منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الحوارات الثقافية العامة (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   [ " وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ " ................. ] (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=754)

ناريمان الشريف 10-22-2010 08:54 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حميد درويش عطية (المشاركة 36370)
<B>
بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
</B>
عنوان الزاد
( تكرار التوبة والاستغفار )

<B>
......................................
</B>



إن الاستغفار على قسمين :
الاستغفار بعد كل ذنب ، وهو هنا واجب .. والاستغفار من غير ذنب ، وهو مستحب ..
ولكن هل الاستغفار لابد فيه من التلفظ مثل صيغة الإسلام ، وعقد الزواج ؟..
حيث أن الإنسان الذي يسلم بقلبه ولا يتلفظ الشهادتين ، هذا ليس بمسلم ..
والإنسان الذي يتزوج فتاة بقلبه ، ولا يتلفظ النية : " تزوجت وقبلت " أيضا لا ينعقد النكاح ..
فإذا أذنب الإنسان وندم في قلبه ، وعزم على عدم العود ، ولم يقل : (أستغفر الله ربي وأتوب إليه) هل هذا توبته مقبولة أم لا ؟..
صيغة الاستغفار مستحبة ، وإلا فإن المقدار الذي تتحقق به التوبة هي الندامة القلبية ..
وعليه فإن التلفظ بالصيغة مستحب ، وفي الذنب لابد من الاستغفار ، واحتياطا نتلفظ ؛ وإلا فإن الندامة القلبية تكفي .
إن الله - عز وجل - يصف نبيه المصطفى ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) في كتابه الكريم :
{ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ }
هذا النبي العظيم لا يمكن صدور الذنب منه ، ليس تكويناًً بل اختياراً ومع ذلك كانَ يقولُ أستغفر الله وأتوب إليه ؟..
ما فائدة الاستغفار من غير ذنب ؟..
إن رب العالمين يحب أن يرفع من درجة العبد بطريقين :
الطريق الأول :
السبب الداخلي .. أي يكون هو السبب في رفع الدرجات ، وذلك بالاستغفار ..
فالذي يستغفر ربه من غير ذنب ، رب العالمين يرفع من درجاته ؛ لأنه لم يذنب ويستغفر ..
أما إذا أذنب واستغفر؛ فإنه يحط عنه السيئات ..
فالاستغفار من غير ذنب ، يكون رفع درجات ، لا كفارة سيئات .
الطريق الثاني :
السبب الخارجي .. إذا لم يستغفر الإنسان ، يصب عليه البلايا والمصائب ؛ ليرفع من درجاته ..
فأيهما أفضل : رفع الدرجة بالاستغفار ، أم رفعها بالمحن ؟..
المؤمن دائماً يسأل الله - عز وجل - العافية ، فيقول :
( يا ولي العافية !.. نسألك العافية )
والدليل على ذلك هذه الرواية :
( إن رسول الله -صلى الله عليه وآله- كان يتوب إلى الله ويستغفره ، في كل يوم وليلة مائة مرة من غير ذنب .. إن الله يخص أولياءه بالمصائب ؛ ليؤجرهم عليها من غير ذنب ) .
فإذن ، إن المصائب والاستغفار كلاهما طريقان للأجر، والقرب إلى الله عز وجل ..
وهناك محطتان للاستغفار :
محطة نهارية ، ومحطة ليلية ..
المحطة النهارية : بعد صلاة العصر ، حيث منتصف النشاط النهاري ، يستحب الاستغفار بعد صلاة العصر سبعين مرة ..
والمحطة الليلية : تكون في صلاة الليل ، وكذلك يستحب الاستغفار سبعين مرة
{ وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ }
فالمؤمن الذي يستغفر بعد صلاة العصر مرة ، وبعد صلاة الليل مرة ؛ هذا يعد من المستغفرين كثيرا .
19
10

2010



إنه والله لأطيب زاد
أستغفرك ربي في كل حين
بارك الله فيك.. جزيل الشكر والامتنان على جهدك وجعله ربي مباركاً وفي ميزان حسناتك
اللهم آمين


.... ناريمان

حميد درويش عطية 10-23-2010 07:13 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( صفاء القلب )
إن هذا الرواية المنقولة عن الإمام الصادق ( عليهِ السلام ) تستحق أن تكتب بالنور ..
( إن القلب إذا صفا ، ضاقت به الأرض حتى يسمو ) .
أولاً :
ما معنى القلب إذا صفا ؟..
إن القلب مجمع لأمور ثلاثة :
1 - العقائد :
القلب مستقر العقيدة ، فهي لا ترى .. بخلاف الصوم والحج والصلاة ، فالإنسان في الحج يضع ثوبي الإحرام على بدنه ، ويطوف ويسعى ويصلي .. إذن ، أعمال الأبدان واضحة ، أما أعمال القلوب فهي غير واضحة .. فالذي يكون كافرا ثم يصير مؤمنا بالله - عز وجل - عندما يدخل الإيمان قلبه الباطني ؛ عندئذ يصلي ويصوم .. هذا الإيمان أين دخل ، في أي زاوية من وجوده ، نحن لا نعلم أين ذلك القلب ؟!..
2 - المشاعر :
أي الحب والبغض ، والفرح والحزن ، وغير ذلك من المشاعر ، هذه مكانها القلب ..
فالذي يحب ، يحب بقلبه ، والإنسان بإمكانه أن يتظاهر بالحب ، وقلبه لا يحب ..
والذي يبغض ، يبغض بقلبه .. وكذلك يفرح ويحزن بقلبه .
3 - الخيالات والأوهام :
لا هي عقائد ؛ لأنها أوهام وخيالات تمر على الذهن مرورا ، ولا هو حب وبغض ..
الإنسان قبل النوم تهجم عليه الأفكار ، لذلك البعض يتناول الحبوب المنومةر، لأنه لا يتحمل شوارد الخواطر المزعجة .
إذن القلب فيه :
عقائد ، ومشاعر ، وأوهام وخيالات ..
إذا صفا ؛ أي صفا من الشوائب في هذه المجالات الثلاث .
العقائد :
العقيدة عقيدة حقة ، ولا نعني بالعقيدة الحقة إلا الإيمان بالله عز وجل ..
ومن عدله بعث الأنبياء ( عليهم السلام )، والنبي إذا ذهب عن الأمة ، لا بد له من وصي .. فموسى ( عليه ِ السلام ) غاب عن قومه أربعين ليلة ، فاستخلف أخاه هارون عليهم ،
{ وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ } .
المشاعر :
أن لا يجعل الإنسان في قلبه حبا ، غير حب الله - عز وجل - ..
يقول الإمام الصادق ( عليه ِ السلام )
( القلب حرم الله، فلا تسكن حرم الله غير الله ) ..
قد يقول قائل :
ولكن نحن مأمورون بحب الأولاد .. إن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قبل حسينا وضمه إليه ، وجعل يشمه ، وعنده رجل من الأنصار ، فقال الأنصاري :
إن لي ابنا قد بلغ ما قبلته قط !..
فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - :
( أرأيت إن كان الله قد نزع الرحمة من قلبك ، فما ذنبي ) ؟!..
فإذن ، كيف نجمع بين حب الأولاد ، وحب الزوجة ، وحب الله عز وجل ؟..
الجواب :
هذا يسمى بالحب الطولي ، لا بالحب العرضي ..
أي نحن نحب الأولاد ؛ لأن الله - عز وجل - أمرنا بحبهم .. والدليل على ذلك : أننا نربي الولد ، ونعطيه كل اهتمامنا ، وإذا بلغ أشده وأصبح في مرحلة النضج ، وانحرف عن طاعة الله - عز وجل - نطرده ..
نوح ( عليه َالسلام ) عندما رأى ولده يغرق ؛ تركه
{ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ } ..
وبالتالي ، فإن هذا الحب حب طولي ، مادام الولد على طريق الاستقامة نحبه ..
وهذا الحب حب مقدس !..
ثانياً :
لماذا تضيق الأرض بالإنسان ؟..
إن هناك طائفتين يعيشون في ضيق ، هما :
الطائفة الأولى :
إنسان يعيش في وطنه ، ولكنه يعاني من عدة أمور ، منها : الديون الكثيرة ، والزوجة المشاكسة ، والأولاد المتمردون .. فهذا يضيق به البلد ، ولهذا إذا وجد مجالا ، فإنه يذهب إلى بلد آخر .
الطائفة الثانية :
إنسان وضعه جيد في وطنه ، ولكنه في الصيف ذهب إلى دولة أخرى ، فرأى طبيعة أجمل ، وزوجة أجمل ، ووظيفة أفضل .. أيضا هذا تضيق به الأرض ، ويتمنى ساعة الذهاب إلى تلك الدولة .
فإذن ، إن الناس في الدنيا على قسمين :
قسم تضيق بهم الأرض بما هم فيه من مشاكل .. وقسم من المؤمنين استذوق حلاوة العالم الآخر ، هذا الإنسان لماذا يتمنى الموت ؟..
وهل يتمنى البقاء على هذه الأرض؟..
إن المؤمن تضيق به الأرض ، ليس من باب المشاكل ، وليس من باب المرض النفسي ؛ بل لأنه يرى أن ما بعد الموت أفضل وأجمل !..
ثالثاً :
ما معنى سمو الروح ؟..
إن القلب إذا صفا سما ، فما هذا السمو الآخر في نهاية الرواية : ( حتى يسمو ) ؟..
السمو هنا ؛ أي أن يصل الإنسان إلى درجة القلب السليم .. والقلب السليم بالمعنى الدقيق :
هو ذلك القلب الذي يلقى الله - عز وجل - وليس فيه أحد سواه ..
فالإنسان الذي لا يرى في الوجود مؤثراً إلا هو ؛ لا بد أن تكون عيشته من أرقى صور المعيشة في الوجود !.. وكل قلب فيه شرك أو شك ؛ فهو ساقط ..
وهذا معنى لا إله إلا الله ؛ أي لا مؤثر في الوجود إلا الله عز وجل .
23
10
2010

حميد درويش عطية 10-24-2010 06:22 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( من حالات الحزن )

من الظواهر التي تنتاب المؤمنين من وقت لآخر ، وحتى غير المؤمنين ، ظاهرة الحزن الذي لا وجه له ..
فالإنسان أحيانا يعيش حالة من حالات الضيق والاكتئاب والقلق ، وهو يعلم سبب ذلك ، وأحيانا لا يعلم له منشأ واضحا ..
فلندرس الحالة على ضوء الفرضيتين :
الفرضية الأولى :
إذا علم له منشأ ، فليعالج الحزن بإذهاب منشئه ، كما يقال :
( إذا عرف السبب ، بطل العجب )
نحن بعض الأوقات نبقي المنشأ ، ونعالج المعلول ، فلا نرفع العلة من جذورها ..
من أهم مناشئ الحزن ، إدخال الحزن على الغير .. وخاصة إذا كان مؤمنا ، وذا رحم ، وقريبا ، وذا حق على الإنسان ..
بعض الأوقات إدخال الحزن لا يكون حراما ، مثلا :
رجل يقول لزوجته : أريد أن أتزوج امرأة أخرى .. هذا ليس حراما ، ولكن لماذا يدخل عليها الحزن دون سبب ؟.. وهنا من الممكن أن يدخل رب العالمين الحزن عليه كعقوبة دنيوية ، بسبب هذا الحزن الذي دخل قلبها .
نحن إذا دخل علينا الحزن ، نذهب إلى الأماكن المسلية ..
والحال بأن العلة موجودة ، ويجب علاج العلة من جذورها ، وذلك من خلال عمل جرد شامل لكل من يحيط بنا ، وكل من أدخلنا عليه الحزن ؛ نرفع عنه هذا الحزن ..
فمن أفضل القربات إلى الله - عز وجل - إزالة الهم والغم من قلوب المؤمنين .
الفرضية الثانية :
إنسان في قمة السعادة ، ولعله في ليلة زفافه ، أو في سفر مريح ، ولا يجد أنه كسر قلبا ، إنسان مؤمن لا يتكلم كلمة غير مدروسة ، ومع هذا يجد ضيقا في نفسه
{ كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء }
لعل مقصود الآية :
أن طبقات الجو العليا ، يخف فيها الأوكسجين ، ولهذا كلما ارتفع الإنسان إلى الجبال الشاهقة ، يضيق صدره ؛ لأن الأوكسجين قليل ..
بعض الأوقات الإنسان كأنما يصعد في السماء ، وفي تعبير قرآني آخر :
{ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ }
الذي يعيش الضيق ، يرى ضيقا في حنجرته ، وفي صدره .. فالقصبات الهوائية تضيق في الأحزان ، حتى الأوكسجين الموجود لا يدخل بالكميات الكافية ..
فإذن قد يعيش حالة من الحزن الذي لا سبب له .
إن الله - عز وجل - يبتلي المؤمن ببلاءات :
إما كفارة للسيئات ، وإن لم يكن له سيئات ، فرفع للدرجات ..
ومن هذه البلاءات الحزن المفاجئ ..
إن من البلية :
الخدشة ، واللطمة ، والعثرة ، والنكبة ، والفقر ، وانقطاع الشسع ، وأشباه ذلك ..
إن المؤمن أكرم على الله - تعالى - من أن يمر عليه أربعون يوما ، لا يمحص فيها من ذنوبه ، ولو بغم يصيبه لا يدري ما وجهه .. وإن أحدكم ليضع الدراهم بين يديه ، فيراها فيجدها ناقصة ؛ فيغتم بذلك .. فيجدها سواء؛ فيكون ذلك حطا لبعض ذنوبه ..
هذه اللحظات من الهم والغم ؛ كفارة له .. لم يكن هناك سبب وجيه ، كان مجرد تخيل ، ولكن هذا التخيل أيضا رفعه وقربه إلى الله عز وجل ..
ولهذا أمير المؤمنين علي ( عليهِ السلام ) عندما يصف المتقين ، يقول :
( قلوبهم محزونة ) فالذي يفرح ويمرح ويهرج ، هذا الإنسان بعيد عن أجواء الإيمان .. المؤمن له حزن خفيف ؛ لأنه لا يعلم موقعه من الله عز وجل ، ولا يعلم آخرته ، ولا يعلم برزخه ، ولا يعلم إلى أين أمره !..
وكذلك يحمل هموم المسلمين .
الخلاصة :
إذا كان هناك سبب معلوم للهم ، فإنه يعالج السبب ..
وإن لم يكن له سبب معلوم ، فهذا لطف إلهي ؛ ومع ذلك احتياطا يستغفر الله عز وجل ..
فالاستغفار والصلاة على النبي وآله
بكليهما يطير إلى دار السرور .
24
10
2010

ناريمان الشريف 10-24-2010 08:12 AM

كالمعتاد ..
زاد طيب .. وكلمات تفعم القلب بالسكينة
بارك الله فيك أخي حميد



من القلب تحية ... ناريمان

حميد درويش عطية 10-24-2010 03:34 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناريمان الشريف (المشاركة 37923)
كالمعتاد ..
زاد طيب .. وكلمات تفعم القلب بالسكينة
بارك الله فيك
أخي حميد

من القلب تحية ... ناريمان

*
شكرا ً
أختي ناريمان
على المرور ِ الطيب
جزاك ِ اللهُ سبحانهُ خيرا
ً
24

10
2010

حميد درويش عطية 10-25-2010 06:27 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( مقدمات الأعمال )
إن الشارع المقدس ، يهيئ الإنسان لما يريد تدريجيا :
ففي شهر رمضان ، جعل ليالي القدر في العشر الأخيرة ؛ لذا فهي خير الليالي ..
في موسم الحج كذلك :
الذهاب إلى المدينة عنصر مهيئ ، ثم عمرة التمتع ، وبعد ذلك حج التمتع ..
الحج عرفة ، فلو كان الأمر أن ندخل المسجد الحرام ، فنطوف ، ونسعى ، وفي اليوم الثاني نذهب إلى عرفة ، ثم نبقى عشرة أيام في مكة .. لكان الحج باهتا ؛ لأن الإنسان بعد عرفة يسترخي .
فإذن ، هناك تدريج ، حتى لا يفاجأ الإنسان بالكنز ..
يوم عرفة هو الكنز ، وقبله مقدمات ..
وليلة القدر هي الكنز ، وقبلها مقدمات ..
والصلاة بين يدي الله - عز وجل - هي الكنز ، وقبلها أيضا مقدمات ..
ولكن هذا الكنز ؛ كنز دائمي :
حيث أن الحج يكون في العمر مرة واحدة ، وصوم شهر رمضان في السنة مرة واحدة ، أما الصلوات فهي يومية ، وفي اليوم خمس مرات ..
لذا ، لابد أن نفهم سياسة الشارع بالنسبة إلى الصلاة .
إن رب العالمين ، جعل محطات للإنسان قبل قراءة السورة ..
فالإنسان يصفي نفسه بمصفاة التكرير ، مثل النفط الخام الذي يدخل خاما ويخرج بنزينا .. يصفى مرحلة مرحلة :
المرحلة الأولى :
الوضوء بآداب الوضوء ..
هناك وضوء عادي ، قد يتوضأ الإنسان وهو يتكلم مع زيد وعمرو ، وقد ينظر للتلفاز .. هذا الوضوء صحيح ، ولكن الوضوء الشرعي أن يقرأ الإنسان المستحبات والآداب .. لأن هذه المناجاة في الوضوء ، تهيئ الإنسان للصلاة.. والمتوضئ قبل الصلاة ، أيضا يتوضأ مرة أخرى ؛
لأن ( الوضوء على الوضوء ، نور على نور ).
المرحلة الثانية :
الأذان والإقامة ..
الأذان والإقامة سنتان من سنن الصلاة ..
وبعد " قد قامت الصلاة " يجب عدم التكلم في شيء من أمور الدنيا .. وتشتد كراهة الكلام بعد قول المقيم :
" قد قامت الصلاة " إلا فيما يتعلق بالصلاة .
المرحلة الثالثة :
التكبيرات الست الافتتاحية ، ثم تكبيرة الإحرام ..
وبعد التكبيرات هناك أدعية تهيئ الإنسان للدخول في بحر الصلاة .
المرحلة الرابعة :
الاستعاذة بالله - عز وجل - قبل قراءة السورة :
لأن الشيطان قد يدخل على الخط بعد التكبيرة مباشرة .
الخلاصة :
أن الله - عز وجل - في تشريع الصلاة ، أراد من الإنسان أن ينتقل إلى لب الصلاة بشكل تدريجي :
من أول نظرة لماء الوضوء ، فيقرأ أدعية الوضوء ..
ثم الأذان ، والإقامة .. ثم التكبير؛ قبل التكبير يفكر الإنسان قليلا ، يحاول أن يستجمع أفكاره ، ثم يكبر .. ثم الاستعاذة ..
فحقيقة الصلاة الخاشعة تحتاج إلى تمهيد ، والمصلي ينبغي أن لا يدخل في نقاش مع أحد قبل الصلاة ؛ لأن ذلك يشغله أثناء الصلاة بين يدي الله عز وجل .
كل هذه أجواء مهيئة ، وإلا فإن الأمر يحتاج إلى أمر آخر ، وهو التفاتة القلب ..
فمن لم يسيطر على صلاته من تكبيرة الإحرام ؛ الشيطان يسرقه .. لذا عليه أن يحاول من تكبيرة الإحرام أن يكون مؤدبا بين يدي الله عز وجل ، وإلا إذا تزحلق فهو على جبل جليدي ، لا يلتفت إلا وهو يقول : السلام عليكم ، وهو في خمسين واد من وديان الدنيا .
وبالتالي ، إذا أتقن المصلي التكبير في أول صلاته ، وذكّر نفسه بمقتضى هذا التكبير ، وبمعاني التكبير في كل خطوة من خطوات صلاته ، التي يكبر فيها .. يرجى أن يأتي بصلاة خاشعة ، يقبلها الله - عز وجل - بمنه وكرمه .
25
10
2010

حميد درويش عطية 10-26-2010 06:17 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( محطات السفر الروحي )

إن الإنسان عندما يريد أن يسافر ، يعد العدة لذلك السفر قبل مدة طويلة ، ويبرمج نفسه :
إلى أين يذهب ، ومتى يذهب ، وكيف يذهب ؟.. في السفر المادي هكذا يعد له العدة ، ونحن طوال السنة لدينا محطات للسفر الروحي :
في ليالي القدر هناك سفرة روحية، وفي ليلة عرفة ويوم عرفة هناك سفر روحي ، وفي الليالي البيض من شهر رجب وشعبان ورمضان كذلك هناك سفر روحي ..
الشارع المقدس جعل لنا سفرا روحيا في مناسبات مختلفة خلال السنة ..
كما في السفرات الدنيوية :
نستمتع ، ونستلذ ، ونربح ؛ أيضا في السفرات المعنوية :
نستمتع ، ونستلذ ، ونربح ..
ومن هنا كما أن سفر الدنيا يحتاج إلى إعداد ، كذلك سفر الآخرة يحتاج إلى إعداد ..
قبل ليالي الطاعة ، وقبل أيام الطاعة ، وقبل مواسم الطاعة ؛ لا بد من الالتفات إلى عدة أمور :

أولاً :
الشوق .. حيث أن هناك فرقا بين إنسان يشتاق لشهر رمضان المبارك ، وبين إنسان يتمنى لو أنه يتأخر لأيام !..
ثانياً :
معرفة الأعمال ..
بعض الناس يتفاجأ أن اليوم انتهى ، ولم يعمل بمستحبات ذلك اليوم .. قد يقول قائل:
ما قيمة الغسل والصلاة في ذلك اليوم ؟..
الجواب :
هو أن الله - عز وجل - له عطايا ، وهذه العطايا متوقفة على أمر بسيط ..
ما قيمة الغسل يوم الجمعة ؟.. عادة الناس يوم الجمعة يستحمون ، ولكن من يغتسل يوم الجمعة ، عن الصّادق
( عليه ِ السلام ) قال : ( من اغتسل يوم الجُمعة فقال : " أَشْهَدُ أَنْ لا إِلـهَ إلاّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، وَاَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ .. اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد ، وَاجْعَلْني مِنَ التَّوّابينَ ، واجْعَلْني مِنَ المُتَطَهِّرينَ " ؛ كان طهراً من الجمعة إلى الجُمعة ) ..
رب العالمين يريد أن يغفر ، ولكن يريد مبررا .. كالذي يقيم حفلا ولديه جوائز مكدسة ، فيطرح أسئلة بسيطة ؛ كي يوزع تلك الجوائز والهدايا .. رب العالمين عنده جوائز وعطايا ، - نحن كل يوم نقول : ( إلهي !.. تعرض لك في هذا الليل المتعرضون ، وقصدك فيه القاصدون ، وأمل فضلك ومعروفك الطالبون .. ولك في هذا الليل نفحات وجوائز وعطايا ومواهب ، تمن بها على من تشاء من عبادك ، وتمنها من لم تسبق له العناية منك ) يريد أن يوزع الجوائز ، بأي عذر يوزع ؟..
إذن علينا أن نعلم الآداب والمستحبات في تلك المناسبة .

ثالثاً :
الخشوع .. هناك ثلاث درجات من الخشوع :
1- خشوع الأبدان : أي أن المصلي فكره يذهب يمينا وشمالا ، ولكن هيئته مؤدبة : واقف ، متطيب ، عينه تطرق إلى الأرض ، هيئته هيئة إنسان مؤدب بين يدي الله عز وجل .. هذا خير من ذلك الذي يعبث بلحيته مثلا .. وخشوع الأبدان ؛ هو أضعف الإيمان .
2- خشوع الأفكار : أي أن المصلي يعلم ما يقول ، يقرأ الحمد { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } وهو يعلم أنه يقول : أي يا رب !.. أعبدك حصرا .. إذ أن هناك فرقا بين نعبدك ونستعينك، وبين { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } كلاهم يفهمان الاستعانة والعبادة ، ولكن هذا بنحو الحصر .. أما نعبدك ونستعينك ؛ أي نعبدك ونعبد غيرك ، لا مانع !.. فرق بين إنسان يقرأ المعوذتين في الصلاة وغير الصلاة ، وهو لا يعلم ما معنى { النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ } ،
و{ الْفَلَقِ } و{ غَاسِقٍ }، و{ وَقَبَ } .. وبين إنسان يعلم معنى ما يقر أ..
معظم المصلين والمسلمين والناطقين بالعربية ، لا يعرفون معنى { الصَّمَدُ } .. إذن ، هناك خشوع ذهني ، وهذا أرقى من الخشوع البدني .
3- الخشوع القلبي .. أي أن المصلي عندما يدعو ، يشعر أن هناك مخاطبا ، وأي مخاطب ؟.. إنه رب الأرباب !.. ولهذا بعض المؤمنين ، رب العالمين منّ عليه بسخاء الدمعة ، يقول : يا الله ؛ مرة واحدة ودمعته تجري .. يقرأ : ( اِلـهي !.. وَرَبّي مَنْ لي غَيْرُكَ أَسْأَلُهُ كَشْفَ ضُرّي ) ؛ يبكي بكاء حارا .. هذا الإنسان وصل إلى لب الدعاء ، وإلى جوهر الدعاء .. والمرء إذا وصل إلى مرحلة البكاء أو التباكي ؛ هذا لا ترد له دعوة .. رب العالمين يستحي من عبده المؤمن ، أن يرد يديه صفرا إذا مدت إليه .. يد تمد إلى رب الأرباب ، والدموع تجري ، والقلب يخفق .. أكرم الأكرمين يهمل حاجة العبد ، وهو في بيته ، وبعد الصلاة الواجبة ، في جماعة المسلمين ، وفي سجدة ؟.. أي بعد هذه المقدمات لسان حاله يقول :
( وليس من صفاتك - يا سيّدي - أن تأمر بالسؤال ، وتمنع العطيّة ) ..
هذه عقيدة المؤمن !..
26
10
2010

حميد درويش عطية 10-27-2010 05:58 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( قضاء حوائج المؤمنين )

1

السعي في قضاء حوائج المؤمنين ، أمر مطلوب :
قضيت الحاجة أو لم تقض الحاجة ..
إذن المؤمن عندما يسعى في قضاء حاجة أخيه المؤمن ، لا يحرز النتيجة
{ وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى } ..
السعي مطلوب ، عن رسول الله - صلّى الله عليه وآله - قال :
( أوحى الله إلى داود ( عليه السلام ) : إنّ العبد من عبادي ليأتيني بالحسنة يوم القيامة ، فأحكمه في الجنّة ، قال داوُد : يا ربّ ، ما هذا العبد ؟.. قال : عبد مؤمن سعى في حاجة أخيه المسلم ، أحبّ قضاءها ، قضيت له أم لم تقض ) .
من مشى لامرئ مسلم في حاجته فنصحه فيها ، كتب الله له بكل خطوة حسنة ، ومحى عنه سيئة ؛ قضيت الحاجة أولم تقض ..
فإن لم ينصحه ، فقد خان الله ورسوله ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - خصمه .
إن بعض الناس عندما يبلغ مبلغا إيمانيا يعتد ُ به ، أو حالة روحية راقية ؛ فإنه يعيش حالة الابتعاد عن الناس .. بينما روي في الأزمنة السابقة أن ( عابد بني إسرائيل ، كان إذا بلغ الغاية في العبادة ؛ صار مشاء في حوائج الناس ، عانيا بما يصلحهم ) ؛ أي بعد أن صار عنده علاقة متميزة مع رب العالمين .
يعتقد العرفاء بوجود أربعة أسفار ، يقطعها السالك إلى الله - تعالى - حسب العناية الإلهية :
السفر الأول :
السير من الخلق إلى الحق ، وهو مرحلة عبور عالم الطبيعة إلى الله عز وجل .
السفر الثاني :
السير بالحق في الحق ، وهو مرحلة معرفة الأسماء ، والصفات الإلهية .
السفر الثالث :
السير من الحق إلى الخلق بالحق ، وهو مرحلة الرجوع إلى الخلق ؛ لهدايتهم وإرشادهم .
السفر الرابع :
السير في الخلق بالحق ، وهو مرحلة الهداية الرحيمية .
السفر من الحق إلى الخلق ، حركة ارتدادية ..
هو ينقطع عن الناس إلى الله عز وجل ، فإذا بلغ الذروة نزل إلى الناس ..
ولكنّ هناك فرقا بين من يعاشر الناس بعد أن وصل إلى الله عز وجل ، وبين من يعاشر الناس وهو مأنوس بهم ، فرق بين الأمرين !..
السعي في قضاء حوائج المؤمنين :
هناك عنوان شرعي آخر ، وهو عنوان كفالة اليتيم ..
قضاء حوائج الأخوان من سبل الجنة ، وكفالة اليتيم من سبل الجنة أيضا .. البعض يخلط بين مفهوم مساعدة اليتيم ، ومفهوم كفالة اليتم ..
إذن القضية فيها كفالة ، وكأن هذا اليتيم من ضمن عائلة الإنسان ..
ولا مانع أن يكون هذا اليتيم من ذوي الإنسان ، مثلا :
إنسان يموت أخوه ، فيكفل ابنه أو ابن عمه ..
كفالة اليتيم بالمعنى الكامل هو هذا المعنى ..
إذا وصل الإنسان إلى هذه الدرجة من الرفق بالأيتام ، تصير كل حركة منه مشكورة :
البعض عندما يرى يتيما ، بحركة غير ملفتة يمسح على رأسه ، يمر يده على كل شعر رأسه .. ( المؤمن كَيِّس ، فَطِن ) !..
عن رسول الله ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) :
( أن عيسى بن مريم ( عليهِ السلام ) مر بقبر يعذب صاحبه ، ثم مر به من قابل ، فإذا هو ليس يعذب فقال :
يا رب ، مررت بهذا القبر عام أول فكان صاحبه يعذب ، ثم مررت به العام ، فإذا هو ليس يعذب .. فأوحى الله - عز وجل - إليه :
يا روح الله !.. أنه أدرك له ولد صالح ، فأصلح طريقاً ، وأوى يتيماً ؛ فغفرت له بما عمل ابنه
) ..
هذه هي الصدقة الجارية ، فرق بين إنسان يموت وله في البنوك الملايين لا تفيده مثقال ذرة ، وبين إنسان فقير يموت وله ولد صالح ، يعمل في الحياة الدنيا ما يرفع عنه العذاب وهو في قبره ..
هنيئا لهكذا والد !..
قال صلى الله عليه وآله وسلم :
( إذا مات الإنسان انقطع عمله ، إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له ) ..
البعض حاز هذه الخصال الثلاث.
الخلاصة :
أن المؤمن يحاول أن ينوع سبل الخير :
يكفل يتيما ، ويبني مسجدا ، وينشر كتابا .. لعل الله - عز وجل - يقبل منه أحد هذه الأمور ، فيكون من الفائزين !..

27
10
2010

حميد درويش عطية 10-28-2010 06:18 AM

قضاء حوائج المؤمنين

2

بالنسبة إلى قضاء حوائج المؤمنين لابد أن نلتفت إلى ثلاث نقاط :
النقطة الأولى :
أن هذا المؤمن منتسب إلى الإسلام وبالتالي منتسب إلى رسول الله ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) ..
نحن من أمة النبي المصطفى ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) ، ويوم القيامة يباهي بنا الأمم ، عن النبي الأكرم
( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) :
( تناكحوا تكثروا، فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة ولو بالسقط ) .
إن الإنسان إذا قضى حاجة مؤمن ، يكون قد أدخل السرور على النبي ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) ..
( من أدخل السرور على مؤمن فقد أدخله على رسول الله ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) ..
ومن أدخل على رسول الله ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) فقد وصل ذلك إلى الله - عز وجل - وكذلك من أدخل عليه كربا ) ..
وقال أيضا : ( تنافسوا في المعروف لإخوانكم وكونوا من أهله ، فإن للجنة بابا يقال له : المعروف لا يدخله إلا من اصطنع المعروف في الحياة الدنيا ، فإن العبد ليمشي في حاجة أخيه المؤمن فيوكل الله - عز وجل - به ملكان : واحدا عن يمينه وآخر عن شماله ، يستغفران له ربه ، ويدعوان بقضاء حاجته ..
ثم قال: والله !.. لرسول الله - صلى الله عليه وآله - أسر بقضاء حاجة المؤمن إذا وصلت إليه من صاحب الحاجة ) .
النقطة الثانية :
البعض يظن أن قضاء الحاجة ، هو في إنقاذه من ميتة ، أو من ورطة عظيمة ..
ليس الأمر كذلك ، بل قد يكون قضاء الحاجة بأمر بسيط جدا ..
يوم القيامة تتعادل الحسنات مع السيئات وفي بعض الأوقات - مع الأسف - يأتي وله من الحسنات كجبال تهامة ، ولكن يعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته إلى أن يصبح مفلسا ، عن النبي الأكرم ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) :
( يأتي يوم القيامة أناس من جلدتكم ، أعمالهم كجبال تهامة ، سيجعلها الله - تعالى- هباء منثورا ) ..
وسأل رسول الله ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) مرة أصحابه : ( أتدرون ما المفلس ) ؟.. قالوا:
المفلسُ فينا من لا درهم له ولا متاع ..
فقال :
( إنّ المفلس من أمّتي ، يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام .. ويأتي قد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا، وضرب هذا .. فيعطي هذا من حسناته ، وهذا من حسناته .. فإن فنيت حسناتُه قبل أن يقضي ما عليه ؛ أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ، ثمّ طرح في النار ) .
هنا لو أن الله - عز وجل - وجد في ديوان عمل العبد حسنة واحدة ، - تساوت الحسنات مع السيئات ، أو لا سيئات له ولا حسنات - هذه الحسنة كافية ؛ لأن يدخل بها الجنة ..
( يُؤتى بعبدٍ يوم القيامة ليست له حسنة ، فيُقال له : اذكر وتذكّر هل لك حسنةٌ ؟.. فيذكر فيقول : يا ربّ !.. ما لي من حسنة ، إلا أنّ عبدك فلاناً المؤمن مرّ بي ، فطلب مني ماءً يتوضأ به فيصلّي به ؛ فأعطيته .. فيقول الله - تبارك وتعالى - أدخلوا عبدي الجنة ) !..
وهناك شاهدان في القرآن الكريمر ، على أن العمل القليل قد يكتب له الخلود والعظمة :
الشاهد الأول :
في بدء الخليفة ، { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ } .. هذا قربان قبله الله - عز وجل - فذكره في كتابه .
الشاهد الثاني :
في سورة الدهر { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا } ..
أقراص من الخبز قدمها علي وفاطمة : لليتيم ، والأسير ، والمسكين ؛ ولكن سر الخلود يكمن في { إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا } ..
رب العالمين تقبل منهم ، وأنزل سورة في القرآن الكريم ، محورها هذا العمل .
النقطة الثالثة :
البعض يعمل لوجه الله تعالى ، ولكن إذا جاءه شكر أو ثناء ؛ يفرح .. والحال أن المؤمن لا ينتظر مكافأة ممن أحسن إليه ، ولا يأبه بالنتائج ؛ لأن غايته شيء واحد ، وهو طلب الأجر والثواب من الله - عز وجل - وحده
{ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا } .
28
10
2010

حميد درويش عطية 10-29-2010 06:27 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( التوبة المقبولة)
إن البعض منا عندما يقال له : إستغفر الله !.. يقول مرة واحدة ، وبلقلقة لسان :
" أستغفر الله ربي وأتوب إليه " وإذا أراد أن يُكثّف استغفاره ؛ يستغفر مائة مرة .. ويظن أنه بذلك استغفر حقيقة !.. والحال أن معنى الاستغفار الذي يفسره لنا علي (عليهش السلام ) مختلف عما نفهمه نحن .
قال (عليه ِ السلام ) :
(اَلاِسْتِغْفَارُ دَرَجَةُ اَلْعِلِّيِّينَ ، وَهُوَ اِسْمٌ وَاقِعٌ عَلَى سِتَّةِ مَعَانٍ : أَوَّلُهَا : اَلنَّدَمُ عَلَى مَا مَضَى .. وَاَلثَّانِي : اَلْعَزْمُ عَلَى تَرْكِ اَلْعَوْدِ إِلَيْهِ أَبَداً .. وَاَلثَّالِثُ : أَنْ تُؤَدِّيَ إِلَى اَلْمَخْلُوقِينَ حُقُوقَهُمْ ؛ حَتَّى تَلْقَى اَللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - أَمْلَسَ ، لَيْسَ عَلَيْكَ تَبِعَةٌ .. وَاَلرَّابِعُ : أَنْ تَعْمِدَ إِلَى كُلِّ فَرِيضَةٍ عَلَيْكَ ضَيَّعْتَهَا ؛ فَتُؤَدِّيَ حَقَّهَ ا.. وَاَلْخَامِسُ : أَنْ تَعْمِدَ إِلَى اَللَّحْمِ اَلَّذِي نَبَتَ عَلَى اَلسُّحْتِ ؛ فَتُذِيبَهُ بِالْأَحْزَانِ حَتَّى تُلْصِقَ اَلْجِلْدَ بِالْعَظْمِ ، وَيَنْشَأَ بَيْنَهُمَا لَحْمٌ جَدِيدٌ .. وَاَلسَّادِسُ : أَنْ تُذِيقَ اَلْجِسْمَ أَلَمَ اَلطَّاعَةِ ؛ كَمَا أَذَقْتَهُ حَلاَوَةَ اَلْمَعْصِيَةِ .. فَعِنْدَ ذَلِكَ تَقُولُ : أَسْتَغْفِرُ اَللَّهَ) .
اَلاِسْتِغْفَارُ دَرَجَةُ اَلْعِلِّيِّينَ .. أي أن الإنسان المستغفر حقيقة واصل لدرجة عالية ؛ لأنه :
عرف ربه أولاً ، واستحى منه ثانياً ، وعرف ضعفه ثالثاً .. أدرك هذه المعادلة الكبيرة ، ومن هنا يستغفر ربه بكل تفاعل .. يونس (عليه ِ السلام ) هذا النبي العظيم ، من الممكن أنه قال الذكر اليونسي مرة واحدة ، القرآن الكريم لم يقل : فنادى عشرات المرات ، أو مئات المرات .. بل قال :
{ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لّا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ }؛ كلمة { فَنَادَى} تتحقق بمرة واحدة .. حيث وصف الذات بأعلى الأوصاف ، فقال : { لّا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ} ؛ أي لا مؤثر في الوجود إلا أنت .. ثم نزهه من كل تقصير ، فقال : { سُبْحَانَكَ}؛ أي يا رب، أنت المنزّه، وما وقعت به فهو من فعلي أنا.. ثم جعل نفسه هو الظالم وهو المقصّر، فقال: {إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}؛ أي أنا ظلمت نفسي.. هذه هي أركان الإنابة إلى الله عز وجل.. ثم يفصل الإمام ( عليه ِ السلام ) في معنى التوبة :
أولاً :
الندم .. إذا أحسّ الإنسان بحالة الندامة الباطنية؛ يكون قد عاد إلى ربه.. لأن العودة إلى رب العالمين عودة قلبية، لا عودة مادية.. فالقلب إذا لم يندم: فلا رجوع، ولا إنابة، ولا توبة في البين.. ومن هنا الفقهاء في الرسالة العملية، يقولون: لو ارتكب الإنسان ذنبا، ثم ندم ولم يتلفظ بالاستغفار؛ هذا الإنسان تائب.. نعم، يستحب له أن يتلفظ بألفاظ التوبة، وإلا بندامته فهو تائب.. كالمصلي الذي ينوي أن يصلي بين يدي الله عز وجل، يكبّر ويقف للصلاة؛ فإنه يعد مصليا، رغم أنه لم يتلفظ بشيء.
ثانياً :
عدم العود.. هناك فرق بين الندم الذي معه عزم، وبين الندم العابر.. العصاة عادة يندمون على ما هم فيه؛ أي يعيشون حالة الأسى والأسف.. ولكن المشكلة في سرعة الرجوع إلى ما كانوا عليه؛ أي هناك ندم، ولكن ليس هناك عزم على عدم العود..
علي (عليه ش السلام ) يقول: من شروط الاستغفار؛ العزم على العود.. لا يعزم على الترك في شهر رمضان؛ احتراماً للشهر الكريم.. بل يجب ترك الذنب مطلقا، والعزم على عدم العود إليه أبدا.

ثالثاً: تأدية حقوق المخلوقين.. الإنسان الذي يستغفر من السرقة، وأموال الناس في جيبه، أو في حسابه؛ هذا إنسان مستهزئ بالاستغفار.. فالقلب الذي يريد أن يلقى الله -عز وجل- بنقاء تام، وبسلامة تامة؛ لابد أن يكون مثل الحجر الأملس الذي لا غبار عليه؛ ليس عليه تبعة.

رابعاً: تأدية حقوق الخالق.. الإنسان الذي في ذمته: صلاة، أو صوم، أو حج، أو خمس، أو...الخ؛ عليه أن يقضي تلك الحقوق.. البعض يكون في أواخر عمره، ولا زال عليه قضاء صلوات.. ستون سنة، وهو لم يؤد حقوق الله عز وجل؛ فضلا عن حقوق المخلوقين.

خامساً: إذابة اللحم الذي نشأ من السحت.. وذلك من خلال الصيام والأحزان، ثم ينشأ لحم جديد من مال حلال.

سادساً: إذاقة الجسم ألم الطاعة.. الإنسان عندما أذنب استمتع بالمعاصي.. فالمعاصي فيها متعة، وفيها لذة؛ وإلا الشيطان لما أغرانا بذلك {لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}.. طبيعة الحرام فيه جاذبية: من مأكوله، ومشروبه، و...الخ؛ كل هذه المحرمات فيها جاذبية.. هو تلذذ بالحرام في فترة من حياته، والآن: تاب، وندم، وعزم، وأدى الحق الذي عليه.. وكذلك يجب أن يذيق الجسم ألم الطاعة، كما أذاقه حلاوة المعصية.. فعند ذلك يقول: استغفر الله.

إن الإنسان الذي وصل إلى ملكوت الواجب والمستحب؛ يتلذذ بأداء التكليف.. عندما يذهب إلى الحج، ويعاني ما يعاني في طريق الحج؛ يتلذذ في هذه الصعوبات، كما يقال: لذة الخطاب أذهبت العناء.. أي أن الإنسان الذي يخاطب بالتكليف، هذا تشريف إلهي بالنسبة له.. ولكن إنسانا حديث عهد بالمعاصي والذنوب، من الطبيعي أنه في أول الطريق إلى الله عز وجل، يعيش ألم الطاعة.. الطاعات لا تناسب مزاجه إلا تكلفا، يقوم لصلاة الليل متناعسا، ومتثاقلا.. ولكن بعد فترة لو فاتته نافلة الليل في ليلة من الليالي، لمرض أو لنعاس؛ يكون في النهار في حالة يرثى لها؛ لأنه لم يقف بين يدي الله عز وجل.

الخلاصة :
أن العبد يصل في مراحل التكامل إلى درجة، لو خير بين المتعة المادية والمتعة المعنوية؛ فإنه يقدم المعنى على المادة، على أنها متعة زائدة، وليس من باب التقرب.. مثلا: يستحب للإنسان في ليلة الزفاف أن يصلي لله -عز وجل- ركعتين.. البعض يعيش الأنس في هاتين الركعتين، أكثر مما يعيشه من بعض اللذائذ الحسية..
29
10
2010


الساعة الآن 08:41 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team