منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   الفتاة الطموحة (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=26783)

رشيد عانين 08-04-2020 04:04 PM

الفتاة الطموحة
 
الفتاة الطموحة
تغمرها فرحة عارمة، وهي تخطو خطواتها الأولى من باب المؤسسة متجهة نحو منتصف الساحة، وعيناها مشدودتان إلى حلم أكبر يعتمل في داخلها كلما أطرقت رأسها هنيهة للتفكير في مستقبلها العلمي. فهي تلميذة تختلف كثيرا عن التلميذات الأخريات، فالدخول المدرسي عندها عرس ثقافي ومعرفي يتكرر كل سنة تعرض فيه بضاعتها ليس رقصا وغناء بل ثقافة وعلما. تمتد خطواتها في الساحة متئدة محدثة إيقاعا موسيقيا على أرضية الساحة التي بسط فراشها أحجارا تغطي أنحاءها من بداية المدخل إلى نهاية الساحة. تنتصب عن يمين الفتاة وعن يسارها أشجار غرست حديثا تنحني أمامها بهبّة ريح وكأنها تحيي دخولها إلى المؤسسة.
تدخل إلى حجرة الدرس وترسل أهدابها ماسحة أركان الحجرة علّها ترى بعضا من زملائها؛ من رافقوها مرحلة الإعدادي، وإذا بها تقع عيناها على ما لا تريد أن تراه، زميلة في الفصل، لا تحبها ولا ترتاح لنظراتها... يمر الوقت سريعا ويدق جرس الاستراحة ويتنفس التلاميذ الصعداء وكأن لحظة الاستراحة بالنسبة إليهم لحظة انعتاق من سجن تكبل فيه الأنفاس وتكمم فيه الأفواه. تدافع التلاميذ على باب الحجرة وكأنهم النهر الهادر يقذف بمياهه إلى ساحة المؤسسة، هنا في الساحة تحررت الأنفاس وانفتحت الأفواه وعلا الصراخ وانطلقت الضحكات... بينما انزوت الغزال في ركن من أركان الساحة تتفحص المارة من التلاميذ والتلميذات وتقرأ في عيون هذا، اللؤم، وفي عقل ذاك، الغباء، وفي نفوس أولئك، الحقد والحسد. والغيب في لحظتها ينسج لها خيوط التفوق والنجاح، نجاح لا يخلو من متاعب ومصاعب.
تسمرت هيفاء في زاوية من زوايا الساحة وهي ترقب تطلعات التلاميذ ولا يسع فكرها إلا التفكير في دراستها، يقطع عليها صابر خلوتها، وتنتفض، وكأنها استيقظت من نومة عميقة، رتبت فيها أحلامها خوفا على مستقبلها الدراسي. صابر هو تلميذ يصابر الأيام والشهور ويعاند قدره المحتوم بحثا عن نجاح بطعم الكسل. في كل مرحلة من مراحل دراسته كان يقضيها مثناة، فهو يعشق التثنية حتى صار عمره اليوم عشرين سنة، حاول المسكين أن ينتشل زميلته من تفكيرها العميق لكن عبثا يحاول، فلقد طردته من خيالها برموشها الحادة وكأنها الصقر الجارح. دق الجرس معلنا بذلك انتهاء فترة الاستراحة، تتوجه هيفاء نحو حجرة الدرس مسدلة الستار على نور كان يشع في الساحة مخلفة وراءها ظلاما دامسا، وعيون اللؤم تطاردها من بعيد وتتمنى لها سقطة أو عثرة تكسر قوامها الأهيف. من عادتها أنها لا تلتفت كثيرا إلى عيون الغدر، بل تركز على التفكير الدائم، والتأمل المستمر في دراستها وتفوقها. يسجل دخولها إلى الفصل إشراقة توقظ أعين التلاميذ النائمين ينتبه الأستاذ إلى صوت خطواتها الموسيقي فتابعها بنظراته حتي جلست وكأنه يحميها من أعين التلاميذ. جلست في مكانها فعاد الأستاذ ببصره إلى السبورة وانطلق الدرس يرسم المعنى الحقيقي لمفهوم السرد.

ناريمان الشريف 08-05-2020 01:34 AM

رد: الفتاة الطموحة
 
قصة ذات لغة سليمة وسرد جيد
أتوقع لك مستقبلاً مشرقاً في كتابة القصص
فقط أنت بحاجة إلى فكرة
مرحباً بك في منابر
تحية ... ناريمان

رشيد عانين 08-05-2020 01:46 AM

رد: الفتاة الطموحة
 
شكرا لك أستاذتي المبدعة ناريمان الشريف يسعدني مرورك الراقي
لك تقديري واحترامي


الساعة الآن 07:49 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team