الحيرة بين عام مضى وعام قادم
سلام الله عليكم
لا أحب الذاتية ، و أتطلع دوما إلى شيء من الموضوعية ، رغم أن المنطق جاف و لا يتسع للتأويل و صدره ضيق جيدا ، يؤمن بالمعادلات الصارمة . أتصور أنه لولا الذاتية لما تم تحديد أدبيات المنطق والمنهاج العلمي ، فالذاتية هي رغم كل سلبياتها منبع الإبداع . فكل انتاج علمي مهما بلغت دقته مرتبط بذات إنسانية هيأت له أسباب الوجود . قد لا أكون محبا للذاتية لكن في الوقت ذاته لست على قطيعة معها ، بل أجد نفسي أحيانا أمارس ذاتيتي على المواضيع ، بل أحن إلى ذاتي الحائرة كلما تأقلمت مع واقع معين و صارت على منهاج رتيب صارم ، بل أحيانا أجد كل من رسم مسارا لحياته و تخندق بين حيطانه رمزا للرتابة و توقف التاريخ ، فبعض الفوضوية الذاتية هي ما يجعل لإعادة الترتيب رونقا خاصا . عام مضى بكل مالنا وماعلينا ، لعل المحتفلين بأعياد الميلاد سواء المرتبطة بالتدين أو المرتبطة بالذات ، يحاولون بطريقة ما دفن الماضي و الانشراح نحو المستقبل ، فيحاولون التيمن باللحظات الأولى من كل سنة يباشرونها . قد تختلف الفلسفات بين التحسر على ما مضى والبكاء عليه في محاولة للانتقام من الذات التي لم تفلح في اسكات جوع الحيرة التي تفترسها ، و بين تلك التي تزغرد المستقبل و تعيش على الحلم الجميل فتفتحت فيها أسارير الوهم الفواح مع كل خطوة نحو المستقبل ، و قد تجد اتجاها ثالثا قاطع الماضي كما المستقبل فيؤمن بعيش لحظته بل يرى الحياة على طبيعتها لحظة مستمرة لا يلمس فيها الماضي و لا المستقبل ، بل يأخذها ببساطة فيغترف منها كيف يشاء غير آبه بالزمن . كلما حلت نهاية العام جاءتني كل تلك الاتجاهات دفعة واحدة يتصارعن أيها تستحق الظفر بروحي فيجدنني في حيرة . تلك الحيرة التي تحاول أن تقول كلمة ، تحاول تحسّس القيمة ، تحاول ملامسة الذات و مبتغاها ، فلا أقف فيها إلا على حقيقة واحدة أن صورتي تتغير ، فلا أعتقد أن صورنا و هيآتنا بمعزل عما يختلج في عمق الذات الحقيقية التي تتوارى واء الجسد ، فحتى لو حاولت تجاهل القلق والحيرة و أو حاولت التعبير عن كونك عصيا على التغير ، وتحاول فرملة الحياة ، فصورتك تحكي عكس ما تلزم به الذات . قد تكون السنة الجديدة مرحبا بها عند البعض و موطن تشاؤم عند الآخرين ، و قد يستغني الكثيرون عن تحمل مشاق هذا الحيرة ، لكن ذلك لا ينفي أننا نتغير . و كل تغير و أنتم بخير |
نأمل أن يكون التغيير للأفضل أخي ياسر وليس بعكس عقارب الساعة ، كما في كل سنة سابقة ،
والله المستعان على كل حال ، تحيتي وأحترامي مع جوري القدس بهية المدائن ، |
العزيز / ياسر علي يُسعدني أن أقرأ جمال حرفك ، والذي يحمل شيئاً من التفاؤل ، في هذا الزمن الصعب ... أتمنى لك كل الخير ... |
اقتباس:
لا يمكن أن يكون لغير الأفضل ، و لو بدا على غير طبيعته ، لأن لها مدبرا حكيما ما يلزمنا أن نجسد هذه القيمة و نحاول و نجتهد لعلنا نكون من الذين يستحقون مرضاة ربهم . شكرا لكم على هذا المرور المثمر . تحيتي لكم سيدي |
اقتباس:
التفاؤل ضروري لاستمرار الحياة و لو يئس الفرد لأقفل عن المسير و اسودت في عيونه المثابرة و الاجتهاد و لكان في عداد الأموات . أمتعني مروركم القيم و تقبل تحيتي و احترامي |
الساعة الآن 05:39 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.