منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر ديوان العرب (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=48)
-   -   من شعراء العصر الأندلسي ( إبن هانئ الأندلسي ) (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=1505)

ناريمان الشريف 09-24-2010 01:25 PM

من شعراء العصر الأندلسي ( إبن هانئ الأندلسي )
 
أبلغ ربيعة َ عن ذي الحيِّ من يمنٍ
( ابن هانئ الأندلسي )


أبلغ ربيعة َ عن ذي الحيِّ من يمنٍ
أنّا نؤلفُ شملاً ليسَ يفترقُ
أنّا وإياكمْ فرعاُِ من كرمٍ
قدْ بوركا وزكا الأثمارُ والورق
فلا طرائقُنا يوم الوغى قِدَدٌ
شَتّى النِّجارِ ولا أهواؤنَا فِرَق
إنّا لَتَشْرُفُ أيامُ الفَخَارِ بِنَا
حتى يقول عدانا إننا الفلق
فأنتمْ الغيثُ متّلجاً غواربهُ
على العفاة ِ ونحنُ الوابلُ الغدق
لكنّ سيدنا الأعلى وسيدكمْ
على الملوكِ إذا قِيستْ به سُوَق
الواهبُ الألفَ إلاّ أنّها بِدَرٌ
والطاعن الألفَ إلاّ أنّها تَسَق
تأتي عطاياه شتّى غيرَ واحدة ٍ
كما تَدافَعَ موج البحرِ يَصْطفِق
منها الرديّنيُّ في أنبوبهِ خطلٌ
يومَ الهِياجِ وفي خَيشومِهِ ذَلَق
والمَشرَفِيّة ُ والخِرْصانُ والحَجَفُ الـ
منضودُ واليلبُ المضون والحلق
من كلِّ أبيضَ مسرودِ الدخارص من
أيامَ شيبانَ فيهِ المسكُ والعلق
و الماسخية ُ والنّبلُ الصّوائبُ في
ظباتها الجمرُ لكنْ ليسَ يحترق
و الوشيُ والعصبُ والخيماتُ يضربها
بالبدو حيث التقى الركبان والطُّرقُ
وقُبّة ُ الصَّندَلِ الحَمراءُ قد فُتِحَتْ
للجودِ أبوابُها والوَفْدُ يَستَبق
والماءُ والروضُ ملتفُ الحدائقِ والـ
سامي المشيِّدُ والمكمومة ُ السُّحق
و الشدقميّة ُ دعجاً في مباركها
كأنها في الغزيرِ المكلىء ِ الغسق
ومِنْ مَواهِبِهِ الرّايَاتُ خَافِقَة ً
و العادياتُ إلى الهيجاءِ تستبق
و سؤددُ الدّهرِ والدنيا العريضة ُ والـ
ـأرضُ البسيطة ُ والدأماءُ والأفُقُ
الطّاعنُ الأسدِ في أشداقها هرتٌ
و القائدُ الخيلِ في أقرابها لحق
جَمُّ الأناة ِ كثيرُ العَفْوِ مُبتدِرُ الـ
معروفِ مدّرعٌ بالحزم منتطق
كأنّ أعْداءهُ أسْرَى حَبائِلِهِ
فما يحصَّنهمْ شعبٌ ولا نفق
أما ووجهكَ وهو الشّمسُ طالعة ً
لقدْ تكاملَ فيكَ الخلقُ والخلق
فاعمرْ أبا الفرج العليا فما اجتمعتْ
إلاّ على حُبّكَ الأهواءُ والفِرَق
لو أنّ جودكَ في أيدي الرّوائحِ ما
أقلَعنَ حتى يَعُمَّ الأمّة َ الغَرَق

ناريمان الشريف 09-24-2010 01:26 PM

أتظنُّ راحاً في الشَّمالِ شمولا
( ابن هانئ الأندلسي )


أتظنُّ راحاً في الشَّمالِ شمولا
أتظنُّها سكرى تجرُّ ذيولا
نثرتْ ندى أنفاسها فكأنّما
نَثرَتْ حِبالاتِ الدُّموعِ همولا
أوَ كلَّما جنحَ الأصيلُ تنفَّستْ
نفساً تجاذبهُ إليَّ عليلا
تهدى صحائفكمْ منشَّرة ً وما
تُغني مُراقَبَة ُ العُيونِ فَتيلا
لا تغمِضُوا نَظَرَ االرضا فلربَّما
ضمَّتْ عليهِ جناحها المبلولا
وكأنّ طَيْفاً ما اهتَدى فبعثْتُمُ
مِسكَ الجيوب الرَّدْعَ منه بَديلا
سأروعُ من نضمَّت حجالكمُ وإن
غَدَتِ الأسِنّة ُ دونَ ذلك غِيلا
أعصي رِماحَ الخطِّ دونكِ شُرّعاً
و أطيعُ فيكِ صبابة ً وغليلا
بَشراً وأنقَذَ فيكم التَفصيلا
يَهْمي نفوساً أو يُقَدَّ فُلولا
ما للمعالمِ والطُّلولِ أما كفا
بالعاشقينَ معالماً وطلولا
فكأنّنَا شَمْلُ الدّموعِ تَفَرُّقاً
و كأنَّنا سرُّ الوداعِ نحولا
ولقد ذممْتُ قصيرَ ليلي في الهوى
وحَمِدتُ من مَتْنِ القناة ِ طويلا
إنّي لَتُكْسِبُني المَحامِدَ هِمّة ٌ
نجمتْ وكلَّفتِ النُّجومَ أفولا
بكرتْ تلومُ على النَّدى أزديَّة ٌ
إلاَّ لِيصْفَحَ قادراً وتنِيلا
يا هذهِ إن يفنَّ فارطُ مجدهم
فخذي إليكِ النِّيلَ والتَّنويلا
يا هذهِ لولا المساعي الغرُّ ما
زعموا أباكِ الماجدَ البهلولا
إنَّ لينجدنَا السَّماحُ على الَّتي
تذرُ الغمامَ المستهلَّ بخيلا
وتَظُنُّ في لَهَواتِنا أسيافَنَا
سَيَّرتُهَا غُوَراً لكُمْ وحُجُولا
هذا ابنُ وَحيِ اللهِ تأخُذُ هَدْيَها
لو لم يَفِضْ لك في البرِيّة ِ نائِلٌ
ذو النُّورِ تُولِيهِ مكارمُ هاشِمٍ
شُكْراً كنائِلِهِ الجزيلِ جزيلا
لا مثلَ يومِ منهُ يومُ أدلَّة ٍ
تهدي إلى المتفقِّهينَ عقولا
في مَوسِمِ النَّحُرِ السَّنيعِ يَرُوقُني
فأغضُّ طرفاً عن سناهُ كليلا
والجوُّ يَعثِرُ بالأسِنّة ِ والظُّبَى
و الأرضُ واجفة ٌ تميلُ مميلا
والخافِقاتُ على الوشيجِ كأنّما
حاولنَ عندَ المعصراتِ ذحولا
و الأسدُ فاغرتٌ تمطِّي نيبها
والدّهْرُ يَنْدُبُ شِلْوَهُ المأكولا
و الشَّمسُ حاسرة ُ القناعِ وودُّها
لو تستطيعُ لتُربِهِ تقبيلا
وعلى أميرِ المؤمنِينَ غمامَة ٌ
نشأتْ تظلِّلُ تاجهُ تظليلا
نهضتْ بثقلِ الدُّرِّ ضوعفَ نسجها
فَجَرَتْ عليه عَسجداً محلولا
أمُديرَها من حيثُ دارَ لَشَدّ مَا
زاحمتَ حولَ ركابهِ جبريلا
ذعرتْ مواكبهُ الجبالَ فأعلنتْ
هضباتها التَّكبيرَ والتَّهليلا
قد ضمّ قطريها العجاجُ فما ترى
بينَ السِّنانِ وكعبهِ تخليلا
رُفِعَتْ له فيها قِبابٌ لم تكُنْ
ظُعْناً بأجراعِ الحِمى وحمولا
أيكِيّة ِ الذهَبِ المرصَّعِ رَفَرفَتْ
فبها حمامٌ ما دعونَ هديلا
وتُبَاشِرُ الفلكَ الأثيرَ كأنّمَا
تَبغي بهِنَّ إلى السماء رَحيلا
تدنى إليها النُّجبُ كلُّ عذافرٍ
يهوي إذا سارَ المطيُّ ذميلا
تتعرَّفُ الصُّهبُ المؤثَّلَ حولهُ
نَسَباً وتُنكِرُ شَدقماً وجَديلا
و تجنُّ منهُ كلُّ وبرة ِ لبدة ٍ
لَييْثاً وَيحمِلُ كُلُّ عُضْوٍ فيلا
وتَظُنَّهُ مُتَخمِّطاً من كِبْرِهِ
وتَخَالهُ متنمِّراً لِيَصُولا
و كأنّما الجردُ الجنائبُ خرَّدٌ
سفرتْ تشوقُ متيَّماً متبولا
تَبْدو عليها للمعِزِّ جَلالَة ٌ
فيكونُ أكثرُ مشيها تبجيلا
ويَجِلُّ عنها قَدرُه حتى إذا
راقتهُ كانتْ نائلاً مبّذولا
من كلّ يعبوبٍ يحيدُ فلا ترى
إلاّ قَذالاً سامِياً وتَلِيلا
و كأنّ بينَ عنانهِ ولبانهِ
رشأً يريعُ إلى الكناس خذولا
لَوْ تَشْرَئِبُّ لهُ عقيلة ُ رَبْرَبٍ
ظنّتهُ جؤذرا رملها المكّحولا
إنْ شِيمَ أقبَلَ عارضاً مُتهلِّلاً
أو ريعَ أدبرَ خاضباً إجفيلا
تَتَنزّلُ الأروى على صَهَواتِهِ
ويبِيتُ في وَكْرِ العُقابِ نزيلا
يهوي بأمِّ الخشفِ بينَ فروجهِ
ويُقَيِّدُ الأدمانَة َ العُطْبُولا
صلتانة ُ يعنفُ بالبروقِ لوامعاً
ولقد يكونُ لأمّهِنّ سَليلا
هذا الذي ملأَ القلوبَ جلالة ً
هذا الَّذي تركَ العزيزَ ذليلا
فإذا نظرتَ نظرة َ غيرَ مشبَّهٍ
إلاّ التِماحَكَ رايَة ً ورَعِيلا
يوْمٌ تجلّى الله من مَلَكُوتِهِ
فرآكَ في المرأى الجليلِ جَلِيلا
جلَّيتَ فيهِ بنظرة ٍ فمنحتهُ
نظراً برؤية ِ غيرهِ مشغولا
وتَحَلّتِ الدّنْيا بسِمْطَيْ دُرِّهَا
فرأيتها شخصاً لديكَ ضئيلا
و لحظتَ منبركَ المعلَّى راجفاً
من تحتِ عِقْدِ الرّايَتَينِ مَهُولا
مسدولَ سترِ جلالة ٍ أنطقتهُ
فرفعْتَ عن حِكَمِ البيانِ سُدُولا
وقَضَيْتَ حَجَّ العامِ مُؤتَنِفاً وقَدْ
وَدَّعْتَ عاماً للجِهادِ مُحِيلا
وشَفعْتَ في وَفْدِ الحجيجِ كأنّما
نفَّلتهم إخلاصكَ المقبولا
و صدرتَ تحبو النّاكثين مواهباً
هَزّتْ قَؤولاً للسّماحِ فَعُولا
و هي الجرائمُ والرَّغائبُ ما التقتْ
قد جُدْتَ حتى أمَّلَتْكَ أُمَيّة ٌ
لو أنَ وِتْراً لم يُضِعْ تأميلا
لم يخْلُ جَبّارُ المُلوكِ بِذِكْرِهِ
إلاّ تَشَحَّطَ في الدماء قتيلا
و كأنّ أرواحَ العدى شاكلنهُ
فإذا دعا لبّى الكميَّ عجولا
وإذا اسْتَضاء شِهابَهُ بطلٌ رأى
صُوَرَ الوقائعِ فوقه تَخْييلا
و غذا تدبَّرهُ تدبَّرَ علّة ً
للنَّيرَاتِ ونَيّراً مَعْلُولا
لكَ حسنهُ متقلَّداًو بهاؤهُ
متنكبَّاً ومضاؤهُ مسلولا
كتَبَ الفِرنْدُ عليه بعضَ صِفاتكُمْ
فعرفتُ فيهِ التاجَ والإكليلا
قد كاد يُنْذِرُ بالوعِيدِ لِطولِ مَا
أصغى إليك ويعلمْ التأويلا
فإذا غضبتَ علتهُ دونكَ ربدة ٌ
يغدو لها طرفُ النهارِ كليلا
و إذا طويتَ على الرَّضى اهدى إلى
شمس الظَّهيرة ِ عارضاً مصقولا
سمّاهُ جدُّكَ ذا الفقارِ وإنّما
سمّاهُ منْ عاديتَ عزرائيلا
و كأنْ بهِ لم يبقِ وتراً ضائعاً
في كربلاءَ ولا دَماً مَطلولا
أو ما سمعتمْ عن وقائعهِ التي
لم تبقِ إشراكاً ولا تبديلا
سارتْ بها شيعُ القصائدِ شرَّداً
فكَأنّما كانَتْ صَباً وقَبُولا
حتى قَطَعْنَ إلى العراقِ الشأمَ عن
عُرُضٍ وخُضنَ إلى الفُراتِ النيلا
طلعتْ على بغداد بالسَّيرِ الَّتي
سيَّرتها غرراً لكمْ وحجولا
أجْلينَ مِنْ فِكَري إذا لم يسمعوا
لسيوفهنَّ المرهفاتِ صليلا
و لقد هممتُ بأنْ أفكَّ قيودها
لمّا رأيتُ المحسنينَ قليلا
حتى رأيتُ قصائي منحولة ً
و القولَ في أمِّ الكتابِ مقولا
وَلَئِنْ بَقِيتُ لأُخْلِيَنَّ لِغُرِّهَا
ميدانَ سبقي مقصراً ومطيلا
حتى كأنِّي ملهمٌ وكأنَّها
سورٌ أرتِّلُ آياتها ترتيلا
تلك المهنَّدة ُ الرِّقاقُ فلولا
ولقد رأيتُكَ لا بلَحْظٍ عاكِفٍ
فرأيتُ من شيمِ النبيّ شكولا
و لقد سمعتكَ لا بسمعي هيبة ً
لكنْ وجدَتُكَ جوهراً معقولا
أبني النّبوّة ِ هل نبادرُغاية ً
و نقولُ فيكم غيرَ ما قد قيلا
إنّ الخبيرَ بكم أجَدَّ بخُلقكم
غيباً فجرَّدَ فيكمُ التنزيلا
آتاكمُ القدسَ الذي لم يؤتهِ
بشراً وأنفذَ فيكمُ التَّفضيلا
إنّا إستلمنا رُكْنَكُم ودَنوتُمُ
حتى استلمتمْ عرشهُ المحمولا
فوصلتُمُ ما بيْنَنَا وأمدَّكُمْ
برهانهُ سبباً به موصولا
ما عذركم أن لا تطيبَ فروعكمْ
ولقد رسختُمْ في السماء أُصولا
أعطتكم شمُ الأنوفِ مقادة ً
وركبتُمُ ظَهْرَ الزّمانِ ذَلولا
خَلّدْتُمُ في العبشمِيّة ِ لَعْنَة ً
خلقتْ وما خلقوا لها تعجيلا
راعَتْهُمُ بكمُ البُروقُ كأنّمَا
جرَّدتموها في السحابِ نصولا
في مَن يظُنّونَ الإمامة ٍ منهُمُ
إنْ حصّلتْ أنسابهمْ تحصيلا
مِنْ أهْلِ بَيْتٍ لم يَنالوا سَعْيَهُم
من فاضلٍ عدلوا به مفضولا
لا تَعْجَلوا إنّي رأيتُ أناتَكْمْ
وطئاً على كتدِ الزمان ثقيلا
أمُتَوَّجَ الخُلَفاءِ حاكِمْهُم وإنْ
كان القضاءُ بما تشاءُ كفيلا
فالكتبُ لولا أنّها لكَ شهَّدٌ
ما فُصِّلَتْ آياتُهَا تفصيلا
الله يَجزيكَ الذي لم يَجْزِهِ
و لقد براكَ وكنتَ موثقهُ الذي
أخذَ الكِتابَ وعهْدَهُ المسؤولا
حتى إذا استرعاكَ أمرَ عِبادهِ
أدْنَى إليهِ أباكَ إسماعيلا
من بينِ حجبُ النُّور حيثُ تبوّأتْ
آباؤهُ ظِلَّ الجِنانِ ظَليلا
أدّى أمانتهُ وزيدَ منَ الرّضى
قرباً فجاورهُ الإلهُ خليلا
ووَرثتَهُ البُرْهانَ والتِّبيانَ والـ
ـفُرْقانَ والتّوراة َ والأنجيلا
وعلمتُ منْ مكنونِ علمِ اللهِ ما
لمْ يؤتِ جبريلاً وميكائيلا
لو كنتَ آوِنَة ً نَبِيّاً مُرْسَلاً،
نُشرَتْ بمبعثِكَ القُرونُ الأولى
أو كنتَ نُوحاً مُنذِراً في قومِهِ
ما زادَهم بدُعائهِ تَضليلا
لله فيكٍ سريرَة ٌ لوْ أُعلِنَتْ
أحيا بذكركَ قاتلٌ مقتولا
لو كانَ أعطَى الخَلْقَ ما أُتيتَهُ
لم يَخْلُقِ التّشبيهَ والتمثيلا
لولا حجابٌ دونَ علمكَ حاجزٌ
وَجَدوا إلى عِلمِ الغُيُوبِ سَبيلا
لولاكَ لمْ يكنْ التّفكرُ واعظاً
والعقلُ رُشْداً، والقياسُ دَليلا
لو لم تكُنْ سَبَبَ النّجاة ِ لأهْلِها
لم يُغْنِ إيمانُ العِبادِ فَتيلا
لو لم تُعَرِّفْنا بذاتِ نُفُوسِنا
كانتْ لدينا عالماً مجهولا
لو لمْ يفضْ لكَ بالبريّة ِ نائلٌ
كانَت مُفوَّفَة الرّياضِ مَحُولا
لو لم تكن سكَنَ البلادِ تَضَعضَعتْ
ولَزُيِّلَتْ أركانُها تَزييلا
لو لمْ يكنْ فيكَ اعتبارٌ للورى
ضَلُّوا فلم يَكُنِ الدليل دليلا
نَبِّهْ لنا قَدْراً نَغيظُ بهِ العِدَى
فلقدْ تجهمنا الزّمانُ خمولا
لو كنتَ قبلَ تكونُ جامعَ شملنا
ما نيلَ منْ حُرماتنا ما نيلا
نَعْتَدُّ أيْسَرَ ما ملكتَ رقابَنَا
وأقَلَّ ما نَرجو بكَ المَأمولا

ناريمان الشريف 09-24-2010 01:27 PM

أحبب بتيَّاكَ القبابِ قبابا
( ابن هانئ الأندلسي )


أحبب بتيَّاكَ القبابِ قبابا
لا بالحُداة ِ ولا الركابِ رِكابا
فيها قلوبُ العاشقينَ تخالها
عَنَماً بأيْدي البِيضِ والعُنّابا
بأبي المها وحشية ٌ أتبعتها
نفساً يشيّعُ عيسها ما آبا
والله لولا أن يُسفّهني الهوى
ويقولَ بعضُ القائلينَ تصابى
لكسْرتُ دُمْلُجَها بضيق عناقِها
ورشفتُ من فيها البَرودِ رُضابا
بِنْتُمْ فلولا أن أُغيّرَ لِمتي
عبثاً وألقاكمْ عليَّ غضابا
لخضبتُ شيباً في عذاري كاذباً
ومحوتُ محو النقسِ عنهُ شبابا
وخلعتهُ خلعَ العذارِ مذمماً
واعتضتُ منْ جلبابهِ جلبابا
كالخصمِ تَسَوّرُوا المِحرابا
لو أنني أجدُ البياضَ خضابا
وإذا أردتَ على المشيبِ وِفادَة ً
فاجعلْ إليه مَطيكَ الأحقابا
فلتأخذَنّ من الزمان حَمامَة ً
ولتدفعنًَّ إلى الزمانِ غرابا
ماذا أقول لريبِ دَهْرٍ جائرٍ
جَمَعَ العُداة َ وفرّقَ الأحبابا
لمْ ألقَ شيئاً بعدكمْ حسناً ولا
مَلِكاً سوى هذا الأغرّ لُبابا
هذا الذي قدْ جلَّ عنْ أسمائهِ
حتى حَسِبنُاها له ألقابا
مَن ليس يرْضى َ أن يُسمّى جعفراً
حتى يُسمّى جَعْفَرَ الوهّابا
يَهَبُ الكتائبَ غانماتٍ والمَهَا
مستردفاتٍ والجيادَ عراباً
فكأنما ضربَ السَّماءَ سرادقاً
بالزّابِ، أو رَفعَ النّجومَ قَبابا
قد نالَ أسباباً إلى أفلاكِها،
وسيبتغي من بعدها أسبابا
لبِسَ الصّباحُ به صَباحاً مُسْفرِاً
وسقَتْ شَمائِلُه السّحابَ سحابَا
قد باتَ صوبُ المزن يسترقُ النَّدى
من كفّه فرأيتُ منه عجابَا
لم أدْرِ أنّى ذاك إلاّ أنّني
قد رابني من أمرهِ ما رابا
وبأبي أنمله أطاف ولمْ يَخفَ
من بأسِها سَوطاً علَيهِ عَذابَا
و هو الغريقُ لئنْ توسّطَ موجها
والبحرُ مُلتَجٌ يَعُبُّ عُبابَا
ماضي العزائمِ غيرهُ اغتنمَ اللُّهى
في الحربِ واغتَنَمَ النّفوسَ نِهابَا
فكأنّه والأعوجيَّ إذا انتحى
قمرٌ يُصرّفُ في العنانِ شِهابَا
ما كنتُ أحسَبُ أن أرَى بشراً كذا
ليثاً ولا دِرْعاً يسمى ّ غابَا
وَرداً إذا ألقَى على أكتادِهِ
لبداً وصرّ بحدّ نابٍ نابَا
فرَشَتْ له أيدي الليوثِ خدودَها
و رضينَ ما يأتي وكنّ غضابَا
لولا حفائظه وصعبُ مواسهِ
ما كانتِ العربُ الصّعاب صعاباً
فمن أجلِ ذا نجدُ الثّغورَ عذابا
لو شَقّ عن قلبي امتحانُ ودَادهِ
لوجدتَ من قلبي عليه حجابا
و قد كنتُ قبلَ نداكَ أزجي عارضاً
فأشيمُ منه الزِّبرجَ المُنجابا
آليتُ أصدُرُ عن بحارك بعدما
قِستُ البحار بها فكنّ سرابا
لم تُدْنِني أرضٌ إليكَ وإنّما
جئتُ السماءَ ففتحت أبوابا
و رأيتُ حولي وفدَ كلّ قبيلة ٍ
حتى توهمتُ العراقَ الزّابا
و سمعتُ فيها كلّ خطبة فيصلٍ
حتى حَسِبْتُ مُلوكَها أعْرابا
و رأيتُ أجبلَ أرضها منقادة ً
فحسبتها مدّتْ إليكَ رقابا
و سألتُ ما الدّهرِ فيها أشيباً
فإذا به من هوْل بأسكَ شابا
سَدّ الإمامُ بكَ الثغورَ وقبلَهُ
هَزَمَ النبيُّ بقوْمكَ الأحزابا
لو قلتُ إنّ المرهفاتِ البيضَ لم
تُخْلَقْ لغَيركُمُ لقُلتُ صَوابا
أنتمْ ذوو التيجانِ من يمنٍ إذا
عدَّ الشّريفُ أرومة ً ونصابا
إن تمثيلْ منهاالملوكُ قصوركمْ
فالطالما كانوا لها حجّابا
هَلْ تشكُرَنّ ربيعة ُ الفَرَسِ التي
أوْلَيْتُمُوها جَيئَة ً وذَهَابا
أو تحمدُ الحمراءُ من مُضَرٍ لكُمْ
مَلِكاً أغَرّ وقادة ً أنجابا
أنتُمْ منَحَتُم كلّ سيّد معشَرٍ
بالقُربِ من أنسابكم أنسابا
هبكمْ منحتمْ هذه البدرَ التي
عملتْ فكيف منحتمُ الانسابا
قلّتم فأُصمِتَ ناطقٌ وصَمَتُّمُ
فبلغتم الإطنابا والإسهابا
أقسمتُ لو فارقتمُ أجسامكم
لَبَقِيتُمُ من بعْدها أحبابا
و لو أنّ أوطانَ الدّيارِ نبتْ بكم
لسكنتمُ الأخلاقَ والآدابا
لكَ هذه المهجُ التي تدعى الورى
فأمُرْ مُطاعَ الأمْرِ وادْعُ مُحابا
لو لم تكن في السلم أنطَقَ ناطقٍ
لكفاكَ سيفك أن يحيرَ خطابا
ولئن خرجتَ عن الظنونِ ورجمِها
فلَقَدْ دخلْتَ الغيبَ باباً بابا
ما الله تاركَ ظُلْمِ كفّكَ للُّهى
حتى يُنَزّل في القِصاصِ كتابا
ليس التّعجّبُ من بحاركَ إننَّي
قِسْتُ البحارَ بها فكُنّ سَرابا
لكنْ من القدرِ الّذي هو سابقٌ
إنْ كانَ أحصى ما وهبتَ حسابا
إني اختصرتُ لك المديحَ لأنّه
لم يَشْفِني فجعلْتُهُ إغبابا
و الذّنبُ في مدحٍ رأيتكَ فوقهُ
أيُّ الرّجال يُقالُ فيكَ أصابا
هَبْني كذي المحراب فيك ولُوّمي
فأنا المُنيبُ وفيه أعظمُ أُسْوة ٍ
قد خرّ قبلي راكعاً وانابا

ناريمان الشريف 09-24-2010 01:30 PM

أحببْ به قنصاً إلى متقنصِ
( ابن هانئ الأندلسي )


أحببْ به قنصاً إلى متقنصِ
وفريصة ً تُهدى إلى مُستفرِصِ
من أين هذا الخشفُ جاذبَ أحبلي
فلأفحصنّ عنه وإن لم يفحصِ
بل طيفُ نازحة ٍ تصرّمَ عهدها
إلاّ بقايا ودٍّها المستخلص
تدنيكَ من كبدٍ عليكَ عليلة ٍ
و تمدُّ من جيدٍ إليكَ منصَّص
شَعثاءُ تَسري في الكرَى بمحاجِرٍ
لم تكتحل وغدائرٍ لم تعقص
ثَقُلَتْ روادفُها وأُدمَجَ خَصرُها
فأتتكَ بينَ مفعَّمٍ ومخمَّصْ
ما أنتَ من صلتانَ يهدي أينقاً
خوصاً بنجمٍ في الدُّجنَّة ِ أخوص
و يميلُ قمّتهُ النُّعاسُ كأنّهُ
في أُخرَياتِ الليّل ذِفرَى أوقَص
و الفجرُ من تلك الملاءة ِ ساحبٌ
و الليلُ في منقدِّ تلك الأقمص
قد باتَ يَمطُلُني سِناً حتى إذا
عجلَ الصّباحُ به فلم يتربَّص
ألقى مؤلَّفة َ النجوم قلائداً
من كلِّ إكلِيلٍ علية مفصَّص
من يذعرُ السِّرحانَ بعد ركائبي
أو من يصي ليل التّمام كما أصي
ذرني وميدانَ الجيادِ فإنّما
تُبْلى السوابقُ عندَ مَدِّ المِقبَص
لُقّيتُ نعْماءَ الخُطوب وبُؤسَهَا
و سبكت سبكَ الجوهر المتخلّص
فإذا سَعَيْتُ إلى العُلى لم أتّئِدْ
وإذا اشترَيْتُ الحمدَ لم أسترْخصِ
شارفْت أعنانَ السّماءِ بهِمّتي
ووطِئتُ بَهْرامَ النجوم بأخمَصي
مَن كان قَلبي نصلُهُ لم يَهتَبِلْ
أو كان يحيى ردأه لم ينكص
يا أيّها التالي كتابَ سَماحِهِ
هو ذلك القَصَص المعَلّى فاقصص
قلْ في نوالٍ للزّمانِ مبخَّلٍ
قل في كمالٍ للورى مستنقص
رُدّي عليه يا غمامَة ُ جُودَه
أو أفرديه بالمحامد واخصصي
متهلِّلٌ والعرفُ ما لم تجلهُ
بالبِشْرِ كالإبريزِ غيرَ مُخَلَّص
لا تدَّعي دعوى أتتكِ تكذُّباً
كتكذُّبي وتخرُّصاً كتخرّصي
خَطَبَتْ مآثِرَهُ المُلوكُ تعلّماً
فنَبَتْ عن المعْنى البعيدِ الأعْوَص
يا مشرفيُّ استجدْ له من بينهمْ
ياباطلُ ازهقْ يا حقيقة ُ حَصْحِصيْ
عشيتْ به مقلُ الكماة ِ فلو سرى
كردوسة ٌ في ناظرٍ لم يشخص
أمختَّماً منهمْ بقائمِ سيفهِ
وموَشَّحاً بنِجادِهِ المتقلِّص
نيل الكواكبِ رمتَ لا نيل العلى
فزِدِ المكارِمَ بَسْطة ً أو فانقُص
للهِ دَرُّ فَوارِسِ أزدِيّة ٍ
أقْبَلْتَهَا غيرَ البِطانِ الحُيَّص
يتبسَّمونَ إلى الوغى فشفاهمُ
هُدّلٌ إلى أقْرانِهِمْ لم تَقْلِص
ذرنا من اللّيثِ الذي زعموا فهل
جرَّبتَهُ في معركٍ أو مَقْنَص؟
ما هاجهُ أنْ كنتَ لم تنحتْ لهُ
ظفراً وما خطبُ الفريص المفرص
هجَرَتْ يدايَ النصْلَ إن لم أنبعِثْ
بمبحِّثْ عن شأنه ومفحِّص
نظمَتْ معاني المجدِ فيك نفُوسَها
بأدقَّ من معنى البديعِ وأعوص
لو كنتَ شمسَ غمامة ٍ لم تنتقبْ
أو كنتَ بدرَ دجنَّة ٍ لم تنقص
إن كان جرْماً مثلُ شكري فاغتفِرْ
أو كان ذنْباً ما أتَيْتُ فمَحِّص
تَفّديكَ لي يومَ الأسِنّة ِ مُهْجَة ٌ
لم تَظْمَ عندك في حشاً لم تَخمَص
أبَني عليٍّ! لا كفَرْتُ أيادياً
أغلَيْتَني في عصرِ لؤم مُرْخِصِ
جاورتُكم فَجرتمُ من أعظُمي
ووصلتمُ من ريشيَ المتحصِّص
لا جادَ غيرَكمُ السحابُ فإنّكُمْ
كنتمْ لذيذَ العيشِ غيرَ منفَّص
كم في سرادقِ ملككم من ماجدٍ
عممٍ وفينا منْ وليٍّ مخلص
قد غصَّ بالماءِ القراحِ وكان لوْ
يسقى المثمَّلُ عندكم لم يغصص
وإذا استكانَ منَ النّوَى وعذابِها
فإلى لسانٍ في الثناء كمفرص
صنعٌ يؤلَّفُ من نظامِ كواكبٍ
طلعتْ لغيرِ كثيّرٍ والأحوص
مُتبلَّجاتٌ قيل في أزدِيَّهَا
ما قيل في أسْدِيّة ِ ابنِ الأبرص
هل ينهنّي إنْ حرصتُ عليكمُ
فأتَى على المقدار من لم يحرِص
من قال للشَّعرى العَبور كذا اعبُري
كرهاً وقال لأختها الأخرى اغمصي

ناريمان الشريف 09-24-2010 01:31 PM

أرقتُ لبرقٍ يستطيرُ له لمعُ
( ابن هانئ الأندلسي )


أرقتُ لبرقٍ يستطيرُ له لمعُ
فعصفرَ دمعي جائلٌ من دمي ردعُ
ذكرتكَ ليلَ الركبِ يسري ودوننا
على إضمٍ كثبانُ يبرينَ فالجزع
و للّه ما هاجتْ حمامة ُ أيكة ٍ
إذا أعلنتْ شجواً أسرَّ لها دمع
تداعتْ هديلاً في ثيابِ حدادها
فخفِّضَ فرعٌ واستقلَّ بها فرع
و لم أدرِ إذ بثّتْ حنيناً مرتَّلاً
أشَدْوٌ على غُصْنِ الأراكة ِ أم سَجْع
خليليَّ! هبّا نصطبحها مدامة ً
لها فَلَكٌ وَتْرٌ به أنجُمٌ شَفْع
تَلِيّة ِ عامٍ فُضَّ فيه خِتامُهَا
خلا قبلهُ التسعون في الدَّنِّ والتسع
إذا أبدَتِ الأزْبادَ في الصَّحن راعَنا
بِرازُ كميِّ البأسِ من فوقه دِرع
سأغدوا عليها وهي إضريجُ عَندَمٍ
لها منظرٌ بدعٌ يجئُ به بدع
و أتبعُ لهوي خالعاً ويطيعني
شبابٌ رطيبٌ غُصْنُهُ وجنى ً يَنْع
لعمرُ اللّيالي ما دجى وجهُ مطلبي
ولاضاق في الأرض العريضة لي ذرْع
وتعرفُ مني البيدُ حرقاً كأنَّما
توغّلَ منهُ بينَ أرجائها سمع
وأبيضَ محْجوبِ السُّرادقِ واضِحٍ
كبدر الدجى للبرق من بشره لمع
إذا خرسَ الأبطالُ راقكَ مقدماً
بحيثُ الوشيجُ اللَّدنُ تعطفُ والنَّبع
وكلُّ عمِيمٍ في النّجادِ كأنَّمَا
تمطّى بمتنيهِ على قرنهِ جذع
إلى كلّ باري أسهمٍ متنكبٍ
لهنَّ كأنّ الماسِخِيَّ له ضِلع
تشكّى الأعادي جعفراً وانتقامهُ
فلا انجلتِ الشكوى ولا رئبَ الصَّدع
و لمّا طغوا في الأرض أعصرَ فتنة ٍ
وكان دبيبَ الكفر في الدولة الخَلع
سموتَ بمجرٍ جاذبَ الشمسَ مسلكاً
و ثارَ وراءَ الخافقينِ له نقع
فألقَى بأجْرَامٍ عليهِمْ كأنّمَا
تكفّتْ على أرضٍ سمواتها السَّبع
كتائبُ شلّتْ فابذعرّتْ أميَّة ٌ
فأوْجُهُهَا للخزي أُثفِيّهٌ سُفع
فمهْلاً عليهم! لا أبَا لأبِيهِمِ
فللّهِ سهمٌ لا يطيشُ له نزع
ألا ليتَ شعري عنهمُ أملوكهمْ
تُدبِّرُ ملكاً أمْ إماؤهمُ اللُّكع
تجافوا عن الحصن المشيدِ بناؤهُ
وضاقَ بهم عن عزم أجنادهم وُسْع
وقد نَفِدَتْ فيه ذخائرُ مُلكهم
تعفّى فما قلنا سقيتَ غمامة ً
و لا أنعمْ صباحاً بعدهم أيها الرَّبع
و راحَ عميدُ الملحدينَ عميدهم
لأحشائهِ من حرِّ أنفاسهِ لذع
فقُل لمُبِينِ الخسْرِ رأيتَ مَا
تَراءتْ له الرايات تَخفِقُ والجَمْع
تشرَّفتَ من أعلامها ودعوتهُ
فخرَّ ملبّي دعوة ٍ ما له سمع
أظَلَّكَ من دَوح الكنَهْبلِ يا فَقْع
و تلك بنو مروانَ نعلاً ذليلة ً
لواطئِ أقدامٍ وأنتَ لها شسع
و لو سرقوا أنسابهم يومَ فخرهم
و نزوتهم ما جاز في مثلها القطع
لأجفَلَ إجفالاً كنَهورُ مُزْنِهِم
فلم يبقَ إلاّ زبرجٍ منه أو قشع
أبا أحمدَ المحمودَ لا تكفرَنّ مَا
تقلّدتَ وليشكرْ لك المنُّ والصُّنع
هي الدولة ُ البيضاء فالعفو والرّضَى
لمقتبلٍ أو السّيفُ والنِّطع

ناريمان الشريف 09-24-2010 01:32 PM


أريّاكِ أم ردعٌ من المسكِ صائكُ
( ابن هانئ الأندلسي )


أريّاكِ أم ردعٌ من المسكِ صائكُ
و لحظكَ أم حدٌ منَ السّيفِ باتكُ
وأعطافُ نَشوَى أم قَوامٌ مُهَفْهَفٌ
تأوَّدَ غصْنٌ فيهِ وارتَجَّ عانِك
وما شقَّ جيبُ الحسنِ إلاّ شقائقٌ
بخديكِ مفتوكٌ بهنَّ فواتك
أرى بينَها للعاشقين مَصارعاً
فقدْ ضرّجتهنَّ الدّماءُ السّوافك
ألم يبدِ سرُّ الحبِّ أنّ من الضّنى
رقيباً وإنْ لمْ يهتكُ السترُ هاتكُ
وليلٍ عليهِ رقمٌ وشيٍ كأنَّما
تمدّ عليهِ بالنجومِ الدّرانك
سَرَيْنا فطُفنَا بالحِجالِ وأهلِها
كما طافَ بالبيِت المُحجَّبِ ناسك
وكُنّا إذا ما أعيُنُ العِينِ رُقْنَنَا
أدَرْنَ عُيوناً حَشْوُهُنَّ المَهالِك
وتجدي وأكده والمناديحُ جمّة ٌ
بما اصفرَ من ألواننا لفواتك
تكونُ لنَا عندَ اللّقاء مَواقِفٌ
ولكنّها فوقَ الحَشايا مَعارك
نُنازِلُ من دون النّحورِ أسِنّة ً
إذا انتصبتْ فيها السدي الفوالك
نشاوى قدودٍ للخدودُ أسنّة ٌ
و لا طررٌ من فوقهنَّ حوالك
سرين وقد شقَّ الدجى عنْ صباحهِ
كواكب عِيسٍ بالشموسِ رواتك
وكائِنْ لها فوقَ الصَعِيدِ مناسمٌ
يطأنَ وفي سرِ الضميرِ مبارك
أقيموا صدورَ النّاعجاتِ فإنّها
سبيلَ الهوى بينَ الضُّلوع، سَوالك
ألم تريا الروضَ الأريضَ كأنَّما
أسرة ُ نورُ الشّمسِ فيها سبائك
كأنّ كُؤوساً فيه تسري براحِها
إذا علّلَتْها السّارياتُ الحواشك
كأنّ الشّقيقَ الغَضَّ يُكحَلُ أعيُناً
و يسفكُ في لبّاتهِ الدَّمَ سافكُِ
و ما تطلعُ الدّنيا شمساً تريكها
ولا للرِّياضِ الزُّهرِ أيدٍ حوائك
جلتهنّ أيّامُ المعزُّ الضَّواحك
سقى الكوّثرُ الخلديُّ دوحة َ هاشمٍ
وحَيّتْ معِزَّ الدّينِ عنَا الملائك
شَهِدتُ لأهْلِ البيْتِ أن لا مَشاعِرٌ
إذا لم تكن منهم وأن لا مناسك
عليه هوادي مجدهِ والحوارك
لَهُ نَسَبُ الزَّهْراءِ دِنْياً يُخُصّهُ
و سالفُ ما ضمّتْ عليه العواتك
إمامٌ رأى الدنيا بمؤخِرِ عيْنِهِ
فمن كانَ منها آخذاً فهو تارك
إذا شاءَ لم تَمْلِكْ عليه أناتُه
بَوادِرَ عَزْمٍ للقَضاءِ مَوالِك
لألقتْ إليه الأبحرُ الصُّمُّ أمرها
وهبّتْ بما شاءَ الرّياحُ السَّواهك
و ما سارَ في الأرضِ العريضة ِ ذكرهُ
و لكنّهُ في مسلكِ الشمسِ سالك
و ما كنهُ هذا النّورِ جبيهِ
ولكنّ نورَ اللّهِ فيه مشارِك
له المقرباتُ الجردُ ينعلها دماً
إذا قرعتْ هامَ لكماة السنابك
و يسبكُ فيها ذائبَ التِّبرِ سابك
صقِيلاتُ أبْشارِ البُرُوقِ كأنّمَا
أمرّت عليها بالسَّحابٍ المداوك
يُباعِدْنَ ما بَينَ الجَماجمِ والطُّلى
فتدنو مروراتٌ بها ودكادك
لك الخيرُ قلِّدها أعنّة َ جريها
فهُنّ الصُّفُونُ المُلجَماتُ العوالك
ووالِ فتوحاتِ البلادِ كأنّها
مَباسِمُ ثَغْرٍ تُجْتَلى ومضاحك
يُمِدَّكَ عزْمٌ في شَبا السيف قاطعٌ
وبُرثُنُ سَطْوٍ في طُلى الليثِ شابك
كأنّك للآخَالِ خَصْمٌ مُماحِك
لك العَرَصَاتُ الخُضرُ يَعبَقُ تُربُها
و تحيا بريّاها النفوسُ الهوالك
يَدٌ لأيادي اللّهِ في نَفَحَاتِها
غنّى لعزالي المزنِ وهي ضرائك
لكم دولة ُ الصّدق التي لم يقمْ بها
نُتَيْلَة ُ والأيّامُ هُوجٌ ركائك
إمامية ٌ لم يخز هارونُ سعيها
ولا أشْركَتْ باللّهِ فيها البَرامك
تردُّ إلى الفردوس منكم أرومة ٌ
يصلّي عليكم ربُّها والملائك
ثنائي على وحيِ الكتابِ عليكمُ
فلا الوحيُ مأفوكٌ ولا أنا آفك
دعاني لكمْ ودًّ فلبّتْ عَزائِمي
وعَنْسي وليلي والنجومُ الشّوابك
و مستكبرٌ لم يشعرِ الذُّلَّ نفسهُ
أبيٌّ بأبكارِ المهاولِ فاتك
ولو عَلِقَتْهُ من أُميّة َ أحْبُلٌ
لَجُبَّ سَنامٌ من بني الشعر تامك
و لمّا التقتْ أسيافها ورماحها
شراعاً وقد سدّتْ عليّ المسالك
أجَزْتُ عليها عابراً وتركْتُهَا
كأنّ المَنَايا تحتَ جنبي أرائِك
وما نَقَمُوا إلاّ قديمَ تَشَيعي
فنجّى هزبراً شدُّهُ المتدارك
و ما عرفتْ كرَّ الجيادِ أميّة ٌ
و لا حملتْ بزَّ القنا وهو شابك
ولا جَرّدُوا نَصْلاً تُخافُ شَباتُه
ولكِنّ فُولاذاً غَدا وهو آنُك
و لم تدم في حربٍ دروعُ أميّة ٍ
ولكنّهم فيها الإماءُ العَوارك
إذا حَضَروا المدّاح أُخْجِلَ مادِحٌ
و أظلمَ ديجورٌ من الكفرِ
ستبدي لك التثريبَ عن آل هاشمٍ
ظباتُ سيوفٍ حشوهنَّ المهالك
أأللّه! تَتْلُو كتبكم وشيوخُهَا
ببدرٍ رميمٌ والدّماءُ صَوائك
همُ لحظوكمُ والنّبوّة فيكمُ
كما لحظَ الشِّيبَ النّساءُ الفوارك
و قد أبهجَ الإيمانَ أنْ ثلَّ عرشها
وأنْ خَزَرَتْ لحْظاً إليْها المَهالك
بني هاشمٍ قد أنجزَ اللهُ وعدهُ
وأطلعَ فيكم شَمْسَهُ وهي دالك
ونادَتْ بثاراتِ الحُسَينِ كتائِبٌ
تمطّي شراعاً في قناها المعارك
تَؤمُّ وصيَّ الأوصياء ودونَهُ
صدور القنا والمرهفاتُ البواتك
وضَرْبٌ مُبينٌ للشّؤونِ كأنّما
هوتْ بفراش الهامِ عنه النّيازك
فدسْ بهم تلك الوكونُ فإنّني
أرى رخماً والبيضُ بيضٌ ترائك
لقد آن أنَ تجزى قريشٌ بسعيها
فإمّا حياة ٌ أو حمامٌ مواشك
أرى شعراءَ الملكِ تنحتُ جانبي
توَنبو عن اللّيْثِ المخاضُ الأوارك
تخبُّ إلى ميدان سبقي بطاؤها
و تلك الظّنونُ الكاذباتُ الأوافك
رأتْني حِماماً فاقشَعَرّتْ جُلُودُهَا
و إني زعيمٌ أنْ تلينَ العرائك
تُسيءُ قَوافِيها وَجُودُكَ محْسِنٌ
و تنشدُ إرناناً ومجدكَ ضاحك
فما لي غنَّي البالِ وهي الصّعالك
أبَتْ لي سبيلَ القوم في الشعر هِمّة ٌ
طَمُوحٌ ونفْسٌ للدنيّة ِ فارك
وما اقتادت الدنيا رجائي ودونها
أكُفُّ الرّجالِ اللأوياتُ المواعك
وما سرّني تأميلُ غيرِ خليفة ٍ
و أنيِ للأرضِ العريضة مالك
فحمِّلْ وريدي منكَ ثِقْلَ صَنيعة ٍ
فإنّي لمضبورُ القرا متلاحك
أبعدَ التماحي التّاجَ ملءَ محاجري
يَلوكُ أديمي من فم الدهر لائك
خمولٌ وإقتارٌ وفي يدكَ الغنى
فمحياً فإنّي بين هاتينِ هالك
لآية ِ ما تسري إليَّ نوائبٌ
مُشَذِّبَة ٌ عن جانبيَّ سَوادِك
فهُنَّ كما هُزَّتْ قَناً سمهرِيُّة ٌ
لسربالِ داودٍ عليَّ هواتك
لديَّ لها الحَربُ العَوانُ أشُبُّهَا
فإلاّ تُؤيّدْني فإنّي مُتارك
و أيُّ لسانٍ ناطقٌ وهو مفحمٌ
و أيُّ قعودٍ ناهضٌ وهو بارك

ناريمان الشريف 09-24-2010 01:33 PM

أقول دمى ً وهي الحسانُ الرّعابيبُ
( ابن هانئ الأندلسي )


أقول دمى ً وهي الحسانُ الرّعابيبُ
ومن دونِ أستارِ القِبابِ مَحاريبُ
نوى ً أبعدتْ طائية ً ومزارها
ألا كلُّ طائّيٍ إلى القلْبِ مْحبوب
سَلوا طيءَ الأجبال أينَ خِيامُها
وما أجأ إلاّ حصانٌ ويعبوب
همُ جنبوا ذا القلبَ طوعَ قيادهم
وقد يشهدُ الطَّرْفُ الوغى وهو مجنوب
وهم جاوزوا طلح الشواجن والغضا
تخبّ بهم جردُ اللقاءِ السراحيب
قِباب وأحبابٌ وجُلهَمَة ُ العَدى
وخيلٌ عِرابٌ فوقَهنّ أعاريب
إذا لم أذُدْ عن ذلك الماء وِردَهمْ
وإنْ حَنّ وُرّادٌ كما حنّتِ النِّيب
فلا حَمَلتْ بِيضَ السيوف قوائمٌ
ولا صَحِبتْ سُمْرَ الرماحِ أنابيب
وهل يَرِدُ الغَيْرانُ ماءً وَرَدْتهُ
إذا وردَ الضّرْغامُ لم يلغِ الذئب
وعهدي بهِ والعيشُ مثلُ جِمامهِ
نميرٌ بماءِ الوَردِ والمسكِ مقطوب
وما تفتأ الحسناءُ تُهدي خيالها
ومن دونِها إسْآد خمسٍ وتأويب
وما راعني إلا ابنُ ورقاءَ هاتفٌ
بعينَيْهِ جَمرٌ من ضلوعيَ مشبوب
وقد أنكرَ الدّوحَ الذي يستظلّه
وسحّتْ له الأغصانُ وهي أهاضيب
وحثَّ جناحيهِ ليخطفَ قلبه
عِشاءً سذانيقُ الدجى وهو غِربيب
ألا أيّها الباكي على غيرِ أيْكهِ
كِلانا فريدٌ بالسماوَة ِ مَغلوب
فؤادكُ خفّاقٌ ووكرَك نازحٌ
وروضكَ مطلولٌ وبانكَ مهضوب
هلمّا على أنّي أقيكَ بأضلعي
فأملكُد معِ عنك وهو شآبيب
تُكنُّكَ لي موشيّة ٌ عبقرية ٌ
كَريشِكَ إلاّ أنّهُنّ جَلابيب
فلا شدْوَ إلا من رنينكَ شائقٌ
ولا دمَعَ إلاّ معَ من جفونيَ مسكوب
ولا مدحَ إلاّ للمعزّ حقيقة ً
يفصّلُ درّاً والمديحَ أساليب
فجُبْتَ الغَمامَ وجُبتَ الغرامَ
أقول دمى ً وهيَ الحسانُ الرّعابيبُ
يصلّي عليهِ أصفرُ القدحِ صائبٌ
وعوجاء ومرنان وجرداء سرحوب
وأسمرُ عرّاصُ الكعوب مثقّفٌ
لأسيافهِ من بدنهِ وعصاته
نجيعان مهرَّاقٌ عبيطٌ ومصبوب
فلم يبْقَ إلاّ ارتهافُ الظُّبى
وإن يكُ سلمٌ فالشوى والعراقيب
أعزّة ُ من يُحذى النّعالَ أذلّة ٌ
وفي القلبِ منها كجمرِ الغضا
وما هو إلاّ أن يشيرَ بلحظه
تُكِنُّكَ لي مَوشِيّة ٌ عبقريّة ٌ
فلا قارعٌ إلاّ القنا السُّمرُ بالقنا
إذا قُرعتْ للحادثات الظّنابيب
ولم أرَ زوّاراً كسيفك للعِدى
فهل عند هام الرّومِ أهلٌ وترحيب
إذا ذكروا آثارَ سيفكَ فيهمُ
فلا القطر معدودٌ ولا الرّمل محسوب
أأُهْضَمُ لا نَبعَتي مَرْخَة ٌ
وفيما أُذيقوا من عذابكَ تأديب
ولكنْ لعلَّ الجاثليقَ يغرّه
على حَلَب نَهْبٌ هنالكَ مَنهوب
وثغْرٌ بأطرافِ الشآمِ مضَيَّعٌ
وتفريقُ أهواءٍ مِراضٍ وتخريب
وما كلُّ ثغرٍ ممكنٌ فيهِ فرصة ٌ
ولم أرَ كالمرْءِ وهو اللبيبُ
ومِن دون شِعْبٍ أنتَ حاميه معرَكٌ
وبيءٌ وتصعيدٌ كريهٌ وتصويب
وصعقٌ بركنِ الأفقِ وابنُ طهارة
يذبُّ عن الفرقانِ بالتّاجِ معصوب
وجُرْدٌ عناجيجٌ وبِيضٌ صوارِمٌ
وصُيّابة ٌ مُردٌوكُرّامة ٌ شِيب
أوِ الوَجدُ لي راجعٌ ما مضى ؟
جلَتْ عن بياض النصر وهي غرابيب
وما رَاعَني إلاّ ابنُ وَرقاءَ هاتِفٌ
سَبوحُ لها ذيلٌ على الماء مسحوب
لقيتَ بني مروانَ جانبَ ثغرهمْ
وحظُّهمُ من ذاك خُسرٌ وتتْبيب
وعارٌ بقومٍ أنْ أعدّوا سوابحاً
صفوناً بها عن نصرة ِ الدين تنكيب
وقد عجزوا في ثغرهمْ عن عدّوهمْ
بحيث تجول المقرّبات اليعابيب
وجيشكَ يعتاد الهرقلَ بسيفه
ومن دونه اليمُّ الغُطامطُ واللُّوب
يُخضْخِضُ هذا الموجَ حتى عُبابه
إذا التجّ من هام البطاريق مخضوب
فمأثورُ ذكرِ المجد فيها مُفَضَّضٌ
وفوقَ حديدِ الهندِ منهُنّ تذهيب
ومن عجبٍ أن تشجّرَ الرومُ بالقنا
فتوطأ أغمارٌ وهضبٌ شناخيب
ونومُ بني العبّاس فوقَ جنوبهم
ولا نصرَ إلا قينة ٌ وأكاويب
وأنتَ كَلوءُ الدهرِ لا الطرفُ هاجعٌ
ولا العزمُ مردوعٌ ولا الجأش منخوب
همُ أهلُ جرّاها وأنتَ ابنُ حربِها
ففي القرب تبعيدٌ وفي البعيد تقريب
ولا عجَيبٌ والثّغْرُ ثغرُك كلّه
وأنتَ ولي الثأرِ والثّأرُ مطلوب
وأنتَ نظامُ الدينِ وابن نبيّه
وما جادَه المزْنُ من غُلّة ٍ
سيجلو دجى الدين الحنيفِ سرادقٌ
من الشمس فوق البرّ والبحر مضروب
وعزمٌ يظلُّ الخافقين كأنّه
على أُفُقِ الدّنْيا بِناءٌ وتطنيب
ويسلمُ أرمينية ً وذواتها
صليبٌ لنصحِ الأرمنيّينَ منصوب
وحسبي مما كانَ أو كائنٌ
على أنّ مِثلي رحيبُ اللَّبانِ
ولم تخترِقْ سجْفَ الغيوبِ هواجسي
ولكنْه مَن حاربَ الله محروب
هلمّوا فذا مصرَعُ العالمينَ
فلا القولُ مأفوكٌ ولا الوعدُ مكذوب
وأنتَ مَعَدُّ وارثُ الأرض كلّها
فقد حُمّ مقدورٌ وقد خُطّ مكتوب
ولله علمٌ ليس يُحجب دونكم
ولكنّه عن سائر الناس محجوب
ألا إنّما أسمائكم حقُّ مِثلِكم
وكلُّ الذي تسمى البريّة ُ تلقيب
إذا ما مدحناكم تضَوّعَ بيننا
وبينَ القوافي من مكارمكم طيب
فإن أكُ محسوداً على حرّ مدحكم
ولو غيرُ رَيبِ المَنونِ اعتدى
أراني إذا ما قلت بيتاً تنكّرتْ
أقَضّتْ مضاجِعهُ فاشتكى
أفي كلّ عصرٍ قلتُ فيه قصيدة ً،
علّي لأهلِ لومٍ وتثريب
وقد خدّ في الشمس أُخدودَه
ومنْ لي بمثلِ سلاح الزّمانِ
وما قصدُ مثلي في القصيد ضراعة ٌ
ولا من خلالي فيه حرصٌ وترغيب
أرى أعيناً خزراً إليّ وإنّما
دليلاً نفوسِ الناس بِشرٌ وتقطيب
أبنْ موضعي فيهم ليفخرَ غالبٌ
أأُهْضَمُ لا نَبعَتي مَرْخَة ٌ
وقد أكثروا فاحكُم حكومة فيَصلٍ
قبورُ الثلاثة ِ في مصْرَعٍ
فمدحك مفروضٌ وحكمك مرتضى ً
وهديُك مرغوبٌ وسخطك مرهوب
وذكركَ تقديسٌ وأنتَ دلالة ٌ
وحبُّك تصديقٌ وبغضك تكذيب
فلولا الضّريحُ لنادتكما
وإلاّ فإنّ العيشَ همٌّ وتعذيب
شِيَة ٍ أغَرّ فمُنْعَلاً فمجنبا
فما هو إلاّ من يمينك موهوب

ناريمان الشريف 09-24-2010 01:34 PM

أقوى المُحَصَّبُ من هادٍ ومن هِيدِ
( ابن هانئ الأندلسي )


أقوى المُحَصَّبُ من هادٍ ومن هِيدِ
وودّعونا لطيّاتٍ عباديدِ
ما أنسَ لا أنسَ إجفالَ الحجيجِ بنا
و الرّاقصاتِ من المهريّة ِ القُود
ذا موقفُ الصُّبّ من مرمى الجمار ومن
مَشاخبِ البُدْنِ قَفْراً غير معهود
و موقفُ الفتياتِ النَّاسكاتِ ضحى ً
يَعْثُرْنَ في حِبَراتِ الفِتية ِ الصِّيدِ
يُحْرِ من في الرَّيطِ من مثنَى وواحدة ٍ
و ليسَ يحرِمن إلاّ في المواعيدِ
ذواتُ نَبْلٍ ضَعافٍ وهي قاتلة ٌ
وقد يُصِيبُ كَمِيّاً سَهمُ رِعديد
قد كنتُ قَنّاصَها أيّامَ أذعَرُها
غِيدَ السّوالفِ في أياميَ الغِيدِ
إذ لا تبيتُ ظباءُ الوحشِ نافرة ً
ولا تُراعُ مَهاة ُ الرملَ بالسيِّد
لامثلَ وجدي بريعانِ الشباب وقدْ
رأيتُ أملودَ غصني غيرَ أُملود
والشيبُ يضربُ في فوديّ بارقه
والدّهْر يَقدَحُ في شمْلي بتَبديدِ
ورابَني لَوْنُ رأسي إنّه اختلفتْ
فيه الغمائمُ من بِيضٍ ومن سود
إن تبكِ أعيُنُنا للحادثات فقدْ
كَحلننا بعد تغميضٍ بتسهيد
وليسَ ترضى اللّيالي في تصرّفها
إلاّ إذا مزجتْ صاباً بقنديد
لأعرقنّ زماناً راب حادثهُ
إذا استَمَرّ فَألقَى بالمَقَالِيدِ
في اللهِ تصديقُ من أملٍ
وفي المُعِزّ مَعِزِّ البأس والجُود
الواهِبِ البَدَراتِ النُجلِ ضاحِيَة ً
أمثالِ أسِنمَة ِ البُزْلِ الجَلاعيدِ
مصارعَ القَتل أو جاؤوا لموعود
مندَّدِ السمْع في النّادي إذا نودي
لكلّ صوتٍ مجالٌ في مسامعهِ
غيرِ العنيفينِ من لومٍ وتفنيدِ
وعندَ ذي التاجِ بيضُ المكرماتِ وما
عندي له غيرُ تمجيدٍ وتحميد
أتبعتهُ فكري حتى إذا بلغتْ
غاياتها بين تصويبٍ وتصعيد
رأيتُ موضعَ برهانٍ يبينُ وما
رأيتُ موضعَ تكفيفٍ وتحديد
وكان منقذَ نفسي من عمايتها
فقلتُ فيهِ بعلْمٍ لا بتقليدِ
فمن ضميرٍ بصدْقِ القوْلَ مشتملٍ
خُزْرِ العيونِ ومن شُوسٍ مذاويد
ما أجزلَ اللهُ ذخري قبل رؤيتهِ
ولا انتَفعَتُ بإيمانٍ وتوحيد
للهِ منْ سببٍ باللهِ متّصلٍ
وظِلِّ عدلٍ على الآفاقِ ممدود
هادي رشادٍ وبرهانٍ وموعظة ٍ
وبيَّناتٍ وتوفيقٍ وتسْديد
ضِياءُ مُظلمة ِ الأيّامِ داجيَة ٍ
وغيثُ ممحلة ِ الكنافِ جارود
ترى اعاديه في أيام دولتهِ
ما لا يرى حاسدٌ في وجهِ محسود
قد حاكمتْهُ ملوكُ الرّوم في لجبٍ
وكانَ لله حكمٌ غيرُ مَردود
إذ لا ترى هبرزيّاً غيرَ منعفرٍ
منهم ولا جاثليقاً غيرَ مصفود
قضيتَ نحبَ العوالي من بطارقهمْ
وللدّ ماسقِ يومٌ جدُّ مشهود
ذَمّوا قَناكَ وقد ثارَتَ أسِنّتُها
فما تركْنَ وَريداً غيرَ مَورود
أعيا عليه : أيرجو أم يخافُ وقد
رآك تُنْجِزُ مِنْ وعدٍ وتوعيدِ
وقائعٌ كَظَمَتْهُ فانْثنى خَرِساً
كأنّما كَعَمَتْ فاه بجُلمود
حَمَيْتَهُ البَرَّ والبَحرَ الفضاءَ معاً
فما يَمُرّ ببابٍ غيرِ مَسدود
يرى ثُغورَكَ كالعَينِ التي سَلِمتْ
بين المَرَوراتِ منها والقَراديد
يا رُبّ فارعة ِ الأجيالِ راسِيَة ٍ
منها وشاهقة ِ الأكنافِ صَيخود
دنا ليمنعَ ركنيها بغاربه
فباتَ يَدعمُ مهدوداً بمهدود
قد كانتِ الرّومُ محذوراً كتائبها
تدني البلادَ على شحطٍ وتبعيد
ملكٌ تأخّر عهدُ الرّومِ من قدمٍ
عنه كأن لم يكن دهراً بمعهود
حلّ الذي أحكموه في العزائم منْ
عقدٍ وما جرّبوه في المكائيد
وشاغَبوا اليمَّ ألفَيْ حِجّة ٍ كَمَلاً
وهم فوارسُ قاريّاتِهِ السُّود
فاليومَ قد طمستْ فيه مسالكهم
من كلّ لاحبِ نَهْجِ الفُلْكِ مقصود
لو كنتَ سائلهم في اليمّ ما عرفوا
سفعَ السّفائن من عفرِ الملاحيد
هَيهاتَ راعَهُمُ في كلّ مُعْتَرَكٍ
مللُ الملوكِ وصنديدُ الصّناديد
من مَعَشرٍ تَسَعُ الدنيا نفوسُهُمُ
ولا يبيتُ على أحناءِ مفؤود
ذو هيبة ٍ تُتّقيَ من غيرِ بائقة ٍ
وحِكمة ٍ تُجْتَنى من غيرِ تعقيد
من معشرٍ تسعث الدنيا نفوسهمُ
والناسُ ما بينَ تضييقٍ وتنكيد
لو أصحروا في فضاءٍ من صدورهمُ
سدّوا عليكَ فروجَ البيدِ بالبيد
اولئك الناسُ أن عدّوا بأجمعهم
ومَن سواهم فَلَغْوٌ غيرُ معدود
والفرقُ بين الوَرَى جمْعاً وبينَهُمُ
كالفرقِ ما بينَ معدومٍ وموجود
إن كانَ للجودِ بابٌ مرتجٌ غلقٌ
فأنتَ تُدْني إليَهِ كلّ إقليدِ
كأنَّ حلمكَ أرسَى الأرض أو عُقدتْ
به نواصي ذرى أعلامها القودِ
لكَ المواهبُ أولاها وآخرها
عطاءُ ربٍّ عطاءٌ غيرُ مجدودِ
باقٍ ومن أثَرٍ في النّاسِ محمودِ
باقس ومن أثرٍ في النّاسِ محمودِ
لو خلّدَ الدّهرُ ذا عزّ لعزّتهِ
كنتَ الحقَّ بتعميرٍ وتخليدِ
تَبلى الكرامُ وآثارُ الكرامِ وما
تَزدادُ في كلّ عَصرٍ غيرَ تجديدِ

ناريمان الشريف 09-24-2010 01:35 PM

أكوكبٌ في يمينِ يحيى
( ابن هانئ الأندلسي )


أكوكبٌ في يمينِ يحيى
أم صارمٌ باتكُ الغِرارِ
حاملُهُ للمعزِّ عَبْدٌ
والسيفُ عبدٌ لذي الفَقار

ناريمان الشريف 09-24-2010 01:36 PM

ألؤلؤٌ دمعُ هذا الغيثِ أم نقطُ
( ابن هانئ الأندلسي )


ألؤلؤٌ دمعُ هذا الغيثِ أم نقطُ
ما كان أحْسَنَهُ لو كان يُلتَقَطُ
بينَ السّحابِ وبينَ الريحِ ملحمة ٌ
قعاقعٌ وظبى ً في الجوِّ تخترطُ
كأنّهُ ساِخطٌ يَرضى على عَجَلٍ
فما يدومُ رضى ً منه ولا سخط
أهْدى الرّبيعُ إلينا روضة ً أُنُفاً
كما تنفّسَ عن كافورهِ السَفط
غمائمٌ في نواحي الجوَّ عاكفَة ٌ
جَعْدٌ تَحَدَّرَ منها وابلٌ سَبِط
كأنّ تهتانها في كلِّ ناحية ٍ
مَدٌّ من البحرِ يعلو ثم ينهبط
والبَرْق يَظهرُ في لألاءِ غرَّتِهِ
قاضٍ من المُزْنِ في أحكامه شَطط
وللجَديَدينِ من طُولٍ ومن قِصَرٍ
حبلانِ منقبضٌ عنّا ومنبسط
والأرْضُ تبسُطُ في الثرى وَرَقاً
كما تنشَّرُ في حافاتها البسطُ
والرّيحُ تَبعَثُ أنفاساً مُعَطَّرَة ً
مثلَ العبيرِ بماءِ الوَرد يختلِط
كأنّما هي أنفاسُ المعزِّ سرتْ
لا شُبْهَة ٌ للنّدى فِيهَا ولا غَلَط
تاللهِ لو كانت الأنواء تشبهه
ما مَرَّ بُؤسٌ على الدّنْيا ولا قَنَط
شَقّ الزمانُ لنا عن نورِ غُرّتِهِ
عن دولة ٍ ما بها وهنٌ ولا سقط
حتّى تسلَّطَ منهُ في الورى ملكٌ
زينتْ بدولتهِ الأملاك والسُّلط
يختطُّ فوق النُّجوم الزُّهرِ منزلة ً
لم يدنُ منها ولم يقرنْ بها الخططْ
إمامُ عدلٍ وفى في كلِّ ناحية ٍ
كما قضَوْا في الإمامِ العدلِ واشترطوا
قد بانَ بالفضلِ عن ماضٍ ومؤتَنِفٍ
كالعِقدِ عن طرَفَيْه يفضُلُ الوسَط
لا يغتدي فرحاً بالمالِ يجمعهُ
و لا يبيتُ بدنيا وهو مغتبط
لكنّهُ ضدُّ ما ظنَّ الحسودُ بهِ
وفوقَ ما ينتهي غالٍ ومنبِسط
يزري بفيض بحارِ الأرض لو جمعتْ
بنان راحتهِ المُغلَولِبُ الخَمِط
وجْهٌ بجَوْهَرِ ماء العرْش متّصِلٌ
عِرْقٌ بمحض صريحِ المجد مرتبط
شمسٌ من الحقّ مملوءٌ مطالِعُها
لا يهتدي نحوها جورٌ ولا شطط
يروِّعُ الأسدَ منه في مكامنها
سيفٌ له بيمينِ النّصرِ مخترط
خابتْ أُميّة ُ منه بالّذي طلبَتْ
كما يخيبُ برأسِ الأقرعِ المشط
و حاولوا من حضيض الأرض إذ غضبوا
كوكباً عن مرامي شأوها شحطوا
هذا وقد فَرّقَ الفُرقانُ بينكما
بحيْثُ يفترِقُ الرِّضْوانُ والسَخط
الناسُ غيركُمُ العُرقوبُ في شرَفٍ
وأنْتُمُ حيْث حَلَّ التْاجُ والقُرُط
ولستُ أشكُو لنفْسي في مودَّتِكُم
لأنّكمْ في فؤادي جيرة ٌ خلط
يا أفضَلَ الناس من عُرْبِ ومن عَجَمٍ
و آلِ أحمدَ إن شبّوا وإن شمطوا
ليهنكَ الفتحُ لا أنّي سمعتُ بهِ
و لا على اللّه فيما شاءَ أشترط
لكن تفاءلْتُ والأقدارُ غالبَة ٌ
و اللّهُ يبسطُ آمالاً فتنبسط
ولستُ أسألُ إلاّ حاجَة ً بَلَغَتْ
سؤلَ الإمام بهاالرُّكّاضة ُ النُّشط
من فوْقِ أدهَمَ لا يَجتازُ غايَتَهُ
نجمٌ من الأفقِ الشمسيِّ منخرط
يَحْتَثُّهُ راكبٌ ضاقَتْ مذاهبُهُ
بادي التشحُّبِ في عُثْنُونِه شَمَط
إنّ الملوكَ إذا قيسوا إليكَ معاً
فأنتَ من كثرة ٍ بحرٌ وهم نقط

ناريمان الشريف 09-24-2010 01:37 PM

ألا كلُّ آتٍ قريبُ المَدى
( ابن هانئ الأندلسي )


ألا كلُّ آتٍ قريبُ المَدى
و كلُّ حياة ٍ إلى منتهى
و ما غرّ نفساً سوى نفسها
وعُمْرُ الفتى من أماني الفتى
فأقْصَرُ في العينِ من لَفْتَة ٍ
و أسرعُ في السمعِ من ذا ولا
ولم أرَ كالمرْءِ وهو اللبيبُ
يرى ملءَ عينيهِ ما لا يرى
و ليسَ النَّواظرُ إلاّ القلوبُ
وأمّا العيونُ ففِيها العمى
ومنْ لي بمثلِ سلاح الزّمانِ
فأسْطو عليه إذا ما سطا
يجدُّ بنا وهو رسلُ العنانِ
و يدركنا وهو داني الخطى
برى أسهماً فنبا ما نبا
فلم يبقَ إلاَّ ارتهافُ الظُّبى
تراشُ فترمى فتنمي فلا
تَحِيدُ وتُصْمي ولا تُدَّرى
أأهضمُ لا نبعتي مرخة ٌ
و لا عزماتي أيادي سبا
على أنّ مِثلي رحيبُ اللَّبانِ
على ما ينوبُ سليمُ الشظى
و لو غيرُ ريبِ المنونِ اعتدى
عليّ وجرّبني ما اعتدى
خليليّ هل ينفعنّي البكاءُ
أوِ الوَجدُ لي راجعٌ ما مضى ؟
خليليّ سيرا ولا تَربعَا
عليّ، فهَمّيَ غيرُ الثَّوى
ولي زَفَراتٌ تُذيبُ المَطَيّ
و قلبٌ يسدُّ عليّ الفلا
سلا قبل وشك النوى مدنفاً
أقَضّتْ مضاجِعهُ فاشتكى
وراعى النّجومَ فأعشَيْنَه
فباتَ يظنُّ الثّريّا السُّهى
ضلوعٌ يضِقنَ إذا ما نَحَطنَ
و قلبٌ يفيضُ إذا ما امتلا
وقد قلتُ للعارض المكفَهِرِّ:
أفي السِّلم ذا البرقُ أم في الوغى ؟
وما بالُه قادَ هذا الرّعيلَ
و قلّدَ ذا الصّارمَ المنتضى
و أقبلهُ المزنُ في جحفلٍ
و أكذبَ أن صدّعني الكرى
أشيمكَ يا برق شيمَ النُّجيمْ
وما فيك لي بَلَلٌ من صَدى
كِلانا طَوى البيدَ في ليلِهِ
فأضعفنا يتشكّى الوجى
فجبتَ الغمامَ وجبتَ الغرامَ
حنانيك ليس سُرى ً من سُرى
أعِنّي على الليل ليلِ التّمامِ
و دعني لشاني إذا ما انقضى
فلو كنتُ أطوي على فتكهِ
تكشّفَ صبحي عن الشَّنفري
و ما العين تعشقُ هذا السّهادَ
ووَدّ القَطا لو ينَامُ القَطا
أقولُ وقد شقّ أعلى السحابِ
و أعلى الهضابِ وأعلى الرُّبى
أذا الوَدْقُ في مثل هذا الرّباب
وذا البْرقُ في مثل هذا السنا
ألا انهلّ هذا بماءِ القلوبِ
وأوقدَ هذا بنارِ الحشا
فيهْمي على أقْبُرٍ لو رأى
مكارمَ أربابها ما هَمَى
و في ذي النواويسِ موجُ البحارِ
وما بالبحارِ إليْهِ ظِما
هلمّوا فذا مصرَعُ العالمينَ
فمن كلّ قلبٍ عليهِ أسى
وإنّ التي أنْجَبَتْ للورى
كآلِ عليّ لأمُّ الورى
فلوْ عِزّة ٌ أنْطَقَتْ مُلحَداً
لأنطقَ ملحدها ما يرى
بكتْه المغاويرُ بِيضُ السيوفِ،
و هذي العناجيجُ قبُّ الكلى
ولّما أتينا سقَتْه الدموعُ
فما باتَ حتى سقاه الحيا
وعُمْرُ الفتى من أماني الفتى
ولكنْ لبيكِ النَّدى بالنَّدى
وقد خدّ في الشمس أخدودَه
فباتَ يظُنُّ الثّريّا السُّهَى
وما ضَرّ من لم يَطُفْ بالمقامِ
وفي ذي النواويسِ مْوجُ البحارِ
وقالوا الحَجونُ فثَمّ الحجونُ
وثمّ الحطيمُ وثمّ الصَّفا
وبينَ الشمالِ وبين الجنوبِ
في هَبوَة ٍ من مَهَبّ الصبَّا
فيهْمي على أقْبُرٍ لو رأى
أما كان في واحدٍ ما كفى
أما والركوعُ به والسجودُ
إذا ما بكى َ قانتٌ أو دعا
لَذاكَ الصّعيدُ وذاك الكديدُ
أحقُّ من الخيفِ بي أو منى
عليّ وجرّبني ما اعتدى
وفي الذاهبينَ وفى منْ وفى
أتَتْه الحجيجُ من الرّاقصاتِ
فمنها فُرادى ومنها ثُنا
فما لي لا أقتدي بالكرامِ
وأُوثِرُ سُنّة َ مَن قد خلا
إذا ما نحرتَ به أو عقرتَ
ولا عَزَماتي أيادي سَبا
ولا ترضَ إلاّ بعقرِ الثناءِ
ونَحْرِ القَوافي وإلاّ فلا
وقلْبٌ يَسُدُّ عليّ الفَلا
عليه تكوسُ ذواتُ الشَّوى
إذاً لم تغادرْ غريْريّة ً
تَخُبُّ ولا سابحاً يُمتطَى
وأمّا العيونُ ففِيها العمى
وأخوالُه فيه شِرْعاً سُوى
وإنّ حصاناً نمتْ جعفراً
ويحيى لعاديّة ُ المنتمى
فجاءتْ بهذا كشمسِ النهارِ
وجاءت بهذا كبدرِ الدّجى
تَرى بهما أسَدَيْ جَحْفَلٍ
وما أجأ إلاّ حِصانٌ ويعبوب
ألمْ تَك من قوْمها في الصّميم
ومن مجدها في أشمّ الذُّرى
فمن قومكَ الصِّيدُ صيدُ الملوكِ
ومن قومها الأسدُ أسدُ الشرى
فوارسُ تنضي المذاكي الجيادَ
إذا ما قرعنَ العُجا بالعجا
يُضيءُ عليهمْ سَنا الأكرمينَ
إذا ما الحديدُ عليهم دجا
فجئتَ كما شئتَ من جانبَيك
فأنتَ الحياة ُ وأنتَ الرّدى
فصِلُّكَ يُرقى ولا يستجيبُ
فلو كنتُ أطْوي على فتكِهِ
ومن ذاك أضنيتَ صرفَ الزمان
فلم يُخفِهِ عنْكَ إلا الضّنى
فلم تغمدِ السيفَ حتى انثنى
ولم تصرفِ الرُّمحَ حتى انحنى
وإنّ الذي أنتَ صنوٌ له
لماضي العزائمِ عردُ النَّسا
يُبيرُ عِداكَ إذا ما سَطَا
ويُعرَفُ فيهم إذا ما احتبى
ويحيَى لَعاديّة ُ المنتمى
إذا سألوا من فتى ً قيلَ ذا
بنو المنجِباتِ بنو المُنجِبينَ
فمن مُنجتباة ٍ ومنم مجتبى
لأماتنا نصفُ أنسابنا
فما ليَ لا أقتدي بالكِرامِ
دعائمُ أيامنا في الفخارِ
وأكْفاءُ آبائِنا في العُلى
ألمْ ترَ هنّ يباريننا
فيَمرُقْنَنَا ويَنَلْنَ المدى
كفلنَ لنا بظلالِ الخيام
وأكفَلَننَا بظِلالِ القَنا
وتغدو فمنهنّ أسماعُنا
وأبصارنا في حجالِ المها
فلو جازَ حكميَ في الغابرينَ
وعدّلْت أقسامَ هذا الوَرَى
لسمّيتُ بعض النساء الرجالَ
وسمّيتُ بعضَ الرجال النسا
إذا هي كانتْ لكشفِ الخطوبِ
فكيفَ البنون لضَرْبِ الطُّلى
تولّتْ مُرَقِّلَة ً للملوكِ
فمن مصطفى النجل أو مرتضى
وأكثرُ آمالِها فيكما
وفي القلبِ منها كجمرِ الغضا
فقد أدركتْ ما تمنّتْ فلا
تضيقا عليها بباقي المُنى
فلولا الضّريحُ لنادتكما
تُعيذُ كما من شماتِ العِدى
فإمّا تزيدانِ في أنسها
وإما تذودانِ عنها البِلى
فقد يُضحك الحيُّ سنّ الفقيدِ
فتهتَزُّ أعظُمُه في الثرى
ومهما طلبتَ دليلَ الكرامِ
فإنّ الدّليلَ ائتلافُ الهوى
وما فيك لي بَلَلٌ من صَدى
فما بيدٍ عن يدٍ من غنى
وليسَ الرّماحُ بغيرِ السيوفِ
وليس العمادُ بغيرِ البنا
ومن لا يُنادي أخاً باسمِهِ
فليس يخافُ ولا يُرتجى

ناريمان الشريف 09-24-2010 01:37 PM

ألا هكذا فليهدِ من قاد عسكراً
( ابن هانئ الأندلسي )


ألا هكذا فليهدِ من قاد عسكراً
وأوردَ عن رأي الإمام وأصدَرا
هديَّة ُ من أعطى النّصيحة َ حقَّها
وكانَ بمن لا يبصرِ الناسُ أبصرا
ألا هكذا فلتجبِ العيسُ بدَّناً
ألا هكذا فلتجنبِ الخيلُ ضمَّرا
مُرَفِّلَة ً يسْحبنَ أذيالَ يُمنَة ٍ
ويركُضْنَ ديباجاً وَوَشْياً مَحَّبرا
تَراهُنَّ أمثالَ الظباءِ عَواطِياً
لبسنَ بيبرينَ الربيعَ المنوَّرا
يمشيِّينَ مشي الغانياتِ تهادياً
عليهِنَّ زِيّ الغانِياتِ مُشَهَّرا
وجرَّرنَ أذيالَ الحسان سوابغاً
فعلَّمْنَ فيهنَّ الحِسبانَ تَبختُرا
فلا يسترنَّ الوشيُ حسنَ شياتها
فيَسْتُرَ أحلى منه في العين منظَرا
ترى كلَّ مكحول المدامعِ ناظِراً
بمقلة ِ أحوى ينفضُ الضَّألَ أحورا
فكمْ قائِلٍ لمّا رآها شوافِنا
أما تركوا ظَبْياً بتَيماءَ أعْفرا؟
وما خلتُ أنَّ الروضَ يختالُ ماشياً
ولا أن أرَى في أظهُرِ الخيل عَبقرا
غداة َ غدتْ من أبلقٍ ومجزَّعٍ
ووردٍ ويَحمومٍ وأصدى وأشقرا
ومن أدرعٍ قد قنِّعَ اليلَ حالكاً
على أنّه قد سُربلَ الصبحَ مسفرا
وأشعلَ ورديٍّ وأصفرَ مذهبٍ
وأدهمَ وضّاحٍ وأشهبَ أقمرا
وذي كُمْتَة ٍ قد نازَعَ الخمرَ لونَها
فما تدَّعيهِ الخمرُ إلاّ تنمَّرا
محجَّلة ً غرّاً وزهراً نواصعاً
كأنَّ قباطيّاً عليها منشِّرا
ودهماً إذا استقبلنَ حُوّاً كأنما
عُلِلنَ إلى الأرساغ مسكاً وعنبرا
يقرُّ بعيني أن أرى من صفاتها
ولا عجبٌ أن يُعجِبَ العينَ ما تَرى
أرى صوراً يستعبدُ النفسَ مثلها
إذا وجدتْهُ أو رأتْهُ مُصَورا
أفكِّهُ منها الطَّرفَ في كلِّ شاهدٍ
بأنَّ دليلِ الله في كلِّ ما برا
فأخلسُ منها اللحظَ كلَّ مطهَّمٍ
ألذَّ إلى عينِ المُسَهَّدِ مِن كرَى
وكلَّ صيودِ الإنسِ والوحش ثم لا
يُسائلُ أيُّ منهُمُ كان أحضَرا
تودُّ البزاة ُ البيضُ لو أنّ قوتها
عليه ولم ترزقْ جناحاً ومنسرا
وودَّتْ مهاة ُ الرَّمل لو تركتْ لهُ
فأعطَتْ بأدنَى نظرة ٍ منه جُؤذَرا
ألا إنّما تُهدَى إلى خير هاشمٍ
وأفضلِ من يعلو جواداً ومنبرا
مَنِ استَنَّ تفضيلَ الجِياد لأهلِها
فأوطأها هامَ العدى والسَّنَّورا
وجَلَّلَها أسلابَ كلِّ مُنافِقٍ
وكلِّ عنيدٍ قد طغى وتجبَّرا
وقلَّدها الياقوتَ كالجمرِ أحمراً
يُضيءُ سَناهُ والزُّمرُّدَ أخضرا
وقرَّطها الدُّرَّ الذي خلقتْ لهُ
وفاقاً وكانتْ منه أسنى وأخضرا
فكم نظمِ قُرطٍ كالثُّريّا مُعَلَّقٍ
يزيدُ بها حُسناً إذا ما تمَرمَرا
وكم أذنٍ منْ سابحٍ قد غدتْ بهِ
يناطُ عليها ملكُ كسرى وقيصرا
تحلى ّ بما يستغرِقُ الدهرَ قيمة ً
فتختالُ فيه نخوة ً وتكبُّرا
وما ذاك إلاّ أن يُخاضَ بها الرَّدى
فتَنهَشَ تِنّيناً وتَضْغَمَ قَسْوَرا
فطَوراً تُسقّى صافيَ الماءِ أزرقاً
وطَوراً تُسقى صائكَ الدمِ أحمرا
لذاك ترى هذا النُّضارَ مُرصَّعاً
عليها وذاكَ الأتْحميَّ مُسيَّرا
إذا ما نسيجُ التِّبرِ أضحى يظلُّها
أفاءَ لها منْهُ غماماً كَنَهْوَرا
وأهْلٌ بأنْ تُهْدى َ إليه فإنّهُ
كَناها وسمّاها وحَلّى وسَوَّرا
وأسكنها أعلى القبابِ مقاصراً
وأحسنها عاجاً وساذجاً ومرمرا
وبوَّأها من أطيبِ الرضِ جنّة ً
وأجرى لها من أعذبِ الماءِ كوثرا
يُجِدُّ لها في كل عامٍ سُرادِقاً
ويَبني لها في كلِّ عَلياءَ مَظهرا
ألا إنّما كانت طلائعُ جوهَرٍ
ببعضِ الهدايا كالعُجالة ِ للقِرى
ولو لم يعجِّل بعضَها دون بعضِها
لضاقَ الثَّرى والماءُ طرقاً ومعبرا
أقولُ لصحبي إذ تلقَّيتُ رسلهُ
وقد غَصَّتِ البَيداءُ خُفّاً ومَنسِرا
وقد مارت البزلُ القناعيسُ أجبلاً
وقد ماجتِ الجردُ العناجيجُ أبحرا
فطابتْ لي الانباءُ كأنّهُ
لَطائمُ إبْلٍ تحملُ المِسكَ أذفَرا
لعمري لئن الخلافة َ ناطقاً
لقد زانَ أيّامَ الحروبِ مدبِّرا
تَضِجُّ القَنَا منْهُ لَما جَشَّمَ القَنَا
وتَضْرَعُ منه الخيلُ والليل والسُّرَى
هو الرمحُ فاطعنْ كيفَ شئتَ بصدره
فلن يَسأمَ الهَيجا ولن يتكسَّرا
لقد أنجبتْ منه الكتائبُ مدرهاً
سريعَ الخُطى للصّالحاتِ مُيسَّرا
و صرَّف منه الملكُ ما شاء صارماً
وسهماً وخَطّيّاً ودِرعاً ومِغفرا
ولم أجدِ الإنسانَ إلاّ ابنَ سعيهِ
فمن كانَ أسعى كان بالمجد أجدرا
و بالهمَّة العلياء يرقى إلى العلى
فمن كان أرقى همّة ً كان أظهرا
و لم يتأخَّر من يريد تقدُّماً
ولم يتقدَّمْ من يريد تأخُّرا
و قد كانتِ القّوادُ من قبلِ جوهرٍ
لتصلحُ أن تسعى لتخدم جوهراً
على أنهم كانوا كواكبَ عصرهم
ولكن رأينا الشمسَ أبهى وأنوَرا
فلا يعدِمنَّ اللهُ عبدكَ نصره
فما زالَ منصورَ اليدين مظفَّرا
إذا حاربتْ عنهُ الملائكة ُ العِدى
ملأنَ سماءَ باسمكَ مُشعَرا
وما اخترته حتى صفا ونفى القذى
بلِ الله في أُمِّ الكتابِ تخيَّرا
ووكَّلْتَهُ بالجيشِ والأمْرِ كلِّهِ
فوكَّلت بالغيلِ الهزبرَ الغضنفرا
كأنَّكَ شاهدتَ الحفايا سوافرأً
وأعجلتَ وجهَ الغَيبِ أن يتَستَّرا
فعرَّفتَ في اليوم البصيرة َ في غدٍ
وشاركتَ في الرأي القضاءَ المقدَّرا
وما قِيسَ وَفرُ المال في كلِّ حالة ً
بجودك إلاّ كان جودُكَ أوفرا
فلا بُخُلٌ يا أكرمَ النّاس مَعشَراً
و أطيبَ أبناءِ النبييِّنَ عنصرا
فإنّك لم تترُكْ على الأرْض جاهِلاً
و إنك لم تتركْ على الأرض معسرا
ألا انظرْ إلى الشمس المنيرة ِ في الضحى
و ما قبضتهُ أو تمدُّ على الثرى
فأثقبُ منها نارُ زندكَ للقرى
وأشهرُ منها ذِكرُ جودك في الورى
بلغتُ بك العليا فلم أدنُ مادحاً
لأسألَ لكنّي دنوتُ لأشكُرا
وصدَّقَ فيكَ الله ما أنا قائِلٌ
فلستُ أُبالي مَن أقَلَّ وأكثرا

ناريمان الشريف 09-24-2010 01:38 PM

أليلتنا إذ أرسلتْ وارداً وحفا
( ابن هانئ الأندلسي )


أليلتنا إذ أرسلتْ وارداً وحفا
وبتنا نرى الجوزاءَ في أذنها شنفا
وباتَ لنَا ساقٍ يقوم على الدّجَى
بشمعة ِ نجمٍ لا تقطُّ ولا تطفى
أغنُّ غضيٌضٌ خفّف اللّينُ قدَّهُ
و ثقّلتِ الصّهباءُ أجفانهُ الوطفا
ولم يُبْقِ إرعاشُ المدامِ لَهُ يَداً
ولم يُبْقِ إعناتُ التثنّي له عِطفا
نَزيفٌ قضاهُ السِّكْرُ إلاّ ارتجاجَهُ
إذا كلَّ عنه الخصرُ حمَّلَّه الرَّدفا
يقولون حِقْفٌ فوقه خَيْزُرانَة ٌ
أما يعرفونَ الخيزرانة َ والحقفا
جعلنا حشايانا ثيابَ مُدامِنَا
و قدّتْ لنا الظلماءُ من جلدِها لحفا
فمن كبدٍ تدني إلى كبد هوى ً
ومن شفة ٍ توحي إلى شفة ٍرشفا
بعيشك نبِّه كأسه وجفونهُ ... فقد نبِّهَ
فقد نبِّه الإبريقُ من بعدِ ما أغفى
وقد وَلّتِ الظّلماءُ تقفو نجومَها
و قد قام جيشُ الفجرِ للّيل واصطفا
وولّتْ نجُومٌ للثُّرَيّا كأنّهَا
خواتيمُ تَبْدو في بَنان يدٍ تَخْفى
ومَرّ على آثارِهَا دَبَرَانُهَا
كصاحبِ ردءٍ كمنِّتْ خيله خلفا
و أقبلت الشِّعرى العبورُ مكبّة ً
بمرزمها اليعبوبِ تجنبهُ طرفا
وقد بادَرَتْها أُخْتُها منْ ورائِها
لتَخْرُقَ من ثِنْيَتيْ مجَرَّتها سِجفا
تخافُ زئيرَ الليثِ يقدمُ نثرة ً
وبَرْبَرَ في الظلماء يَنسِفها نَسْفا
كأنّ السِّماكَينِ اللّذينِ تَظاهَرا
على لبدتيهِ ضامنانِ له حتفا
فذا رامحٌ يُهوي إليه سِنانَهُ
وذا أعزَلٌ قد عَضَّ أنمُلَهُ لَهْفا
كأنّ رقيبَ النجمِ أجدَلُ مَرْقَبٍ
يقلِّبُ تحتَ الليل في ريشه طرفا
كأنّ بني نَعشٍ ونعشاً مَطافِلٌ
بوجرة َ قد أضللنَ في مهمهٍ خشفا
كأنّ سهيلاً في مطالعِ أفقهش
مُفارِقُ إلْفٍ لم يَجِدْ بعدَه إلفا
كأنّ سهاها عاشقٌ بين عوَّد
فآوِنَة ً يَبدو وآونَة ً يَخْفى
كأنّ مُعلَّى قُطبِها فارسٌ لَهُ
لِواءانِ مركوزانِ قد كرِه الزحفا
كأنّ قُدامَى النَّسر والنَّسْرُ واقعٌ
قصصنَ فلم تسمو الحوافي به ضعفا
كانّ أخاه حينَ دوّم طائراً
أنَّ دون نصف البدر فاختطفَ النصفا
كأنّ الهَزيعَ الآبنُوسيَّ لونُهُ
سَرَى بالنسيج الخُسرُوانيِّ مُلتفْا
كأنّ ظلامَ الليلِ إذ مالَ مَيْلَة ً
صريعُ مُدامٍ باتَ يشرَبُها صِرفا
كأنّ عمودَ الفجرِ خاقانُ عسكرٍ
من التركِ نادى بالنجاشيَ فاستحفى
كأنّ لِواءَ الشمسِ غرَّة ُ جعْفَرً
رأى القرنَ فازدادتْ طلاقته ضعفا
وقد جاشَتِ الدأماءُ بِيضاً صَوارِماً
ومارنَة ً سُمْراً وفَضْفاضة ً زَغْفا
و جاءتْ عتاقُ الخيل تردي كأنها
تخطُّ له أقلامُ آذانها صحفا
هنالكَ تلقى جعفراً غيرَ جعفرٍ
و قد بدِّلتْ يمناهُ من رفقها عنقا
و كائنْ تراهُ في الكريهة ِ جاعلاً
عزيمتَهُ بَرْقاً وصولتَه خَطْفا
و كائنْ تراهُ في المقامة ِ جاعلاً
مشاهده فصلاً وخطبته حرفا
وتأتي عطاياهُ عِدادَ جُنُودِهِ
فما افترقتْ صنفاً ولا اجتمعتْ صنفا
ويَعْيَا بما يأتي خطيبٌ وشاعِرٌ
وإن جاوز الإطناب واستغرق الوصفا
هوَ الدهرُ إلاّ أنّني لا أرى له
على غير من ناواه خَطْباً ولا صَرْفا
إذا شهدَ الهيجاءَ مدّتْ لهُ يداً
كأنّ عليها دملجاً منهُ أو وقفا
و صالَ بها غضبانَ لو يستقي الذي
تُريقُ عواليه من الدّم ما استَشفى
جزيلُ الندى والباس تصدرُ كفُّه
و قد نازلتْ ألفاً وقد وهبتْ الفا
يدٌ يستهلُّ الجود فيها معَ النّدى
ويعبَقُ منها الموتُ يومَ الوغى عَرفا
و ما سدّد الاملاكُ من قبل جعفرٍ
و لا انكروا نكراً ولا عرفوا عرفا
هُمُ ساجَلوه والسَّماحُ لأهْلِهِ
فأكدوا وما أكدى واصفوا وما أصفى
وإذا أصلدوا أورى وإنْ عجلوا ارتأى
وإنْ بخلوا أعطى وإن غدروا أوفى
فللمجدِ ما أبقَى وللجودِ ما اقتَنى
وللناسِ ما أبدى وللّهِ ما أخفى
يغول ظُنونَ المُزْنِ والمُزْنُ وافِرٌ
ويُغرِق موْجَ البحرِ والبحرُ قد شَفّا
فلو أنني شبهتهُ البحرُ زاخراً
خشيتُ بكونِ المدحِ في مثلهِ قدْ فا
وما تعدلُ الأنواءُ صغرى بنانهِ
فكيفَ بشئٍ يعدلُ الزّند والكفا
مليكُ رقابِ النّاسِ مالكُ ودَّهمْ
كذلكَ فليستصفِ قوماً من استصفى
فتى ً تَسْحَبُ الدّنيا بهِ خُيَلاءهَا
وقد طمَحَتْ طَرفاً وقد شمَختْ أنفا
وتسْألُهُ النّصْفَ الحوادثُ هَونة ً
وكانت لقاحاً لمْ تسلْ قبلهُ النّصفا
وكانتْ سماءُ اللّهِ فوْقَ عِمادِهَا
إلى اليوْم لم تُسقِطْ على أحَدٍ كِسفا
وقد مُلِئَتْ شُهْباً فلمّا تمرّدَتْ
حواليهُ أعداءُ الهدى أحدثتْ قذفا
ألا فامِزجوا كأس المُدامِ بِذكْرِهِ
فلن تجِدُوا مَزْجاً أرَقَّ ولا أصْفى
تَبَغْدَدَ منْهُ الزّابُ حتى رأيْتُهُ
يهبّ نسيمُ الروض فيهِ فيستجفى
تكادُ عقودُ الغانياتِ تؤودهُ
رَفاهِيَة ً والجوُّ يَسْرِقُه لُطْفا
بحيْثُ أبو الأيّامِ يَلحَفُني لهُ
جَناحاً وأُمُّ الشمس تُرضِعُني خِلفا
فلا منزلاً ضنكاً تحلُّ ركائبي
ولا عقداً وعثاً ولا سبسباً قفّا
تسيرُ القوافي المُذهَباتُ أحوكُها
فتمضي وإن كانتْ على مجدكم وقفا
منَ اللاء تغدو وهي في السّلم مركبي
ولو كانتِ الهيجاءُ قدَّمتُها صَفّا
يمانِيّة ٌ في نَجْرِها أزدِيّة ٌ
أفصّلها نظماً وأحكمها رصفا
صرفتُ عِنانَ الشعر إلاّ إليكُمُ
وفيكمْ فإني ما استطعتُ لكم صرفا
وما كنْتُ مَدّاحاً ولكنْ مُفَوَّهاً
يلبّى إذا نادى ويكفى إذا استكفى
أبا أحمدٍ! قد كان في الأرض مَوئِلٌ
فلم أبغِ لي ركْناً سواكَ ولا كهفا
وأنتَ الذي لم يُطلِع اللّهُ شَمسَهُ
على أحَدٍ منْهُ أبَرَّ ولا أوفى
وما الشمس تكسو كلَّ شيء شُعاعَها
بأسبغَ عندي من نَداك ولا أضفى
أخذتَ بضَبغي والخطوبُ رَوَاغِمٌ
فسمتُ زماني كلّهُ خطة ً خسفا
فمن كبدٍ لمّا اعتللتَ تقطّعتْ
ومنْ أذنٍ صمّتْ ومنْ ناظرٍ كفّا
وقد كان لي قلْبٌ فغودرَ جَمْرَة ً
عليك وعيشٌ سجسجٌ فغدا رَضفا
ولمْ أرى شيئاً مثلَ وصلِ أحبّتيّ
شِفاءً ولكن كان بُرؤكَ لي أشفى
وكيفَ اتّراكي فيك بَثّاً ولوعَة ً
ولم تترك رحماً لقومي ولا عطفا
أمنتُ بكَ الأيامَ وهي مخوفة ٌ
ولو بيديكَ الخلدُ أمّنتني الحتفا

ناريمان الشريف 09-24-2010 01:39 PM

أما والمَذاكي يَلُكْنَ الشُّكُمْ
( ابن هانئ الأندلسي )


أما والمَذاكي يَلُكْنَ الشُّكُمْ
و ضربِ القوانسِ فوقَ البهم
ووقعِ الصِّعادِ وحرِّ الجلادِ
إذا ما الدّماءُ خضبنَ اللِّمم
يميناً لأنتَ مليكُ الملوكِ
فمن شاءَ خصّ ومن شاء عمّ
وإنّي لأعْجَبُ من خَلّتَيينِ
جودِ يديكَ وبخلِ الأمم
فعانٍ يرجّي لديكَ الفكاك
وعافٍ يَشيمُ لديك الدِّيَم
فمن أين ساروا فأنتَ السّبيلُ
ومن أينَ ضَلّوا فأنْتَ العَلَم
ويَأبَى لك الذّمَّ طِيبُ النِّجارِ
وطِيبُ الخِلالِ وطِيبُ الشِّيَم
خُلِقْتَ شِهاباً يُضيءُ الخُطوبَ
ولستَ شِهاباً يُضيءُ الظُّلَم
فلو كنتَ حيثُ نجومُ السماءِ
لما كانَ في الأرض رزقٌ قسمِْ
كَرُمْتَ فكنْتَ شَجى ً للكِرامِ
فلم تتركِ القطرَ حتى لؤم
فأشبهكَ البحرُ إن قيلَ ذا
غِطَمٌ وِذا جَوادٌ خِضَمّ
و اخطأكَ الشّبهُ إنْ قيلَ ذا
أُجاجٌ وهذا فُراتٌ شَبِم
إذا لم يكن منهلاً للورودِ
فلا خيرَ في موجهِ الملتطم
رأيتُكَ سيْفَ بَني هَاشمٍ
وخيرُ السّيوفِ اليماني الخذم
فلو كنتَ حاربتَ جندَ القضاء
و أنتَ على سابحٍ لانهزم
ولو أنّ دَهرَكَ شخصٌ تَراهُ
لتسطوبه فاتكاً ما سلم
إلى جَعْفَرٍ يَتَنَاهَى المديحُ
وفِيهِ تُثيرُ القَوافي الحِكَم
فَسلْ ظَمِىء َ التُّرْبِ عن نَيلِهِ
وحَسبُكَ مِنْ عالِمٍ ما عَلِم
هو استنّ للرّيحِ هذا الهبوبَ
وَرشّحَ ذا العارِضَ المُرتكِم
فما همتِ المزنُ حتى همى
ولا ابْتَسَمَ البَرْقُ حتى ابتَسَم
وليسَ رِشاءٌ وإنْ مُدّ مِن
رشاءٍ ولا وَذَمٌ مِن وَذَم
عَفافُ يدي وعُلُوُّ الهِمَم
بمُزْنٍ ولا كُلّ يَمٍّ بيَمّ
ولا كلّ ما في أكُفٍّ ندى ً
ولا كل ما في أُنوفٍ شَمَم
فأقسمُ لو أنّ عصرَ الشّبابِ
كأيّامِهِ لأمِنّا الهَرَم
هو الواهِبُ المُقرَباتِ الجِيادَ
صواهلَ واليعملاتِ الرُّسمُ
إلى كلّ عَضْبٍ رقيقِ الفِرِنْدِ
ومُطّرِد الكَعْبِ لَدْنٍ أصَمّ
ومسرودَة ٍ مثلِ نَسْجِ السّرابِ
ترقرقُ فوقَ الكميِّ العمم
و بيضة ِ خدرٍ تجرُّ الذّيولَ
كما أتلَعَ الخِشْفُ لمّا بَغَم
وبَدْرَة ِ ألفٍ يمَانِيّة ٍ
يُحَيّي الوفودُ بها بَدْرَ تَمّ
ولم أرَ أنْفَذَ من كُتْبِهِ
إذا جعلَ السّيفُ حيثُ القلم
لَعَمْري لقد مَزَعَتْ خَيلُهُ
و أنعلهنّ خدودُ الأكم
و لا نسيَ العفوَ لمّا انتقم
فلوْ أبْصَرَتْ وائِلٌ يومَهُ
لمَا عَدّدَتْ فارساً من جُشَمْ
غداة َ رمى المعشرَ المارقينَ
بصَمْاءَ تُوقَصُ منها القِمَم
وذي لَجَبٍ يَرتَدي بالقَنَا
و يعثرُ في العثيرِ المدلهمّ
وباتُوا يُرِيحُونَ كُومَ اللّقاحِ
فأضحى بحيثُ الرُّغاءُ الزّئيرُ
وحالَتْ بحيْثُ الخيامُ الأجَم
و أعطى القبيلَ سوامَ القتيلِ
بما فيهِ من وبرٍ أو نعم
فلو ناقَة ٌ عندَ ذاكَ انْثَنَتْ
لتروي فصيلاً لجادتْ بدم
فمنْ حاتمٌ ثكلوا حاتماً
ومَنْ هَرِمٌ حيثُ عدّوا هَرِم
إذا هو أعطى البعيرَ الفريدَ
برمّتهِ ... ظنّ أنْ قد كرم
وأنْتَ رأيْتُكَ تُعْطي الألوفَ
فَتَنْهَبُ نَهْباً ولا تَقْتَسِم
و كان إذا ما قرى بكرة ً
تَفَرّدَ بالجُودِ فيما زَعَم
و أنتَ تجودُ بمثلِ البكارِ
من التّبرِ في مثلها منْ أدم
إذا عربٌ لم تكنْ في الصّميمِ
فلوْ نُسِبَتْ يَمَنٌ كُلّها
إليكَ لقنا لها لا جرم
بحَيْثُ الأكُفُّ طِوالٌ إلى
مآربها والعرانينُ شمّ
إنك من مَعشَرِ طِفْلُهُمْ
يُتوَّجُ قبلَ بلوغِ الحُلُم
و يسمو إلى المجدِ قبلَ الفطامِ
فكيْفَ يكونُ إذا ما فُطِم
مُلُوكُ المُلوكِ وأبْناؤهَا
وفوْقَ الهَوادي تكونُ القِمَم
تَشَيّعَ فيكُمْ لِساني ومَنْ
تَشَيَع في قَولِهِ لم يُلَم
فَلَسْتُ أُبالي بأيٍّ بَدَأتُ
بفخري بكمْ أو بمدحي لكم
فإنْ طفقتْ والهٌ بيننا
تحنُّ حنيناً فتلكَ الرّحم
هل اللؤلؤ الرّطْبُ إلاّ الّذي
نظَمْتُ لكُمْ عِقدَهُ فانتظَم
قوافٍ لسؤددكمْ تقتنى
قصرنَ عليكمْ كأنّ الشّآمَ
و أرضَ العراقِ عليها حرم
تكنّفتموني فلمْ أضطهدْ
وأعْزَزْتُمُوني فلمْ أُهْتَضَم
ففي ناظري عن سِواكم عَمى ً
وفي أُذُني عن سواكمْ صَمَم
فشَمْلي بشَمْلِكُمُ جامِعٌ
و شعبي بشعبكمُ ملتئم
فلا انفصمتْ عروة ٌ بيننا
إذا ما العرى جعلتْ تنفصم
أبا أحْمَدٍ دعوة ً حُرّة ً
لحرِّ المواثيقِ حرَّ الذّمم
حَمِدتُ لقاءَكَ حَمْدَ الرّبيع
وشِمْتُ نَوالَكَ شَيْمَ الدّيَم
و ما الغيثُ أولى بأنْ يستهلّ
و ما الغيثُ أولى بأن ينسجم
و من حقّ غيريَ أن يجتدي
ومن حقّ مثليَ أن يحتكم
وأنْتَ مَلِيٌّ بدُورّ الفِعالِ
و إنّي مليٌّ بدرّ الكلم
وحَسْبُكَ منْ هِبْرِزِيٍّ لَهُ
على كُلّ عُضْوٍ لسانٌ وفَم
و لم أرَ مثلَ جزيلِ الثّناءِ
مُكافَأة ً لجَزيلِ النِّعَم
خرستُ ولي منطقُ العالمينَ
فقل الفصيحُ جميلُ البكم
فلو أنّ حدّي كهامٌ نبا
ولو أنّ ذِهْني كليلٌ سَئِم
أذُمّ إليكَ اعْتِوارَ الخُطوبِ
و صرفَ الحواذثِ فيما أذمّ
و ممّا اعانَ عليّ الزّمانَ
فلا بالعجولِ ولا بالملولِ
و لا بالسَّؤوالِ ولا المغتنم
وإنّي وإنْ تَرَني قابِضاً
جَناحي إليّ كَظِيماً وَجِم
أُقَلّلُ مِنْ هَفَوَاتِ المَزَارِ
وأُبْدي الغِناءَ وأُخفي العَدَم
فإنّي من العربِ الاكرمينَ
وفي أوّلِ الدّهْرِ ضاعَ الكَرَم

ناريمان الشريف 09-24-2010 01:41 PM

أمِنْ أفْقِها ذاك السّنا وتألُّقُهْ
( ابن هانئ الأندلسي )


أمِنْ أفْقِها ذاك السّنا وتألُّقُهْ
يُؤرَّقُنَا لو أنّ وَجْداً يُؤرِّقِهْ
وما انفكّ مُجتازٌ من البرْقِ لامِعٌ
يشوِّقنا تلقاءَ من لا يشوِّقهْ
وما إن خبا حتى حسبتُ من الدّجى
على الأفْقِ زنجيّاً تكشَّفَ يَلمَقُه
تَخَلّلَ سِجْفَ الليلِ للّيلِ كالِئاً
يراعيهِ بالصُّبحِ الجليِّ ويرمقه
ولم يكتحلْ غمضاً فباتَ كأنّما
يروغُ إلى إلفٍ من المزنِ يعشقه
فمِنْ حُرَقٍ قد باتَ وَهْناً يَشُبُّهَا
بذكراكِ تُذكَى في الفؤادِ فتُحرِقه
عنى الوالهَ المتبولَ منكِ ادِّكارهُ
وأضناهُ طيْفٌ من خَيالكِ يَطرُقُه
لأبرحتُ من قلبٍ إليكِ خفوفهُ
نِزاعاً ومن دَمْعٍ عليكِ تَرَقرُقُه
وَحَشْوَ القِبابِ المستقِلّة ِ غَادَة ٌ
أجدَّد عهدَ الودِّ منها وتخلقه
غريرة ُ دَلٍّ ضاقَ دِرْعٌ يزينُهَا
وأقلَقَ مستنَّ الوِشاحَينِ مُقْلِقُه
يميلُ بها اللحظُ العليلُ إلى الكرى
إذا رَنّقَ التفتيرَ فيهِ مُرَنِّقه
تهادى بعِطْفَيْ ناعِمٍ جاذَبَ النَّقَا
منطَّقهُ حتى تشكّى مقرطقه
يُغالِبُهَا سُكْرُ الشبابِ فتنثَني
تَثَنّيَ غُصْنِ البانِ يَهتزُّ مُورِقُه
وما الوجدُ ما يعتادُ صبّاً بذكرها
ولكنّهُ خبلُ التّصابي وأولقه
بودّي لو حيّا الرَّبيعُ ربوعها
ونمَّقَ وشيَ الرّوضِ فيها منمَّقه
تقضّتْ ليالينا بها ونعيمها
فكرَّ على الشَّمل الجميعِ مفرِّقه
أقولُ لسبّاقٍ إلى أمدِ العلى
بحيثُ ثنى شأوَ المرهَّقِ مرهقه
لسعيكَ أبطا عن لحاق ابن جعفرٍ
وسعى جهولٍ ظنَّ أنّك تلحقه
لَعلّك مُودٍ أن تقاذفَ تشأوُه
إلى أمدٍ أعيا عليك تعلُّقه
لهُ خلقٌ كالرّوضِ يندي تبرُّعاً
إذا ما نبا بالحرِّ يوماً تخلُّقه
وكالمَشرَفيِّ العَضْبِ يَفري غِرارُهُ
وكالعارضِ الوسميِّ يَنهَلُّ مُغدِقُه
وكالكوكبِ الدُّرّيِّ يُحمدَ في الوغى
تألُّقُ بيضِ المرهفاتِ تألُّقه
ويعنفُ في الهيجاءِ بالقرن رفقهُ
وأعنَفُ ما يسطو به السيْفُ أرفَقُه
لهُ من جُذامٍ في الذّوائبِ مَحتِدٌ
زكا منبتاً في مَغرسِ المجدِ مُعرَقُه
رفيعُ بناءِ البيتِ فيهم مُشيدُهُ
مطنِّبهُ بالمأثراتِ مروِّقه
همُ جوهرُ الأحساب وهولبابهُ
وإفْرِندهُ المُعْشي العيونَ ورَونقُه
إذا ما تجلّى من مَطالِعِ سَعْدِهِ
تجلّى عليك البدرُ يَلتاحُ مَشرِقُه
لَئِنْ مُلِئَتْ منهُ الجوانحُ رَهْبَة ً
لقد راقها من منظرِ العينِ مونقه
مُقَلَّصُ أثناءِ النّجادِ معَصَّبٌ
بتاج العُلى بين السماكينِ مَفْرَقُه
لهُ هاجِسٌ يَفْري الفَرِيَّ كأنّهُ
شبا مشرفيٍّ ليسَ ينبو مذلَّقه
يُصيبُ بيانَ القوْل يُوفي بحَقّهِ
على باطلِ الخصمِ الإلدِّ فيمحقه
أطاعَ له بَدءُ السَّماحِ وعَودهُ
فكان غَماماً لا يَغُبُّ تَدَفُّقُه
دَلوحاً إذا ما شِمتَهُ افتَرَّ وَبْلُهُ
وإلهامهُ سحّاً عليكَ وريقُه
إذا شاءَ قادَ الأعوَجِيّاتِ فيْلَقاً
ومنْ بينِ أيديها الحمامُ وفيلقه
وكنتُ إذا ازورَّتْ لقومٍ كتيبة ٌ
وعارضها من عارضِ الطعنِ مبرقه
تسابقُ وقدَ الرّيحِ عدواً فتسبقه
تخطّى إلى النّهبِ الخميسَ ودونهُ
سرادقُ خطيّاتهِ ومسردقه
إذا شارَفَتْهُ قلتَ سِربُ أجادِلٍ
يُشارِفُ هَضْباً من ثَبيرٍ مُحلِّقُه
رعى اللهُ ابراهيمَ منْ ملكٍ حنا
على المُلكِ حانِيهِ وأشفَقَ مُشفِقُه
وأورى بزند الأرقمِ الصِّلّ جعفَرٌ
ولم يُعْيِهِ فَتْقٌ من الأرضِ يَرتُقه
إلى ذاك رأيُ الهِبْرِزِيِّ إذا ارتأى
وصِدْقُ ظنونِ الألمَعيِّ ومَصْدَقه
على كُلِّ قُطْرٍ منه لَفْتَة ُ ناظِرٍ
يُراعي بها الثّغْرَ القَصِيَّ ويَرمقُه
مُظاهِرُ عِقدِ الحزْمِ بالحزْم موثِقُه
فكم فِيهِمِ من ذي غِرارَينِ قد نَبَا
ومدرهِ قومٍ قد تلجلجَ منطقه
يرونَ بإبراهيمَ سَهْماً يَريشُهُ
لهم بالمَنَايا جعفرٌ ويُفوِّقُه
مؤازِرُهُ في عُنفُوانِ شبابهِ
يُسَدِّدُهُ في هَدْيِهِ ويُوَفِّقُه
يطيبُ نسيمُ الزّابِ من طيبِ ذكرهِ
كما فتّقَ المسكَ الذكيَّ مفتِّقه
ويعبَقُ ذاك التُّرْب من أوجُه الدجى
كما فاحَ من نشرِ الأحبة ِ أعبقه
وقد عمَّ من في ذلك الثغرِ نائلاً
كما افترقتْ تهمي من المزن فرَّقه
أإخْباتهُ أحْفَى بهم أم حَنَانُهُ
ورأفَتُهُ أم عَدْلهُ وتَرَفُّقُه
ثَوَى بكَ عزُّ المُلكِ فيهم ولم تَزَلْ
وأنتَ لهُ العلقُ النفيسُ ومعلقه
شَهِدْتُ فلا واللّهِ ما غابَ جَعفرٌ
ولا باتَ ذا وجدٍ إليك يؤرِّقه
وبالمغرب الأقصَى قَريعُ كتائبٍ
تخبُّ بمسراهُ فيرجفُ مشرقه
سيرضيكَ منهُ بالإيابِ وسعدهِ
ويجمَعُ شَملاً شادَ مجْداً تَفَرُّقُه
ويشفي مشوقاً منكَ بالقربِ لوعة ً
وبَرْحَ غليلٍ في الجوانحِ يُقْلِقُه
ويُبْهِجُ أرض الزّاب بهجة َ سؤددٍ
وتبهجهُ أفوفُ زهرٍ وتونقه
لك الخير قد طالتْ يدايَ وقصّرتْ
يدا زمنٍ ألوى بنحضي يمزِّقه
كفى بعضُ ما أوْليْتَ فأذَنْ لِقافلٍ
بفضلك زُمَّتْ للترَحُّلِ أينُقُه
أفضتَ عليه بالنّدى غيرَ سائلٍ
بحاركَ حتى ظنَّ أنّك تغرقه
سأشكركَ النُّعْمَى عليَّ وإنّني
بذاك لواني الشّأوِ عنكَ مرهَّقُه
وما كحميدِ القولِ ينمي مزيده
ولا كاليَدِ البيضاء عندي تحَقُّقُه
وما أنا أو مثلي وقولٌ يقوله
إذا لم أكُنْ أُلفي به مَن يُصَدِّقُه

ناريمان الشريف 09-24-2010 01:42 PM

أمِنْكِ اجْتِيازُ البرْقِ يلتاحُ في الدُّجى
( ابن هانئ الأندلسي )


أمِنْكِ اجْتِيازُ البرْقِ يلتاحُ في الدُّجى
تَبَلّجْتِ مِنْ شَرْقِيّة ِ فتبلّجاَ
كأنّ به لّما شرى منكِ واضحاً
تبسمّ ذا ظَلمٍ شنيباً مُفلَّجا
مطارُ سنى يزجى غماماً كأنّما
يُجاذبُ خَصْراً في وشاحك مُدمجا
ينوءُ إذا ما ناءَ منك ركامهُ
برادفَة ٍ لا تَستَقِلُّ منَ الوَجَى
كأنّ يداً شقّتْ خلالَ غيومهِ
جُيوباً أوِ اجتابَتْ قباءً مُفرَّجا
هلمّا نحيّي الأجرعَ الفردَ واللّوى
وعُوجا على تلك الرّسومِ وعَرّجَا
مواطئُ هندٍ في ثرى ً متنفّسٍ
تضوّعَ منْ أردانها وتأرّجا
منعّمة ٌ أبدتْ أسيلاً منعَّماً
تضرّجَ قبلَ العاشقين وضرّجا
إذا هَزّ عِطْفَيْها قَوامٌ مُهَفْهَفٌ
تداعى كثيبٌ خلفها فترجرجا
أنافسُ في عقدٍ يقبّلُ نحرها
وأحْسُدُ خَلخالاً عليها ودُمْلُجا
لقد فزتُ يوم النابضين بنظرة ٍ
فلم تلقَ إلاّ بدرَ تمٍّ وهودجا
وأسْعَدَني مُرْفَضُّ دمعي كأنّها
تَساقَطَ رأدَ اليوْمِ دُرّاً مُدَحْرَجَا
ألَذُّ بما تَطْويهِ فيكِ جَوانحي
وأشجى تَباريحاً وأسْتعْذِب الشَّجا
أجَدِّكَ ما أنْفَكُّ إلاّ مُغَلِّساً
يجوز الفلا أو ساريَ اللّيل مدلجا
ترفّعَ عنَّا سجفه فكأنّهُ
يُحيّى بيحيَى صبْحَه المتبَلِّجا
ترامَى بنا الأكوارُ في كلّ صَحصَحٍ
تظلُّ المهاري عسِّجاً فيه وسَّجا
سَرَينا وفودَ الشّكر من كلّ تلعة ٍ
إذا ما وَزَعَنا الليلَ باسمك أُسرجا
غمرتَ ندى ً فلا البرقُ خلَّباً
لديكَ ولا المزْنُ الكنَهْوَرُ زِبرَجا
وما أمَّكَ العَافُونَ إلاّ تعرّفُوا
جنابَكَ مأنُوساً وظِلَّكَ سَجسَجا
ولم تُرَ يوْماً غيرَ عاقِدِ حُبوة ٍ
لتديرِ مُلْكٍ أو كمِيّاً مُدَجَّجاَ
وكنتُ إذا ثارتْ عجاجة ُ قسطل
فجَلّلَتِ الأفقَ البَهيمَ يَرنَدَجا
تخلّلْتَها في المَعرَكِ الضنَّكِ مُقدِماً
وخُضْتَ غِمارَ الموت فيها مُلجِّجا
فلم ترَ إلاّ بارقاً متألّقاً
تخَلّلَهَا أو كَوكَباً مَتأجّجا
فداؤك نفسي ماجداً ذا حفيظة ٍ
يُدير رْحى العَليا على قُطُبِ الحِجى
وسيّدُ ساداتٍ إذا رأتهُ
عرفتُ يمانيِ النَّجارِ متوخا
تألق في أوضاحهِ وحجولهُ
فلم تَرَ عيني منظراً كان أبهَجا
لقد نبه الآدابُ بعد خمولها
وجدَّدَ منها عافْيَ الرسم ِمنهجاً
له شيمة ٌ كالأري صفوٌ سجالها
وما السَّمُّ إلاّ أن يُقانَى ويُمزَجا
ألا لا يَرُعْه بأسُ يومِ كريهة ٍ
فلن يُذعَرَ اللّيثُ الهْزَبْرُ مُهَجهِجا
نَحى المغربَ الأقصى بسَطْوة ِ بأسِهِ
فغادرَه رهواً وقد كانَ مرتجا
مطلاً على الأعداءِ ينهجُ بينها
بسمر العوالي والقواضبِ منهجا
ليالي حُروبٍ شِدْتَ فيها لجعفَرٍ
مَآثِرَ لم يُخْلِفْنَه فيك ما رجا
وكمْ بِتَّ يقظانَ الجفونِ مُسَّهداً
تريهِ شموس الرأي في غسقِ الدُّجى
فلاحَظَ عَضْباً عن يمينك مُرْهَفاً
وطِرْفاً جَواداً عن يسارك مُسْرَجا
وكم لك من يومٍ بها جدِّ معلمٍ
يصلي الأعاديْ جمرهُ المتوهجا
تَقومُ به بينَ السّماطَينِ خاطِباً
إذا يومَ فَخْرٍ ذو البيانِ تَلجْلَجا
أيا زكريّاءَ الأغَرّ أهِبْ بهَا
وقائعَ الهَجْنَ القريضَ فألهِجا
لِتَهْنِئْكَ أمثالُ القوافي سوائراً
وكنت حرياً أن تسرّ وتبهجا
فَدُمْ للشبّابِ المُرجَحِنّ وعَصْرِهِ
تُؤمَّلُ فينا للخُطوب وتُرتَجى َ

ناريمان الشريف 09-24-2010 01:45 PM

أنظرْ إليهِ وفي التَّحريكُ تسكينُ
( ابن هانئ الأندلسي )


أنظرْ إليهِ وفي التَّحريكُ تسكينُ
كأنَّما التقمتْ عنهُ التَّنانينُ
يا ليتَ شعريْ إذا أومى إلى فمهِ
أحَلْقُهُ لَهَواتٌ أم ميَادين
كأنها وخبيثُ الزّاد يضرمها
جهنّمٌ قُذِفَتْ فيها الشياطين
تَبارَكَ الله ما أمضى َ أسنّتَهُ
كأنّما كلُّ فَكٍّ منه طاحون
كأنّ بَيْتَ سِلاحٍ فيهِ مُخْتَزَنٌ
مِمّا أعَدّتْهُ للرُّسْلِ الفَراعِين
أينَ الأسنّة ُ أم أينَ الصّوارمُ أم
أينَ الخناجِرُ أم أين السكاكين
كأنّما الحملُ المشويُّ في يدهِ
ذو النّونِ في الماء لّما عَضَّهُ النّون
لفَّ الجداءَ بأيديها وأرجلها
كأنّما افترستهنّ السراحين
و غادرَ البطَّ من مثنى وواحدة ٍ
كأنّما اختطفتهنّ الشواهين
يخفّضُ الوزَّ من قرنٍ إلى قدمٍ
وللبَلاعِيمِ تَطْريبٌ وتلحيِن
كأنّ في فكّهِ أيتامَ أرملة ٍ
أو باكياتٍ عليهنّ التَّبابين
كأنّما ينتقي العظمَ الصّليبَ لهُ
من تحتِ كلّ رَحى ً فِهْرٌ وهاوون
كأنّما كُلُّ ركْنٍ من طَبائِعِهِ
نارٌ وفي كلّ عضوٍ منه كانون
كأنّما في الحشا من خملِ معدتهِ
قرنفلٌ وجواريشٌ وكمّون
قوموا بِنا فلقد رِيَعتْ خواطِرُنَا
وجاذبتنا الأعنّاتِ البرادينُ
نصحتكمْ فخُذُوا من شِدْقِهِ وَزَراً
أو لا فأنتمْ سويقٌ فيه مطحون
فليسَ ترويهِ أمواهُ الفراتِ ولا
يقوتهُ فلكُ نوحٍ وهو مشحون
فمِثْل رَقّادَة ٍ في كفّهِ وَسَطٌ
و نحنُ مقدونسٌ فيه وطرخون

ناريمان الشريف 09-24-2010 01:46 PM

أنظلمُ أن شمنا بوارقَ لمَّحا
( ابن هانئ الأندلسي )


أنظلمُ أن شمنا بوارقَ لمَّحا
وضحنَ لساري الليل من جنب توضحا
بعينك، أن باتت تُحرِّقُ كُورَها،
محجَّلة ً غرَّاً من المُزنِ دلَّحا
ولمّا احتضنّ أرهفنَ خصرهُ
فباتَ بأثناء الصبّاح مُوشَّحا
تحمّلَ ساريها إلينا تحيّة ً
فهيّجَ تذكاراً ووجدا مُبرِّحا
وعارضهُ تلقاءَ أسماءَ عارضٌ
تكفّى ثبيرٌ فوقه فترجعا
ولمّا تهادى نكّبَ البيدَ معرضاً
وأتأقَ سجْلاً للرّياض فطفّحا
تَدلّى فخِلتُ الدُّكنَ من عَذَباتهِ
كواسرَ فتخاً في حفافيه جنَّحا
لِتَغْدُ غَواديهِ بمُنعَرج اللّوى
موائحَ رَقراقٍ من الرِّيّ مُتَّحا
سقته فمجتْ صائك المسكِ حفَّلاً
تسحُّ وأذرتْ لؤلؤ النظم نضَّحا
فلم تبق من تلك الأجارع أجرعاً
ولم تبقِ من تلك الأباطح أبطحا
ولله أظْعانٌ ببرقة ِ ثهمدٍ
وقد كَربتْ تلك الشموسُ لتجنحا
أجَدِّكَ ما أنْفَكُّ إلاّ مُغَبَّقاً
بكأس النوى صِرْفاً وإلاّ مصَبَّحا
وأبيضَ من سِرّ الخِلافَة ِ واضِحٍ
تجلّى فكان الشمسَ في رونقِ الضّحى
عنيفٌ ببَذلِ الوَفرِ يَلحي عُفاتَه
على صفدٍ ما كان نُهزة َ من لحى
تَوَخّاهُمُ قبلَ السؤال تبرّعَا
بمعروفِ ما يُولي، وسِيلَ فأنجحا
صَحا أهلُ هذا البذل ممّنْ عَلمتَه
وأمسكَ بالأموال نشوانُ ما صَحا
ذروا حاتما عنّا وكعباً فإننا
رأيناه بالدنيا على الدين أسمحا
أُريكَ به نَهْجَ الخلافة مَهيَعاً
يُبين وأعلامَ الخلافة وُضَّحا
كثيرُ وجوه الحزْم أردى به العِدى
وأنحى به ليْثَ العّرينَة ِ فانتحى
ولمّا اجتباه والملائكُ جنده
لَمهلكهم دارت على قُطبها الرّحى
فقلّدها جمَّ السياسة ِ مدرهاً
إذا شاء رام القصْدَ أو قال أفصَحا
نحاهم به أمضى من السيف وَقعهُ
وأجزَلَ من أركان رَضوى وأرجحا
وقد نَصَحَتْ قُوّادُها غيرَ أنّني
رأيتُ ربيبَ الملكِ للملكِ أنصحا
رآه أميرُ المؤمنين كعهدهِ
لديه ولم تنزحْ به الدارُ منزحا
ولّما تَغَشّتْ جانبَ الأرض فتنة ٌ
تشُبُّ لَظى الهيجاء ألفَحَ ألفَحا
رمى بك قارونَ المغاربِ عاتياً
وفرعونها مستحيياً ومذبِّحا
ورامَ جماحاً والكتائبُ حوله
فوافاكَ في ظلّ السُّرادق أجمَحا
فلمّا اطلَخَمّ الأمرُ أخفَتَ زأرَه
فمجمج تعريضاً وقد كان صرّحا
مُرَدِّدُ جأشٍ في التراقي فضَحتَه
وكانتْ له امُّ المنيّة ِ أفضحا
ومُطّرِحُ الآراءِ ما كَرّ طَرفَه
ولا ارتدّ حتى عادَ شِلْواً مُطرَّحا
فلم يُدْعَ إرناناً ولا اصْطقَقَتْ له
حلائله في مأتمِ النَّوح نوَّحا
وغُودِرَ في أشياعهِ نَبأً وقدْ
مَحوْتَ به رسمَ الدّلالة فامّحى
وأدركتُ سولاً في ابن واسول عنوة ً
وَزَحزَحتَ منه يذبُلاً فتزَحزَحا
وإلاّ أبنْه في العُصاة ِ فإنّني
أرى شارباً منهم يميل مرنَّحا
يموت ويَحيْا بينَ راجٍ وآيسٍ
فكانَ له الهُلْكُ المُواشكُ أرْوَحا
تضَمّنَه حَجْلٌ كلَبّة أرقَمٍ
إذا خرسَ الحادي ترنّمَ مفصحا
أُريكَ بمرآة ِ الإمَامَة ِ كاسْمها
على كورِ عنسٍ والإمامَ المرشَّحا
وقد سَلَبَتْه الزّاعبيّة ُ ما ادّعى
فأصْبحَ تِنّيناً وأمش ذُرَحْرَحا
فما خطبه شاهتْ وجوه دعاتهِ
وجدعَ من مأفون رأيٍ وقبّحا
وكان الجذاميُّ الطويلُ نجادُه
بهيماً مدى أعصارهِ فتوضّحا
عجلتَ له بطشاً وإن وراءه
لخرقاً من البيد المروراتِ أفيحا
مُعاشِرُ حربٍ يحلب الدهرَ أشطُراً
فلم يتّرِكْ سَعْياً ولم يأتِ مَنجَحا
أقولُ له في موثقِ الأسرِ عاتباً
تجاذبهُ الأغلالُ والقيدُ مقمحا
لئن حَمَلَتْ أشياعُ بغْيكَ فادحاً
يغولُ لقد حُمّلتَ ما كان أفدحا
ولا كابنه أذكى شهاباً بمعركٍ
وأجمحَ في ثِنْي العنانِ وأطمحا
مرت لك في الهيجاء ماءَ شبابهِ
وأثكَلْتَه منه القضيب تَهَصّرَتْ
أعاليه والرّوْض المُفوَّفُ صُوّحا
لعمري لئنْ ألحقته أهلَ ودّه
لقد كان أوحاهم إلى مأزِقِ الرّحى
وكم هاجعٍ ليلَ البياتِ اهتبلته
فصَبّحتَه كأس المنيّة ِ مُصْبِحا
وهدّمْتَ ما شادَ العِنادُ وقد رَسَتْ
أواخِيهِ في تلك الهَزاهزِ رُجِّحا
صَفحتَ عن الجانينَ مَنّاً ورأفة ً
وأعنانهِ حتى هوتْ فتفسّحا
وقد كان باباً مرتجاً دونَ جنّة ٍ
فلمّا دنَتْ تلك اليمينُ تَفتَّحا
ليالي حُروبٍ كُنّ شُهبْاً ثَواقباً
لها شعلٌ كانتْ سمائم لفَّحا
وعَفّى على إثْرِ الفسادِ وأصْلحا
دعاكَ إلى تأمينهِ فأجبته
ولو لم تَدارَكهْ بعارفة ٍ طَحا
وفي آلِ موسى قد شنَنتَ وقائعاً
أهبتَ لهم تلك الزّعازعَ لقَّحا
فلمّا رأوا أنْ لا مفَرّ لهارِبٍ
وأبدَتْ لهم أُمُّ المنيّة مَكلَحا
وأكدى عليهم زاخرُ اليمّ معبراً
وضاقَ عليهم جانبُ الأرضِ مسَرحا
صفحتَ عن الجانبينَ منّاً ورأفة ً
وكنتَ حريّاً ان تمنّ وتصفحا
وقد أزمعوا عن ذلكَ السِّيفِ رِحْلَة ً
فملّكتَ أولاهمْ عناناً مسرَّحا
وكان مشيدُ الحصنِ هضبَ متالع
فغادرته سهباً بتيماءَ صحصحا
قضى ما قضى منه البَوارُ فلم يُقَلْ
نعمتَ ولا حيّيتَ ممسى ً ومصبحاً
معالمُ لا يندَ بنَ آونة ً ولا
تنوحُ حمامُ الأيك فيهنّ صدَّحا
وكانوا وكانَتّ فترة ٌ جَاهلِيّة ٌ
فقد نهّجَ اللهُ السبيلَ وأوضحا
لأفلحَ منهم مَن تزكّى وقادَهُ
حواريُّ أملاكٍ تزكّى وأفلحا
حلفتُ بمستَنّ البِطاحِ أليّة ً
وبالركن والغادي عليه مُمسِّحا
لردّوا إلى الآياتِ معجزة ً فلو
لمستَ الحصى فيهم بكفيكَ سبّحا

ناريمان الشريف 09-24-2010 01:47 PM

إمسحوا عن ناظري كحلَ السُّهادْ
( ابن هانئ الأندلسي )


إمسحوا عن ناظري كحلَ السُّهادْ
وانفضُوا عن مضْجعي شوك القَتادْ
أو خذوا منّي ما أبقيتمُ
لا أُحبُّ الجسْمَ مسلوبَ الفؤاد
هل تجيرونَ محبَّاً منْ هوى ً
أو تفكُّونَ أسيراً من صفاد؟
أسلوّاً عنكمُ أهجركمْ
قلّما يسلو عن الماءِ الصَّواد
إنّما كانتْ خطوبٌ قُيِّضَتْ
فَعَدَتْنا عنكمُ إحدى العَواد
فعلى الأيّامِ من بَعْدِكُمُ
ما على الثَّكلاءِ من لُبسِ الحداد
لا مَزارٌ منكُمُ يدنو سِوى
أن أرى أعلامَ هضبٍ ونجاد
قد عقلْنَا العِيسَ في أوطانها
و هي أنضاءُ ذميلٌ ووخاد
قَل تَنْويلُ خَيالٍ مِنكُمُ
يطَّبي بين جفونٍ وسهاد
وحديثٌ عنكمُ أكثَرُه
عن نسيم الريح أو برق الغواد
لم يزدنا القربُ إلاّ هجرة ً
فرضينا بالتَّنائي والبعاد
وإذا شاءَ زمانٌ رابَنَا
برقيبٍ أو حَسودٍ أو مُعاد
فهداكمْ بارقٌ منْ أضلعي
وسُقِيتُمْ بغَمامٍ مِن وَداد
وإذا انهَلَّتْ سماءٌ فَعَلى
ما رفعتمْ من سماءٍ وعماد
و إذا كانت صلاة ٌ فعلى
هاشمِ البطحاءِ أربابِ العباد
هُمْ أقَرُّوا جانبَ الدَّهرِ وهُمْ
أصلحوا الأيّامَ من بعدِ الفساد
من إمامٍ قائمٍ بالقسطِ أو
مُنذِرٍ مُنتخَبٍ للوَحي هَاد
أهلُ حوضِ اللّهِ يجري سلسلاً
بالطّهور العذبِ والصفو البراد
أسواهم أبتغي يومَ النَّدى
أم سواهم أرتجي يومَ المَعاد؟
همْ أباحوا كلَّ ممنوعِ الحمى
وأذلُّوا كلَّ جبّارِ العناد
وإذا ما ابتَدَرَ النّاسُ العُلى
فلهم عاديُّها من قبل عاد
فَلَهُمْ كلُّ نِجادٍ مُرْتَدى ً
و لهمْ كلُّ سليلٍ مستجاد
تَطلَعُ الأقمارُ من تيجانهم
و عليهمْ سابغاتٌ كالدَّآد
كلُّ رقراقِ الحواشي فوقهمْ
كعيونٍ من أفاعٍ أو جراد
فعلى الأجساد وَقْدٌ من سنى َ
وعلى الماذيِّ صِبْغٌ من جِساد
بجِيادٍ في الوَغَى صافِنَة ٍ
تفحصُ الهامَ وأخرى في الطِّراد
و إذا ما ضرَّجوهاعلقاً
بَدَّلوا شُهْباً بشُقْرٍ وَوِراد
وإذا ما اختَضَبَتْ أيديهِمِ
فرّقوا بينَ الأسارى والصِّفاد
تلكَ أيدٍ وهبت ما كسبتْ
للمعالي من طريفٍ وتِلاد
هم أماتُوا حاتماً في طّيءٍ
مَيْتَة َ الدَّهْرِ وكعباً في إياد
و همُ كانوا الحيا قبل الحيا
و عهادَ المزنِ من قبل العهاد
حاصَرُوا مكَّة َ في صُيّابَة ٍ
عقدوا خيرَ حبى ً في خيرِ ناد
فلهُمْ ما انجابَ عنه فَجرُها
من قَليبٍ أو مَصادٍ أو مَراد
أو شِعابٍ أو هِضابٍ أو رُبى ً
أو بطاحٍ أو نجادٍ أو وهاد
في حريمِ الله إذْ يَحمُونَهُ
بالعَوالي السُّمْرِ والبِيضِ الحِداد
ضارَبوا أبْرَهَة ً من دونِهِ
بعدما لفَّ بياضاً بسواد
شغلوا الفيلَ عليه في الوغى
بتوامِ الطَّعنِ في الخطوِ الفراد
فيهِمُ نارُ القِرى يَكنُفُها
مثلُ أجبالِ شرورى من رماد
لهُمُ الجودُ وإنْ جادَ الورى
ما بِحَارٌ مُتْرَعاتٌ من ثِماد
وإذا ما أمْرَعَتْ شُهْبُ الرُّبَى
لم يكُنْ عامُ انتِقافٍ واهْتِباد
لكمُ الذَّروة ُ من تلك الذُّرى
و الهوادي الشُّمُّ من تلك الهواد
يا أميري أمراءِ الناس منْ
هاشمٍ في الرَّيدِ منها والمصاد
و سليلي ليثها المنصور في
غِيلِها مِنْ مُرْهَفاتٍ وصِعاد
يا شبيهيهِ ندى ً يومَ ندى ً
و جلاداً صادقاً يوم جلاد
إنّما عُوِّدْتُما في ذا الورى
عادة َ الأنواءِ في الأرض الجماد
ما اصطناعُ النفس في طُرقِ الهوى
كاصطناع النفس في طرق الرشاد
إنَّ يحيَى بنَ علّي أهلُ ما
جئتماهُ منْ جزيلات الأياد
كانَ رقَّاً تالداً أوّلهُ
فأتَى الفضْلُ برِقٍ مُستَفاد
كم عليهِ من غَمامٍ لكما
و لديه من رجاءٍ واعتداد
عندهُ ما شاءتِ الاملاكُ منْ
عَزمة ٍ فصْلٍ وذَبٍّ وذِياد
و اضطلاعٍ بالّذي حمِّلهُ
واكتفاءٍ وانتصاحٍ واجتِهاد
مِثْلُهُ حاطَ ثُغورَ المُلكِ في
كلِّ دهياء َ على الملك نآد
أيُّ زندٍ فاقدحاهُ ثم في
أيِّ كفٍّ فصِلاها بامتِداد
وغنى ُّ مثلُهُ ما دُمْتُمَا
عن حسامٍ وقناة ٍ وجواد
إنَّ من جرَّد سيفاً واحداً
لمنيعُ الركن من كيد الأعاد
كيف من كان له سيفاً وغى ً
منكما وهو كميٌّ في الجلاد
إنَّ أكنْ انبيكماعن شاكرٍ
فلقد أُخبِرُ عن حَيَّة ِ واد
نِعمَ مُنضي العِيسِ في ديمومَة ٍ
ومُكِلٌّ الأعوَجِيّاتِ الجِياد
تحتَ برقٍ من حُسامٍ أو غَمامٍ
من لِواءٍ أو وشاحٍ من نِجاد
نَبّهَا المُلكَ على تجريدِهِ
فهُو السيْفُ مَصُوناً في الغِماد
كمْ مقامٍ لكما من دونهِ
يبتنى المجدُ على السَّبع الشِّداد
نعمٌ أصغرها أكبرها
ويَدٌ معروفُها للخَلقِ باد
قد أمنّا بعمدي هاشمٍ
نوبَ الأيّامِ من ممسٍ وغاد
بالأميرِ الطّاهرِ الغمرِ الندى
و الحسينِ الأبلج الواري الزِّناد
ذاكَ ليثٌ يَضْغَمُ الليثَ وذا
حيَّة ٌ تأكُلُ حَيّاتِ البِلاد
أنتما خيرُ عتادٍ لامرىء ٍ
هو من بعدكما خيرُ عَتاد
بكما انقاذَ لنا الدَّهرُ على
بُعْدِ عَهدِ منَا بانقياد
وبما رفَّعتما لي علماً
ينظُرُ النّجمُ إليه من بُعاد
والقوافي كالمطايا لمْ تكنْ
تنبري إذ تنحني إلاّ بحاد
جوهَرٌ آليْتُ لا أُوقِفُهُ
موقفَ الذِّلَّة ِ في سوقِ الكساد
وإذا الشِّعْرُ تَلاقَى أهْلَهُ
أشرقتِْ غرَّتهُ بعد اربداد
وإذا ما قدحتهُ عزَّة ٌ
لم يزدْ غيرَاشتعالٍ واتِّقاد
كقناة الخطِّ إنْ زعزعتها
لم تَزِدْ غيرَ اعتِدالٍ واطِّراد
يا بنيِ المنصورِ والقائمِ إنْ
عدَّ والمهديِّ مهديِّ الرشاد
لا أرى بيتَ مديحٍ شاردٍ
في سواكم غيرَ كفرٍ وارتداد
ولقد جِئتُمْ كما قد شِئْتُمُ
ليس في فخركُمُ من مُستَزاد

ناريمان الشريف 09-24-2010 06:03 PM

إيهاً لكِ النُّعْمَى على فأنْعِمي
( ابن هانئ الأندلسي )


إيهاً لكِ النُّعْمَى على فأنْعِمي
وبَرِئْتِ من حَرَجِ السلامِ فسلّمي
لله مَوْقِفُ عاشِقٍ ومُعَشَّقٍ
من ظالمٍ منّا ومن متَظَلِّم
بادرتُ موطئَ نعلهِ حتى إذا
عفَرتُ خدي في الثرى المتنسِّم
اعتلّ منْ وجناتهِ فأجالَ في
صحنِ العقيقِ جداولاً من عَندَم
أجرى على ذهبيّها عصبيَّها
ودَنَا لسَفكِ دَمي بوَردٍ من دَم

ناريمان الشريف 09-24-2010 06:04 PM

الحِبّ حيثُ المعشرُ الأعداءُ
( ابن هانئ الأندلسي )


الحِبّ حيثُ المعشرُ الأعداءُ
والصبر حيثُ الكِلّة ُ السِّيَراءُ
ما للمهارى الناجياتِ كانَّها
حتمٌ عليها البَينُ والعُدَواءُ
ليس العجيبُ بأن يُبارِينَ الصَّبا
والعذلُ في أسماعِهِنّ حُداءُ
تدنو منالَ يدِ المحبّ وفوقها
شمسُ الظهيرة ِ خدرها الجوزاء
بانتْ مُوَدِّعة ً فجيدٌ مُعْرِضٌ
يومَ الوداع ونظرة ٌ شزْراء
وغدتْ مُمنَّعة َ القِباب كأنها
بين الحِجالِ فريدة ٌ عصماء
حُجَبُت ويُحجب طيفُها فكأنما
منهم على لحظاتِها رُقباء
ما بانة ُ الوادي تثنّى خوطها
لكنّها اليَزَنيّة ُ السّمْراء
لم يبقَ طرفٌ أجردٌ إلاّ أتى
من دونهاوطِمِرّة ٌ جرداء
ومفاضة ٌ مسرودة ٌ وكتيبة ٌ
مَلمومَة ٌ وعَجاجَة ٌ شهباء
ماذا أُسائِلُ عن مغَاني أهلِها
وضميريَ المأهولُ وهي خَلاء
لله إحدى الدّوحِ فاردة ً ولا
للهِ محنية ٌ ولا جرعاء
بانَتْ تَثَنّى لا الرّياحُ تَهُزُّهَا
دوني ولا أنفاسيَ الصُّعداء
فكأنّما كانتْ تَذكَّرُ بيْنَكم
فتميدُ في أعطافها البُرحاء
كلُّ يهيجُ هواكَ إمّا أيكة ٌ
خضراءُ أو أيكة ٌ ورقاء
فانظرْ!أنارٌ باللّوى أم بارِقٌ
متألّقٌ أم راية ٌ حمراء
بالغورِ تخبو تارة ً ويشبُّها
تحتَ الدُّجنّة ِ مندلٌ وكباء
ذمَّ الليالي بعدَ ليلتنا التي
سَلَفَتْ كما ذمَ الفراقَ لقاء
لبِستْ بياضَ الصّبْح حتى خلتُها
فيه نجاشيّاً عليه قَباء
حتى بدتْ والبدرُ في سِرْبالِها
فكأنّها خيفانة ٌ صدراء
ثمّ انتحى فيها الصّديعُ فأدبَرَتْ
فكأنّها وَحْشِيّة ٌ عَفْراء
طويتْ لي الأيامُ فوقَ مكايدٍ
ما تَنْطوي لي فوقَها الأعْداء
ما كانَ أحسنَ منْ أياديها الّتي
تُولِيكَ إلاّ أنّها حَسْناء
ما تُحسِنُ الدنيا تُديمُ نعيمَها
فهي الصَّناعُ وكفُّها الخرَقاء
تشأى النَّجازَ عليّ وهيَ بفتكهِا
ضِرغامَة ٌ وبِلوْنِها حِرْباء
إنَ المكارمَ كنّ سرباً رائداً
حتّى كنسنَ كأنَّهنّ ظباء
وطِفقْتُ أسألُ عن أغرَّ مَحجَّلٍ
فإذا الأنامُ جِبِلّة ٌ دَهماء
حتى دُفعْتُ إلى المعزّ خليفة ً
فعملتُ أنّ المطلَب الخُلفاء
جودٌ كأنّ اليمّ فيهِ نفاثة ٌ
و كأنما الدّنياعليهِ غثاء
مِلكٌ إذا نطقَتْ عُلاهُ بمدحِهِ
خرسَ الوفودُ وأفحمَ الخطباء
هو علّة الدُّنيا ومن خلقتْ له
و لعلّة ٍ ما كانتِ الأشياء
من صفوِ ماء الوحي وهوَ مُجاجة ٌ
من حَوضه الينبوع وهو شفاء
من أيكة ِ الفرْدوْس حيثُ تفتقتْ
ثمراتها وتفيّأ الأفياء
من شعلة القبَس التي عُرِضتْ على
موسى وقد حارتْ به الظَّلماء
من معدنِ التقديسِ وهو سلالة ٌ
من جوهرِ الملكوتِ وهو ضياء
من حيثُ يقتبسُ النهارُ لمبصرٍ
و تشقُّ عن مكنونها الانباء
فتَيَقّظوا من غَفْلة ٍ وتَنَبّهوا
ما بالصبّاحِ عن العيونِ خَفاء
ليستْ سماءُ الله ما تَرْأونَها
لكنّ أرضاً تحتويهِ سماء
أمّا كواكِبُها له فخَواضِعٌ
تخفي السُّجودَ ويظهرُ الإيماء
و الشمسُ ترجعُ عن سناه جفونها
فكأنّها مَطرُوفة ٌ مَرْهَاء
هذا الشفيعُ لأمَّة ٍ يأتيْ بها
وجُدُودُهُ لجدُودِها شُفعاء
هذا أمينُ اللهِ بينَ عبادهِ
و بلادهِ إنْ عدَّتِ الأمناء
هذا الَّذي عطفتْ عليهِ مكة ٌ
وشعابهاو الرُّكنُ والبطحاء
هذا الأغَرُّ الأزهَرُ المتألقُ المـ
ـتَدَفِّقُ المُتَبَلِّجُ الوضّاء
فعَليهِ من سِيما النبيّ دَلالَة ٌ
وعليهِ من نورِ الإلهِ بَهاء
وَرِثَ المُقيمَ بيثرِبٍ فالمِنبرُ الـ
ـأعْلى له والتُّرعَة ُ العَلياء
والخطبة ُ الزّهراء فيها الحكمة الـ
ـغَرّاءُ فيها الحجّة ُ البَيضاء
للنّاس إجماعٌ على تفضيلهِ
حتى استَوَى اللُّؤماءُ والكُرَماء
واللُّكْنُ والفُصَحاء والبُعَداء والـ
قرباءُ والخصماءُ والشُّهداء
ضرّابُ هامِ الرّومِ منتقماً وفي
أعناقهمْ منْ جودهِ أعباء
تجري أياديه التي أولاهمُ
فكأنَّها بينَ الدمّاءِ دماء
لولا انبعاثُ السيف وهو مسلَّطٌ
في قتْلهمْ قَتَلَتْهُمُ النَّعْماء
كانتْ ملوكُ الأعجمَينِ أعزّة ً
فأذلّها ذو العزِّة ِ الأبَّاء
لنْ تصغرَ العظماءُ في سلطانهم
إلاّ إذا دلفَتْ لها العُظَماء
جهلَ البطارقُ أنّهُ الملكُ الذي
أوصى البنينَ بسلمهِ الآباء
حتى رأى جهَّالهم من عزمهِ
غبَّ الذي شهدتْ به العلماء
فتقاصرُوا من بعدما حكمَ الردى
و مضى الوعيدُ وشبِّتِ الهيجاء
والسيْلُ ليسَ يحيدُ عن مُستنّهِ،
و السّهمُ لا يدلى به غلواء
لم يُشرِكوا في أنّهُ خَيرُ الوَرَى
ولِذي البَريّة ِ عندهُمْ شُركاء
و إذا أقرّ المشركونَ بفضلهِ
قَسْراً فما أدراكَ ما الخُنفاء
في الله يسري جودُهُ وجُنودُهُ
و عديدهُ والعزمُ والآراءُ
أومَا ترى دولَ الملوكِ تطيعه
فكأنَّها خولٌ لهُ وإماء
نَزَلَتْ ملائكة ُ السماءِ بنصرِهِ
وأطاعَهُ الإصْباحُ والإمساء
والفُلْكُ والفَلَكُ المُدارُ وسعدُهُ
والغَزْوُ في الدّأماءِ والدّأماء
والدهرُ والأيّامُ في تصريفِها
والناسُ والخضراءُ والغَبراء
أينَ المفرُّ ولا مفرَّ لهاربٍ
و لكَ البسيطانِ الثُّرى والماء
ولكَ الجواري المنشآتُ مواخراً
تَجري بأمركَ والريّاحُ رخاء
و الحاملات وكلُّها محمولة ٌ
والنّاتِجات وكلّها عذراء
و الأعوجيّات التي إن سوبقتْ
سبقت وجريُ المذكيات غلاء
الطائرات السّابحات السّابقا
ت الناجيات إذا أستُحِثّ نَجاء
فالبأسُ في حمس الوغى لكماتها
والكبرياءُ لهُنّ والخُيلاء
لا يصدرونَ نحورها يومَ الوغى
إلاّ كما صبغَ الخدودَ حياء
شمُّ العَوالي والأنوفِ تَبَسّموا
تحت القُنوس فأظلموا وأضاءوا
لبسوا الحديدَ على الحديدِ مظاهراً
حتى اليلامقَ والدروعُ سواء
و تقنّعوا الفولاذَ حتى المقلة ُ النَّجـ
لاء فيها المقلة ُ الخوصاء
فكأنّما فوقَ الأكُفّ بَوارقٌ
وكأنّما فوقَ المُتونِ إضاء
من كلّ مسرودِ الدَّخارص فوقه
حبكٌ ومصقولٍ عليه هباء
وتَعانَقوا حتى رُدَيْنيّاتُهُم
عطْشَى وبِيضُهُمُ الرقاقُ رِواء
أعززتَ دينَ اللهِ يا ابنَ نبيّهِ
فاليومَ فيهِ تخمطٌ وإباء
فأقلُّ حظّ العُرْبِ منكَ سعادة ٌ
وأقلُّ حظّ الرّومِ منكَ شقاء
فإذا بعثْتَ الجيشَ فهوَ منيّة ٌ
وإذا رأيتَ الرأيَ فهوَ قَضاء
يكسو نَداكَ الروْضَ قبل أوانهِ
و تحيدُ عنكَ اللَّزابة ُ اللأواء
وصِفات ذاتك منكَ يأخذها الورى
في المكرماتِ فكلّها أسماء
قد جالتِ الأوهام فيك فدقّتِ الـ
أفكارُ عنكَ فجلّتَ الآلاء
فعنتَ لكَ الابصارُ وانقاذتْ لكَ
الاقدارُ واستحيتْ لكَ الانواء
و تجمّعتْ فيكَ القلوبُ على الرّضى
و شيّعتْ في حبكَ الأهواء
أنتَ الذي فصلَ الخطابَ وإنّما
بكَ حكَّمتْ في مدحكَ الشُّعراء
وأخصُّ منزِلة ً من الشّعراء في
أمثالِها المضروبة ِ الحُكَماء
أخذوا الكلامَ كثيرهَ وقليلَه
قِسمَينِ: ذا داءٌ وذاكَ دواء
دانوا بأنَّ مديحهمْ لكَ طاعة ٌ
فَرْضٌ فليسَ لهم عليك جَزاء
فاسلمْ إذا رابَ البريَّة َ حادثٌ
و اخلدْ إذا عمّ النفوسَ فناء
يفْديكَ شهْرُ صِيامِنا وقِيامنا
ثمّ الشُّهورُ له بذاك فِداء
فيه تنزّلَ كلُّ وحي منزلٍ
فلأهلِ بيتِ الوحي فيه ثناء
فتطولُ فيه أكفُّ آلِ محَمدٍ
وتغلُّ فيهِ عن الندى الطُّلقاء
ما زلْتَ تَقضي فَرضَه وأمامَه
ووراءَه لكَ نائلٌ وحِباء
حسبي بمدحك فيه ذخراً إنّه
للنُّسْكِ عند الناسكين كِفاء
هيهات منّا شكرُ ما تُولي ولو
شكرتك قبلَ الألسنِِ الأعضاء
و اللهُ في علياكَ أصدقُ قائلٍ
فكأنّ قولَ القافلينَ هُذاء
لا تسألنّ عن الزّمانِ فإنّهُ
في رَاحتَيْكَ يدورُ كيف تشاء

ناريمان الشريف 09-24-2010 06:04 PM

الشمسُ عنهُ كليلة ٌ أجفانها
( ابن هانئ الأندلسي )


الشمسُ عنهُ كليلة ٌ أجفانها
عبرى يضيقُ بسرّها كتمانها
لو تستطيعُ ضِياءَهُ لدَنَتْ لهُ
وأُريكَها تَخْبو على بُرَحائِها
لم تخفَ مذعنة ً ولا إذعانها
إيوانُ مَلْكٍ لو رأتْهُ فارسٌ
ذعرتْ وخرّ لسمكهِ إيوانها
واستعظَمَتْ ما لم يُخلِّدْ مثلَهُ
سابورها قدماً ولا ساسانها
سجَدَتْ إلى النيرانِ أعصُرَها ولو
بصرتْ به سجدتْ له نيرانها
بل لو تجادلها بهِ ألبابها
في الله قامَ لحُسنِهِ بُرهانُها
أو ما ترى الدّنيا وجامعَ حسنها
صُغرى لديه وهي يعظُمُ شانها
لولا الذي فتنتْ به لاستعبرتْ
ثكلى تفضُّ ضلوعها أشجانها
خَضِلُ البشاشة ِ مُرْتَوٍ من مائها
فكأنَّهُ متهلِّلٌ جذلانها
يَنْدى فتنْشأُ في تَنَقُّلِ فَيّئِهِ
غرُّ السحائبِ مسبلاً هطلانها
وكأنّ قُدسَ ويذبُلاً رفَدا ذُرَى
أعلامهِ حتى رستْ أركانها
تغدو القصورُ البيضُ في جنباتهِ
صُوْراً إليه يَكِلُّ عنه عِيانها
و القبّة ُ البيضاءُ طائرة ٌ بهِ
تهوي بمنخرقِ الصَّبا أعنانها
ضُرِبَتْ بأرْوِقَة ٍ تُرَفرِفُ فوقَها
فهوى بفتخِ قوادم خفقانها
يَعْشُو إلى لَمَعَانها
في حيْثُ أسلَمَ مُقلَة ً إنسانُها
بُطْنانُها وَشيُ البُرودِ وعَصْبُها
فكأنّما قوهِيُّها ظُهْرانها
نِيطَتْ أكاليلٌ بها مَنظومَة ٌ
فغَدا يُضاحِكُ دُرَّها مَرجانُها
و تعرَّضتْ طررُ السُّتورِ كأنَّها
عذباتُ أوشحة ٍ يروقُ جمانها
و كأنَّ أفوافَ الرِّياضِ نثرنَ في
صفحاتها فتفوَّفتْ ألوانها
فأدرْ جفونكَ واكتحلْ بمناظرٍ
غَشّى فِرندَ لُجيَيْنِها عِقْيانها
لترى فنونَ السحرِ أمثلة ً وما
يُدري الجَهولَ لَعَلّها أعيانُها
مُستَشرِفاتٍ من خُدورِ أوانِسٍ
مصفوفَة ٍ قد فُصّلتْ تِيجانها
مُتَقابِلاتٍ في مَراتِبِها جَنَتْ
حرْباً على البِيضِ الحِسانِ حسانها
فاخلَعْ حميداً بينها عُذْرَ الصِّبا
و ليبدِ سرَّ ضمائرٍ إعلانها
و حباكها كلفُ الضُّلوع بحسنها
ريّانُ جانحة ٍ بها ملآنها
تساي المحبَّ كلفَ الضّلوعِ بحسنها
ثكرَ النفوس مُحَرَّماً سُلْوانُها
رَدّتْ على الشّعراء ما حاكَتْ لها
غرُّ القوافي بكرها وعوانها
و أتتْ تجرِّرُ في ذيولِ قصائدٍ
يكفيكَ عن سحرِ البيان بيانها
أعْيَتْ لَبيباً وهي مَوقِعُ طَرْفِهِ
فقَضَى عليه بجهلِهِ عرفانُها
إبراهِمِيّة ُ سُودَدٍ تُعزَى إلى
نَجْرِ الكِرامِ: جِنانُها ومَعانُها
فكأنّهُ سيف بنُ ذي يَزَنٍ بها
وكأنّها صَنعاءُ أو غُمدانها
سُحِبَتْ بها أردانُه فتَضَوّعَتْ
عبقاً بصائكِ مسكهِ أردانها
وكأنّما لَبِسَتْ شَبيبَتَهُ وقَدْ
غادى النّدَى متهَلِّلاً رَيعانها
و كأنّما الفردوسُ دارُ قرارهِ
و كأنّ شافعَ جودهِ رضوانها
أبدَتْ لمَرآكَ الجَليلِ جَلالَة ً
يعلو لمكرمة ٍ بذاك مهانها
وهَفَتْ جوانبها ولولا ما رَسا
من عبء مجْدكَ ما استقَرّ مكانها
ولَنِعْمَ مَغنى اللهوِ تَرأمُ ظلَّه
آرامُ وَجْرَة َ رُحْنَ أو أُدْمانها
وتخالُها صَفراء عارَضَتِ الدُّجى
وسرَتْ فنادَمَ كوكباً نَدمانها
قدُمتْ تُزايلُ أعصُراً كَرّتْ على
حَوبائِها لمّا انقَضَى جُثمانها
و أتتْ على عهدِ التّبابعِ مدَّة ً
غَضّاً على مَرّ الزّمانِ زمانها
يمنيَّة ُ الأربابِ نجرانيَّة ُ الـ
؛أنسابِ حيثُ سَمَتْ بها نَجرانُها
أو كسرويَّة ُ محتدٍ وأرومة ٍ
شَمطاءُ يُدعَى باسمِها دِهقانُها
أو قرقفٍ ممّا تنشّي الرّومَ لا
نَشَواتُها ذُمّتْ ولا نشوانُها
كان اقتناها الجاثلِيقُ يُكِنُّهَا
و يصونُ درّة َ غائصٍ صوِّانها
في مَعشرٍ من قومه عَثَرَتْ بهم
نوبُ الزّمانِ فغالهم حدثانها
كرُمَتْ ثَرى ً متأرِّجاً وتوسّطتْ
أرضَ البَطارقِ مُشرِفاً أفدانها
لم يضرموا ناراً لهيبتها ولمْ
يَستطَعْ بأكنافِ الفَضاء دُخانها
فكأنَّ هيكلها تقدَّمَ راية ً
وكأنّ صَفّ الدّارعينَ دِنانُها
غنيتْ تطوفُ بها ولائدهمْ كما
طافَتْ برَبّاتِ الحِجالِ قِيانها
قد أوتيتْ من علمهمْ فكأنّها
أحبارُ تلك الكُتبِ أو رُهبانها
جازتهمُ ترمدُّ في غلوائها
فتخرِّموا وخلا لها ميدانها
فكلتكَ ناجودٌ تديرُ كؤوسها
هِيفٌ تُجاذبُ قُضْبَها كُثبانها
من قاصراتِ الطَّرفِ كلّ خريدة ٍ
لم يأتِ دونَ وصالِها هِجرانُها
لم تدرِ ما حرُّ الوداعِ ولا شجتْ
صَبّاً بمُنْعَرَجِ اللوى أظعانها
قد ضرّجتْ بدم الحياء فأقبلتْ
متظلّماً من وردها سوسانها
تشكو الصِّفادَ لبهرها فكأنَّما
رَسَفَانُ عانٍ دَلُّها رَسَفانها
سامتهُ بعضَ الظلم وهي غريرة ٌ
لا ظُلمُها يُخْشَى ولا عُدوانها
فأتَتْهُ بين قَراطِقٍ ومَناطقٍ
يثنى على سيرائها خفتانها
وإذا ارتمَتْهُ بما تَريشُ ومُكّنَتْ
فأصابَ أسْودَ قلْبِهِ إمكانها
لم تدرِ ما أصمى المليكَ أنزعها
بسديدِ ذاكَ الرّمي أو حسبانها
في أرْيحِيّاتٍ كرَيْعانِ الصِّبَا
حَركاتُها وعلى النُّهَى إسْكانها
ولئن تَلَقَيْتَ الشّبابَ وعَصْرَهُ
بالمُلْهِياتِ فَعَصْرُهَا وأوانها
ولئن أبَتْ لك خفْضَ ذاكَ ولِينَهُ
نفسٌ كهَضْبِ عَمايَتينِ جَنانها
فلقبلَما أسْلتْكَ عن بِيض الدُّمى
بيضٌ تُكسَّر في الوغى أجفانها
و ضرائبٌ تنبي الحسامَ مضارباً
أردَتْ شَراسَتُها فخِيفَ لِيانُها
وأُبُوّة ٌ هَجَرَتْ مَقاصِرَ مُلكِها
فكأنّما أسيافها أوطانها
قومٌ همُ أيّمهمْ إقدامها
و جلادها وضرابها وطعانها
وإذا تَمَطّرَتِ الجِيادُ سَوابِقاً
فبهم تكنُّفها وهم فرسانها
و إذا تحدُّوا بلدة ً فبزأرهم
صعقاتها وببأسهمْ رجفانها
آلُ الوغى تبدو على قسماتهمْ
أقمارها وتحفُّهمْ شهبانها
يصلونَ حرَّ جحيمها إن عرَّدتْ
أبطالها وتزاورتْ أقرانها
جُرْثومَة ٌ منها الجِبالُ الشُّمُّ لم
يغضض متالعها ولا ثهلانها
رْدُّتْ إليك فأنتَ يعرُبها الذي
تعزى إليه وجعفرٌ قحطانها
فافخَرْ بتيجانِ المُلوكِ ومُلكِها
فلأنتَ غيرُ مدافعٍ خلصانها
للَّهِ أنتَ مواشكاً عجلاً إلى
جَدوَى يَدٍ مَدُّ الفُراتِ بَنانها
يَفديكَ ذو سِنَة ٍ عن الآمالِ لم
يألفْ مَضاجعَ سُؤدَدٍ وَسْنانها
تردُ الأماني الخمسُ منه مشارعاً
ملءَ الحياض محلَّلأً ظمآنها
من كل عاري اللِّيتِ من نظم التي
رَجَحَتْ بخيرِ تجارَة ٍ أثمانها
يدني السؤالَ إليه عاملُ صعدة ٍ
مُتَغَلْغِلٌ بين الشِغافِ سِنانها
أعلتكَ عنهم همَّة ٌ لم يعتلقْ
مثنى النّجوم بها ولا وحدانها
دانيتَ أقطارَ البلادِ بعزمة ٍ
ملقى ً وراء الخافقينِ جرانها
و هي الأقاصي من ثغور الملك لا
تُخشَى مخاوِفُها وأنتَ أمانُها
متقلِّداً سيفَ الخلافة ِ للّتي
يُلقَى إليه إذا استمرّ عِنانُها
تُزْجَى الجِيادُ إلى الجِلاد كأنّما
سَرعانُ واردة ِ القَطا سَرعانها
وتُهَزُّ ألويَة ُ الجنودِ خَوافِقاً
تحتَ العَجاجِ كَواسِراً عِقبانها
حتى إذا حرِجَتْ به أرْضُ العدى
مُتَمَطّياً وتَضَايقَتْ أعطانها
ألقَتْ مقالِيداً إليه وقبلَهُ
ما انفكَّ خالعها ولا خلعانها
لا قلتَ إنّ الدّينَ والدّنْيا لَهُ
عِوَضٌ ولُؤمٌ مقالة ٍ بُهْتانُها
أمدُ المطالبِ والوفودِ إذا حدتْ
فَوْتَ العيونِ رِكابُها رُكبانَها
ألِفَ النّدَى دَأباً عليه كأنّهُ
رَتْكُ المَطّيِ إليهِ أو وَخَدانها
غَفّارُ مُوبِقَة ِ الجَرائم صافحٌ
و سجيَّة ُ من ماجدٍغفرانها
شيمٌ إذا ما القولُ حنّ تبرّعتْ
كرماً فأسجحَ عطفها وحنانها
إني وإنْ قصّرْتُ عن شكريه لم
يغمطْ لديّ صنيعة ً كفرانها
كنتُ الوليدَ فلم يُنازِعْهُ بنو
خاقانَ مكرمة ً ولا خاقانها
مننٌ كباكرة ِ الغمامِ كفيلة ٌ
بالنُّجحِ موقوفٌ عليه ضمانها
يا ويلتا منّي عليّ أمخرسي
إحسانُها أو مُغرِقي طُوفانها
ما لي بها إلاّ احتراقُ جوانحي
يدني إليك ودادها حرَّنها
دامَتْ لنا تلك العُلى متَفَيّئاً
أظلالها متهدّلاً أفنانها
واسلَمْ لغَضّ شبيبَة ٍ ولدولَة ٍ
عَزَّتْ وعَزّ مؤيَّداً سلطانها

ناريمان الشريف 09-24-2010 06:05 PM

المُدْنَفانِ منَ البرِيّة ِ كلِّهَا
( ابن هانئ الأندلسي )


المُدْنَفانِ منَ البرِيّة ِ كلِّهَا
جسمي وطَرْفٌ بابليٌّ أحوَرُ
والمُشرِقاتُ النّيّراتُ ثلاثة ٌ:
الشّمسُ والقمرُ المنيرُ وجعفرُ

ناريمان الشريف 09-24-2010 06:06 PM

بلى ! هذه تَيماءُ والأبْلقُ الفَرْدُ
( ابن هانئ الأندلسي )


بلى ! هذه تَيماءُ والأبْلقُ الفَرْدُ
فسلْ أجماتِ الأُسد ما فعل الأسدُ
يقولونَ : هلْ جاءَ العراقَ نذيرها
فقلتُ لهم ما قالتِ العِيس والوَخد
أصيخوا فما هذا الذي أنا سامعٌ
برعدٍ ولكنْ قعقعَ الحلقُ السّرد
تؤمُّ أميرَ المؤمنين طوالعاً
عليه طلوعَ الشمس يقدُمُها السَّعد
فتوحاتُ ما بينَ السَّماءِ وأرضها
لها عند يومِ الفخرِ ألسنة ٌ لُدُّ
سَيعْبَقُ في ثوبِ الخليفة ِ طيبُهَا
وما نَمّ كافورٌ عليه ولا نَدُّ
وتعقدُ إكليلاً على رأسِ ملكهِ
وتُنْظَمُ فيه مثلَ ما نُظمَ العِقد
حرورية ٌ ما كبّرَ اللهَ خاطبٌ
عليها ولا حَيّا بها مَلِكاً وفْد
وكانتْ هي العجماءَ حتى احتبى بها
ملوكُ بني قحطانَ والشَّعرُ والمجد
لذاكَ تراها اليومَ آنسَ من مِنى ً
وأفْيَحَ من نَجدٍ وما وصلتْ نجْد
وما رُكزتْ في جوّها قبلكَ القَنا
ولا ركَضَتْ فيها المسوَّمة ُ الجُرد
ولا التمعتْ فيها القِبابُ ولا التقَتْ
بها لأمة ٌ سردٌ وقافية ٌ شرد
رفعتَ عليها بالسرادقِ مثلها
وجلَّلْتَها نوراً وساحاتُها رُبْد
يقابل من شمس الضُّحى الأعين الرُّمد
مَباءة ُ هذا الحيِّ من جنِّ عبقَرٍ
فليسَ لها بالأنسِ في سالفٍ عهد
تذوبُ لقُربِ الماءِ لولا جَمادُها
وتحرقُ فيها الشمسُ لولا الصّفا الصّلد
معَ الفلك الدَّوّار لا هي كوكبٌ
ولا هي مما يشبهُ الرِّيدُ والفند
ولولا الهمامُ المعتلي لتعذّّرتْ
على أبطنِ الحيّاتِ أقطارها الملدُ
وأعْيَت فلم يَحمِلْ بهابَزَّ فارسٍ
حصانٌ ولمْ يثبتْ على ظهرها لبد
ولّما تجَلّى جعْفَرٌ صَعِقتْ لَهُ
وأقبلَ منها طورُ سيناء ينهد
شَهَدتُ له وأنّ الملائكَ حولَهُ
مُسوَّمَة ٌ والله من خلفهِ رِدُّ
أقَمْنَا فمن فُرسانِنا خُطباؤنا
ومنبرُنا من بِيض ما تطبعُ الهِنْد
ولولا لمْ يقمْ فيها بحمدكَ خاطبٌ
علينا وفينا قامَ يخطبنا الحمد
على حين لم يُرْفَعْ بها لخليفة ٍ
منارٌ ولمْ يشدد بها عروة ٌ عقد
وكانت شجاً للملكِ سِتّينَ حِجّة ً
وما طيبُ وصلٍ لمْ يكنْ قبلهُ صدُّ
بها النارُ نار الكفرِ شُبَّ ضِرامُها
ولو حجبتْ في الزندِ لاحترقَ الزُّند
فمنْ جمرة ٍ قدْ أطفئتْ مخلدية ٍ
وأُخرى لها بالزّابِ مذ زمَنٍ وَقْد
يقابلُ منكَ الدّهرُ فيها شبيهَ مَا
وفي هذه مَكنُونُ ما لم يكن يبدو
وعادَ لها الدّاءُ القديمُ فأصبحتْ
بها نافضٌ منه وليس بها ورد
وكَف على بحرٍ إلى اليوم موجُهُ
فليس له جزرٌ وليس له مذُّ
و عادتْ بهم حرب الأزارق لاقحاً
وإن لم يكن فيها المهلّبُ والأزد
حوادثُ غلبٌ في لؤيِّ بن غالبٍ
وخَطْبٌ لعَمرُ الله في أدَدٍ إدُّ
أطافت بخِرْقٍ يَسبِقُ القولَ فعلُهُ
فليس ليوميه وعيدٌ ولا وعد
فليس له من غير طِرفٍ أريكة ٌ
و ليس له من غير سابغة ٍ برد
فتى ً يشجعُ الرِّعديدُ من ذكر بأسه
و يشرفُ من تأميله الرجلُ الوغد
و لما اكفهرَّ الأمرُ أعجلتَ أمرها
فألْقَتْ وَليدَ الكفر وهي له مَهد،
أخذتَ على الاعداء كلَّ ثنية ٍ
واعقبتَ جنداً واطئاً ذيله جند
كأنَّ لهمْ من حادث الدهرِ سائِقاً
يسوقُهُمُ أو حادياً بهم يحدو
كأنكَ وكَّلتَ الغمامَ بحربهم
فمن عارضٍ يمسي ومنْ عارضٍ يغدو
كأنَّ عليهم منك عنقاءَ تعتلي
فليس لها من أن تخطَّفهم بدُّ
من الصائداتِ الإنسَ بينَ جفونها
إذا ما جرَتْ بَرْقٌ وفي ريشها رَعد
فلما تقنَّصتَ الضَّراغمَ منهمُ
فلم يبقَ إلاّ كسعة ٌ خلفهم تعدو
كثيرٌ رزاياهمْ قليلٌ عديدُهم
وكانوا حصى الدهناء جمعاً إذا عُدُّوا
أتوكَ فلم يرددْ منيبٌ ولم يبح
حريمٌ ولم يُخمَش لغانية ٍ خَدُّ
وما عن أمانٍ يومَ ذاكَ تَنَزَّلوا
ولكنْ أمانُ العفوِ أدركُهم بَعْد
ألا رُبَّ عانٍ في يديك مُصَفَّدٍ
شكتْ ذِفرَياه القِدَّ حتى اشتكى القِدُّ
بعينيَّ يومَ العفو حتى أعدته
نشوراً وحتى شُقَّ عن ميِّتٍ لحد
نُهِيتُ عن الإكثار في جعفرٍ ولنْ
يقاسَ بشيءٍ كلُّ شيءٍ لهُ ضِدُّ
إذا كانَ هذا العفْوُ من عزَماتِهِ
ففي أيَّ خطب الدهر يستغرق الجهد
إذا كان تدبيرُ الحلائِقِ كلِّهَا
له لعباً فانظرْ لمن يذخرُ الجدُّ
فما ظنُّكم لو كان جَّردَ سيفَهُ
إذا كان هذا بعض ما فَعَل الغِمد
ما كان بين الجوِّ بالشمس فوقهم
تكوَّرُ إلاّ أن يسلَّ له حدُّ
لأمرٍ غدتْ في كفِّه الأرضُ قبضة ً
وقربَ قُطْريَها وبينهما بُعد
وغودِرَ شأوُ السابقينَ لسابقٍ
له مهيعٌ من حيثُ لم يعلموا قصد
ألا عبقرِيُّ الرأي يَفري فَرِيَّه
ألا ندسٌ طبٌّ ألا حازمٌ جلد
وأحرى بمَنْ أقبالُ قَحطانَ كلُّها
له خَوَلٌ أن لا يكون له نِد
فيا أسَدَ المسَلَّطَ فيهمُ
اتعلمُ ما يلقى بكَ الأسدُ الوردُ
و للهِ فيما شئتَ فينا مشيَّة ٌ
فإما فَناءٌ مثلَ ما قيل أو خُلد
شهدتُ لقد ملكتَ بالزّاب تَدمُراً
وفُتِّحَ في أيام إقبالكَ السَّدُّ
ومِثلُكَ من أرضى َ الخليفة سعيُهُ
فإن رضيَ المولى فقد نصح العبد

ناريمان الشريف 09-24-2010 06:06 PM

تظلّمَ منّا الحبُّ والحبُّ ظالمُ
( ابن هانئ الأندلسي )


تظلّمَ منّا الحبُّ والحبُّ ظالمُ
فهل بينَ ظلامينَ قاضٍ وحاكم
في البينِ حرفٌ معجمٌ قد قرأتهُ
على خدّها لو أنّني منه سالم
وقد كانَ فيما أثّرَ المِسكُ فوقَهُ
دلِيلٌ ومن خَلْفِ الحِدادِ المآتم
لَياليَ لا أوي إلى غَيرِ ساجِعٍ
ببينكِ حتى كلُّ شيءٍ حمائم
و لمّا التقتْ ألحاظنا ووشاتنا
و أعلنَ سرُّ الوشيِ ما الوشيُ كاتم
تأوّهَ إنسيٌّ منَ الخدر ناشجٌ
فأسْعَدَ وَحْشيٌّ من السَّدْرِ باغم
و قالت: قطاً سارٍ سمعتُ حفيفهُ
فقلتُ: قلوبُ العاشقِينَ الحوائم
سَلُوا بانَة َ الوادي أأسماءُ بانَة ٌ
بجَرعائِهِ أمْ عانِكٌ مُتَراكم
وما عَذُبَ المِسواكُ إلاّ لأنّهُ
يقبَّلها دوني وإنّي لراغم
و قلتُ لهُ صفْ لي جنى رشفاتها
فألثَمَني فاها بمَا هو زاعم
إذا خُلّة ٌ بانَتْ لَهَوْنا بذِكْرِهَا
وإنْ أقفَرَتْ دارٌ كَفَتنا المَعالم
و قد يستفيقُ الشَّوقُ بعد لجاجهِ
و تعدى على البهم العتاقِ الرواسم
خليليّ هبّا فانصراها على الدُّجى
كتائبَ حتى يهزمَ الليلَ هازم
وحتى أرى الجَوزاءَ تنثُر عِقدَهَا
و تسقطُ من كفّ الثريّا الخواتم
وتغْدُو على يحيَى الوُفودُ ببابِهِ
كما ابْتَدَرَتْ أُمَّ الحَطيم المَواسم
فتى المُلْكِ يُغْنِيهِ عن السيْفِ رأيُهُ
و يكفيهِ من قودِ الجيوش العزائم
فلا جُودَ إلاّ بالجَزيلِ لآمِلٍ
و لا عفو إلاّ أن تجلّ الجرائم
أخو الحربِ وابنُ الحربِ جرّ نجاده
إليها وما قدّتْ عليه التّمائم
أمثلهُ في ناظرٍ غيرِ ناظري
كأنّيَ فيما قد أرى منه حالم
و ليس كما قالوا المنيّة ُ كاسمها
ولكنّها في كفّهِ اليومَ صارم
و يعدلُ في شرقِ البلادِ وغربها
على أنّهُ للبيضِ والسُّمرِ ظالم
تشكَّينَ أن لاقينَ منه تقصَّداً
فأينَ الذي يَلقى الليوثُ الضراغم
ولو أنّ هذا الأخرسَ الحيَّ ناطِقٌ
لصلّتْ عليكَ المقرباتُ الصَّلادم
و ما تلكَ أوضاحٌ عليها وإن بدتْ
و لكنَّها حيتكَ عنها المباسم
تمشّتْ شموسٌ طلقة ٌ في جلودها
وضمتْ على هوجِ الرياح الشكائم
تُعرِّضُها للطّعْنِ حتى كأنّها
لها من عداها أضلعٌ وحيازم
وتطعنهم لم تعدُ نحراً ولبة ً
كأنّكَ في عقدٍ من الدُّرّ ناظم
وكم جَحفلِ مَجْرٍ قرعتَ صَفاتَهُ
بصاعقَة ٍ يَصْلي بها وهي جاحم
أتَتكَ به الآسادُ تُبْدي زئيرَهَا
فطارتْ به عن جانبيكَ القشاعم
أتوكَ فما خرّوا إلى البيض سجّداً
ولكنّما كانَتْ تَخرُّ الجماجم
ولو حاربتكَ الشمسُ دونَ لقائهم
لأعْجَلَها جُنْدٌ من الله هازم
سبقْتَ المَنَايا واقعاً بنفوسِهِم
كما وقعَتْ قبلَ الخوافي القوادم
تَقودُ الكُماة َ المُعْلِمينَ إلى الوَغَى
لهمْ فوقَ أصواتِ الحديد هَماهم
غدوا في الدّروعِ السابغاتِ كأنّما
تُدِيرُ عُيوناً فوقهُنّ الأراقم
فليسَ لهم إلاّ الدّماءَ مَشَاربٌ
وليسَ لهمْ إلاّ النفوسَ مطاعم
يودّونَ لو صيغتْ لهم من حفاظهمْ
وإقدامهم تلكَ السّيوفُ الصّوارِمُ
ولو طعنتْ قبلَ الرّماحِ أكفُّهمْ
ولو سبقتْ قبل الأكفّ المعاصمُ
رأى بكَ ليثُ الغابِ كيفَ اختضابه
من العَلَقِ المُحمَرِّ والنّقعُ قاتِمُ
وجرّأتهُ شبلاً صغيراً على الطُّلى
فهل يشكرنّ اليومَ وهوَ ضبارمُ؟
وعلّمتهُ حتى إذا ما تمهّرتْ
بهِ السِّنُّ قلْتَ اذهبْ فإنّك عالم
ستفخرُ أنّ الدّهرَ ممّنْ أجرتهُ
وأنّ حَيَاة َ الخلْقِ ممّا تُسالم
وأنّكَ عن حقّ الخلافة ِ ذائدٌ
وأّنك عن ثغرِ الخلافة ِ باسم
وأنّكَ فتَّ السابقينَ كأنّما
مساعيك في سوقِ الرّجالِ أداهم
مَرَيْتَ سِجالاً من عِقابٍ ونائلٍ
كأنّكَ للأعمارِ والرّزقِ قاسم
وأمّنْتَ من سُبْلِ العُفاة َ فجدَّعتْ
إليك أُنوفَ البِيدِ وهي رواغم
وأدنيتَها بالإذنِ حتى كأنّما
تَخَطَتْ إليكَ السيْفَ والسيْفُ قائم
وتنْظُرُ عُلْواً أينَ منكَ وُفودُها
كأنّكَ يومَ الركبِ للبرقِ شائم
فلا تخذلِ البدرَ المنيرَ الّذي بهِ
سروا فله حقُّ على الجودِ لازم
أيأخذُ منه الفجرُ والفجرُ ساطعٌ
ويثبتُ فيه الليلُ والليلُ فاحم
علوتَ فلولا التاجُ فوقك شكَّكتْ
تميمُ بنُ مُرٍّ فيكَ أنّك دارم
وجدتَ فلولا أنْ تشرّفَ طيّءٌ
لقد قال بعضُ القوم إنّكَ حاتم
لك البيتُ بيتُ الفخرِ أنتَ عمودهُ
وليس له إلاّ الرّماحَ دعائِم
أنافَ به أنْ ليس فوقكَ بالغٌ
وشيّدهُ أنْ ليسَ خلفكَ هادم
وما كانتِ الدّنيا لتحملَ أهلها
ولكنّكم فيها البحورُ الخَضارم
فمَهْلاً فقد أخرستمُونَا كأنّما
صَنائعُكُمْ عُرْبٌ ونحنُ أعاجِم
فلا زالَ مُنهَلٍّ من المجدِ ساكبٌ
عليكَ ومرفضٌّ من العزّ ساجمُ
فثمّ زمانٌ كالشبيبة ِ مذهبٌ
وئمّ ليالٍ كالقدودِ نواعمُ
وللهِ درُّ البينِ لولا خليفة ٌ
تخلّفني عنكم وحَبْلٌ مُداوِمُ
ودَرُّ القُصورِ البِيضِ يَعمُرُ مُلكَها
ملوكُ بني الدّنيا وهنّ الكَرائِمُ
وأنتَ بها فارددْ تحيّة َ بعضنا
إذا قَبّلَتْ كَفّيكَ عنّا الغمائمُ
ولو أنّني في ملحدٍ ودعوتي
لقامَتْ تُفَدّيكَ العِظامُ الرمائم
تحمّلتَ بالآمالِ إذا أنتَ راحلٌ
وأقْبَلْتَ بالآلاءِ إذ أنْتَ قادم
مددتَ يداً تهمي على المزنِ من علٍ
فهل لك بحرٌ فوقها متلاطم
هو الحوضُ حوض الله من يكُ وارداً
فقد صَدَرتْ عنهُ الغيوثُ السّواجم
فإن كان هذا فعلُ كفّيكَ باللُّهى
لقد أصْبَحَتْ كَلاًّ عليكَ المكارم

ناريمان الشريف 09-24-2010 06:07 PM

تقدّم خطى ً أو تأخّر خطى ً
( ابن هانئ الأندلسي )


تقدّم خطى ً أو تأخّر خطى ً
فإنّ الشباب مشَى القهْقَرى
و كان مليّاً بغدرِ الحياة ِ
و أعجبُ منْ غدرهِ لو وفى
وما كانَ إلاّ خَيالاً ألَمّ
ومُزْناً تَسرّى وبَرْقاً شَرَى
لبستُ رداءَ المشيبِ الجديدَ
و لكنّها جدَّة ٌ للبلى
فأكديتُ لمّا بلغتُ المدى
وعُرّيتُ لّما لَبِستُ النُّهى
فإنْ أكُ فارقتُ طيبَ الحياة ِ
حَميداً ووَدّعتُ عصرَ الصّبى
فقد أطْرُقُ الحيّ بعدَ الهدوء
تَصِلُّ أسنّتُهُمْ والظُّبَى
فألهو على رقبة ِ الكاشحينَ
بمفْعمة ِ السُّوق خُرسِ البُرَى
بسُودِ الغَدائِرِ حُمْرِ الخُدود
بيضِ التَّرائبِ لعسِ اللِّثى
و قد أهبطُ الغيثَ غضَّ الجمـ
ـيم غضَّ الأسرّة غضَّ النَّدى
كأنّ المجامرَ أذكينهُ
أو اغتبقَ الخمرَ حتى انتشى
فقُدْنا إلى الوِحشِ أشبْاهَها
ورُعْنا المها فوقَ مثلِ المَها
صنعنا لها كلّ رِخوِ العنانِ
رَحيبِ اللَّبانِ سليم الشظى
يُرَدُّ إلى بسطة ٍ في الإهاب
إذا ما اشتكى شَنَجاً في النَّسا
كأنّ قَطا فوق أكفالها
إذا ما سَرَينَ يُثِرْنَ القَطا
عواري النّواهقِ شوسُ العيونِ
ظماءُ المفاصلِ قبُّ الكلى
تُديرُ لطَحْرِ القَذى أعيُناً
ترى ظلّ فرسانها في الدُّجى
و تحسبُ أطرافَ آذانها
يراعاً بُرينَ لها بالمُدى
فهنّ مُؤلَّلَة ٌ حَشْرَة ٌ
مندَّدة ٌ لخفيّ الصَّدى
تَكادُ تُحِسُّ اختلاجَ الظنو
نِ بينَ الضّلوع وبين الحشى
و تعلمُ نجوى قلوبِ العدى
و سرَّ الأحبّة ِ يومَ النّوى
فأبْعدُ مَيْدانِها خُطْوَة ٌ؛
وأقرَبُ ما في خُطاها المَدَى
ومِنْ رِفْقِهاأنها لا تُحَسُّ
ومِنْ عَدْوِها أمّها لا تُرَى
جَرينَ، من السّبْقِ، في حَلَبة ،
إذا ما جرى البرقُ فيها كبا
إذا أنتَ عدّدتَ ما يمتطى
و قايستَ بينَ ذواتِ الشَّوى
فهنّ نفائسُ ما يستفادُ
و هنَّ كرائمُ ما يقتنى
دِيارُ الأعِزّة ِ، لكِنّها
مُكَرَّمَة ٌ عن مَشيدِ البِنَا
ومن أجلِ ذلك، لا غَيرِهِ،
رأى الغنويُّ بها ما رأى
وكانَ يُجيدُ صِفاتِ الجِيادِ،
وإنّ بها اليوْمَ عنهُ غِنَى
أليسَ لها بالإمامِ المعزِّ
من الفخرِ، لوْ فخرَتْ ما كفَى
هو استنَّ تفضيلها للملوكِ
و أبقى لها أثراً في العلى
ولّما تَخَيّرَ أنسابَها،
تخيّرَ أسماءها والكنى
وليسَ لها، من مَقاصِيرِهِ،
سوَى الأطُمِ الشّاهقِ المُبتَنَى
و حقّ لذي ميعة ٍ يغتدي
به مستقلاً إذا ما اغتدى
تكون منَ القُدس حَوباؤه
ونُقْبتُه من رِداء الضُّحى
و يعدو وقونسهُ كوكبٌ
وسُنْبُكهُ من أديمِ الصَّفا
و كان إذا شاء حفّت به
كتائبهُ فملأنَ الملا
كما استُجفل الرمل من عالجٍ
فجاء الخبَارُ وجاء الَّنقا
وذي تُدْرَإٍ كفُّه بالطعا
نِ أسمَح من حاتمٍ بالقِرى
وطِئنَ مفارقَه في الصّعيدِ
وعفّرْنَ لّمتَهَ في الثرى
عليها المَغاوير في السابغاتِ
تَرَقْرَقُ مثلَ مُتونِ الأضا
حُتوفٌ تَلَهّى بأمْثالِها
و أسدٌ تغذُّ بأسدِ الشّرى
تبخترُ عصفرٍ من دمٍ
و تخطرُ في لبدٍ من قنا
وقال الأعادي أأسيافُهم
أمِ النّارُ مضرمة ٌ تصطلى
رأوا سرجاً ثم لم يعلموا
أهِنْديّة ٌ قُضُبٌ أمْ لظَى
و متّقداتٍ تذيبُ الشّليـ
لَ من فوقِ لابسهِ في الوغى
من اللاّءِ تأكلُ أغمادها
وتلفَحُ منهنّ جَمْرَ الغضا
تُطيع إماماً أطاعَ الإلهَ
فقلّده الحكمَ فيما برى
وكائِنْ تبيتُ له عَزْمَة ٌ
مضرّضجة ٌ بدماءِ العدى
فيعفو القضاءُ إذا ما عفا
و تسطو المنونُ إذا ما سطا
له هذه وله هذه
فسَجْلٌ حياة ٌ وسَجْلٌ رَدى
و أهونْ علينا بسخطِ الزمان
إذا ما رآنا بعينِ الرّضى
عليّ لهُ جهدُ نفسي الشّكور
وإن قَصُرَتْ عن بلوغِ المدى
وشرّفَني مَدحُه في البلادِ
فآنَسَ عَنْسي بطولِ السُّرَى
أسيرُ خطيباً بآلائه
فأُنْضي المَطايا وأُنْضي الفَلا
فلو أنّ للنّجمِ من أفقهِ
مكاني من مدحهِ ما خبا
ولو لم أكنْ أنطّقَ المادحين
لأنطقني بالسَّدى والنَّدى
وما خلفَه من حطيمٍ يُزارُ
ولا دونه من مَدى ً يُنْتَهى َ
هو الوارثُ الأرضَ عن أبوين
أبٍ مُصْطفى وأب مُرتَضَى
و ما لامرئٍ معهُ سهمة ٌ
تعدّ ولا شركة ٌ تدّعى
فما لقريشٍ وميراثكم
و قد فرغَ اللّه ممّا قضى
لكم طور سيناءَ من فوقهم
و ما لهم فيه من مرتقى
بمكّة سمّى الطليقَ الطليقَ
ففرّقَ بين القَصا والدَّنى
شهِيدي على ذاك حكمُ النبيّ
بين المَقامِ وبين الصّفا
وإن كان يجمعُكم غالبٌ
فإنّ الوشائظَ غير الذُّرى
ألا إنَّ حقَّاً دعوتم إليهِ
هو الحقّ ليس به من خَفا
لآدَمَ من سرّكمْ مَوضِعٌ
بهِ استوْجَبَ العَفوَ لّما عَصى َ
فيومُكُمُ مثلُ دهرِ الملوكِ
وطِفلُكُمُ مثلُ كهلِ الورى
يلاحظُ قبلَ الثّلاثِ اللّواء
ويَضرِب قبل الثّمانِ الطُّلى
عجِبْتُ لقوْمٍ أضَلّوا السّبيلَ
و قد بيّنَ اللّه سبلَ الهدى
فما عرفوا الحقّ لمّا استبانَ
و لا أبصروا الفجرَ لمّا بدا
ألا أيها المعشَرُ النائمون!
أجِدَّكم لم تُقَضُّوا الكَرَى
أفِيقوا فما هِيَ إلاّ اثنتانِ
إمّا الرّشادُ وإمّا العَمَى
و ما خفي الرُّشدُ لكنّما
أضَلّ الحُلومَ اتّباع الهوى
وما خُلِقَتْ عَبَثاً أُمّة ٌ
و لا تركَ اللّهُ قوماً سدى
لكلّ بني أحمدٍ فضلهُ
و لكنّكَ الواحدُ المجتبى
إذا ما طَوَيتَ على عَزْمَة ٍ
فحسبكَ أن لا تحلّ الحبى
و ما لا يرى من جنودِ السّما
ءِ حولَكَ أكثرُ ممّا يُرَى
لِيَعْرِفْكَ من أنتَ مَنجاتُه
إذا ما اتقى الله حقَّ التُّقى
كأنّ الهُدى لم يكن كائناً
إلى أنْ دُعيتَ مُعِزَّ الهُدى
ولم يَحْكِكَ الغَيثُ في نائلٍ
ولكن رأى شِيمة ً فاقتَدَى
قرى الأرضَ لمّا قريتَ الأنامَ
له النّقرى ولك الأجفلى
شهِدتُ حقيقة َ علمٍ الشهيـ
دِ أنّك أكرمُ من يرتجى
فلو يجدُ البحرُ نَهجاً إليك
لجاءكَ مستسقياً من ظما
و لو فارقَ البدرُ أفلاكهُ
لقبّلَ بين يديكَ الثّرى
إلى مثلِ جدواكَ تنضى المطيُّ
و من مثل كفّيكَ يرجى الغنى

ناريمان الشريف 09-24-2010 06:09 PM

تقولُ بنو العباسُ هلْ فتحتْ مصرُ
( ابن هانئ الأندلسي )


تقولُ بنو العباسُ هلْ فتحتْ مصرُ
فقلْ لبني العباسُ قدْ قضيَّ الأمرُ!
وقد جاوَزَ الاسكندريّة َ جوهَرٌ
تُطالعُه البُشرى َ ويقْدُمُه النَّصْر
وقدْ أوفدتْ مصرٌ إليهِ وفودها
وزِيدَ إلى المعقود من جِسرِها جسر
فما جاءَ هذا اليومُ إلاّ وقد غدتْ
وأيديكمُ منها ومن غيرها صفر
فلا ثكثروا ذكرَ الزَّمانِ الذي خلا
فذلكَ عصرٌ قدْ تقضّى وذا عصر
أفي الجيش كنتم تمترونَ رويدكمْ!
فهذا القنا العرّاصُ والجحفلُ المجر
وقدْ أشرفتْ خيلُ الإله طوالعاً
على الدين والدنيا كما طَلَعَ الفجر
وذا ابن نبيِّ الله يطلُبُ وِتْرَهُ
و كان حرٍ أن لا يضيعَ له وتر
ذروا الوردَ في ماء الفراتِ لخيلهِ
فلا الضَّحلُ منه تمنعون ولا الغمر
أفي الشمس شكُّ أنها الشمسُ بعدما
تجلَّتْ عياناً ليس من دونها سترِ
وما هي إلاّ آية ٌ بعْد آيَة ٍ
ونُذْرٌ لكم أن كان يغنيكم النُّذر
فكونوا حصيداً خامدينَ أو ارعووا
إلى مَلِكٍ في كفِّه الموتُ والنشر
أطيعوا إماماً للأئمَّة فاضلاً
كما كانتِ الأعمالُ يفضلها البرُّ
ردوا ساقياً لا تنزفونَ حياضهُ
جَموماً كما لا تَنزِفُ الأبحُرَ الذَّرُّ
فإن تتبعوه فهو مولاكمُ الّذي
له برسولِ الله دونكمُ الفخر
و إلاّ فبعداً للبعيدِ فبينهُ
وبينكُمُ ما لا يُقرِّبُهُ الدّهر
افي ابن أبي السِّبطينِِ أم في طليقم
تنزَّلتِ الآياتُ والسُّورُ الغرُّ
بني نتلة ٍ ما أورثَ اللهُ نتلة ً
و ما نسلتْ هل يستوي العبدُ والحرُّ
و أنّى بهذا وهي أعدتْ برقِّها
أباكم فإياكم ودعوى ً هي الكُفر
ذروا الناسَ ردُّوهم إلى من يسوسهم
فما لكُم في الأمرِ عُرْفُ ولا نُكْرُ
أسرتمْ قروماً بالعراق أعزَّة ً
فقد فكَّ من أعناقهم ذلك الأسر
و قد بزَّكم أيامكم عصبُ الهدى
وأنصارُ دينُ الله والبِيضُ والسُّمر
ومُقْتَبَلٌ أيامُه متهلِّلٌ
إليه الشبابُ الغَضُّ والزمنُ النَّضر
أدارَ كما شاءَ الوَرَى وتحيَّزَتْ
على السّبعة ِ الأفلاكِ أنمله العشر
أتدرونَ من أزكى البريَّة ِ منصباً
و أفضلها إنْ عدِّدَ البدو والخضر
تعالوا إلى حكّام كلِّ قبيلة ٍ
ففي الأرض أقيالٌ وأندية ُ زهر
و لا تعدلوا بالصيدِ من آلِ هاشمٍ
ولا تتْرُكوا فِهْراً وما جمعَتْ فِهْر
فجيئوا بمن ضَمَّتْ لُؤيُّ بن غالبٍ
وجيئوا بمن أدتْ كِنانَة ُ والنَّضْر
ولا تَذَروُا عليا مَعَدٍّ وغيرِهَا
ليُعْرَفَ منكم مَن له الحقُّ والأمر
ومن عجبٍ أنَّ اللسانَ جرى لهمْ
بذكرٍ على حين انقضَوا وانقضى الذكر
فبادروا وعفّى اللهُ آثارَ ملكهمْ
فلا خبرٌ يلقاكَ عنهمْ ولا خبر
الأ تلكم الأرضُ العريضة ُ أصبحتْ
وما لبني العبّاس في عرضها فتر
فقد دالتِ الدنيا لآل محمّدٍ
و قد جرَّرتْ أذيالها الدولة ُ البكر
ورَدَّ حقوقَ الطالبيّينَ مَن زكَتْ
صنائعُهُ في آلهِ وزكا الذُّخر
معزُّ الهدى والدين والرحمِ التي
به اتَّصَلتْ أسبابُها ولهُ الشُّكْر
منِ انتشاهمُ في كلِّ شرقٍ ومغربٍ
فبدّلَ أمناً ذلك الخوفُ والذُّعرُ
فكُلُّ إمَاميٍّ يجيءُ كأنّمَا
على يدهِ الشِّعرى وفي وجهه البدر
و لمّا تولَّتْ دولة ُ النُّصبِ عنهمُ
تولّى العمى والجهلُ واللّؤمُ والغدرُ
حقوقٌ أتتْ من دونها أعصرٌ خلتْ
فما ردَّها دَهرٌ عليهم ولا عصر
فجرَّدَ ذو التّاج المقاديرَ دونها
كما جُرِّدتْ بِيضٌ مضاربُها حُمرُ
فأنقذها من برثنِ الدّهرِ بعدما
تواكلها القرسُ المنيَّبُ والهصرْ
فأجْرَى على ما أنْزَلَ الله قَسْمَها
فلم يُتَخَرَّمْ منهُ قُلّ ولا كُثْر
فدونكموها أهلَ بيتِ محمّدٍ
صفتْ بمعزّ الدين جمّاتها الكدر
فقد صارتِ الدنيا إليكم مصيرَها
و صار له الحمدُ المضاعفُ والشكر
إمامٌ رأيتُ الدِّينَ مرتبطاً بهِ
فطاعتهُ فوزٌ وعصيانهُ خسر
أرى مدحَهُ كالمدح لله إنّهُ
قنوتٌ وتسبيحٌ يحطُّ به الوزر
هو الوارثُ الدُّنيا ومن خُلقتْ لهُ
من الناس حتى يلتقي القطرُ والقطر
و ما جهلَ المنصورُ في المهدِ فضلهُ
وقد لاحتِ الأعلامُ والسِّمَهُ البَهر
رأى أن سيُسْمَى مالكَ الأرض كلها
فلمّا رآهُ قال ذا الصَّمَدُ الوَتْر
و ما ذاكَ أخذاً بالفراسة وحدها
و لا أنه فيها إلى الظنِّ مضطرُّ
و لكنَّ موجوداً من الأثر الذي
تلقّاهُ من حبرٍ ضنينٍ به حبر
وكنزاً من العلم الرُّبوبيِّ إنّهُ
هو العلمُ حقّاً لا القِيافة ُ والزَّجْر
فبَشِّرْ به البيتَ المحرَّمَ عاجِلاً
إذا أوجفَ التطوافُ بالناس والنَّفر
وها فكأنْ قد زارَهُ وتَجانَفَتْ
به عن قصور المُلك طَيبة ُ والُّسرُّ
هل البيتُ بيتُ اللّهِ إلاّ حريمهُ
و هل لغريبِ الدار عن دارهِ صبر
منازلُهُ الأولى اللَّواتي يشُقْنَهُ
فليس له عنهُنَّ معْدى ً ولا قصْر
وحيثُ تلَقّى جدُّهُ القدسِ وانتحَتْ
له كلماتُ اللّهِ والسرُّ والجهرُ
فإن يَتَمَنَّ البيتُ تلك فقد دَنَتْ
مواقيتُها والعُسُر من بعدهِ اليُسر
وإن حَنَّ من شوْقٍ إليكَ فإنّهُ
لَيوجَدُ من رَيّاكَ في جوِّه نَشْر
ألستَ ابنَ بانيهِ فلو جئتهُ انجلتْ
غواشيه وابيضَّتْ مناسكُه الغُبْر
حبيبٌ إلى بطحاءِ مكّة َ موسِمٌ
تحيّي معدّاً فيه مكّة ُ والحجر
هناك تُضيءُ الأرضُ نوراً وتلتقي
دُنُوّاً فلا يَستبعِدِ السَّفَرَ السَّفرْ
وتدري فُروضَ الحجِّ من نافِلاتِهِ
و يمتازُ عندَ الأمَّة ِ الخيرُ والشرُّ
شهِدتُ لقد أعززتَ ذا الدينَ عزَّة ً
خَشِيتُ لها أن يَستبِدّ به الكِبْر
فأمضيتَ عزماً ليس يعصيك بعده
من الناس إلاّ جاهلٌ بك مغترُّ
أُهنّيكَ بالفتْحِ الذي أنا ناظِرٌ
إليهِ بعينٍ ليسَ يغمضها الكفر
فلم تبقَ إلاّ البردُ تترى وما نأى
عليكَ مدى ً أقصى مواعيدءُ شهر
وما ضَرَّ مصراً حينَ ألقَتْ قِيادَهَا
إليكَ أمَدَّ النّيلُ أم غالَهُ جَزْر؟
وقد حُبِّرَتْ فيها لك الخُطَبُ التي
بدائعُها نَظْمٌ وألفاظُها نَثْر
فلم يهرقْ فيها لذي ذمَّة ٍ ذمٌ
حرامٌ ولم يحملْ على مسلمٍ إصر
غدا جوهرٌ فيها غمامة َ رحمَة ٍ
يَقي جانبَيها كلَّ حادثة ٍ تَعْرُو
كأنّي به قد سارَ في الناس سيرة ً
تودُّ لها بغدادُ لو أنّها مصر
وتحسُدُهَا فيه المشارقُ أنّهُ
سواءٌ إذا ما حلَّ في الأرض والقَطر
ومن أين تَعْدوهُ سياسة ُ مثلِها
وقد قُلِّصَتْ في الحربِ عن ساقِهِ الإزر
وثقِّفَ ثثقيفَ الرُّدينيِّ قبلها
وما الطِّرْفُ إلاّ أن يُهذِّبَهُ الضُّمر
وليسَ الذي يأتي بأوَّل ما كفى
فشُدَّ به مُلْكٌ وسُدَّ به ثَغر
فما بمداه دون مجدٍ تخلُّفٌ
و لا بخطاه دونَ صالحة ٍ بهر
سننتَ له فيهم من العدلِ سنَّة ً
هي الآية ُ المجلى ببرهانها السّحر
على ما خلا من سِنَّة ِ الوحي إذْ خلا
فأذيالُها تضفو عليهم وتنجَرُّ
وأوصيتَهُ فيهم برِفقكَ مُرْدَفاً
بجودكَ معقوداً به عهدُك البَرُّ
وصاة ً كما أوصى بها الله رُسْلَهُ
وليس بإذنٍ أنت مسمعها وقر
و ثنّيتها بالكتبِ من كلِّ مدرجٍ
كأنَّ جميعَ الخيرِ في طيهِ سطرْ
يقولُ رجالٌ شاهَدوا يوم حكمِهِ
بذا تعمرُ الدنيا ولو أنَّها قفر
بذا لا ضياعٌ حللَّوا حرماتها
وأقطاعَها فاستُصفيَ السَّهْلُ والوعرْ
فحسبكمُ يا أهلَ مصرٍ بعدلهِ
دليلاً على العدل الذي عنه يَفترُّ
فذاكٌ بيانٌ واضحٌ عن خليفة ٍ
كثير سواهُ عند معروفه نَزْر
رضينا لكم يا أهلَ مصرٍ بدولة ٍ
أطاعَ لنا في ظلِّها الأمْنُ والوَفْر
لكُمْ أُسْوة ٌ فينا قديماً فلم يكنْ
بأحوالنا عنكم خفاءٌ ولا ستر
وهل نحنُ إلاّ مَعشَرٌ من عُفاتِهِ
لنا الصافناتُ الجُردُ والعَكَرُ الدَّثْر
فكيفَ مواليهِ الّذينَ كأنّهمْ
سماءٌ على العافينَ أمطارها تّبر
لبسنا بهِ أيّامَ دهرٍ كأنّما
بها وسنٌ أو مالَ ميلاً بها السّكر
فيا مالِكاً هَديُ الملائكِ هَديُهُ
ولكنَّ نجرَ الأنبياء له نجر
ويا رازقاً من كفِّهِ نَشَأ الحَيَا
وإلاّ فمِنْ أسرارِها نَبَعَ البحر
ألا إنّما الأيامُ أيامُكَ التي
لك الشَّطرُ من نعمائها ولنا الشَّطر
لك المجدُ منها يا لك الخيرُوالعلى
وتَبقى لنا منها الحَلوبة ُ والدَّرُّ
لقد جُدْتَ حتى ليس للمالِ طالِبٌ
وأنفقْتَ حتى ما لُمنْفِسَة ٍ قَدْر
فليسَ لمن لا يرتقي النّجمَ همّة ٌ
وليس لمن لا يستفيدُ الغِنى عُذر
وددتُ لجيلٍ قد تقدّمَ عصرهم
لو استأخروا في حلبة العمرِ أو كروا
ولو شَهِدوا الأيام والعيشُ بعدهم
حدائقُ الآمالُ مونقة ٌ خضر
فلو سَمِعَ التثويبَ مَن كان رِمَّة ً
رُفاتاً ولبى ّ الصوتَ مَن ضَمَّه قَبر
لناديتُ من قد ماتَ : حيَّ بدولة ٍ
تقامُ لها الموتى ويرتجعُ العمر

ناريمان الشريف 09-24-2010 06:14 PM

تنبّأَ المتنبي فيكمُ عصرا
( ابن هانئ الأندلسي )


تنبّأَ المتنبي فيكمُ عصرا
ولو رأى رأيكم في شعرِه كفَرا
مهْلاً فلا المتنبّي بالنبيّ ولا
أعدّوا أمثالهُ في شعرهِ السورا
تهتمْ علينا بمرآه وعلّكمُ
لمْ تدركوا منهُ لا عيناً ولا أثرا
هذا على أنّكُم لم تُنصِفوه ولا
أورثتموه حميدَ الذكر إن ذُكِرا
وَيْلُمِّهِ شاعراً أخمَلْتُموه ولم
نعلمْ لهُ عندنا قدراً ولا خطرا
فقد حَمَلتُمْ عليهِ في قصائِدِهِ
وما يُضْحِكُ الثَّقَلَينِ الجِنَّ والبشَرا
صَحَّفْتُمُ اللّفظَ والمعنى عليهِ معاً
في حالة ٍ وزعمتمْ أنهُ حصرا
إذ تقسمونَ برأس العيرِ أنّكمُ
شافهتموهُ فهلْ شافهتمْ الحجرا؟
فما يقولُ لنا القرطاسُ ويلكُمُ
إنّا نَرَى عِظَة ً فيكُم ومُعتَبَرا
شعراً أحَطتُمْ بهِ عِلماً كأنّكُمُ
فاوضتم العيرَ في فحواهِ والحمرا
فلو يُصِيخُ إليكم سمْعُ قائِلِهِ
ما باتَ يعمَلُ في تحبيرِه الفِكَرا
أريتموني مثالاً من روايتكم
كالأعجميَّ أتى لا يُفصِحُ الخبَر
أصمٌ أعمى ولكنّي سهرتُ لهُ
حتى رددتُ إليهِ السّمعَ والبصرا
كانتْ معانيه ليلاً فامتعضْتُ لَهُ
حتى إذا ما بهَرنَ الشمسَ والقمرا
ضجرتمْ وأتانا من ملامكمُ
ومن معاريضكم ما يشبهُ الضجرا
تترى رسائلكمْ فيهِ ورسلكمُ
إذا أتَتْ زُمَراً أردفْتُمُ زُمَرا
فلو رأى ما دهاني من كتابكمُ
وما دها شعرهُ منكم لما شعرا
ولو حرصتم على إحياءَ مهجتهِ
كما حرَصْتُم على ديوانه نُشِرا
هبوا الكتابَ رددناهُ برمتهِ
فمنْ يردُ لكم أذهانه أخرا؟
لئن أعدْتُ عليكُم منْهُ ما ظَهَرا
فما أعَدْتُ عليكُمْ منْه ما استترا
أعَرْتُموني نفسياً منه في أدَمٍ
فمنَ لكم أن تعاروا البحثَ والنظرا؟

ناريمان الشريف 09-24-2010 06:15 PM

ثوتْ مُضرُ الحمراءُ تحتَ طرافها
( ابن هانئ الأندلسي )


ثوتْ مُضرُ الحمراءُ تحتَ طرافها
وقالتْ نزارٌ يا ربيعة ُ ألجمي
وقدّمَ بكراً سعيها قبل تغلبٍ
وقالا لشَيبانٍ جميعاً تَقَدَّمي
لكم فارعٌ لم يَبلُغ النجمُ ظِلَّهُ
وشاهقة ٌ قعساءُ لم تتسنّم

ناريمان الشريف 09-24-2010 06:15 PM

حلفتُ بالسّابغاتِ البيضِ واليلبِ
( ابن هانئ الأندلسي )


حلفتُ بالسّابغاتِ البيضِ واليلبِ
وبالأسِنّة ِ والهِنْدِيّة ِ القُضُبِ
لأنْتَ ذا الجيشُ ثمّ الجيشُ نافلَة ٌ
وما سِواكَ فَلغْوٌ غيرُ محْتسَبِ
ولو أشرْتَ إلى مصرٍ بسَوطكَ لمْ
تحوجك مصرٌ إلى ركض ولا خببِ
ولوْ ثنَيْتَ إلى أرضِ الشآمِ يداً
ألقَتْ إليك بأيدي الذل من كثَبِ
لعلّ غيركَ يرجو أن يكونَ له
عُلُوُّ ذكركَ في ذا الجحفل اللّجِبِ
أو أن يصرِّفَ هذا الأمرَ خاتمُهُ
كما يصرِّفُ في جدٍّ وفي لعبِ
هيهاتَ تأبَى عليهم ذاكَ واحدة ٌ
أن لا تدورَ رحى ً إلا على قطب
أنتَ السّبيلُ إلى مصرٍ وطاعتها
ونُصْرَة ِ الدّين والإسلامِ في حلَب
و أينَ عنكَ بأرضٍ سستها زمناً
و ازدانَ باسمكَ فيها منبرُ الخطب
ألستَ صاحبَ أعمالِ الصّعيدِ بها
قِدْماً وقائِدَ أهْلِ الخَيْمِ والطُّنُبِ
تَشوّقَ المشرِقُ الأقصى إليك وكمْ
تركتَ في الغَرْبِ من مأثورة ٍ عَجَب
و كمْ تخلّفُ في أوراسَ من سيرٍ
سارت بذكرك في الأسماع والكتب
وكان خِيساً لآسادِ العرين وقد
غادرته كوجار الثعلبِ الخرب
قد كنتَ تملأهُ خيلاً مضمَّرة ٍ
يحْمِلنَ كلّ عتيدِ البأسِ والغضَب
وأنتَ ذاك الذي يَدوي الصعيدَ كأنْ
لم تَنْأ عن أهْلهِ يوماً ولم تغِبِ
كن كيفَ شئتَ بأرضِ المشرقينَ تكن
بها الشّهابَ الذي يعلو على الشّهب
فأنتَ من أقطعَ الأقطاعَ واصطنعَ الـ
معروفَ فيها ولم تظلم ولم تحب
فسرْ على طرقكَ الأولى تجدْ أثراً
من ذيل جيشك أبقى الصخر كالكثبِ
و نفحة ً منك في إخميمَ عاطرة ً
مسكيّة ً عبقتْ بالماء والعشبِ
فلا تَلاقَيتَ إلاّ مَن ملكْتَ ومنَ
أجرتَ من حادث الأيّامِ والنُّوبِ
ولا تَمُرُّ على سِهْلٍ ولا جَبَلٍ
لم تُرْوِهِ من نَدى ً أو من دمٍ سَرِبِ
أرضاً غَنِيتَ بها عِزّاً لمُغتصَبٍ
سيراً لمكتسبٍ مالاً لمنتهب
فما صفا الجوُّ فيها منذُ غبتَ ولا
له انفراجٌ إلى حيّ من العربِ
وقَلّ بعدَك فيهم من يُذَبِّبُ عن
جارٍ ويدفعُ عن مجدٍ وعن حَسَبِ
فإنْ أتَيْتَهُمُ عن فَترَة ٍ فهُمُ
كما عهدتهمُ في سالفِ الحقب
إذ تجنبُ الحصنَ الجردَ العتاقَ بها
وإذ تُصَبّحُ أهلَ السّرجِ والجلَب
و تخضبُ الحلقَ الماذيّ من علقٍ
كأنما صاغها داودُ من ذهب
إذِ القبائلُ إمّا خائفٌ لكَ أو
راجٍ فمن ضاحكٍ منهم ومنتحب
فحلّة ٌ قد أجابت وهي طائعة ٌ
و قبلها حلّة ٌ عاصت ولم تجبب
فتلكَ ما بينَ مستنٍّ ومنتعشٍ
و هذه بين مقتولٍ ومنتهب
فكم ملاعبِ أرماحٍ تركتَ بها
تدعو حلائله بالويل والحرب
و كم فتى كرمٍ أعطاكَ مقودهُ
فاقتادَ كلُّ كريم النفسِ والنسبِ
إن لا تقد عظمَ ذا الجيش اللهام فقد
شاركتَ قائدَهُ في الدَّرّ والحَلَبِ
فالنّاسُ غيرَك أتباعٌ له خَوَلٌ
وأنتَ ثانيه في العَليا من الرّتب
أيّدتهُ عضداً فيما يحاولهُ
وكُنتُما واحداً في الرأي والأدب
فليسَ يسلكُ إلاّ ما سلكتَ ولا
يسيرُإلاّعلى أعلامكَ اللُّحبِ
فقد سَرَى بسِراجٍ منك في ظُلَمٍ
وقد أُعينَ بسَيْلٍ منك في صبَبَ
جَرَيتُما في العلى جَريَ السواء معاً
فجئتُما أوَلاً والخَلقُ في الطّلَبِ
و أنتما كغراريْ صارمٍ ذكرٍ
قد جُرّدا أو كَغربَي لهذَمٍ ذَرِبِ
وما أدامَتْ له الأيامُ حَزمَك أو
عاداتِ نصرك في بدءٍ وفي عقب
فليسَ يعيا عليه هولُ مطّلعٍ
وليس يَبعُدُ عنه شأوُ مُطّلَب

ناريمان الشريف 09-24-2010 06:16 PM

رأيْتُ بعيني فوقَ ما كنتُ أسمعُ
( ابن هانئ الأندلسي )


رأيْتُ بعيني فوقَ ما كنتُ أسمعُ
و قد راعني يومٌ من الحشرِ أروعُ
غداة َ كأنّ الأفقَ سدّ بمثلهِ
فعادَ غروبُ الشمسِ من حيثُ تطلع
فلمْ أدرِ إذ سلَّمت كيفَ أُشيِّعُ
و لم أدرِ إذ شيّعتُ كيفَ أودِّع
وكيف أخوض الجيشَ والجيشُ لُجّة ٌ
وإنّي بمن قد قاده الدهرَ مولَع
وأين ومالي بين ذا الجمع مسلكُ
ولا لجوادي في البسيطة موضع
ألا إنّ هذا حشدُ من لم يذقْ لهُ
غرارَ الكرى جفنٌ ولا بات يهجع
نصيحتهُ للملكِ سدّتْ مذاهبي
و ما بين قيدِ الرُّمحِ والرُّمحُ إصبع
فقد ضرعتْ منه الرّواسي لما رأتْ
فكيف قلوب الإنس والإنس أضرع
فلا عسكرٌ من قبلِ عسكرٍ جوهرٍ
تخبُّ المطايا فيه عشراً وتوضع
تسيرُ الجبالُ الجامداتُ بسَيرِهِ
و تسجدُ من أدنى الحفيفِ وتركعُ
إذا حَلّ في أرضٍ بناها مَدائِناً
و إن سار عن أرضٍ ثوتْ وهي بلقع
سموتُ لهُ بعد الرّحيلِ وفاتني
فأقسمتُ ألاَ لاءمَ الجنبَ مضجع
فلمّا تداركتُ السُّرادقَ في الدّجى
عَشَوْتُ إليْه والمشاعلُ تُرفَع
فتخرقُ جيبَ المزن والمزنُ دالحٌ
وتُوقِدُ موجَ اليَمِّ واليَمُّ أسفَع
فبِتُّ وباتَ الجيشُ جَماً سميرُهُ
يُؤرِّقُني والجِنُّ في البِيدِ هُجّع
ولله عَيْنَا مَنْ رآه مُقَوِّضاً
ولاحَتْ مع الفَجرِ البَوارقُ تَلمع
وأوحَتْ إلينا الوَحشُ ما الله صانِعٌ
بنا وبكم من هول ما نتسمّع
و لم تعلمِ الطيرُ الحوائمُ فوقنا
إلى أين تستذري ولا أين تفزّعُ
إلى أنْ تَبَدّى سيْفُ دولة ِ هاشمٍ
على وجههِ نورٌ من اللّه يسطع
كأنّ ظِلالَ الخفِقاتِ أمامَهُ
غمائِمُ نَصْرٍ الله لا تَتَقَشّع
كأنّ السيوفَ المُصْلَتاتِ إذا طَمَتْ
على البرِّ بحرٌ زاخرُ الموجِ مترع
كأنّ أنابيبَ الصِّعادِ أراقمٌ
تَلَمَّظُ في أنيابِها السمُّ مُنقَع
كأنّ العِتاقَ الجُرْدَ مجْنوبَة ً لَهُ
ظباءٌ ثنتْ أجيادها وهي تتلع
كأنّ الكماة َ الصِّيدَ لمّا تغشمرتْ
حواليهِ أسدُ الغيلِ لا تتكعكع
فتَخرُقُ جَيبَ المُزْنُ دالِحٌ
سيولُ نداهُ أقبلتْ تتدفّع
كأنّ سِراع النُّجْبِ تُنشَرُ يَمْنَة ً
على البيدِ آلٌ في الضّحى يترفّع
كأنّ صِعابَ البُختِ إذ ذُلِّلَتْ لهُ
أسارى ملوكٍ عضَّها القدُّ ضرَّع
كأنّ خلاخِيلَ المطايا إذا غدتْ
تَجَاوَبُ أصْداءُ الفَلا تترّجّع
يُهٍيِّجُ وَسواسُ البُرِينَ صَبابَة ً
عليها فتغرى بالحنينِ وتولع
لقد جَلّ مَن يَقتادُ ذا الَخلقَ كلَّه
و كلٌّ له من قائمِ السيفِ أطوع
تَحُفُّ به القُوّادُ والأمرُ أمرُهُ
ويَقدُمهُ زِيُّ الخِلافة ِ أجمَع
ويَسحَبُ أذيالَ الخِلافَة ِ رادِعاً
به المسكُ من نشرِ الهدى يتضوّع
له حُلَلُ الإكرامِ خُصَّ بفضلها
نَسائجَ بالتِّبْرِ المُلمَّعِ تَلمَع
بُرودُ أمِيرِ المُؤمِنِينَ بُرودُه
كساهُ الرِّضى منهنَّ ما ليس يخلع
و بين يديهِ خيلهُ بسروجهِ
تُقادُ عليهِنَّ النُّضَارُ المُرصَّع
وأعْلامُهُ مَنْشُورَة ٌ وقِبابُهُ
و حجّابهُ تدعى لأمرٍ فتسرع
مليكٌ ترى الأملاكَ دونَ بساطهِ
و أعناقهم ميلٌ إلى الأرض خضَّع
قِياماً على أقدامِهَا قد تَنَكَبّتْ
صوارمها كلُّ يطيعُ ويخضع
تَحِلُّ بيوتُ المالِ حيثُ يَحِلُّهُ
و جمُّ العطايا والرِّواقُ المرفَّع
إذا ماجَ أطنابُ السُّرادقِ بالضُّحى
وقامَتْ حَواليْهِ القَنا تتَزَعْزَع
وسَلَّ سيوفَ الهند حول سريره
ثمانون ألفاً دارعٌ ومقنَّع
رأيتُ منِ الدنيا إليه منوطة ٌ
فيمضي بما شاء القضاءُ ويصدع
و تصحبهُ دارُ المقامة حيثما
أناخَ وشملُ المسلمينَ المجمّع
و تعنو له الساداتُ من كلِّ معشرٍ
فلا سيّدٌ منه أعزُّ وأمنعُ
فللّه عينا من رآه مخيّماً
إذا جمَعَ الأنصارَ للإذنِ مجُمَع
و أقبلَ فوجٌ بعد فوجٍ فشاكرٌ
له أو سؤولٌ أو شفيعٌ مشفَّعْ
فلم يفْتَأُوا من حُكم عدلٍ يَعُمُّهُمْ
و عارفة ٍ تسدى إليهم وتصنع
يسوسُهُمُ منْهُ أبٌ متَكَفِّلٌ
برعي بنيهِ حافظٌ لا يضيِّع
فسِتْرٌ عليهم ففي الملِمّاتِ مُسْبَلٌ
وكَنْزٌ لهم عند الأئمّة مُودَع
بَطيءٌ عن الأمرِ الذي يرهونَهُ
عَجُولٌ إليهِمْ بالنَّدى مُتَسَرِّع
و للّه علينا منْ رآه مقوِّضاً
إذا جعلتْ أولى الكتائبِ تسرع
و نودي بالتّرحال في فحمة ِ الدجى
فجاءتهُ خيلُ النّصرِ تردي وتمزع
فلاحَ لها من وجهِهِ البدرُ طالعاً
وفي خَدّهِ الشِّعْرَى العَبورُ تَطَلّع
و أضحى مردَّى ً بالنِّجادِ كأنّهُ
هزبرُ عرينٍ ضمّ جنبيهِ أشجع
فكبّرتِ الفرسانُ للّهِ إذ بدا
و ظلّ السّلاحُ المنتضى يتقعقع
وحفَّ بهِ أهلُ الجِلادِ فمقُدمٌ
و ماضٍ وإصليتٌ وطلقٌ وأروع
و عبَّ عبابُ الموكبِ الفخم حولهُ
وزَفّ كما زَفّ الصّباحُ المُلَمَّع
و ثار بريّا المندليِّ غبارهُ
و نشِّرَ فيه الروض والروض موقع
و قد ربّيتْ فيهِ الملوكُ مراتباً
فمن بين متبوعٍ وآخرَ يتبع
ويقدُمُهَا منْه العزيزُ الممنَّع
و ما لؤمتْ نفسٌ تقرُّ بفضلهِ
لقد فازَ منهُ مشرقُ الأرضِ بالّتي
تفيضُ لها من مغربِ الأرضِ أدمع
ألا كلُّ عَيشٍ دونَهُ فمحرَّمٌ
و كلُّ حريمٍ بعده فمضيَّع
وإنّ بِنا شوقاً إليْهِ ولَوعَة ً
تكادُ لها أكيادنا تتصدّع
و لكنما يسلي من الشوقِ أنّهُ
لنا في ثغورِ المجدِ والدِّين أنفع
و أنّ المدى منه قريبٌ وأنّنا
إليه من الإيماء باللّحظِ أسرَع
فسِرْ أيها المَلْكُ المُطاعُ مُؤيَّداً
فللدّينِ والدنيا إليك تطلُّعُ
و قد أشعرتْ أرضُ العراقينِ خيفة ً
تكادُ لها دارُ السّلام تضعضع
وأعطَتْ فلسطينُ القِيادَ وأهلها
فلم يبقَ منها جانبٌ يتمنّع
وما الرّملَة ُ المقصورة ُ الحَظوِ وحدها
بأوّلِ أرضٍ ما لها عنك مفزع
وما ابنُ عُبَيد اللّهِ يدعوكَ وحدَهُ
غداة َ رأى أن ليسَ في القوس منزع
بل الناس، كلُّ الناسِ يدعوك، غيرَه،
فلا أحدٌ إلاّ يذلُ ويخضع
وإنّ بأهلِ الأرضِ فقراً وفاقة ً
إليك وكلُّ النّاس آتيك مُهّطِع
ألا إنّما البرهانُ ما أنتَ موضِحٌ
من الرأيِ والمقدارُ ما أنتَ مزمع
رحلتَ إلى الفُسطاطِ أيمنَ رِحْلَة ٍ
بأيمنِ فالٍ في الذي أنتَ مجمع
و لمّا حثثتَ الجيشَ لاحَ لأهلهِ
طريقٌ إلى أقصى خرسانَ مهيع
إذا استقبَلَ الناسُ الرّبيعَ وقد غَدَتْ
مُتونُ الرُّبَى في سُندُسٍ تتلفّع
وقد أخضَلَ المُزْنُ البلادَ ففُجِّرَتْ
ينابيعُ حتى الصّخْرُ أخضَلُ أمرَع
و أصبحتِ الطُّرقُ التي أنتَ سالكٌ
مُقدَّسَة َ الظُّهْرانِ تُسقى وتُربَع
و قد بسطتْ فيها الرياضُ درانكاً
من الوشيِ إلاّ أنّها ليس تُرقعَ
وغَرّدَ فيها الطيرُ بالنَصْرِ واكتَسَتْ
زرابيَّ من أنوارها لا توشَّع
سقاها فروّاها بك الله آنِفاً
فنِعْمَ مَرَادُ الصّيْفِ والمُتَرَبَّع
و ما جهلتْ مصرٌ وقد قيل من لها
بأنّكَ ذاك الهِبْرِزِيُّ السَّمَيذع
و أنّك دون الناس فاتحُ قفلها
فأنتَ لها المرجوُّ والمتوقَّع
فإنْ يكُ في مصرٍ رجالُ حلومِهَا
فقد جاءهم نيلٌ سوى النيلِ يهرع
ويمّمَهُمْ مَنْ لا يَغيرُ بنعْمَة ٍ
فيسلبهمْ لكن يزيدُ فيوسع
و لو قد حططتَ الغيثَ في عقرِ دارهمْ
كشَفتَ ظلامَ المَحْلِ عنهم فأمرعوا
وداويتَهم من ذلك الدّاءإنّهُ
إلى اليوّمِ رِجْزٌ فيهمُ ليس يُقْلِع
و كفكفتَ عنهم من يجور ويعتدي
وأمّنْتَ منهم من يخافُ ويجْزَع
إذاً لرأوا كيفَ العطايا بحقّها
لسائلِها منهُمْ وكيْفَ التبرُّع
وأنساهمُ الإخشِيدَ مَن شِسْعُ نَعلِهِ
أعزُّ من الإخشيدِ قدْراً وأرفَع
سيعلمُ مَن ناواك كيف مصيرُهُ
ويُبْصِرُ مَن قارعتَهُ كيفَ يُقْرَع
إذا صلتَ لم يكرمْ على السيفِ سيّدٌ
و إن قلتَ لم يقدمْ على النطق مصقع
تقيك اللّيالي والزمانُ وأهلهُ
ومُصْفِيكَ مخْضَ الودَ والمُتصَنِّع
وأنتَ امرُؤ بالسّعي للملك مُولَع
تعبتَ لكيما تعقبَ الملكَ راحة ً
فمَهْلاً! فِداكَ المستريحُ المُوَدِّع
فأشفقْ على قلبِ الخلافة ِ إنّهُ
تحمَّلتَ أعباءَ الخلافة ِ كلّها
وغيرُكَ في أيّام دُنْياهُ يَرَتع
فو اللهِ ما أدري أصدركَ في الذي
تُدَبّرهُ أم فضّلُ حلمك أوسع
نصحتَ الإمامَ الحقَّ لمّا عرفتهُ
و ما النُّصحُ إلاّ أن يكونَ التّشيُّعُ
فأنتَ أمينُ اللّهِ بعد أمينهِ
و في يدكَ الأرزاقُ تعطي وتمنع
سموتَ من العليا إلى الذُّروة الّتي
تُرى الشمسُ فيها تحت قدرِكَ إل
إلى غاية ٍ ما بعدها لكَ غاية ٌ
وهل خلفَ أفلاكِ السموات مطلع
إلى أينَ تَبغي، ليس خَلفك مَذهبٌ
ولا لجوادٍ في لحاقك مطمع

ناريمان الشريف 09-24-2010 06:25 PM

سرى وجناحُ الليلِ أقيمُ أفتخُ
( ابن هانئ الأندلسي )


سرى وجناحُ الليلِ أقيمُ أفتخُ
ضجيعُ مهادٍ بالعبيرِ مضمَّخُ
فحيّيتُ مزْورَّ الخيالِ كأنّه
محجَّبُ أعلى قبّة ِ الملكِ أبلخُ
وما راعَ ذاتَ الدَّلّ إلاّ معرّسي
وملقى نجادي والجلالُ المنوَّخُ
وخِرْقٌ له لِبْدَة ِ اللْيثِ مَرتعٌ
وفي لهواتِ الأرقمِ الصِّل مَرسَخُ
إذا زارها اغطّتْ عُقابُ مَنيّة ٍ
وليسَ لها إلاّ الجَماجِمَ أفرُخ
يحلُّ على الأمواهش تتلعُ دونها
رؤوسُ العوالي والمذاكي فتشدخُ
بحيث مَجَرُّ الجيش وهْوَ عَرَمْرَمٌ
واجبله من قسطلٍ وهي شمَّخُ
بمَيْثاءَ تُروي المسكَ بالخمرِ كلما
تسلسلَ فيها جدولٌ يتنضّخُ
كأنّ القنا فيه طُهاة ٌ وطُبَّخ
خُدورٌ تُدَمّى أو نحورٌ تُلَخْلَخ
لئن كان هذا الحسنُ يُعجَم أسطُراً
لأنْتِ التي تُمْلينَ والبدر يَنسَخ
ثكلتكِ شمساً من وراءِ غمامة ِ
وجنّة َ خلدس دونها حالَ برزخُ
فإنْ تسأليني عن غليلٍ عهدتهِ
فكالجمرِ في خَدّيْكِ لا يتبوّخ
ألا لا تُنَهْنِهْني الخطوبُ بحادثٍ
فلي همّة ٌ تبري الخطوبَ وتنتخُ
فلا تشمخِ الدّنيا عليّ بقدرها
فإنّي بأيام المعزّ لأشمخ
يؤيّده المقدارُ بالغَ أمرهِ
ويمدحُ بالسّبع المثاني ويمدخُ
فمَهْلاً عِداه ما على الله مَعْتَبٌ
وليس لما يأتي به الوَحيُ مَنسَخُ
لكَ الأرضُ دونَ الوارثينَ وإنّما
دعَوتَ الورى فيها عُفاة ً فبخبَخوا
أشَبْتَ قرونَ المُلكِ قبلَ مشيبهِ
فأرضاكَ منه أشْيَبُ الحلم أشيَخ
رجالٌ أضّلوا رائداً وهَدَيتُمُ
ولا سرجُ الآياتِ فيهنّ بوَّخُ
وليس ظهارٌ يحجبُ الغيبض دونها
ولكنّها قدسيّة ٌ فيه تَرسُخ
على الشمس دون البدر منها أسرّة ٌ
وفي يَذْبُلٍ منها شماريخُ بُذَّخ
وقد وفَد الأسطولُ والبحرُ طالبَيْ
ندى مزمعي هيجاءَ هذا لذا أخ
كما التهبتْ في ناظرِ البرقِ سعلة ٌ
تلَقي سَناها من فمِ الرّيح مَنفَخَ
لديكَ جنودُ الله غضْبَى على العِدى
لها منكَ في الجندِ الرُّبوبيّ مصرخ
فلو أنّ بحراً يلتهمنَ عبابه
لمرّ نفاثاً بينها يتسوّخ
ترى الفجرَ منها تحتَ ليلٍ مسبَّجٍ
كأنّ حداداً فيه بالنِّقسِ يلطخ
لها لَجَبٌ يستجفلُ المزنَ صَعقُه
ويقْرَعُ سمعَ الرّعدِ زاراً فيصمخ
زئيرُ ليوثٍ مدّ في لهواتها
وهَدْرُ قرومٍ في الشقاشق بخبخوا
نَظوْا كلّ لَفْحٍ من غِرارِ مهنّدٍ
هو الجَمرُ إلاّ أنّه ليس يُنفَخ
يشقُّ جيوبَ الغمدِ عنه اتقاده
وللحيّة الرّقشاءِ في مسلخِ
إلى كُلّ عَرّاصِ الكُعوب كأنّه
نوى القسبِ أنه ليس يرضخ
بكلّ ثِقافٍ من عواليك مَدعَسٌ
وفي كلذ من الرأس مشدخ
لقد سارتِ الرُّكبْانُ بالنّبإ الذي
يشيبُ له طفلٌ وينصاتُ أجلخ
وضَجّتْ له الأصنامُ إنّ ضَجيجَها
صدى ً من بني مروان حرّان يَصرخ
بني هاشمٍ هل غيرُ عصرٍ مذلَّلٍ
لياليهِ أقتابٌ عليها وأشرخ
أتيتمْ وراء الهولِ فاليمُّ مشرعٌ
وقربتُمُ الآفاقَ فالأرضُ فرسخ
وكنتُمْ إذا ما ماجَ عُثنونُ قسطلٍ
كما اغبرّ مجهولُ المخارم سربخ
قريتمْ سباعَ الأرض في كل معركٍ
كأنّ القنا فيه طهارة ٌ وطبَّخ
وقُدْتُمْ إلَيْها كُلَّ ذي جَبريّة ٍ
على المُقرَباتِ الجُرْد تَبأى وتبذخ
من الطالباتِ البْرقَ لاالشأوُ مُرهَقٌ
ولاالعطف مجنوب ولاالرِّدف ابزخُ
إذا شدَ خته مشقة ٌ أنّ موقذاً
حسيراً كما أنَّ الأميمُ المشدَّخ
كثيرُ جِهاتِ الحسنِ تَهمي جداولاً
و لكنّها بين المحاجر ثوَّخ
يعوَّذث من مكحولة ِ الحشفِ إن بدا
وينضحُ نفثَ الراقياتِ وينضخ
فداءٌ لفاديكم من الناس معشرٌ
لهم روعُ دهرٍ منكمُ ليس يفرخ
رجالق أضلوا رائداً وهديتمُ
وجَلّيتُمُ عنه العَماءَ وطَخطخوا
لعمري لئن كانت قريشاً بزعمها
فإنّا وجدنا طينة َ المسكِ تسنخ
نَصحتَ ملومَ العُرْبِ والعُجم بالتي
يراها عمٍ منهم ويسمع أصلخ
أتدرونَ أيُّ الماءِ أكثرُ ساقياً
وأيُّ جبالِ الله في الأرضِ أرسخ
هدى واعتصاماً قبل تطمس إوجهٌ
تُشاه بلَعْنِ اللاّعنينَ وتُمْسخ
معزُّ الهدى للهِ حوضُ شفاعة ٍ
يُسلسَلُ تحتَ العرش رِيّاً ويَنقخ
سقيتَ فلا لبُّ اللبيبِ معطِّشٌ
لديكَ ولا كافورَة ُ العهدِ تَسنخ
وأينَ بثغرٍ عنكَ يبغى سداده
وخليلكَ في كرخيّة الكرخ تُكرخ
وقد عجمتْ هندَ الملوك سندها
ليالٍ تركمَ الفيلَ كالبكرِ يقلخ
لأصْليتَها ناراً هي النّارُ لا التي
تنتِّخُ فيها ألفَ عامس وتمرخ
فإن يَختطِفْها الدينُ خَطفَة َ بارقٍ
فمنْ أسدٍ ناتي البراثنِ تملخ
أآياتُ نصرٍ أمْ ملائكُ حوَّمٌ
وأطرافُ أرضٍ أم سَماءُ تُدَوَّخ
وما بلغتْكَ البُردُ أنضاءَ نيّة ٍ
ولكنّها أرماقُ تفسَّخ
سَرَينَ فخلّفْنَ النّجومَ كأنّها
هَجائنُ عِيسٍ في المبارِكِ نُوَّخ
فقُلْ للخميس الطّهْرِ إنّ لواءكمْ
نخا نخوة َ النصرِ المُعِزِّيّ فانتَحوا
ألِكْني إليهم والتّنائفُ دونهم
سقتهم أهاضيبٌ من المزن نضخ
كهولٌ بنادي السلم قد عقدوا الحبى
شبابٌ إذا ما ضَجّ في الحيّ صُرَّخ
لَنِعْمَ وُكورُ الدينِ تَدرُجُ بينها
فإنّا رأينا دارجَ الطّيرِ يُفْرِخ
و أخلقْ به فالعنزُ تنتجُ سخلة ً
ويبزلُ نابٌ بعد ذاك ويَشرخ

ناريمان الشريف 09-24-2010 06:25 PM

سقتني الخمرَ بعيني قاتلي
( ابن هانئ الأندلسي )


سقتني الخمرَ بعيني قاتلي
لا يلاقي منكِ مثلي عطشا
أحبَاباً ما أرى في الكأس أمْ
صنع المزجُ عليها حنشا؟
باتَ ساقيها كراقي حَيّة ٍ
فإذا مدّ يميناً نهشا
لا تقلْ عذّرَ من تيمني
إنّما طرَّزَ باسمي وَوَشَى
إنما خطَّ على عارضهِ
مثلَ ما في خاتمي قدْ نقشا

ناريمان الشريف 09-24-2010 06:26 PM

سقتْني بما مجّتْ شفاهُ الأراقمِ
( ابن هانئ الأندلسي )


سقتْني بما مجّتْ شفاهُ الأراقمِ
وعاتبني فيها شفارُ الصَّوارم
عَدَتنيَ عنها الحرْبُ يُصرَفُ نابها
وصلصالُ رعدٍ في زئيرِ الضَّراغم
فكيفَ بها نجديَّة ً حال دونها
صَعاليكُ نجْدٍ في مُتون الصَّلادم
أتى دونَها نَأيُ المزارِ وبُعْدُهُ
وآسادُ أغْيالٍ وجِنُّ صَرائم
وأشْوَسُ غَيرانٌ عليها حُلاحِلٌ
طويلُ نجاد السيْفِ ماضي العزائم
ولو شِئْتُ لم تبْعُدْ عليّ خِيامُها
ولو طُنِّبتْ بينَ النجومِ العواتم
وباتَ لها منّي على ظَهْرِ سابِحٍ
أشمُّ أبيُّ الظُّلمِ من آلِ ظالم
وأسْهَرَهَا جَرُّ الرّماحِ على الثرى
بأيدي فُتُوِّ الأزدِ صُفْرِ العمائم
فهل تبلغنّيها الجيادُ كأنّها
أعِنّتُها من طولِ لوكِ الشّكائم
منَ الأعوجيّاتِ التي ترزقُ الغنى
وتَضْمَنُ أقواتَ النُّسورِ القشاعم
من اللاّءِ هاجتْ للنّوى أريحيّتي
وهزَّتْ إلى فُسْطاط مصرَ قَوادمي
فشيَّعتُ جيشَ النصرِ تشييَع مُزمعٍ
وودّعتهُ توديعَ غيرِ مصارم
وقد كدتُ لا ألوي على من تركتهُ
ولكنْ عداني ما ثنى من عزائمي
ولو أنّني استأثرتُ بالإذنِ وحدهُ
لسرتُ ولم أحفلْ بلومة ِ لائم
طربتُ إلى يومٍ أوفّيهِ حقّهُ
ليعلمَ أهلُ الشعرِ كيفَ مُقاومي
أصبُّ إلى مصرٍ لساعة ِ مشهدٍ
يَعَضُّ لها غُيّابُها بالأباهم
فإنْ لم أُشاهِدْ يومَها مِلْءَ ناظري
أُشاهِدْهُ ملءَ السمْع ملء الحيازم
وقد صَوّرَتْ نفسي ليَ الفتحَ صورة ً
وشامتهُ لي من غيرِ نظرة ِ شائم
كذاك إذا قام الدليلُ لذي النهى
على كونِ شيءٍ كانَ ضربة َ لازم
على أنّي قَضّيْتُ بعض مآربي
وأقرَرتُ عيني بالجيوشِ الخَضارم
وآنَسْتُ من أنصارِ دولة هاشمٍ
جحاجحة ً تسعى لدولة ِ هاشم
ويَمّمْتُ في طُرْق الجهاد سبيلَهم
لأصْلى كما يَصْلَونَ لفحَ السمائم
وفارقتُهم لا مُؤثِراً لفراقهم
ولا مستخفاً بالحقوقِ اللوازم
فللّهِ ما ضمَّ السرادقُ والتقتْ
عليه ظلالُ الخافقاتِ الحوائم
فثمّ مصابيحُ الظّلام وشيعة ّ ال
إمامِ وأسدُ المأزقِ المتلاحم
وفي الجيش مَلآنٌ به الجيشُ باسطٌ
يديهِ بقسطاطٍ من العدلِ قائم
مدبِّرُ حربٍ لا بخيلٌ بنفسهِ
عليها ولا مُستأثِرٌ بالغنائِمِ
ولا صارفٌ راياته عن محاربٍ
ولا ممسكٌ معروفهُ عن مسالم
وللصّارخِ الملهوفِ أوّلُ ناصرٍ
وللمترفِ الجبّارُ أولُ قاصمٍ
فلا عبْقَرِيٌّ كان أو هو كائِنٌ
فرى فريهُ في المعضلاتِ العظائم
كذلك ما قاد الكتائبَ مثلُهُ
لإنصافِ مظلومٍ ولا قمعِ ظالم
ولم يتجمّعْ لامرئ كان قلبهُ
خضابُ العوالي واجتنابُ المآثم
رضاكَ ابنَ وحيِ اللهِ عنه فإنّهُ
رعى أولياءَ اللهِ رعيَ السوائم
إذا اختلفوا في الأمرِ ألّفَ بينهُم
طبيبٌ بأدواءِ النفوسِ السّقائم
فلا رأيه في حالة ٍ يتبعُ الهوى
ولا سمعهُ مستوقفٌ للنّمائم
جزتهُ جوازي الخيرِ عنهمْ فأنّهُ
سَقاهم بشُؤبوبٍ من العدلِ ساجم
فقد سارَ فيهمْ سيرة ً لم يسرْ بها
من الناس إلاّ مثلُ كعبٍ وحاتم
أفاءَ عليهم ظلَّ أيامكَ التي
زُهِينَ بأيّامِ العُلى والمكارم
وما غال جيشَ الشرْق قبلَكَ غائلٌ
ولا سِيّما بعدَ العَطايا الجسائم
وبعدَ صلاتٍ ما رأى الناسُ مثلها
ولا حُدِّثوا في السالفِ المُتقادم
أولئك قوْمٌ يَعْلَمُ الله أنهم
قد اقتسموا الدّنيا اقتسامَ المغانم
فكم ألفِ ألفٍ قد غدوا يطأونها
بأقْدامِهِمْ وطءَ الحصَى بالمناسِم
ولو كنْتُ ممّن يَسْتريبُ عِيانَهُ
ويدركهُ فيما رأى وهمُ واهم
لحدّثتُ نفسي انّني كنتث حالماً
وإن لمْ أكُنْ فيما رأيتُ بحالم
فلا يسألنّي من تخلَّفَ عنهمُ
فيَقْرَعَ في آرائهِ سِنَّ نادم
لعمري همُ أنصارُ حقّ ٍ وكلُّهمْ
من المجْدِ في بيتٍ رفيعِ الدعائم
لقد أظهروا من شكرِ نعمة ِ ربِّهم
وقائِدِهم ما لسْتُ عنه بنائم
وإنّيَ قد حُمِّلْتُ منهم نَصائحاً
كرائم تُهْدَى عن نفوسٍ كرائم
إليكَ اميرَ المؤمنينَ حملتها
ودائعُ كالأموالِ تحتَ الخواتم
شَهِدْتُ بما أبْصَرتُه وعلِمْتُهُ
شهادَة َ بَرٍّ لا شَهَادَة َ کثِم
فقمتُ بها عن ألسنِ القوم خطبة ً
إذا ذُكِرَتْ لم تُخزِهم في المواسم

ناريمان الشريف 09-24-2010 06:28 PM

صدقَ الفناءُ وكذبَ العمرُ
( ابن هانئ الأندلسي )


صدقَ الفناءُ وكذبَ العمرُ
وجلَ العظاتُ وبالغَ التَّذرُ
إنّا وفي آمَالِ أنفُسِنَا
طُولٌ وفي أعمارِنَا قِصَرُ
لنرى بأعيُننَا مصارعنَا
لو كانتِ الألبْابُ تعتبِرُ
ممّا دهانا أنّ حاضرنا
أجفانُنَا والغائِبَ الفِكَرُ
فإذا تَدَبَّرْنَا جَوارِحَنا
فأكلَّهنّ العينُ والنّظرُ
لو كانَ للألباب مُمتحِنٌ
ما عدَّ منها السّمعُ والبصرُ
أيُّ الحياة ِ ألذُ عيشتها
من بعدِ علمي أنّني بشر؟
خرستْ لعمرُ اللهِ ألسننا
لمّا تكلّمَ فوقنا القدرُ
هلْ ينفعني عزُّ ذي يمنٍ
وحجولهُ واليمنُ والغرّر
ومَقاليَ المحمولُ شاردُهُ
ولسانيَّ الصمصامة ُ الذكر
ها إنّها كأسٌ بَشِعتُ بهَا
لا مَلجَأٌ منْها ولا وَزَر
أفنّتركُ الأيّامَ تفعل مَا
شاءتْ ولا نسطو فننتصر
هلاّ بأيدينا أسنّتنا
في حين نُقْدِمُها فتَشْتَجرِ
فانبذ وشيجاً وارمِ ذا شُطبٍ
لا البِيضُ نافعة ٌ ولا السُّمُر
دنيا تُجمِّعُنا وأنْفُسُنا
شذرٌ على أحكامها مذر
لو لم تُرِبْنا نابُ حادثها
إنّا نَراها كيفَ تأتَمِر
ما الدّهرُ إلاّ ما تحاذرهُ
هفواتهُ وهناتهُ الكبر
والليثُ لبدتهُ وساعدهُ
ودَرِيَّتَاهُ النّابُ والظّفُر
في كلِّ يومٍ تحتَ كلكلهِ
ترة ٌ جبارٌ أو دمٌ هدرُ
وهو المخوفُ بناتُ سطوتهِ
لو كانَ يعفو حينَ يقتدرُ
أقسمتُ لا يبقى صباحُ غدٍ
مُتَبَلِّجٌ، وأحَمُّ مُعتكِرُ
تفنى النّجومُ الزهرُ طالعة ً
والنَّيَّرانِ: الشمسُ والقَمَرُ
ولئِنْ تَبَدّتْ في مَطالِعِها
منظومة ً فلسوفَ تنتثرُ
ولئن سَرى الفَلَكُ المُدارُ بها،
فلسوفَ يسلمه وينفطرُ
أعقيلة َ الملكِ المشيّعها!
هذا الثَّناءُ وهذِه الزُّمَرُ
شهدَ الغمامُ وإنْ سقاكَ حياً
أنّ الغَمامَ إليكَ مُفْتَقِرُ
كم من يدٍ لكَ غيرِ واحدة ٍ
لا الدَّمعُ يكفُرُها ولا المَطَرُ
ولقدْ نزلتِ بنيّة ٍ علمتْ
ما قدْ طوتهُ فهي تفتخرُ
تَغدو عَليها الشّمسُ بازِغَة ً
فتحجُّ ناسكة ً وتعتمرُ
وتكادُ تذهلُ عنْ مطالعها
ممّا تُراوِحُها وتَبتَكِرُ
فقفوا تضرجْ ثمَّ أنفسنا
لا الصّافناتُ الجردُ العكرُ
سفحتْ دماءُ الدّارعينَ بها
حتى كأنَّ جفونهمْ ثغرُ
الهاتكِينَ بها الضُّلوعَ إذا
ما رجّعوا الذّكراتِ أو زفروا
راحوا، وقد نَضجتْ جوانحُهم
فيها قلوبهمُ وما شعروا
وحنوا على جمرٍ ضلوعهمُ
فكأنما أنفاسهمْ شررُ
ويَكادُ فُولاذُ الحَديدِ معَ
المهجاتِ والعبراتِ يبتدرُ
فكأنّما نامَتْ سُيوفُهُمُ
واستَيقَظَتْ من بعدِ ما وُتِرُوا
فتقطّعتْ أغمادها قطعاً
وأتت إليهمْ وهي تعتذرُ
لم يَخلُ مَطلَعُها ولا أفَلَتْ
وبنو أبيها الأنجمُ الزّهرُ
وبَنو علّيٍ لا يُقالُ لهم:
صبراً وهمْ أسدُ الوغى الضّبرُ
إنّ التي أخلَتْ عَرينَهُمُ
أضحتْ بحيثُ الضّيغمُ الهصر
منْ ذللَ الدّنيا ووطدها
حتى تلاقَى الشّاءُ والنَّمِر
بلغتْ مراداً من فدائِهِمُ
والأمُّ في الأبناءِ تُعتَقَر
تأتي الليالي دونها ولها
في العُقْر مجدٌ ليس يَنعقر
أبقَتْ حديثاً من مآثِرِهَا
يَبقى وتَنْفَدُ قبلَه الصُّور
فإذا سَمعتَ بذِكرِ سُودَدِهَا
ليلاً أتاكَ الفجرُ ينفجرُ
ولقد تكون ومن بدائِعها
حِكَمٌ ومن أيّامِها سِيرَ
إنّا لَنؤتَى من تَجارِبِهَا
علماً بما نأتي وما نذرُ
قسمتْ على ابنيها مكارمها
إنّ التراثَ المجْدُ لا البِدَر
حتى تولتْ غيرَ عاتبة ٍ
لم يَبقَ في الدنيا لها وَطَر
من بعدِ ما ضُرِبَتْ بها مَثَلاً
قَحطانُ واستُحيَتْ لها مُضَر
صفوٌ فهينٌ بعدهُ كدر
وإذا انتَهَيتَ إلى مدَى أملٍ
دركاً فيومٌ واحدٌ عمرُ
ولخيرُ عيشً أنتَ لابسهُ
عيشٌ جنى ثمراتهِ الكبر
ولكُلِّ سابِقِ حلبة ٍ أمَدٌ
ولكلَّ واردِ نهلَة ٍ صَدَر
وحُدودُ تعميرِ المعمَّرِ أن
يسمو صعوداً تمّ ينحدرُ
والسيْفُ يبلى وهو صاعقة ٌ
وتُنالُ منه الهامُ والقَصَر
والمرءُ كالظلِّ المديدِ ضُحى ً
والفيُْ يحسرهُ فينحسرُ
ولقدْ حلبتُ الدّهرَ أشطرهُ
فالأعذَبانِ الصّابُ والصَّبِر
غَرَضٌ تَراماني الخُطوبُ فَذا
قوسٌ وذا سَهْمٌ وذا وَتَر
فجزعتُ حتى ليسَ بي جزعٌ
وحذرتُ حتى ليسَ بي حذر

ناريمان الشريف 09-24-2010 06:28 PM

طلبُ المجِد من طريقِ السّيوفِ
( ابن هانئ الأندلسي )


طلبُ المجِد من طريقِ السّيوفِ
شرَفٌ مُؤنِسٌ لنَفسِ الشريفِ
إنّ ذُلَّ العزيزِ أفظعُ مَرْأى
بينَ عيبنيهِ من لقاءِ الحتوفِ
ليس غيرُ الهَيجاءِ والضربة ِ الأخْـ
ـدودِ فيها والطَعْنَة ِ الإخطيف
أنا مِن صارِمٍ وطِرْفٍ جَوادٍ
لستُ من قُبّة ٍ وقصرٍ منيفِ
ليس للمجدِ مَن يَبيتُ على المجـ
ـدِ بسَعيٍ وانٍ ونَفسٍ عَزُوفِ
وعدتني الدّنيا كثيراً فلمْ أظـ
ـفَرْ بغيَرِ المِطالِ والتسويق
كلّما قلّبَ المحدِّدُ فيها اللحـ
ظَ ولّى بناظرٍ مطروفِ
علّمَتني البيداءُ كيفَ ركوبُ الـ
ـليلِ والليلُ كيفَ قطعُ التَّنوف
إنّ أيّامَ دهرِنَا سَخِفَاتٌ
فهي أعوانُ كلِّ وغدٍ سخيفِ
زمنٌ أنتَ يا أبا الجعرِ فيهِ
ليسَ من تالدٍ ولا من طريفْ
إنّ دَهْراً سَمَوْتَ فِهِ عُلُوّاً
لوضيعِ الخطوبِ وغدُ الصروفِ
إنّ شأواً طلبتهُ في زمانٍ الـ
ملكِ عندي لشأوُ بينَ قذوف
إنّ رأياً تديره لمعنَّى ً
بضَلالِ الإمضاء والتّوقيف
إنّ لفظاً تلوكهُ لشيبهٌ
بكَ في منظرِ الجفاءِ الجليف
كاذبُ الزَّعم مستحيلُ المعاني
فاسِدُ النّظمِ فاسدُ التأليف
أنتَ لا تعتدي لتدبيرِ مُلْكٍ
إنّما تغتذي لرغمِ الأنوفِ
نِلْتَ ما نِلْتَ لا بعقْلٍ رصينٍ
في المساعي ولا برأيٍ حصيف
أبقِ لي جعفراً أبا جعفرٍ لا
ترمِ يوميهِ بالنّآدِ العسوف
أنت في دولة ِ الحبيبِ إلينا
فترفَّقْ بالماجدِ الغطريف
فإذا ما نعبتَ شرَّ نعيبٍ
فعلى غير ربعهِ المألوف
لستُ أخشَى إلا عليه فكن بالـ
ـأريحِيِّ الرّؤوفِ جِدَّ رؤوفِ
إنما الزّابُ جَنّة ُ الخُلْدِ فِيهَا
من نَداهُ غضارة ُ التفويف
كيفَ قارنتَ منهُ بدراً تماماً
و له منكَ جوزهرُّ الكسوف
كيفَ صاحبتَهُ بأخلاقِ وَغْدٍ
لا يني في يبوسة وجفوف
كيفَ راهنتَ في السباقِ على ما
فيك من وِنيَة ٍ وباعٍ قَطوف
و اعتزامٍ يرى الأمورَ إذا ألـ
قتْ قراعاً بناظرٍ مكفوف
و خنى ً حالف بأنّكَ ما أصـ
ـبحتَ يوماً لغيره بحليف
ما عجيبٌ بأنْ لعبتَ بدهرٍ
نائِمٍ طرفُهُ وخَطْبٍ تريف
و لذا صارَ كلُّ ليثٍ هزبرٍ
قانعاً من زمانه بالغريف
إنّ في مغربِ الخلافة ِ داءً
ليس يُبريهِ غيرُ أُمِّ الحُتوف
إنَّ فيه لشعبة ً من بني مر
و ان تنبي عن كلً أمرٍ مخوف
إنّ في صدرِ أحمدٍ لبني أحـ
ـمدَ قلْباً يَهمي بسَمٍّ مَدوف
متخلٍّ من اثنينِ برىء ٌ
من إمامٍ عدلٍ ودينٍ حنيف
ليس مستكثراً لمثلك انْ يفـ
رقَ بينَ الشّريفِ والمشروف
يا مُعِزَّ الهُدى ! كفانيَ أنّي
لكَ طَودٌ على أعاديكَ مُوف
وإذا ما كواكب الحربِ شُبَّتْ
لم أكُنْ للرْماحِ غيرَ رديف
أنطوي دائماً على كبدٍ حرّى
على حبكمْ وقلبٍ رجوف
أنا عينُ المقرِّ بالفضلِ إنْ انْـ
كرَ قومٌ صنائعَ المعروف
لم أُحاربْ نورَ الهدى بالدَّياجي
وحرُوفَ القُرآنِ بالتَّحْريف
مثل هذا العميدِ بالجِبتِ والطّا
غوتِ منهم والهائم المشغوف
ما استضاف الهجاء حتى تأنّا
ك أبا جعفَراً بغَيرِ مُضيف
إنْ تستَّرتَ عن عياني فما حيـ
لة ُ عينيكَ في الخيال المطيف

ناريمان الشريف 09-24-2010 06:29 PM

عَبَراتٌ تَحثُهُّا زفَراتُ
( ابن هانئ الأندلسي )


عَبَراتٌ تَحثُهُّا زفَراتُ
هُنّ عنْه بألسُنٍ ناطِقاتُ
وَيْحَه إذ أطاعَه جِيدُ ظبيٍ
و لواءٌ إلى الهوى منصات
عَطَفَ الدّهرُ عطفة ً فرَماه
بسهامٍ تريشها النّكبات
أيهاالصّبُّ لا ترعْ فالليالي
فرحاتٌ تشوبها ترحات
و كذا الحبُّ ضحكة ٌ وبكاءٌ
و كذا الدهرُ ألفة ٌ وشتات

ناريمان الشريف 09-24-2010 06:29 PM

فتقتُ لكمْ ريحُ الجلادِ بعنبرِ
( ابن هانئ الأندلسي )


فتقتُ لكمْ ريحُ الجلادِ بعنبرِ
وأمدكمْ فلقُ الصّباحِ المسفرِ
وجَنَيْتُمُ ثَمَرَ الوقائِعِ يانَعاً
بالنصر من وَرَق الحديدِ الأخضَر
وضربتُمُ هامَ الكُماة ِ ورُعْتُمُ
بيضَ الخدودِ بكلِّ ليثٍ مخدرِ
أبني العوالي السّمهرية ِ والسيو
فِ المشرفية ِ والعديدِ الأكثرِ
منْ منكمُ الملكُ المطاعُ كأنهُ
تحتَ السَّوابعُ تبّعٌ في حمير
كلُّ الملوكِ من السروجِ سواقِطٌ
إلا المُمَلَّكَ فوق ظهرِ الأشقر
القائدَ الخيلِ العتاقِ شواذباً
خُزراً إلى لَحْظِ السِّنان الأخزر
شُعْثَ النَّواصي حَشرة ً آذانُها
قُبَّ الأياطِلِ ظامِياتِ الأنْسُر
تنبو سنابكهنَّ عنْ عفرِ الثرى
فيطأنَ في خدِّ العزيزِ الأصعر
جيشٌ تَقَدَّمهُ اللُّيوث وفوقها
كالغيلِ منْ قصبِ الوشيجِ الأسمر
وكأنّما سَلَبَ القَشاعِمِ رِيشَها
مما يَشُقُّ من العَجاج الأكدر
وكأنما اشتملتْ قناهُ ببارقٍ
متألقٍ أو عارضٍ مثعنجرِ
تمتَدّ ألسِنَة ُ الصَّواعقِ فوقَهُ
عن ظُلَّتَيْ مُزْنٍ عليه كنَهْور
ويقودهُ الليثُ الغضنفرُ معلماً
من كلِّ شَثْنِ اللِّبْدَتينِ غضنفَر
نَحَرَ القَبولَ من الدَّبورِ وسار في
جَمْعِ الهِرَقْل وعزمة ِ الاسكندر
في فِتية ٍ صَدَأُ عبيرُهم
وخَلوقُهم عَلَقُ النجيعِ الأحمر
لا يأكلُ السَّرحانُ شلو طعينهم
مما عليهِ منَ القنا المتكسِّر
أحلافُنَا مكأنَّنا منْ نِسْبَة ٍ
في عبقريِّ البِيدِ جِنّة ُ عَبْقَر
يَغشَونَ بالبِيدِ القِفارِ وإنّمَا
تلدُ السّبنتى في اليبابِ المقفر
قد جاوروا أجَمَ الضّواري حولهم
فإذا همُ زأروا بها لم تَزْأرِ
ومَشَوْا على قِطَعِ النفوسِ كأنّما
تمشي سنابكُ خيلهم في مَرمَر
قوْمٌ يبِيتُ على الحَشايا غيرُهُمْ
ومبيتهمْ فوقَ الجيادِ الضّمرِ
وتظَلُّ تسبَحُ في الدماء قِبابُهُمْ
فكأنهنَّ سفائنٌ في أبحر
فحِياضُهم من كلِّ مهجة ِ خالعٍ
وخيامُهم من كلِّ لِبدَة قَسْوَر
من كلِّ أهرتَ كالحٍ ذي لِبْدة ٍ
أو كلَّ أبيضَ واصحٍ ذي مغفرِ
حيٌ منَ الأعرابِ إلاّ أنهمْ
يردونَ ماءَ الأمنِ غيرمكدَّر
راحوا إلى أُمِّ الرِّئالِ عشية ٍ
وغَدَوْا إلى ظبْي الكثيبِ الأعفر
طَردوا الأوابِدَ في الفدافِد طَردَهم
للأعْوَجِيَّة في مجالِ العِثْيَرْ
رَكِبوا إليها يومَ لَهْوِ قنيصهمْ
في زيّهمْ يومَ الخميس المصحر
إنّا لتجمعُنا وهذا الحيَّ من
بكرٌ أذمَّة ُ سالفٍ لمْ تخفر
ولداتنا فكأننا من عنصر
اللابسينَ من الجلادِ الهبوَ ما
أغناهُمُ عن لأمَة ٍ وسَنَوَّر
لي منهمُ سيفٌ إذا جردتهُ
يوماً ضربتُ بهِ رقابَ الأعصر
وفتكتُ بالزَّمَنِ المُدجَّجِ فتْكَة َ
البَرّاضِ يومَ هجائن ابنِ المُنذر
صَعْبٌ إذا نُوَبُ الزمان استصعبتْ
متنمّرٌ للحادثِ المتنمّر
فإذا عفا لمْ تلقَ غيرَ مملَّكٍ
وإذا سطا لمْ تلقَ غيرَ معفَّر
وكفاكَ من حُبِّ السماحَة ِ أنّهَا
منهُ بموضعِ مقلة ٍ من محجرِ
فغمامهُ من رحمة ٍ وعراصهُ
من جنَّة ٍ ويمينهُ من كوثرُ

ناريمان الشريف 09-24-2010 06:30 PM

فتكاتُ طرفكِ أم سيوفُ أبيكِ
( ابن هانئ الأندلسي )


فتكاتُ طرفكِ أم سيوفُ أبيكِ
وكؤوسُ خمرٍ أم مَراشفُ فيكِ
أجلادُ مرهفة ٍ وفتكُ محاجرٍ
ما أنتِ راحمة ٌ ولا أهلوك
يا بنتَ ذا السّيفِ الطّويلِ نجادهُ
أكذا يجوزُ الحكمُ في ناديكِ
قد كانَ يدعوني خيالكِ طارقاً
حتى دعاني بالقَنا داعيكِ
عَيناكِ أم مغناكِ مَوْعِدُنا وفي
وادي الكرى نلقاكِ أو واديكِ
منعوكِ من سِنة الكرى وسرَوْا فلوْ
عثروا بطيفٍ طارقٍ ظنُّوك
وَدَعَوْكِ نَشوَى ما سقوكِ مُدامة ً
لمّا تمايل عطفكِ اتهموكِ
حسبُ التّكحُّلَ في جفونك حلية ً
تاللهِ ما بأكفّهم كحلوك
وجَلَوْكِ لي إذْ نحن غُصْنا بانَة ٍ
حتى إذا احتَفَلَ الهَوى حَجَبوك
ولوى مقبّلكِ اللّثام وما دروا
أن قد لثمتُ به وقبِّلَ فوك
فضَعي اللِّثامَ فَقَبل خَدّك ضُرّجَتْ
راياتُ يحيى بالدّم المسفوك
يا خيله لا تسخطي عزماته
ولئن سَخِطْتِ فقلّما يُرضيك
إيهاً فمِن بين الأسنَّة ِ والظُّبَى
إنَّ الملائكة ََ الكرامَ تليك
قد قلّدَتْكِ يدُ الأميرِ أعِنّة ً
لِتخايَلي وشكائماً لِتَلُوكي
وحماكِ أغمارَ المواردِ أنّهُ
بالسَّيفِ من مهج العدى ساقيك
عوجي بجنحِ الليل فالملكُ الّذي
يهدي النجومَ إلى العُلى هاديك
رَبُّ المَذاكي والعَوالي شُرّعاً
لكنّهُ وَتْرٌ بغيرِ شريك
هو ذلك الليْثُ الغٍضَنْفَرْ فانجُ من
بطشٍ على مهجِ اللّيوثِ وشيكِ
تلقاهُ فوقَ رحالهِ وأقبّلَ
تلقاه فوق حشيّة ٍ وأريك
تأبى لهُ إلاّ المكارمَ يشجبٌ
تأبى سنامَ المجدِ غيرَ تموك
بيتٌ سما بكَ والكواكبُ جنّحٌ
من تحتِ أبنِيَة ٍ له وسُمُوك
كذَبَتْ نفوسَ الحاسدينَ ظنونُها
من آفكٍ منهم ومن مأفوك
إنّ السّماءَ لَدُونَ ما ترْقى له
والنّجمُ أقربُ نهجكَ المسلوك
عاودتَ من دارِ الخلافة ِ مطلعاً
فطلعتَ شمساً غيرَ ذاتِ دلوك
ورأى الخليفة ُ منك بأسَ مُهَنَّدٍ
بيديهِ من روحِ الشُّعاعِ سبيك
وغدتْ بكَ الدُّنيا زبرجدة ً جلت
عن ثغْرٍ لؤلؤة ٍ إليك ضَحُوك
يَدُكَ الحميدة ُ قبل جودك إنها
يدُ مالكٍ يقضي على مملوك
صدَقَتْ مُفَوَّفَة َ الأيادي إنما
يوماكَ فيها طرَّة َ درنوك
الشِّعرُ ما زُرّتْ عليك جُيوبُهُ
من كلِّ مَوْشيِّ البديعِ مَحوك
والفتكُ فتكٌ في صميمِ المالِ لا
ما حدَّثوا عن عروة َ الصُّعلوك
وأرى الملوكَ إذا رأيتكَ سوقة ً
وأرى عُفاتكَ شوقَة ً كمُلوك
الغيثُ أوّلهم وليْسَ بمُعْدِمٍ
والبحرُ منهمُ وهو غير ضريك
أجريتَ جودكَ في الزّلالِ شاربٍ
وسبكته في العسجدِ المسبوك
لا يَعْدَمَنّكَ أعوَجيٌّ صَعَّرَتْ
عاداتُ نصرك منه خدَّ مليك
من سابحٍ منها إذا استحضرتهُ
ربذِ اليدين وسهلبٍ محبوك
قَيدِ الظَّليمِ مخبِّرٍ عنْ ضاحِكٍ
من بيض أدحيِّ الظّليم تريك
لو تأخذوا الحسناءُ عنهُ خصالها
ما طالَ بَثُّ مُحِبِّها المفروك
أو كان سُنبُكُهُ الدّقيقُ بكفّهَا
نَظَمَتْ قلائدَهَا بغيرِ سُلوك
لك كلُّ يوم لو تقدَّم عَصرهُ
لم يلهجِ العدويُّ باليرموك
وقعاتُ نصرٍ في الأعادي حدَّثتْ
عن يوم بدرٍ قبلها وتبوك
هل أنتَ تاركُ نصل سيفك حقبة ً
في غمده أم ليس بالمتروك
لو يستطيعُ اللّيلُ لاستعدى على
مسراكَ تحتَ قناعهِ الحلكوك
لاقيتَ كلَّ كتيبة ٍ وفللتَ كلَّ
ضريبة ٍ وألنتَ كلَّ عريك

ناريمان الشريف 09-24-2010 07:20 PM

قد أكملَ الله في ذا السيفِ حِلْيَتَهُ



قد أكملَ الله في ذا السيفِ حِلْيَتَهُ

واختالَ باسم معزَّ الدين مُنتَقَشا

كأنّ أفعى سَقَتْ فولاذَه حُمَة ً

وألبستْ جلدهُ من وشيها نمشا


الساعة الآن 07:44 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team