الحي الأسباني
 

أدخل سكان الحي أبنائهم بسرعة واقفلوا الأبواب و النوافذعندما سمعوا عبر مكبرات الصوت للجامع الكبير:
هريش ... ، هريش ...
ثوان وإذا بهريش يظهر في شوارع وأزقة الحي كثور هائج له هدير يتطاير الزبد من فمه و الشر من عينيه
ليخرج شباب الحي تسبقهم ضحكاتهم المجلجلة وصدى صرخاتهم يركضون ويقفزون محتفلين .... بينما كبار السن , النساء والأطفال يعدون مذعورين يبحثون عن ملجأ يحميهم والغريب أن خوف هؤلاء يخالطه شيء من الفرح مرسوم على شفاههم تراه في عيونهم
عمت الفوضى وسمع دوي تحطم ،صدام ،ارتطام، تهشم زجاج ، صراخ ونغمات مختلفة لأصوات صفعات، لكمات ورفسات
انه " يوم هريش"
فهريش - الذي زاده الله بسطة في الجسم - لديه مشكلة ففي فصل الربيع من كل عام له يوم يهوج فيه و يتحول إلى وحش يضرب ويبطش كل من يقابله
- "ولا احد يعلم متى وأي يوم هو ؟! "-
ورغم ذلك لا يعده أهل الحي مجنوناً،
نعم هو ليس مجنونا ، بل هو من رموز الحي ، رجل ذو أخلاق عالية، له الفضل بعد الله في حل الكثير من مشاكل الناس
لذا تعاطف اغلب سكان الحي معه ،والباقون صبروا وتصابروا على علته
لكن ثورته الأخيرة كانت القشة التي قصمت ظهر البعير
فقد شج رأس امرأة عابرة ونزع طفلها من حضنها ولوح به ورماه مسافة عشر أمتار وحطم الكثير من الممتلكات
–" رغم أن هذه الأخيرة " - لم تحسب من الأضرار
فاجتمع وجهاء الحي وقرروا زيارة هريش بعد أن هدأت ثورته وطلبوا منه بأدب مغادرة الحي أو أن يقفل على نفسه أبواب منزله خلال فصل الربيع "موسم ثورانه"
وكما توقع الجميع لم ينطق هريش إلا بكلمة واحده
"ابشروا "
فاختاروا الحل الأخر وهو أن يسجن في منزله .....
لكن هذا القرار لم يعجب اغلب سكان الحي والغريب والعجيب أن هذا الحل أيضا لم يعجب ضحاياه
لقد رآه الغالبية ردة فعل ظالمه و إجحاف في حق هريش
لكن وجهاء الحي اتخذوا قرارهم وانتهى الأمر.....
انتهت السنه وجاءت السنة الجديدة
يناير..... ، فبراير.......،20 مارس
توافد وجهاء الحارة وادخلوا هريش منزله بعد أن زودوه بمؤنه تكفيه فصل الربيع بكامله واقفلوا عليه الأبواب ....
فجر21مارس هجم شباب الحي وكسروا الأقفال التي وضعها كبارهم وهم يرددون :
مجانين ، مجانين..... الأسبان؟!
أطلقوا على الناس .... الثيران!
لا يوجد بينهم عاقل .... إنسان؟!
أين المهندس والطبيب والرهبان؟!
لا... لا بد من...... سر مصان
عن الناس خبوه ...... الأسبان !