منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   قصة قصيرة: المصير (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=30415)

عبد الكريم الزين 09-10-2022 02:42 PM

قصة قصيرة: المصير
 
ليس هناك شك أنها هي!
أوقف محرك السيارة، وتطلع إلى الأفق. كانت زرقة السماء تعانق ارتعاشة الطريق، والعراء يلتقط شظايا السكون.
عاود الهدير صهيله فجأة، فقفز من السيارة، وانبطح على الأرض. خاطفا بَرَق الوحش المعدني فوقه.
راقب برعب شديد حمم الموت تُصب على مركبات الرتل أمامه.
ورغم حرارة الشمس المرتفعة، سرت قشعريرة باردة في جسمه واستقرت في قدميه.
تتبع بعينين جاحظتين ابتعاد الوحش الرمادي ثم اختفاءه. لم يخطئ في توقعه: طائرة إيه 10 عدوة، بمنظرها القبيح تجوب سماء المنطقة لتحريم الطريق.
شكر حسن حظه الذي أخره عن الرتل. اختفت الخنزيرة لكنها حتما ستعود لإكمال مهمتها، فما زال في أحشاء مدفعها بقايا لم تلفظها من قذائف اليورانيوم المشع، وبفضله نجحت وأخواتها في نسج السواد المميت على طول جانبي الطريق. مئات من السيارات والمدرعات المتفحمة.
لم يكن مصادفة أن يلقب: "طريق الموت"
نهض وأخرج ورقة المهمة. كان الأمر مختصرا وواضحا: عليه العودة مع الرتل عبر الطريق إلى نقطة تجميع القوات المنسحبة.

طفت على بياض الورقة سطور من حياته الماضية. عشقه للأدب وحزنه الصامت حين فرض عليه أهله دراسة علمية. كان بوسعه الاحتجاج والرفض، لكنه على عادته آثر السلامة والخضوع.
حتى الفتاة الوحيدة التي أحبها، تجاهلها أبوه وزوجه بأخرى، حين اشتكى لأمه قالت له:
"البطولة لا تولد بين ليلة وضحاها".
وعندما استدعوه للجندية لم يتهرب كما فعل آخرون، وانقاد لأوامر كان يدرك أنها ظالمة.
ما أبعد اليوم عن الأمس حين عبرت في الاتجاه المعاكس، نفس هذه الآليات المتفسخة مزهوة بكثرتها وجبروتها.
بوسعه أن يغير طريقه أو ينزع ملابسه العسكرية ويختفي، شعر بالخوف، أعاد إخراج الورقة من جيبه وقرأها مرارا.

أدار محرك السيارة، وتقدم بها إلى الأمام. ناور ببطء بين مركبات الرتل، كانت النيران لا زالت تلتهمها، ورائحة الحريق المنبعثة من الجثت المتفحمة تزكم الأنفاس.
ابتلع ريقه، حين تخيل آخر صور وذكريات راودت أذهان أصحابها، ولهب القذائف يتغذى على أجسادهم. تجاوز الرتل المحترق، ثم رآها قادمة نحوه. نقطة سوداء تتضخم بسرعة مجنونة.
أمكنه أن يرى بوضوح ورعب شديدين مدفعها الدوار يتأهب ليرسل إليه مطره الحارق…

أحمد فؤاد صوفي 07-29-2023 11:59 PM

رد: قصة قصيرة: المصير
 
قصة مؤلمة بحق ..
السرد جيد جداً ..
والقصة بمجملها جيدة ..

بوركتم عزيزي ..


الساعة الآن 12:37 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team