منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   نافذة جانبية مضاءة (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=25874)

ريم بدر الدين 11-22-2019 08:10 PM

نافذة جانبية مضاءة
 
نافذة جانبية مضاءة

ريم بدر الدين بزال

السادسة صباحاً هو الموعد الذي أفتح فيه ستائر غرفتي، للحق أنا أخشى أن أفتحها قبل أن ينتشر نور الصباح لئلا أصطدم بخيال أو شبح يؤرق ليلتي القادمة.
أول ما أفعله هو أن ألقي النظرة الأولى على نافذتها. تقع شقتها في الدور الأدنى من شقتي في البناء المقابل للبناء الذي أقطن فيه، يفصل بيننا شارع جانبي هادىء يندر أن تمر فيه السيارات. لا أرى فيه عادة إلا بعض ممن يسكنون الأبنية المجاورة و قطيع من الكلاب الشاردة يملأ فضاء الليل بعواء دراماتيكي يصلح لأفلام الرعب أو الأفلام الكوميدية.
أنتظر يوميا نور الصباح بفارغ الصبر لأرى ذلك الجزء من غرفتها و هو يسبح في نور شمس الصباح. اكتشفت في الأيام الغائمة أنه ثمة مصباح جانبي ينير الغرفة بضوء ساطع. على النافذة أرى طرف ستارة زهرية اللون لا بد أن يكون لها جزء آخر لا يقع في مداي المنظور. ثمة كرسي من البامبو قرب النافذة عليه وسادة بيضاء مطرزة بورود زهرية اللون و بالقرب منها يقف ضوء جانبي طويل يضع قبعة تشبه قبعة بستاني قصر مترف في العصور الارستقراطية. على الجدار فوق السرير علقت لوحة فيها بورتريه لم أتبين ملامحه.
في مثل هذا الوقت من الصباح تتمدد على سريرها بملاءاته البيضاء و هي ترتدي قميص نوم ملون ، شعرها الطويل مسترسل على وسادتها في ترتيب بديع، ألقي عليها في سري تحية الصباح قبل أن أغادر إلى عملي.
فور أن أعود مساء إلى بيتي أتجه للنافذة لأطمئن عليها. يا لها من امرأة كسولة تهوى النوم، في كل مرة أخطط للعودة قبل أن تستسلم للنوم لعلي أستطيع إرسال اشارة ما فأحظى بدعوة إلى قهوتها غير أني لم أفلح أبداً. لابد أن عملها مرهق أو أنها تعاني من وحدة عميقة أو صدمة نفسية أو أي سبب آخر يدفعها للنوم الطويل.
غادرت المدينة في رحلة عمل استمرت أسابيع طويلة و لكن طيفها كان رفيقي الدائم. للغرابة لم أستطع تخيلها أمامي سوى امرأة تتسربل بالنوم. عزمت عندما أعود إلى بيتي أن أطرق بابها و أبدي إعجابي بها و ليكن ما يكون.
أثناء الرحلة تجولت في أحد المتاجر،ثمة منظار مقرب يستفزني، أود أن أشتريه غير أن الجانب الآخر مني يحذرني من مغبة هذا العمل غير الأخلاقي. في نهاية الأمر انتصر الشغف و عطل ماكينتي الأخلاقية ، لدي حاجة ملحة لأراها عن كثب تجتاحني بعنف وتبدد الأفكار و القيم التي اعتنقها.
السادسة صباحا الأولى بعد عودتي فتحت ستائري ، وضعت منظاري على الطاولة الصغيرة بالقرب من آنية الزهور لئلا يظهر بالكامل، كنت أمارس تمويه الحقيقة أمام ضميري على الأقل.
وضعت عينا على المنظار و أغلقت الأخرى بكفي، يالجمال قميصها المزهر و حوافه المزينة بالدانتيل، لطالما ارتبط الدانتيل في ذهني بالأنوثة الفائقة. هل تعبر امرأة عن أنوثتها إن لم يكن هناك رجل تود أن يرى تفتحها؟ لست أدري كم أطلت النظر غير أني استحيت أن أركز العدسة على وجهها، بالقرب منها على الكوميدينو فنجان قهوة فارغ. امرأة ذواقة تتناول القهوة قبل أن تنام.
غادرت إلى عملي بعد المشاهدة الصباحية المقربة و عاودت المشاهدة في المساء. اكتشفت بعدها أنني لم أعد أغلق ستارتي و لم يعد الخوف صديقا مقيما في أفكاري. عزمت أن أزورها في اليوم التالي.
كأني بها لا تغير قميص النوم أبدا و كأني بها لا تغير وضعيتها في النوم حتى أن فنجان قهوتها من نمط واحد. كانت هذه جملة ملاحظات سجلتها في ذاكرتي لأسالها عنها عندما أزورها. لكنني في الحقيقة كنت أعد نفسي بزيارتها في المساء و أجبن فأؤجل الزيارة ليوم آخر.
في مساء ربيعي و عند عودتي من العمل لمحت عمال شركة نقل الأثاث تقف أمام بناء فتاة الغرفة المضاءة. اقتربت بدافع الفضول لعلي أعرف رقم شقتها، استغرب العمال سؤالي و ارتسمت على ملامحهم دهشة ممزوجة بالرعب. قال أحدهم: هذا البناء فارغ منذ مدة طويلة بعد أن عثر مالكه على جثة إحدى المستأجرات وقد توفيت منذ ثمانية أشهر على الأقل، كانت ممددة على سريرها و لم يتبق منها سوى هيكل عظمي داخل قميص نومها و شعرها الأسود الطويل على الوسادة. منذ ذلك التاريخ فرغ البناء و اعتقد الجميع أن لعنة ما حلت بالمكان.
لا يوجد أحد في البناء إذن؟ أقفلت ستائري بحرص شديد في الليل غير أني في الصباح وجدت نفسي مسلوب الإرادة متوجها إلى نافذتي لأتابع مهمتي اليومية. كانت هناك , على سريرها في قميصها الموشى بالدانتيل و فنجان قهوة فارغ على الكوميدينو. اقتربت بالمنظار نحو وجهها فغمزت لي!

ناريمان الشريف 11-22-2019 09:41 PM

رد: نافذة جانبية مضاءة
 
قصة بدايتها مثيرة .. ونهايتها مفزعة
كنت أقول في نفسي إلام تريدين الوصول من خلال تلك المراقبة الحثيثة لتلك السيدة ولمَ هذا الوصف المتكرر لقميص نومها المطرز .. وما هذا الإصرار على متابعتها ..
وفي النهاية ..
كانت المفاجأة ..غير المتوقعة ..
على فكرة .. لا يمكن أن يخطر على بال القارئ أن تكون هذه السيدة ميتة
لأن طريقة الوصف أوحت بأنها سيدة جميلة .. وحيدة تعيش في رفاهية
يطيب لي أن أقرأ لك عزيزتي ريم
وأزكى تحية ...

تركي خلف 11-22-2019 10:10 PM

رد: نافذة جانبية مضاءة
 
منذ عبارة : امرأة ذواقة تتناول القهوة قبل أن تنام.
تساءلت بيني وبين نفسي كيف لإنسان أن يشرب الكافيين ثم يستطيع النوم ؟
شيء مرعب أن يكتشف الإنسان بعد مدة أنه كان يهتم بشبح
قصة رائعة سيدتي ريم بدر الدين .. لك مني تحية أروع
مشكورة ربي يحفظك ويوفقك

:Untitled-3:

بتول الدخيل 11-23-2019 11:27 AM

رد: نافذة جانبية مضاءة
 
رائعة قصتك الجميلة استاذتي الكبيرة ريم

باقة ود:Untitled-3:

هيثم المري 11-23-2019 05:33 PM

رد: نافذة جانبية مضاءة
 
أرى أنكِ بارعة سيدتي في تشويق القارئ لماتكتبين
شيء مخيف يسكننا عند السطر الأخير ونحدق في الشاشة فقط
شكرآ للقصة الإبداعية .. تحيتي لكِ

فارس العمر 11-23-2019 09:03 PM

رد: نافذة جانبية مضاءة
 
القلم القصصي المحترف الاستاذة الإدارية والأخت المبدعة ريم ~ قصة خيالية عشناها في واقع موازي لأحداث القصة ~ حبكة تدل على موهبة رائعة ~ أشكرك سيدتي وسلامي وتحيتي

ريم بدر الدين 11-28-2019 03:32 PM

رد: نافذة جانبية مضاءة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناريمان الشريف (المشاركة 246087)
قصة بدايتها مثيرة .. ونهايتها مفزعة
كنت أقول في نفسي إلام تريدين الوصول من خلال تلك المراقبة الحثيثة لتلك السيدة ولمَ هذا الوصف المتكرر لقميص نومها المطرز .. وما هذا الإصرار على متابعتها ..
وفي النهاية ..
كانت المفاجأة ..غير المتوقعة ..
على فكرة .. لا يمكن أن يخطر على بال القارئ أن تكون هذه السيدة ميتة
لأن طريقة الوصف أوحت بأنها سيدة جميلة .. وحيدة تعيش في رفاهية
يطيب لي أن أقرأ لك عزيزتي ريم
وأزكى تحية ...

مساء الورد ست ناريمان الغالية
هذه القصة نموذج لتجريبي الكتابة وفق مواضيع جديدة
سعيدة أنها راقت لك. و يشرفني أن تقرأيني
أشكرك من القلب

ريم بدر الدين 11-28-2019 03:36 PM

رد: نافذة جانبية مضاءة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تركي خلف (المشاركة 246098)
منذ عبارة : امرأة ذواقة تتناول القهوة قبل أن تنام.
تساءلت بيني وبين نفسي كيف لإنسان أن يشرب الكافيين ثم يستطيع النوم ؟
شيء مرعب أن يكتشف الإنسان بعد مدة أنه كان يهتم بشبح
قصة رائعة سيدتي ريم بدر الدين .. لك مني تحية أروع
مشكورة ربي يحفظك ويوفقك

:untitled-3:

مساء الورد أ. تركي الخلف
أتشرف بقراءتك للقصة و في الحقيقة تستهويني نصوص الديستوبيا هذه الايام.
و ( ديستوبيا ) هو عنوان مجموعتي القصصية التي تحتوي هذا النص
أشكرك جزيل الشكر

ريم بدر الدين 11-28-2019 03:37 PM

رد: نافذة جانبية مضاءة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بتول الدخيل (المشاركة 246178)
رائعة قصتك الجميلة استاذتي الكبيرة ريم

باقة ود:untitled-3:

بتول الرقيقة. أشكرك من القلب و يشرفني جدا قراءتك لي
كل المحبة

ريم بدر الدين 11-28-2019 03:39 PM

رد: نافذة جانبية مضاءة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هيثم المري (المشاركة 246216)
أرى أنكِ بارعة سيدتي في تشويق القارئ لماتكتبين
شيء مخيف يسكننا عند السطر الأخير ونحدق في الشاشة فقط
شكرآ للقصة الإبداعية .. تحيتي لكِ

مساء الورد
أ. هيثم المري
مما يسعدني حقا أن تصل القصة الى مبتغاها لدى المتلقي.
أشكرك جزيل الشكر
تحيتي لك


الساعة الآن 07:42 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team