<< أستاذ أيوب >> آخر يتيم مبدع غازي القصيبي >>
غازي عبد الرحمن القصيبي الميلاد 2 مارس 1940 الهفوف، السعودية الوفاة 15 أغسطس 2010 (العمر: 70 عاماً) الرياض، السعودية ... الجنسية سعودي تعليمه..... قضى في الأحساء سنوات عمره الأولى، ثم انتقل بعدها إلى المنامة بالبحرين ليدرس فيها مراحل التعليم. نال ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة ثم تحصل على درجة الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة جنوب كاليفورنيا التي لم يكن يريد الدراسة بها, بل كان يريد دراسة "القانون الدولي" في جامعة أخرى من جامعات أمريكا, وبالفعل, حصل على عدد من القبولات في جامعات عدة, ولكن لمرض أخيه نبيل, اضطر إلى الانقال إلى جواره والدراسة في جنوب كاليفورنيا, وبالتحديد في لوس أنجلوس, ولم يجد التخصص المطلوب فيها, فاضطر إلى دراسة "العلاقات الدولية" أما الدكتوراة ففي العلاقات الدولية من جامعة لندن والتي كانت رسالتها فيها حول اليمن كما أوضح ذلك في كتابه الشهير "حياةٌ في الإدارة". لمناصب التي تولاها • أستاذ مساعد في كلية التجارة بجامعة الملك سعود في الرياض 1965 / 1385هـ • عمل مستشار قانوني في مكاتب استشارية وفي وزارة الدفاع والطيران ووزارة المالية ومعهد الإدارة العامة. • عميد كلية العلوم الإدارية بجامعة الملك سعود 1971 / 1391هـ. • مدير المؤسسة العامة للسكك الحديدية 1973 / 1393 هـ. • وزير الصناعة والكهرباء 1976 / 1396 هـ. • وزير الصحة 1982 / 1402هـ • سفير السعودية لدى البحرين 1984 / 1404 هـ. • سفير السعودية لدى بريطانيا 1992 / 1412هـ. • وزير المياه والكهرباء 2003 / 1423هـ. • وزير العمل 2005 / 1425 هـ. • • • أدبه ومؤلفاته القصيبي شاعر له إنتاجات في فن الرواية والقصة، مثل شقة الحرية ودنسكو وأبو شلاخ البرمائي والعصفورية و"سبعة" وسعادة السفير و"لجنيّة. أما في الشعر فلديه دواوين "معركة بلا راية" و"أشعار من جزائر اللؤلؤ" و"للشهداء" و"حديقة الغروب". وله إسهامات صحافية متنوعة أشهرها سلسلة مقالات في عين العاصفة التي نُشرَت في جريدة الشرق الأوسط إبان حرب الخليج الثانية كما أن له مؤلفات أخرى في التنمية والسياسة وغيرها منها التنمية، الأسئلة الكبرى وعن هذا وذاك وباي باي لندن ومقالات أخرى الأسطورة ديانا و100 من أقوالي غير المأثورة وثورة في السنة النبوية وحتى لا تكون فتنة. ذكره معلمه والأديب الراحل عبد الله بن محمد الطائي ضمن الشعراء المجددين في كتابة (دراسات عن الخليج العربي) قائلا: "أخط اسم غازي القصيبي، وأشعر أن قلبي يقول ها أنت أمام مدخل مدينة المجددين، وأطلقت عليه عندما أصدر ديوانه أشعاء من جزائر الؤلؤ الدم الجديد، وكان فعلا دما جديدا سمعناه يهتف بالشعر في الستينيات، ولم يقف، بل سار مصعدا، يجدد في أسلوب شعره، وألفاظه ومواضيعه". يعد كتاب حياة في الإدارة أشهر ما نشر له، وتناول سيرته الوظيفية وتجربته الإدارية حتى تعيينه سفيراً في لندن. وقد وصل عدد مؤلفاته إلى أكثر من ستين مؤلفاً. له أشعار لطيفة ومتنوعة ورواية سلمى ترجم كتاب للمؤلف ايريك هوفر باسم المؤمن الصادق. سيرته الكاملة [2] في بيئة "مشبعة بالكآبة"، كما يصفها محور هذه السيرة، كانت ولادته، التي وافقت اليوم الثاني من شهر مارس عام 1940، ذلك الجو الكئيب كانت له مسبباته، فبعد تسعة أشهر من ولادة (غازي) توفيت والدته، وقبل ولادته بقليل كان جده لوالدته قد توفي أيضا، وإلى جانب هذا كله كان بلا أقران أو أطفال بعمره يؤنسونه. في ذلك الجو، يقول غازي، "ترعرعت متأرجحا بين قطبين أولهما أبي وكان يتسم بالشدة والصرامة (كان الخروج إلى الشارع محرّما على سبيل المثال)، وثانيهما جدتي لأمي، وكانت تتصف بالحنان المفرط والشفقة المتناهية على (الصغير اليتيم)". ولكن، لم يكن لوجود هذين المعسكرين، في حياة غازي الطفل، تأثير سلبي كما قد يُتوقع، بل خرج من ذلك المأزق بمبدأ إداري يجزم بأن "السلطة بلا حزم، تؤدي إلى تسيب خطر، وأن الحزم، بلا رحمة، يؤدي إلى طغيان أشد خطورة", هذا المبدأ، الذي عايشه غازي الطفل، طبقه غازي المدير وغازي الوزير وغازي السفير أيضا، فكان على ما يبدو، سببا في نجاحاته المتواصلة في المجال الإداري. إلا أننا لا ندري بالضبط، ماذا كان أثر تلك النشأة لدى غازي الأديب. على أي حال، لم يستمر جو الكآبة ذاك، ولم تستبد به العزلة طويلاً، بل ساعدته المدرسة على أن يتحرر من تلك الصبغة التي نشأ بها، ليجد نفسه مع الدراسة، بين أصدقاء متعددون ووسط صحبة جميلة. في المنامة, كانت بداية مشواره الدراسي، حتى أنهى الثانوية، ثم حزم حقائبه نحو مصر، وإلى القاهرة بالتحديد، وفي جامعتها انتظم في كلية الحقوق، وبعد أن أنهى فترة الدراسة هناك، والتي يصفها بأنها "غنية بلا حدود" - ويبدو أنها كذلك بالفعل إذ (يُقال) أن رواية "شقة الحرية" التي كتبها، والتي كانت هي الأخرى غنية بلا حدود، تحكي التجربة الواقعية لغازي أثناء دراسته في القاهرة -. بعد ذلك، عاد إلى السعودية يحمل معه شهادة البكالوريوس في القانون، وكان في تخطيطه أن يواصل دراسته في الخارج، وأصرّ على ذلك رغم العروض الوظيفية الحكومية التي وصلته، وكان أهمّها عرضا يكون بموجبه مديرا عاما للإدارة القانونية في وزارة البترول والثروة المعدنية والتي كان يحمل حقيبتها آنذاك عبد الله الطريقي، إلا أنه رفضه مقدما طموح مواصلة الدراسة على ما سواه. وكان أباه حينها قد عرض عليه الدخول في التجارة، معه ومع إخوته، إلا أنه اعتذر من أبيه عن ذلك أيضا، فما كان من الأب "شديد الاحترام لاستقلال أولاده" كما يصفه ابنه، إلا أن يقدّر هذه الرغبة، بل ويساعده عبر وساطاته بتدبير أمر ابتعاثه الحكومي إلى الخارج، وهذا ما تم. وفي 1962، ونحو لوس أنجلوس في الولايات المتحدة الأميركية، كانت الوجهة هذه المرة، وفي جامعة جنوب كاليفورنيا العريقة، قضى ثلاث سنوات تتوّجت بحصوله على درجة الماجستير في العلاقات الدولية. وفي أميركا وأثناء دراسة الماجستير، جرّب غازي منصبا إداريا للمرة الأولى، وذلك بعد فوزه "بأغلبية ساحقة" في انتخابات جمعية الطلاب العرب في الجامعة، وبعد رئاسته لها بأشهر أصبحت الجمعية ذات نشاط خلاق، بعد أن كانت الفرقة سمتها نظرا للوضع الذي كان يعيشه العالم العربي آنذاك والذي يؤثر بالطبع على أحوال الطلاب العرب. "العودة إلى الوطن، والعمل استاذا جامعيا ثم إكمال الدراسة والحصول على الدكتوراه بعد فترة عملية"، كان قرار غازي من بين خيارات عدة، فعاد إلى الرياض عام 1964، وإلى جامعتها (جامعة الملك سعود حاليا) تقدّم آملا بالتدريس الجامعي في كلية التجارة (إدارة الاعمال حاليا)، ولكن السنة الدراسية كانت قد بدأت قبل وصوله، ما جعل أمله يتأجل قليلا حتى السنة التالية، وفي تلك الأثناء، قضى غازي ساعات عمله اليومية في مكتبة الكلية (بلا عمل رسمي)، وقبيل فترة الامتحانات الجامعية جاء الفرج، حاملا معه مكتباً متواضعاً ومهمة عملية، لم تكن سوى لصق صور الطلاب على استمارات الامتحان ! وقام حامل الماجستير في العلاقات الدولية بتلك المهمة عن طيب خاطر. وقبل بدء السنة التالية، طلب منه عميد الكلية أن يجهّز نفسه لتدريس مادتي مبادئ القانون ومبادئ الإدارة العامة، إلا أنه وقبيل بدء الدراسة فوجئ الأستاذ الجامعي الجديد بأنه عضو في لجنة السلام السعودية – اليمنية، التي نصت عليها اتفاقية جدة لإنهاء الحرب الأهلية في اليمن، وكان أن رشح اسمه كمستشار قانوني في الجانب السعودي من اللجنة، دون علمه، ليأتي أمر الملك فيصل باعتماد أسماء أعضاء اللجنة، فلم يكن هناك بدّ من الانصياع لهكذا عضوية. ومع أوائل العام 1966 كانت مهمة اللجنة قد انتهت ليعود المستشار القانوني السياسي إلى أروقة الجامعة، وكلف حينها بتدريس سبع مواد مختلفة. وفي 1967 غادر نحو لندن، ليحضّر الدكتوراه هناك، وكتب رسالته حول حرب اليمن، ثم عاد إلى الرياض في 1971، ولكنه قد أصبح (الدكتور) غازي، ليبدأ مشواره العملي، ويصل إلى مجلس الوزراء بعد أربع سنوات في التشكيل الوزاري الذي صدر عام 1975 م. الأستاذ الجامعي والوزير والسفير مع بداية العام 1971 عاد الدكتور غازي القصيبي للعمل في الجامعة بعد أن حصل على درجة الدكتوراه من لندن في المملكة المتحدة، وأدار بعد عودته بقليل مكتبا للاستشارات القانونية كان يعود لأحد أصدقاءه، ومن خلال هذه التجربة التي يعترف الدكتور غازي بأنه لم يوفق فيها تجاريا، يبدو أنه وفق بشأن آخر، وهو التعرف على طبيعة المجتمع السعودي بشكلٍ أقرب من خلال تعامله مع زبائن المكتب. في تلك الفترة أيضا كانت الفرصة قد سنحت للكتابة بشكل نصف شهري في جريدة الرياض، مع إعداد برنامج تلفزيوني أسبوعي يتابع المستجدات في العلاقات الدولية، وكان لظهوره الإعلامي دور في ترسيخ هذا الاسم في ذاكرة العامة. وفي تلك الأثناء كذلك شارك القصيبي مع مجموعة لجان حكومية كانت بحاجة لمستشارين قانونيين ومفاوضين مؤهلين، من ضمنها لجان في وزارة الدفاع والطيران ولجان في وزارة المالية والاقتصاد الوطني وغيرها. في تلك الحقبة من بداية المشوار العملي الحقيقي، كان لابد وأن يكون لبزوغ هذا الاسم ثمن، وكان كذلك بالفعل إذ انطلقت أقاويل حول "عاشق الأضواء" و"عاشق الظهور"، ويعلق الدكتور غازي على ذلك بالقول: "تعلمت في تلك الأيام ولم أنس قط، أنه إذا كان ثمن الفشل باهضا، فللنجاح بدوره ثمنه المرتفع... أعزو السبب – لظهور هذه الأقاويل- إلى نزعة فطرية في نفوس البشر، تنفر من الإنسان المختلف، الإنسان الذي لا يتصرف كما يتصرفون". وبعد أقل من عام، كان على الأستاذ الجامعي أن يتحول عميدا لكلية التجارة وهو المنصب الذي رفضه إلا بشرط هو ألا يستمر في المنصب أكثر من عامين غير قابلة للتجديد، فكانت الموافقة على شرطه هذا إلى جانب شروط أخرى رحب بها مدير الجامعة. وبدأت تنمو الإصلاحات في الكلية ونظامها وسياستها بشكلٍ مستمر وبنشاط لا يتوقف. حتى عاد أستاذا جامعيا بعد عامين. وفي 1973، كان القرار الهام، الانتقال من الحياة الأكاديمية إلى الخدمة العامة، في المؤسسة العامة للسكة الحديدية، وكان سبق أن عرض عليه الأمير نايف وزير الداخلية أن يعمل مديرا عاما للجوازات والجنسية، ولكنه رفض، أما إدارة مؤسسة السكة الحديدية "فأثارت شهية الإداري الذي ولد داخل الأكاديمي"، على حد وصف الدكتور غازي. و قبل أن يتضح له أنه بدأ شيئا فشيئا يتحول إلى "وزير تحت التمرين"، كان قد التقى مرات عدة مع الأمير فهد (آنذاك)، حتى أنه شرح له في إحدى المرات فلسفة المملكة التنموية، وكأن ذاك درس للطالب النجيب لينتقل نحو مجلس الوزراء، وهذا ما حدث بالفعل في عام 1975، ضمن التشكيل الوزاري الجديد، إذ عُيّن وزيرا لوزارة الصناعة والكهرباء، ويذكر المواطن من ذلك الجيل أن الكهرباء حينها دخلت كل منزل أو على الأقل غالبية المنازل في السعودية وخلال فترة وجيزة، كذلك كان من أهم إنجازات تلك الفترة نشوء شركة "سابك" عملاق البتروكيماويات السعودي. وكانت قد ظهرت آنذاك العلامة المميزة لـ غازي القصيبي: الزيارات المفاجئة. يعترف غازي الوزير، أنه لم يكن بوسعه تحقيق ما حققه لولا "الحظوة" التي نالها لدى القيادة السياسية للبلد، وهذه الحظوة لم تكن بالطبع لتأتي من فراغ، وتوطدت أكثر مع الأمير فهد، ولي العهد. وفي يوم من أواخر العام 1981، كان الأمير فهد قد قرر تعيين غازي وزيرا للصحة، وهو ما تم بعد تولي الملك فهد مقاليد الحكم عام 1982، ويقول الوزير الجديد، حينها، في هذا الشأن: "كانت ثقة الملك المطلقة، التي عبر عنها شخصيا وفي أكثر من وسيلة ومناسبة، هي سلاحي الأول والأخير في معارك وزارة الصحة"، وفي تلك الوزارة كانت التغيرات حثيثة ومتلاحقة، نحو الأفضل بالطبع، ظهر غازي في تلك التغيرات كإنسان أكثر من كونه وزير أو إداري، وربما كان لطبيعة العمل الإنساني في وزارة الصحة دور كبير في هذا. كان من الأمثلة على ذلك، إنشاء جمعية أصدقاء المرضى، إنشاء برنامج يقوم على إهداء والدي كل طفل يولد في مستشفيات الوزارة، صورة لوليدهم بعد ولادته مباشرة، مع قاموس للأسماء العربية ! هذا فضلا عن تعزيز عملية التبرع بالدم وبث ثقافتها وتحفيز المواطنين نحوها، كذلك ظهرت لمسات روحانية كتعليق آيات من القرآن داخل المستشفيات وتوزيع المصاحف على المرضى المنومين. ولكن الأكيد، أنه ومع كل تلك النجاحات التي ما زالت آثار نتائجها باقية حتى اليوم، لم تكن النهاية سعيدة ! إذ صدر أمر ملكي بإعفاء الوزير القصيبي من وزارة الصحة، وكان ذلك في أواسط عام 1984، يقول غازي عن الإعفاء أنه كان "دراما إنسانية معقدة"، وكانت قصيدة (سيف الدولة الحمداني) قد دقت الوتد الأخير (أو هي كل الأوتاد) في العلاقة الودية بين الوزير ورئيسه في مجلس الوزراء الملك فهد، فكان الإعفاء. وبعد شهر واحد فقط، صدر تعيينه سفيرا للملكة في دولة البحرين، بناءً على رغبته، وبقي كذلك لثماني سنوات، حتى صدر قرار تعيينه –بعد استشارته- سفيرا للمملكة في بريطانيا، وظل هناك طوال إحدى عشرة سنة، ليعود من السلك الدبلوماسي نحو الوزارة، وزيرا للمياه ثم المياه والكهرباء بعد أن دمجتا في وزارة واحدة، لينتقل مؤخرا نحو وزارة العمل، التي ما زالت ترضخ للمُصلح، وإن لم يتبق إلا قليل من درب الخروج من الأزمة. غازي الشاعر والروائي والكاتب.... كان لغازي ميول أدبية جادة، ترجمها عبر دواوين أشعار كثيرة، وروايات أكثر، وربما يعدّ بسببها أحد أشهر الأدباء في السعودية، ويظل رمزا وأنموذجا جيدا لدى الشباب منهم، وكالعادة، فالمبدعين لابد وأن تحاصرهم نظرات الشك، وتلقى إليهم تهم لها أول لكنها بلا آخر، لا سيما وأن متذوقي الأدب قلة، ومحبي حديث الوعاظ المتحمّسين غالبية، وابتدأت تلك المشاحنات من جانب الوعاظ مع إصداره لديوانه الشعري الثالث "معركة بلا راية" عام 1970، إذ ساروا في وفود وعلى مدى أسابيع عدة، نحو الملك فيصل لمطالبته بمنع الديوان من التداول، وتأديب الشاعر، فأحال الملك فيصل، الديوان، لمستشاريه ليطلعوا عليه ويأتوه بالنتيجة، فكان أن رأى المستشارون أنه ديوان شعر عادي لا يختلف عن اي ديوان شعر عربي آخر، إلا أن الضجة لم تتوقف حول الديوان واستمرت الوفود بالتقادم للملك فيصل، فما كان منه سوى أن شكل لجنة ضمت وزير العدل ووزير المعارف ووزير الحج والأوقاف، لدراسة الديوان أو محاكمته بالأصح، وانتهت اللجنة إلى أن ليس في الديوان ما يمس الدين أو الخلق، ولا تمر هذه الحادثة في ذهن القصيبي إلا ويتذكر موقف الملك عبد الله بن عبد العزيز من هذه القضية، إذ يقول غازي: "سمعت من أحد المقربين إليه أنه اتخذ خلال الأزمة موقفا نبيلا وحث الملك فيصل على عدم الاستجابة إلى مطالب الغاضبين المتشنجة". فيما بعد توالت الإصدارات بين دواوين الشعر والروايات والكتب الفكرية، ومن دواوينه الشعرية : صوت من الخليج، الأشج، اللون عن الأوراد، أشعار من جزائر اللؤلؤ، سحيم، وللشهداء. ومن رواياته شقة الحرية، العصفورية، سبعة، هما، سعادة السفير، دنسكو، سلمى، أبو شلاخ البرمائي، وآخر إصداراته في الرواية : الجنية. وفي المجال الفكري له من المؤلفات : التنمية، الأسئلة الكبرى، الغزو الثفافي، أمريكا والسعودية، ثورة في السنة النبوية، والكتاب الذي وثق فيه سيرته الإدارية والذي حقق مبيعات عالية :حياة في الإدارة. وأحدثت معظم مؤلفات الشاعر والروائي والمفكر غازي القصيبي ضجة كبرى حال طبعها، وكثير منها مُنع من التداول في السعودية لا سيما الروايات، ولا يزال فيها ما هو ممنوع حتى هذه اللحظة. وعلى المستوى الروائي يكاد يُجمع المهتمين بأن روايتي شقة الحرية والعصفورية، هما أهم وأفضل وأشهر ما كتب.. واخر ما صدر له ديوان { حكاية حب } و.. { رجل جاء وذهب } ورغم أن البعض يرى أدب غازي متطرفا نحو اليسار، إلا أن لآخرين رأيهم بأنه متطرفا لليمين، لا سيما في أدبياته الأخيرة، وخصوصا قصيدة الشهداء (نص قصيدة الشهداء)، التي مجّد فيها غازي للعمليات الانتحارية (في فلسطين) قبل نحو ثلاث سنوات، وأشاع بعضهم حينها أنها كانت سببا لتدهور علاقاته الدبلوماسية في بريطانيا، فكان أن نقل من السفارة عائدا إلى الوزارة، وذلك بعد نحو عام من نشر القصيدة. وهنا يستشهد القصيبي بقول الأديب السوري محمد الماغوط: "ما من موهبة تمر بدون عقاب" ويضيف عليها: "وما من موقف يمر بلا ثمن !". شعره كلماته الشعرية الأخيرة وهو على فراش المرض وجاء فيها أغالب الليل الحزين الطويل أغالب الداء المقيم الوبيل أغالب الألام مهما طغت بحسبي الله ونعم الوكيل فحسبي الله قبيل الشروق وحسبي الله بُعيد الأصيل وحسبي الله إذا رضنّي بصدره المشؤوم همي الثقيل وحسبي الله إذا أسبلت دموعها عين الفقير العليل يا رب أنت المرتجي سيدي أنر لخطوتي سواء السبيل قضيت عمري تائهاً ، ها أنا أعود إذ لم يبق إلا القليل الله يدري أنني مؤمن في عمق قلبي رهبة للجليل مهما طغى القبح يظل الهدى كالطود يختال بوجه جميل أنا الشريد اليوم يا سيدي فأغفر أيا رب لعبد ذليل ذرفت أمس دمعتي توبة ولم تزل على خدودي تسيل يا ليتني ما زلت طفلاً وفي عيني ما زال جمال النخيل أرتل القرآن يا ليتني ما زلت طفلاً .. في الإهاب النحيل على جبين الحب في مخدعي يؤزني في الليل صوت الخليل هديل بنتي مثل نور الضحى أسمع فيها هدهدات العويل تقول يا بابا تريث فلا أقول إلا سامحيني .. هديل ... حين تغيبين يبعثرني الشوق حين تغيبين فوق الجبال و تحت البحار و يرسلني في هبوب الرياح و في عاصفات الغبار و يزرعني في السحاب الثقال وراء المدار * * * وأواه لو تبصرين العذاب المكبل في نظراتي و في كلماتي وأواه لو تلمحين الخناجر ترضع من ضحكاتي * * * و أعجب كيف أخوض الجموع بدونك و أرقص فوق الحراب بدونك أمثل في مسرح الزيف ألف رواية و أهذي بألف حكاية و أرجع عند انسدال المساء فأحلم أني رميت شقائي بليل عيونك و نمت.. و نام الشقاء * * * إذا غبت لا شيء.. لا شيء.. لا شيء هذي الحياة بكل شذاها و ألحانها بكل صباها و ألوانها و أقزامها.. و الكبار الطغاه و ما دبجته أكف المنى و ما سطرته دموع الضنى كأن الحياة إذا غبتِ عكس الحياة ** ...... قـــل لــها قل لها .. إنه تأمَّل في دنياه / حـيـناً فـعاد يحضنُ دمعه .. راعـه أنَّ عــمـره يـتلاشى / مثل ما تُخمد الأعاصير شمعةْ وصباه يضيع منه .. كما ضاع / نداء.. تطوي المتاهات رجعه قل لها .. انّه يفيق على جرح / وتغـفـو سنينه فـوق لوعهْ سكب الدهر من أساه رحيقا / فـتحساه جُـرعة إِثْـر جُرعهْ قل لها .. انه يهيم .. وأخشى / ان تواريه رحلة دون رجعهْ لقاؤنا لقاؤنا ماكان قبل لحظتين فإنني رأيت هذه العيون من سنين رأيتها خلف الغيوم رأيتها بين النجوم من سنين أغنيه في ليل استوائي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ... فقولي إنه القمر! أو البحر الذي ما انفك بالأمواج.. والرغبات يستعر أو الرمل الذي تلمع في حبّاته الدرر لجوز الهند رائحة كما لا يعرف الثمر ... فقولي إنه الشجر! وفي الغابة موسيقى طبول تنتشي ألماً وعرس ملؤه الكدر .. فقولي إنه الوتر أيا لؤلؤتي السمراء! يا أجمل ما أفضى له سفر خطرتِ .. فماجت الأنداء.. والأهواء.. والأشذاء.. والصور وجئت أنا وفي أهدابي الضجر وفي أظفاري الضجر وفي روحي بركان ولكن ليس ينفجر فيا لؤلؤتي السمراء! ما أعجب ما يأتي به القدر أنا الأشياء تحتضر وأنت المولد النضر .. فقولي إنه القمر *** أأعتذر عن القلب الذي مات وحلّ محله حجر؟ عن الطهر الذي غاض فلم يلمح له أثر؟ وقولي: كيف أعتذر؟ وهل تدرين ما الكلمات؟.. زيف كاذب أشر به تتحجب الشهوات.. أو يستعبد البشر ... فقولي إنه القمر!. *** أتيتك ... صحبتي الأوهام .. والأسقام .. والآلام .. والخور ورائي من سنين العمر .. ما ناء به العمر .. قرون .. كل ثانية بها التاريخ يختصر وقدّامي صحارى الموت .. تنتظر فيا لؤلؤتي السمراء! كيف يطيب لي السمر؟ وكيف أقول أشعاراً عليها يرقص السحر؟ قصيدي خيره الصمت ... فقولي إنه القمر! *** أنا؟! لا تسألي عني بلادي حيث لا مطر شراعي الموعد الخطر وبحري الجمر والشرر وأيامي معاناة على الخلجان.، . والإنسان .. والأوزان .. تنتشر وحسبك .. هذه الأنغام .. والأنسام والأحلام.. لا تبقي ولا تذر .. فقولي إنه القمر *** غداً؟ لا تذكريه!... غداً تنادي زورقي الجزر ويذوي مهرجان الليل لا طيب ولا زهر ... فقولي إنه القمر! قطرة من مطر ......كقطرة من مطر ،، تحدري تحدري ..... .......استرسلي ناعمة ،، شهية كالخدر .... ......وأشعريني أنني ،، الطفل الذي لم يكبرِ...... ......يغفو على صدركِ ،، نومَ اللحن فوق المزهرِ....... ....وضمدي الجرح الذي ،، عدت به من سفري ....... .... كقطرة من مطرِ ،، تغلغلي في ضجري ....... .......في قلقي ، في حُرَقي ،، في كدري ، في سهري .... .....في قلبي الذي استحال ،، قطعة من حجر ......... ......تغلغلي ، تـغلـغـلي ،، وغسلي ، وطهري ....... ..........ردي اليٌ نفحة ،، من الشباب العطر.... وفاته توفي عن عمر يناهز السبعين عامًا في يوم الأحد 5 رمضان 1431 هـ الموافق 15 أغسطس 2010 الساعة العاشرة صباحًا في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض بعد معاناة طويلة مع مرض سرطان القولون ، رحمه الله وكان رحمه الله قد تردّت حالته الصحية خلال الأيام الماضية بعد أن تمّ نقله إلى المستشفى قبل شهر ونصف من مملكة البحرين التي ذهب إليها لقضاء فترة للنقاهة لم تتجاوز الشهرين من إجرائه لعملية جراحية بسبب إصابته بمرض سرطان المعدة في الولايات المتحدة الأميركية في شهر تشرين الثاني - نوفمبر من العام الماضي. القصيبي الذي يعتقد بأنّه أحد ضحايا الأخطاء الطبيّة القاتلة تعرّض لوعكة صحية أفقدته أكثر من 40 كغ من وزنه ادخل على أساسها إلى المستشفى التخصصي الذي أمر بنقله إلى أميركا حيث أجريت له العملية إلاّ أن الوعكة الأخيرة قبيل الشهر التي عاد بموجبها إلى المستشفى التخصصي وهو نقطة البداية لعلاجه لتكن هي آخر أيامه المعدودة ولتعلن وفاة الرمز السعودي الأكبر أدبيًّا وعمليًّا. وقد نعاه الأدباءوالمثقفون والمسؤولون ونعته الصحف العربية والعالمية وكتب عنه كثير من الأدباء والكتاب |
رحمه الله تعالى.. وجعل الجنّة مثواه..
أيّ كلامٍ يفي بقدره..؟! سارة.. شكرًا لك على هذه الصفحة المورقة بسيرته.. وإنجازاته الباذخة.. لك ودّي.. . . . خالدة.. |
مـُبدع بلا شك ّ
من الرموز السعوديـّة التي نفخر بها حتى بعد رحيله رحمه ُ الله وغفر له وأسكنه فسيح الجنان شكرًا لك ِ سارة على هذا الطرح ~ الفقيد يستحق ّ أكثر وأكثر منـــّا ~ // همســـة : بعد إذنك عدّلت في العنوان أساتذ إلى أستاذ :) |
رحمة الله عليه كان رجل يوزن بالذهب لما له حب الوطن
واقول حسبي الله ونعم الوكيل اللهم اغفر له وادخله فسيح جناته شكر لمن كتب لنا وعزائى لكل من قراءه |
الاخت سارة الودعاني كنت وفور سماعي خبر وفاته وما قال عنه الاعلام قد توقعت يتمه وقد بحثت عنه وكنت بصدد الحديث عنه تحت عنوان جديد "اعلام ايتام" ولكن سبقتني لوضع سيرته وادبه تحت المجهر هنا. دعونا نجعل هذه الزاوية لدراسة مسيرة وابداع الاستاذ المرحوم القصيبي ونحاول ان نتعرف تحديدا على : - عبقرية غازي القصيبي. - اثر الموت في حياة وادب غازي القصيبي. - اثر الموت في شخصية غازي القصيبي. - اثر الموت في صفات وسمات غازي القصيبي. - مقتطفات من ادب غازي القصيبي تشير الى اثر اليتم سواء كان الحديث واعي او غير واعي. - ما قاله غازي القصيبي بخصوص الابداع واليتم ان توفر. المهم ان نجعل هذه الصحفة سجل كامل وشامل ومرجعية لكل ادب وابداعات وانجازات هذا العلم اليتيم...العبقري بكل ما في الكلمة من معنى... |
غازي القصيبي الدكتور غازي عبد الرحمن القصيبي غني عن التعريف فهو - شاعر عربي أصيل، - بحريني الهوية سعودي الجنسية، - عربي البنية والتكوين، - يتجاوز بما أعطاه الله عليه من نظم الشعر وفكر ووجدان الحدود القطرية السياسية العربية ليحتضن بصدق وإخلاص كل زوايا الوطن العربي والإنسان العربي والقضايا العربية والإسلامية - إلى جانب القضايا الإنسانية بكل حبٍ وتفانٍ. الدكتور غازي من مواليد منطقة الإحساء بالمملكة العربية السعودية عام 1940، انتقل مع عائلته إلى البحرين في سن الخامسة حيث نما وترعرع وتلقى تعليمه الابتدائي والثانوي ثم حصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة ونال ماجستير العلاقات الدولية من جامعة جنوب كاليفورنيا أما شهادة الدكتوراه في العلاقات الدولية فقد كانت من جامعة لندن. تزوج الدكتور غازي القصيبي سنة 1968 ميلادية ورزق من زوجته أربعة أبناء: يارا، وفارس، ونجاد، أما كيف فكر في اسم إبنته البكر؟ عندما كانت فيروز تغني أغنية يارا لسعد عقل، وكان الشاعر صدفة ينتظر قدوم طفلته البكر بعد شوق استمر تسعة أشهر، أعجبه الاسم، فلما وُلِدت الطفلة وجدت الاسم في انتظارها معدا وجاهزا ومتفق عليه، والجدير بالذكر فقد كان وقتها في لندن يتابع التحضير لرسالة الدكتوراه وبالتحديد في شهر أكتوبر من عام 1970. علم أولاده أن يستقلوا بشخصياتهم حتى عنه بأسرع وقت ممكن، وتعلم منهم العناد ليبين إن العناد ليس محتوما على الصغار، كما عاملهم لين بلا ضعف وحب بلا دلع فهو يحب الأطفال حباً جما فكتب في يناير عام 1986( أنشودة الطفل ) الإبداعية إذ يريك فيها دهشة الأطفال البكر الأولى بالحياة الدراسية والالتزام بالمنهج والواجب والمقرر وقراءة الكتب المكدسة والامتحان المرعب، فها هي قصيدته: في كل يوم مدرسة .. ياللحياة التعســــة وواجبٌ مـــــــــعقدٌ.. وكتب مكدســــــة وامتـــحانٌ مُرعبٌ.. يهرسُنا كالمهرسـه وكان هناك حدثان مهمان في حياته أصبح لهما تأثيران كبيران في تكوينه الفكري والفني والروحي: فالحدث الأول: عاش الشاعر صباه المبكر في البحرين يتيم الأم وتربى في كنف والده الذي عرف بمكانته الاجتماعية الرفيعة رغم إن أباه لم يكن اكبر أشقائه الأربعة غير انه كان أشهرهم وأكثرهم صيتاً وقد كانت له أنشطة تجارية متعددة الجوانب. والحدث الثاني: هو فقدان والده الحنون وبعد أن توفي أبوه تولاه أخوه بالرعاية والاهتمام. http://forum.z7mh.com/t81957.html -لا شك ان غازي القصيبي علم من الاعلام الايتام الذين صنعهم يتمهم فهو ليس فقط يتيم الام بل يتيم الاب ايضا...فيتمه مكثف واثر يتمه الكثف هذا يظهر في كل زاويه من زوايا ابداعاته في المجالات المتعددة والواضحه للعيان. فما اثر هذان الحدثان في تكوين غازي القصيبي الفكري والفني والروحي؟؟؟؟؟ |
يرحم الله د. غازي القصيبي وأسكنه فسيح الجنان إن هذا الرجل - إن لم تخني ذاكرتي - أحتفظ له في أرشيفي لقاء مع إحدى المجلات السعودية وهو من أجمل ما قرأت له وفي اللحظة التي أجده سأنقل لكم اللقاء بالكامل إن شاء الله بارك الله فيك غاليتي سارة أن ألقيت الضوء على حياة هذا الشاعر اليتيم والتي تفسر الطاقة الابداعية للأيتام وهي رحلة بدأها الأخ أيوب صابر بارك الله فيكما تحية ... ناريمان |
على الرابط ادناه حشد من الاعلام الايتام المبدعين في مختلف المجالات اقوم على رصدهم لمزيد من الدراسة والتحليل وبهدف التوصل الى سمات وصفات معيارية للايتام مقرونة بسنة وقوع فجيعة اليتم. |
جريدة الجرائد / مقالات اليوم غازي القصيبي بين الحياة و«الحياة» الحياة اللندنية gmt 0:02:00 2010 الأربعاء 18 أغسطس زياد بن عبدالله الدريس (1) عنوان هذه المقالة وضعته الأسبوع الماضي ، حين استلمت نسخة من أحدث إصدارات غازي القصيبي : (الوزير المرافق)، من الصديق الكاتب يحي إمقاسم الذي عرض للكتاب الجديد عرضا ً موسعاً ومشوقا ً فوق التشويق القصيبي المعهود بالطبع (صحيفة الحياة 10/8/2010م). قرأت العرض صباحا ً واستلمت الكتاب مساء ً. كنا نتحدث، يحي وأنا، عن حالة غازي الصحية الحرجة التي دعته لدخول العناية الفائقة. قلت بما أن الوضع الصحي بلغ هذا الحرج فسأجعل مقالتي الأسبوع القادم فورا ً عن الكتاب، لعل غازي يسر بقراءة المقالة، وفي الحقيقة أني أنا الذي كنت أطمع أن أسر بقراءته لمقالتي هذه! ولأن الوضع الصحي أصبح حرجا ً لدرجة ظهور العبارة المخيفة: «غازي بين الحياة والموت»، فقد قررت أن أجعل العنوان هو (غازي بين الحياة والحياة)، الحياة الأولى هي التي يزاولها سائر الناس والحياة الثانية هي التي يختص بها أمثال غازي القصيبي من الكائنات الحية التي تستمر حية حتى بعد موتها. كما لا يخلو العنوان من إسقاط على اسم صحيفة الحياة التي كانت آخر المحتفين بأعمال غازي قبل موته. هذه هي حكاية المقالة وعنوانها، لكن القدر كان أقدر وخلال خمسة أيام بين ولادة هذه المقالة ووفاة ذلك الغازي، أن يحيلها إلى مقالة رثاء وتأبين . (2) عنصر الدهشة في كتاب (الوزير المرافق) ليس جَلَد القصيبي على الكتابة والتأليف حتى في أحلك الظروف، ولا أسلوبه السلس الذي ألفناه وعهدناه منه، ولا التقلبات المتمكنة والمحكمة له في مجالات الكتابة بين الرواية والسياسة والإدارة والسيرة والشعر، حتى إنه حيّر الناس وأربك الصحف فيما يمكن تسميته ووصفه به، فلم يجدوا أفضل من أن يصفوه بأنه: غازي القصيبي! الدهشة في هذا الكتاب الأخير، أو ما قبل الأخير بالأصح، هو هذه القدرة المتقنة عند القصيبي للكتابة في مواطن الغضب والتأزم والمسكوت عنه. ثم يخرج سالماً معافى. لطالما كُتب الكثير عن أزمة «ثنائية السياسي والكاتب»، وكيف يمكن للمثقف الكاتب حين يتحول إلى سياسي مسؤول أن يستمر في نهجه الكتابي دون أن يسبب حرجاً لمنصبه؟! لم يكن المخرج من تلك الإشكالية سوى تحوّل الكتّاب المسؤولين إلى الكتابة في المناطق الرمادية تلك التي لا تثير نقعاً ولا صليلاً! غازي القصيبي بمهارة مذهلة استطاع أن يقبض على المعادلة .. فيحتفظ بصورته المتفردة : كاتباً مثيرا ُ ومسؤولاً مرموقاً. في آن. للحق، لم تتجل هذه المهارة القصيبية في كتابه الأخير فقط ، بل قرأناها في كتبه (حياة في الإدارة)، (سعادة السفير)، (أمريكا والسعودية)، (أبو شلاخ البرمائي) وغيرها من كتبه الأخرى المثيرة للجدل . الجدل عند الناس، لكن ليس عند غازي المتوافق والمتصالح مع نفسه . في كتابه (الوزير المرافق) يتحدث عن جيمي كارتر وكأنه يتحدث عن زميله في الدراسة، أما انديرا غاندي فهي ابنة جيرانهم، والعقيد القذافي ولد حارتهم الشقي! يصف كارتر بأنه (كان حريصا على إرضاء الجميع مهما كانت مذاهبهم ومشاربهم ، وقد انتهى به الأمر بإغضاب الجميع من كل المذاهب والمشارب)، لا يقول غازي هذا الوصف عن كارتر دون أن يحمّله رسالة مبطنة من قناعات غازي نفسه. وعلى نفس المنوال يروي عن أنديرا غاندي قولها: (لقد كانت الرغبة في فرض التطور غلطة الشاه الأساسية، وكانت غلطة أتاتورك قبله. لقد تصوروا أن التغيير يمكن أن يتم بقرار حكومي. هذه نظرة خاطئة. الناس أنفسهم هم الذين يحددون سرعة التغيير ولا يمكن أن تفرض عليهم الدولة أن يتغيروا حسب هواها)، هذا دون شك هو رأي وقناعة غاندي الهند وغاندي السعودية أيضا! أما حديثه عن ومع العقيد المعقد فهو ما لا يمكنني الاقتباس منه لأنه كله اقتباس! رحم الله غازي القصيبي ، ما أبدعه وأمهره... وما أفقدنا فيه. |
غازي القصيبي يسرد باسلوبه الخاص حياته وسيرته الذاتية بقلم: دمعة امل الكويت ـ كونا: لم يكن ما قاله الدكتور غازي القصيبي في حفل تكريم وزير الاعلام الكويتي ووزير النفط بالوكالة الشيخ أحمد الفهد الصباح له كشخصية لمهرجان القرين الثقافي التاسع وقدم له درعا خاصة بهذه المناسبة شعرا فهو بعيد عن أوزان الشعر وقوافيه ولم يكن سردا لان عبق الشعر لف مستمعيه ما سمعناه هو خلاصة لمزيج من شعر وأدب القصيبي. هكذا هو الشاعر والاديب حين يطلب منه سرد سيرته وتجاربه فيعتبر الاديب الشاعر ووزير المياه السعودي الدكتور غازي القصيبي أن الحديث عن التجربة الشخصية مهما كان حرص المتكلم لابد أن ينزلق الى الغرور او ما يشابهه او التواضع الكاذب أو ما يقاربه. وأنا بطبعي لست مغرورا اذا كان معنى الغرور اى شعور بالاستعلاء على أي عبد من عباد الله وأنا بطبعي لست متواضعا اذا كان معنى التواضع أن أنكر مواهبي ارضاء لغير الموهوبين بهذه الكلمات لخص الشاعر القصيبي مسيرة حياته وهو يشعر بانه لا يستحق التكريم فانا ولدت فوجدت لدي موهبة من نوع خاص تعارف الناس على تسميتها شعرا فتبعت الموهبة دون أن أعرف الى أين ستقودني ووجدت لدي مواهب أخرى يزعم من يزعم أنها تشمل الرواية والادارة والدبلوماسية فانقدت لها دون أن أسأل كما سأل المتنبي أطويل طريقنا أم يطول. خلاصة قولي انني وجدت في أعماقي نازعا الى كتابة شعر فكتبت شعرا ولمست في روحي دافعا الى كتابة رواية فكتبت رواية وأنست في مكان ما بين القلب والعقل حافزا يسوقني الى الخدمة العامة فانسقت معه اعطاني الشعر عددا من المعجبين وأعطتني الرواية مزيدا من الشهرة وأسندتني الخدمة العامة الى ثلاثة مناصب وزارية حدث كل ماهذا ولا أكذب فأقول ان هذا كله حدث رغما عني. وقال الدكتور القصيبي: حقيقة الامر انه كان ما كان وسعدت بما كان يسرني أن يكون لي قراء وقارئات ويسرني أن تتاح لي فرصة الخدمة العامة كما لا تتاح الا من أعلى مواقع الخدمة العامة الا ان هذا لا يمثل سوى نصف الحقيقة النصف الاخر هو انني عندما كتبت أول بيت من الشعر لم يكن في ذهني أن أصبح شاعرا معروفا أو مجهولا أو حتى أن أطبع ديوانا ذات يوم كتبت أول قصيدة كما يفعل الماشي أثناء النوم انسياقا مع رغبة عارمة لا يدري من أين جاءت ولا الى أين ستذهب. يسألني الناس كل يوم ماذا أعطاك الشعر وماذا أخذ منك وأقول صادقا انني لا أعرف الجواب مع الشعر لا يوجد حساب دائن وحساب مدين كما يقول سادتي المحاسبون ويسألني الناس كل يوم ماذا أعطتك المناصب وماذا أخذت منك وأقول صادقا انني أجهل الاجابة لا أدري هل عينت لانني اشتهرت أم انني اشتهرت لانني عينت. اذا كانت الشهرة تكريما فقد كرمت حتى الثمالة واذا كانت المناصب تكريما فقد كرمت من قمة رأسي الى أخمص قدمي ومع ذلك لابد ان أقول ان التكريم الاكبر والاهم هو رسالة من قاريء لا اعرفه تقول ان قصيدة ما عبرت عن مشاعره فأحس كما لو أنه كتبها أو رسالة من مواطن لم أره يشكرني على ايصال خدمة ما الى منزلهأو قريته. وقدمت أستاذة الادب بجامعة الكويت الدكتورة نورية الرومي القصيبي بقولها: يصعب على المرء أن يعرف المعرف الذي اختار أن ترتبط سيرته بالشعر لان الشاعر في داخله شديد الغيرة من الفنون الاخرى وهناك من اعتبر كتاباته الروائة تكملة لنواقص سيرته الشعرية التي لم تغط الكثير من حياة صاحبها الصاخبة المليئة بالاحداث. وتابعت: غازي القصيبي ماليء الدنيا وشاغل الناس ففي كل درب من دروب مسيرته كان يدرك تماما أنه دائما يلقي الاحجار في المياه الساكنة فيحركها في تموجات قد تعلو فتتحول الى أمواج عاتية وقالت نورية الرومي ان القصيبي شاعرا متميزا جمعت دواوينه. التزامه بعمود الشعر القديم كما سارت في مسار النهج الجديد للقصيدة الحديثة وقد مثل فيها اتجاهات فنية تنقل فيها بين الواقعية والرومانسية والرمزية وفي أحيان كثيرة يجمع بين الاتجاهات الثلاثة في ديوان واحد بل في قصيدة واحدة. وقالت: للمرأة في شعر القصيبي مكانة أثيره في نتاجاته النثرية والشعرية فهي تراءت في وجدان الشاعر بصور تلونت قضاياه التي شغلت ذهنه فكانت تعبر عن بيئات الشاعر الثقافية العربية والاجنبية والهم العربي وفي السياق ذاته قال الامين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب بدر الرفاعي كلمة بهذه المناسبة أوضح فيها ان المجلس اعتاد أن يختار شخصية عربية لمهرجان القرين الثقافي والذي حرص بدوره أن يكون اختياره محكوما بمجموعة من المعايير أهمها أن تحوز الشخصية المختارة ناصية الثقافة والفكر عبر محطات من التجارب الابداعية المتنوعة. وبين أن شخصية مهرجان القرين لهذا العام خاض في مجال الخدمة العامة في ادارة هيئات عامة ذات طبيعة فنية متخصصة وتسلمت حقيبتين وزاريتين خدميتين بالاضافة الى اسهاماته تجاه قضايا وطنه وأمته وذكر ان القصيبي وقف مدافعا عن الحق الكويتي في كارثة غزو العراق للكويت ووقف مدافعا صلبا عن التشويه الذي علق في بلاده بعد احدث الحادي عشر من سبتمبر. وتضمن برنامج التكريم عرضا لفيلم وثائقي أعده المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب عن مسيرة الدكتور القصيبي كما استضاف زميل المكرم الشاعر البحريني عبد الرحمن الرفيع الذي ساهم بدوره بعدد من القصائد حول تجربته مع القصيبي. مما رااااق لي دمتم بحفظ الرحمن |
الساعة الآن 09:08 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.