منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر غرفة الضيافة. (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=78)
-   -   من فمك نكتب سيرتك: لقاء مع المبدعة ناريمان الشريف (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=8619)

ايوب صابر 04-19-2012 08:20 AM

من فمك نكتب سيرتك: لقاء مع المبدعة ناريمان الشريف
 
من فمك نكتب سيرتك

كنت قد قرأت رواية كتبتها المبدعة نريمان الشريف هنا وكانت الرواية تدور حول قصة فتاة عاشت طفولة كارثية وتعرضت للكثير من الألم.

لا أعرف اذا كانت نريمان قد ضمنت الرواية شيئا من سيرتها الذاتية ام لا؟ لكن الحميمية التي كتبت فيها الرواية والوقع الذي تركته في نفسي كانت توحي بأن نريمان عرفت عن قرب الأحداث التي عصفت بطفولة تلك الفتاة.

اليوم نستهدف وضمن فعاليات مبادرة ( من فمك نكتب سيرتك )باسئلتنا الساخنة والنارية وضمن سلسلة اللقاءات هنا، المبدعة نريمان الشريف لنتعرف على طفولتها.

يسرنا أن نلتقي بها هنا لنسألها مجموعة أسئلة ( نارية ) والتي نرجو أن تجيب عنها بكل صراحة وأريحية وتفصيل رغم ان بعضها قد يكون مؤلما ً ويحرك ما ركن طويلا في ثنايا الذاكرة.

وعلى أمل أن نتمكن في النهاية من وضع سيرة ذاتية متكاملة وتفصيلية للمبدعة نريمان الشريف تنشر في (موسوعة منابر ثقافية)- تحت التأسيس- وبما يخدم المشروع الثقافي العربي، ويخلد نريمان في سجل الخالدين:

الأستاذة نريمان الشريف
تحية طيبة وبعد ،
شكرا على مساندتك هذه المبادرة التي نحاول من خلالها كسر تابوهات الخجل والتردد والعيب الخ...والتي تمنع المبدع العربي عادة من البوح والحديث عن نفسه كما تبين لنا.

نحن وكما شرحنا في أهداف (موسوعة منابر ثقافية ) نهدف إلى تأسيس صرح ثقافي رائد يخلد المبدعين العرب من ناحية، ومن ناحية أخرى يوفر معلومات تفصلية ( حقائق ) عن حياة المبدع العربي وسيرته الذاتية لعل هذه المعلومات تخدم عند توفرها في عمل دراسات وبحوث غاية في الأهمية وتؤسس لـ:
1- فهم جديد لقضايا الإبداع والعبقرية ومصدرها.
2- رصد وفهم الصفات والسمات الشخصية للمبدع والعبقري.
3- علاقة أحداث الطفولة بمخرجات العقول والقدرات الإبداعية العبقرية.
4- فهم جديد للشخصية الإنسانية وربما وضع نظرية للشخصية تقوم على دراسات وبيانات إحصائية وتحليلية.
5- فهم سر الروعة في المخرجات الإبداعية عند أفضل الكتاب في كل المجالات.
6- فهم العلاقة بين أحداث الطفولة والقدرة على إنتاج مخرجات خالدة وذات اثر.
7- فهم العلاقة بين طبيعة الأحداث ونوعية المخرجات الإبداعية.
8- أغناء المحتوى العربي على الإنترنت .
9- توفير مادة دراسة لطلاب الجامعات والباحثين والدارسين...وهكذا.

وعليه يسرنا أن تكون الأستاذة نريمان الشريف ضيفتنا هذه المرة ضمن فعاليات هذه المبادرة المهمة ( من فمك نكتب سيرتك الذاتية ) .

اهلا وسهلا،،

ايوب صابر 04-19-2012 11:44 AM

مقابلة صحفية ( حصرية لا يجوز نقلها او نقل اي جزء منها دون موافقة منابر ثقافية وصاحبة الشأن) مع الأستاذة نريمان الشريف:

س1‌- هل لك أولا أن تعرفينا على نفسك:
أ‌- الاسم الكامل:
ب‌- مكان الولادة :
ت‌- سنة الولادة:
ث‌- مجال الإبداع:
ج‌- طبيعة ومجال عمل الأب وألام:

س2 - أريد أن أعود بكِ في سؤال إلى بدايات التكوين...هل صدف أن قصت عليك والدتك كيف كانت ظروفها اثناء الحمل بك؟ أي كيف كانت ظروف الحمل وأنت جنين؟ هل مرت الوالدة بتجربة صادمة مثلا خلال فترة الحمل تلك؟ ام كان الحمل طبيعيا؟ وكم كان عمرها اثناء الحمل بك؟

س-3 كيف تصفين ظروف العائلة الإقتصادية قبل الولادة وأثناء الطفولة؟ وما طبيعة عمل الأب وما هي طباعه:هل كان مزاجيا ً؟ هل كان شديدا ً صعبَ المراس؟ أم متسامحا ً؟؟ هل كان كبير السن عند الولادة؟ هل كان متواجدا ً أثناء الطفولة؟ وهل كانت الأم تعمل وما طبيعة عملها في حينه؟ وكيف تصفين مزاجها؟

س4- هل لكِ أن تحدثينا عن ظروف النشأة والطفولة:
ا- ظروف الولادة والطفولة المبكرة ( خلال السنوات الثلاث الأولى)..هل هناك أي أحداث مهمة:
- هل كانت الولادة طبيعية.
- هل أصبت بأي أمراض في تلك المرحلة؟خلع ولادة ؟ خلل هرموني؟
- هل هناك وجود للمرضعة؟
- هل هناك حضور مؤثر للأجدادوالجدات؟

ب- ظروف الدراسة وأهم الأحداث حتى الانتهاء من الدراسة المدرسية:
- الروضة؟
- المدرسة؟ الابتدائي الثانوي؟ التدريس الخصوصي؟ القراءة والمطالعة؟ وكيف كانت العلاقة مع المدرسة: هل كنت تحبين الدارسة والمدرسة أم كنت تتفلتين منها؟
-هل حدث أي تغير في الظروف المعيشية خلال هذه الفترة (من 3 - 18 سنة) هل تعرض الوالد لظروف اقتصادية صعبة أو خسائر مالية صادمة أثناء فترة الطفولة؟
- وما هي الأحداث التي حصلت خلال هذه الفترة وتركت اثرا في الذاكرة بغض النظر عن قيمتها بالنسبة لك؟ مثلا هل تعرضت احدى زميلائك في الصف لحادث؟ هل تعرضتِ أنت أو قريب للغرق أو لعضة حيوان؟ (توضيح : المطلوب هنا البحث في ثنايا الذاكرة عن كل الأحداث التي تركت بصمتها في الذاكرة والتي قد لا تبدو مهمة بالنسبة لنا ).
- هل حدث تغير على مكان السكن؟
- هل كان هناك سفر إلى بلاد أخرى؟ وأين؟
- ما هو عدد الإخوة في العائلة ؟ وما هو الترتيب بين الإخوة والأخوات؟
- هل اختبرت الموت في هذه المرحلة وحتى سن الحادية والعشرين وكيف؟ بمعنى هل مات احد قريب منك وشكل موته صدمةأو إشكالية لك؟
- متى كانت اول مرة تعرفت على الموت؟

يتبع،،،

تابعوا معي اجابات الاستاذة نريمان الشريف، وعسى أن لا تكون طفولتها بتلك الدرامية الرهيبة التي اختبرناها في روايتها المذكورة، على كل حال وعلى سبيل الاحتياط جهزوا المحارم الورقية حتى وإن لم تكن طفولتها بتلك الدرامية، سوف يؤثر اسلوبها في الحكي المغمس في الوجع علينا الى حد دفعنا للبكاء ربما؟! ألا يكفي أنها عاشت طفولتها في جزء ملتهب من العالم فيه الكثير من الألم والخوف والقهر والوجع والذئاب!

ناريمان الشريف 04-19-2012 02:27 PM

الأستاذ أيوب صابر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حقيقة تفاجأت بهذا اللقاء ..وبصدق هذا ما كنت أرغب فيه .. حيث أنني حاولت أكثر من مرة أن أكتب لنفسي عن نفسي ولكنني فشلت .. فقد يكون استفزاز الذاكرة واستحضار ما فيها أمام الآخرين يعطيني الشجاعة والدعم للاستمرار وعدم التوقف .. لذلك أعدك بأن أكون هنا الليلة للإجابة عن أسئلتك وبكل صراحة ... ولكن نبش الذاكرة واستعادة ما مضى يحتاج إلى كثير من الجهد النفسي والعصف الذهني لتذكر تلك الأيام بالتفصيل ...
ولا بد من توضح أمر :
أؤيد تخمينك في أن أيام الطفولة تعج بالأحداث المؤلمة والمفرحة في ذات الوقت .. لكن الرواية التي بدأت في كتابتها هنا على صفحات منابر لم تكن تخصني بل كانت تخص إحدى صديقاتي المقربات جداً والتي كان لها اثر كبير على طفولتي ...
أشكرك جزيلاً على استضافتك ..


تحية ... ناريمان

ناريمان الشريف 04-19-2012 10:15 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
ببسم الله العظيم أبدأ .. فكل كلام لا يُبدأ فيه ببسم الله فهو أقطع ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :

س1‌- هل لك أولا أن تعرفينا على نفسك:

أ‌- الاسم الكامل:
ب‌- مكان الولادة :
ت‌- سنة الولادة:
ث‌- مجال الإبداع:
ج‌- طبيعة ومجال عمل الأب والام:



ولدت حينما لسعت الشمسُ وجهَ القمر وهو بدر .. فجاءه المخاض .. ليلاً في الرابع عشر من فبراير عام ألف وتسعمئة وتسعة وخمسين (1959) للميلاد .. على يد قابلة مسيحية في مدينة السلط الأردنية .. فأسموني ( ناريمان ) اسم أعجمي يعني الملكة ..
وكامل اسمي : ناريمان محمد شافع الشريف
أما مجال الابداع حسب ما أرى بنفسي .. فأنا أبدع في القراءة أكثر ما أبدع في الكتابة .. فمن وجهة نظري أن فهم المقروء - حسب ما يريد كاتبه - يحتاج إلى مقدرة عالية
عشت بين أبوين يتقاربان في المستوى التعليمي فكلاهما أتمّ السادس الابتدائي .. والدي يرحمه الله كان يعمل موظفاً في الأمن العام الأردني حتى عام 1971 على ما أذكر .. أما أمي أطال الله في عمرها .. فربة بيت من الطراز الأول وأم بكل ما تحمل الكلمة من معنى .. وأظنها أعظم وظيفة !!


... هذا رد على السؤال الأول ...
تحية .. ناريمان

ناريمان الشريف 04-19-2012 10:49 PM

س2 - أريد أن أعود بكِ في سؤال إلى بدايات التكوين...هل صدف أن قصت عليك والدتك كيف كانت ظروفها اثناء الحمل بك؟ أي كيف كانت ظروف الحمل وأنت جنين؟ هل مرت الوالدة بتجربة صادمة مثلا خلال فترة الحمل تلك؟ ام كان الحمل طبيعيا؟ وكم كان عمرها اثناء الحمل بك؟

س-3 كيف تصفين ظروف العائلة الإقتصادية قبل الولادة وأثناء الطفولة؟ وما طبيعة عمل الأب وما هي طباعه:هل كان مزاجيا ً؟ هل كان شديدا ً صعبَ المراس؟ أم متسامحا ً؟؟ هل كان كبير السن عند الولادة؟ هل كان متواجدا ً أثناء الطفولة؟ وهل كانت الأم تعمل وما طبيعة عملها في حينه؟ وكيف تصفين مزاجها؟


بالنسبة لظروف الحمل فكانت اعتيادية كباقي النساء .. إلا أنها كانت تتعب فترة الحمل قليلاً بسبب ما يُشاع في عالم النساء عما يسمى ب ( الوحم ) .. حيث حملت أمي لأكثر من خمس عشرة مرة .. لكنها فقدت خمسة منهم , ثلاثة قبل الولادة واثنتان بعدها .. وبقي من المجموع عشرة .. سبع بنات وثلاثة أولاد .. ويعتبر ترتيبي الرابعة .. من بين البنات والأولاد .. فأول خمسة في العائلة كنّ إناثاً وهذا بالتأكيد مزعج في تقاليد عالمنا العربي ... وكم كانت أمي تروي أنها وأبي كانا ينزعجان من تتالي البنات في العائلة .. وفي كل مرة يدعوان الله تعالى أن يرزقهما بالصبي ..ومع ذلك كنت الأسعد حظاً بينهن لأن البنت التي كانت قبلي توفيت والتي بعدي توفيت .. حتى أحبتني أمي وأحبني أبي وبدا ذلك واضحاً حتى وأنا في هذي السن من عمري ... أما عمرها عندما أنجبتني فكانت صبية وبالتقريب في العشرينات .. أما أبي فكان في الثلاثينات ..
ومن البديهي أن تكون الحياة الاقتصادية بسيطة جداً فأبي موظف بسيط راتبه بالكاد يكفي للنفقات الضرورية جداً من طعام ومسكن وملبس وعلاج .. وأعتقد أن هذا أحد الأسباب التي جعلت منه عصبي المزاج جداً جداً .. فكان يثور لأتفه الأسباب وخاصة بعد انتهاء الراتب مباشرة .. حيث كان يعمل في العاصمة عمان ويعود كل يوم إلى السلط مكان السكن .. وهذا ما يزيد من مصاريف النقل .. وحسب روايات أمي أنه لم يكن يطيق بكاء الصغيرات .. وبرغم عصبيته الشديدة إلا أنه كان عطوفاً رقيق القلب يحمد الله على ما رزقه ويبكي كثيراً ليرزقه الله بالصبيان ...
الكثير من الحكايا ترويها أمي عن سهرها طوال الليل على ماكينة الخياطة تحيك لنا الملابس .. وأحياناً كثيرة تقصّر ملابس الكبيرة لتناسب الصغيرة .. حتى نبدو بأجمل صورة وأحلى لباس ..وهذا ما يؤكد أنها ست بيت مدبرة .. وكثيراً ما كانت تستشهد بالمثل الشعبي القائل ( الرجل جنّى والمرأة بنّى )
حتى رزقه الله بأول الصبيان بعد خمس بنات .. كانت فرحته لا توصف .. ومنذ تلك اللحظة .. بدأت معاملته للصبي تختلف عن البنات .. فكل ما يقوله الصبي صحيح وكل ما يفعله مقبول .. وكبرنا وحكاية التفوق الذكوري على الأنوثة تكبر معنا ..


......

ناريمان الشريف 04-19-2012 11:14 PM

س4- هل لكِ أن تحدثينا عن
ظروف النشأة والطفولة:
ا- ظروف الولادة والطفولة المبكرة ( خلال السنوات الثلاث الأولى)..هل هناك أي أحداث مهمة:

- هل كانت الولادة طبيعية.
- هل أصبت بأي أمراض في تلك المرحلة؟خلع ولادة ؟ خلل هرموني؟
- هل هناك وجود للمرضعة؟
- هل هناك حضور مؤثر للأجدادوالجدات؟


بحمد الله تعالى كانت الولادة طبيعية ..وأمي هي التي أرضعتني ولكن لم تطل الرضاعة الطبيعية بسبب حملها المتواصل .. ففي كل سنة كانت تلد مولوداً جديداً ولا يتسنى لها إرضاع ما سبقه ... ولا أذكر من أمراض أصابتني سوى حمى شديدة التي أعقبت إصابتي بالحصبة .. وهذا ليس مما ترويه أمي بل أذكرها حيث وصلتُ إلى حد الهلوسة بسبب ارتفاع شديد في درجة حرارتي ...
ومما اذكر من أحداث خلال السنوات الثلاث الأولى حادثة حصلت لأختي الكبرى حين ضربتها الكهرباء وأخرى لأختي الأصغر منها والتي برك فوقها جمل وهي تسير في أحد شوارع مدينة السلط .. وبحمد الله تعالى سلمهما الله من تلك الحادثتين ..
عاش أبي يتيم الأب حيث توفي والده وهو رضيع لذلك فأنا لا أعرف جدي يرحمه الله سوى من الصورة القديمة التي كانت معلقة على الجدار في بيتنا ... ومن الحكايا التي تروى عنه أنه كان قاضياً وإماماً وشيخ طريقة .. محبوباً جداً حتى أنه كان عندما يخرج من المسجد يتجمع حوله الأطفال فيوزع عليهم الحلوى التي يخبئها في جيوبه .. ولعظم شخصيته وتأثيره كانت تعرض عليه الزوجات ويقدَمْنَ له كهدايا.. فتزوج عشر نساء .. بعضهن من مدن فلسطينية غير الخليل .. وكانت جدتي هي آخر النساء ولما توفي ترك لها أربعة أولاد وثلاث بنات .. وما عرفتها إلا بعد سن العاشرة من عمري حيث كانت صلبة جداً نظراً لأنها تحمّلت مسؤولية تربية الأبناء والبنات في سن مبكرة بعد وفاة جدي .. فكانت قاسية بعض الشيء يرحمها الله تعالى .

.......

ناريمان الشريف 04-20-2012 12:29 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ايوب صابر (المشاركة 112376)
ب- ظروف الدراسة وأهم الأحداث حتى الانتهاء من الدراسة المدرسية:
- الروضة؟
- المدرسة؟ الابتدائي الثانوي؟ التدريس الخصوصي؟ القراءة والمطالعة؟ وكيف كانت العلاقة مع المدرسة: هل كنت تحبين الدارسة والمدرسة أم كنت تتفلتين منها؟
-هل حدث أي تغير في الظروف المعيشية خلال هذه الفترة (من 3 - 18 سنة) هل تعرض الوالد لظروف اقتصادية صعبة أو خسائر مالية صادمة أثناء فترة الطفولة؟
- وما هي الأحداث التي حصلت خلال هذه الفترة وتركت اثرا في الذاكرة بغض النظر عن قيمتها بالنسبة لك؟ مثلا هل تعرضت احدى زميلائك في الصف لحادث؟ هل تعرضتِ أنت أو قريب للغرق أو لعضة حيوان؟ (توضيح : المطلوب هنا البحث في ثنايا الذاكرة عن كل الأحداث التي تركت بصمتها في الذاكرة والتي قد لا تبدو مهمة بالنسبة لنا ).
- هل حدث تغير على مكان السكن؟
- هل كان هناك سفر إلى بلاد أخرى؟ وأين؟
- ما هو عدد الإخوة في العائلة ؟ وما هو الترتيب بين الإخوة والأخوات؟
- هل اختبرت الموت في هذه المرحلة وحتى سن الحادية والعشرين وكيف؟ بمعنى هل مات احد قريب منك وشكل موته صدمةأو إشكالية لك؟
- متى كانت اول مرة تعرفت على الموت؟

يتبع،،،

تابعوا معي اجابات الاستاذة نريمان الشريف، وعسى أن لا تكون طفولتها بتلك الدرامية الرهيبة التي اختبرناها في روايتها المذكورة، على كل حال وعلى سبيل الاحتياط جهزوا المحارم الورقية حتى وإن لم تكن طفولتها بتلك الدرامية، سوف يؤثر اسلوبها في الحكي المغمس في الوجع علينا الى حد دفعنا للبكاء ربما؟! ألا يكفي أنها عاشت طفولتها في جزء ملتهب من العالم فيه الكثير من الألم والخوف والقهر والوجع والذئاب!


ربما يكون هذا السؤال هو الأصعب إجابة حيث بدأت أعي بشكل أكبر من ذي قبل ..
فالوالد يرحمه الله انتقل عمله إلى العاصمة ( عمان ) وفي إحدى مدارسها درست الصف الأول والثاني .. وخلال هذه الفترة كانت ترافقني أربعة من أخواتي بنفس المدرسة .. وأذكر أن لي عماً كان موجهاً تربوياً بوزارة التربية والتعليم بالأردن ..يرحمه الله تعالى وهو ( الشيخ محمد عزت الشريف ) له شأنه ومركزه في الوزارة .. فكنت أتباهى به كثيراً وهو يزور مدرستي .. وكثيراً ما كان يعطيني قرشاً فأطير فرحاً .. وأباهي به زميلاتي بالمدرسة .. حيث كانت حالة والدي ما زالت بسيطة .. بل على العكس تراجع الوضع الاقتصادي كوننا نعيش في العاصمة ..
وقبل أن أدخل في الصف الثاني نقل والدي من عمان إلى الخليل - حيث كانت الخليل قبل سنة 67 تابعة سياسياً للأردن .. ونقلنا من عمان إلى الخليل في وقت تزامن فيه احتلال فلسطين عام 67 ..
وأخذت حياتي منحى مختلف تماماً عما كنت أعرفه ..
فكان السكن الجديد هو بيت جدي المتوفى وفيه جدتي التي أتعرف عليها لأول مرة ومن ثم شهدت بأم عيني أحداث النكسة والحرب وكل ما يتبعها من أهوال .. كان عمري آنذاك ثماني سنوات .. ولا زلت أذكر الكلمات الخطابية الموجهة للشعب ( كلوهم بأسنانكم ... بأظافركم .. ) وكم كنت أحاول أن أفسر هذه الكلمات وأتساءل .. كيف نأكلهم بأسناننا ؟ ..
كانت الأجواء المدرسية غريبة عما ألفت في الأردن .. فأطفال فلسطين يختلفون .. حيث كانوا أكثر وعياً وأكثر نضجاً .. فوجدت نفسي بين أطفال يعرفون ما لا أعرف .. ولديهم ثقافة مختلفة .. حتى الأغاني المشتعلة بالثورة والمحرضة - عبر محطة منظمة التحرير الفلسطينية الإذاعية التي كانت تبث من إحدى الدول العربية - هي المحطة الأكثر استماعاً لدي أكثر أبناء الشعب .. وشيئاً فشيئاً بدأت أتشرب حب الوطن على أيدي زميلاتي الصغار بالمدرسة .. وما أن وصلت الاعدادية حتى صرت في الصفوف الأوائل للمسيرات والمظاهرات المناهضة للاحتلال وممارساته البشعة . .. وفي الصف الثالث الاعدادي أصبت بشظايا قنبلة في رجلي .. ونزفت لأكثر من ساعة وأنا أهرب من منطقة الحدث حتى مكان سكناي .. وكم كان والدي يفتخر بي ويشجعني ولم يكن يعارض أبداً مشاركتي في المظاهرات ...
لا أدري .. لمَ كنت الوحيدة من بين أخواتي السبعة التي اكتسبت هذه الصفات .. لدرجة أن والدي كانا يعتبراني الأخ الرابع لإخوتي الثلاثة ..
كنت شخصية محبوبة ومؤثرة في المدرسة ولأنني ذكية وجميلة ومتفوقة ووهبني الله نعمة الخط الجميل كنت أساعد معلماتي في كتابة اللوحات ومجلات الحائط .. وكنت جريئة فأشارك في عرافة الحفلات والتمثيل في المناسبات الوطنية في المدرسة ..
تزوجتْ أولى أخواتي وعمرها ستة عشر عاماً .. تلتها الثانية وبنفس العمر .. ولما صار عمري خمس عشرة سنة تزوجت بقريب لنا .. كان مريضاً بمرض نفسي صعب .. ولم نكن نعرف عن مرضه .. حيث أنه جاء من الخارج ونحن تحت الاحتلال لا نغادر البلد .. لم أمكث في بيت الزوجية سوى أربعة أشهر أو أقل .. كنت أفطر على الضرب وأتغدى وأتعشى وأتحلى .. ولم أكن أشكو لأحد نظراً لأنني بعيدة عن أهلي لكنني وبرغم هذا كنت أتابع الذهاب إلى المدرسة وحصلت على علامات جيدة جداً ..
وفي إحدى المرات وزوجي يضربني بقسوة والدم يسيل من فمي وأنفي .. عرف الجيران بالقصة ... فنقلوا إلى والدي ما يسمعونه من بكاء وصراخ ..
فأرسل والدي من يتحسس الأمر حيث أن والدة زوجي لم تكن تسمح لي بمخالطة الجيران .. ولأنه يشك في كل حركة من حركاتي كنت أتلاشى الصدام معه .. وعاد الرسول بالخبر اليقين يحمل إلى والدي كل أخباري .. فأرسل يطلبني بحجة أن والدي مريض في المستشفى يريد رؤيتي ..
عندها فقط سُمح لي بزيارة أهلي فجئتهم وأخبرتهم بكل ما يجري .. عندها لم يكن هناك حل سوى الطلاق ... وعدت بعد ذلك أستكمل دراستي مع زميلاتي اللواتي تركتهن قبل الزواج ..
بعدها سارت الحياة بي .. لكنني تعلمت الكثير خلال هذه التجربة الفظيعة ..
في الصف الثاني ثانوي .. أصبت مرة أخرى برصاصة في رجلي الثانية أثناء مشاركتي في أحداث جرت مع المستوطنين في الحرم الابراهيمي الشريف .. حيث داهمت قوات كبيرة من المحتل الاسرائيلي أروقة الحرم وأغلقوا الأبواب وبدؤوا بإطلاق الرصاص على أقدام المتظاهرين شباباً وصبايا ..
وبعد فترة احتجاز طالت لأكثر من خمس ساعات من التعذيب .. سمحوا لنا بمغادرة الحرم .. وكان وقتها منع للتجوال .. فعدت إلى البيت أنزف .. نقلت بعدها إلى المستشفى وأجري لي اللازم من العلاج ..
في هذه الأثناء كان الأهل بانتظاري وهم يعرفون أنني من ضمن المحتجزين .. فصاحت عمتي تقول ( للبيت رب يحميه ) .. وعنفتني بقوة على ما فعلت ..
هذا بالطبع لم يثنيني عن المواصلة بنفس الدرب .. إلا أن الضغوط كانت كبيرة لألتزم في دراستي حيث أنني اقتربت من الثانوية العامة وعلي أن أجد في دروسي ... وفعلاً نجحت ..
هذه القصة كان لها الأثر الكبير في حياتي الأدبية حيث كتبت ولأول مرة موضوع ( صرخة أنثى ) وكان عمري وقتها فقط ستة عشر عاماً .. وهذا نصه :

( صرخة أنثى )

رفض ما يسمونه ربُ الأسرة , ثم رفضت الأم من بعده
أن تقول الصغيرة : أين حريتي ؟!
قال , ثم قالت : أنت أنثى !
وقالوا : أتركي الحال لمن فيه , فللبيت ربٌ يحميه
لم تكترث لما قالوا , وأصرّت على المضي في المسير
هنيهات
وانهال الجميع بسياطهم على موطن الكلمات التي تقول
وأضافوا : أنتِ لستِ كما نريد !
ضمـّتْ على نواة الجرح في صدرها , ثم وقفت بصمت وبلا حراك من غير أن تجيب ..
وراحت أيامها تزحف وسط غابة مزدحمة بالرجال
والنساء والألسنة
لكن الصمت !
أبى أن يخضع للصمت , فتكلم الصمت في ذاتها :
لا وألف لا ! أريد أن أكون , ما أريد أن أكون .
إن عيون تلك الطفلة الشامخة , التي كانت قد رسمت بالأمس
طريقها بجملة - أين حريتي -
عادت اليوم لترسم الطريق الأوسع للخلاص من القهر
ومن ترديدهم جملة - أنت لست كما نريد -
تلك الجملة التي يرددونها في كل مناسبة
ومن غير مناسبة وتناقلتها أفواههم عبر الأيام
ثم أسموها عادات وتقاليد
ها هي اليوم بابتسامتها واصرارها تعود
وتؤكد - سأكون ما أريد أن أكون -
ولا زالت تناضل ))))



... أستكمل ما تبقى فيما بعد ..أرجو ألا تملوني

تحية ... ناريمان

ناريمان الشريف 04-20-2012 01:04 AM

- هل اختبرت الموت في هذه المرحلة وحتى سن الحادية والعشرين وكيف؟ بمعنى هل مات احد قريب منك وشكل موته صدمةأو إشكالية لك؟
- متى كانت اول مرة تعرفت على الموت؟



لم يكن مشهد الموت لأول مرة في حياتي عادياً ..
فعندما توفيت جدتي أمام أعيننا كان عمري في ذلك الوقت أحد عشر عاماً مشهد لا أنساه أبداً .. ولا زلت أتذكر أنني حضرت تغسيلها وتكفينها .. والأصعب من هذا وذاك أنني تبعت المشيعين في الجنازة حتى وصلت معهم إلى المقبرة .. ووقفت من بعيد أزاحم بنظراتي جموع الرجال لأتعرف على منزلها الجديد تحت التراب .. وعند انشغالهم يإدخالها في قبرها كنت أقف على مقربة من المشهد ورأيت وسمعت كل شيء ..
في أحداث أيلول الأسود .. استشهد عمي ( الموجه التربوي ) الذي حدثتكم عنه آنفاً وكنت أحبه جداً برفقة اثنين من أبناء عم آخر لي .. وكان ثلاثتهم في ريعان الشباب .. ولم أزل اختزن بذاكرتي وقع الصدمة على أبي وأعمامي الآخرين وصراخ أخواتهم عليهم .. كنت في ذلك الوقت أعرف ماذا يعني الموت بدقة ؟
مشاهد الموت في فلسطين لم تكن أخطر المشاهد بل إن هناك أصعب من مشهد الموت .. تلك مناظر الدماء التي تسيل من وجوه المصابين الأطفال بالرصاص أو الشظايا على أيدي قوات الاحتلال ..


.... ناريمان

ريم بدر الدين 04-20-2012 02:52 AM

اطلالة أخرى مميزة لإحدى مبدعاتنا
الجميلة المربية ناريمان الشريف
سعيدة أن أراك عن قرب
أتابع بشغف
تحيتي لك

ايوب صابر 04-22-2012 10:51 AM

اشكرك جدا على شجاعتك وصراحتك. اسلوبك جدا مؤثر ولا يجد المتلقي فكاك من ان يتابع الحكي.

س 5- هل لك أن تحدثينا عن الدراسةالجامعية؟ متى التحقتِ بالجامعة ومتى تخرجتِ وما هو مجال التخصص؟

س 6- ما الحالة الاجتماعية (الوضع العائلي) الحالي؟ إن كنتِ متزوجة (حاليا) متى حصل الزواج ولا بد ان يكون الثاني بناء على ما قلتِ؟ ما اسم الزوج وما مجال تخصصه وهل يعمل وما مجال عمله؟ عدد الأبناء والبنات طبعا؟
-هل وقعت أي حوادث صادمة بعد سن الحادي والعشرين؟

س 7- الحياة العملية:ما مجال العمل..هل تعملين في مجال التدريس فقط ام ان لك نشاطات اخرى صحفية مثلا؟

س8 -(المؤلفات) هل لك أن تذكري لنا المخرجات الإبداعية المطبوعة إن وجدت؟ وما هي مشاريع الكتب أي التي في طور التحضير للطباعة والنشر؟

س9 – هل لك أن تحدثينا عن حكايتك مع الكتابة الإبداعية؟ ما الذي دفعك للكتابة ابتدءا؟ أي ما هو الدافع الإبداعي لديك في تصورك؟ من اين تأتي هذه الرغبة؟

س10 – ما هي ابرز السمات والصفات التي تتصف بها نريمان الشريف؟ هل تعتقدين أن لديك شخصية قيادية؟ هل تمتلكين كرزما؟ وهل تعتبرين شخصيتك مؤثرة؟ هل أنت منفتحه واجتماعية؟ أم منطوية ومنعزلة؟

س11- هل لدى المبدعة نريمان الشريف طقوس معينة عند الكتابة وما هي؟

م. يحيى خان 04-22-2012 02:34 PM

معلومات شائقة من أديبة رائعة ..
يحيى

ناريمان الشريف 04-22-2012 09:14 PM

س 4- هل لك أن تحدثينا عن الدراسةالجامعية؟ متى التحقتِ بالجامعة ومتى تخرجتِ وما هو مجال التخصص؟

لدراستي ألف حكاية ..
كنت قد خرجت للتو من صدمة الزواج الأول ولم يكن عمري آنذاك سوى ست عشرة سنة .. وكانت الدراسة بالنسبة لي حياة .. فما أن أكملت الثانوية العامة بنجاح في الفرع العلمي عام 1977م حتى هب والدي يرحمه الله للسعي لي في الجامعات الفلسطينية المتوافرة في ذلك الحين لألتحق بإحداها .. بغية تعويضي شيئاً من مفقوداتي التي ضاعت مني في فترة قاسية قضيتها وأنا لا زلت في الطفولة ..
وفعلاً بدأ بقامته المحنية ووجهه الباش يسافر معي من مدينة لأخرى ليجد لي فرصة .. خاصة أن معدلي لم يكن كافياً للدخول في الجامعات .. وأكاد لا أنسى إيماءات وجهه ونحن نقابل الموظف الخاص بطلبات القبول في أي جامعة وهو يقول : المعذرة .. فالمعدل لا يكفي لدخول الجامعة .. شعرت بأن والدي يكاد يتفجر غيظاً وكأنه يقول لي : أنا السبب أعذريني يا صغيرتي .. حتى أحسست من نظراته الحانية أنه يريد أن يبكي .. ولا يستطيع ..
وأخيراً اضطررت للسفر للأردن للبحث هناك عن فرص أخرى .. فتقدمت لوزارة التربية والتعليم بالأردن
وحصلت على منحة إلى جامعة القاهرة - رياضة بدنية - واجتزت الامتحان العملي المبدئي .. وكان الوعد أن يكون الرد بعد أسبوع .. خلال تلك الفترة .. كنت قد قابلت قريبة لنا عائدة من ليبيا وتعرفت علي لأول مرة .. وأعجبت بي أيما إعجاب وعادت تحمل معها صورتي إلى عمي الذي يسكن ليبيا مرفقة بحكاية مرّة .. بعد فترة زادت عن شهر .. تلقى والدي رسالة من أخيه الأكبر يطلب فيه يدي لأحد أبنائه يطلب منه فيها أن أدرس في أي كلية ليتم الزواج ..
وفعلاً وافق الوالد ولكنه اشترط موافقتي أولاً .. هذا ما اضطرني أن أعود أنا ووالدي نبحث من جديد عن مكان أدرس فيه .. وأخيراً كان في معهد النجاح الوطني نابلس - تخصص رياضيات -
لا زلت أذكر والدي حتى اللحظة عندما استأجر لي بيتاً للسكن بالقرب من الجامعة .. كيف وضع رأسه على الوسادة ونام على السرير يختبره هل هو مريحاً لرأسي أم لا .. وغادرني وهو مطمئن القلب ..
قضيت سنتين من عمري في نابلس الأبية في حضن جبلي ( جرزيم وعيبال ) الشامخين .. فكان لي في نابلس ذكريات جميلة .. فقيل لي .. ها هنا كانت تسكن الشاعرة فدوى طوقان ..
وذلك تمثال ( قدري طوقان ) وهنا استشهد فلان .. وهناك ألقى الجنود القبض على فلان ... وهكذا .. عشت في نابلس سنتين كانتا من أجمل أيام العمر .. وأكثر ذكرياتي الجميلة فيها .. صديقتي - التي كانت قد فقدت والدتها وهي تلدها .. وعاشت عند زوجة أبيها فكنا معاً أختين أو أكثر ..
أما الأيام الجامعية فكانت فترة كلها تجارب .. حيث أن المعهد والجامعة كانا في مبنى واحد .. فكان لي زملاء دراسة من مختلف الأعمار معظمهم أسرى قضوا سنين طوال داخل السجون .. وهذا ما زاد التصاقي وحبي للأسرى للقرب من معاناتهم وهم يحدثوننا عن التعذيب في السجون الاسرائيلية وكيف كانت تُنتزع الاعترافات من أفواههم تحت الضغط والتعذيب ...
كنت نشيطة في مجلس الطلبة .. حيث كنت واحدة من أعضاء اللجنة الثقافية .. وكثيراً ما كنت أشارك في ( المنبر الحر ) بمقالات ولقطات مكتوبة وغيرها )
أكملت الدراسة عام 79 م وعدت إلى الخليل أستعد للذهاب إلى ليبيا لاستكمال مراسيم فرح جديد ...

..... يتبع

ناريمان الشريف 04-22-2012 09:31 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ريم بدر الدين (المشاركة 112526)
اطلالة أخرى مميزة لإحدى مبدعاتنا
الجميلة المربية ناريمان الشريف
سعيدة أن أراك عن قرب
أتابع بشغف
تحيتي لك

إطلالتك هي الأجمل غاليتي ريم
أشكرك على الحضور .. وسعيدة بأن تكوني ولكنني آسف لأنك بين سطور أكثرها ألم


تحية ... ناريمان

ناريمان الشريف 04-22-2012 10:24 PM

س 5- ما الحالة الاجتماعية (الوضع العائلي) الحالي؟ إن كنتِ متزوجة (حاليا) متى حصل الزواج ولا بد ان يكون الثاني بناء على ما قلتِ؟ ما اسم الزوج وما مجال تخصصه وهل يعمل وما مجال عمله؟ عدد الأبناء والبنات طبعا؟
-هل وقعت أي حوادث صادمة بعد سن الحادي والعشرين؟


من جديد .. أشكرك أخي أيوب على متابعتك ..
وإليك :
سافرت إلى الأردن برفقة أمي فقط .. فلم يكن قد سمح لأبي بمغادرة فلسطين لأسباب أمنية .. وكنت لأول مرة أتعرف على زوجي الجديد .. وبالطبع لا مفر من الرفض بأي حال من الأحوال لأكثر من سبب ..
أولها أنه ابن عمي .. وثانيها لأنه مستعد للزواج بكل ما يستعد به العريس في عاداتنا .. ثالثها لأنه جاء من بلد بعيد لاتمام مراسيم الزواج ..
وحضر هو الآخر مفرداً دونما مرافقين .. فكان أحد أعمامي وكيله .. والآخر وكيلي .. وتم الزواج وسافرت إلى ليبيا ..
غربة أخرى تضاف إلى غربتي العتيقة .. زادت هذه الغربة بشاعة كون حملي صعب مرير .. قضيت تسعة أشهر أتنقل بين مشافي العاصمة الليبية طرابلس الغرب ...
وكانت نصيحة أحد الأطباء بعودتي فوراً إلى الأهل خوفاً من أن أموت من الغربة ..
فعدتُ إلى الأردن أولاً متجهة إلى فلسطين .. ولكنني ولدت أولى بناتي في إربد إحدى المدن الأردنية ..
وعمرها الآن يقترب من اثنين وثلاثين عاماً ..
بعدها سافرت إلى العراق وسكنت في العاصمة بغداد .. مكثت فيها حوالي سنة أو أكثر بقليل .. وهناك حملت بولدي الثاني ( شادي ) وكالمعتاد كان لا بد لي من أن أزور معظم مستشفيات بغداد .. لأن حملي صعب .. كان ذلك عام اثنين وثمانين حينما كانت الحرب مشتعلة بين العراق وإيران .. وحدث في ذات ليلة أن ضُرب المفاعل النووي العراقي حينما كنت أرقد في أحد المشافي بينما قطعت الكهرباء وفقدت كل وسائل الاتصالات في بغداد لمدة ربع ساعة كانت عندها طائرات ( اف -16) قد دمرت المفاعل بالكامل .. ولم تطل إقامتي بالعراق حيث عدت إلى الأردن من جديد .. أقدم طلباً في الملحقية الثقافية السعودية بالأردن من أجل إيجاد فرصة عمل أخرى في بلد آخر غير العراق .. ذلك أن صحتي ابتدأت تتردى ووزني بدأ بالتراجع وأنا في أشهري الأخيرة للحمل .. وتمت الولادة أيضاً في إربد بالأردن .
عشت فترة أخرى بالأردن إلى أن وافقت الملحقية على طلبي فذهبت أنا وزوجي وابنتي وابني إلى السعودية للعمل في الرئاسة العامة لتعليم النبات .. مكثت أربعة عشر سنة متواصلة
أنجبت خلال تلك الفترة توأمين ( بلال وهلال ) .. وآخر أولادي ( باسل ) وهو الآن في الثانوية العامة
عدت بعدها إلى فلسطين عام 1995 م .. وتقدمت بطلب إلى وزارة التربية والتعليم فعينت معلمة في مدارس فلسطين ولا زلت حتى الآن على رأس عملي ..

أما الحوادث الصادمة .. فكل ما في حياتي كان حوادث صادمة ومخيفة ..
فمتاعبي الصحية من جانب .. والحرب العراقية الايرانية أثناء إقامتي في العراق .. وضرب المفاعل النووي هناك ..
كذلك غزو الكويت حيث كنت أثناءها في السعودية ..
تزامن كل هذا مع الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي بدأت تشتعل في فلسطين عام 87 .. كنت نعايشها عبر وسائل الاعلام المختلفة .. والتي خلالها تم اعتقال أحد إخواني والاعتداء بالضرب على كثير من أقاربي صغاراً وكباراً نساء ورجالاً .. علماً بأنني كنت أزور أهلي في فلسطين سنوياً أنا وأولادي فقط للإطمئنان عليهم .. حيث لم يكن يسمح لزوجي بدخول فلسطين
وقبل أن أغادرالسعودية بثلاث سنوات سُمح لوالدي بمغادرة فلسطين فجاء إلى مكة لأداء العمرة .. عندها فقط وبعد أكثر من خمس عشرة سنة تعرّف على زوجي لأول مرة ..
عاد بعدها إلى فلسطين ومرض مرضاً ثقيلاً توفي بعدها ولم أره .. رحمة الله عليه ..
من الأحداث الصادمة القاتلة أيضاً .. وفاة ولدي ( هلال ) وعمري آنذاك أربعة وعشرين عاماً ... وأنا أقاسي الغربة وحدي لا أخ ولا أخت ..
وأذكر أنني حملت ولدي وقد أصيب بالحمى الشديدة وهو يلفظ الروح وذهبت به إلى المستشفى برفقة زوجي إلا أن الطبيب .. عندما فحصه .. نظر إلي وقال : مات .. ماذا تريدونني أن أفعل له .. ؟ أنتم تحضرون طفلاً ميتاً .. هل سأنفخ فيه الروح ؟
حملت ولدي وعدت إلى البيت وتركني زوجي وغادر ليحضر المغسّل .. وفي البيت ضممته إلى صدري وأنا أركض من غرفة لأخرى وأسأل الله تعالى أن يعيد إليه الروح ...!! ظللت على تلك الحالة لأكثر من ساعة حتى شارفت على أن أفقد عقلي .. إلى أن دقت علي الباب جارة لي وصفعتني على وجهي فأعادت إلي صوابي .. استسلمت عندها لأمر الله وأدركت أنه مات .. مات ولن تعود إليه الروح أبداً
يا لها من ذكريات مؤلمة !!!
ولما ينتهي الألم بعد .. فحياتي قائمة فواجع .. سلسلة آلام لا تنتهي !!


...... يتبع

ناريمان الشريف 04-22-2012 10:27 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة م. يحيى خان (المشاركة 112775)
معلومات شائقة من أديبة رائعة ..
يحيى

سلام الله عليك أخي م. يحيى خان
أشكرك على الحضور والمتابعة
فهذا يسرني
بارك الله فيك ومرحباً بك هنا



أزكى تحية ... ناريمان

ايوب صابر 04-23-2012 10:46 AM

"ولما ينتهي الألم بعد .. فحياتي قائمة فواجع .. سلسلة آلام لا تنتهي !!".

- هذا ما كنت اخشاه لكنني لم اكن اتصور الم بهذا الحجم.

وارجو ان لا اكون قد تسببت لك بألم مضاف من خلال دفعك للحديث عن ما كَمُنَ في الذاكرة ومحته نعمة النسيان.

لكنك بهذا الحديث تظهرين شجاعة وجلد منقطعي النظير.

اشكرك على هذا البوح الذي ينغرس في وجدان المتلقي ويحفر فيه عميقا...فيعيد ترتيب تركيبة خلاياه واولوياته ربما !.


أميرة الشمري 04-23-2012 10:36 PM

الغالية ناريمان
متابعة لما تكتبيه بشغف

ناريمان الشريف 04-24-2012 10:52 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أميرة الشمري (المشاركة 113024)
الغالية ناريمان
متابعة لما تكتبيه بشغف

أميرتي ..
بعد السلام عليك .. أشكرك على المتابعة
وسعادتي تكبر بوجودك ..
بانتظار أسئلتك ومداخلاتك



تحية ... ناريمان

ناريمان الشريف 04-24-2012 10:55 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ايوب صابر (المشاركة 112908)
"ولما ينتهي الألم بعد .. فحياتي قائمة فواجع .. سلسلة آلام لا تنتهي !!".

- هذا ما كنت اخشاه لكنني لم اكن اتصور الم بهذا الحجم.

وارجو ان لا اكون قد تسببت لك بألم مضاف من خلال دفعك للحديث عن ما كَمُنَ في الذاكرة ومحته نعمة النسيان.

لكنك بهذا الحديث تظهرين شجاعة وجلد منقطعي النظير.

اشكرك على هذا البوح الذي ينغرس في وجدان المتلقي ويحفر فيه عميقا...فيعيد ترتيب تركيبة خلاياه واولوياته ربما !.


أخي أيوب ..
سلام الله عليك ... لا شك أن استرجاع الذكريات المؤلمة يحتاج إلى طاقة ..
ونبشها مرة أخرى بعد أن كادت أن تنخمد .. أشبه بالنفخ في الرماد
سأواصل .. بإذن الله ..
ولكن الخوف على القارئ من أن يملني من كثرة الألم ..



تحية ... ناريمان

ناريمان الشريف 04-24-2012 11:25 PM


س 5- ما الحالة الاجتماعية (الوضع العائلي) الحالي؟ إن كنتِ متزوجة (حاليا) متى حصل الزواج ولا بد ان يكون الثاني بناء على ما قلتِ؟ ما اسم الزوج وما مجال تخصصه وهل يعمل وما مجال عمله؟ عدد الأبناء والبنات طبعا؟
-هل وقعت أي حوادث صادمة بعد سن الحادي والعشرين؟


لا زلت هنا .. عند سطر من سطور حياتي أبى إلا أن ينزف ألماً
ففي كل يوم .. كان في حياتي شيء جديد .. يحمل في طيه شيئاً من وجع ..
توقفت عندما توفي ولدي بين يدي وكان عمره سبعة أشهر .. وعلى الرغم من صغر سنه إلا أنه يبقى مهجة القلب .. ويبدو أن الأم عندما تفقد أحد أبنائها تحس بأنه الأوحد في حياتها .. وتنسى أن الله أبقى لها آخرين .. لذلك ظلت هذه الفكرة عالقة في ذهني سنة كاملة ...
فعندما خرج المشيعون من المنزل ذاهبين به إلى المقبرة .. تركوا خلفهم ملابسه التي كان يرتديها ..
احتضنت ملابسه .. وأخذت أشمها عميقاً فقد كان له رائحة خاصة .. لذلك لم أغسلها بل تركتها تجف واحتفظت بها في حقيبة وأخفيتها عن العيون بعد أن أغلقتها بإحكام .. وبعد سنة بأكملها .. فتحت الحقيبة بعد أن كنت خلالها قد بدأت أتناسى ما حدث .. عادت الذكرى تتسلسل في الذاكرة ورائحة ملابسه خرجت من الحقيبة بمجرد فتحها .. ربما تكون هذه الحادثة من أكثر الحوادث التي تركت فيّ جرحاً غائراً .. وشيئاً فشيئاً بدأت أنسى مع مجيء آلام أكثر عمقاً ..
حادثة أخرى ربما لا تكون ذات علاقة كبيرة بي عندما توفي أخو زوجي وعمره سبعة وعشرين عاماً ..فقد كان يكمل دراسته الجامعية في الخارج وتعرض لحادث سير أدى إلى وفاته على الفور .. كان المشهد مؤلماً وهو يعود إلى أمه محمولاً في صندوق !!!
عندها فقط أدركت أن مصابي أخف وأهون من مصاب أمه ..
لم تمض إلا بضع سنوات بعدها بدأت أحداث الانتفاضة المباركة في فلسطين تشتعل .. وتحمل الأنباء الكثير من المآسي والعذابات عن شعب فلسطين الأعزل .. منها اعتقال أخي وتعذيبه في السجن .. وكانت تصلني الأخبار بالتفصيل عما يحدث في فلسطين ليس فقط ما تتناقله وسائل الاعلام التي انشغلت بهذا الحدث .. بل عن طريق رسائل الأهل المفعمة بالشوق والألم ...
فانتظرت الاجازة بفارغ الصبر وصرت أعد الأيام بالساعات لزيارة الأهل والاطمئنان على أحوالهم .. خاصة أن أخي لا زال يقبع في سجنه حتى بعد وصولي بصعوبة شديدة عبر الحدود ..
كنت أشتعل شوقاً لرؤية فلسطين الحبيبة .. وما آلت إليه من دمار .. ولما وصلت .. سمعت حكايات تقشعر لها الأبدان عما جرى ويجري .. فكتبت حينها .. موضوعاً بعنوان :
( عشقت أن أُظلم ) وهذا نصه :


في 15\8\1991م
كانت لي زيارة إلى الأهل المسجونين في فلسطين
ولم تطلْ زيارتي .. ولم يتسنّ لي أن أتذوق طعم الظلم الذي يتعاطونه صبح مساء ..
فكتبت هذه الكلمات بعنوان ( عشقت أن أظلم )


لو رثى دمعي ببعدكم تمثالاً أصمّ
أجدب لا يعي
لكان قد صحا من سكونه ولا عجبا
صحت ليلة بالفجر أدركني
ألا تسمع صرختي ؟
فقهقه الليلُ مني ساخراً طربا
قلتُ للفجر ِألا تقترب ؟؟
فتبطـّأ الزمنُ في مشيه أدبا


حـطـّ الشوق بجناحيه على قلبي بعد لحظات من فراقكم أحبتي
وبعد أشهر تالية .. سمعت الأخبار .. رأيت الصور على صفحات الجرائد ..
قرأت الاشعار .. فعشقت أن أظلم

مشيت أدلف مثقلة ..يشـدّني شوق اليكم
ورياح الغربة تردّني للخلف في وقت صارت غربتي مرضاً مزمناً
لكن الشوق غلبها وتغلـّب عليها ..
فخرجت من بلد النبي محمد صلى عليه الله وسلم
ودعته قائلة : عذراً سيدي !
الى أرض إسرائك تـوّاقة
الى تراب بلدي عشـّاقة
على شهداء فلسطين العين رقراقة

جئت أستنشيء الأخبار.. جئت بائعاً جوّالا أستقصي احتمالات
الوجع .. جئت أبيعـُكم كلاما ملموماً أعوص ..
وبقيـّة من هدايا وخاتماً ذهبياً أخفيته تحت لساني هدية لأمي
خوفاً من الجمارك وذل الو ِقفة بباب اللـئام
كل هذا لألمح في عيون أمي نظرة حنان افتقدتها منذ سنة
أو يزيد ..
أعود بعدها لأعلـّم الناس كيف يكون الحنان
ولألمحَ بسمة في عيون أختي الصغيرة ..
لأتقاسم واياهم اللقمة
فماذا رأيت ؟
رأيت أمي قد تقـرّحت عيناها بكاء على أخي السجين
رأيت صغيرتي قد نسيت كيف تبتسم !!
رأيت ابنة الجيران .. صبيـّة قد جنـّت ..
تلبس فستان فرحها الأبيض وتقف على شرفة منزلها ترقص تنتظر عريسها الذي استشهد ليلة عرسه
فـدُفن ودفن عقلها معه !
رأيت الوجـد يتدلـّى من عيونهم
رأيت حنينهم يصافح مودتي الحمقاء وأنا أرشوهم ببعض الهدايا الرخيصة لألمح في عيونهم الابتسام
رأيت أسطح المنازل قد عقدت قـِرانها على أعلام البلاد
رأيت الأحزان ملونة .. أكثرها سواد
رأيت الأهل ينزفون
بأم عيني .. رأيت الشجر يبكي .. الحجر يبكي ..
الصخرة المشرفة والتي من عادتها أن تزغرد
رأيتها تبكي من الوجع
كل شيء هناك يتهالك من الشقاء ..
والكل ينتظر ويعـدّ الأيـام بالثواني علها تأتي ساعة الفرج

حينها ..خربشت على الجدران ..
- كبقية الشعارات التي تكتب - وكتبت بقلمي :
إلى طفل خشنت يـداه وما شاب
إلى طفل تعـلم درسا أبدا وما تاب
إلى صبيـّة جـُنـّتْ
إلى أم ثكلى .. إلى الصخرالى الشجر الى التراب
الى كل شيء هناك ..
أحبتي كل الاحترام

أفلتُ بعدها راجعة الى حيث كنت ...أبحث عن لقمة عيش
فرضتها علي الحياة وضروراتها ..قهرتني بها الهوية والانتماء
عدت الى بلد سيدي محمد.. وأحسست بأنني أكثر منهم ظلماً
لأني هنا في غربتي ..ولست هناك!!


... يتبع

عادل بشير 04-26-2012 08:51 AM

الصديقة ناريمان

متابع لك بشغف


تستحق حياتك ان توضع في كتاب

ايوب صابر 04-26-2012 01:16 PM

الاستاذة المبدعة نريمان الشريف

تبين لي اثناء دراستي لرواع الروايات العالمية والعربية هنا وفي منبر الدراسات، بان سر الروعة يكمن في ارتفاع مستوى الالم في مثل هذه الروايات ...وان معظم الروايات الفائزة ضمن قوائم افضل مائة رواية عربية وعالمية هي روايات واقعية تدور حول قصة حياة يتيم او مكتوبة من قبل يتيم وفيها الكثير من سيرته الذاتية.

وذلك مؤشر بأن الناس لا تعزف عن قراءة القصص الاكثر درامية والما بل بالعكس، وانا اؤيد ما يقوله الاستاذ عادل بشير بأن قصة حياتك تستحق ان تدون في كتاب على شكل سيرة ذاتية او في رواية واقعية، ويمكن في مثل هذه الحالة ان تدمجي بين قصة حياتك وقصة حياة صديقتك اليتيمة التي سبق ان حدثتينا عنها، فيكون هناك اكثر من شخصية واكثر من بعد ومحور للنص الروائي فتتحقق شروط الادهاش والتشويق والتأثير والدراما في اعلى حالاتها .

وسوف تكون من اروع الروايات حتما.

ناريمان الشريف 04-26-2012 09:01 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عادل بشير (المشاركة 113278)
الصديقة ناريمان

متابع لك بشغف


تستحق حياتك ان توضع في كتاب

أخي عادل ..
سلام الله عليك ورحمته وبركاته
يسعدني أن تكون متابعاً .. وأفخر حقاً بشهادتك
جزيل الشكر


تحية ... ناريمان

ناريمان الشريف 04-26-2012 09:05 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ايوب صابر (المشاركة 113315)
الاستاذة المبدعة نريمان الشريف

تبين لي اثناء دراستي لرواع الروايات العالمية والعربية هنا وفي منبر الدراسات، بان سر الروعة يكمن في ارتفاع مستوى الالم في مثل هذه الروايات ...وان معظم الروايات الفائزة ضمن قوائم افضل مائة رواية عربية وعالمية هي روايات واقعية تدور حول قصة حياة يتيم او مكتوبة من قبل يتيم وفيها الكثير من سيرته الذاتية.

وذلك مؤشر بأن الناس لا تعزف عن قراءة القصص الاكثر درامية والما بل بالعكس، وانا اؤيد ما يقوله الاستاذ عادل بشير بأن قصة حياتك تستحق ان تدون في كتاب على شكل سيرة ذاتية او في رواية واقعية، ويمكن في مثل هذه الحالة ان تدمجي بين قصة حياتك وقصة حياتك صديقتك اليتيمة التي سبق ان حدثتينا عنها، فيكون هناك اكثر من شخصية واكثر من بعد ومحور للنص الروائي فتتحقق شروط الادهاش والتشويق والتأثير والدراما في اعلى حالاتها .

وسوف تكون من اروع الروايات حتما.





أخي أيوب ..
سلام الله عليك ..
سبق وفي أول رد لي على موضوعك الرائع هذا أشرت وبمنتهى الصراحة والصدق أنني كنت أرجو أن يستفزني أحد للحديث عن حياتي ..
وها أنا أحقق ما أريد
ربما هذا اللقاء يدفعني إلى رغبة أخرى وهي تدوين حياتي في كتاب .. وهذا لم أفكر فيه من قبل
على كل حال .. سأحاول فحديثك هذا أنت والأخ عادل يشجعني على ذلك ..
أشكرك ..
وسأكمل ولكن أرجو ألا يملني القارئ .. لأني حياتي مليئة بالأحداث


تحية ... ناريمان

أمل محمد 04-26-2012 09:06 PM

مرحبًا بكِ ~ أ. ناريمان

يُسعِدني متابعة سيرة أستاذة ومربية فاضلة مثلك ..


ناريمان الشريف 04-26-2012 09:37 PM

لا زلت في غرفة الذاكرة المكتظة بالحوادث الصادمة بعد سن الحادي والعشرين ..
ولكن قبل أن أكمل ..
سأعود للوراء كثيراً وأستذكر بعضاً من أحداث الطفولة المؤلمة والتي تركت بنفسي أثراً ما زال أثره ساكناً في الروح حتى اللحظة..
وأنا طفلة صغيرة كنت الأقرب إلى أمي من بين أخواتي .. فكنت أساعدها كثيراً في أعمال المنزل وفي المطبخ حتى أنني كنت أساعدها في الخياطة فأجلس على ماكينة الخياطة وأصنع ما تطلب مني بالضبط ولم يكن عمري آنذاك سوى ثلاثة عشر عاماً ..
فبعد عودتي من المدرسة أنهي ما تطلبه مني أمي على أكمل وجه .. ثم أخرج للعب أو التنزه ..
في تلك الأثناء أجتمع بالكثيرات من بنات الحي في لعب شعبية ( بيت بيوت أو الحجلة وغيرها )
ولعبة بيت بيوت .. لعبة شعبية بسيطة وبالرغم من بساطتها ..إلا أنها مفيدة جداً فتصنع من الصغيرة سيدة تحاكي الآخرين وتناقش وتشرح وتسأل وتجيب ووو غير ذلك ... حيث تتخذ كل واحدة منا ركناً وتصنع منه بيتاً صغيراً .. ثم نزرو بعضنا البعض ونقلد النساء ونتحدث ( تماماً كالنساء ) .. واحدة تشكو زوجها والأخرى تضج من أولادها وهكذا ....
في تلك اللعبة تعرفت إلى إحدى بنات الحي وعمرها آنذاك عشر سنوات .. لم أكن حينها أفهم كثيراً بإيماءات الوجوه ولا بتعبيراتها ولكن .. كنت ألاحظ كدمات حمراء على خدودها الصغيرة .. وأسأل بيني وبين نفسي ما سرّ هذا الاحمرار ؟؟ كما لاحظت أن هذه الصغيرة لا تطيل المكوث معنا .. فما أن تحضر حتى تختفي دون إذن .. وعندما أسأل عنها .. يقال أنها عادت إلى البيت خوفاً من زوج أمها العنيف جداً .. ومنذ تلك اللحظة صرت أترقب حضورها لأقترب منها أكثر .. وأسمع منها.. وبالفعل .. حضرت الصغيرة لا لتلعب .. بل لتبكي وتبكي .. لا أنكر أنها كانت أكبر من سنها جسماً وتفكيراً .. فقد رفضت البوح عما جرى لها .. هنا .. صار عندي فضول أكثر لأعرف عنها كل شيء .. وشيئاً فشيئاً توطدت العلاقة فيما بيننا فأصبحنا صديقتين ..وبدأت تروي في كل لقاء فصلاً من حكايتها بالتفصيل ويكاد يكون ما جاء في الفصل الأول من روايتي تفصيل قصتها مع زوج أبيها الغادر ....

ولمن لم يقرأ القصة .. سأوردها هنا -بقلمي - ..



تحية ... ناريمان

ناريمان الشريف 04-26-2012 09:47 PM

لست وحدي!!!

تفاجئني الأضواء الخافتة , الهدوء
سقط نظري للتو لحظة دخولي المنزل على الأريكة
التي اعتادت أن تجلس عليها أمي ,
لكنها ليست هناك, ماذا جرى ؟
الستارة متهدلة , تتحرك كلما لفحها الزمهرير الآتي من الخارج
وكأنها تشكو شيئا ما غير عادي حدث في هذا البيت الكئيب...
يتسلل إلي إحساس بالوحشة ,
وأنا أسائل نفسي : ربما قتلها !
أنظر بسرعة إلى أرضية الغرفة فلا أرى أثرا للدم
أو ربما خنقها من غير آثار ,
أصوات توقعاتي تنبح بداخلي , أصداء صراخي ترتد في حلقي,
ووجهي باهت أريد أن اصرخ وفحيح صراخي يذكـّرني :
انتبهي الصراخ ممنوع !!

تنتابني حاجة للبكاء ما دام الصراخ مختوماً بالشمع الأحمر ومحظوراً وأنا أحتاج إليه
آآه .. إنه البكاء..
لأول مرة أجد أنني أستطيع ممارسة شيء من غير اعتراض
ولكنه محدود بالصمت من غير إزعاج .
ألتفت إلى الأريكة فأرى زوج أمي يجلس عليها ..
يعالج كتابا ما ولا يبدو عليه أي قلق او ما يشير إلى التوتر..
تساءلت : هل ساءت حالة أمي ونقلت إلى المستشفى
في غيابي أو قد تكون ماتت؟
لا............................فلم تكن فترة غيابي كافية لهذا
إنها المرة الوحيدة التي أغيب فيها كل هذا الوقت
منذ أن اقعد الشلل الكلي أمي في الفراش
ومع ذلك ... شيء ما قد حدث
مع انه هادىء النفس مرتاح
وهذا لا يعني انه لم يحدث شيء يقلق
فاللامبالاة من طباعه القاتلة
اذكر-قبل أعوام- يوم خرج الطبيب من غرفة أمي يخبره بشللها
وكأنه تلقى نبأ مولدها , وأتذكر كيف انبعثت من ملامحه فرحة مكتومة حاول إخفاءها
واستطعت ببراءتي أن ألمحها في عينيه
فلقد تعودت تقطيبة جبينه فكان من السهل علي رغم صغر سني
أن الـْحظ أي تغيير على ملامحه مهما كان بسيطا ,
ومنذ ذلك اليوم ما انفكـّت دموعي تنساب على وجهي ,
فهذا الشبح يزرعني في أرض البؤس ويجني ثمار بؤسي كل لحظة .
لا أحب الحديث إلى هذا الرجل لكني مضطرة لسؤاله :
أين أمي ؟ أين أمي؟
ويجيبني , مانعا إياي دخول الغرفة ريثما يخرج الطبيب
متأهبا للحظة ضعف أرتمي فيها بخضنه
أجهش بالبكاء ليربت على ظهري :
اطمئني لا تخافي لست وحدك..
لكنني لا أمنحه هذه الفرصة ,
فكتمت كل مشاعر ألم بداخلي
حتى الاسئلة التي كان علي أن أسألها ,
لا أريد أن أحصل على جوابها منه ,
وقلت في نفسي سأنتظر الطبيب
وأسمع منه تفاصيل حالتها.

وبدأت أترقب لحظة خروجه ,
ومن الشـقّ الذي يفصل الباب عن الجدار أحاول أن أسمع شيئاً أو أرى شيئاً
ولكنني لا أفلح..
فجلست على كرسي بجانب باب الغرفة
أفرك يدا بيد أبدد بهذا الاحتكاك غيظي وحيرتي
فكم كنت بحاجة أن أقرض الباب بأسناني لأسمع شيئاً ,
انتظرت .. ولم يعد بمقدوري الانتظار
ولم يكن بوسعي اقتحام الغرفة
ورؤية الإجابات عن أسئلتي بأم عيني ,
كل ذلك لا أستطيعه حسب ادعاءات ذلك الشيء الذي يجلس أمامي ..
كما كان يأمرني بعدم التدخل بأي أمر بدعوى إنه لا يخصّني
فعندما كنت أراه يبطش وجه أمي بيده
فأحاول الدفاع عنها فأصرخ في وجهه عله يرتد..
لكنه يمارس رجولة أنامله على خدي الصغير
فأرتد للخلف عاجزة عن فعل أي شيء أو حتى عن قول شيء ,
قلت في نفسي :
إن كان ضربه لامي لا يخصني فلا شك أن موتها يعنيني
وان كنت البارحة صغيرة
فأنا اليوم كبرت وكبرت الجراحات بداخلي ..
حتى الخوف ترعرع شبحه بداخلي من نظراته السخيفة
المسلطة علي للالتزام بكل ما يأمرني به ,
أما الآن فأ شعر بذرات الغضب تجتاح جمجمتي
وتخترق أصداغي كرصاصة قاتلة ,
ورغم هذا لا أستطيع التفوه بحرف..

تجملت بالصبر ريثما يخرج الطبيب وأنا أسـلـّي نفسي
وقطرات المطر الجريئة تضرب النوافذ بقسوة
وأحس أنها أفضل مني لأنها استطاعت أن تقول شيئاً ,
أو على الأقل يصدر عنها صوت ..
ربما صوت فرح أو تصفيق ألــم ..
وهذا نحيبي يختلط بأنـّات حبات المطر..
ربما شهقة الموت؟! ولكن أي موت؟!!!!!

لقد رأيتها تموت مرة حزناً على أبي , ومرة تموت ندما على ارتباطها بهذا الذئب..
رأيت شهقة الموت تخرج من جوفها في نهاية
كل نقاش بينهما يتحول إلى صراع ,
وآخر مرة شهدت موتها عندما رأتني أبكي ممزقة الثياب
عندما هجم علي يراودني عن نفسي ...
أي موت؟؟؟
فـللموت أشكال وأحجام وألوان في هذا البيت الكئيب..
الآن اسمع شيئا كالأنين, مـرّ ا غريبا , لم اعتد على سماعه ,
له رائحة كرائحة الحناء , له صوت أشبه بفحيح الأفاعي
لم أعد أميز الأصوات ..
فغمغمات الرعد تـنبعث في كل الأرجاء..
تدكّ أي هدوء يحاول ان يتسلل الى المكان ..
كل الاصوات شبيهة ببعض ..
طرطقة المطر وصلصلة الرعد وأنفاس الذئب المتصاعدة..
وذلك الصفير المتسلل خفية من فتحات النوافذ المتكسر
يبعث في عضلاتي جنونا هستيريا فأحس بيدي تكبر وتكبر
تستـل سكـّينا من مكان ما ربما من بين جراحاتي
ربما من عظامي
وتضربه على رأسه ضربة تريحني من سماع أنفاسه ,
لكنه لا يموت حي يرزق ،
حيّ يقرأ حيّ يـُعذب ولا يتعذب حيـّة تسعى..
طال انتظاري والأنين يشتد يتصاعد يصفع النقاش مع ذاتي
فالتفت نحو الغرفة ..
تأخر الطبيب !!
الهواء يشهق بلا انقطاع والمطر يزداد شراسة
ويزيد إحساسي بالبرد
وأنا اقبع داخل فستان مبلل لم اجد وقتا لاستبداله
والذئب المثقف لا زال يجلس على الأريكة
وقد أشرف الليل على أن يُحكم قبضته على رقبة النهار
ليخنق ما تبقى من ضوء ,
يتقلب في المكان الذي طلبت أمي ذات يوم أن أنقلها عليها
لأنها تحس بالراحة والصبر على البلاء
وهي تراني أمام عينيها لتكون رقيبا على تصرفات هذا العجوز المتوحش
لم أرغب يوما بإعلامها بملاحقته لي حتى لا يزداد بؤسها
وحتى لا تزداد ألامها عفونة
لقد عرفتْ ذلك بنفسها ذات يوم وقد رأته يطاردني
وأنا أهرب من مكان لآخر
رأته يلهث يتصبب عرقا ككلب مسعور
والبصاق يسيل من فمه
حزنا على فريسته التي ضاعت منه..
وهذا المشهد المروع كان جرثومة مرضها المزمن
نعم لقد كانت تكره سريرها الذي جمعها ذات يوم به
الانين يعلو ويهبط يتراقص كمؤشر البوصلة
كل شيء يعلو ويشتد
وهو يزداد هدوءا يتصفح كتابا أعرج
أحاول عن بعد أن أتمعن الصورة التي على الغلاف
لم أرَ شيئا محددا يـبدو
وكأنـّه شبح امرأة شبه عارية
أزيع بنظري جانبا ومن خلال تلك الصورة
أستقرئ عنوان الكتاب الذي يقرأ ,
فترتسم أمام عيوني حروفاً تـناسب الحالة فأترجم الصورة ,
لا أقرأ ولا أعرف حتى أبسط الحروف
نعم لقد كنت أحب المدرسة وأعشق منظر التلميذات
وهن يحملن الحقائب ويلبسن الزي المدرسي الموحد ,
كنت أقف على النافذة صباحاً وأنا أرى الطالبات
فأبكي ضعف حالي وقلة حيلتي ,
أحب القراءة وتعلم الحروف لكن حيث تبقى كلمة لكن !!
سداً أمام أي عمل جاد
ويبقى هذا الوحش رمزا لتحطيم أي معنى للطموح ,
فكم مزق كتاب القراءة الذي كنت استرق لحظات غيابه
لأتصفـّح صوره
وأحاول مطابقتها على الحروف لعلـّي أتعلم شيئا منه ,
حتى العرائس اللواتي تلعب بهن الصغيرات لم يكن مصيرها
سوى الركل والرفس
كلما رآني ألهو بها مع انها من صنع يدي ولم يكلفه ذلك شيئا ,
إنه يكره أن يراني أفعل شيئاً يخصني ,
فكل ما يحبه من تصرفاتي هو خدمتي المخلصة له ولأصدقائه ,
وكل ما يحبه هو إفعام معدته بالطعام الذي أعدّه ,
أصرخ في وجهه: اكرهك , اكرهك يا قاتل طفولتي ,
يا ....
لكنني لا أستطيع فقد يسمعني ,
الكلمات تتأرجح في حلقي وتقف كخنجر مشرشر
إن أخرجته جرحني وان أبقيته آلمني ..
يقلب صفحة أخرى من كتابه ,
ينهمك في القراءة فأرى عينيه تتسلل من خلال صفحات كتابه
وتتلمس ساقي يتأمل وجهي ويبتسم ,
نظراته الحادة تثقب فستاني تمزقه لتصل إلى جسدي
فأجفل
وأتمعـّن الكتاب مرة أخرى لأقرأ شيئا ,
نعم أستطيع ان اقرأ – كيف تصطاد النساء-
لا بد أنه يدرب نفسه كيف يصطاد الفريسة
ثم يرمي بها في واد الهلاك بداخله بعد ان يمتص دماءها,
يواصل تقليب الصفحات وكأن ما يحدث لأمي لا يعنيه ,
والمطر لا يتوقف والطبيب لا زال يفحص أمي.
وهو لا زال يتقلب على الأريكة يتحسسها
ويحسب احتمال استيعابها لامرأة أخرى
يوهمها بحبه ثم يتزوجها ثم يقتلها بطريقته الخاصة.
نعم فلقد علمت أمي بعد زواجها بفترة انه كان قد تزوج قبلها ثلاث مرات .
بم أفكر ؟؟ أين أمي ؟
هنا كانت تجلس قبل ساعة
لا بد انك أنت السبب في حالتها التي آلت إليها في غيابي
ليتـني لم أخرج ..!!!
يراودني شعور غريب ..
حقد أسود يزداد سواداً يضاف إلى حقد قديم يتورم
فيحمر فيزرق فيسود
كمثل الأورام التي في جسدي من كثرة الضرب ,
لمن الدور يا ترى ؟
لا بد انني الضحية القادمة يكون مصيري كمصير السابقات ,
رفعت عيني أتأمل قذارته وأعضائي تشكو البرد
فيبتسم لي بخبث
وكأنه يتابع افكاري.. ويلتي !!
هل يسمعني؟؟ يخرج سيجارته ويهم بإشعالها
فيأمرني بفنجان من القهوة ,
طبعا
لا أستطيع الرفض,
ولم الرفض راضيت نفسي با لموافقة فقلت لنفسي:
سألهيك ريثما يخرج الطبيب ,
اخلع نفسي عن الكرسي وقد التصقت به ,
وأسير إلى المطبخ عبر ممر كئيب حزين معتم كدهاليز السجون ,
فتمر بخاطري ذكرى طازجة حدثت البارحة ,
هنا امسك بيدي وضغط عليها قائلا:
لا تقولي أنت مثل أبي أنا لست أبيك وعيناه جاحظتان
تخرج من تجويفهما تقرضني وتعود إلى مكانها ,
وأخيراً وصلت المطبخ, وكأنني قطعت رحلة صحراوية شاقة
على ظهر سلحفاة تـتبختر,
وكلي أتأرجح والدوار يأخذني ,
وما تبقى مني يريد أن يهوي ساقطا,
لم يبق في أحداقي دموع استعين بها على ضعفي
أذيب بها طبقة من طبقات الألم المتراكم ,
أسرع في استحضار القهوة
خوفا من أن يخرج الطبيب في غيبتي
فتفوتني كلمة عن حالة امي ,
أرفع الابريق عن النار أتمالك نفسي ,
أخشى السقوط خوفا من أن يقع مني شيء ينكسر
فأعاقب على سقوطه ,
حملت القهوة وعدت مسرعة أعبر الممر
والقهوة تتراقص بين يدي وكأنها هي التي تحملني ,
وبخطوات متثاقلة سرت نحوه وقدمت القهوة
وتهالكت على الكرسي انتظر ,
فالانتظار هو مهمتي يتخللها ذكريات مسمومة .
في ديسمبر يداهم البرد كل شيء حتى إحساسي بالحياة
ورغبتي في البقاء ,
فالمح دفتر التقويم المعلق على المقابل
يتدلى حزينا تتمزق صفحاته بسرعة البرق
وإحساسي باقتراب نهايتي مثله تماما ,
على كل ورقة تمزق وتطرح في سلة النفايات
كنت اكتب عليها أكرهك ,
على كل ورقة تقذف الى عالم الأموات
كانت أمي تقول ... طلقني أرجوك,
الأنيـن داخل الغرفة يتهادى ,
أنتظر وأنتظر وأعضائي ينفر منها الدفء ,
ومع الانتظار اكره بلادته ورجولته المصطنعة
برغم كبر سنه وانحناءة ظهره التي تعلن عن عجزه..
فتجاعيده المحفورة حول عينيه تنذر بمستقبل مرعب موحش ,
كم اكره المستقبل كما اكره الماضي ,
ماذا يمكن أن يحصل لو ماتت أمي ,
ربما اكون زوجته احضر الفطور ويناديني
يعوي سعالا كعادته من كثرة التدخين :
يا غبية أيـن الماء الساخن ,كل شيء مطلوب مني
فالماء الساخن ضروري لغسل وجهه وعينيه
وتطهيرها من نظراته السافلة ,
ثم احضر الطعام ليأكل واقتات أنا من علقم قسوته
ثلاث وجبات يومية ,
تماما كما الوجبات في البيوت الخالية من الثقوب
وربما تزداد الوجبات مستقبلاً ..
وربما يكون لي طفلة ويلاحقها وأصاب بالشلل وأموت –

هنا زمجرت بزعقة خرجت مني رغما عني
وكأني اشهد الموت حقا
فصحوت من غفلتي على توقف المطر ..

توقف المطر وتهالك الزمهرير
وكلّ الأنين بداخل الغرفة المغلقة
وتحول فجأة إلى زفرة واحدة لا أكثر ..
أسرعت اندفع نحو الباب والطبيب يخرج
وقد ترك الباب مفتوحا ,
توجهت نحو السرير لأرى أمي جسدا مسجى مغطى
بلا انين ,

أدركت أن أمي قد انتهت ..

انتهت !!
أبـكي ... وأبـكي إذ لا وقت للبكاء ,
أمي ماتت وعلي أن أفكر ,,,
تقيدني فكرة الهروب قبل أن ينقض علي ويفـترسني ,
ولكن ... كيف سأغادر؟؟ والى أيـن؟
والعالم كله رجل أكاد افقد النطق, ماذا افعل ؟؟
لقد ماتت أمي لأتعذب...
وأبقى هنا وحدي وحدي! ....
لا لست وحدي

( بقلمي )
تحية ... ناريمان

ناريمان الشريف 04-26-2012 10:01 PM

ملاحظة هامة جداً ..
معظم القصص التي كتبتها هي واقعية مئة بالمئة ..
ووصلت إلى مسامعي إما مباشرة من أصحابها أو عن طريق روايات الآخرين
أشكركم على القراءة و المتابعة
ملاحظة أخرى .. للقصة بقية سأوردها هنا إن شاء الله


تحية ... ناريمان

ناريمان الشريف 04-26-2012 10:04 PM

الجزء الثاني ( في وداع أمي )

ماتت أمي .. ولم تغادر بعد
راحت روحها .. لكن جسدها لا زال هنا
الجو لا زال يبشر بمزيد من البرد الجاف
الأشبه بتنهداتي الليلية الممزوجة بحرقة الوجع
اقتربت من أمي ومددت نفسي في سريرها كما عودتني
حتى التصقت بها أنشد شيئا من حنان لا زال يرقد في جسدها البارد ..
عانقتها و بكيتها .. بكيت غربتي ..
بكيت وحدتي
بكيت حتى لم يعد في عيوني دموع أستعين بها على حزني
فقد جفت عيوني
فأغمضتها لاستدعاء مزيد من الدمع
لكنني رحت في نوم عميق
وأنا أقبع في غرفة ليس فيها سوى جسد بارد الأطراف
شاخص العيون أحمق لا يعي ما أقول !
وأنا وحزني .. كلنا في هذه الغرفة
صحوت في عمق الليل أتفقد الجسد الهامد
اقتربت من أمي وصرت أهمس لها علها تسمعني
أمي حبيبتي .. أين تذهبين وتتركينني وحدي أين ؟
اجيبيني .. يقولون ان الميت لا يذهب سمعه بسرعة
اذن لا بد أنها تسمع كلماتي ولكنها لا تجيب !!
وصرت ألاعب جفنيها وأداعب شعرها الأبيض
وأتحسس وجهها الذي غزته التجاعيد بلا رحمة
رتبت نفسي قليلا ورحت كالمجنونة أبحث في محتوياتها
علني أجد شيئا يربطني بها أكثر قبل أن تغادر
كان الليل قد أوشك أن يغادرهو الآخر
فأسرعت ألملم نفسي من جديد قبل أن يهرع الجمع لوداع أمي
ارتديت ملابسي بسرعة
وذهبت أستقبل خالتي الوحيدة
انها خالتي مديحة
كم حدثتني أمي عنها ..
ها هي تدخل بجسدها الممتلئ وتمشي على عجل
وكأنها تتكئ على بعضها وهي تجهش بالبكاء
وتضمني الى صدرها
فاسترجعت شيئا من دموع ضاعت مني في ليلة فائتة ..
وكأنها اعتصرتني وأفرغت ما بي من دموع
فبكيت من جديد
وأحسست بضمتها لي دعوتي للاقامة معها
مما أضفى على روحي شيئا من الراحة
لأني وجدت اجابة على سؤلي
أين أذهب ؟
لم تطل اقامة أمي في البيت
فها هي في نعشها تنقل الى بيتها الجديد
يا ليتها أخذتني معها
وما هي الا دقائق حتى امتلأ البيت
والكل يأمرني بالكف عن البكاء
فزممت الدمع والقلب يشتعل
وقبل أن تغادر البيت وجدتني أصرخ وأصرخ
أين تذهبين وتتركينني وحدي
وهجمت على الجسد المسجى
فمنعني النسوة من الاقتراب منها
فأرخيت ما تبقى من أضلاعي المنهكة
بين أحضان خالتي مديحة
وطالت اقامتي بين يديها ..
الآن لم يتبق شيء.. بل انتهى كل شيء
راحت أمي جسدا وروحا .. راحت الى الأبد
وانفض الناس كل الى حال سبيله كأن شيئا لم يكن
.............
لملمت حاجياتي التافهة وكأني على سفر


للقصة بقية ...

ناريمان الشريف 04-26-2012 10:07 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمل محمد (المشاركة 113456)
مرحبًا بكِ ~ أ. ناريمان

يُسعِدني متابعة سيرة أستاذة ومربية فاضلة مثلك ..

وألف تحية لك عزيزتي أمل ..
أقسم أن متابعتك تسعدني
كل التقدير والاحترام


تحية ... ناريمان

ناريمان الشريف 05-01-2012 07:17 PM

س 6- الحياة العملية:ما مجال العمل..هل تعملين في مجال التدريس فقط ام ان لك نشاطات اخرى صحفية مثلا؟

بعد أن أنهيت دراستي عام 1979 درست في سلك التربية والتعليم في فلسطين وعملت مدة 3 أشهر فقط .. ثم سافرت بعدها إلى ليبيا حيث كان يعمل زوجي .. وهناك لم أعمل في أي مجال إنما كان لي نشاطات على صعيد التجمعات الفلسطينية .. فأذكر أنه في ذلك العام 79 م .. حصل أن وضعت عناصر من قوات الاحتلال متفجرات في سيارة تقل رئيس بلدية نابلس السيد ( بسام الشكعة ) ورئيس بلدية رام الله مما أدى إلى بتر ساقي بسام واستشهد رئيس بلدية رام الله وكم كان للحدث أثر على نفسي حيث شوهد بسام الشكعة وهو مبتور الساقين على سرير الشفاء والبسمة لا تغادر شفتيه متسلحاً بالصبر والعزيمة .. أثار ذلك في نفسي كلمات كتبتها بعنوان ( فلتبتسم يا بسام ) وألقيتها في مقر حركة الشبيبة في طرابلس الغرب .. على الرغم من حالتي الصحية السيئة بسبب الحمل الأول ..
غادرت بعدها ليبيا .. وعدت إلى الأردن .. ثم سافرت إلى بغداد العاصمة العراقية .. وهناك عملت في شركة مقاولات كبيرة في قسم السكرتارية ..
ثم توجهت إلى السعودية وعملت في الرئاسة العامة لتعليم البنات لمدة أربعة عشر عاماً .. وتحديداً في مكتب التوجيه التربوي .. في جنوب المملكة العربية السعودية
في عام 1993 ألقيت عصا الترحال في فلسطين وعملت في التربية والتعليم منذ ذلك الوقت وحتى اللحظة .. حيث أدرس الرياضيات للصفوف الأساسية العليا ( من السادس وحتى العاشر )
هذا على صعيد التربية والتعليم ....


يتبع ....

ناريمان الشريف 05-01-2012 08:01 PM

على الصعيد الاعلامي ...
اشتغلت في الاعلام كمذيعة ومقدمة برامج ومديرة للبرامج منذ عام 1998 وحتى هذه الساعة
حيث قدمت في إذاعة الخليل المحلية مجموعة كبيرة من البرامج الثقافية منها :
مجلة الاذاعة - أحلى مسا -موعد مع الأحرار - قطوف - كن مع الله - رحلة إلى المقابر - أهوال يوم القيامة و من ملفات الجاسوسية غيرها
وعملت في إذاعة النورس المحلية فقدمت برنامج ( شرك الموساد )
والذي يتحدث عن قصص الجواسيس وكيفية وقوعهم في الشرك
ونفس البرنامج قدمته في إذاعة دريم .. حمل عنواناً هو ( صناعة الجاسوس )
ثم قدمت برنامج ( على سطح المكتب ) على هواء إذاعة سراج ..
في العام 2000 كنت من ضمن مؤسسي إذاعة منبر الحرية حيث كنت مديرة للبرامج وقدمت عدداً من البرامج أهمها ..
أحلى مسا - نبض الشارع - من الاعلام الاسرائيلي - وبرنامج (رغم القيد ) والذي يبث رسائل ذوي الأسرى إلى أبنائهم ويعنى بقضيتهم ..... ولا زلت أقدمه حتى الآن .. حيث أكتب هذه الكلمات وأنا أقدم البرنامج حيث أقدمه يومي الثلاثاء والجمعة من كل أسبوع تمام السادسة..
في نهاية عام 2000 حيث كانت فترة الاجتياح الاسرائيلي لمدن الضفة الفلسطينية ومنها الخليل ..
وكانت إذاعة الحرية آنذاك صوت يصدح في سماء الخليل ..
فاجتاحت قوة كبيرة من الجنود مدججين بالسلاح فحطموا برج الارسال ودمروا كل ما في الاذاعة من أجهزة بث وكمبيوترات وغيرها وتركوها أشلاء .. واعتقلوا البعض من الاعلاميين في الاذاعة منهم مدير الاذاعة ( زوج ابنتي)
بعدها قمت بإعادة تأسيس الاذاعة من جديد برفقة الزملاء.. وعاد البث في أقل من ثلاثة أشهر .. ولا زالت إذاعة الحرية حتى الآن ( صوت من لا صوت له )

يتبع .....

ايوب صابر 05-08-2012 09:30 AM

نحن بانتظارك!؟

ناريمان الشريف 05-18-2012 07:45 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ايوب صابر (المشاركة 115661)
نحن بانتظارك!؟

أخي أيوب ..
السلام عليك ورحمة الله وبركاته ..
جزيل الشكر والامتنان على متابعتك الحثيثة واهتمامك ..
فما تقدمه لمنابر كبير جداً وأنا أثمن جهودك المبذولة ..
وأرجو المعذرة على التأخر في المتابعة ,, فنحن الآن في خضم الامتحانات الفصلية ولا يخفى عليك
ما على المعلم من جهود في هذه الفترة من إعداد أسئلة الامتحانات وتصحيح وووو
سأكون هنا قريباً للمتابعة
مرة أخرى أشكرك



تحية ... ناريمان

ناريمان الشريف 06-01-2012 11:11 AM

الحديث عن رحلتي في العمل بالتدريس لها طعم
والعمل بالاعلام لها طعم آخر
فكل واحدة منهن لها ايجابياتها وسلبياتها ولها متعة خاصة ..
ولا شك أن كلاً منهما أفادني في الآخر بمعنى أن الواحدة منهما مكملة للأخرى
ولاشك أيضاً أن العمل بالاعلام أضفى نكهة للتدريس والعكس صحيح .. ولإجادتي في الاعلام حيث أنه ليس تخصصي بالأصل كان لا بد من أن أتحصن بالكثير من المعلومات لذلك حرصت على المشاركة بالعديد من الدورات التدريبية وورشات العمل العامة والخاصة في هذا المجال .. فمنها كان في ( المعهد الاعلامي في جامعة بير زيت العريقة ) على يدي أمهر المتخصصين في هذا المجال .. ودورات أخرى عديدة في ( شبكة أمين الاعلامية )( الانتر نيوز ) وغيرها الكثير
وهذا يقتضي سعة الاطلاع والمطالعة المستمرة فقرأت العديد من الكتب والمقالات الصحفية والتحقيقات واستمعت إلى الكثير منها .. والحمد لله .. فبعد ثلاثة عشر عاماً من العمل في مجال الاعلام أستطيع أن أقول أنني وضعت قدمي على أولى الخطوات السليمة للوصول ..
ومن هنا كان لا بد لي من أقوم بعمل لقاءات صحفية مع كبار الشخصيات وهذا أضفى على عملي شيئاً من القوة ...
لا شك أن أهم ما يجب على المذيع التمتع به هو ( الصوت المريح - واللغة السليمة - والأسلوب ) ولأن صوتي بحمد الله كما يصفه الكثيرون هادئاً دافئاً مريحاً .. لذلك كان لا بد من أن أهتم بالجوانب الأخرى وهي اللغة والأسلوب فركزت اهتمامي باللغة العربية فتعلمت قواعدها وأتقنتها .. وبالتدريب والمران المستمرين أشعر الآن بالرضا عما أقدم من برامج تترك في المستمعين أثراً كبيراً
..... يتبع

ايوب صابر 06-05-2012 06:28 PM

نحن في المتابعة.

ريما ريماوي 06-06-2012 06:30 PM

اتابع بشغف بين دموعي.. ولقب بطلة عليك قليل
يا سيدة الأحزان..
شكرا لك على صراحتك .. ومشاركتنا المك, لم أمل
ولا لحظة وأنتظر التتمة على نار.

تحيتي واحترامي وتقديري لك والأستاذ ايوب صابر
على إتاحته الفرصة لنا للتعرف على حضرتك أكثر...

ناريمان الشريف 06-08-2012 02:44 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ريما ريماوي (المشاركة 120720)
اتابع بشغف بين دموعي.. ولقب بطلة عليك قليل
يا سيدة الأحزان..
شكرا لك على صراحتك .. ومشاركتنا المك, لم أمل
ولا لحظة وأنتظر التتمة على نار.

تحيتي واحترامي وتقديري لك والأستاذ ايوب صابر
على إتاحته الفرصة لنا للتعرف على حضرتك أكثر...

عزيزتي ريما
تسعدني متابعتك .. وتعز علي دموعك
أهلاً بك سيدتي ما أجمل حضورك


تحية ... ناريمان

ناريمان الشريف 06-08-2012 02:50 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ايوب صابر (المشاركة 120637)
نحن في المتابعة.

سأكون هنا قريباً بإذن الله
فهذه الأيام أصغر أولادي يستعد لتقديم امتحانات الثانوية العامة
وهذا يشغلني كثيراً .. فأختلس اللحظات التي يكون فيها نائماً وأتابع منابر
كل الاحترام أخي أيوب وأشكرك على المتابعة



تحية ... ناريمان

[/tabletext]
أمل الحربي 06-13-2012 05:38 PM

[tabletext="width:70%;"]
متابعة بحب
الغالية ناريمان
سيرة حياتك أشعرتنا بأأننا مانزال صغاراً
أمام هذه العظمة


الساعة الآن 12:40 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team