منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   الشال .. (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=9663)

أحمد النجار 08-27-2012 09:25 PM

الشال ..
 
http://img02.arabsh.com/uploads/imag...434960f30c.jpg

ليلتانِ لم يزرْ النعاسُ جفنَيهِ ولايزَالُ حَتى اللَحظَةِ يَرِنُ في أُذُنَيهِ صَوتَ أبي زَوجَتِهِ يُهَدِدهُ إن لَم يُطَلِقْ ابنَتَهُ عاجِلاً فسيَحوِلُ حياتهُ إلى جَحيمٍ لايُطاق ..
تَذّكّرَ زوجَتَهُ وهي تَصرُخُ في وجههِ : ماعدتُ أُريدُكَ , ألستَ رَجُلاً ؟!!!
لاأُريدُ الحياةَ مَعَكَ ولا لثانيةٍ واحَدَةٍ .. , طلقني إن كانت عِندَكَ كرامة ..
غَطى وجههُ براحَتيه مُحاوِلاً أن يفهَمَ كيفَ سَمحَ لَها ولأبيها بخداعَهِ وبتجريدهِ مِنْ كُلِ شيء ؟!!
كيف سلمهما كُلَ حياته وأملاكَهِ ؟!!!
كيف فَعلَ ذّلِكَ ؟!!
رَفَعَ رأسهُ على خطواتِ البَرَدِ محاوِلاً التسَلُلَ إلى عِظامَه نهضَ نحو خِزانَةِ ملابَسهِ ليرتدي مايتقي بِه عَضَة البَردِ ( فالبَردُ والحُزنُ جبارانِ إن اجتمعا على جَسَدٍ أهلكاه ) وفتَحَ بابها فانتفَضَ واغرورَقتْ عيناهُ بالدَمعِ حينما شاهَدَ ( الشالَ ) الذي غَزلَتهُ لَهُ أمه بيدها ..
أمسَكَ بالشالِ وجثا على رُكبتيهِ ووضعَهُ على وجههِ وبكى بصوتٍ عالٍ وصاحَ : أمي ...
ألحَتْ عَليهِ زوجَتهُ وأبوها بأن يودِعَها في دارٍ للمسنين ففَعل !!!
ثلاثُ سنواتٍ مَرتْ مُنذُ آخرِ مَرَةٍ زارها وبعدها لم يعدْ يسألُ عَنها ولم يعدْ يَعرِفُ عَنها شيئاً !!!
قَررَ أن يُصلِحَ هذا الجُرمَ العَظيمَ وأن يُحضِرَ أُمهُ للحياةِ مَعهُ وأن يعوضها الحرمان فلفَ الشالَ عَلى رَقبَتهِ وخَرَجَ مُتجِهاً لدارِ المُسنين ..
.
.
ماإن وصلَ للدارِ حتى وجَدَ سَيارَةَ إسعافٍ بجوار الدارِ ومجموعةً من الناسِ مُتجمهِرَةً حولَ الدارِ , رَكضَ نَحوَ الدارِ ولَمحَ في الممرِ نِسوَةً يبكونَ بُحرقَةٍ بالغَةٍ ومُعظمُهنَ يَرتَدينَ شالاً يُشبِهُ الشالَ الذي على رَقبَتِهِ .. , لم يُردْ السماحَ للاحتمالِ بالوصولِ إلى عَقلَهِ فزادَ من سُرعَتِهِ حتى سَمِعَ إحداهُنَ تبكي وتقول : لقد أهدتني هذا الشالَ قبلَ أن تموت ....



أحمد النجار


** الشالُ هو - الآن - مايُلَفُ حولَ الرَقَبَةٍ في أيام البَرد وليسَ لَه أصلٌ في اللغةِ العَربية بل هو كَلمِةٌ فارسية ( شال chale ) ..
(( الشال هو قطعِةٌ طويلةٌ من القماش الموصلي أو من النسيج الصوفي ))
وصف مصر الجزء 18 الصفحة 108 لـ الكونت دي شابرول

جليلة ماجد 08-31-2012 12:41 PM

الحقائق تصل متأخرة لعقولنا ...

تسيطر علينا الآمال و الأمنيات ...

ثم نسقط على صخرة الحقيقة المرّة ...

لا صدر أحن من أمّي ....

أحمد ...

نسجت قصّة جميلة و أعجبتني قفلتك ... فعلاً موفقة

صافي الود

ريم بدر الدين 08-31-2012 02:18 PM

وبعض الجرائم لا اغتفار لها مهما حاولنا ...
سيبقى عرضة لتأنيب الضمير و سيطرة الـ " لو"
لو أدركتها لغفرت لي
لكنها هي كانت في أفضل حال عندما أتاها رسل الموت .. كانت بين قلوب عرفت كيف تطوقها بالمحبة كما طوقت رقابهم بالأوشحة المغزولة من نبض القلب
بينما هو لم يدرك قيمة الشال إلا مؤخرا بعد أن فقد مكانه لديها لتحل فيه رفيقات الدار العطوفات ..
ذكرتني هذه القصة بالأم نيلوفنا في رواية جوركي " الأم"
أ. أحمد النجار
تجيد اقتناص اللحظات الأكثر إنسانية لتسلط عليها الضوء الكاشف
في التسليط بداية الحل .. هكذا أعتقد
تحيتي لإبداعك الجميل

أحمد فضول 09-05-2012 10:09 PM

كثيرة هي اللحظات التي لاتقدر بأموال الدنيا وعلى رأسها قبلة أم على جبين ابن بار أو قبلة ابن بار على قدم أم أنهتكها هموم الليالي لتوفير لحظة هانئة لأبنائها ولكن الأبناء قلوبهم صخر أصم في كثير من المواقف .
أحمد النجار أسدى رسالة إلى كل ابن وبشكل موجز وشائق ليتلافى الأخطاء قبل فوات الأوان وعندها لاتنفع " لو " .
أستاذ احمد ، وفقت وبورك قلمك .


الساعة الآن 10:33 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team