامد وليده ،
فهرع الى السيارة ليطمئن عليه ..
ليجده جثة هامدة !
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
الموقع :
www.FreeArabi.com


الساعة الآن 04:09 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team