منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر رواق الكُتب. (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=27)
-   -   العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=12463)

ناريمان الشريف 01-21-2014 08:12 PM

وقال آخر:
كنت من كربتي أفر إليهم ... فهم كربتي فأين الفرار
وأول من سبق إلى هذا المعنى عدي بن زيد في قوله للنعمان بن المنذر:
لو بغير الماء حلقي شرق ... كنت كالغصان بالماء اعتصاري

ناريمان الشريف 01-21-2014 08:15 PM

وقال آخر:
إلى الماء يسعى من يغص بريقه ... فقل أين يسعى من يغص بماء
وقال عمرو بن العاص: لا سلطان إلا بالرجال، ولا رجال إلا بمال، ولا مال إلا بعمارة، ولا عمارة إلا بعدل.
وقالوا: إنما السلطان بأصحابه كالبحر بأمواجه.
وقالوا: ليس شيء أضر بالسلطان من صاحب يحسن القول، ولا يحسن الفعل. و لا خير في القول إلا مع الفعل، ولا في المال إلا مع الجود، ولا في الصدق إلا مع الوفاء، ولا في الفقه إلا مع الورع، ولا في الصدقة إلا مع حسن النية، ولا في الحياة إلا مع الصحة.
وقالوا: إن السلطان إذا كان صالحاً ووزراؤه وزراء سواء امتنع خيره من الناس، ولم ينتفع منه بمنفعة، وشبهوا ذلك بالماء الصافي يكون فيه التمساح، فلا يستطيع أحد أن يدخله، وإن كان محتاجا إليه.

ناريمان الشريف 01-21-2014 08:17 PM

صفة الإمام العادل

كتب عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه لما ولي الخلافة إلى الحسن بن أبي الحسن البصري أن يكتب إليه بصفة الإمام العادل، فكتب إليه الحسن رحمه الله:
اعلم يا أمير المؤمنين، أن الله جعل الإمام العادل قوام كل مائل، وقصد كل جائر، وصلاح كل فاسد، وقوة كل ضعيف، ونصفة كل مظلوم، ومفزع كل ملهوف والإمام العدل يا أمير المؤمنين كالراعي الشفيق على إبله، الرفيق بها، الذي يرتاد لها أطيب المراعي، ويذودها عن مراتع الهلكة، ويحميها من السباع، ويكنها من أذى الحر والقر. والإمام العدل يا أمير المؤمنين كالأب الحاني على ولده، يسعى لهم صغاراً، ويعلمهم كباراً؛ يكتسب لهم في حياته، ويدخر لهم بعد مماته.
والإمام العدل يا أمير المؤمنين كالأم الشفيقة البرة الرفيقة بولدها، حملته كرها، ووضعته كرها، وربته طفلاً تسهر بسهره، وتسكن بسكونه، ترضعه تارة وتفطمه أخرى، وتفرح بعافيته، وتغتم بشكايته. والإمام العدل يا أمير المؤمنين وصي اليتامى، وخازن المساكين، يربي صغيرهم، ويمون كبيرهم. والإمام العدل يا أمير المؤمنين كالقلب بين الجوارح، تصلح الجوارح بصلاحه، وتفسد بفساده والإمام العدل يا أمير المؤمنين هو القائم بين الله وبين عباده، يسمع كلام الله ويسمعهم، وينظر إلى الله ويريهم، وينقاد إلى الله ويقودهم. فلا تكن يا أمير المؤمنين فيما ملكك الله عز وجل كعبد ائتمنه سيده، واستحفظه ماله وعياله، فبدد المال وشرد العيال، فأفقر أهله وفرق ماله.

واعلم يا أمير المؤمنين أن لك منزلاً غير منزلك الذي أنت فيه، يطول فيه ثواؤك، ويفارقك أحباؤك، يسلمونك في قعره فريداً وحيداً. فتزود له ما يصحبك يوم يفر المرء من أخيه. وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه واذكر يا أمير المؤمنين " إذا بعثر ما في القبور. وحصل ما في الصدور " ، فالأسرار ظاهرة، والكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها. فالآن يا أمير المؤمنين وأنت مهل قبل حلول الأجل، وانقطاع الأمل. لا تحكم يا أمير المؤمنين في عباد الله بحكم الجاهلين، ولا تسلك بهم سبيل الظالمين، ولا تسلط المستكبرين على المستضعفين؛ فإنهم لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة، فتبوء بأوزارك مع أوزارك، وتحمل أثقالك مع أثقالك. ولا يغرنك الذين يتنعمون بما فيه بؤسك، ويأكلون الطيبات في دنياهم بإذهاب طيباتك في آخرتك. و لا تنظر إلى قدرتك اليوم، ولكن انظر إلى قدرتك غداً وأنت مأسور في حبائل الموت، وموقوف بين يدي الله في مجمع من الملائكة والنبيين والمرسلين، وقد عنت الوجوه للحي القيوم. إني يا أمير المؤمنين، وإن لم أبلغ بعظتي ما بلغه أولو النهي من قبلي، فلم آلك شفقة ونصحاً، فأنزل كتابي إليك كمداوي حبيبه يسقيه الأدوية الكريهة لما يرجو له في ذلك من العافية والصحة. والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته.


ناريمان الشريف 01-21-2014 08:46 PM

هيبة الإمام في تواضعه
قال ابن السماك لعيسى بن موسى: تواضعك في شرفك أكبر من شرفك.
وقال عبد الملك بن مروان: إن أفضل الرجال من تواضع عن رفعة، وزهد عن قدرة، وأنصف عن قوة.
و ذكر عن النجاشي أمير الحبشة: أنه أصبح يوما جالساً على الأرض والتاج على رأسه، فأعظم ذلك أساقفته، فقال لهم: إني وجدت فيما أنزل الله تعالى على المسيح عليه السلام، يقول له: " إذا أنعمت على عبدي نعمة فتواضع لها أتممتها عليه " . وإنى ولد لي الليلة غلام فتواضعت لذلك شكراً لله تعالى.
وقال ابن قتيبة: لم يقل في الهيبة مع التواضع بيت أبدع من قوال الشاعر في بعض خلفاء بني أمية:
يغضي حياء ويغضى من مهابته ... فما يكلم إلا حين يبتسم
وأحسن منه عندي قول الآخر.
فتى زاده عز المهابة ذلة ... فكل عزيز عنده متواضع

ناريمان الشريف 01-21-2014 08:49 PM

وقال أبو العتاهية:
يا من تشرف بالدنيا وطينتها ... ليس التشرف رفع الطين بالطين
إذا أردت شريف الناس كلهم ... فانظر إلى ملك في زي مسكين
ذاك الذي عظمت في الله نعمته ... وذاك يصلح للدنيا وللدين
وقال الحسن بن هانئ في هيبة السلطان مع محبة الرعية:
إمام عليه هيبة ومحبة ... ألا حبذا ذاك المهيب المحبب
وقال آخر في الهيبة، وإن لم تكن في طريق السلطان:
بنفس من لو مر برد بنانه ... على كبدي كانت شفاء أنامله
ومن هابني في كل شيء وهبته ... فلا هو يعطيني ولا أنا سائله
ولابن هرمة في المنصور:
له لحظات عن حفافي سريره ... إذا كرها فيها عقاب ونائل
كريم له وجهان وجه لدى الرضا ... أسيل ووجه في الكريهة باسل
فأم الذي آمنت آمنة الردى ... وأم الذي أوعدت بالثكل ثاكل
وليس بمعطى العفو من غير قدرة ... ويعفو إذا ما مكنته المقاتل

ناريمان الشريف 01-21-2014 08:51 PM

وقال آخر في الهيبة:
أهاشم يا فتى دين ودنيا ... ومن هوى في اللباب من اللباب
أهابك أن أبوح بذات نفسي ... وتركي للعتاب من العتاب
وقال أشجع بن عمرو في هيبة السلطان:
منعت مهابتك النفوس حديثها ... بالشيء تكرهه وإن لم تعلم
ومن الولاة مفخم لا يتقى ... والسيف تقطر شفرتاه من الدم
وقال أيضا لهارون الرشيد:
وعلى عدوك يا ابن عم محمد ... رصدان ضوء الصبح والإظلام
فإذا تنبه رعته وإذا غفا ... سلت عليه سيوفك الأحلام

ناريمان الشريف 01-21-2014 08:52 PM

وقال الحسن بن هانئ في الهيبة فأفرط:
ملك تصور في القلوب مثاله ... فكأنه لم يخل منه مكان
ما تنطوي عنه القلوب بفجرة ... إلا يكلمه بها اللحظان
حتى الذي في الرحم لم يك صورة ... لفؤاده من خوفه خفقان
فمجاز هذا البيت في إفراطه أن الرجل إذا خاف شيئاً وأحبه أحبه بسمعه وبصره وشعره وبشره ولحمه ودمه وجميع أعضائه، فالنطف التي في الأصلاب داخلة في هذه الجملة. قال الشاعر:
ألا ترثي لمكتئب ... يحبك لحمه ودمه
وقال المكفوف في آل محمد عليه السلام:
أحبكم حباً على الله أجره ... تضمنه الأحشاء واللحم والدم
وفي مثل هذا قول الحسن بن هانئ:
وأخفت أهل الشرك حتى إنه ... لتخافك النطف التي لم تخلق
فإذا خافه أهل الشرك خافته النطف التي في أصلابهم، على المجاز الذي ذكرناه.
ومجاز آخر: أن النطف التي أخذ الله عليها ميثاقها يجوز أن يضاف إليها ما هي لا بد فاعلة من قبل أن تفعله، كما جاء في الأثر: إن الله عز وجل عرض على آدم ذريته، فقال: هؤلاء أهل الجنة، وبعمل أهل الجنة يعملون، وهؤلاء أهل النار، وبعمل أهل النار يعملون.

ناريمان الشريف 01-21-2014 08:56 PM

ومن قولنا في الهيبة:
يا من يجرد من بصيرته ... تحت الحوادث صارم العزم
رعت العدو فما مثلت له ... إلا تفزع منك في الحلم
أضحى لك التدبير مطرداً ... مثل اطراد الفعل للاسم
رفع الحسود إليك ناظره ... فرآك مطلعاً مع النجم
أبو حاتم سهل بن محمد، قال: أنشدني العتبي للأخطل في معاوية:
تسمو العيون إلى إمام عادل ... معطى المهابة نافع ضرار
ونرى عليه إذا العيون لمحنه ... سيما الحليم وهيبة الجبار

ماجد جابر 01-22-2014 10:14 AM

اختيار عذب وموفق أستاذة ناريمن الشريف، بوركت وبورك اليراع، ولي عودة بعون الله للموضوع وتثبيته.

ماجد جابر 01-28-2014 07:20 PM

يُرفع الموضوع ويثبَّت للأهمية.


الساعة الآن 11:00 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team