منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=7)
-   -   أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية. (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=6821)

ايوب صابر 04-19-2012 11:03 PM

صبري موسى وفساد الأمكنة ـ فؤاد قنديل

تاريخ المشاركة 26 October 2010 - 03:42 PM
صبري مــوســى ..و " فســاد الأزمنـــة "

فؤاد قنديل *

من لم يقرأ صبري موسى ويستمتع بتلك الأنشودة العذبة من أناشيد الإبداع العربي ، فقد فاته الكثير، وعليه أن يعوض هذا الذي غاب عنه بأن يطالع ما خطه قلم هذا الكاتب الرقيق والمثقف صاحب الرؤية العميقة دون صخب، والذي قدم للمكتبة العربية عدداً من الأعمال الأدبية ذات النفس المتفرد، تأتي فى ذروتها واحدة من أجمل الروايات العربية وهى" فساد الأمكنة " التي اقتحمت مبكراً مسارين جديدين على مستوى الشكل والمضمون، وكانت دون أدنى شك وبالإجماع بللورة فنية لا تزال تشع بهاءها على أفق يتجاوز الخريطة الإبداعية العربية، فعلى مستوى الشكل ارتادت " فساد الأمكنة " عالم الواقعية السحرية قبل أن تبلغنا إبداعات أدباء أمريكا اللاتينية، ووضعت تحت أعين القارئ عالما غريباً ومدهشا ، لم يتم البناء عليه واستثماره بأقلام أخرى إلا فى النادر ، وعلى مستوى الموضوع أنقذت الرواية نفسها - إذا جاز التعبير - من الوقوع فى أسر المعتاد والسائد، سواء بالكتابة عن المدينة أو القرية، ورحلت إلى الصحراء، وبالذات المنطقة المجهولة جنوب الصحراء الشرقية لتقدم لنا عملا فاتنا بكل معنى الكلمة ، ولا يزال هذا العمل وسيظل قادرا على جذب القراء وإمتاعهم بالقدرة ذاتها على الهام الكتاب الشباب
عرفت صبري موسى أواخر السبعينيات عندما دعوته للحضور إلى ندوة كنت أديرها فى شبرا ليتحدث إلى أعضائها عن تجربته الأدبية ، ويومها فوجئت به يحدثني بفرح غامر عن روايتي القصيرة "السقف" التي قرأها مطبوعة بالماستر ..وافق على الحضور ، لكن عدة رحلات صحفية خارج مصر شغلته عن الوفاء ، ولم تسنح الفرصة بعد ذلك إذ توقفت الندوة أوائل سبتمبر 1981 لأسباب سياسية، لكن علاقتنا أخذت فى التصاعد وترسخت فى مجلس إدارة اتحاد الكتاب، حتى أصبحت لا أستطيع تحمل غيابه عنى طويلا وكان معي ومع غيري عطوفاً ونبيلاً وصادقاً ومتعففاً وليس كبعض الكتاب الذين لا يتوقفون عن الكلام عن أنفسهم ، فقد لاحظت تجنبه الدائم لمثل هذا اللون من النرجسية المفرطة ، وصبري عموما قليل الكلام بلسانه ، كثيره بعينيه وإحساسه

إنني لا أستطيع أن أحب كاتبا أعجبني قلمه وصدمتني شخصيته .. ربما أكون مخطئا، لكنني أفضل ألا أرتبط جدا فى علاقات مشتبكة مع كاتب يفتقد القيم مهما كان موهوبا، وصبري من القلائل الذين تعثر لديهم على الكاتب المبدع والإنسان الخلوق.
قرأت للكاتب الكبير صبري موسى من الروايات قبل " فساد الأمكنة " حادث النصف متر " ، وبعدها " السيد من حقل السبانخ " وقرأت له من المجموعات القصصية (وجها لظهر. حكايات صبري موسى. مشروع قتل جارة. السيدة التي والرجل الذي) وقرأت له على حلقات في " صباح الخير " الرحلات التي قام بها إلى البحيرات والى الصحراء وباريس واليونان ، وقد جمعها من بعد فى كتب . ولم تغب عن عيني ولا عن غيري فيما أظن تلك الطبقات السردية التي تمضى فى سلاسة مع تنوع أساليب الطرح معتمدا لغة بسيطة وعميقة ودالة خالية من البلاغة الاستعراضية والتقليدية ، حتى ليمكنني القول إن كتابات صبري مثله ، هادئة فى السطح، موارة في الأعماق ، وتحمل الكثير من الخصوبة والتجديد دون ضجة ، إذ ليس من بين سماته الشخصية محاولة لفت الأنظار على أى نحو ، ويمكن القول انه من الفريق الذي يقول كلمته ويمضي.

ولا تعد كتابته للسيناريو والحوار للأفلام التي ظهرت على مدى عشرين عاما من قبيل "السبوبة" وأكل العيش، ولكنها أولا تنطلق من الاختيار الحر والإعجاب السابق بنصوصها وثانيا لأن ما قدمه فيها من تقطيع سينمائي وبناء درامي وأحداث وحوار ينبثق من رؤية مثقف كبير وإنسان مصري يحس بإحساس المجتمع والناس حسب الفترة التاريخية لكل عمل، وقد استمتعت كما استمتع غيرى بأفلام مثل البوسطجى والشيماء وقنديل أم هاشم وقاهر الظلام وغيرها، ولقد ظللت فترة طويلة أشاهد فيلم الشيماء وهو من أفضل الأفلام الدينية فى اعتقادي وأدهش كيف أخرجه المخرج الراحل حسام الدين مصطفى وهو مخرج قدير له اجتهاداته ، لكن ليس لدرجة اخراج هذا الفيلم الديني الذي يتمتع بشعبية بين الجماهير لا يتمتع بها فيلم آخر، مع كامل الاحترام لكل الجهود المبذولة فى هذا السياق.
كان صبري ولا يزال فى كل الأحوال ذلك الفنان المرهف الذي تربى فى فيض من مشاعر الحب والإحساس بالجمال إبان فترة الطفولة والصبا فى دمياط حيث ولد فى 19 مارس عام 1932، واكتملت التربية نحو الوجدان الراقي فى كلية الفنون التطبيقية ، وتأكد ذلك مع عمله مدرسا للرسم، إلى أن اكتشف فى نفسه حب الكتابة كنتيجة طبيعية لميله الدائم للقراءة .

انتقل للعمل فى جريدة الجمهورية ثم راق له أن يرحل إلى مؤسسة روز اليوسف التي كان قد تعرف إلى عدد من أبنائها وإدراكه أنها الأنسب لمواهبه مع توفر أفق الحرية، وقد بقى الفنان فى الأعماق لا يفتأ يشارك فى كل إبداع أدبي وصحفي وفني فى الرؤية والنسيج واللغة وروح النص، وقد حرص الحرص كله ألا تأكله الصحافة رغم عمله فيها منذ عام 1952، فقد كان متنبها إلى سوسها الذي يمكن أن ينخر فى عروق الموهبة.
لم أكن فى العنوان أقصد أن أسب الزمان، لأنه مثل المكان يتلقى عبث البشر وغواياتهم ، لكني أشير إلى مساحة الفضاء العريض من النسيان التي يتعرض له صبري موسى ، وان كان قد لقي التقدير من الداخل والخارج وترجمت أعماله إلى عدة لغات، لكنه يستحق أن نحتفي بعيد ميلاده وأن نؤنس وحدته، ويستحق أن تقام له الحلقات الدراسية فى هيئة قصور الثقافة وهيئة الكتاب والمجلس الأعلى للثقافة وأن تطبع كتبه وأن تطل عليه عيون الأجيال الجديدة من عشاق الأدب، فرغم المرض الذي يترصده منذ سنوات وتوقفه عن الكتابة، فان أعماله لم تفقد وهجها، وما زالت تفوح بعطرها وتعلن عن حضورها الآسر .. متعه الله بالصحة وأبقاه بيننا كاتباً وإنساناً ومصباحا مضيئا بنور الإبداع الذي لا يعرف الشحوب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* روائي مصري

ايوب صابر 04-19-2012 11:26 PM

صبري موسي

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة



صبري موسي كاتب روائي و صحفي و سيناريستولد بمحافظة دمياط عام 1932 ، عمل مدرساً للرسم لمدة عام واحد ، ثم صحافياً في جريدة الجمهورية، وكاتباً متفرغاً في مؤسسة «روز اليوسف»، وعضواً في مجلس إدارتها، ثم عضواً «في اتحاد الكتاب العرب»، ومقرراً للجنة القصة «في المجلس الأعلى للثقافة» وقد ترجمت أعماله لعدة لغات .
أشهر أعماله
  1. سيناريوهات أفلام * البوسطجي * الشيماء * قنديل أم هاشم * قاهر الظلام * رغبات ممنوعة * أين تخبئون الشمس .
  2. قصص قصيرة * القميص * وجهاً لظهر * حكايات صبري موسي * مشروع قتل جارة .
  3. روايات * حادث نصف المتر * فساد الأمكنة * السيد من حقل السبانخ .
  4. أدب الرحلات * في البحيرات * في الصحراء * رحلتان في باريس و اليونان .
التكريم
  • جائزة الدولة التشجيعية في الأدب عام 1974 .
  • وسام الجمهورية للعلوم والفنون من الطبقة الأولى عن أعماله القصصية والروائية عام 1975 .
  • وسام الجمهورية للعلوم والفنون عام 1992 .
  • جائزة «بيجاسوس» من أميركا، وهي الميدالية الذهبية للأعمال الأدبية المكتوبة بغير اللغة عام 1978 .
  • جائزة الدولة للتفوق عام 1999 .
  • جائزة الدولة التقديرية عام 2003.

ايوب صابر 04-19-2012 11:31 PM

الروائى صبرى موسي : تخليت عن التقاليد الشكلية لفن القصة القصيرة ...



القاهرة - العرب اونلاين - وكالات :

تتسم كتابات الروائى صبرى موسى بالعمق والتغلغل فى النسيج الاجتماعى والقيمى والأخلاقي، نتيجة لرحلاته المختلفة فى كافة أنحاء مصر، فأصبح متسلحاً بمعرفة ميدانية واشتباك حقيقى مع الأشياء فى الكون. وقد كتب بقوة الأدب وروح الأديب المغامر وحرفية الصحافي، مما أضفى على كتاباته عذوبة وجاذبية خاصة، ولم ينفصل فى أعماله الأدبية عن تطورات عصره، فقد عبرت رواية "السيد من حقل السبانخ" عن موضوع التغيير الأخلاقى المطرد على المستوى الإنساني، وهو ما دفعه إلى كتابتها فى إطار مسرحى مرة أخري، وتمنى أن يكون رساماً، فأصبحت الصورة تحتل جزءاً كبيراً من تركيبته، الذهينة والنفسية، واعتمدها كركن أساسى فى نسيج تعبيره الأدبي.

أعدت كتابة رواية "السيد من حقل السبانخ" على حلقات بعد زمن من صدورها، فما الأسباب وراء ذلك؟
نعم انا كتبتها فى إطار مسرحى مرة أخري، لغير سبب، فموضوع الرواية ذاته أصبح موضوعا آنيا كما انه متجدد ومؤرق وجدير بالكتابة المستمرة، وهو موضوع التغيير الأخلاقى المطرد على المستوى الإنساني، مما جعل الإنسان فى مفترق طرق، فالحضارة التكنولوجية الحديثة تعطيه من الوسائل والأدوات ما يجعله يقبل على حياة شديدة الرفاهية، وشديدة الوفرة وهى حكر على عدد محدود من البشر فيما نجد الشريحة الإنسانية الأعظم فى اندحار وفقر ومرض ومعاناة ومن المدهش أن تجد فى كل أدب الخيال العلمى الشائع على مستوى العالم، وكذلك فى الميديا، اهتماما بإبراز هذه الطفرات التكنولوجية، ولكنها تتجاهل تماما أية طفرة على المستوى الأخلاقي، وفى مستوى الوعى والشعور بالإنسان وتقديره وبقليل من هذا التصور يمكن أن نتخيل مستقبل البشرية الذى سيفضى إلى تدنى النوع الإنسانى فى مقابل إعلاء شأن الآلة، أما عن دواعى كتابة الرواية فى شكل مسرحي، فلعلها تكمن فى أن الرواية طبعت أكثر من أربع مرات ولم يعد موجودا منها أى نسخة، فى مقابل تعاقب أجيال جديدة من القراء لم يقرأوها، وفوق هذا يكمن إيمانى بأن العرض المسرحى يستقطب جمهورا أكبر.

رواية "فنجان قهوة قبل النوم" تبدو أسطورية التحقق والكتابة فكنت قد بدأت كتابتها منذ عدة سنوات إلا أنها تبدو عصية على الكتابة. ما سبب تأخر إنجازها كل هذا الوقت؟ نريد ايضا أن نقف على أبرز ملامحها والذاتى والملحمى فيها؟
ربما يعود تأخرى فى إنجاز هذه الرواية، لكونها مركبة بعض الشيء حيث هى مزيج بين روح السيرة الذاتية وسيرة جيل عبر تأملى للحياة وعلاقاتى الإنسانية فيها، وما أنجزته من كتابة فى مشروع هذه الرواية، يصلح لأن يكون ثلاث روايات، فهى أيضا تتضمن تأملى للنصف قرن الأخير، وتجاربى فيه مع الآخرين وما حدث فى مصر، وأنا ليس من طبيعتى إنجاز أعمال ملحمية بل إننى فضلت أن أترك العنان لتداعياتي، كما أننى بطبيعتى لست متعجلا، ويمكن إلى حد ما أن أميل للكسل والتأمل والحركة البطيئة، فضلا عن أنني، حينما أفرغ من العمل الروائى لا أعود إليه، ولا أغير فيه ويظل العمل بعد اكتماله، ملقى أمامي، خاضعا للتأمل والتغيير إلى أن تلح عليّ كتابته النهائية، التى لا رجعة فيها.

أسلوب خاص

ما هو سبب اهتمامك بالصورة وعناصر المشهد وتفاصيله فى القصة والرواية والسينما والتحقيق الصحافى الميداني؟
هذا أسلوب، وهذه طريقة، يختص بهما كل كاتب على حدة، فكل روائى صاحب طريقة، ومصدره الأساسي، هو الحياة، والحياة عمادها الأساسى هو الإنسان، بتصرفاته، وإبداعاته التى تشكل هذه الحياة ومن بينها إبداع الصورة، وربما تجد الصورة أكثر حضورا عندي، لأنها تشكل جزءا كبيرا من تركيبتى الذهنية، بل والنفسية، لأننى كنت أتمنى أن أكون رساما، ولذلك فإنك تجدنى اعتمد الصورة جزءا أساسيا فى نسيج التعبير، حتى أن الموقف عندى يتحول إلى صورة، لها اطارها وعناصرها الداخلية.

كنت قد وصفت جيلكم بأنه الجيل الذى سقط سهوا .. ما دلالة هذه المقولة ؟
هناك تعبير آخر يفسر هذا الوصف وكان للناقد الراحل سيد النساج، حيث وصف جيلنا بانه الجيل الذى سقط بين جيلين، ولكن الوصف امتد. إلا أن جيلنا كان له الفضل فى كسر الحائط الكبير، الذى كان يفصل بينه وبين إمكانية تحققه فى ظل حضور وعنفوان جيل العمالقة، الذين سيطروا على المشهد الروائى والقصصى بل والأدبى بأحقية وجدارة، فكنا أشبه بعصافير بين النسور، وكان سؤالنا: كيف لنا أن نتحقق فى حضور جيل يتربع على قمته العقاد وطه حسين وتوفيق الحكيم ويحيى حقى وسعد مكاوى ويوسف إدريس، وصغارهم إحسان عبدالقدوس ويوسف السباعى وأمين يوسف غراب ويوسف جوهر ومحمود البدوي، وعلى الرغم من هذا، فإننى أكاد أزعم أن جيلنا كان له الفضل فى إرساء جملة من التقاليد الروائية الجديدة التى تجاوزت زمنها، وفى مقابل هذا فإننى لا أنكر أن الكثير من أسماء جيلنا قد سقط فى الطريق لكن بقيت علامات قصصية وروائية مختلفة تدل علينا، ولما هلت علينا رياح الستينيات كنا قد تأكدنا كأسماء فى المشهد الروائى المصري، ونحن فى ذروة التحقق، ومجددون فى أسلوب القصص، تاركين أثرا غائرا لا يمحى رغم تعاقب الأجيال وصولا للجيل الأحدث.

ضمير أحادي

تحمل مجموعة حكايات صبرى موسى عناوين ذات ضمير أحادي، ثم يفاجئنا بتعدد الضمائر والشخصيات داخل العمل الأدبي، فما دلالة ذلك؟
بالفعل تجد فى حكايات صبرى موسى توغلا أكثر فى النسيج الاجتماعى والقيمى والأخلاقى من خلال رحلات عفوية وعشوائية كنت أقوم بها فى أنحاء مصر المختلفة وكانت بالفعل هذه الحكايات تنشر على حلقات فى صباح الخير ومن ثم يمكن القول إنك ستجد صياغتها مختلفة عن المجموعة السابقة عليها أو التى اعقبتها مثل "مشروع قتل جارة". أما تعدد الضمائر والأصوات فيتحقق فى تلك الشخصيات المتحدثة ولقد كان لهذه الحكايات أسلوب سردى خاص، وقد يتأكد لك هذا حينما تقرأ ما كتبه يوسف الشاروني، أو صبرى حافظ، أو مجدى توفيق، أو كمال النجمي، عن هذه المجموعة كما أنك تجد أن أساليب السرد متعددة داخل هذا العمل بل أنك تجد استثمارا لفنون أخرى مثل المسرح والسينما والغناء والموال متخليا تماما عن التقاليد الشكلية لفن القصة القصيرة فهذه المجموعة مغايرة فى أسلوب الحكى وقد كان اختيارى لهذا الأسلوب الذى يدل عليه العنوان هروبا من التهالك النقدى بالهجوم عليها كحيلة فنية مراوغة.

نريد أن نتحدث عن بواعث هذا الحس والمناخ الأسطورى التى تفردت به روايتك "فساد الأمكنة" وهل يمكن اعتبار جولتك الصحافية السابقة على الرواية بين جبال الصحراء الشرقية على مدى عام وكتاباتك الصحافية عنها بمثابة مخاض أول سبق كتابتها؟
استطعت خلال رحلتى للصحراء الشرقية وجبالها أن أتعرف إلى القبائل واعرافها وقوانينها، وهذا خلق لدى نوعا من الحميمية مع المكان، حتى إننى حينما كتبتها على حلقات كتبتها بقوة الأدب، وبروح الأديب ومغامرة وحرفية الصحافي،مما جعل هذه المادة عذبة وجاذبة للقراءة، بل وقادرة على إثارة انتباه المسؤولين تماما مثلما فعلت مع رحلاتى للبحيرات وكان الغرض من رحلتى للبحيرات والحلقات التى كتبتها عنها هو التصدى لدعوة المعونة الأمريكية آنذاك لتجفيف هذه البحيرات، لزراعتها، وقد نجحت حملتى فى صرف نظر المسؤولين عن فكرة التجفيف، ولكن لنعد إلى الصحراء الشرقية فلقد تأسست علاقتى الحميمة مع هذه الأماكن من خلال جولاتى الصحافية وحققت نوعا من المعايشة المباشرة والحقيقية معها، ورحلتى للصحراء بدأت بعد رحيل المحتل الإنجليزى عنها إلى حدود البحر الأحمر، فكانت رحلة لمكان اعيد حديثا لمصر، بعد انتهاء هذه الرحلات واستيفاء الغرض الصحافي، وجدتنى ما زلت مشحونا ومسكونا بخصوصيتها وعبقريتها، خاصة الصحراوية والجبلية منها، على نحو يفوق الغرض الصحافى أو كتابة الرحلات، ورأيت أن عملا روائيا لهو خليق باستثمار وتوظيف هذه الشحنة الروحية والأسطورية فى داخلى عن هذا المكان الجامع لتراث مصرى عربى افريقى رومانى فرعوني، بقبائله المحملة بتراث خرافى لدرجة جعلت المكان أسطوريا والبشر أسطوريين.

عاشق للسينما

نريد أن نتوقف عند تجربتك فى كتابة السيناريو للسينما، فهل يرجع نجاح روايتى "قنديل أم هاشم"، و"البوسطجي"، لأنهما مأخوذتان عن عملين ليحيى حقي، بالإضافة إلى "الشيماء" عن عمل لأحمد على باكثير؟
أريد أن أشير إلى ملاحظة مدهشة يجب أن اذكرها وهى أن الأفلام الثلاثة هذه لم يلحق بها أى تغيير أو تعديل أو تحريف فى السيناريو الذى كتبته وتم تنفيذها حرفيا تقريبا باستثناءات قليلة لا تذكر، وهذا يعكس تفاهما واتساقا بين فكر المؤلف الأصلى وكاتب السيناريو والمخرج، واذكر أن الأفلام الأخرى لم يتم الالتزام الدقيق بما كتبته مثل "رحلة داخل امرأة " و"حادث النصف متر" وغير ذلك، حتى أننى أكاد لا اذكرها، إذا ما تحدثت عن تجربتى السينمائية.

وهل يرجع نجاح وخلود أفلامك المأخوذة عن أعمال يحيى حقى لتعاطفك المسبق معه كروائي؟ نريد أيضا أن نعرف قصة الاعتراض الوحيد ليحيى حقى على فيلم "البوسطجي"
يحيى حقى فنان مبدع ومجدد فى القصة والرواية وعلامة من علامات التجديد كطفرة إبداعية، بل وفى فنون الكتابة جميعاً وأعماله دائماً كانت طازجة ومغرية للسينما ربما لأنه كان كذلك محباً للسينما، ومطلعاً على أحدث تياراتها فى فرنسا، فلما كان رئيساً لمصلحة الفنون، ساعدنا على انشاء جمعية الفيلم، وساعدنا باستعارة أحدث الأفلام الأجنبية فى حينها من السفارات والمراكز الثقافية، ولقد تعلمنا فن السينما بفضل هذا الرجل وأتصور أن حبه للسينما كان وراء كتابة "دماء وطين" المأخوذ عنها "البوسطجي" بل إنه كتبها بالأسلوب السينمائى الذى كان سائداً فى حينها والمتمثل فى الموجة الجديدة فى فرنسا والواقعية الجديدة فى إيطاليا، ولذلك فقد استفاد من التقاليد السينمائية فى التقاليد الروائية وقد شكلت "دماء وطين" إغراء للكثير من السينمائيين وانتشرت الأخبار عن كتابة فيلم عن هذه الرواية ولكن لم تنجح كل المحاولات وانتهى الأمر بقرار يعتبر أدب يحيى حقى لا يصلح للسينما، وكأن هذا الموقف قد ألقى بالقفاز فى وجهى فقبلت التحدى وأعلنت أن الذين قالوا هذا الكلام لم يفهموا أدب يحيى حقي، أو لم يفهموا السينما لأن القاعدة التى تعلمناها أن كاتب السيناريو يستطيع أن يحول سطرين من جريدة يومية إلى حركة سينمائية، والكتّاب آنذاك للسينما لم يلحظوا الفلاش باك فى أدبه والذى لم تكن تعتاده السينما المصرية حينها، وكذلك المونولوج الداخلي، بل اعتاد جمهورها الحدوتة المتواترة الأحداث، أما اعتراض يحيى حقى الوحيد فكان على مشهد النهاية التى تفيد بأن تاجر العسل قد قتل ابنته الوحيدة ليغسل عاره، والتى عبر عنها حقى فى الرواية بانطلاق جرس الكنيسة، وأنا ترجمت هذا فى أكثر من لقطة، حيث الأب يطارد ابنته ثم يقتلها، ثم يحملها ويمر بين الناس الذين يشاهدون هذا المشهد باعتيادية باعتباره مبررا دائماً، وما جعل حقى يعترض هو رقته المفرطة التى لم تحتمل دموية هذا المشهد.

جائزة التفوق، كنت الحاصل الأول عليها، فى أول دوراتها، ثم اعقبتها التقديرية، فلنتحدث عن ترشيحك ودلالة حصولك عليها؟
بالفعل كنت أول الحاصلين على جائزة التفوق، وهذا تقدير أشرف وأسعد به فلما جاءت التقديرية رشحنى اتحاد الكتاب، ضمن اثنى عشر مرشحا، وتم التصويت السرى على هذا، إلى أن وقع الاختيار عليّ وبعد التصويت على التقديرية حصلت على 35 صوتا فيما حصل سليمان فياض علي32 صوتا رغم مجيء اسمى فى المقام الثالث فى الأخبار الصحافية، وهذه تفصيله صغيرة لم يلتفت إليها أحد وأقول إن فى مرحلتنا العمرية هذه أى تقدير يسعد الكاتب، ويشعر أن سيرته لم تكن حرثا فى ماء وتم تقديرها من متخصصين غير أن التقدير الأهم والذى يثير حماس المبدع اكثر هو تقدير القراء الذين نكتبهم ونكتب لهم وبالأخص حينما تنفد نسخ عمل من أعمال المبدع، ويجد من يتصل به ليسأله كيف ومن أين له أن يحصل على نسخة.



سمير الفيل
كاتب مصري
Samir_feel@yahoo.com

ايوب صابر 04-19-2012 11:46 PM

خارج السطر

تكريم صبري موسي

بقلم ـ مصطفي عبيد
الأحد , 12 يونيو 2011 12:17


وحيدًا لا يزار..


كلوحة بيت قديمة علاها تراب التناسي.

يعيش علي الذكريات الجميلة، ويقاوم داء التجاهل المتوارث لدي أهل مصر منذ عهد الفراعنة.

يكتب.. ماذا يكتب في زمن غطت فيه لافتات الدعاية وعناوين الاثارة علي كلمات الابداع ومدونات الأدب! يقول: ما أصعب أن يتكلم في زمن يعلو فيه ضجيج الملاكمات الفضائية علي مناقشات التعقل!

يصمت مادام لا أحد يهتم، ولا أحد يتحرك، ولا أحد يمد يديه ولا حتي هناك من يلقي إليه نظرة.

يرقد الأستاذ صبري موسي معلم الأجيال، ومبدع الصحراء مريضا منسيا، يعاني وحدته ولا مبالاة الوطن الذي عاش حاملا له الخير وحالما له بالحرية، يأبي الحياء علي المبدع الكبير أن يطالب بالعلاج بعد محنة المرض، وتقهره عزة النفس ألا يسأل الاهتمام من كيانات لا تهتم، ومثقفين لا يعرفون فضيلة الوفاء لأستاذ كبير ألقته الظروف في مصيدة العجز.

كان ومازال أديبا فريدا ينقلنا من زمن التردد إلي زمن الحسم، ويخرجنا من ضباب الحداثة إلي صدق الواقعية.. يعري الحجارة بحكمة جراح متقن، ويمسح غبار البداوة عن صورتنا في فضاء العالم.. يصنع من الكلمات صورا تتداخل لتعيد صياغة أحاسيسنا وأشواقنا.. يترجمنا إلي محبة وحنان وكلام جميل يدل أننا دولة لها حضارة.. أمتعنا وأمتع الملايين بسيناريوهات أفلام عظيمة مثل قنديل أم هاشم، الشيماء، والبوسطجي، وقادنا في رحلات خيالية جميلة برواياته فساد الأمكنة، والسيد من حقل السبانخ، وحادث نصف المتر.

لقد رفض صبري موسي الجنسية الأمريكية عندما منحوه أعظم جائزة أدبية هناك وهي جائزة »بيجاسوس« لأن قلبه لم يتقبل أن يصبح لوطنه شريك حتي لو كان أمريكا، ومع ذلك فقد تركوه وهو يختتم عقده الثامن دون سند مادي أو رعاية أو حتي سؤال.

أي فساد أمكنة أكثر من ذلك؟

كثيرون هم المبدعون الذين واراهم التراب قبل أن تكرمهم مصر.

مات أمل دنقل فقيرًا منبوذًا تحت وطأة السرطان وضغطة النكران، وانتهي الحال بمبدع الوطن الصادق نجيب سرور إلي إلقائه في مستشفي الأمراض النفسية، وتركه يتسول الطعام في أواخر أيامه، وسقط محمود حسن إسماعيل صريع الغربة بحثا عن »لقمة عيش« أفضل في بلد لا يقدر المبدعين.

إن من حق صبري موسي علينا أن نعظمه، ونكرمه، ونعطيه حقه، ونمنحه وفاءنا وتقديرنا وامتناننا علي ما قدم للأدب والكتابة والفن، لنؤكد أن مصر ما بعد 25 يناير تحتضن أبناءها، وتحنو علي مبدعيها وتحفظ الجميل لأقلامها البريئة وتكفل لهم حياة كريمة، والله أعلم.



ايوب صابر 04-20-2012 10:38 PM

عشاق صبرى موسى يطالبون بتعميم دراسه منهجه فى الجامعات
دينا طلبة النهار : 19 - 01 - 2011


بين شوق وحب ولهفه ودموع استقبل اعضاء جمعيه مؤلفى الدراما الكاتب الكبير صبرى موسى بعد غياب طويل عن عيون اصحابه وتلاميذه وعشاقه ، حيث أقامت له الجمعيه حفل تكريم بالتعاون مع نقابه السينمائيين والمجلس الاعلى للثقافه أول امس الاحد تقديرا لعطاؤه وابداعه المتواصل فى الفكر المصرى والثقافه المصريه عن مجمل اعماله الادبيه والفنيه والشعريه التى اثرى بها الفن والسينما المصريه .
بدء الحفل بكلمه لرئيس الجمعيه الكاتب محفوظ عبد الرحمن صديق عمره والذى نقل كلمه على لسان الاديب بهاء طاهر الذى اعتذر عن الحضور لسفره وقال على لسانه تحيه الى رائد الروايه المصريه لانه استحدث اللغه العصريه لكتابه القصه بعد ان كانت هذه الكلمات يسيطر عليها البلاغه الشكليه،ربطته لغته بالكاتب الكبير يحي حقى واستطاع ان يحول اعماله لسيناريوهات ،خرج عن الجو المألوف فى روايته فساد الامكنه ومثل المساحه الاكبر فى مصر، هورائد اقتحم عالم الخيال واستطاع ان يعبر عن الرساله الحقيقيه للادب كمسعى للحق والخير والجمال .
بعدها كرمه رئيس الجمعيه وسلمه اول درع لها، ورحب رئيس المجلس الاعلى للثقافه عماد ابو غازى بحضور صبرى موسى وقال ان حضوره الى المجلس هو تكريم للمجلس لانه من رواد القصه منذ ان كان عضوا فى لجنه القصه ثم مقررا لها واعطى له درع المجلس ، واعترف مسعد فوده نقيب السينمائيين بتقصير النقابه فى التأخير بالاحتفاء به وقال ان تكريمه لموسى هو لحظه فارقه فى حياته كنقيب وفى حياه النقابه ،فى لحظه فارقه تقدم محفوظ عبد الرحمن بتهنئه موسى واعطى له قلمه فى اعتراف باستاذيته وهو مافعله اغلب الكتاب الذين حضروا للقاء موسى منهم فتحيه العسال وصلاح المعداوى .
وفى احتفاء بحثى اكد الدكتور رؤؤف وصفى ان الخيال العلمى فى روايه "السيد الحقل سبانخ "لابد ان يدرس فى الجامعات لانها مثال مميز للادب فى الخيال العلمى فالكاتب تمكن ان يجعل القارئ مقتنع بان مايقراؤه هو الواقع فى القرن ال24 واضاف انها روايه تستحق الاشاده لان موسى تمكن من شرح الحياه كما لو كانت فى كوكب اخر فى قالب قصصى وتنبأ باشياء هامه فى روايته كان اهمها اطفال الانابيب والاستنساخ لذلك كانت نهايه الروايه صرخه قويه تنادى بالتوقف عن التقدم التكنولوجى لما سيحدثه من تدمير للانسانيه وهذا الامر ايضا تنبأ به صبرى موسى فى روايته فكتاباته تدعو دائما لتقدم الانسان بجانب التقدم التكنولوجى .

تحدثت الكاتبه اقبال بركه عن تاريخها الصحفى الذى جمعها بصبرى موسى بدايه من عملهما معا فى مجله صباح الخير وتلمذتها على يده بدايه من مشواره التأليفى حتى استعاد رغبته فى الانطلاق ليكون علامه فارقه فى تاريخ الروايه العربيه وقالت انه يتميز بعمق افكاره فهو لايحب الكتابه لكنه يدخل معركه شرسه مع الفكره وعندما تفرض نفسها عليه يضطر لكتابتها وحتى الان هناك العديد من الافكار التى بدأها ولم يكتبها منها على سبيل المثال فنجان قهوه قبل النوم "التى بدأ فيها منذ سبع سنوات ولم يكملها.
وصفت اقبال موسى بالدبور الذى ينتقل فى بستان الكتابه بحثا عن الفكره المميزه فكتب القصه والروايه وحولها الى سيناريو نافس فى كتاباته احسان عبد القدوس وكانت روزاليوسف وقتها تنفرد بمدارس ادبيه وموسى واحدا من مؤسسيها .
تحدثت صديقه عمره عن نشاته فى مدينه دمياط التى اثرت على مغامراته الصحفيه فكانت اولى موضوعاته رحله الى الصحراء واثبت خلالها ان مصر لديها كنوز وكتب عن جبال الذهب بمرسى علم وكانت هذه الكتابات سببا فى اطلاق الوادى الجديد حتى انه سجل رحلته على شرائط فيديو بكاميرا 8 مللى وقدم افلام تسجيليه حتى كتب مؤلفه "فساد الامكنه " كما ذهب الى جميع بحيرات مصر ورصد اهميتها للبيئه وبدء قصصه القصيره وكتب روايته "حادث النصف متر "واعيد نشرها عام 74 وحصل عنها على جائزة الدوله التشجيعيه فكان اول كاتب مصرى يحصل على جائزتى السيناريو والحوار فى ادب الخيال عن فيلم البوسطجى وهو اول سيناريو يصدر فى كتاب وتوالت اعماله بقنديل ام هاشم لذلك فهو تجربه لابد ان تدرس فى الصحافه .
وتحدث الكاتب حسين حموده عن قراه فى روايته فساد الامكنه معبرا ان هذه الروايه احتفظت بصفتين وهما الجمال المذهل والسعى لاقتناص ملا يقتنص واكتشاف العالم الفنى .
اما الكاتب الصحفى رامى عبد الرازق تحدث عن تجربته الشخصيه التى ظهرت من خلال قراته ودراسته لروية يحي حقى وبعدها دراسه سيناريو البوسطجى والمقالات التى كتبت عنها والتى اثبتت ان الكاتب صبرى موسى حاله منفرده ووصفه ب"المؤلف الشاب"وهو لقب مازال يطلق عليه حتى الان لان اعماله باقيه بالاضافه الى انها تتسم بروح الشبابيه الصالحه لكل زمان ومكان ولذلك طالب رامى بمنهجت وتعليم اسلوبه فى مدارس السيناريو لانه افضل من حول الروايه الى سيناريو وقال نحن نحتاج فى عصرنا الى كتاب قادرين على هذا التحويل .
كما تحدث الصحفى رمضان بسطويسى عن تجربته مع صبرى موسى فى اجراء حوار نقدى معه عن افلامه وتجربه تحويله الرويات الى سيناريوهات فتحدث عن استخدامه لمنهج موسى فى الخيال العلمى وتدريسه للطلبه فى ماده علم الفلسفه . واختتمت الجلسه بتعليقات من محبيه وعشاقه .
و صرح الكاتب الكبير صبرى موسى عن سعادته من اختيار جمعية مؤلفى الدراما العربية له كاو الالكبيرة بهذا التكريم خاصة وهو اول مكرم يتم اهداء درع الجمعية له
على هامش اللقاء
دموع محفوظ عبد الرحمن التى نزلت وقت تكريمه لصبرى موسى لانها المره الاولى التى يراه منذ مرضه ، وهذا لم يمنعه من اطلاق النكات اثناء الاحتفال حتى انه تحدث عن تونس والوضع العربى باسلوب الاسقاط .
لقاءات جانبيه كثيره جمعت بين الكاتب الكبير واصدقاء العمل والصحافه ابرزهم صلاح المعداوى وزينب صادق .
لقاء خاص مع كرم النجار وبدء خلاله صبرى موسى يتذكر ذكرياته الجميله .
احتفاء غير عادى من القنوات الفضائيه التى تهافتت على اللقاء مع صبرى موسى

==
لماذا نكتب؟
سمير الفيل : روائي مصري
* أكتب لأنني اخترتها مهنة منذ الطفولة ففيها متعة شخصة لي حين ألعب عبر اللغة وأقيم حيوات وأتماهى أحيانا مع شخصياتي فأقوم بأدوار بطولة يصعب علي أن ألعبها بالواقع.
* أكتب لأنني مؤرق بقضايا الوجود . ثمة أسئلة طرحتها مذ كنت طفلا ومازالت تلك الأسئلة مشرعة باتجاه المستقبل بلا إجابة نهائية : لماذا الميلاد والموت ، الحب والكراهية ، الخير والشر ، الصحة والمرض ، الفقر والغنى ؟!
كنت أسير مرة في شوارع مدينتي مع الروائي الفذ صبري موسى ( صاحب فساد الأمكنة ) وقد سألته : لماذا نحن موجودون في الكون؟
التفت إلىّ وصمت طويلا وأجاب بعد فترة : هو سؤال صعب لكننا نحاول أن نجيب عنه من خلال " فعل الكتابة " .
أعتقد أن إجابة أستاذي صبري موسى ممكنة فقضايا الوجود تؤرقنا جميعا . بعضنا يلجأ للدين والبعض الآخر للفلسفة ، وهناك من يتجه للفن لتفسير كثير من القضايا العالقة . روعة الكتابة أنها تقبل كل الاجتهادات بلا استثناء ، وتتيح الفرصة للجميع كي يجيب عن الأسئلة الكبرى الإجابة التي يعتقدها.
* أكتب في كثير من الأحيان لتفريغ طاقة هائلة داخلي لو تركتها لدمرت ذاتي ودمرت من يحيط بي . ثمة قوى شريرة تتلبسني ويكون علي أن أبحث عن مسارب لتبديد تلك الطاقة.
* أدحض الكتابة بالموت. مات الأسطى مصطفى الفيل صاحب محل صغير لصناعة الأحذية بمدينة دمياط وأنا طفل لم أتجاوز العامين. وحين فتحت عيني وجدت مكانه شاغرا. سألت أمي فقالت كلمة واحدة ، لكنها صادمة : مات!
كنت أتسلل إلى قبره بالقرب من شارع صلاح الدين لأسوي الخوص فوق الحدبة وأوسد رأسه بافتراض أنها تجاه القبلة. رأيت أن الكتابة فيها مقاومة للموت .
أفزع حين أواجه الورقة بيضاء فأسعى لتسويدها. لا يمر علي يوم دون كتابة فأشعر دائما أنني في حالة صراع مع الموت. إنه يمثل عنصر عدم وفناء وهلاك قوي بينما الكتابة حياة وامتداد وخلق.
أحيانا أهرب من مواجهة الكتابة ، وأكون في ضيق عظيم حتى يفتح الله علي بالجملة الأولى ثم أذهب مع اللغة والأفكار والأسلوب أنضد حياة بهيجة أختارها بمعرفتي.
في الوقت الذي أتوقف فيه عن الكتابة سيأتيني الموت بسهولة تامة وسأستسلم له بكل أريحية .
==
للاسف طفولة صبري موسى مجهولة رغم ان هناك ما يشير بأنه كان يعاني من قلق وجودي وهو حتما عاش مأزوما لكن الارجح ان نقول بأنه

مجهول الطفولة.

ايوب صابر 04-21-2012 03:40 PM

62- السقا مات يوسف السباعي مصر
رواية للأديب المصري يوسف السباعي
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

صدرت لاول مرة سنة 1952 م عن دار النشر للجامعيين
يعتبرها الكثير من النقاد أهم رواية كتبها يوسف السباعي وتدور أحداثها في حارة مصرية في العشرينيات
فكرة الرواية

تدور الفكرة الرئيسية في الرواية حول فلسفة الموت ومحاولة الشخصية الرئيسية " المعلم شوشة السقا " للهروب من ذكرى وفاة زوجته الشابة

المفارقة تحدث عندما ينقذ المعلم شوشة شخص ما من الضرب في أحد المطاعم ثم تتوثق علاقته به ويدعوه للإقامه معه في بيته مع حماته وابنه سيد، وهو لا يعلم ان هذا الشخص يعمل في مجال متعلق بدفن الموتى.

ينفر المعلم شوشة من ضيفه في البداية إلا إن الضيف سرعان ما يتمكن من إقناع المعلم شوشة بمواصلة حياتة ونبذ الخوف من الموت، إلا أن أكبر مفارقة تحدث عندما يموت الضيف نفسه فجأة في بيت شوشة فينهار المعلم بسبب ذلك.

بعد فترة يستعيد المعلم شوشة عافيته ويأتيه خبر سار بتعيينه شيخاً للساقيين في المنطقة، إلا أن البيت ينهار فوق رأس المعلم وتنتهي حياته في مشهد قوي ومؤثر.
تحويل الرواية إلى فيلم

حاول المخرج الراحل صلاح أبوسيف تحويل الرواية إلى عمل سينمائي في السبيعينيات إلا إن جميع المنتجين رفضوا المغامرة بإنتاج فيلم يتحدث عن الموت.
تمكن صلاح أبو سيف في النهاية من الحصول على موافقة المنتج والمخرج يوسف شاهين على إنتاج الفيلم بالاشتراك مع شركة ساتبيك التونسية سنة 1977، حيث قام بكتابة السيناريو محسن زايد بالاشتراك مع صلاح أبو سيف.
وقام بالتمثيل فيه : عزت العلايلي، فريد شوقي، أمينة رزق، ناهد جبر، حسن حسين، شويكار، بلقيس وتحية كاريوكا.
إلا إن نهاية الفيلم مختلفة عن نهاية الرواية، حيث تعمد كاتبي السيناريو أن تكون النهاية فيها قدر من التفاؤل.

ايوب صابر 04-21-2012 03:43 PM

السقا مات
د امين الجندي
المصدر : القصة العربية

وسط كل أعمال يوسف السباعي الرومانسية والوطنية تبقى رواية "السقا مات" بمثابة درته الفريدة ..ليس فقط بسبب تكوينها المتقن وشخصياتها الساحرة ولكن لأنه أضمر فيها معضلة الموت المكتوب على كل الكائنات..
تدور أحداث الرواية في عشرينيات القرن الماضي وسط أحياء شعبية تفوح بتقاليد مصر العتيقة ..بالتحديد في حي الحسينية حيث يقع صنبور المياه الحكومي القائم في زوايا درب السماكين ..يقف أمامه صف طويل عريض من النسوة ذات الصفائح والرجال ذوي القرب ..أحدهم هو المعلم شوشه بطل هذه الرواية الذي يجمع أفضل خصائص ابن البلد بشهامته ورجولته وكريم عنصره رغم ضيق الرزق وكدح المهنة ..صلب العود رغم نحوله ..متدين لا يضيع صلاة ، رزين طويل الصمت ، يغلب عليه الحزن والتفكر ..ويولي اهتماما خاصا بشجرة تمرحنة في السراي المجاور لسبب سوف يتضح فيما بعد .
أما ابنه سيد فهو مجرد صبي في التاسعة من عمره ..شديد الحيوية إلى حد آسر ..مفردات عالمه الطفولي الساحر هي مشاكسة الشيخ كفتة صاحب الكتاب الذي ذاق الويل من شقاوته ..وتسلق أشجار السراي المثمرة لجمع البلح الأحمر والجوافة وزعامة مجموعة من الصبية " حرشه وزكي الحدق " يلعبون الكرة الشراب والبلي الذي يحصده دائما ..أما مشاكله المستعصية فمحاولة الفرار من غسيل الوجه بالصابون الذي يؤلم عينيه رغم إصرار جدته الكفيفة التي ترعاه بعد وفاة أمه .
كانت سعادته لا توصف حينما قرر أبوه المعلم شوشه إخراجه من الكتاب لتلقينه مبادئ مهنة السقا ..كان فخورا برجولته الوليدة ويحاول تقليد الكبار بلهجة رجولية خشنة مثيرا عاصفة من الضحك حيثما ذهب ..وفي مسمط الحاجة زمزم بدرب عجور كان تعرفهما على الشيخ شحاته ..ذلك الكهل لطيف الملامح بشوش الوجه الذي يرتدي جلبابا من الدمور وجاكتة قديمة ..وفي قدميه حذاء بال مربوط بالدوبارة ..وفوق رأسه طربوش أسود منهار الجوانب مائل على حاجبه الأيسر في عياقة لا تتناسب مع مظهره المثير للرثاء ..وكان ذلك الرجل الذي لا يملك من مظاهر الأفندية غير الطربوش والجاكتة لا يكف عن مغازلة الحاجة زمزم بتلعيب حواجبه بطريقة آلية منتظمة هازا رأسه في شبه أسف وطرب : يا ميت ندامة على اللي حب ولا طالشي !.
تأثير تلك المغازلة على المعلمة الضخمة الجثة كان ظاهرا بتمايلها طربا وضحكتها الناعمة نسبيا وهزة رأسها المعصوب بعلامة الرضا ..لكن ذلك لم يشفع له وقت الجد حينما حان تبين إفلاسه عند دفع الحساب..ولم ينقذه من براثن المعلمة المخيفة غير شهامة المعلم شوشه الذي دفع له حسابه لتنشأ علاقة صداقة متينة بينهما تصل إلى حد استضافته في الدار .
وهناك نتعرف على مهنته العجيبة ..مطيباتي جنازات ..يرتدي بذلته السوداء ويلبس الفوطة الحمراء على وسطه – طباعة العرقسوس – ويمسك في يده القمقم ويمشي أمام الجنازات من باب الافتخار حتى يزف الميت لمدفنه ..بعدها ينال نصف ريال من متعهد الجنازات ..وقع ذلك كان ثقيلا على المعلم شوشه الذي بدأ يشعر بالرهبة من صديقه المخيف الذي حاول أن يشرح له فلسفته الخاصة عن الموت والحياة .
" إن وجه الأرض متغير وكل الكائنات محدود أجلها ببداية ونهاية ..هذا المقعد ، تلك اللبلابة ، هذه القطة ..هذا الجلباب ..لكن الإنسان يتملكه الغرور فلا يريد أن يذهب في هدوء ويأبى أن يقارن نفسه بالقطة والمقعد والجلباب ..يكره الموت ويأبى قبوله ويرفض تعوده وترويض نفسه عليه ..في بداية عمله بمهنته كان بكاؤه يشتد عند رؤية الميت رغم سخرية الزملاء القدامى ..بالتدريج صار أقل تأثرا ثم لم يعد يبالى قط حتى ليسير في الجنازة وكأنه في نزهة مستغرقا في أفكاره الخاصة . بعدها بدأ التعود على النزول لداخل المقبرة عازما أن يهزم في نفسه مخافة الموت ..في المرة الأولى تملكته الرجفة حينما لامس لحم الميت البارد وجسده اليابس ولكن بعد لحظات هزم الخوف واقنع نفسه أنه يحمل فخذة خروف أو دجاجة مذبوحة ..أليس كلاهما جسد ميت من لحم وعظم ؟..وحتى المقبرة لم تعد تمثل له سوى مجرد قبو تحت الأرض مليء بالعظام والجيف ..في تلك اللحظة التي أعلن فيها انتصاره على رهبة الموت صار يعتبر نفسه أشجع إنسان في العالم ..لقد احتقر الموت فاحتقر – تبعا لذلك – الحياة ."
حينما انتهى الشيخ شحاته من محاضرته الحارة على صديقه الجديد المعلم شوشه فوجئ بالدموع تنساب على وجنتي الرجل الجلد الصموت في أخاديد وجهه المغضن ..لطالما عذبه تفكيره المتواصل في الموت الذي حصد زوجته الحبيبة منذ تسع سنوات وهي تلد ابنه الوحيد سيد ..ولطالما سهر الليالي يسأل نفسه ، ويسأل السماء والنجوم أيضا : لماذا ماتت ؟..بل لماذا نولد إذا كنا سنموت حتما ؟
من كان يصدق أنها ستموت ؟ بجسدها القوي ووجهها النضير وثغرها الباسم وعينيها الضاحكتين المتلألئتين وشجرة التمر حنة التي زرعتها بيدها الرقيقة في حديقة السراي وكانت سبب تعارفهما ..من يصدق أنها تقبع في حفرة رطبة مظلمة بباطن الأرض مسلوبة الحركة فاقدة الحياة لتصبح بعد حين هيكلا أكله البلى وعظاما نخرها السوس ؟..كان يسأل نفسه في يأس فيستعصى الجواب حتى دخل شحاته أفندي في حياته بمهنته المخيفة وفلسفته العجيبة .
.........................
وتمر الأيام بالجميع بتفاصيلها الكثيرة التي تصنع الحياة ..وأصبح شحاته أفندي ضيفا دائما ومصدر سرور لا ينقطع للأسرة التي يغلب عليها الصمت والوجوم في غيابه..لقد أحبه الكل لشخصيته البشوشة وحبه الواضح للحياة ..سيد وجده صديقا كبيرا يقوم بتعليمه العزف على الناي ويصنع له الطائرات الورقية والكرة الشراب ويبتاع له - من وقت لآخر - أطايب الطعام حينما ينفحه متعهد الجنازات بمنحة سخية ..الجدة الضريرة أحبته من صميم قلبها الطيب المتسامح ..والمعلم شوشه وجد فيه صديقا مخلصا مقبلا على الحياة رغم حرجه من غزله للنساء ..وفي كل مرة يعتذر بأنه لا يملك نفسه حينما يرى صنف الحريم ..على الفور يقوم بتلعيب حواجبه ويبدأ فورا في الغزل " أموت في الملبن أبو قشطة ، هز يا وز "..وعبارات من هذا القبيل ..
الرجل الذي يمتهن الموت كان شديد العشق للحياة ..يعشق الكيف والنساء والطعام الجيد ، ويعيش اليوم بيومه دون أن يحمل هم الغد ..ويتعجب جدا من قهر المعلم شوشة لرغباته متسائلا : ما جدوى الحياة بدونها ؟.
وبرغم إفلاسه المزمن فقد كان مستعدا لدفع خمسين قرشا كاملا ( وهو مبلغ باهظ بأسعار هذه الأيام ) من أجل سهرة حمراء مع عزيزة نوفل صاحبة الجسد الممتلئ الملتف في ملاءة تنحسر عن ثوب أحمر بدت منه ذراعان بيضاوان ناصعتا البياض وكشفت فتحة الصدر عن ملتقى الثديين المكتنزين فإذا ولت وجهها بدا ظهرها أشد تفصيلا وتفسيرا وإقناعا وإغراء واستدعاء ..من أجلها تفاوض مع القواد صاحب الشارب المفتول ، وذهب للعطار ليشتري جوزة الطيب وعود قرح وساوم الجزار على رطل كلاوي بتلو و(توضيبة ) من المخاصي والمواسير ، واقترض قطعة حشيش من زميله الشيخ سيد مخزن المخدرات المتنقل الذي يجلس ويتحرك ويتكلم وكأنه في غيبوبة دائمة ..و( خبط ) عدة جنازات مهلكة من مصر القديمة للمجاورين حتى هده التعب فنام قليلا ليستريح استعدادا لسهرته ..ذلك النوم الذي طال حتى أقتحم عليه المعلم شوشة غرفته فوجده ميتا .
أجل ..مات مشيع الجنازات والساخر من الأموات دون أن يظفر بعزيزته !!!..
.....................
كان وقع ذلك مروعا على الأسرة الصغيرة التي احبته .. في بادئ الأمر شعر المعلم شوشه بالخوف من دخول غرفة الميت ومن لمس الجثة لكنه تذكر قول صاحبه عن الأموات واحتقاره للموت واستخفافه بالجثث . وكمجاملة أخيرة قام بارتداء البذلة السوداء والفوطة الحمراء والطربوش إكراما لمشيع الجنازات في رحلته الأخيرة .. وعزم في نفسه على النزول للمقبرة محاولا أن يهزم رهبة الموت كما فعل صاحبه ..وبالفعل أمسك بالجثة رغم تلك الرجفة - التي هزته - من برودتها ولكنه همس لنفسه : لا تخش شيئا ..إنها لحمة ميت ..مثل فخذة الخروف أو الدجاجة المذبوحة . كانت معركة بينه وبين رهبة الموت ولكنه صمم على الانتصار قائلا لنفسه إنها أنقاض لم تعد لنا بها صلة ..مواد فانية متحللة لا فارق بينها وبين أنقاض الدور وبقايا الأثاثات القديمة ، فعلام الرهبة ؟
ولم يكد المعلم شوشة يسير أول خطواته داخل القبر حتى صدمت قدمه جمجمة ميت راحت تتدحرج على الأرض بصوت مكتوم فكانت قرعته للجمجمة هي دقة الهزيمة ..لقد أنهار الرجل تماما وجثا بالميت على الأرض ودفن رأسه بين كفيه واندفع في نحيب حاد .
كلا ، ليست هذه العظام أنقاضا كأنقاض الدمن ..إنها آثار عزيز غاب ودلائل حبيب فقد ..فما أعز البقايا وأكرم الأنقاض !!!. وأسرع الرجال بوضع الجثة في مكانها وإخراج المعلم شوشة من المقبرة بعد أن انهارت مقاومته وتحطمت أعصابه .
لكن الأيام منحته فرصة أخرى ..لقد جاء زميل لشحاته أفندي يعلنه بجنازة موشكة ..وحينما أخبره بموته وتجاوز الرجل صدمة النبأ طلب منه أن يحل محل شحاتة أفندي كمطيباتي جنازات ..وبسرعة وافق المعلم وارتدى البذلة السوداء والفوطة والطربوش لا لكسب مادي بل لدخول معركة ..لقد خسر الجولة الأولى وها هي تسنح له الفرصة لجولة ثانية وثالثة ورابعة .
في البدء لم تكد عيناه تقع على النعش الملفوف في حرير أبيض حتى اندفع في نوبة بكاء عنيفة رغم نوبة الضحك التي أصابت بقية ( الزملاء ) الذين كانوا ينظرون إليه نظرة كل محترف متمكن في مهنته إلى مستجد غشيم يبدأ المهنة لأول مرة ..وحتى منطق الشيخ سيد ( مخزن المخدرات المتنقل ) بأن الميت مستريح أربع وعشرين قيراط بينما الأحياء في كد ونصب لم يقنعه ..
وتوالت عليه جولات الصراع سريعة متتالية فقوت من مقاومته وزادت من صلابته ..في كل جولة كان يجد نفسه أهدأ أعصابا وأقل حساسية حتى أيقن أنه يسير في طريق النصر غير مبال بهمسات جيرانه الذين قالوا أنه يهوى الأحزان أو أصابته لوثة .
ومرت الأيام وأعتاد الكل ذلك فيما عدا ابنه سيد الذي تشاءم من تلك المسألة البغيضة التي يشتم منها رائحة الموت الكريه الذي أختطف صديقه الكهل شحاته أفندي فيما مضى بلا رجعة ..ولم تقنعه حجج أبيه الذي صارحه بأن هدفه الوحيد هو الاعتياد على وحشة الطريق التي سيقطعها يوما ما .. إنها مسألة ترويض لا أقل ولا أكثر ..كل جامد في الأرض أبقى من الحي فما أضعف مادة الحياة .!! . يموت الكل ويبقى الحي الواحد ..الباقي القوي.
كل هذا لم يكن مقنعا لابن التاسعة الذي لا يتصور فقد أبيه بعد رحيل أمه ..وفي النهاية رضخ المعلم شوشة لدموع ابنه واعدا بالامتناع عن تشييع الجنازات ..ذلك الوعد الذي لم يعصمه من الموت بعد أيام قليلة حينما أصابته وعكة صحية ألزمته الفراش فتصادف انهيار المنزل عليه نتيجة لشق كبير في جدار البيت أهمل علاجه ليموت الرجل الكريم النفس تحت الأنقاض .
كان مشهد الجنازة مؤثرا جدا ..لقد ارتدى الصبي الصغير عدة الشغل التي لطالما ارتداها أبوه ..دس ساقيه في البنطلون الطويل المهرول وأدخل ذراعيه في الجاكتة الواسعة الفضفاضة ووضع الطربوش على رأسه فهبط حتى استقر على أذنيه ليرى الناس قزما يهرول في بذلة سوداء فضفاضة وقد اندفع حاملا القمقم متخذا مكانه أمام النعش فغلبهم التأثر وتفجرت الدموع في عيون الرجال الشداد الغلاظ الذي يحملون الجثة في المحفة .
وبدأت الجنازة سيرها والصبي على رأسها وقد بدا عليه التجلد لولا دمعتان تجريان في صمت على خديه وهو يسترجع قول أبيه منذ بضعة أيام :
" إنها مسألة ترويض لا أقل ولا أكثر ..كل جامد في الأرض أبقى من الحي فما أضعف مادة الحياة !!..يموت الكل ويبقى الحي الواحد ..الباقي القوي "
.........................

ايوب صابر 04-22-2012 11:29 AM

يوسف محمد محمد عبد الوهاب السباعى
من مواليد 17 يونيو1917 -الدرب الاحمر، القاهرة.
النشأة - الوالد</SPAN>

والده "محمد السباعي" الذي كان متعمقا في الآداب العربية شرعها ونثرها ومتعمقا في الفلسفات الأوروبية الحديثة يساعدها إتقانه اللغة الإنجليزية. السباعي الأب ترجم كتاب (الأبطال وعبادة البطولة) لتوماس كارلايل. وكتب في مجلة (البيان) للشيخ عبد الرحمن البرقوقي. كان "محمد السباعي" الكاتب والمترجم يرسل إبنه الصبي "يوسف" بأصول المقالات إلى المطابع ليتم جمعها، أو صفها، ثم يذهب الصبي يوسف ليعود بها ليتم تصحيحها وبعدها الطباعة لتصدر للناس. حفظ "يوسف" أشعار عمر الخيام التي ترجمها والده من الإنجليزية
وفي أخريات حياته كتب قصة (الفيلسوف). ولكن الموت لم يمهله فتوفى وترك القصة لم تكتمل. وأكمل القصة "يوسف السباعي" وطبعت عام 1957 بتقديم للدكتور "طه حسين" وعاش في أجوائها "يوسف". القصة جرت في حي السيدة زينب، وأحداثها في العقود الأولى من القرن العشرين. وحسن أفندي مدرس اللغة الإنجليزية في مدرسة أهلية هو (الفيلسوف) وصور محمد السباعي أزمة حسن أفندي العاطفية تصويرا حيا.

كان "يوسف" أكبر إخوته في الرابعة عشرة من عمره عندما ، إختطف الموت أباه الذي إمتلأت نفسه بحبه وفاخر أقرانه به وعاش على إسمه الذي ملأ الدنيا ، ولم يصدق أن أباه قد مات. وتخيل أن والده غائب وسوف يعود إليه ليكمل الطريق معه ، وظل عاما كاملا في حالة نفسية مضطربة يتوقع أن يعود أبوه بين لحظة وأخرى. ولهذا كان "يوسف" محبا للحياة يريد أن يعيش بسبب واحد هو ألا يقع إبنه "إسماعيل" في تجربة موت الوالد.

ولد في 10 يونيو عام 1917م. وكان أبوه "محمد السباعي" محبا لأولاده يوسف ومحمود وأحمد. ويقول يوسف بكل الود عن أمه .. (كانت أمي تراني طفلا مهما كبرت ، تسأل دائما عن معدتي .. مليانة واللا فاضية .. كانت مهمتها أن تعلفني وكانت دموعها أقرب الأشياء إليها .. كان يوسف يرى في أبيه مثقفا وفنانا بوهيميا .. ولكن عانى من تنقلات السكن الكثيرة فتنقل يوسف تبعا لها إلى مدراس كثيرة .. وادي النيل، مدرسة الكمال، مدرسة محمد علي، مدرسة الخديوي إسماعيل. حتى حصل يوسف على البكالوريا القسم العلمي من مدرسة شبرا الثانوية عام 1935م.
وكانت الحالة مستورة وعلى (قد الحال) مما يضطره إلى أن يمشي من أقاصي شبرا إلى العتبة على قدميه. وكان قريبا من عمه "طه السباعي" الوزير في فترة من حياته. وتزوج يوسف إبنة عمه "طه" ورزق منها بإبنته "بيسه" وإبنه إسماعيل" والطريف أن "يوسف السباعي" لم يلتحق في مرحلة (التوجيهية) بالقسم الأدبي ، وإنما إلتحق بالقسم العلمي ، وكان أقرب المدرسين إليه الأستاذ "شعث" مدرس اللغة العربية و"الأستاذ" فؤاد عبد العزيز" مدرس الرسم الذي يعاون في إخراج (مجلة شبرا الثانوية) ، وكان يلحتق بالفنون الجميلة قبل أني قدم أوراقه للإلتحاق بالكلية الحربية.
وإلتحق بالكلية الحربية وتخرج فيها عام 1937م وعام 1940م بدأ بالتدريس لطلبة الكلية الحربية – سلاح الفرسان. وأصبح مدرسا للتاريخ العسكري بالكلية الحربية عام 1943. وأختير مديرا للمتحف الحربي عام 1949. وعام 1956 عين سكرتيرا عاما للمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الإجتماعية. وعام 1957 سكرتيرا عاما لمنظمة تضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية. عام 1960 عين عضوا بمجلس إدارة روزاليوسف. ورئيسا لمجلس إدارة دار الهلال ورئيسا للتحرير عام 1971. وأختير عام 1973 وزيرا للثقافة. وعام 1976 رئيسا لإتحاد الإذاعة التليفزيون. ورئيسا لمجلس إدارة مؤسسة الأهرام ورئيسا للتحرير. وفي 18 فبراير من عام 1978م أسند رأسه على صدر مصر ومات على أثر رصاصات غادرة أطلقت عليه في قبرص.
بداياته الأدبية

في مدرسة شبرا الثانوية كان يجيد الرسم وبدأ يعد مجلة يكتبها ويرسمها وتحولت المجلة إلى مجلة للمدرسة بعد أن أعجبت إدارة المدرسة بمجلة التلميذ يوسف محمد السباعي وأصبحت تصدر بإسم (مجلة مدرسة شبرا الثانوية) ونشر بها أول قصة يكتبها بعنوان (فوق الأنواء) عام 1934 وكان عمره 17 عاما ولإعجابه بها أعاد نشرها فيما بعد في مجموعته القصصية (أطياف) 1946م. وأما قصته الثانية بعنوان (تبت يدا أبي لهب وتب) نشرها له "أحمد الصاوي محمد" في المجلة التي كان يصدرها بإسم (مجلتي) عام 1935 إلى جانب أسماء الدكتور طه حسين وغيره من الأسماء الكبيرة وعام 1945 كانت تصدر في مصر كل يوم سبت (مجلة مسامرات الجيب) صاحـبها "عمـر عبد العـزيز أمين" صـاحب (دار الجيب) التي كانت تصدر أيضا روايات الجيب. ويرأس تحرير (مسامرات الجيب) "الأستاذ أبو الخير نجيب" الذي عرف بمقالاته الساخنة ، وكان يوسف السباعي ضابطا صغيرا في الجيش يكتب قصة كل أسبوع. وكانت المجلة إنتشر لوحة فنية كل أسبوع ويكتب لها يوسف السباعي قصة هذه اللوحة الرائعة التي كانت تدفعنا إلى الإحتفاظ بها. ومن الطريف أنني – وكنت وقت ذاك طالبا بالتوجيهية بأسيوط كتبت للمجلة مقالا بعنوان (مصطفى النحاس المفترى عليه) وأرسلته بالبريد وفوجئت بالمجلة تنشر المقال. ثم مضت السنوات وعملنا مع "عمر عبد العزيز أمين" عندما عملت منذ عام 1962 بالدار القومية للطباعة والنشر وكان هو مستشارا لهذه الدار. أما أبو الخير نجيب فقد قابلته في يناير عام 1948 ، وكان رئيسا لتحرير جريدة (النداء) التي أصدرها "الأستاذ يس سراج الدين" وكان مقرها أعلى عمارة في شارع قصر النيل. وبالمناسبة كنت متهما في قضية المظاهرات بالجامعة وأودعونا سجن الأجانب - بجوار الهلال الأحمر بشارع رمسيس الآن ، وكان هناك أحد المعتقلين العرب من المعتقلين وحملني رسالة على ورق البافرة لتسليمها لأبي الخير نجيب. كان ذلك ونحن نتخذ إجراءات الإفراج وذهبت إليه وأهتم بالرسالة الوافدة من السجن ونشرها وأحدثت ضجة في حينها. وعلى صفحات مسامرات الجيب قرأت ليوسف السباعي قصة (إني راحلة) في يحنها عام 1945م أيضا. وكتب فيما بعد "يوسف السباعي" أنه كان يمشي من مسكنه في روض الفرج إلى مقر مسامرات الجيب بشارع فاروق (الجيش فيما بعد) قرب العتبة على الأقدام. وأصدر (الرسالة الجدية) عن دار التحرير وعمل معه "أحمد حمروش" مديرا للتحرير وعمل معه محمد عبد الحليم عبد الله وفوزي العنتيل ، وعباس خضر ، ثم ماتت الرسالة مثملا ماتت رسالة الزيات القديمة. حصل يوسف السباعي على دبلوم معهد الصحافة – جامعة فؤاد الأول بالقاهرة ورأس مجلس إدارة مؤسسة (روزاليوسف) عام 1961. ورأس تحرير مجلة آخر ساعة عام 1967م ، ورئيسا لمجلس إدارة دار الهلال عام 1971م ، ورئيسا للمجلس الأعلى لإتحاد الإذاعة والتليفزيون. وعام 1977 أختير نقيبا للصحفيين وكان رئيسا لتحرير الأهرام ورئيسا لمجلس الإدارة رحلة طويلة من مجلة مدرسة شبرا الثانوية إلى نقيب الصحفيين.

المناصب العسكرية

تخرج السباعي من الكلية الحربية في عام 1937. منذ ذلك الحين تولي العديد من المناصب منها التدريس في الكلية الحربية. تم تعيينة في عام 1952 مديرا للمتحف الحربي و تدرج في المناصب حتى وصل إلى رتبة عميد.
المناصب الأدبية والصحفية

الأمن الثقافي

أطلق "توفيق الحكيم" لقب "رائد الأمن الثقافي" على يوسف السباعي وذلك بسبب الدور الذي قام به في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الإجتماعية ، ونادي القصة ، وجمعية الأدباء. وهذه المجالس وغيرها لها قصة كتبناها من قبل أمانة للتاريخ الأدبي وغير الأدبي. كان صاحب إقتراح إنشاء المجلس هو "إحسان عبد القدوس" الذي طلب من "يوسف" أن يحصل على موافقة "جمال عبد الناصر" خشية إعتراض عبد الناصر إذا تقدم إحسان بالإقتراح وذلك بسبب بعض الحساسيات بينهما. وبالفعل وضع "يوسف السباعي" قصة إقتراح أمام عبد الناصر الذي وافق على أن يكون "السباعي" السكرتير العام ولا مانع أن يكون إحسان عضوا في مجلس الإدارة وهذا ما حدث. صدر قرار جمهوري بإنشاء المجلس عام 1956 وأن يعين "توفيق الحكيم" عضوا متفرغا للمجلس – بمثابة الرئيس – وأن يكون يوسف السباعي سكرتيرا عاما – في يده كل الأمور. وتكرر الوضع نفسه عند إنشاء (نادي القصة) ورأس يوسف السباعي تحرير (الكتاب الذهبي) الذي تم ضمه فيما بعد إلى دار روزاليوسف. وقد سجل يوسف السباعي واقعة إنشاء نادي القصة. جاءه إحسان عبد القدوس وأبدى إقتراحا بشأن تكوين ناد للقصة والقصاصين. وعند إنشاء (جمعية الأدباء) تولى يسوف السباعي رئاستها.
أثناء مسئولياته المختلفة الثقافية والتنفيذية والأدبية والصحفية عمل على إنشاء عدد من مجلات الأدباء العرب والرسالة الجدية وزهور والثقافة والقصة ولوتس ومختارات القصة الآسيوية الإفريقية ، ومختارات الشعر الآسيوي الإفريقي. وأصدر مجلة لكتاب آسيا وإفريقيا.

وقد شغل يوسف السباعي منصب وزير الثقافة عام 1973،و رئيس مؤسسة الأهرام ونقيب الصحفيين. قدم 22 مجموعة قصصية واصدر 16 رواية اخرها العمر لحظة عام 1972، نال جائزة الدولة التقديرية عام 1973 وعددا كبيرا من الاوسمة. لم يكن اديبا عاديا بل كان من طراز خاص وسياسيا على درجة عالية من الحنكة والذكاء. ورأس السباعي تحرير عدد من المجلات منها (الرسالة الجديدة) و(اخر ساعة) و(المصور) وصحـــيفة (الاهرام) وعيّنه الرئيس المصري السابق أنور السادات وزيرا للثقافة وظل يشغل منصبه إلى ان اغــتيل في قبرص في فبراير عام 1978 بسبب تأييده لمبادرة السادات بعقد سلام مع اسرائيل منذ سافر إلى القدس عام 1977.

القيمة الأدبية والنقدية لأعماله

في حين ظل نجيب محفوظ الحائز على نوبل في الآداب عام 1988 ينشر رواياته بغزارة في وجه صمت نقدي واعلامي حتى منتصف الخمسينيات كانت أعمال الكاتب المصري يوسف السباعي الأعلى توزيعا فضلا عن تحويلها مباشرة إلى أفلام يصفها نقاد بأنها أكثر أهمية من الروايات نفسها‚
وبعد أن فرضت أعمال محفوظ نفسها على النقاد تراجع الاهتمام بروايات السباعي الذي ظل في بؤرة الاهتمام الاعلامي والسينمائي وان أخذ كثير من النقاد تجنب الاشارة إلى أعماله باعتبارها نهاية لمرحلة الرومانسية في الادب وانها تداعب احتياجات مرحلة عمرية لفئة من القراء صغار السن
الا ان كاتبا مصريا وصف أعمال السباعي بأنها «واقعية ورمزية»
وقال مرسي سعد الدين في مقدمة كتاب «يوسف السباعي فارس الرومانسية» ان السباعي لم يكن مجرد كاتب رومانسي بل كانت له رؤية سياسية واجتماعية في رصده لاحداث مصر‚
وقالت لوتس عبد الكريم مؤلفة الكتاب الذي صدر مؤخرا بالقاهرة إن دور السباعي في الثقافة المصرية لا يقل عن دوره ككاتب‚ وأشارت إلى وصف الناقد المصري الراحل الدكتور محمد مندور للسباعي بأنه «لا يقبع في برج عاجي بل ينزل إلى السوق ويضرب في الازقة والدروب»
ويعد السباعي ظاهرة في الحياة الثقافية المصرية رغم تجنب النقاد التعرض لاعماله فيما عدا مؤرخي الادب‚ ويكاد ذكره الان يقتصر على أفلام أخذت عن أعماله ومن بينها (اني راحلة) و(رد قلبي) و(بين الاطلال) و(نحن لا نزرع الشوك) و(أرض النفاق) و(السقا مات)‚ كما أنتج التليفزيون المصري مسلسلا عن حياته عنوانه (فارس الرومانسية)
وشددت المؤلفة على أن السباعي «كتب عن فلسطين مثلما لم يكتب أي كاتب أو أديب عربي‚ وفي كل المقالات التي كتبها بعد المـبادرة التاريخية بزيارة القدس (عام 1977) كان السباعي يركز في كل مقالاته على حقوق الشعب الفلسطيني ولم تخل مقالة واحدة من مقالاته من الدفاع عن حق الذين اغتالوه غدرا» في اشارة إلى أحد الفصائل التي خططت للحادث ونفذته.
فلسفته

كان يوسف مؤمناً بأن للأدب دور كبير للتمهيد للسلام في مختلف العصور ، ولم يكتب من خلال نظرية فنية أو سياسية ولو خير من بين مناصبه التي تولاها وبين الإبداع الأدبي لأختار الكتابة كما فعل طوال حياته. جمع بين النشاط العسكري والنشاط الأدبي. وكان على حد تعبير – الدكتور محمد مندور – لم يقبع في برج عاجي وإنما نزل إلى السوق. لم تكن له (شلة) ثنائية أو ثلاثية كما كان عليه الحال على أيام والده ، كانت هناك ثلاثية (محمد السباعي وعباس حافظ وحسين شفيق المصري). وهذه إستمرت لأنها لم تتعرض لصراعات فيما بينهم. وثلاثية (عبد الرحمن شكري ، وإبراهيم عبد القادر المازني ، وعباس محمود العقاد) ، وهذه تمزقت بفعل الخلافات. وثلاثية (طه حسين وأحمد ضيف وزكي مبارك) وهذه تمزقت وبقي منها طه حسين.
ومن الصعب أن نقول أن يوسف السباعي كانت له معارك. قال "يوسف إدريس" منافسه في إنتخابات نقابة الصحفيين أن "يوسف" كان يلقاه مرحبا فاتحا ذراعيه. المعارك فرضت عليه من مخالفيه السياسيين والمذهبيين. قال "عبد الرحمن الشرقاوي" فبعد هزيمة 5 يونيو عام 1967 ، في أحد إجتماعات إتحاد الكتاب العرب وقف مندوب أحد الوفود يطلب عزل يوسف السباعي. وعلى الفور أعلن يوسف إستقالته وإنسحب إلى حجرته وجاء مندوبو الوفود جميعا في مقدمتهم ممثل الحزب الشيوعي وقال .. هذا العضو الذي طالب بعزل يوسف السباعي مفصول من الحزب ، وقد سلم وثائق الحزب للمخابرات المركزية الأمريكية. وعاد يوسف وعادت الوفود إلى الإجتماع لتطرد هذا العضو الذي أثار الزوبعة. وفي إجتماع الكتاب الآسيويين الإفريقيين في سبتمبر عام 1973. كان الإجتماع في (ألما آتا) في الإتحاد السوفيتي وحوالوا عزله فطرح الثقة بنفسه وفاز بأغلبية ساحقة. لم يكن يفرض المعارك على الآخرين. كان يسيبح في الحياة كما يسبح (سبع البحر) على حد تعبير طاهر الطناحي في عالم البحر الواسع المئ بالقصص والأساطير وعجائب الحيوان وصراع الطبيعة للإنسان.

وفاته

أغتيل فىقبرص فى 18 فبراير1978.

ايوب صابر 04-22-2012 01:57 PM

يوسف السباعي

كان "يوسف" أكبر إخوته في الرابعة عشرة من عمره عندما ، إختطف الموت أباه الذي إمتلأت نفسه بحبه وفاخر أقرانه به وعاش على إسمه الذي ملأ الدنيا ، ولم يصدق أن أباه قد مات. وتخيل أن والده غائب وسوف يعود إليه ليكمل الطريق معه ، وظل عاما كاملا في حالة نفسية مضطربة يتوقع أن يعود أبوه بين لحظة وأخرى. ولهذا كان "يوسف" محبا للحياة يريد أن يعيش بسبب واحد هو ألا يقع إبنه "إسماعيل" في تجربة موت الوالد.

يتم الاب في سن الرابعة عشرة.

يتيم

ايوب صابر 04-22-2012 02:09 PM

63- تغريبه بني حتحوت مجيد طوبيامصر
تغريبة بني حتحوت

هذا الكتاب صدر عن دار الشروق حيث الملاحم العظيمة والحوادث الجسيمة
وخوض الأهوال وانقلاب الأحوال وتسلط الفأر على القط وركوع الأسد للقرد


==
رواية غاية فى الإمتاع, رحلت معها فى رحلة سحرية إلي تاريخ ما قبل وأثناء الحملة الفرنسية.
تغربت فيها مع بني حتحوت فى ربوع مصر المحروسة من المنيا إلي مدينة مصر - القاهرة- والفيوم وأسوان والأسكندرية , عاصرت أحداث لا تكفي ملايين الجنيهات أن تجسدها أمام عيني فى فيلم كما جسدتها كلمات مجيد طوبيا.

شهدت معيشة أهل بر مصر فى هذة الحقبة ورأيت ظلم وتجبر الغز الأخساء -المماليك- وبطش الروم -الأتراك- ومناوشات الإنجليز و عاصرت هجوم الفرنسيس واحتلالهم المحروسة وهروب المماليك الى الصعيد, رأيت شجاعة الفلاحين الفقراء فى ثورة المنيا وتجولت وسط أهالي القاهرة البواسل فى ثورة القاهرة التى ضرب فيها نابليون الجامع الأزهر بالمدافع, تحصنت معهم فى الحارات بالمتاريس وتسلحت بالشوم وأخيراً انكسرت فى أسى لقلة علمي وتنظيمي , بكيت يوم قتل محمد كريم , وفرحت يوم قتل سليمان الحلبي كليبر ويوم خرج الفرنسيس , وثرت مع المشايخ على الوالى العثماني وأخيراً تعيين محمد علي الثعلب المكير

=
من أجمل الروايات التاريخية التي قرأت على الإطلاق - هي وسمرقند وليون الأفريقي لأمين معلوف- قدمتني لتفاصيل الحملة الفرنسية وآخر أيام المماليك بمصر بشكل مدهش وآخاذ.
==
تغريبة بني حتحوت إلى بلاد الشمال، حيث الملاحم العظيمة والحوادث الجسيمة وخوض الأهوال وانقلاب الأحوال وتسلط الفأر على القط وركوع الأسد للقرد"

اختيرت رواية تغريبة بني حتحوت ضمن أفضل مائة رواية عربية في القرن العشرين كما اختير فيلم أبناء الصمت المأخوذ عن قصته ضمن أفضل مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية.
وتحمل الرواية السمات العامة لتغريبة بني هلال، فقد قسمها الكاتب إلى تسعة عشر جزءاً، يشكل مجموعها رحلة بني حتحوت إلى شمال مصر، خلال أواخر عصر المماليك، أيام سيطرة الدولة العثمانية اسما على مصر، وتعرض خلالها أبطال الرواية لما تعرض له بنو هلال في رحلتهم الطويلة إلى تونس، من مصاعب كثيرة، وأهوال عظيمة.‏

المصدر : منتدى الأدباء والكتاب العرب.

ايوب صابر 04-22-2012 02:10 PM

مجيد اسحاق طوبيا

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

هو مجيد اسحاق طوبيا روائي وأديب مصري ولد في 25 مارس عام 1938، المنيا مصر بكالوريوس الرياضة والتربية، كلية المعلمين، القاهرة، عام 1960, دبلوم معهد السيناريو، عام 1970، دبلوم الدراسات العليا، إخراج سينمائى من معهد السينما بالقاهرة، عام 1972[1].
أهم أعماله
  • فوستوك يصل إلى القمر (قصص)،
  • خمس جرائد لم تقرأ (قصص)، * الأيام التالية (قصص)،
  • دوائر عدم الإمكان (رواية)، القاهرة، 1972.
  • الهؤلاء (رواية)، * غرائب الملوك ودسائس البنوك (دراسة)،
  • الوليف (رواية)،
  • غرفة المصادفة الأرضية (رواية)،
  • مغامرات عجيبة (رواية للأطفال)،
  • حنان (رواية)،
  • عذراء الغروب (رواية)
  • الحادثة التي جرت
  • تغريبة بنى حتحوت إلى بلاد الشمال (رواية)، * تغريبة بنى حتحوت إلى بلاد الجنوب (رواية)
  • التاريخ العميق للحمير (مقالات هزلية)،.
  • مؤتمرات الحريم وحكايات أخرى، * عطر القناديل (عن يحيى حقى وعصره)، القاهرة، عام 1999.
  • بنك الضحك الدولي (مسرحية هزلية)
  • تغريبة بنى حتحوت (الرواية الكاملة) 63 في قائمة اتحاد الكتاب العرب أفضل مائة رواية عربية
مجيد طوبيا والسينما
جوائز
  1. وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، عام 1979.
  2. جائزة الدولة التشجيعية في الآداب من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، عام 1979.
==
مجيد طوبيا
كاتب وروائي معاصر.
وُلد مجيد اسحاق طوبيا ـ والذي اشتهر باسم مجيد طوبيا ـ في 25 مارس 1938، بمحافظة المنيا.
الدرجات العلمية:
- بكالوريوس الرياضة والتربية، كلية المعلمين، القاهرة، عام 1960.
- دبلوم معهد السيناريو، عام 1970.
- دبلوم الدراسات العليا، إخراج سينمائى من معهد السينما بالقاهرة، عام 1972.
الوظائف التى تقلدها:
- عمل مدرس للرياضيات.
- عمل بإدارة المعلومات بوزارة الثقافة.
- كاتب بجريدة "الأهرام" القاهرية.
الهيئات التى ينتمى إليها: عضو لجنة القصة بالمجلس الأعلى للثقافة سابقا.
دراسات ورسائل عن أعماله:
دراسات بقلم الأساتذة: عبدالقادر القط، سهير القلماوى، صلاح فضل، أحمد كمال، على شلش، يوسف الشارونى، عبدالرحمن ابوعوف، الميلودى شغموم، إزابيللا كاميرا، وغيرهم من الكتاب المصريين والأجانب وأحمد السعدنى بكتابه: منظور مجيد طوبيا بين الحلم والواقع، ومراد عبدالرحمن مبروك بكتابه: الشخصية الغجرية.
رسائل دكتوراه عن أعماله فى جامعات: السوربون، إكس بروفانس، روما، نابولى، وارسو، المنيا، الجامعة الأمريكية، وغيرها.
وعدة أفلام مثل: "أبناء الصمت" إخراج محمد راضى، "حكاية من بلدنا" إخراج حلمى حليم، "قفص الحريم" إخراج حسين كمال.
المؤلفات والإنتاج الأدبى:
الأعمال وتاريخ الطبعة الأولى:
- فوستوك يصل إلى القمر (قصص)، القاهرة، عام 1967.
- خمس جرائد لم تقرأ (قصص)، القاهرة، عام 1970.
- الأيام التالية (قصص)، القاهرة، عام 1972.
- دوائر عدم الامكان (رواية)، القاهرة، 1972.
- الهؤلاء (رواية)، القاهرة، عام 1973.
- غرائب الملوك ودسائس البنوك (دراسة)، القاهرة، عام 1976.
- الوليف (رواية)، القاهرة، عام 1978.
- غرفة المصادفة الأرضية (رواية)، القاهرة، عام 1978.
- مغامرات عجيبة (رواية للأطفال)، القاهرة، عام 1980.
- حنان (رواية)، القاهرة، عام 1981.
- عذراء الغروب (رواية)، القاهرة، عام 1986.
- الحادثة التى جرت القاهرة، عام1987.
- تغريبة بنى حتحوت إلى بلاد الشمال (رواية)، القاهرة، عام 1987.
- تغريبة بنى حتحوت إلى بلاد الجنوب (رواية)، القاهرة، عام 1992.
- التاريخ العميق للحمير (مقالات هزلية)، القاهرة، عام 1996.
- مؤتمرات الحريم وحكايات أخرى ، القاهرة، عام 1997.
- عطر القناديل (عن يحيى حقى وعصره)، القاهرة، عام 1999.
- بنك الضحك الدولى (مسرحية هزلية)، القاهرة، عام 2001.
- تغريبة بنى حتحوت (الرواية الكاملة)، القاهرة، عام 2005.
الجوائز والأوسمة:
- وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، عام 1979.
- جائزة الدولة التشجيعية فى الآداب من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، عام 1979.
المصدر : اعلام وشخصيات مصرية.

ايوب صابر 04-22-2012 02:11 PM

لقاء مع الكاتب مجيد طوبيا
المصدر: المعرفة
على عكس العديد من المبدعين والأدباء يرى الأديب مجيد طوبيا أن رحلته الإبداعية بدأت مع أول كتاب قرأه وليس مع أول قصة كتبها، لذا فرحلته الإبداعية تعود إلى الطفولة في محافظة المنيا بجنوب مصر حيث أول ما قرأ كان موسوعة التاريخ التي كتبها سليم حسن وكان عمره وقتذاك اربعة عشر عاما وحينها قرر ان ينضم الى قافلة الكتاب والمبدعين، وكلما توغل في القراءة ترسب في وجدانه واستقر.
والأديب مجيد طوبيا ينتمي الى قلة من المبدعين ممن طغت شهرة أعمالهم على تواجدهم في الساحة الثقافية فهو نادر الظهور في المنتديات والمؤتمرات والأماكن العامة، ونادر الحديث عن أعماله، رغم انها نالت شهرة واسعة من خلال تحويلها الى عدد من الأعمال الدرامية والسينمائية.
اختيرت روايته تغريبة بني حتحوت ضمن أفضل ألف رواية عربية في القرن العشرين كما اختير فيلم أبناء الصمت المأخوذ عن قصته ضمن أفضل مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية. التقته الجزيرة في هذا الحوار الذي آثر فيه الحديث عن مشواره الإبداعي وأعماله وآرائه في العديد من القضايا الثقافية والأدبية.
بداية الرحلة
  • إذا تحدثنا عن بداية تكوينك الثقافي والإبداعي فكيف ترى مشوارك مع الإبداع؟
مشواري الإبداعي بدأ منذ عرفت الطريق الى القراءة الواعية وكان ذلك بإحدى المدن بمحافظة المنيا بصعيد مصر حينما كنت أدور في فلك قراءات الطفولة حيث قصص ارسين لوبين وشرلوك هولمز وغيرها وذات يوم عرفت الطريق الى المكتبة العامة بالمدينة ودأبت على زيارتها وحينما رآني مدير المكتبة شغوفاً بالقراءة والمطالعة فوجئت به ذات يوم يعطيني كتاباً لسليم حسن عن مصر الفرعونية وقرأته ولم أفهم معناه حيث كان عمري لا يتجاوز الخامسة عشر فساعدني على قراءته ومنذ ذلك الحين قررت أن أصبح كاتبا وربما اختمر الإبداع في ذهني منذ هذه السن المبكرة،
بعد موسوعة سليم حسن توالت قراءاتي فقد اعطاني مدير المكتبة رواية عودة الروح لتوفيق الحكيم ثم خان الخليلي لنجيب محفوظ ثم طه حسين وقرأت لسعد مكاوي ويوسف جوهر ومحمود تيمور وجميع الرواد العظام، وقد تزامن ذلك مع كتابة خواطري على الورق، وبعد هذه المرحلة توجهت الى القاهرة حيث التحقت بالجامعة بكلية التربية قسم رياضيات.

ووجدت لدي فراغا كبيرا حيث كنت أعيش وحيدا فتوسعت في القراءات وتفرغت للكتابة ووقعت في عشق السينما وكنت أشاهد ثلاثة أفلام اسبوعيا على الأقل وكذلك شاهدت العديد من المسرحيات إبان النهضة المسرحية الرائعة التي شهدتها فترة الستينات مثل مسرحيات سعد الدين وهبة ولطفي الخولي، وميخائيل رومان ومحمود دياب والفريد فرج وغيرهم, كما كان من حسن حظي وجود سور الأزبكية بوسط القاهرة وكانت الكتب تباع عليه بنصف الثمن، ومن بين كل هذا أخذتني الدراما والسينما من الكتاب المطبوع، وقد تحول هاجسي الإبداعي المخزون من الصفر الى كتابة الدراما والسيناريو والحوار لعدد من التمثليات الإذاعية في البداية ثم كتبت قصة أبناء الصمت التي تحولت فيما بعد الى فيلم شهير يحمل نفس الاسم، بعدها توالت كتاباتي، حكايات من بلادنا، صانع النجوم تغريبة بني حتحوت، حكاية ريم.


رفض الشهرة
  • ولكن من الملاحظ أن أعمالك نالت شهرة كبيرة وذلك بتحول العديد منها الى اعمال سينمائية بينما تبدو أنت رافضا الشهرة؟
لست رافضا وإنما مفضلا الابتعاد عن التجمعات الثقافية التي لا يدور فيها نقاشات ثقافية جادة، وللأسف الشديد فإن المثقفين حاليا يدورون في حلقات مفرغة من القضايا عديمة القيمة والفائدة او قضايا مكررة سبق وأن ناقشها المثقفون الأوائل وأنا أفضل التفرغ للإبداع فقط.
الأدب والسينما
  • قبل الدخول في إشكالية المثقف ودوره في المجتمع أود سؤالك هل اكتفيت بالشهرة التي حققتها أعمالك في السينما,,, ؟
كما ذكرت لك آنفا أنا أفضل الابتعاد في نفس الوقت لا أحد يرفض الشهرة ولكن أي شهرة وأي ذيوع يريده المثقف هل يرغب أن يكون نجما سينمائيا مجرد ظهوره يثير شهية القراء أم أن أعماله وقيمة ما يكتبه هي التي تحقق له ما يريد، هذا ما أفهمه وأعمل على أساسه وبمناسبة ذكر السينما أود الإشارة الى أن السينما اصبحت ومنذ وقت طويل مضى أداة في يد الكاتب تضاف لأدواته الأخرى.
كما أن الانترنت والكمبيوتر اصبح أداة أيضا علينا استغلالها وعدم الانغلاق أمامها وأعلن أن العديد من أعمالي تدين بالفضل في ذيوعها وانتشارها للسينما فقد قدمت في العديد من الأفلام التي حازت إعجاب الجماهير منها: حكاية من بلادنا بطولة شكري سرحان وعبدالله غيث ومحمود يس، أبناء الصمت بطولة محمود مرسي ونور الشريف والسيد راضي وأحمد زكي، صانع النجوم بطولة ميرفت أمين ومحمود يس، قفص الحريم بطولة شريهان.
إشكاليات ثقافية
  • إذن كيف ترى دور المثقف وما هي الاشكاليات المطروحة عليه في وقتنا الحاضر ,,, ؟.
المشكلة التي يعانيها مثقف اليوم والثقافة بوجه عام تتصل بظاهرتين هامتين أولاهما القصور الفكري والثقافي بمعنى أننا نعاني هذه الأيام وعلى المستوى العام قصورا فكريا وتدنيا في الإبداع والمطلوب منا نحن المثقفين أن نواجه تلك الظاهرة وألا نتهاون أو نقبل الاعذار او التدني فإذا كنا نؤمن بأن الثقافة هي الأساس في بناء المجتمع ونموه وصحته وعافيته فإن التحدي الذي يجب أن نقابله نحن المثقفين هو محاولة إخصاب تربة الإبداع وتكوين الإنسان التكوين الفكري السليم عن طريق الدفاع عن حرية الرأي وحرية الفكر والتكوين السليم.
وتنشأ الإشكالية الثانية مما يحدث بين المثقفين أحيانا من اعتقاد البعض أن كل شيء ينبغي أن يكون في لحظة أو جرة قلم على ما يرام وهو ما يؤدي ببعض المثقفين الى الاحباط وهذه ظاهرة مرضية يجب التنبه لها فالمفروض على المثقف أن يتكاتف مع غيره وألا تؤدي الصعوبات التي تواجهه الى التقوقع أضف الى ذلك ما ينشأ بين المثقفين من خلافات وهي شيء مطلوب لأنها تعني أن هناك تباينا في الفكر والاتجاه، والخوف ان يتحكم تيار واحد ويفرض نفسه ويرفض غيره ولا يتصل بأحد سوى ما يعتقد به، ويجب التنبه الى ذلك فالتباين مصدر صحة لو صب في المجرى الهادف,
  • ولكن شهد المجتمع في حقبتي الخمسينات والستينيات دورا مزدهرا للثقافة والمثقفين مارأيك ,, ؟
اعتقد انه من الصعب والتعسف مقارنة حقبة زمنية بأخرى فالأحقاب لا تتكرر في حياة المجتمع على هذا النحو، فالمرحلة التي شهدت دورا ثقافيا مزدهرا ومشاركة ملحوظة وفعالة من جانب المثقفين في الحياة الفكرية والاجتماعية ونضرب لها أمثلة بطه حسين والمازني والعقاد وغيرهم هي مرحلة فرضت على هؤلاء المثقفين طبيعة وعمق هذه المشاركة لأن الغالبية العظمى منهم كانت لهم انتماءات سياسية ولم تقتصر كتاباتهم على الأدب والنقد فقط وإنما انشغلت واشتغلت بالسياسة، والساحة كانت لا تزال على بكارتها وفي حاجة الى مثل هذه الأعمال والأدوار.
  • وهل كان لا بد من مرورهم بالسياسة؟
- ذلك يرجع الى الحياة من حولهم لقد كانت دوافعهم في حقل العمل الفكري والأدبي غير منفصلة عن الأوضاع السياسية نفسها والتطور الحادث في المجتمع من حولهم انهم دخلوا في دائرة الأدب لكنهم وجدوا أن جهدهم لن يمكنه تحقيق مردود إيجابي إلا إذا كان يصب في هذا الواقع ذاته ويحركه وبذلك وجدوا أنفسهم على حافة السياسة فدخلوا مجالها ولكن يتبقى منهم هو الانجاز الأدبي والفلسفي.
  • وأخيرا كيف ترى تراجع الثقافة المقروءة أمام الثقافة المرئية وهل يعني ذلك اختفاء الكتاب التقليدي ,,, ؟
تراجعا للثقافة المقروءة ولا أرى اختفاء الكتاب التقليدي غير أن هذه القضية تعد بالفعل من أخطر القضايا المطروحة على الساحة ولكن المستودع الحقيقي للثقافة أردنا أو لم نرد هو الكتاب ولا يمكن ان يحل محله أية أجهزة اخرى لأن الكتاب هو الذي يحفظ لنا التاريخ والتراث ويجب أن تتوافر المزاجية لقراءته، فلا بد من الكتاب لتكوين الإنسان التكوين الفكري والذهني السليم من البداية وهو أمر هام جدا ولا غنى عنه.

ايوب صابر 04-22-2012 02:12 PM

عـــــودة الحــــــاكم

بقلم مجيد طوبيا

كان الحاكم بأمر الله من أعجب الشخصيات في التاريخ‏,‏ وكان صبيا عندما توفي والده‏,‏ فانتقل من اللعب مع الصبيان إلي عرش مصر والدولة الفاطمية.
وقد احتار المؤرخون والمبدعون في شخصية الخليفة الجديد‏,‏ فذكر ابن تغري بردي في تأريخه ان خلافته كانت متضادة‏,‏ بين شجاعة واقدام‏,‏ شح وسخاء‏,‏ محبة للعلم وانتقام من الفقهاء‏,‏ ميل إلي الصلاح وقتل الصلحاء‏,‏ أقام يلبس الصوف سبع سنين وامتنع عن دخول الحمام‏,‏ وأقام سنين يجلس في الشمس‏,‏ ثم عن له أن يجلس في الظلام‏,‏ قتل من العلماء والكتاب والأماثل ما لا يحصي‏.‏ .................................................. ................‏

أمر بقتل الكلاب وبيع الفقاع ثم نهي عنه والفقاع شراب من الشعير له فقاقيع مثل البيرة‏,‏ ورفع المكوس عن البلاد‏,‏ ونهي عن النجوم وكان ينظر فيها ويخدم زحل وطالعه المريخ‏,‏ ولهذا كان يسفك الدماء‏!.‏

وبني أكمل جامع القاهرة الذي يعرف باسمه الآن وجامع راشدة بمدينة نصر بين الفسطاط ودير الطين أي دار السلام الآن ومساجد كثيرة‏,‏ ونقل إليها المصاحف المفضضة والستور الحريرية وقناديل الذهب والفضة‏,‏ ومنع صلاة التراويح عشر سنين ثم أباحها‏,‏ ومنع بيع العنب وأراق خمسة آلاف جرة عسل في البحر النيل خوفا من عمل النبيذ فيها‏,‏ وأسلم خلق من أهل الذمة خوفا منه‏128.‏

-*‏ الأمير العبد‏:‏
‏-*‏ أمر سنة‏395‏ هـ بإنشاء دار العلم أو دار الحكمة لتكون أداة للدعاية لمذهبه ...............إلي جوار الأزهر‏,‏ وعين فيها الفقهاء والقراء والأطباء والعلماء‏,‏ وأباح الاطلاع علي الكتب ونسخها لمن يشاء‏..‏ وكان مكان هذه الدار حارة برجوان الذي قتله الحاكم‏,‏ وكانت دار العلم بجوار داره‏,‏ وفي جزء من مكان دار برجوان فيما بعد كان سكن المقريزي المؤرخ الكبير‏129‏

يقول ابن إياس‏:‏
كان القائم بتدبير أمور القاهرة الأمير برجوان العبد السلافي‏..‏ وكان الحاكم معه كالمحجور عليه‏,‏ فما طاق الحاكم ذلك وأرسل إليه من قتله في الحمام‏,‏ واحتاط علي موجوده فوجد له أضعاف ما وجد للأمير جوهر القائد‏,‏ فمن جملة ذلك‏:‏ من الذهب مائتا ألف ألف دينار مائتا مليون‏..‏ ومن الفضة الدراهم خمسون أردبا‏,‏ ومن القماش مائتان وستون بقجة‏,‏ وألف قميص حرير سكندري‏,‏ وإثنا عشر صندوق جواهر وفصوص‏..‏ حتي قيل كان ينقل من حارة برجوان إلي قصر الزمرد قصر الحاكم في كل يوم دفعتين علي مائتي جمل‏,‏ غير الدواب والبهائم والعبيد والجواري‏!.‏

فلما قتل برجوان صفا الجو الحاكم‏,‏ وصار يفعل أشياء لا تقع إلا من المجانين‏..‏ فأفرد لليهود حارة زويلة وأسكنهم بها‏,‏ وأمرهم ألا يخالطوا المسلمين في حاراتهم‏..‏ وكان في وقت سابق قد أمرهم أن يدخلوا كلهم في الإسلام‏,‏ فخافوا منه وأسلموا‏,‏ ثم أذن لهم بالعودة إلي دينهم‏,‏ ثم أمر بهدم كنائسهم ثم أمر بإعادتها إلي ما كانت عليه أولا‏!!.‏

ويذكر المؤرخ الاتابكي أن الحاكم قتل عددا كبيرا من كبراء دولته‏,‏ ومنع الملوخية‏,‏ ونهي عن السمك وقتل من باع‏...‏ وأمر بقتل جميع الكلاب‏..‏ وأذن للنصاري الذين أكرههم علي الإسلام في الرجوع إلي ديانتهم‏,‏ وفي عام‏404‏ هجرية منع النساء من الخروج إلي الطريق ومنع عمل الخفاف الأحذية لهم‏,‏ وقتل بسبب ذلك عدة نسوة‏,‏ ولم يزلن ممنوعات سبع سنين وسبعة أشهر حتي مات‏..‏ كما أمر بهم كنيسة القيامة‏..‏ ثم عاد وأمر بعد مدة ببناء ما كان أمر بهدمه من الكنائس‏..‏ وكان يفعل الشيء ثم ينقضه‏.‏

كان سلوك الحاكم يتحسن من حين لآخر‏,‏ وعلي فترات متقطعة‏,‏ ثم يعود لسيرته‏..‏ خطر له أن يقوم بوظيفة المحتسب‏,‏ والمحتسب هو مراقب الأسواق فكان يلبس صوفا أبيض‏,‏ ويركب علي حمار أشهب يسمي القمر‏,‏ ويطوف الأسواق ومعه عبد أسود طويل عريض يمشي في ركابه يقال له مسعود‏,‏ فإن وجدا أحدا غش في بضاعته أمر ذلك العبد مسعود أن يفعل به الفاحشة العظمي‏.‏

هذا ما ذكره المؤرخ ابن إياس‏..‏ ثم يقول‏:‏وفي سنة‏387‏ هجرية شرقت البلاد بسبب قلة مياه النيل فوقع الغلاء بمصر‏,‏ واستغاث الناس بالحاكم‏,‏ فقال‏:‏ إذا كان الغد أتوجه إلي جامع راشدة وأعود‏,‏ فإن وجدت في طريقي مكانا خاليا من الغلة ضربت عنق التاجر صاحب هذا المكان علي بابه‏..‏ وخاف تجار السوق السوداء وأظهروا الغلال بالسعر الذي حدده الحاكم‏,‏ وقد كانت له جولات كثيرة مع التجار‏,‏ وكان يتحسس علي مخابئهم ليلا ويأمر العساكر بمداهمتهم نهارا‏.‏

والحديث يطول عن الحاكم بأمر الله‏..‏

ايوب صابر 04-22-2012 02:12 PM

كيف تولد في المســتقبل‏(1)‏
بقلم :مجيد طوبيا


منذ القدم عرف الانسان أنه توجد فروق أو تشابهات بين أنواع الحيوان‏,‏ فالخيل والحمير متشابهة‏,‏ كذلك الأغنام والماشية‏,‏ وقد عرف الانسان ذلك بالعين المجردة‏,‏ لكن من المؤكد وجود اختلافات عديدة لا تلمحها العين‏,‏ هنا ظهرت الحاجة الي أجهزة رؤية غير عادية‏.‏

وفي حياته سمع جاليليو ـ وهو عالم متنوع النشاط عن شيء اسمه تليسكوب اخترعه رجل هولندي‏,‏ فشيد واحدا‏,‏ وكان هو أول من وجهه الي السماء في التاريخ‏,‏ فشاهد عددا هائلا من النجوم والكواكب لم يكن يشاهدها بالعين المجردة‏,‏ وكانت هذه فاتحة عصر الفضاء‏.‏

ولأن كلمة تليسكوب تعني تقريب أو تكبير الأشياء البعيدة‏,‏ خطرت علي باله فكرة إعادة ترتيب العدسات‏,‏ فاخترع الميكروسكوب‏(‏ وتعني باليونانية رؤية ماهو صغير جدا‏,‏ وكانت البداية لاكتشاف كائنات حية متناهية الصغر وأشياء أخري أدق منها‏.‏

بعد تليسكوب جاليليو بخمس وأربعين سنة‏,‏ اكتشف عالم ايطالي وجود شعيرات دموية تصل مابين الشرايين والأوردة‏,‏ وبعده بعدة أعوام اكتشف عالم انجليزي الخلايا‏,‏ وبعد جهود عظيمة لعلماء متعاقبين‏,‏ ومع تطور المجهر‏,‏ اكتشف لويس باستير سنة‏1860‏ البكتريا‏,‏ ثم اكتشف وجود كائن أدق منه سماه فيروس‏.‏

منذ ذلك الوقت أصبح معلوما أن الانسان البالغ يتكون من خمسين تريليون خلية‏,‏ أي رقم خمسين وأمامه‏12‏ صفرا‏.‏

ثم أخذ العلماء يبحثون عما بداخل الخلية‏,‏ فتوصل عالم تشيكي ثم آخر ألماني‏,‏ الي اكتشاف مااسماه بروتوبلازم‏..‏ ويشكل أول شكل للحياة ينمو وينقسم ويتنوع ليتحول في النهاية الي جسم بالغ‏.‏

بعد عدة قرون توصل عالم ألماني الي ان هذا البروتوبلازم له خصائص متماثلة في كل الخلايا النباتية والحيوانية‏,‏ المعقدة جدا والبسيطة جدا‏,‏ مايعني ان أشكال الحياة علي الأرض واحدة‏,‏ ومادام الأمر كذلك فلماذا كل كائن حي صغار من نوعه هو وبالتحديد؟‏!‏

عرف العلماء عن طريق المجهر أن لكل خلية نواة‏,‏ وبعد خمسة وسبعين عاما عرفوا أن للذرة أيضا نواة‏,‏ وكل خلية لها نواة‏,‏ وكل خلايا الانسان من هذا النوع‏.‏

بعد سنوات أصبح واضحا أن بويضة خرتيت مخصبة قد تبدو مماثلة لبويضة قط مخصبة أو انسان مخصبة‏,‏ ولكن لماذا تنتج الأولي خرتيتا والثانية قطا أو انسانا؟‏!‏

في عام‏1865‏ كان عالم النباتات النمساوي الشهير مندل هو الذي حل هذا اللغز‏,‏ لغز الوراثة أو طريقة انتقال الخصائص الطبيعية من الأباء الي الأبناء‏..‏ ولم يكن وحده‏,‏ فمنذ قرن تقريبا‏(‏ حوالي عام‏1909)‏ اقترح عالم نباتات دنمركي أن الكروموسات‏(‏ التي لا تري إلا بالمجهر‏)‏ مقسمة الي قطاعات صغيرة‏,‏ يقوم كل قطاع منها ينقل صفة وراثية واحدة أطلق عليها جينات‏(‏ وهذه كلمة مشتقة من كلمة يونانية معناها يوجد أو يبتعث‏).‏

وهناك تفاصيل أخري عن خلايا الانسان‏,‏ أي خلايانا ومكوناتها‏,‏ وعن الذرة ومكوناتها وآلية حياتها‏,‏ ومعظمها لا يري إلا بمجهر فائق التقنية‏,‏ حتي أصبح جسم الانسان كتابا مفتوحا لأي طالب طب‏,‏ وتطلب ذلك جهودا عظيمة‏,‏ عندما خطر علي بال عالم ايطالي عبقري اسمه جاليليو جاليلي‏,‏ أن يبدأ باختراع الميكروسكوب‏.‏

هكذا تتلاقي أحلام العلماء حتي إن لم يتقابلوا‏,‏ وكل اكتشاف يؤدي الي اكتشاف جديد أو يحتاج الي اكتشاف آخر يوضحه‏,‏ وكل عالم يكمل انجازات السابقين‏,‏ ويأتي اللاحقون ويضيفون ويطورون‏..‏ بحيث أن أفكار الانسان التي ظلت سائدة عدة قرون عن الزمن والمادة والطاقة تغيرت وتبدلت‏,‏ فتوصل العلماء الي ان الفضاء الكوني مقوس‏,‏ وعلي هذا فإن الخطوط المتوازية تلتقي في النهاية‏,‏ وأن أقرب نقطة بين نقطتين ليست خطا مستقيما‏,‏ والأرض بيضاوية تقريبا وليست كروية‏,‏ وأن هناك بعدا رابعا هو الزمن الي جانب الطول والعرض والارتفاع‏.‏

ايوب صابر 04-23-2012 07:40 AM

مجيد طوبيا

للاسف لا يتوفر معلومات عن طفولة مجيد طوبيا رغم عبقريته الفذة والملحوظة.وهو يقول عن نفسه ان توفر له الكثير من الوقت للقراءة لانه كان يعيش وحيدا ؟

سنعتبره مجهول الطفولة الا اذا ما ساعدنا الاستاذ احمد صالح واخبرنا غير ذلك.

مجهول الطفولة.

ايوب صابر 04-23-2012 10:50 AM

64- بعد الغروب محمد عبد الحليم عبد الله مصر
رواية بعد الغروب
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
تعتبر رواية بعد الغروب واحدة من أهم ما كتب محمد عبد الحليم عبد الله وتدور قصتها حول شاب من الأرياف يتخرج من كلية الزراعة ليرجع كي يجد والده قد خسر معظم أمواله فيضطر إلى البحث عن وظيفة وبالفعل يعمل في عدة أعمال بسيطة حتى ينتهى به الحال ناظرا لأحدى العزب التي يمتلكها رجلا طيب القلب لديه ابنة تدعى "أميرة" يقع في حبها من أول لقاء.. لكنه يظل يكابر حتى يعترف لنفسه ولها بالحقيقة. الرواية حائزة على جائزة وزارة المعارف لعام 1949

ايوب صابر 04-23-2012 04:01 PM

بعد الغروب


نبذة النيل والفرات:
"لم يكن أمامي بعد ذلك إلا خطوة أخيرة شاقة عسيرة، وهي أن أنحي عن طريقي أعز نفس على قلبي.. وتستطيع أن تتصور معي بؤس امرأة تجبرها الظروف على أن تمسك خنجراً لتغمده في قلب حبيبها، فسافرت إليك ثم التقينا في الغابة، وجعلت قبل لقياك أجمع أشتاتاً من الرذائل والشراسة والغدر والنسيان ثم أضيفها على نفسي ليخدعك ظاهري عن حقيقتي، فأعمي عليك الموقف. وما زلت كذلك حتى استطعت أن ألمح إليك بكلمة كم تمنيت بعدها أن يخلصني الموت من متاعب آثارها!؟ وكانت محدثتي لا تزال مطرقة، لكنني رأيت على خديها دمعتين كبيرتين تجريان على صفحتها الناصعة كما ينزلق الندي على بياض الزنبق. ومرت فترة سكون خلت معه أن أنفاسنا ستحتبس معه إلى الأبد، ولكننا تناظرنا بعده في وقت واحد وتنهدنا في لحظة واحدة. قلت: وهل تظنيني إلا صافحاً؟ فقالت: صافحاً.. وكريماً.. ثم تصافحنا ونحن في غمرة من الماضي تقرب أن تكون ذهولاً. هذا أنت يا صديقي ترى أن موكب الحياة قد يلفظ أناساً فيتخلفون فيه وهم في مقتبل العمر، فتجيش نفوسهم بآمال مختلطة يتحقق بعضها الآخر ولكن العظيم منا هو ما تبخل به علينا دنيانيا. وطلبت المال فوجدته ووجدت الشهرة فنلت منها ما يرضيني!! وأحببت الأسرة فأقمت دعائهما وأحطت وجودها وكانت هذه كبريات أماني. وتسألني اليوم بعد أن غربت شمسي ولم يبق لي من الحياة إلا آثار نور يرسلها الشفق وحده على أفقي، تسألني هل نلت كل ما تتمناه؟ فأقول لك: إلا شيئاً واحداً أعده اليوم وحده أعظم أماني جميعاً.. الولد!!.. الولد. معذرة يا صديقي.. كأننا لا نفهم حقائق الأماني إلا في أخريات العمر!.. بعد ألا يبقى لنا من آثار الحياة إلا النور الذي يرسله الشفق وحده!!.. أعني بعد الغروب".
رومانسية بريئة مفتقدة نلمحها في قصة محمد عبد الحليم عبد الله. "بعد الغروب" حكاية تروي آمالاً وأحلاماً تبعد وتختفي عند لحظة إنسانية مضمخة بعطر الغيرية. وموسومة بسمة التضحية المبذولة في سبيل والدٍ كانت له أمنية وهو على مشارف طريق الرحيل. لن نكون مغالين بأن القصة على الرغم من بعد المسافة بين يومنا، وأمسها، إلا أن الكثيرين يتوقون إلى قراءتها للاستمتاع بهذا النوع من العواطف، وبهذا النوع من الارتباطات الإنسانية العاطفية الشفافة التي تجمع بين فتاة وشاب يحملان أحلاماً وردية وأماني بريئة تسوق أحداثاً ممزوجة بالكثير من الوصفيات الرائعة التي تميز بها الكاتب والتي كما تعيد القارئ إلى الطبيعة، تعيد إلى ذاكرته علاقات الحب البريئة والقصص العاطفية المشبعة بالصور الحالمة وبالمشاعر الصادقة وبالعبارات المعبرة النقية الصافية.

ايوب صابر 04-23-2012 04:02 PM

محمد عبد الحليم عبد الله.. ورومانسية ما (بعد الغروب) في الرواية المصرية
ثقافة
الأحد 1-4-2012
ممدوح السكاف
- ١يعتبر أهم نقاد الأدب الروائي في الوطن العربي أن محمد عبد الحليم عبدالله من كبار جيل الروّاد في الأدب العربي الحديث وعلى الأخص في فن الروايةالرومانسية ومن أهم كُتاب القصة القصيرة العربية المجددين،
وقد عدّه الناقدالأدبي المصري المعروف محمد جبريل من جملة أدباء جيل الوسط، جيل نجيب محفوظ ومن سارمعه على درب تحديث أدب الرواية من كبار الروائيين المصريين المجايلين له وفق موهبةكل منهم.‏
وُلد محمد عبدالحليم عبد الله عام ١٩١٣ في قرية (كفربولين) التابعة لكوم حمادة من محافظة (البحيرة) وقد تحول العديد من أعماله الروائية إلى أفلام سينمائية ومسلسلاتتلفزيونية بسبب ما تتميز به من ثراء وتشابك في الأحداث وتنوع وتغير في الشخصياتوعناية مركزة بتصوير البيئة إضافة إلى جمال أسلوبه وصياغاته اللغوية وسيطرة نزعة الألم والكآبة والدموع العاطفية على أبطال قصصه الغرامية وخاصة في مشاهد الموت ومواقف الفراق، ولعل هذه السمات هي ما ميزته عن معظم الروائيين الواقعيين من جيله.‏
نشرت له أول قصةكتبها وهو ما يزال طالباً وذلك في عام ١٩٣٣، بعد فترة دراسته الابتدائية والثانويةتخرج من مدرسة (دار العلوم العليا) عام ١٩٣٧، وعمل بعد انتهاء تعليمه محرراً بمجلة (مجمع اللغة العربية) ثم تدرّج في ترقّية حتى أصبح رئيساً لتحريرها وقد تُرجمالكثير من آثارها الأدبية إلى اللغات الانكليزية والفرنسية والإيطالية والألمانية،وتوفي عام (١٩٧٠) وكان له من العمر سبعة وخمسون عاماً وتكريماً لدوره الثقافيالفعّال ورحلته الروائية الحافلة أنشــئت مكتبة عامرة بأمات الكتب والمراجع فيقريته، كما أقيم متحف بجوار ضريحه احتوى مع ما احتوى على المخطوطة الأولى لقصته (غرام حائر).‏
حصل محمد عبدالحليم عبد الله على مجموعة جوائز مصرية أهمها: (جائزة المجمع اللغوي) عن روايته (لقيطة) عام ١٩٤٧ (جائزة وزارة المعارف) عن روايته (شجرة اللبلاب) عام ١٩٤٩ – (جائزة إدارة الثقافة بوزارة المعارف) عن روايته (بعد الغروب) عام ١٩٤٩ – (جائزةالدولة التشجيعية) عن روايته (شمس الخريف) عام ١٩٥٣، وله غير هذه الروايات الفائزةبجوائز رواية (الجنة العذراء) و(للزمن بقية) و(ألوان من السعادة) و(الليلةالموعودة) و(غصن الزيتون) وقد أهدى الرئيس أنور السادات لاسم محمد عبد الحليم وسامالجمهورية تقديراً لكفاءته، واختار (اتحاد الكتاب العرب) روايته (بعد الغروب) ضمنأفضل مئة رواية عربية.‏
- ٢
تصوّر رواية (بعد الغروب) لكاتبها الأديب محمد عبد الحليم عبد الله أزمة عاطفية شديدة الوقع فيحياة شاب تخرّج في كلية الزراعة، فمضى يبحث عن عمل، وانتهى به المطاف إلى أن يشتغلناظر زراعة في مزرعة يملكها أديب كبير، وكان المالك وابنته (أميرة) يزوران القريةلماماً فيقضيان بها أياماً أو أسابيع يطلعان خلالها على أحوال المزرعة وشؤونها، ثميعودان بعدئذ إلى القاهرة، وقد أحب الشاب الناظر (أميرة) حباً صامتاً لم يشأ أنهيفصح عنه لأنه كان يرى نفسه أفقر من أن يتطلع إلى من كانت في مثل ثراء أسرة (أميرة) وحياتها المرفهة ولكن خادمتها (زينب) – وكانت أيضاً تحبه حباً صامتاً – تقرب بينالحبيبين حتى يتصارحا، ويعرف – عبد العزيز وهذا هو اسم الشاب – أن والد (أميرة) يريد أن يزوجها لابن عمها «سامي» فيستبدّ به الحزن ويساوره القلق ويحاول أن يعرفشعور أميرة نحو هذا الخطيب، ويتكفل صديقه (صالح) الذي كان في القاهرة بذلك فيراقبهاويتتبعها وينتهي إلى أنها لا تحمل لابن عمها شيئاً من الحب؟! (وتَعدُ) أميرة أنتحدث أباها في الأمر ولكنها تتريث وتتردد ولا تجد لديها الشجاعة لفعل ذلك إلى أنترى والدها على فراش الموت يبارك بنظراته المعبّرة زواجها لابن عمها وهكذا تجدأميرة نفسها مضطرةً إلى اصطناع الانصراف عن عبد العزيز لأنه فقير ويفترق الحبيبان.‏
- ٣
لا شك أننانستطيع ببساطة توصيف هذه الرواية بقولنا إنها رواية رومانسية مضموناً ومحتوى وشكلاًومعالجةّ، فهي تصور سلسلة من التضحيات، فالأب يضحي بمستقبل ابنته في سبيل الوفاءلأولاد أخيه، والبنت تضحي بحبها في سبيل الوفاء لذكرى أبيها وتحقيقاً لرغبته وهويلفظ أنفاسه الأخيرة وزينب الخادمة تضحي بحبها لعبد العزيز لتسعد سيدتها فتجعلنفسها رسولاً بين العاشقين، وثمة شيء من التشابه بين رواية عبد الحليم هذه ورواية (زينب) لمحمد حسين هيكل المنشورة عام ١٩١١ فمهادُ الأحداث في الاثنتين واحد وهوالريف – والمدينة (القاهرة) وبطلاهما عبد العزيز وحامد متعلمان يفشلان في الحب، إلاأن الأول ابن طبقة فقيرة والثاني ابن طبقة غنية، والروايتان مشحونتان بعواطف زائفةمفرطة في مثالية مصطنعة غير أن مؤلفيهما يمتلكان عبارة أنيقة وأسلوباً جميلاً.‏
هذا الشطط فيالهروب إلى قوقعة الذات والخيال والكآبة والسوداوية وتمجيد الألم والانجراف فيتصوير مشاهد الطبيعة في القرى الريفية باعتبارها رمزاً للبراءة والنقاء والنظرةالتي لم تزيفها المواضعات الاجتماعية وما فيها من فروق طبقية هو الذي قضى علىالرواية الرومانسية العربية بألا تكون غير مرحلة قصيرة العمر في حياة أدبنا الروائيوحسناً كان ذلك بل من حسن حظ القارئ.‏
m.alskaf@msn.com

ايوب صابر 04-23-2012 04:03 PM

رابط الرواية ...بعد الغروب

http://www.scribd.com/doc/1584290/-

ايوب صابر 04-23-2012 04:03 PM

محمد عبد الحليم عبد الله مؤلفوأديبمصري، ولد في 3 فبراير1913 في كفربولين في محافظة البحيرة. أصبح أحد رموز الرواية في الأدب العربي الحديث، ومن أكثر الذين تحولت أعمالهم الأدبية إلى أفلام سينمائية بسبب ما تميز به من ثراء في الأحداث والشخصيات والبيئة المحيطة بها.. وهي الخصائص التي ميزت أعماله عن سائر الروائيين من جيله. مثل مسلسل لقيطة عن روايته بنفس الاسم وكذلك مسلسل شجرة اللبلاب عن روايته بالاسم نفسه وكذلك مسلسل للزمن بقية، وفيلم الليلة الموعودة وفيلم غصن الزيتون.[1]
حياته</SPAN>

تخرج في مدرسة "دار العلوم العليا" عام 1937. نشرت أول قصة له وهو ما يزال طالبا في عام 1933، وعمل بعد تخرجه محررا بمجلة "مجمع اللغة العربية" حتى أصبح رئيسا لتحرير مجلة المجمع واشتهر كواحد من أفضل كتاب الرواية المعاصرين. توفي بتاريخ 30 يونيو1970. أنشئت مكتبة أدبية باسمه في قريته "كفربولين" التابعة لكوم حمادةبمحافظة البحيرة، وأقيم متحف بجوار ضريحه في قريته، وأبرز ما يوجد في المتحف المخطوطة الأولي لقصته "غرام حائر".[2]
مؤلفاته</SPAN>

من أهم مؤلفاته:
1. بعد الغروب
2. شمس الخريف
3. الجنة العذراء
4. للزمن بقية
5. شجرة اللبلاب..
6. الوان من السعاده
7. غرام حائر.... وغيرها
كما كتب العديد من القصص القصيرة. ترجم العديد من أعماله إلي اللغات الفارسية، والإنجليزية، والفرنسية، الإيطالية، والصينية، والألمانية، كما تحولت معظم رواياته إلي أفلام سينمائية ومسلسلات تلفزيونية.
الجوائز التي حصل عليها</SPAN>

حصل محمد عبد الحليم عبد الله على عدة جوائز أهمها [2]:
  • جائزة المجمع اللغوي عن قصته "لقيطة" عام 1947.
  • جائزة وزارة المعارف عن قصة "شجرة اللبلاب" عام 1949.
  • جائزة إدارة الثقافة العامة بوزارة المعارف عن روايته "بعد الغروب"عام 1949
  • جائزة الدولة التشجيعية عن قصة "شمس الخريف" عام 1953.
  • كما أهدي الرئيس الراحل أنور السادات لاسم محمد عبد الله وسام الجمهورية.
  • اختار اتحاد الكتاب العرب روايته بعد الغروب ضمن أفضل مئة رواية عربية.

ايوب صابر 04-23-2012 04:04 PM

محمد عبدالحليم عبدالله أمير على عرش القلوب



محمد عبد الحليم عبد الله
محيط -مي كمال الدين
تمر اليوم الذكرى التاسعة والثلاثون لوفاة الأديب الكبير محمد عبدالحليم عبدالله والذي يعد واحدا من أهم الأقلام التي كتبت الرواية في الأدب العربي الحديث، وقد حرصت السينما على تجسيد معظمها نظراً لما تتمتع به من ثراء في الأحداث والشخصيات.ولد عبدالحليم عبدالله في مارس 1913 بقرية كفر بولين التابعة لمركز كوم حمادة بمحافظة البحيرة، أتم حفظ القرآن الكريم بكتاب القرية، تلقى تعليمه الأولى في دمنهور ثم أتم تعليمه الثانوي في القاهرة، والتحق بعد ذلك بكلية دار العلوم وتخرج منها عام 1937، وخلال دراسته كتب أولى تجاربه الروائية "غرام حائر" إلا أنها لم تنشر إلا بعد وفاته.
بدأ نشاطه العملي كمحرر بمجلة مجمع اللغة العربية، ثم أصبح رئيس تحرير لها، كما عين مساعداً لسكرتير عام نادي القصة، وجمعية الأدباء عام 1963، وعضو مجلس إدارة جمعية الأدباء عام 1967.
بدأت موهبته الأدبية في الظهور أولاً من خلال كتابته للشعر إلا انه مالبث أن تحول لكتابة القصة والرواية، وكانت أولى رواياته صدوراً هي "اللقيطة".
شهدت الفترة ما بين 1947 – 1970 مجموعة من الأعمال القيمة التي قدمها الأديب الراحل كإرث أدبي قيم للمكتبة العربية تمثلت في سبع وعشرين رواية، تحول أغلبها إلى أفلام سينمائية مثل ليلة غرام عن رواية "اللقيطة"، وعاشت للحب عن روايته "شجرة اللبلاب"، وغيرها من الأعمال الأخرى التي حملت الاسم الأصلي للرواية مثل غصن الزيتون، سكون العاصفة، الليلة الموعودة.
ونظراً لقيمته الأدبية والثقافية تم تكريمه في أكثر من مناسبة حيث منح جائزة مجمع اللغة العربية عن رواية "لقيطة" 1947، وجائزة وزارة المعارف عن قصة "شجرة اللبلاب" عام 1949، جائزة إدارة الثقافة العامة بوزارة المعارف عن رواية "بعد الغروب"عام 1949، جائزة الدولة التشجيعية عن قصة "شمس الخريف" عام 1953، وجائزة دار الهلال عن قصة "ابن العمدة"، كما منح اسمه بعد وفاته وسام الجمهورية عام 1972 بواسطة الرئيس الراحل محمد أنور السادات.
وأنشئت مكتبة أدبية باسمه في قريته "بولين" بمحافظة البحيرة، وأقيم متحف بجوار ضريحه في قريته يضم بين مقتنياته المخطوطة الأولي لقصته "غرام حائر".



شجرة اللبلاب
رحل محمد عبدالحليم عبدالله عن عالمنا في الثلاثين من يونيو 1970 عن عمر يناهز السابعة والخمسين بانفجار في المخ، بعد أن قدم للمكتبة الأدبية والسينمائية عديد من الأعمال القيمة نذكر منها بعد الغروب، شمس الخريف، الجنة العذراء، للزمن بقية، شجرة اللبلاب، الضفيرة السوداء، عودة الغريب، غرام حائر، قصة لم تتم، لقاء بين جيلين، الوشاح الأبيض، الماضي لا يعود، شمس الخريف، أسطورة من كتاب الحب، ألوان من السعادة، وغيرها إلى جانب عديد من القصص القصيرة، وترجمت أعماله إلي العديد من اللغات مثل إنجليزية والفارسية، والفرنسية وغيرها، كما تحولت معظم رواياته إلي أفلام سينمائية.

جولة في بعض أعماله
"حلم أخر الليل" هي مجموعة قصصية نشر معظمها في الفترة ما بين أواخر الأربعينات وأوائل الستينات، بعدد من الصحف والمجلات أبرزها المصور، روز اليوسف، التحرير والثورة وغيرها من الصحف والمجلات التي تهافتت على نشر إنتاجه الأدبي، ويقول الأستاذ الجامعي والأديب حلمي محمد القاعود في مقدمة كتاب "حلم أخر الليل" أن هذه المجموعة تعيدنا إلى ذلك الفن الجميل الذي نفتقده كثيراً في الإنتاج القصصي المعاصر، وأنها تقودنا بيد حانية إلى ذلك العالم الرحب الذي نرى فيه المشاعر الإنسانية متدفقة بالحياة والأمل، وتتحرك فيه الشخصيات من زاوية الرغبة في بناء المستقبل، وليس من زاوية كراهية العالم ومن فيه.
كما يقول القاعود أن عبدالحليم عبدالله ينطلق في هذه المجموعة – كما في كل أدبه تقريباً – من رغبة قوية في معانقة الإنسان الذي يتميز بالعاطفة الصادقة والوجدان الصافي، والإحساس المرهف وهي رغبة يغذيها حسه الإسلامي الذي ينحاز للإنسانية ويتعاطف معها في حالات قوتها وضعفها،وقد قام القاعود بتأليف كتاب عن السيرة الذاتية لمحمد عبد الحليم عبدالله بعنوان "الغروب المستحيل".
تدور أحداث روايته "اللقيطة" حول "ليلى" التي ولدت لتجد نفسها طفلة لقيطة سقطت في بحر الحياة وبين أمواجها المتلاطمة، ومع حملها لذنب لا يد لها فيه أنها ولدت بلا هوية فهل يمنحها المجتمع هوية، أم سوف يصر على إبعادها، وخلال أحداث الرواية تبحث ليلى لنفسها عن مكان في هذه الحياة وعن أهل لتكون واحدة من أشخاص المجتمع الشرعيين.
وفي "غصن الزيتون" يصور المؤلف طبيعة النفس البشرية والتي تتفاعل فيها نوازع شتى ملائكية أحياناً، وشيطانية أحيان أخرى، من خلال بطل الرواية المدرس الشاب الذي يمرّ بتجربة عاطفية تتعرّى من خلالها نفسه المتنازعة الأهواء والرغبات، والذي كان يلتقي بزملائه وتدور بينهم الأحاديث عن الحب في فسحة الظهر بعد الغداء، أو عندما يلتقوا في المساء على القهوة القريبة، وكان يشارك في أحاديث الهوى بنقاش بارد، لا يتناسب مع حرارته الحقيقية.

ايوب صابر 04-23-2012 04:31 PM

محمد عبد الحليم عبد الله
بقلم : محمود الفقى
.........................


بَدءة ذي بَدء يا قارئي العزيز إن كنت ممن لا يحبون الأدب فلا تقرأ مقالي وقد نصحتك وعليه فليس لك بعد هذا علي من لوم. محمد عبد الحليم عبد الله واحد من أندر الأدباء الذين تشعر بالأمان والرقي وأنت تقرأ لهم. عرفته حالما متساميا مترفعا شاعرا لم يكتب بيت شعر واحد فيما أعلم وهو إلى جانب هذا عف اللسان ومحلل نفسي كأحسن ما يكون وناقد أدبي وقاريء نهم ومصري حتى النخاع. في كتابه "الوجه الآخر" أبدأ لك بأول فصل بعنوان:"أنا" حيث يشرح فيه عبد الله كيف أنه كثيرا ما حاول جاهداً أن يستبطن حقيقة ذاته ويغوص في أعماقها يريد أن يقف على عيوب نفسه وذاك وإن كان يبعث على الأسى لكن الأسى كما يقول خير من الغرور. والذي يريد أن يعرف نفسه كمن يلاعب نفسه الشطرنج فلن يرضى غالباً ولا مغلوباً. يرى في كل الناس مزايا ولذا فهو يحب كل الناس. يذوب عبد الله رقة فيقول إن أكثر ما يستوقفه في هذه الحياة ويثير في نفسه الإحساس بالجمال بعد الإنسان هو الشجرة التي يبعث شموخها وثباتها في مكانها بجذورها حالة لا مثيل لها من السكون والطمأنينة التي نحتاجها بشدة. يقول إن الطعام القليل والفكر الكثير هو أعظم متعة في الدنيا ويؤكد قيمة الأدب ويصفه بأنه منجم ماس.

أنتقل بك لما كتبه يوسف الشاروني واصفاً عبد الله حيث يقول إن عبد الله اختار وجها ماسيا في الأدب وهو الجانب القصصي متنقلا بين الرواية حينا والقصة القصيرة حيناً. ومن روايات عبد الله يؤكد الشاروني أن عبد الله رجل يحترم العلاقات العائلية والرحم ويقدسها وهو دائم العرفان بالفضل لأمه التي ورثته رهافة الحس وحب الدين وكانت تستحث رغبته نحو التعليم والقراءة ويذكر عبد الله جيدا كيف كانت تصر على أن يرتدي الطربوش لأنه كان رمزا للأفندية المتعلمين، وكيف أنها كانت أما جميلة طيبة حنونا رقيقة شديدة الإيحاء ذكية ألهمته الحب والخوف والعبادة طاهرة في كل شيء تنتقي أجمل الثياب لها وله ولأبيه وكل أسرته.

يبلغ الوفاء بعبد الله أن يعترف بفضل عم محمد الجندي عليه وهو فراش المجمع اللغوي حيث كان يعمل عبد الله. يحكي عبد الله بتأثر إعجابه بتولستوي - وهو نفس الإعجاب الذي نراه عند محمود تيمور - وكيف أن الأخير قد أنشأ في ضيعته مدرسة على حسابه الخاص لتعليم أطفال الفقراء من الفلاحين وكان يعلمهم ويطعمهم بنفسه بينما كان الناس والمعلمون أنفسهم يسخرون من أريحيته وكرمه وهذا ما جسدته شخصية صلاح النجومي بطل رواية عبد الله "للزمن بقية" الذي فعل مثل ما فعل تولستوي وتلقى نفس ردة الفعل من الناس.

ينحاز عبد الله إلى الرواية على حساب القصة القصيرة لكن المهم يا قارئي هو أنه يؤكد على ما أطلق عليه اسم "الخواص" التي يعتمد عليها كاتب القصة القصيرة وهي اللمسة الإنسانية ذات المغزى الاجتماعي الصامت، والأقصوصة التي تبنى على هذه الخاصة تتطلب كما يقول عبد الله مزاجا شاعرياً وقلباً يحس آهة الحَزَانى. يقول عبد الله:" إننا نصنع من الورق والطين والقش أشياء جميلة فلماذا إذن نصنع من لغتنا أشياء تافهة أو قبيحة. ويضيف عبد الله:" لكي تكون أعمالنا صادقة ينبغي أن نكون صادقين مع ذاتنا أولاً قبل أن نكون صادقين مع غيرنا." يفرق عبد الله في الحب بين الحب العفيف والحب الجنسي وهو أكثر ما أعجبني في عبد الله أنه لا يبتذل في أعماله أبدا وذلك في حدود قراءاتي له ويؤكد على قيمة التسامح التي يمكن أن تنتشر من خلال أدب عف يقوم على التسامي والترفع عن الفحش والابتذال. يتخذ عبد الله تولستوي مثالا فيقول كم حصل تولستوي الروائي الكبير من الحب الجنسي مثلا؟ ويجيب: صفر لأنه كان دميما حتى كانت الخادمات تأنف منه في شبابه وزوجته كانت كارهة له لكن يركز عبد الله على أن تولستوي كان مملوءا بعبير الحب الاجتماعي والتحنن على الفقراء والضعفاء من الفلاحين حوله. لقد رثى تولستوي للمخطئة وجعل الناس يعطفون على ضعفها في "أنّا كارنينا"....وعذب الذي سلب الفقيرة شرفها...عذبه بضميره وتوبته ثم بإعراضها هي عنه، عن ذلك الغني الذي جاء يطلب عفوها في قصة "البعث". يقول عبد الله:"أنا شخصيا أحس أن الكلمات المفردة لها ملامح، وألوان وطول وعرض، وظل مثل ظل الروح على وجه الإنسان. وإخال كل أديب يحس نفس الإحساس." لقد قال عبد الله ذلك لأنه عاش عشرين عاما وسط المفردات العربية في المجمع اللغوي حيث كان يعمل وهو هنا يؤكد على قيمة الكلمة وخطورتها والفرق الشاسع بين الكلمة والأخرى ولو كانتا مترادفتين وأبرز دليل على ذلك هو الفرق بين المترجم والكاتب. بقي أن أختم بقولي إن نجيب محفوظ - وهو هو في الرواية العربية - قد شهد بأن عبد الحليم عبد الله أفضل منه موهباً وأدباً ولغة وقد كان عبد الله أول من فاز في مسابقة القصة التي نظمها يوسف السباعي وتفوق على محفوظ الذي اشترك في نفس العام في هذه المسابقة.

وعن الجوائز التي حصل عليها محمد عبدالحليم عبدالله:
جائزة المجمع اللغوي عن قصته "لقيطة" عام 1947.
جائزة وزارة المعارف عن قصة "شجرة اللبلاب" عام 1949.
جائزة إدارة الثقافة العامة بوزارة المعارف عن روايته "بعد الغروب"عام 1949
جائزة الدولة التشجيعية عن قصة "شمس الخريف" عام 1953.
كما أهدي الرئيس الراحل أنور السادات لاسم محمد عبدالله وسام الجمهورية.

رحم الله محمد عبد الحليم عبد الله فقد لفت نظري فيه أنه عبر بصدق عن مجتمعه وأخرج لنا أدبا اجتماعيا هادفا هو أشد ما نحتاجه اليوم من أنواع الأدب.


ايوب صابر 04-24-2012 02:11 PM

اهم احداث طفولة محمد عبد الحليم عبد الله

- قيل عنه "تحول العديد من أعماله الروائية إلى أفلام سينمائية ومسلسلات تلفزيونية بسبب ما تتميز به من ثراء وتشابك في الأحداث وتنوع وتغير في الشخصيات وعناية مركزة بتصوير البيئة إضافة إلى جمال أسلوبه وصياغاته اللغوية وسيطرة نزعة الألم والكآبة والدموع العاطفية على أبطال قصصه الغرامية وخاصة في مشاهد الموت ومواقف الفراق، ولعل هذه السمات هي ما ميزته عن معظم الروائيين الواقعيين من جيله.‏

للاسف لا يعرف الكثير من التفاصيل عن طفولته ولا تشتمل سيرته ذكر للاحداث التي يمكن ان تكون قد صنعت عبقريتة لكن سيطرة نزعة الألم والكآبة والدموع العاطفية على أبطال قصصه الغرامية وخاصة في مشاهد الموت ومواقف الفراق توحي بأنه عاش مثل هذه التجارب في حياتة ولو ذلك لما كان قادرا على نقلها للمتلقي بمثل تلك القوة المؤثرة التي جعلته واحدا من بين كتاب افضل 100 رواية عربية. وسنعتبره ولاغراض هذه الدراسة مأزوما.

مأزوم.

ايوب صابر 04-25-2012 09:20 AM

65- قلوب علي الاسلاك عبد السلام العجيلي سوريا

قلوب على الأسلاك- رواية عبد السلام العجيلي

هذه أفضل روايات الروائي الطبيب عبد السلام العجيلي، وقد اختارها اتحاد الكتاب العرب لتكون من بين أفضل مئة رواية في تاريخ الأدب العربي.
وهذه النسخة هي الطبعة الثانية المنشورة سنة 1990م - دار الشرق العربي (بيروت) .

تدور الرواية عن الحب، الشاغل الأكبر للكبار والصغار..
بطل الرواية يتحدث عن علاقته بأربع نساء عرفهن في دمشق.. واحدة قادته للحب على طريقتها، والثانية قدمت له قلبها في تفتحه الأول فهرب منها، والثالثة كانت شخصيتها أقوى منه وحاول أن يستهويها لكنها فضلت عمه الثري عليه! والرابعة أحبها ولم يجرؤ على البوح بحبه لها..
ورواية عبد السلام العجيلي هذه ليست مجرد غراميات شاب فقط وإنما هي أيضاً قصة سنين مضطربة عصفت بالبلاد في مهب تيارات اجتماعية وسياسية فاصلة.
وغني عن القول أن الروائي الطبيب يمتاز بأسلوب جميل سهل وأجاد التحليق به في هذه الرواية التي احتلت مكاناً مرموقاً في عالم الأدب.

حمل الكتاب من هنا >>
http://www.4shared.com/file/11408911...aili_____.html

ايوب صابر 04-25-2012 01:03 PM

عبد السلام العجيلي
أديب وكاتب سوري ولد في مدينة الرقة سنة 1918، عمل في الطبوالسياسة إضافة للأدب. درس في الرقةوحلبودمشق وتخرج من جامعة دمشق - طبيباً عام 1945. انتخب نائباً عن الرقة عام 1947. تولى عدداً من المناصب الوزارية في وزارة الثقافة والوزارة الخارجية والإعلام عام 1962, يعد أحد أهم أعلام القصة والرواية في سوريا والعالم العربي، وقد أصدر أول مجموعاته القصصية عام 1948 بعنوان بنت الساحرة. و كان له أقاصيص أخرى مثل ساعة الملازم و قناديل إشبييلية.
كتب عبد السلام العجيلي القصة والرواية والشعر والمقالة. بلغ عدد أعماله أربعة وأربعين كتاباً حتى 2005 من أهمها الليالي والنجوم (شعر 1951)، باسمة بين الدموع (رواية 1958)، الحب والنفس (قصص 1959)، فارس مدينة القنطرة (قصص 1971)، أزاهير تشرين المدماة (قصص 1974)، في كل واد عصا (مقالات 1984). أحاديث الطبيب (قصص 1997)، ومجهولة على الطريق (قصص 1997).
تعتبر كتابات الكاتب الكبير العجيلي في المجال الادبي من ضمن أغنى وأهم الروايات الأدبية العربية في تاريخ الأدب العربي وقد ترجمت معظم أعماله إلى اللغات الإنكليزية والفرنسية والإيطالية والأسبانية والروسية، وتدرس العديد من أعماله في الجامعات والمدارس ويعد مرجع من مراجع الادب العربي.
توفى عبد السلام العجيلي في 5 أبريل من عام 2006 عن عمر ناهز 88 عام.
==
يصف العجيلي طبيعة نشأته في الرقة بطريقة لا يمكن أن تختصر أو تحاكى ولا تحتاج إلى تفسير أو تعليق ولا يجوز إلا أن تـُقرأ بالحرف الواحد:
" ولدتُ في الرقة. بلدة صغيرة، أو قرية كبيرة على شاطئ الفرات بين حلب ودير الزور. من الناحية الاقتصادية كان أغلب أهل الرقة، وأسرة العجيلي منهم، يعيشون حياة نصف حضرية بأنهم كانوا في الشتاء يقيمون في البلدة فإذا جاء الربيع خرجوا إلى البادية يرعون فيها أغنامهم ويتنقلون بين مراعي الكلأ حتى أوائل الخريف. وقد عشت هذه الحياة في صباي فأثّرت فيّ كثيراً وقبستُ منها كثيراً في ما كتبت…
متى ولدتُ؟ لم يكن في الرقة في تلك الأيام سجلات ثابتة للمواليد. ويبدو أني ولدت في أواخر تموز في سنة 1918 أو 1919 . وأنا أصرّ دوماً على التاريخ الأول رغم أن الأغلب هو صحّة التاريخ الثاني
التزم عبدالسلام بالرقة، على الرغم من تعدد وجوه حياته وإغواءات المدينة والسلطة و تجوال العالم، وظلت عيادته مفتوحة في الرقة وظل مرضاه دائماً ينتظرونه إلى أن يؤوب من مهمة جديدة، أو رحلة عتيدة، أو انقلاب في العاصمة دمشق ( وما أكثر ما كانت الانقلابات متتابعة في الخمسينات والستينات) ولم يستطع الزواج من بنت المدينة أن يجرّه نهائياً إلى وجاهة العيش في العاصمة والتمتع بإغواءات السلطة، على الرغم من اعترافه بأن الزواج كان أهم حدث في حياته، وكلماته بهذا الشأن واضحة تماماً:
" يبدو لي أن أهم حدث في حياتي هو زواجي. فقد غيّر من سلوكي في كثير من نواحي الحياة وساقني في مناهج ما كنت أنتهجها لولاه، سواء في مسلكي اليومي أو في طريقة نظرتي للمجتمع أو المستقبل. وبالزواج علمت أني رجل من غمار الناس، أعني أني فرد من جماعة، يسري عليّ ما يسري عليهم مهما تصورت أن لي فرديّتي واستقلالي. وهذه هي إحدى حقائق الحياة التي قد تكون مرّة، والتي نظلّ غافلين أو متغافلين عنها حتى نرتبط بالمجتمع بروابط الأسرة".

إن الزواج من بنت المدينة ( الذي انتابته هزات قويّة) غيـَّر من سلوكه ونهج حياته. إلا أن أخلاقه ظلت أخلاق صفاء البادية وأصالتها وجسارتها في مواجهة الخطأ والباطل وانفتاحها على البشر، وصدمتها سواء في التعبير عن الذات أو في التعامل مع الآخر.
***
وقد ظلت البادية ملهمة عبد السلام، وكانت كتاباته دائماً تترجّح بين رياح البادية وأسلاك المدينة، إلا أنه ظل في صميمه بدوياً وكان اندماجه في حياة الحاضرة اندماجاً غير رافضٍ لتطورات العصر، ولكنه اندماج مراقب منغمس إلا أنه غير مستسلم، ولذلك كانت سلوكياته اليومية وتصاويره القصصية قادرة على النفاذ إلى صميم التجارب التي يخوضها، وهذا ما يفسر قوة تأثيره الحيوي وتنوعه في الحياة المهنية والسياسية والأدبية في سورية وما جاورها من البلاد العربية، على امتداد ثلاثة أرباع القرن العشرين، طبعاً مع تفاوت شديد متصل بتقلبات المراحل المتعاقبة.
***
قلنا في مطلع هذه العجالة إن عبد السلام كان رجالاً وليس رجلاً واحداً إلا أنه لم يكن أمةً في رجل، فبسبب تعدديته إلى جانب بروز حضوره الشخصي وذاتيته الأدبية وتمسكه بممارسة مهنة الطب، ظل دائماً عدة رجال في رجل متميز ومتمتع بحرية الحركة ورحابة المزاج.

هؤلاء الرجال هم: عبد السلام البدوي، عبد السلام القروي، عبد السلام المدني، عبد السلام الطبيب، عبد السلام القومي، عبد السلام العالمي ( رحلاته المستمرة واتصالاته بالمشاهير من الشرق والغرب ). ولكن عبد السلام السياسي كان أيضاً متعدداً فقد كان نائباً في البرلمان السوري عن منطقته ( أي ممثلاً للشعب) ثم كان وزيراً ( أي ممثلاً للسلطة الانقلابية غالباً) للإعلام، والخارجية، والثقافة. وكان عربياً أصيلاً، ولكنه رضي لنفسه أن يتعامل مع الحركة الانفصالية عام 1961 التي فسخت الوحدة مع مصر وقوّضت أهم تجرية وحدوية في هذا العصر العربي وهي تجربة الجمهورية العربية المتحدة بقيادة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. وفيما بعد فسّر العجيلي هذه الممارسة بتأكيده أنه كان مع الوحدة قلباً وقالباً، وكان يأمل من وراء الانفصال التوصل إلى صيغة للوحدة أكثر إيجابية وأكثر قدرة على الصمود. وقد كرّر ذلك قبل وفاته بمدة قصيرة من خلال مقابلة فائقة الأهمية في برنامج زيارة خاصة الذي أعادت الجزيرة بثـّه في (7/4/2006) أي بعد يومين من إعلان وفاته ( الأربعاء 5/4/2006).

ايوب صابر 04-25-2012 01:28 PM

عبد السلامالعجيلي
طبيب ... أديب ... رحالة ... سياسي ... رسام ... إعلامي ... سوري ... برز اسمه كأحد أعلامالأدب الواقعي الحديث في سوريا خاصة وفي العالم العربي بعامة، ألف ما يزيد عن 45كتاباً بين رواية وشعر ومقالة ومقامات وقصص قصيرة وغيرها، وقد ترجمت معظم أعمالهإلى اللغات الإنكليزية والفرنسية والإيطالية والأسبانية والروسية.
تتميز أعمالهبالبساطة والسلاسة ونكهة الحكاية والجاذبية، ولا غرابة أن أطلق عليه لقب حكواتيالفرات.

وتعلق بالرقة مسقط رأسه ومثواه الأخير، فقد ارتبط بها ارتباطاًوثيقاً، فقد سافر شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً، لكنه كان يعود بعد كل رحلة إلىالرقة، وعاش ردحاً من الزمن في دمشق وزيراً، ولكن سرعان ما عاد إلى الرقة التيألفها وألفته، حتى لقب بأيقونة الرقة.

شخصياً (أنا طل الربوة) قرأت مجموعةكبيرة من كتب العجيلي وما زلت أحتفظ بمجموعة منها، ولإعجابي الشديد بالأديب الرائع ... أحببت أن

ولادتهونشأته

ولدفي الرقة 1918، ونشأ فيها وتعلم في مدارسها، وأكمل دراسته في حلب وجامعة دمشق،وتخرج منها طبيباً عام 1945.

يروى جانباً من سيرته الذاتيةفيقول:

أبحرتإلى كل الموانئ

مرفأ الذاكرة لدى كاتب هذه السطور،على اتساعه وطول أرصفته، يضيق بالأحداث والصور والأقوال التي تزاحم فيه وعليه، وليسذلك مستغربا على ما مر بي في ثمانين عاما من العمر قد انقضت لي، وعلى ظروف مختلفةعشت فيها ونشاطات مارستها في مجالات العلم والأدب، ومجالات السياسة والحرب، وفيعملي كطبيب، وفي الأسفار والعلاقات الاجتماعية ، وفي غير هذه وتلك وهاتيك.
أبعدما استقر في ذاكرتي من صور هي بلا شك صورة ترجع إلى سني طفولتي الأولى، وذلك حينفكنت في الثالثة من عمري أو حين خطوات أولى خطواتي في سنتي الرابعة، عرفت مبلغي منالعمر أيام هذه الصورة بعد ما كبرت وسمعت ما رواه من أبنا بلدتي الصغيرة من تاريخهذه البلدة، وهي الرقة على شاطئ الفرات في شمالي سوريا، ومن حكايات الأحداث التيمرت بها زمن طفولتي، تلك الصورة هي منظر جسم لامع، فضي اللون ، يرتسم على صفحة سماءخفيفة الزرقة ويسير على تلك الصفحة بخط مستقيم وبحركة تبدو بطيئة لبعدها عن عيني،ثم منظر قطع صغيرة، مستطيلة، تتساقط من ذلك الجسم اللامع ، قطعتان أو ثلاث أو أربع،لا أذكر اليوم كم كان عددها على الضبط ، تتساقط ويحجب عن بصري مكان وقوعها جدرانالمنازل اتلي كانت في الجانب المقابل للقبو الذي كنت أتطلع من بابه الضيق إلىالسماء فوقي. ذلك القبو الذي كنت فيه مع أمي، ومع نساء كثيرات معهن أطفالهن، كلهنيتزاحمن ليتطلعن من باب القبو إلى السماء وإلى تلك القطع المتساقطة من ذلك الجسمالفضي السائر على صفحة السماء.

بداية مع الحرب

عرفتعندما كبرت أن الجسم السائر ذاك كان طائرة حربية وأن تلك القطع المتساقطة قنابلمهلكة كانت الطائرة تلقيها على مواقع متفرقة من بلدتنا، وأن ذلك حدث في الأيامالأخيرة من شهر سبتمبر من عام 1921. هذه أبعد ما حفظته ذاكرتي من صور. ولعل استقرارهذه الصورة بهذه القوة في ذاكرة الطفل الصغير الذي كنته قد ترك في لاوعيي تأثيرااصطبغت به حياتي المقبلة في كثير من جوانبها، والجوانب الفكرية والسياسية منهابصورة خاصة . تلك الطائرة كانت واحدة من طائرات جيش فرنسا الذي غزا بلادنا واحتلهاباسم الانتداب بعدما غدر الحلفاء بالعرب وتقاسموا بلادهم . وإلقاء نقابلها علىبلدتي الرقة ، كان لأن هذه البلدة أصبحت في ذلك الحين مقرا الحركة وطنية أعلنتالرقة وما حولها دولة عربية مستقلة لا تعترف بانتداب فرنسا، ب جندت جيشا وجهته إلىحلب لمحاولة استنفاذها من يد المحتل الفرنسي، ذلك تاريخ مجهول لبلدتي الصغيرة بسطتهفي كتاباتي بعد مرور عقود طويلة من السنين على أحداثه، وليس هنا مكان روايته ،ولكنى أردت القول إنه قد يكون في استقرار هذه الصورة في خاطري طيلة ما يفوق ثلاثةأرباع القرن إرهاص لما ستكون عليه أفكار ذلك الطفل ويكون عليه سلوكه وتصرفه حينيغدو شابا وبعد أن يكتهل ثم يشيخ.
تتزاحم الصور على مرفأ الذكريات بعد تلكالصورة الأولى المفرطة في البعد، كبر الطفل في الخامسة من عمره ، وانتقل بذلك منحضن أمه إلى حضن المدرسة، كان انتقالاً مبكرا بالنسبة لانتقال أنداده الذين كانوايفوقونه في السن، فأكسبه ذلك مكاسب وعرضه لبعض الهشاشة في تكوينه العلمي لم يتخلصمنها إلا بعد عناء وزمن طويل.



ايوب صابر 04-25-2012 01:28 PM

عالميالجميل

كانت المدرسة عالمي الجميل والمفضل،ولكنها لم تكن كل العالم لي، كانت هناك المطحنة التي يملكها والدي، وهناك مضاربأعمامي في البادية حول بلدة الرقة ، أو بالأحرى في سهول تلك البادية التي تعشب فيالربيع فتحرق أعشابها شمس الصيف الملتهبة فترتد مقفرة جرداء. كنت أتردد على المطحنةلأحمل لأبي طعام غدائه وعلبة دخانه اليومية من منزلنا، ولأتأمل في الرحى الدائرةوهي تتلقى الحنطة حبوبا قاسية وتقذف بها دقيقا ناعما، و لأتطلع إلى المحرك ذيالدولابين الضخمين وهما يدفعان بالمكبس إلى جوفه ويجتذبانه من ذلك الجوف، في حركاتمنتظمة عنيفة ورشيقة في آن واحد ، وحدث في إحدى مرات تطلعي ذاك أن علق طرف القنبازالذي كنت أرتديه بالسير الجلدي لمضخمة الماء التي كانت مركبة فوق بئر في جانبالمحرك، وهو يدور على دولابه ، فلم أشعر إلا وأنا مرتبط بذلك الدولاب مرتفعا إلىقمته قبل أن ينحدر فيلقيني في قرارة البئر. سارع أرمين ، ميكانيكي المطحنة الأرمني،إلىّ واجتذبني من يدي بقوة قاذفا بي إلى الأرض بجانب فوهة البئر. وسلم الله ذلكالصبي الطلعة ، القليل الحذر من هلاك محقق آنذاك .
أما مضارب أعمامي فقد كنتأتردد عليها، في الربيع، في العطل المدرسية وبعد الظهر من كل خميس ويوم الجمعةالتالي له . كان أهل بلدتنا، وأسرتنا من بينهم ، نصف حضر يسكنون منازل البلدةالحجرية نصف السنة ويخرجون إلى السهوب المعشبة في الربيع وأوائل الصيف مع أغنامهميتنقلون بها بين المراعي. والدي كان من أوائل الذين تحضروا وسكنوا البلدة في السنةبكاملها ، ولهذا كنت ألجأ إلى منازل أعمامي في بيوت الشعر في المراعي كلما أتيحت ليالفرصة، فأرعى مع صبيانهم الخراف وأطاردها حافي القدمين معهم ، وأنام تحت سماءالربيع المتألقة النجوم وأستمع في الفجر، وأنا بين النوم واليقظة ، إلى أحاديثالمتسامرين المتحلقين حول النار الموقدة في كاسر البيت قبل أن يهب الرجال ليأتوابنعاج القطيع إلي أمام المضارب وتهب النساء لتحلب تلك النعاج.

منعطف حياتي

بعدالدراسة الابتدائية كان علي أن أنتقل إلى حلب لمتابعة تعليمي لأن الرقة لم تكن تحويمدرسة ثانوية، وهنا وفي ختام السنة الأولى من الدراسة الثانوية، حدث ما اعتبرته بعدذلك المنعطف الكبير في حياتي. أصبت في العطلة الصيفية بمرض ألجأ والدي إلى أنينقلني إلى حلب ليعالجني أطباؤها، لا أذكر اليوم، وأنا الطبيب، ماذا كان ذلك المرض،الذي أذكره أن الدكتور مونييه، وهو الطبيب السويسري الجنسية الذي تولى العناية بيفي مستشفاه نحوا من عشرة أيام ، أشار على أبي بأن يقطعني عن الالتحاق بالمدرسة عاماكاملا، بقيت العام التالي بطوله في الرقة بناء على إشارة الدكتور مونييه، وبقيتعامين بعده فيها بناء على رغبة الوالد الذي أرادني على أن أنقطع عن الدراسة لأعينهفي إدارة أعماله وأملاكه ، أنا الذي كنت ولده الوحيد آنذاك.
كان ذلك مصيراقاسيا لي أنا الذي فتحت آفاق تفكيره وألهبت خياله قراءاته الكثيرة والمختلفة ، ولكنرب ضارة نافعة، وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ، كانت هذه الأعوام الثلاثةالمتتابعة ضرورية لنضج تفكيري كما أنها ألحقني بمدرسة من نوع آخر، رحت أتلقىالمعرفة فيها لا من أفواه المعلمين أو من صفحات الكتب، بل من مخالطة الناس وممارسةالحياة والتعامل المباشر مع أمورها. تلك هي مدرسة العمل إلى جانب والدي وتحتإشرافه، عملت في المطحنة التي كنا نملكها مشرفا عليها وجابيا على غلتها، أتاح ليذلك التعرف على أصناف الناس الذين كانوا يتوافدون علينا، نساء ورجالا، من البلدةومما حولها في المنطقة الواسعة المحيطة بالبلدة، البدو كانوا يأتوننا بقمح مؤونتهمعلى جمالهم ، والقرويون على الحمير، وسكان البلدة على عرباتهم التي تجرها الكدش،وهي غير الأصائل من الخيل ، أصبحت على معرفة بالقبائل نسبا ولهجات كلام ورزايةأحداث سالفة وجيدة ، هذا في النهار، أما في الليل فقد أتاح لي سن اليفع الذي قاربتهأن أكون من رواد مضافة أسرتنا، أجلس منها قريبا من المدخل، مستمعا إلى أحاديثالكهول عن شئون الأقارب والأباعد، في بلدتنا ومنطقتها وفي مدننا وبلادنا بأسرها. وفي شهر رمضان بصورة خاصة كنت أستمع إلى أحد أعمامي ممن كانوا يحسنون القراءة يتلوعلى رواد المضافة ، بعد صلاة العشاء كل ليلة ، فضلا من كتاب فتوحات الشام للواقدىأو من رواية سرور آغا وصالحة خانم وسلطان عبد الحميد المترجمة عن التركية ، وحينكانت تتأزم أمورنا السياسية مع فرنسا المحتلة كان حضور المضافة يتحلقون حول ذلكالعم أو غيره وهو يتلو عليهم آخر افتتاحيات نجيب الريس، في جريدته القبس، في مهاجمةالمحتل وتسفيه سياسته ، فتلتهب النفوس حماسة وتعلو الأصوات بالاستنكار والاحتجاجوالتنديد.


ايوب صابر 04-25-2012 01:29 PM

القصيدة الأولى

كان تلامذة مدرستنا الوحيدة فيالبلدة قد تهيأوا، بإشراف معلميهم، ليقوموا بتمثيل مسرحية عنوانها "وفاء السموأل"،كنت أحضر معهم تجاربها وأشاركهم في إعدادها ، نظمت أنا لهذه المناسبة قصيدة ، كانتأول قصيدة لي صحيحة الوزن وسليمة اللغة على ما أذكر، وعهدت بها إلى أحد الفتيانليفتتح بها التمثيل مشترطا عليه ألا يذكر اسمي كناظم لها، كان اشتراطي هذا نابعا منانطوائي على نفسي وحياء مفرط يجعلني أتهيب من كل إشارة إلىّ تميزني عن الآخرين، بدأتمثيل المسرحية مسبوقا بإلقاء تلك القصيدة، ولكن ما اشترطته على ملقيها لم يدخل فيحيز التنفيذ فقد أعلن ذلك الفتى اسمي بأعلى صوته منوها بأني أنا ناظم القصيدة، وماجرى في اليوم التالي لحفلة التمثيل أن أقرباء أبى وأصدقاءه تكاثروا عليه بلومهمإياه على دفن مواهبي في العلم والأدب تحت غبار المطحنة وفي زيتها، وبمطالبتهم لهبإعادتي إلى حلب كي أتابع الدراسة التي هجرتها في ثانويته.
وهكذا عدت إلى حلبومدرسة التجهيز الثانوية فيها، وقد ضاعت على أربع سنوات من الدراسة ، استدركت سنتينمن تلك الأربع في فحص تأهيل، اجتزته بنجاح ، وضاعت مني سنتان، ولكن هل ضاعت منىتلكما السنتان حقا؟ الصحيح أن لا . سنوات الانقطاع التي ضاعت منى، أو على ، اكتشفبعدها أنها اكسبتني فوائد لا تقدر بثمن ، عدا نضج الفكر وتجربة العمل ومعرفة أصنافالناس التي تحدثت عنها، وجدتني قد حصلت من قراءتي على زاد من المعرفة في علوم شتىأتفوق بها على أقراني في المدرسة التي عدت إليها، وأحيانا أتفوق بها على أساتذتي فيبعض تلك العلوم . وأهم من ذلك كله اكتشف أن تهيبي من الحساب والرياضيات والعلومالحقيقية ، الذي كنت أحسبه ضعفا وعجزا مني فيها، اكتشفت أن ذاك التهيب قد فارقنيكليا وتحول إلى مقدرة وولع شديد بتلك العلوم.
ثابرت في المدرسة الثانوية علىقرزمة الشعر ، أعلى نظمه نظما هزيلا في أول الأمر، إلى أن استقام لي أمرهبالاستمرار وبتوسع المعرفة ، إلا أنى لم أتعد فيه المزاح والتسلية ، أسخر فيه منرفاقي وأرسم به صوراً ضاحكة لأساتذتي، وأحيانا أنظم به نظريات الهندسة ودروسالكيمياء في أراجيز ساخرة على طريقة ألفية ابن مالك! ذلك أن تعلقي الكبير والجادكان بالعلوم الحقيقة من فيزياء ورياضيات ، يعجبني العناء الذي أتحمله في إتقانهاوالنجاح في دروسها، في حين أن النجاح في الأدب، نثره وشعره ، كان يواتيني بسهولةويشهد بنتائجي المشرفة فيه المعلمون والرفاق، وإلى جانب هذا نمت في نفسي، مع تقدميفي الصفوف العليا، بذرة حب العمل العام ، العمل لصالح الذين أنا منهم في مجتمعي وفيالوطن الذي هو وطني. أصبحت في السنين الأخيرة من الدراسة الثانوية الرئيس المنتخبللجان الطلاب، والمؤسس لمجلة أصدرتها مع رفاقي وسميتها "صوت الطالب" ، والمشارك معإخواني في الإضرابات والتظاهرات ضد المحتل الفرنسي، والمتكلم باسم أولئك الإخوانحين يقتضى الأمر المديرين والوزراء.

أسماءمستعارة

وبمثل هذا التستر والتوقيع بالأسماءالمستعارة نشرت كتابات أدبية كثيرة في عدد من الدوريات المشتهرة في ذلك الزمن ، مثلمجلة "الحديث" في حلب و "المكشوف" في بيروت ، وهي دوريات كانت تحفل بما يكتبهأساطين الفكر والثقافة ويطمح الكثيرون إلى أن تظهر أسماؤهم فيها. أما أنا فكنتقانعا بأن يجاور إنتاجي الأدبي في تلك الدوريات إنتاج المشاهير، وبأن يلقى الإعجابمن القراء دون أن يعرف أحد، إلا الندرة من أصحابي، بأني كاتب تلك القصص أوالمسرحيات أو ناظم تلك القصائد ، واستمر هذا إلى أن نلت شهادة البكالوريا من صفالرياضيات لا من صفوف الفلسفة أو الآداب، وإلى أن احتضتننى الجامعة السورية فيدمشق، في دراستي الطب فيها، بعد احتضان مدرسة التجهيز الثانوية لي في حلب.
العلم ، والأدب، والعمل العام ، هي المهام الرئيسية الثلاث التي حملتها معي منمرحلة الدراسة الثانوية إلى المرحلة الجامعية، ثم إلى جميع مراحل حياتي التاليةلهذه وتلك .
في العلم كنت الطالب الجاد والدائم النجاح ، ثم المتابع لكل ما هوجديد في الميدان الذي اخترته لحياتي، ميدان الطب والعلوم التي يستند إليها ،والمطبق لمعرفتي بكل إخلاص وتفان على من هم بحاجة إليها في ذلك الميدان ، وفي الأدبتابعت مسيرتي كهاو له، أعتبره متعة وتسلية ، ولكنى لا استهين به ولا تهاون في تلمسالإتقان والجودة فيه، ظللت ردحا من الزمن ، سبع سنوات أو ثمان ، أنشر ما أكتبه فيالدوريات المختلفة متسترا وراء الأسماء المستعارة، كنت أنتقل من اسم إلى آخر، معمياعلى من يريد معرفتي، إلى أن وقعت فى فخ أحد الصحفيين الذي كشفني وعرف بي ثم أقنعني،بعد أن أصبح صديقا لي، بأن ليس من حرج في أن يعرفني قرائي ولا من خطر في أن تلحق بىالشهرة ! وفي هذا المجال أذكر أن أحد الدارسين أحصى الأسماء المستعارة التي كتبتبها بين عامي 1936 و 1970 فوجدها تتجاوز اثنين وعشرين اسما .
أما عن العملالعام ، فقد كان استمرارا لما كنت بدأته في دراستي الثانوية ، لا مجال في العملالعام للمجهولية وللتستر وراء الأسماء المستعارة ، عرفت بين أقراني بالنشاط في هذاالميدان ، وعندما بلغت الصفوف المتقدمة أصبحت رئيس لجنة الطلاب في معهدي لعدة أعوامومشاركا مرموقا في فعاليات الأوساط الجامعية من ثقافية ورياضية وسياسيه . وكانت تلكمقدمة لانغماري ، بعد تخرجي في الجامعة السورية طبيبا، في خصم العمل السياسي فيبلدي، قمت بترشيح نفسي للنيابة في بداية عملي كطبيب في بلدتي، الرقة ، وفزت بعضويةالمجلس النيابي السوري عنها ، وكان ذلك في صيف عام 1947، أعنى منذ أكثر من نصف قرتمضى .
ذكريات العمل السياسي، كما باشرته بنفسي في نحو من سنتين كنت فيهما أحدممثلي الشعب في المجلس النيابي ذاك ، هي من الكثرة والأهمية بحيث يضيق بها مرفأالذاكرة . كانت سوريا قد نأت استقلالها التام بجلاء جيوش المحتل عنها منذ سنة واحدةفانصرف حكامها ووراءهم الشعب إلى الجهاد الأكبر بعد الجهاد الأصغر ، أعني إلى معركةالبناء واستعادة الحقوق المغتصبة والسعي لتحقيق المثل العليا . الذكريات كثيرة كماقلت . وأقف منها على ذكريات وقائع معينة كانت من أهم ما مربي تأثيراً لتفكيريوتوجيها لسلوكي. تلك هي الوقائع التي شهدتها أو شاركت فيها ثم تابعت مجرياتهاومازلت لها متابعا ، وأعنى بها وقائع القضية الفلسطينية.

ايوب صابر 04-25-2012 01:29 PM

التطوع من أجل فلسطين

احتللت مقعدي في مجلس النواب في وقتوصلت فيه القضية الفلسطينية إلى قمة التأزم . تألب العالم الغربي، ومعه الاتحادالسوفيتي، على حق العرب وصدر قرار هيئة الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين ، على أن يطبقهذا القرار في 15 مايو سنة 1948. لم يرض العرب ، شعوبا وحكومات بالقرار الجائروتنادوا إلى الحيلولة دون تنفيذه بقوة السلاح عن طريق الجهاد الشعبي المتمثل بأفواججيش الإنقاذ، وهي أفواج تألفت من متطوعي البلاد العربية المختلفة ، أولا ، ثم بتدخلالجيوش السمية إذا اقتضى الأمر بعد ذلك ، وفى غمرة أحداث تلك الفترة الحرجة وجدتنيأهجر مهامي كنائب في المجلس وألتحق متطوعا بمجاهدي فوج اليرموك الثاني من جيشالإنقاذ، وهو الفوج السوري من ذلك الجيش ، يرافقني في ذلك الالتحاق زميلي فيالنيابة الأستاذ أكرم الحوراني، أكون في مقدمة من دخلوا الأرض الفلسطينية منالمجاهدين ، سعيا وراء نصرة فلسطين العربية واستنفاذها من مخالب تحالف الصهيونيةالعالمية وأعداء العرب في العالم الغربي على أرض العرب المقدسة.
كان فوجاليرموك الثاني بقيادة أديب الشيشكلي الذي كان ضابطا برتبة رئيس وهي الرتبة التيتحول اسمها اليوم إلى رائد أو مقدم ، وكان دخولنا إلى فلسطين من الحدود اللبنانية،جنوب بنت جبيل والنبطية ، في ليلة الثامن من شهر يناير سنة 1948. باشرنا عملياتناالاستكشافية والحربية التي لا مجال للتفصيل عنها طيلة الشهور الخمسة التي سبقت موعددخول قرار التقسيم مرحلة التنفيذ. وإذا كنت قد عدت بعد تلك الشهور إلى مكاني فيمجلس النواب متابعا مسيرتي السياسة تحت قبة البرلمان وفي المحافل المختلفة وعلىصفحات الجرائد والمجلات، فإن التجربة التي عدت بها من المعاناة على أرض الواقع فيفلسطين فتحت عيني على أمور كثيرة وبصرتني بأمور كثيرة كنت بعيدا عن معرفتها مثلالآخرين الذين لم يتح لهم معايشة ما عايشته أنا. اكتشفت في تلك التجربة أشياء كثيرةعن سير أمورنا، وعن خصائص شعوبنا، وعن أقدار رجالنا ، ومن سوء الحظ أن تجربتي ، كمارددت في مناسبات كثيرة، قد تكشفت لي عما خيب أمل الشاب المثالي الذي كنته في تلكالأيام، ومن سوء الحظ كذلك أن سير أمورنا القومية منذ عام 1948 إلى اليوم جاء مؤيداتقديراتي السيئة عن وضعنا وإمكاناتنا، وهي التقديرات التي وضعتها لنفسي في ذلكالحين .

العودة للأدب

وأعود إلى الأدب مرة أخرى خاتما بههذا الحديث الطويل. لقد دأبت على أن اعتبره لنفسي وأذكره للآخرين كهواية ، ممتعةوسامية في آن واحد، أمارسها في غير عناء وفي قليل من الجد. ولكن، كما قال الشاعرالقديم:
صار جدا ما لهونا به رب جد جره اللعب!
فما يطفو على ألوان النشاطالمختلفة في حياتي، وما يعرفني به الآخرون ويحاورونني فيه ويتقصون أخباري فيه، هوالأدب قبل الطب وقبل السياسة وقبل فعاليات مختلفة أخرى أجدني ما قصرت فيها ع أداءما وجب علي ولا عن تقديم ما قدمته، متطوعا ومفيدا، للناس حولي وللقيم والمعتقداتالتي أومن بها، عطاءاتي الأخرى تنحصر معرفتها في حلقات ضيقة وبين أناس محدودين ، أوأن دوامها لا يمتد إلى زمن طويل. أما العطاء الأدبي مني ومن أمثالي فإنه، إذا كانيحمل صفات تؤهله لذلك، طويل الديمومة وعريض الجمهور ، لقد انتهى بي إصرار الآخرينعلى تقديم صفتي الأدبية على سائر صفاتي الأخرى أن تابعتهم أنا إلى الإيمان بقيمةهذه الصفة وأكاد أقول إن ذلك حدث على الرغم مني !
ولعلي في هذا الواقعة التيأرويها للقراء في مختتم المطاف أضرب مثلا لهذا الذي ذكرته عن تقدير من عدونيبتقديرهم لما رأوه في من موهبة تستحق التقدير.
حدث ذلك منذ ستة أعوام أو سبعة ،زارني في بلدتي السيدك. لوشون، وهو الملحق الثقافي في السفارة الفرنسية في دمشقأيامذاك ، وكان قارئا لأعمالي المترجمة إلى الفرنسية ومعجبا بها، وف زيارة لي إلىدمشق بعد عودته هو إليها اتصل بي هاتفيا وسألني عما إذا كان بإمكاني أن أمر عليه،في مكتبه، قلت له: أفعل ، وبكل سرور، فوجئت حين دخلت مكتب الملحق الثقافي الفرنسيبأن رأيت صورة كبيرة لي معلقة على أحد جدران المكتب. كانت صورة قديمة، أخذت لي فيأيام الصبا، أبدو فيها ممتطيا فرساً أصيلة كنا نملكها في ذلك الزمن ومرتديا ثياباعربية، استغربت وجود هذه الصورة وسألته عنها. ابتسم وقال إنه عثر عليها بحجم صغيرحين زار الرقة ، وإنه كبرها وأحاطها بهذا الإطار في بيروت ، وإنه استدعاني ليرجونيأن أضع توقيعي له عليها. لم أملك إلا أن أجاريه في الابتسام وقلت له: ولكنك تضعصورتي في صدر مكتبك الرسمي، هذا المكان ليس لي ، إنه مكان المسيو ميتران ! كانفرنسوا ميتران يومذاك هو رئيس الجمهورية الفرنسية . كان جواب الملحق الفرنسي ،الموظف في سفارة بلاده، هذه الكلمة الغربية التي قالها بلهجة اقتناع : أنت قيمةأكثر ثباتا من المسيو ميتران!
بالطبع لم أكن من الغرور، أو من فرط الإعجاببالنفس، بحيث أصدق أن قيمتي تفوق قيمة رجل كان رئيس جمهورية فرنسا في يوم من الأياموكان مالئ الدنيا وشاغل الناس في زمن رئاسته، ولكن كلمة المجاملة التي نطق بهامخاطبي الكريم، السيدك. لوشون ، تصور بجلاء اهتمام نخبة المثقفين ، إن لم أقلعامتهم ، في عالمنا الحاضر بالأدب وبمبدعيه وتقديرهم لهم وله. وعلى ما يشبه الرغممني، كما أسلفت القول، أصبحت مجرورا إلى هذا التقدير وذلك الاهتمام بالفن الذي بدأتفيه هاويا مثل المستهين ثم انتهيت إلى أن أجده أجدر ما أختم به هذا الحديث عن مرفأالذاكرة ،وعن الخواطر التي رست فيه بعد طول الإبحار.


ايوب صابر 04-25-2012 01:33 PM

من اقواله:

- الإنسان لابد أن يمر بمحطات فشللكني شخصيًا لا أقع في اليأس وغالبًا ما يفتح الفشل أمامي أبوابًا جديدة.

- ثمة أشياء كثيرة تتمناها وتتمنى القيام بها لكنك لا تستطيع ذلك، في الأوضاعالسياسية مثلاً تتمنى أن يسير البلد والشعب بطريق غير الذي يسير عليه، لكنك كقوةصغرى لا تستطيع التأثير في ذلك.

- شكلت فلسطين إحدى محطات الأسى في حياتي،ومن يقرأ كتاب «فلسطينيات» (الذي يحوي كل ما كتبته عن فلسطين وقام بجمعه الكاتبوالشاعر يوسف الخطيب) يلحظ في خطابنا كم كنا واثقين بالنصر، وبعد ذلك أصبحنامتألمين. وأنا متألم كثيرًا لأننا حتى هذه اللحظة نحاول السير على الطريق الذيضيعناه، لم نتعلم من دروس الماضي ولم نطور أدواتنا. والعجيب في الأمر أن الذينأوصلونا إلى هذه النقطة ما زالوا يقودوننا بالطريقة نفسها، فهذا هو الألم والأسى،أسى التخوف من المقبل.
- طالما أحببت دمشق، مكان دراستي وموطن أصدقائي، أحببتهاوأحببت طباع أهلها، ولكن دمشق تغيرت، أصبحت مدينة الزحام والضجيج، أو ربما نحنأيضًا تغيرنا ولم نعد قادرين على التقولب مع هذه المعطيات الجديدة.

- أتمسكبحريتي قدر الإمكان، وأدرك أن الإنسان لا يمكن أن يكون حرًا بالمطلق، لكنه يجب أنيتمسك بحريته المتاحة.

- سبق أن رشحت لنيل وسام الاستحقاق فتوسطت يومها لدىوزيرة الثقافة والمستشار الثقافي للقصر الجمهوري لشطب اسمي، فأنا لا أحب الجوائزولا الأوسمة، ولا أدخل الأحزاب ولا أحب الانتماء إلى المؤسسات.
- في إحدىالسنوات كنت رئيس الهلال الأحمر وعملت بضمير وإخلاص فخصصوا لي جائزة من الصليبالأحمر الأمريكي اعتذرت عن قبولها، أنا لا أعتبر أن قيام الإنسان بواجبه شيء يستحقأن ينال عنه وسامًا، إنه واجبي وكفى.


- دعيت لأكثر من مرة لأكون سفيرًافلم أقبل، كان مبدئي ولا يزال: العمل الذي يقوم به غيري لا أحب القيام به، أماالعمل الذي لا يقوم أو لا يستطيع أن يقوم به غيري فأحب القيام به.


ايوب صابر 04-25-2012 01:34 PM

من نزار قباني إلى عبد السلام العجيلي
نص الرسالة التي كتبها نزار قباني إلى عبد السلام العجيلي من مدريد في 25/5/1963، حول كتاب "مقامات":
«حبيب القلب، عبد السلام أحلى ما في بريدي هذا الأسبوع هي (مقاماتك)، بل أحلى ما جاء في البريد من سنين...
وأنا لا أذكر أنني التهمت صفحات كتاب بمثل هذه اللهفة، ولا أذكر أنني عشت مع كتاب من الكتب كما عشت مع كتابك.
أهو أنت... أم هو الكتاب... أم أنتما معاً؟... لا أدري... لا أدري سر ارتباطي بهذا الكتاب الحبيب الصادر عن حبيب. كل ما أعرفه هو أن الكتاب ردّني إلى زاوية من الماضي افتقد اليوم صمتها ولين وسائدها وحنان عتمتها.
هل نحن الذين كتبنا هذه الصفحات الحلوة ذات يوم؟ أين أصابعنا اليوم من أصابعنا بالأمس... أين قضبان الزنبق التي كنا نحركها على الورق فتخلق فوقه ألف صيف... من أصابعنا المتخشبة التي تشبه أصابع النجارين..؟
وقلوبنا، التي تركض وتنبض كالأرانب الصغيرة في داخلنا... لم تعد اليوم أكثر من أقفاص خشبية... لا تزورها الشمس، ولا تفكر بها العصافير.
وأبطال كتابك، الذين يتحركون على خشبة مسرحك كآلهة من آلهة الإغريق... أين يكونون الآن؟ أين قهقهاتهم، وغيم سجائرهم، ورنين أقدامهم؟
أين سعيد... وعبد المجيد... وصلاح... وعبد المطلب... وهشام... والمحايري؟
كلهم هاجروا كأسراب السنونو المهاجرة في أوائل أيلول، ولم يبق منهم سوى رماد سجائرهم وظلال جرائدهم التي لم يكملوا قراءتها.
لا مقهى (البرازيل)... ولا (بريمو)... ولا (الكمال) بقيت على حالها، ولا سدنتها وكهنتها ظلوا على حالهم، معابد الحكمة والفلسفة واللسان الطويل كلها تهدمت... والشمعة الوحيدة التي بقيت من مجد روما وأثينا والسفسطائيين.. هي كتابك العظيم.
فمن كل قلبي أهنّئك على أنك افتكرت في تعبئة هذا التاريخ الحلو في هذا الكتاب الحلو... وعلى أنك أضأت شمعة في المغارة التي بدأت العتمة تلف جدرانها... وتأكل سكانها.
ومثلما خلد تاريخ الأدب آثار الجاحظ وموليير وبرنارد شو، سيضيف إلى قائمة الموهوبين اسماً جديداً، هو: عبد السلام العجيلي.
وسلام عليك أيها الحبيب النبيل، من اسبانيا، البلد الذي زرعتني فيه، والذي تناديك شموسه.. وعيون نسائه... (وقناديله الاشبيلية)... دائماً..».
نزار قباني
أرسل: 16/11/2008 6:54 pm

المصدر: نوافذنا

ايوب صابر 04-25-2012 01:51 PM

اهم احداث طفولة العجيلي والتي اثرت فيه وصنعة عبقريته بقلمه ومن مرفأ الذكريات لديه:


- مرفأ الذاكرة لدى كاتب هذه السطور،على اتساعه وطول أرصفته، يضيق بالأحداث والصور والأقوال التي تزاحم فيه وعليه، وليسذلك مستغربا على ما مر بي في ثمانين عاما من العمر قد انقضت لي، وعلى ظروف مختلفةعشت فيها ونشاطات مارستها في مجالات العلم والأدب، ومجالات السياسة والحرب، وفيعملي كطبيب، وفي الأسفار والعلاقات الاجتماعية ، وفي غير هذه وتلك وهاتيك. .
- بعد ما استقر في ذاكرتي من صور هي بلا شك صورة ترجع إلى سني طفولتي الأولى، وذلك حين فكنت في الثالثة من عمري أو حين خطوات أولى خطواتي في سنتي الرابعة، عرفت مبلغي من العمر أيام هذه الصورة بعد ما كبرت وسمعت ما رواه من أبنا بلدتي الصغيرة من تاريخ هذه البلدة، وهي الرقة على شاطئ الفرات في شمالي سوريا، ومن حكايات الأحداث التي مرت بها زمن طفولتي، تلك الصورة هي منظر جسم لامع، فضي اللون ، يرتسم على صفحة سماء خفيفة الزرقة ويسير على تلك الصفحة بخط مستقيم وبحركة تبدو بطيئة لبعدها عن عيني، ثم منظر قطع صغيرة، مستطيلة، تتساقط من ذلك الجسم اللامع ، قطعتان أو ثلاث أو أربع، لا أذكر اليوم كم كان عددها على الضبط ، تتساقط ويحجب عن بصري مكان وقوعها جدران المنازل اتلي كانت في الجانب المقابل للقبو الذي كنت أتطلع من بابه الضيق إلى السماء فوقي. ذلك القبو الذي كنت فيه مع أمي، ومع نساء كثيرات معهن أطفالهن، كلهن يتزاحمن ليتطلعن من باب القبو إلى السماء وإلى تلك القطع المتساقطة من ذلك الجسم الفضي السائر على صفحة السماء.
- عرفتعندما كبرت أن الجسم السائر ذاك كان طائرة حربية وأن تلك القطع المتساقطة قنابلمهلكة كانت الطائرة تلقيها على مواقع متفرقة من بلدتنا، وأن ذلك حدث في الأيامالأخيرة من شهر سبتمبر من عام 1921. هذه أبعد ما حفظته ذاكرتي من صور. ولعل استقرارهذه الصورة بهذه القوة في ذاكرة الطفل الصغير الذي كنته قد ترك في لاوعيي تأثيرااصطبغت به حياتي المقبلة في كثير من جوانبها، والجوانب الفكرية والسياسية منهابصورة خاصة . تلك الطائرة كانت واحدة من طائرات جيش فرنسا الذي غزا بلادنا واحتلهاباسم الانتداب بعدما غدر الحلفاء بالعرب وتقاسموا بلادهم . وإلقاء نقابلها علىبلدتي الرقة ، كان لأن هذه البلدة أصبحت في ذلك الحين مقرا الحركة وطنية أعلنتالرقة وما حولها دولة عربية مستقلة لا تعترف بانتداب فرنسا، ب جندت جيشا وجهته إلىحلب لمحاولة استنفاذها من يد المحتل الفرنسي، ذلك تاريخ مجهول لبلدتي الصغيرة بسطتهفي كتاباتي بعد مرور عقود طويلة من السنين على أحداثه، وليس هنا مكان روايته ،ولكنى أردت القول إنه قد يكون في استقرار هذه الصورة في خاطري طيلة ما يفوق ثلاثةأرباع القرن إرهاص لما ستكون عليه أفكار ذلك الطفل ويكون عليه سلوكه وتصرفه حينيغدو شابا وبعد أن يكتهل ثم يشيخ.
- تتزاحم الصور على مرفأ الذكريات بعد تلكالصورة الأولى المفرطة في البعد، كبر الطفل في الخامسة من عمره ، وانتقل بذلك منحضن أمه إلى حضن المدرسة، كان انتقالاً مبكرا بالنسبة لانتقال أنداده الذين كانوايفوقونه في السن، فأكسبه ذلك مكاسب وعرضه لبعض الهشاشة في تكوينه العلمي لم يتخلصمنها إلا بعد عناء وزمن طويل.
- كانت المدرسة عالمي الجميل والمفضل،ولكنها لم تكن كل العالم لي، كانت هناك المطحنة التي يملكها والدي، وهناك مضاربأعمامي في البادية حول بلدة الرقة ، أو بالأحرى في سهول تلك البادية التي تعشب فيالربيع فتحرق أعشابها شمس الصيف الملتهبة فترتد مقفرة جرداء. كنت أتردد على المطحنةلأحمل لأبي طعام غدائه وعلبة دخانه اليومية من منزلنا، ولأتأمل في الرحى الدائرةوهي تتلقى الحنطة حبوبا قاسية وتقذف بها دقيقا ناعما، و لأتطلع إلى المحرك ذيالدولابين الضخمين وهما يدفعان بالمكبس إلى جوفه ويجتذبانه من ذلك الجوف، في حركاتمنتظمة عنيفة ورشيقة في آن واحد ، وحدث في إحدى مرات تطلعي ذاك أن علق طرف القنبازالذي كنت أرتديه بالسير الجلدي لمضخمة الماء التي كانت مركبة فوق بئر في جانبالمحرك، وهو يدور على دولابه ، فلم أشعر إلا وأنا مرتبط بذلك الدولاب مرتفعا إلىقمته قبل أن ينحدر فيلقيني في قرارة البئر. سارع أرمين ، ميكانيكي المطحنة الأرمني،إلىّ واجتذبني من يدي بقوة قاذفا بي إلى الأرض بجانب فوهة البئر. وسلم الله ذلكالصبي الطلعة ، القليل الحذر من هلاك محقق آنذاك .
- أما مضارب أعمامي فقد كنتأتردد عليها، في الربيع، في العطل المدرسية وبعد الظهر من كل خميس ويوم الجمعةالتالي له . كان أهل بلدتنا، وأسرتنا من بينهم ، نصف حضر يسكنون منازل البلدةالحجرية نصف السنة ويخرجون إلى السهوب المعشبة في الربيع وأوائل الصيف مع أغنامهميتنقلون بها بين المراعي. والدي كان من أوائل الذين تحضروا وسكنوا البلدة في السنةبكاملها ، ولهذا كنت ألجأ إلى منازل أعمامي في بيوت الشعر في المراعي كلما أتيحت ليالفرصة، فأرعى مع صبيانهم الخراف وأطاردها حافي القدمين معهم ، وأنام تحت سماءالربيع المتألقة النجوم وأستمع في الفجر، وأنا بين النوم واليقظة ، إلى أحاديثالمتسامرين المتحلقين حول النار الموقدة في كاسر البيت قبل أن يهب الرجال ليأتوابنعاج القطيع إلي أمام المضارب وتهب النساء لتحلب تلك النعاج.
- بعدالدراسة الابتدائية كان علي أن أنتقل إلى حلب لمتابعة تعليمي لأن الرقة لم تكن تحويمدرسة ثانوية، وهنا وفي ختام السنة الأولى من الدراسة الثانوية، حدث ما اعتبرته بعدذلك المنعطف الكبير في حياتي. أصبت في العطلة الصيفية بمرض ألجأ والدي إلى أنينقلني إلى حلب ليعالجني أطباؤها، لا أذكر اليوم، وأنا الطبيب، ماذا كان ذلك المرض،الذي أذكره أن الدكتور مونييه، وهو الطبيب السويسري الجنسية الذي تولى العناية بيفي مستشفاه نحوا من عشرة أيام ، أشار على أبي بأن يقطعني عن الالتحاق بالمدرسة عاماكاملا، بقيت العام التالي بطوله في الرقة بناء على إشارة الدكتور مونييه، وبقيتعامين بعده فيها بناء على رغبة الوالد الذي أرادني على أن أنقطع عن الدراسة لأعينهفي إدارة أعماله وأملاكه ، أنا الذي كنت ولده الوحيد آنذاك.
كان ذلك مصيراقاسيا لي أنا الذي فتحت آفاق تفكيره وألهبت خياله قراءاته الكثيرة والمختلفة ، ولكنرب ضارة نافعة، وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ، كانت هذه الأعوام الثلاثةالمتتابعة ضرورية لنضج تفكيري كما أنها ألحقني بمدرسة من نوع آخر، رحت أتلقىالمعرفة فيها لا من أفواه المعلمين أو من صفحات الكتب، بل من مخالطة الناس وممارسةالحياة والتعامل المباشر مع أمورها. تلك هي مدرسة العمل إلى جانب والدي وتحتإشرافه، عملت في المطحنة التي كنا نملكها مشرفا عليها وجابيا على غلتها، أتاح ليذلك التعرف على أصناف الناس الذين كانوا يتوافدون علينا، نساء ورجالا، من البلدةومما حولها في المنطقة الواسعة المحيطة بالبلدة، البدو كانوا يأتوننا بقمح مؤونتهمعلى جمالهم ، والقرويون على الحمير، وسكان البلدة على عرباتهم التي تجرها الكدش،وهي غير الأصائل من الخيل ، أصبحت على معرفة بالقبائل نسبا ولهجات كلام ورزايةأحداث سالفة وجيدة ، هذا في النهار، أما في الليل فقد أتاح لي سن اليفع الذي قاربتهأن أكون من رواد مضافة أسرتنا، أجلس منها قريبا من المدخل، مستمعا إلى أحاديثالكهول عن شئون الأقارب والأباعد، في بلدتنا ومنطقتها وفي مدننا وبلادنا بأسرها. وفي شهر رمضان بصورة خاصة كنت أستمع إلى أحد أعمامي ممن كانوا يحسنون القراءة يتلوعلى رواد المضافة ، بعد صلاة العشاء كل ليلة ، فضلا من كتاب فتوحات الشام للواقدىأو من رواية سرور آغا وصالحة خانم وسلطان عبد الحميد المترجمة عن التركية ، وحينكانت تتأزم أمورنا السياسية مع فرنسا المحتلة كان حضور المضافة يتحلقون حول ذلكالعم أو غيره وهو يتلو عليهم آخر افتتاحيات نجيب الريس، في جريدته القبس، في مهاجمةالمحتل وتسفيه سياسته ، فتلتهب النفوس حماسة وتعلو الأصوات بالاستنكار والاحتجاجوالتنديد.

ايوب صابر 04-25-2012 02:52 PM

ما صنع عبقرية العجيلي:
أحسن العجيلي في وصفه لنا اثر الأحداث التي يكتظ بها الصندوق الأسود للطفولة على الحياة اللاحقة للفرد.
فهو يرى بأن أعظم حدث احدث انفجارات بوزيترونية في ذهنه هو صورة ذلك الجسم اللامع في السماء والذي كان يسير ببط ويسقط منها أجسام لامعة وذلك حينما كان في الثالثة او الرابعة ليعرف لاحقا ان ذلك الجسم هو طائرة من الطائرات الاستعمارية التي جاءت لتقصف بيوت بلدته ولا احد يعرف تحديدا ما كانت النسوة تردد في تلك اللحظة دون أن تعير أي اهتمام لوقع تلك الكلمات على الطفل. ربما أن تلك الطائرة أسقطت قنابل لتدمير البيوت لكن الانفجارات حدثت في دماغ العجيلي في لا وعيه، في غفلة منه ومن الجميع حوله ولذلك كان هذا الحدث الأعظم أثرا في حياة العجيلي كما يقول هو، واصطبغت به حياته المقبلة في كثير من جوانبها وعلى رأسها الإبداع .
لم تكن تلك الحادثة هي الشيء الوحيد المهم في طفولة العجيلي المبكرة فلا شك حادثة المطحنة التي وقعت له وكادت تؤدي بحياته حينما علق طرف قنبازه في المروحة الخاصة بمطحنة والده لتلقي به في البئر ، ولولى سرعة بديهة العامل في المطحنة لقضى العجيلي في تلك الحادثة كما يقول هو وذلك يعني انه كان على شفا الموت في لحظة مبكرة من حياته، ولا شك أن تلك الحادثة تركت أثرا مزلزلا في ثنايا الدماغ لا يقل أثرا عن حادثة الطائرة .
أيضا لا احد يمكنه أن ينكر اثر زياراته المتكررة إلى مضارب أعمامه في البادية والتي كان يتردد عليها، كما يقول في الربيع، في العطل المدرسية وبعد الظهر من كل خميس ويوم الجمعةالتالي له ورعيه مع صبيانهم الخراف والتي كان يطاردها حافي القدمين معهم ، وينام تحت سماءالربيع المتألقة النجوم فمثل هذه التجربة تحفر عميقا في الوجدان.

أيضا نجد العجيلي قد مر في تجربة موت أخرى حينما مرض بعيدا عن البيت في حلب حيث استقر للدراسة وهو فتى صغير وذلك حينما أصيب في العطلة الصيفية بمرض ألجأ والده إلى نقله إلى حلب ليعالجه ليعالج في مستشفى طبيب سويسري لمدة عشرة أيام ثم ينقطع عن الدراسة لمدة عام ثم عامين آخرين ولا غرابة أن يعتبر العجيلي تلك الحادثة أهم منعطف في حياته ربما أن ذلك سببه يعود إلى انه اصحب فتيا ولكن ذلك لا يقلل من ضخامة اثر الأحداث الأخرى التي وقعت في طفولته المبكرة.

لقد اجتمعت عدة عناصر غاية في التأثير لتفجر طاقات ذهن العجيلي . الموت الذي كاد يخطفه في مناسبتين، حياة البادية ولك أن تتخيل صعوبة تلك الحياة على طفل يجوب البادية حافيا لرعي الأغنام. ثم انتقاله إلى حلب حيث أصبح يتيما اجتماعيا بحكم بعده الجغرافي عن القرية التي كان يسكنها الأهل.

هذه هي محتويات الصندوق الأسود الذي صنع عبقرية العجيلي. واطلاق صفة مأزوم عليه هو في الواقع اقل ما يمكن وصف طفولته.

مأزوم.

ايوب صابر 04-26-2012 03:31 PM

66- عائشة البشير بن سلامة تونس
عائشــة
البشير بن سلامة القاهرة: دار الشروق 2010 ، 190 صفحة
رباعية «العابرون» واحدة من أهم روايات الأدب التونسي المعاصر. تدور أحداثها في القرن الذي يسبق استقلال تونس. وتتناول في ذلك تاريخ عائلتين تونسيتين اختار الكاتب من بين أفرادهما أربع شخصيات، وضع علي كل رواية من الرباعية اسم إحداها. وجاء ترتيب صدورها كالتالي: «عائشة» 1982، «عادل» 1991، «علي» 1996، «الناصر» 1998. «العابرون» بأبطالها وشخوصها العديدة هي نوع من التاريخ الروائي للمجتمع التونسي في تلك الفترة المهمة من تاريخ البلاد.
ولدت «عائشة» لأب كان قد انتقل حديثًا من الفقر والضعف إلي الغني والسُّلطة بعد ارتباطه بالحكّام التونسيين. لكن تلك الحياة الناعمة الهادئة لم تلبث أن انقلبت رأسًا علي عقب حينما هاجم الاحتلال الفرنسي تونس فغيّر - أول ما غيّر - في نفسيات البشر وعلاقاتهم. «عائشة» نفسها وقعت في حب سالم فأفقدها عذريتها لتظل رهينة ذلك الخوف - الذي يقدم وجهًا آخر لمجتمعاتنا - حتي جاءت لحظة الزواج من خالد. في رواية «عائشة» نقرأ عن الأنثي صانعة الأحداث وراوية الحكايات التي عادة ما تتخفي وراء الرجال. هنا نري وجه الأب وهو يكبر فتعلوه الشيخوخة بضعفها من ناحية وجبروتها من ناحية أخري. وفي الخلفية هناك «عائشة» وإخوتها الذين يكبرون بين أيدينا مع الوقت ومع الحكي.


=


الناصر رباعية " العابرون" - رواية


رباعية «العابرون» واحدة من أهمروايات الأدب التونسي المعاصر. تدور أحداثها في القرن الذي يسبق استقلال تونس. وتتناول في ذلك تاريخ عائلتين تونسيتين اختار الكاتب من بين أفرادهما أربع شخصيات،وضع على كل رواية من الرباعية اسم إحداها. وجاء ترتيب صدورها كالتالي: «عائشة» (1982)، «عادل» (1991)، «علي» (1996)، «الناصر» (1998). «العابرون» بأبطالهاوشخوصها العديدة هي نوع من التاريخ الروائي للمجتمع التونسي في تلك الفترة المهمةمن تاريخ البلاد. نقرأ في هذا الجزء سيرة «الناصر» الذي ظهر بأعماله الطائشة فيرواية «عائشة» ثم اختفى ليظهر ظهورًا مكتملًا هنا. عاش «الناصر» طفولته في ألمواضطهاد، وشبابه في سجن وانحراف، وظل يبحث عن هويته التي سلبها منه تعليمه الفرنسيحتى وجدها في قلب النضال ضد المحتل، فانخرط في صفوف المدافعين عن استقلال الوطن. أضافت رواية «الناصر» إلى هذه الرباعية تنويعة عميقة على سؤال الهوية التي قد تختفيثم تظهر، وقد تنمو ثم تضمر.

أضواء على رباعية "العابرون" للأديب التونسي البشير بن سلامة
شهد شهر رمضان المنقضي تنظيم العديد من المسامراتواللقاءات الفكرية والادبية في مختلف المدن التونسية منها اللقاء الادبي الذي عقدفي اطار سلسلة "مسالك الابداع " بمبادرة من المندوبية الجهوية للثقافة بولايةاريانة وخصص للتحاور مع الكاتب والروائي التونسي البشير بن سلامة حول رباعيته "العابرون".

وتعد رباعية "العابرون" كما قدمت لها دار الشروق المصرية واحدةمن أهم روايات الادب التونسي المعاصر. تدور أحداثها في القرن الذي يسبق استقلالتونس وتتناول في ذلك تاريخ عائلتين تونسيتين اختار الكاتب من بين افرادهما اربعشخصيات وضع على كل رواية من الرباعية اسم احداها. وجاء ترتيب صدورها كالتالي : "عائشة" سنة 1982 - "عادل" سنة 1991 - "علي" سنة 1996 - "الناصر" سنة 1998.

في مرحلة أولى يجتمع الابطال الاربعة في رواية "عائشة" ربما لعديدنقاط الارتباط والتواصل فيما بينها ثم تنفرد فيما بعد كل شخصية بخصوصيتها في عملروائي منفرد دون ان تتفكك الاحداث والوقائع لكل من اجزاء الرباعية.

عائشةولدت لاب انتقل حديثا من الفقر والضعف الى الغنى والسلطة بعد ارتباطه بالحكامالتونسيين لكن تلك الحياة الناعمة الهادئة لم تلبث ان انقلبت رأسا على عقب حينماهاجم الاحتلال الفرنسي تونس فغير - فيما غير - في نفسيات البشروعلاقاتهم.

عادل ظهر أولا في رواية "عائشة" شخصا ينزع الى العزلة والتأمل. وبعد انضمامه في مرحلة أولى للحزب الدستوري لاعتقاده بان الحبيب بورقيبة ورفاقهيمثلون مستقبل الامة عاد في مرحلة لاحقة الى الهامش حتى جاء يوم 9 افريل 1938 فيتمالقبض عليه في احدى صالات القمار في حين ان تهمته الحقيقية انه شوهد في احدىالمظاهرات التي عمت البلاد يومها مطالبة ببرلمان تونسي فكان ما حدث ايذانا بالتغييرفي تاريخ البلد كما كان تغييرا في حياة البطل.

علي كان على موعد مع الاحداثالكبرى حتى يوم وفاته في احداث جانفي 1978 يوم قامت أكبر تحركات الطبقة العاملةالتونسية وواجهتها السلطة بالقمع. تصلنا مسيرته ومجرياتها من خلال مذكراته التييعثر عليها حفيده عبد اللطيف ليعيد صياغتها في شكلها الروائي وينقل للقارئ شهادةعلى قرن مشحون بالاحداث والصراعات .

أما الناصر فقد عاش طفولته في ألمواضطهاد وشبابه في سجن وانحراف وظل يبحث عن هويته التي سلبها منه تعليمه الفرنسيحتى وجدها في قلب النضال ضد المحتل فانخرط في صفوف المدافعين عن استقلالالوطن.

==

كان الأحرى بالدمع أن يتناثر مفجرا معه هذا الألم ليتلاشى، ولكن الألم عندما يدفن في القلب بهذه الصورة هو كالميت يوضع في القبر فتتآكله الديدان، وتذهب بكيانه، فيصير هباء. الألم الساكن بالحي كالدودة الآكلة للميت كلاهما متلف لصاحبه

غريب أمر هذه الدنيا كلما اشتدت بالانسان، وأذاقته مرارة العيش، وسقته من الذلة والمهانة ألوانا و ألوانا، وصبر على ذلك، وقدر على الصمود إلا وانتشلته في آخر الأمر، وبدلت عسره يسرا. الشرط الوحيد هو الصمود، والدوام والوقوف في وجه الكوارث من دون التردي في هوتها والاستسلام لها كذه الحنايا الماثلة على مر الدهر
البشير بن سلامة, عائشة .. رباعية العابرون

ايوب صابر 04-26-2012 03:32 PM

البشير بن سلامة

(14 أكتوبر1931- ) هو مؤلف وسياسي تونسي تولى وزارة الشؤون الثقافية بين 1981و1986. درس بن سلامة في المدرسة الصادقية ثم أولا بمعهد الدراسات العليا ثم بدار المعلمين العليا بتونس حيث تحصل على إجازة في اللغة والآداب العربية. درّس بعد تخرجه في المعهد العلوي ودار المعلمين العليا بتونس حتى عام 1963 ليتفرغ بعدها لنشاطه السياسي والثقافي في الحزب الاشتراكي الدستوري ومصالح الدولة. ناضل البشير بن سلامة منذ العام 1947 في الحزب الحر الدستوري الجديد، وفي مؤتمر الحزب عام 1964 كلف بلجنة الشباب وبإدارة مجلة الشباب. عين بين 1972و1973 ككاتب عام لجنة تنسيق الحزب في سوسة ثم ألحق بإدارته المركزية بين 1973 و1980 تاريخ تعيينه عضوا في الديوان السياسي. تعرف على محمد مزالي منذ كان تلميذا في الصادقية وتوطدت علاقة صداقة دامت طويلا، فشاركه في تحرير مجلة الفكر عام 1955 ثم عمل معه في مؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية، ومع تولي مزالي الوزارة الأولى عين كمكلف بمهمة بديوانه ثم أسندت له حقيبة الشؤون الثقافية في 2 جانفي 1981 خلفا لفؤاد المبزع. شهدت فترة توليه الوزارة إنشاء بيت الحكمةوالمسرح الوطني التونسي. تواصل بقاءه على رأس الوزارة إلى 12 ماي 1986، وقد أقيل في نفس الفترة وزراء آخرون مقربون من مزالي كالمازري شقيروفتحية مزاليوالهادي بوريشة، وما لبث مزالي هو نفسه أن أعفي من مهامه في جويلية 1986. ابتعد بن سلامة منذئذ عن الحياة السياسة متفرغا للكتابة. انتخب عضوا في مجلس الأمة سنوات 1969، 1974و1979.
مؤلفاته
  • تاريخ أفريقيا الشمالية لشارل اندري جوليان ( ترجمة بالاشتراك) الدار التونسية للنشر 1969 عدة طبعات.
  • المعمرون الفرنسيون و حركة الشباب التونسي ( ترجمة بالاشتراك) الشركة التونسية للنشر 1970 و ط2 سنة 1985.
  • الشخصية التونسية ج.س. كويكن ( ترجمة) دار سحنون تونس 1988.
  • نحو هوية بشرية ملائمة للواقع للمنصف القيطوني ( ترجمة) دار الآداب بيروت 1990.
  • سليمان القانوني لاندري كلو ( ترجمة) دار الجبل بيروت 1991.
  • اللغة العربية و مشاكل الكتابة . الدار التونسية للنشر 1971 و ط2 سنة 1985.
  • الشخصية التونسية ، مقوماتها و خصائصها . مؤسسات عبد العزيز بن عبد الله 1974.
  • النظرية التاريخية في الكفاح التحريري التونسي . مؤسسات بن عبد الله .1977.
  • قضايا الدار العربية للكتاب تونس 1977 و ط2 سنة 1985.
  • نظرية التطعيم الإيقاعي الدار التونسية للنشر تونس 1985.
  • في رحاب الأدب و الفكر الهيئة المصرية للكتاب القاهرة 1986.
  • السياسة الثقافية في تونس منشورات مجلة البحرين 1985 . وبالفرنسية نشر وزارة الثقافة التونسية سنة 1986.
  • التيارات الأدبية في تونس المعاصرة دار المعارف سوسة تونس 1996.
  • عائشة ( رواية) ط1 1982 و ط2 1983 .و ط3 1986.
  • لوحات قصصية ط1 الدار العربية للكتاب تونس 1984 و ط 2 مؤسسات بن عبد الله 1994.
  • عادل ( رواية) مؤسسات بن عبد اله تونس 1991.
  • علي ( رواية) الهيئة العامة المصرية للكتاب القاهرة سنة 1995.
  • الناصر ( رواية) دار المعارف سوسة تونس 1998.
المراجع</SPAN>

1. ^ سيرة البشير بن سلامة من موقعه على الإنترنت http://www.bechirbenslama.com/?p=381
2. ^ البشير بن سلامة في موقع اتحاد الكتاب التونسيين

ايوب صابر 04-28-2012 07:54 AM

البشير بن سلامة : الموقع الرسمي
http://www.bechirbenslama.com/?tag=%...A7%D9%85%D8%A9


==
للاسف لم أعثر على اية معلومات عن طفولة البشير بن سلامة حتى في موقعة الرسمي.

مجهول الطفولة.

ايوب صابر 04-28-2012 08:36 AM

67- الظل والصدي يوسف حبشي الأشقر لبنان
الظل والصدى :نبذة النيل والفرات:
هذه الرواية هي آخر ما كتب الروائي اللبناني الكبير قبل رحيله، وهي ثالثة ثلاثيته التي تضم "أربعة افراس حمر" و"لا تنبت جذور في السماء". وهي شهادة على الحرب اللبنانية وغوص في أعماقها عبر شخصيات متوترة، قلقة ومضطربة. إنها من أبرز الاعمال الروائية اللبنانية التي تطرقت الى الحرب.
==
الظل والصدى
أما الموقف الروائي اللبناني من الحرب التي توقعتها رواية عوادوعشنا مآسيها خلال خمس عشرة سنة، فإني أكتفي بالإشارة الى رواية «الظل والصدى (1989) ليوسف حبشي الأشقر الذي شارك معظم الروائيين اللبنانيين، الذين كتبوا عن هذهالحرب، رفضهم لها. لكنه كان الأقرب الى عواد، في تحذيره من الانقسام الطائفيوعواقبه المأساوية على اللبنانيين جميعا.
يرفض اسكندر، بطل رواية «الظل والصدى»،الحرب. يرفض أن يكون مع المسلمين الذين يحاربون المسيحيين، أو يقضون، في هذه الحربالأهلية، ضدهم ـ والمسلمون في الرواية هم أهل رأس بيروت حيث يسكن اسكندر ـ وكذلكيرفض اسكندر ان يقف مع أهل قرية «كفر ملات» ـ قريته ـ المسيحيين. يرفض الـ هنا والـهناك. لأن: «كلاهما يقتل، كلاهما يسرق، كلاهما يكذب، كلاهما بتعصّب» (ص190).
يقفاسكندر ضد هذه الحرب ـ الأهلية ـ وخارجها. لأن الطرفين يتساويان فيها: المسلموالمسيحي. يتساويان في القتل والسرقة... وبهذا يلتقي الأشقر مع معظم كتّاب روايةالحرب في لبنان حول معنى هذه الحرب الأهلية والموقف منها.
إلا ان اسكندر وإن رفضهذه الحرب، شأن الشخصية، في معظم روايات الحرب اللبنانية، فإنه يبقى مختلفا عنها،كونه ليس مثلها، مجرد شخصية، بل هو بطل يتفرّد بدعوته الى ثورة في الكيان.. كيف؟
ـ يشير خليل، احدى شخصيات الرواية، الى حوادث 1860 التي قُتِل فيها خاله،ويرى ان المسيحيين كانوا هم الضحية، وان المسألة هي مسألتهم في هذا الشرق المسلم،انهم «مجموعة خائفين».
لكن، لئن كان هذا واقعا تاريخيا، أحد أسبابه الواقعالديمغرافي القائم، بهويته، على الانتماء الديني والذي يشكل فيه المسيحيون أقلية،فإن يوسف حبشي الأشقر، وكما يعبّر منظور روايته، يرفض ان تتحول الضحية إلى جلاد،لذا نجده يدعو الى هذه الثورة في الكيان والتي هي في معناها الأعمق ارتقاء بالذاتالبشرية الى الذات الالهية في الانسان. انها ثورة ترتكز الى اللوغس الديني المسيحيلتكشف، حسب المعنى العميق للرواية، بأن المشكلة، مشكلة المسيحية في لبنان، ليست كمايظن المقاتل صراعا بين المسيحي والمسلم، بل هي مشكلة الظل والصدى، أي هذا الفهمالخاطئ للمسيحية كدين وكتاريخ عريق في هذا المشرق. هكذا ينفتح سرد الرواية على ذاكالتاريخ، وعلى المسيحيين فيه، لتحكي عن الأصول، أصول الأجداد الوافدين الى لبنان منحوران، وربما من أكثر من مكان.
تبرز الرواية الجذر المشترك الذي يجمع بيناللبنانيين، وتشير ضمنا، الى انتماء متعدد، وهوية لا تفرق، الى تاريخ علينا ان لاننساه. الى ظل وصدى علينا ان نعي معناهما وتدرك دلالة العلاقة بينهما.
فهلقرأنا، وهل تعلمنا؟
وهل علمتنا الحرب الأهلية التي عشنا درسا، أم اننا ما زلنانسبح في دوامة العودة على بدء، دوامة الحروب التي تتكرر وتتركنا نحيامآسيها!!

(1) أحيل على الطبعة الخامسة الصادرة عن مكتبة لبنان، بيروت، .1991
==
الظل والصدى
http://lzeitouni.lau.edu.lb/PDF/16.pdf

ايوب صابر 04-28-2012 08:37 AM

يوسف حبشي الأشقر
أبو الرواية اللبنانيّة الحديثة. تلقّى دروسه الابتدائيّة والمتوسّطة في مدرسة بيت شباب، والثانويّة في المدرسة اليسوعيّة في بيروت، وتخرّج من جامعة القدّيس يوسف حاملاً شهادة في الحقوق والفلسفة.
عمل في الصندوق الوطنيّ للضمان الاجتماعيّ. انضمّ إلى "جمعيّة أهل القلم" و "مجلس المتن للثقافة". قال: «الأسباب اللاّواعية التي جعلتني أختار القصّة ثم الرواية، القصّة للوصول إلى الرواية، هي أنّني تعوّدت القصّة في البيت. والدي إميل الأشقر كتب أربع عشْرة قصّة تاريخيّة، وكانت أوّل ما قرأت.
رأيت أنّ القصّ يسمح لي أن أصنع ما أريد وكما أريد. القصّة تتناسب مع كسلي». كانت روايته الأولى أربعة أفراس حمر (1964) المعبر الذي سلكه ليكتب روايته الأهمّ والأفضل لا تنبت جذور في السماء (1971) وهي التي وضعته في لائحة الروائيّين البارزين المعاصرين، ثمّ الظلّ والصدى (1989). له مجموعات قصصيّة، من بينها: طعم الرماد (1952)- ليل الشتاء (1955)- الأرض القديمة (1962)- آخر القدماء (1985). قال شوقي عبد الأمير: «ما زال حبشي الأشقر يتربّع على قمّة جبل عالٍ ناءٍ ليس في لبنان وحسب، إنّما في الرواية العربيّة».

ايوب صابر 04-28-2012 08:39 AM

يوسف حبشي الأشقر


(15 عاماً على رحيل صاحب «الظلّ والصدى» )


بيار أبي صعب

(لبنان)



- عن البراءة المفقودة والحداثة المستحيلة
عاش يوسف حبشي الأشقر في الظل، موزعاً بين الميراث الريفي، ونداء المدينة
. عاش مسكوناً بهاجس الموت، ورحل بصمت بعدما نقل الرواية اللبنانيّة من زمن إلى آخر.

بيت شباب/ كفرملاّت توجّه إليه اليوم تحيّة، في ذكرى رحيله، فيما شبح الحرب التي كان يمقتها يحوم في الجوار ترى لو لم تنشب الحرب... كيف كان سيموت إسكندر، بطل ثلاثيّة يوسف حبشي الأشقر؟ الحرب هي الحرب الأهليّة طبعاً و تلك التي اختار البطل (مثل خالقه) أن يبقى خارجها حتّى الأخير.
كيف يمكن للمرء أن يبقى خارج الحرب؟ أن يعيش ويموت بمعزل عن هذا الخطب الجلل الذي غيّر أفقه ومشاعره، وخلخل عالمه الداخلي ومشروع وجوده؟ ذلك أنّ الكاتب الراحل الذي تحتفي الأوساط الثقافيّة العربيّة اليوم بالذكرى الخامسة عشرة لرحيله، لم يكن فقط «ضدّ» الحرب، كما يردد الجميع استناداً إلى روايته -الوصيّة «الظل والصدى» (1989)، ومجموعته القصصيّة «المظلّة والملك وهاجس الموت» (1980). لقد حاول أن يبقى «خارج» تلك الحرب، أي على الحياد. «المحاولة» بحدّ ذاتها، إشكاليّة أدبيّة (وسياسيّة)، بل دراميّة أساساً، مقلقة، ومثيرة للإعجاب، وحافلة بالعلامات.
هل كان إسكندر الحمّاني فعلاً على الحياد؟ بغض النظر عن نهايته الافتراضيّة، كما قرية كفرملاّت نفسها (نحن القرّاء مَن يقرّر فعل القتل). أليس فيه شيء من «الآخر»، كما يشي موقفه من أهل القرية المقتنعين بشرعيّة الحرب؟ وهو بذلك امتداد لشخصيّة المنشق في الوعي (المسيحي) اللبناني، وحفيد سلالة طويلة تبدأ من خليل الكافر ويوحنّا المجنون (جبران)؟ وفي المقابل، ألا يتماهى بطلنا مع «ربعه» في النظرة إلى «الفريق الآخر»، معبّراً عن خوف أقلّوي، متجذّر في اللاوعي الجماعي لأهله وبيئته، مهما كانت المسافة النقديّة، العقلانيّة، التي وضعها فعلاً بينه وبين تلك الجماعة؟
هذه من التناقضات الخصبة في أدب الأشقر الذي سجّل انتصاراً للذاتيّة على الواقعيّة والبلاغة اللفظيّة. يمكن أن نبحث عن خلفياتها الفكريّة والوجوديّة في ذلك الصراع الأبدي بين الفرد والجماعة. وهو صراع له أهميّة خاصة لدى جيل واكب تفتّح مشروع الحداثة العربيّة، وشهد صعود المدينة كنواة وأرضيّة وفضاء وأفق لذلك المشروع الذي سرعان ما سيجهض، إذ أعادت الحرب بيروت إلى نقيضها الكامن فيها: مجموعة قرى ومناطق نفوذ تؤوي جماعات متناحرة.
كيف كان سيموت إسكندر لو لم تنشب الحرب؟ (كان سيموت حتماً. ليس هناك مخرج آخر، سوى القطيعة النهائيّة مع عالم الريف، ومع الهويّة (الخطيئة) الأصليّة... وهذه الخطوة لم يكن الكاتب بطبيعته وتكوينه مهيئاً لها)؟ ماذا يبقى من نصّ هذا القاصّ والروائي البارز، المحوري في الحركة الأدبيّة اللبنانيّة، إذا أخرج من سياقه التاريخي؟ إنه الفاصل (الرابط؟) الزمني بين مرحلتين وعالمين. يعبّر عن كثير من التناقضات التي تدخل في صلب الهويّة اللبنانيّة. ألهذا أيضاً يعتبر حبشي الأشقر أبا الرواية اللبنانيّة الحديثة؟ هو الذي انتقل من القصّة إلى الرواية، كمن ينزح من الريف إلى المدينة؟
«لماذا نزحوا من كفرملّات إلى بيروت؟ لأن الناس كلّهم نزحوا، نزحوا ليشتغلوا الشغل الجديد، ليأكلوا الأكل الجديد، ليلبسوا اللبس الجديد، وليعيشوا العيشة الجديدة»... هذا التمزّق، تلك الثنائيّة الخصبة، حركة الذهاب والإياب الدائمين بين كفرملاّت (القريّة الافتراضيّة، النموذجيّة) ورأس بيروت (تحديد المدينة مباشر، لا يحتاج إلى عمليّة إعادة إنتاج مجازي)، يختصر جزءاً أساسياً من الوعي اللبناني، في الأدب والسياسة والحياة.
المدينة ستنقله من زمن إلى آخر، وكان لا بدّ من الحرب، كي تبلغ تجربته الروائيّة ذروتها... وتعلن «نهاية مرحلة في الرواية العربيّة، رواية ما بعد طبيعيّة محفوظ وواقعيّته» بتعبير إلياس خوري. الحرب تدفع بالتناقضات إلى أقصاها. والحرب موت عالم وبروز آخر. هاجس الموت طالما خيّم على عالم يوسف حبشي الأشقر وكتاباته... إنّه تأثير الأدب الوجودي ربّما، لكنّه قبل ذلك نابع من تلك العلاقة الحميمة مع البيئة الريفيّة التي أخرجها من الحنين والرومانسيّة والفولكلور، وسلّط إليها نظرة نقديّة، تاركاً للشرّ والعنف والقسوة أن تحتل مكانها في هذا الإطار العذب والخلّاب والمطمئن.
الطمأنينة المفقودة، هي إشكاليّة من إشكاليات هذا الأدب القريب من الوجوديّة (هل كفرملّات ما زالت ملجأً ممكناً؟). والبراءة المفقودة، هي حجر الأساس في عمارة أدبيّة خارجة من معطف مارون عبّود، من دون أن تصل إلى جرأة فؤاد كنعان وسلاطة قلمه! عمارة هي مفترق طرق بين جيلين وعصرين في تاريخ الأدب اللبناني. النثر الريفي لدى الأشقر هو بقايا تركة عريقة، اقتحمتها مشاغل فكريّة جديدة، فانعكست على السرد والبنية تحولاً واضحاً. لقد طرد التنميق الإنشائي نهائياً لصالح حساسيّة دراميّة، قوامها الحوار المسترسل، والجمل المبريّة برشاقة لتجسّد حالة نفسيّة، إيقاعاً سرديّاً، أو موقفاً دراميّاً.
ومع ذلك ما زلنا مع يوسف حبشي الأشقر الذي اجتاز مسافة طويلة بين مجموعتيه القصصيّتين «طعم الرماد» (1952)، و«آخر القدماء» (1985)، أبعد ما نكون عن المغامرات الأسلوبيّة التي سيأتي بها جيل لاحق، لم يعد على الحياد، لا في الكتابة ولا في السياسة. بالنسبة إليه ستبقى القرية هي حدود العالم، هذا النموذج الجغرافي الذي يرى عبّاس بيضون أنّه لم يعد مكاناً «بقدر ما هو نوع من أولمب مصغّر»، حلبة صراع بين أفكار وهواجس. هناك شيء ما يعاند داخل النصّ، في صلب الرؤية الأدبيّة لدى الأشقر. شيء من العالم «القديم» الذي يعتبر وريثه، وقد أخذه إلى اشتباك مع حداثة الستينات في بيروت، منذ صدور الرواية الأولى في ثلاثيّته «أربعة أفراس حمر» (١٩٦٢).
هكذا عاش ومات يوسف حبشي الأشقر، قدم في القرية وأخرى في المدينة. جذور في الريف وعين على الحداثة. مثل بطله إسكندر في «لا تنبت جذور في السماء» يقرأ موتزيل ويعاين صخب المدينة، علماً بأنّ جزءاً اساسياً منه ما زال مرتبطاً بالرحم، هو الباحث عن «الجذور». قل لي مما تهرب، أقل لك من أنت. إلى القرية سيعود ليموت، بعد رواية و١٧ سنة من الحروب. اندلاع الحرب يضع الزمن بين هلالين، ويغطي بالخيش الأبيض أثاث البيت إياه الذي شهد صولات الزمن السعيد وجولاته، وجوهه الأليفة «رفقة التيه في التفتيش عن الطريق». أيام الصراعات العاطفيّة والوجوديّة والحزبيّة، أيّام الشباب والكيف في فورة السبعينات، على حافة البركان... مع الحرب، صار «المطرح الحلمي، مطرح حزن وانحلال». لقد شاخ بطلنا ودخل في قطيعة مع العالم الخارجي، في عزلة صارمة هي الإدانة الوحيدة الممكنة لما يجري. إنّه أقرب إلى الأستاذ الجامعي، بطل رشيد الضعيف الذي بقي على هامش الحرب، حتى ابتلعته («المستبدّ» ١٩٨٣، أو بالأحرى «فسحة مستهدفة بين النعاس والنوم»/ ١٩٨٦)، منه إلى بطل إلياس خوري في «الجبل الصغير» (١٩٧٧) الذي التحق بصفوف اليسار والمقاومة الفلسطينيّة، وهرب من الأشرفيّة...
الحرب التي يدينها الأشقر مأساة ولعنةً. ترى يمنى العيد أنّ شخصيّة اسكندر المسيحي، تقوم على قاعدة مساءلة الذات، لا الآخر... ومحاكمة جماعته التي «تخلّت عن القيم الروح، وتركت الأرض، وقيم الآباء والأجداد، ساعية خلف المال والقشور». لكن إلى أيّ مدى تفلت «الظلّ والصدى» من النظرة التعميميّة إلى الحرب؟ فيما تبدو لدى توفيق يوسف عوّاد الذي تنبأ باندلاع الحريق («طواحين بيروت» /١٩٧٣) ثمرة فشل مشروع سياسي اجتماعي بديل، يحمله أبناء الجيل الشاب (جيل اسكندر أيام «لا تنبت جذور...») الذي انصهر في بوتقة الجامعة الوطنيّة، وراح يحلم بالتغيير.
لا نعرف الكثير عن حياة يوسف حبشي الأشقر. نعرف أنّه ولد ودفن في بيت شباب التي أعارت الكثير من ملامحها لكفرملّات. درس الحقوق والفلسفة، وعاش حياة الموظّف الرتيبة في الضمان. نعرف أنّه كان يكتب في المقاهي، ويقرأ كثيراً في الليل. وأنّه عانى في سنواته الأخيرة من مرض الكلى، باختصار عاش في الظلّ، في ظلّ أدبه، منزوياً عن ضجيج الحياة العامة. نعرف غليونه الأبدي، وقصص بسيطة أخرى. نعرف أنّه من رموز ذلك العصر الذهبي لبيروت، شاهد عيّان على صعود المدينة وانهيارها، أحد روّاد الحداثة المستحيلة...
عُرف الكاتب الراحل بابتعاده عن الإعلام، وبقلّة أحاديثه الصحافيّة. ونادراً ما تناول بالشرح والتعليق تجربته الأدبيّة. ومع ذلك فقد قبل ذات يوم أن يحصر الأسباب التي دفعته إلى كتابة القصة ثم الرواية. قال يوسف حبشي الأشقر: «هناك على الأرجح عوامل لاواعية جعلتني أبدأ من القصة للوصول إلى الرواية.
أرجّح أن الأمر يعود إلى كوني تعودت في البيت على الفنّ القصصي. كان هناك ألفة بيني وبين هذا الشكل الأدبي. والدي إميل الأشقر كتب أربع عشرة قصة تاريخية... وهذه القصص كانت أول ما قرأت. يجوز أنّ هذا الأمر ترك أثره في نفسي. إذ رأيت أنّ القصّ يسمح لي أن أصنع ما أريد وكما أريد. القصة تتناسب مع كسلي... كما وجدت أنّ لديّ سهولة تعبيرية في القصة. أما حلمي الأساسي والقديم فكان كتابة رواية. وعندما وجدت في نفسي القدرة أقدمت على ذلك بلا تردّد».

سيرة

ولد أبو الرواية اللبنانية الحديثة في بيت شباب عام 1929. تلقّى دروسه في مدرسة القرية، قبل أن يستكمل دراسته الثانوية في مدرسة اليسوعية في بيروت، ويلتحق بجامعة القديس يوسف للآباء اليسوعيين لدراسة الفلسفة والحقوق. عمل في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وخاض بشكل مواز تجربة الكتابة. صدرت مجموعته القصصية الأولى «طعم الرماد» عام 1952، تبعتها «ليل الشتاء» (1955) التي حازت جائزة «جمعيّة أهل القلم»، و«الأرض القديمة» (1962) التي حازت بدورها جائزة «أصدقاء الكتاب». انتقل إلى الرواية مع «أربعة أفراس حمر» (1964). ثم كتب «لا تنبت جذور في السماء» (1971) التي وضعته في مصافّ أبرز الروائيين العرب. تختصر الرواية مرحلة الأسئلة السياسية والفكرية التي عرفتها بيروت عشيّة الحرب الأهليّة... ثم أصدر «الظل والصدى» (1989)، مختتماً بها ثلاثيّته الروائيّة. لكنّ الأشقر لم يهجر كتابة القصّة، إذ أصدر «خطيب الضيعة» (١٩٧٢)، ومجموعته الأبرز «المظلة والملك وهاجس الموت» (1980) التي تدور في مناخات الحرب، وأخيراً «آخر القدماء» (1985). توفي عام 1992 وهو في ذروة عطائه. أعماله الأبرز صادرة عن «دار النهار» في بيروت.

ايوب صابر 04-28-2012 08:41 AM

السر في اللغة، ربما
نجوان درويش
رغم أهميته اللبنانية، لم يحظ يوسف حبشي الأشقر بقراءة عربية مماثلة. ظلّ في أدبه نوع من المحلية، ما يذكّر بمجموعة من كتّاب الرواية العربية الذين يُتغنّى بدورهم في محيطهم، من دون أن يمتد تأثيرهم إلى المحيط العربي الأوسع.
لا بد أنّ للمسألة أسباباً موضوعية تتعلق بأسلوب الكاتب ومواضيعه... وبسوق النشر التي لها أهمية لا يستهان بها. فمقروئية حبشي الأشقر عربياً تكاد تكون دون مقروئية أبناء جيلين من الروائيين اللبنانيين ممن جاؤوا بعده. وهو معروف بسبب تردّد اسمه في الدراسات الأدبية كمفصل في الرواية اللبنانية، أكثر من أي شيء آخر. ولعل جدل «المحلية» خصوصاً مقابل طوطم «العالمية»، غدا هوساً، خاصة في القسم الثاني من الثمانينيات، بعد فوز نجيب محفوظ بـ«نوبل». «كل ما هو عالمي خادع، الناس محليون أولاً»، يقول ريجيس دوبريه، ويضيف أنّ تجربته الشخصية في أميركا اللاتينية علّمته «أنّ على المرء أن يلتصق بأرض، بذاكرة أرض». ما يحدث في لبنان من تجديد الفرز الطائفي ـ-الذي تجاوزه إلى العراق وربما فلسطين بدرجة أقل ـ-يجدّد الاهتمام بأعمال كاتب مثل الأشقر، وخصوصاً أعماله الأخيرة التي ترصد الحرب الأهلية وتدينها. وعلينا فقط أن ننتظر «حبشيين شقر» ليكتبوا فظاعة الحرب الأهلية المتداخلة مع الاحتلال في العراق الآن، أو «حبشي أشقر» يطل من «غزة المنفصلة» ليسجّل وقائع الكارثة/ المهزلة، حيث يُدار نوع جديد من الحروب الأهلية بإشراف مباشر من المحتل.
الحروب ليست جديدة على العراقيين والفلسطينيين. لكنّ رواية الحرب الأهلية اللبنانية التي كتبها الأشقر ومجايلوه، ومن جاؤوا بعده وصولاً إلى ربيع جابر، تعلّمنا أنّ فظاعة حرب الإخوة تتعدى «فطرة الحرب» وقوانينها.
إنّها أساساً فساد اللغة، حين يقتلك ابن لغتك ويتحول اختلاف اللهجات إلى اختلاف في الهوية يستدعي القتل. بقراءة أدب الحرب الأهلية اللبنانية، ترى عبثية الحرب وانعكاساتها على لغة الرواية. في حين أنّ الحروب الاستعمارية والتصدي للعدوان كما يظهران في الأدب الفلسطيني تتحول فيهما اللغة إلى مصدّ يحمي من الانهيار. نذكر في هذا الإطار، روايات جبرا إبراهيم جبرا، وخصوصاً باكورته «صراخ في ليل طويل» ( 1946)، التي قد تكون أكثر رواياته «ريفية». في الحروب الاستعمارية، يحتمي المستعمَرون من فساد اللغة بالغنائيات، ويتم اختراع البطولة أو تسجيلها. بينما حرب الإخوة حرب فاضحة.

لكن... أليست كل حرب هي حرب إخوة بالمعنى الإنساني؟ وبمَ تختلف رواية الحرب الأهلية عن رواية الحرب عموماً؟ السر في اللغة ربما، حيث الاختلافات اللغوية والثقافية تعمل كمسوّغات في الحروب عامة. وفي الحروب الأهلية، تُشتقّ مبررات وتُخلق اختلافات لغوية (لهجوية) وثقافية مزعومة. يظهر هذا في روايات الأشقر، وسيظهر في روايات العراقيين في السنوات المقبلة، والفلسطينيين أيضاً... ومَن أيضاً؟
****
عمارة فنيّة مدهشة اشتغل عليها أربعين عاماً
محمد دكروب
مدهش هذا القاص والروائي الكبير يوسف حبشي الأشقر!
فهو ـ-في إبداعه القصصي الروائي ـ-يشتغل بشغف وتأنٍّ، في إشادة البنى الداخلية والظاهرة لكل عمل فني له. يمازج، في شغله الفني، بين ما يشبه العفوية والتدفق، وما يشبه الوعي التركيبي الصارم.
وفيما نرى أنّ لكل عمل فني عنده، بنيته الخاصة، فإننا إذ نشمل بنظرنا سياق اعماله كلها، ننتبه ـ-بدهشة ـ-أنّه كان، في الوقت نفسه، يشتغل على تشييد بنية عامة تشمل أعماله هذه كلّها: فإذا نحن ننتقل بين ثلاثية أولى ـ-عفوية! ـ-تندرج فيها أقاصيص: «طعم الرماد» (1952)، و«ليل الشتاء» (1955) و«شقّ الفجر» (1956)... يغلب عليها المناخ الريفي، وهاجس البحث الايماني عن رعاية الله للانسان...
بعدها، يدخلنا الأشقر في العوالم الشاسعة المعقدة المتشابكة لثلاثيته الروائية الكبرى: «أربعة أفراس حمر» (1964) ثم «لا تنبت جذور في السماء» (1971) و«الظل والصدى» (1989)... في هذه الثلاثية، ندخل في حومة العوالم المدينية: احتدام القضايا الفكرية/ الفلسفية، والأزمات الروحية والنفسية...، وصراع التيارات الفكرية/ الاجتماعية/ السياسية، والنزعات الوجودية، والتمزّقات الداخلية للفرد، وتصادمات الفرد مع التراكيب والمواصفات الاجتماعية

والطبقية...
الشخصيات الرئيسية، هنا، هي من المثقفين ـ-كتّاباً وغير كتّاب ـ-المتفاعلين أو المنفعلين بشكل أو بآخر، بالقضايا الفكرية الفلسفية والنفسية الكبرى للعصر، وتياراتها المتصارعة: الوجودية، القومية، الماركسية، الايمانيّة المعاصرة (التي تؤرّق الأشقر، تحلّ فيه، تصارعه ويصارعها). ثم: الفوضوية، وحركات الشباب التي هي خليط حيوي مندفع ومتحمّس من هذه التيارات والأفكار كلّها.

ولا بد من التأكيد هنا ـ-من الوجهة الروائية الفنية ـ-أنّ هذه القضايا الفكرية والنزعات تدخل في النسيج الداخلي للبناء الروائي ولحركة الأحداث، وفي خلايا التكوين الفردي، والمتناقض، للشخصيات، وتدخل حتى في جموحات الحب والجنس والتنابذ والموت، مع مَيلٍ ـ-في العمق ـ-الى ذلك اللون من الإيمانية المعاصرة التي تعود الى نزوعات الأشقر نفسه، وإلى نزوعات شخصياته الروائية.
مدهش هذا الروائي والقاص الكبير. يكتب في مجموعته القصصية «الأرض القديمة»، عام 1963، عوالم الريف والشخصيات الريفية، والصراعات ذات الطابع الفردي البسيط والمبسَّط... ثم يعود ـ-بعد عشرين عاماً ـ-إلى تلك « الأرض القديمة»، ليرى هو ونرى معه، ماذا بقي منها، وما الجديد الذي دخل حياتها، وأمعن في تغيير النسيج الداخلي لحياتها القديمة، وجلب اليها نزوعات جديدة، تراها شخصياته القديمة غريبة عنها وغريبة عليها... فأصدر في عام 1983، «وجوه من الارض القديمة»، وأتبعها، في عام 1984، بمجموعة «آخر القدماء»...
مدهش هذا الفنان الكبير: فقد تبيّن لنا أنّ هذه المجموعات القصصية الثلاث هي أيضاً مشادة في شكل ثلاثية قصصية، تكتسب كل قصة منها فرادتها و«استقلاليتها»، لكنّها تشترك مع أقاصيص آخرين في المجموعات الثلاث، بتداخل شخصيات من الأقاصيص في المجموعة الأولى، في النسيج الداخلي لأقاصيص في المجموعة الثانية أو الثالثة... وأنّ هذه المجموعات القصصية الثلاث تشكّل، معاً، وهو ما يشبه الرواية الواحدة: في الفضاء العام، والمناخ الريفي، ووحدة المكان ـ-وهو قرية «كفر ملاّت» ـ-حيث تتشابك الأحداث وتتصارع الشخصيات...
ثم يتبين لنا أنّ المجموعتين الأخيرتين («وجوه من الأرض القديمة» و«آخر القدماء») تتميّزان بدخول أطراف من التيارات المدينيّة فيهما، من صراعات الأحزاب الحديثة الى مفاعيل الحرب الأهلية المدمّرة للعلاقات والمخلخلة لأيّ رؤى مستقبلية.
وقبل أن يدعك يوسف حبشي الأشقر تظن أنّ هذه «الثلاثيّات الثلاث» هي لثلاثة كتّاب مختلفين، يصدر مجموعته «المظلة والملك وهاجس الموت» (1981) التي تتضمن أقاصيص عدة ولوحات قصصية وتأملات، تمازج بين المدينة والريف، ويصوّر فيها التأثيرات المدمرة للحرب الاهلية والتعصّبات الطائفية والنزوعات الوحشية في بنى البلد والعمران والناس والعلات وتكسّرات الروح.
وتتجسّد مأساة الحرب الاهلية (التي مضت ـ-وقد تأتي؟!) في رواية «الظل والصدى» حيث تقتل الحرب، ووحوشها البشرية، ذلك المثقّف المتوحّد، المبدع الكاره للحرب والتقتيل، الحالم بعالم آخر، نوراني إيماني ينهض في هذه الأرض نفسها!...
... هذا البنيان الفنّي «الأشقري» السامق والمتشابك، المبنيّ بعناية وبمزيج من العفوية الإبداعية والوعي البنياني، قد يحتاج أيضاً وأيضاً وأيضاً، من النقد الى إعادة تأمّل فنّي فكري إنساني في هذه العمارة الفنّية المدهشة التي اشتغل عليها يوسف حبشي الأشقر طوال أربعين عاماً، فجاءت مكثفةً، وغنية، ومثمرة.
أيقونة وأب تاريخي انتشر اسمه أكثر من أدبه
حسين بن حمزة
لا بدّ من أن نصّ يوسف حبشي الأشقر هو أحد النصوص التأسيسية سواء في الرواية اللبنانية التي يراه كثيرون أباً حقيقياً لها، أو في الرواية العربية التي يبدو أنّه لم يحتلّ مكانه اللائق فيها بالنسبة إلى القراء والنقاد معاً.
وهذا عائد إلى اعتبار يوسف حبشي الأشقر أيقونةً أو علامةً روائية استثنائية من دون الخوض في تفاصيل ممارسته الروائية التي جعلته كذلك. لهذا نشعر بأنّ اسمه منتشر ومعروف أكثر من أدبه.

لعل الرجل قُرئ في زمنه وعرف مجايلوه دوره وقيمته وفرادته، لكن ذلك توقف تقريباً. الأجيال اللاحقة سرعان ما عاملته بوصفه ماضياً بعيداً. الروائيون الذين بدأت تجاربهم مع الحرب الأهلية وبعدها ابتعدوا بمسافات سردية وخيارات أسلوبية واضحة عن النبرة التي سادت في رواياته وقصصه. بالنسبة إلى هؤلاء، بدا أنه أب تاريخي أكثر من كونه أباً يمكن أن يستمر نسله السردي في أعمالهم.
بقي يوسف حبشي الأشقر، أو أُبقي في زمنه هو. قلّما خضع أدبه لتجديد نقدي أو إعادة نظر، سلباً أو إيجاباً. إنه أثر روائي وكفى. إنه كاتب مهم وكفى. نقرأ اسمه هنا وهناك، لكنه غالباً ما يرد بالصورة عينها. صورته كأب للرواية اللبنانية الحديثة واسم شائع أكثر من أدب صاحبه.
لعل نظرتنا هذه تسري على أسماء لبنانية أخرى أيضاً. ماذا نعرف عن الياس أبي شبكة سوى جحيميته وغلوّه الرمزي والسيكولوجي؟ ماذا أضفنا إلى «قرف» فؤاد كنعان؟ وماذا عن غطرسة سعيد عقل الشعرية؟... يبدو أنّ لدينا أمثلة أكثر مما يلزم للدلالة على أنّ يوسف حبشي الأشقر لا يمثل حالة فريدة في المعاملة التي لقيها.
الواقع أنّ ما يحدث ليس كله عقوقاً وإهمالاً من الأبناء. ثمة سمات في كتابة يوسف حبشي الأشقر تجعل معاملة أدبه على هذا النحو ممكنةً ومبررةً أحياناً. فالحرب ومرحلة السبعينيات عموماً آذنت بالشروع في كتابة مختلفة عن الخصوصية الأزلية (والفولكلورية) للمدرسة اللبنانية. لم يحدث ذلك في الرواية فقط، بل لعل التغيّر الأكبر طاول الشعر الذي كُتب في تلك الفترة. الرواية والشعر الجديدان ولدا في وحل الحرب والأحلام الخاسرة مقارنة بغبطة الخمسينيات ووعودها الكبيرة.
الأرجح أن صورة «لبنان الشاعر»، بحسب عنوان كتاب لصلاح لبكي، تحطمت في السبعينيات. حداثة الخمسينيات كانت حداثة بيانات وفتوحات. الحداثة الثانية كانت عملاً على ابتكار ترجمات أخرى لتلك البيانات وتذليل وعورة مسالكها وصولاً إلى شقّ دروب وشعاب خاصة.
يوسف حبشي الأشقر ينتمي إلى الصورة الأولى. إنه إحدى «المعجزات» اللبنانية العديدة. كتب الرواية كأنه يخترعها. استخدم سرداً معقداً، وأكثرَ من الحوارات. أدخل نكهة وجودية قوية في أعماله. لجأ إلى الأمثولات والترميز.
عرض قدراته في تطعيم الكتابة بمقاطع ذات مزاج شعري. فعل الأشقر كل ذلك وأكثر. قد تكون كل هذه الممارسات منطقية ومبررة في لحظات التأسيس. لكن دوام ذلك يجعلها أقل قيمة وإغراءً بالتأكيد. هناك فرق بين أن تُرى هذه الممارسات في زمنها وبين أن تُرى راهناً.

إذا تتبعنا أثر يوسف حبشي الأشقر لدى الجيل اللاحق، فإننا لن نجد هذا الأثر كاملاً. سنجده لكن مفتتاً وذائباً في نبرات هؤلاء. لقد دخل الأشقر في تحتانيات رواياتهم. صار مصدراً روائياً وإرثاً عاماً، واختلط بقراءات عربية وأجنبية أثّرت بمن جاؤوا بعده. بعضهم أخذ منه وبعضهم لم يفعل.
قراءة يوسف حبشي الأشقر ليست سهلة اليوم. نبرته السردية التي منحته الجزء الأكبر من خصوصية تجربته يمكنها أن تكون سبباً للعزوف عن قراءته أو إعاقة هذه القراءة على الأقل. رواياته وقصصه تطرد القارئ المسترخي الذي ينتظر من الرواية أن تقوده هي. لن يجد هذا القارئ حكاية تتدفق بسهولة وتشويق.
وإذا حصرنا الكلام في القصة التي بلغ فيها ذروة فنّه في مجموعته «المظلة والملك وهاجس الموت»، نجد أن معظم قصصها لا تبدأ من بداية طبيعة أو تقليدية. المؤلف لا يقص حكاية عادية، والسرد لا يُبدي عناية كافية بالحدث ـ-هذا إذا كان ثمة حدث بالمعنى الحرفي للكلمة. ما أن يتقدم السرد قليلاً حتى يُخترق بأهواء فكرية ومونولوغات منفردة وخلاصات رمزية وتفلسف شخصي. لكن مهلاً، هل قلنا إن السرد يُخترق بكل هذا؟ الواقع أن السرد يكاد يكون مؤلفاً من هذه الاختراقات وحدها. إنه محمول عليها ومكتوب بموادها وخاماتها. السرد، بهذا المعنى، يعطّل نفسه. ولا بدّ من أن القارئ تنتظره مهمة صعبة. إذ عليه أن يتخلى عن فكرة التسلية والترفيه وأن يتلذذ، في الوقت نفسه، بما يقرأه.
إذا كان لهذه الإشارات والملاحظات نصيب من الدقة، فإن يوسف حبشي الأشقر مرشح لتراكم أيقوني مضطرد. وهذا يعني أن يواصل حياته بيننا كاسم... لا ككاتب تُعاد قراءته من حين إلى آخر.
****


الساعة الآن 02:31 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team