منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الحوارات الثقافية العامة (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   اين كان عقلي ؟!؟! (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=24210)

ايوب صابر 08-21-2017 05:21 PM

اين كان عقلي ؟!؟!
 
اين كان عقلي؟!؟!
عبارة يبدو ان كثير من الناس يجد نفسه وهو يرددها بعد فوات الاون. حيث يجد نفسه في موقف لا يحسد عليه بعد ان غابت عنه الحكمة في التصرف تجاه امور حياتية ولم يدرك ان عقله خلال كل ذلك كان وكانه غائبا فيجد نفسه وهو يردد بحسرة وندم عبارة اين كان عقلي ؟
كيف يقع الانسان في الغفلة ؟ ولماذا تغيب عنه حكمة التصرف في بعض الامور ؟ وما هي اليات عمل العقل ؟ ولماذا لا يتعلم الانسان من تجارب الاخرين ؟

كثيرة هي القصص الواقعية والمتخيلة التي يمكننا ان نسردها والتي تنتهي بعبارة اين كان عقلي ومنها قصة ابو زيد التي أوحت لي بفكرة هذا الموضوع لعلنا نتعرف على اليات عمل العقل ونستدرك ما يجب علينا فعلة قبل فوات الاون حتى لا نجد انفسنا في موقف نردد فيه بحسرة والم : اين كان عقلي ؟

تعالوا نتعرف على بعض هذه القصص ونتحاور حول اليات عمل العقل ونتعرف لماذا يقع الانسان في الغفلة ويخذله عقله احيانا ولا يدرك ذلك الا بعد فوات الاون ؟!؟!

تعالوا نتعلم كيف نستبق الاحداث لنتجنب مواقف نجد فيها انفسنا نردد اين كان عقلي ؟!؟!؟

*

صبا حبوش 08-22-2017 04:04 AM

أين كان عقلي؟..

حتماً يغيب العقل في حالتين ؛ ارتفاع مستوى العاطفة وارتفاع نار العضب..
كثيراً ما سألت ذاتي هذا السؤال في الحالة الثانية ... أين كان عقلي حين قلتُ ما قلت؟!

متابعة للموضوع ..

ياسر علي 08-22-2017 09:38 PM

السلام عليكم ورحمة الله

أين كان عقلي، هذا السؤال على الأقل يبين لنا أن العقل لا يحضر دائما بشكل فعال من جهة أو تتغير نظرة عقلنا للأمور بين لحظة وأخرى.

لا يستطيع الوعي أن يشتغل بدون إدارة عقلية، لكن في الوقت ذاته لا يستطيع الموقف المتخذ أن يكون عقليا صرفا، إذن هناك فرق بين إعداد مجموعة من الاحتملات التي يقوم بها العقل بواسطة التفكير وبين اختيار واحد منها وتحويله إلى موقف. هذا في الحالات العادية، أما في الحالة التي نتساءل فيها هل لنا عقل فعلا حين قررنا هذا القرار أو خضعنا لإملاء معين خارجي جرفنا بشعور أو بدونه حتى وصل بنا الأمر إلى استغراب النتيجة التي أفضى إليها الاختيار، نعم هنا لم يعمل العقل إلا متأخرا فهو يحاول التقليل من الأضرار و ابتكار مجموعة من الحلول التي يمكن أن تحفظ ماء الوجه و في نفس الوقت تعمل على استعادة التوازن للشخصية.

موضوع العقل هذا ليس بسيطا و لا يزال يحتاج لكثير من الدّراسة. ولعل استاذنا أيوب صابر سيوسع الموضوع بدراسات جديدة، ومنها نستفيد.

تحية

جليلة ماجد 08-23-2017 12:11 PM



أهلا أ. أيوب ..
إنما الإنسان روح و قلب و عقل ...
متى طغت الروح أو القلب على العقل ...
هزمته و جعلته في الخلف قطعا ...
لكل منا مواقف متعددة ...
و تأثير كل موقف يختلف عن الشخص الآخر ..
فربما ما أراه قمة العقل يراه غيري هباء و هطرقة ...
يستطيع أن يتحكم الإنسان بأفعاله العاقلة لفترة بسيطة من الوقت ...
ذاك لأن الطبيعة البشرية ملولة و بحاجة للتغير دائما ...
أين كان عقلي ؟
ربما لا عقل لي !
شكرا أ. أيوب





ايوب صابر 08-23-2017 12:13 PM

مرحبا بك استاذة صبا حبوش وشكرا على تفاعلك مع الموضوع

اقتباس " حتماً يغيب العقل في حالتين ؛ ارتفاع مستوى العاطفة وارتفاع نار العضب..
كثيراً ما سألت ذاتي هذا السؤال في الحالة الثانية ... أين كان عقلي حين قلتُ ما قلت؟!"

نعم لا شك ان العضب والحب يذهبان الحب لكن هل فعلا هذه هي الحالات الوحيدة التي نجد العقل يدفعنا لنتصرف بشكل مغاير لما هو في صالحنا ولا ندرك ذلك الا بعد فوات الاوان؟

انتظري لتسمعي بعض القصص هنا لما وجد نفسه يقول: اين كان عقلي؟

ايوب صابر 08-23-2017 12:35 PM

مرحبا بك استاذ ياسر وشكرا لتفاعلك مع الموضوع

أين كان عقلي، هذا السؤال على الأقل يبين لنا أن العقل لا يحضر دائما بشكل فعال من جهة أو تتغير نظرة عقلنا للأمور بين لحظة وأخرى.

- لا بد اننا سنستفيد منك كثيرا في هذا الموضوع فانت تميل الى الفلسفة وتستطيع تقديم اضاءات جميلة حول موضوعة العقل وهو حتما موضوع شائك وما يزال فهمه وفهم عملياته يحتاج الى الكثير.

اقتباس من مداخلة الاستاذ ياسر " لا يستطيع الوعي أن يشتغل بدون إدارة عقلية، لكن في الوقت ذاته لا يستطيع الموقف المتخذ أن يكون عقليا صرفا، إذن هناك فرق بين إعداد مجموعة من الاحتملات التي يقوم بها العقل بواسطة التفكير وبين اختيار واحد منها وتحويله إلى موقف. هذا في الحالات العادية، أما في الحالة التي نتساءل فيها هل لنا عقل فعلا حين قررنا هذا القرار أو خضعنا لإملاء معين خارجي جرفنا بشعور أو بدونه حتى وصل بنا الأمر إلى استغراب النتيجة التي أفضى إليها الاختيار، نعم هنا لم يعمل العقل إلا متأخرا فهو يحاول التقليل من الأضرار و ابتكار مجموعة من الحلول التي يمكن أن تحفظ ماء الوجه و في نفس الوقت تعمل على استعادة التوازن للشخصية."

سؤالي ايهما الذي يتحكم في الاخر : الوعي ام الادارة العقلية؟ ثم ما هو الوعي؟ اليس الوعي حسن استثمار العقل بحيث تكون القرارات التي نتخذها واعية الى حد اننا نكون مرتاحين مما اتخذناه من قرارات ومواقف في وقت لاحق ولا نصل الى حالة نقول فيها " اين كان عقلي؟" وهي حتما حالة يكون الانسان قد ادرك مدى مأساوية مواقفه العقلية وقراراته وكان الوعي غاب عنها الى حد اصبح حاله حال النادم على ما مضى.

اقتباس اخر من مداخلة الاستاذ ياسر
" لا يستطيع الموقف المتخذ أن يكون عقليا صرفا".
- ربما هنا يكمن مربط الفرس. لماذا لا نتمكن من ان نجعل مواقفنا عقلانية على الرغم من توفر المعلومات احيانا وهي وقود الوعي؟ خاصة حينما نكون قد تجاوزنا مراحل الطفولة والمراهقة وتأثيرها على عقلنا والمفروض اننا اصبحنا عقلاء اي ان العقل هو محرك تصرفاتنا؟ اهي النفس الامارة بالسوء؟ ام هي الغرائز؟ ام هي المعلومات المنقوصة؟ ام هي البرمجة العقلية؟ وربما احيانا يكون العبور الى عالم الادمان عبر بوابة المرح واللذة الزائفة... وكما يقال في تدخين السجاير مثلا" اوله دلع واخره ولع". لماذا لا ندرك بأن عقولنا تخدعنا احيانا وربما احيانا كثيرة فينتهي بنا المطاف لجلد انفسنا بعد فوات الاوان ونحن نقول بحسرة والم وندم اين كان عقلي؟
والمهم هو كيف ندفع عقلنا لاتخاذ قرارات تقود الى مواقف لا نندم عليها لاحقا عندما نجد انفسنا امام وضع مؤلم ونجد لسان حالنا يقول " اين كان عقلي ؟
كيف نستطيع ان نستبق الاحداث ونصل الى مرحلة من الوعي تجعل قراراتنا العقلية مناسبة ولما هو في مصلحتنا؟ ولماذا يصل البعض الى الحكمة في التصرف بينما يكون تصرفات البعض الاخر بعيد عن الحكمة وربما تكون مدمرة للذات ...وفي الغالب هم الذين يجدون انفسهم تردد " اين كان عقلي؟


ياسر علي 08-23-2017 07:17 PM

أستاذي أيوب صابر

نقد العقل العربي للجابري، شيئية الشيء عند هايدغر، نقد العقل المحض عند كانط، الكينونة والعدم لسارتر، و تاريخ الفلسفة عند راسل، ومقالات لهيوم و هيجل، والنقد الماركسي، كوكتيل من المقاربات المنهجية المختلفة من التحليلية إلى المنطق إلى الفينومولوجيا، بها أحاول نقد مجموعة من الأفكار وضعتها على المحك، من خلالها إيجاد مقاربة جديدة للفعل الإنساني. ليس الأمر بسيطا وأنتم أهل البحث والتنقيب، ليس الأمر بسيطا فمنشأ البحث أساسا هو عدم الاقتناع بما يروج من مسلمات فكرية.
أتتبع الخيوط الوجودية والمعرفية والقيمية فلا أقف على واحدة ترضيني رغم أنّني لست في قيمة هؤلاء الفلاسفة، فبعقلي البسيط هذا ربما اقتربت أو أقترب من وضع أسس بسيطة غاية في المرونة تكاد تقترب من فلسفة فرويد في علم النفس رغم الاختلاف الكبير.

لذلك فعندما قلت الوعي فهو ليس بالضرورة ذلك الوعي العقلي الذي يتحدث عنه الفلاسفة حتى لا تكاد تميز بين الوعي والعقل.

ما وصلت إليه أنّ الناطقية و العقل و الخيال هي أسس الوعي أو إن شئت مداخله الأساسية، و الوعي بالشيء هو جعل العقل يشتغل عليه و بذلك يكون قابلا للترجمة لغويا وهنا الشيء بصفته العامّة، سواء أكان شيئا ظاهرا موجودا أو يدخل في حيز الإمكان الوجودي الخيالي القابل للتجسيد كتصور عقلي أو المفروض كوازع أخلاقي.

المهم هذه الأشياء لايمكن بسطها في مقال صغير جدّا لضرورة التأصيل لأساسيات هذه الدراسة " النظرية" و على ماذا اعتمدت هذه الأساسات.

على كلّ مقاربتي لا تزال في مهدها و ربما تجيب عن بعض الاسئلة التي لم أجد لها إجابات من قبل، و الآن أحاول أن أصدمها مع الاتجاهات الفلسفية المختلفة لأرى إن كانت قابلة للصّمود أو أن بنيانها تعتريها الهشاشة.

فعندما أتحدث عن الوعي فهو إمكان استيعاب الاشياء قريب من نظرية هوسرل نوع من الحدس الفارغ الذي يتقدم نحو الأشياء لالتقاطها، فقط هذا الالتقاط في حدّ ذاته لا يكون إلا مشفرا بقوة غريزية تمتلك الإدارك الغريزي لكن الوعي يترجمها عقليا بواسطة قواعده العقلية "القبلية" كما عند كانط فالعقل شبيه بميزان يحاول أن يكون دقيقا وبين الفينة والفينة يضيف إلى رصيده ما به يكون التدقيق أكثر فعالية، والعقل لا يستطيع أن يفعل هذا دون إدراكات غريزية يحولها الوعي إلى قوة ناطقة " لغة" هي بدورها خاضعة لقواعد عقلية.
هذا بعض توضيح قد يكون مبهما جدّا لأنه يفتقد إلى أسسه الأنطلوجية التي يصعب تبسيطها هنا لظروف شتى.


تقديري.

ايوب صابر 08-24-2017 12:02 AM

مرحبا استاذة جليلة ماجد وشكرا على تفاعلك مع الموضوع ومشاركتك في الحوار وهذه المداخلة الجميلة...
تقولين
" إنما الإنسان روح و قلب و عقل ...
متى طغت الروح أو القلب على العقل ...
هزمته و جعلته في الخلف قطعا ..."

- السؤال لك هو : هل هذا يعني ان ما نركتبه من اخطاء تجعلنا نندم لاحقا فنردد عبارة ( اين كان عقلي؟ ) يكون غالبا سببها الروح والقلب؟ فهل تتحمل هذه مسؤولية عجز العقل عن اتخاذا القرار السليم؟ حتى تجاه الامور الحياتية البسيطة؟ ثم الغفلة كما في الاية الكريمة ( ï´؟اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَï´¾ هل ايضا من الروح والقلب ؟ ام هي من العقل؟
الا ترين بأن الذي يخذلنا هو عقلنا الذي يكون احيانا قاصرا في استشراف المستقبل والوعي بالحاضر ومخاطره والادراك الاستباقي ( الصحوة ) وهو عكس الغفلة فتكون قرراتنا غير موفقة ومن خلال التجربة او اتضاح الامور ومع الزمن تتضح لنا الحقيقة المؤلمة فنجد انفسنا في موقف لا نحسد عليه ونحن نردد ( اين كان عقلي ؟ ).
- ثم السؤال الاخر المهم هل تعتقدين بأن القرارات التي يمكن وصفها بغير العقلانية ناتجة عن كوننا بشر؟ ولذلك نظل عاجزين عن اتخاذ القرارات السليمة؟ لكن لماذا نجد البعض قد امتلك الحكمة ويكون عقله ارجح في اتخاذ القرارات المناسبة بما يخدم مصلحته حتى في الامور الحياتية البسيطة؟ وهل الناس جميعا يندمون بنفس الدرجة؟ ام ان البعض يكون اكثر توفيقا في وعي الامور فلذلك تكون قراراته اكثر عقلانية؟
حتى في مسالة الغفلة الا ترين بأن بعض الناس يتمكن من استحضار الخوف من الموت مثلا كما في الاية فيصل الى حالة من الصحوة اي عكس الغفلة فيتصرف بناء عليه بصورة مغايرة يغلب عليها الوعي والصحوة؟

عندما طرحت الموضوع كنت افكر في الامور الحياتية مثل الندم لتعود عادة التدخين مثلا لكن الحوار هنا ارتقى وتطور بسرعة وصار له ابعاد اربعة على الاقل :
- البعد البسيط وهو الندم على مواقف نكون قد اتخذناها وندرك ذلك حينما نقع في ورطة من شر اعمالنا
- البعد الثاني وهو طبيعة الامور والاسباب التي تؤثر على العقل فتكون بعض قراراته غير عقلانية او تؤدي الى الشعور بالندم، اي العوالم التي تؤثر على العقل وتجعله يتخذ قرارات غير موفقة نندم عليها.
- البعد الثالث وهو من له الكلمة الفصل في اتخاذ القرارات العقل ام الروح والقلب وما هي العلاقة بين اللاثة فيما يتعلق باتخاذ القرارات.
- البعد الرابع وهو ما يعالجه الاستاذ ياسر في مداخلته حول مسالة الوعي والعقل وهو البعد الفلسفي العميق والمعقد والذي يحاول فهم العقل وعملياتة وادراك قصوره عند الفلاسفة وتبيان اسباب قصور العقل وهل المسألة ناتجة عن قصور في الوعي .

فاهلا وسهلا في كل من يرغب في المشاركة في هذا الحوار ضمن هذه الابعاد الاربعة او اي بعد اخر جديد قد يأتي به مشارك جديد.

ايوب صابر 08-24-2017 12:41 AM

اشكرك استاذ ياسر على التعمق في طرح الموضوع ومعالجته من بعده الفلسفي . ولا شك ان مسائل العقل والوعي ما تزال شائكة ومعقدة لكن يتضح بانكم تعمقتم في دراسته ومحاولة فهمه ونحن مضطرون لمحاولة مجارات معرفتكم فيه ولكننا حتما سنتعلم منكم الكثير .

لي عودة للتعليق على ما ورد في مداخلتكم الاخيرة ان تمكنت من استيعاب مقاصدها لعلنا نتعمق في فهم قضايا العقل والوعي مستفيدين من التراث الفلسفي الذي انشغل لسنوات طويلة في هذه الامور كما يتضح من عدد الفلاسفة الذين ذكرتهم وكانوا قد اهتموا في الامر.

ايوب صابر 08-24-2017 07:00 PM

مرحباً بك استاذ ياسر

عودة الى مداخلتك الأعيرة تقول "لذلك فعندما قلت الوعي فهو ليس بالضرورة ذلك الوعي العقلي الذي يتحدث عنه الفلاسفة حتى لا تكاد تميز بين الوعي والعقل. "

-
عند فرويد يقسم العقل الى العقل الواعي والعقل اللاواعي. ويرى علماء النفس المعاصرون وكثير من خبراء التنمية البشرية ان قوة العقل الواعي لا تكاد تذكر اذا ما قورنت بقوة العقل اللاواعي. وهذا العقل اللاواعي هو مخزن لكل المعارف والتجارب وهو مصدر القرارات العقلية. نظن احيانا اننا نتخذ القرار العقلي الأنسب ولكننا في الواقع نكون أسرى لما يحتويه العقل اللاواعي من معرفة متراكمة ومن ذلك البرمجة العقلية او امور اخرى لها تأثير على الدماغ مثل الإدمان والغرائز الخ . اذا الوعي هو تراكم المعارف التي يستند اليها العقل في اتخاذ القرارات وهذه المعرفة غالبا ما تكون قاصرة او انها خاضعة لتأثيرات تجعل العقل يتخذ قرارات ليست بالضرورة حكيمة ومن هنا يجد الانسان نفسه في وقت لاحق ومن خلال التجربة او اتساع المعارف لديه او تعرضه لمعارف جديدة يجد نفسه يقول اين كان عقلي؟ لان القرار او الحالة او الموقف الذي كان قد اتخذ بشأنه قرار ما او موقف ما اصبح في نظره غير مناسب وغير عقلاني وغير مقبول ولذلك يجد الانسان نفسه وفي الغالب في حسرة على ما مضى لان عقله في المرحلة التالية يكون ارجح واكثر حكمة فيجد ان قراراته السابقة غير مناسبة او لم تكن من المستوى المطلوب والمنطقي فيقول اين عقلي؟!؟! .

سؤالي لك استاذ ياسر : هل نثقل عليك ان طلبنا منك ملخص لراي بعض او كل المدارس الفلسفية التي ذكرتها فيما يتعلق بقصور العقل ؟
*

ياسر علي 08-24-2017 07:47 PM

اهلا باستاذي ايوب صابر

تختلف المسميات لكن المقصود واضح فإذا كان فرويد يستعمل اللاشعور و العقل الباطن وغيره من المفاهيم فعلم النفس المعرفي أتى بماهو بسيط هو الذاكرة بعيدة المدى. لكن هل أنا مقتنع أن الوعي هو ما يجعلني أتخذ القرار؟ أو العقل نفسه كملكة من ملكات الوعي، هنا أختلف جذريا عن باقي الاتجاهات الفكرية، فإن كان عقلي أو وعيي هو الذي يتخذ القرار فكيف تتخذ الحياوانات قراراتها؟ و كيف تتخذها النباتات؟ و كيف تتخذها الجمادات؟....

إذاكان أريسطو حصر الإنسان في الحيوان الناطق و بجرة قلم أخفى الحيوان و ذهب يدرس الناطقية، وإذاكان كانط بنفسه يقر أن الإنسان ليس وحده يمتلك أسس البنية العقلية فلماذا اقتصرت فلسفته كلها في نقد العقل الإنساني، كمثال، إن كان كانط يقول أن المكان والزمن عقليان أي ملكتان قبليتنا تسمحان بظهور الأشياء، لماذا أظهر أنا للحمار و البقرة وغيرها من الحيوانات مع إيماني بأن ليس لها عقل.
وإن كانت السببية " العلية" عند اريسطو عقلية " العلل الأربع" و عند كانط مبدأ عقلي صرف، فكيف يمكن تفسير بناء الطائر لعشّه.
إن كان فرويد يقول أن الغرائز الحيوانية توجد عند الإنسان في لا شعوره " جنس، أكل ...." فكيف سيفسر سلوك النباتات.

شخصيا لا أعتقد أن اتخاذ القرار عقلي، وإن كنت أومن أن العقل كما الوعي لهما دور في صناعة القرار.

هذه بعض الإشكالات التي جعلتني أبحث عن رؤية جديدة، لانه متى ذهبت تدرس العقل قبل معرفة ماقبل العقل لن تصل إلى نتيجة على الاقل لا تناقض نفسها بشكل صريح.

ايوب صابر 08-25-2017 04:39 PM

مرحباً استاذ ياسر

اتفق معك ان نظرية فرويد تمثل بداية فهم العمليات العقلية وهي ليست بالضرورة صحيحه، ولا يمكننا إنكار التقدم في فهم العمليات العقلية مثلا مبدا الذاكرة ودورها في اتخاذ القرار وان كانهذا الفهم ما يزال قاصرا.

واتصور ان عملية اتخاذ القرارات العقلية عند الانسان مرتبطة حتما بدرجة الوعي ودرجة الوعي وتتأثر سلبا وايجابا بعدة عوامل منها مثلا :
- مدى الثقافة : التي تتحصل لدى الانسان وتتخزن في الذاكرة وبالتالي تكون الأساس او النبع الذي يتولد منه القرار العقلي وهذا ما يميز الانسان عن الحيوان حيث يستفيد الانسان من هذه المعلومات للاختيار بين مجموعة خيارات.
- المرونة في اتخاذ القرار: فمن المهم ان يتمتع الانسان بمرونة عند اتخاذ القرار لان العقل لا يمكنه الحصول على المعرفة الكلية ولذلك لا يمكنه ضمان ان قراره صائب وانما هو صائب ضمن ما توفر من معلومات مخزنه لديه.
- البعد عن الديماغوجية non dogmatic :ويعني ذلك البعد عن التعصب تجاه تيار فكري او معلوماتي معين وهو عكس المرونة وكثيرا ما يقع المنتمين الى الاحزاب في هذا الخطأ كنتيجة لما تقوم به الاحزاب من عمليات برمجة دماغية فتتأثر العمليات العقلية بتلك البرمجة والتي تبدو لغير الحزبي مواقف متعصبة .
- انتفاء الحاجات الغريزية وهذا يعني ان لا يكون الانسان متأثرا بحاجة غريزية عند اتخاذ القرار فمثلا عندما يكون الانسان جائع يندفع لتناول الطعام دون النظر لجودته او نوعيته وقد يأكل من طعام لا يرغبه اصلا في حالات الشبع لكن قراره بتناوله متأثر بالحالته الغريزية التي تسيطر عليه. ونفس الشئ يمكن ان يقال عن اختيار الشريك فغياب الإشباع الجنسي قد يدفع الانسان لاتخاذ قرار متعجل ما يلبث ان يندم عليه عند حصول الإشباع الجنسي.
- مدى قدرة الانسان على التصالح مع ماضيه وماسيه : حيث يخبرنا علم النفس الفرويدي بان الماسي والتجارب القاسية المؤلمة تتخزن في الذاكرة او اللاوعي ويكون لها دور في التاثير على القرارات العقلية ويشرح فرويد هذا التأثير من خلال ما اسماه بميكنزم الكبت حيث يكبت الانسان تجاربه الصعبة وحصيلة صراعه مع المجتمع في اللاشعور وهذا الكبت قد يتفجر لاحقا على شكل جنون او ابداع ومن هنا تكون عمليات التفريغ ضرورية ليحصل الانسان على حالة ذهنية سوية( اي التوازن العقلي ) تساعده عند اتخاذ القرار السليم.
- وعي الانسان بأثر البرمجة العقلية ( بمعنى عمليات مسح الدماغ وتوجيه الراي العام ) وأدواتها ذات التأثير العظيم وقدرته على التخلص من هذا التاثير وذلك من خلال وسائل الاعلام الجماهيرية حيث وكنتيجة لتطور وسائل الاعلام تمكن اصحاب النفوذ من توجيه الراي العام من خلال عمليات برمجة عقلية منظمة وذلك من خلال ادوات التحكم بما يصل الى الأذهان من معلومات وتستخدم الحكومات هذا السلاح في توجيه الراي العام فيتأثر الانسان بصورة غير واعية بهذه البرمجة ويكون قراره مختطف في الواقع رغم ظنه بانه حر الإرادة والاختيار .
- تأثير القائد الكرزمي والبرمجة اللغوية العصبية: وتتم هذه البرمجة بصورة غير واعية حيث يتاثر الانسان احيانا بسلوك بشخص يكون في نظره قدوة يحتذى بها ويكون سلوك هذه القدوة عبارة عن برمجته عقلية بالغة التأثير على دماغ الانسان وبالتالي يكون لهذه البرمجة اللغوية العصبية تأثير على الية اتخاذ القرار.
- الامراض الفسيولوجية والهرمونية: التي تؤثر على الدماغ ومنها مثلا الوسواس القهري والوهم المرضي وهي امراض تؤثر حتما على الية اتخاذ القرار .
- الرغبات الدفينة في العقل الباطن : حيث يرى فرويد بان الحوادث هي رغبة داخلية لا واعية في الانتحار. وحتما تؤثر هذه الرغبات على القرارات العقلية . فلو افترضنا ان شخص يقود سيارة انطلق مندفعا من واقع ما يعتمل في عقله الباطن بسرعة كبيرة ووقع له حادث لكنه نجا من الموت بصعوبة بعد فترة وبعد تامله فيما جرى سيكون لسان حاله يقول اين كان عقلي خاصة اذا ما ساهمت تجربته التي اقترب فيها من الموت من تحقيق نوع من التوازن الذهني.
- بعض الامور يكون لها تأثير ايجابي على القرارات الذهنية مثل السفر واتساع خبرة الانسان المعرفية exposure ومروره باختبارات تنمى لديه قدراته وتجعله اكثر حنكة وحكمة في اتخاذ القرار.

*

ياسر علي 08-25-2017 08:30 PM

أهلا وسهلا أستاذي أيوب صابر

لست أدري مدى دقّّة مصطلح الكبت كآلية.

مثلا صعود الشمس هذه ظاهرة طبيعية نراها كل يوم لكن ما مدى دقة ما نلاحظه، هل الشمس تصعد فعلا، أتيت بهذا المثال لأن ألية الكبت لم أقف عليها في مقاربتي، أليتان قويتان توجدان في الوعي وتوجد في الحاسوب مثلا أعطيه عنوانا فيتعذر الوصول إليه ،أنا هنا رغبتي في رؤية هذا العنوان ملحّة أعيد النقر فلا يستجيب هل سأظل أعيد النقر و قد استعصى وجود تلبية الرغبة، هل أكبت الرغبة أم طبيعتي أصلا هي الانتقال من شيء إلى شيء.

إذن الآلية الأولى هي الحفظ " أي الاحتفاظ بالشي و الآلية الثّانية هي الانتقال " الإنتقال إلى موقع آخر .... ، هذا الانتقال يجعل السلوك الأول مكبوتا، اي يتوارى أي أنّني اشتغلت بشيء جديد اللحظة، لكن هل هذا الانتقال ألغى رغبتي في مشاهدة الموقع السابق، بالطبع لا، هنا كلّ ما يتعلق بالرغبات يصعب أن يمارس عليه النسيان أي أنه سيعود مرة أخرى، لأنك لا تستطيع كبته بل مجرد أن طبيعتك جعلتك تنتقل إلى شيء آخر. عند استمرار مثل هذه العملية تظهر لكأنّنا قمنا بنوع من الكبت والتعويض. هي مصطلحات توضح العملية إن شئت أو تقرب الانتقالات التي تقع في النفس البشرية، أو تقع في الكون ونقاربها لغويا بتمثيلات كصعود الشمس.


الأحدات الصعبة ذات العلاقة بالوجود عموما أي الوجودية أو ما اصطلحت عليه المشكل الوجودي، هي أشياء لا تعالج في الغالب إلا بالقوة، مثلا غزالة رأت نمرا هناك مشكل وجودي، غريزتها تؤهلها لاختيار السلوك إما مقاومة أو هروب وكلاهما يعتمدان على القوة لكن الأنسب جدّا هو الموقف الثاني.....

الإنسان شيء آخر يعالج المشكل وفق المقام الذي وضع فيه المشكل، هل هومشكل معرفي أو مشكل اخلاقي أو"قيمي عامة " عندما يقتصر الأمر على المشاكل المعرفية والمشاكل الأخلاقية فهي تحل عقليا في الغالب أي يسيطر عليها الوعي، عندما يضع المشكل في مرتبة وجودية لن يتوان في استعمال القوة. وهنا يختلف شخص عن شخص. وفي الغالب الجرائم ناجمة عن اعتقاد بأن ما يواجهني هو مشكل وجودي أي مرتبط بوجودي من عدمه، قضية حياة أو موت كما يقال.

البرمجة، هل أنا قابل للبرمجة، وهل أصول البرمجة عقلية، البرمجة أصولها غريزية، وهنا ستلاحظ أن المبرمجين قادة الأحزاب السياسية زعيم نقابي...... في الغالب ثقافتهم بسيطة جدّا جدّا، فالمعرفة هنا لا تجدي كثيرا، بل هناك ركوب على رغبة دفينة غريزية " الانتماء" لذلك ترى الجمع بمهندسه و رياضييه و دكاترته قد يقودهم إنسان ليست له قدرات معرفية خارقة، ويمكن أن يدفع بهم إلى التهلكة و يتبعونه بشكل غريب. " هذا الموضوع ايضا طويل وهنا أعطي فقط بعض إشارات."

المآسي والإبداع

هناك علاقة بين الإبداع والمآسي التي يتعرض لها الفرد. لكن هل الإبداع بالمجمل ناتج عن مأساة هذا غير سليم

إن سلمنا أن الإبداع مرتبط بالخيال كأساس وهنا لن أبرهن على الأصول لأن ذلك يحتاج عرض الموضوع بتفصيلاته، أي لماذا لا تسطيع الحيوانت أن تبدع أولا.

المأساة عموما هي مشكل له علاقة بالوجود، أي توجه ضربات قوية للأسس التي تعتمدها الذات لتحقيق وجودها، وهنا يتعذر على الذي تعرض للمأساة أن يواصل حياته بنفس الأسلوب السابق لكن هل وجوده سيتوقف، بالطبع لا هناك دائما " حفظ وانتقال "
عندما يتعذر الوجود الفعلي يسهولة ويسر تتنقل إلى الوجود الخيالي " الحالم" وذلك للحفاظ على استمرارية الذات، وهنا تجد المبدع ينسحب شيئا فشيئا من الحياة الواقعية وحتى إن لم ينسحب لوجود التزامات وعلاقات اجتماعية وغرائز مسيطرة فهي لا ترقى إلى جعله مستمتعا بها، أي بها يحقق وجودا سلسا، لذلك يجد في عالمه الخيالي موطنا خصبا لتحقيق الوجود مادامت الحياة الواقعية أحبطته بمآسيها، شبيهة بنظرية التعويض، لكن لا أعتقد بأنها تعويض بل هي نوع من الاستمرارية في الوجود.

ايوب صابر 08-26-2017 11:48 AM

مرحبا استاذ ياسر

بخصوص مفهوم الكبت عند فرويد وكيف انه يصنع الابداع او الجنون: يرى فرويد ان الصراع في حياة الانسان هو صراع بين الفرد والمجتمع ( لاحظ ان دارون يرى بأنه صراع من اجل البقاء والماركسية تراه صراع طباقات) بينما يعتقد فرويد ان الفرد يسعى دائما لتحقيق رغباته واشباع احتياجاته وعلى رأسها الغريزة الجنسية فيصتدم في مسعاه مع المجتمع وهنا يقوم الفرد على ( كبت ) تلك الرغبة التي يرفضها المجتمع, ويرى فرويد ان هذه الرغبات المكبوته توثر كثيرا على الحالة الذهنة عند الفرد الى حد انها قد تتفجر لاحقا على شكل ابداع او جنون ومن هنا يعتقد فرويد ان اصل الابداع والجنون واحد وهو الرغبات المكبوته في العقل الباطن.

ايضا علم النفس الحديث ومن خلال الدراسة والمراقبة والتحليل النفسي توصل الى ان الاحداث المأساوية traumatic experienes لها اثر عظيم على الدماغ وان معظم من يصل الى حالة الابداع يكون قد مر بمثل هذه التجارب في طفولته وهي المرحلة التي تمثل الصندوق الاسود عند الفرد. وهذا يعني ان هناك اختلاف بين فرويد وبين تلاميذه والذين اعطوا التجارب المأساية دورا اهم في التاثير على الدماغ.

وفي كلا الحالتين لا بد ان ذلك يؤثر على الدماغ والحالة الذهنية وبالتالي على الية اتخاذ القرار.

.


تقول في مداخلتك "الأحدات الصعبة ذات العلاقة بالوجود عموما أي الوجودية أو ما اصطلحت عليه المشكل الوجودي، هي أشياء لا تعالج في الغالب إلا بالقوة، مثلا غزالة رأت نمرا هناك مشكل وجودي، غريزتها تؤهلها لاختيار السلوك إما مقاومة أو هروب وكلاهما يعتمدان على القوة لكن الأنسب جدّا هو الموقف الثاني....."
- مبدأ القوة هذا الذي تتحدث عنه هو زيادة حادة في افراز الادرنالين تجعل الانسان وكأنه شمشوم الجبار يمتلك قوة خارقه وهذا بدوره يؤشر الى ان الحالة الذهنية يمكن ايضا ان تتأثر بالظروف المحيطة وبالتالي يقع التاثير على القرارات العقلية. بمعنى ان القرار العقلي يمكن ان يتأثر بالظروف البيئية التي يمكن ان تولد تغير بيولوجي هرموني لحظي في الدماغ يكون له اثره على عمل الدماغ والقرارات التي يتخذها.

اما بخصوص البرمجة: هناك نوعان من البرمجة الاول ويقصد به مسح الدماغ brain washing وهذه الحالة عادة تقوم بها الحكومات او الانظمة والاحزاب وكل من ينتمي لجماعة مغلقة.

جم جونز مثلا ورغم انه فردا كان يقود جماعة cult تمكن من مسح ادمغة اتباعه الى حد ان دفعهم الى انتحار جماعي بشرب السم وكانت وسيلته الكرزما الطاغية.

والحكومات تقوم بمثل مسح الدماغ هذا عن طريق وسائل الاتصال. صحيح انهم قد يلجأؤون الى استثمار الغرائز وتسخيرها في تحقيق اهدافهم لكن في المحصلة يكون الانسان الذي يخضع لمثل هذا المسح الدماغي اسير لعمليات البرمجة الدماغية تلك ويكون قراره العقلي مختطف. وكلما كانت هذه البرامج معقدة من حيث استخدامها للوسائل كلما كان تأثيرها اعظم على دماغ الجمهور المستهدف.

قد تكون عملية مسح الدماغ هذه عملية طويلة الامد بحيث تلجأ وسائل الاعلام الى بث سمومها، اذا جاز التعبير، بصورة مبطنة لا تظهر للانسان العادي وانما فقط لمن يقرأ بين السطور.

ومثلا تلجأ وسائل الاعلام احيانا الى صناعة الرأي العام حول قضية معينة من خلال ما تقوله وتنشره. فلو افترضنا بأن جريدة تنشر مقال حول تلك القضية مكون من 100 كلمة نجد ان الجردة تتعمد الثناء على القضية بكلمات قد تصل الى الخمسين وتجعل 30 كلمة محايدة و20 كلمة تكون في تحريض. المحصلة ومع مرور الزمن صناعة رأي عام مؤيد لتلك القضية. فيكون قرار التأيد للقضية مختطف من قبل من صنع الراي العام.

ولذلك نجد في ايامنا هذه ان الصراع بين وسائل الاعلام والرئيس الامريكي على اشده وبينما تسعى وسائل الاعلام الموجهة والتي تدار من قبل لوبيات محددة ومعروفة الى التاثير على شعبية الرئيس يلجأ هو الى ادوات تبقي شعبيته عالية لدى الجمهور حتى لا يسمح للاجهزة التي تتربص به طرده من الرئاسة في حالة انخفاض شعبيته الى مستويات دنا غير مسبوقة.

ومن ادواته لمقاومة حملتها عليه من خلال التشكيك المستمر في مصداقيتها حتى تهتز ثقة الناس بها وبما تقوله. وثانيا اللجوء الى الاتصال المباشر من خلال وسائط الاتصالات الجماهيري وحتى اللقاءات الجماهيرية على طريقة اللقاءات التي تتم اثناء الانتخابات وسوف تظل القوى الخفية التي تحكم امريكا فعلا ( مجلس الكونجرس وحكومة المبطخ وهم زعماء الشركات الراسمالية واللوبيات ذات المصالح المحلية والعالمية ) عاجزة عن اتخاذ قرار بطرده من الرئاسة impeachment حتى تتمكن من تخفيض شعبيته. ويبدو انها ضمن المعادلة القائمة ما تزال عاجزة لذلك قد تلجأ وسائل الاعلام الى نشر فضائح اخلاقية اضافية حتى ترجح كفتها او تلجأ الى تسريبات اكثر تأثير في الجمهور وتمس الثوابت حتى تحقق مكاسب جديدة ظلت عاجزة عن تحققها من خلال فهم الرئيس لتأثير وسائل الاعلام وتبنيه خطة جهنيمة افقدت وسائل الاعلام قوتها التقليدية.

وهناك ايضا عمليات مسح الدماغ العاجلة والتي تتم على شاكلة حملات مكثفة وهذا ما يقوم به المرشحون للانتخابات في الانظمة التي تتدعي الديمقراطية حيث نجد ان الناس تنتخب صاحب الحملة الاعظم تأثيرا على عقول الجمهور وليس بالضرورة الاكفأ. فالذي ينتخب الرئيس في الانظمة التي تدعي الديمقراطية حقيقة هم خبرا وسائل الاعلام وليس الجمهور.

المهم ان الاغلبية العظمى من الناس هذه الايام يخضعون لحالات مسح دماغ بطريقة او باخرى والقرارات العقلية مخطوفة الى حد كبير ولكن الناس لا يعلمون.


اما البرمجة الاخرى فهي البرمجة اللغوية العصبية .. وهذه تتم ايضا بصورة غير واعية حيث ان سولك كل فرد يمثل انماط سلوكية وهي عمليا برامج ذهنية. فحينما يتعلق انسان بشخص كرزمي وقائد فذ مثلا نجده مع الزمن قد اكتسب الكثير من انماط سلوكه. وغالبا ما تتم هذه البرمجة من خلال اتخاذ القدوات.
يتبع،،،

ياسر علي 08-26-2017 02:09 PM

صراع فرد جماعة او صراع طبقي او صراع بقاء، كلها تدل على حالة صراع، يعني تدافع ومنافسة، في حين أن هناك أيضا قيم مثل التضحية والتعاون التي بدورها لها حضورها في الفعل.

لذلك من الصعب أن تقول أن هذا وحده هو المحرك، نعم هناك علاقة "فرد مجتمع" تتخلها قيم كثيرة لكن المجتع ضرورة وجودية. "هناك علاقات طبقية" وهناك صراع طبقي طاحن لكن هذه التراتبية غريزية فإن كان هيجل ربط الحرية بالروح و وصل أن نهاية التناقض هو الفكرة المطلقة فماركس الذي اشتغل على الجدل الهيجيلي وصل هو بدوره إلى فكرة مطلقة أخرى هي أن العالم ستنهار فيه التراتبية.
أما صراع البقاء ما يعيب هذه النظرية هو حين تتخذ وجهة القوة وحدها أما إن كانت تتحدث عن الأصلح فهي تفتح المجال للجميع.

ما أريد الوصول إليه أن هذه التراتبية أيضا ليست عقلية محضة فالنظام الاجتماعي السائد في مملكة النحل فيه تراتبية أقوى و غير قابلة للكسر. لذلك فأي تفكير يتجه نحو إزالة التراتية فهو محض أماني، لأنها مكوّن غريزي " فطري"

نعم استاذي،

القابلية للبرمجة قائمة فلا يمكن الحديث عن المجتمع دون أن تكون هناك قابلية للبرمجة، نعم هناك طرق كثيرة للبرمجة وحتى غسيل الدماغ، وهناك من يستفيد من هذا . هذا أيضا يصبّ في كون العقل أحيانا لا يشتغل بشكل نقدي بل تخونه القدرة على قراءة الموقف فتكون ضحية برمجة من نوع ما.

البرمجة اللغوية العصبية" التنمية البشرية" مع احترامي للمدرّبين و الكلام الكثير شبيهة بنوع التنويم و مسايرة حالمة للحياة، نوع من الدّجل الجديد، لان القدرات العقلية والتواصلية و الفعل عموما لا تكسبه بالكلام، الفعل قرين قدرة جسدية وذهنية و مران، قد تكون تعرف كل ما يتعلق بقيادة طائرة ولن تقودها ما لم تتدرب عليها تدريبا فعليا و تكون استجاباتك الحركية والذهنية خاضعة لهذه البرمجة. أي تكون برنامجا ناطقا للصورة التي توصف سابقا. أمّا تغيير حياتك في ثلاث ساعات فلن يكون إلا شبيها بتعلم الأنجليزية في سبعة أيام.

ايوب صابر 08-26-2017 02:54 PM

دعوني اولا اقص عليكم قصة ابو زيد والتي أوحت لنا بهذا الحوار الذي يتطور ويتوسع بشكل جميل وتثقيفي ثم أعود لاستكمال التعليق على مداخلة الاستاذ ياسر لنتعرف اكثر على اليات اتخاذ القرارات العقلية . وقصة ابو زيد هذا من الواقع المعاش وتبدي لنا جانب من القصور العقلي الذي قد نقع فيه ونعيش وكأننا مسلوبي الإرادة او في حالة غفلة لينتهي بنا المطاف نتساءل اين كان عقلي؟!

التحق ابو زيد هذا مؤخراً الى النادي الرياضي الذي امارس فيه تماريني الرياضية . وهو رجل اشيب اغبر في بداية الستينيات من العمر ، ضخم الجثة وبدين وزنه حينما التحق بالنادي منذ مدة قصيرة يتجاوز المائة كيلو غرام.
صرت الحظ وجوده بشكل يومي ، يأتي قبل الجميع ويبقى الى وقت متأخر. مع الايام صرنا اصدقاء نتنافس في لعبة تنس الطاولة ونسبح سويا وغيرها من التمارين الرياضية .
في احد الايام لاحظت جرح بطول خمسة الى سبعة سنتيمترات في الجهة اليسرى وفوق القلب مباشرة . سالته عن ذلك الجرح فأخبرني بانه أجرى عملية لزراعة جهاز يساعد عضلة القلب التي ضعفت.
وفي اليوم التالي وبينما كنا نجلس في غرفة الساونا حكى لي قصته مع عضلة القلب. اخبرني ان وزنه وصل في لحظة ما الى مائة وأربعون كيلوغرام. وان ذلك تسبب وحسب تشخيص الطبيب في أضعاف عضلة القلب التي اصبحت تعمل بقوة 17% فقط من قوتها الطبيعية مما أدى الى تراكم السوائل في الرئتين. وان الطبيب المعالج اخبره بانه بحاجة لتخفيض وزنه بشكل كبير حتى يخف الضغط عن القلب وعضلاته.
يقول ابو زيد فكرة تخفيض الوزن كانت تبدو أمرا مستحيلا وكنت اقاوم فكرة عمل روجيم غذائي. لكنني في احدى الليالي نقلت الى المستشفى وصرت على حافة الاختناق واقتربت كثيرا من الموت عندها قررت ان الوقت قد حان لتخفيض وزني.
يقول ابو زيد وهو يصف ما فعل من اجل ان يعود للحياة بانه توقف عن اكل النشويات والكربوهيدرات والسكريات بشكل كامل تقربيا حتى انخفض وزنه خمسة وثلاثون كيلوا غرام ، وفي تلك الأثناء صار يمارس الرياضة صباح مساء حتى يخفف من وزنه اكثر فاكثر وبالتالي يخفف الضغط عن عضلة القلب والتي ما لبثت ان عادت لتعمل بنسبة خمسة وسبعون في المائة ( 75%) .
وأخذ ابو زيد يتذكر ويقص علي نماذج من عاداته الغذائية التي جعلته يتضخم على ذلك الشكل ، وكيف مثلا انه كان يأكل مع صحن الحمص خمسة او ستة أرغفة خبز ، وانه كان يأكل كمية كبيرة من الرز بشراهة وتلذذ، أما الكنافة النابلسية فيقول انه كان يأكل في كل مرة ما لا يقل على نصف كيلواغرام من الكنافة المحلاة بالسكر والمغرقة بالسمن ... حتى تضخم بشكل مؤذي جدا وهو ما تسبب في أضعاف عضلة القلب.

وهنا تنهد ابو زيد طويلا ووجدته يسأل نفسه يا رجل لا اعرف اين كان عقلي؟

خرجنا من غرفة الساونا وقد علق ذلك السؤال ( اين كان عقلي؟ ) في ذهني وقلت في نفسي وهل يا ترى يحتاج الانسان الى تجربة الاقتراب من الموت حتى يكون قادر على اتخاذ القرار السليم حتى في الصحة والعافية.

لماذا لم يتدارك ابو زيد نفسه قبل ان تتازم معه الامور الى ذلك الحد ؟ لماذا لم يدرك ابو زيد بان ما كان يلتهمه من طعام سيؤدي به الى القبر حتما ؟ لماذا لم يمارس الرياضة ويحافظ على لياقة بدنية وصحة قلبية حتى جاءت تجربة الاقتراب من الموت ؟

فاين تكون عقولنا ونحن ناكل ؟ او نحن كسالى لا نكاد نتحرك من أماكننا حتى تتراكم الدهون ونصبح على شفى شبر من الموت فنهب مسرعين علنا نستدرك الامور.

اين تكون عقولنا حقا ؟




*

ايوب صابر 08-28-2017 02:43 PM

مرحبا استاذ ياسر
تقول " المآسي والإبداع هناك علاقة بين الإبداع والمآسي التي يتعرض لها الفرد. لكن هل الإبداع بالمجمل ناتج عن مأساة هذا غير سليم "ز
- الصحيح ان العلاقة بين الماسي والابداع ليست الموضوع هنا ولكن الموضوع هو اثر الماسي على الدماغ وبالتالي على اتخاذ القرارات العقلية. يجمع علماء النفس ان المأسي خاصة تلك التي تحدث في الطفولة يكون لها عظيم الاثر على حياة الانسان اللاحقة. والبعض يعتبر فترة الطفولة صندوق اسود ولو راجعت الانتاج الادبي للكتاب لوجدت ان معظم الكتاب ينهل من هذه الفترة تحديدا حتى لو سافر الى بلد اخر بعيد ومختلف في تضاريسه مثل ابراهيم الكوني الذي يسكن جبال الالب لكن الصحراء تطل براسها في كل ما يكتب. المشكلة ان هذه المأسي يكون لها بالغ الاثر على الانسان واحيانا يكون الاثر ايجابي واحيانا اخرى سلبي. المهم انه لا فكاك للانسان من التأثر في ما يحتويه صندوقه الاسود. وحتما القرارات العقلية له تتأثر بذلك الرصيد.


ياسر علي 08-30-2017 05:05 PM

لماذا الطفولة، لها وقع أكبر.

الطفولة هي مرحلة تكون الجهاز النفسي للإنسان، وهي الفترة ذاتها التي يتشكل فيها عقله و وعيه بذاته والآخر. لذلك فكل خطر تعرض له الفرد في طفولته يكون له الأثر على توازنه النفسي.
في الطفولة توضع الأساسات لتوازن الشخصية، فإن كان الطفل بيولوجيا في حالة نمو، فجهازه النفسي كذالك يكون قيد التشكل والنمو، في حالة تعرض الطفل لخطر بيولوجي تكون الاستجابة بيولوجية، أي تدخل نظام الضبط الذاتي الذي تحمله الجينات لصيانة الجسد من مخلفات الخطر، وكذلك الجهاز النفسي يحاول استعادة التوازن من خلال تقليل أضرار الخوف، وهنا تختلف النتائج هناك من له بنية جسدية تحتوي تصدعها بسهولة وتكون استجابتها فورية، وهناك متوسطة أوضعيفةالاستجابة، لذلك قد يحدث بطء في النمو أو ضعف البنية أو تشوه، وهناك أطفال تتوفرلهم الرعاية والعنية وهناك غيرهم ......
هكذا الاستجابة النفسية إن تمت السيطرة على حجم الخوف و استعادة الهدوء والأمان كان نمو وتشكل الجهاز النفسي سلسا جدّا أما إن لم يستطع الطفل العودة إلى حالته الهادئة أي توازنه السابق فهو يحمل مركب خوف في نفسيته، وتكون له انعكاسات على سلوكه وتفاعله.
وقصة الوعي هنا مرتبطة بالاستجابتين البيولوجية والنفسية.
فالوعي بالأشياء يحدث انطلاقا من توازن معين، فمثلا عندما يقف طفل أمام تمثال، أو رجل مقنع، يختلف وعيه به، هناك من يرى فيه مجالا جماليا يثير فيه النشاط الموجب، وهناك من يجد فيه مخاوفه.

أنا معك في تحليلك، وأن للطفولة دورا هاما في حياتنا ولولا ذلك ما كانت مرحلة تعليمية وتربوية لمحاولة صياغة الفرد صياغة ملائمة للمجتمع و متماشية معه ومع متطلباته. ولا يستطيع الإنسان مهما بلغت درجة انسلاخه أن يتنكر لماضيه وشخصيته ولو بشكل لا شعوري.

إذا كان الطفل يستوعب الأعداد و اللغة وهو في سنته الثالثة فهذا يعني أن جزءا غير يسير من قدراته العقلية قد تكونت، وتشكلت. وبما أن عقله أصبح جاهزا للتفكير فاي مأساة يتعرض لها سيكون لها أثر على نمط التفكير و أسلوبه، وجاهزيته.

ايوب صابر 08-31-2017 08:19 PM

مرحباً استاذ ياسر

المهم انه حينما نحصي الاسباب التي تؤثر على الدماغ سواء كانت بيولوجية او نفسية او غريزية او بيئية او برمجة عقلية او غياب المعرفة نجد انها لا تكاد تعد ولا تحصى ولذلك اميل للاتفاق مع الأستاذة جليلة ماجد في قول "ربما لا عقل لنا" لأننا تحت تأثير ذلك الكم الهائل من المؤثرات نكون اسرى وهو ما يجعل قراراتنا العقلية لا عقلية او على الاقل أسيرة موجهة ومبرمجة.
بعضها تتحكم فيه غرائزنا وهي قوية الى حد انها في الغالب تهزمنا مثل لذة الاكل مما يجعلنا نتضخم. صديق يعمل في المجال الطبي يقول بان المعدة بحجم ثمامة انش مكعب لكن لديها القابلية لتصبح بحجم ثمانون انشأ وهذا ما يحصل في غفلة منا. وهو نفسه الذي حصل مع ابو زيد فصار على حافة الموت.
وهذه هي من الغفلة البيولوجية فما بالك بالغفلة الفكرية. انظر حولك تجد كم عجيب من المدارس الفكرية والطرق والمذاهب والنظم الفكرية وكل اصحاب فكر يظنون انهم هم وحدهم على الحق ولا يدركون اثر البرمجة الذهنية .
- السؤال في ضوء ما قيل كم تقدر نسبة الصح في قراراتنا ؟ وهل يكمن اعتبارها قرارات عقلية ؟ وما هي الطريقة للتخلص قد الإمكان من عناصر التأثير ؟ اي كيف نكون اكثر عقلانية ؟ وهل الوعي بمعنى اتساع المعرفة كفيلة بتخفيف تأثير كل العناصر المذكورة ؟ ام ان الانسان محكوم بقصور عقله ؟


*

ياسر علي 09-01-2017 03:50 AM

يرى البعض أنّ فرويد وماركس أو إن شئت الدّقّة "فيورباخ" و داروين هم الذين سدّدوا ضربات قوية للعقلانية الأوروبية، و معهم بالطبع تيار الرومنسية روسو و شوبنهاور و نيتشه. هكذا تزعزعت العقلنة وجاءت النسبية و فزياء الكم لتضرب بقوة ماتبقى من الحتمية حتى اللاعقلية منها، كحتمية داروين و ماركس و فرويد.

يرى فرويد أن الغرائز هي صاحبة القرار و أن العقل مجرد منظم لها.
يرى فيورباخ أن الوضع الاجتماعي هو المحدد للسلوك والشخصية وليس العقل كبناء فوقي.
يرى داروين أن الانتخاب الطبيعي هو المتحكم.
يرى روسو أنّ الحرية هي الأساس
يرى شوبنهاور أن إرادة عمياء هي ما يقود السلوك الإنساني.
يرى نيتشه على هدى الدروينية أنّ الناس وظيفتهم لا تتجاوز خدمة مشروع السوبر مان.

كانت حتمية نيوطن، التي أسس عليها كانط العقلانية الحديثة في فلسفته المتعالية التي لا تزال تشتغل إلى اليوم عند بعض اللغويين كتشومسكي وحتى عند تيار علم النفس المعرفي و مدرسة الجشطالت في علم النّفس. عكس السلوكية التي اعتمدت المدرسة الأنجليزية بمؤسّسيها لوك وهيوم و آخر أقطابها راسل.

السلوكيون عامة يمكن اعتبارهم يؤمنون بالبرمجة المحضة فواتسون يقول أعطيني الظروف المناسبة أشكل لك أي نسخة بشرية تريدها من عالم إلى نشال. فهذه المدرسة بالأساس تعتمد المثير الخارجي هو الأساس لصدور الاستجابة. أي لا تتحدث عن عقل قبلي ولا عقلانية قبلية. فالعقل مجرد آلة منظمة للإدراكات الحسية ....

للإشارة فراسل يعتبر كانط رغم عقلانيته مجرد إنسان متأثر بالرومنسية " الذاتية"وهذا فيه بعض حقيقة فكانط كان يتتبع خطوات روسو الذي عاصر بدوره هيوم و يعترف كانط بدور الرجلين في مشروعه التوفيقي بين الحسين والعقلانيين.

الرومنسية للإشارة هي تيار يؤمن بمركزية الإنسان و ينشد الحرية.

سؤالك كبير جدّا، ما مقدار صدق العقلانية في السلوك البشري.

حينما نطرح سؤالا فلسفيا يجب أن تكون الإجابة فلسفية " يعني تعرف الصدق وبعده العقل كملكة حكم" وحين نعتبره سؤالا عاديا يمكن القول أن الإنسان دائما يوظف عقله في الحالات العادية كما أشرت سابقا، فتوظيف العقل دائم، لكن ما مقدار حصول العقل على الموقف "الصحيح" هنا تدخل المؤثرات الخارجية، سواء تعلق الأمر بالميول أو المنفعة أو الأخلاق أو المعرفة .....

تحية

ايوب صابر 09-07-2017 04:16 PM

مرحباً استاذ ياسر

شكرا على الإفادة . واضح ان عقل الانسان رهينة لكل ما قيل ضمن هذه المداخلة الاخيرة ، وصحيح انه لا يمكن معرفة مقدار حصول العقل على الموقف "الصحيح" لعدم القدرة على رصد اثر المؤثرات الخارجية، سواء تعلق الأمر بالميول أو المنفعة أو الأخلاق أو المعرفة ...كما تقول وانا أؤيد ذلك. لكن أظن ان البشرية قد وصلت الى مرحلة اصبح لديها برامج وادوات قادرة على ايقاع مزيد من التأثير على الدماغ من خلال فهم الشخصية الانسانية وفهم دور الغرائز في التأثير على قرارات الانسان مثلا في الإعلانات التجارية فالأغلبية العظمى اصبحت تقاد باتجاهات معينة بواسطة برمجته تعتمد على تحريك الغرائز والميول الجنسية ولو ان ذلك يمثل احدى وسائل جذب العقل واسر قراره بينما مثل تطور وسائل الاتصال وأعقدها خطرا اخر .
اذا يبدو انه كلما تقدمت المعرفة وفهم السلوك الانساني والشخصية الانسانية كلما تعقد المشهد لان هناك من يستغل هذه المعرفة ويستثمر ادواتها في برمجة العقول والسيطرة على خيارات الناس وقراراتهم.
قد يتعلم البعض من خلال التجربة كيف يبعد نفسه عن تأثير البرمجيات لكن الماكنات الدعائية أقوى من العقل الفردي وحتى العقل الجماعي ولذلك يمكن القول بان اسقلالية اتخاذ قرارات صحيحة اصبحت محصورة الى ابعد الحدود. فلم يعد العقل يعاني من قصور وانما غياب شبه تام .
*

ياسر علي 09-08-2017 01:15 AM

قد تكون آلة الدعاية تشتغل بشكل رهيب و البرمجة لا تتوقف، لكن هذا كله أيضا ناجم عن قدرات عقلية إنسانية في الأساس مستندة على رغبة في التفوق، وهنا العقل يشكل مجموعة من الأساليب و الطرق لتحقيق هذه الرغبة، فالعقل السياسي المستند على غريزة القيادة والسيطرة يستغل بشكل واضح العقل العلمي تحديدا و يوظف مخرجاته.
أنا شخصيا أثق في العقل الإنساني و قدرته على إيجاد الكثير من الحلول للكثير من الأزمات ومنها أزمة اليوم المتمثلة في فقدان الثقة في العقل تحديدا.
لا يوجد الكثير من الحلول أمام الإنسان إلا التوظيف الأمثل لقدراته العقلية، وهذا تحديدا ما خلص إليه الجابري عند دراسته للعقل العربي، عندما وجد أن بنيته المعرفية تتنازعها ثلاثة أسس العقل البياني المستند على اللغة العربية و آليات اشتغال اللغة العربية و العقل العربي القديم المؤسس على نظرية الجوهر و الذرية، مما يجعله يستقيل بأريحية و ينتج في الوقت ذاته " الشعر" لما يتيحه الشعر من التجويز و ساد هذا النمط المجازي حتى عند فقهاء اللغة و البيان عموما فتسمع على سبيل الذكر يجوز الوجهان في كثير من الموضوعات. وهي نفسها العقلية العربية التي لا تميل إلى التعمق وتحب المعالجة المظهرية " السطحية"
والأساس الثاني هو العرفانية التي سادت بشكل من الأشكال بعد العقل البياني، والمستندة أساسا على أن المعرفة تأتي بواسطة إشراق أو حلول و غيرها من الأشكال اللا تجربية أو إن شئت اللاعقلية، وكانت نظرية الفيض سواء عند الفرابي أو ابن سينا أحد أوجه هذا المزج بين الثقافة الهرمسية و البيان العربي وبعض من العقلانية اليونانية، ويمثل أفلوطين عصب هذه الفلسفة ويعتبر في الأخير أبو حامد الغزالي أكثر من أصل لهذه الثقافة عربيا.
في حين الأساس الثالث هو العقل البرهاني الذي وجد الكثير من الصعوبات ليندمج مع المنظومة الثقافية العربية، ويعد ابن رشد من وصل إلى حقيقته الفعلية لكن هذه النهضة المتأخرة لم يكتب لها النجاح، ولم توفق في إنجاز ما هو مطلوب أي المرور إلى مرحلة العقلانية. بل انتشر التصوف بشكل رهيب في البنية العقلية العربية، أكثر حتى من البيان نفسه.

وشكرا

ايوب صابر 10-09-2017 01:56 PM

مرحبا استاذ ياسر

اقتباس " أنا شخصيا أثق في العقل الإنساني و قدرته على إيجاد الكثير من الحلول للكثير من الأزمات ومنها أزمة اليوم المتمثلة في فقدان الثقة في العقل تحديدا.
لا يوجد الكثير من الحلول أمام الإنسان إلا التوظيف الأمثل لقدراته العقلية، وهذا تحديدا ما خلص إليه الجابري عند دراسته للعقل العربي، عندما وجد أن بنيته المعرفية تتنازعها ثلاثة أسس العقل البياني المستند على اللغة العربية و آليات اشتغال اللغة العربية و العقل العربي القديم المؤسس على نظرية الجوهر و الذرية، مما يجعله يستقيل بأريحية و ينتج في الوقت ذاته " الشعر" لما يتيحه الشعر من التجويز و ساد هذا النمط المجازي حتى عند فقهاء اللغة و البيان عموما فتسمع على سبيل الذكر يجوز الوجهان في كثير من الموضوعات. وهي نفسها العقلية العربية التي لا تميل إلى التعمق وتحب المعالجة المظهرية " السطحية"

والأساس الثاني هو العرفانية التي سادت بشكل من الأشكال بعد العقل البياني، والمستندة أساسا على أن المعرفة تأتي بواسطة إشراق أو حلول و غيرها من الأشكال اللا تجربية أو إن شئت اللاعقلية، وكانت نظرية الفيض سواء عند الفرابي أو ابن سينا أحد أوجه هذا المزج بين الثقافة الهرمسية و البيان العربي وبعض من العقلانية اليونانية، ويمثل أفلوطين عصب هذه الفلسفة ويعتبر في الأخير أبو حامد الغزالي أكثر من أصل لهذه الثقافة عربيا.

في حين الأساس الثالث هو العقل البرهاني الذي وجد الكثير من الصعوبات ليندمج مع المنظومة الثقافية العربية، ويعد ابن رشد من وصل إلى حقيقته الفعلية لكن هذه النهضة المتأخرة لم يكتب لها النجاح، ولم توفق في إنجاز ما هو مطلوب أي المرور إلى مرحلة العقلانية. بل انتشر التصوف بشكل رهيب في البنية العقلية العربية، أكثر حتى من البيان نفسه."

استاذ ياسر

لا اعرف مدى دقة هذه التصنيفات التي اوردتها وهل كان لدى الجابري او غيره ممن اجتهدوا لتنميط العقل العربي وتصنيفة ضمن هذه الاطر. لكني حتما اؤيد بقوة صحة ذلك الضرر التي اوقعته العقلية العرفانية والتي هاجمت العقل وقدمت عليه النقل ممثلة بالامام الغزالي.

ارى بأن الامام الغزالي بفكره الصوفي او تلك الاسس التي ادت الى ظهور التصوف وانتشاره كما تقول هي وللاسف تكرار لسيطرة العقلية اللاهوتية التي جعلت الكنيسة تسيطر على الامور بعد الميلاد بثلاث مائة عام تقريبا والتي حاربت الكنسية اثناهئا العقل فغرقت العالم بما اصطلح عليه ظلام العصور الوسطى، ولو قدر للتيار الذي قاده ابن رشد في الاستمرار واخذ دوره في المجتمع الاسلامي ولم يحارب لظلت شعلة النهضة بيد الامة العربية والاسلامية.

ولكن تاريخنا يقول ان الاسلام العقلاني الذي يرفع من شأن العقل انتهى بسيطرة المتصوفة مع مطلع القرن الحادي عشر ميلادي ونحن منذ ذلك الحين نراوح مكاننا ان لم نكن مستمرين في الانحدار نحو مزيد من الظلام.

لا بد من العقلانية حتى نهزم الظلام وننهض ولو ان مبطلات العقل اصبحت عديدة وقوية لكن كما تقول "لا يوجد الكثير من الحلول أمام الإنسان إلا التوظيف الأمثل لقدراته العقلية"...ولا بد ان يجعلنا هذا التوظيف نسأل باستمرار اين كان عقلي ؟ لعلنا نتمكن من الاستفادة القصوى من العقل والعقلانية.




ايوب صابر 11-03-2017 08:45 AM

ابو صالح والسجائر

عرفت ابو صالح منذ سنوات. قابلته اول مرة في احد الأعراس في الكويت في ثمانينيات القرن الماضي رغم انه ابن قريتي لانه كان قد سافر للعمل في الكويت منذ ستينيات القرن الماضي وكنت حينها ما ازال طفلا صغيرا.
وجدته منذ لقائي الاول مولع بالتدخين لا يكاد يطفيء سيجارة حتى يشعل اخرى. واحيانا يشعل الجديدة من عقب التي انقضت. واحيانا يجمع بين الاختين . واحدة بين اصابعه والاخرى على طرف المكتة امام ناظريه. اظنه كان يتجاوز حرق محتويات اربع علب سجاير كل اربعة وعشرين ساعة فقط، وحتما لم يكن يعي انه كان يحرق نفسه.

تكررت لقاءاتي معه في المناسبات، وما لبثت حتى بدات محاولة إقناعه بترك التدخين. بذلت في ذلك جهدا مهولا. لم اترك وسيله ولا حيلة ولا اسلوب ولا طريقة ولا معلومة الا وحاولت تسخيرها لإقناعه بترك التدخين.

حاولت اللعب على وتر التخويف والحقائق العلمية . اخبرته ان كل سيجاره تحتوي 518 نوع سموم أخطرها القطران والنيكوتين. قرات له بصوت عالي منبها ومحذرا ما دون على علب سجائره التي يلتهمها وكانها اصابع من الشوكلاته الفاخره .

وحاولت تصوير كيف سيكون عليه حاله بعد سنوات . كررت تحذيره واللعب على وتر الخوف. اخبرته بان المدخن انسان يتحكم في عقله النيكوتين، فهو عبد. لكن كما يقال " لا حياة لمن تنادي".

كان مدمنا على حرق نفسه وتعطل بفعل ذلك تفكيره المنطقي. وكان يزين لنفسه عملية الانتحار البطيء تلك.

طور مثل كل المدخنين فلسفة تبريرية لكي يقنع نفسه ومحاوره بايجابيات وهمية للتدخين. كان عبدا لسيده السيجارة. وكان يظن خطا انه هو السيد في معركته مع النيكوتين.

هزمني في معركتي لإقناعه في هجر التدخين وهجرته لسنوات لانشغالي بأعمالي واختلاف طباعنا ومشاربنا واعمارنا ولم نلتق الا قليلا في المناسبات.

الى ان وصلني ذات يوم خبر انه يرقد في المستشفى الاميري على الدائري الرابع. زرته هناك مطمئنا على حالته. فوجدته مكسور الخاطر ، مسلوب الإرادة ، مريضا، مهزوما، مستلقيا على سريره لا يكاد يتحرك. ولم يكن ذلك أسوأ ما فيه!؟!؟

سالته عن حاله فأخبرني انهم حفروا في اماكن عدة من جسده لازالة الجلطات من شراينه التي تشكلت بفعل التدخين الذي استمر يحرقه وينتخر به زهاء أربعون عاما....

سالته ان كان سيتوقف عن التدخين اذا ؟؟؟!!! فأكد وجزم ووعد واقسم انه لن يعود للتدخين مرة اخرى أبدا ابد ... قالها بمرارة وحسرة والم وندم ، وكأن لسان حاله يقول : اين كان عقلي؟؟؟!!!



*

ايوب صابر 11-11-2017 03:38 PM

سلام وصدمة الرسوب

سلام صبية جميلة أمضت طفولتها ودراستها في بيئة محافظة تقدر التعليم وتعلي من شانه. وكانت سلام فتاة مجتهدة في سنوات المدرسة، لا تكاد تفارق الكتاب ، حريصة على النجاح ونيل علامات مرتفعة في الامتحانات ، وقد لاقت من أسرتها كل الدعم والمساندة. وما ان وصلت الى الصف التوجيهي حتى ضاعفت جهدها وعينيها على الجامعة والدراسة الجامعية وقد أنهت التوجيهي بنجاح وتفوق.

عاشت حياتها قبل الجامعة مثل قطة عمياء. لا تكاد تلتفت لشئ سوى لدراستها. حتى انها لم تحصل على جهاز جوال الا بعد ان أنهت دراستها المدرسية.

ظلت بعيدة عن وسائل الاتصال الجماهيري وعن كل امر يمكن ان يشوش على أفكارها ويوثر سلبا على علاماتها، وساهم الاسلوب التربوي المحافظ المتبع في مدرستها الخاصة في ابقاءها في الظل. فظلت غضة ساذجة منقطعة عن التفاعل مع اي بيئة خارج اطار الاسرة والمدرسة.

تلقت في سنتها الاخيرة في المدرسة إرشادات حول الحياة الجامعية، وكيف يجدر بالفتاة ان تتصرف في بيئة منفتحة ومختلطة، من خلال مجموعة نشاطات أقامتها المدرسة لهذا الغرض من بينها مسرحية هادفة ، دعيت اليها حتى بعد ان اعلنت نتائج التوجيهي وتبين انها واحدة من الناجحات في ذلك العام.

ولكونها حصلت على معدل عالي سارعت للتسجيل في الجامعة. والتحقت بعد مخاض عسير حول مجال التخصص في كلية إدارة الاعمال.

بدات سلام عامها الجامعي الاول بفرح عارم، على الرغم انها كانت في ايامها الاولى تشعر بغربة في ظل هذه الأجواء المختلفة عما الفته في المدرسة والبيت. كانت تذهب مباشرة الى المحاضرة الاولى وما تكاد تنهي سلسلة محاضراتها حتى تغادر ارض الجامعه. ظلت علاقتها محصورة بصديقتها الوحيدة سميرة زميلتها في المدرسة ذات النهج المحافظ. ولم تكد تتعرف على صديقات اخريات جدد، ناهيك عن الالتزام بالابتعاد عن الزملاء من الجنس الاخر بشكل شبه مطلق.

لكن هذا الحال لم يطل كثيرا. حيث بدات تزور الكفتيريا بإلحاح من صديقتها سميرة . وهناك صارت تمضي وقتا طويلا وهي تتبادل اطراف الحديث مع شلة من البنات أخذت تتسع شيئا فشئيا تجمعهم الطاولة رقم خمسة في زاوية الكفتيريا الخلفية.

ولم يطل الوقت حتى جربت سلام السجائر وغرقت حتى أذنيها في اللهو واللعب والاجواء الشبابية الحانعية ، وكادت تنسى تماماً متطلباتها الدراسية . كانت تتعمق في الانخراط في الحياة الجامعية وتبتعد اكثر فاكثر عن الكتب. مرت الايام سريعه وهي تكاد تكون في غيبوبة. انقطعت عن متابعة المراجعة اليومية. تراكمت المواد عليها وهي لا تدرك ان ساعة الزمن تدور بسرعة فائقة. جاءت نتيجة الفصل الاول مخيبة للامال وحصلت على انذار لتقصيرها. كان ذلك جرس إنذار صم أوذنيها، لكنها لم تصح من غفلتها. واستمر بها الحال على ما اصبحت عليه في الفصل الثاني. ومع نهاية الفصل قررت الجامعه فصلها نهائيا من الدراسة لتقصيرها.

لم تصدق سلام ما حل بها. أخذت تقلب كتاب الفصل الذي أستلمته من عمادة الكلية. وفجأة دار شريط سنتها الجامعية في ذهنها. تذكرت كم من الوقت أمضت وهي تلهو وتلعب. تذكرت حياة اللهو في الجامعة التي اختطفتها من الكتب. كانت صدمتها مزلزلة لما حل بها.
وضعت راسها بين يديها وشريط ما سبق من حياتها ماثل امام ناظريها وسالت نفسها اين كان عقلي؟
*


الساعة الآن 02:56 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team